البناء على الارض الزراعية وتهدد الامن الغذائى المصرى
تأكيداً للدور الاقتصادي والاجتماعى المهم للنشاط الزراعى والأرض الزراعية فى المجتمع المصرى، عمدت الحكومات المتعاقبة للحزب الوطنى إلى إعطاء أهمية قصوى لموضوع الحفاظ على الأرض الزراعية وتنمية الرقعة المنزرعة. وفى الوقت ذاته فإن التزايد السكانى الكبير الذى يشهده المجتمع المصرى أوجد مزاحمة على استخدام الأرض بين الزراعة والإسكان، على نحو تسبب فى منافسة حادة بين الطلب على الأرض من أجل الزراعة، والطلب عليها من أجل البناء. واتجهت الحكومة إلى تقديم حزمة مهمة من السياسات التى تعلى من القيمة الاقتصادية للأرض الزراعية، من خلال اجراءات تحديث منظومة الزراعة وتحرير العلاقات الاقتصادية، التى تتضمنها هذه المنظومة، وحتى يمكن توفير الوقت الكافى لهذه السياسات لكى تؤتي ثمارها، اتجهت الحكومة إلى الحظر المطلق والمنع التام للبناء على الأرض الزراعية.
وقد حاولت الحكومة جاهدة المضى قدماً فى سياسة إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة لإتاحة بدائل للإسكان خارج الوادى والدلتا؛ لتخفيف الطلب على الأرض الزراعية من أجل البناء، فيشهد الواقع أن الحكومة - على تعاقب السنوات - قد قامت باستثمارات فى التجمعات الجديدة بحوالى 21 مليار جنيه، وأن القطاع الخاص قد دعم هذا الجهد الحكومى بضخ مزيد من الاستثمارات فى هذه المجتمعات، بحوالى 35 مليار جنيه، فى قطاعات الإسكان والأنشطة الإنتاجية. وقد كانت حكومات الحزب المتعاقبة على وعى بأن التجمعات الجديدة تحتاج إلى فترة زمنية؛ حتى تستطيع أن تكون قناة مهمة لخلخلة الزيادة السكانية فى الوادى والدلتا، وأن الإيجابيات المهمة والقيم الاقتصادية المطلوب إرساؤها فى قطاع الزراعة سوف تكون لها تكلفة وتداعيات، لابد وأن يتحملها المجتمع من أجل تحقيق التحديث المطلوب. ويشهد الواقع أنه كانت هناك دائماً إجراءات لتقليل هذه التداعيات المتوقعة. ومن أهم هذه الإجراءات اعتماد كردون جديد للمدن فى 1981، وحيز عمرانى جديد للقرى فى عام 1985، والسماح بالبناء على المتخللات والجيوب داخل الحيز.. إضافة إلى الجهد الكبير الذى قامت به الحكومة، ومازالت تواصله بدأب فى إدخال مياه الشرب النقية والكهرباء إلى كل ريف مصر.
وانطلاقاً من دور الحزب وحكومته فى الأخذ بزمام المبادرة فى دراسة المواضيع، التى تهم جموع المواطنين.. فقد قام بإعداد ورقة نقاش حول الموضوع، قدمت فى مؤتمره السنوى لعام 2003، ورصدت مستوى التحسن الاقتصادى الذى شهدته الزراعة المصرية، والذى انعكس إيجابياً على المستوى الاقتصادى لقطاع الريف المصرى، ولكن على الجانب الآخر فقد ظهرت عدة تداعيات، تمثلت فى ظهور نمط غير مخطط من البناء على الأراضى الزراعية، أطلق عليه المجتمع "الإسكان العشوائى".. فنسبة كبيرة من البناء الذى تم فى مصر خلال العقود الأربعة الماضية قد تم بشكل لم يخطط له على الأرض الزراعية، وهو الأمر الذى ترتبت عليه مجموعة من التداعيات، من أهمها:
· تآكل وإهدار مُبالغ فيه للأرض الزراعية من أجل البناء، فالأرض الزراعية التى تم التعدى عليها بهدف البناء، قد بلغت حوالى 1.2 مليون فدان، وطبقاً للدراسات العلمية كان يمكن أن تستوعب أضعاف عدد السكان، الذى تستوعبه حالياً، فى حالة تخطيطها مسبقاً للبناء.
· انخفاض فى مؤشرات جودة الحياة فى المناطق العشوائية، فهذه المناطق لم تخطط مسبقاً للإسكان، وبالتالى تعانى من انخفاض فى الإمداد بالمرافق والخدمات الصحية والتعليمية.
· استنزاف موارد موازنة الدولة، حيث إن توصيل المرافق فى العشوائيات يحتاج إلى تكلفة مضاعفة مقارنة بتكلفة توصيلها فى المناطق المخططة؛ فتشعب الامتداد العمرانى غير المخطط يتطلب إنفاقاً أعلى بكثير، مما لو كان هناك تخطيط مسبق لتوصيل هذه المرافق.
· شعور غير حقيقى بالإفقار وإهدار لثروات المجتمع، إذ تشير التقديرات إلى أن البناء غير المخطط يمثل ثروة عقارية حقيقية. وفى ظل عدم وجود سند يقنن هذه الأصول ويسمح بتداولها فإن هذه الثروة تعتبر رأسمالاً ميتاً محجوباً عن المشاركة فى النشاط الاقتصادى.
نسبة كبيرة من البناء الذى تم فى مصر على الأراضى الزراعية خلال العقود الأربعة الماضية تم بشكل لم يخطط له.
· هدر وضغط على المرافق الرسمية، فمناطق الإسكان غير المخطط تحصل على المرافق الأساسية مثل المياه والكهرباء، من خلال الاستخدام غير القانونى للشبكات الموجودة فى المناطق الرسمية؛ مما يؤدى إلى ارتفاع الهدر فى شبكات المياه والكهرباء.
· عدد كبير من الأسر الحديثة تسكن فى مناطق لم تخطط مسبقاً للبناء؛ مما يعنى أن جزءاً ليس بالقليل من الشباب سوف يقطن هذه المناطق، ومع اختلاف مستويات الخدمات التعليمية بينها ومناطق الإسكان المخطط.. فقد يصعب فى المستقبل تكوين ثقافة مشتركة فى المجتمع.
· التخوف من ضعف القدرة على تقديم الخدمات العاجلة فى مناطق الإسكان غير المخطط؛ نتيجة للضيق الشديد للشوارع، وتلاحم المبانى بشكل يصعب معه وصول خدمات الإسعاف والمطافئ والأمن.
· الخوف من تشوه الوجه الحضارى للمجتمع المصرى؛ نتيجة لاختلاط الأنساق المعمارية بين الحضر والريف.
· تضارب مصطنع بين مصلحة المواطن ومصلحة الوطن، على نحو أظهر المجتمع كما لو أنه يعارض مصلحة المواطن وحقوقه فى السكن، وأظهر المواطن كما لو كان مفرطاً فى حقوق الوطن ومضيعاً لثرواته.
وجمعت ورقة النقاش الحلول المطروحة فى رأيين أساسيين: أولهما يرى أنه يمكن التضحية بكل شىء إلا الأرض الزراعية، ويطالب بمزيد من الحزم فى التعامل مع الأوضاع الحالية، قبل أن تؤدى إلى كارثة تآكل الأرض القديمة فى الوادى. والرأى الثانى يرى أن التضحية بكل شيء إلا الأرض قد أدى إلى التضحية بالأرض ذاتها، فالهدر الحادث فى الأرض الزراعية لا يوجد ما يبرره إلا الشعور بعدم الأمان الاجتماعى؛ مما يدفع الأفراد إلى التصرف بعشوائية، وأكد هذا الرأى أنه لابد من تفعيل قواعد المنطق وتقديم حلول شاملة، تحقق محافظة حقيقية على الأرض فى ضوء تفهم الحاجات الطبيعية للأفراد، ورغباتهم فى السكن فى الريف.
المجتمع أختار المضى فى تقديم حلول وسياسات للمدى الطويل ولم يكن إيقاعه بنفس السرعة فى التحرك على مسار السياسات المطلوبة فى الأجل القصير، مما أدى إلى ضعف فى القدرة على استيعاب نوعيات الطلب على العمران التى يرغبها المواطن البسيط.
ونظراً للتباين الكبير بين الرأيين.. فقد كان محتماً أن يستمر الحزب وحكومته فى بذل مزيد من الجهد؛ من أجل تحليل ودراسة الموضوع على نحو شامل، يعطى للمجتمع صورة كاملة مدروسة لحسابات المكسب والخسارة ولكل القنوات والآليات المتاحة؛ مما يمكن من اتخاذ قرارات واضحة والوصول إلى طرح يحقق التوازن بين الحفاظ على الأرض الزراعية كثروة قومية واقتصادية من التعدى العشوائى عليها بالبناء، وفى الوقت ذاته يمكن المواطن من تحقيق طموحه المشروع فى السكن فى الموقع، الذى يعظم فيه رفاهته
وقد انتهى الحزب والحكومة إلى إن المشكلة الأساسية التى يعانى منها العمران فى مصر - والتى عبرت عن نفسها بهدر الأرض الزراعية - ترجع فى الأساس إلى أن المجتمع قد اختار المضى فى تقديم حلول وسياسات للمدى الطويل، ولم يكن إيقاعه بالسرعة نفسها فى التحرك على مسار السياسات المطلوبة فى الأجل القصير؛ مما أدى إلى ضعف في القدرة على استيعاب نوعيات الطلب على العمران التى يرغبها المواطن البسيط فى مصر، وهو الأمر الذى خفض من درجة التفاعل الإيجابي مع اتجاهات الطلب الحالية، والتحرك بخطط واضحة لتغيير الأوضاع فى المستقبل؛ مما أدى إلى مشكلة عمران ريفي بكل ما يمثله ذلك من امتداد العمران إلى أرض زراعية فى الريف وعلى أطراف المدن..على نحو يؤدى إلى تآكل الأرض الزراعية وانخفاض فى مستوى المؤشرات البيئية.
ويرى الحزب والحكومة أن الرغبة الحقيقية في حل المشكلة لابد وأن تنتهج حلاً متوازن الايقاع ومتعدد المداخل، ويتضمن حلولاً للحاضر، بالتوازي مع الحلول المطروحة للمدى الطويل. وهو الأمر الذى يرصد الحزب وحكومته إلى أنه يحتاج إلى تقديم طرح جديد، قد يصل إلى تغيير مناهج الفكر وأساليب العمل من أجل إحداث التوازنات الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة فى المجتمع، ومن هنا فإن الحزب وحكومته - التزاماً بدورهما تجاه المجتمع - يأخذان على عاتقهما التقدم بهذا الطرح سعياً وراء تحقيق الاتساق بين مصلحة المواطن والوطن.
يرى الحزب والحكومة أن الرغبة الحقيقية فى حل المشكلة لابد أن تنتهج حلاً متوازن الإيقاع ومتعدد المداخل، يتضمن حلولاً للحاضر بالتوازي مع الحلول المطروحة للمدى الطويل.
ومن أجل الوصول لهذا الطرح الجديد، يتجه الحزب والحكومة أولاً لتوضيح المشكلة وأبعادها؛ سعياً للوصول إلى التوجهات الأساسية التى يريا ضرورة تضمينها فى السياسات المطلوب تفعيلها؛ من أجل مواجهة الهدر الحالي ووقف النزيف المستقبلى فى الأرض الزراعية، وتنتهى ورقة السياسات هذه بإجراءات محددة يسعى الحزب والحكومة إلى تنفيذها. وبالتالى يجب تفعيل سياسة قومية للحد من البناء على الارض الزراعية حيث يؤثر ذلك على الامن الغذائى المصرى فى المستقبل ويجب ايضا تفعيل القوانين لمواجهة تلك الظاهرة والتى انتشرث فى الريف ببشكل كبير والعمل كذلك على تعمير الصحراء بشكل كبيرا واقامة مجتمعات عمرانية جديدة
مكتب /محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
تأكيداً للدور الاقتصادي والاجتماعى المهم للنشاط الزراعى والأرض الزراعية فى المجتمع المصرى، عمدت الحكومات المتعاقبة للحزب الوطنى إلى إعطاء أهمية قصوى لموضوع الحفاظ على الأرض الزراعية وتنمية الرقعة المنزرعة. وفى الوقت ذاته فإن التزايد السكانى الكبير الذى يشهده المجتمع المصرى أوجد مزاحمة على استخدام الأرض بين الزراعة والإسكان، على نحو تسبب فى منافسة حادة بين الطلب على الأرض من أجل الزراعة، والطلب عليها من أجل البناء. واتجهت الحكومة إلى تقديم حزمة مهمة من السياسات التى تعلى من القيمة الاقتصادية للأرض الزراعية، من خلال اجراءات تحديث منظومة الزراعة وتحرير العلاقات الاقتصادية، التى تتضمنها هذه المنظومة، وحتى يمكن توفير الوقت الكافى لهذه السياسات لكى تؤتي ثمارها، اتجهت الحكومة إلى الحظر المطلق والمنع التام للبناء على الأرض الزراعية.
وقد حاولت الحكومة جاهدة المضى قدماً فى سياسة إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة لإتاحة بدائل للإسكان خارج الوادى والدلتا؛ لتخفيف الطلب على الأرض الزراعية من أجل البناء، فيشهد الواقع أن الحكومة - على تعاقب السنوات - قد قامت باستثمارات فى التجمعات الجديدة بحوالى 21 مليار جنيه، وأن القطاع الخاص قد دعم هذا الجهد الحكومى بضخ مزيد من الاستثمارات فى هذه المجتمعات، بحوالى 35 مليار جنيه، فى قطاعات الإسكان والأنشطة الإنتاجية. وقد كانت حكومات الحزب المتعاقبة على وعى بأن التجمعات الجديدة تحتاج إلى فترة زمنية؛ حتى تستطيع أن تكون قناة مهمة لخلخلة الزيادة السكانية فى الوادى والدلتا، وأن الإيجابيات المهمة والقيم الاقتصادية المطلوب إرساؤها فى قطاع الزراعة سوف تكون لها تكلفة وتداعيات، لابد وأن يتحملها المجتمع من أجل تحقيق التحديث المطلوب. ويشهد الواقع أنه كانت هناك دائماً إجراءات لتقليل هذه التداعيات المتوقعة. ومن أهم هذه الإجراءات اعتماد كردون جديد للمدن فى 1981، وحيز عمرانى جديد للقرى فى عام 1985، والسماح بالبناء على المتخللات والجيوب داخل الحيز.. إضافة إلى الجهد الكبير الذى قامت به الحكومة، ومازالت تواصله بدأب فى إدخال مياه الشرب النقية والكهرباء إلى كل ريف مصر.
وانطلاقاً من دور الحزب وحكومته فى الأخذ بزمام المبادرة فى دراسة المواضيع، التى تهم جموع المواطنين.. فقد قام بإعداد ورقة نقاش حول الموضوع، قدمت فى مؤتمره السنوى لعام 2003، ورصدت مستوى التحسن الاقتصادى الذى شهدته الزراعة المصرية، والذى انعكس إيجابياً على المستوى الاقتصادى لقطاع الريف المصرى، ولكن على الجانب الآخر فقد ظهرت عدة تداعيات، تمثلت فى ظهور نمط غير مخطط من البناء على الأراضى الزراعية، أطلق عليه المجتمع "الإسكان العشوائى".. فنسبة كبيرة من البناء الذى تم فى مصر خلال العقود الأربعة الماضية قد تم بشكل لم يخطط له على الأرض الزراعية، وهو الأمر الذى ترتبت عليه مجموعة من التداعيات، من أهمها:
· تآكل وإهدار مُبالغ فيه للأرض الزراعية من أجل البناء، فالأرض الزراعية التى تم التعدى عليها بهدف البناء، قد بلغت حوالى 1.2 مليون فدان، وطبقاً للدراسات العلمية كان يمكن أن تستوعب أضعاف عدد السكان، الذى تستوعبه حالياً، فى حالة تخطيطها مسبقاً للبناء.
· انخفاض فى مؤشرات جودة الحياة فى المناطق العشوائية، فهذه المناطق لم تخطط مسبقاً للإسكان، وبالتالى تعانى من انخفاض فى الإمداد بالمرافق والخدمات الصحية والتعليمية.
· استنزاف موارد موازنة الدولة، حيث إن توصيل المرافق فى العشوائيات يحتاج إلى تكلفة مضاعفة مقارنة بتكلفة توصيلها فى المناطق المخططة؛ فتشعب الامتداد العمرانى غير المخطط يتطلب إنفاقاً أعلى بكثير، مما لو كان هناك تخطيط مسبق لتوصيل هذه المرافق.
· شعور غير حقيقى بالإفقار وإهدار لثروات المجتمع، إذ تشير التقديرات إلى أن البناء غير المخطط يمثل ثروة عقارية حقيقية. وفى ظل عدم وجود سند يقنن هذه الأصول ويسمح بتداولها فإن هذه الثروة تعتبر رأسمالاً ميتاً محجوباً عن المشاركة فى النشاط الاقتصادى.
نسبة كبيرة من البناء الذى تم فى مصر على الأراضى الزراعية خلال العقود الأربعة الماضية تم بشكل لم يخطط له.
· هدر وضغط على المرافق الرسمية، فمناطق الإسكان غير المخطط تحصل على المرافق الأساسية مثل المياه والكهرباء، من خلال الاستخدام غير القانونى للشبكات الموجودة فى المناطق الرسمية؛ مما يؤدى إلى ارتفاع الهدر فى شبكات المياه والكهرباء.
· عدد كبير من الأسر الحديثة تسكن فى مناطق لم تخطط مسبقاً للبناء؛ مما يعنى أن جزءاً ليس بالقليل من الشباب سوف يقطن هذه المناطق، ومع اختلاف مستويات الخدمات التعليمية بينها ومناطق الإسكان المخطط.. فقد يصعب فى المستقبل تكوين ثقافة مشتركة فى المجتمع.
· التخوف من ضعف القدرة على تقديم الخدمات العاجلة فى مناطق الإسكان غير المخطط؛ نتيجة للضيق الشديد للشوارع، وتلاحم المبانى بشكل يصعب معه وصول خدمات الإسعاف والمطافئ والأمن.
· الخوف من تشوه الوجه الحضارى للمجتمع المصرى؛ نتيجة لاختلاط الأنساق المعمارية بين الحضر والريف.
· تضارب مصطنع بين مصلحة المواطن ومصلحة الوطن، على نحو أظهر المجتمع كما لو أنه يعارض مصلحة المواطن وحقوقه فى السكن، وأظهر المواطن كما لو كان مفرطاً فى حقوق الوطن ومضيعاً لثرواته.
وجمعت ورقة النقاش الحلول المطروحة فى رأيين أساسيين: أولهما يرى أنه يمكن التضحية بكل شىء إلا الأرض الزراعية، ويطالب بمزيد من الحزم فى التعامل مع الأوضاع الحالية، قبل أن تؤدى إلى كارثة تآكل الأرض القديمة فى الوادى. والرأى الثانى يرى أن التضحية بكل شيء إلا الأرض قد أدى إلى التضحية بالأرض ذاتها، فالهدر الحادث فى الأرض الزراعية لا يوجد ما يبرره إلا الشعور بعدم الأمان الاجتماعى؛ مما يدفع الأفراد إلى التصرف بعشوائية، وأكد هذا الرأى أنه لابد من تفعيل قواعد المنطق وتقديم حلول شاملة، تحقق محافظة حقيقية على الأرض فى ضوء تفهم الحاجات الطبيعية للأفراد، ورغباتهم فى السكن فى الريف.
المجتمع أختار المضى فى تقديم حلول وسياسات للمدى الطويل ولم يكن إيقاعه بنفس السرعة فى التحرك على مسار السياسات المطلوبة فى الأجل القصير، مما أدى إلى ضعف فى القدرة على استيعاب نوعيات الطلب على العمران التى يرغبها المواطن البسيط.
ونظراً للتباين الكبير بين الرأيين.. فقد كان محتماً أن يستمر الحزب وحكومته فى بذل مزيد من الجهد؛ من أجل تحليل ودراسة الموضوع على نحو شامل، يعطى للمجتمع صورة كاملة مدروسة لحسابات المكسب والخسارة ولكل القنوات والآليات المتاحة؛ مما يمكن من اتخاذ قرارات واضحة والوصول إلى طرح يحقق التوازن بين الحفاظ على الأرض الزراعية كثروة قومية واقتصادية من التعدى العشوائى عليها بالبناء، وفى الوقت ذاته يمكن المواطن من تحقيق طموحه المشروع فى السكن فى الموقع، الذى يعظم فيه رفاهته
وقد انتهى الحزب والحكومة إلى إن المشكلة الأساسية التى يعانى منها العمران فى مصر - والتى عبرت عن نفسها بهدر الأرض الزراعية - ترجع فى الأساس إلى أن المجتمع قد اختار المضى فى تقديم حلول وسياسات للمدى الطويل، ولم يكن إيقاعه بالسرعة نفسها فى التحرك على مسار السياسات المطلوبة فى الأجل القصير؛ مما أدى إلى ضعف في القدرة على استيعاب نوعيات الطلب على العمران التى يرغبها المواطن البسيط فى مصر، وهو الأمر الذى خفض من درجة التفاعل الإيجابي مع اتجاهات الطلب الحالية، والتحرك بخطط واضحة لتغيير الأوضاع فى المستقبل؛ مما أدى إلى مشكلة عمران ريفي بكل ما يمثله ذلك من امتداد العمران إلى أرض زراعية فى الريف وعلى أطراف المدن..على نحو يؤدى إلى تآكل الأرض الزراعية وانخفاض فى مستوى المؤشرات البيئية.
ويرى الحزب والحكومة أن الرغبة الحقيقية في حل المشكلة لابد وأن تنتهج حلاً متوازن الايقاع ومتعدد المداخل، ويتضمن حلولاً للحاضر، بالتوازي مع الحلول المطروحة للمدى الطويل. وهو الأمر الذى يرصد الحزب وحكومته إلى أنه يحتاج إلى تقديم طرح جديد، قد يصل إلى تغيير مناهج الفكر وأساليب العمل من أجل إحداث التوازنات الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة فى المجتمع، ومن هنا فإن الحزب وحكومته - التزاماً بدورهما تجاه المجتمع - يأخذان على عاتقهما التقدم بهذا الطرح سعياً وراء تحقيق الاتساق بين مصلحة المواطن والوطن.
يرى الحزب والحكومة أن الرغبة الحقيقية فى حل المشكلة لابد أن تنتهج حلاً متوازن الإيقاع ومتعدد المداخل، يتضمن حلولاً للحاضر بالتوازي مع الحلول المطروحة للمدى الطويل.
ومن أجل الوصول لهذا الطرح الجديد، يتجه الحزب والحكومة أولاً لتوضيح المشكلة وأبعادها؛ سعياً للوصول إلى التوجهات الأساسية التى يريا ضرورة تضمينها فى السياسات المطلوب تفعيلها؛ من أجل مواجهة الهدر الحالي ووقف النزيف المستقبلى فى الأرض الزراعية، وتنتهى ورقة السياسات هذه بإجراءات محددة يسعى الحزب والحكومة إلى تنفيذها. وبالتالى يجب تفعيل سياسة قومية للحد من البناء على الارض الزراعية حيث يؤثر ذلك على الامن الغذائى المصرى فى المستقبل ويجب ايضا تفعيل القوانين لمواجهة تلك الظاهرة والتى انتشرث فى الريف ببشكل كبير والعمل كذلك على تعمير الصحراء بشكل كبيرا واقامة مجتمعات عمرانية جديدة
مكتب /محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق