بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

12 أغسطس 2010

حكم نقض :قتل العمد مع سبق الاصرار والترصد المقترن بجناية شروع في قتل




--------------------------------------------------------------------------------



رقم الحكم 29288

تاريخ الحكم 11/10/1990

اسم المحكمة محكمة النقض - مصر



المحكمة

من حيث ان الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه انه اذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد المقترن بجناية شروع في قتل، ودان اولهما لجريمة احراز (سلاح) ناري غير مرخص به وذخائر قد شابه البطلان والخطا في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بان الدعوى احيلت من النيابة العامة الى محكمة الجنايات العادية وتصدت تلك المحكمة للفصل فيها في حين ان المحكمة المختصة بنظرها هي محكمة امن الدولة العليا طوارئ وجاء الحكم قاصرا في استظهار نية القتل لدى الطاعنين، مكتفيا ف هذا الشان بما اورده في مقام الاستدلال على توافر ظرفي سبق الاصرار والترصد، هذا الى ان سبق الاصرار غير متوافر مما تنتفي معه مسئولية الطاعن الثاني الذي لم يكن له دور في الواقعة، وخلص الحكم الى رفض دفاع الطاعن الاول القائم على بطلان الاعتراف المعزو اليه لكونه وليد اكراه معنوي ونفسي، ودفاع الطاعنين المؤسس على توافر احدى حالات الدفاع الشرعي، بما لا يسوغ رفضهما ويخالف صحيح القانون واخيرا فقد نازع الطاعنان في حصول الواقعة في المكان الذي وجدت فيه جثة المجني عليه الاول بيد ان الحكم المطعون فيه اغفل هذا الدفاع، وذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث ان النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية ضد الطاعنين بوصف انهما في يوم 10 يونيو سنة 1986: اولا الطاعنان: قتلا. . . . . . . . . عمدا مع سبق الاصرار والترصد. . . . . . وقد تقدمت هذه الجناية جناية اخرى هي انهما في الزمان والمكان سالف الذكر شرعا في قتل. . . . . . . . . عمدا مع سبق الاصرار والترصد. . . . . . . ثانيا/الطاعن الاول: ا – احرز بغير ترخيص (سلاح)ا ناريا مششخنا " مسدسا " ب: احرز ذخيرة " طلقات " مما تستعمل في ال(سلاح) الناري سالف الذكر دون ان يكون مرخصا في حيازته واحرازه. وطلبت عقابهما بالمواد 230، 231،232 من قانون العقوبات والقانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا بتاريخ 27 مايو سنة 1989 بمعاقبة الطاعن الاول بالاشغال الشاقة المؤبدة وبعاقبة الثاني بالاشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبمصادرة ال(سلاح) المضبوط، لما كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 باحالة بعض الجرائم الى محاكم امن الدولة طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شان الاسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له، قد خلا كلاهما، كما خلا اي تشريع اخر، من النص على افراد محاكم امن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها – دون سواها – في جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 انفة البيان، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على ان محاكم امن الدولة محاكم استئنافيا اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لاحكام الاوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية او من يقوم مقامه، ولو كانت في الاصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال اليها من رئيس الجمهورية او من يقوم مقامه، وان الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئا البتة من اختصاصها الاصلي الذي اطلقته الفقرة الاولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة – الا ما استثنى بنص خاص – وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، ويؤيد هذا النظر ما نصت عليه المادة 214 من قانون الاجراءات الجنائية في فقرتها الاخيرة من انه في احوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم امام محكمة واحدة اذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم امام محكمة واحدة اذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك، لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة – قد التزمت هذا النظر واحالت الدعوى الى محكمة الجنائيات العادية، وتصدت تلك المحكمة للفصل فيها – وهي مختصة بذلك – لما كان ذلك، فان النعي بصدور الحكم من محكمة غير مختصة يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه ان المجني عليه الثاني. . . . . كان قد اتهم بقتل شقيق الطاعن الاول سنة 1978 وقضى ببراءته. ومنذ ذلك الحين والطاعن المذكور يتحين الفرصة للثار لشقيقه، وقد وانته هذه الفرصة يوم الحادث عند مشاهدته المجني عليه سالف الذكر بسوق الناحية فعقد العزم على قتله واحضر (سلاح)ه وذخيرته من مسكنه واستعان بالطاعن الثاني لمؤازرته وتربصا بالمجني عليه في طريق عودته الى منزله واذ قبل عليهما وبصحبته المجني عليه الاول يستقلان جرارا زراعيا توقف بهما في مكان الحادث، فقد اطلق الطاعن الاول مقذوفا ناريا صوب المجني عليه الثاني قاصدا قتله فاصابه في ذراعه الايمن ولما حاول المجني عليه الاول رد هذا العدوان بمطواة شاهرها في وجه عاجله المذكور بعيار ناري اصابه في وجهه فارداه قتيلا، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة ف حق الطاعنين ادلة لها معينها من اقوال الشهود ومعاينة مكان الحادث وتقرير الطب الشرعي واعتراف الطاعن الاول في تحقيقات النيابة وهي ادلة سائغة من شانها ان تؤدي الى ما رتبه عليها، ثم عرض الحكم لنية القتل وظرف سبق الاصرار واستدل عليهما بالخصومة الثارية الناجمة عن مقتل شقيق الطاعن الاول وعزمه على الثار من المجني عليه. . . . . . . . واعداده ال(سلاح) الناري المحشو بالذخيرة وتدبره الامر في هدوء وروية واستعانته بالطاعن الثاني ليشد من ازره، وتربصهما في الطريق الذي ايقنا عودة المجني عليهما منه ومفاجاة المجني عليه الثاني باطلاق عيار ناري عليه ثم اطلاق عيار اخر على راس المجني عليه الاول من مسافة قريبة، لما كان ذلك، وكان من المقرر ان قصد القتل امر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي ياتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه، وان استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول الى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما انه من المقرر ان البحث في توافر ظرف سبق الاصرار من اطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج، وكان ما اورده الحكم على النحو المتقدم يكفي في استظهار نية القتل لدى الطاعنين وفي الكشف عن توافر سبق الاصرار في حقهما وهو ما يلزم عنه ثبوت الاشتراك في حق من لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها ويرتب تضامنا في المسئولية بين الطاعنين بصرف النظر عن الفعل الذي قارفه كل منهما ومدى مساهمته في النتيجة المترتبة عليه، ومن ثم يكون منعي الطاعنين في هذا الصدد في غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعن الاول في تحقيقات النيابة لصدوره تحت تاثير الاكراه، واطراحه استنادا الى ما اثير في هذا الشان جاء مجهلا لم يبين فيه الدفاع ماهية الاكراه الذي تعرض له الطاعن، فضلا عن كونه مجرد قول مرسل خلت الاوراق مما يظاهره وكان الاعتراف في المسائل الجنائية وهو من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات ولها ان تاخذ به متى اطمانت الى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما ان لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من ان الاعتراف المعزو اليه قد انتزع منه بطريق الاكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها – كالشان في الطعن المطروح – على اسباب سائغة، فان ما يثيره الطاعن في هذا الشان يكون بدوره غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعنين من انهما كانا في حالة دفاع شرعي عن النفس واطرحه بقوله " بالنسبة للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بالنسبة لمقتل. . . . . . . . فانه يشترك لقيام حالة الدفاع الشرعي ان يكون قد وقع فعل ايجابي من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة وان يكون المتهم قد اعتقد بوجود خطر حال على نفسه وان يكون فعل المتهم لرد العدوان هو الوسيلة الوحيدة لرده كما انه من المقرر في صحيح القانون انه متى ثبت التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الاصرار عليها او التحيل لارتكابها انتفى حتما موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا حالا لعدوان حال دون الاعداد واعمال الخطة لنفاذه، لما كان ذلك، وكان الثابت من ماديات الدعوى ان المتهم بعد ان اعد عدته للانتقام من المجني عليه. . . . . . اخذ بثار شقيقه انتظره في المكان الذي ايقن عودته منه حاملا (سلاح)ه المحشو بالذخيرة فتاهب للانقضاض عليه وما ان راه حتى فاجاه بطلاق النار عليه فلما اراد. . . . . . رد هذا العدوان وايقافه شاهرا مطواة عاجله بطلق ناري ارداه قتيلا الامر الذي يبين منه ان المتهم الاول فضلا عن تدبيره واصراره السابق على القتل فانه هو الذي بدا بالعدوان على المجني عليه. . . . . . . . ومن ثم يكون ما صدر عن المتهم الاول من قتل. . . . . . . . . هو استمرار لعدوانه على المجني عليه. . . . . . . . . السابق اصراره على الانتقام منه وتربص له وبالتالي يكون الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي على غير اساس ويتعين القضاء برفضه، وكان هذا الذي اورده الحكم كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون، ذلك ان حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى اثبت الحكم التدبير للجريمة بتوافر سبق الاصرار او التحيل لارتكابها مما ينتفي به حتما موجب الدفاع الشرعي، هذا الى ان الدفاع الشرعي ينفيه ايضا ما اثبته الحكم من ان الطاعن الاول هو الذي فاجا المجني عليهما بالاعتداء، واذ كان من المقرر ان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي او انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية الى النتائج التي رتبتها عليها كما هو الحال في الدعوى المطروحة فان منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعنين لم يثيرا منازعة ما لدى محكمة الموضوع بشان مكان حصول الواقعة، فليس لها – من بعد – ان ينعيا عليها قعودها عن الرد على دفاع لم يثيراه امامها ولا يقبل منهما التحدي بهذا الدفاع لاول مرة امام محكمة النقض. لما كان ذلك، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

ليست هناك تعليقات: