بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

22 يونيو 2012

المحكمة الدستورية العليا المصرية

التكوين الجمعية العامة للمحكمة، وهيئة المفوّضين
ينظّم عملها بواسطة دستور 1971، وقانون المحكمة الدستورية العليا
تستأنف أحكامها أمام أحكامها لا تقبل الاستئناف
مدة عمل المحكمة طوال العام



المحكمة الدستورية العليا المصرية.

المحكمة الدستورية العليا هي المحكمة العليا في جمهورية مصر العربية، يقع مقرها في القاهرة، ومهمتها مراقبة تتطابق القوانين مع مواد الدستور. فهي تقوم بإلغاء القوانين التي تخالف نصوص ومواد الدستور المصري. وهي هيئة قضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في مصر، وتؤلف من رئيس ومن نائب أو أكثر للرئيس وعدد كاف من المستشارين، وتصدر أحكامها من سبعة مستشارين، وأحكامها نهائية لا يمكن الطعن فيها بأي طريقة من طرق الطعن.

وكذلك تقوم المحكمة الدستورية العليا بتحديد المحكمة المختصة وظيفيًا في حالة وجود تنازع حول تنفيذ حكمين متعارضين، ويشترط في ذلك التنازع عدة شروط لكي تستطيع المحكمة العليا تحديد المحكمة المختصة وظيفيًا. حيث يجب أن يكون التنازع أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ويجب أن ينشأ التنازع من حكمين حسما النزاع في موضوعه حسمًا باتًا، كما يشترط كون الحكمين متناقضين تناقضًا من شأنه جعل تنفيذهما معًا أمرًا متعذرًا، وأخيرًا يشترط صدور الحكمين محل التنازع على التنفيذ من محكمتين مستقلتين وظيفيًا.

وإذا أذنت محكمة الموضوع لأحد الأشخاص برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، أو قضت المحكمة الموضوعية بإحالة الدعوى الدستورية إلى المحكمة الدستورية العليا. فيجب أن تتضمّن صحيفة الدعوى التي ترفع إلى المحكمة (في الحالة الأولى)، أو قرار الإحالة من محكمة الموضوع (في الحالة الثانية)، بيان النص التشريعي المقال بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدّعى بمخالفته، وأوجه المخالفة. وإلا كانت الدعوى غير مقبولة.

أما بالنسبة لصحيفة دعوى التنازع على الاختصاص أو دعوى التنازع على تنفيذ حكمين نهائيين، فيجب أن تقدم صورة رسمية من الحكمين الذين وقع في شأنهما التنازع على الاختصاص أو التنازع على التناقض في التنفيذ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة. وإذا كان المشرّع قد أوجب على رافع الدعوى في هاتين الدعويين اتّخاذ هذا الإجراء، فإنه قد رتب على عدم اتّخاذ هذه الإجراءات عدم قبول الدعوى.[5]محتويات

اختصاصاتها

احتوى الدستور المصري الدائم الصادر سنة 1971 أحكامًا خاصة بالمحكمة الدستورية العليا ضمن مواده من 174 حتى 178، ثم تلى ذلك بيان ما لحق به من تعديلات، ثم بيان نصوص قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذي جاء مبينًا لاختصاصاتها؛ والتي تتمثل في:
الرقابة على دستورية القوانين واللوائح.
تفسير النصوص التشريعية التي تثير خلافًا في التطبيق.
الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي.
الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين.
تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقًا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافًا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها.

حيث يجوز للمحكمة في جميع الحالات أن تقضي بعدم دستورية أي نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وذلك بعد اتباع الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية. وبيّن القانون كيفية توصيل الدعوى للمحكمة في صورها المختلفة وكيفية تحضيرها ونظرها حتى إصدار الحكم فيها.

وللمحكمة الدستورية العليا أنشطتها في المجال الدولي؛ كعضويتها في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العليا، وكونها عضوًا مراقبًا في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية الأوروبية، وكذلك عضوًا مراقبًا لاتحاد المحاكم الدستورية لدول أمريكا اللاتينية.

إجراءات التقاضي فيها

تسري الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، وذلك بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها. وتتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
طريقة الإحالة: إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة.
طريقة الدفع: إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجّلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع موعدًا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الموعد المحدد اعتبر الدفع كأن لم يكن.

يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدّعى بمخالفته وأوجه المخالفة. ولكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى. ويجب أن يبيّن في الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التي نظرته وما اتخذته كل منها في شأنه. ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه. ولكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين. ويجب أن يبين في الطلب النزاع القائم حول التنفيذ، ووجه التناقض بين الحكمين. ولرئيس المحكمة أن يأمر بناء على طلب ذوي الشأن بوقف تنفيذ الحكمين أو أحدهما حتى الفصل في النزاع.

يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره، وما أثاره من خلاف في التطبيق ومدى أهميته التي تستدعي تفسيره تحقيقًا لوحدة تطبيقه.

يجب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعًا عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو بهيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل حسب الأحوال، وأن يرفق بالطلب صورة رسمية من الحكمين الذين وقع في شأنهما التنازع أو التناقض وإلا كان الطلب غير مقبول. ويقيد قلم الكتّأب قرارات الإحالة الواردة إلى المحكمة والدعاوى والطلبات المقدمة إليها في يوم ورودها أو تقديمها في سجل يخصص لذلك. وعلى قلم الكتّأب إعلان ذوي الشأن عن طريق قلم المحضرين بالقرارات أو الدعاوى أو الطلبات سالفة الذكر في مدى خمسة عشر يومًا من ذلك التاريخ. وتعتبر الحكومة من ذوي الشأن في الدعاوى الدستورية. ويعتبر مكتب المحامي الذي وقع على صحيفة الدعوى أو الطلب محلاً مختارًا للطالب ومكتب المحامي الذي ينوب عن المطلوب ضده في الرد على الطلب محلاً مختارًا له، وذلك ما لم يعين أي من الطرفين لنفسه محلاً مختارًا لإعلانه فيه. ولكل من تلقى إعلانًا بقرار إحالة أو بدعوى أو يودع قلم كتّأب المحكمة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إعلانه مذكرة بملاحظاته مشفوعة بالمستندات. ولخصمه الرد على ذلك بمذكرة ومستندات خلال الخمسة عشر يومًا التالية لانتهاء الميعاد. فإذا استعمل الخصم حقه في الرد كان للأول التعقيب بمذكرة خلال الخمسة عشر يومًا التالية. ولا يجوز لقلم الكتّأب أن يقبل بعد انقضاء المواعيد المبينة في المادة السابقة أوراقًا من الخصوم، وعليه أن يحرر محضرًا يثبت فيه تاريخ تقديم هذه الأوراق واسم مقدمها وصفته.

يعرض قلم الكتّأب ملف الدعوى أو الطلب على هيئة المفوضين في اليوم التالي لانقضاء المواعيد المبينة سابقًا. وتتولى الهيئة تحضير الموضوع، ولها في سبيل ذلك الاتصال بالجهات ذات الشأن للحصول على ما يلزم من بيانات أو أوراق، كما أن لها دعوة ذوي الشأن لاستيضاحهم ما ترى من وقائع وتكليفهم بتقديم مستندات ومذكرات تكميلية وغير ذلك من إجراءات التحقيق في الأجل الذي تحدده. ويجوز للمفوّض أن يصدر قرارًا بتغريم من يتسبب في تكرار تأجيل الدعوى مبلغًا لا يجاوز عشرين جنيهًا ويكون قراراه في هذا الشأن نهائيًا، كما يجوز له إقالته من هذه الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذرًا مقبولاً. وتودع هيئة المفوضين بعد تحضير الموضوع تقريرًا تحدد فيه المسائل الدستورية والقانونية المثارة ورأي الهيئة فيها مسببًا. ويجوز لذوي الشان أن يطّلعوا على هذا التقرير بقلم كتّأب المحكمة ولهم أن يطلبوا صورة منه على نفقتهم.ويحدد رئيس المحكمة خلال أسبوع من إيداع التقرير تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى أو الطلب. وعلى قلم الكتّأب إخطار ذوي الشأن بتاريخ الجلسة بكتاب مسجل بعلم الوصول. ويكون ميعاد الحضور خمسة عشر يومًا على الأقل ما لم يأمر رئيس المحكمة في حالة الضرورة، وبناء على طلب ذوي الشأن بتقصير هذا الميعاد إلى ما لا يقل عن ثلاثة أيام. ويعلن هذا الأمر إليهم مع الإخطار بتاريخ الجلسة.[24] ويجب حضور أحد أعضاء هيئة المفوضين جلسات المحكمة ويكون من درجة مستشار على الأقل.

يقبل للحضور أمام المحكمة المحامون المقبولون للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا. ويكون الحاضر عن الحكومة من درجة مستشار على الأقل بهيئة قضايا الدولة. وتحكم المحكمة في الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة. فإذا رأت ضرورة المرافعة الشفوية فلها سماع محامي الخصوم وممثل هيئة المفوّضين، وفي هذه الحالة لا يؤذن للخصوم أن يحضروا أمام المحكمة من غير محام معهم. وليس للخصوم الذين لم تودع بأسمائهم مذكرات وفقًا لحكم المادة الحق في أن ينيبوا عنهم محاميًا في الجلسة. وللمحكمة أن ترخّص لمحامي الخصوم وهيئة المفوّضين في إيداع مذكرات تكميلية في المواعيد التي تحددها.

ولا تسري على الدعاوى والطلبات المعروضة على المحكمة قواعد الحضور أو الغياب المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

طبيعة أحكامها
تصدر أحكام المحكمة وقراراتها باسم الشعب.
تفصل المحكمة من تلقاء نفسها في جميع المسائل الفرعية.
أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن.
أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية، وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ صدورها. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدّعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص. فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقًا بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه.
تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها. وتسري على هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها. ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة.
تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة فيما لم يرد به نص في هذا القانون القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات.

شؤونها المالية

يفرض رسم ثابت مقداره خمسة وعشرون جنيهًا على الدعاوى الدستورية. ويشمل الرسم المفروض جميع الإجراءات القضائية الخاصة بالدعوى شاملة إعلان الأوراق والأحكام. ويجب على المدعي أن يودع خزانة المحكمة عند تقديم صحيفة هذه الدعوى كفالة مقدارها خمسة وعشرون جنيهًا. وتودع كفالة واحدة في حالة تعدد المدعين إذا رفعوا دعواهم بصحيفة واحدة. وتقضي المحكمة بمصادرة الكفالة في حالة الحكم بعدم قبول الدعوى أو رفضها. ولا يقبل قلم الكتّأب صحيفة الدعوى إذا لم تكن مصحوبة بما يثبت هذا الإيداع.

ويعفى من الرسم كله أو بعضه ومن الكفالة كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن الدفع بشرط أن تكون الدعوى محتملة الكسب. ويفصل رئيس هيئة المفوّضين في طلبات الإعفاء وذلك بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقول الطالب وملاحظات قلم الكتّأب ويكون قراراه في ذلك نهائيًا. ويترتب على تقديم طلب الإعفاء قطع الميعاد المحدد لرفع الدعوى بعدم الدستورية.

تسري على الرسوم والمصروفات، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، الأحكام المقررة بالقانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية في المواد المدنية وفي قانون المرافعات المدنية والتجارية.وتكون للمحكمة موازنة سنوية مستقلة، تعد على نمط الموازنة العامة للدولة، وتبدأ ببداية السنة المالية لها وتنتهي بنهايتها. ويتولى رئيس المحكمة إعداد مشروع الموازنة لتقديمه إلى الجهة المختصة بعد بحثه وإقراره من الجمعية العامة للمحكمة. وتباشر الجمعية العامة للمحكمة السلطات المخوّلة لوزير المالية في القوانين واللوائح بشأن موازنة المحكمة، كما يباشر رئيس المحكمة السلطات المخولة لوزير التنمية الإدارية ولرئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة. وتسري على موازنة المحكمة والحساب الختامي فيما لم يرد به نص في هذا القانون أحكام قانون الموازنة العامة للدولة.

تطوّرها التاريخي

ظهرت مطالب لرقابة القضاء على دستورية القوانين في مصر على المستوى الفقهي والقضائي قبل أن تطرح تشريعيًا بفترة زمنية طويلة.

حيث أيّد الفقه حق المحاكم في مراقبة دستورية القوانين التي تعمل بها والامتناع عن العمل بها في النزاع المعروض عليها دون التعرّض للقانون ذاته أو الحكم ببطلانه. وكان أول ظهور لهذا الرأي في محاضرة ألقيت سنة 1920 بعنوان "مهمة السلطة القضائية في المسائل الدستورية بالولايات المتحدة ومصر". وقد حرّك هذا الرأي جدلاً فقهيًا واسعًا أسفر عن إقرار أغلب رجال الفقه لحق القضاء المصري في رقابة دستورية القوانين. استنادًا إلى مبدأ شرعية القوانين، واستنادًا إلى أن صيانة القانون تدخل في نطاق عمل القاضي، ونظرًا إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات يحتّم أن تكون هناك جهة قضائية ينوط بها الرقابة على مدى مشروعية القانون، بينما رفض القليل من رجال الفقه منح المحاكم هذا الحق.

ومع ذلك لم يتّخذ القضاء المصري أسلوبًا لتنظيم سلطته في الرقابة على مدى مشروعية القوانين عقب صدور دستور 1932.

المرحلة الأولى: سنة 1924

ظهرت على سطح الحياة القضائية لأول مرة مسألة ما لدى القوانين من دستورية في عام 1924 أمام محكمة جنايات الإسكندرية، وذلك أثناء نظرها للطعن المقدّم من هيئة الدفاع الخاصة بمجموعة من المواطنين وجّهت إليهم النيابة العامة تهم بنشر أفكار ثوريّة تطالب بتغيير الحياة السياسية والاجتماعية في مصر، وذلك في المدة ما بين عامي 1923 و1924 في الإسكندرية ومدن أخرى، فحكمت المحكمة حضوريًا على المتهمين بالسجن ثلاث سنوات استنادًا إلى المادة 151 من قانون العقوبات، فطعن دفاع المتهمين على هذا الحكم على أساس أنّ المادة المذكورة تخالف المادة 14 من الدستور.

المرحلة الثانية: سنة 1925

صدر تعديل لقانون الانتخابات أثناء فترة حلّ البرلمان في سنة 1925، فرفض بعض العمد والمشايخ استلام الدفاتر الخاصة بالانتخاب وقاموا بالإضراب عن العمل، فأمرت النيابة العامة بسرعة ضبطهم وإحضارهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة عدم تنفيذ الأوامر الحكومية الصادرة إليهم من رؤسائهم القانونيين، وقد أوردت هيئة الدفاع عن هؤلاء المتهمين في دفاعها أنّ القانون الانتخابات المعدّل غير دستوري؛ لصدوره أثناء غيبة البرلمان، وعليه فإن امتناعهم عن عمل نشأ من هذا القانون غير المشروع أمرًا لا يصح معاقبتهم من أجله، فحكمت المحكمة حضوريًا في سنة 1926 بتغريم كل من المتهمين مبلغ عشرة جنيهات مصرية فقط لا غير؛ لمخالفتهم الأوامر الرسمية التي صدرت إليهم.

وقد ورد في منطوق حكم المحكمة، أثناء نظرها للطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات، الآتي:

اتّفق علماء الدستورية، أنه مع اعترافهم بحق المحاكم في تقدير دستورية القوانين لا يخولونها حق إلغاء هذه القوانين غير الدستورية إعمالاً لنظرية فصل السلطات؛ بل كل ما للمحاكم هو أن تمتنع عن تنفيذ قانون لعدم دستوريته، وبدون أن يغير ذلك من قيام القانون المذكور واحتمال أن تحكم محاكم أخرى بدستوريته.



المرحلة الثالثة: سنة 1941

أصدرت محكمة مصر الأهلية في سنة 1941 حكمًا تاريخيًا يقضي بحق المحاكم في الرقابة على ما لدى القوانين من دستورية، وذلك انطلاقًا من وجود قانونين يجري العمل بهما في الحياة القانونية للبلاد؛ فهناك القانون العادي الذي تسير به الأمور في المحاكم المصرية ويستخدمه القاضي لحل النزاعات المعروضة أمامه، وهناك الدستور وهو أعلى القوانين في مصر. والقاضي مطالب باحترام القانونين أثناء نظره لأي دعوى. ولكن إذا تعارض نص من نصوص القانون العادي مع نص من نصوص الدستور، يجب على القاضي في هذه الحالة ترجيح النص الدستوري على نص القانون العادي؛ لسموّ الدستور.

المرحلة الرابعة: 1948

نتيجة لجهود فقهاء القانون في مصر من أجل رقابة القضاء على ملائمة القوانين للدستور، أصدرت محكمة القضاء الإداري في 1948 حكمًا اعتبره الكثيرون، بحق، مسار تغيير جذري لرقابة القضاء المصري على دستورية القوانين المتداولة في القطر المصري. فبعد هذا الحكم صار جليًا للكافة مدى أحقيّة القضاء في التصدّي للقوانين غير الدستورية.

وأسست المحكمة حكمها السابق على أساس أن القانون المصري لا يمنع، شكلاً أو موضوعًا، المحاكم المصرية من تولي مهام الرقابة المطلوبة، فالرقابة بهذا الشكل تعدّ خير تطبيق لمبدأ الفصل بين السلطات. كذلك اعتمدت المحكمة في حكمها على السلطة التقديرية التي تتمتع بها المحاكم المصرية في مواجهة الدعاوى التي تفصل فيها؛ وتتمثّل تلك السلطة التقديرية في إهمال المحكمة لقانون عادي يتعارض مع مادة من مواد الدستور.
[عدل]
المرحلة الخامسة: عام 1953

ظلّ الوضع القضائي في مصر كما هو عقب حكم محكمة القضاء الإداري، حتى قامت ثورة يوليو سنة 1953، فوضعت مشروعًا لدستور جديد بدلا من دستور 1923 أطلق عليه مشروع لجنة الخمسين. ونص المشروع على إنشاء محكمة عليا تكون لها سلطة الرقابة على دستورية القوانين، وكان ذلك المشروع يمثل أول محاولة تتحقق على الواقع العملي لإنشاء المحكمة العليا في مصر تبسط رقابتها على القوانين.

حدد المشروع عدد قضاة المحكمة العليا المزمع تأسيسها بألا يتجاوز تسعة قضاة بأي حال من الأحوال، وأن يتم اختيار هؤلاء القضاة من بين أساتذة القانون بكليات الحقوق المصرية ومن مستشاري المحاكم الأخرى ومن المحلّفين لدى محكمة النقض المصرية. وبدأ مشروع لجنة الخمسين يتّخذ، فعليًا، حيّز التنفيذ. ولكن تم إجهاض المشروع على يد رجال الثورة الذين تجاهلوه وأعدّوا مشروع مختلف للدستور الجديد.

المرحلة السادسة: سنة 1969

أصدر الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة قرار بالقانون 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا التي تأسست فعليًا في عام 1970، وتولت مهمة الرقابة الدستورية. ويرى الكثير من الفقهاء أن ذلك القرار قد عوّض، وبشكل كبير، عن الفشل الذي أصاب مشروع لجنة الخمسين. ظلت المحكمة العليا تمارس مهامها الدستورية الموكلة إليها حتى تأسيس المحكمة الدستورية العليا في 1979.
[عدل]
المرحلة السابعة: سنة 1971

ظهرت تسمية "المحكمة الدستورية العليا"، بصدور دستور 1971، على المحكمة التي تنظّم رقابة دستورية القوانين. وجعلها هيئة قضائية مستقلة.

بعد ذلك صدر قانون المحكمة الدستورية العليا بالقانون رقم 48 لسنة 1979. ونظّم القانون عمل المحكمة، وتشكيلها، واختصاصاتها؛ لضمان استقلالها عن السلطة التنفيذية.

مبنى المحكمة

مبنى المحكمة في حي المعادي بالقاهرة الكبرى.

يقع مبنى المحكمة الدستورية العليا في كورنيش النيل بالمعادي بالقاهرة الكبرى، على مساحة أربعة آلاف متر مربع، ويتكون من أربعة أدوار، بالإضافة إلى قاعات الجلسات والمؤتمرات، ومكتب رئيس المحكمة و33 مكتبًا للمستشارين، ومكتبة قضائية تحوي على كتب ومراجع قانونية.

ويجمع مبنى المحكمة في شكله بين العمارة المصرية القديمة وبين الطراز المعماري المعاصر. فكأنه بذلك يعبّر عن الطراز المعماري القديم برؤية معاصرة. حيث بني مبنى المحكمة الدستورية العليا على طراز معبد الأقصر على 14 مسلة فرعونية بالدور الأرضي، و14 مسلة من الطابق الأول حتى الطابق الرابع، وهو ما يماثل تصميم المعابد المصرية من حيث الأعمدة والتيجان المزيّنة بزهرة اللوتس والبردي. ويبلغ ارتفاع الأعمدة 28 متر، كما توجد نافورة على شكل زهرة اللوتس.

كذلك تتضمّن المحكمة لوحات زجاجية تتوافق مع تصميم مبنى المحكمة بشكله الفرعوني القديم.

مأزق دستوري بسبب الموقع الجغرافي



صدر عن التقسيم الجديد لمحافظات إقليم القاهرة الكبرى استحداث محافظتين جديدتين هما: حلوان، والسادس من أكتوبر بتاريخ 18 إبريل 2008، وبعد صدور القرار الخاص بإنشاء محافظة حلوان‏ فوجئت المحكمة بأن مقرها الواقع علي كورنيش النيل وضمن دائرة حي البساتين قد أصبح تابعا جغرافيا لمحافظة حلوان‏ وليس للقاهرة العاصمة‏ مما يشكل مخالفة دستورية‏ حيث ينص الدستور علي أن تقع المحكمة في العاصمة، والنص موجود في الفصل الخامس من الباب الخامس من الدستور تحت مسمى "المحكمة الدستورية العليا"، المادة رقم 174 والتي تنص على:
المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، في جمهورية مصر العربية، مقرها مدينة القاهرة.



ولحلّ هذه المشكلة، تدخل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك لحسم المأزق الدستوري بتاريخ 21 إبريل 2008، وأعلن أن الدستور ينص على أن المحكمة يجب أن تقع في العاصمة، وأصدر قرارًا بإعادة تبعية المحكمة إداريا لمحافظة القاهرة.

التعيين فيها

يشترط فيمن يعيّن مستشارًا بالمحكمة العليا أن تتوافر فيه الشروط العامة اللازمة لتولى القضاء طبقًا لأحكام قانون السلطة القضائية، وألا تقل سنه عن ثلاث وأربعين سنة ميلادية. ويكون اختياره من بين الفئات الآتية:
المستشارين الحاليين أو من في درجتهم من أعضاء الهيئات القضائية المختلفة ممن أمضوا في وظيفة مستشار أو ما يعادلها مدة ثلاث سنوات على الأقل.
من سبق لهم شغل وظيفة مستشار أو ما يعادلها في الهيئات القضائية لمدة ثلاث سنوات على الأقل.
المشتغلين بتدريس القانون بجامعات جمهورية مصر العربية في وظيفة أستاذ لمدة ثماني سنوات على الأقل.
المحامين الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا لمدة ثماني سنوات على الأقل.

يعين رئيس المحكمة الدستورية العليا بقرار من رئيس الجمهورية، ومن بين أعضاء المحكمة العليا أو من غيرهم ممن تتوافر فيهم شروط التعيين المبينة سلفًا. ويجوز تعيين رئيس المحكمة دون تقيد بسن التقاعد.[54] ويكون تعين نواب رئيس المحكمة ومستشاريها بقرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للقضاء. ويحدد قرار التعيين الوظيفة والأقدمية فيها. ويكون تعيين رئيس المحكمة العليا ونوابه والمستشارين لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. ويحلف أعضاء المحكمة العليا قبل مباشرة وظائفهم يمينًا بأن يحكموا بالعدل وأن يحترموا القانون. ويكون حلف رئيس المحكمة اليمين أمام رئيس الجمهورية. ويكون حلف نواب رئيس المحكمة ومستشاريها أمام رئيس المحكمة العليا.

ملاحظات
أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل. ولكن إذا فقد أحدهم الثقة والاعتبار أو أخل إخلالاً جسيمًا بواجبات وظيفته فإنه يجوز إحالته إلى المعاش بقرار من رئيس الجمهورية بناء على تحقيق تجريه معه المحكمة. ويعتبر في إجازة حتمية من تاريخ قرار رئيس المحكمة بإحالته إلى التحقيق لحين البتّ فيه.
تسري الأحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض على أعضاء المحكمة الدستورية.
لا يجوز ندب أو إعارة أعضاء المحكمة إلا للأعمال القانونية بالهيئات الدولية أو الدول الأجنبية أو للقيام بمهام علمية.
تكون جلسات المحكمة العليا علنية إلا إذا أمرت المحكمة بجعلها سرية مراعاة للآداب أو محافظة على النظام العام أو في الأحوال الأخرى التي يحددها القانون. ويكون النطق بالحكم في جميع الأحوال في جلسة علنية. وتسري على الأحكام التي تصدرها المحكمة العليا ونظام الجلسات القواعد المطبقة أمام محكمة النقض.
تكون أحكام المحكمة العليا وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.
يقبل للمرافعة أمام المحكمة العليا المحامون المقبولون أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا.
يكون للمحكمة العليا كبير كتّأب، ووكيل له، وعدد كاف من رؤساء الأقلام، والكتاب، والمترجمين، وغيرهم من العاملين. وتسري في شأن هؤلاء العاملين الأحكام العامة للعاملين المدنيين في الدولة. ويكون لرئيس المحكمة العليا بالنسبة لهم سلطات الوزير ووكيل الوزارة المنصوص عليها في القوانين واللوائح.
تشكل بالمحكمة لجنة لشئون العاملين بها من ثلاثة من المستشارين فيها يختارهم رئيس المحكمة ومن كبير كتّأب المحكمة ووكيله، وتختص هذه اللجنة باقتراح كل ما يتعلق بشئون العاملين بالمحكمة من تعيين ونقل وترقية وعلاوات.
تسري في شأن عدم صلاحية عضو المحكمة، وتنحيه ورده ومخاصمته، نفس الأحكام المقرر بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض. وتفصل المحكمة الدستورية العليا المصرية في طلب الرد ودعوى المخاصمة بكامل أعضائها ماعدا العضو المشار إليه، ومن يقوم لديه عذر. ولا يقبل رد أو مخاصمة جميع أعضاء المحكمة أو بعضهم بحيث يقل عدد الباقين منهم عن سبعة.[59]
ينشأ بالمحكمة صندوق تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكالة الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة وهيئة المفوضين بها وأسرهم. وتؤول إلى هذا الصندوق حقوق والتزامات الصندوق المنشأ. ولا يجوز لمن ينتفع من هذا الصندوق الانتفاع من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية.[60]
تختص المحكمة دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات بالنسبة لأعضاء المحكمة أو المستحقين عنهم. وتختص، كذلك، بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم وكذلك طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات.[61]
[عدل]
الجمعية العامة للمحكمة

تؤلف الجمعية العامة للمحكمة من جميع أعضائها. ويحضر اجتماعاتها رئيس هيئة المفوضين أو أقدم أعضائها. ويكون له صوت معدود في المسائل المتعلقة بالهيئة.[62]. وتختص الجمعية العامة بالنظر في المسائل المتعلقة بنظام المحكمة وأمورها الداخلية وتوزيع الأعمال بين أعضائها وجميع الشئون الخاصة بهم. ويجوز لها أن تفوّض رئيس المحكمة أو لجنة من أعضائها في بعض ما يدخل في اختصاصاتها. ويجب أخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بالمحكمة.[63].

تجتمع الجمعية العامة بدعوة من رئيس المحكمة أو بناء على طلب ثلث عدد أعضائها، ولا يكون انعقادها صحيحًا إلا بحضور أغلبية الأعضاء. ويرأس الجمعية رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه، ويكون التصويت علانية ما لم تقرر الجمعية العامة أن يكون سرًا.[64]

وتصدر الجمعية قراراتها بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين، وإذا تساوت الأصوات يرجح رأي الجانب الذي منه الرئيس ما لم يكن التصويت سرًا فيعتبر الاقتراح مرفوضًا. وتثبت محاضر أعمال الجمعية العامة في سجل يوقعه رئيس الجمعية وأمين عام المحكمة.[65] وتؤلف لجنة الشئون الوقتية بقرار من الجمعية العامة، وذلك برئاسة رئيس المحكمة وعضوية اثنين أو أكثر من الأعضاء تتولى اختصاصات الجمعية العامة في المسائل العاجلة أثناء العطلة القضائية للمحكمة.[66]
[عدل]
هيئة المفوّضين لدى المحكمة

هي هيئة داخل المحكمة تتألّف من رئيس المحكمة وعدد كافي من المستشارين والمستشارين المساعدين. ويحل محل الرئيس عند غيابه الأقدم من أعضائه، ويتولى رئيس الهيئة تنظيم العمل بها والإشراف عليها.[67]

يشترط فيمن يعيّن رئيسًا لهيئة المفوضين ذات الشروط المقررة لتعيين أعضاء المحكمة. ويشترط فيمن يعين مستشارًا أو مستشارًا مساعدًا بالهيئة ذات الشروط المقررة في قانون السلطة القضائية لتعيين أقرانهم من المستشارين بمحاكم الاستئناف أو الرؤساء بالمحاكم الابتدائية على حسب الأحوال.[68] ويعين رئيس وأعضاء الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس المحكمة وبعد أخذ رأي الجمعية العامة. ويكون التعيين في وظيفة رئيس الهيئة والمستشارين بها بطريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة. ولرئيس المحكمة ندب أعضاء من الهيئات القضائية للعمل بهيئة المفوضين ممن تنطبق عليهم أحكام الفقرة الثانية، وذلك بعد أخذ رأي الجمعية العامة وطبقًا للإجراءات المنصوص عليها في قانون الهيئة التي ينتمون إليها.[69]

يؤدي رئيس وأعضاء هيئة المفوّضين قبل مباشرتهم أعمالهم اليمين التالية أمام الجمعية العامة للمحكمة:[70]

"أقسم بالله العظيم أن احترم الدستور والقانون، وأن أؤدي عملي بالأمانة والصدق"



رئيس وأعضاء هيئة المفوضين غير قابلين للعزل، ولا يجوز نقلهم إلى وظائف أخرى إلا بموافقتهم. وتسري في شأن ضماناتهم وحقوقهم وواجباتهم وإحالتهم إلى التقاعد وإجازاتهم والمنازعات المتعلقة بترقياتهم ومرتباتهم ومكافآتهم ومعاشاتهم، هم وسائر المستحقين عنهم، ذات الأحكام المقرر بالنسبة لأعضاء المحكمة.[71]
[عدل]
إحصائيات المحكمة

إحصائية إجمالية بالقضايا المحكوم فيها منذ إنشاء المحكمة حتى 30 إبريل 2008.[72]السنة القضائية إجمالي القضايا قضايا دستورية قضايا تنازع قضايا تفسير
الأولى 1979 62 31 26 4
الثانية 1980 52 41 6 5
الثالثة 1981 87 82 2 2
الرابعة 1982 170 150 15 3
الخامسة 1983 160 150 6 2
السادسة 1984 149 136 7 1
السابعة 1985 60 47 6 1
الثامنة 1986 49 28 15 3
التاسعة 1987 62 38 20 0
العاشرة 1988 47 39 4 0
الحادية عشر 1989 56 40 12 0
الثانية عشر 1990 122 104 9 0
الثالثة عشر 1991 80 65 9 1
الرابعة عشر 1992 44 26 9 0
الخامسة عشر 1993 52 37 11 1
السادسة عشر 1994 62 39 17 0
السابعة عشر 1995 115 83 24 2
الثامنة عشر 1996 171 131 13 0
التاسعة عشر 1997 242 181 10 0
العشرون 1998 254 159 13 0
الحادية والعشرون 1999 292 174 34 0
الثانية والعشرون 2000 224 128 17 0
الثالثة والعشرون 2001 428 280 17 0
الرابعة والعشرون 2002 369 165 16 1
الخامسة والعشرون 2003 331 113 10 0
السادسة والعشرون 2004 275 22 8 0
السابعة والعشرون 2005 323 11 1 0
الثامنة والعشرون 2006 83 67 14 0
التاسعة والعشرون 2007 222 169 50 0
الثلاثون 2008 332 271 57 0
الإجمالي العام 4975 3007 458 26

[عدل]
أحدث الأحكام لعام 2008[73]

الطعن رقم 241 لسنة 24 ق دستورية جلسة 3 فبراير 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الحكم رقم 70 لسنة 28 ق دستورية جلسة 2 مارس 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما نصت عليه من أنه "وللجهة الإدارية المختصة تحصيل مستحقات وحدات التعاون الإسكاني لدى الأعضاء بطريق الحجز الإداري، ولها في سبيل ذلك أن تستعين بغير مقابل بالأجهزة الحكومية أو المحلية"، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الحكم رقم 279 لسنة 25 ق دستورية جلسة 2 مارس 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 102 من لائحة نظام العاملين المدنيين بجهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة بوزارة الدفاع، الصادر بقرار رئيس مجلس إدارة جهاز الخدمات العامة رقم 1 لسنة 1985، فيما تضمنته من حرمان العامل من المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية بما لا يجاوز ثلاثة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.

الطعن رقم 214 لسنة 28 ق دستورية جلسة 6 إبريل 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 65 من لائحة العاملين ببنك ناصر الاجتماعي الصادر بقرار مجلس إدارة البنك بتاريخ 6 يناير 1980، وقبل تعديلها بقرار مجلس إدارة البنك في 21 فبراير 2001، فيما تضمّنه من وضع حدّ أقصى للمقابل النقدي لرصيد الإجازات السنوية لا يجاوز أجر أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل.

الطعن رقم 33 لسنة 23 ق دستورية جلسة 4 مايو 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، فيما نصت عليه من نقل أعيان الوقف (بعد وفاة الواقف الأصلي) إلى المستحقين الحاليين فيه، ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق، دون باقي ورثة الواقف.

الطعن رقم 116 لسنة 27 ق دستورية جلسة 4 مايو 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر؛ فيما تضمّنه من عدم اشتراط موافقة المؤجر عند تغيير المستأجر استعمال جزء من العين المؤجرة إلى غير غرض السكنى، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن رقم 20 لسنة 27 ق دستورية جلسة 8 يونيو 2008: حكمت المحكمة أولاً: بعدم دستورية ما نص عليه البند 2 من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 2004؛ بزيادة المعاشات، من أن تكون الزيادة في المعاش بحدّ أقصى ستين جنيهًا شهريًا، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة. ثانيًا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخيًا لإعمال أثره.

الطعن رقم 148 لسنة 28 ق دستورية جلسة 6 يوليو 2008: حكمت المحكمة أولاً: بعدم دستورية نص المادة 25 من قانون تنظيم هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 75 لسنة 1963، معدلاً بالقانونين رقمي 65 لسنة 1976، 10 لسنة 1986، فيما تضمّنه من:
أن يرأس لجنة التأديب والتظلمات؛ وهي تنظر في أمر عضو الهيئة الذي حصل على تقريرين متواليين بدرجة أقل من المتوسط أو أربعة تقارير بدرجة متوسط، ورئيس الهيئة؛ الذي رفع الأمر إلى وزير العدل.
أن تفصل اللجنة المشار إليها في هذا الطلب، ولو كان من أعضائها من شارك في فحص حالة العضو والتفتيش عليه.

ثانيًا: إلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
[عدل]
نظام المرتبات[56]
رئيس المحكمة العليا: يعامل معاملة الوزير من حيث المرتب وبدل التمثيل والمعاش.
نواب رئيس المحكمة: يعاملون معاملة رؤساء محاكم الاستئناف من حيث المرتب والمعاش.
المستشارون: يعينون بمرتب 1400 ج.م- 2000 ج.م بعلاوة 75 ج.م سنويًا.
يمنح كل من نواب رئيس المحكمة بدل طبيعة عمل قدره (400 ج.م سنويًا).
يمنح المستشار بدل طبيعة عمل قدره (300 ج.م سنويًا).

من الفقه الدستوري

ما أقصده بالفقه الدستوري هو المحاولات العلمية للتمعن والتدبر في مفاهيم ومصطلحات وقيم الدستور من أجل المساهمة في تأسيس نظام الحكم في الدولة، وسدّ النقص، وإدراك العيب فيه. فالدستور هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الدولة. وهوالعمود الفقري لنظام الحكم في الوطن. وهوالوثيقة التي تبين وتحدد العلاقات بين الحاكم والمحكوم. وعند الحديت عن الدستور. لعل من أهم الأسئلة التي يجب على كل المثقفين والسياسيين والنخب الوطنية الإجابة عليها هي الآتي:
1. ما هي ظروف وضع الدستور؟
2. ما هي أهم أنواع الدساتير؟
3. ما هي أهم طرق (أو أساليب) وضع الدستور؟
4. ما هي أهم القضايا التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها؟

أولا: ظروف وضع الدستور؟
بمعنى ما هو سبب (أو أسباب) وضع الدستور في دولة ما؟ لا شك أن أي دستور - سواء في قيمه، أو قواعده، أو طريقة وضعه، هو في الأصل نتاج للظروف العملية والموضوعية التي تحيط به. بمعنى أن دستور الدولة - أي دولة - في العادة هو انعكاس لفلسفتها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وفي العادة فإن قضية وضع الدستور يحددها مجموعة من الظروف لعل من أهمها:
(1) حدوث إنقلاب أوثورة في الدولة مما يؤذي إلى الإطاحة بالدستور القديم.
(2) نشأة دولة جديدة، أو تحصلها على استقلالها بعد أن كانت غير مستقلة.
(3) هزيمة دولة في حرب، وخضوعها لإرادة الدولة (أو الدول) المنتصرة، كما حدت على سبيل المثال لليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، والعراق بعد هزيمتها فيما عرف بحرب الخليج الثانية عام 2003.

ثانيا : أنواع الدساتير
1. مكتوب .. و .. غيرمكتوب
والسؤال هنا هو: هل لا بد أن يكون الدستور مكتوبا؟ والإجابة بالطبع لا. ولكن يستحب أن تكون دساتير اليوم مكتوبة، وذلك لأنه في العادة، الدساتير الغير مكتوبة تكون أكثر مرونة، وأقل استقرارا. وأيضا لأن الدساتير غير المكتوبة هي دساتيرعرفية (بمعنى أنه يغلب على قواعدها أن يكون العرف مصدرها). والدساتير العرفية لا توضع وضعا، ولا تدون في وثيقة واحدة، وفي العادة تكون نتاج لمرحلة تاريخية طويلة. ولعل من أهم وأشهر الدساتير الغير مكتوبة هو الدستور البريطاني؛ لأن غالبية قواعدة غير مدونة في وثيقة دستورية واحدة. وحتى قواعده الدستورية المدونة صدرت في شكل قوانين عادية عن طريق البرلمان، فهي قوانين دستورية من حيث مضمونها، ولكنها قوانين عادية من حيث شكلها.
2. شكلي .. و .. موضوعي
المعنى الشكلي للدستور ينصرف إلى الوثيقة الدستورية داتها ولايعدوها. فمفهوم الدستور وفقا لهذا المعنى هو أنه عبارة عن القواعد والمواد القانونية الواردة في الوثيقة التي تحوي النصوص الدستورية. بمعنى أن كل مبدأ أو قاعدة لا تتضمنها هذه الوثيقة لا يمكن اعتبارها قاعدة دستورية. أما المعنى الموضوعي للدستور فهو الذي ينظر إلى موضوع القاعدة لا إلى شكلها. ووفقا للمعنى الموضوعي فإن موضوع القاعدة هو الذي يحدد طبيعتها، وليس شكلها هو الذي يحدد ما إذا كانت القاعدة من طبيعه دستورية أم لا. والمشكلة الأساسية هنا هي أن أصحاب هذا الفهم للدستور لا يتفقون تمام الاتفاق على ماهية الموضوعات الدستورية، وإلى أي مدى يمكن تفسير القواعد القانونية.
3. مرن .. و .. غيرمرن
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدساتير الجامدة ليس بالضروري أن تكون مناقضة للتقدم والتطور، وإنما تعني مجرد صعوبة إدخال تعديلات عليها. أما الدساتير المرنة فهي التي يمكن تعديلها بسهولة. وفي العادة يتم تعديل نصوصها بذات الطريقة التي تعدل بها القوانين العادية، وبذات الأغلبية اللازمة لتعديل تلك القوانين.

ثالثاً : طرق (أو أساليب) وضع الدستور
1. المنحة :
تتم هذة العملية في العادة في الأنظمة الشمولية، أو في حالة سيطرة دولة على أخرى، كما حدث عندما سيطرت أمريكا على اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. ففي الأنظمة الشمولية - على سبيل المثال - يقوم الدكتاتور أوالملك بتنظيم سلطاته ليضفي على حكمه الصبغة الدستورية، والسلطات التي تصدرعلى هذا النحو يحرص "مانحوها" على أن يحتفظوا لأنفسهم بأغلب السلطات، وأن ينقلوا بعضها الآخر (وخصوصا الغير مهم أو السلبي) إلى ممثلي الشعب. والأمثلة على هذا النوع كثيرة. وما يقوم به الملوك العرب اليوم (وما يصرح به سيف القداافى للإعلام هذه الأيام) من محاولة إعطاء هامشا ديمقراطيا إلا نموذجا على ذلك. ولعل خير مثال على هذا الإجراء هو ما قامت به أمريكا عند سيطرتها على اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. إذ قام الجنرال دقلس ماكرتي القائد العام لقوات الحلفاء في المحيط الهادي خلال الحرب العالمة الثانية عندما أمر مساعدية عام 1946 بكتابة دستور جديد لليابان. وبالفعل قاموا بكتابته وأجبروا الشعب الياباني على الموافقة عليه عام 1947.(1)
ولعل من الطريف في هذا الدستورهوالمادة التاسعة فيه، والتي تنص على منع اليابان من الاشتراك في أي حرب إلى الأبد!!! إذ تنص هذة المادة على الآتي : "تأكيدا للسلام الدولي المؤسس على النظام والعدل، يدين الشعب الياباني الحرب إلى الأبد، ويتنازل عن حقه الوطني في التهديد باستخدام القوة كأذاة لحل النزعات الدولية."(2)
والعجيب أن أمريكا التي فرضت هذة المادة على الشعب الياباني عام 1947، ها هي اليوم تستجدي اليابان لمساعدتها في حفظ السلام العالمي !!

2. التعاقد :
وهذه الطريقة لوضع الدساتير تفترض أن السلطة التأسيسية تعبر عنها إرادتان: إرادة الحاكم أوالسلطة الحاكمة من جهة، وإرادة الشعب أو القوى السياسية في المجتمع من جهة أخرى. والذي يحدث في هذه العملية هو أن ممثلي الشعب وقواه السياسية يقومون بوضع مشروع دستور، ثم يعرضونه على السلطة الحاكمة التي توافق عليه بعد تعديله. وعند التقاء الإرادتين يتم وضع الدستور، ويعرض على الشعب للاستفتاء عليه. فعلى سبيل المثال في جنوب إفريقيا تم الاتفاق عام 1994 بين الأقلية الحاكمة، والأكثرية، على صياغة دستور لحكم البلاد. وهذا الاتفاق تم التوصل إليه بعد سنتين من التفاوض بين جميع الأطراف.(3)

3. الجمعية التأسيسية أو المؤتمرالدستوري (معينة أم مختارة)
وهي عبارة عن لقاء ممثلي الولايات أو المناطق أو القوى السياسية والاجتماعية التي ترغب في صياغة
الدستور. وهذه الطريقة تعني أن ممثلي الشعب المختارين مباشرة (أو المعينين) لغرض وضع الدستور، هم الذين قاموا بوضعه فعلاً. وأنه بمجرد إقرارهم للدستور في صياغته النهائية، يصبح الدستور بذاته نافذا دون أن يتوقف ذلك على إقرار من أحد. وتنتهي مهمة الجمعية التاسيسية (أو المؤتمر الدستوري) بانتهاء وضع وإقرار وإصدار الدستور.
والحقيقة أنه قد تم وضع أغلبية الدساتير بهذه الطريقة. ولعل الدستور الأمريكي الذي وضع فيما عرف بمؤتمر فيلادلفيا عام 1787 يعتير من أهم هذه الدساتير. لقد كان المؤتمر الدستوري لكتابة الدستور الأمريكي عام 1787 هو أطول المؤتمرات الدستورية في التاريخ. إذ استمر لمدة 116 يوما (من 25 مايو إلى 17 سبتمبر من عام 1787). وشارك في هذا المؤتمر 55 مندوبا من مجموع 74 مندوبا تم دعوتهم، يمثلون 12 ولاية من مجموع 13 ولاية – إذ أن ولاية رودارلند رفضت الحضور والمشاركة في هذا المؤتمر. والحقيقة أن المشاركين في هذا المؤتمر لم يكن واردا عند بدء اجتماعهم، ولا عند دعوتهم للاجتماع، أنهم سيضعون دستورا جديد للاتحاد. ولم يكونوا بالتالي مفوضين لوضع ذلك الدستور الذي يحكم أمريكا الآن. ولعل هذا ما دعا بعض المؤرخين إلى القول بأن الدستور الأمريكي وضع بطريقة غير شرعية.
لقد تم في هذا المؤتمر مناقشة مشروعين للدستور. المشروع (أو الورقة) الأولى قدمتها الولايات الكبيرة بقيادة ولاية فرجينيا، وقد تم رفض هذا المشروع من قبل الولايات الصغيرة. وكنتيجة لهذا؛ فقد قامت الولايات الصغيرة بقيادة ولاية نيوجرزي بتقديم مشروع مضاد، والذي تم رفضه أيضاً من قبل الولايات الكبيرة. مما أدى إلى استمرار النقاش والجدال بين الفريقين لأسابيع عديدة. وبعد فترة من النقاش والجدال، تم التوصل إلى حل وسط، عرف في التاريخ الأمريكي بمشروع كنيتكت أو "الحل العظيم"، والذي أدى إلى موافقة الجميع عليه، وأصبح دستور البلاد الذي يحكمها حتى يومنا هذا.

4. الدائرة المستديرة (أو لقاء المعارضة والحكومة)
هو أداة توفر لكل من المعارضة ونظام الحكم فرصة التفاوض والحوار البناء، من أجل الاتفاق على مشروع دستور جديد لكيف يتم حكم البلاد. وهذا التفاوض والحوار البناء يتم في شكل دائرة مستديرة للمفاوضات بين كل الفرقاء، كما حدث في أوروبا الشرقية وجنوب إفريقيا في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات. فقد قام الحزب الحاكم في بولندا - على سبيل المثال - بدعوة كل القوى السياسية في المجتمع، والتفاوض معها لصياغة دستور جديد، وقد استمرت هذه العملية حوالي تسع سنوات. بدأت عمليات التفاوض والإصلاح التدريجي للحكم الماركسي في بولندا عام 1989. وفي هذة السنة نجحت المفاوضات في القيام بإجراء تعديلات في الدستور، وكنتيجة لهذه التعديلات تم الاتفاق على أن تكون السلطة التنفيدية مشاركة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
ونتيجة لزيادة الضغط من القوى المعارضة، قام رئيس الجمهورية عام 1990 باقتراح تعديل جديد للدستور، وذلك بأن يتم انتخاب الرئيس عن طريق الشعب بدلاً من انتخابه عن طريق البرلمان؛ وكنتيجة لهذا التعديل استطاع مرشح المعارضة الفوز في انتخابات الرئاسة. وفي عام 1991 قام البرلمان - الذي سيطرت عليه المعارضة - بتشكيل لجنتين دستوريتين: واحدة في مجلس الشيوخ، والثانية في مجلس النواب. وفي عام 1992 نجحت المعارضة في إقناع البرلمان بالموافقة على ما أطلق علية بـ "الدستور الصغير"، وتم أيضاً اعتماد إجراءات من أجل كتابة دستور دائم للبلاد. وكنتيجة لهذه الإجراءات تم الموافقة على الدستورالدائم في استفتاء شعبي عام 1997.(4)
أما في جنوب إفريقيا، فلقد قام الحزب الحاكم (الحزب العنصري) بدعوة كل القوى السياسية الأساسية في المجتمع للجلوس على دائرة مستديرة، لصياغة دستور جديد. وقد أخدت عملية صياغة الدستور أكثر من سبع سنوات (من 1989 إلى 1996). فقد مرت أربع سنوات ما بين أول اجتماع بين زعيم المعارضة نلسن مانديلا زعيم المؤتمرالوطني الإفريقي، ورئيس الحكومة "بوثن" عام 1989. لقد تم في هذا اللقاء الاتفاق على كتابة دستور مؤقت، وإجراء أول انتخابات غيرعنصرية عام 1994. وفي عام 1993 اجتمعت كل القوى السياسية الرئيسية في البلاد (26 مجموعة سياسية) من أجل الاتفاق على صياغة دستور جديد لإنهاء العنصرية. ونظراً لأن هذة المجموعات كانت غير منتخبة من الشعب، فقد اتفقوا على أن يكون الدستور الذي وافقوا عليه بعد مفاوضات دامت ستة شهور هو مجرد "دستورا مؤقت". وقد اتفقوا أيضا على أن يكون هذا الدستور المؤقت هو الأساس والموازنة التي يجب اعتبارها والإلتزام بمبادئها عند كتابة الدستور الجديد. وبالفعل فقد تم في عام 1994 إجراء أول انتخابات برلمانية شارك فيها كل أبناء الشعب، وكانت نسبة المشاركة قد فاقت 86%. هذا وقد تم تكليف البرلمان الجديد بأن يقوم بدور الجمعية الدستورية التي ستكتب الدستور وفقا للمبادئ التي نص عليها الدستور المؤقت.(5)
وفي نوفمبر 1995 نجحت اللجنة الخاصة بكتابة الدستور في الاتفاق على الصباغه الأولى وفقا لشروط الدستور المؤقت الصادرعام 1994. وبعد نقاش طويل قامت الجمعية الدستورية بتقديمه إلى المحكمة العليا - كما اشترط الدستور المؤقت - لمراجعته. وفي المدة ما بين يوليو إلى سبتمبر 1996 قامت المحكمة العليا بمراجعة مواد الدستور المقترح، وأرجعتة إلى الجمعية الدستورية من أجل تعديله، وبالفعل قامت الجمعية بذلك.
وفي نوفمبر تم إرجاعه إلى المحكمة العليا بعد إجراء التعديلات عليه. وبالفعل قامت المحكمة العليا بالموافقة
على المشروع في ديسمبر من نفس السنة، واعتمده الرئيس نلسن مانديلا، وتم اعتماده كدستور دائم للبلاد.

رابعا: أهم القضايا الدستورية التي يجب التعامل معها :
(1) تحديد حريات وحقوق وواجبات المواطن.
(2). الفصل بين السلطات.
(3) علاقة الحاكمية بالمشروعية الدستورية
(4) علاقة السيادة القانونية بالرقابة الدستورية
(5) شكل الحكومة (برلمانية أم رئاسية).
(6) علاقة الدستور بالدستورية.

(1) تحديد حريات وحقوق وواجبات المواطن
القضية الاولى التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية " تحديد حريات وحقوق وواجبات المواطن." بمعنى ما هي أهم القضايا التي يجب الاتفاق عليها وتعريفها هي قضية الحريات ومجموع الحقوق التي يجب أن يتمتع بها والواجبات التي يجب ان يقوم بها كل انسان في الدوله. بمعنى ما هي أهم الحريات التي يجب الا تخضع لآي سلطة؟ وهل يحق للانسان ان يعمل ما يشي متى شاء واينما شاء. وما هي الحقوق التي يجب على السلطة توفيرها لكل مواطن؟ بمعنى هل التعليم المجاني - على سبيل المثال - حق لكل مواطن؟ وهل توفير العلاج لكل انسان من واجبات الدوله؟ وهل توفير السكن اللائق لكل محتاج من مهام المجتمع؟.
(2) الفصل بين السلطات
القضية الثانية التي يجب على الذين سيكتبون الدستورالتعامل معها هي قضية "الفصل بين السلطات"، والغرض الأساسي من الفصل بين السلطات هو منع الاستبداد، وتركز السلطة في يد مجموعة صغيرة من الأشخاص. ولعل من أشهر أنواع الفصل بين السلطات هو الفصل بين الوظائف في الحكومة الواحدة، وخصوصا الفصل بين الوظائف الرئيسية الثلات: التشريعية والتنفيدية والقضائية. بمعنى أن المسؤولين الذين يصنعون القوانين يجب ألا يكونوا هم الذين ينفذونها، والذين لهم حق تفسيرهذه القوانين يجب أن يكونوا مجموعة ثالثة. والسؤال المهم في هذا الصدد هو: إلى أي مدى يمكن فصل هذه السلطات؟ وهل يتعم الاكتفاء بمجرد الفصل بين هذه السلطات؟ والإجابة بالطبع لا، وذلك لأن فكرة الفصل بين السلطات يجب ألا يكون غاية في حدّ ذاتها. ولا بد لهذا الفصل لكي يكون ناجحا ومؤثرا أن يرتبط ببعضه البعض. ويمكن تحقيق ذلك بتطبيق مبدأ "المراقبة والاتزان"، وذلك بإعطاء كل سلطة الأدوات الدستورية الضرورية لمراقبة السلطات الأخرى، والمشاركة معها في اتخاد القرارات من أجل تحقيق التوازن.
ولعل أحسن مثال على ذلك هو ما أعطاه الدستور الأمريكي لرئيس الجمهورية من نقض قرارات مجلس التشريع (الكونجرس). وفي نفس الوقت إعطاء الحق لمجلس التشريع لإلغاء "حق النقض" إذا وافق المجلس بأغلبية الثلثين على القرار. ومن جهة أخرى أعطى الحق للمحكمة العليا لمراجعة كل القرارات لتأكد من دستوريتها. والحقيقة أنه إلى جانب مبدأ الفصل بين الوظائف، هناك العديد من الأساليب لتحقيق هذا الهدف. ولعل من أشهرها الأساليب التالية:
(أ) تعدد المجالس (ازدواج مجلسي البرلمان).
(ب) تعدد وسائل الاختيار (أساليب مختلفة لاختيار المسؤولين السياسيين).
(ج) اختلاف الفترات الانتخابية (أو التعيين).
(د) توزيع السلطات بين سلطاتين أوأكثر.
(أ) ازدواج مجلسي البرلمان : قد يتم لاغراض عدة لعل من أهمها: التمثيل الجغرافي، أوالتمثيل العددي، أو تمثيل الأجيال (العمر). ففي بعض الدول يتكون البرلمان من مجلس واحد، وفي البعض الآخر يتكون من مجلسين. وفي الحالة الأخيرة، يقال أن الدولة "تأخد بمبدا ازدواج مجلسي البرلمان. ويعد ازدواج مجلسي البرلمان - كما يرى بعض علماء الفقه الدستوري الفرنسي - أحد ضمانات الحريات في المجتمع".(6)
والحقيقة أن فكرة المجالس التشريعية من مجلسين لم تتكون اعتباطاً، ولا للرغبة في تأليف هيئات مختلفة العناصر. ففي العادة حينما تتكون الهيئة التشريعية من مجلسين، فإن أحد المجلسين يتكون من الأعضاء الأصغر سناً، ويسمى مجلس النواب، والمجلس الثاني يتكون من الأعضاء الأكبر سنا ويسمى عادة بمجلس الشيوخ. أو كما هو الحال في برلمان بريطانيا، فإن أحد المجلسين يضم أعضاء من الشعب، بينما الثاني يضم أعضاء من ذوي الثراء والنفوذ، والذين في الدولة. لقد نشأ البرلمان ذو المجلسين في انجلترا بسبب النزاع الذي كان قائما بين الملك وأمراء الأقاليم، وكان الملك هو صاحب السلطة المطلقة في البلاد، ولكن أمراء الأقاليم كانوا أصحاب سيادة على أقاليمهم، وكذلك كانت سلطة هؤلاء الأمراء قيدا على سلطة الملك..".(7)
(ب) أساليب مختلفة لاختيار المسؤولين السياسيين: وهذا الأسلوب لتحقيق الفصل بين السلطات، يقوم على أساس التركيز على الكيفية التي يتم بها حصول المسؤولين على وظائفهم، كأن يتم تعيين بعضهم، وانتخاب بعضهم الآخر.
(ج) اختلاف الفترات الانتخابية (أو التعيين): وهذا الأسلوب لتحقيق الفصل بين السلطات، يقوم على أساس اختلاف الفترات الزمنية التي يحق لكل مسؤول أن يبقى في منصبه بعد انتخابة أو تعيينه. فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة يتم انتخاب عضو مجلس النواب لمدة سنتين، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات، ويتم انتخاب عضو مجلس الشيوخ لمدة ست سنوات، ويتم تعيين عضو (قاضي) المحكمة العليا مدى الحياة. وهذا الاختلاف في الفترات الانتخابية (أو التعيين) يقود في العادة إلى الاستقرار في الحكم، ومنع السيطرة بسهولة من قبل أي مجموعة على السلطه.
(د) توزيع السلطات بين حكومتين أو أكثر: وهذا باختصار يعني وجود نظام حكم فدرالي تتم فيه توزيع السلطات بين الحكومة الفدرالية (المركزية)، والمحافظات (أو الولايات) بحيت تكون السلطة مشاركة بين كل الحكومات في الدولة.
(3) علاقة الحاكمية بالمشروعية الدستورية
القضية الثالتة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "علاقة الحاكمية بالمشروعية الدستورية." والمشروعية تعني ببساطة ان كل القوانيين لابد ان تكون مقبولة من قبل الشعب ولكي تكون مقبولة لابد ان تكون وفقا للدستور. بمعنى ان كل قانون يجب ان يكون موضع احترام من الجميع حتى من السلطة التي أصدرته وحتى من الذين لايتفقون مع غرضه أوهدفه. أما الحاكمية فاقصد بها هنا هي المرجعية التي نلجى لها عند الاختلاف في شي ما. وهذا يعني أحترام ما يطلق عليه "بالمشروعية الكلية،" أي احترام قاعدة التسلسل (أوالتدرج) في التصرفات القانونية وأحترام ما أفره الدستور. ومن جهة اخرى تعني ضرورة مطابقة
كل القوانين الصادرة عن الدولة ومؤساستها لنص الدستور.
(4) علاقة السيادة القانونية بالرقابة الدستورية
القضية الرابعة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "علاقة السيادة القانونية بالرقابة الدستورية". هذا يعني أن رقابة الدستور وسيادة القانون، هما أمران متلازمان. إذ بغير رقابة دستورية تفقد فكرة سمو الدستور معناها. والذي أعنيه بالرقابة القضائية هنا هو التأكيد على دستورية كل القوانين.
وعليه فلا بد من وضع ضمانات لتحقيق سيادة الدستور، وذلك بفرض رقابة دستورية على القوانين لمنع كل محاولات الاستبداد والطغيان، وتنظيم الرقابة الدستورية يمكن أن يتم بالآتي:
أ. المرجعية القضائية :
يعني حق السلطات القضائية في مراجعة القوانين والقرارات التنفيدية، لمعرفة مدى دستوريتها. فعلى سبيل المثال: في أمريكا أعطى الدستورالأمريكي المحكمة العليا الحق في النظر في أي قانون أو قرار إداري، والتأكد من دستوريته. وفي الهند أعطى الدستور الهندي المحكمة الدستورية العليا الحق في مراجعة (وإلغاء) حتى التعديلات الدستورية للدستور نفسه (هيجو 2002، 156).
ب. المرجعية السياسية :
وهذه الرقابة تفترض أن الدستور قد عهد إلى هيئة معينة لمباشرة هذه المهمة مثل: (أ) لجنة متخصصة منبتقة عن المجلس التشريعي كما هو الحال في بريطانيا. أو (ب) عن طريق إنشاء مجلس دستوري (خبراء) كما هو الحال في فرنسا وإيران.
(5) شكل الحكومة (برلمانية أو رئاسية أو ملكية)
القضية الخامسة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "شكل الحكومة".
وهذا يعني : كيف يتم تطبيق الديمقراطية؟ وما هي أهم المؤسسات والآليات الانتخابية التي يمكن استخدامها من أجل إنجاح النظام السياسي؟ وكيف يتم التمثيل؟ وباختصار كيف يتم الربط بين الحاكم والمحكوم؟ بمعنى ما هو شكل الحكم الذي يمكن تطبيقه؟ والحقيقة أن هناك نمادج عديدة لعل من أهمها الآتي:
أولا: النموذج الملكي الذي يقوم فيه الشعب بتنصيب شخص منهم كملك عليهم. ويقوم هذا الملك ومساعدوه بتمثيل الشعب، وإدارة شؤون البلاد نيابة عنهم. ويقوم النظام الملكي على أساس أن هناك شخصا أو عائلة لها الحق الذاتي في تولي الحكم. يمتد حكم الملك مدى الحياة، وتنتقل السلطة من بعده إلى أحد أولاده أو بناته جيلاً بعد جيل، بمقتضى قانون التوريث المنصوص عليه في الدستور. ولهذا النموذج من الحكم عدة أنواع كالملكية الاستبدادية، وتتميز بأن حكم الملك هو القانون. والملكية المطلقة، وتتميز بأن السلطة العليا تتجمع في يد الملك الذي يخضع للقانون، ولكن له أن يغيره بإرادته. والملكية الدستورية المقيدة، وتتميز بالتسليم بحق الشعب في مشاركة الملك مهمة الحكم والتشريع.
ثانيا: النموذج البرلماني، وهو الذي يقوم على أساس أن الشعب يختار ممثليه في المجلس التشريعي. ومن ثم يقوم المجلس التشريعي باختيار الحكومة ورئيس الوزراء. وهذا النمودج هو أكثر أنواع الحكم انتشارا في العالم. ولعل من أهم مزاياه الآتي: (أ) الشعب يختار المجلس التشريعي. (ب) المجلس التشريعي يختار ويوافق على الحكومة. (ج) في هذا النظام لا يوجد فصل بين السلطات. بمعنى أن البرلمان يملك حق التشريع، وحق التنفيذ للقرارات التي يشرعها. (د) على الحكومة أن تقدم سياساتها، وتتحمل مسئولياتها أمام المجلس. (هـ) من حق المجلس أن يسحب الثقة من الحكومة متى شاء.
ثالثا: أما النموذج الثالث، فهو النموذج الرئاسي الذي ترجح فيه كفة الرئيس، ولكن يوجد فصل واضح ما بين السلطات الثلات: التشريعية، والتنفيدية، والقضائية. بمعنى أن الرئيس في هذا النموذج لا يعتمد على البرلمان، لأن الرئيس يتم انتخابه عن طريق الشعب مباشرة. ومن جهة أخرى لا يستطيع البرلمان عزل الرئيس إلا إذا نص الدستور على ذلك. ولهذا يمكن اعتبار النظام الرئاسي أكثر استقرارا من النظام البرلماني. ولكن من أهم عيوب النظام الرئاسي في بعض الأحيان هو تصادم الرئيس مع البرلمان، خصوصاً عندما يكون الرئيس من كتلة
سياسية تختلف عن الكتلة السياسية المسيطرة على البرلمان.
(6) علاقة الدستور بالدستورية :
القضية السادسة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "علاقة الدستور بالدستورية". والدستورية تعني ضرورة أن تكون كل القواعد القانونية التي يسنها الجهاز التشريعي في الدولة متفقة مع أحكام الدستور وغير مخالفة له. كذلك يجب على الجهاز التنفيذي أن يكون دائما في حدود الأطر الدستورية. والدستورية هي العقيدة السياسية التي تقوم عليها الدولة، والفكرة التي يقوم عليها الحكم الدستوري. وبمعنى آخر هي مجموعة المثاليات والقيم التي تؤكد محدودية الحكومة، وحماية حقوق الإنسان في الدولة.
والدستورية هي أعم وأشمل من الدستور. فهي ليست كل ما هو مكتوب في الدستور فقط، وإنما تشمل كل ما لا يتعارض مع الدستور. بمعنى أنه قد توجد في المجتمع أشياء كثيرة سكت عنها الدستور، ولكنها دستورية. وهنا لا بد من الإشارة إلى وجود الدستور في بلد ما، لا يعني وجود الدستورية، بل قد يكون العكس هو الصحيح. وبمعنى أن الدول التي بها دساتير سيئة - في تصوري - هي أسوأ من الدول التي ليس بها دستور؛ وعليه فجوهر الدستورية هو أن سلطات الدولة لا بد أن تكون محدودة. والامتحان الدستوري الذي يجب استخدامه للحكم على صلاحية أي دستور، هو الذي يشترط توفر أربعة شروط لكي تتحقق الدستورية. هذه الشروط هي:
1. شرط التكوين أو التاسيس (بمعنى تأسيس السلطات).
2. شرط التنظيم (بمعنى تنظيم السلطات).
3. شرط التوزيع (بمعنى توزيع السلطات).
4. شرط التحديد (بمعنى تحديد السلطات).

الخاتمة
في اعتقادي أنه بالرغم من كل التحديات التي ستواجه الشعب، إلا أنه لا بديل عن الدستور في أي مجتمع يريد أن يعيش في أمن وأمان. وذلك لأن الدستور هو الميثاق الذي يمنح السلطة للسياسيين، وعن طريقه يمكن سحب هذه السلطة منهم. والدولة التي لا تملك دستورا، يملك السلطة فيها الأقوياء، وبدون حق. ولكي يكون الدستور دستورياً، لابد أن يقوم على أساس العدل، ومن أجل تحقيق إرادة الشعب، وهذا يتطلب إشراك كل المواطنين في العملية الدستورية، ولكي يتم إشراك الجميع، لا بد من إيجاد وعي وثقافة دستورية عالية. ولا بد من بذل كل الجهود التعليمية والتثقيفية، واستخدام كل أساليب وأدوات الإعلام والصحافة، وخصوصا الصحف والمجلات والإذاعات المرئية والمسموعة والإنترنت من أجل تحقيق هذا الهدف.

اختصاص المحاكم الوطنية


اختصاص المحاكم الوطنية
=================================
الطعن رقم  0021     لسنة 15  مجموعة عمر 5ع  صفحة رقم 42 
بتاريخ 10-01-1946
الموضوع : احوال شخصية للمسلمين    
 الموضوع الفرعي : اختصاص المحاكم الوطنية                           
فقرة رقم : 1
إن إختصاص المحاكم المختلطة بمسائل الأحوال الشخصية يتحقق بتوافر شرطين : الأول أن يكون طرفا الخصومة كلاهما أو أحدهما أجنبياً ، و الثانى أن يكون القانون الواجب التطبيق على النزاع قانوناً أجنبياً . أما المحاكم المصرية للأحوال الشخصية فتكون مختصة بالنسبة إلى الأجانب فى حالة ما يكون القانون الواجب التطبيق غير أجنبى أو فى حالة ما يكون هؤلاء الأجانب منتسبين إلى أديان و مذاهب أو ملل لها محاكم أحوال شخصية مصرية . و لما كان الإختصاص يتعين هكذا بالقانون الواجب التطبيق ، و كان القانون الواجب التطبيق فى المسائل الخاصة بعلاقات الزوجين - و منها النفقة - هو قانون بلد الزوج وقت الزواج ، و ذلك بنص المادة 28 من لائحة تنظيم المحاكم المختلطة و المادة 3 من القانون رقم 91 لسنة 1937 - لما كان ذلك كانت الدعوى التى يرفعها إيطالى على مطلقته لابطال نفقتها المحكوم بها عليه من إختصاص المحاكم المختلطة - دون المحاكم الشرعية - و لو كان الزوج قد دخل الإسلام بعد الزواج .
و لا محل للتحدى هنا بقاعدة المحافظة على النظام العام بمقولة إن دخول الزوج فى الإسلام يجعل القانون الواجب تطبيقه على أحواله الشخصية كلها هى الشريعة الإسلامية لا القانون الأجنبى ، فإن مجال هذه القاعدة هو خصوص النظام العام ، و العمل بها إنما يكون على قدر ما تقتضيه مراعاة النظام العام فى كل حالة . و إبطال نفقة المطلقة المسيحية على زوجها المسلم أو عدم إبطالها لا يمس النظام العام المصرى فى شئ ، و من ثم كان إسلام الزوج لا يترتب عليه فى خصوص مسألة النفقة بالذات أن تكون الشريعة الإسلامية هى الواجبة التطبيق دون قانون بلد الزوج وقت الزواج  .


=================================
الطعن رقم  0054     لسنة 16  مجموعة عمر 5ع  صفحة رقم 390
بتاريخ 03-04-1947
الموضوع : احوال شخصية للمسلمين    
 الموضوع الفرعي : اختصاص المحاكم الوطنية                           
فقرة رقم : 1
إن مسائل الهبة فى نظر الشارع ليست كلها من الأحوال الشخصية و لا هى كلها من الأموال العينية ، و من ثم كانت الهبة محكومة بقانونين لكل مجاله فى التطبيق : القانون المدنى فيما أورده من أحكام لها بالذات مكملة بالأحكام العامة للإلتزامات ، و قانون الأحوال الشخصية فى غير ذلك من مسائلها .
و إذا كان القانون المدنى لم يتعرض بتاتاً إلى أمر الرجوع فى الهبة و ليس فيما وضعه لها و لأسباب إنتقال الملكية و زوالها من نصوص ، و لا فيما أورده للإلتزامات من أحكام عامة ، ما ينافى الرجوع فى الهبة ، كان لا مندوحة عن الرجوع فى هذا الأمر إلى قانون الأحوال الشخصية ، سافرة كانت الهبة أو مستورة .  
و على ذلك فالحكم الذى يقضى بوقف الفصل فى طلب ثبوت ملكية عين مبيعة بعقد يستر هبة رجع فها البائع حتى تفصل جهة الأحوال الشخصية فى أمر الرجوع عن الهبة لا يكون مخالفاً القانون .

                      ( الطعن رقم 54 لسنة 16 ق ، جلسة 1947/4/3

اختصاص المحاكم الشرعية


اختصاص المحاكم الشرعية
=================================
الطعن رقم  0001     لسنة 23  مكتب فنى 05  صفحة رقم 687
بتاريخ 22-05-1954
الموضوع : احوال شخصية لغير المسلمين
 الموضوع الفرعي : اختصاص المحاكم الشرعية                           
فقرة رقم : 2
كانت المحاكم الشرعية منذ القدم هى المحاكم ذات الولاية العامة فى مسائل الأحوال الشخصية وقد ظلت كذلك فلم يخرج من ولايتها إلا ما سمح المشرع أن يعهد به من هذه المسائل إلى جهات قضائية أخرى ويبين من نصوص الأمر العالى الصادر فى 14 من مايو 1883 بإنشاء المجلس الملى للأقباط الأرثوذكس والقوانين المعدلة له أن المشرع قصر اختصاص هذا المجلس على مسائل الأحوال الشخصية المعينة فى المادة 16 منه كما أنه جعل مناط هذا الاختصاص الاستثنائى المحدود أن يكون طرفا الخصومة من أبناء الملة أى من طائفة الأقباط الأرثوذكس وقد حرص المشرع عند إنشاء المجلس المذكور على توكيد وجوب مراعاة شروط هذا الاختصاص وعدم تجاوزها فأشار إلى ذلك فى المادة الأولى من الأمر العالى المشار إليه كما نص فى المادة 29 منه المعدلة  بالقانون رقم 19 لسنة 1927 عل أن أحكام هذا المجلس لاتنفذ إلا إذا صدرت فى حدود اختصاصه ، فاذا كان طرفا الخصومة مختلفين فى الملة امتنع الاختصاص وظل على حاله للمحاكم الشرعية  .


=================================
الطعن رقم  009      لسنة 24  مكتب فنى 06  صفحة رقم 421
بتاريخ 26-03-1955
الموضوع : احوال شخصية لغير المسلمين
 الموضوع الفرعي : اختصاص المحاكم الشرعية                           
فقرة رقم : 2
جرى قضاء هذه المحكمة على أن جهة تحرير عقد الزواج لا يمنح الجهة التى حررته إختصاصاً قضائياً بل العبرة فى ذلك بإتحاد مذهب طرفى الخصومة و هو وحده الذى أقام عليه المشرع إختصاص المجالس الملية . و إذن فمتى كانت الزوجة المدعية قدمت ما يفيد أنه ولدت كاثوليكية لاتينية و عمدت كذلك فى الكنيسة اللاتينية و أنها ظلت على ولائها لمذهبها الكاثوليكى وفقاً للشهادات الطائفية التى قدمتها ، كما ثبت أنها بعد زواجها و بعد تقريرها فى محضر الخطبة أنها أرثوذكسية عمدت ولدها الذى كان ثمرة هذا الزواج بالكنيسة الكاثوليكية دون اعتراض من زوجها المدعى عليه ، و كان رضاء هذه الزوجة إجراء عقد الزواج أمام كنيسة الأقباط الأرثوذكس التى ينتمى اليها المدعى عليه و قبولها إتباع طقوس هذه الكنيسة و نظمها لا يفيد بذاته تغيير المذهب أو الملة لا ينهض وحده دليلاً على هذا التغيير لأنه قد يكون المراد به مجرد تيسير توثيق العقد دون مساس بالملة أو المذهب الذى تنتمى إليه الزوجه ، لما كان ذلك فإن المجلس الملى للأقباط الأرثوذكس لا يكون مختصاً بنظر المنازعات الناشئة عن هذا الزواج ، و يكون الإختصاص للمحاكم الشرعية .

                       ( الطعن رقم 9 سنة 24 ق ، جلسة 1955/3/26 )
=================================
الطعن رقم  008      لسنة 25  مكتب فنى 07  صفحة رقم 471
بتاريخ 12-06-1956
الموضوع : احوال شخصية لغير المسلمين
 الموضوع الفرعي : اختصاص المحاكم الشرعية                            
فقرة رقم : 1
متى تبين أن التجاء القبطية الأرثوذكسية للمحكمة الشرعية إنما كان للطعن فى الحكم الذى أصدرته ضدها باعتباره صادرات من محكمة لا ولاية لها ، فإن هذا لا يعتبر رضاء أو تسليماً بإختصاصها .

                     ( الطلب رقم 8 لسنة 25 ق ، جلسة 1956/6/12 )
=================================
الطعن رقم  0040     لسنة 29  مكتب فنى 14  صفحة رقم 843
بتاريخ 19-06-1963
الموضوع : احوال شخصية لغير المسلمين
 الموضوع الفرعي : اختصاص المحاكم الشرعية                           
فقرة رقم : 2
دعاوى الإرث بالنسبة لغير المسلمين المصريين كانت من اختصاص المحاكم الشرعية تجرى فيها وفق أحكام الشريعة الإسلامية .


=================================
الطعن رقم  0013     لسنة 03  مجموعة عمر 1ع  صفحة رقم 237
بتاريخ 15-06-1933
الموضوع : احوال شخصية لغير المسلمين
 الموضوع الفرعي : اختصاص المحاكم الشرعية                           
فقرة رقم : 3
إن مناط إختصاص مجالس الطوائف غير الإسلامية بالفصل فى المنازعات الناشئة عن الوصايا هو إتحاد ملة ذوى الشأن فيها . فإذا إختلفت مللهم كانت الجهة الوحيدة التى يرفع إليها النزاع هى المحاكم الشرعية صاحبة الإختصاص العام فى مواد الأحوال الشخصية .

                      ( الطعن رقم 13 لسنة 3 ق ، جلسة 1933/6/15 )
=================================


اختصاص المجالس الحسبية


اختصاص المجالس الحسبية
=================================
الطعن رقم  0001     لسنة 21  مكتب فنى 03  صفحة رقم 711
بتاريخ 27-03-1952
الموضوع : احوال شخصية للمسلمين    
 الموضوع الفرعي : اختصاص المجالس الحسبية                           
فقرة رقم : 2
متى كانت المادة المعروضه على المحكمة الحسبية و التى أصدرت فيها الحكم المطعون فيه هى مادة حساب و صدر الحكم من محكمة أول درجه على هذا الاعتبار و قبل الإستئناف من الطاعن على هذا الإعتبار كذلك فتكون المحكمة بذلك قد إعتبرته فعلا خصما فى دعوى الحساب و من ثم يكون الدفع بعدم جواز الطعن بطريق النقض على إعتبار أن المادة التى صدر فيها الحكم المطعون فيه لم تكن مادة حساب فى معنى المواد 24 ، 55 ، 78 ، من قانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 فى غير محلة . أما بالنسبة لما قيل تبريرا لهذا الدفع مـن أن الطاعن إنما كان يقدم الحساب إلى المحكمة الحسبية بصفته مديرا للشركة التى للقاصر نصيب فيها و أن تقديم الحساب بهذا الإعتبار لا يعدو كونه مجرد إخطار للمحكمة الحسـبية عن حالة أموال القاصر فى الشركة و أداء للإلتزام المفروض عليه بوصفه مديرا للشـركه بأن يقدم إلى الشركاء حسابا عن إدارته فإذا رأت المحكمة الحسبية عدم الموافقة على حسابه فلا يكون لها إلا أن تأمر الوصى بإتخاذ الإجراءات القانونيه قبل مدير الشركه لدى المحكمة المختصه . هذا القول و إن كان من شأنه أن يبرز وجه عدم إختصاص المحكمة الحســبية بالفصل فى النزاع الذى أثير من الطاعن فى أثناء نظر الحساب موضوع البحث إلا أنه لا يغير من حقيقة وصف المادة الأصلية التى صدر فيها الحكم المطعون فيه من أنها كانت مادة حساب و إن كانت المحكمة الحسبية قد جاوزت سلطتها بالفصل فى منازعات تولدت عن هذا الحساب لم يكن من إختصاصها الفصل فيها .  
  

=================================
الطعن رقم  0043     لسنة 05  مجموعة عمر 1ع  صفحة رقم 957
بتاريخ 05-12-1935
الموضوع : احوال شخصية للمسلمين    
 الموضوع الفرعي : اختصاص المجالس الحسبية                           
فقرة رقم : 1
إن المادة الثالثة من المرسوم بقانون الصادر فى 13 أكتوبر سنة 1925 بشأن ترتيب المجالس الحسبية و المادتين 21 و 24 منه واضحة الدلالة فى أن مراقبة أعمال الأوصياء و القامة و الوكلاء و فحص حساباتهم لا يختص به سوى المجالس الحسبية دون مجالس الطوائف التى كان لها مشاركة فى هذا الإختصاص من قبل و دون المحاكم العادية أيضاً . فمتى نظرت هذه المجالس عمل أيهم و أجازته ، و متى فحصت حساب أيهم و إعتمدته ، فإن إجازتها للعمل و إعتمادها للحساب يعتبران حجة نهائية للمتولى يحتج بها على عديم الأهلية كأنها صادرة منه و هو ذو أهلية تامة . و متى قام متولى شأن عديم الأهلية بواجبه من تقديم الحساب السنوى أو النهائى للمجلس الحسبى فقط سقط عنه واجب تقديم الحساب ، و لا تمكن مطالبته مرة أخرى لدى القضاء بتقديم هذا الحساب . على أنه إذا كان طلب الحساب من جديد محظوراً بعد تقديم الحساب مرة أولى للجهة المختصة ، و إذا كان محظوراً أيضاً الرجوع للمناقشة فى عموم أقلام الحساب بعد أن حصلت تلك المناقشة مرة أولى و تقررت نتيجته النهائية تقريراً هو حجة على طرفيه ، فإن من غير المحظور قانوناً الرجوع للحساب المعتمد لتصحيح ما يكون وقع فى أرقامه من خطأ عملياته الحسابية أو للطعن فى أقلام خاصة بعينها من أقلامه تكون قائمة على غلط مادى أو تدليس أو تزوير .


=================================
الطعن رقم  0049     لسنة 10  مجموعة عمر 3ع  صفحة رقم 293
بتاريخ 26-12-1940
الموضوع : احوال شخصية للمسلمين    
 الموضوع الفرعي : اختصاص المجالس الحسبية                            
فقرة رقم : 1
ليس للمجلس الحسبى بعد أن ينظر عمل الوصى و يجيزه ، أو يفحص الحساب        و يعتمده ، أن يرجع عما قرره ما لم تظهر أسباب جديدة تسوغ ذلك .

                    ( الطعن رقم 49 لسنة 10 ق ، جلسة 1940/12/26 )
=================================

اثر نقض الحكم


اثر نقض الحكم
=================================
الطعن رقم  003      لسنة 47  مكتب فنى 29  صفحة رقم 1604
بتاريخ 28-06-1978
الموضوع : احوال شخصية للمسلمين    
 الموضوع الفرعي : اثر نقض الحكم                                    
فقرة رقم : 2
1) مفاد المادة 2/269  من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم و أحيلت القضية إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم فإنه يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم محكمة النقض فى المسألة القانونية التى فصلت فيها هذه المحكمة ، و كان يقصد بالمسألة القانونية فى هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض و أدلت برأيها فيها عن قصد و بصر فإكتسب حكمها قوة الشىء المحكوم فيه بشأنها فى حدود المسألة أو المسائل التى تكون قد بثت فيها ، بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية ، و كان لمحكمة الإحالة بهذه المثابة الحق فى أن تبنى حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصر التحقيق أو على توجيهات قانونية يقتضيها هذا الفهم غير التى جاءت بالحكم المطعون فيه و إستوجبت نقضه . لما كان ذلك و كان البين من حكم محكمة الإستئناف الصادر فى 1966/12/31 أنه بعد أن خلص إلى أنه بإنضمام المطعون عليه إلى السريان الأرثوذكس أصبح يخالف طائفة و ملة عن زوجته المطعون عليها ، و إنتهى رغم ذلك إلى إلغاء حكم محكمة أول درجة و القضاء بعد سماع دعوى التطليق على سند من عدم الإعتداد بهذا التغيير لحصوله أثناء سير النزاع فى دعوى النفقة المرددة بين طرفى التداعى و السابقة على دعوى التطليق ، و كان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر فى الطعن رقم ... ... أن سبب النعى الوحيد أنصب على تعييب قضاء محكمة الإستئناف آنف الإشارة بصدد تحديد الوقت الذى ينبغى أن يحصل فيه التنفيذ ، و نقضته المحكمة تأسيساً على أن الشارع إتخذ من سير الدعوى بإنقضاء الخصومة لا من مجرد قيام النزاع مناطاً يتحديد به الإختصاص و القانون الواجب التطبيق ، فإن تحديد ميقات التنفيذ هو وحده و بذاته المسألة القانونية التى حسمتها محكمة النقض و التى يتعين على محكمة الإحالة إلتزام رأيها فيها . و لا يسوغ القول بأنها تستطيل إلى الإدلاء بالرأى فى إختلاف الطائفتين خاصة و أنه طالما أن المطعون عليه هو الذى طعن على الحكم فى المرة الأولى و حكم بقبول طعنه فإن حق الطاعن يتجدد فى التمسك بعدم وقوع الإختلاف فى الملة و الطائفة أمام محكمة الإحالة بمجرد نقض الحكم الذى كان صادراً لمصلحتها فى موضوع الدعوى ، تبعاً لأنه لم يكن يجوز لها عند طعن المطعون عليه فى حكم محكمة الإستئناف الأول المشار إليه أن ترفع طعناً أخر يناقض به هذا الحكم من قيام إختلاف بينها و بين المطعون عليه فى الملة و الطائفة لإنعدام مصلحتها فيه و يكون القول بالبت فى هذه النقطة بإعتبارها مسألة قانونية فى معنى المادة 269 من قانون المرافعات تنطوى على مجاوزة لمراد حكم النقض .

   3) المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن طائفة السريان الأرثوذكس تختلف عن طائفة الأقباط الأرثوذكس و أن لكل منهما مجلسها الملى قبل إلغاء المحاكم الملية فإن إنضمام المطعون عليه إلى طائفة السريان الأرثوذكس و إنسلاخه من طائفة الأقباط الأرثوذكس التى بقيت عليها زوجة الطاعن يعتبر تغييراً للملة و الطائفة يجوز تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وفق المادتين السادسة و السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 و لا إعتداد بالقول بأنهما يتبعان مذهبا واحداً هو المذهب المسيحى الأرثوذكسى .

   3) السلطات الممنوحة لرجال الدين المسيحى و التى لازالت باقية لهم رغم إلغاء المحاكم الملية بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 412 لسنة 1955 إنما تتمثل فى السلطان الكهنوتى المستمد من الرب الذى يقوم عليه النظام الكنسى بما يفرضه لرجال الدين من حقوق و إمتيازات و ما يوجب على المؤمنين بهذا النظام من ولاء و خضوع ، و أبرز هذه السلطات الباقية التى تتمتع بها الجهات الرئاسية الكنسية سلطة التعليم و سلطة منح الأسرار المقدسة و سلطة قبول أو رفض طلبات الإنضمام دون سلطة القضاء أو التشريع  .

   4) إذا كان مناط ثبوت الشخصية الإعتبارية للهيئات و الطوائف الدينية عملاً بحكم المادة 52 من القانون المدنى هو - و على ما جرى به قضاء النقض إعتراف الدولة إعترافاً خاصاً بها سواء صراحة بصدور القانون أو ضمناً بالمصادقة على تمثيل الهيئة الدينية ، فإن ما تضمنته القرارات الصادرة من الرئاسة العليا لطائفتى الأقباط الآرثوذكس و السريان الأرثوذكس من أن الكنيستان شقيقتان متحدتان فى الإيمان و العقيدة و ليس بينهما أى فرق مذهبى أو خلاف عقائدى ، ليس من شأنه إدماج إحدى الطائفتين فى الأخرى أو إلغاء الإعتراف الذى قررته الدولة لأيهما ، و لا يندرج ذلك ضمن السلطات الدينية الخالصة الباقية لرجال الكنيسة إذ هى مزاج من الدين و من محاولة التحلل من أوضاع قانونية قائمة معترف بها بما لا يغير من بقاء قيام الخلاف بين الطائفتين .

                      ( الطعن رقم  3 لسنة 47 ق ، جلسة  1978/6/28 )
=================================
الطعن رقم  003      لسنة 47  مكتب فنى 29  صفحة رقم 1604
بتاريخ 28-06-1978
الموضوع : احوال شخصية للمسلمين    
 الموضوع الفرعي : اثر نقض الحكم                                    
فقرة رقم : 3
المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن طائفة السريان الأرثوذكس تختلف عن طائفة الأقباط الأرثوذكس و أن لكل منهما مجلسها الملى قبل إلغاء المحاكم الملية فإن إنضمام المطعون عليه إلى طائفة السريان الأرثوذكس و إنسلاخه من طائفة الأقباط الأرثوذكس التى بقيت عليها زوجة الطاعن يعتبر تغييراً للملة و الطائفة يجوز تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وفق المادتين السادسة و السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 و لا إعتداد بالقول بأنهما يتبعان مذهبا واحداً هو المذهب المسيحى الأرثوذكسى .

   3) السلطات الممنوحة لرجال الدين المسيحى و التى لازالت باقية لهم رغم إلغاء المحاكم الملية بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 412 لسنة 1955 إنما تتمثل فى السلطان الكهنوتى المستمد من الرب الذى يقوم عليه النظام الكنسى بما يفرضه لرجال الدين من حقوق و إمتيازات و ما يوجب على المؤمنين بهذا النظام من ولاء و خضوع ، و أبرز هذه السلطات الباقية التى تتمتع بها الجهات الرئاسية الكنسية سلطة التعليم و سلطة منح الأسرار المقدسة و سلطة قبول أو رفض طلبات الإنضمام دون سلطة القضاء أو التشريع  .


=================================