بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

19 يوليو 2010

-5-
البعد الدولى للمشكلة






لا شك أن تنشئة الفرد تُحتِّم عليه أن يكون له مجموعة من العادات والمعتقدات تُرسى دعائم المجتمع، وينتج عنها ضوابط اجتماعية تدخل فى إطار السلوك الاجتماعى، ما يعرف بالسلوك السوىّ والسلوك غير السوىّ. والانحراف (السلوك غير السوىّ)، ويرى الكثير من علماء النفس والاجتماع أنه سلوك مضاد للمجتمع وأن انحراف الأحداث يأتى نتيجة لما يتعرض له الأطفال من مشاكل وصعوبات حياتية.

ويصبح من المهم محاولة دراسة مشكلة أطفال الشوارع من ناحية أكثر شمولية تتواكب مع التطورات الجارية فى العالم، طبقاً للارتفاع المضطرد للأطفال المنتشرين فى الشوارع، ولذلك فإن مثل هذه المشكلات لا يجب النظر إليها بسطحية أو التقليل من مضاعفاتها لأن ذلك يقود إلى الدخول فى دائرة الخطورة الاجتماعية عندما تتجاوز حدود الهامشية.





البعد الدولى للمشكلة



إن قضية الأطفال أصبحت فى الوقت الحاضر من القضايا الرئيسة التى يُعطى لها أهمية من قِبَل المجتمع الدولى، ولأول مرة فى تاريخ البشرية تتصدر قضايا الطفولة جدول أعمال العالم . حيث أقرت منظمة الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل بالإجماع فى نوفمبر 1989م.



وتُعدُّ الاتفاقية الأولى التى تحظى بهذا الإجماع الدولى بين كافة الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، وبعد حوالى عام من تبنى الأمم المتحدة للاتفاقية تمَّ عقد أول مؤتمر قمة عالمى من أجل الطفل فى نيويورك فى سبتمبر عام 1990م بحضور ممثلين عن 159 دولة منهم 71 رئيس دولة ورئيس حكومة فى المؤتمر، وخرج المؤتمر بإعلان دولى يهدف إلى تبنِّى بقاء الطفل وحمايته ونمائه وخطة عمل لتنفيذ هذا الإعلان خلال فترة التسعينيات.

وبرغم هذا الاهتمام الدولى بقضايا الأطفال وتحديداً منذ الإعلان عن صدور اتفاقية حقوق الطفل الدولى التى تضمن حقوق الطفل في العيش والبقاء والنماء، وتؤكد على مصالح الطفل الفضلى وتوفير الرعاية والحماية من سوء المعاملة والاستغلال، ورغم الجهود التى تقوم بها الدول والمنظمات غير الحكومية فإن حقوق الطفل الأساسية فى كثير من البلدان مازالت على هامش خطط التنمية، ولم تتحول إلى أولويات حقيقية حتى الآن.

ولذلك ينبغى الاهتمام بمحاربة ظاهرة أطفال الشوارع والتصدِّى لها باعتبارها الظاهرة الأكثر خطورة فى تاريخ المجتمعات الحالية والقنبلة الموقوته التى يمكن أن تضرب المجتمع وتؤدِّى إلى حدوث خلل كبير فى بنيته الأساسية عن طريق صياغة مجموعة من الحلول والآليات تستطيع مواجهة تلك الظاهرة ومحاولة التغلب عليها:

الآليات الإقليمية والدولية فى مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع





ويوضح الجدول التالى أهم الآليات الإقليمية والدولية التى اتبعتها بعض الدول من أجل محاولة التغلب على هذه الظاهرة

جدول رقم (1)

الآليات الإقليمية والدولية فى مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع



الآليات المستخدمة الهدف الأساسى

1. إنشاء دور خاصة لرعاية أطفال الشوارع (مؤسسات خاصة)

- بناء علاقة صداقة موجَّهة مع الأطفال المعرضين للخطر، من خلال تأهيل أعضاء (متطوعين ضمن صفات وشروط معينة) من المجتمع المحلِّى، للقيام بدور الأصدقاء لهؤلاء الأطفال.

- توفير الرعاية الاجتماعية والنفسية لجميع الأطفال الذين يتم القبض عليهم.

2. إنشاء مراكز لإعادة تأهيل وتدريب أطفال الشوارع - تأهيل الأطفال عن طريق تعليمهم بعض الحرف البسيطة للمشاركة الفعالة فى تنمية المجتمع واقتصاده.

3. وضع تشريعات تنظم وتهتم بحقوق الطفل

- الاهتمام بسن القوانين والتشريعات التى تهتم بحقوق الطفل، مع الاهتمام بتفعيل كافة القوانين التى تحمى حقوق الإنسان.

4. إنشاء شبكة وطنية (كيان قومى) لمحاربة الظاهرة







- تسليط الأضواء على هذه الظاهرة، والتعامل معها من أجل إيجاد حلول سريعة وعاجلة.

- التعاون مع الحكومة من أجل وقف التدهور المستمر فى تلك الظاهرة.

- يتكوَّن هذا الكيان من عدة وحدات تختص كل منها بوظيفة معينة، حيث تقوم الأولى بجمع المعلومات، بينما تقوم الثانية بإعادة تأهيل وتدريب هؤلاء الأطفال، وتقوم وحدة ثالثة، بالدفاع عنهم، فيما تقوم وحدة رابعة بتوفير المأوى لهم، فضلاً عن وحدة خامسة تهتم بتوفير الخط الساخن للتنسيق بين المؤسسات والجهات المعنية.

- تشكيل مجموعات عمل من المنظمات المشاركة تسعى للبحث عن أطفال الشوارع وتحرى مشاكلهم واستيعابهم فى ملاجئ آمنة.

- رفع مستوى الوعى لدى الشعب والحكومة على حد سواء حول مخاطر الظاهرة وتأثيرها السلبى على المجتمع.

5. إنشاء مراكز متخصصة كشريك حكومى محلى لليونيسيف لحماية أطفال الشوارع

(تحت إشراف اليونيسيف) - تقدم هذه المراكز بالتأهيل والتدريب اللازم لأطفال الشوارع الذين يُبدون استعداداً لترك حياة الشوارع، حيث تُقدِّم لهم بعض الوجبات المغذية، كما توفر لهم مرافق للإيواء تشبه مساكن الطلاب فى الجامعات.

- يقوم موظفو التوعية والمتطوعون فى هذه المراكز برعاية أطفال الشوارع نفسياً واجتماعياً وتدريبهم على الاعتماد على أنفسهم.

- توفر هذه المراكز أماكن لتعلم المهارات المهنية والحرف البسيطة. كما تخصص بعض الأوقات لتنمية المواهب الفنية والرياضية لهؤلاء الأطفال لمساعدتهم على تجاوز تجاربهم السابقة.

المصدر: تمَّ تطوير الجدول بواسطة الفريق البحثى.
• تفعيل القوانين والتشريعات بما يحقق القضاء على هذه الظاهرة من المنبع، مع العمل على وضع إجراءات تستهدف الردع والتقويم وحماية النشء وتحصينهم ضد الخلافات الأسرية وتأثيرها على مستقبلهم.


• الاهتمام بتفعيل المشاركة المجتمعية الواسعة تتحمل فيها الدولة مسؤوليتها بجانب الأحزاب ومنظمات العمل الأهلى والجهود التطوعية.

• أهمية التحرك الجاد على عدة محاور اجتماعية واقتصادية وتشريعية توفر تحليلاً موضوعياً للخلل الأسرى كمصدر أصيل ومباشر لتفريغ هذه الظاهرة وتحديد أسباب هذا الخلل اقتصاديا وتربويا لإيجاد حلول واقعية لعلاجه.

• دعم سياسات الدفاع الاجتماعى، وتعظيم خدمات برامج الضمان الاجتماعى ودعم الأسر الفقيرة من خلال مشروعات اقتصادية سريعة العائد، بالإضافة إلى دعم مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأطفال وتوسيع طاقتها الاستيعابية فى فترة قصيرة على نحو يكفل احتواء هذه الظاهرة.

• تجميع الجهود طويلة المدى وتوحيدها، مع تحديد الأدوار والمسؤوليات لكافة الأطراف، والتعامل مع ظاهرة أطفال الشوارع من منظور اجتماعى إصلاحى ودينى وليس أمنيًا وعقابياً.

• إنشاء نظام اجتماعى يقوم على تفعيل آلية لرصد الأطفال المعرضين للخطر، والتدخل المبكِّر لحمايتهم وأسرهم من كافة أشكال العنف والاستغلال.

• الاهتمام بحماية الأطفال المتسربين من التعليم، والذين يتعرَّضون لعنف داخل الأسر أو المدارس، وضحايا الأسر المفككة والعاملين فى سن مبكرة، وفى بيئة عمل غير آمنة، والذين ينتمون إلى أسر ذات وضع اقتصادى متدن؛ لأن كل هذه العوامل تؤدِّى بدورها إلى نزوح الطفل إلى الشارع.

• تفعيل نظام الضمان الاجتماعى، وإنشاء مراكز تأهيل مهنى ونفسى واجتماعى للأطفال، مع ضرورة حماية الأطفال الموجودين فى الشارع من خلال التعامل معهم فى الشارع نفسه، لتفادى المخاطر التى يتعرضون لها، وجذبهم تدريجيًا إلى الرجوع إلى أسرهم أو تشجيعهم على ارتياد المؤسسات الاجتماعية فى حالة عدم التمكن من إعادتهم إلى أسرهم أو لأسر بديلة.

• تفعيل دور الإعلام لرفع الوعى وإثارة الرأى العام بأهمية التصدِّى للمشكلة فى مرحلة مبكرة، وعدم عدّ هؤلاء الأطفال مجرمين، بل ضحايا يستحقون الرعاية أكثر مما يستحقون الإدانة.



























مكتب / محمد جابر عيسى المحامى





تعليقات

ليست هناك تعليقات: