بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

26 أغسطس 2010

مشروع قانون يجيز الإجهاض للمغتصبة يثير الجدل الديني والاجتماعي في مصر




 الإجهاض من القضايا الشائكة في مصر وكثير من البلدانالحديث عن الإجهاض في مصر ليس أمراً شائعاً، خاصة وأنه غير مقبول اجتماعياً ولا دينياً. لكن قضية الإجهاض عادت إلى دائرة الضوء في المجتمع المصري بعد اقتراح قانون يطالب بحق الإجهاض للمغتصبة فقط.



"ماجدة" سيدة مصرية متزوجة ولديها ثلاث أطفال واكتشفت مؤخرا أنها حامل في طفلها الرابع بالرغم من أنها تستعمل وسائل لمنع الحمل، ولأنها لا ترغب في مزيد من الأطفال لصعوبة الظروف المعيشية وعدم القدرة على تربية طفل رابع، فقد فكرت في الإجهاض ولكنها لا تقوى على البوح بذلك لأي شخص لأنها تعلم أنه سيُنظر إليها على أنها ترتكب جرم، وقررت الاتصال بالخط الخاص بفتاوى مشيخة الأزهر للاستفسار عن رأي الدين في هذا الأمر.



وكان الرد بأن الإسلام يجيز الإجهاض في حال كان عمر الجنين أقل من أربعة شهور ولكن فقط بقرار من أطباء يقررون إذا كان الجنين مصاب بتشوهات خلقية أو أن الحمل يشكل خطر وشيك على حياة الأم. أما إذا تعلق الأمر بالأمور المالية والإنفاق على هذا الطفل، فـ"كل مولود يأتي برزقه من الله و هذا يعد قتل للنفس البشرية"، على الرغم من أن الإسلام يجيز تنظيم النسل والتباعد بين فترات الحمل ولكن إذا حدث الحمل بالخطأ، فهذه إرادة الله ولا يمكن عمل عكسها.







الإجهاض السري خطر ومكلف وجريمة يعاقب عليها القانون



 الحمل الذي يقع نتيجة الاغتصاب يضاعف من معاناة الضحية كثيرون في مصر مقتنعون بهذا الرأي لأن الشعب المصري متدين بطبعه سواء مسلم أو مسيحي، لكن على الرغم من ذلك تجرى عمليات إجهاض في مصر - ولكن بصورة سرية تماماً- لأن القانون يجرمه. وتتراوح كلفة العملية في عيادة الطبيب بين ألف وثلاثة آلاف جنيه مصري، وهو مبلغ كبير بالنسبة لغالبية الشعب. لذلك تحاول بعض الفقيرات إتباع الوصفات البلدية القديمة التي كانت متبعة قبل مئات السنين من تناول بعض المشروبات أو رفع الأشياء الثقيلة ولكن تلك الطرق فيها خطورة كبيرة على حياتهن.



ومعظم من يجرين عمليات الإجهاض في مصر هن فتيات أقمن علاقات خارج إطار الزواج ويخشين من الفضيحة أو فتيات تزوجن بما يعرف بالزواج العرفي الغير موثق والذي كثيراً ما يتنصل فيه الشاب من الفتاة بعد اكتشاف حملها.



وبرغم عدم وجود إحصائيات رسمية دقيقة أو إحصائيات من المنظمات النسائية المصرية حول نسبة عمليات الإجهاض في مصر، إلا أن بعض الباحثين خلصوا لنتيجة أن 15 حالة حمل بين كل مائة حالة تنتهي بالإجهاض.



وكما أن الإجهاض في مصر محرم شرعاً وغير مقبول اجتماعياً، فهو أيضا جريمة يعاقب عليها القانون المصري، وتختلف العقوبات التي قررها القانون علي من يرتكب الإجهاض تبعا لاختلاف صورة ارتكاب الجريمة أو صفة المتهم: هل الأم أم الطبيب، لذلك فقد يعاقب القانون علي جريمة الإجهاض باعتبارها "جناية" وقد يعاقب عليها باعتبارها "جنحة"، وقد يصل الأمر فيها إلي السجن لمدة عشر سنوات.







مشروع قانون يجيز الإجهاض للمغتصبة



 البرلماني المصري، محمد خليل قوطة وهناك جدل قائم حاليا بين الفقهاء والقانونيين وعلماء النفس حول إصدار قانون يسمح بإجهاض المغتصبة، حيث تقدم بالقانون النائب المصري محمد خليل قويطة وهو مشروع لإجازة إجهاض المرأة التي تم اغتصابها، مع وضع الضوابط التي تحول دون استغلال هذا التعديل لمن لا يستحقه.



وأوضح النائب أن جريمة خطف الفتاة واغتصابها تعد من أخطر الجرائم التي تلحق بالمجتمع، ومن ثَم وجب على المجتمع أن يزيل عنها الإكراه الذي فرضته عليها ظروف تلك الجريمة، بحيث يصبح من حقها أن تفرغ أحشاءها من هذا الجنين الذي يذكرها بأسوأ لحظة مرت بها.



وأشار إلي أن عمليات الاغتصاب تحولت إلى ظاهرة خطيرة في المجتمع المصري، خاصة بعدما رصد مركز البحوث الاجتماعية والجنائية ارتفاع ضحايا الاغتصاب ليصلوا إلى أكثر من 20 ألف حالة سنوياً مشيراً إلى أن 10 بالمائة فقط من جملة الضحايا يتم الإبلاغ عنهم نظرا للخوف من نظرة المجتمع.



وقال قويطة إنه سيتعجل البرلمان في دورته الجديدة على إقرار القانون، خاصة بعدما وافق مفتي مصر الشيخ على جمعه عليه بشروط منها أن يحدث الإجهاض خلال الشهور الأربعة الأولى للحمل؛ أي "قبل نفخ الروح فيه"، وأيده في ذلك عدد من علماء الأزهر.



وشدّد النائب قويطة على ضرورة وضع الضوابط التي تضمن حسن تنفيذ اقتراحه، ومنها أن لا تستفيد منه إلا الفتاة التي ثبت على وجه قاطع ويقيني أنها قد اغتصبت عنوة وكرهاً، دون أن يكون لها أي إرادة أو اختيار وذلك بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة.







"إقرار حق النساء في اختيار إنهاء الحمل الناتج عن الاغتصاب ضرورة إنسانية"



الناشطة النسائية المصرية، نهاد أبو القمصان ورحبت العديد من المنظمات النسائية المصرية بهذا الاقتراح و طالبت بسرعة إقراره في مجلس الشعب، فرئيسة المركز المصري لحقوق المرأة نهاد أبو القمصان تتفق مع إجهاض المغتصبة لكنها تري أنه لابد أن تنظر كل حالة بحالتها ويتم التعامل حسب ظروفها.



وفي هذا الإطار، قالت داليا عبد الحميد الباحثة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن "إقرار حق النساء في اختيار إنهاء الحمل الناتج عن تعرضهن للاغتصاب، هو ضرورة إنسانية قبل أن يكون مبدأ حقوقياً. مشيرة إلي أن استمرار حرمان هؤلاء النساء من ذلك الحق، يعبر عن فشل مزدوج لأجهزة الدولة، التي فشلت أولاً في حماية النساء من جريمة الاغتصاب البشعة، لتكرس فشلها الأكبر في الحفاظ على كرامة النساء وصحتهن النفسية والجسدية عبر منحهن الحق في إنهاء الحمل الناتج عن تلك الجريمة".



من ناحيتها أكدت فوزية عبد الستار أستاذة القانون الجنائي ورئيسة اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقا، أنه لتنفيذ الاقتراح يجب أن توفر الدولة عيادات طبية خاصة، تحول إليها الحالات التي أبلغ عنها للشرطة أو النيابة العامة؛ لتقوم هذه المراكز الطبية بالعمل الطبي نحو إجهاض المغتصبة بصورة قانونية وشرعية. لكنها أشارت إلى أنه لو أباح القانون الإجهاض في هذه الصورة فمن الممكن أن يكون بابًا لسيل من العمليات، حيث سيكون القانون منفذًا لكثير من الأطباء الملتوين للإفلات من العقاب إذا ما قام بعملية إجهاض.







أستاذ علم نفس يرفض إجهاض الفتاة المغتصبة







ومن جهته، يرفض الدكتور محمد حسن غانم أستاذ علم النفس إجهاض الفتاة المغتصبة من الحمل، معللا ذلك بعدة أسباب منها أن الفتاة قد تفقد حياتها مع محاولة إجهاضها، وقد يجعل الفتاة تمر بالعديد من العوامل النفسية القاسية التي تقودها فيما بعد لعدم الإنجاب نهائيًّا، كما يترتب على هذا الإجهاض أن أي تسعى الفتاة لا شعوريًّا إلى التخلص من أي حمل بعد ذلك، حتى وإن كان شرعياً.



ويؤكد أن سلبيات الإجهاض النفسية للمغتصبة أكثر من إيجابياته، ومن الأولى أن يتم تأهيل الفتاة التي تمر بتجربة الاغتصاب نفسيًّا واجتماعيًّا، من خلال إنشاء أقسام في المستشفيات الحكومية لتأهيل المغتصبات، وأقسام أخرى تسعى إلى تأهيل الجاني حتى لا يكرر جريمته مرة أخرى، وهو أمر بحاجة إلى فريق علاجي متخصص بمختلف التخصصات، حتى يعاد دمج الجاني والمجني عليه في المجتمع بصورة سوية.







دعوات لإباحة الإجهاض لمقاومة الزيادة السكانية







دعوات للسماح بالإجهاض للتخفيف من عدد السكان من ناحية أخرى، أثيرت مؤخراً دعوات غربية لإباحة الإجهاض، وصرحت مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان في مصر بأن الوزارة أعدت دراسة تم تقديمها للحزب الوطني الحاكم في مصر لوضع ضوابط معينة للحد من الزيادة السكانية الخطيرة، تشمل الدراسة السماح باستخدام حبوب "الإجهاض" مثل ما قامت به تونس، وفرض عقوبات علي الأسر التي تنجب أكثر من طفلين.



وجاء فيها وصول زيادة عدد المواليد الجدد بشكل كبير، مما يمثل خطورة شديدة علي المجتمع في المستقبل القريب حيث إنه من المتوقع أن يصل عدد السكان في عام ٢٠١٧ إلى ١٠٢ مليون نسمة، وذلك يخالف أسوأ التقديرات التي كانت تعتقد أن العدد لن يتجاوز 96 مليونا. إلا أن مفتى مصر وعدد كبير من رجال الدين رفضوا فكرة هذه الحبوب، مؤيدين تنظيم النسل وليس تحديده لأن ذلك يعد "إفساداً في الأرض وليس حرية شخصية".

مكتب /محمد جابر عيسى المحامى

        والمستشارالقانوني






تعليقات

ليست هناك تعليقات: