بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

19 يوليو 2010

-10-

استيفاء بنك ناصر الاجتماعي لمبالغ النفقة المحكوم بها





حتى يتمكن بنك ناصر الاجتماعي من استيفاء مبالغ النفقة المحكوم بها والتي يلتزم بالوفاء بها إلي مستحقيها، سواء كان المحكوم عليه من أصحاب الأجور أو المرتبات أو المعاشات أو ما في حكمها أو كان من غيرهم، فقد وضع القانون نظاماًً لاستيفاء البنك لهذه الديون، نعرض فيها ما يلي :



أولاً : بالنسبة للمحكوم عليهم من أصحاب المرتبات والأجور والمعاشات وما في حكمها

تنص المادة 73 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أن : " علي الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وجهات القطاع الخاص والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وإدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة والنقابات المهنية وغيرها من جهات أخرى، بناء علي طلب من بنك ناصر الاجتماعي مرفق به صورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية للحكم وما يفيد تمام الإعلان، أن تقوم بخصم المبالغ في الحدود التي يجوز الحجز عليها وفقاً للمادة (76) من هذا القانون من المرتبات وما في حكمها والمعاشات وإيداعها خزانة البنك فور وصول الطلب إليها ودون حاجة إلي إجراء آخر"



ويشترط لتطبيق هذا النص ما يلي:

1. أن يكون دين المحكوم له مما نص عليه في المادة 72 من القانون، وهو دين النفقة والأجور وما في حكمها المقضي به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين.

2. أن تكون مستحقات المحكوم ضده مما تختص بصرفه الجهات المذكورة بالمادة.

3. أن يطلب بنك ناصر الاجتماعي من الجهات المذكورة خصم المبالغ جائزة الحجز وإيداعها خزانة البنك فور وصول الطلب إليها. وأن يرفق بالطلب صورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية للحكم الصادر بالنفقة النهائية أو النفقة المؤقتة وما يفيد تمام إعلانها.

من البديهي أنه إذا كان المبلغ المحكوم به يقل علي الحد الأقصى لما يجوز خصمه أو الحجز عليه فأن طلب البنك يكون محدداً بالمبلغ المقضي به. وعندئذ تلتزم هذه الجهات بخصم المبالغ المذكورة وإيداعها خزانة البنك دون حاجة إلي إجراء آخر.



ثانياً: بالنسبة للمحكوم عليهم من غير ذوى المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها

تنص المادة 74 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أنه : " إذا كان المحكوم عليه من غير ذوى المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها، وجب عليه أن يودع المبلغ المحكوم به خزانة بنك ناصر الاجتماعي أو أحد فروعه أو وحدة الشئون الاجتماعية الذي يقع محل إقامته في دائرة أي منها في الأسبوع الأول من كل شهر متي قام البنك بالتنبيه عليه بالوفاء "

وهذا النص يسري علي غير ذوي المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها، فيشمل التجار والمزارعين وأصحاب المهن الحرة والحرف ... الخ.

ولا يلزم أن ينبه بنك ناصر شهرياً علي المحكوم عليهم من هؤلاء بإيداع دين النفقة المحكوم به وإنما يكفي أن ينبه البنك مرة واحدة علي المحكوم عليه بأداء النفقة في المدة المبينة بالحكم أو لحين إخطاره بانتهاء تنفيذ الحكم الصادر بالنفقة إذا لم يكن تاريخ انتهاء النفقة محدداً بالحكم. وليس للتنبيه شكل خاص فيجوز أن يتم بكتاب مسجل أو بكتاب يسلم علي سركي إلي المحكوم عليه يوقع عليه بما يفيد الاستلام.



استيفاء بنك ناصر ما قام بأدائه:

نصت المادة 75 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أن " لبنك ناصر الاجتماعي استيفاء ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه تسليم ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه عن أدائها".

جزاء التوصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي بناء علي إجراءات أو أدلة صورية أو مصطنعة أو التحايل علي مبالغ غير مستحقة.

تنص المادة 79 من القانون رقم (1) لسنة 2000 علي أن :"مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر، يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر، كل من توصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو لأمر صدر استناداً إلي أحكام هذا القانون بناء علي إجراءات أو أدلة صورية أو مصطنعه مع علمه بذلك. وتكون العقوبة الحبس الذي لا تزيد مدته علي سنتين لكل من تحصل من بنك ناصر الاجتماعي علي مبالغ غير مستحقة له مع علمه بذلك مع إلزامه بردها".



فهذه المادة تجرم فعلين:

الأول : التوصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو أمر صادر بالنفقة للزوجة أو المطلقة أو الوالدين. وذلك إذا صدر الحكم أو الأمر بناء علي إجراءات أو أدلة صورية كأن يتواطأ الزوج مع زوجته علي أن ترفع دعوى نفقة ضده رغم أنه ينفق عليها ويصدر لها حكم بالنفقة، أو أن يتواطأ مع والديه أو أحدهما علي استصدار حكم ضده بالنفقة رغم يسرهما أو أن يكون المحكوم له قد قدم مستندات غير صحيحة من صنعه عن حالته أو حالة المحكوم عليه المالية وصدر الحكم بناء عليها. والدليل المصطنع غالبا ما تتوافر فيه جريمة التزوير أو استعمال محرر مزور والعقوبة التي رصدتها المادة لهذا الفعل هي الحبس الذي لا يقل مدته عن ستة أشهر والحد الأقصى للحبس طبقاً للمادة 18 عقوبات ثلاث سنوات.

الثاني : التحصيل من بنك ناصر الاجتماعي على مبالغ غير مستحقة مع علمه بذلك. ومثال ذلك أن يحصل المحكوم له من بنك ناصر الاجتماعي على مبلغ النفقة رغم علمه بسابقة حصوله عليه من المحكوم ضده وعقوبة هذا الفعل الحبس الذي لا يزيد مدته على سنتين مع إلزامه برد المبالغ غير مستحقة. ويكون الحد الأدنى للعقوبة الحبس 24 ساعة (م 18عقوبات).

وواضح أن العقوبة المنصوص عليها لكل من الجريمتين لا تخل بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر. والشروع في الجريمتين غير معاقب عليه لأن كل منهما يشكل جنحة ولا عقاب على شروع الجنح إلا بنص (م47 عقوبات).







ولنا على المادة سالفة الذكر ملحوظتان:

أولاً : نصت المادة علي العقوبة الواردة بالفقرة الأولي كجزاء للتوصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو أمر صدر استناداَ إلي أحكام هذا القانون بناء علي إجراءات أو أدلة صورية ... الخ رغم أن المادة 72 من القانون ألزمت بنك ناصر الاجتماعي بأداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به ولم تشر إلي نفقات يصدر بها أمر. ومن ناحية أخري فإنه لم يعد من الجائز استصدار أمر علي عريضة بالنفقة المؤقتة للزوجة أو المطلقة أو الصغار منذ العمل بالقانون رقم 62 لسنة 1976 (الملغي)، وبالنسبة للأبناء الكبار والوالدين منذ العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000 الذي ألغي بالقانون الأخير.

ويبدو أن المشرع نقل لفظ (لأمر) من المادة التاسعة من القانون رقم 62 لسنة 1976 (الملغى) التي نصت على أن:

"مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد نص عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر. يعاقب بالحبس كل من توصل إلي الحصول علي أية مبالغ من بنك ناصر الاجتماعي نفاذاً لحكم أو لأمر مما نص عليه في هذا القانون صدر بناء علي إجراءات أو أدلة صورية أو مصطنعة".

ثانياً : أن النص فرق في عقوبة الرد، بين الجريمة الواردة بالفقرة الأولي من المادة والجريمة الواردة بالفقرة الثانية منها، فألزم الجاني بالرد في الجريمة الأخيرة دون الأولي بدون مبرر لهذه التفرقة لأن الجاني في الجريمتين يحصل علي مبالغ مستحقة من بنك ناصر الاجتماعي.



من عرض السابق يجب أن نوضح أن دور بنك ناصر الاجتماعي لا يتعدى كونه دور شكلي فقط لا غير ولم يحقق الغرض الذي تم النص علية في القانون في التنفيذ العاجل لأحكام النفقة حتى ولو كانت مؤقتة، لاسيما إذا كان المدعي عليه لا يعمل بعمل ثابت الدخل معلوم الجهة وذلك نظراً لما يطلبه القانون من ضرورة إيداع المدعي علية مبلغ بقيمة النفقة وهو ما لا يتم عادةً في الواقع فالواقع الملموس أن بنك ناصر الاجتماعي يدعي دائما بأنه ليس لديه السيولة اللازمة لسداد أي نفقات للزوجة أو الأولاد.



إذا كان الزوج من ذوي الأجور أو المرتبات أو المعاشات الثابتة ما الذي يدعى الزوجة للذهاب إلى بنك ناصر لاستيفاء نفقتها وبإمكانها الذهاب مباشرة لمحل عمله و تخصم من مرتبه أو معاشه النفقة لاسيما وان البنك دائما ما يؤجل الصرف حتى يتلقى موافقة جهة عمل الزوج بالخصم من راتبه.



إحجام بنك ناصر عن تنفيذ الأحكام الصادرة على ذوي المهن الحرة خوفا،ً بإدعاء عدم استطاعة البنك استيفاء مقابل هذه النفقة ، علما بأن الهدف الأساسي للنص على أن يقوم بنك ناصر بالوفاء بأحكام النفقة هو معالجة مماطلة الأزواج في التنفيذ لاسيما العاملون بالمهن الحرة. هذا فضلاً عن تجاهل البنك ما أعطاه له القانون من صلاحيات لضمان أموال البنك حيث أجازت المادة السادسة لبنك ناصر الاجتماعي استيفاء ما قام بوفائه من ديون النفقة بطريق الحجز الإداري علي أموال المحكوم عليه في حدود المبالغ الملزم بها، طبقاً لأحكام القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الجزء الإداري.

وطريق الحجز الإداري يتميز بأنه أقصر وأيسر من الحجز القضائي ويضمن للبنك كافة أمواله أياً كان عمل المنفذ عليه.







مكتب/ محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

ليست هناك تعليقات: