عفو عن باقي العقوبة :
ـ المبدأ : العفو عن باقي العقوبة هو أمر تقدره جهة الأمن المختصة بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن بوصفها القائمة على تحقيق الأمن العام والحفاظ على السلام الاجتماعى :
تطبيق : " من حيث إن مقتضى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 286 لسنة 2001 بشأن العفو عن باقى العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد القوات المسلحة الموافق السادس من أكتوبر عام 2001 ومن بين هؤلاء المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية متى كانوا قد أمضوا نصف مده العقوبة حتى تاريخ السادس من أكتوبر عام 2001 وبشرط ألا تقل مده التنفيذ عن ستة أشهر , واستثنى القرار الجمهورى من هذا العفو المحكوم عليهم فى جرائم معينة عددتها تفصيلاً وحصراً المادة الثانية من هذا القرار , واشترط القرار الجمهورى للعفو عن المحكوم عليه – وفقا للمادة الثالثة منه – شرطين يتعلق الأول بسلوك المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة بأن يكون سلوكاً حميداً ترتب عليه تقويم شخصيته , والثانى بألا يكون فى الإفراج عن المحكوم عليه خطر يهدد الأمن العام والسلام الاجتماعى , وذلك على النحو الذى تقدره جهة الأمن المختصة بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن بوصفها القائمة على تحقيق الأمن العام والحفاظ على السلام الاجتماعى , فإذا ما قدرت الجهة المختصة – بنــاء على ما تجمع لديها من معلومات وبيانات أن فى الإفراج عن المحكوم عليه ما يتمخض عنه مساس بالأمن العام والسلامة العامة أو ما يهــدد السلام الاجتماعى – وعلى النحو الذى يضع القرار الجمهورى المشار إليه موضع التنفيذ القانونى السليم – كان من الواجب عليها ألا تفرج عن المحكوم عليه حتى لا يترتب على هذا الإفراج تكدير صفو الأمن العام , ويكون قرارها بالامتناع عن الإفراج عنه سليماً وقائماً على سببه الصحيح من الواقع والقانون .
ومن حيث إنه لما كان ما نسب إلى الطاعن قد ثبت فى حقه على النحو الذى بسطه الحكم المطعون فيه وفصله حكم محكمة الجنايات فى الجناية رقم 7 لسنة 1996 كسب غير مشروع بجلسة 19/8/1999 بإدانته بالسجن لمدة عشر سنوات , وأصبح هذا الحكم نهائياً بصدور حكم محكمة النقض فى الطعن 73762 لسنة 1999 بجلسة 17/5/2001 والذى أيد حكم محكمة الجنايات , وارتأت الجهة الإدارية المختصة والممثلة فى وزارة الداخلية والمنوط بها تحقيق الأمن العام عدم الإفراج عن الطاعن إعمالاً لنص المادة الثالثة من القرار الجمهورى سالف الذكر باعتبار أن الإفراج عنه يمس صفو الأمن العام – وليس لأن جريمته ليست من الجرائم المستثناة من العفو – حيث إن الطاعن وقد أثرى إثراءً فاحشاً غير مشروع من قوت الشعب حال كونه مسئولاً عن أحد الجوانب الهامة فى اقتصاد الوطن فإن فى الإفراج عنه تكديراً للأمن العام وتهييجاً لمشاعر أفراد الشعب وإثارة للرأى العام الذى لا يرضى أن يكون قوته نهباً لأحد كائناً من كان , وأن الحكم الذى صدر بمعاقبة الطاعن هو الذى أسكن مشاعر الرأى العام , فضلاً عن أن فى الإفراج عنه ما يعرض هذه الوزارة للقيل والقال ويقوض مصداقية الدولة فى مكافحة الفساد والمفسدين وعدم تحقيق الردع المستهدف من العقوبة بحيث إنه سيشجع أمثال الطاعن وكل من تسول له نفسه على نهب المال العام غير مكترث بما يناله من عقوبة وقد تدنت فى نظره إذا ما قورنت فى نفسه النهمة بما سيظفر به من كسب فاحش غير مشروع .
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم ولما كان الثابت أيضاً من حكم محكمة الجنايات المشار إليه – والذى قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة عشر سنوات – أن الطاعن استطاع أن يهرب معظم الأموال التى حصل عليها من طريق الكسب غير المشروع إلى الخارج والتى عجزت أجهزة الأمن عن استرداد ما استلبه الطاعن بالرغم من محبسه , هذا فضلاً عن العشرين مليون دولار التى ردها إلى الدولة بمحض اختياره سترا للفضيحة . ومن ثم يكون قرار وزارة الداخلية المطعون فيه بالامتناع عن الإفراج عن الطاعن إعمالاً للقرار الجمهورى رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه قائماً على سبب صحيح من القانون والواقع ويكون النعى عليه جديراً بالرفض .
ولا ينال من ذلك ما ذكره الطاعن من أنه مريض وطاعن فى السن فإن المرض أو كبر السن لا يكفيان للإفراج عنه .
كما لا ينال من ذلك أن جريمة الكسب غير المشروع ليست من الجرائم المستثناة من العفو فإن ذلك لا ينال من مشروعية القرار المطعون فيه من أنه قد تخلف فى شأن الطاعن أحد شروط الإفراج وهو ألا يترتب عليه خطر على الأمن العام .
ولا ينال من ذلك أيضاً ما ذكره الطاعن من أنه يحاكم عن فعل واحد مرتين مرة بموجب الحكم الجنائى المشار إليه , ومرة أخرى بالامتناع عن الإفراج عنه بعد قضائه نصف مدة السجن , فإن هذا القول مردود عليه لأن العقوبة الموقعة على الطاعن هى عقوبة واحدة , والعفو عن العقوبة بعد نصف المدة هى أحد المميزات التى يمنحها القرار الجمهورى لبعض المحكوم عليهم للإفراج عنهم بعد قضاء نصف مدة العقوبة بشروط معينة , وقد تخلف أحد هذه الشروط بالنسبة للطاعن , ومن ثم لا يمكن القول بأن فى الامتناع عن الإفراج عنه بموجب القرار المطعون فيه ما يمثل عقوبة ثانية .
وأخيراً فإنه لا ينال مما ذكره الطاعن أنه تقلد أعلى المناصب فى الدولة وتم تكريمه من المسئولين فيها , فإن هذا الذى ذكره الطاعن يضاعف من جريمته الشنعاء ولا يبرر الإفراج عنه حيث إن الدولة وقد ائتمنته على أحد مرافقها الاقتصادية الهامة , فإنه قد خان هذه الأمانة واستباح أموال الشعب بل قام بتهريبها خارج البلاد على النحو الموضح سلفاً فى وقت فيه الدولة فى أشد الحاجة إلى أموالها خصوصاً العملات الحرة منها .
( حكمها الصادر في الطعون أرقام 9842 و 10016 و 10020 لسنة 48 القضائية عليا ـ جلسة 20/ 12 / 2003م – الدائرة الأولى )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق