بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

20 نوفمبر 2010

تخليص جمركى:
ـ المبدأ : حظر ممارسة مهنة مخلص جمركى إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك :
ـ عدم اشتراط الحصول على المؤهل العالي لمزاولة مهنة التخليص الجمركي :
ـ القواعد والشروط الخاصة بتنظيم مهنة التخليص الجمركي :
ـ استثناء البعض من شرط الحصول على مؤهل عال يخل بمبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة :

تطبيق : " من حيث أن المادة 49 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963م تنص على أنه : " يعتبر مخلصاً جمركياً كل شخص طبيعى أو معنوى يقوم بإعداد البيان الجمركى وتوقيعه وتقديمه للجمارك وإتمام الإجراءات بالنسبة إلى البضائع لحساب الغير, ولا يجوز له مزاولة أعمال التخليص إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك , ويحدد وزير الخزانة شروط الترخيص والنظام الخاص بالمخلصين والهيئة التأديبية التى تختص بالنظر فيما يرتكبونه من مخالفات والجزاءات التى توقع عليهم" , ومقتضى هذا النص أن المشرع حظر ممارسة مهنة مخلص جمركى إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك ومنح وزير الخزانة (المالية) اختصاصا قانونياً أصيلاً فى تنظيم هذه المهنة ويتمتع فى ممارسته بسلطة تقديرية واسعة فى شأن تحديد الشروط اللازمة للترخيص بمزاولة أعمال التخليص وفى وضع قواعد وأسس النظام الخاص بالمخلصين طالما أن القانون لم يفرض شروطاً محددة, ولم يتضمن ضوابط معينة يتعين الالتزام بها فى هذا الخصوص ومن ثم تظل للجهة الإدارية سلطتها التقديرية التى تمارسها فى إطار الضابط العام الذى يتعين مراعاته والالتزام به عند تحديد القواعد والشروط الخاصة بتنظيم مهنة التخليص, وكلها مستمدة من طبيعة أعمال المخلصين الجمركيين ذاتها, وفى حدود ما تمليه مصالح الدولة المالية وحقوق أصحاب البضائع موضوع التخليص ضماناً لتحقيق الصالح العام, ومن ثم تنحصر رقابة القضاء الإدارى على سلطة الإدارة فى تنظيم هذه المهنة وفى وزن قرارها بميزان المشروعية دون أن تحل نفسها محل الجهة الإدارية فيما هو متروك لتقديرها ووزنها للأمور فى النطاق الذى حدده لها القانون على الوجه المتقدم ذكره.

ومن حيث إنه نفاذاً لنص المادة 49 من القانون رقم 66 لسنة 1963 سالف الذكر صدر قرار وزير الخزانة رقم 47 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام القرار رقم 40 لسنة 1963 بتنظيـم مهنـة التخليص على البضائع ناصاً فى مادته الثانية على أنه: " يستبدل بنص المادة 2 من القرار رقم 40 لسنة 1963 المشار إليه النص الآتى : " مادة (2) يشترط فيمن يزاول أعمال التخليص ما يأتى : (1)....... (2)..............

3- أن يكون من خريجى المعهد الجمركى أو حاصلاً على شهادة التجارة الثانوية أو شهادة الثانوية العامة أو أية شهادة أخرى معادلة .

4- ..........................

8- أن يجتاز بنجاح امتحان المسابقة الذى تنظمه مصلحة الجمارك لاختيار المخلصين".

ثم صدر قرار رئيس مصلحة الجمارك رقم 99 لسنة 1981 بناء على السلطة التفويضية المخولة له بموجب قرار وزير الخزانة رقم 116 لسنة 1977 بشأن تحديد الشروط الخاصة بالترخيص بمزاولة مهنة التخليص الجمركى متضمناً تعديل المادة الثانية من القرار الوزارى رقم 40 لسنة 1963 المعدل بالقرار رقم 47 لسنة 1970 سالف الذكر بحيث صار نصها كالآتى: " يشترط فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى على الرسائل التجارية وفقاً لحكم المادة الأولى ما يأتى: (1)...... (2).....(3) أن يكون حاصلاً على مؤهل عال (4)....(9) أن يحضر الدورات التدريبية التى تعدها المصلحة وأن يجتاز بنجاح فى نهايتها امتحان الصلاحية لمزاولة المهنة ويعفى العاملون السابقون بمصلحة الجمارك الحاصلون على مؤهلات عليا من شرط الامتحان.(10)...........

ومن حيث إنه لما كان المقرر أن المركز القانونى للمخلص الجمركى هو مركز تنظيمى عام تملك إزاءه السلطة المختصة تعديل الشروط والضوابط المتطلبة للترخيص بمزاولة هذه المهنة كلما دعت الضرورة إلى ذلك بغير معقب عليها من القضاء طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة أو استهداف غير وجه الصالح العام.

ومن حيث إنه متى ثبت أن المشرع فى قانون الجمارك سالف الذكر قد عهد إلى وزير الخزانة موضوع تنظيم شروط الترخيص الجمركى , ومن ثم فإنه يجب على السلطة المفوضة مراعاة مبدأ التدرج التشريعى فى شأن القواعد التى تصدرها فى هذا الخصوص وفى قمتها الدستور بحيث لا تخالف أو تنال أو تنتقص من المبادئ والحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور.

ومن حيث إنه - ولئن كان رئيس مصلحة الجمارك فى حدود السلطة التقديرية المخولة له – بناء على التفويض الصادر إليه بتنظيم مهنة التخليص الجمركى بموجب قرار وزير الخزانة رقم 116 لسنة 1976 – أن يعدل من الشروط الواجب توافرها فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى – ومنها شرط التأهيل العلمى المناسب حسب طبيعة هذه المهنة والتى لم يشترط فى شاغلها تأهيلاً علمياً – تخصصياً بذاته إلا أنه يجب أن يجئ هذا التعديل أو الاستثناء من هذا الشرط فى حدود الإطار الموضوعى لتنظيم هذه المهنة وفى صورة قاعدة موحدة فى مجال شغل هذه الوظيفة.

وإذ استبان من الأوراق أن مستشار مصلحة الجمارك أعد مذكرة للعرض على رئيس مصلحة الجمارك بشأن ما أثاره أعضاء الغرفة التجارية وجمعية رجال الأعمال عن حاجتهم إلى استخدام عمال تابعين لهم فى إنهاء الإجراءات الجمركية على البضائع الواردة برسم جهاتهم, وكذا أثار أصحاب مكاتب التخليص الجمركى والاستيراد والتصدير نفس المشكلة واقتراح أن تقوم كل مؤسسة أو شركة أو مكتب تخليص جمركى بترشيح عدد مناسب من بين العاملين فيها بشرط أن يكونوا من الحاصلين على مؤهل متوسط على الأقل مع مدة عمل فى مجال يتصل بالجمارك داخل المؤسسة لا يقل عن سنتين..... ومنحهم ترخيص خاص بالتخليص الجمركى على البضائع وذلك بعد اجتياز دورة تدريبية تعدها المصلحة فى ذلك الشأن – فأشر رئيس مصلحة الجمارك على هذه المذكرة بتاريخ 30/11/1990 بالآتى: ( لا مانع – على ألا يتجاوز عدد العاملين فى هذا المجال بمؤهل متوسط شخص واحد فقط للمؤسسة أو الشركة أو المكتب)

كما استثنت مصلحة الجمارك عدد 35 من المرخص لهم من شرط الحصول على مؤهل عال, وذلك لاشتراكهم فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 – وهو ما لم تنكره جهة الإدارة فى ردها على الدعوى موضوع الطعن الماثل.

ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك , وكان البادى من الأوراق أن تأشيرة رئيس مصلحة الجمارك المؤرخة فى 30/11/1990 سالفة الذكر والمقررة مستوى التأهيل العلمى لمن يزاول مهنة التخليص الجمركى على الرسائل التجارية وهو الحصول على مؤهل متوسط على الأقل – ترقى إلى مرتبة القرار الإدارى الناسخ لقراره رقم 99 لسنة 1981 سالف الذكر فيما تضمنه من اشتراط فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى أن يكون حاصلاً على مؤهل عالى.

ومن ثم فإنه لا يجوز حمل تلك التأشيرة على أنها تقرر استثناء فئتين من شرط الحصول على مؤهل عال – وهما الذين سبق لهم الاشتراك فى حرب أكتوبر 1973 من المرخص لهم ومندوبى المؤسسات العامة والشركات ومكاتب التخليص الجمركى دون غيرهم ممن سبق الترخيص لهم من غير الحاصلين على مؤهلات عليا لمزاولة هذه المهنة بصفة حرة , حيث إن هذا الاستثناء أو التمييز لا يستند إلى أسس موضوعية تقتضيه , ومخالفاً لمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور – والذى يأبى بأى صورة من صور التمييز بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة ومن ثم لا يجوز قصر حكم القرار سالف الذكر الصادر بتاريخ 30/11/1990 على الفئتين المذكورتين بينما يحرم غيرهم منه بدون مقتضى, وعلى ذلك فقد بات حتماً تقرير ذات الحق لمن سبق له الحصول على ترخيص جمركى فى أن يعامل بذات القرار عند تجديد ترخيصه طالما توافرت فى شأنه باقى الشروط المقررة لمزاولة هذه المهنة.

ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات النزاع الماثل فإنه لما كان البادى من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده حاصل على دبلوم الفندقة البحرية من الأكاديمية العربية للنقل البحرى فى 2/10/1995 واجتاز بنجاح برنامج الدورة التدريبية فى أعمال التخليص الجمركى خلال الفترة من 30/3/1996 إلى 16/4/1996 ومنحته مصلحة الجمارك ترخيص عام بمزاولة مهنة التخليص الجمركى برقم 2001404 بتاريخ 29/12/1997 وصالح حتى 31/12/1998, وإذ تقدم المطعون ضده إلى جهة الإدارة بطلب لتجديد هذا الترخيص حال انتهاء مدته إلا أن جهة الإدارة قد امتنعت عن إجراء هذا التعديل رغم الثابت من ظاهر الأوراق استيفاؤه الشروط الواجب توافرها فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى بعد تعديلها بقرار رئيس مصلحة الجمارك الصادر فى 3/11/1990 سالف الذكر ومن ثم يكون القرار السلبى المطعون فيه بامتناع جهة الإدارة عن تجديد ترخيص المطعون ضده مخالفاً للقانون, إذ لا يستساغ تمييز فئة على حساب فئة أخرى من أصحاب المراكز القانونية المتماثلة بحيث يقتصر التجديد على الفئتين المذكورتين سلفاً وقصر الاستثناء من شرط التأهيل العلمى عليهم بينما يحرم المطعون ضده رغم الحصول على ذات مستوى التأهيل العلمى طبقاً لما سلف بيانه مما يرجح بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى طلب الإلغاء, الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ, فضلاً عن توافر ركن الاستعجال نظراً لما يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار الطعين من حرمان المطعون ضده من مصدر رزقه مما يتسبب فى أضرار يتعذر تداركها ويتعين تبعاً لتوافر الركنين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام جهة الإدارة بتجديد الترخيص مثار النزاع لمدد أخرى إعمالاً للقواعد السارية بشأن تنظيم مهنة التخليص الجمركى.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة , وعلى ذلك فإن الطعن الماثل يكون فى غير محله , خليقاً بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

( الطعن رقم 5953 لسنة 47 ق . عليا ـ جلسة 4/7/2004م– الدائرة الأولى )

ليست هناك تعليقات: