بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

14 يونيو 2011

نقض مدني: أمام المحكمة حكمان نهائيان متعارضان... كيف تحكم؟؟

ـ لما كان الواقع في الدعوى المطروحة أن المطعون ضده أقامها بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 1/1/1960، 27/9/1981، فتمسك الطاعنون في طلبهم العارض ببطلان العقد الأخير لصوريته، كما دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم النهائي الصادر في الدعوى..... لسنة 1986 إيجارات شمال القاهرة الذي قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن علاقة الطرفين المستندة لهذا العقد الأخير هي علاقة إيجاريه وليست بيعا. وإذا خلص الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي القاضي بصحة ونفاذ هذا العقد ورفض الطلب العارض استنادا لسبق القضاء نهائيا برفض الصورية في الاستئنافين.....، ....... لسنة 2 ق القاهرة الذي قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بصحة عقد البيع هذا، ومن ثم صار أمام محكمة الموضوع حكمان نهائيان متناقضان في تكييف العقد المنظم للعلاقة بين الطرفين وهل هو بيع أم إيجار الأمر الذي يوجب عليها ألا تعتد بحجية أي منهما وتسترد كامل سلطتها في الفصل في النزاع بحسب ما يقدم إليها من أدلة دون التقيد بأي منهما وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وعول على أحدهما دون الآخر فإنه يكون معيبا (بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال).


[الطعن رقم 2204 - لسنــة 76 ق - تاريخ الجلسة 10 / 09 / 2007 - رقم الصفحة

من قراءة مدونات الحكم نرى أن محكمة الموضوع طرحت أمامها دعوى صحة ونفاذ عقد ، فتمسك المدعى عليهم فيها بصورية العقد وبسبق الفصل فيها بحكم نهائي قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن العلاقة بين الأطراف هي علاقة إيجارية وليست بيعاً ( هذا هو الحكم النهائي الأول)
ويبين أيضاً أن المدعين قدموا للمحكمة حكماً نهائياً آخر قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بصحة عقد البيع.( هذا هو الحكم النهائي الثاني)
وقد اخذت محكمة الموضوع ( المطعون في حكمها ) بهذا الحكم النهائي الأخير واستندت إليه في حكمها بصحة ونفاذ العقد.
أي أن المحكمة كان امامها حكمان نهائيان الأول يقرر إن العلاقة إيجارية ، والثاني يقرر إن

العلاقة يحكمها عقد بيع صحيح ، فعولت المحكمة على الحكم الثاني دون الأول.
هذه الأسباب هى التى تحتاج الى زيادة بيان (الأمر الذي يوجب عليها ألا تعتد بحجية أي منهما وتسترد كامل سلطتها في الفصل في النزاع بحسب ما يقدم إليها من أدلة دون التقيد بأي منهما وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وعول على أحدهما دون الآخر فإنه يكون معيبا (بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال).) ، فأريد أن أعرف على أى أساس من القانون صدر حكم النقض ؟
نص المادة 249 مرافعات
للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى أى حكم انتهائى – أيا كانت المحكمة التى أصدرته – فصل فى نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى .
النص هنا يتعلق بحكمين نهائيين صادرين عن محاكم القضاء العادي ، هنا يمكن الطعن أمام محكمة النقض . ولكن يبدو إن الحالة الماثلة تتحصل في أن مواعيد الطعن أمام النقض قد تم تفويتها ، فأصبحت الأحكام باتة.
وحيث إنه على حد علمي ، لا يوجد أي نص قانوني يسمح بإهدار حجية أي حكم قضائي نهائي بات ، فإنني أرى إن محكمة النقض اجتهدت لحل هذه المعضلة وانتهى هذا الإجتهاد إلى إن الحكمين النهائيين المتناقضين ، وهما متماثلين في القوة ، فإن أثر التماثل في القوة والتناقض هو إلغاء كل منهما لأثر الآخر ، مما تسترد معه المحكمة سلطتها لوزن وتقدير أدلة الدعوى بحرية.
وهذا هو قدر اجتهادي في المسالة .
المهم هنا إن محكمة النقض قد أرست مبدأ بخصوص هذا الحالة
تأصيل محكمة النقض ومع كامل تقديرنا تأصيل غير صحيح ، فالأصل أنه متى صدر حكم نهائى فى المسألة التى تناضل فيها الخصوم ، فان كل حكم لاحق على هذا الحكم يعتبر حكما معدوما ، وتعديا على الحكم الأول ، والقول بغير ماتقدم يهدر مبدأ حجية الأحكام ، ولذلك فاننا نعتقد أنه كان يتعين على محكمة النقض أن تدلى بدلائها فى هذا المسألة ، وأن تقطع بيقين بأن الحكم الثانى الذى خالف حجية حكم حاز قوة الأمر المقضى حكم معدوم ، ولايمكن وصفه بأنه حكم نهائى لما يترتب عليه من اهدار حجية الحكم الأول ، فضلا عن أن المحكمة التى تنظر هذين الحكمين اذا سايرت محكمة النقض ، واستردت سلطتها فقد تصدر حكما ثالثا مختلفا عن الحكمين السابقين لنقع فى ذلك بين ثلاثة أحكام متعارضة
ولذلك أرى أن ماذهبت اليه محكمة النقض يمثل مخالفة صارخة للقانون ، ولا أدرى كيف وقع شيوخ القضاء فى هذه المخالفة
وهو الحكم الذي نقضته محكمة النقض في حكمها أعلاه لأسبابه الموضحة.

ليست هناك تعليقات: