بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

14 يونيو 2011

تعتبر مسألة الحكم والديمقراطية من أهم القضايا التي تواجه الجماعات البشرية عامة ويوليه علم السياسة بالغ الاهتمام ، منذ تكوين المجموعات البشرية فبدأ الإنسان يحاول إيجاد حل لهذه المعضلة فلقد تعددت الآراء وتطورت النظرية وأسلوب التطبيق في محاولة الوصول ً حسب رأيه للتطبيق الأمثل من أجل إيجاد حل لمشكلة أداة الحكم ، وإيجاد مخرج للبشرية للوصول بالناس جميعاً لتقرير مصيرها ومشاركتها في اتخاذ قرارها ، إلا أن هنالك عديد الصعوبات والعراقيل التي تقف عائقاً أمام التطبيق السليم والكامل بكل ما تعنيه كلمة ممارسة « الحكم » قولاً وفعلاً .
فجاءت النظرية الليبرالية كأول نظرية رادع للنظام الإقطاعي الملكي ، ورأي المفكرون المؤيدون لها بأن الخلاص والنجاة فيها ، إلا أن سرعان ما ظهرت الحقيقة وهي أن هذه النظرية الليبرالية تخدم مصالح أشخاص وجهات وطبقات معينة فقط وتضم الأحزاب أفراد وطبقات معينة وليس كامل أفراد الشعب التي يتم التصويت لها عن طريق الاقتراع المباشر أو غير المباشر ، من أجل اختيار الحزب الذي يحكم ويتولى مقاليد البلاد ، والقانون الأساسي في عملية نجاح أي حزب يتوقف على عدد الأصوات فالحزب الذي يتحصل على أكبر عدد من الأصوات هو الفائز ولو كان فارق الأصوات صوتاً واحداً . وإذا كان هنالك عدد من الأحزاب وكل منها تحصل على نسبة معينة من اصوات الناخبين فإن الحزب الفائز هو الذي يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين رغم إن مجموع أصوات الناخبين الأخرى يكون أكبر نسبة من إجمالي الأصوات التي دخلت الانتخابات وأحياناً يكون الفارق قليلاً وخاصة في نظام الحزبين .
تعتبر هذه معضلة كبيرة وطعن في النظام الحزبي بأنواعه بل وطعن في النظرية الرأسمالية التي استند عليها الإعلانان السابقان لحقوق الإنسان ، فكيف يكون إعلان عالمي وهو يفرق بين المجتمع في حق تقرير المصير الذي يعتبر من أهم وأولى حقوق الإنسان السياسية ومن ذلك نستخلص بأن الحقوق بنيت على نظريات والوثيقة الخضراء لحقوق الإنسان حددت حق تقرير المصير بحق الممارسة السياسية كما وردت في النظرية العالمية الثالثة وهذا يعتبر حل لمعضلة تقرير المصير ، بحيث يؤخذ برأى الأغلبية وعدم إهمال رأي الأقلية ويحاول الباحث في هذه الورقة سرد مشكلة الأقلية والأغلبية في النظام الحزبي في عدد أصوات الناخبين وعرض الحل الوارد في النظرية الجماهيرية مقسماً هذه الورقة إلى أربعة محاور رئيسية :ـ
أولا :ـ التعريف بالنظام الليبرالي
ثانياً ـ الانتخابات وأزمة الأقلية والأغلبية في النظام الليبرالي
ثالثاً ـ أمثلة على بعض الأنظمة الليبرالية والفرق بين الانتخاب والتصعيد
رابعاً ـ النظرية العالمية الثالثة وحل معضلة الأغلبية والأقلية في النظرية الليبرالية وحل الوارد في النظرية العالمية الثالثة وعرض حق التعبير أحد أهم حقوق الإنسان « حق التعبير
أولا التعريف بالنظام الليبرالي
الليبرالية تعني مجموعة من الآراء والأفكار والقيم تدور حول السلطة وترمي إلى تحرير الفرد من كل القيود وظهرت رد فعل ضد التحكم الإقطاعي والسلطة المطلقة وحكم الأسرة الواحدة والتفريق بين أفراد المجتمع الواحد ، وهي بذلك تهدف إلى التخلص من تلك السيطرة والامتيازات الموروثة التي تتعارض مع مبدأ المساوة بين أفراد المجتمع والليبرالية هي تلك الفكرة التي يهدف أصحابها إلى تقييد سلطة الحاكم وكفالة حقوق الأفراد وحرية الفكر والتجارة والملكية الخاصة «2» إن ما يميز النظرية الليبرالية هو الأهمية التي تعزوها إلى الفرد وحقوقه ..أي أن النزعة الفردية هي السمة الجوهرية لها ، لقد نشأت الليبرالية بفعل الواقع الاجتماعي وفرضتها الظروف في أوروبا الذي أدى إلى تقسيم المجتمع إلى طبقات ، طبقة إقطاعية غنية ومالكة ، وطبقة عاملة فقيرة فبعد سيادة نظرية الحق الإلهي والتي نتجت عنها حكومة استبدادية ليست لها أي اعتبارات إنسانية وسيطرة النظام الإقطاعي لفترة طويلة مارس خلالها أبشع أنواع التسلط والتحكم بحق البشرية من خلال اعتماد الإقطاع على نظام لا يميز به الإنسان والحيوان إذا كان يباع ويشترى وظهرت الطبقة البرجوازية التي ازداد ربحها بفعل التجارة وبسطت سلطانها الاقتصادي ومن هنا نادت بالمساواة وإقامة نظام سياسي ينادي بالديمقراطية التي تحقق لها السيطرة السياسية بالإضافة إلى سيطرتها الاقتصادية «3» إن تناقض مصالح الطبقة البرجوازية « الرأسمالية» والإقطاعية أدى بالطبقة البرجوازية إلى المناداة بإقامة نظام سياسي يحد من سيطرة الإقطاعيين ويشارك فيه الشعب مصدر السلطة عن طريق الاختيار الشعبي ، ويكون الحاكم فيه مقيداً بقواعد حقوقية للشعب ، أي بالقانون الذي هو حصيلة تعاقد بين أفراد المجتمع ويطبق عليهم بالتساوي وتلك المبادئ هي التي تقوم عليها الديمقراطية الليبرالية ، التي استعملتها الطبقة البرجوازية لاستمالة فئات الشعب الذي يعاني من ظلم النظام الإقطاعي .
إن المبادئ التي نادت بها الديمقراطية الليبراليةلابد أن تتجسد في نظام سياسي يحدد أطر ممارسة العمل السياسي ، وقد نشأ هذا النظام على قاعدة تمثيل الشعب في مجالس منتخبة
واعتمدت الليبرالية على طريق الديمقراطية النيابية وتمثلت في ـ
1- النظام التمثيلي : بنت الليبرالية المبدأ النيابي وعزفت عن الأخذ بالديمقراطية المباشرة التي شكلت تهديداً خطيراً لمصالح البرجوازية التي سادت في ظلها ، ونشأ التمثيل النيابي نتيجة محاولة الحد من السلطة الملكية ورقابتها على القوى الاجتماعية المختلفة ومن هنا فإن الممثلين يعتبرون رقباء على الحكام ، ودورهم يقتصر على تمثيل مصالح خاصة بطبقة أو جماعة


2- الوكالة النيابية تقوم على فكرة الوكالة وتستند إلى نظرية السيادة التي يتسم فيها النائب المنتخب في نطاق الدائرة الانتخابية يمثل مجموع الأمة وهي وكالة غير إلزامية ومستمرة لفترة زمنية محددة وتعتبر نهائية في غير حاجة إلى تصديق أو تأكيد سكان الإقليم عليه ، ومن هنا فإن النظرية الليبرالية تعتبر طريقة لاختيار الحكام وليست وسيلة تمكن الشعب من ممارسة الحكم



3- الدستور : فكرة الدستور مبنية على التمييز من السلطة والأشخاص الممارسين لها وعلى مبدأ ضمان الحريات الفردية وبذلك فإن الطابع المميز لحكم الدستور توزيع مهام الحكم بين سلطات متعددة وقيام حدود صريحة واضحة في اختصاص كل منها منعاً للحكم المطلق بذلك فإن الدستور ركيزة من الركائز الأساسية للديمقراطية ، وفي الأساس وضع الدستور من أجل تثبيت سلطة الملوك ووضع القواعد الحقوقية غير القابلة للتعديل أو التبديل بسهولة ويكون بمثابة الأداة الفاصلة في الصراع بين الملوك والمجالس الشعبية.
< وسائل تطبيق الديمقراطية الليبرالية
الديمقراطية في المفهوم الليبرالي هي طريق اختيار حاكم للدولة تهدف في جانبها الظاهري إلى الحفاظ على الحرية الفردية في التعبير وتقرير المصير ولكن جانبها الباطني تحقيق المصالح الشخصية لمجموعة قليلة فقط (الأقوياء الذين يحكمون بما يملكون من قوة ومال ) وهنالك مجموعة من الوسائل ولكن ليس في حاجة لطرحها جميعاً نظراً لاقتصار الورقة على خصوصية الأقلية والأكثرية في عملية الانتخاب
< الاقتراع العام
يرى الليبراليون أنه من الصعب تحقيق الديمقراطية المباشرة ، لأنها لا تستطيع أن تتصور الشعب حاكماً ومحكوماً في نفس الوقت ، لذلك تصبح المشاركة في الحكم عبر ممثلين يختارهم الشعب ضرورة لتحقيق الديمقراطية غير المباشرة وهو حق للتعبير عن جزء من إرادة المواطنين للحقوق السياسية الأساسية وهي الوسيلة الوحيدة التي بواسطتها تبرز الأنظمة الغربية شرعيتها
وحتى هذه المشاركة في الحكم والتي تعتبر جزئية لم تعتمد إلا بعد صراعات وكوارث عديدة ومعظم الاقتراعات مقيدة وينحصر حق الاقتراع في فئات معينة تتوفر فيهم شروط أهمها الثروة وما يمتلكه الفرد من مال وشركات ومدى احتكاره لآخرين وامتلاكه لمصادر القوة والاحتكار
وبذلك يعتبر الاقتراع خاصاً وليس عاماً كما يوحي بذلك ويتم اقتراع الأفراد لأحزاب معينة ينتمون إليها حسب المصالح والحاجات.
> الأحزاب السياسية
الحزب أداة حكم تمكن أصحاب الرؤية الواحدة والمصلحة الواحدة من حكم الشعب بأكمله ولها أنصار من طبقات معينة من الشعب من بيئات متعددة ، وتسعى الأحزاب إلى السيطرة على السلطة حتى تستطيع تحقيق أهدافها . ومن أجل تحقيق ذلك تقوم الأحزاب السياسية بأعمال ترمي لتحقيق هذا الهدف ، وأهداف الأحزاب السياسية تبقى ثانوية أمام الهدف الأكبر وهو الوصول إلى الحكم والاستيلاء على السلطة ونشأت الأحزاب السياسية بعد أن بدأت الإجراءات الانتخابية وتطورت «6» وكانت على شكل لجان محلية تضم شخصيات ذات نفوذ لتولي منصب سياسي وكانت تسيطر عليها شخصية معينة هي شخصية النائب ، وتتعدد الأحزاب وتتنوع ولكن هدفها واحد وهو الوصول إلى الحكم ، فأكثر الأحزاب تحاول الربط بين مصالحها ومصالح الشعب العامة وترفع شعارات قومية ووطنية ، وبعضها تحاول التستر بالدين لكي تتمكن فيها من الوصول إلى تأييد الشعب لتحقيق أهدافها أملاً بالوصول إلى ما تسعى إليه وهو كرسي الحكم والسيطرة على البلاد
ثانياً : الانتخابات وأزمة الأقلية في النظرية الليبرالية
أـ الانتخابات
يعتبر الانتخاب في النظم الليبرالية من أهم الطرق للتعبر عن الإرادة كما يراها أصحاب النظرية الليبرالية الانتخاب بالقائمة أي انتخاب قائمة تحتوي على مجموعة مرشحة لتسيير النظام « الحكومة» أو بالفرد لكل إقليم بحيث كون نائباً للإقليم ينوب عنهم في اتخاذ القرارات والنوع الأول يسمى انتخاباً مباشراً، أما الثاني فهو انتخاب غير مباشر من خلال المشاركة في اختيار من يحكم البلاد على المستوى الدولي

ليست هناك تعليقات: