بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

30 نوفمبر 2010

تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي

:
مسألة تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي تعتبر من المسائل المهمة في مـجـال العمل القانوني. و أهميتها مستمدة من خطورة الجزاء الإجرائي المترتب على عدم مراعاة المواعيد و الإجراءات التي حددها المشرع عند تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي ، حيث يتمثل هذا الجزاء الإجرائي في أن تحكم المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن ، فيزول كل ما كان قد تولد عن رفع الدعوى من آثار ، و من هذه الآثار التي ستزول هو قطع مواعيد التقادم ، حيث سيزول هذا الأثر و ستسري مواعيد التقادم كما لو لم تكن هناك دعوى قد تمت إقامتها ، و هو ما قد يؤدي إلى نتيجة خطيرة تتمثل في أن يسقط بالتقادم الحق في المطالبة القضائية بالحق الموضوعي نفسه.



و لن نعالج هذه المسألة في شكل نظري بحت ، بل سنعرض لموقف واجهته في العمل في دعوى قضائية نظرت أمام المحاكم فعلا ً ، فذلك أعتقد أنه أكثر تحقيقا ً للغاية التي أرمي إليها من هذا المقال الوجيز المركز للغاية.



وقائع الدعوى محل البحث:



لنسمي الدعوى محل البحث بـ(الدعوى الموقوفة) ، حيث أقامت المدعية الدعوى الموقوفة طالبة الحكم لها بإلزام المدعى عليها الأولى في مواجهة باقي المعلن إليهم برد مبلغ نقدي و قد كان المدعى عليهم خمسة أربعة منهم يجب إعلانهم في القاهرة و عدد من المحافظات الأخرى0وكان قد تحدد لنظر الدعوى المذكورة جلسة 19/1/2004، وبهذه الجلسة قررت المحكمة التأجيل لجلسة 8/3/2003 لإعلان ( المدعى عليه الثاني) حيث لم يتم إعلانه بأصل الصحيفة . و بجلسة 8/3/2004 قررت عدالة المحكمة وقف الدعوى وقفاً جزائياً لمدة شهر نظرا ً لعدم قيام المدعي بتنفيذ قرار المحكمة بشأن إعلان المدعى عليه الثاني بصحيفة الدعوى ، مع العلم بأن الأخير سيعلن في القاهرة.



وبعد انتهاء مدة الوقف الجزائي ، قامت المدعية بتنفيذ قرار المحكمة بإعلان ( المدعى عليه الثاني) بصحيفة الدعوى – وهو القرار الذي كانت الدعوى قد أوقفت جزاءاً بسببه - ، كما قامت بتعجيل الدعوى من الوقف عن طريق إيداع صحيفة التعجيل بقلم الكتاب ، وقد تم هذا الإعلان وطلب التعجيل خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة ( 99 ) مرافعات . و لكن على الرغم من قيام المدعية بتنفيذ الإعلان سبب الوقف خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 99 سالفة الذكر ، إلا أنها لم تقم بإعلان صحيفة التعجيل من الوقف إلى جميع المدعى عليهم خلال هذا الميعاد. (لاحظ أن المدعى عليهم يجب إعلانهم في عدد من المحافظات). و في الجلسات التي أعقبت ذلك ، دفع جميع المدعى عليهم باعتبار الدعوى كأن لم تكن لإعلانهم بصحيفة التعجيل من الوقف الجزائي بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 99 مرافعات ، مستندين في ذلك إلى أحكام صادرة عن محكمة النقض . و بدى أن هذا الدفع و كأنه قد قضى على الدعوى محل البحث ، و لكن هذا لم يحدث.


النص القانوني :



تنص المادة 99 من قانون المرافعات على أنه :


"
تحكم المحكمة علي من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامة لا تقل عن عشرين جنيه ولا تجاوز مائتي جنيه ويكون ذلك بقرار يثبت في محضر الجلسة له ما للأحكام من قوة تنفيذية . ولا يقبل الطعن فيه بأي طريق ولكن للمحكمة أن تقيل المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذرا مقبولا .


ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم علي المدعى بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا بعد سماع أقوال المدعى عليه.


وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهائها ،أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن."



من الفقرة الثالثة من هذه المادة يتضح أن جزاء إعتبار الدعوى كأن لم تكن يقع إذا فات ميعاد خمسة عشر يوما ً بعد انتهاء مدة الوقف و لم يكن المدعي بكل من الأمرين التاليين : أ) لم يقم المدعي بطلب السير في دعواه، ب) لم ينفذ ما أمرت به المحكمة و كان هو السبب في الحكم بوقف الدعوى وقفا ً جزائيا ً.


في الرد على الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن :



تقدمت المدعية بمذكرة بدفاعها تضمنت ردا ً على الدفع الذي أبداه المدعى عليهم بإعتبار الدعوى كأن لم تكن ، حيث استندوا في دفعهم هذا إلى أحكام صدرت من محكمة النقض و قد استقرت على وجوب إعلان صحيفة التعجيل من الوقف و تنفيذ ما أمرت به المحكمة خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 99 سالفة البيان. و المدعية قامت بتنفيذ الإعلان سبب الوقف خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 99 سالفة الذكر ، إلا أنها لم تقم بإعلان صحيفة التعجيل من الوقف إلى جميع المدعى عليهم خلال هذا الميعاد.



و من هذه المذكرة نجد أن السيد الأستاذ المحامي وكيل المدعية قد أوضح للمحكمة مسألة يبدوا أنها قد غمضت على المدعى عليهم . حيث أوضح أن المادة (99) مرافعات مرت بتطورات عده يجب أن توضع في الحسبان حتى يتم التوصل إلى صحيح حكمها الحالى.



فالفقرة الثانية منها سبق تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992’’ الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر في 1/6/1992 ’’ . ثم صدر القانون رقم 18 لسنة 1999 – وأكرر لسنة 1999 – ليعدل المادة (99) مرافعات ليلغى الفقرتين الثانية والثالثة ويحل محلهما فقرتان جديدتان هما اللتان تنطبقان على الخصومة الراهنة في خصوص قرار عدالة المحكمة بوقفها وقفاً جزائياً و من ثم تعجيلها من الوقف .

و تنص المادة ( 99) مرافعات في فقرتيها الثانية والثالثة – وفقاً لما جاء به القانون الجديد الصادر في 1999 – تنص على الآتي :"ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم على المدعى بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهراً بعد سماع أقوال المدعى عليه وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوماً التالية لانتهائها ، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة حكمت باعتبار الدعوى كأن لم تكن ’’



هذا هو حكم ( م99/3,2) مرافعات وفقاً لأخر ما طرأ عليها من تعديلات ، ووفقاً له يكون على المحكمة أن تقضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذ تحقق أحد أمرين :


الأول – إذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوماً التالية لانتهائها .


الثاني – إذا مضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعى ما أمرت به المحكمة خلال الخمسة عشر يوماً ذاتها.



وفى الدعوى الراهنة ، الثابت أن المدعية قد نفذت ما أمرت به المحكمة في خصوص إعلان المدعى عليه الثاني بصحيفة الدعوى ، وقد تم هذا الإعلان خلال الخمسة عشر يوماُ التي حددتها [ م99/3] مرافعات .



والثابت أن المدعية قد طلبت تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي عن طريق إيداع صورة من صحيفة التعجيل بقلم الكتاب ، وقد تم ذلك خلال الخمسة عشر يوماً التي حددها نص المادة [ 99/3 ] مرافعات .

فالمادة [ 99/3] تلزم المدعى حتى يتقي القضاء باعتبار دعواه كأن لم تكن أن يطلب تعجليها خلال المدة المذكورة . فقانون المرافعات في مادته رقم [ 63/1] ينص على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة 0 ومن المعلوم أن كلمة ( طلب ) كلما وردت في قانون المرافعـات فإنها تنصرف إلى أن يكون الجهة الموجـه إليها الطلب هي المحكمة المختصة .



بناء عليه لا يجوز القول بأنه كان يجب إعلان المدعى عليهم بصحيفة التعجيل من الوقف خلال المدة المنصوص عليها في المادة 99/3 مرافعات ، لأن هذا لم يستوجبه النص ، فالمادة جاءت صريحة في وجـوب طلب التعجيل خـلال هذا الميعاد .


ولا يقبل من المدعى عليهم أن يستندوا إلى أي قضاء لمحكمة النقض في خصوص الوقف الجزائي يكون قد صدر قبل تعديلات 1999 . لذا فإنه يجب على المدعى عليهم لكي يستندوا في دفعهم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إلى قضاء محكمة النقض ، أن يكون قضاء محكمة النقض قد صدر طبقاً لنص المادة ( 99 ) مرافعات بعد التعديلات التي جاء بها القانون 18 لسنة 1999


و في الختام أكدت المدعية على أنها ترى أنها قد اتقت الجزاء المنصوص عليه في م 99/3 مرافعات بأن نفذت قرار المحكمة وطلبت التعجيل من الوقف خلال الميعاد المنصوص عليه في تلك المادة . وأن المادة [ 99/3] مرافعات لا تلزم المدعى بإعلان صحيفة التعجيل من الوقوف الجزائي خلال الخمسة عشرة يوماً المذكورة ، فلا يقبل التزيد بإلزام المدعية بما لم ينص القانون على إلزامها به .



الحكم الصادر في الدعوى محل البحث:



و قد صدر الحكم في موضوع الدعوى الماثلة و قد التفت عن الرد على الدفع المبدى من المدعى عليهم فيما أراه أنه اقتناع من المحكمة برد المدعية.


و السؤال هنا:

هل هو صحيح ما جاء في رد المدعية على هذا الدفع ؟ و هل أخطأ الحكم الطعين عندما التفت عن هذا الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن؟
لقوانين المنظمة للوقف فى مصر تخالف احكام الشريعة صبحى صالح : مبررات رفض وزارة الأوقاف هى اسباب تقديم مقترح المشروع
القوانين المنظمة للوقف فى مصر تخالف احكام الشريعة صبحى صالح : مبررات رفض وزارة الأوقاف هى اسباب تقديم مقترح المشروع




اتهم برلمانيون وحقوقيون ورجال دين الحكومات المصرية المتعاقبة بالاستيلاء على أموال الوقف الخيرى وتبديد الكثير منها وإنفاقها فى غير مصادرها المنضبطة ، وأكدوا أن تصرفات الحكومات المصرية منذ عام 1946 وحتى الآن اتسمت بمخالفة الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالأوقاف الخيرية ، وطالبوا بضرورة أعادة نظام الوقف لما كان عليه قبل استيلاء الدولة ممثلة فى وزارة الأوقاف ثم هيئة الأوقاف عليها .

جاء ذلك خلال الندوة التى عقدها المعهد الديمقراطى المصرى مساء الأمس لمناقشة مشروع قانون أعادة العمل بنظام الوقف فى مجالى التعليم والصحة ، الذى تقدم به للجنة الشكاوى والاقتراحات بمجلس الشعب الأستاذ صبحى صالح نائب الإخوان المسلمين وشارك فيها الدكتورة سهير عبد العزيز عميد كلية الدراسات الإنسانية السابقة وأدراها محمد سالمان الباحث بالمعهد الديمقراطى وعدد من نشطاء المجتمع المدنى .

انتقد المشاركون فى الندوة صدور 28 قانون لتنظيم الوقف خلال عشرون عاماً فقط منذ صدور أول قانون برقم 48 لسنة 1946 وحتى عام 1966 ، وأكدوا أن الهجوم على الوقف الخيرى بدأ على يد الانجليز لأضعاف النازع الدينى بين المصريين ثم جاء نظام يوليو ليستولى على كثير من أراضى الأوقاف ووزعها على الفلاحين فيما عرف بأسم الإصلاح الزراعى واستمر هذا الهجوم حتى وضعت الأوقاف فى يد وزارة الأوقاف حتى أنشأ الرئيس الراحل السادات هيئة الأوقاف وأوكل لها كل أوقاف المسلمين تتصرف كيفما تشاء بالمخالفة لما حدده الواقفين أنفسهم وهو ما يعد مخالفة للشرع ، وأكد المشاركون أن هناك العديد من الأوقاف نهبت أما من القائمين عليها أو غيرهم من ذوى النفوذ وكثيراً منها أيضاً ذهب كهدايا وغير ذلك .

طالب صبحى صالح الدولة بإعادة ما كان موقوف لصالح التعليم والصحة إلى هاذين القطاعين ، وقال : أن 80 % من الأوقاف المصرية كانت موجهة بأمر واقفيها للتعليم والصحة والمساجد ولو أنها أعيدت إليها لكفتنا شر مشاريع التسول التى تقوم بها الحكومة لبناء المستشفيات والمدارس ، وقال : من المستغرب أن الدولة أعادت عام 1960 الوقف القبطى للأقباط ليشرفوا عليه واستمرت فى الأستيلاء على الوقف الخيرى الاسلامى الذى تم تبديد الكثير منه ونهب الكثير أيضاً وتعاملت معه السلطة بهواء شخصية فاستولت عليه تارة وعبثت به تارة اخرى وصبغته بصبغة سياسية على خلاف حقيقته وجوهره الدينى الخيرى المجتمعى فأخذته وأفقدت المواطنين الثقة فى نظام الوقف مما دفعهم لعدم وقف ممتلكاتهم لصالح خير الأمة .

أكد صالح أن وزارة الأوقاف رفضت مشروع القانون على لسان مستشارها الذى حضر اجتماع لجنة الاقتراحات والشكاوى مبرراً الرفض بأسباب ثلاثة مردود عليها ، السبب الأول ما تعتبره الوزارة تناقض بين مشروع القانون والقوانين المعمول بها ، الثانى : صعوبة حصر الأموال الموقوفة على قطاعى الصحة والتعليم ، والثالث : أن معظم هذه الأوقاف دخلت ضمن الإصلاح الزراعى ، وقال صالح أما السبب الأول فمردود عليه بأن مستشار الوزارة لم يقرأ مشروع القانون جيداً لأنه لا يوجد تناقض بينه وبين القوانين الحالية ، والسبب الثانى مردود عليه بأن كل وقف يكون له حجة أو وثيقة وهى موجودة بهيئة الأوقاف ، أما السبب الثالث فعلى الدولة دفع تعويض عن ما أخذته من الأوقاف وأدخلته فى نظام الإصلاح الزراعى .

أكدت الدكتورة سهير عبد العزيز أن تغيير الحكومة لجهة أنفاق عائد الوقف أو تغيير شكله الذى أوقفه عليه صاحبه دون سبب قهرى يعد مخالفة للشريعة الإسلامية واعتماداً على القاعدة التى تقول " شرط الواقف كنص الشارع " وأشارت إلى الدور الكبير الذى لعبه الوقف على مدار التاريخ الاسلامى وفى مصر تحديداً ، قالت : لقد لعب الوقف دوراً موازياً فى أحياناً كثيرة لدور الدولة وكان سلطة توازى سلطة الدولة وتفوقها أحياناً بل انه لعب دور المعارضة للدولة وهو ما يمتاز باللامركزية مما بقى خدماته وخيراته موزعة على جميع أنحاء الدولة بخلاف الدولة نفسها التى تتحكم فيها وفى أنفاقها الطابع المركزى .

وقالت : أن أعظم المبانى التعليمية والصحية كانت عبارة عن " وقف " وأهمها على الإطلاق جامعة القاهرة التى أوقف أرضها الأميرة فاطمة بنت الخديوى إسماعيل وأنشأتها على نفقتها الخاصة ، وأضافت : استمر الوقف يؤدى دوره رغم محاربة الانجليز له ثم استولت عليه الدولة بعد عام 1952 وألغت " شروط الوقف " أى حق من يوقف بعض أملاكه للخير فى أن يحدد جمعية معنية ينفق عليها من ريع ما أوقفه ، وهذا ما جعل المصريون يمتنعون وقف أملاكهم لأنهم بالطبع لا يريدون أن يعطوها للحكومة .

وأكد محمد سالمان أنه لابد من تعديل البيئة التشريعية بحيث يكون هناك قانون موحد يحدد فيه القواعد العامة لنظام الوقف ولا يتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية وتنطبق على الاوقاف اياً كان نوعها بالأضافة إلى أنه يقنن القانون المقترح وضع الاوقاف المسيحية بشكل لا يتعارض مع الديانة المسيحية ، كذلك أن يعطى القانون استقلالية قانونية وإدارية ومالية بما يحقق شروط الواقف ويلتزم بالقواعد المتعارف عليها للاوقاف .

وأضاف سالمان أنه يتضامن مع المشروع المقدم بخصوص " تنظيم اعادة العمل بنظام الوقف فى مجالى التعليم والصحة " والمقمد من العضو صبحى صالح كمرحلة انتقالية لوضع تشريع متكامل لوضع الاوقاف وخاصة في المطالبة بعودة الوقف من اجل تقديم خدمات طبية وتعليمية وكذلك نحو أى متطلبات مستحدثة فى المجتمع ، وكذلك المطالبة باصلاح النظام الإدارى للوقف واقامة دورات تدريبية للقائمين علي الاوقاف مما يؤثر بصورة ايجابية علي إدارة الوقف وعلى خدمة الهدف وكذلك المطالبة باصدار قانون موحد للوقف .
الوقف:

أولا: تمهيد:
• يقصد بتقنين الوقف: ترتيب وتبويب كافة الأحكام الفقهية المتعلقة بالوقف ومسائله، المنثورة في أبواب وكتب الفقه الإسلامي المختلفة، وصياغتها في مواد قانونية على غرار النسق القانوني الحديث .
ثانيا: أهم المحطات التاريخية للتقنين وبخاصة تقنين أحكام الوقف
1. لعل أول فكرة لتقريب وجهات نظر العلماء، وتوحيد الرأي، وإلزام الناس برأي واحد بدأت منذ زمن مبكر أي منذ القرن الثاني الهجري في خلافة أبي جعفر المنصور ، حيث رأى أن جمع الناس على رأي واحد وفقه واحد –فيما يشبه قانونا عاما- يصلح عامتهم وخاصتهم، ويوفق بين علمائهم. وقد اختار الإمام مالك لهذه المهمة، وقال له: "اجعل هذا العلم علماً واحداً، وفي رواية: ضع العلم ودون كتابا وجنِّب فيه شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود واقصد أوسط الأمور، وما أجمع عليه الصحابة والأئمة". ومن عزيمة المنصور القوية في هذا الشأن أنه لما روجع من قبل الإمام مالك بأن أصحاب رسول الله  تفرقوا في البلاد وأفتى كل في مصره بما رأى، وأن بعض المناطق قد لا ترضى بما لدى علماء المدينة الأخرى. قال المنصور: "يؤخذون على ذلك بالسيف، وتقطع عليه ظهورهم بالسياط" . لكن الاتجاه الذي غلب فيما بعد هو ما سار عليه عامة الفقهاء من عدم الإلزام برأي أو مذهب واحد.
2. إن أول محاولة جادة لتقنين فقه المعاملات المالية كانت في الدولة العثمانية من خلال مجلة الأحكام (1293هـ) والتي اشتملت على 1851 مادة، التزمت المذهب الحنفي، وقد صدر قرار بلزوم العمل بمواد المجلة في كافة البلاد الخاضعة للنفوذ العثماني.
3. قام رئيس محرري مجلة الأحكام العدلية، ورئيس محكمة التمييز في الدولة العثمانية العلامة الشيخ عمر حلمي (1307هـ-1889م) بوضع مؤلف شامل للوقف، وضعه في شكل مواد بمسمى مسائل بلغت (485) مسألة، شملت أبواب الوقف كله، وسمه بـ "إتحاف الأخلاف في أحكام الأوقاف" .
4. في نفس الفترة تقريبا قام العلامة محمد قدري باشا وزير العدل بمصر (المتوفي 1306هـ-1888م) بصياغة مجموعة قوانين على المذهب الحنفي، ولعله تأثر في ذلك بعمل المجلة أولا، ثم بجهود الشيخ عمر حلمي ، وهي :
أ‌- أحكام المعاملات: وسمها بمرشد الحيران في معرفة أحوال الإنسان، يقع في 941 مادة ، وطبع (1890م).
ب‌- أحكام الوقف: وسماه كتاب "العدل والإنصاف في مشاكل الأوقاف" يقع في 646 مادة، وطبع (1893م).
5. بعد جدل حاد بين الطبقة المثقفة في مصر والعلماء وفي قبة البرلمان وافق مجلس الوزراء المصري على مذكرة وزارة العدل المرفقة بتقرير من لجنة مؤلفة من كبار العلماء ورجال القانون لوضع قانون للأوقاف وذلك في كانون الأول (ديسمبر) 1936م، لا يتقيد بمذهب فقهي معين بل يستفيد من كافة الآراء الفقهية بما يتلاءم والمصلحة المقررة شرعا .
6. بناء على ما سبق تم وضع مشروع قانون الوقف في مارس 1943م، وبعد مضي ثلاث سنوات أصدر المشرع المصري : القانون رقم 48 لسنة 1946م ، ويعد أول عمل تشريعي حديث ينظم شؤون الوقف .
ثالثا: لماذا تقنين أحكام الوقف ؟ هناك مبررات كثيرة يمكن أن يسوقها المرء في هذا الشأن، ولكن يكفي الإشارة إلى:
1. يأتي مطلب تطوير المنظومة التشريعية للوقف ضمن المطلب العام لإصلاح مؤسسة الوقف في جوانبها المختلفة: الإدارية، والتنظيمية، والمالية، وغيرها.
2. بذلت العديد من الدول الإسلامية جهداً طيباً في تقنين كافة الشؤون الخاصة بالوقف على هدي ما اختطه الشرع الحنيف لهذا المرفق الحيوي الهام من قواعد وأحكام ، وهو جهد مبارك ينبغي دراسته وتطويره ليلبي الحاجات التي تمليها المستجدات المعاصرة، ويمكّن الأوقاف من أداء وظيفتها في تمويل أعمال البر المختلفة، وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
3. وضع تنظيم يكفل سلامة الوقف والمحافظة عليه لتحقيق مقصده حسب شرط الواقف، ضمن مبادىء وأحكام الشريعة الإسلامية.
رابعا: ماذا ينبغي اعتباره في الصياغة القانونية المعاصرة لأحكام الوقف ؟
1. ضرورة أن يكون التشريع الوقفي المعاصر مبنيا على فقه صحيح، ولا يعتمد الشاذ والمرجوح من الأقوال دون تمحيصها وعرضا على قواعد الاجتهاد وفق ما هو مقر في أصول الفقه.
2. الاستيعاب والشمول لكل مسائل الوقف، والإحاطة بأحكامه المختلفة.
3. الحرص على الدقة في الصياغة الفنية، والسلاسة في التعبير.
4. اعتماد جميع المذاهب الفقهية في اختيار الأحكام، وعدم الاقتصار على مدرسة بعينها.
5. استيعاب المستجدات المعاصرة سواء في الأموال الموقوفة، أم في أغراض الوقف، أم في صيغ تثمير ممتلكاته، أم إدارته وتنظيمه.
6. المواءمة مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية للدول والمجتمعات الإسلامية.

خامسا: نماذج من قضايا متعددة في قوانين الأوقاف المعاصرة
لا نرمي في هذه إلى حصر كافة القضايا التي يجب أن يتناولها أي تشريع وقفي معاصر، ولكن يكفي الإشارة إلى بعض القضايا المهمة لمجرد التمثيل، دون البسط في ذكر مسائل الوقف مسألة مسألة. وفيما يأتي نماذج لبعض تلك القضايا:

1. تعريف الوقف: اختلف الفقهاء في تعريف الوقف تبعًا لاختلافهم في تكييفه وأحكامه، ووفق رأي الجمهور ورأي الصاحبين المفتى به في مذهب الحنفية فإن الوقف عبارة عن: حبس العين على حكم ملك الله والتصدق بمنفعتها .
ومعنى حبس العين على حكم ملك الله أن العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف، ولا تدخل في ملك أحد من العباد، فلا يكون الوقف محلاً لأي عقد ، أو تصرف ناقل للملكية، فالوقف لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث .
أما تعريف الوقف على رأي المالكية والإمام أبي حنيفة فهو : حبس العين على ملك الواقف، والتبرع بمنفعتها. وهو بمنزلة الإعارة عند أبي حنيفة. مما يعني عدم خروج العين الموقوفة من ملك الواقف ، ولهذا يكون له حق التصرف فيها بكل التصرفات الناقلة للملكية.
ولعل ما يجب التأكيد عليه في هذا المقام: هو ضرورة أن ينحى التشريع الوقفى في تعريفه للوقف منحى يحقق كل المتطلبات السابقة. فيكون جامعا لأفراد المعرف (الوقف) ومانعا من دخول غيره فيه.
وقد جاء تعريف الوقف محققا لبعض المتطلبات سالفة الذكر، في بعض القوانين والتشريعات الوقفية المعاصرة، كالقانون السوداني الذي جاء متفقًا مع رأي الصاحبين، وكذلك القانون الجزائري، واليمني، ومشروعي القانونين الكويتي والإماراتي.

2. لزوم الوقف من عدمه: تعد هذه القضية من أهم القضايا التي يجب أن توليها تشريعات الأوقاف المعاصرة أهمية خاصة. وهي محل خلاف في الفقه. وللتذكير فإن القول بعدم لزوم الوقف هو قول الإمام أبي حنيفة حسب ما ترجمه ترجيح متأخري الحنفية ، فقد قال رحمه الله تعالى: بجواز الوقف جواز الإعارة ، حيث تصرف منافع الوقف إلى الجهة الموقوف عليها ، مع جواز الرجوع عن الوقف حال حياة الواقف. ولم يجعله ملزماً إلا بتوافر شرطين :
أ‌- أن يحكم به القاضي بدعوى صحيحة.
ب‌- أن يخرج الوقف مخرج الوصية كقوله: أوصيت أرضي أو داري، أو يقول جعلتها وقفاً بعد موتي.
أما أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا الإمام أبي حنيفة فرأيا بأن الوقف ملزم بدون الشرطين السابقين وهو رأي جمهور الفقهاء .

أهمية رأي أبي حنيفة في التشريعات الوقفية المعاصرة: رأي الإمام أبي حنيفة يمكن الاستفادة منه في التشريعات المعاصرة للأوقاف ، وذلك لعلاج بعض المشكلات التي تعرض للواقف حال حياته ؛ إذ قد يواجه بعض الطوارئ مما يجعله بحاجة ماسة إلى عين الوقف لتفريج كربة عنه ، أو دفع أو رفع حرج بالغ عنه.
وقد توجه العمل بهذا الرأي في السودان ، وضّمن القاضي الأول في ديباجته للمنشور الشرعي رقم 57 الأخذ بهذه الأسباب والعلل سالفة الذكر ، خلافاً لما كان معمولاً به لفترة من الزمن. لكن القانون السوداني الذي عالج موضوع الوقف لم يجز الرجوع عن الوقف الخيري ، وأجازه في الوقف الأهلي . بينما يجيز القانون المصري رقم 48 لسنة 1946م الخاص بأحكام الوقف، الرجوع عن الوقف إذا صدر بذلك إشهار ممن يملكه وفق ما تنص عليه المادتان 2 ، 11 .

3. قضية الاستبـدال : تناول العديد من الكتب والبحوث صيغة الاستبدال بالشرح والإيضاح، وأكد على أهميتها ودراستها قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة رقم (5/12).
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة بين مضيق كاد أن يمنع كل صور الاستبدال ، وبين موسع يجيز كل صوره ما دام يحقق المصلحة للوقف. وأحكام الاستبدال معروفة مشهورة في كتب الفقه.
وما أود التنبيه إليه في هذه القضية هو ضرورة الاستفادة من مذهب الحنفية في موضوع الاستبدال ومرونته، وكذلك بعض فقهاء الحنابلة في معالجتهم لقضاياه وأحكامه وصوره، وبخاصة إسهام شيخ الإسلام ابن تيميه في الموضوع من خلال رسالته "الاستبدال في الوقف"، فقد ضمنها كما هائلا ً من البراهين والأدلة على صحة رواية جواز الاستبدال عن الإمام أحمد وأنه قول في المذهب، ورجح فيها الرأي الذي يرى جواز الاستبدال للمصلحة بأدلة نقلية وعقلية، وأثبت أن هذا الرأي هو الموافق للأصول والمنقول عن السلف .
وهو ما لم تعكسه بعض التشريعات الوقفية المعاصرة، حيث نحت منحى التضييق مقابل السعة استنادا إلى رأي بعض المذاهب الفقهية المضيقة لنطاق الاستبدال.

4. ملكية الوقف: وهل هو قطاع خاص أو عام ؟
• ذهب بعض الباحثين - في معرض مناقشته لهذا الموضوع إلى أن المال الموقوف هو من ملكية الدولة التي ترعى شؤون العباد، قياسا على مال الزكاة قبل توزيعه على مستحقيه .
• وذهب الشيخ الزرقا - يرحمه الله- إلى أن الموقوف يمكن أن يكون مملوكا للجهة الخيرية التي تديره بصفتها شخصية حكمية أو معنوية.
• الرأي الذي ربما يقارب الصواب هو اعتبار الوقف ذا طبيعة خاصة، فليس ملكية عامة أو من ملكية الدولة، وليس ملكية فردية أو هيئة معينة، وإنما هو ملكية وقف له شخصيته الاعتبارية يكسبها من صك إنشائه، وليس ملكا للأشخاص الاعتباريين ولا الطبيعيين. وبهذا المفهوم أخذت بعض تشريعات الأوقاف في الدول الإسلامية. فالقانون الجزائري رقم 90-25 لعام 1990م -على سبيل المثال - المتضمن التوجيه العقاري، نص في مادته الثالثة والعشرين (23) على ما يلي: (تصنف الأملاك العقارية على اختلاف أنواعها ضمن الأصناف القانونية التالية:
 الأملاك الوطنية.
 أملاك الخواص أو أملاك الخاصة.
 الأملاك الوقفية ).
فالوقف اقتصادا يمكن تصنيفه ضمن ما يسمى بالقطاع الثالث الذي يصنف كقطاع مستقل عن القطاعين الحكومي، والخاص.

إشكالية تسجيل الأوقاف في الدول والمجتمعات الإسلامية التي لا تنص تشريعاتها على ملكية الوقف: تسجيل الأوقاف في ظل الوضعية القانونية للأوقاف في بعض الدول والمجتمعات الإسلامية "الأقليات الإسلامية" يشكل قضية مهمة؛ ويرجع ذلك إلى عدم وجود نصوص تشريعية تصنف ملكية الوقف. وغالبا ما تلجأ المؤسسات التي تدير الممتلكات الوقفية إلى تسجيلها في السجل العقاري باسمها "باسم الشخص الاعتباري"، مما يجعل الممتلكات الوقفية عرضة للمصادرة حين سحب الترخيص من تلك المؤسسة أو الجمعية لسبب من الأسباب.
ونرى في هذا الصدد:
أ- في حال وجود قانون للوقف ينظم شؤون الوقف في الدول والمجتمعات الإسلامية وجوب أن ينص قانون الوقف على مآل الأموال الوقفية المسجلة باسم المؤسسات والجمعيات. وهو ما احتاط له قانون الأوقاف الجزائري رقم 91-10 المؤرخ في شوال 1411هـ الموافق أبريل 1991م حيث نصت المادة (37) على أنه: [تؤول الأموال العقارية والمنقولة الموقوفة على الجمعيات والمؤسسات إلى السلطة المكلفة بالأوقاف العامة عند حل الجمعيات أو انتهاء المهمة التي أنشئت من أجلها إذا لم يعين الواقف الجهة التي يؤول إليها وقفه وذلك وفق إجراءات تحدد عن طريق التنظيم].انتهى.
ب- في حال عدم توافر تشريع وقفي للدولة أو للمجتمع الإسلامي فالأولى أن تنص المؤسسات والجمعيات التي تدير أوقافا إسلامية في أنظمتها ولوائحها على مآل الممتلكات الوقفية إذا حلت أو انتهى الغرض من إنشائها.

5. إثبات الوقف بالتسامع: مما يلاحظ أن كثيرا من التشريعات الوقفية قد أغفلت موضوع إثبات الوقف بالتسامع، مع إثباتها للشهادة بالتسامع في دعاوى : الزواج، والولادة، والنسب، والديانة، والموت . وقد عدد بعض الفقهاء عشرين موضوعًا يجوز فيها الإثبات بالتسامع ومنها: الوقف . كأن يشهد بأن الملك المعين وقف على حائزه ، أو على شخص معين أو على الفقراء ، وأن ذلك الوقف قد طال أمده كعشرين سنة وأكثر .
الفائدة المتوخاة هي: أن الأوقاف في كثير من الدول والمجتمعات الإسلامية لم تحصر حصراً دقيقاً ، وما زال بعضها مجهولاً ، فقد يكون من المجدي أن يضع المشرع الوقف ضمن المواضيع التي يجوز إثباتها بالتسامع، تيسيرا لتوثيق ممتلكات الأوقاف.

6. المزايا الضريبية والقانونية للممتلكات الوقفية: مما تغفل عنه بعض التشريعات الوقفية، عدم معالجة موضوع الضرائب المختلفة، والرسوم الأخرى على ممتلكات الأوقاف، وما تفرضه الدولة على أموال مختلف المؤسسات والهيئات. ومما يجب التنبيه إليه في هذا المقام:
أ‌- النص على إعفاء جميع ممتلكات الأوقاف الخيرية من جميع الضرائب والرسوم بما في ذلك الضرائب على العقارات ورأس المال والإيرادات والدخول والجمارك والمشتريات والإنتاج وغيرها من الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة.
ب‌- وجوب تمتع ممتلكات الأوقاف بالحصانة والحماية التي تتمتع بها الأملاك العامة، فلا يجوز مصادرتها، أو التعدي عليها، أو حجزها. ويجب أن ينص القانون على العقوبات اللازمة في حالات الاعتداء.

7.استثمار أموال الوقف: ظهرت محاولات جادة للاجتهاد في فقه الوقف، وبخاصة في النوازل المعاصرة. وينبغي للتشريعات الوقفية المعاصرة أن تستفيد من تلك الاجتهادات. وبخاصة ما صدر عن المؤتمر الأول للوقف، ومنتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، وما صدر عن الدورة الخامسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في مسقط، ومن أهم تلك القضايا ما يتعلق باستثمار أموال الوقف.
ومما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد: وجوب أن تتضمن التشريعات المعاصرة للوقف في موضوع الاستثمار، أن يكون في مجال مشروع وبوسائل مباحة شرعا، والسعي لاستثمار كافة أموال الوقف مع مراعاة الضوابط الشرعية الواردة في الفتاوى والتوصيات في هذا الشأن .
8- تقنين الوقف بين الاستقلالية والتبعية: يثير العديد من الباحثين تساؤلا مهما حول الأسلوب الأمثل لتقنين أحكام الوقف، هل هو وضع قانون مستقل كما هو في قوانين الوقف في السودان، والكويت ، وقطر، واليمن، والجزائر وغيرها ؟ أو جعل أحكام الوقف ضمن القانون المدني، أو اعتباره من مسائل الأحوال الشخصية ؟
ويبرر القائلون بتدوين أحكام الوقف ضمن مدونة القانون المدني :
أ‌- أن الوقف باعتباره تصرفا قانونيا بإرادة منفردة لا يصنف فقها ضمن أبواب العبادات وإنما ضمن المعاملات المالية كالهبة.
ب‌- رغم أن ثمة فوارق بين الهبة والوقف من حيث التكييف القانوني إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون سببا جوهريا في استبعاد أحكام الوقف من مدونة القانون المدني.
ت‌- رغم التشابه القائم بين الوصية والوقف مما يبرر إلحاق الوقف بمدونة الأحوال الشخصية، لكن هذا التشابه الظاهري يخفي اختلافا جذريا بينهما؛ إذ الوصية وثيقة الصلة بالميراث من حيث إن كلا منهما تصرف مضاف إلى ما بعد الموت.
النتيجة: يتضح من المبررات السابقة أن تقنين أحكام الوقف في إطار القانون المدني أجدى وأنفع من أن يكون قانونا مستقلا أو ضمن مدونة الأحوال الشخصية .
أما من ألحق الوقف بمدونة الأحوال الشخصية: فلأنه صنف الوقف والهبة والوصية على أنها من عقود التبرعات تقوم على فكرة التصدق المندوب إليه، مما يؤدي إلى اعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية .
ورغم كل ما ذكر، فإن إصدار قانون مستقل للوقف عن مدونة الأحوال الشخصية، ومدونة القانون المدني هو الأولى في نظري ؛ لأن ذلك يتواءم والطبيعة الخاصة للوقف من حيث:
- الملكية: فهو يخرج من ملك الواقف إلى حكم ملك الله عز وجل.
- من حيث التصرف: مقيد بشرط الواقف الذي شرطه كشرط الشارع.
- من حيث الإدارة: فالناظر مجرد وكيل في التصرف يده على أموال الوقف يد أمانة، لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير .


الخاتمة:
إن ما تم جمعه في هذه الوريقات جهد المقل، ومما لاشك فيه أن هناك قضايا متنوعة ومتعددة ينبغي أن تكون محط نظر التشريعات المعاصرة للوقف ولم ترد هنا؛ لأن المقصد من هذه الورقة هو مجرد التمثيل لبعض القضايا للتنبيه وشحذ الأذهان للمناقشة ودراسة الموضوع. والمعول على أصحاب الفضيلة والأساتذة الكرام المتخصصين في علوم الشريعة والقانون لإثراء الموضوع بمقترحاتهم ومرئياتهم.
الوقف:

أولا: تمهيد:
• يقصد بتقنين الوقف: ترتيب وتبويب كافة الأحكام الفقهية المتعلقة بالوقف ومسائله، المنثورة في أبواب وكتب الفقه الإسلامي المختلفة، وصياغتها في مواد قانونية على غرار النسق القانوني الحديث .
ثانيا: أهم المحطات التاريخية للتقنين وبخاصة تقنين أحكام الوقف
1. لعل أول فكرة لتقريب وجهات نظر العلماء، وتوحيد الرأي، وإلزام الناس برأي واحد بدأت منذ زمن مبكر أي منذ القرن الثاني الهجري في خلافة أبي جعفر المنصور ، حيث رأى أن جمع الناس على رأي واحد وفقه واحد –فيما يشبه قانونا عاما- يصلح عامتهم وخاصتهم، ويوفق بين علمائهم. وقد اختار الإمام مالك لهذه المهمة، وقال له: "اجعل هذا العلم علماً واحداً، وفي رواية: ضع العلم ودون كتابا وجنِّب فيه شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود واقصد أوسط الأمور، وما أجمع عليه الصحابة والأئمة". ومن عزيمة المنصور القوية في هذا الشأن أنه لما روجع من قبل الإمام مالك بأن أصحاب رسول الله  تفرقوا في البلاد وأفتى كل في مصره بما رأى، وأن بعض المناطق قد لا ترضى بما لدى علماء المدينة الأخرى. قال المنصور: "يؤخذون على ذلك بالسيف، وتقطع عليه ظهورهم بالسياط" . لكن الاتجاه الذي غلب فيما بعد هو ما سار عليه عامة الفقهاء من عدم الإلزام برأي أو مذهب واحد.
2. إن أول محاولة جادة لتقنين فقه المعاملات المالية كانت في الدولة العثمانية من خلال مجلة الأحكام (1293هـ) والتي اشتملت على 1851 مادة، التزمت المذهب الحنفي، وقد صدر قرار بلزوم العمل بمواد المجلة في كافة البلاد الخاضعة للنفوذ العثماني.
3. قام رئيس محرري مجلة الأحكام العدلية، ورئيس محكمة التمييز في الدولة العثمانية العلامة الشيخ عمر حلمي (1307هـ-1889م) بوضع مؤلف شامل للوقف، وضعه في شكل مواد بمسمى مسائل بلغت (485) مسألة، شملت أبواب الوقف كله، وسمه بـ "إتحاف الأخلاف في أحكام الأوقاف" .
4. في نفس الفترة تقريبا قام العلامة محمد قدري باشا وزير العدل بمصر (المتوفي 1306هـ-1888م) بصياغة مجموعة قوانين على المذهب الحنفي، ولعله تأثر في ذلك بعمل المجلة أولا، ثم بجهود الشيخ عمر حلمي ، وهي :
أ‌- أحكام المعاملات: وسمها بمرشد الحيران في معرفة أحوال الإنسان، يقع في 941 مادة ، وطبع (1890م).
ب‌- أحكام الوقف: وسماه كتاب "العدل والإنصاف في مشاكل الأوقاف" يقع في 646 مادة، وطبع (1893م).
5. بعد جدل حاد بين الطبقة المثقفة في مصر والعلماء وفي قبة البرلمان وافق مجلس الوزراء المصري على مذكرة وزارة العدل المرفقة بتقرير من لجنة مؤلفة من كبار العلماء ورجال القانون لوضع قانون للأوقاف وذلك في كانون الأول (ديسمبر) 1936م، لا يتقيد بمذهب فقهي معين بل يستفيد من كافة الآراء الفقهية بما يتلاءم والمصلحة المقررة شرعا .
6. بناء على ما سبق تم وضع مشروع قانون الوقف في مارس 1943م، وبعد مضي ثلاث سنوات أصدر المشرع المصري : القانون رقم 48 لسنة 1946م ، ويعد أول عمل تشريعي حديث ينظم شؤون الوقف .
ثالثا: لماذا تقنين أحكام الوقف ؟ هناك مبررات كثيرة يمكن أن يسوقها المرء في هذا الشأن، ولكن يكفي الإشارة إلى:
1. يأتي مطلب تطوير المنظومة التشريعية للوقف ضمن المطلب العام لإصلاح مؤسسة الوقف في جوانبها المختلفة: الإدارية، والتنظيمية، والمالية، وغيرها.
2. بذلت العديد من الدول الإسلامية جهداً طيباً في تقنين كافة الشؤون الخاصة بالوقف على هدي ما اختطه الشرع الحنيف لهذا المرفق الحيوي الهام من قواعد وأحكام ، وهو جهد مبارك ينبغي دراسته وتطويره ليلبي الحاجات التي تمليها المستجدات المعاصرة، ويمكّن الأوقاف من أداء وظيفتها في تمويل أعمال البر المختلفة، وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
3. وضع تنظيم يكفل سلامة الوقف والمحافظة عليه لتحقيق مقصده حسب شرط الواقف، ضمن مبادىء وأحكام الشريعة الإسلامية.
رابعا: ماذا ينبغي اعتباره في الصياغة القانونية المعاصرة لأحكام الوقف ؟
1. ضرورة أن يكون التشريع الوقفي المعاصر مبنيا على فقه صحيح، ولا يعتمد الشاذ والمرجوح من الأقوال دون تمحيصها وعرضا على قواعد الاجتهاد وفق ما هو مقر في أصول الفقه.
2. الاستيعاب والشمول لكل مسائل الوقف، والإحاطة بأحكامه المختلفة.
3. الحرص على الدقة في الصياغة الفنية، والسلاسة في التعبير.
4. اعتماد جميع المذاهب الفقهية في اختيار الأحكام، وعدم الاقتصار على مدرسة بعينها.
5. استيعاب المستجدات المعاصرة سواء في الأموال الموقوفة، أم في أغراض الوقف، أم في صيغ تثمير ممتلكاته، أم إدارته وتنظيمه.
6. المواءمة مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية للدول والمجتمعات الإسلامية.

خامسا: نماذج من قضايا متعددة في قوانين الأوقاف المعاصرة
لا نرمي في هذه إلى حصر كافة القضايا التي يجب أن يتناولها أي تشريع وقفي معاصر، ولكن يكفي الإشارة إلى بعض القضايا المهمة لمجرد التمثيل، دون البسط في ذكر مسائل الوقف مسألة مسألة. وفيما يأتي نماذج لبعض تلك القضايا:

1. تعريف الوقف: اختلف الفقهاء في تعريف الوقف تبعًا لاختلافهم في تكييفه وأحكامه، ووفق رأي الجمهور ورأي الصاحبين المفتى به في مذهب الحنفية فإن الوقف عبارة عن: حبس العين على حكم ملك الله والتصدق بمنفعتها .
ومعنى حبس العين على حكم ملك الله أن العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف، ولا تدخل في ملك أحد من العباد، فلا يكون الوقف محلاً لأي عقد ، أو تصرف ناقل للملكية، فالوقف لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث .
أما تعريف الوقف على رأي المالكية والإمام أبي حنيفة فهو : حبس العين على ملك الواقف، والتبرع بمنفعتها. وهو بمنزلة الإعارة عند أبي حنيفة. مما يعني عدم خروج العين الموقوفة من ملك الواقف ، ولهذا يكون له حق التصرف فيها بكل التصرفات الناقلة للملكية.
ولعل ما يجب التأكيد عليه في هذا المقام: هو ضرورة أن ينحى التشريع الوقفى في تعريفه للوقف منحى يحقق كل المتطلبات السابقة. فيكون جامعا لأفراد المعرف (الوقف) ومانعا من دخول غيره فيه.
وقد جاء تعريف الوقف محققا لبعض المتطلبات سالفة الذكر، في بعض القوانين والتشريعات الوقفية المعاصرة، كالقانون السوداني الذي جاء متفقًا مع رأي الصاحبين، وكذلك القانون الجزائري، واليمني، ومشروعي القانونين الكويتي والإماراتي.

2. لزوم الوقف من عدمه: تعد هذه القضية من أهم القضايا التي يجب أن توليها تشريعات الأوقاف المعاصرة أهمية خاصة. وهي محل خلاف في الفقه. وللتذكير فإن القول بعدم لزوم الوقف هو قول الإمام أبي حنيفة حسب ما ترجمه ترجيح متأخري الحنفية ، فقد قال رحمه الله تعالى: بجواز الوقف جواز الإعارة ، حيث تصرف منافع الوقف إلى الجهة الموقوف عليها ، مع جواز الرجوع عن الوقف حال حياة الواقف. ولم يجعله ملزماً إلا بتوافر شرطين :
أ‌- أن يحكم به القاضي بدعوى صحيحة.
ب‌- أن يخرج الوقف مخرج الوصية كقوله: أوصيت أرضي أو داري، أو يقول جعلتها وقفاً بعد موتي.
أما أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا الإمام أبي حنيفة فرأيا بأن الوقف ملزم بدون الشرطين السابقين وهو رأي جمهور الفقهاء .

أهمية رأي أبي حنيفة في التشريعات الوقفية المعاصرة: رأي الإمام أبي حنيفة يمكن الاستفادة منه في التشريعات المعاصرة للأوقاف ، وذلك لعلاج بعض المشكلات التي تعرض للواقف حال حياته ؛ إذ قد يواجه بعض الطوارئ مما يجعله بحاجة ماسة إلى عين الوقف لتفريج كربة عنه ، أو دفع أو رفع حرج بالغ عنه.
وقد توجه العمل بهذا الرأي في السودان ، وضّمن القاضي الأول في ديباجته للمنشور الشرعي رقم 57 الأخذ بهذه الأسباب والعلل سالفة الذكر ، خلافاً لما كان معمولاً به لفترة من الزمن. لكن القانون السوداني الذي عالج موضوع الوقف لم يجز الرجوع عن الوقف الخيري ، وأجازه في الوقف الأهلي . بينما يجيز القانون المصري رقم 48 لسنة 1946م الخاص بأحكام الوقف، الرجوع عن الوقف إذا صدر بذلك إشهار ممن يملكه وفق ما تنص عليه المادتان 2 ، 11 .

3. قضية الاستبـدال : تناول العديد من الكتب والبحوث صيغة الاستبدال بالشرح والإيضاح، وأكد على أهميتها ودراستها قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة رقم (5/12).
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة بين مضيق كاد أن يمنع كل صور الاستبدال ، وبين موسع يجيز كل صوره ما دام يحقق المصلحة للوقف. وأحكام الاستبدال معروفة مشهورة في كتب الفقه.
وما أود التنبيه إليه في هذه القضية هو ضرورة الاستفادة من مذهب الحنفية في موضوع الاستبدال ومرونته، وكذلك بعض فقهاء الحنابلة في معالجتهم لقضاياه وأحكامه وصوره، وبخاصة إسهام شيخ الإسلام ابن تيميه في الموضوع من خلال رسالته "الاستبدال في الوقف"، فقد ضمنها كما هائلا ً من البراهين والأدلة على صحة رواية جواز الاستبدال عن الإمام أحمد وأنه قول في المذهب، ورجح فيها الرأي الذي يرى جواز الاستبدال للمصلحة بأدلة نقلية وعقلية، وأثبت أن هذا الرأي هو الموافق للأصول والمنقول عن السلف .
وهو ما لم تعكسه بعض التشريعات الوقفية المعاصرة، حيث نحت منحى التضييق مقابل السعة استنادا إلى رأي بعض المذاهب الفقهية المضيقة لنطاق الاستبدال.

4. ملكية الوقف: وهل هو قطاع خاص أو عام ؟
• ذهب بعض الباحثين - في معرض مناقشته لهذا الموضوع إلى أن المال الموقوف هو من ملكية الدولة التي ترعى شؤون العباد، قياسا على مال الزكاة قبل توزيعه على مستحقيه .
• وذهب الشيخ الزرقا - يرحمه الله- إلى أن الموقوف يمكن أن يكون مملوكا للجهة الخيرية التي تديره بصفتها شخصية حكمية أو معنوية.
• الرأي الذي ربما يقارب الصواب هو اعتبار الوقف ذا طبيعة خاصة، فليس ملكية عامة أو من ملكية الدولة، وليس ملكية فردية أو هيئة معينة، وإنما هو ملكية وقف له شخصيته الاعتبارية يكسبها من صك إنشائه، وليس ملكا للأشخاص الاعتباريين ولا الطبيعيين. وبهذا المفهوم أخذت بعض تشريعات الأوقاف في الدول الإسلامية. فالقانون الجزائري رقم 90-25 لعام 1990م -على سبيل المثال - المتضمن التوجيه العقاري، نص في مادته الثالثة والعشرين (23) على ما يلي: (تصنف الأملاك العقارية على اختلاف أنواعها ضمن الأصناف القانونية التالية:
 الأملاك الوطنية.
 أملاك الخواص أو أملاك الخاصة.
 الأملاك الوقفية ).
فالوقف اقتصادا يمكن تصنيفه ضمن ما يسمى بالقطاع الثالث الذي يصنف كقطاع مستقل عن القطاعين الحكومي، والخاص.

إشكالية تسجيل الأوقاف في الدول والمجتمعات الإسلامية التي لا تنص تشريعاتها على ملكية الوقف: تسجيل الأوقاف في ظل الوضعية القانونية للأوقاف في بعض الدول والمجتمعات الإسلامية "الأقليات الإسلامية" يشكل قضية مهمة؛ ويرجع ذلك إلى عدم وجود نصوص تشريعية تصنف ملكية الوقف. وغالبا ما تلجأ المؤسسات التي تدير الممتلكات الوقفية إلى تسجيلها في السجل العقاري باسمها "باسم الشخص الاعتباري"، مما يجعل الممتلكات الوقفية عرضة للمصادرة حين سحب الترخيص من تلك المؤسسة أو الجمعية لسبب من الأسباب.
ونرى في هذا الصدد:
أ- في حال وجود قانون للوقف ينظم شؤون الوقف في الدول والمجتمعات الإسلامية وجوب أن ينص قانون الوقف على مآل الأموال الوقفية المسجلة باسم المؤسسات والجمعيات. وهو ما احتاط له قانون الأوقاف الجزائري رقم 91-10 المؤرخ في شوال 1411هـ الموافق أبريل 1991م حيث نصت المادة (37) على أنه: [تؤول الأموال العقارية والمنقولة الموقوفة على الجمعيات والمؤسسات إلى السلطة المكلفة بالأوقاف العامة عند حل الجمعيات أو انتهاء المهمة التي أنشئت من أجلها إذا لم يعين الواقف الجهة التي يؤول إليها وقفه وذلك وفق إجراءات تحدد عن طريق التنظيم].انتهى.
ب- في حال عدم توافر تشريع وقفي للدولة أو للمجتمع الإسلامي فالأولى أن تنص المؤسسات والجمعيات التي تدير أوقافا إسلامية في أنظمتها ولوائحها على مآل الممتلكات الوقفية إذا حلت أو انتهى الغرض من إنشائها.

5. إثبات الوقف بالتسامع: مما يلاحظ أن كثيرا من التشريعات الوقفية قد أغفلت موضوع إثبات الوقف بالتسامع، مع إثباتها للشهادة بالتسامع في دعاوى : الزواج، والولادة، والنسب، والديانة، والموت . وقد عدد بعض الفقهاء عشرين موضوعًا يجوز فيها الإثبات بالتسامع ومنها: الوقف . كأن يشهد بأن الملك المعين وقف على حائزه ، أو على شخص معين أو على الفقراء ، وأن ذلك الوقف قد طال أمده كعشرين سنة وأكثر .
الفائدة المتوخاة هي: أن الأوقاف في كثير من الدول والمجتمعات الإسلامية لم تحصر حصراً دقيقاً ، وما زال بعضها مجهولاً ، فقد يكون من المجدي أن يضع المشرع الوقف ضمن المواضيع التي يجوز إثباتها بالتسامع، تيسيرا لتوثيق ممتلكات الأوقاف.

6. المزايا الضريبية والقانونية للممتلكات الوقفية: مما تغفل عنه بعض التشريعات الوقفية، عدم معالجة موضوع الضرائب المختلفة، والرسوم الأخرى على ممتلكات الأوقاف، وما تفرضه الدولة على أموال مختلف المؤسسات والهيئات. ومما يجب التنبيه إليه في هذا المقام:
أ‌- النص على إعفاء جميع ممتلكات الأوقاف الخيرية من جميع الضرائب والرسوم بما في ذلك الضرائب على العقارات ورأس المال والإيرادات والدخول والجمارك والمشتريات والإنتاج وغيرها من الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة.
ب‌- وجوب تمتع ممتلكات الأوقاف بالحصانة والحماية التي تتمتع بها الأملاك العامة، فلا يجوز مصادرتها، أو التعدي عليها، أو حجزها. ويجب أن ينص القانون على العقوبات اللازمة في حالات الاعتداء.

7.استثمار أموال الوقف: ظهرت محاولات جادة للاجتهاد في فقه الوقف، وبخاصة في النوازل المعاصرة. وينبغي للتشريعات الوقفية المعاصرة أن تستفيد من تلك الاجتهادات. وبخاصة ما صدر عن المؤتمر الأول للوقف، ومنتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، وما صدر عن الدورة الخامسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في مسقط، ومن أهم تلك القضايا ما يتعلق باستثمار أموال الوقف.
ومما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد: وجوب أن تتضمن التشريعات المعاصرة للوقف في موضوع الاستثمار، أن يكون في مجال مشروع وبوسائل مباحة شرعا، والسعي لاستثمار كافة أموال الوقف مع مراعاة الضوابط الشرعية الواردة في الفتاوى والتوصيات في هذا الشأن .
8- تقنين الوقف بين الاستقلالية والتبعية: يثير العديد من الباحثين تساؤلا مهما حول الأسلوب الأمثل لتقنين أحكام الوقف، هل هو وضع قانون مستقل كما هو في قوانين الوقف في السودان، والكويت ، وقطر، واليمن، والجزائر وغيرها ؟ أو جعل أحكام الوقف ضمن القانون المدني، أو اعتباره من مسائل الأحوال الشخصية ؟
ويبرر القائلون بتدوين أحكام الوقف ضمن مدونة القانون المدني :
أ‌- أن الوقف باعتباره تصرفا قانونيا بإرادة منفردة لا يصنف فقها ضمن أبواب العبادات وإنما ضمن المعاملات المالية كالهبة.
ب‌- رغم أن ثمة فوارق بين الهبة والوقف من حيث التكييف القانوني إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون سببا جوهريا في استبعاد أحكام الوقف من مدونة القانون المدني.
ت‌- رغم التشابه القائم بين الوصية والوقف مما يبرر إلحاق الوقف بمدونة الأحوال الشخصية، لكن هذا التشابه الظاهري يخفي اختلافا جذريا بينهما؛ إذ الوصية وثيقة الصلة بالميراث من حيث إن كلا منهما تصرف مضاف إلى ما بعد الموت.
النتيجة: يتضح من المبررات السابقة أن تقنين أحكام الوقف في إطار القانون المدني أجدى وأنفع من أن يكون قانونا مستقلا أو ضمن مدونة الأحوال الشخصية .
أما من ألحق الوقف بمدونة الأحوال الشخصية: فلأنه صنف الوقف والهبة والوصية على أنها من عقود التبرعات تقوم على فكرة التصدق المندوب إليه، مما يؤدي إلى اعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية .
ورغم كل ما ذكر، فإن إصدار قانون مستقل للوقف عن مدونة الأحوال الشخصية، ومدونة القانون المدني هو الأولى في نظري ؛ لأن ذلك يتواءم والطبيعة الخاصة للوقف من حيث:
- الملكية: فهو يخرج من ملك الواقف إلى حكم ملك الله عز وجل.
- من حيث التصرف: مقيد بشرط الواقف الذي شرطه كشرط الشارع.
- من حيث الإدارة: فالناظر مجرد وكيل في التصرف يده على أموال الوقف يد أمانة، لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير .


الخاتمة:
إن ما تم جمعه في هذه الوريقات جهد المقل، ومما لاشك فيه أن هناك قضايا متنوعة ومتعددة ينبغي أن تكون محط نظر التشريعات المعاصرة للوقف ولم ترد هنا؛ لأن المقصد من هذه الورقة هو مجرد التمثيل لبعض القضايا للتنبيه وشحذ الأذهان للمناقشة ودراسة الموضوع. والمعول على أصحاب الفضيلة والأساتذة الكرام المتخصصين في علوم الشريعة والقانون لإثراء الموضوع بمقترحاتهم ومرئياتهم.
قانون نظارة شيخ الازهر للاوقاف الموقوفة على الازهر)







جمهورية مصر العربية

مجلس الشعب ____ القانون رقم ١٤ لسنة ٢٠٠٧ بتخويل شيخ الأزهر النظر على الأوقاف الخيرية الموقوفة على الأزهر الشريف _____

قرر مجلس الشعب القانون الآتي نصه ، وقد أصدرناه :

( المادة الأولى )

استثناء من حكم الفقرة الأولى من المادة ( ٢) من القانون رقم ٢٤٧ لسنة ١٩٥٣ بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهة البر، يتولى شيخ الأزهر النظر على الأوقاف الخيرية الموقوفة على الأزهر الشريف التي لدى وزارة الأوقاف وغيره ا، ويكون له جميع الصلاحيات والاختصاصات المقررة في هذا الشأن لوزير الأوقاف ولهيئة الأوقاف المصرية طبقًا للقانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٧١ بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية.

( المادة الثانية)

يجوز لشيخ الأزهر بصفته ناظرًا للأوقاف المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون ، إنابة هيئة الأوقاف المصرية في إدارة الأوقاف الخيرية الموقوفة على الأزهر واستثمارها والتصرف في شئونها لصالح الأزهر، وذلك وفقًا لأحكام القانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٧١ بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ، ولا تعتبر قرارات الهيئة التي تصدر استنادًا إلى قرار الإنابة في شأن التصرف في شئون أعيان الوقف نافذة إلا بعد اعتمادها من شيخ الأزهر بصفته ناظرًا للوقف. وعلى الهيئة في هذه الحالة أن تؤدي إلى الأزهر الشريف صافي ر يع الأوقاف الخيرية الموقوفة المنصوص عليها في الفقرة السابقة.

( المادة الثالثة)

ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.
قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية (١)

باسم الشعب

رئيس الجمهورية

بعد الاطلاع على المادة 147 من الدستور

وعلى المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات

وعلى القانون رقم 152 لسنة 1975 بتنظيم استبدال الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر

وعلى القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة اجراءاتها

وعلى القانون رقم 264 لسنة 1960 فى شأن استبدال الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر العامة للأقباط الأرثوذكس

وعلى القانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التى تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى والمجالس المحلية

وعلى القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة

وعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 فى شأن إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس

وبناء على ما إرتآه مجلس الدولة،

قرر القانون الأتى

مادة 1
ـ تنشأ هيئة عامة تسمى " هيئة الأوقاف المصرية " تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف ويكون مقرها مدينة القاهرة ويجوز إنشاء فروع لها فى المحافظات بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة.

مادة 2 ـ تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الآتية
(أولاً) الأوقاف المنصوص عليها فى المادة 1 من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فيما عدا :

(ا) الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والتى آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالقانون رقم 152 لسنة 1957 المشار إليه.
(ب) الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاص والتى آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالقانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه.
(ج) الأوقاف الخيرية التى يشترط فيها الواقف النظر لنفسه ولأبنائه من طبقة واحدة.
(د) الأوقاف التى تشرف عليها هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس.

(ثانياً) أموال البدل وأموال الأحكار .
(ثالثاً) سندات الإصلاح الزراعى وقيمة ما استهلك منها وريعها.
(رابعاً) الأوقاف التى يؤول حق النظر عليها لوزارة الأوقاف بعد العمل بهذا القانون.

مادة 3
ـ تنتقل إلى مجلس إدارة الهيئة الاخـتـصـاصـات المخـولة للجـنة شئون الأوقـاف بالقانون رقم 272 لسنة 1959 وكذلك الاختصاصات المخولة لـلمـجـالس المحلية بالقانون رقم 44 لسنة 1962 وذلك بالنسبة للبدل والاستبدال والاستثمار.

وتؤول الاختصاصات الأخرى المخـولة لـلجنة شئون الأوقاف إلى مـجـلـس وكـلاء وزارة الأوقـاف منضماً إليه رئيس مجلس إدارة الهيئة ومستشار من مجلس الدولة ويعتمد وزير الأوقاف قراراته.

مادة 4
ـ تشكل لجنة بقرار من وزير الخزانة ـ بعد موافقة وزير الأوقاف ـ تتولى تقييم أعيان وأموال الأوقاف التى تختص الهيئة بإدارتها واستثمارها ، كما يصدر وزير الأوقاف قرارات بتشكيل اللجان التى تتولى استلام هذه الأموال على أن تمثل فيها وزارة الخزانة والمجالس المحلية والهيئة العامة للإصلاح الزراعى حسب الأحوال ويبين القرار كيفية أداء هذه اللجان لعملها والأسس التى تسير عليها.

مادة 5
ـ تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة وتتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط الواقـفـين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من اللجان والمحاكم بشأن القسمة أو الاستحقاق أو غيرها وكذلك مستحقى الأوقاف الأهلية وفقاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة.

مادة 6
ـ على الهيئة أن تؤدى إلى وزارة الأوقاف صـافى ريـع الأوقـاف الخيرية لصرفه وفقاً لشروط الواقفين ، وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالى الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الأعيان.

وتجنب 10% من هذه الإيرادات كاحتياطى لاستثماره فى تنمية إيرادات كـل وقـف ويكـون لمجلس إدارة الهيئة سلطة التصرف فى هذا الاحتياطى بعد موافقة وزير الأوقاف.

مادة 7
ـ تـتقاضى الهيئة بالنسبة إلى الأعيان التى تديرها وانتهى فيها الوقف 10% من جملة إيراداتها المحصـلـة كـمصاريف إدارة ، 15% كمصاريف صيانة مضافً إليها 5% من قيمة تكاليف الأعمال الفنية التى يحددها مجـلـس الإدارة ويـؤول صـافى الإيـراد بـعـد ذلـك إلـى وزارة الأوقـاف لـتقوم بتوزيعه على المستحقين وفقاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه.
مادة 8
ـ تصرف الهيئة على صيانة الأموال التى تديرها فى حدود النسبة التى تحـصـل عـلـيـهـا لهذا الغرض على إنه فى حالة الضرورة يمكن تجـاوز الصرف عن هـذه الـنـسـبـة عـلـى أن تـتـحـمل الـزيـادة للمصروفات المخصصة للصيانة فى السنة التالية.

ويرحل فائض مصروفات الإدارة والصـيـانـة الـمشـار إليها فـى هـذا الـقـانون فى نهاية كل سنة إلى حساب الاحتياطى العام للهيئة ويكون لمجلس إدارة الهيئة سلطة التصرف فى هـذا الاحـتيـاطى بعد موافقة وزير الأوقاف.

مادة 9
ـ فى تطبيق أحكام هذا القانون تحل الهيئة محل وزارة الأوقاف والمجالس المحلية والهيئة العامة للإصلاح الزراعى فيما لهذه الجهات من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار الأموال التى تختص بها.

مادة 10
ـ الأوقاف الخيرية التى تنشأ بعد العمل بهذا القانون ويكون فيها النظر لـلـواقـف ولأبـنائه من بعده تظل بعد وفاة الواقف فى إدارة أبنائه من الطبقة الأولى فقط الذين لهم حق النظـر عـلـى أن يلتزموا بتقديم كشف حساب سنوى إلى الهيئة مع سداد رسم قدره 10% من أصل الإيراد لصرفها على نواحى البر العام وللهيئة مراقبة صحة تنفيذ شروط الواقف وتتـولى الـهـيـئـة إدارة واسـتـثـمـار الأراضـى الزراعية التى يؤول إلى وزارة الأوقاف حق النظر عليها بعد العمل بهذا القانون.

مادة 11
ـ يصدر رئيس الجمهورية قرارً بتنظيم العمل بالـهـيـئـة وتـشـكـيـل مـجـلس إدارتها وبيان اختصاصاته وتحديد العلاقة بين الهيئة وكل من وزارة الأوقاف والهيئة العامة للإصلاح الزراعى والمجـالـس المحلية ، وأوضاع نقل العاملين اللازمين للعمل إليها.

مادة 12
ـ يلغى كل حكم يخالف ما ورد فى هذا القانون من أحكام.

مادة 13
ـ ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويكون له قوة القانون ويعمل به من تاريخ نشره.

صدر برياسة الجمهورية فى 20 شعبان 1391 ( 10 أكتوبر سنة 1971)