بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

19 يوليو 2010

-2-




مقدمة






تهدف هذه الدراسة إلي مناقشة واحدة من المعضلات التي تواجه المرأة المصرية وتشكل إحدى مصادر المعاناة لها وهى قضية النفقة التي تواجه فيها المرأة أزمة مفاجئة حال امتناع الزوج أو المطلق عن الوفاء بالتزاماته المالية حيال الزوجة أو المطلقة وأبناءهما.



وتثور قضايا النفقة في حالتين:

الأولى : هي هجر الزوج لمسكن الزوجية أو نشوب خلافات بينهما يمتنع الزوج على أثرها عن الأنفاق.

الثانية : هي تطليق الزوج لزوجته، سواء بإرادته المنفردة أو لاستحالة العشرة بينهما، عبر المحكمة وامتناعه عن إعطاء الزوجة حقوقها المالية والأنفاق على أبناءه منها.

في هاتين الحالتين تستحق الزوجة وأبناءها، في حالة وجود أبناء، النفقة من الزوج أو المطلق. وتتعقد المشكلة حينما تكون الزوجة أو المطلقة لا تعمل أو ليس لها مورد دخل أخر وتكون بيئتها الاجتماعية من المستويات الفقيرة مما يعنى أن المرأة تجد نفسها فجأة تواجه صعوبات الحياة دون موارد مالية أو مساعدة تعينها على الاستمرار في الحياة. هذه الظروف تجعلها هي والأبناء في حالة خوف شديد لاسيما الأبناء الملتحقين بالمدارس، نتيجة لعدم قدرتها علي الاستمرار في تغطية تكاليف الاحتياجات الأساسية ومن ثم يصبح من السهولة أن يقع الجميع فريسة لأي توجهات قد لا يرضى عنها المجتمع ولكنهم مجبرون علي المضي فيها ربما يحالفهم النجاح في تغطية بعض الاحتياجات. وقد أدرك المشرع أن هذه الحالة تتطلب التدخل العاجل من كافة الجهات المعنية بالمجتمع لمساندة هذه المرأة وأطفالها.

وقد نص القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص بأحكام الأحوال الشخصية والمعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على الحكم بنفقة مؤقتة للزوجة على سبيل الاستعجال لحين الفصل في الدعوى في شكلها النهائي. وذلك للإسراع في تغطية تكاليف الحياة اليومية والأساسية للبقاء على قيد الحياة مثل المأكل، الملبس، السكن، العلاج، الكسوة وغيرها من الاحتياجات التي في حال تغطية الحد الأدنى منها تكفل الحياة الآدمية للمرأة وأطفالها. ولكن يبقي النص معطل في معظم الأحيان نتيجة لعدم التنفيذ.

وأضاف المشرع في القانون رقم 1 لسنة 2000 بالنص على إلزام بنك ناصر بصرف المبالغ المحكوم بها كنفقة لثلاث حالات هم الزوجة، الأبناء، الوالدين مما يعنى أن هناك إدراك من المشرع بالمعضلة والمعاناة التي تواجه الأسرة حال امتناع عائلها عن الأنفاق.

وفى الواقع، فإن الأمور لا تسير وفقاً لما رسمه المشرع وإنما تأتى العقبات أمام الزوجة والأولاد لتجعل أمر صرف النفقة من الأمور شبة المستحيلة سواء لطول إجراءات التقاضي أو الامتناع عن تنفيذ بعضها بإدعاء عدم توفير مخصصات مالية لدى البنك أو عدم وجود مصدر دخل ثابت للزوج الصادر في حقه الحكم بالنفقة أو غيرها من التعقيدات الإدارية التي تحول دون حصول طالبة النفقة علي حقوقها الشرعية بموجب القانون.

لذلك تأتى أهمية هذه الدراسة آلتي تتناول بالفحص والبحث النصوص القانونية المعنية بموضوع النفقة وذلك بهدف التعرف على العقبات القانونية، سواء على مستوى النص أو التطبيق، آلتي تواجه المرأة في قضايا النفقة للوصول إلى صياغة لمستخلصات بشأن تعديل بعض نصوص القانون ودراسة إمكانية تقويم سبل الدعم للنساء ولأطفالهن لتوفير الحد الأدنى من الحياة الإنسانية. وتضمنت الدراسة أيضاً تحليل لعدد مائة وأثنين وثلاثون دعوى قضائية قامت برفعها سيدات للحصول على نفقة لهن أو لأبنائهن للوقوف على الأسباب الإجرائية لتعطيل الحصول على الأحكام فضلا عن معوقات التنفيذ لأحكام النفقة. كما قام عدد من الباحثين الميدانين بعقد مقابلات ميدانية مع عدد ستة وسبعون سيدة لدراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي لهن ولأبنائهن وتأثير عدم الحصول على النفقات اللازمة علي حياتهن وحجم المعاناة التي تعانينها بشكل يومي ومتكرر وكذلك مدى توافر أي دعم أو مساندة تذكر من أي جهة.

ونأمل من تقديم الدراسة إلي المجلس القومي للمرأة والمتخصصين ومؤسسات المجتمع المدني أن تكون بمثابة المرشد لوضع حلول عملية لانتشال السيدات من واقع يعصف بهن وبأبنائهن ويعبث بمستقبلهم جميعاً حيث أن الخاسر في نهاية الأمر هو المجتمع بصفة عامة.
























مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

ليست هناك تعليقات: