بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

01 أكتوبر 2011

الخطأ في المسؤولية المدنية والتقصيرية في القانون

نصت المادة 164 من القانون المدني على ما يلي :

" كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض " .

إذاً : فأساس المسؤولية حسب هذه المادة هو الخطأ , و يجب أن يثبت المضرور هذا الخطأ .

فالمبدأ أن الشخص لا يسأل عن تعويض الضرر إلا إذا كان قد حدث بخطئه ، فإذا مارس الشـخص نشاطاً ما دون أن يخطئ , و ترتب على هذا النشاط ضرر لغيره , فلا يسأل عن تعويض هذا الضرر .

مثال : الشخص الذي يفتح محلاً تجارياً بجوار متجر آخر ، و لم يلجأ إلى أي نوع من المنافسة غير المشروعة ، ثم ترتب على فتحه المحل كساد تجارة صاحب المتجر المجاور ، فإنه لا يلتزم بتعويضه عما لحقه من ضرر .

و يمكن تعريف الخطأ على أنه : انحراف الشخص عن السلوك المعتاد مع إدراكه لهذا الانحراف .

و قد عرفه بلانيول بأنه : الإخلال بالتزام سابق . و هذا الالتزام السابق في المسؤولية التقصيرية هو الواجب القانوني بعدم الإضرار بالغير .

و يتسم تعريف بلانيول بعدم الدقة ، لأن الالتزام ـ بالمعنى الفني ـ هو رابطة قانونية بين شخصين دائن و مدين ، و هذه الرابطة لا توجد في المسؤولية التقصيرية قبل وقوع العمل غير المشروع ، و إنما توجد بعد وقوعه .

و للخطأ ثلاثة شروط : الأول : مادي ، وهو الفعل .

الثاني : معنوي ، و هو الإدراك .

الثالث : قانوني ، و هو عدم المشروعية .


أولاً ـ الفعل :








و هذا الفعل قد يكون إيجابياً أو سلبياً .

أ ـ الخطأ بفعل إيجابي : وهو الصورة المعتادة .

ب ـ الخطأ بفعل سلبي : وهو الخطأ الذي يقع بسبب امتناع الشخص عن القيام بفعل معين كان من المفروض أن يقوم به ، ولو فعل ذلك لما حدث الضرر .

و لكن : متى يعتبر الامتناع عملاً غير مشروع يبرر قيام المسؤولية المدنية ؟

يعتبر الامتناع عملاً غير مشروع في الحالات التالية :

1 ـ إذا كان هناك واجب قانوني يأمر به : كوجوب إضاءة مصابيح السـيارة ليلاً ، أو الالتزام بإغاثة الحرقى و الهدمى ، كذلك الالتزام بإسعاف المصابين بحوادث السير و أخطار البحار .

2 ـ الامتناع المصحوب بنشاط سابق من المسؤول : كإهمال السائق الذي يقود سيارته بسرعة كبيرة الضغط على مكبح السيارة في الوقت الحاسم ، أو كامتناع المقاول الذي يحفر حفرة في الطريق العام عن التنبيه لها نهاراً أو تنويرها ليلاً .

أما الامتناع المحض ، أو مجرد الترك حيث لا يوجد التزام سابق بعمل ، لا يرتب على الشخص أية مسؤولية مدنية ، كامتناع الطبيب عن إنقاذ مصاب تعرض لحادث خطير .

ملاحظة : لم يعدد القانون المدني الأخطاء المدنية ، و إنما اكتفى بالقول : كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض .

بعكس قانون العقوبات الذي عدد الأخطاء الجزائية ، لأن من مبادئه : لا جريمة بدون نص .

ملاحظة : دائرة الخطأ المدني أوسع بكثير من دائرة الخطأ الجزائي , و كل خطأ جزائي يعتبر خطأ مدني من حيث المبدأ ، أما العكس فغير صحيح .


ثانياً ـ الإدراك :








تنص الفقرة الأولى من المادة 165 من القانون المدني ، على أنه :

" يكون الشخص مسؤولاً عن أعماله غير المشروعة متى صدرت منه وهو مميز " .

فالمشرع يربط بين المسؤولية التقصيرية و التمييز .

وسن التمييز هو بلوغ السابعة من العمر .

فمن كان مميزاً ، و إن لم يكن كامل الأهلية ( الشخص فوق السابعة و دون الثامنة عشرة من العمر ) يسأل مسؤولية كاملة عن الضرر الذي يصيب الغير بخطئه ، أما فاقد التمييز فلا يسأل عن الضرر الذي يصيب الغير بفعله .

فالتمييز هنا يمثل عنصر الإدراك ، و لا يقصد بالإدراك الأهلية ، فالأهلية لا تشترط إلا في إبرام التصرفات القانونية .

فالمشرع يتشدد في اشتراط الأهلية التعاقدية ، في حين أنه يتساهل في اشتراط الإدراك لدى فاعل الخطأ .

ذلك أن الامتناع عن ارتكاب الأخطاء يتطلب تجربة حياتية هي دون تلك التي يتطلبها إبرام العقود ، و لذا كان مستوى الإدراك المطلوب في الامتناع عن ارتكاب الأخطاء هو دون مستوى الأهلية المشروطة لإبرام العقود .

و على ذلك فلا مسؤولية لعديم التمييز ، أياً كان نوع هذه المسؤولية ( جزائية كانت أم مدنية ...) .

و القانون المدني أقر انعدام مسؤولية عديم التمييز من حيث المبدأ ، إلا أنه

سعى في الوقت ذاته إلى التضييق من نطاق هذا المبدأ ، و ذلك نزولاً على اعتبارات العدالة .

و سنتكلم عن المبدأ ، و نطاق هذا المبدأ ، و الاستثناء الذي يرد عليه .

أ ـ المبدأ : انعدام مسؤولية عديم التمييز :

فالصبي دون السابعة يعتبر غير مميز ، و بالتالي فهو غير مسؤول ، لانتفاء عنصر الإدراك لديه .

و كذلك لا تجوز مساءلة المجنون و المعتوه ، لانعدام التمييز لديهم .

أما ذو الغفلة و السفيه , و كذلك من تقررت مساعدته قضائياً ( المصاب بعاهتين من ثلاث) , فتجوز مساءلتهم جميعاً لتوفر التمييز لديهم .

# و إذا كان فقدان التمييز يرجع إلى سبب عارض نتيجة تعاطي السكر أو المخدرات ، فلا تنتفي مسؤولية محدث الضرر إذا كان سبب انعدام التمييز راجعاً إلى خطئه ، كما لو كان يعلم أن ما سيتعاطاه سيفقده الإدراك و التمييز .

# أما إذا كان فقدان التمييز لسبب عارض لا يرجع إلى خطأ الشخص ، فلا تمكن مساءلته ، كما هو الشأن بالنسبة للمصاب بمرض الصرع ، أو من كان تحت تأثير التنويم المغناطيسي .

ب ـ نطاق انعدام مسؤولية عديم التمييز :

تُقيد مبدأ انعدام مسؤولية عديم التمييز الحالات الثلاث التالية :

1 ـ يجب لانعدام مسؤولية عديم التنفيذ أن يكون في مركز المسؤول : أي أن يكون هو محدث الضرر ، أما إذا كان في مركز المضرور ، ونسب إليه إهمال ساعد في وقوع الضرر ، فيجب عملاً بقواعد الخطأ المشترك تخفيف المسؤولية عن المسؤول .

2 ـ يجب لانعدام مسؤولية عديم التمييز ألاّ تقوم هذه المسؤولية على خطأ مفترض ، أي لا يقبل إثبات العكس ، لأن الخطأ المفترض لا ينفيه انعدام التمييز :

فإذا كان أساس الرجوع بالتعويض هو الخطأ المفترض ـ كأن يكون عديم التمييز مسؤولاً عن تابعه أو عن أشياء تحت حراسته كحيوان أو آلة ميكانيكية ـ فتجوز مساءلة عديم التمييز .

3 ـ يجب لانعدام مسـؤولية عديم التمييز أن يكون في مركز المسؤول وحده : فإذا وجد مسؤول عنه ( كالأب أو المعلم ) ، فلا بد من نسبة الخطأ إلى عديم التمييز ، حتى تتحقق بذلك مسؤولية المسؤول عنه .

ج ـ الاســتـثناء :

لئن كان المشرع قد ربط بين المسؤولية التقصيرية و التمييز ، فقرر ـ كقاعدة عامة ـ عدم جواز مساءلة عديم التمييز عن الضرر الناشـئ عن فعله ، إلا أنه لم يأخذ بهذا المبدأ على إطلاقه ، حيث قرر في الفقرة الثانية من المادة 165 أنه :

" إذا وقع الضرر من شخص غير مميز ، و لم يكن هناك من هو مسؤول عنه ، أو تعذر الحصول على تعويض من المسؤول ، جاز للقاضي أن يلزم من وقع منه الضرر بتعويض عادل ، مراعياً في ذلك مركز الخصوم " .

و ظاهر من هذا النص أن مسؤولية عديم التمييز قد أتت على خلاف القاعدة الواردة في الفقرة الأولى من المادة 165 ق.م ، فهي مسؤولية استثنائية ، لا تقوم على أساس الخطأ ، لأن الركن المعنوي للخطأ غير متوفر في هذه الحالة ، حيث أن عديم التمييز فاقد الإدراك ، و بالتالي لا يمكن أن ينسب إليه خطأ .

و نلاحظ أن هذه المسؤولية تتميز بثلاثة أمور :

1 ً ـ أنها مسؤولية مشروطة : و شرطها ألا يستطيع المضرور الحصول على تعويض من شخص آخر غير عديم التمييز :

كأن لا يكون لعديم التمييز شخص أخر يكفله . و هذا طبعاً نادر الوقوع .

أو أن يكون في كفالة شخص مكلف بالرقابة عليه , و لكن تعذر الحصول على تعويض منه لانتفاء قرينة الخطأ من جانبه , أو لإعساره , فعندئذ يرجع على عديم التمييز بالتعويض .

2 ً ـ أنها مسؤولية جوازية للقاضي :

بمعنى أن الأمر متروك للقاضي فيما يتعلق بالحكم بالتعويض و مقداره , فقد لا يحكم القاضي بالتعويض نظراً لثراء المضرور وفقر عديم التمييز , أو نظراً لخطأ المضرور في تعريض نفسه لفعل عديم التمييز . و بالعكـس فقد يحكم علـى عـديم التمييز بتعويض المضرور إذا كانت حالته المادية تسمح بذلك .

3 ً ـ أنها مسؤولية مخففة :

فقد يرى القاضي وجوب تعويض المضرور :

§ إما تعويضاً كاملاً , إذا كان هذا المضرور فقيراً معدماً , و كان عديم التمييز واسع الثراء ؛

§ وإما تعويضاً ناقصاً , إذا كان عديم التمييز ميسوراً من غير ثراء .

و العلة في التخفيف من مسؤولية عديم التمييز حتى في هذه الحالة الاستثنائية أن هذه المسـؤولية لا تبنى على الخطأ , بل على تحمل التبعة , لأن الخطأ يتطلب التمييز , في حين أنه يفترض هنا أن مرتكب الضرر غير مميز .



ـ مسؤولية الشخص المعنوي :

إن المسؤولية المدنية ( التقصيرية ) للشخص المعنوي أضحت أمراً مسلماً به ، فالشخص الاعتباري يسأل عما يرتكبه تابعوه من ضرر ، وهي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ، كمسؤولية الدولة عن أخطاء الطبيب الحكومي الذي أهمل علاج مريض بأحد المستشفيات الحكومية ، و كذلك مسؤولية مصلحة السكك الحديدية عن إهمال سائق القطار الذي دهس أحد المارة .

أما إذا ثبت الخطأ في جانب أحد أعضاء مجلس الإدارة ، فإن مسؤوليته تكون مباشرة ، لأن إرادة الشخص الاعتباري من إرادة العضو ، فلا يمكن الفصل بينهما ، لذلك يعتبر خطأ العضو هو خطأ الشخص المعنوي ، الأمر الذي يبرر الرجوع عليه بالتعويض على أساس المادة 164 ق.م الخاصة بالمسؤولية عن الأعمال الشخصية .

و من أمثلة مسؤولية الشخص المعنوي عن أعمال ممثليه : مسؤولية شركة عن القرار الذي أصدره المدير بفصل أحد العمال , أو مسؤوليتها عن المنافسة غير المشروعة .



ـ درجات الخطأ :

للخطأ ثلاث درجات هـي :

1 ـ الخطأ العمد : وهو الذي يقصد به صاحبه الإضرار بالغير .

2 ـ الخطأ الجسيم : وهو ليس عمداً ، و لكنه ليس يسيراً .

3 ـ الخطأ الناجم عن الإهمال وعدم الاحتراز ، أو الخطأ غير العمد و غير الجسيم أو الخطأ اليسير .

و يلحق الخطأ الجسيم بالخطأ العمد بالحكم .

و يكون المشرع ـ و كذلك القضاء ـ أكثر تشدداً في العمد ، و ذلك بسبب خطورته ، و لهذا فإن المضرور يتمتع في حالة العمد بالمزيتين التاليتين :

1 ) ـ إن التأكد من قصد الإضرار لدى المسؤول ( أي من العمد ) يعفي المضرور من إثبات أركان المسؤولية الأخرى ، أي أنه يؤكد وجود علاقة السببية بين الخطأ و الضرر .

2 ) ـ يتشدد القاضي أكثر مع المتسبب في الضرر بشكل متعمد عند تقديره مقدار التعويض ، ويكون بالتالي أكثر سخاء مع المضرور .

و تبرز أهمية التمييز بين الخطأ العمد و غير العمد في مجال التأمين : فإذا أبرم شخص عقد تأمين على داره من الحريق ، ثم احترقت الدار :

# فإذا كان المؤمن هو الذي أشعل النار ، فإن هذا الفعل يعتبر عمداً ، و بالتالي يعفي شركة التأمين من دفع التعويض .

# أما إذا غادر المؤمن منزله ونسي إطفاء المدفـأة الكهربائية ، مما أدى إلى نشوب الحريق ، فإن هذا الخطأ لا يعتبر عمداً ، و بالتالي يجب على شركة التأمين دفع التعويض .



ولا يكفي أن تكون الإرادة موجودة و مميزة ، و إنما يجب أيضاً أن تكون حرة ، أما إذا كانت غير حرة فإنها تؤدي لإعفاء الفاعل من المسؤولية .

و تفقد الإرادة حرية الاختيار في حالتين : أ ـ القوة القاهرة .

ب ـ حالة الضرورة .

أولاً : القـوة القاهـرة :

يعتبر من قبيل القوة القاهرة الإكراه المادي ، كأن يسقط شخص نتيجة إصابته بالشلل فيسبب ضرراً للغير .

و كأن يقع حادث سير , فتصدم السيارة ( أ ) السيارة ( ب ) ، فتندفع السيارة ( ب ) لإتلاف مال الغير ، فهنا لا توجد مسؤولية على محدث الضرر (سائق السيارة ب ) ، لانتفاء الإدراك ( الركن المعنوي في الخطأ ) ، و بالتالي فلا تعويض .

ملاحظة : يناط الأثر الإبرائي للقوة القاهرة في العادة بانتفاء الإدراك ، أي الركن المعنوي في الخطأ ، كما يمكن أن يناط من ناحية أخرى بانتفاء علاقة السببية بين الخطأ و الضرر .



ثانياً ـ حالة الضرورة :

تنص المادة 169 ق.م على ما يلي :

" من سبب ضرراً للغير ليتفادى ضرراً أكبر ، محدقاً به أو بغيره ، لا يكون ملزماً إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسباً " .

فحالة الضرورة تكون حين يجد الإنسان نفسه في موقف يضطر فيه أن يسبب لغيره ضرراً أقل من الضرر الذي يوشك أن يقع به ، باعتبار أن ما أحدثه للغير هو الوسيلة الوحيدة ليتفادى الضرر المحدق به .

مثال1 : كأن يتلف أحد الأشخاص أشياء مملوكة لجاره في سبيل إطفاء حريق شب في منزله , أو في منزل غيره .

مثال2 : كأن يضطر سائق سيارة إلى قتل حيوان للغير ، أو إتلاف مزروعاته ، ليتفادى قتل إنسان أو إصابته بجروح .

و يشترط لتحقق حالة الضرورة توفر الشروط الثلاثة الآتية :

1 ـ أن يكون هناك خطر جسيم محدق يهدد مرتكب فعل الضرورة أو شخصاً آخر في نفسه أو ماله .

2 ـ أن يكون مصدر الخطر أجنبياً عن كل من مرتكب فعل الضرورة و المضرور :

إذ لو كان مصدره مرتكب الفعل ، فإنه سيعتبر تعدياً يوجب مسؤوليته كاملة .

مثال : كم يشعل حريقاً في بيته , ثم يتلف منقولات الغير لإطفاء هذا الحريق .

و إذا كان مصدره من وقع عليه الضرر ، كان دفاعاً شرعياً يرفع المسؤولية .

3 ـ أن يكون الخطر المراد تفاديه أكبر بكثير من الضرر الذي وقع :

أما إذا كان الضرر المراد تفاديه مساوياً للضرر الواقع أو أقل منه ، فإن المسؤولية تكون كاملة .

فإذا توافرت شروط حالة الضرورة ، فإننا نخرج من نطاق المسؤولية التقصيرية إلى نطاق الإثراء بلا سبب إذا توافرت شروطه ، و يلتزم عندئذ المثري بتعويض المفتقر بأقل القيمتين ( قيمة الإثراء و قيمة الافتقار ... و سندرس الإثراء بلا سبب في المحاضرة الأخيرة ) .

أما إذا لم تتوفر شروط الإثراء بلا سبب ، فيلزم محدث الضرر بتعويض المضرور على أساس مقتضيات العدالة .




ثالثاً ـ عدم المشـروعية :










أي عدم مشروعية الفعل ، و هذا هو الركن القانوني للخطأ .

فمن يقدم على فعل مشروع فيسبب به ضرراً للغير ، لا تقع عليه مسؤولية لتوافر المشروعية .

مثال : وقوف شخص أمام الجمعية الاستهلاكية للحصول على إحدى المواد الاستهلاكية ، وعندما وصل دوره بعد ساعة من الزمن ، نفدت البضاعة ... فهنا هذا الشخص وقع عليه ضرر نتيجة وقوفه ساعة دون فائدة ، و لكن هذا لا يبرر مسؤولية البائع ، لأن فعله مشروع .

و التطبيق الأبرز لمبدأ المشروعية نجده في الدعاوى التجارية ... فلو أن شخص فتح دكاناً إلى جانب دكان ثانية لبيع نفس السلعة ... فإذا سبب فتح الدكان الثانية ضرراً لصاحب الدكان الأولى ، فهذا لا يبرر طلب التعويض و قيام المسؤولية المدنية على صاحب الدكان الثانية ، لأن ممارسة التجارة و المنافسة فيها عمل مشروع ...

أما إذا باع صاحب الدكان الثانية البضائع بأقل من التسعيرة ، فيعتبر عمله هذا منافسة غير مشروعة تبرر الحصول على تعويض .

إن التعدي أو الانحراف هو الذي يضفي على الفعل صفة اللامشروعية .

و عندما نتحدث عن عدم المشروعية عند وجود نص قانوني صريح ( أي عند مخالفة نص قانوني ) فلا نجد أية صعوبة ...

و لكن تثور الصعوبة عند عدم وجود نص خاص ... فعندئذ يجب النظر للمشروعية من عدمها استناداً للأعراف و الآداب وحسن التعامل بين الناس .

و المعيار هنا موضوعي ، و بالتالي لا يعتد بالظروف الداخلية الخاصة بالمدعى عليه ، كسنه ( شيخ أو شاب ) ، أو جنسه ( رجل أو امرأة ) ، أو حالته الاجتماعية ( ريفي ، ابن مدينة ، طبيب ، متعلم ، جاهل ... ) ، أو الصحية ( مريض ، صحيح ، ضعيف البصر ... ) ، أو النفسية ( ذكي ، قليل الذكاء .. ) ... الخ .

مثال : كون السائق في حادث السير ، امرأة لا تضبط أعصابها ، أو ريفياً لم يتعود القيادة في المدينة ، أو صغيراً ، أو طبيباً ، كل هذه الظروف لا ينظر إليها في التقدير .

ليست هناك تعليقات: