بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

20 نوفمبر 2010

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسه السيد الاستاذ المستشار د. احمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذه محمد المهدى مليحى وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر ود . محمود صفوت عثمان المستشارين .

* اجراءات الطعن

فى يوم 23 من يونيو سنه 1984 اودع الاستاذ محمود يوسف الشريف المحامى بالنقض نائبا عن الاستاذ ابو القاسم ثابت الشريف المحامى بصفته وكيلا عن السيد / اسماعيل عبد الرازق على قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الافراد والهيئات) بجلسة 10 من مايو سنه 1984 فى الدعوى رقم 4919 لسنه 37 ق القاضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام المدعى بالمصروفات ، وطلب الطاعن للاسباب المبينه بتقرير الطعن الحكم اولا : بقبول الطعن شكلا وبصفه عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بالطلبات الاصلية مع الزام المدعى عليهم بالمصاريف ومقابل اتعاب المحاماه . وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتآت فيه اولا : الامر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، ثانيا : الحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى واحتياطيا الحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى ، وتحدد لنظر الطعن امام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5/11/1984 وتدوول الطعن بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 17/6/1985 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الافراد والهيئات) لنظره بجلسة 2 من نوفمبر سنه 1985 ، ونظرته المحكمة فى هذه الجلسة وفقا لما هو ثابت بمحضر الجلسة وقررت اصدار الحكم بجلسة 7/12/1985 ، وفى هذه الجلسة قررت المحكمة اعادة الطعن الى المرافعة وتأجيل نظره لجلسه 18/1/1986 الارتباطه بموضوع معروض على الهيئه المشكله طبقا للمادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة ، وفى هذه الجلسة الاخيرة قررت المحكمة احالة الطعن الى الهيئة سالفه البيان لارتباطه بطعون معروضه عليها . واحيل الطعن الى الهيئه المذكورة فنظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حتى قضت بجلسة 27 من ابريل 1986 بعدم التزام محاكم مجلس الدولة بالفصل فى الدعاوى المحالة اليها من جهة قضائية اخرى طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات اذا كانت هذه الدعاوى تخرج عن الاختصاص الولائى المحدد قانونا لمحاكم مجلس الدولة . اما فى الدعاوى المرفوعه ابتداء امامها فلها ان تحيلها الى المحكمة المختصة اذا تبين لها عدم اختصاصها بنظرها ، وأمرت باحالة الطعن الى هذه الدائرة لتفصل فيه فى ضوء ذلك . قد ورد الطعن وحددت الدائرة لنظرة جلسة 24/5/1986 حيث نظر على النحو الثابت بمحضر الجلسة وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم ، وفيها صدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .

* المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة .
من حيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية .
ومن حيث ان عناصر المنازعة تخلص على ما يبين من الاوراق فى انه بتاريخ 16/10/1982 لصالح ضده الاول قرار من نيابة المنشأة الجزئية فى الشكوى رقم 2245 لسنه 1982 ادارى المنشأة بحماية وضع يدع على عقار النزاع ومنع تعرض الطاعن له ، وقد بادر الاخير باقامة دعواه بعريضة اودعها قلم كتاب محكمة المنشأة الجزئية بتاريخ 9/11/1982 مستشكلا من قرار النيابة العامة سالف البيان وطالبا الحكم بوقف تنفيذه ، وقيدت الدعوى بجدول تلك المحكمة برقم 688 لسنه 1982 جزئى مستعجل المنشأة . وبجلسة 24/5/1983 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها الى محكمة القضاء الادارى. وقام الطاعن باختصام السيد وزير العدل وتعديل طلباته باضافة طلب الغاء القرار المطعون فيه ، ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه انه جاء مجحفا بحقوقه لان الثابت من التحقيقات التى جرت فى الشكوى سالفه الذكرى ان عين النزاع كانت فى وضع يد الطرفين ، ومن ثم كان على النيابة العامة تمكينها معا ابقاء الوضع القائم على ما كان عليه . هذا فضلا عما هو ثابت من ان الطاعن يملك عين النزاع بموجب عقد بيع مؤرخ 12/9/1982 صادر له من المالكة السيدة / حميدة خلف الله حسين سلطان التى كانت تضع اليد فعلا على العين عند تحرير العقد . وقد اقام الطاعن دعوى بصحة ونفاذ ذلك العقد كما قدم طلبا للشهر العقارى فى هذا الصدد برقم 1671 لسنه 1982 ، اما المطعون ضده الاول فلم يتخذ اى اجراءات فى شأن عقد البيع الذى يدعى صدوره اليه من السيد / ابراهيم السيد حسين سلطان بتاريخ 10/9/1982 . وبذلك يكون الطاعن فى وضع قانونى افضل من المطعون ضده الاول مما كان ينبغى معه على النيابه العامة تمكينه هو دون المذكور ، خاصة وان النيابة العامة لم تكن لها ولاية فى اصدار القرار المطعون فيه ما دام الامر كان مطروحا على القضاء بموجب دعوى صحة ونفاذ عقد البيع المشار اليها فيما تقدم .
ومن حيث ان المطعون ضده الاول دفع بعدم قبول الدعوى لعدم نهائيه القرار المطعون فيه ، كما طلب احتياطيا برفض طلب وقف التنفيذ . وقال شرحا لطلباته ان النزاع يدور حول حيازة عقار فى ظل العمل بالقانون رقم 29 لسنه 1982 الذى استحدث نظام قاضى الحيازة ، وعهد اليه باصدار اوامر ولائيه فى هذه المنازعات على التفصيل المبين فى المادة 373 مكرر التى اضيفت الى قانون العقوبات . ولذلك فقد قامت النيابة العامة اثر اصدارها القرار المطعون فيه بتمكينه من عين النزاع بتاريخ 16/10/1982 ، بعرض هذا القرار على قاضى الحيازة الذى اصدر بتاريخ 19/10/1982 قراره بتأييد قرار النيابة العامة المشار اليه ، ومتى كان ذلك فان قرار تمكينه من عني النزاع يكون صادرا من قاضى الحيازة وليس من النيابة العامة التى لا يعدو قرارها ان يكون مجرد اجراء يسبق صدور القرار النهائى من السلطة المختصة . ومن ثم فلا تتوافر لقرار النيابة العامة مقومات القرار الادارى ولا تتحقق له النهائية التى تجيز الطعن فيه بالالغاء ، وانما يكون القرار محل الاعتداد فى هذا الصدد هو ذلك الصادر من قاضى الحيازة ، ولما كان من المسلم به ان هذا القرار الاخير لا يعتبر من قبيل القرارات الادارية التى يختص القضاء الادارى ينظر الطعون المرفوعة بشأنها ، اذ انه يصدر فى نطاق السلطة الولائية للقاضى الجزئى ، فهو قرار قضائى تسرى فى شأن التظلم منه الاحكام المقرره للتظلم من الاوامر الولائية المقررة فى قانون المرافعات المدنية . ومتى كان ذلك ، وكان الطاعن وجه طعنه الى قرار النيابة العامة فمن ثم يتعين الحكم بعدم قبوله لانتفاء القرار الادارى النهائى . وعن الطلب الاحتياطى برفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تخلف فيه ركنا الجدية والاستعجال ، اذ ان اقوال الشهود فى التحقيق ، وا اثبتته المعاينة جاءت قاطعة فى ان حيازته للعقار كانت ثابته وان وضع يده عليه استمر بصورة ظاهرة وهادئة قبل منازعة الطاعن له والاعتداء على حيازته ومحاولة اغتصابها وهو ما عوقب عليه الطاعن بالحبس ، مما ينتفى معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ ، فضلا عن ان القرار المطعون فيه قد تم تنفيذه فعلا فلا يكون ثمة محل لطلب وقف التنفيذ .
ومن حيث ان الطاعن عقب على دفاع المطعون ضده بمذكرة اوضح فيها ان التحقيقات التى اجريت جاءت قاصرة لانها اعتمدت على اقوال شهود ينتمون بصلات مختلفة للمطعون ضده . فضلا عن قيام خصومات قضائية بينهم وبين الطاعن على التفصيل الذى اورده فى مذكره دفاعه التى انتهى فيها الى طلب الحكم بما اقام به دعواه .
ومن حيث انه بجلسة 10 من مايو سنه 1984 حكمت المحكمة فى الشق المستعجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزمت الطاعن بالمصروفات ، واقامت قضاءها برفض الدفع المدبى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط النهائية فى القرار المطعن فيه ، ولان هذا القرار لا يعدو ان يكون مجرد اجراء سابق على صدور القرار النهائي من قاضى الحيازة الذى يصدر قرارا قضائيا فى هذا الشأن ، على ان هذا الدفع غير صائب : لان الثابت من الاوراق ان القرار المطعون فيه لم يصدر من النيابة العامة فى نطاق وظيفتها القضائية ولم يتم فى دائرة التجريم ، وانما صدر منها بوصفها جهة ادارية بهدف معاونة رجال الضبط على حفظ النظام وبقصد تسكين الحال وعدم استفحال النزاع حتى يتم الفصل فيه من المحكمة المختصة ، يؤكد ذلك ان المحكمة المدنية قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاص القضاء الادارى بنظرها ، وقام قضاؤها على ان القرار المطعون فيه صدر من النيابة العامة بوصفها هيئة ادارية وفى غير نطاق وظيفتها القضائية ، ومن ثم فان هذا القرار تستقل النيابة العامة باصداره دون ان يتوقف ذلك على اعتماد من قاضى الحيازة ، فهو قرار نهائى ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الدفع . وعن طلب وقف تنفيذ القرار فقد انتهت المحكمة الى انه يفتقر الى ركن الجدية : لان الثابت من التحقيق الذى اجرى فى الشكوى رقم 2245 ادارى لسنه 1982 ومن اقوال الشهود من رجال الادارة والجيران ان المطعون ضده يجوز عين النزاع منذ شرائها من السيد / ابراهيم السيد حسن سلطان الذى تملكها بدوره بالميراث عن والده ، وان الشاكى (المطعون ضده) يضع فيها مواشى يمتلكها ، كما اوصل اليها التيار الكهربى من منزل اسرته المجاور لتلك العين ، متى كان ذلك فلا يجدى الطاعن الاستناد الى ان مستنداته افضل مما لدى المطعون ضده الاول مما كان يتعين معه تمكينه هو دون المذكور عن حيازة العين ، ذلك ان المقرر ان دور النيابة العامة فى منازعات الحيازة يقتصر على تمكين الحائز الظاهر ريثما تفصل المحكمة المختصة فى النزاع ، فهى لا تملك ان تعدل من المراكز القانونية الظاهرة للخصوم ايا كانت المستندات التى فى حوزتهم ، ومن ثم يكون قرارها المطعون فيه وافق صحيح حكم القانون ، ويضحى لذلك طلب وقف التنفيذ بحسب الظاهر من الاوراق مفتقرا لركن الجدية مما يتعين معه الحكم برفضه دون ما حاجة للتصدى لشرط الاستعجال لعدم جدواه ، وانتهت المحكمة الى الحكم برفضه طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه .
ومن حيث ان الطعن فى الحكم المشار اليه يقوم على عدة اسباب اوردها الطاعن فى صحيفة الطعن حاصلها ان الطاعن لديه ما يثبت انه حائز للعين محل النزاع بموجب عقد بيع صادر له من المالكة التى كانت تضع يدها فعلا على العين عند تحرير عقد البيع ، وقام الطاعن فورا باتخاذ اجراءات صحة ونفاذ هذا العقد ، اما المطعون ضده فقد افتعل عقد بيع صادر له من غير مالك ولم يبادر الى اتخاذ اى اجراء قانونى ، وعلى الرغم من ذلك ومع ان النزاع كان مطروحا ومتداولا امام القضاء فان مدير نيابة المنشأة اصدر قرارا بحماية وضع يد المطعون ضده ، وبذلك يكون القرار المطعون فيه باطلا لصدوره من غير ذى صفه وينحدر الى حد الانعدام لبطلانه فانونا . وعرض الطاعن لشهادة الشهود الذى سمعت اقوالهم فى المحضر وذكر ان بعضهم تربطهم صلة قربى بالمطعون ضده الاول وبعضهم الاخر تقوم بينه وبينهم خصومات ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اشار الى انه لم ينازع فى شهادة الشهود امام المحكمة المدنية فيرجع ذلك الى ان المحكمة المذكورة لم تحكم فى القضية وانها احالتها الى محكمة القضاء الادارى للاختصاص ، وعلى ذلك فلا غبار عليه اذ قام بتجريح الشهود الاول مرة امام هذه المحكمة الاخيرة التى تكون بذلك قد اهدرت دفاعه المؤيد بالمستندات . واستطرد الطاعن الى القول بان المحكمة رفضت الدفع المبدئى من المطعون ضده الاول بعدم قبول الدعوى لعدم نهائيه القرار المطعون فيه مؤسسة هذا الرفض على ان القرار المذكور نهائى تستقل به النيابة العامة دون عرضه على قاضى الحيازة ، ولما كان الثابت ان النيابة العامة غير مختصة باصدار هذا القرار ، لاسيما وان هناك نزاعا بصدده معروض على القضاء ، وتأكيدا لذلك فقد صححت النيابة العامة قرارها محاولة اضفاء الشرعية عليه وذلك بأن استصدارت قرارا نهائيا من قضاى الحيازة فى 19/10/1982 ، فاذا كان الحكم المطعون فيه قد ناقش اختصاص النيابة العامة فى هذا الصدد وانتهى الى ان قرارها لا يعدو ان يكون قرارا اداريا مستقلا ، فيكون هناك تناقض فى الاسباب يؤدى الى بطلان الحكم المطعون فيه . ولقد اهدر هذا الحكم حق الدفاع بعد ان استبعدت المحكمة مستندات الطاعن واكتفت بسردها فى الحكم دون مناقشتها على الرغم من ان الطاعن طعن فى اقوال الشهود بمذكرته المقدمتين فى الشكوى قبل صدور القرار ، كما انه تقدم بطلب مؤرخ 20/11/1982 بطلب سماع اقوال شهود ان اعضاء المجلس المحلى بالبلدة ، وفعلا سمعت اقوالهم ، وقد اجمعوا على عدم وضع يد المطعون ضده على عين النزاع ، الا ان المحكمة لم تلتفت الى اقوال هؤلاء الشود بدليل انها لم تشر اليها فى اسباب حكمها . وانتهى الطاعن الى القول بانه كان يتعين على النيابة طالما ان الامر معروض على القضاء ان تصدر قرارها ببقاء الحال على ما هو عليه لحين الفصل فى النزاع من القضاء ، ومن ثم يكون قرارها غير صحيح ويتعين القضاء بالغائه ، واذ ذهب الحكم المطعون فيه الى غير ذلك فيكون مستوجب الالغاء .
ومن حيث ان المطعون ضده الاول قد اودع بتاريخ 7/11/1985 مذكرة ختامية بدفاعه لم يخرج فيها عما سبق ان ابدا ه من اقوال ، وانتهى فيها الى انه يرى ان الدعوى غير مقبوله اصلا ، وانها على سبيل الاحتياط مرفوضة موضوعا . كما اودع الطاعن بدوره مذكرة بتاريخ 10/11/1985 عقب فيها على الدفع المبدئى بعدم القبول بدفاع حاصلة ان المحكمة وقد احيلت اليها الدعوى بالحكم الصادر من المحكمة المدنية تكون ملزمة وفقا لصريح نص المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بنظرها حتى ولو تبينت عدم اختصاصها بنظرها ، وكان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية . ومن جهة اخرى فان القول بعدم القبول لانتفاء الادارى وعدم اختصاص قضاء مجلس الدولة بنظر الطعن هو قول يطرح التساؤل عما سينتهى اليه الحال بعد ان قضت المحكمة المدنية بدورها من قبل بعدم اختصاصها واحالة الدعوى الى مجلس الدولة .
ومن حيث ان الثابت من اوراق ان الطاعن اقام دعواه ابتداء ضد المطعون ضدهم امام محكمة المنشأة الجزئرة بعريضة اودعها قلم كتابها بتاريخ 9/11/1982 استشكالا فى قرار النيابة العامة الصادر بتاريخ 16/10/1982 بحماية حيازة المطعون ضده الاول لعقار النزاع ، فقضت تلك المحكمة بجلسة 24/5/1983 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها الى محكمة القضاء الادارى عملا بحكم المادة 110 من قانون المرافعات وذلك تاسيسا على ان القرار المستشكل فى تنفيذه لم يصدر من النيابة العامة فى نطاق وظيفتها القضائية ، ومن ثم فهو ليس قرارا قضائيا وانما هو اداره ، وتكون المنازعة بشأن تنفيذه خارجة عن اختصاص القضاء المدنى ، وينعقد الاختصاص بنظرها للقضاء الادارى .
ومن حيث انه بتاريخ 22 من ابريل سنه 1982 اصدر المشرع القانون رقم 29 لسنه 1982 بتعديل بعض احكام قانون العقوبات العام رقم 58 لسنه 1937 وتضمن اضافة المادة 373 مكررا الى الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الذى يتضمن صور الاعتداء الجنائى على الحيازة التى تجمعها فكرة واحدة هى (انتهاك حرمة الغير) والتى جعلها المشرع عنوانا للباب المذكور (المواد من 369 - 373 مكررا عقوبات) . وتنص المادة المستحدثة رقم 373 مكررا على انه : (يجوز للنيابة العامة متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد السابقة فى هذا الباب ، ان تأمر باتخاذ اجراء تحفظى لحماية الحيازة ، على ان يعرض هذا الامر خلال ثلاثة ايام على القاضى الجزئى المختص لاصدار قرار مسبب خلال ثلاثة ايام بتأييده او بتعديله او بالغائه . ويجب رفع الدعوى الجنائية خلال ستين يوما من تاريخ صدور هذا القرار ، وعلى المحكمة عند نظر الدعوى الجنائية ان تفصل فى النزاع بناء على طلب النيابة العامة او المدعى بالحقوق المدنية او المتهم بحسب الاحوال وبعد سماع اقوال ذوى الشأن بتأييد القرار او بالغائه وذلك كله دون المساس بأصل الحق ، ويعتبر الامر او القرار الصادر كان لم يكن عند مخالفة المواعيد المشار اليها ، وكذلك اذا صدر امر بالحفظ او بان لا وجه لاقامة الدعوى ) . ويبين من صريح عبارة النص ومما اوردته المذكرة الايضاحية ان الاجراء التحفظى او التدبير الذى تتخذه النيابة العامة فى هذا الصدد انما هو اجراء او تدبير مؤقت ، ويجب عليها عرضه خلال امد وجيز على القاضى الجزئى المختص لاصدار قرار بتأييده او تعديله او بالغائه خلال ثلاثة ايام على الاكثر ، وبهذا تضاف هذه الصلاحية الى مهمه القاضى الجزئى فى امور التعرض للحيازة المكونة للجرائم المنصوص عليها بالمواد 369 عقوبات وما بعدها .
ومن حيث انه يبين مما تقدم ان المشرع قد انشأ لاول مرة نظام قاضى الحيازة الذى يملك حق الرقابة القضائية على امر النيابة العامة ، وتتمثل هذه الرقابة فى سلطات ثلاث ، فيصدر القاضى قراره اما بتأييد امر النيابة العامة او بتعديله او بالغائه ، وعلى ذلك فاذا استظهر قاضى الحيازة توافر شرطى تدخل النيابة العامة وهما : (ان تكون هناك جريمة من جرائم الحيازة ، وان تكون الدلائل كافية على جدية الاتهام ، وان النيابة العامة قد راعت الميعاد القانونى بعرض الامر خلال ثلاثة ايام من تاريخ صدوره ، ففى هذه الحالة ينتقل القاضى الى تقدير ملاءمة الاجراء التحفظى الصادر من النيابة العامة لحماية الحيازة . وهو حينئذ بين امرين ، تأييد امر النيابة او تعديله ) . فاذا لم يستظهر قاضى الحيازة توافر شرطى تدخل النيابة العامة فيتعين عليه حينئذ ان يقرر الغاء امر النيابة على اساس انتفاء الجريمة وان النزاع حول الحيازة هو فى حقيقته نزاع مدنى لا يكون جريمة يعاقب عليها قانونا .
ومن حيث انه ولئن كان نص المادة المستحدثه 373 مكررا عقوبات قد نص على ان يصدر قاضى الحيازة قرارا فى هذا الشأن ، الا ان ذلك لا يحول دون التصدى لتحديد الطبيعة القانونية لهذا القرار ، والعبرة فى هذا لا تكون بالوقوف عند ظاهر اللفظ الوارد بالنص ، وانما بالرجوع الى حقيقته ومقوماته . ولما كان التصرف الذى يصدر من قاضى الحيازة انما يصدر منه بوصفه القاضى المدنى المختص بالمحكمة الجزئية ، وهو تصرف يصدر منه بمقتضى وظيفته القضائية فى مسأله مدنية على الرقابة تصرف يحسم الخصومة القائمة حول الحيازة بصفة مؤقتة بحيث لا ينشئ القرار المسبب الصادر منه مركزا قانونيا جديد ، وانما هو يحمى الحيازة الظاهرة قبل ميلاد النزاع بهدف فضى الاشتباك بين الطرفين المتنازعين على الحيازة حتى يصدر من المحكمة المختصة حكم قضائى يحوز حجية الشئ المحكوم فيه يفصل فى اصل الحق . وبذلك تتوافر لهذا القرار كل مقومات الحكم الوقتى الذى يصدر مسببا بناء على ما يحتمل من ظاهر الاوراق ان يكون هو وجه الصواب فى النزاع على الحيازة المعروض على قاضى الحيازة ، وهو حكم له حجيته الوقتية التى تقيد الطرفين المتنازعين على الحيازة ما لم يحدث تغيير او تعديل فى الوقائع المادية او فى المراكز القانونية للطرفين او لاحدهما .
ومن حيث ان الثابت من اوراق الطعن ان القرار المطعون فيه قد صدر من النيابة العامة بتاريخ 16/10/1982 وتم عرضه على قاضى الحيازة بتاريخ 19/10/1982 الذى اصدر فيه قرار بتأييد القرار المذكور لذات الاسباب التى قام عليها قرار النيابة العامة . ولما كان قرار قاضى الحيازة الصادر فى هذا النزاع هو فى حقيقته على ما سلف القول حكما وقتيا له حجيته بين اطرافه فتخرج الطعن عليه او المنازعة بشأنه من نطاق الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة . ولا يغير من ذلك ان يكون الطاعن قد اودع بتاريخ 18/2/1985 حافظة مستندات انطوت على شهادة من جدول الشكاوى فى نيابة المنشأة الجزئية صادرة بتاريخ 13/12/1984 تفيد ان الشكوى رقم 2245 لسنه 1982 ادارى المنشأة مقيدة برقم 16 لسنه 1982 منازعات حيازة ، وانها قد حفظت اداريا بتاريخ 14/11/1982 . وانه بناء على ذلك لم يقدم لجلسة جنائية ليتأكد ما اذا كان غاصبا للعين من عدمه ، وهو الامر الذى يعتبر معه قرار النيابة العامة كان لم يكن وكذلك قرار قاضى الحيازة وذلك عملا بنص المادة 373/3 مكررا عقوبات التى تنص على ان (يعتبر الامر او القرار الصادر كان لم يكن عند مخالفة القواعد المشار اليها ، وكذلك اذا صدر امر بالحفظ او بان لا وجه لاقامة الدعوى) ، ذلك لان التحقق مع مراعاة المواعيد التى تطلبها النص سواء بالنسبة لعرض الامر على قاضى الحيازة او اقامة الدعوى الجنائية خلال الستين يوما من تاريخ صدور هذا القرار وترتيب الاثر على الاخلال بهذه المواعيد المتمثل فى اعتبار امر النيابة او قرار قاضى الحيازة كان لم يكن وبالتالى انعدام الاجراءات التى تكون قد صدرت بعدها هى امور يتعين على صاحب الشأن ان يلجأ فيها الى النيابة المختصة او المحكمة المدنية لتجرى شأنها فى خصوص قيام الامر او زواله ، وذلك كله وفقا للقواعد المقررة فى شأن التظلم من قرارات النيابة العامة او الطعن فى قرار قاضى الحيازة لاستصدار حكم بالغائه او التقرير القضائى باعتباره كان لم يكن ، وفى كلا الحالين يخرج الامر عن الاختصاص الولائى المقرر لمحاكم مجلس الدولة .
ومن حيث ان الهيئة المشكلة وفقا لحكم المادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة قد قضت بعدم التزام محاكم مجلس الدولة بالفصل فى الدعاوى المحالة اليها من جهة قضائية اخرى طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات اذا كانت هذه الدعاوى تخرج عن الاختصاص الولائى المحدد قانونا لمحاكم مجلس الدولة ، ولما كان الثابت ان الطاعن كان قد اقام دعواه ابتداء امام محكمة المنشأة الجزئية بتاريخ 9/11/1982 مستشكلا فى قرار النيابة العامة المطعون فيه وطالبا وقف تنفيذه وان هذه المحكمة قضت بجلسة 24/5/1983 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى واحالتها الى محكمة القضاء الادارى التى حكمت بجلسة 10/5/1984 باختصاصها بنظر الدعوى وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه . واذ كان الثابت مما تقدم ان الاختصاص بنظر هذه المنازعة يخرج عن نطاق الاختصاص الولائى المحدد قانونا لمجلس الدولة فان الحكم المطعون فيه يكون قد جانبه الصواب اذ تصدى للفصل فى موضوع الدعوى ويتعين بناء على ذلك الحكم بالغائه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وبالزام الطاعن بالمصروفات .

* فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى والزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات: