بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

28 أكتوبر 2010

قضية رقم 146 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"


باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من يناير سنة 2009م، الموافق السابع من المحرم سنة 1430ه .

برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف. نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور /حمدان حسن فهمي رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 146 لسنة 25 قضائية "دستورية" المحالة من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 4181 لسنة 51 قضائية.

المقامة من
السيد/ علاء عبد المنعم إبراهيم البسيونى

بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للاستثمارات العقارية



ضد
1- السيد محافظ الإسكندرية

2- السيد رئيس حى شرق الإسكندرية

3- السيد مدير عام الإدارة الهندسية بحى شرق

4- السيد مدير عام رخص البناء بحى شرق



الإجراءات

بتاريخ الثالث والعشرين من إبريل سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف القضية رقم 4181 لسنة 51 قضائية، تنفيذًا لقرار محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية "الدائرة الأولى" بإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما تضمنته من حظر الموافقة على طلب الترخيص فى التعلية فى مدينة الإسكندرية صراحة أو ضمنًا بالنسبة للمبانى التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قانونًا قبل هذا التاريخ.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع -على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدعوى رقم 4181 لسنة 51 قضائية، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص التعلية موضوع الطلب رقم 87 لسنة 1996، وذلك على قول أنه بتاريخ 21/10/1996 تقدم لحى شرق الإسكندرية بطلب لاستكمال وتعلية عقار للشركة التى يمثلها كان قد سبق أن صدر له الترخيص رقم 2 لسنة 1995 طبقًا للاشتراطات البنائية الصادر بها قرار محافظ الإسكندرية رقم 288 لسنة 1992. وإذ لم تتخذ الجهة الإدارية مسلكًا إيجابيًا حيال هذا الطلب. بما اعتبره المدعى قرارًا سلبيًا بالامتناع عن إصدار الترخيص بالتعلية المطلوبة ، فقد أقام دعواه الموضوعية طالبًا إلغاء هذا القرار. وإذ تراءى لمحكمة الموضوع أثناء نظر الدعوى أن نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 - الذى يحظر الموافقة على التعلية صراحة أو ضمنًا للعقارات التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قانونًا قبل هذا التاريخ- قد أتى بتفرقة تحكمية غير مبررة بين من تماثلت مراكزهم القانونية حال طلب الترخيص بالتعلية، إذ أجازها بمقدار مرة ونصف عرض الشارع لمن بدأ فى بناء عقاره بعد العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996، بينما قصرها على مره وربع عرض الشارع لمن بدأ فى البناء قبل العمل بالقانون المذكور فقد أحالت الدعوى إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية ذلك النص.

وحيث إنه ولئن كان نطاق الدعوى الماثلة وفقًا لقرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع، ينحصر فى نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما تضمنه من حظر الموافقة على طلب الترخيص فى التعلية فى مدينة الإسكندرية صراحة أو ضمنًا بالنسبة للمبانى التى بُدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 "إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قانونًا قبل هذا التاريخ". إلا أن هذا النطاق يتعين أن يمتد ليشمل أيضًا النصوص التى يضار المدعى فى الدعوى الموضوعية من جراء تطبيقها عليه، ولو لم يتضمنها حكم الإحالة متى كان ضمها إليها يكفل تحقيق الأغراض التى يتوخاها المدعى من دعواه الموضوعية. ومن ثم فإن نص البند ثانيًا من المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام رقم 2 لسنة 1998 بحظر هدم القصور والفيلات وببعض الأحكام الخاصة بتعلية المبانى وقيود الارتفاع والاشتراطات البنائية" ونص المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003 بشأن تحديد ارتفاعات المبانى لبعض المناطق بمحافظات جمهورية مصر العربية"، وقد رددا الحكم ذاته الوارد فى النص المحال، فإنه يتعين مد النطاق إليهما. إذ بذلك تتحقق للمدعى مصلحته الشخصية المباشرة.

وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 تنص على أن "يحظر الموافقة على طلب الترخيص فى التعلية فى مدينة الإسكندرية صراحة أو ضمنًا بالنسبة للمبانى التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه، إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قانونًا قبل هذا التاريخ". كما نصت المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام رقم 2 لسنة 1998 على أن "يحظر فى جميع أنحاء جمهورية مصر العربية ارتكاب أى فعل من الأفعال الآتية : .. أولاً ........... ثانيًا: التعلية ، وكذا الموافقة على طلب الترخيص بها صراحة أو ضمنًا ، وذلك بالنسبة للمبانى التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه، إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قانونًا قبل هذا التاريخ". كما تقضى المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003 بأن "يحظر الموافقة على طلب ترخيص فى التعلية فى جميع أنحاء الجمهورية صراحة أو ضمنًا بالنسبة للمباني التي بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المشار إليه، إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قانونًا قبل هذا التاريخ".

وحيث إن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على تنفيذ القوانين وإعمال أحكامها. غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها فى حالات محدده أعمالاً تدخل فى نطاق الأعمال التشريعية، ومن ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة 144 من الدستور على أن "يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها، أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها. ويجوز أن يعين القانون من يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذه"، بما مؤداه أن الدستور قد اعترف بحق السلطة التنفيذية فى إصدار اللوائح استثناءً، وفى الحدود الضيقة التى بينتها نصوص الدستور حصرًا، ويندرج تحتها إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، والتى لا يدخل فى مفهومها توليها ابتداءً تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذى يحكمها، إذ لا تكون اللائحة عندئذ قد فَصَّلَت أحكامًا أوردها المشرع إجمالاً، وإنما شرعت ابتداء من خلال نصوص جديدة لا يمكن اسنادها إلى القانون، ذلك أن الغرض من صدور اللائحة يتعين أن ينحصر فى إتمام القانون أى وضع القواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الإبقاء على حدوده الأصيلة بلا أدنى مساس. ودون أن تنطوى على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن يضيف إليه أحكامًا تبعده عن روح التشريع، فيجاوز مصدرها الاختصاص الدستورى المخول له، متعديًا على السلطة التشريعية.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان قرارا رئيس مجلس الوزراء رقما 3086 لسنة 1996 و963 لسنة 2003 قد صدرا استنادًا إلى التفويض الممنوح لرئيس مجلس الوزراء المنصوص عليه فى المادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 والتى تنص على أنه " .... ولا يجوز زيادة الارتفاع الكلى للبناء على مره ونصف عرض الشارع بحد أقصى 36 مترًا، ولرئيس مجلس الوزراء فى حالة الضرورة القصوى تحقيقًا لغرض قومى أو مصلحة اقتصادية، أو مراعاة لظروف العمران تقييد أو إعفاء مدينة أو منطقة أو جزء منها، أو مبنى بذاته من الحد الأقصى للارتفاع". وكان هذا النص قد قرر حكمًا عامًا بالنسبة لقيود الارتفاع، مؤداه: ألا يزيد الارتفاع الكلى للبناء على مرة ونصف عرض الشارع، وبحد أقصى مقداره 36 مترًا، وهو حكم عام يسرى فى شأن جميع المبانى التى يتم طلب الترخيص بها، أو بتعليتها بعد تاريخ العمل به بغض النظر عن تاريخ البدء فى إنشائها، إذ العبرة بالقوانين والقرارات السارية وقت صدور الترخيص بالتعلية، دون تلك التى كانت سارية وقت الترخيص بإنشاء المبنى ابتداءً. ومن ثم فقد كان يتعين أن يلتزم النصان المطعون عليهما بحدود هذا التفويض وتحديد قيود الارتفاع فى مدينة، أو منطقة معينة أو جزء منها أو مبنى بذاته، بقصد توحيد الحد الأقصى للارتفاع بهذه المناطق تحقيقًا لغرض قومى أو مصلحه اقتصادية، أو مراعاة لظروف العمران فيها، إلا أنها جاءت مجاوزة حدود ذلك التفويض بأن وضعت قيدًا على طلبات التعلية المقدمة عن المبانى التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 وهو ألا تتجاوز حدود الارتفاع ما كان مسموحًا به قانونًا قبل هذا التاريخ، وهو مرة وربع عرض الشارع، وليس مرة ونصف عرض الشارع كما هو مقرر وقت الترخيص بالتعلية ومن ثم يكون هذان النصان قد استحدثا حكماً جديداً بالمخالفة لحدود التفويض التشريعى الممنوح لرئيس مجلس الوزراء، فضلاً عن تجاوزهما للحدود التى رسمتها المادة 144 من الدستور.

وحيث إن المادة الثالثة من قانون حالة الطوارئ الصادر بالقانون رقم 162 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد نصت على أن "لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، وله على وجه الخصوص....."، ونصت المادة 17 من القانون ذاته على حق رئيس الجمهورية فى أن ينيب غيره فى هذه الاختصاصات أو بعضها. وإذ كانت التدابير التى وردت فى نص المادة الثالثة المشار إليها فى مجموعها مردها تعرض الأمن والنظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة منها للخطر، والغاية من تقريرها المحافظة على أمن الوطن والمواطنين معًا. وقد خلت تلك التدابير من إعطاء رئيس الجمهورية سلطة إصدار تشريع لتنظيم أمر معين حتى، ولو كان يدور حول تحقيق تلك الغاية. وله إن شاء أن يلجأ إلى سلطة التشريع. وإذ كان هذا هو حال الأصيل، فإن من ينيبه فى بعض اختصاصاته لا يكون له ذلك من باب أولى، ذلك أن قانون الطوارئ- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- ما هو إلا نظام استثنائى لمواجهة ظروف طارئة تهدد السلامة العامة أو الأمن القومى للبلاد، لا يجوز التوسع فى تطبيقه، والتزام التفسير الضيق لأحكامه. وإذ كان ما تضمنه نص البند ثانيا من المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام رقم 2 لسنة 1998 من حظر الموافقة على التعلية صراحة أو ضمنًا بالنسبة للمبانى التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قانونًا قبل هذا التاريخ، لا يعدو أن يكون تنظيمًا لأمر، وإن كان يتصل بالمصلحة العامة ومقتضياتها، إلا أنه لا يعد من قبيل التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام التى تعلن من أجلها حالة الطوارئ. ومن ثم فإن هذا الأمر يكون قد خالف نص المادة 86 من الدستور الذى عهد بسلطة التشريع إلى مجلس الشعب.

وحيث إن النصوص المطعون عليها- فضلاً عما تقدم- قد نالت من الحماية التى كفلها الدستور للملكية الخاصة بأن حرمت ملاك العقارات التى بدئ فى إنشائها قبل العمل بأحكام القانون رقم 101 لسنة 1996 من الانتفاع بحقهم فى تعليه عقاراتهم طبقًا للقاعدة العامة الواردة بنص المادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون المشار إليه دون غيرهم ممن يتماثلون معهم فى المركز القانونى من ملاك العقارات اللذين تسرى عليهم ، وهى بذلك تكون قد قيدت مباشرتهم لحقوق الانتفاع بملكهم بغير ضرورة تقتضيها الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة، ومن ثم فإن تلك النصوص تكون قد جاءت منفصله عن أهدافها، وأقامت تمييزًا غير مبرر بين مالكى العقارات الذين تتماثل حقوقهم فى الانتفاع بتعلية عقاراتهم بالقدر الذى تسمح به القوانين المعمول بها وقت التعلية ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبيًا لها. وكان قد ورد بنص المادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 السابق الإشارة إليها، أن تفويض رئيس مجلس الوزراء كان يهدف لتحقيق غرض قومى أو مصلحة اقتصادية أو مراعاة لظروف العمران، كما جاء بديباجة القرار رقم 3086 لسنة 1996- أنه قد صدر لغرض قومى تقتضيه الضرورة لمواجهة ظاهرة انهيار المبانى وعلاقة التعلية والارتفاقات بهذه الظاهرة. إلا أن النصوص المطعون عليها جاءت منفصلة عن الأهداف، والأغراض التى ترمى إلى تحقيقها، والتى تعتبر متحققة بالفعل بما نصت عليه المادة السابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 والذى يعد ضمانة أكيدة لمواجهة ظاهرة انهيار المبانى حيث تحظر الموافقة على طلبات الترخيص فى التعلية، ولو كانت قواعد الارتفاع تسمح بالتعليه المطلوبه، إلا إذا كان الهيكل الإنشائى للمبنى وأساساته تسمح بأحمال الأعمال المطلوب الترخيص بها على النحو الذى يؤيده تقرير فنى من مهندس استشارى إنشائى مع الالتزام فى هذا الشأن بالرسومات الإنشائية السابق تقديمها مع الترخيص الأول. ومن ثم فإن النصوص المطعون عليها تكون قد جاءت مخالفة للمواد 32و 34و 40 من الدستور.

وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 قد نصت على اتخاذ إجراءات تأديبية ضد كل مسئول عن الواقعة المخالفة أو تراخى عن محاسبته. كما نصت المادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام رقم 2 لسنة 1998 على معاقبة كل من خالف الحظر المشار إليه فى الفقرة "ثانيا" من المادة الثانية، وكذا كل مسئول خاص أو حكومى عن ذلك بعقوبة جنائية. ومن ثم فإن القضاء بسقوط أحكامهما تبعًا للقضاء بعدم دستورية النصين المتعلقين بهما يكون لازمًا.



فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :

أولاً : بعدم دستورية نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996، ونص البند ثانيًا من المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام رقم 2 لسنة 1998، ونص المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2003. وذلك فيما تضمنته من حظر الموافقة على طلب الترخيص فى التعلية ، صراحة أو ضمنًا بالنسبة للمبانى التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976، إلا فى الحدود التى كان مسموحًا بها قبل هذا التاريخ.

ثانيًا : بسقوط ما يقابل هذا الحظر من أحكام وردت بكل من نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 والمادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام رقم 2 لسنة 1998.





المصدر قضية رقم 146 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
قضية رقم 9 لسنة 13 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



0باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من فبراير سنة 2009 م، الموافق السادس من صفر سنة 1430 ه .

برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر



أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 13 قضائية "دستورية".


المقامة من
- السيد / أحمد كمال حسن خالد
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية

2- السيد رئيس مجلس الوزراء

3- السيد وزير الداخلية

الإجراءات

بتاريخ السادس عشر من يناير سنة 1991، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرات الثانية والرابعة والخامسة من المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1990.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم – برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى توفى إلى رحمة الله .. وإذ لم تتهيأ الدعوى بعد للحكم فى موضوعها، فإنه يتعين الحكم بانقطاع سير الخصومة عملا بنص المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة فى الدعوى.





المصدر قضية رقم 9 لسنة 13 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
قضية رقم 35 لسنة 28 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا



بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من فبراير سنة 2009م، الموافق السادس من صفر سنة 1430 ه .

برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 35 لسنة 28 قضائية " دستورية " .

المقامة من

-السيد / عادل رفعت عوض أحمد بصفته الممثل القانونى لشركة إيه وان للسياحة النيلية

ضد

1 السيد رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى

2 السيد / محسن محمد سليمان بصفته أمين التفليسة

3 السيد رئيس الجمهورية

4 السيد رئيس مجلس الوزراء

5 السيد محافظ البنك المركزى المصرى

الإجراءات

بتاريخ الحادى عشر من مارس سنة 2006 أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالباً الحكم بعدم دستورية :

1- المادة الثالثة من القانون رقم 37 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفى .

2- المادة الثالثة من القانون رقم 97 لسنة 1996 .

3 - المادة (29 مكرراً ) المضافة بالمادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1996 .

4- المادة (40/1) من قانون البنك المركزى رقم 88 لسنة 2003 .

وقدم كل من هيئة قضايا الدولة والمدعى عليه الأول مذكرة طلب فيها الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

وحيث إن الحاضر عن المدعى أقر بجلسة 4/1/2009 بترك الخصومة فى الدعوى الماثلة ، وقبل الحاضر عن المدعى عليهم ذلك ، ومن ثم يتعين الحكم بإثبات هذا الترك عملاً بالمادة (141) من قانون المرافعات ، والمادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإثبات ترك المدعى الخصومة فى الدعوى ، وألزمته المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .





المصدر قضية رقم 35 لسنة 28 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
قضية رقم 101 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا



بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من فبراير سنة 2009م، الموافق السادس من صفر سنة 1430 ه .

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وأنور رشاد العاصى والسيد عبدالمنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 101 لسنة 26
قضائية " دستورية " المحالة من محكمة القضاء الإدارى ( الدائرة الثانية ) بقضائها الصادر بجلسة 28/12/2003 فى الدعوى رقم 2487 لسنة 56 " قضائية " .
المقامة من

السيد / مختار محمود حسن الباير

ضد

1 السيد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى

2 السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية

3 السيد رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف بوزارة الزراعة

4 السيد رئيس اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة

الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من أبريل سنة 2004 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الحكم الصادر بجلسة 28/12/2003 من محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الثانية - فى الدعوى رقم 2487 لسنة 56 " قضائية " ؛ قاضيًا بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية .



وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى للتجهيل ، وفى الموضوع برفضها .

كما قدم المدعى فى الدعوى الموضوعية عدة مذكرات طلب فيها الحكم بعدم دستورية نص المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .



المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع - حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى فى الدعوى الموضوعية كان قد أقام الدعوى رقم 2487 لسنة 56 " قضائية " أمام محكمة القضاء الإدارى ضد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى وآخرين طالبًا الحكم بصفة مستعجلة بوقف إجراءات تخصيص قطعة أرض بمركز العلمين محافظة مطروح ، لشركة البيان للتنمية السياحية والاستثمار العقارى ، لتداخلها مع المسطح الذى تقدم بطلب تخصيصه له برقم 2562 بتاريخ 17/12/1997 ، وفى الموضوع الحكم ببطلان إجراءات التخصيص التى اتُّبعت لصالح شركة البيان للتنمية السياحية والاستثمار العقارى ، مع إلزام الهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية بتخصيص مساحة 1262 فدانًا له بالشروط ذاتها التى تم بها تخصيص مساحة 4000 فدان لشركة البيان السالفة الذكر . وأثناء نظر تلك الدعوى ، تقدم المدعى بطلب لتعديل طلباته فيها لتصبح وقف تنفيذ قرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى بالموافقة على مذكرة المستشار القانونى للوزارة بشأن تأجير مساحة 4000 فدان لشركة البيان للاستثمار العقارى والتنمية السياحية ، ووقف تنفيذ قرار الإدارة المركزية للملكية والتصرف التابعة للهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية المؤرخ 12/11/2001 برفض الطلب المقدم من المدعى برقم 2562 بتاريخ 17/12/1997 لتقنين وضع يده وآخر على مساحة 1262 فدانًا ، المتداخلة مع مساحة 4000 فدان التى وافق وزير الزراعة على تأجيرها لشركة البيان ، وفى الموضوع ببطلان قرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى بالموافقة على تأجير المساحة المذكورة لشركة البيان ، وكذلك بطلان قرار الإدارة المركزية للملكية والتصرف التابعة للهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية برفض طلب المدعى تقنين وضع يده على المساحة الآنفة الذكر ، مع إلزام جهة الإدارة بالسير فى إجراءات تمليك المدعى المساحة المطلوبة بالشروط ذاتها التى اتُّبعت مع شركة البيان . وإذ دفعت هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيًا بنظر الدعوى ووجوب إحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة طبقًا للمادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية ، فقد قضت تلك المحكمة بجلستها المنعقدة فى 28/12/2003 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية ذلك النص .

وحيث إنه عن الدفع المبدى من كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بعدم قبول الدعوى الماثلة بقالة أن قرار الإحالة الصادر من محكمة القضاء الإدارى جاء مُجهلاً إذ خلا من تعيين النص الدستورى المدعى مخالفته وأوجه تلك المخالفة ، فهو مردود بما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن ما تغياه المشرع بنص المادة (30) من قانونها هو ألا تكون صحيفة الدعوى الدستورية ، أو قرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على المحكمة ضمانًا لتعيينها تعيينًا كافيًا ، فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها ، أو اضطرابًا حول نطاقها ، ليتمكن ذوو الشأن جميعًا من إعداد دفاعهم ابتداءً وردًا وتعقيبًا فى المواعيد التى حددتها المادة (37) من ذلك القانون ، ولتتولى هيئة المفوضين بعد انقضاء تلك المواعيد تحضير الدعوى وإعداد تقرير يحدد المسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسببًا . ومن ثم يكفى لتحقيق تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكنًا ، ويتحقق ذلك كلما كان بُنيان عناصرها مُنبئًا عن حقيقتها . متى كان ذلك ، وكان قرار الإحالة قد انطوى على النص المطعون عليه ، وعلى نص الدستور المدعى مخالفته ، كما أبان المثالب الدستورية التى رأى أنها تلحق به ، ناعيًا عليه أنه انتزع اختصاصًا أصيلاً لمجلس الدولة مقررًا دستوريًا وجاء عامًا دون تفرقة بين المنازعات المتعلقة بالحيازة والملكية ، والمنازعات الإدارية التى توجه الخصومة فيها لقرارات إدارية نهائية ، ومن ثم فإن وصف الحكم المذكور بالتجهيل لا يكون له من أساس ، متعينًا الالتفات عنه .

وحيث إن المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية تنص على أن :

" تختص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون ، وتُرفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة .

وعلى اللجان القضائية المنصوص عليها فى القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون إلى المحاكم الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار موضوع النزاع ، وذلك بغير رسوم وبالحالة التى تكون عليها .

ويكون لذوى الشأن خلال ستين يومًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون الطعن فى القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية " .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك ، فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بنص الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه فيما قضت به من اختصاص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون .

وحيث إن المشرع الدستورى قصد بنص المادة (172) من الدستور إلى دعم مجلس الدولة فأصبح منذ استحداث هذا النص جهة قضائية قائمة بذاتها مُحَّصنة ضد أى عدوان عليها أو على اختصاصها – المقرر دستوريًا – عن طريق التشريع العادى ، ولم يقف المشرع الدستورى فى دعمه لمجلس الدولة عند هذا الحد بل جاوزه إلى إلغاء القيود التى كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته ، فاستحدث فى المادة (68) من الدستور نصًا يقضى بأن التقاضى حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ، ويُحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن فى القرارات الإدارية ، وأُزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضى الطبيعى للمنازعات الإدارية . وإذ كان الدستور بما نص عليه فى المادة (68) من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، قد دلَّ – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – على أن هذا الحق فى أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعًا عن مصالحهم الذاتية ، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ينبغى دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها . وكان مجلس الدولة – بنص المادة 172 من الدستور – هو قاضى القانون العام فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ، ما فتئ قائمًا عليها ، باسطًا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها . لما كان ذلك ، وكان الدستور قد نص فى المادة (165) على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، فإنه إذا ما قدَّر المشرع ملاءمة إسناد الفصل فى بعض المنازعات الإدارية إلى محاكم السلطة القضائية ، فإن سلطته فى هذا الشأن تكون مقيدة بعدم الخروج على نصوص الدستور ، وعلى الأخص تلك التى تضمنتها نصوص المواد 40 و68 و165 و172 ، ويتعين عليه التأليف بينها فى مجموعها ، وبما يحول دون تناقضها فيما بينها أو تهادمها ، ومن ثم فلا يجوز إيلاء سلطة فى منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعى إلا فى أحوال استثنائية تكون الضرورة فى صورتها الملجئة هى مدخلها ، وصلتها بالمصلحة العامة – فى أوثق روابطها – مقطوعًا بها ، ومبرراتها الحتمية لا شبهة فيها . وهذه العناصر جميعها ليست بمنأى عن الرقابة القضائية لهذه المحكمة ، بل تخضع لتقييمها ، بما لا يُخرج نص أى من المادتين ( 68 و172 ) من الدستور عن أغراضها التفافًا حولها ، بل يكون لمضمونها مجاله الطبيعى الذى حرص المشرع الدستورى على عدم جواز إهداره ، ذلك أن ما يقرره الدستور فى المادة (167) من النص على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها ، لا يجوز اتخاذه موطئًا لاستنزاف اختصاص المحاكم أو التهوين من تخصيص الدستور بعضها بمنازعات بذواتها باعتبارها قاضيها الطبيعى ، وصاحبة الولاية العامة بالفصل فيها ، إذ إن الاختصاص المقرر دستوريًا لأية جهة من جهات القضاء ، ليس محض حق لهذه الجهة أو تلك وإنما هو ولاية خولها إياها الدستور باعتبارها الجهة القضائية التى ارتأى أنها الأجدر بنظر نوع معين من المنازعات ، والأصلح فى التدقيق فى الحقوق المتنازع عليها أمامها .

وحيث إن المنازعات التى قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية ، ليست جميعها من طبيعة مدنية مما يدخل فى اختصاص القضاء العادى باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر هذه المنازعات ، وإنما يُداخلها بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية ، وينضوى تحت لوائها المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التى تصدرها جهة الإدارة مما تندرج تحت الولاية العامة المقررة لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضى الطبيعى لكافة المنازعات الإدارية ، متى كان ذلك فإن إيلاء الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية إلى المحكمة الابتدائية على النحو الذى قررته الفقرة الأولى من المادة (22) المطعون عليها ، خصمًا من الاختصاص المعقود لمجلس الدولة دستوريًا ينبغى أن يُبرره ضرورة مُلجئة ، وأن يتم ذلك من أجل تحقيق المصلحة العامة .

وحيث إن الأعمال التحضيرية للقانون السالف الذكر – المذكرة الإيضاحية ومضابط مجلس الشعب – قد خلت من بيان الأسباب التى ألجأت المشرع إلى ولوج هذا الطريق ، أو المصلحة العامة التى يهدف إلى تحقيقها من ورائه ، ومن ثم فإن ما نحاه المشرع من إيلاء الاختصاص بنظر جميع المنازعات التى قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون المطعون عليه إلى المحاكم الابتدائية يمثل انتقاصًا من الاختصاص المقرر دستوريًا لمجلس الدولة .

وحيث إن المشرع كان قد أصدر قبل إصداره القانون المطعون عليه القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة ، الذى يتناول بالتنظيم إنشاء وإدارة واستغلال المجتمعات العمرانية الجديدة ، وكلا القانونين يتناول بالتنظيم الشأن الخاص باستثمار أراضٍ صحراوية إما فى استصلاحها واستزراعها على النحو الوارد بالقانون رقم 143 لسنة 1981 أو إقامة مجتمعات عمرانية جديدة كما هو مقرر بالقانون رقم 59 لسنة 1979 . وإذ خلا القانون الأخير من نص يقرر خضوع المنازعات التى قد تنشأ عن تطبيق أحكامه للقضاء العادى ، تاركًا الأمر للقواعد العامة لاختصاص كل من جهتى القضاء العادى والإدارى ، بما مؤداه : اختصاص جهة القضاء العادى بنظر المنازعات المدنية من حيازة وملكية ونحو ذلك ، واختصاص جهة القضاء الإدارى بنظر المنازعات الإدارية . فى حين تنكب المشرع فى القانون رقم 143 لسنة 1981 هذا السبيل ، ممايزًا بين أفراد المتعاملين مع الجهة الإدارية المختصة على الرغم من تماثل مراكزهم القانونية ودون أن يتوافر لهذا التمييز ما يبرره موضوعيًا ، فإنه يكون قد خالف مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور .

وحيث إن الأحكام التى تضمنتها الفقرتان الثانية والثالثة من النص المطعون عليه ، والتى أوجبت على اللجان القضائية المنصوص عليها فى القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تُحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 إلى المحاكم الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار موضوع النزاع ، وأعطت لذوى الشأن خلال ستين يومًا من تاريخ العمل بالقانون المذكور حق الطعن فى القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية ، ترتبط بنص الفقرة الأولى ارتباطًا لا يقبل التجزئة ، لشمول حكمها المنازعات التى تدخل فى اختصاص القضاء الإدارى ، فإن القضاء بسقوطها – فى هذا النطاق – يكون لازمًا .

وحيث إنه لما تقدم ، فإن النص المطعون عليه يكون مخالفًا لأحكام المواد 40 و64 و68 و165 و172 من الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية .




المصدر قضية رقم 101 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"


قضية رقم 101 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا



بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من فبراير سنة 2009م، الموافق السادس من صفر سنة 1430 ه .

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وأنور رشاد العاصى والسيد عبدالمنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 101 لسنة 26
قضائية " دستورية " المحالة من محكمة القضاء الإدارى ( الدائرة الثانية ) بقضائها الصادر بجلسة 28/12/2003 فى الدعوى رقم 2487 لسنة 56 " قضائية " .
المقامة من

السيد / مختار محمود حسن الباير

ضد

1 السيد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى

2 السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية

3 السيد رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف بوزارة الزراعة

4 السيد رئيس اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة

الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من أبريل سنة 2004 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الحكم الصادر بجلسة 28/12/2003 من محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الثانية - فى الدعوى رقم 2487 لسنة 56 " قضائية " ؛ قاضيًا بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية .



وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى للتجهيل ، وفى الموضوع برفضها .

كما قدم المدعى فى الدعوى الموضوعية عدة مذكرات طلب فيها الحكم بعدم دستورية نص المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .



المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع - حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى فى الدعوى الموضوعية كان قد أقام الدعوى رقم 2487 لسنة 56 " قضائية " أمام محكمة القضاء الإدارى ضد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى وآخرين طالبًا الحكم بصفة مستعجلة بوقف إجراءات تخصيص قطعة أرض بمركز العلمين محافظة مطروح ، لشركة البيان للتنمية السياحية والاستثمار العقارى ، لتداخلها مع المسطح الذى تقدم بطلب تخصيصه له برقم 2562 بتاريخ 17/12/1997 ، وفى الموضوع الحكم ببطلان إجراءات التخصيص التى اتُّبعت لصالح شركة البيان للتنمية السياحية والاستثمار العقارى ، مع إلزام الهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية بتخصيص مساحة 1262 فدانًا له بالشروط ذاتها التى تم بها تخصيص مساحة 4000 فدان لشركة البيان السالفة الذكر . وأثناء نظر تلك الدعوى ، تقدم المدعى بطلب لتعديل طلباته فيها لتصبح وقف تنفيذ قرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى بالموافقة على مذكرة المستشار القانونى للوزارة بشأن تأجير مساحة 4000 فدان لشركة البيان للاستثمار العقارى والتنمية السياحية ، ووقف تنفيذ قرار الإدارة المركزية للملكية والتصرف التابعة للهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية المؤرخ 12/11/2001 برفض الطلب المقدم من المدعى برقم 2562 بتاريخ 17/12/1997 لتقنين وضع يده وآخر على مساحة 1262 فدانًا ، المتداخلة مع مساحة 4000 فدان التى وافق وزير الزراعة على تأجيرها لشركة البيان ، وفى الموضوع ببطلان قرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى بالموافقة على تأجير المساحة المذكورة لشركة البيان ، وكذلك بطلان قرار الإدارة المركزية للملكية والتصرف التابعة للهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية برفض طلب المدعى تقنين وضع يده على المساحة الآنفة الذكر ، مع إلزام جهة الإدارة بالسير فى إجراءات تمليك المدعى المساحة المطلوبة بالشروط ذاتها التى اتُّبعت مع شركة البيان . وإذ دفعت هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيًا بنظر الدعوى ووجوب إحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة طبقًا للمادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية ، فقد قضت تلك المحكمة بجلستها المنعقدة فى 28/12/2003 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية ذلك النص .

وحيث إنه عن الدفع المبدى من كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بعدم قبول الدعوى الماثلة بقالة أن قرار الإحالة الصادر من محكمة القضاء الإدارى جاء مُجهلاً إذ خلا من تعيين النص الدستورى المدعى مخالفته وأوجه تلك المخالفة ، فهو مردود بما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن ما تغياه المشرع بنص المادة (30) من قانونها هو ألا تكون صحيفة الدعوى الدستورية ، أو قرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على المحكمة ضمانًا لتعيينها تعيينًا كافيًا ، فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها ، أو اضطرابًا حول نطاقها ، ليتمكن ذوو الشأن جميعًا من إعداد دفاعهم ابتداءً وردًا وتعقيبًا فى المواعيد التى حددتها المادة (37) من ذلك القانون ، ولتتولى هيئة المفوضين بعد انقضاء تلك المواعيد تحضير الدعوى وإعداد تقرير يحدد المسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسببًا . ومن ثم يكفى لتحقيق تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكنًا ، ويتحقق ذلك كلما كان بُنيان عناصرها مُنبئًا عن حقيقتها . متى كان ذلك ، وكان قرار الإحالة قد انطوى على النص المطعون عليه ، وعلى نص الدستور المدعى مخالفته ، كما أبان المثالب الدستورية التى رأى أنها تلحق به ، ناعيًا عليه أنه انتزع اختصاصًا أصيلاً لمجلس الدولة مقررًا دستوريًا وجاء عامًا دون تفرقة بين المنازعات المتعلقة بالحيازة والملكية ، والمنازعات الإدارية التى توجه الخصومة فيها لقرارات إدارية نهائية ، ومن ثم فإن وصف الحكم المذكور بالتجهيل لا يكون له من أساس ، متعينًا الالتفات عنه .

وحيث إن المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية تنص على أن :

" تختص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون ، وتُرفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة .

وعلى اللجان القضائية المنصوص عليها فى القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون إلى المحاكم الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار موضوع النزاع ، وذلك بغير رسوم وبالحالة التى تكون عليها .

ويكون لذوى الشأن خلال ستين يومًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون الطعن فى القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية " .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك ، فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بنص الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه فيما قضت به من اختصاص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون .

وحيث إن المشرع الدستورى قصد بنص المادة (172) من الدستور إلى دعم مجلس الدولة فأصبح منذ استحداث هذا النص جهة قضائية قائمة بذاتها مُحَّصنة ضد أى عدوان عليها أو على اختصاصها – المقرر دستوريًا – عن طريق التشريع العادى ، ولم يقف المشرع الدستورى فى دعمه لمجلس الدولة عند هذا الحد بل جاوزه إلى إلغاء القيود التى كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته ، فاستحدث فى المادة (68) من الدستور نصًا يقضى بأن التقاضى حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ، ويُحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن فى القرارات الإدارية ، وأُزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضى الطبيعى للمنازعات الإدارية . وإذ كان الدستور بما نص عليه فى المادة (68) من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، قد دلَّ – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – على أن هذا الحق فى أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعًا عن مصالحهم الذاتية ، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ينبغى دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها . وكان مجلس الدولة – بنص المادة 172 من الدستور – هو قاضى القانون العام فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ، ما فتئ قائمًا عليها ، باسطًا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها . لما كان ذلك ، وكان الدستور قد نص فى المادة (165) على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، فإنه إذا ما قدَّر المشرع ملاءمة إسناد الفصل فى بعض المنازعات الإدارية إلى محاكم السلطة القضائية ، فإن سلطته فى هذا الشأن تكون مقيدة بعدم الخروج على نصوص الدستور ، وعلى الأخص تلك التى تضمنتها نصوص المواد 40 و68 و165 و172 ، ويتعين عليه التأليف بينها فى مجموعها ، وبما يحول دون تناقضها فيما بينها أو تهادمها ، ومن ثم فلا يجوز إيلاء سلطة فى منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعى إلا فى أحوال استثنائية تكون الضرورة فى صورتها الملجئة هى مدخلها ، وصلتها بالمصلحة العامة – فى أوثق روابطها – مقطوعًا بها ، ومبرراتها الحتمية لا شبهة فيها . وهذه العناصر جميعها ليست بمنأى عن الرقابة القضائية لهذه المحكمة ، بل تخضع لتقييمها ، بما لا يُخرج نص أى من المادتين ( 68 و172 ) من الدستور عن أغراضها التفافًا حولها ، بل يكون لمضمونها مجاله الطبيعى الذى حرص المشرع الدستورى على عدم جواز إهداره ، ذلك أن ما يقرره الدستور فى المادة (167) من النص على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها ، لا يجوز اتخاذه موطئًا لاستنزاف اختصاص المحاكم أو التهوين من تخصيص الدستور بعضها بمنازعات بذواتها باعتبارها قاضيها الطبيعى ، وصاحبة الولاية العامة بالفصل فيها ، إذ إن الاختصاص المقرر دستوريًا لأية جهة من جهات القضاء ، ليس محض حق لهذه الجهة أو تلك وإنما هو ولاية خولها إياها الدستور باعتبارها الجهة القضائية التى ارتأى أنها الأجدر بنظر نوع معين من المنازعات ، والأصلح فى التدقيق فى الحقوق المتنازع عليها أمامها .

وحيث إن المنازعات التى قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية ، ليست جميعها من طبيعة مدنية مما يدخل فى اختصاص القضاء العادى باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر هذه المنازعات ، وإنما يُداخلها بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية ، وينضوى تحت لوائها المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التى تصدرها جهة الإدارة مما تندرج تحت الولاية العامة المقررة لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضى الطبيعى لكافة المنازعات الإدارية ، متى كان ذلك فإن إيلاء الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية إلى المحكمة الابتدائية على النحو الذى قررته الفقرة الأولى من المادة (22) المطعون عليها ، خصمًا من الاختصاص المعقود لمجلس الدولة دستوريًا ينبغى أن يُبرره ضرورة مُلجئة ، وأن يتم ذلك من أجل تحقيق المصلحة العامة .

وحيث إن الأعمال التحضيرية للقانون السالف الذكر – المذكرة الإيضاحية ومضابط مجلس الشعب – قد خلت من بيان الأسباب التى ألجأت المشرع إلى ولوج هذا الطريق ، أو المصلحة العامة التى يهدف إلى تحقيقها من ورائه ، ومن ثم فإن ما نحاه المشرع من إيلاء الاختصاص بنظر جميع المنازعات التى قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون المطعون عليه إلى المحاكم الابتدائية يمثل انتقاصًا من الاختصاص المقرر دستوريًا لمجلس الدولة .

وحيث إن المشرع كان قد أصدر قبل إصداره القانون المطعون عليه القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة ، الذى يتناول بالتنظيم إنشاء وإدارة واستغلال المجتمعات العمرانية الجديدة ، وكلا القانونين يتناول بالتنظيم الشأن الخاص باستثمار أراضٍ صحراوية إما فى استصلاحها واستزراعها على النحو الوارد بالقانون رقم 143 لسنة 1981 أو إقامة مجتمعات عمرانية جديدة كما هو مقرر بالقانون رقم 59 لسنة 1979 . وإذ خلا القانون الأخير من نص يقرر خضوع المنازعات التى قد تنشأ عن تطبيق أحكامه للقضاء العادى ، تاركًا الأمر للقواعد العامة لاختصاص كل من جهتى القضاء العادى والإدارى ، بما مؤداه : اختصاص جهة القضاء العادى بنظر المنازعات المدنية من حيازة وملكية ونحو ذلك ، واختصاص جهة القضاء الإدارى بنظر المنازعات الإدارية . فى حين تنكب المشرع فى القانون رقم 143 لسنة 1981 هذا السبيل ، ممايزًا بين أفراد المتعاملين مع الجهة الإدارية المختصة على الرغم من تماثل مراكزهم القانونية ودون أن يتوافر لهذا التمييز ما يبرره موضوعيًا ، فإنه يكون قد خالف مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور .

وحيث إن الأحكام التى تضمنتها الفقرتان الثانية والثالثة من النص المطعون عليه ، والتى أوجبت على اللجان القضائية المنصوص عليها فى القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تُحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 إلى المحاكم الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار موضوع النزاع ، وأعطت لذوى الشأن خلال ستين يومًا من تاريخ العمل بالقانون المذكور حق الطعن فى القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية ، ترتبط بنص الفقرة الأولى ارتباطًا لا يقبل التجزئة ، لشمول حكمها المنازعات التى تدخل فى اختصاص القضاء الإدارى ، فإن القضاء بسقوطها – فى هذا النطاق – يكون لازمًا .

وحيث إنه لما تقدم ، فإن النص المطعون عليه يكون مخالفًا لأحكام المواد 40 و64 و68 و165 و172 من الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية .




المصدر قضية رقم 101 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
قضية رقم 13 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "تنازع"


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من يناير سنة 2009م، الموافق السابع من المحرم سنة 1430 ه .

برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى وعدلي محمود منصور
ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف
والدكتور عادل عمر شريف. نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 25 قضائية " تنازع " .
المقامة من

1 السيد رئيس الجمهورية

2 السيد وزير العدل

3 السيد رئيس هيئة قضايا الدولة

4 السيد رئيس لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة



ضد

السيد / محمد خالد طه محمد عبد الله





الإجراءات

بتاريخ السادس عشر من شهر أكتوبر سنة 2003 ، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، بطلب الحكم : ( أوًلا ) وبصفة مستعجلة ، وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4003 لسنة 44 ق عليا بجلسة 18 مايو سنة 2003 ، لحين الفصل فى موضوع التنازع ؛ ( ثانيا) تغليب حكم لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة فى الدعوى التأديبية رقم 2 لسنة 1989 .

وفى 7 فبراير سنة 2004 ، أصدر السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا أمرًا بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 18 مايو سنة 2003 ، فى الطعن رقم 4003 لسنة 44 ق عليا ، لحين الفصل فى موضوع التنازع .

وقدم المدعى عليه مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم ( أصليًا ) بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة ؛ و ( احتياطيًا ) ببطلان الأمر الولائى الصادر فى 7 فبراير سنة 2004 ، ورفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى الثانى ، وبناءً على طلب من المدعى الثالث ، كان قد أقام بتاريخ 20/6/1989 ، الدعوى التأديبية رقم 2 لسنة 1989 أمام لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة ضد المدعى عليه بخصوص مخالفات تأديبية نسبت إليه . وبجلسة 28/8/1989 ، قررت اللجنة بأغلبية الثلثين عزل المدعى عليه ، فصدر – نفاذًا لذلك فى 9/10/1989 – قرار رئيس الجمهورية رقم 393 لسنة 1989 . وعقب صدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 162 لسنة 19 القضائية ، بجلسة 7/3/1998 والذى قضى بعدم دستورية نص المادة (25) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 فى شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة معدًلا بالقانون رقم 10 لسنة 1986 ، وقبل تعديله بالقانون رقم 88 لسنة 1998 فيما تضمنه من إسناد الفصل فى الدعاوى التأديبية ضد أعضاء الهيئة إلى اللجنة المشكلة طبقًا لأحكامه برئاسة رئيس الهيئة الذى طلب من وزير العدل إقامة الدعوى أقام المدعى عليه فى 31/3/1998 ، الطعن رقم 4003 لسنة 44 ق عليا أمام المحكمة الإدارية العليا بطلب إلغاء قرار لجنة التأديب والتظلمات بعزله من وظيفته . وبجلسة 18/5/2003 ، اعتبرت الدائرة السابعة بالمحكمة القرار الطعين قرارًا معدومًا ، على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا فى القضية الدستورية رقم 162 لسنة 19 المشار إليها ، وقضت بإلغائه . وإذ رأى المدعون أن حكم المحكمة الإدارية العليا قد انتهك حجية قرار لجنة التأديب والتظلمات باعتباره حكمًا قضائيًا ؛ فقد أقاموا الدعوى الماثلة بطلب تغليب ذلك الحكم بمناسبة التناقض القائم بينه ، وبين حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين نهائيين متناقضين ، طبقًا للبند ( ثالثًا ) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أى جهة من جهات القضاء ، أو هيئة ذات اختصاص قضائى ، والثانى من جهة أو هيئة أخرى منها ، وأن يكونا قد تصادما ، ليغدو متعذرًا عقًل لاا ومنطقًا اجتماع تنفيذهما معًا ؛ مما يستوجب أن تتولى هذه المحكمة حسم التناقض الواقع بين الحكمين ، بالمفاضلة بينهما على أساس قواعد الاختصاص الولائى لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى الدعوى ، وأحقهما بالتالى بالتنفيذ .

وحيث إن جوهر النزاع الذى فصل فيه الحكمان موضوع الدعوى المعروضة واحد ، ويتعلق ببعض الأوضاع المتصلة بتأديب أعضاء هيئة قضايا الدولة ، حيث انتهت لجنة التأديب والتظلمات بالهيئة إلى عزل المدعى عليه من وظيفته القضائية ، فى حين قضت المحكمة الإدارية العليا بإلغاء قرار العزل . ومن ثم ، فقد تعامد الحكمان على محل واحد ، وتناقضا بما يجعل تنفيذهما متعذرًا ، وهو ما يتحقق معه مناط قبول الدعوى الماثلة .

وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه على ضوء أحكام الدستور ، والتشريعات المنظمة للهيئات القضائية ، فإن هيئة قضايا الدولة ، طبقًا لقانون إنشائها الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 ، تعد هيئة قضائية ؛ وأن لجنة التأديب والتظلمات المنصوص عليها فى المادة (25) من ذلك القانون هى هيئة ذات اختصاص قضائى ، تفصل فى الدعاوى التأديبية المتعلقة بأعضاء هيئة قضايا الدولة ، بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور . ذلك أن المشرع لأسباب موضوعية معتبرة ، وتتحقق بها المصلحة العامة ، قد حرص على تنظيم المساءلة التأديبية لأعضاء هذه الهيئة على نحو يكفل للخصومة التأديبية خصائصها ووقائعها التى ينافيها أن يطرح أمرها على غير أهلها ، لتظل خفاياها وراء جدران مغلقة لا يهتك سترها ، فعهد بولاية تأديب هؤلاء الأعضاء انفرادًا للجنة مشكلة من كبار أعضاء الهيئة باعتبارهم الأكثر خبرة ودراية بشئون الهيئة والقائمين عليها ، والأقدر بالتالى على الفصل فى المنازعات المتعلقة بأعضائها . ونزوًلا على الطبيعة القضائية لهذه اللجنة ، والإجراءات التى تتبعها فى مباشرتها لعملها ، والضمانات المتوافرة لأعضاء الهيئة المنظورة حالاتهم أمامها ، فإن القرارات الصادرة عنها فى حدود الولاية المقررة لها تكون أحكامًا قضائية تخضع لما يسرى فى شأن هذه الأحكام من قواعد ، وتولد ما ترتبه من آثار ، ومن أهمها حيازتها لقوة الأمر المقضى فيه وحجيته .

وحيث إن الولاية المنفردة للجنة التأديب ، والتظلمات بهيئة قضايا الدولة فى شأن تأديب أعضاء الهيئة ، قد ثبتت بصدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 المشار إليه ، وظلت ثابتة لها فى ظل التعديل التشريعى الذى أتى به القانون رقم 10 لسنة 1986 ، وذلك الذى لحقه بالقانون رقم 88 لسنة 1998 ، حيث كان قرار اللجنة نهائيًا وغير قابل للطعن بأى وجه من أوجه الطعن . بيد أنه بصدور القانون رقم 2 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 المشار إليه والذى أصبح معموًلا به اعتبارًا من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية ، والحاصل بتاريخ 13/1/2002 فقد أصبحت الأحكام التأديبية التى تصدرها اللجنة والتى أطلق عليها التعديل تسمية " مجلس التأديب " خاضعة للطعن فيها أمام إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة . ومن ثم ، فقد عهد المشرع - اعتبارًا من تاريخ نفاذ هذا التعديل - إلى تلك الدائرة بدور فى العملية التأديبية إلى جانب الاختصاص المقرر لمجلس التأديب ، يتمثل فى نظر الطعون الموجهة إلى الأحكام الصادرة عن ذلك المجلس ، وفى طلبات النظر فى أمور أعضاء الهيئة .

وحيث إن حكم لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة ضد المدعى عليه فى الدعوى التأديبية رقم 2 لسنة 1989 قد صدر بتاريخ 28/8/1989 ، فى وقت انفردت فيه اللجنة بالولاية التأديبية فى شأن أعضاء الهيئة ، وحاز قوة الأمر المقضى فيه على نحو استقرت معه الأوضاع والمراكز القانونية المتعلقة به ، مما يمتنع معه إعادة طرح النزاع حول الخصومة ذاتها على المحكمة الإدارية العليا أو أية جهة قضاء أخرى . ومن ثم ، فإن تَعَرُّضَ المحكمة الإدارية العليا بعد ذلك بجلسة 18/5/2003 للنزاع ، وقضاءها بإلغاء قرار لجنة التأديب والتظلمات بعزل المدعى عليه من وظيفته القضائية ، على ما قضت به فى الطعن رقم 4003 لسنة 44 ق عليا ، يكون وعلى الرغم مما استحدثه المشرع لها من ولاية تأديبية فى شأن أعضاء هيئة قضايا الدولة قضاءً صادرًا عن جهة غير مختصة قانونًا بالفصل فى ذلك النزاع .

وحيث إنه لا يغير مما تقدم ما سبق أن جرى عليه قضاء هذه المحكمة ، فى القضية الدستورية رقم 162 لسنة 19 القضائية بجلسة 7/3/1998 ، من عدم دستورية نص المادة (25) من القانون رقم 75 لسنة 1963 المشار إليه فيما تضمنه من أن يرأس لجنة التأديب والتظلمات رئيس الهيئة الذى طلب من وزير العدل أن يقيم الدعوى التأديبية ، وأن تفصل اللجنة فى الخصومة التأديبية ولو كان من بين أعضائها من شارك فى التحقيق أو الاتهام . ذلك أن الأثر الرجعى لأحكام هذه المحكمة لا يمس الحقوق ، والمراكز القانونية التى استقر أمرها بحكم بات ، وسابق على حكمها بعدم الدستورية . وإذ كان ذلك ، فإن الحكم الصادر من لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة فى الدعوى التأديبية رقم 2 لسنة 1989 ، وقد صدر منها فى وقت انفردت فيه بولاية الفصل فى أمر تأديب أعضاء الهيئة ، وحاز قوة الأمر المقضى فيه ، فإنه يكون هو الأولى بالتنفيذ دون حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4003 لسنة 44 ق عليا .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة ، بجلسة 28 أغسطس سنة 1989 ، فى الدعوى التأديبية رقم 2 لسنة 1989 ، دون حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى الطعن رقم 4003 لسنة 44 ق عليا .




المصدر قضية رقم 13 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "تنازع"