باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدى مليحى وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وسعد الله محمد حنتيره المستشارين:
* إجراءات الطعن
فى يوم الأحد الموافق 22 من مارس سنة 1987، أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن كل من السادة 1- وزير المالية بصفته. 2- مدير عام مصلحة الجمارك بصفته. 3- مدير عام مصلحة الجمارك بالاسكندرية بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1441 لسنة 33 القضائية ضد شركة عبد العال الصغير لاستيراد مواد البناء فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية بجلسة 22 من يناير سنة 1987 فى الدعوى رقم 30 لسنة 37 القضائية المقامة من المطعون ضدها على الطاعنين، والقاضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وبقبولها وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الإدارة بالمصروفات. وطلب الطاعنون للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم أولا بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وثانيا بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء أصليا بعدم قبول الدعوى شكلا واحتياطيا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى .
وأعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وبإلزام الجهة الطاعنة بالمصروفات.
وعينت جلسة 15 من فبراير سنة 1988 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وجرى تداوله بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1988 احالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الافراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 17 من ديسمبر سنة 1988، وفيها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزومه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق، فى أنه بتاريخ 9 من اكتوبر سنة 1982 رفعت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 30 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى على المطعون ضدهم بصفاتهم . وطلبت الحكم أولا : بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى الصادر من مصلحة الجمارك بالامتناع عن إعفاء رسائل الاخشاب المستوردة بمعرفة الشركة من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم تطبيقا للقرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977، وثانيا فى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبينت أن التعريفة الجمركية الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 1953لسنة 1961 تضمنت البند رقم 44/5 الخاص بالخشب المنشور طوليا فقط ألواحا أو مسطحا ويزيد سمكه على خمسة ملليمترات حيث نص قرين هذا البند على أن الرسوم الجمركية حسب القيمة وان فئة الرسم الجمركى 15%، ثم قضى القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 بأن يعفى من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة على الواردات مواد البناء المبينة بالجدول المرافق له ومنها البند رقم 44/5 سالف الذكر تشجيعا على بناء المساكن والمساهمة فى حل أزمة الاسكان، وظلت مصلحة الجمارك بالاسكندرية تطبق الإعفاء الجمركى لمدة جاوزت عامين ثم ذهبت إلى تفسير يرى أن هذا الإعفاء لا يسرى على أنواع الأخشاب التى تستعمل جزئيا فى غير اغراض البناء كالخشب الزان وحصلت الرسوم الجمركية نقدا أو بخطابات ضمان بصفة أمانة لحين البت فى موضوع الإعفاء، وبناء على استفسارها أفادها السيد وكيل وزارة الاسكان للاحتياجات ومواد البناء بالكتاب رقم 623 فى 11 من ابريل سنة 1976 بأن الاخشاب التى تقع تحت البند 44/5 هى الأخشاب الحمراء المسماه بالسويد أو الموسكى والأخشاب البيضاء المسماه بالبياض والأخشاب الزان والصلبة أيا كان مصدرها أو جهة انتاجها أو بدائلها، كما أفادت إدارة الفتوى لوزارة المالية بكتابها رقم 602 فى 15 من يولية سنة 1979 ملف 4/1/513 بأن اللجنة الثالثة لقسم الفتوى انتهت بجلسة 2 من يولية سنة 1979 إلى سريان الإعفاء على المواد الداخلة فى الجدول المرافق للقرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 ومنها المواد الداخلة تحت البند الجمركى 44/5 بغض النظر عن استخدام الأخشاب فى مجال البناء من عدمه، وقد أشار السيد نائب رئيس الوزراء ووزير المالية بتطبيق هذه الفتوى على الجميع، وأعادت مصلحة الجمارك خطابات الضمان إلى أصحابها ومنهم الشركة المطعون ضدها، الا أنها أرسلت للشركة الكتاب رقم 2519 المؤرخ 2 م مايو سنة 1982 مطالبة بالرسوم الجمركية، ووجهت الشركة انذارا رسميا إلى المصلحة فى 23 من أغسطس سنة1982 بوقف إجراءات التحصيل والحجز حتى يفصل فى الدعاوى المرفوعة فى هذا الشأن، وبذا فان القرار السلبى الصادر من المصلحة بالامتناع عن إعفاء رسائل الاخشاب المستوردة بمعرفة الشركة من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم تطبيقا للقرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977يكون مخالفا مخالفة صارخة لأحكام القانون وفقا لما رأته اللجنة الثالثة للفتوى وتأيد بفتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى 5 من مايو سنة 1982. ودفعت هيئة قضايا الدولة. أولا: بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد محسوبا من تاريخ اخطار الشركة بالقرار المطعون فيه وهو 2 من مايو سنة 1982 حسب اقرارها وذهبت. ثانيا: فى الموضوع إلى أن القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 حسب صراحة نصه واستهداء بالغاية منه لا يسرى الا على مواد البناء اى المواد المستخدمة فى تشييد المبانى وبذا لا ينطبق الإعفاء على أخشاب الزان لأنها تستخدم فى أغراض أخرى مثل صناعة الأثاث وخلافه. وقضت محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية فى جلسة 22 من يناير سنة 1987 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام جهة الإدارة بالمصروفات. وبنت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن الطعن بالالغاء فى القرار السلبى لا يتقيد بميعاد معين طالما لم يتحول إلى قرار ايجابى والثابت ان الجهة الإدارية لم تصدر قرارا ايجابيا برفض إعفاء رسائل الأخشاب المستوردة بمعرفة الشركة وبذا تظل حالة الامتناع ع الإعفاء مستمرة. وشيدت قضاءها برفض الدعوى على أنها تهيأت للحكم فيها مما يجعل طلب وقف التنفيذ غير ذى موضوع، وأن الإعفاء الصادر به القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 ينصب على أصناف الأخشاب المندرجة تحت البند رقم 44/5 بغض النظر عن الغرض الذى تستخدم فيه أو قابليتها للاستعمال فى غير اغراض البناء لانها تعتبر من مواد البناء حسب تقدير رئيس الجمهورية الذى قرر هذا الإعفاء والا خولت مصلحة الجمارك سلطة تحديد نطاق الإعفاء اتساعا وضيقا دون تفويض من السلطة المختصة بتقرير الإعفاء ولا ينال من هذا المكان استعمال الاخشاب فى أغراض أخرى مادامت الضريبة لا تستحق الا عند ورودها حيث لا يمكن التنبؤ باستعمالاتها المستقبلة وحيث لم تخول مصلحة الجمارك بعد الافراج سلطة التتبع ومراقبة الاستعمال، ولما كانت مصلحة الجمارك لا تمارى فى أن رسائل الاخشاب موضوع الدعوى تخضع للبند رقم 44/5 وتم استيرادها فى ظل القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 فان امتناعها عن إعفاء هذه الرسائل يكون امتناعات معيبا متعين الالغاء.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الشركة المطعون ضدها أخطرت برفض الإعفاء وهو قرار إيجابى يجب الطعن فيه خلال الميعاد القانونى، كما أن رسائل الاخشاب موضوع الدعوى لا تستخدم اطلاقا فى عمليات البناء وانما تستخدم فى صناعة الاثاث مما يخرجها عن نطاق الإعفاء الوارد فى القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977.
ومن حيث أن القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 بإعفاء بعض مواد البناء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة على الواردات، نص فى المادة الأولى منه على أنه (تعفى من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة على الواردات مواد البناء المبينة بالجدول المرافق لهذا القرار وتضمن الجدول المرافق تحديد بنود جمركية ذات أرقام معينة وقرين كل منها بيان الصنف الخاص به ومن بينها البند الجمركى رقم 44/5 وصنفه خشب منشور طوليا فقط ألواحا أو مسطحا يزيد سمكه على خمسة ملليمترات ومفاد هذا أن المادة الأولى من القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 اذ نصت صراحة على إعفاء مواد البناء المبينة بالجدول المرافق له، فانها لم تعلق الإعفاء ابتداء على أن تكون المواد حسب طبيعتها مما يستعمل فى البناء وحده، ولم ترهن الإعفاء انتهاء بأن يثبت استعمال المواد فى البناء فعلا، ولم تترك تقديراً ما فى تحديد مواد البناء المشمولة بالإعفاء، وانما جاءت قاطعة فى اسباغ الإعفاء بحكم القانون على مواد البناء المبينة فى الجدول المرافق، وقد تبين هذا الجدول بدوره مواد البناء بيانا واضحا من حيث البنود الجمركية ومن حيث الاصناف دون ان يرد فيه ما يفرض شرطا أو يضع قيداً أو يخول تقديراً بشأن مدى صلاحيتها بالطبيعة أو بالتعديل للاستعمال فى غير أغراض البناء، ومن ثم يكون القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 قد سن معيارا موضوعيا منضبطا لمواد البناء المعفاة طبقا له وهو أن تكون من الاصناف المبينة فيه وجعل من هذا المعيار علة لانزال حكمه باعفائها من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة على الواردات مما لا محل للقول بالحكمة منه وهى الاستعمال فى مجال البناء عملا على حل مشكلة الاسكان لأن القاعدة الأصولية أن الأحكام تدور مع العلل المناطة بها دون الحكمة المرتجاة منها، ومن ثم فان هذا الإعفاء يصدق على المواد موضوع البند الجمركى رقم 44/5 وهى الأخشاب المنشورة طوليا فقط ألواحا أو مسطحا يزيد سمكه على خمسة ملليمترات ولو كانت قابلة للاستعمال فى غير أغراض البناء، وبالتالى فانه لايجوز لمصلحة الجمارك اخضاع هذه الأخشاب المستوردة فى ظل القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977 للضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم تنكبا لحكمته والتفاتا عن علته وتذرعا بغايته والا كان قرارها مشوبا بعيب مخالفة القانون خليقاً بالالغاء.
ومن حيث أنه يبين من الأوراق ان الشئون القانونية لمصلحة الجمارك وجهت كتابا مؤرخا 2 من مايو سنة 1982 إلى الشركة المطعون ضدها بالتزامها بدفع رسوم جمركية مقدارها 0.310مليمات و 118159جنيها وبمطالبتها بسداده والا اتخذت إجراءات الججز الإدارى ضدها، وهذا الكتاب يكشف بوضوح عن سبق صدور قرار ايجابى يجب الطعن عليه بالالغاء خلال الميعاد القانونى، الا أنه لم يقبت اتصال ذلك الكتاب بعلم الشركة المذكورة فى تاريخ معين سابق على قيامها حسبما جاء فى عريضة الدعوى بانذار مصلحة الجمارك فى 23 من أغسطس سنة 1982 بوقف الإجراءات حتى يبت قضائيا فقى قضايا ذات موضوع مماثل، واذ رفعت الشركة المطعون ضدها الدعوى فى 9من اكتوبر سنة 1982 اى خلال ستين يوما محسوبة من تاريخ هذا الانذار الذى عبر عن علمها، فانها تكون دعوى مقبولة شكلا بوصفها وفقا للتكييف السديد متعلقة بقرار ايجابى وليس بقرار سلبى حسبما جاء فى عريضة الدعوى ابتداء وفى الحم المطعون فيه أيضا اذ قضى بقبول الدعوى شكلا على ظن من تعلقها بقرار سلبى.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الأخشاب التى استوردتها الشركة المطعون ضدها تندرج بصفتها تحت البند 44/5 وجرى استيرادها فى ظل القرار الجمهورى رقم 47 لسنة 1977وبذا يغمرها الإعفاء المقرر فيه ولو كانت أخشابا قابلة للاستعمال فى غير أغراض البناء، مما كان يوجب على مصحلة الجمارك اعفائها صدعا به دون تذرع بتخلف الحكمة منه فى شأنها، الأمر الذى يجعل قرارها بالاخضاع قرارا مخالفا للقانون خليقاً بالالغاء، وهو ما قام عليه الحكم المطعون فيه إذا قضى بإلغاء القرار المطعون فيه بصرف النظر عن وصفه بالسلبية فى معرض تكييف الدعوى وبحث مدى قبولها شكلا، ومن ثم فانه يتعين القضاء برفض الطعن.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق