مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
الضمان في الشريعة الإسلامية - الجزء الثالث
الضمان في الشريعة الإسلامية - الجزء الثالث
ثالثاً : الضّمان في عقود الأمانة :
ضمان الوديعة :
تعتبر الوديعة من عقود الأمانة ، وهي أمانة في يد المودع - أو الوديع - فهو أمين غير ضامن لما يصيب الوديعة ، من تلف جزئيّ أو كلّيّ ، إلاّ أن يحدث التّلف بتعدّيه أو تقصيره أو إهماله .
وهذا الحكم متّفق عليه بين الفقهاء ويشهد له ما روي عن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال » ليس على المستعير غير المغلّ ضمان ولا على المستودع غير المغلّ ضمان «
والمغلّ هو : الخائن ، في المغنم وغيره .
وما روي - أيضاً - عن عبد اللّه بن عمرو عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » من أودع وديعةً فلا ضمان عليه « .
ومن أسباب الضّمان في الوديعة التّعدّي أو التّقصير أو الإهمال .
ضمان العاريّة :
مشهور مذهب الشّافعيّ ، ومذهب أحمد ، وأحد قولي مالك - كما نصّ ابن رشد - وقول أشهب من المالكيّة ، أنّ العاريّة مضمونة ، سواء أتلفت بآفة سماويّة ، أم تلفت بفعل المستعير ، بتقصير أو بغير تقصير وهو مرويّ عن ابن عبّاس وأبي هريرة ، وإليه ذهب عطاء وإسحاق ، واستدلّوا : بحديث جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما : » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أميّة أدرعاً ، يوم حنين ، فقال : أغصباً يا محمّد ؟ قال : بل عاريّة مضمونة « وفي رواية : » فقال : يا رسول اللّه ، أعاريّة مؤدّاة ، قال : نعم عاريّة مؤدّاة « .
وحديث الحسن عن سمرة رضي الله عنه ، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : » على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي « .
ولأنّه أخذ ملك غيره ، لنفع نفسه ، منفرداً بنفعه ، من غير استحقاق ولا إذن ، فكان مضموناً ، كالغاصب ، والمأخوذ على وجه السّوم .
ومذهب الحنفيّة ، وهو قول ضعيف عند الشّافعيّة أنّ العاريّة أمانة عند المستعير ، فلا تضمن إذا هلكت من غير تعدّ ولا تقصير وذلك لحديث : » ليس على المستعير غير المغلّ ضمان « .
ولأنّ عقد العاريّة تمليك أو إباحة للمنفعة ، ولا تعرّض فيه للعين ، وليس في قبضها تعدّ ، لأنّه مأذون فيه ، فانتفى سبب وجوب الضّمان .
وإنّما يتغيّر حال العاريّة من الأمانة إلى الضّمان ، بما يتغيّر به حال الوديعة .
وذهب المالكيّة إلى تضمين المستعير ما يغاب عليه من العاريّة ، وهو : ما يمكن إخفاؤه كالثّياب والحليّ والكتب ، إلاّ أن تقوم البيّنة على هلاكها أو ضياعها بلا سبب منه فلا يضمن حينئذ ، خلافاً لأشهب القائل : إنّ ضمان العواريّ ضمان عداء ، لا ينتفي بإقامة البيّنة كما ذهبوا إلى عدم تضمينه ما لا يغاب عليه ، كالحيوان والعقار ، فلا يضمنه المستعير ، ولو شرط عليه المعير الضّمان ، ولو كان لأمر خافه ، من طريق مخوف أو لصوص على المعتمد كما قرّره الدّسوقيّ .
أمّا لو شرط المستعير نفي الضّمان عن نفسه ، فيما يغاب عليه ، فلهم فيه قولان :
أحدهما : أنّه لا عبرة بالشّروط ، ويضمن ، لأنّ الشّرط يزيده تهمةً ، ولأنّه من إسقاط الحقّ قبل وجوبه ، فلا يعتبر .
الآخر : أنّه يعتبر الشّرط ، ولا يضمن ، لأنّه معروف من وجهين : فالعاريّة معروف ، وإسقاط الضّمان معروف آخر ، ولأنّ المؤمنين عند شروطهم كما جاء في الحديث : » المسلمون عند شروطهم « .
الضّمان في الشّركة :
الشّركة قسمان - كما يقول الحنابلة - شركة أملاك وشركة عقد .
فالأولى يعتبر فيها كلّ من الشّركاء ، كأنّه أجنبيّ في حقّ صاحبه ، فلا يجوز له التّصرّف فيه بغير إذنه ، فإن فعل ضمن .
والثّانية شركة أموال ، والفقهاء متّفقون على أنّ يد أحد الشّركاء في مال الشّركة ، يد أمانة، وذلك لأنّه قبضه بإذن صاحبه ، لا على وجه المبادلة ، كالمقبوض على سوم الشّراء، ولا على وجه الوثيقة كالرّهن .
فإن قصّر في شيء أو تعدّى ، فهو ضامن .
وكذلك كلّ ما كان إتلافاً للمال ، أو كان تمليكاً للمال بغير عوض ، لأنّ الشّركة - كما يقول الحصكفيّ - وضعت للاسترباح وتوابعه ، وما ليس كذلك لا ينتظمه عقدها ، فيكون مضموناً.
وكذا إذا مات مجهلاً نصيب صاحبه ، إذا كان مال الشّركة ديوناً على النّاس ، فإنّه يضمن ، كما يضمن لو مات مجهلاً عين مال الشّركة الّذي في يده ، وكذا بقيّة الأمانات ، إلاّ إذا كان يعلم أنّ وارثه يعلم ذلك ، فلا يضمن .
ولو هلك شيء من أموال الشّركة في يده من غير تعدّ ولا تفريط ، لا يضمنه لأنّه أمين .
أمّا لو هلك مال الشّريكين ، أو مال أحدهما قبل التّصرّف فتبطل الشّركة ، لأنّ المال هو المعقود عليه فيها .
الضّمان في عقد المضاربة :
يعتبر المضارب أميناً في مال المضاربة وأعيانها ، لأنّه متصرّف فيه بإذن مالكه ، على وجه لا يختصّ بنفعه ، فكان أميناً ، كالوكيل ، وفارق المستعير ، لأنّه يختصّ بنفع العاريّة .
وهذا ما لم يخالف ما قيّده به ربّ المال ، فيصبح عندئذ غاصباً .
ومع اختلاف الفقهاء في جواز تقييد المضارب ببعض القيود ، لأنّه مفيد ، كما يقول الكاسانيّ ، وفي عدم الجواز لما فيه من التّحجير الخارج عن سنّة القراض كما يقول الدّردير، كالاتّجار بالدّين ، والإيداع ، لكن هناك قيوداً ، لا تجوز له مخالفتها ، منها :
أ - السّفر إذا لم يأذن به ربّ المال ، وهذا لما فيه من الخطر ، والتّعريض للتّلف ، فلو سافر بالمال بغير إذنه ، ضمنه .
ب - إذا قيّده بأن لا يسافر ببحر ، أو يبتاع سلعةً عيّنها له ، فخالفه ، ضمن .
ج - وإذا دفع مال المضاربة قراضاً - أي ضارب فيه - بغير إذن ، ضمن لأنّ الشّيء لا يتضمّن مثله إلاّ بالتّنصيص عليه ، أو التّفويض إليه .
ضمان المضارب في غير المخالفات العقديّة :
المضارب وإن كان أميناً ، لكنّه يضمن - في غير المخالفات العقديّة - فيما يلي :
أ - إذا باع بأقلّ من ثمن المثل ، أو اشترى بأكثر منه ، ممّا لا يتغابن فيه النّاس ، ضمن .
ب - إذا تصدّق بشيء من مال القراض ، أو أنفق من مال المضاربة في الحضر ، على نفسه أو على من يموّله ، ضمن ، لأنّ النّفقة جزاء الاحتباس ، فإذا كان في مصره لا يكون محتبساً .
أمّا لو أنفق في السّفر ، ففيه خلاف وأوجه وشروط في انتفاء ضمانه .
ج - إذا هلك مال المضاربة في يده ، بسبب تعدّيه أو تقصيره أو تفريطه ، فإنّه يضمنه ، وإلاّ فالخسران والضّياع على ربّ المال ، دون العامل ، لأنّه أمين ، كالوديع .
ولو هلك في يده من غير تفريط ، لا يضمنه ، لأنّه متصرّف فيه بإذن مالكه ، على وجه لا يختصّ بنفعه .
د - إذا أتلف العامل مال القراض - المضاربة - ضمنه ، ووجب عليه بدله ، لكن يرتفع القراض ، لأنّه وإن وجب عليه بدله ، لكن لا يدخل في ملك المالك إلاّ بالقبض ، فيحتاج إلى استئناف القراض .
الضّمان في عقد الوكالة :
الوكيل أمين وذلك لأنّه نائب عن الموكّل ، في اليد والتّصرّف ، فكانت يده كيده ، والهلاك في يده كالهلاك في يد المالك ، كالوديع .
ولأنّ الوكالة عقد إنفاق ومعونة ، والضّمان مناف لذلك .
وعلى هذا لا يضمن الوكيل ما تلف في يده بلا تعدّ ، وإن تعدّى ضمن ، وكلّ ما يتعدّى فيه الوكيل مضمون عند من يرى أنّه تعدّى - كما يذكر ابن رشد - .
الوكيل بالشّراء يتقيّد شراؤه بمثل القيمة وغبن يسير - وهو ما يدخل تحت تقويم المقوّمين - إذا لم يكن سعره معروفاً ، فإن كان سعره معروفاً ، لا ينفذ على الموكّل وإن قلّت الزّيادة ، " فيضمنها الوكيل " وهذا لأنّ التّهمة في الأكثر متحقّقة ، فلعلّه اشتراه لنفسه فإذا لم يوافقه ألحقه بغيره .
والوكيل بالبيع ، إذا كانت الوكالة مطلقةً ، لا يجوز بيعه ، إلاّ بمثل القيمة ، عند الصّاحبين ومالك والشّافعيّ ولا يجوز بيعه بنقصان لا يتغابن النّاس في مثله ، ولا بأقلّ ممّا قدّره له الموكّل ، فلو باع كذلك كان ضامناً ، ويتقيّد مطلق الوكالة بالمتعارف .
وممّا يضمنه الوكيل قبض الدّين ، وهو وكيل بالخصومة .
والوكيل بالخصومة لا يملك القبض ، لأنّ الخصومة غير القبض حقيقةً ، وهي لإظهار الحقّ.
ويعتبر قبض الوكيل بالخصومة للدّين تعدّياً ، فيضمنه إن هلك في يده ، لأنّ كلّ ما يعتدي فيه الوكيل ، يضمنه عند من يرى أنّه تعدّى ، وهذا عند جمهور الفقهاء وهو المفتى به عند الحنفيّة .
وهناك أحكام تتعلّق بالضّمان في عقد الوكالة منها :
1 - إذا اشترى الوكيل شيئاً ، وأخّر تسليم الثّمن لغير عذر ، فهلك في يده ، فهو ضامن له، لأنّه مفرّط في إمساكه .
2 - إذا قبض ثمن المبيع ، فهو أمانة في يده ، فإن طلبه الموكّل ، فأخّر ردّه مع إمكانه فتلف ، ضمنه .
3 - إذا دفع الوكيل ديناً عن الموكّل ، ولم يشهد ، فأنكر الّذي له الدّين القبض ، ضمن الوكيل لتفريطه بعدم الإشهاد .
وقيّده الحنفيّة بأن يكون الموكّل قال له : لا تدفع إلاّ بشهود ، فدفع بغير شهود .
4 - إذا سلّم الوكيل المبيع قبل قبض ثمنه ، ضمن قيمته للموكّل .
وكذا إذا وكّله بشراء شيء ، أو قبض مبيع ، فإنّه لا يسلّم الثّمن حتّى يتسلّم المبيع .
فلو سلّم الثّمن قبل تسلّم المبيع ، وهلك المبيع قبل تسلّمه ضمنه للموكّل ، إلاّ بعذر .
للوكيل بالشّراء نسيئةً أن يحبس المبيع لاستيفاء الثّمن ، عند الحنفيّة ثمّ :
أ - إن هلك قبل الحبس ، يهلك على الموكّل ، ولا يضمن الوكيل .
ب - وإن هلك بعد الحبس ففيه تفصيل :
أ - يهلك بالثّمن ، هلاك المبيع ، ويسقط الثّمن عن الموكّل في قول أبي حنيفة .
ب - ويهلك بأقلّ من قيمته ومن الثّمن ، عند أبي يوسف ، حتّى لو كان الثّمن أكثر من قيمته رجع الوكيل بذلك الفضل على موكّله .
ج - وقال : زفر يهلك على الوكيل هلاك المغصوب ، لأنّ الوكيل عنده لا يملك الحبس من الموكّل ، فيصير غاصباً بالحبس .
واشترط الشّافعيّة على الوكيل إذا باع إلى أجل ، أن يشهد ، وإلاّ ضمن . وتردّدت النّقول ، في أنّ عدم الإشهاد ، شرط صحّة أو شرط للضّمان .
ونقل الجمل أنّه إن سكت الموكّل عن الإشهاد ، أو قال : بع وأشهد ، ففي الصّورتين يصحّ البيع ، ولكن يجب على الوكيل الضّمان .
ضمان الوصيّ في عقد الوصاية - أو الإيصاء - :
الإيصاء : تفويض الشّخص التّصرّف في ماله ، ومصالح أطفاله ، إلى غيره ، بعد موته .
ويعتبر الوصيّ نائباً عن الموصي ، وتصرّفاته نافذة ، ويده على مال المتوفّى يد أمانة ، فلا يضمن ما تلف من المال بدون تعدّ أو تقصير ، ويضمن في الأحوال التّالية :
أ - إذا باع أو اشترى بغبن فاحش ، وهو : الّذي لا يدخل تحت تقويم المتقوّمين ، لأنّ ولايته للنّظر ، ولا نظر في الغبن الفاحش .
ب - كما يضمن الوصيّ إذا دفع المال إلى اليتيم بعد الإدراك ، قبل ظهور رشده ، لأنّه دفعه إلى من ليس له دفعه إليه ، وهذا مذهب الصّاحبين .
وقال الإمام : بعدم الضّمان ، إذا دفعه إليه بعد خمس وعشرين سنةً ، لأنّ له ولاية الدّفع إليه حينئذ .
ج - ليس للوليّ الاتّجار في مال اليتيم لنفسه ، فإن فعل : فعند أبي حنيفة ومحمّد يضمن رأس المال ، ويتصدّق بالرّبح .
وعند أبي يوسف يسلّم له الرّبح ، ولا يتصدّق بشيء .
الضّمان في عقد الهبة :
لمّا كانت الهبة عقد تبرّع ، فقد ذهب الفقهاء إلى أنّ قبض الهبة هو قبض أمانة ، فإذا هلكت أو استهلكت لم تضمن ، لأنّه - كما يقول الكاسانيّ - لا سبيل إلى الرّجوع في الهالك ، ولا سبيل إلى الرّجوع في قيمته لأنّها ليست بموهوبة لانعدام ورود العقد عليها . وتضمن عند الحنفيّة في هاتين الحالين فقط :
أ - حال ما إذا طلب الواهب ردّها - لأمر ما - وحكم القاضي بوجوب الرّدّ ، وامتنع الموهوب له من الرّدّ ، ثمّ هلكت بعد ذلك ، فإنّه يضمنها حينئذ ، لأنّ قبض الهبة قبض أمانة، والأمانة تضمن بالمنع والجحد بالطّلب ، لوجود التّعدّي منه .
ب - حال ما إذا وهبه مشاعاً قابلاً للقسمة كالأرض الكبيرة ، والدّار الكبيرة ، فإنّها هبة صحيحة عند الجمهور ، لأنّها عقد تمليك ، والمحلّ قابل له ، فأشبهت البيع لكنّها فاسدة عند الحنفيّة ، لأنّ القبض شرط في الهبة ، وهو غير ممكن في المشاع ، ولا ينفذ تصرّف الموهوب له فيها ، وتكون مضمونةً عليه ، وينفذ تصرّف الواهب فيها .
رابعاً : العقود المزدوجة الأثر :
ضمان الإجارة :
إذا كانت الإجارة : تمليك المنفعة بعوض ، فإنّ المنفعة ضربان :
أ - فقد تكون المنفعة بمجرّدها هي المعقود عليها ، وتتحدّد بالمدّة ، كإجارة الدّور للسّكنى ، والحوانيت للتّجارة ، والسّيّارات للنّقل ، والأواني للاستعمال .
ب - وقد تكون المنفعة المعقود عليها عملاً معلوماً يؤدّيه العامل ، كبناء الدّار ، وخياطة الثّوب ، وإصلاح الأجهزة الآليّة ، ونحو ذلك .
ج - فإذا كانت المنفعة المعقود عليها ، وهي مجرّد السّكنى أو الرّكوب ، أو نحوهما ، يفرّق في الضّمان ، بين العين المأجورة ، وبين المنفعة المعقود عليها :
أ - فتعتبر الدّار المأجورة ، والسّيّارة المستأجرة - مثلاً - أمانةً في يد المستأجر ، حتّى لو خربت الدّار ، أو عطبت السّيّارة ، وهي في يده ، بغير تفريط ولا تقصير ، لا ضمان عليه ، لأنّ قبض الإجارة - كما يقول الكاسانيّ - قبض مأذون فيه ، فلا يكون مضموناً ، كقبض الوديعة والعاريّة ، سواء أكانت الإجارة صحيحةً أم فاسدةً .
ونصّ الشّافعيّة على أنّ يد المستأجر على العين المأجورة يد أمانة كذلك ، بعد انتهاء عقد الإجارة ، إذا لم يستعملها ، في الأصحّ ، استصحاباً لما كان ، كالمودع ، وفي قول ثان : يد ضمان .
قال السّبكيّ : فإن تلفت عقب انقضاء المدّة ، قبل التّمكّن من الرّدّ على المالك ، أو إعلامه ، فلا ضمان جزماً ، أمّا إذا استعملها فإنّه يضمنها قطعاً .
فلو شرط المؤجّر على المستأجر ضمان العين المأجورة ، فهو شرط فاسد ، لأنّه ينافي مقتضى العقد ، وفي فساد الإجارة فيه وجهان ، بناءً على الشّروط الفاسدة في البيع . وصرّح الحنفيّة بأنّ اشتراط الضّمان على الأمين باطل .
وقال ابن قدامة : ما لا يجب ضمانه ، لا يصيّره الشّرط مضموناً ، وما يجب ضمانه ، لا ينتفي ضمانه بشرط نفيه .
وروي عن أحمد ما يدلّ على نفي الضّمان بشرطه ، ووجوبه بشرطه ، استدلاّ بحديث : » المسلمون على شروطهم « .
ب - أمّا المنفعة المعقود عليها ، وهي : السّكنى أو الرّكوب ، فهي مضمونة ، بضمان بدلها على المستأجر بمجرّد تمكّنه من استيفائها ، إذا كانت الإجارة صحيحةً ، بلا خلاف ، سواء انتفع بها المستأجر أم لم ينتفع وفيها : تلزم الأجرة في الإجارة الصّحيحة - أيضاً - بالاقتدار على استيفاء المنفعة ، مثلاً : لو استأجر أحد داراً بإجارة صحيحة ، فبعد قبضها يلزمه إعطاء الأجرة ، وإن لم يسكنها .
أمّا إذا كانت الإجارة فاسدةً فقد اختلف في الضّمان الواجب فيها : فمذهب الجمهور ، وزفر من الحنفيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد - أشار إليها ابن رجب - أنّها كالصّحيحة ، وأنّه يجب في الضّمان أجر المثل ، بالغاً ما بلغ ، لأنّ المنافع متقوّمة ، فتجب القيمة بالغةً ما بلغت ، والإجارة بيع المنافع ، فتعتبر ببيع الأعيان ، وفي بيع الأعيان إذا فسد البيع تعتبر القيمة ، بالغةً ما بلغت ، فكذا بيع المنافع .
والحنفيّة عدا زفر ، وهو الرّاوية الثّانية عن الإمام أحمد ، يرون التّفرقة بين الصّحيحة والفاسدة : ففي الصّحيحة : يضمن الأجرة المتّفق عليها ، مهما بلغت .
أمّا في الفاسدة ، فضمان الأجرة منوط باستيفاء المنفعة ، ولا تجب الأجرة إلاّ بالانتفاع ، ويقول ابن رجب في توجيه هذه الرّواية : ولعلّها راجعة إلى أنّ المنافع لا تضمن في الغصب ونحوه ، إلاّ بالانتفاع ، وهو الأشبه .
أمّا إذا كانت المنفعة المعقود عليها هي إنجاز عمل من الأعمال ، كالبناء والخياطة ونحوهما ، فإنّ الضّمان يختلف بحسب صفة العامل ، وهو الأجير في اصطلاحهم لأنّه إمّا أن يكون أجيراً خاصّاً ، أو مشتركاً أي عامّاً .
والأجير الخاصّ هو الّذي يتقبّل العمل من واحد ، أو يعمل لواحد مدّةً معلومةً ، ويستحقّ الأجر بالوقت دون العمل .
والأجير المشترك ، هو الّذي يتقبّل العمل من غير واحد ، ولا يستحقّ الأجر حتّى يعمل ، والضّابط : أنّ : كلّ من ينتهي عمله بانتهاء مدّة معلومة فهو أجير واحد - أي خاصّ - وكلّ من لا ينتهي عمله بانتهاء مدّة مقدّرة ، فهو أجير مشترك .
ضمان الرّهن :
اختلف الفقهاء في ضمان الرّهن ، إذا هلكت العين المرهونة عند المرتهن ، بعد قبضها وبعد تحقّق شروط الرّهن :
فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الرّهن أمانة في يد المرتهن ، لا يلزمه ضمانه ، إلاّ إذا تعدّى فيه ، أو امتنع من ردّه بعد طلبه منه أو بعد البراءة من الدّين ، ولا يسقط بشيء من الدّين بهلاكه - أي الرّهن - من غير تعدّ ، وذلك : لما روى الزّهريّ عن سعيد بن المسيّب، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : » لا يغلق الرّهن من صاحبه الّذي رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه « .
وذهب الحنفيّة إلى أنّ الرّهن إذا قبضه المرتهن ، كانت ماليّته مضمونةً ، أمّا عينه فأمانة ، وذلك : لما روي عن عطاء أنّه حدّث : » أنّ رجلاً رهن فرساً ، فنفق في يده ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للمرتهن : ذهب حقّك « .
ولحديث عطاء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » الرّهن بما فيه « ومعناه : أنّه مضمون بالدّين الّذي وضع في مقابله .
وذهب المالكيّة إلى ضمان الرّهن بشروط :
أ - أن يكون الرّهن في يد المرتهن ، لا في يد غيره ، كالعدل .
ب - أن يكون الرّهن ممّا يغاب عليه ، أي يمكن إخفاؤه ، كالحليّ والسّلاح والكتب والثّياب.
ج - أن لا تقوم بيّنة على هلاكه أو تلفه بغير سببه ، كالحريق الغالب ، وغارات الأعداء ، ومصادرة البغاة ، فإذا وجدت هذه الشّروط ، ضمن المرتهن ، ولو شرط في عقد الرّهن البراءة وعدم ضمانه ، لأنّ هذا إسقاط للشّيء قبل وجوبه ، والتّهمة موجودة ، خلافاً لأشهب ، القائل بعدم الضّمان عند الشّرط .
وفي اعتبار قيمة الرّهن المضمون ، بعض الخلاف والتّفصيل :
فنصّ الحنفيّة ، على أنّ قيمة المرهون إذا هلك ، تعتبر يوم القبض ، لأنّه يومئذ دخل في ضمانه ، وفيه يثبت الاستيفاء يداً ، ثمّ يتقرّر بالهلاك .
أمّا إذا استهلكه المرتهن أو أجنبيّ ، فتعتبر قيمته يوم الاستهلاك ، لوروده على العين المودعة ، وتكون القيمة رهناً عنده .
وللمالكيّة - في اعتبار قيمة الرّهن التّالف - ثلاثة أقوال ، كلّها مرويّة عن ابن القاسم : الأوّل : يوم التّلف لأنّ عين الرّهن كانت قائمةً ، فلمّا تلفت قامت قيمتها مقامها .
الثّاني : يوم القبض ، لأنّه كشاهد ، وضع خطّه ومات ، فيعتبر خطّه ، وتعتبر عدالته يوم كتبه .
الثّالث : يوم عقد الرّهن ، قال الباجيّ : وهو أقرب ، لأنّ النّاس إنّما يرهنون ما يساوي الدّين المرهون فيه غالباً .
ضمان الرّهن الموضوع على يد العدل :
يصحّ وضع الرّهن عند عدل ثالث ، غير الرّاهن والمرتهن ، ويتمّ ويلزم بقبض العدل، لأنّ يده كيد المرتهن
ولا يأخذه أحدهما منه ، لأنّه تعلّق حقّ الرّاهن في الحفظ بيده ، وتعلّق حقّ المرتهن به استيفاءً ، فلا يملك أحدهما إبطال حقّ الآخر .
ولو دفع الرّهن إلى أحدهما ضمن ، لتعلّق حقّهما به ، لأنّه مودع الرّاهن في حقّ العين ، ومودع المرتهن في حقّ الماليّة ، وكلاهما أجنبيّ عن صاحبه ، والمودع يضمن بالدّفع إلى الأجنبيّ .
ولو هلك الرّهن في يد العدل :
فعند الحنفيّة يهلك من ضمان المرتهن ، لأنّ يده في حقّ الماليّة يد المرتهن ، وهي المضمونة ، فإذا هلك ، هلك في ضمان المرتهن .
ومذهب مالك : أنّه إذا هلك في يد الأمين ، هلك من ضمان الرّاهن .
ونصّ المالكيّة : على أنّ الأمين إذا دفع الرّهن إلى الرّاهن أو المرتهن بغير إذن وتلف : فإن سلّمه إلى الرّاهن ، ضمن قيمته للمرتهن ، أو ضمن له الدّين المرهون هو فيه ، فيضمن أقلّهما .
وإن سلّمه إلى المرتهن ، ضمن قيمة الرّهن للرّاهن .
الضّمان في الصّلح عن مال بمنفعة :
إذا وقع الصّلح عن مال بمنفعة ، كسكنى دار ، وركوب سيّارة ، مدّةً معلومةً ، اعتبر هذا الصّلح بمثابة عقد إجارة ، وعبارة التّنوير : وكإجارة إن وقع عن مال بمنفعة .
كما لو كان لشخص على آخر ألف دينار ، فصالحه المدين على سكنى داره ، أو على زراعة أرضه ، أو ركوب سيّارته ، مدّةً معلومةً ، جاز هذا الصّلح .
وتثبت لهذا النّوع من الصّلح شروط الإجارة ، منها التّوقيت - إن احتيج إليه - وتثبت فيه أحكامها - كما يقول النّوويّ - ومن أهمّها : اعتبار العين المتصالح على منفعتها ، كالدّار والسّيّارة ، أمانةً في يد المصالح ، أمّا المنفعة ذاتها فإنّها مضمونة على المصالح ، بمجرّد تسلّم العين ، فإذا مضت مدّة الصّلح المتّفق عليها ، اعتبر المصالح مستوفياً لبدل الصّلح حكماً ، سواء استوفى المنفعة فعلاً أو عطّلها ، كما تقرّر في العين المستأجرة في يد المستأجر في الإجارة .
الضمان في الشريعة الإسلامية - الجزء الثالث
الضمان في الشريعة الإسلامية - الجزء الثالث
ثالثاً : الضّمان في عقود الأمانة :
ضمان الوديعة :
تعتبر الوديعة من عقود الأمانة ، وهي أمانة في يد المودع - أو الوديع - فهو أمين غير ضامن لما يصيب الوديعة ، من تلف جزئيّ أو كلّيّ ، إلاّ أن يحدث التّلف بتعدّيه أو تقصيره أو إهماله .
وهذا الحكم متّفق عليه بين الفقهاء ويشهد له ما روي عن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال » ليس على المستعير غير المغلّ ضمان ولا على المستودع غير المغلّ ضمان «
والمغلّ هو : الخائن ، في المغنم وغيره .
وما روي - أيضاً - عن عبد اللّه بن عمرو عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » من أودع وديعةً فلا ضمان عليه « .
ومن أسباب الضّمان في الوديعة التّعدّي أو التّقصير أو الإهمال .
ضمان العاريّة :
مشهور مذهب الشّافعيّ ، ومذهب أحمد ، وأحد قولي مالك - كما نصّ ابن رشد - وقول أشهب من المالكيّة ، أنّ العاريّة مضمونة ، سواء أتلفت بآفة سماويّة ، أم تلفت بفعل المستعير ، بتقصير أو بغير تقصير وهو مرويّ عن ابن عبّاس وأبي هريرة ، وإليه ذهب عطاء وإسحاق ، واستدلّوا : بحديث جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما : » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أميّة أدرعاً ، يوم حنين ، فقال : أغصباً يا محمّد ؟ قال : بل عاريّة مضمونة « وفي رواية : » فقال : يا رسول اللّه ، أعاريّة مؤدّاة ، قال : نعم عاريّة مؤدّاة « .
وحديث الحسن عن سمرة رضي الله عنه ، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : » على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي « .
ولأنّه أخذ ملك غيره ، لنفع نفسه ، منفرداً بنفعه ، من غير استحقاق ولا إذن ، فكان مضموناً ، كالغاصب ، والمأخوذ على وجه السّوم .
ومذهب الحنفيّة ، وهو قول ضعيف عند الشّافعيّة أنّ العاريّة أمانة عند المستعير ، فلا تضمن إذا هلكت من غير تعدّ ولا تقصير وذلك لحديث : » ليس على المستعير غير المغلّ ضمان « .
ولأنّ عقد العاريّة تمليك أو إباحة للمنفعة ، ولا تعرّض فيه للعين ، وليس في قبضها تعدّ ، لأنّه مأذون فيه ، فانتفى سبب وجوب الضّمان .
وإنّما يتغيّر حال العاريّة من الأمانة إلى الضّمان ، بما يتغيّر به حال الوديعة .
وذهب المالكيّة إلى تضمين المستعير ما يغاب عليه من العاريّة ، وهو : ما يمكن إخفاؤه كالثّياب والحليّ والكتب ، إلاّ أن تقوم البيّنة على هلاكها أو ضياعها بلا سبب منه فلا يضمن حينئذ ، خلافاً لأشهب القائل : إنّ ضمان العواريّ ضمان عداء ، لا ينتفي بإقامة البيّنة كما ذهبوا إلى عدم تضمينه ما لا يغاب عليه ، كالحيوان والعقار ، فلا يضمنه المستعير ، ولو شرط عليه المعير الضّمان ، ولو كان لأمر خافه ، من طريق مخوف أو لصوص على المعتمد كما قرّره الدّسوقيّ .
أمّا لو شرط المستعير نفي الضّمان عن نفسه ، فيما يغاب عليه ، فلهم فيه قولان :
أحدهما : أنّه لا عبرة بالشّروط ، ويضمن ، لأنّ الشّرط يزيده تهمةً ، ولأنّه من إسقاط الحقّ قبل وجوبه ، فلا يعتبر .
الآخر : أنّه يعتبر الشّرط ، ولا يضمن ، لأنّه معروف من وجهين : فالعاريّة معروف ، وإسقاط الضّمان معروف آخر ، ولأنّ المؤمنين عند شروطهم كما جاء في الحديث : » المسلمون عند شروطهم « .
الضّمان في الشّركة :
الشّركة قسمان - كما يقول الحنابلة - شركة أملاك وشركة عقد .
فالأولى يعتبر فيها كلّ من الشّركاء ، كأنّه أجنبيّ في حقّ صاحبه ، فلا يجوز له التّصرّف فيه بغير إذنه ، فإن فعل ضمن .
والثّانية شركة أموال ، والفقهاء متّفقون على أنّ يد أحد الشّركاء في مال الشّركة ، يد أمانة، وذلك لأنّه قبضه بإذن صاحبه ، لا على وجه المبادلة ، كالمقبوض على سوم الشّراء، ولا على وجه الوثيقة كالرّهن .
فإن قصّر في شيء أو تعدّى ، فهو ضامن .
وكذلك كلّ ما كان إتلافاً للمال ، أو كان تمليكاً للمال بغير عوض ، لأنّ الشّركة - كما يقول الحصكفيّ - وضعت للاسترباح وتوابعه ، وما ليس كذلك لا ينتظمه عقدها ، فيكون مضموناً.
وكذا إذا مات مجهلاً نصيب صاحبه ، إذا كان مال الشّركة ديوناً على النّاس ، فإنّه يضمن ، كما يضمن لو مات مجهلاً عين مال الشّركة الّذي في يده ، وكذا بقيّة الأمانات ، إلاّ إذا كان يعلم أنّ وارثه يعلم ذلك ، فلا يضمن .
ولو هلك شيء من أموال الشّركة في يده من غير تعدّ ولا تفريط ، لا يضمنه لأنّه أمين .
أمّا لو هلك مال الشّريكين ، أو مال أحدهما قبل التّصرّف فتبطل الشّركة ، لأنّ المال هو المعقود عليه فيها .
الضّمان في عقد المضاربة :
يعتبر المضارب أميناً في مال المضاربة وأعيانها ، لأنّه متصرّف فيه بإذن مالكه ، على وجه لا يختصّ بنفعه ، فكان أميناً ، كالوكيل ، وفارق المستعير ، لأنّه يختصّ بنفع العاريّة .
وهذا ما لم يخالف ما قيّده به ربّ المال ، فيصبح عندئذ غاصباً .
ومع اختلاف الفقهاء في جواز تقييد المضارب ببعض القيود ، لأنّه مفيد ، كما يقول الكاسانيّ ، وفي عدم الجواز لما فيه من التّحجير الخارج عن سنّة القراض كما يقول الدّردير، كالاتّجار بالدّين ، والإيداع ، لكن هناك قيوداً ، لا تجوز له مخالفتها ، منها :
أ - السّفر إذا لم يأذن به ربّ المال ، وهذا لما فيه من الخطر ، والتّعريض للتّلف ، فلو سافر بالمال بغير إذنه ، ضمنه .
ب - إذا قيّده بأن لا يسافر ببحر ، أو يبتاع سلعةً عيّنها له ، فخالفه ، ضمن .
ج - وإذا دفع مال المضاربة قراضاً - أي ضارب فيه - بغير إذن ، ضمن لأنّ الشّيء لا يتضمّن مثله إلاّ بالتّنصيص عليه ، أو التّفويض إليه .
ضمان المضارب في غير المخالفات العقديّة :
المضارب وإن كان أميناً ، لكنّه يضمن - في غير المخالفات العقديّة - فيما يلي :
أ - إذا باع بأقلّ من ثمن المثل ، أو اشترى بأكثر منه ، ممّا لا يتغابن فيه النّاس ، ضمن .
ب - إذا تصدّق بشيء من مال القراض ، أو أنفق من مال المضاربة في الحضر ، على نفسه أو على من يموّله ، ضمن ، لأنّ النّفقة جزاء الاحتباس ، فإذا كان في مصره لا يكون محتبساً .
أمّا لو أنفق في السّفر ، ففيه خلاف وأوجه وشروط في انتفاء ضمانه .
ج - إذا هلك مال المضاربة في يده ، بسبب تعدّيه أو تقصيره أو تفريطه ، فإنّه يضمنه ، وإلاّ فالخسران والضّياع على ربّ المال ، دون العامل ، لأنّه أمين ، كالوديع .
ولو هلك في يده من غير تفريط ، لا يضمنه ، لأنّه متصرّف فيه بإذن مالكه ، على وجه لا يختصّ بنفعه .
د - إذا أتلف العامل مال القراض - المضاربة - ضمنه ، ووجب عليه بدله ، لكن يرتفع القراض ، لأنّه وإن وجب عليه بدله ، لكن لا يدخل في ملك المالك إلاّ بالقبض ، فيحتاج إلى استئناف القراض .
الضّمان في عقد الوكالة :
الوكيل أمين وذلك لأنّه نائب عن الموكّل ، في اليد والتّصرّف ، فكانت يده كيده ، والهلاك في يده كالهلاك في يد المالك ، كالوديع .
ولأنّ الوكالة عقد إنفاق ومعونة ، والضّمان مناف لذلك .
وعلى هذا لا يضمن الوكيل ما تلف في يده بلا تعدّ ، وإن تعدّى ضمن ، وكلّ ما يتعدّى فيه الوكيل مضمون عند من يرى أنّه تعدّى - كما يذكر ابن رشد - .
الوكيل بالشّراء يتقيّد شراؤه بمثل القيمة وغبن يسير - وهو ما يدخل تحت تقويم المقوّمين - إذا لم يكن سعره معروفاً ، فإن كان سعره معروفاً ، لا ينفذ على الموكّل وإن قلّت الزّيادة ، " فيضمنها الوكيل " وهذا لأنّ التّهمة في الأكثر متحقّقة ، فلعلّه اشتراه لنفسه فإذا لم يوافقه ألحقه بغيره .
والوكيل بالبيع ، إذا كانت الوكالة مطلقةً ، لا يجوز بيعه ، إلاّ بمثل القيمة ، عند الصّاحبين ومالك والشّافعيّ ولا يجوز بيعه بنقصان لا يتغابن النّاس في مثله ، ولا بأقلّ ممّا قدّره له الموكّل ، فلو باع كذلك كان ضامناً ، ويتقيّد مطلق الوكالة بالمتعارف .
وممّا يضمنه الوكيل قبض الدّين ، وهو وكيل بالخصومة .
والوكيل بالخصومة لا يملك القبض ، لأنّ الخصومة غير القبض حقيقةً ، وهي لإظهار الحقّ.
ويعتبر قبض الوكيل بالخصومة للدّين تعدّياً ، فيضمنه إن هلك في يده ، لأنّ كلّ ما يعتدي فيه الوكيل ، يضمنه عند من يرى أنّه تعدّى ، وهذا عند جمهور الفقهاء وهو المفتى به عند الحنفيّة .
وهناك أحكام تتعلّق بالضّمان في عقد الوكالة منها :
1 - إذا اشترى الوكيل شيئاً ، وأخّر تسليم الثّمن لغير عذر ، فهلك في يده ، فهو ضامن له، لأنّه مفرّط في إمساكه .
2 - إذا قبض ثمن المبيع ، فهو أمانة في يده ، فإن طلبه الموكّل ، فأخّر ردّه مع إمكانه فتلف ، ضمنه .
3 - إذا دفع الوكيل ديناً عن الموكّل ، ولم يشهد ، فأنكر الّذي له الدّين القبض ، ضمن الوكيل لتفريطه بعدم الإشهاد .
وقيّده الحنفيّة بأن يكون الموكّل قال له : لا تدفع إلاّ بشهود ، فدفع بغير شهود .
4 - إذا سلّم الوكيل المبيع قبل قبض ثمنه ، ضمن قيمته للموكّل .
وكذا إذا وكّله بشراء شيء ، أو قبض مبيع ، فإنّه لا يسلّم الثّمن حتّى يتسلّم المبيع .
فلو سلّم الثّمن قبل تسلّم المبيع ، وهلك المبيع قبل تسلّمه ضمنه للموكّل ، إلاّ بعذر .
للوكيل بالشّراء نسيئةً أن يحبس المبيع لاستيفاء الثّمن ، عند الحنفيّة ثمّ :
أ - إن هلك قبل الحبس ، يهلك على الموكّل ، ولا يضمن الوكيل .
ب - وإن هلك بعد الحبس ففيه تفصيل :
أ - يهلك بالثّمن ، هلاك المبيع ، ويسقط الثّمن عن الموكّل في قول أبي حنيفة .
ب - ويهلك بأقلّ من قيمته ومن الثّمن ، عند أبي يوسف ، حتّى لو كان الثّمن أكثر من قيمته رجع الوكيل بذلك الفضل على موكّله .
ج - وقال : زفر يهلك على الوكيل هلاك المغصوب ، لأنّ الوكيل عنده لا يملك الحبس من الموكّل ، فيصير غاصباً بالحبس .
واشترط الشّافعيّة على الوكيل إذا باع إلى أجل ، أن يشهد ، وإلاّ ضمن . وتردّدت النّقول ، في أنّ عدم الإشهاد ، شرط صحّة أو شرط للضّمان .
ونقل الجمل أنّه إن سكت الموكّل عن الإشهاد ، أو قال : بع وأشهد ، ففي الصّورتين يصحّ البيع ، ولكن يجب على الوكيل الضّمان .
ضمان الوصيّ في عقد الوصاية - أو الإيصاء - :
الإيصاء : تفويض الشّخص التّصرّف في ماله ، ومصالح أطفاله ، إلى غيره ، بعد موته .
ويعتبر الوصيّ نائباً عن الموصي ، وتصرّفاته نافذة ، ويده على مال المتوفّى يد أمانة ، فلا يضمن ما تلف من المال بدون تعدّ أو تقصير ، ويضمن في الأحوال التّالية :
أ - إذا باع أو اشترى بغبن فاحش ، وهو : الّذي لا يدخل تحت تقويم المتقوّمين ، لأنّ ولايته للنّظر ، ولا نظر في الغبن الفاحش .
ب - كما يضمن الوصيّ إذا دفع المال إلى اليتيم بعد الإدراك ، قبل ظهور رشده ، لأنّه دفعه إلى من ليس له دفعه إليه ، وهذا مذهب الصّاحبين .
وقال الإمام : بعدم الضّمان ، إذا دفعه إليه بعد خمس وعشرين سنةً ، لأنّ له ولاية الدّفع إليه حينئذ .
ج - ليس للوليّ الاتّجار في مال اليتيم لنفسه ، فإن فعل : فعند أبي حنيفة ومحمّد يضمن رأس المال ، ويتصدّق بالرّبح .
وعند أبي يوسف يسلّم له الرّبح ، ولا يتصدّق بشيء .
الضّمان في عقد الهبة :
لمّا كانت الهبة عقد تبرّع ، فقد ذهب الفقهاء إلى أنّ قبض الهبة هو قبض أمانة ، فإذا هلكت أو استهلكت لم تضمن ، لأنّه - كما يقول الكاسانيّ - لا سبيل إلى الرّجوع في الهالك ، ولا سبيل إلى الرّجوع في قيمته لأنّها ليست بموهوبة لانعدام ورود العقد عليها . وتضمن عند الحنفيّة في هاتين الحالين فقط :
أ - حال ما إذا طلب الواهب ردّها - لأمر ما - وحكم القاضي بوجوب الرّدّ ، وامتنع الموهوب له من الرّدّ ، ثمّ هلكت بعد ذلك ، فإنّه يضمنها حينئذ ، لأنّ قبض الهبة قبض أمانة، والأمانة تضمن بالمنع والجحد بالطّلب ، لوجود التّعدّي منه .
ب - حال ما إذا وهبه مشاعاً قابلاً للقسمة كالأرض الكبيرة ، والدّار الكبيرة ، فإنّها هبة صحيحة عند الجمهور ، لأنّها عقد تمليك ، والمحلّ قابل له ، فأشبهت البيع لكنّها فاسدة عند الحنفيّة ، لأنّ القبض شرط في الهبة ، وهو غير ممكن في المشاع ، ولا ينفذ تصرّف الموهوب له فيها ، وتكون مضمونةً عليه ، وينفذ تصرّف الواهب فيها .
رابعاً : العقود المزدوجة الأثر :
ضمان الإجارة :
إذا كانت الإجارة : تمليك المنفعة بعوض ، فإنّ المنفعة ضربان :
أ - فقد تكون المنفعة بمجرّدها هي المعقود عليها ، وتتحدّد بالمدّة ، كإجارة الدّور للسّكنى ، والحوانيت للتّجارة ، والسّيّارات للنّقل ، والأواني للاستعمال .
ب - وقد تكون المنفعة المعقود عليها عملاً معلوماً يؤدّيه العامل ، كبناء الدّار ، وخياطة الثّوب ، وإصلاح الأجهزة الآليّة ، ونحو ذلك .
ج - فإذا كانت المنفعة المعقود عليها ، وهي مجرّد السّكنى أو الرّكوب ، أو نحوهما ، يفرّق في الضّمان ، بين العين المأجورة ، وبين المنفعة المعقود عليها :
أ - فتعتبر الدّار المأجورة ، والسّيّارة المستأجرة - مثلاً - أمانةً في يد المستأجر ، حتّى لو خربت الدّار ، أو عطبت السّيّارة ، وهي في يده ، بغير تفريط ولا تقصير ، لا ضمان عليه ، لأنّ قبض الإجارة - كما يقول الكاسانيّ - قبض مأذون فيه ، فلا يكون مضموناً ، كقبض الوديعة والعاريّة ، سواء أكانت الإجارة صحيحةً أم فاسدةً .
ونصّ الشّافعيّة على أنّ يد المستأجر على العين المأجورة يد أمانة كذلك ، بعد انتهاء عقد الإجارة ، إذا لم يستعملها ، في الأصحّ ، استصحاباً لما كان ، كالمودع ، وفي قول ثان : يد ضمان .
قال السّبكيّ : فإن تلفت عقب انقضاء المدّة ، قبل التّمكّن من الرّدّ على المالك ، أو إعلامه ، فلا ضمان جزماً ، أمّا إذا استعملها فإنّه يضمنها قطعاً .
فلو شرط المؤجّر على المستأجر ضمان العين المأجورة ، فهو شرط فاسد ، لأنّه ينافي مقتضى العقد ، وفي فساد الإجارة فيه وجهان ، بناءً على الشّروط الفاسدة في البيع . وصرّح الحنفيّة بأنّ اشتراط الضّمان على الأمين باطل .
وقال ابن قدامة : ما لا يجب ضمانه ، لا يصيّره الشّرط مضموناً ، وما يجب ضمانه ، لا ينتفي ضمانه بشرط نفيه .
وروي عن أحمد ما يدلّ على نفي الضّمان بشرطه ، ووجوبه بشرطه ، استدلاّ بحديث : » المسلمون على شروطهم « .
ب - أمّا المنفعة المعقود عليها ، وهي : السّكنى أو الرّكوب ، فهي مضمونة ، بضمان بدلها على المستأجر بمجرّد تمكّنه من استيفائها ، إذا كانت الإجارة صحيحةً ، بلا خلاف ، سواء انتفع بها المستأجر أم لم ينتفع وفيها : تلزم الأجرة في الإجارة الصّحيحة - أيضاً - بالاقتدار على استيفاء المنفعة ، مثلاً : لو استأجر أحد داراً بإجارة صحيحة ، فبعد قبضها يلزمه إعطاء الأجرة ، وإن لم يسكنها .
أمّا إذا كانت الإجارة فاسدةً فقد اختلف في الضّمان الواجب فيها : فمذهب الجمهور ، وزفر من الحنفيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد - أشار إليها ابن رجب - أنّها كالصّحيحة ، وأنّه يجب في الضّمان أجر المثل ، بالغاً ما بلغ ، لأنّ المنافع متقوّمة ، فتجب القيمة بالغةً ما بلغت ، والإجارة بيع المنافع ، فتعتبر ببيع الأعيان ، وفي بيع الأعيان إذا فسد البيع تعتبر القيمة ، بالغةً ما بلغت ، فكذا بيع المنافع .
والحنفيّة عدا زفر ، وهو الرّاوية الثّانية عن الإمام أحمد ، يرون التّفرقة بين الصّحيحة والفاسدة : ففي الصّحيحة : يضمن الأجرة المتّفق عليها ، مهما بلغت .
أمّا في الفاسدة ، فضمان الأجرة منوط باستيفاء المنفعة ، ولا تجب الأجرة إلاّ بالانتفاع ، ويقول ابن رجب في توجيه هذه الرّواية : ولعلّها راجعة إلى أنّ المنافع لا تضمن في الغصب ونحوه ، إلاّ بالانتفاع ، وهو الأشبه .
أمّا إذا كانت المنفعة المعقود عليها هي إنجاز عمل من الأعمال ، كالبناء والخياطة ونحوهما ، فإنّ الضّمان يختلف بحسب صفة العامل ، وهو الأجير في اصطلاحهم لأنّه إمّا أن يكون أجيراً خاصّاً ، أو مشتركاً أي عامّاً .
والأجير الخاصّ هو الّذي يتقبّل العمل من واحد ، أو يعمل لواحد مدّةً معلومةً ، ويستحقّ الأجر بالوقت دون العمل .
والأجير المشترك ، هو الّذي يتقبّل العمل من غير واحد ، ولا يستحقّ الأجر حتّى يعمل ، والضّابط : أنّ : كلّ من ينتهي عمله بانتهاء مدّة معلومة فهو أجير واحد - أي خاصّ - وكلّ من لا ينتهي عمله بانتهاء مدّة مقدّرة ، فهو أجير مشترك .
ضمان الرّهن :
اختلف الفقهاء في ضمان الرّهن ، إذا هلكت العين المرهونة عند المرتهن ، بعد قبضها وبعد تحقّق شروط الرّهن :
فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الرّهن أمانة في يد المرتهن ، لا يلزمه ضمانه ، إلاّ إذا تعدّى فيه ، أو امتنع من ردّه بعد طلبه منه أو بعد البراءة من الدّين ، ولا يسقط بشيء من الدّين بهلاكه - أي الرّهن - من غير تعدّ ، وذلك : لما روى الزّهريّ عن سعيد بن المسيّب، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : » لا يغلق الرّهن من صاحبه الّذي رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه « .
وذهب الحنفيّة إلى أنّ الرّهن إذا قبضه المرتهن ، كانت ماليّته مضمونةً ، أمّا عينه فأمانة ، وذلك : لما روي عن عطاء أنّه حدّث : » أنّ رجلاً رهن فرساً ، فنفق في يده ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للمرتهن : ذهب حقّك « .
ولحديث عطاء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » الرّهن بما فيه « ومعناه : أنّه مضمون بالدّين الّذي وضع في مقابله .
وذهب المالكيّة إلى ضمان الرّهن بشروط :
أ - أن يكون الرّهن في يد المرتهن ، لا في يد غيره ، كالعدل .
ب - أن يكون الرّهن ممّا يغاب عليه ، أي يمكن إخفاؤه ، كالحليّ والسّلاح والكتب والثّياب.
ج - أن لا تقوم بيّنة على هلاكه أو تلفه بغير سببه ، كالحريق الغالب ، وغارات الأعداء ، ومصادرة البغاة ، فإذا وجدت هذه الشّروط ، ضمن المرتهن ، ولو شرط في عقد الرّهن البراءة وعدم ضمانه ، لأنّ هذا إسقاط للشّيء قبل وجوبه ، والتّهمة موجودة ، خلافاً لأشهب ، القائل بعدم الضّمان عند الشّرط .
وفي اعتبار قيمة الرّهن المضمون ، بعض الخلاف والتّفصيل :
فنصّ الحنفيّة ، على أنّ قيمة المرهون إذا هلك ، تعتبر يوم القبض ، لأنّه يومئذ دخل في ضمانه ، وفيه يثبت الاستيفاء يداً ، ثمّ يتقرّر بالهلاك .
أمّا إذا استهلكه المرتهن أو أجنبيّ ، فتعتبر قيمته يوم الاستهلاك ، لوروده على العين المودعة ، وتكون القيمة رهناً عنده .
وللمالكيّة - في اعتبار قيمة الرّهن التّالف - ثلاثة أقوال ، كلّها مرويّة عن ابن القاسم : الأوّل : يوم التّلف لأنّ عين الرّهن كانت قائمةً ، فلمّا تلفت قامت قيمتها مقامها .
الثّاني : يوم القبض ، لأنّه كشاهد ، وضع خطّه ومات ، فيعتبر خطّه ، وتعتبر عدالته يوم كتبه .
الثّالث : يوم عقد الرّهن ، قال الباجيّ : وهو أقرب ، لأنّ النّاس إنّما يرهنون ما يساوي الدّين المرهون فيه غالباً .
ضمان الرّهن الموضوع على يد العدل :
يصحّ وضع الرّهن عند عدل ثالث ، غير الرّاهن والمرتهن ، ويتمّ ويلزم بقبض العدل، لأنّ يده كيد المرتهن
ولا يأخذه أحدهما منه ، لأنّه تعلّق حقّ الرّاهن في الحفظ بيده ، وتعلّق حقّ المرتهن به استيفاءً ، فلا يملك أحدهما إبطال حقّ الآخر .
ولو دفع الرّهن إلى أحدهما ضمن ، لتعلّق حقّهما به ، لأنّه مودع الرّاهن في حقّ العين ، ومودع المرتهن في حقّ الماليّة ، وكلاهما أجنبيّ عن صاحبه ، والمودع يضمن بالدّفع إلى الأجنبيّ .
ولو هلك الرّهن في يد العدل :
فعند الحنفيّة يهلك من ضمان المرتهن ، لأنّ يده في حقّ الماليّة يد المرتهن ، وهي المضمونة ، فإذا هلك ، هلك في ضمان المرتهن .
ومذهب مالك : أنّه إذا هلك في يد الأمين ، هلك من ضمان الرّاهن .
ونصّ المالكيّة : على أنّ الأمين إذا دفع الرّهن إلى الرّاهن أو المرتهن بغير إذن وتلف : فإن سلّمه إلى الرّاهن ، ضمن قيمته للمرتهن ، أو ضمن له الدّين المرهون هو فيه ، فيضمن أقلّهما .
وإن سلّمه إلى المرتهن ، ضمن قيمة الرّهن للرّاهن .
الضّمان في الصّلح عن مال بمنفعة :
إذا وقع الصّلح عن مال بمنفعة ، كسكنى دار ، وركوب سيّارة ، مدّةً معلومةً ، اعتبر هذا الصّلح بمثابة عقد إجارة ، وعبارة التّنوير : وكإجارة إن وقع عن مال بمنفعة .
كما لو كان لشخص على آخر ألف دينار ، فصالحه المدين على سكنى داره ، أو على زراعة أرضه ، أو ركوب سيّارته ، مدّةً معلومةً ، جاز هذا الصّلح .
وتثبت لهذا النّوع من الصّلح شروط الإجارة ، منها التّوقيت - إن احتيج إليه - وتثبت فيه أحكامها - كما يقول النّوويّ - ومن أهمّها : اعتبار العين المتصالح على منفعتها ، كالدّار والسّيّارة ، أمانةً في يد المصالح ، أمّا المنفعة ذاتها فإنّها مضمونة على المصالح ، بمجرّد تسلّم العين ، فإذا مضت مدّة الصّلح المتّفق عليها ، اعتبر المصالح مستوفياً لبدل الصّلح حكماً ، سواء استوفى المنفعة فعلاً أو عطّلها ، كما تقرّر في العين المستأجرة في يد المستأجر في الإجارة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق