مسئولية الناقل البحري عن سلامة البضائع بين أحكام اتفاقية هامبورج والقانون المصري
لا جرم أن النقل يعد ظاهرة من أخطر وأعمق الظواهر التي صاحبت تاريخ البشرية في كل عصورها، ظاهرة تنعكس آثارها واضحة في شتى ألوان النشاط الإنساني، بل أنه أصبح أهم فروع هذا النشاط وألزمها للاقتصاد الوطني والاقتصاد العالمي في زمننا المعاصر. وقد تطورت وسائل النقل وطرقه منذ عصر البخار تطوراً فاق كل الظنون والآمال نتيجة لحدوث ما يعرف بثورة الحاويات وبدء تطبيق أسلوب تحوية البضائع (1). ويحتل النقل البحري مركز الصدارة بين وسائط النقل الأخرى "البري والجوي والنهري" في نقل التجارة العالمية حيث أنه يمثل حوالي 85% من حجمها الإجمالي، وغالبا سيبقى النقل البحري على وضعه المتميز هذا نظراً لقدرة وسيلته وهى السفينة على التكيف بشكل سريع مع متطلبات التكنولوجيا الحديثة في إنتاج السلع، وكذا ما تتميز به من سعه استيعابية تمكنها من استقبال البضائع مختلفة الأنواع والأحجام خاصة البضائع المحواه منها ونقلها إلى موانئ العالم، يضاف إلى ذلك إلى أن النقل البحري يعد من أرخص وسائط النقل تكلفة في أجور الشحن. وغالبا ما يتم النقل في ضوء عقد يبرم بين مالك البضاعة والناقل يجسد هذا العقد ورقة تعد من أهم الأوراق التي تنظم هذه العملية وهي سند الشحن ويلقى هذا السند بمجموعة من الالتزامات على عاتق مالك البضاعة كما يلقى بمجموعة من الالتزامات على عاتق الناقل. وقد تولت اتفاقية هامبورج 1978 تنظيم العلاقة بين أطراف عقد النقل البحري وقد جاءت هذه الاتفاقية بعد ما رسخ الاعتقاد في ضمير المجتمع الدولي بأن التحديث الشامل للقوانين الدولية لنقل البضائع بطريق البحر قد أصبح ضرورة لا غنى عنها، ولا سيما بعد ما شعرت دول كثيرة أن مصالحها كبلدان شاحنة للبضائع لا تحظى برعاية عادلة في ظل معاهدة بروكسل لسندات الشحن التي وجدت حتى بعد تعديلها لم تعد صالحة لإقامة توازن مقبول بين مصالح الدول الناقلة ومصالح الدول الشاحنة التي هي غالباً من الدول النامية والتي دأبت على إنفاق مبالغ طائلة للناقلين الأجانب لنقل ما تصدره من منتجاتها وما تستورده من سلع لازمة للتنمية. وقد نودي إلى إبرام اتفاقية تحقيق التوازن بين الشاحنين والناقلين وكان النداء أن تأتي الاتفاقية المأمولة من خلال الأمم المتحدة وليس عن طريق اللجنة البحرية الدولية "C.M.I" وبالفعل تلقف هذا الخيط مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "UNCTAD" وقام في 25 مارس 1968 بإصدار توصية رغم معارضة كثير من الدول الصناعية بتكوين فريق عمل لإعداد مشروع اتفاقية دولية تحت رعاية الأمم المتحدة لتحل محل اتفاقية بروكسل لسنة 1924 وبروتوكول 1968 المعدل لإحكامها. وقد تمكن فريق العمل الذي أنتخب لرئاسته الأستاذ والعالم الجليل الدكتور محسن شفيق وبعد جهود مضنية من وضع مشروع اتفاقية جديدة لنقل البضائع بحراً ذلك المشروع الذي أقرته لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولية (اليونسترال) في مايو 1976 ومن ثم دعت الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دبلوماسي لمناقشة المشروع. وقد كان حيث انعقد مؤتمر دبلوماسي للأمم المتحدة في مدينة هامبورج في الفترة من 6 إلى 31 مارس سنة 1978 وحضر المؤتمر سبع وسبعون دولة من بينها مصر. وفي 31 مارس 1978 أقر المؤتمر الوثيقة الختامية للاتفاقية وقرر المؤتمر أن يطلق على الاتفاقية اسم (اتفاقية الأمم المتحدة لنقل البضائع بحراً لعام 1978) وأوصى أن تعرف أحكامها باسم (قواعد هامبورج). وقد كانت مصر من أولى الدول المصدقة على الاتفاقية حيث صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 104 لسنة 1979 في 10 مارس 1979 بالموافقة عليها وأصبحت نافذة في مصر ابتداء من 3 نوفمبر 1990(2). وحقا فقد استوحى التقنين البحري المصري الجديد أحكامه الخاصة بمسئولية الناقل البحري من قواعد هامبورج، ولكنه لم ينقلها حرفيا وكاملا وإنما خالفا في كثير من المواضع وبخاصة في أساس مسئولية الناقل البحري. ومن خلال هذا البحث نتناول مسئولة الناقل البحري عما قد يلحق البضائع من هلاك أو تلف وعن تأخره في توصيلها وذلك في ضوء أحكام هامبورج وأحكام قانون التجارة البحرية المصري رقم 8 لسنة 1990.
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
لا جرم أن النقل يعد ظاهرة من أخطر وأعمق الظواهر التي صاحبت تاريخ البشرية في كل عصورها، ظاهرة تنعكس آثارها واضحة في شتى ألوان النشاط الإنساني، بل أنه أصبح أهم فروع هذا النشاط وألزمها للاقتصاد الوطني والاقتصاد العالمي في زمننا المعاصر. وقد تطورت وسائل النقل وطرقه منذ عصر البخار تطوراً فاق كل الظنون والآمال نتيجة لحدوث ما يعرف بثورة الحاويات وبدء تطبيق أسلوب تحوية البضائع (1). ويحتل النقل البحري مركز الصدارة بين وسائط النقل الأخرى "البري والجوي والنهري" في نقل التجارة العالمية حيث أنه يمثل حوالي 85% من حجمها الإجمالي، وغالبا سيبقى النقل البحري على وضعه المتميز هذا نظراً لقدرة وسيلته وهى السفينة على التكيف بشكل سريع مع متطلبات التكنولوجيا الحديثة في إنتاج السلع، وكذا ما تتميز به من سعه استيعابية تمكنها من استقبال البضائع مختلفة الأنواع والأحجام خاصة البضائع المحواه منها ونقلها إلى موانئ العالم، يضاف إلى ذلك إلى أن النقل البحري يعد من أرخص وسائط النقل تكلفة في أجور الشحن. وغالبا ما يتم النقل في ضوء عقد يبرم بين مالك البضاعة والناقل يجسد هذا العقد ورقة تعد من أهم الأوراق التي تنظم هذه العملية وهي سند الشحن ويلقى هذا السند بمجموعة من الالتزامات على عاتق مالك البضاعة كما يلقى بمجموعة من الالتزامات على عاتق الناقل. وقد تولت اتفاقية هامبورج 1978 تنظيم العلاقة بين أطراف عقد النقل البحري وقد جاءت هذه الاتفاقية بعد ما رسخ الاعتقاد في ضمير المجتمع الدولي بأن التحديث الشامل للقوانين الدولية لنقل البضائع بطريق البحر قد أصبح ضرورة لا غنى عنها، ولا سيما بعد ما شعرت دول كثيرة أن مصالحها كبلدان شاحنة للبضائع لا تحظى برعاية عادلة في ظل معاهدة بروكسل لسندات الشحن التي وجدت حتى بعد تعديلها لم تعد صالحة لإقامة توازن مقبول بين مصالح الدول الناقلة ومصالح الدول الشاحنة التي هي غالباً من الدول النامية والتي دأبت على إنفاق مبالغ طائلة للناقلين الأجانب لنقل ما تصدره من منتجاتها وما تستورده من سلع لازمة للتنمية. وقد نودي إلى إبرام اتفاقية تحقيق التوازن بين الشاحنين والناقلين وكان النداء أن تأتي الاتفاقية المأمولة من خلال الأمم المتحدة وليس عن طريق اللجنة البحرية الدولية "C.M.I" وبالفعل تلقف هذا الخيط مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "UNCTAD" وقام في 25 مارس 1968 بإصدار توصية رغم معارضة كثير من الدول الصناعية بتكوين فريق عمل لإعداد مشروع اتفاقية دولية تحت رعاية الأمم المتحدة لتحل محل اتفاقية بروكسل لسنة 1924 وبروتوكول 1968 المعدل لإحكامها. وقد تمكن فريق العمل الذي أنتخب لرئاسته الأستاذ والعالم الجليل الدكتور محسن شفيق وبعد جهود مضنية من وضع مشروع اتفاقية جديدة لنقل البضائع بحراً ذلك المشروع الذي أقرته لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولية (اليونسترال) في مايو 1976 ومن ثم دعت الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دبلوماسي لمناقشة المشروع. وقد كان حيث انعقد مؤتمر دبلوماسي للأمم المتحدة في مدينة هامبورج في الفترة من 6 إلى 31 مارس سنة 1978 وحضر المؤتمر سبع وسبعون دولة من بينها مصر. وفي 31 مارس 1978 أقر المؤتمر الوثيقة الختامية للاتفاقية وقرر المؤتمر أن يطلق على الاتفاقية اسم (اتفاقية الأمم المتحدة لنقل البضائع بحراً لعام 1978) وأوصى أن تعرف أحكامها باسم (قواعد هامبورج). وقد كانت مصر من أولى الدول المصدقة على الاتفاقية حيث صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 104 لسنة 1979 في 10 مارس 1979 بالموافقة عليها وأصبحت نافذة في مصر ابتداء من 3 نوفمبر 1990(2). وحقا فقد استوحى التقنين البحري المصري الجديد أحكامه الخاصة بمسئولية الناقل البحري من قواعد هامبورج، ولكنه لم ينقلها حرفيا وكاملا وإنما خالفا في كثير من المواضع وبخاصة في أساس مسئولية الناقل البحري. ومن خلال هذا البحث نتناول مسئولة الناقل البحري عما قد يلحق البضائع من هلاك أو تلف وعن تأخره في توصيلها وذلك في ضوء أحكام هامبورج وأحكام قانون التجارة البحرية المصري رقم 8 لسنة 1990.
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق