إتحاد المحامين العرب
التعريف و الأهداف
بقلم: محمد السعودي أحمد تقي الدين
في التعريف باتحاد المحامين العرب
اتحاد المحامين العرب منظمة عربية دولية غير حكومية ، مقرها الدائم القاهرة . و العضوية في اتحاد المحامين العرب تجوز لكل من:
(أ) نقابات ومنظمات وجمعيات المحامين فى الأقطار العربية المنضمة الى الاتحاد وقت إقرار هذا القانون والتى قد تنضم اليه فيما بعد وفق أحكامه.
(ب) المحامين الأفراد الممارسين للمهنة بصفتهم الفردية طبقا للقواعد والضوابط التى يحددها المكتب الدائم.
أهداف إتحاد المحامين العرب:
وفقا ً للقانون الأساسي لإتحاد فإنه يجب على الإتحاد أن يعمل بكل الوسائل القانونية والفكرية والديمقراطية من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف نوردها على النحو التالي:
(1) تطوير ورعاية مهنة المحاماة فى الوطن العربى :
يهدف الإتحاد إلى تطوير و رعاية مهنة المحاماة في الوطن العربي بما يمكنها من القيام بدورها الأساسى فى إرساء قواعد العدالة وذلك بالعمل على تأمين استقلال مهنة المحاماة واستقلال النقابات واستقلال قرارها وتأمين حرية المحامى وحصانته فى أداء رسالته، وحرمة عمله ومكتبه، وضمان حقوقه. و كذلك العمل على تنمية الوعي النقابى فى صفوف المحامين، والالتزام بشرف المحاماة وبأخلاقياتها، وتشجيع تكوين النقابات والمنظمات للمحامين فى الأقطار العربية التى لم تتكون فيها بعد. و أيضا ً الاهتمام بتدريب شباب المحامين وتأهيلهم ورفع مستوى أدائهم المهنى. و كذلك السعي من اجل توحيد قوانين مهنة المحاماة على نحو يكفل للمحامى العربى حق الممارسة فى الأقطار العربية كافة.
و أرى أن هذا الهدف المهني أهم أهداف إتحاد المحامين العرب التي يجب أن يُرصد له كل الإهتمام و التمويل ، حيث أن زيادة تمكين المحامين الشباب من مهنتهم سيكون له الأثر الأكبر على مجتمعاتهم من النواحي الإقتصادية و الثقافية و السياسية ، على أن يتم التعامل مع هذا الهدف وفقا ً لمعايير مهنية خالصة بعيدة كل البعد عن الأيديولوجيات و المذاهب الفكرية أو السياسية التي مزقت الجهود العربية و بعثرتها.
و تأكدت الأهمية الكبيرة لهذا الهدف و تأكدت الضرورة الملحة لتحقيقه بعد أن قام عدد كبير من الدول العربية بالإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية و بالتالي تصديقها على اتفاقيات التجارة العالمية و منها الإتفاقية الخاصة بالخدمات و التي تهدف إلى تحرير انتقال الخدمات عبر الحدود السياسية للدول ، و من هذه الخدمات بالتأكيد كافة الخدمات المهنية التي تندرج تحتها مهنة المحاماة ، و هو ما يعني أن المحامين العرب سيواجهون عن قريب تحدي قوي من المحامي الأمريكي و الفرنسي و الكندي و الهندي و غيرهم ، و من ثم يجب تجهيز المحامي العربي لهذه المنافسة بزيادة جودة الخدمة التي يستطيع المحامي العربي أن يقدمها.
(2) السعي لإقرار مبدأ استقلال السلطة القضائية:
من ضمن أهم أهداف الإتحاد أيضا ً وفقا ً لقانونه الأساسي أن يسعى لإقرار مبدأ استقلال السلطة القضائية والدفاع عنه وضمان حقوق القضاة وحصانتهم واستقلالهم.
و النص على هذا المبدأ بهذا الوضوح راجع إلى الإعتقاد الراسخ في عقلية واضعي القانون الأساسي للإتحاد أن استقلال القاضي الجالس على المنصة لن يكون مكتملا ً إلا بدعم من المحامي الواقف بين يدي المنصة ، حيث يؤمن المحامون بأن استقلال القضاء هو خط الفاع الأول و الأخير للعدالة ، فإذا تم المساس بهذا الإستقلال بأي شكل من الأشكال فإن هذا معناه أن العدالة في خطر .
و لا ريب في أن هذا لا يعني أن يكون القاضي مستقلا ً عن أي رقابة و غير خاضع لأي مساءلة ، فالقاضي أولا ً و أخيرا ً بشر ، و البشر كثيرا ً ما يخطئون عن عمد أو غير عمد ، و بالتالي فإن القاضي كغيره من أصحاب السلطات يجب أن توازن سلطته بمقدار مواز من المساءلة ، حيث أن استقلال القاضي لا يكون إلا بالقدر الكافي لحماية العدالة ، و لا يجوز أن يتم الإنحراف بالإستقلال لتكون بغرض حماية القاضي نفسه من القوانين التي تكفل تقييم أداء القاضي و مساءلته عندما يخطئ.
و هذا الإيمان من جانب المحامين يجب أن يقابله إيمان مقابل من رجال القضاء بأهمية الدور الذي يقوم به المحامي و لا يستطيع أن يقوم به أحد غير المحامي . إذ يخطئ القاضي الذي يظن أنه يمكنه وحده إدارة مرفق العدالة ، و يخطئ القاضي الذي يجهل أو ينكر حقيقة أن القاضي نفسه يتعلم من الحجج القانونية التي يتم طرحها أمامه عن طريق المذكرات القانونية التي يكتبها المحامون الأكفاء . خاصة و أن القاضي الذي يشغل في سلم القضاء درجة معينة لا يتعامل إلا مع القضايا التي لا تزال في هذه الدرجة ، بخلاف المحامي الذي منذ نعومة أظافره في هذه المهنة و هو يتعامل مع كافة أنواع القضايا أمام كافة الجهات القضائية بختلف درجاتها.
(3) العمل على توحيد التشريعات والمصطلحات القانونية فى الأقطار العربية:
تم انشاء اتحاد المحامين العرب لتحقيق هدف آخر لا يقل أهمية عن سابقيه ، و هو تجميع وحفز الطاقات العربية القانونية من اجل إثراء القانون والفقه العربى وتأصيل الاجتهادات الخاصة بهما، بما يسهم فى توحيد التشريعات والمصطلحات القانونية فى الأقطار العربية، وبما يحقق مصلحة الانسان العربى وتقدمه وحقوقه الأساسية، ويؤهله لتحقيق أمانيه القومية والإنسانية.
و لا يخفى أن الهدف من توحيد التشريعات العربية لن يحقق أهدافا ً سياسية فقط ، بل إن الفائدة الأكبر ستعود على المستثمر العربي الذي سيوفر له هذا التوحيد التشريعي أو التوأمة التشريعية قدرا ً عاليا ً من اليقين القانوني بتمكينه من معرفة النظام القانوني الذي سيخضع له في الدولة العربية التي سيستثمر فيها . و يندرج تحت هذا لهدف ما جاء في القانون الأساسي من حث الإتحاد على المساهمة فى إحياء الدراسات القانونية والاسلامية والعمل على أن تكون الشريعة الاسلامية مصدراً أساسياً من مصادر التشريع.
(4) إرساء مبادئ حقوق الانسان والحريات العامة وسيادة حكم القانون:
إرساء المبادئ الأساسية لحقوق الانسان والحريات العامة وسيادة حكم القانون فى الأقطار العربية تشريعاً وتطبيقا، وتأمين ضماناتها والدفاع عنها. و النضال من أجل تحرير الانسان فى الوطن العربى من كل مظاهر الظلم والتخلف والاستغلال، وذلك بضمان حقه فى ممارسة الديمقراطية السياسية والاجتماعية وإطلاق حرياته العامة والنقابية وحمايته ضد التعذيب والتصفيات الجسدية وتأمين حقوقه الأساسية الواردة فى المواثيق الدولية لحقوق الانسان، بما يمكنه من المشاركة الفعلية فى صنع واتخاذ القرار بشأن مستقبله ومستقبل وطنه.
و أثبت واقع الحال أن ابتعاد الإتحاد و أعضائه من نقابات المحامين في الدول العربية عن دائرة العمل من أجل الإصلاح السياسي الحقيقي في الدول العربية قد أضعف المجتمع المدني العربي مما جعل أطرافا ً خارجية تجد الساحة قد تهيأت لكي تعرض هذا الإصلاح وفقا ً لأجندتها الخاصة التي تخدم مصالحها هي لا مصالح الشعوب العربية. و بالتالي يجب أن ينهض الإتحاد بأعباء دوره في الإصلاح الذي يخدم المصالح الوطنية في الأساس .
(5) تحرير الأرض العربية:
من أهداف إتحاد المحامين العرب الكفاح لتحرير الأرض العربية من كل أشكال الاستعمار والاغتصاب والتبعية، والمساهمة الإيجابية فى بناء المجتمع العربى المتحرر القائم على أسس العدل والكفاية وفى ظل مبادئ الحق والحرية وسيادة حكم القانون. و النضال مع الشعب العربى الفلسطينى من أجل تحرير فلسطين من الاستعمار الاستيطانى الصهيونى وعودتها قطراً عربياً ديمقراطياً متحرراً، باعتباره هدفاً استراتيجياً ومركزياً للأمة العربية فى إطار حركة التحرر والتقدم الوطنى والعالمى. الكفاح ضد الصهيونية وأطماعها باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية وحماية الوطن العربى أرضاً وثقافة وحضارة منها والنضال ضد كافة أشكال التمييز والفصل العنصرى. مقاومة كل صور التطبيع مع العدو الصهيونى ومواجهة كافة المشروعات التى تستهدف فرض الهيمنة على المنطقة العربية وطمس هويتها. مكافحة الاستعمار القديم والجديد والمساهمة فى الدفاع عن الحقوق الأساسية لكل الشعوب ودعم التضامن والتعاون والمساواة بينها وتأييد حقها فى الاستقلال والسيادة وتقرير المصير ومناصرة قضايا التحرر والتقدم والسلام فى العالم أجمع. مقاومة كل المشروعات التى تتضمن المشاركة مع العدو الصهيونى فى مجالات العمل الاقتصادى والسياسى والثقافى والتى تتناقض مع المشروع النهضوى العربى.
و إذا كان القانون الأساسي للإتحاد قد اقتصر على الأرض الفلسطينية و الشعب الفلسطيني و العدو الصهيوني ، إلا أن هذا الهدف صار يمتد ليشمل الأرض العراقية و الشعب العراقي و جيش الإحتلال . و أرجو من الله عز وجل ألا يمتد هذا الهدف ليشمل قطرا ً عربيا ً آخر.
( 6 ) تحرير الاقتصاد العربى و تحقيق التكامل الإقتصادي:
من أهداف الإتحاد أيضا ً السعي إلى تحرير الاقتصاد العربى من أشكال التبعية وضمان استقلاله بما يكفل تنميته على طريق تحقيق العدالة الاجتماعية والتكامل والتوحد لخدمة الوطن والمواطن العربى.
و أرى أن هذا الهدف لن يتحقق إلا عن طريق قيام أعضاء الإتحاد من المحامين الأفراد بالإنخراط في العمل السياسي في دولهم بحيث يتوصلون إلى مرحلة التأثير في القرار السياسي في دولهم و جعل صاحب القرار السياسي يقتنع بزيادة التكامل الإقتصادي العربي الذي يخدم جميع المصالح الإقتصادية لكل دولة عربية منفردة من أجل رفع مستوى معيشة المواطن العربي.
( 7 ) تحقيق الوحدة العربية الشاملة:
من أهداف الإتحاد أيضا ً مواصلة النضال من اجل تحقيق الوحدة العربية الشاملة باعتبارها ضرورة حتمية وهدفاً استراتيجياً للأمة العربية ومقاومة دعوات الفرقة والتجزئة.
و لا يجوز لأحد أن ينتقد النص في قانون الإتحاد على تحقيق تلك الوحدة أو أن يستخف به ، حيث أن ما يعجز الجيل الحالي عن تحقيقه فإن الأجيال القادمة ستتمكن من تحقيقه ، مادام الهدف يحظى بالإحترام و التقديس من كافة الشعوب العربية التي صارت أكثر تعليما ً و وعيا ً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق