محكمة النقض
الدائرة الجنائية
مذكـــرة ثانية
بأسباب الطعن بالنقض
المرفوع من الأستاذ / ياسر محمود عبد الباسط - وشهرته ياسر بركات. (متهم)
ضـــــــــد
1 النيابة العامة .
2 السيد/ محمد مصطفي بكري وشهرته مصطفي بكري (المدعي بالحق المدني).
طعناً في الحكم الصادر بجلسة 24/6/2009
من محكمة جنايات الجيزة الدائرة (11) جنايات القاهرة.
في الجنحة الصحفية رقم 2453 لسنة 2008 جنح السيدة زينب .
- فيما قضي به في منطوقة (وبعد الإطلاع على المواد سالفة الذكر حكمت الحكمة حضورياً:أولا: بمعاقبة ياسر محمود عبد الباسط وشهرته ياسر بركات بالحبس لمدة ستة أشهر بغرامة عشرين ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية ثانيا:وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى تعويضا مؤقتا قدره خمسة ألاف وواحد جنيه وألزمته بمصروفاتها وبمقابل أتعاب المحاماة ).وقد قام وكيل الطاعن بالتقرير بالطعن بالنقض على هذا الحكم بتاريخ 27/6/2009 وقام بإيداع مذكرة بأسباب الطعن بالنقض تحت رقم 676 تتابع ايداع بتاريخ 27/6/2009 والطاعن يقدم هذه المذكرة كمذكرة ثانية بأسباب الطعن على هذا الحكم مضافة إلى الأسباب الواردة منه بالمذكرة الأولى .
الوقائــع
نحيل بشأن الوقائع والإجراءات لما جاء بالأسباب الواردة بمذكرة الطعن الأولى ونعتبرها جزءا لا يتجزأ من دفاع الطاعن وأسباب طعنه بالنقض على الحكم الطعين ويضيف بموجب هذه المذكرة الأسباب التالية مكملة ومتممة لها على النحو التالي .
أسباب الطعن
السبب الأول : والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب .
من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه( لا تنعقد الخصومة فى الدعوى الجنائية التى يرفعها المدعى بالحقوق المدنية مباشرة الا عن طريق تكليف المتهم بالحضور تكليفا قانونيا صحيحا)
( نقض جنائى 6/4/1970 الطعن رقم220لسنة 40 ق)
ولما كانت المادة 234 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على ( أن تعلن ورقة التكليف بالحضور لشخص المعلن إليه أو فى محل إقامته )
وقد عرفت محكمة النقض محل الإقامة المنصوص عليه فى هذه المادة بأنه الموطن المنصوص عليه
فى المادة 40 من القانون المدني حيث قضت :
( بأن إعلان المتهم للحضور بجلسة المحاكمة يجب أن يكون لشخص المتهم أو موطنه وكان الموطن كما عرفته المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة ، وبهذه المثابة لا يعتبر المكان الذى يباشر فيه الشخص عمله موطنا له . ولما كان ذلك ،فان الحكم المطعون فيه إذ قضى فى الاستئناف تأسيسا على صحة ذلك الإعلان يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتعيب بالبطلان )
(نقض رقم 3887 لسنة 57 قضائية جلسة 27 أكتوبر 1988 )
وحيث أن المدعى بالحق المدني قد قام بإعلان الطاعن بصحيفة الادعاء المباشر على مقر عمله وليس على محل اقامته وبالتالى يكون الاعلان قد تم باطلا وبناء عليه قد انعقدت الخصومة الجنائية بناء على هذا الاعلان الباطل الأمر الذى كان يستتبع القضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لبطلان صحيفتهما لعدم إعلان المتهم إعلانا قانونيا صحيحا وهذا البطلان لا يصححه حضور المتهم جلسات المحاكمة لتعلق الأمر بسلامة اتصال المحكمة بالدعوى ونظرا لكون الحضور ليس الإجراء اللاحق لهذا الاعلان الباطل وقد تمسك دفاع الطاعن بهذا الدفع وقدم صورا من أحكام قضائية تفيد صحته الا أن المحكمة رفضت الدفع على زعم أن الغاية من الاعلان قد تحققت وحضر وكيل الطاعن جلسات المحاكمة وهذا الرد من المحكمة على الرغم من قصوره فانه يوضح الخطأ الذى وقع فيه الحكم الطعين وذلك لأن الحضور بالجلسات ليس هو الإجراء اللاحق على اعلان المتهم اعلانا باطلا حتى تكون الغاية قد تحققت منه ولكن هذا الاعلان الباطل لحقه اعلان السيد وكيل النيابة وهو الذى تنعقد به الخصومة الجنائية فى الدعوى وهذا الانعقاد قد تم باطلا نتيجة للإعلان الباطل للمتهم ولحق ذلك أيضا اتصال المحكمة بالدعوى بعد اعلان السيد وكيل النيابة وذلك أيضا بناء على هذه الخصومة المنعقدة باطلة . وبالتالى تكون كافة إجراءات الخصومة قد تمت باطلة لا يصححها الحضور بالجلسات وبناء على ذلك يكون الحكم الطعين برفضه لهذا الدفع يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تحصيله للواقع وقاصر فى أسبابه . وذلك لكون الدفوع المتعلقة بقانون الإجراءات الجنائية تعد دفوعا جوهرية فإذا كان الرد عليها غير كافي أو غير سائغ يعد ذلك قصورا فى التسبيب وإذا كان مخالفا للقانون يعد خطأ فى تطبيقه وقد أستقر الفقه على ذلك بأن قرر ( أما الرد على الدفع بأسباب كافية ولكن غير صحيحة فى القانون ، أي لاتتفق و لضوابط التى رسمها القانون الاجرائى لصحة الإجراء المدفوع ببطلانه ،فانه مما يعد خطأ فى تطبيق القانون الاجرائى أو فى تأويله بحسب الأحوال ، مما ينبنى عليه بطلان فى الحكم أو فى الإجراءات ) ( د. رؤوف عبيد – ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية –ص232).
لذلك فان الطاعن ينعى هذا الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب .
السبب الثاني : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
من المقرر في قضاء محكمة النقض ( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية كافة من
النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تحديده لها قد أقام ذلك على اعتبارات تتعلق بحسن سير العدالة
ويجوز الدفع بها لأول مره أمام محكمة النقض أو تقضى هي بها من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان
ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم ) .
( الطعن رقم 1963 لسنة 67 ق – جلسة 18/3/2006 )
وذلك لكون اختصاص المحكمة بنظر الدعوى هو شرط من شروط صحة جميع إجراءاتها على أنه إذا دفع صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة ثار نزاع إجرائي حول مسألة الاختصاص والخطأ في هذا التطبيق يعد خطأ في القانون فإذا قضت المحكمة خطأ باختصاصها بنظر الدعوى فإن حكمها يكون مشوبا بعيب الخطأ في القانون بالإضافة إلي عيب البطلان الذى يصيب جميع الإجراءات التى قامت بها المحكمة رغم عدم اختصاصها .
وقد قضت محكمة النقض :
( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة).
( نقض 16 نوفمبر سنة 1989 – مجموعة الأحكام س 4 رقم 159 ص 98 )
وحيث أن دفاع الطاعن قد تمسك بمحاضر الجلسات وبمذكراته المقدمة أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم الاختصاص لكون الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة بأعمال المدعى بالحق المدنى المتعلقة بصفته النيابة العامة وذلك استنادا إلي أن مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائي أنها وإن كانت قد جعلت الاختصاص بنظر الجنح الصحفية إذا وقعت على غير أحاد الناس ينعقد لمحكمة الجنايات فشرط ذلك أن يكون النشر كان يخص تصرفات خاصة بصفتهم النيابية العامة أما إذا تعلق النشر بوقائع غير متصلة بصفتهم النيابية فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة الجنح .
وقد قضت محكمة النقض :
(ما دامت الوقائع الواردة في المقال الذى يساءل عنه المتهم بالقذف في حق المجني عليه لا يتعلق أي منها بصفته نائبا أو وكيلا لمجلس النواب هي موجهة إليه بصفته فردا من أفراد الناس فيكون الاختصاص بالنظر في الدعوى المرفوعة بها لمحكمة الجنح لا لمحكمة الجنايات)
( نقض جلسة 17/5/1950 المكتب الفني س 1 ق 126 ص 667 )
وحيث أن الحكم الطعين قد رفض الدفع بمقولة أن القذف وقع على المدعى بالحق المدنى بصفته النيابية وحال ممارسته لتلك الصفة فضلا عن وقوعه عليه بصفته الخاصة.وأستند فى ذلك الى عبارات واردة بالمقال قام باجتزائها من السياق العام الذى وردت فيه ليبنى على هذا الاجتزاء أسبابه فى رفض الدفع بغرض أن يعجز محكمة النقض عن مراقبته فيما أنتهي إليه من أسباب التى رفض بها هذا الدفع
ويبين الخطأ هنا أنه وان وردت بالمقال بعض الألفاظ الخاصة بوصفه النائب الا أنها وردت عرضا دون أن تسند وقائع خاصة بعمله داخل البرلمان أوحال ممارسته له ولكن الوقائع التى تم إسنادها كانت وقائع خاصة باراؤه الواردة بمقالاته بجريدة الأسبوع وعلاقته الغير طبيعية بدولة سوريا واستماتته فى الدفاع عن النظام السوري بالرغم من كل مساوئه وكذلك بعض الوقائع الخاصة بافتعاله خلافات مع أحد رجال الأعمال بسبب قطعه الإعلانات عن جريدة الأسبوع ومحاولاته فى هجومه عليه اللعب بورقة الفتنة الطائفية ومن كل ذلك يتضح أن الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة بصفتة البرلمانية وبالتالى تكون محكمة الجنايات غير مختصة بالفصل فى هذه الدعوى وكان يجب القضاء بعدم الاختصاص والإحالة الى محكمة الجنح.
لذلك يكون الحكم الطعين بفصله فى الدعوى رغم عدم الاختصاص يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بالإضافة للقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
السبب الثالث: الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور في التسبيب والانعدام الجزئي للأسباب والتناقض والتخاذل فى الأسباب
وذلك حيث أن وكيل الطاعن قد تقدم بعدد4 مذكرات بدفاعه أشمل إحداهما الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون وذلك لكون الدعوى تم تحريكها بموجب وكاله عامة وليست وكاله خاصة كما اشترطت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية . وقد تمسك وكيل الطاعن بهذا الدفع بمحاضر الجلسات
ولما كان من المستقر عليه أنه يتعين وقبل النظر فى موضوع الدعوى أن تستوفى المحكمة مسألة الشكل وهى أن تخضع لقواعد القانون ولذلك فان الخطأ فى هذه القواعد يعد خطأ فى القانون لتعلق الدفع بعدم القبول بالنظام العام.
وفي ذلك قضت محكمة النقض :
( إذا كان الإجراء الباطل شرطا لصحة نشأة الخصومة الجنائية فإنه يترتب عليه عدم قبول الدعوى الجنائية . كما إذا شاب البطلان إجراء الشكوى أو التكليف بالحضور أو أمر الإحالة فهذا البطلان يترتب عليه عدم توافر شروط قبول الدعوى الجنائية . مما يجرد المحكمة من سلطتها في الفصل في موضوع الدعوى . فإذا هي فصلت في الموضوع بغير عدم قبول الدعوى الجنائية كان حكمها مشوبا بالبطلان ) .
(نقض 15 أبريل سنة 1968 – مجموعة الأحكام س19 رقم 87 ص451)
وذلك لكون الأصل أنه متى كانت الدعوى المباشرة قد أقيمت عن جريمة تتطلب شكوى لرفع الدعوى الجنائية تعين لقبول الدعوى الجنائية أن يكون رفعها مقرونا أو مسبوقا بتقديم شكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص فأن كان قد سبق لأي منهما تقديم الشكوى في الميعاد جاز للمحامى بمقتضى توكيل عام أن يقيم الدعوى الجنائية عن ذات الجريمة بطريق الادعاء المباشر .
أما إذا لم يكن قد سبق هذا الادعاء تقديم مثل هذه الشكوى واعتبرت صحيفة الادعاء المباشر بمثابة شكوى كما جرى عليه قضاء محكمة النقض وحينئذ يتعين أن تتوافر الشروط المتطلبة في الشكوى بأن تكون صادره من المجني عليه نفسه أو من وكيل عنه بموجب وكالة خاصة في تقديم الشكوى وأن تعلن للمتهم تكليفا بالحضور في ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليها في القانون .
وذلك لأن صحيفة الادعاء المباشر تجمع في تلك الحالة بين عملين من الأعمال الإجرائية أولهما : إقامة الادعاء بالطريق المباشر ويكفي فيها التوكيل العام وثانيها : تقديم شكوى لازمة لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بها ويجب فيه أن يصدر من المجني عليه نفسه أو من وكيلة بتوكيل خاص طبقا لما استلزمتة المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الوجوب .
( نقض جنائي 20/4/1989 س 40 ق 85 ص 531 )
( نقض جنائي 5/6/1986 س 37 ق 124 ص 652 )
ومفاد ذلك أنه لما كانت صحيفة الجنحة المباشرة تعد بمثابة الشكوى وبالتالى يجب أن تتوافر فيها كافة الشروط المتطلبة في الشكوى ومنها أن يتم تحريكها بموجب وكاله خاصة لاحقه على الفعل وسابقة على تحريكها وإلا تكون الدعوى غير مقبولة .
وقد استقر الفقه أيضا على إن ضرورة وجود توكيل خاص لاحق على الفعل وسابق على تحريك الشكوى هو شرط أساسي لقبولها ومن ذلك :
(الشكوى التى تتطلبها المادة 3 إجراءات يجب أن تصدر من المجني عليه إما بنفسه أو إما بواسطة وكيل عنه على أن يكون التوكيل خاصاً ، وصريحاً وصادراً عن واقعة معينة سابقة على صدوره أى ينبغي أن يكون التوكيل لاحقاً للواقعة المشكو عنها أيا كان نوعه ، وهذا شرط من النظام العام لأن شروط تحريك الدعوى الجنائية كلها من النظام العام).
(الدكتور رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية طبعة 1983 ص 72).
(يشترط فى التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً – المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية- أي أن تحدد فيه الواقعة التى تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى ، ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة ويترتب على ذلك أنه لا محل فى الشكوى لتوكيل عام ، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب فى المستقبل ذلك أن الحق فى الشكوى يفترض تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملائمة الشكوى)
(الدكتور محمود نجيب حسنى – شرح قانون الاجراءات الجنائية طبعة 1988 ص 124).
(الحق فى الشكوى هو حق شخصي يتعلق بالمجني عليه ، وقد رتب القانون على ذلك نتيجتين ، الأولى : أن هذا الحق ينقضي بموت المجنى عليه .. والأمر الثانى المترتب على اعتبار الشكوى حق شخصى متعلق بشخص المجنى عليه دون غيره ، أنه يجب أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص (م3 اجراءات) ومفاد هذا أن التوكيل العام لا يجدي فى التقدم بالشكوى ، فيلزم أن يكون التوكيل خاصاً فقط بالتقدم بالشكوى لكي تقبل تلك الأخيرة من الوكيل).
(الدكتور مأمون سلامة – قانون الاجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض طعن 19 ص 76).
(الشكوى حق للمجني عليه وحده ، وله أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص بشأن الجريمة موضوع الشكوى فلا يكفى لذلك مجرد الوكالة العامة).
(الدكتور أحمد فتحي سرور – الوسيط فى قانون الاجراءات الجنائية – طبعة 1980 ص 647).
- ومن ذلك يتضح أن أحكام القضاء قد اتفقت مع الفقه في ضرورة تطلب إرادة خاصة فى تحريك الشكوى نظراً لخصوصية هذه الجرائم. وبالتالى يجب أن يتوافر فى الإجراء الخاص بتحريك الدعوى الجنائية ما يفيد وجود هذه الإرادة وبالتالي يجب في الشكوى سواء تم التقدم بها للنيابة العامة أو عن طريق الادعاء المباشر أن تكون إما بشخص المجني عليه أو عن طريق وكيله الخاص ولا تكفي فيها الوكالة العامة.
وبالتالى فان ما يثار بأن هذا القيد هو على النيابة العامة فقط وأنه يحق للوكيل العام إقامة الدعوى مباشرة فى جرائم الشكوى فانه يكون مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ اجراءات التحقيق إلا بناء على شكوى من المجنى عليه أو وكيل الخاص (وهى صاحبة الاختصاص الأصيل) فإن هذا المنع أيضا يسرى على الدعوى المباشرة (الاستثناء على الأصل).
- وذلك لكون النيابة العامة هى صاحبة الحق الأصيل فى إقامة الدعوى الجنائية وأن الادعاء المباشر هو استثناء على هذا الحق الأصيل وبالتالى يجب عند تطبيقه أن يكون فى أضيق نطاق ولا يتم التوسع فيه على حساب الأصل .
- وبذلك إذ جاء نص وقيد الحق الأصيل للنيابة فى تحريك الدعوى الجنائية الا بناء على شكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد على الاستثناء وهو الادعاء المباشر. وبالتالى تكون المحكمة قد أخطأت فى تطبيق القانون برفض الدفع المبدي من دفاع الطاعن.
وذلك لكونها قد استمرت في نظر الدعوى والفصل فيها على الرغم من عدم وجود وكالة خاصة من المدعى بالحق المدنى لتحريك الشكوى تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه
هذا بالإضافة الى أن المحكمة ملزمه قانونا بالرد على الدفوع الجوهرية المبداه في الدعوى وذلك لكونها وسيله فعاله لتحقيق العدالة .
وتكون الدفوع جوهرية إذا كان من شأنها أن تؤثر بنتيجة على الحكم الصادر في الدعوى بأن يترتب علي قبولها تغيير موقف المتهم في الدعوى أو من شأن قبولها تغيير وجه الحكم فيها وبالتالى فإن المحكمة تكون ملزمه بالرد على كافة الدفوع المبداه أمامها ومنها الدفع بعدم قبول الدعوى :
ولما كان الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون كان دفعا جوهريا وجازما تمسك به دفاع الطاعن في مذكرات دفاعه وكذلك بمحاضر الجلسات وكان لزاما على المحكمة الرد عليه بأسباب سائغة أما كونها لم ترد على هذا الدفع في بأسباب سائغة واكتفت بقولها ص 12 من الحكم فأن هذا القول يحتاج الى سنده القانوني وان المادة الثالثة لاتشترط ذلك الا فى حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر ......... تكون بذلك خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بالإضافة لكون ذلك يصيب الحكم بعيب القصور في التسبيب.
لذلك فإن الطاعن ينعى هذا الحكم بالبطلان لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب .
- بالإضافة الى أن هناك تناقض وتخاذل فى الأسباب حيث أن المحكمة قررت في أسباب حكمها بداية ص 12أن صحيفة الدعوى تقوم مقام تلك الشكوى ثم جاءت بعدها مباشرة وبذات الصفحة وقررت. وان المادة الثالثة لا تشترط ذلك الا فى حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر
ففى الحالة الأولى أعتبرت صحيفة الادعاء المباشر تحل محل الشكوى وفى الحالة الثانية أعتبرت أن الادعاء المباشر لا يعد شكوى الأمر الذى يعيب الحكم بالتناقض والتخاذل فى الأسباب
- لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور فى التسبيب والتناقض والتخاذل فى الأسباب.
السبب الرابع :القصور في البيان والقصور في التسبيب :
لما كان من المستقر عليه في قضاء محكمة النقض أنه لا يكفى لصحة الحكم الصادر بالإدانة أن يبين قاضى الموضوع في معرض تسبيبه بيانات الواقعة الموضوعية فقط , وإنما يجب عليه أيضا بان يبين في ورقه الحكم الأصلية التى يسطر فيها أسباب الحكم الذى انتهى إليه بعض البيانات الإجرائية والتي تعد من قبيل القواعد الإجرائية الموضوعية , والتي يترتب علي مخالفتها البطلان ولا يعصم الحكم من البطلان إذا خلت ورقة الحكم الأصلية من بيانها وتضمنها محضر الجلسة أو ورد ذكرها في أوراق الدعوى .
(د / على محمود على – النظرية العامة في تسبيب الحكم الجنائى – رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة – 1993 ص 431)
لذلك يتعين على المحكمة فى جرائم الشكوى ومنها ( القذف والسب )أن تبين في حكمها الفاصل في الموضوع أن الدعوى قد رفعت صحيحة بناء على شكوى ممن يملك تقديمها وإلا كان الحكم معيبا .
وحيث أن جريمتي القذف والسب بطريق النشر قد نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب تقديم شكوى من المجنى عليه أو من وكيله الخاص قبل اتخاذ أي إجراء فيها . لذلك يجب أن يبين الحكم الطعين ما يفيد وجود هذا الإجراء وإذا أغفل هذا البيان في حكمه يكون قاصرا وقد استقر الفقه على ذلك .
(إذا كانت الجريمة المرتكبة من الجرائم التى تطلب المشرع لإمكان تحريك الدعوى الجنائية عنها صدور الشكوى أو الطلب أو الإذن من الجهة المختصة , فإنه يجب الإشارة إلى ذلك في الحكم وذلك حتى تتمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على إجراء تحريك الدعوى)
(رؤوف عبيد ضوابط تسبيب الأحكام – ص165)
وقد قضت محكمة النقض :
(ولذلك فإن الحكم الذى يصدر في الجرائم التى نصت عليها المادة 3/1 من قانون الإجراءات الجنائية ، يجب أن يبين صدور الشكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص وفي خلال المدة المحددة لذلك . وهذا البيان يجب ذكره في أسباب الحكم ، فلا يغنى عن ذكره في الحكم أن يتبين في أوراق الدعوى لافى الحكم أن له وجوداً)
(نقض 18/1/1968 مجموعة أحكام النقض السنة 19 ق 7)
وقضت أيضا :
(لا يغنى عن النص في الحكم ما تبين في أوراق الدعوى لافى الحكم من أن الزوج قد تقدم إلى مأمور القسم بالشكوى عن جريمة الزنا وأصر على رفع الدعوى الجنائية عنها في تحقيق النيابة)
(نقض 14/2/1972 مجموعة أحكام النقض لسنه 23ق 45 ص186 )
فمثل هذه الشروط تتعلق بمدى سلامة اتصال المحكمة بموضوع الدعوى , ولذلك فلابد أن يشير الحكم ذاته إلى النصوص المتضمنة تلك الشروط ويبين أنها قد روعيت في نظر الدعوى .
(د/ مأمون سلامة – شرح قانون الإجراءات الجنائية ص192)
وقد رتبت محكمة النقض البطلان على عدم توضيح الحكم لهذا الشرط . حيث قضت :(أن بيان صدور طلب من مدير عام الجمارك لتحريك الدعوى في جريمة التهريب الجمركي , بيان جوهري وان إغفاله يؤدى على بطلان الحكم ولو ثبت صدور هذا الطلب بالأوراق فإن ذلك لا يغنى عن النص عليه بالحكم)
(نقض 4/2/1992– الطعن رقم 12354– لسنه59قضائية–مجلة القضاة – السنة 25 – 192 ص 690)
وحيث أن الحكم الطعين قد أغفل فى أسبابه ما يفيد وجود هذه لشكوى بالتالى يكون معيبا مستوجبا نقضه .
لذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بالقصور في البيان والقصور في التسبيب .
السبب الخامس :الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد فى الاستدلال :
وذلك لكون الدفاع الطاعن قد تمسك بالدفع ببطلان صحيفة الدعوى لكون وكيل المدعى بالحق المدني الذى أقام الدعوى وهو الأستاذ / على عبد العزيز المحامى هو في ذات وقت إقامة هذه الدعوى كان وكيلا للمتهم بموجب وكاله سارية رقم3082 ب لسنة 1997 لم يتم إلغاءها وهذا يعد مخالفة لنصوص قانون المحاماة . إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع ص12 من الحكم بمقوله أن المدعى بالحق المدنى قدم ضمن حافظة مستنداته الثانية ما يفيد إلغاء التوكيل رقم 5726/ 99 مكتب توثيق الأزبكية والصادر من المتهم الى وكيل المجنى علية الأستاذ محمد الدماطى المحامى وما يفيد إعلانه بهذا الإلغاء على يد محضر بتاريخ 2/6/2008 وان مخالفة المحامى للمواد 79 , 80 , 81 لا يؤدى إلى بطلان الصحيفة
فان الرد من المحكمة يعد مخالفا للقانون والواقع للأسباب الآتية :
أولا : أن صحيفة الدعوى هي مفتتح الدعوى وأنها يترتب عليها انعقاد الخصومة في الدعوى فإذا شابها البطلان فإن ذلك يؤثر في صحة اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية ويجب الحكم بعدم بقبولها .
ولما كانت المادة 76 من قانون المحاماة قد نصت على (لا يجوز للمحامى التوقيع على صحف الدعاوى والطعون وسائر أوراق المحضرين والعقود المقدمة للشهر العقاري أو الحضور والمرافعة بالمخالفة لأحكام ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال )
ومن ذلك يتضح أن القانون قد رتب على مخالفة أحكام قانون المحاماة جزاء البطلان وعدم القبول وحيث أن المحامى الذى أقام الدعوى قد خالف نصوص المواد 79 , 80 من قانون المحاماة وبالتالي يترتب البطلان على هذا الإجراء ولا سيما أن المصالح المتعارضة كانت ثابتة بمستندات في هذه الدعوى وهى أن الدعوى التى كان يترافع فيها هذا المحامى عن الطاعن كانت الدعوى رقم 149 لسنه 22 قضائية دستوريه وكان يطالب فيها بالحكم بعدم دستورية المواد 302 , 303 , 306 , 307 من قانون العقوبات المصري وهى ذات المواد التى كان يطالب في صحيفة الدعوى محل هذا الطعن بتطبيقها على المتهم وبذلك يتضح مدى تعارض المصالح في ذلك ولذلك كان يجب القضاء ببطلان صحيفة الدعوى والحكم بعدم القبول أما وأن المحكمة لم تقضى بذلك تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بالإضافة إلى القصور في التسبيب .
ثانيا : أن المحكمة أستندت في رفض الدفع على أن المحامى قد ألغى التوكيل بتاريخ 29/5/2008 وهذا منها مخالف للقانون حيث أن العبرة في البطلان هي بتاريخ اتخاذ الإجراء الباطل ولما كان هذا المحامى قد أقام هذه الدعوى ضد الطاعن في شهر مارس 2008 فإن لا يؤثر في البطلان قيامه بإلغاء التوكيل بعد هذا التاريخ .
كما أن التوكيل الذى قررت المحكمة أنه تم إلغاؤه لا يخص المحامى الذى أقام هذه الدعوى وهو الأستاذ/ على عبد العزيز المحامى لأن توكيله رقمه 3082 ب لسنة 1997 أما التوكيل المقدم صورة من الإنذار بالغاؤه فهو التوكيل رقم 5726/ 99 مكتب توثيق الأزبكية وهو خاص بمحامى أخر يدعى محمد الدماطى
ولذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال .
السبب السادس: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال:
ذلك لكون المحكمة ملزمة قبل النظر فى موضوع الدعوى أن تستوفى مسألة الشكل وتبت فيها لتعلقها بقواعد القانون وأن الخطأ فى هذه القواعد يعد خطأ فى تطبيق القانون وبصفة خاصة الدفع بعدم قبول الدعوى لتعلقه بالنظام العام لمساسه بشرط جوهري من شروط تحريك الدعوى.
وقد دفع وكيل الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون لعدم وجود نص قانوني يجيز للمدعى بالحق المدنى إقامة دعواه مباشرة أمام محاكم الجنايات وأن نصوص قانون الاجراءات الجنائية تحدثت فقط عن تكليف المتهم مباشرة بالحضور من المدعى بالحق المدنى أمام محاكم الجنح والمخالفات فقط - مادة 232 اجراءات - ولم تنص عليها فى الجنح بصفة عامة بل أن النص كان واضحاً فى أحقية إقامة الدعوى المباشرة أمام محاكم الجنح والمخالفات فقط وبالتالى يتضح عدم وجود نص قانوني يبيح إقامة الدعوى مباشرة أمام محاكم الجنايات.
وطبقاً لنص المادة (1) من قانون الاجراءات الجنائية التى اختصت النيابة العامة فقط برفع الدعوى الجنائية وجعلت الاستثناء وهو إقامتها مباشرة يجب أن يكون بناء على نص قانوني حيث نصت : "تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها الا فى الأحوال المبينة فى القانون".
والمادة (3) نصت على تقديم الشكوى الى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي كما أن المادتين 156 ، 214/1 تحدثتا عن أن لقاضى التحقيق أو النيابة العامة أن يحيلا الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها عن طريق النشر- عدا الجنح المقررة بأفراد الناس الى محكمة الجنايات.
وباستقراء جميع هذه النصوص نجد أن القانون قد أعطى الحق للنيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية كحق أصيل لها ونص على أن الاستثناء وهو(الادعاء المباشر من المجنى عليه) يجب أن يكون بناء على نص قانوني. وحيث أن قانون الاجراءات الجنائية قد خلا من أي نص يفيد حق المجنى عليه فى الادعاء المباشر أمام محكمة الجنايات .
وبالتالى تكون الدعوى المباشرة قد أقيمت على غير سند من القانون وبالتالى قد أقيمت بغير الطريق الذى رسمه القانون وكون المحكمة تباشر ها على الرغم من ذلك تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون.
- كما إن رد المحكمة على هذا الدفع ص11 من الحكم يؤكد عدم إلمام المحكمة بالقواعد القانونية الخاصة بتحريك الادعاء المباشر.
حيث أسست رفضها للدفع على سند من القول أنه من حق المدعى بالحقوق المدنية إقامة الدعوى مباشرة فى جنح السب والقذف أمام المحكمة المختصة،( ولا نعرف من أين أتت المحكمة بكلمة محكمة الجنح المختصة) وهذا منها يعد مخالفة لنصوص قانون الاجراءات الجنائية وسوء تفسير لنصوص قانون الاجراءات الجنائية سالفة الذكر الأمر الذى يوصم الحكم بالإضافة للخطأ فى تطبيق القانون الى الخطأ فى تأويله وتفسيره والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يبطله بطلاناً يستوجب نقضه.
السبب السابع : مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب للرد غير المستساغ والمجتزأ من المحكمة على الدفوع بعدم الدستورية
وذلك حيث أن الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية 214/1 ، 215 ،216 من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد 40 ، 41 ، 67 ، 69 ، 151 من مواد الدستور المصري لأنها تمثل انتهاكا لمبدأ المساواة والحرية الشخصية وقواعد المحاكمة المنصفة وحق التقاضي على درجتين في الجنح وإخلالها بالقوة الملزمة للمعاهدات الدولية .
كما أن دفاع الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات وذلك لمخافتها لنصوص المواد 2 ، 41 ، 67 ، 79 ، 86 ، 165 عن الدستور المصري لمخالفتها لمبادىء الشريعة الاسلاميه واصل البراءة والمحاكمة المنصفة وحق الدفاع والحرية الشخصية ومبدأ الفصل بين السلطات .
وكذلك دفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري لمخالفتهم لنصوص المواد 48 ، 62 ، 64 ، 206 ، 207 ، 208 من الدستور وذلك نظرا لغلو المشرع في العقوبات المفروضة في هذه المواد وعدم تناسبها مع الأفعال محل التجريم كما أنها تمثل انتهاكا للحق في المساهمة في الحياة العامة ومبدأ خضوع الدولة للقانون وسلطة الصحافة ومبدأ التناسب بين الفعل والعقاب الذى اقرته المحكمة الدستورية العليا حيث قضت :
( بأن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتداولها أو غير ذلك من وسائل التعبير قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لا يتم الحوار المفتوح ألا في نطاقها وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا ولا يترددون وجلا ولا ينصفون لغير الحق طريقا .وأن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثرا في مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها تبيانا لنواحي التقصير فيها وأنه لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها سواء من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها – فالحقائق لا يجوز إخفائها – من غير المعقول أن يكون النفاذ إليها ممكنا في غيبة حرية التعبير )
( حكم المحكمة الدستورية العليا في 15/4/1995 القضية رقم 6 لسنة 15 ق د )
وقضت أيضا
( ويتعين بالتالى أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته ، حقأ مكفولا لكل مواطن .....
ومن ثم كان منطقيا ، بل وأمرا محكوما أن ينحاز الدستور إلي حرية النقاش والحوار في كل أمر يتصل بالشئون العامة ، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام . إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون ، ولان حوار القوة إهدار لسلطان العقل ، ولحرية الإبداع والأمل والخيال ، وهو في كل حال يولد رغبة تحول بين المواطن والتعبير عن آراؤه ، بما يعزز الرغبة في قمعها ، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها ، مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره )
وقدم وكيل الطاعن مذكرة شارحة لهذه الدفوع والأسباب والأسانيد القانونية والدستورية التى يستند عليها هذه الدفوع.
وتأكيداً لجديته فى هذا الدفع ولإثبات إن عدد من المحاكم قد رأت شبهة مخالفة هذه المواد للدستور المصري فقد قدم أصول لعدد (4) شهادات صادرة من واقع جدول المحكمة الدستورية العليا تفيد أن المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات مقام بشأنها الدعاوى أرقام 25 لسنة 21 ، 83 لسنة 21 ، 60 لسنة 22 و149 لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب الحكم بعدم دستورية هذه المواد ، كما أن الدعوى رقم 60 لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب فيها أيضا الحكم بعدم دستورية المواد 214 ، 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية.
وطلب وقف الدعوى المنظورة تعليقياً لحين الفصل فى هذه الدعاوى أو التصريح له بإقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه ا لمواد عملاً بنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا برقم 48 لسنة 1979.
كما ذكر فى مذكراته المقدمة للمحكمة أرقام عدد (8) دعاوى منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا بشأن هذه المواد مما يؤكد وبجلاء شبهة مخالفة هذه المواد للدستور وترجيح صدور حكم بعدم دستورية هذه المواد.
- إلا أن الحكم المطعون فيه قد رد على ذلك بقوله (حيث أنه عن الدفع بعدم دستورية المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية فانه على غير أساس سليم من القانون ذلك أن المتهم الذى حكم بإدانته فى جريمة السب أو القذف من محكمة الجنايات له حق الطعن بالنقض فى الحكم الصادر ضده ، هذا فضلاً عن أن إحالة هذا النوع من دعاوى الجنح الى محكمة الجنايات إنما يمثل ضمانة أفضل للمتهمين لأنهم يحاكمون أمام قضاة ثلاث هم أكبر سناً وأكثر خبرة وكفاءة ولا ترهق كواهلهم ما ترهق به كواهل القضاة بالمحاكم الجزئية وفى ذلك خير ضمان لحرية الصحافة وحرية الرأى ومن ثم فان المحكمة ترى عدم جدية هذا الدفع ، و تلتفت عنه)
ونجد هنا أن الرد جاء مخالفاً للقانون حيث أن محكمة النقض لا تعد درجة من درجات التقاضي وذلك لكونها محكمة قانون وليست محكمة موضوع كما انه اغفل الرد على باقي أسباب الدفع مما يعد قصوراً في التسبيب.
كما ردت المحكمة أيضا على الدفع بعدم دستورية المواد 302 فقرة ب (بأن ذلك لا يعد نقلا لعبء الاثبات الى عاتق المتهم ولا مخالفة لقرينة البراءة ولا إخلال بحق الدفاع،بل هو تأكيد لذلك القرينة وضمانة حق الدفاع ومن ثم فان المحكمة تلتفت عن الدفع ) فان ذلك من المحكمة يعد قصورا فى الرد على أسباب الدفع لأنه جاء مجملا ولم توضح الأسباب التى بناء عليها بنت قناعتها فى أن هذا النص لا يعد نقلا لعبء الاثبات أنه ضمانة لحق الدفاع .
كما أن الرد على الدفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري قد جاء مخالفا للدستور والقانون حيث أن الحكم الطعين أشترط أن تكون حرية الصحافة فى إطار مقومات أساسية للمجتمع واردة فى المادة 12 من الدستور .
وهذا ما ذكره الحكم الطعين لا علاقة له بهذه المواد المدفوع بعدم دستوريتها أو بأسباب هذا الدفع لأنها مواد متعلقة بالعقوبة على القذف والسب والمغالاة فى تقدير هذه العقوبات وعدم تناسبها مع الفعل ولم تتعلق بأركان جريمتا القذف والسب ومدى مطابقتهما للدستور . وبالتالى يتضح أن الرد على الدفع جاء بأسباب تختلف عن الأسباب التى أبداها الطاعن مما يؤكد بعدم إلمام المحكمة إلماما كافية بأسباب الدفع مما جعل ردها قاصرا وغير شامل لكل أسباب الدفوع بعدم الدستورية .
ومن ذلك يتضح أن الحكم لم يحصل أسباب هذا الدفع تحصيلاً كافياً لكونه رد على أسباب الدفع بطريقة مجتزأة وبها نوعاً من التجهيل بالإضافة الى كونه لم يقم بالرد على كافة الأسباب وحدوث لبس وتداخل في ذهن المحكمة بين أسباب الدفوع بعضها البعض. مما جعلها تقوم بالرد على أسباب الدفع تارة بأسباب غير مستساغة ومخالفة للقانون وتارة أخري ترد على أسباب للدفع غير التي أبداها دفاع الطاعن.
كما إن تقديم الطاعن لعدد (4) شهادات تفيد وجود أربع دعاوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه المواد وذلك للتدليل على جدية هذا الدفع وطلبه وقف الدعوى تعليقيا لحين الفصل فى هذه لطعون كان طلبا جوهريا فكان لزاما على المحكمة أن ترد عليه بأسباب سائغة الا أنها أكتفت بمقوله ( أنها غير مقيدة بهذه الطعون ) فهذا يعد منها قصورا فى التسبيب .
ومؤدى كل ذلك يتضح أن الحكم أقام قضاؤه على وصف هذه الدفوع بعدم الجدية ورفضها بأنه قد فهم أن سلطة المحكمة فى تقدير هذه الجدية سلطة مطلقة يمكن أن تنبني على العسف والتحكم والفوضى فى التقدير الى الحد الذى جعلها فوقاً على الرد على هذه الدفوع بصورة مجتزأة تعجز محكمة النقض عن مراقبتها فإنها أيضا قامت بالرد بأسلوب لم تعرفه الأحكام من قبل بشموله بعبارات عنصرية وبها تعالى على المحاكم الأخرى وعلى زملائهم القضاة بالمحاكم الأخرى وهذا يعد خروجا على الأعراف والتقاليد القضائية الراسخة والقائمة على الاحترام.
الأمر الذي يجعل ردها لا يخضع لضوابط العقل والمنطق القضائي والذى بررته محكمة النقض فى قضائها المطرد بان مناط صحة الحكم فى كل ما يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع أن يكون التقدير سائغاً ، وهو ما افتقده الحكم بوضوح شديد فى رده على هذه الدفوع وكذلك إغفاله وجود (8) دعاوى بهذا الشأن أمام المحكمة الدستورية العليا الأمر الذى يجزم بان عدة محاكم أخرى قد رأت لهذا الدفع الجدية المطلوبة وقبلته.
لذلك فان اطراح هذا الدفع والرد عليه بطريقة غير مستساغة يصيب الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
ولما كان الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع الجوهرية والهامة في الدعوى وذلك لتعلقها بمدى دستورية المواد العقابية التى يحاكم بها المتهم وهي تتعلق بالشرعية العقابية وكذلك المواد الخاصة باختصاص محاكم الجنايات على محاكمته في جريمة تعد قانونا جنحة وهى تتعلق أيضا بالشرعية الإجرائية .
من ذلك يتضح أن الدفوع التى أبديت كانت من الأهمية لأنه كان سيترتب على قبولها تغيير وجه الحق في الدعوى كما أنه يعد دفعا قانونيا وقد استقرت أحكام محكمة النقض (من واجب المحكمة بحث كل دفاع جوهري يتقدم به المتهم متى كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى حيث صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر ينفى وقوع الجريمة أو بامتناع ألمسئوليه أو العقاب أو بانقضاء الدعوى الجنائية فإذا تمسك المتهم بهذا الدفع ولم ترد عليه المحكمة كان حكمها مشوبا بالقصور فضلا عن الإخلال بحق الدفاع و وجه القصور هو إخلال المحكمة بأداء واجبها نحو أثبات الإدانة )
ولما كان الدفاع الجوهري هو ذلك الدفاع الذى لو صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر بنفي الجريمة أو امتناع العقاب أو تخفيفه أي أن الدفاع يعتبر جوهرا إذا ما كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى المنظورة لذلك يكون لزاما على المحكمة الرد عليه وبأسباب كافية وسائغة فإذا أغلفت الرد عليها كان ذلك إخلالا بحق الدفاع وإذا ردت عليه بأسباب غير كافية أو غير سائغة لكان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب .
كما أن قبول الطعن في هذه المواد الخاصة بالعقاب أمام المحكمة الدستورية العليا يؤدى إلي انعدام هذه المواد والقضاء ببراءة الطاعن كما أن قبول الطعن في بعضها قد يؤدى إلي تخفيف العقوبة ضد الطاعن كما أنه لو قبل الطعن بعدم دستورية المواد الخاصة بقانون الإجراءات الجنائية سيترتب عليه القضاء بعدم اختصاص المحكمة وإعادة الدعوى إلي محكمة الجنح وهنا سيستفيد الطاعن بنظر الدعوى على درجتين .
ومن ذلك يتضح أن هذه الدفوع كانت جوهرية وأن قبولها كان سيكون له أثرا في الحكم الصادر في الدعوى أما كون الحكم الطعين قد رد عليها بهذه الطريقة المجتزأة التى تنبىء عن عدم تحصيله لأسباب هذه الدفوع تحصيلا كافيا فهذا عيب يصيب الحكم بعيب القصور فى التسبيب مما يوجب نقضه .
كما أن الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع المتعلقة بالنظام العام وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 102 لسنة 12 قضائية دستورية الصادر بتاريخ 19 يونية 1993 وأجازت الدفع بعدم الدستورية لأول مرة أمام محكمة النقض لذلك فكون الحكم الطعين في أسباب حكمه يكون هذا الحكم مشوب مخالفا القانون والقصور فى التسبيب .
لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب.
السبب الثامن : القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع
(لما كان تسبيب الأحكام يعد من أعظم الضمانات التى فرضها القانون على القضاة إذ هو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التى يعلنوها فيما يفصلون فيه من الأقضيه وبه وحده يسلمون من مظنة التحكم والاستبداد ، لأنه كالعذر فيما يرتأونه ويقدمونه بين يدي الحضور والجمهور ، وبه يرفعون ما قد يرين على الأذهان من الشكوك والريبة ، فيدعون الجميع إلي عدلهن مطمئنين ولا تنفع الأسباب إذا كانت عباراتها مجمله لا تقنع أحدا ، ولا تجد محكمة النقض فيها مجالا لتبين صحة الحكم من فساده ).
( نقض 21/2/1929 القواعد القانونية ج 1 رقم 170 ص 178 )
( نقض 20 نوفمبر سنة 1950 مجموعة الأحكام س 2 رقم 70 ص 272 )
والتسبيب لاغني عنه لتوضح كلمه القانون وتكييف معناه وفقا للواقع الاجتماعي . ومن خلال التسبيب السليم يمكن تحقيق وحدة في مفهوم القانون لدى جميع المحاكم وذلك تحت رقابة محكمة النقض ).
( د / أحمد فتحي سرور النقض الجنائي – الطبعة الرابعة . دار الشروق ص 249 )
وبمطالعه الحكم الطعين نجد أن دفاع الطاعن قد قدم مذكره بدفاعه تمسك فيها بالدفع بمشروعية ما تم نشرة بجريدة الموجز لتوافر الإباحة المنصوص عليها في المادة 60 من قانون العقوبات والمادة 47 من الدستور والمادة 3 من القانون رقم 96 لسنة 96 الخاص بتنظيم الصحافة ودفع بانعدام الجريمة بركنيها المادي والمعنوي كما أنه قدم المستندات التى تؤيد صحة ما تم نشره إلا أن الحكم الطعين لم يقم ببحث هذه الدفوع أو الرد عليها أو بحث المستندات المقدمة من الطاعن وهذا يعد إخلالا بحق الدفاع وذلك لكون هذ الدفع يعد دفعا جوهرية يترتب على قبوله انعدام التهمة فى حق الطاعن وبراءته لذلك كان لزاما على الحكم أن يتعرض له ويرد عليه وكذلك فحص المستندات المقدمة ومدى تعلقها بإثبات صحة الوقائع وتناسبها مع الألفاظ المنشورة.
وقد قضت محكمة النقض
( أن يقدم المتهم مستندات هامة مؤيدة لدفاعه الجوهري فلا تفطن المحكمة لفحوى الدفاع ، ولا تقسطه حقه وتعنى بتحقيقه بلوغا إلى غاية الأمر فيه ، أو ترد عليه بما يبرر رفضه ، ولا تتحدث عن المستندات المقدمة عنه مع ما قد يكون لها من دلالة على عدم توافر عناصر الجريمة يعد ذلك إخلالا بحق الدفاع لاغفال الرد على دفاع جوهري ) .
( نقض 16مارس سنة 1975مجموعة أحكام محكمة النقض س 26 رقم 53ص 237 )
وقضت أيضا
( إنه إذا حكمت المحكمة بادانه المتهم واقتصرت في الأسباب على قولها بأن التهمة ثابتة من التحقيقات والكشف الطبي ، فإن هذا الحكم يكون غير مقنع ويتعين نقضه ، لأن هذه العبارة إذ كان لها هى عند واضعي الحكم فإن هذا الحكم مستور في ضمائرهم لا يدركه غيرهم ، ولو كان الغرض من تسبيب الأحكام أن يعلم من حكم لماذا حكم لكان إيجاب التسبيب ضربا من العبث ، ولكن الغرض من التسبيب أن يعلم من له حق الرقابة على أحكام القضاء من خصوم وجمهور ومحكمة نقض ما هى مسوغات الحكم ، وهذا العلم لابد لحصوله في بيان مفصل ولو إلي قدر تطمئن معه النفس والعقل إلي أن القاضي ظاهر العذر في إيقاع حكمه على الوجه الذى ذهب إليه ).
( نقض 28 فبراير سنة 1929 مجموعة القواعد ج 1 رقم 183 ص 223 )
ولما كانت هذه الدفوع التى أبداها الطاعن أمام المحكمة تعد دفوعا جوهرية لان قبولها قد ينفى الجريمة عن الطاعن أو يعفيه من العقاب أو يخفف العقوبة المقضي بها . فكان لزاما على المحكمة أن ترد عليها احتراما لحقوق الدفاع و تطبيقا لالتزامها بتسبيب الأحكام وذلك برد صريح وجلي موضحة أسبابها برفض هذه الدفوع حيث أن الدفوع الجوهرية لا يكفى فيها الرد الضمني المستفاد من الحكم وإنما المحكمة ملزمة بأن ترد عليها ردآ صريحا في الحكم والإ شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع . وحيث أن المحكمة قد أكتفت فى حكمها ص20 بالقول أنه لم تر فى دفاع المتهم أو مستنداته ما ينال من يقينها الذى انتهت إليه دون أن ترد ردا مفصل على أسباب رفضها للدفاع والمستندات فان حكمها يكون معيب .
لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
السبب التاسع :الخطأ في تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد والتخاذل في الأسباب :
لما كانت من المبادئ القانونية المستقر عليها هو أن المتهم لا يعاقب إلا على أفعاله فقط ولا يسأل جنائيا عن أفعال غيره . وحيث أن دفاع الطاعن قد تمسك بالدفع بانقطاع صلة الطاعن بما تم نشره بالصفحات أرقام 4،5،6 من الجريدة لكونه محرر بواسطة قسم التحقيقات بالجريدة تحت عنوان ( ملفات ) أما هو فيكتب مقاله تحت عنوان ( موقفنا ) وبالتالي لا يحق مسائلة الطاعن عن المقالات الواردة بهذه الصفحات ولا يؤخذ بالعبارات الواردة فيه أية ألفاظ تمثل إدانة في حق الطاعن .
وذلك لان المادة 195 من قانون العقوبات المصري والتي كانت تنص على المسئولية المفترضة على رئيس التحرير عن كل ما ينشر داخل الجريدة تم الحكم بعدم دستوريتها بتاريخ 1/2/1997 وذلك في الدعوى رقم 59 لسنه 18ق دستورية وتم نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 7 ) بتاريخ 13/2/1997.
وحيث أن الحكم الطعين في أسباب حكمه أعتبر أن الطاعن هو الكاتب لجميع الصفحات بمقولة (بأن الصفحة الأولى للجريدة قد نشر فى واجهتها صورة للمدعى بالحق المدنى داخل مربع كبير قرينها عنوانين كبيرين " بكرى... المخابرات السورية .... نجيب ساويرس"و" كيف تاجر سماسرة القومية العربية بشعارات الشرف والأخلاق" ملف 4صفحاتمما يشير الى أن المتهم ربط جميع ما نشره كحزمة واحدة بعبارة" ملف 4 صفحات" فصارت مفردات هذا الملف موضوعا واحدا منسوبا لناشر واحد هو المتهم)
فان ذلك من المحكمة يعد فسادا فى الاستدلال ومخالفة للواقع حيث أن الملفات الصحفية تحرر من أكثر من صحفي وهذا المقصود بكلمة "ملف" فى الصحافة وهو تخصيص عدد من الصفحات ومساحة أكبر للموضوع أو الشخصية ويتم تحريره من أكثر من فرد
ولما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض أن تقدير الأدلة من اختصاص محكمة الموضوع وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها لها.
غير أن ذلك مشروط بان يدلل على صحة عقيدته فى أسباب حكمه بأدلة تؤدى إلى ما رتب عليها لا يشوبها خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل.
وقد قضت محكمة النقض
(ومن المقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة يجب أن تبنى على الجزم واليقين وعلى الواقع الذى يثبت بالدليل المعتبرة ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة).
(نقض 2 ديسمبر سنة 1983 س 24 رقم 228 ص 1112).
وقضت أيضا
(فإذا كان الدليل الذى ساقه الحكم وعول عليه فى إدانته للمتهم دليلاً ظنياً مبنياً على مجرد الاحتمال ، فإن الحكم يكون معيباً).
(17 مارس سنة 1958 س 9 رقم 81 ص 294).
حيث انه يشترط فى صحة الأسباب أن يكون التدليل واضح أي أن تكون الأسباب التى استند إليها القاضي فى حكمه كافية ليستقيم منطوق الحكم معها ولكي يكون التدليل واضحاً ينبغي أن يذكر بالحكم مؤدى الأدلة التى استند إليها دون غموض أو إبهام.
وقد قضت محكمة النقض :
(على وجوب بيان مؤدى الأدلة فى الحكم بياناً كافياً، فلا تكفى مجرد الإشارة العابرة إليها أو إيراده بطريقة الايجاز المخل).
(نقض 8 مارس 1979 مجموعة أحكام محكمة النقض س 30 رقم 65 ص 317).
وقضت أيضاً:
(بل يجب سرد مضمونه بطريقة وافية ، يبين منها مدى تأييده الوقائع كما اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقة مع باقي الأدلة التى أقرها الحكم ، والا كان ذلك قصوراً فيه).
(نقض 11 فبراير سنة 1973 س 24 رقم 38 ص 173)
(لما كان ذلك وكان الأصل أنه يجب على المحكمة الا ينبنى حكمها الا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها وأن يكون دليلها فيما انتهت تليه قائماً فى تلك الأوراق وإذا أقام الحكم قضاءه على ما لا أصل له فى التحقيقات فانه يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد ولا يغنى عن ذلك ما ذكره من أدلة أخرى).
(الطعن 46450 لسنة 59ق جلسة 8 يناير 1991).
ولا جدال فى سلطة المحكمة فى تقدير الواقعة ولكن ممارسة هذه السلطة لا يمكن أن يخرج عن العقل والمنطق ، وإلا أصبحت ضرباً من ضروب التحكم الذى يتنافى مع وظيفة القضاء وإذا كانت المحكمة حرة فى اقتناعها وغير ملزمة بيان علة اقتناعها ، فإنها مقيدة بأن يكون هذا الاقتناع وليد المنطق ، وأن تبين فى أسباب حكمها ما يشير إلى توافر هذا المنطق.
وقد قضت محكمة النقض
( قاعدة الشك يفسر لصالح المتهم تقتضى على القاضي تطبيقها كلما ثار لديه الشك فى الإدانة .....فإذا خالفها واعتبر الواقعة محل الشك ثابتة،وقضى بالإدانة كان حكمه باطلا . فالأحكام فى المواد الجنائية لاتبنى على الشك إنما على الجزم واليقين،لا على الظن والاحتمال.ذلك أن الشك لا يصلح لنفى أصل البراءة الذى يجب أن يبنى على دليل يقيني. فإذا كانت الأدلة التى ساقها القاضي فى حكمه قد انتهت إلى ترجيحه وقوع الجريمة من المتهم فان الحكم يكون خاطئا ومخالفا للقانون . فأي شك يتطرق إلى عقيدة المحكمة فى ثبوت التهمة . يجب أن تقضى بالبراءة مهما كان احتمال الثبوت ودرجته متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة )
( نقض 8 مايو سنة 1980 مجموعة أحكام محكمة النقض س 8 رقم 27 ص 352)
( 19 أبريل سنة 1984 س 35 رقم 98 ص 441 )
( أما إذا كانت المحكمة لم تنته من الأدلة التى ذكرتها إلى الجزم بوقوع الجريمة من المتهم ، بل رجحت وقوعها منه فحكمها بالإدانة يكون معيبا مما يستوجب نقضه )
(نقض15أبريل سنة 1946 ج 7رقم 139ص 124 )
( أن يدلل على صحة عقيدته فى أسباب حكمه بأدلة تؤدى إلى مارتبه عليها لا يشوبها خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل )
( نقض 2 أبريل سنة 1957 مجموعة أحكام محكمة النقض س 8 رقم 27 ص352)
(4يونية 1973 س 24 رقم147 ص 715)
(والعيب فى الاستدلال يجعل الحكم كأنه غير مسبب وهو من العيوب المبطلة للحكم )
( نقض 6 ديسمبر 1928 مجموعة القواعد القانونية ج1 رقم 38 ص 64 )
فأظهر ما يكون فساد الاستدلال عندما يجزم الحكم متسرعا بثبوت واقعة الدعوى مؤسسا هذا الجزم على دليل أو أكثر غير مباشر أو على قرينة من القرائن التى لا تؤدى إلى الجزم بالثبوت بحكم الضرورة ولا اللزوم العقلي ، بل يصح أن تحمل أكثر من محمل وتفسر على أكثر من وجه
( ويلاحظ من ناحية أخرى أن مراقبة محكمة النقض لاستدلال محكمة الموضوع وسلامة استنباطها للنتيجة ، ليس تدخلا فى الموضوع ، ولا ينطوي على أي توسع فى سلطة محكمة النقض. لأن صحة الاستدلال فى الحكم بحسب الأصل من صميم اختصاص قاضى الموضوع ، إلا إذا خرج تقديره فى ذلك من المألوف إلى الشاذ الذى يتجافى مع المنطق ، فيعتبر فسادا فى الاستدلال ، إذا كان الثابت فى الأوراق لا يؤدى إلى ما يكون قد انتهى إليه القاضي من كيفية تصوير الواقعة ، ومن ثم يعد مستوجبا نقض الحكم )
( نقض 2ديسمبر سنة 1958مجموعة أحكام محكمة النقض س 9 رقم 250ص 1033 )
(9مارس 1975س 26رقم49ص 220 )
وحيث أن المحكمة قد بنت هذه القناعة على استنتاج ظني وأنها لم تقم بدورها الذى الزمها به القانون من الفحص والتدقيق في الدعوى وهذا يؤدى إلى بطلان الحكم لمخالفته للقانون والخطأ في تطبيق والتخاذل في أسباب الحكم .
لهذه الأسباب فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد والتخاذل فى الأسباب .
السبب العاشر : القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع :
لما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض :
(أن تحرى الألفاظ للمعنى الذى استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين فى القانون (سباً أو قذفاً) هو من التكييف القانوني الذى يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التى تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذى يتأدى إليه الحكم فى مقدماته المسلمة وعلى ذلك استقر قضاء هذه المحكمة على أن لمحكمة النقض فى جرائم النشر تقدير مرامي العبارات التى يحاكم عليها الناشر لأنه وان عد ذلك فى الجرائم الأخرى تدخلاً فى الموضوع الا انه فى جرائم النشر وما شابهها يأتي تدخل محكمة النقض من ناحية أن لها بمقتضى القانون تعديل الخطأ فى التطبيق على الواقعة بحسب ما هي مبينة فى الحكم ، ومادامت العبارات المنشورة هى بعينها الواقعة الثابتة فى الحكم صح لمحكمة النقض فى تقدير علاقتها بالقانون من حيث توفر ما يستوجب التعويض من عدمه ، وذلك لا يكون الا بتبين مناحيها واستظهار مراميها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح).
(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).
(الطعن 2990 لسنة 64 ق جلسة 6/3/2003).
وقضت أيضا:
(إن كان المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ القذف هو بما يطمئن اليه قاضى الموضوع فى تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى ، الا أن حد ذلك ألا يخطئ فى تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم أو بمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها).
(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).
وبمطالعة ذلك فى الحكم المطعون فيه نجد أن المحكمة قد اجتزأت بعضاً من الألفاظ والعبارات التى وردت بمقالات المتهم التى تناول فيها بالنقد تصرفات المدعى بالحق المدنى وعزلتها عن السياق العام الذى وردت فيها واتخذت من حدتها وحدها دليلاً على توافر القصد الجنائي لدى المتهم وأركان الجريمة فى حقه. وبالتالى تكون المحكمة قد مسخت دلالة العبارات والألفاظ الواردة بالمقالات من سياقها حتى تستدل على معنى لم يدر بخلد الطاعن وصولاً الى القول بسوء نيته فيما كتبه مما يصيب حكمه بالقصور في التسبيب.
ذلك لأنه ينبغي على القاضي فى جرائم القذف والسب ألا يعتمد على عبارات تؤخذ على حده بل يجب تقدير المقالة ككل حيث أن المبالغة وحدها لا تجعل النقد غير نزيه خصوصاً إذا كان المجنى عليه من الشخصيات العامة التى تهم أعمالهم وتصرفاتهم الجمهور.
وينعى الطاعن على المحكمة فى هذا الخصوص أمرين.
الأمر الأول : أن قضاء محكمة النقض قد تواتر على أنه فى جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التى يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا احتوى المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير ، فللمحكمة فى هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما كانت له الغلبة فى نفس الناشر ).
(نقض 22/10/1993 مجموعة السنة 44 ص 863).
(نقض 2/11/1965 مجموعة السنة 11 ص 787).
الأمر الثانى: الذى ينعاه المتهم على المحكمة هو أنها قد خالفت ما أجمع عليه الفقه والقضاء من أن النقد الذى يوجه إلى أعمال وتصرفات السياسيين والشخصيات العامة (أي الذين يتصدون للخدمة العامة) ينبغي أن يواجه بقسط وافر من المرونة والتسامح الذى تطلبه المصلحة العامة.
وفى هذا المعنى يقول الأستاذ / محمد عبدالله فى كتابه جرائم النشر ص 314 : أن حق النقد حين يرد على موضوع قابل له يكون واسع الحدود فالنقد يبقى نقداً ويظل على براءته ولو كان خاطئا ولو حصل بعنف وحدة وينبغي ألا يعتمد القاضي على عبارات تؤخذ على حده، بل يجب نقد المقالة ككل ، فإذا كان بها انحراف عن الصدق كان النقد غير نزيهاً أما إذا لم يوجد هذا الانحراف أو كان ضئيلاً وفى حدود ميزان المناقشة النزيهة واختلاف النظر كان النقد مباحا )ً.
وقد قرر المستشار عدلي خليل فى كتابه القذف والسب ص161
( أما بالنسبة للأشخاص الذين يدخلون مجال السياسة بأي صفة وعلى اختلاف مواقعهم ، فان الاعتبار السياسي للشخص مباح للبحث والتعليق والمناقشة والتقييم وإبداء أوجه الرأى دون أن يعتبر المساس به إساءة الى اعتباره ومكانته ، لأن هذا الاعتبار وان كان حقا لصاحبه الا أن طبيعة النظام الديمقراطى بما يستوجبه من حق المناقشة العامة وحق المعارضة ورقابة الرأى العام على السياسيين فى مختلف المواقع وأيا كانت صفاتهم، كل ذلك يجعل من المستحيل حماية الاعتبار السياسى بجزاء جنائى، إذ لو فرضت مثل هذه الحماية الجنائية لتعطل جوهر الديمقراطية الذى يقتضى مداومة البحث والمراجعة و المناقشة والتقييم لكل من يدخل مجال السياسة ويتصدى للعمل السياسى )
- وقضت محكمة النقض فى 13/4/1948 بأنه :
(لاينغى ألا تؤخذ العبارات الشديدة التى تستخدم فى المساجلات الحزبية بين الخصوم السياسيين بمعانيها اللفظية ، وأنه ينبغي فى تفسير المقالات التى تنطوي عليها أن تؤخذ جملة ، لا أن تفسر كل عبارة على حده).
ومن ذلك يتضح أن الحكم قد أخطأ بقيامه باجتزاء العبارات التى بنت المحكمة عقيدتها بالإدانة عليها من السياق العام للموضوع محل النقد ولم تلتفت الى المستندات التى قدمها دفاع الطاعن والتي تؤكد وتدلل على صحة الوقائع التى كان يعلق عليها الطاعن أو تصرفت المجنى عليه أو الاعتبار السياسى له وأهميتة الموضوعات التى كان يناقشها الطاعن واكتفت بقسوة العبارات التى اجتزأتها من السياق العام للمقال كدليل لثبوت التهمة فى حق الطاعن كل ذلك يصيب الحكم بالبطلان للقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
السبب الحادي عشر : الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب :
ولما كان دفاع الطاعن قد دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 العمرانية المحكوم فيها بجلسة 10/2/2009 الدائرة 14 جنايات الجيزة وذلك لكون جميع الأعداد التى صدرت من جريدة الموجز واشتملت على نقد للمدعى بالحق المدنى كانت جميعها في إطار حمله صحفية واحدة هدفها كشف حقيقة المدعى بالحق المدنى للقراء ونقد تصرفاته وآراؤه وبالتالى تعتبر الحملة بجميع أعدادها بما فيها العدد محل هذا الطعن تعتبر مشروعا واحدا ذا أفعال متعددة وهو النشر في أعداد مختلفة وبالتالى فإن الحكم في أحدهما يحول دون محاكمتة مرة ثانية عن أى عدد من باقى أعداد هذه الحملة وحيث أنه تم الحكم في الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 جنح العمرانية عن أحد أعداد هذه الحملة وهو العدد الصادر من جريدة الموجز بتاريخ 22/1/2008 وكان هذا الحكم فيها صادرا بتاريخ 10/2/2009 وبالتالى يمتنع محاكمة الطاعن عن أي عدد من باقى أعداد الحملة التى صدرت قبل تاريخ صدور هذا الحكم ومنها العدد الصادر بتاريخ 27/11/2007 محل هذا الطعن .
ولما كان من المستقر عليه قضاءا وفقها أن الجريمة المستمرة والجريمة متتابعة الأفعال تنفيذها ليس فوريا بل هو حاله تمتد فترة من الزمن بسبب تداخل إرادة الجاني ، ففي هذه الجرائم يبدأ تمام الجريمة مع تحقق الاعتداء على مصلحة قانونية ، ولكنه يمتد ويتراخى بلا انقطاع فترة من الزمن بسبب سلوك الجاني نفسه ويشترط شرطان الأول : أن الحالة غير المشروعة ، الضارة أو الخطرة الناجمة عن سلوك الجاني تتصف بالدوام والاستمرار ، والثاني: أن حالة الاستمرار ترجع إلى تداخل إدارة الجاني للإبقاء عليها .
وقد قضت محكمة النقض :
( الجريمة المستمرة هى جريمة واحدة لذا فإن الحكم الصادر فيها يشمل كل حالة الاستمرار السابقة على الحكم ، حتى ما لم يكن قد اكتشف من هذه الحالة قبل صدور الحكم ) .
(نقض 16 أبريل 1945 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 553 ص 697 )
وقضت أيضا :
(أن محاكمة المتهم في الجريمة المتتابعة عن فعل واحد يحول دون محاكمته مرة أخرى عن ذات الجريمة ، لأن الأفعال المتعددة في الجريمة المتتابعة تتداخل في وصفها القانونى فالحكم بغير ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون )
(نقض 7 مارس سنه 1996 الطعن رقم 25614 لسنه 63ق )
إلا أن الحكم الطعين ص14 رفض هذا الدفع تحت مقولة (أن العددين مختلفين وأن الوقائع المنشورة فى العدد الصادر بتاريخ 22/1/2008 مغايرة عن الوقائع المنشورة فى العدد الصادر بتاريخ 27/11/2007) .
وهذا من المحكمة يعد خطا في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وخطأ في فهم وقائع الدعوى ذلك حيث أن الطاعن قد أوضح أن جميع الأعداد صدرت لهدف واحد هو نقد تصرفات المدعى بالحق المدنى وكشف حقيقة أفعاله وتصرفاته للقراء وبالتالى فان جميع هذه الأعداد تعد نشاطا واحدا وهذا ما لم تفهمه المحكمة من أسباب الدفع ووضح ذلك فى أسباب ردها عليه مما يعد خطأ منها فى تحصيل الواقعة .
لذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب .
السبب الثانى عشر : القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع :
حيث أن دفاع الطاعن قد دفع بانعدام نصوص المواد محل الاتهام لتعارضها مع نص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذى صادقت عليه مصر بموجب القرار الجمهوري رقم 536 لسنه 1981 وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 وبالتالى أصبح بنص المادة 151 من الدستور المصري تشريعا وطنيا تلتزم المحاكم الوطنية بتطبيقه وبالتالى فإن نص هذه المادة والمتعلق بحرية الرأى والتعبير عنه ينسخ المواد محل الاتهام مما كان يستوجب القضاء ببراءة الطاعن لكون المواد محل الاتهام قد نسخت بنص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . - ذلك أن الدستور نص فى المادة 151 على (رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان ويكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة...).
ومن ذلك يتضح أن الدستور أعطى للمعاهدة الدولية التى تصادق عليها جمهورية مصر العربية وتقوم بنشرها فى الجريدة الرسمية ذات قوة القوانين الداخلية ويتم تطبيقها أمام القضاء باعتبارها نصوصاً قانونية داخلية واجبة التطبيق .
ولما كان دفاع الطاعن قد أثار دفعاً بانعدام نصوص المواد محل الاتهام لمخالفتها لنص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
وهذا العهد قد صادقت عليه مصر بموجب القرار الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 وتم نشره فى الجريدة الرسمية بالعدد الصادر منها بتاريخ 15/4/1982م.
وقد قدم مذكرة شارحة لهذا الدفع وأثبت فيها رقم القرار وتاريخ النشر بالجريدة الرسمية الا أن المحكمة رفضت هذا الدفع تحت زعم (أنه القول بانعدام تلك النصوص يكون من قبيل التخرصات الفارغة من أى مضمون) واستندت فى رفضها للدفع على نصوص مواد من الدستور ليس لها علاقة بموضوع الدفع أو بحرية الصحافة وبذلك يكون الحكم قد أخطأ فى الرد على هذا الدفع ويعد ذلك رداً غير مستساغ مما يعيب الحكم بعيب القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
السبب الثالث عشر : القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لالتفات المحكمة عن بحث احد الدفوع الجوهرية والرد عليها
حيث أن وكيل الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بتوافر أركان وشروط النقد المباح في المقالات وان ما قام بالتعليق عليه والعبارات التي صدرت منه كانت وصفا وتعليقا لوقائع حقيقية حدثت بالفعل وكانت معلومة ولها أهمية لدى الجمهور وبصفة خاصة محاولة المدعى بالحق المدنى إثارة الفتنة الطائفية فى إحدى مقالاته والتحريض ضد رجل أعمال قبطي وذلك باتهامه بأنه يسخر من الحجاب بهدف الانتقام منه لأنه قام بقطع الإعلانات عن جريدته وقدم الطاعن ما يفيد ذلك بمستندات رسمية أستخرجها بناء على تصريح من المحكمة وكذلك أيضا علاقته بدولة سوريا وتردده عليها ومقالاته وحوارا ته مع رأس النظام السوري ودفاعه عن هذا النظام بشكل يثير الريبة وكذلك القضية التى أتهم فيها بالتخابر ضد مصر وأنه طلب وأخذ عطايا من دولة أجنبية لارتكاب عمل يضر بمصلحة مصر الا أن المحكمة التفتت عن تحقيق هذا الدفاع آو فحص المستندات المقدمة منه وتقييمها فى ضوء ما تم نشره وتقييم العبارات المستخدمة مع الوقائع محل هذه المستندات ومدى تناسبها وهذا منها يعد إخلالا بحق الدفاع وقصورا في التسبيب يصيب الحكم بالبطلان مما يستوجب نقضه.
وقد قرر فى ذلك المستشار / يحيى الرفاعى ( أن دور القاضي فى الجريمة الصحفية يختلف عن دوره فى باقى الجرائم حيث أنه فى معظم الجرائم دوره ينحصر فى التحقق من نسبة الجرم الى المتهم ، فإذا توافرت لديه أدلة ثبوت الجريمة ، وقع العقاب وهو قرير العين طيب النفس ، لأنه أدى خدمة جليلة الى المجتمع.أما فى الجرائم الصحفية فلا تكون مهمة القاضي نسبة الفعل الى الفاعل ، إنما مهمته الحقيقية حسب ما علمتنا أحكام النقض أن يحل نفسه محل الصحفي المتهم الذى بسط سريرته على الملأ فيتفحص القاضي شخصيته ويتصور نفسه محاطا بظروف هذا الصحفي ، وما يمكنه أن يدركه من الواقعة المنشورة فى خدمة إدراكه و انتماءاته السياسية والحزبية وموقف المسئول من الخبر المنشور ، وهل كذبه أو نفاه أم أعرض وأستجلى ، فإذا ألم بذلك وأنتفي لديه حسن نية الصحفي أنتقل القاضي الى تقدير العقوبة ليختار بين أدنى العقوبة وأقصاها، وما أوسع المدى بين الاثنين ليفرق بين قاذف لتصفية حسابات شخصية يعلم الحقيقة ويقول عكسها وبين متجاوز لحدود النقد المباح يستهدف مصلحة عامة )
( المستشار / يحيى الرفاعى _ مذكرة الطعن بالنقض فى الجنحتين 1073،4200 مستأنف وسط القاهرة _ تاريخ الإيداع 13/4/1998 )
وقد قضت محكمة النقض
( أن كان الحكم قد أدان المتهم على أساس أنه قصد العيب فى الذات الملكية ، ثم قال ما مفاده أن المتهم _ حين أرتجل فى الخطبة المقول بتضمنها العيب _ كان فى حالة انفعال وثورة نفسانية فجمح لسانه وذل بيانه و انزلق الى العبارة التى تضمنت العيب ، فانه يكون قد أخطأ ، لأنه إذا صح أن عبارة العيب قد صدرت من المتهم فى الظروف والملابسات التى ذكرها الحكم ، فان القول بأنه قصد أن يعيب ، يكون غير سائغ وكان من الواجب على المحكمة فى هذه الدعوى حين رأت الإدانة ، أن تبين على مقتضى أى دليل أسست الحكم )
( جلسة 7/12/1942 الطعن 2248 لسنة 22 ق مجموعة الربع قرن ص 732 ) ولما كان الدفاع الطاعن قد قد عدد 19 حافظة مستندات طويت على مستندات تؤكد صحة جميع الوقائع التى تم نشرها سواء فى مقال الطاعن ص3 أو فى الموضوعات المحررة ص4،5،6 المحررة بواسطة قسم التحقيقات بالجريدة فكان لزاما على المحكمة بحث هذه المستندات الا أنها لم تقم بذلك واستندت فى الإدانة الى أن العبارات شائنة يتحقق بها القصد الجنائي وكذلك ردها ص 20 من الحكم أنها لم تر فى دفاع المتهم ومستنداته المقدمة ما ينال من يقينها الذى انتهت إليه ولم توضح هذه الأسباب التى دعتها الى ذلك يكون هذا الرد منها غير سائغ ومجتزأ وبصفة خاصة أن بعض هذه المستندات كانت قد صرحت باستخراجها الأمر الذى يعيب الحكم بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع
وقد قضت محكمة النقض
( وكان يبين م الحكم المطعون فيه. انه التفت عن دفاع الطاعنين من ان العبارات الواردة في البيان محل الدعوى قد اشتملت على وصف وقد حدثت من المدعي بالحقوق المدنية وهي بهذه المثابة نقد مباح , وليس قذفاً , وهو دفاع جوهري لم يعن الحكم ببحثه وتمحيصه من هذه الناحية على ضوء ما قدمه الطاعنون من مستندات, واغفل أيضا بيان مضمونها استظهاراً بمدي تأييدها لدفاعهم , وحتى يتضح وجه استخلاصه أن عبارات البيان محل الاتهام لا تدخل في نطاق النقد المباح فان الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة)
(نقض 17/1/1972 إحكام النقض س 23 رقم 23 ص 86)
وحيث أن المحكمة لم تقم بفحص المستندات والدفع وتقيمه فحواهما فى نفى التهمة أوتخفيف العقوبة فذلك يكون اخلالا بحق الدفاع وقصورا فى التسبيب
. لذلك فان الطاعن ينعى علي الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
السبب الرابع عشر : الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب :
لما كان من ضمانات الالتزام بالتسبيب إنه لا يتحقق إلا بالبيان الكافي والمنطقي للأسباب التى تكون منها اقتناع قاضى الموضوع في الواقع وفي القانون ، فإن ذلك يفرض عليه بأن يبين الأسباب الواقعية والأسباب القانونية وأسباب الرد على الطلبات الهامة الدفوع الجوهرية التى أثيرت أمامه – وذلك حتى يمكن للخصوم ولمحكمة النقض رقابة مدى كفاية ومنطقية هذه الأسباب لان تؤدى إلى الحكم الذى أنتهي إليه لذلك فإنه يجب على قاضى الموضوع أن يرد على كافة الطلبات المقدمة إليه في الدعوى فإذا اغفل الرد عليها يعد ذلك إخلالا بحق الدفاع لانه يترتب عليه نقص في أسباب الحكم مما يؤدى إلى بطلان هذا الحكم وقد قضت محكمة النقض .
(إذا إتضح من الوراق أن الدفاع طلب أصليا البراءة ومن باب الاحتياط التأجيل لسماع شهوده فإن إبداء الطلب في هذه الصورة يجعله بمثابة طلب جازم عند الاتجاه إلى القضاء بغير البراءة ، فإذا كانت المحكمة قد دانت الطاعن دون آن تجيبه إلى ما طلب ، ولم تناقش هذا الطلب او ترد عليه ، فإن حكمها يكون معيبا بالإخلال بحق الدفاع وبالقصور في البيان مما يتعين نقضه ) .
(نقض 26/1/1960 مجموعة أحكام النقض السنة 11ق 21 ص110)
ولما كان دفاع الطاعن قد تمسك بجلسة 23/4/2008 بطلب التصريح له باستخراج نسخة معتمدة من التليفزيون المصري من برنامج أتكلم والذى تم إذاعته على القناة الأولى فى شهر يناير 2008 وكان الغرض من هذا الطلب هو أثبات صحة الوقائع التى أسندها الطاعن للمدعى بالحق المدنى وذلك طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات وذلك للاستفادة من الإباحة المنصوص عليها في هذه الفقرة .
وقد وافقت المحكمة بهيئة مغايرة على هذا الطلب بعد أن قدرت جديته ولكن المسئولين بالتليفزيون المصري رفضوا تنفيذ قرار المحكمة فقام الطاعن بتوجيه انذر رسمي على يد محضر يطالبهم فيه بتنفيذ قرار المحكمة
وبعد ذلك نظرت الدعوى الهيئة التى أصدرت الحكم المطعون فيه وقدرت أيضا جدية هذا الطلب فقررت بجلسة 20 /10/2008 تأجيل الدعوى لجلسة 23/ 12/2008 لتنفيذ القرار السابق المتعلق بالنسخة المطلوبة من البرنامج المنوه عنه بمحضر الجلسة مع تغريم كل من رئيس التلفزيون المصرى ورئيس القناة الأولى بصفتهما مبلغ مائة جنيه لعدم تنفيذه رغم اعلانهما
الا أن المحكمة بالجلسة التالية التفتت عن هذا الطلب على الرغم من تمسك دفاع الطاعن بهذا الطلب بكل جلسات المحاكمة مما يعد منها اخلالا بحق الدفاع
وقد قضت محكمة النقض
(من المقرر أنه متى قدرت المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له فانه لا يجوز لها أن تعدل عنه الا لسبب يبرر هذا العدول ، وإذ كانت المحكمة على الرغم من تأجيلها نظر الدعوى كطلب الدفاع لضم قضية مدنية – ممل يبين منه أنها قدرت جدية هذا الطلب فقد نظرت الدعوى وأصدرت حكمها فيها دون اجابة الدفاع لطلبه ، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يبرر عدول المحكمة عن هذا الطلب ، فان الحكم المطعون فيه يكون قد أخل بحق دفاع الطاعن )
( الطعن رقم 1475 لسنة 42 جلسة 11/2/ 1973 )
كما أن دفاع الطاعن بجلسة 18/3/2009 طعن بالتزوير على التوقيع المنسوب صدوره للمدعى بالحق المدنى على أصل صحيفة الادعاء المباشر( بغرض اعتبار أن هذا التوقيع بمثابة شكوى منه ) وقد سألت المحكمة وكيله فقرر أن التوقيع خاص بالدفاع أى أقر بعدم صحة توقيع المجنى علية على الصحيفة الا أن المحكمة لم تتخذ الإجراء المناسب وهذا يعد منها اخلالا بحق الدفاع .
إلا أن الحكم الطعين ألتفت عن جميع هذه الطلبات ولم يرد عليها مما يعد ذلك إخلالا بحق الدفاع . وقصورا في التسبيب مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه وذلك لأنه من متطلبات المحاكمة القانونية المنصفة هو احترام حق الدفاع , ولضمان هذا الاحترام يجب على المحكمة آن ترد على كافة الطلبات التى يتقدم بها المتهم .وذلك لكون الالتزام بالتسبيب لا يتحقق الوفاء به ، لمجرد بيان قاضى الموضوع لمضمون اقتناعه الموضوعي وذلك في الأسباب الواقعية التى يسطرها للحكم الذى انتهى إليه , وإنما يلتزم أيضا ببيان اسبب رده على طلبات الخصوم الهامة ودفوعهم الجوهرية وذلك لان هذه الطلبات و الدفوع هى وسيلة المتهم في أن يدرأ الاتهام المنسوب إليه وعن طريقها يتمكن من الرد على أدلة الإدانة ويفندها لإثبات برائته أو اثبات توافر سبب من أسباب الإباحة وهذا يتفق مع مبدأ الأصل في المتهم البراءة ، ولذلك فإن المساس بهذا الأصل لابد وان يتحقق وفق أدلة كافية وسائغة ومشروعه بحيث تصلح لان تؤدى إلى عكس هذا الأصل لذلك فإن الرد على الطلبات والدفوع يتصل بقاعدة أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على اليقين ، فإذا كان الأصل في الإنسان البراءة , وهذا يقين ، فإنه لا يزول إلا بيقين مثله .
ولما كانت الطلبات والدفوع هى منازعة من المتهم في الاتهام المنسوب إليه لذلك فإن المحكمة تلتزم بإبدائها وبيان أسباب الرد عليها , فإذا جاءت هذه الأسباب والتفتت عن الرد عليها يكون حكمها معيب للاخلال بحق الدفاع أما إذا جاء الرد عليها غير كافي وغير سائغ فإن الحكم يكون منسوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال .
وقضت محكمة النقض في ذلك .
(تلتزم المحكمة إذا ما رفضت الطلب آو الدفع المقدم إليها والذى توافرت شروط قبوله ان تبين العله الموجبة لرفضه , بحيث لو أغفلت هذا البيان ولم تشر إلى الطلب في حكمها تكون قد أخلت بحق الدفاع بما يبطل الحكم )
(نقض 5/6/1933 المجموعة الرسمية السنة 3ق ص1981)
ومن ذلك يكون الحكم الطعين بعدم إجابة الطاعن لهذه الطلبات وكذلك عدم الرد عليها في أسباب الحكم يكون قد جاء مشوبا بعيب الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه .
السبب الخامس عشر : الخطأ فى تطبيق القانون والفساد في الاستدلال :
لما كان الخطأ فى تطبيق القانون يتحقق بإعمال قاعدة قانونية لا تنطبق على الواقعة بسبب الخطأ فى التكييف القانوني . وحيث أن الحكم الطعين قد أنتهي الى إدانة الطاعن بموجب نص المادة 308 عقوبات ( وهى التى تنص على عقوبة الحبس )تحت مقولة أن ما ذكره الطاعن بالعناوين ص3 من مقاله بلفظ ( العملاء والقوادون يغسلون تاريخهم على حساب البلد ) بما توخى للقارىء بأنه قد وصف المدعى بالحق المدنى بأنه من (العملاء والقوادين) وانتهى الى إدانة الطاعن بموجب هذه الماد ة يكزن قد أخطأ فى تطبيق القانون وذلك لكون المقصود بالطعن فى الأعراض هو إسناد واقعة الى شخص تنم على انحراف سلوكه الجنسي وقد أستقر القضاء و الفقه على تعريف العرض بأنه هو طهارة السلوك الجنسى، فكل واقعة تمس هذه لطهارة وتعنى انحراف فى هذا السلوك تعد طعنا فى الأعراض.
وبتطبيق ذلك على المقال المحرر من المتهم بالصفحة الثالثة منجد أنه لم ينسب الى المدعى بالحق المدنى أية وقائع تفيد أنه يفرط فى عرضه أو شرفه أو يسلك مسلكا يخرج عن طهارة السلوك الجنسى و بالتالى لا مجال لتطبيق المادة 308 على هذا المقال
أما لفظ القوادون فهو قد ورد بالعنوان ولم يكن خاص بالمدعى بالحق المدنى ولكن كان خاص بأشخاص أخرين تم ذكرهم بهذا المقال والذى يجزم بذلك هو أن ما أشتمله المقال عن وقائع خاصة به لم يرد بها مايفيد أية اتهامات له بأنه قواد .
أما ما أستند إليه الحكم فى قناعته بأن المدعى بالحق المدنى هو المقصود بهذه الألفاظ الى استنتاج يؤكد إصرار المحكمة على تلمس الإدانة للطاعن ضاربة عرض الحائط بمبدأ أصل البراءة الذى ينبنى عليه أن الشك يفسر لصالح المتهم حيث ذكرت ص19 من الحكم ( لأن تحرير العبارة بهذا الشكل وما لحقها من عبارات أخرى صريحة تقذف المجنى عليه تلقى فى الأذهان عقيدة ولو وقتية بان هو المقصود، ومن ثم حق أخذ المتهم بنص تلك المادة ) ومن ذلك يتضح مدى تربص المحكمة بالطاعن ومحاولة تصيد الإدانة له باستنتاج يغلب عليه التعسف بما يخالف أصل البراءة الذى لا يزول الا بيقين فى الإدانة لا باستنتاج يغلب عليه التعسف والخطأ وهذا يوصم الحكم بالفساد فى الاستدلال .
- ولما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض أن تقدير الأدلة من اختصاص محكمة الموضوع وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها لها.
- غير أن ذلك مشروط بان يدلل على صحة عقيدته فى أسباب حكمه بأدلة تؤدى إلى ما رتب عليها لا يشوبها خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل.
وقد قضت محكمة النقض
(ومن المقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة يجب أن تبنى على الجزم واليقين وعلى الواقع الذى يثبت بالدليل المعتبرة ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة).
(نقض 2 ديسمبر سنة 1983 س 24 رقم 228 ص 1112).
وقد قضت أيضا
(فإذا كان الدليل الذى ساقه الحكم وعول عليه فى إدانته للمتهم دليلاً ظنياً مبنياً على مجرد الاحتمال ، فإن الحكم يكون معيباً).
(17 مارس سنة 1958 س 9 رقم 81 ص 294).
لهذه الأسباب فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد.
السبب السادس عشر: انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح
وذلك حيث أن الطاعن قد تم القبض عليه وتنفيذ هذا الحكم يوم 7/7/2009 وبتاريخ 11/7/2009 قام المدعى بالحق المدنى بإثبات تنازله عن الدعوى الجنائية والمدنية فى هذه القضية وقد أثبت ذلك أمام سيادة المستشار النائب العام وبناء على ذلك صدر قرار من النائب العام بوقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فى النقض.
ولما كانت المادة العاشرة من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على أن التنازل عن الشكوى يتم فى أى وقت لحين صدور حكم نهائى فى الدعوى وقد أستقر القضاء والفقه على تعريف المقصود بالحكم النهائى هو الحكم البات أى أنه الذى ينهى الخصومة فى الدعوى الجنائية ( المستشار / عدلى خليل ص 223 ) ولما كان الحكم الطعين لم يصبح باتا نظرا للطعن عليه بالنقض لذلك يكون لهذا التنازل أثر فى هذه الدعوى مما يترتب عليه أن تتصدى محكمة النقض لهذا التنازل وتقضى بانقضاء الدعوى بالتصالح.
لـــذلك
يلتمس الطاعن القضاء
اولاً:- قبول الطعن شكلاً .
ثانيا:- وفى الموضوع : بنقض الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى محكمة جنايات القاهرة مرة ثانية لنظرها أمام دائرة أخرى.
وكيل الطاعن
المحامى
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
الدائرة الجنائية
مذكـــرة ثانية
بأسباب الطعن بالنقض
المرفوع من الأستاذ / ياسر محمود عبد الباسط - وشهرته ياسر بركات. (متهم)
ضـــــــــد
1 النيابة العامة .
2 السيد/ محمد مصطفي بكري وشهرته مصطفي بكري (المدعي بالحق المدني).
طعناً في الحكم الصادر بجلسة 24/6/2009
من محكمة جنايات الجيزة الدائرة (11) جنايات القاهرة.
في الجنحة الصحفية رقم 2453 لسنة 2008 جنح السيدة زينب .
- فيما قضي به في منطوقة (وبعد الإطلاع على المواد سالفة الذكر حكمت الحكمة حضورياً:أولا: بمعاقبة ياسر محمود عبد الباسط وشهرته ياسر بركات بالحبس لمدة ستة أشهر بغرامة عشرين ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية ثانيا:وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى تعويضا مؤقتا قدره خمسة ألاف وواحد جنيه وألزمته بمصروفاتها وبمقابل أتعاب المحاماة ).وقد قام وكيل الطاعن بالتقرير بالطعن بالنقض على هذا الحكم بتاريخ 27/6/2009 وقام بإيداع مذكرة بأسباب الطعن بالنقض تحت رقم 676 تتابع ايداع بتاريخ 27/6/2009 والطاعن يقدم هذه المذكرة كمذكرة ثانية بأسباب الطعن على هذا الحكم مضافة إلى الأسباب الواردة منه بالمذكرة الأولى .
الوقائــع
نحيل بشأن الوقائع والإجراءات لما جاء بالأسباب الواردة بمذكرة الطعن الأولى ونعتبرها جزءا لا يتجزأ من دفاع الطاعن وأسباب طعنه بالنقض على الحكم الطعين ويضيف بموجب هذه المذكرة الأسباب التالية مكملة ومتممة لها على النحو التالي .
أسباب الطعن
السبب الأول : والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب .
من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه( لا تنعقد الخصومة فى الدعوى الجنائية التى يرفعها المدعى بالحقوق المدنية مباشرة الا عن طريق تكليف المتهم بالحضور تكليفا قانونيا صحيحا)
( نقض جنائى 6/4/1970 الطعن رقم220لسنة 40 ق)
ولما كانت المادة 234 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على ( أن تعلن ورقة التكليف بالحضور لشخص المعلن إليه أو فى محل إقامته )
وقد عرفت محكمة النقض محل الإقامة المنصوص عليه فى هذه المادة بأنه الموطن المنصوص عليه
فى المادة 40 من القانون المدني حيث قضت :
( بأن إعلان المتهم للحضور بجلسة المحاكمة يجب أن يكون لشخص المتهم أو موطنه وكان الموطن كما عرفته المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة ، وبهذه المثابة لا يعتبر المكان الذى يباشر فيه الشخص عمله موطنا له . ولما كان ذلك ،فان الحكم المطعون فيه إذ قضى فى الاستئناف تأسيسا على صحة ذلك الإعلان يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتعيب بالبطلان )
(نقض رقم 3887 لسنة 57 قضائية جلسة 27 أكتوبر 1988 )
وحيث أن المدعى بالحق المدني قد قام بإعلان الطاعن بصحيفة الادعاء المباشر على مقر عمله وليس على محل اقامته وبالتالى يكون الاعلان قد تم باطلا وبناء عليه قد انعقدت الخصومة الجنائية بناء على هذا الاعلان الباطل الأمر الذى كان يستتبع القضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لبطلان صحيفتهما لعدم إعلان المتهم إعلانا قانونيا صحيحا وهذا البطلان لا يصححه حضور المتهم جلسات المحاكمة لتعلق الأمر بسلامة اتصال المحكمة بالدعوى ونظرا لكون الحضور ليس الإجراء اللاحق لهذا الاعلان الباطل وقد تمسك دفاع الطاعن بهذا الدفع وقدم صورا من أحكام قضائية تفيد صحته الا أن المحكمة رفضت الدفع على زعم أن الغاية من الاعلان قد تحققت وحضر وكيل الطاعن جلسات المحاكمة وهذا الرد من المحكمة على الرغم من قصوره فانه يوضح الخطأ الذى وقع فيه الحكم الطعين وذلك لأن الحضور بالجلسات ليس هو الإجراء اللاحق على اعلان المتهم اعلانا باطلا حتى تكون الغاية قد تحققت منه ولكن هذا الاعلان الباطل لحقه اعلان السيد وكيل النيابة وهو الذى تنعقد به الخصومة الجنائية فى الدعوى وهذا الانعقاد قد تم باطلا نتيجة للإعلان الباطل للمتهم ولحق ذلك أيضا اتصال المحكمة بالدعوى بعد اعلان السيد وكيل النيابة وذلك أيضا بناء على هذه الخصومة المنعقدة باطلة . وبالتالى تكون كافة إجراءات الخصومة قد تمت باطلة لا يصححها الحضور بالجلسات وبناء على ذلك يكون الحكم الطعين برفضه لهذا الدفع يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تحصيله للواقع وقاصر فى أسبابه . وذلك لكون الدفوع المتعلقة بقانون الإجراءات الجنائية تعد دفوعا جوهرية فإذا كان الرد عليها غير كافي أو غير سائغ يعد ذلك قصورا فى التسبيب وإذا كان مخالفا للقانون يعد خطأ فى تطبيقه وقد أستقر الفقه على ذلك بأن قرر ( أما الرد على الدفع بأسباب كافية ولكن غير صحيحة فى القانون ، أي لاتتفق و لضوابط التى رسمها القانون الاجرائى لصحة الإجراء المدفوع ببطلانه ،فانه مما يعد خطأ فى تطبيق القانون الاجرائى أو فى تأويله بحسب الأحوال ، مما ينبنى عليه بطلان فى الحكم أو فى الإجراءات ) ( د. رؤوف عبيد – ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية –ص232).
لذلك فان الطاعن ينعى هذا الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب .
السبب الثاني : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
من المقرر في قضاء محكمة النقض ( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية كافة من
النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تحديده لها قد أقام ذلك على اعتبارات تتعلق بحسن سير العدالة
ويجوز الدفع بها لأول مره أمام محكمة النقض أو تقضى هي بها من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان
ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم ) .
( الطعن رقم 1963 لسنة 67 ق – جلسة 18/3/2006 )
وذلك لكون اختصاص المحكمة بنظر الدعوى هو شرط من شروط صحة جميع إجراءاتها على أنه إذا دفع صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة ثار نزاع إجرائي حول مسألة الاختصاص والخطأ في هذا التطبيق يعد خطأ في القانون فإذا قضت المحكمة خطأ باختصاصها بنظر الدعوى فإن حكمها يكون مشوبا بعيب الخطأ في القانون بالإضافة إلي عيب البطلان الذى يصيب جميع الإجراءات التى قامت بها المحكمة رغم عدم اختصاصها .
وقد قضت محكمة النقض :
( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة).
( نقض 16 نوفمبر سنة 1989 – مجموعة الأحكام س 4 رقم 159 ص 98 )
وحيث أن دفاع الطاعن قد تمسك بمحاضر الجلسات وبمذكراته المقدمة أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم الاختصاص لكون الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة بأعمال المدعى بالحق المدنى المتعلقة بصفته النيابة العامة وذلك استنادا إلي أن مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائي أنها وإن كانت قد جعلت الاختصاص بنظر الجنح الصحفية إذا وقعت على غير أحاد الناس ينعقد لمحكمة الجنايات فشرط ذلك أن يكون النشر كان يخص تصرفات خاصة بصفتهم النيابية العامة أما إذا تعلق النشر بوقائع غير متصلة بصفتهم النيابية فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة الجنح .
وقد قضت محكمة النقض :
(ما دامت الوقائع الواردة في المقال الذى يساءل عنه المتهم بالقذف في حق المجني عليه لا يتعلق أي منها بصفته نائبا أو وكيلا لمجلس النواب هي موجهة إليه بصفته فردا من أفراد الناس فيكون الاختصاص بالنظر في الدعوى المرفوعة بها لمحكمة الجنح لا لمحكمة الجنايات)
( نقض جلسة 17/5/1950 المكتب الفني س 1 ق 126 ص 667 )
وحيث أن الحكم الطعين قد رفض الدفع بمقولة أن القذف وقع على المدعى بالحق المدنى بصفته النيابية وحال ممارسته لتلك الصفة فضلا عن وقوعه عليه بصفته الخاصة.وأستند فى ذلك الى عبارات واردة بالمقال قام باجتزائها من السياق العام الذى وردت فيه ليبنى على هذا الاجتزاء أسبابه فى رفض الدفع بغرض أن يعجز محكمة النقض عن مراقبته فيما أنتهي إليه من أسباب التى رفض بها هذا الدفع
ويبين الخطأ هنا أنه وان وردت بالمقال بعض الألفاظ الخاصة بوصفه النائب الا أنها وردت عرضا دون أن تسند وقائع خاصة بعمله داخل البرلمان أوحال ممارسته له ولكن الوقائع التى تم إسنادها كانت وقائع خاصة باراؤه الواردة بمقالاته بجريدة الأسبوع وعلاقته الغير طبيعية بدولة سوريا واستماتته فى الدفاع عن النظام السوري بالرغم من كل مساوئه وكذلك بعض الوقائع الخاصة بافتعاله خلافات مع أحد رجال الأعمال بسبب قطعه الإعلانات عن جريدة الأسبوع ومحاولاته فى هجومه عليه اللعب بورقة الفتنة الطائفية ومن كل ذلك يتضح أن الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة بصفتة البرلمانية وبالتالى تكون محكمة الجنايات غير مختصة بالفصل فى هذه الدعوى وكان يجب القضاء بعدم الاختصاص والإحالة الى محكمة الجنح.
لذلك يكون الحكم الطعين بفصله فى الدعوى رغم عدم الاختصاص يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بالإضافة للقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
السبب الثالث: الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور في التسبيب والانعدام الجزئي للأسباب والتناقض والتخاذل فى الأسباب
وذلك حيث أن وكيل الطاعن قد تقدم بعدد4 مذكرات بدفاعه أشمل إحداهما الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون وذلك لكون الدعوى تم تحريكها بموجب وكاله عامة وليست وكاله خاصة كما اشترطت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية . وقد تمسك وكيل الطاعن بهذا الدفع بمحاضر الجلسات
ولما كان من المستقر عليه أنه يتعين وقبل النظر فى موضوع الدعوى أن تستوفى المحكمة مسألة الشكل وهى أن تخضع لقواعد القانون ولذلك فان الخطأ فى هذه القواعد يعد خطأ فى القانون لتعلق الدفع بعدم القبول بالنظام العام.
وفي ذلك قضت محكمة النقض :
( إذا كان الإجراء الباطل شرطا لصحة نشأة الخصومة الجنائية فإنه يترتب عليه عدم قبول الدعوى الجنائية . كما إذا شاب البطلان إجراء الشكوى أو التكليف بالحضور أو أمر الإحالة فهذا البطلان يترتب عليه عدم توافر شروط قبول الدعوى الجنائية . مما يجرد المحكمة من سلطتها في الفصل في موضوع الدعوى . فإذا هي فصلت في الموضوع بغير عدم قبول الدعوى الجنائية كان حكمها مشوبا بالبطلان ) .
(نقض 15 أبريل سنة 1968 – مجموعة الأحكام س19 رقم 87 ص451)
وذلك لكون الأصل أنه متى كانت الدعوى المباشرة قد أقيمت عن جريمة تتطلب شكوى لرفع الدعوى الجنائية تعين لقبول الدعوى الجنائية أن يكون رفعها مقرونا أو مسبوقا بتقديم شكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص فأن كان قد سبق لأي منهما تقديم الشكوى في الميعاد جاز للمحامى بمقتضى توكيل عام أن يقيم الدعوى الجنائية عن ذات الجريمة بطريق الادعاء المباشر .
أما إذا لم يكن قد سبق هذا الادعاء تقديم مثل هذه الشكوى واعتبرت صحيفة الادعاء المباشر بمثابة شكوى كما جرى عليه قضاء محكمة النقض وحينئذ يتعين أن تتوافر الشروط المتطلبة في الشكوى بأن تكون صادره من المجني عليه نفسه أو من وكيل عنه بموجب وكالة خاصة في تقديم الشكوى وأن تعلن للمتهم تكليفا بالحضور في ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليها في القانون .
وذلك لأن صحيفة الادعاء المباشر تجمع في تلك الحالة بين عملين من الأعمال الإجرائية أولهما : إقامة الادعاء بالطريق المباشر ويكفي فيها التوكيل العام وثانيها : تقديم شكوى لازمة لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بها ويجب فيه أن يصدر من المجني عليه نفسه أو من وكيلة بتوكيل خاص طبقا لما استلزمتة المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الوجوب .
( نقض جنائي 20/4/1989 س 40 ق 85 ص 531 )
( نقض جنائي 5/6/1986 س 37 ق 124 ص 652 )
ومفاد ذلك أنه لما كانت صحيفة الجنحة المباشرة تعد بمثابة الشكوى وبالتالى يجب أن تتوافر فيها كافة الشروط المتطلبة في الشكوى ومنها أن يتم تحريكها بموجب وكاله خاصة لاحقه على الفعل وسابقة على تحريكها وإلا تكون الدعوى غير مقبولة .
وقد استقر الفقه أيضا على إن ضرورة وجود توكيل خاص لاحق على الفعل وسابق على تحريك الشكوى هو شرط أساسي لقبولها ومن ذلك :
(الشكوى التى تتطلبها المادة 3 إجراءات يجب أن تصدر من المجني عليه إما بنفسه أو إما بواسطة وكيل عنه على أن يكون التوكيل خاصاً ، وصريحاً وصادراً عن واقعة معينة سابقة على صدوره أى ينبغي أن يكون التوكيل لاحقاً للواقعة المشكو عنها أيا كان نوعه ، وهذا شرط من النظام العام لأن شروط تحريك الدعوى الجنائية كلها من النظام العام).
(الدكتور رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية طبعة 1983 ص 72).
(يشترط فى التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً – المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية- أي أن تحدد فيه الواقعة التى تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى ، ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة ويترتب على ذلك أنه لا محل فى الشكوى لتوكيل عام ، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب فى المستقبل ذلك أن الحق فى الشكوى يفترض تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملائمة الشكوى)
(الدكتور محمود نجيب حسنى – شرح قانون الاجراءات الجنائية طبعة 1988 ص 124).
(الحق فى الشكوى هو حق شخصي يتعلق بالمجني عليه ، وقد رتب القانون على ذلك نتيجتين ، الأولى : أن هذا الحق ينقضي بموت المجنى عليه .. والأمر الثانى المترتب على اعتبار الشكوى حق شخصى متعلق بشخص المجنى عليه دون غيره ، أنه يجب أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص (م3 اجراءات) ومفاد هذا أن التوكيل العام لا يجدي فى التقدم بالشكوى ، فيلزم أن يكون التوكيل خاصاً فقط بالتقدم بالشكوى لكي تقبل تلك الأخيرة من الوكيل).
(الدكتور مأمون سلامة – قانون الاجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض طعن 19 ص 76).
(الشكوى حق للمجني عليه وحده ، وله أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص بشأن الجريمة موضوع الشكوى فلا يكفى لذلك مجرد الوكالة العامة).
(الدكتور أحمد فتحي سرور – الوسيط فى قانون الاجراءات الجنائية – طبعة 1980 ص 647).
- ومن ذلك يتضح أن أحكام القضاء قد اتفقت مع الفقه في ضرورة تطلب إرادة خاصة فى تحريك الشكوى نظراً لخصوصية هذه الجرائم. وبالتالى يجب أن يتوافر فى الإجراء الخاص بتحريك الدعوى الجنائية ما يفيد وجود هذه الإرادة وبالتالي يجب في الشكوى سواء تم التقدم بها للنيابة العامة أو عن طريق الادعاء المباشر أن تكون إما بشخص المجني عليه أو عن طريق وكيله الخاص ولا تكفي فيها الوكالة العامة.
وبالتالى فان ما يثار بأن هذا القيد هو على النيابة العامة فقط وأنه يحق للوكيل العام إقامة الدعوى مباشرة فى جرائم الشكوى فانه يكون مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ اجراءات التحقيق إلا بناء على شكوى من المجنى عليه أو وكيل الخاص (وهى صاحبة الاختصاص الأصيل) فإن هذا المنع أيضا يسرى على الدعوى المباشرة (الاستثناء على الأصل).
- وذلك لكون النيابة العامة هى صاحبة الحق الأصيل فى إقامة الدعوى الجنائية وأن الادعاء المباشر هو استثناء على هذا الحق الأصيل وبالتالى يجب عند تطبيقه أن يكون فى أضيق نطاق ولا يتم التوسع فيه على حساب الأصل .
- وبذلك إذ جاء نص وقيد الحق الأصيل للنيابة فى تحريك الدعوى الجنائية الا بناء على شكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد على الاستثناء وهو الادعاء المباشر. وبالتالى تكون المحكمة قد أخطأت فى تطبيق القانون برفض الدفع المبدي من دفاع الطاعن.
وذلك لكونها قد استمرت في نظر الدعوى والفصل فيها على الرغم من عدم وجود وكالة خاصة من المدعى بالحق المدنى لتحريك الشكوى تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه
هذا بالإضافة الى أن المحكمة ملزمه قانونا بالرد على الدفوع الجوهرية المبداه في الدعوى وذلك لكونها وسيله فعاله لتحقيق العدالة .
وتكون الدفوع جوهرية إذا كان من شأنها أن تؤثر بنتيجة على الحكم الصادر في الدعوى بأن يترتب علي قبولها تغيير موقف المتهم في الدعوى أو من شأن قبولها تغيير وجه الحكم فيها وبالتالى فإن المحكمة تكون ملزمه بالرد على كافة الدفوع المبداه أمامها ومنها الدفع بعدم قبول الدعوى :
ولما كان الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون كان دفعا جوهريا وجازما تمسك به دفاع الطاعن في مذكرات دفاعه وكذلك بمحاضر الجلسات وكان لزاما على المحكمة الرد عليه بأسباب سائغة أما كونها لم ترد على هذا الدفع في بأسباب سائغة واكتفت بقولها ص 12 من الحكم فأن هذا القول يحتاج الى سنده القانوني وان المادة الثالثة لاتشترط ذلك الا فى حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر ......... تكون بذلك خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بالإضافة لكون ذلك يصيب الحكم بعيب القصور في التسبيب.
لذلك فإن الطاعن ينعى هذا الحكم بالبطلان لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب .
- بالإضافة الى أن هناك تناقض وتخاذل فى الأسباب حيث أن المحكمة قررت في أسباب حكمها بداية ص 12أن صحيفة الدعوى تقوم مقام تلك الشكوى ثم جاءت بعدها مباشرة وبذات الصفحة وقررت. وان المادة الثالثة لا تشترط ذلك الا فى حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر
ففى الحالة الأولى أعتبرت صحيفة الادعاء المباشر تحل محل الشكوى وفى الحالة الثانية أعتبرت أن الادعاء المباشر لا يعد شكوى الأمر الذى يعيب الحكم بالتناقض والتخاذل فى الأسباب
- لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور فى التسبيب والتناقض والتخاذل فى الأسباب.
السبب الرابع :القصور في البيان والقصور في التسبيب :
لما كان من المستقر عليه في قضاء محكمة النقض أنه لا يكفى لصحة الحكم الصادر بالإدانة أن يبين قاضى الموضوع في معرض تسبيبه بيانات الواقعة الموضوعية فقط , وإنما يجب عليه أيضا بان يبين في ورقه الحكم الأصلية التى يسطر فيها أسباب الحكم الذى انتهى إليه بعض البيانات الإجرائية والتي تعد من قبيل القواعد الإجرائية الموضوعية , والتي يترتب علي مخالفتها البطلان ولا يعصم الحكم من البطلان إذا خلت ورقة الحكم الأصلية من بيانها وتضمنها محضر الجلسة أو ورد ذكرها في أوراق الدعوى .
(د / على محمود على – النظرية العامة في تسبيب الحكم الجنائى – رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة – 1993 ص 431)
لذلك يتعين على المحكمة فى جرائم الشكوى ومنها ( القذف والسب )أن تبين في حكمها الفاصل في الموضوع أن الدعوى قد رفعت صحيحة بناء على شكوى ممن يملك تقديمها وإلا كان الحكم معيبا .
وحيث أن جريمتي القذف والسب بطريق النشر قد نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب تقديم شكوى من المجنى عليه أو من وكيله الخاص قبل اتخاذ أي إجراء فيها . لذلك يجب أن يبين الحكم الطعين ما يفيد وجود هذا الإجراء وإذا أغفل هذا البيان في حكمه يكون قاصرا وقد استقر الفقه على ذلك .
(إذا كانت الجريمة المرتكبة من الجرائم التى تطلب المشرع لإمكان تحريك الدعوى الجنائية عنها صدور الشكوى أو الطلب أو الإذن من الجهة المختصة , فإنه يجب الإشارة إلى ذلك في الحكم وذلك حتى تتمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على إجراء تحريك الدعوى)
(رؤوف عبيد ضوابط تسبيب الأحكام – ص165)
وقد قضت محكمة النقض :
(ولذلك فإن الحكم الذى يصدر في الجرائم التى نصت عليها المادة 3/1 من قانون الإجراءات الجنائية ، يجب أن يبين صدور الشكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص وفي خلال المدة المحددة لذلك . وهذا البيان يجب ذكره في أسباب الحكم ، فلا يغنى عن ذكره في الحكم أن يتبين في أوراق الدعوى لافى الحكم أن له وجوداً)
(نقض 18/1/1968 مجموعة أحكام النقض السنة 19 ق 7)
وقضت أيضا :
(لا يغنى عن النص في الحكم ما تبين في أوراق الدعوى لافى الحكم من أن الزوج قد تقدم إلى مأمور القسم بالشكوى عن جريمة الزنا وأصر على رفع الدعوى الجنائية عنها في تحقيق النيابة)
(نقض 14/2/1972 مجموعة أحكام النقض لسنه 23ق 45 ص186 )
فمثل هذه الشروط تتعلق بمدى سلامة اتصال المحكمة بموضوع الدعوى , ولذلك فلابد أن يشير الحكم ذاته إلى النصوص المتضمنة تلك الشروط ويبين أنها قد روعيت في نظر الدعوى .
(د/ مأمون سلامة – شرح قانون الإجراءات الجنائية ص192)
وقد رتبت محكمة النقض البطلان على عدم توضيح الحكم لهذا الشرط . حيث قضت :(أن بيان صدور طلب من مدير عام الجمارك لتحريك الدعوى في جريمة التهريب الجمركي , بيان جوهري وان إغفاله يؤدى على بطلان الحكم ولو ثبت صدور هذا الطلب بالأوراق فإن ذلك لا يغنى عن النص عليه بالحكم)
(نقض 4/2/1992– الطعن رقم 12354– لسنه59قضائية–مجلة القضاة – السنة 25 – 192 ص 690)
وحيث أن الحكم الطعين قد أغفل فى أسبابه ما يفيد وجود هذه لشكوى بالتالى يكون معيبا مستوجبا نقضه .
لذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بالقصور في البيان والقصور في التسبيب .
السبب الخامس :الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد فى الاستدلال :
وذلك لكون الدفاع الطاعن قد تمسك بالدفع ببطلان صحيفة الدعوى لكون وكيل المدعى بالحق المدني الذى أقام الدعوى وهو الأستاذ / على عبد العزيز المحامى هو في ذات وقت إقامة هذه الدعوى كان وكيلا للمتهم بموجب وكاله سارية رقم3082 ب لسنة 1997 لم يتم إلغاءها وهذا يعد مخالفة لنصوص قانون المحاماة . إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع ص12 من الحكم بمقوله أن المدعى بالحق المدنى قدم ضمن حافظة مستنداته الثانية ما يفيد إلغاء التوكيل رقم 5726/ 99 مكتب توثيق الأزبكية والصادر من المتهم الى وكيل المجنى علية الأستاذ محمد الدماطى المحامى وما يفيد إعلانه بهذا الإلغاء على يد محضر بتاريخ 2/6/2008 وان مخالفة المحامى للمواد 79 , 80 , 81 لا يؤدى إلى بطلان الصحيفة
فان الرد من المحكمة يعد مخالفا للقانون والواقع للأسباب الآتية :
أولا : أن صحيفة الدعوى هي مفتتح الدعوى وأنها يترتب عليها انعقاد الخصومة في الدعوى فإذا شابها البطلان فإن ذلك يؤثر في صحة اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية ويجب الحكم بعدم بقبولها .
ولما كانت المادة 76 من قانون المحاماة قد نصت على (لا يجوز للمحامى التوقيع على صحف الدعاوى والطعون وسائر أوراق المحضرين والعقود المقدمة للشهر العقاري أو الحضور والمرافعة بالمخالفة لأحكام ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال )
ومن ذلك يتضح أن القانون قد رتب على مخالفة أحكام قانون المحاماة جزاء البطلان وعدم القبول وحيث أن المحامى الذى أقام الدعوى قد خالف نصوص المواد 79 , 80 من قانون المحاماة وبالتالي يترتب البطلان على هذا الإجراء ولا سيما أن المصالح المتعارضة كانت ثابتة بمستندات في هذه الدعوى وهى أن الدعوى التى كان يترافع فيها هذا المحامى عن الطاعن كانت الدعوى رقم 149 لسنه 22 قضائية دستوريه وكان يطالب فيها بالحكم بعدم دستورية المواد 302 , 303 , 306 , 307 من قانون العقوبات المصري وهى ذات المواد التى كان يطالب في صحيفة الدعوى محل هذا الطعن بتطبيقها على المتهم وبذلك يتضح مدى تعارض المصالح في ذلك ولذلك كان يجب القضاء ببطلان صحيفة الدعوى والحكم بعدم القبول أما وأن المحكمة لم تقضى بذلك تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بالإضافة إلى القصور في التسبيب .
ثانيا : أن المحكمة أستندت في رفض الدفع على أن المحامى قد ألغى التوكيل بتاريخ 29/5/2008 وهذا منها مخالف للقانون حيث أن العبرة في البطلان هي بتاريخ اتخاذ الإجراء الباطل ولما كان هذا المحامى قد أقام هذه الدعوى ضد الطاعن في شهر مارس 2008 فإن لا يؤثر في البطلان قيامه بإلغاء التوكيل بعد هذا التاريخ .
كما أن التوكيل الذى قررت المحكمة أنه تم إلغاؤه لا يخص المحامى الذى أقام هذه الدعوى وهو الأستاذ/ على عبد العزيز المحامى لأن توكيله رقمه 3082 ب لسنة 1997 أما التوكيل المقدم صورة من الإنذار بالغاؤه فهو التوكيل رقم 5726/ 99 مكتب توثيق الأزبكية وهو خاص بمحامى أخر يدعى محمد الدماطى
ولذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال .
السبب السادس: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال:
ذلك لكون المحكمة ملزمة قبل النظر فى موضوع الدعوى أن تستوفى مسألة الشكل وتبت فيها لتعلقها بقواعد القانون وأن الخطأ فى هذه القواعد يعد خطأ فى تطبيق القانون وبصفة خاصة الدفع بعدم قبول الدعوى لتعلقه بالنظام العام لمساسه بشرط جوهري من شروط تحريك الدعوى.
وقد دفع وكيل الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون لعدم وجود نص قانوني يجيز للمدعى بالحق المدنى إقامة دعواه مباشرة أمام محاكم الجنايات وأن نصوص قانون الاجراءات الجنائية تحدثت فقط عن تكليف المتهم مباشرة بالحضور من المدعى بالحق المدنى أمام محاكم الجنح والمخالفات فقط - مادة 232 اجراءات - ولم تنص عليها فى الجنح بصفة عامة بل أن النص كان واضحاً فى أحقية إقامة الدعوى المباشرة أمام محاكم الجنح والمخالفات فقط وبالتالى يتضح عدم وجود نص قانوني يبيح إقامة الدعوى مباشرة أمام محاكم الجنايات.
وطبقاً لنص المادة (1) من قانون الاجراءات الجنائية التى اختصت النيابة العامة فقط برفع الدعوى الجنائية وجعلت الاستثناء وهو إقامتها مباشرة يجب أن يكون بناء على نص قانوني حيث نصت : "تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها الا فى الأحوال المبينة فى القانون".
والمادة (3) نصت على تقديم الشكوى الى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي كما أن المادتين 156 ، 214/1 تحدثتا عن أن لقاضى التحقيق أو النيابة العامة أن يحيلا الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها عن طريق النشر- عدا الجنح المقررة بأفراد الناس الى محكمة الجنايات.
وباستقراء جميع هذه النصوص نجد أن القانون قد أعطى الحق للنيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية كحق أصيل لها ونص على أن الاستثناء وهو(الادعاء المباشر من المجنى عليه) يجب أن يكون بناء على نص قانوني. وحيث أن قانون الاجراءات الجنائية قد خلا من أي نص يفيد حق المجنى عليه فى الادعاء المباشر أمام محكمة الجنايات .
وبالتالى تكون الدعوى المباشرة قد أقيمت على غير سند من القانون وبالتالى قد أقيمت بغير الطريق الذى رسمه القانون وكون المحكمة تباشر ها على الرغم من ذلك تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون.
- كما إن رد المحكمة على هذا الدفع ص11 من الحكم يؤكد عدم إلمام المحكمة بالقواعد القانونية الخاصة بتحريك الادعاء المباشر.
حيث أسست رفضها للدفع على سند من القول أنه من حق المدعى بالحقوق المدنية إقامة الدعوى مباشرة فى جنح السب والقذف أمام المحكمة المختصة،( ولا نعرف من أين أتت المحكمة بكلمة محكمة الجنح المختصة) وهذا منها يعد مخالفة لنصوص قانون الاجراءات الجنائية وسوء تفسير لنصوص قانون الاجراءات الجنائية سالفة الذكر الأمر الذى يوصم الحكم بالإضافة للخطأ فى تطبيق القانون الى الخطأ فى تأويله وتفسيره والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يبطله بطلاناً يستوجب نقضه.
السبب السابع : مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب للرد غير المستساغ والمجتزأ من المحكمة على الدفوع بعدم الدستورية
وذلك حيث أن الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية 214/1 ، 215 ،216 من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد 40 ، 41 ، 67 ، 69 ، 151 من مواد الدستور المصري لأنها تمثل انتهاكا لمبدأ المساواة والحرية الشخصية وقواعد المحاكمة المنصفة وحق التقاضي على درجتين في الجنح وإخلالها بالقوة الملزمة للمعاهدات الدولية .
كما أن دفاع الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات وذلك لمخافتها لنصوص المواد 2 ، 41 ، 67 ، 79 ، 86 ، 165 عن الدستور المصري لمخالفتها لمبادىء الشريعة الاسلاميه واصل البراءة والمحاكمة المنصفة وحق الدفاع والحرية الشخصية ومبدأ الفصل بين السلطات .
وكذلك دفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري لمخالفتهم لنصوص المواد 48 ، 62 ، 64 ، 206 ، 207 ، 208 من الدستور وذلك نظرا لغلو المشرع في العقوبات المفروضة في هذه المواد وعدم تناسبها مع الأفعال محل التجريم كما أنها تمثل انتهاكا للحق في المساهمة في الحياة العامة ومبدأ خضوع الدولة للقانون وسلطة الصحافة ومبدأ التناسب بين الفعل والعقاب الذى اقرته المحكمة الدستورية العليا حيث قضت :
( بأن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتداولها أو غير ذلك من وسائل التعبير قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لا يتم الحوار المفتوح ألا في نطاقها وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا ولا يترددون وجلا ولا ينصفون لغير الحق طريقا .وأن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثرا في مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها تبيانا لنواحي التقصير فيها وأنه لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها سواء من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها – فالحقائق لا يجوز إخفائها – من غير المعقول أن يكون النفاذ إليها ممكنا في غيبة حرية التعبير )
( حكم المحكمة الدستورية العليا في 15/4/1995 القضية رقم 6 لسنة 15 ق د )
وقضت أيضا
( ويتعين بالتالى أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته ، حقأ مكفولا لكل مواطن .....
ومن ثم كان منطقيا ، بل وأمرا محكوما أن ينحاز الدستور إلي حرية النقاش والحوار في كل أمر يتصل بالشئون العامة ، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام . إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون ، ولان حوار القوة إهدار لسلطان العقل ، ولحرية الإبداع والأمل والخيال ، وهو في كل حال يولد رغبة تحول بين المواطن والتعبير عن آراؤه ، بما يعزز الرغبة في قمعها ، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها ، مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره )
وقدم وكيل الطاعن مذكرة شارحة لهذه الدفوع والأسباب والأسانيد القانونية والدستورية التى يستند عليها هذه الدفوع.
وتأكيداً لجديته فى هذا الدفع ولإثبات إن عدد من المحاكم قد رأت شبهة مخالفة هذه المواد للدستور المصري فقد قدم أصول لعدد (4) شهادات صادرة من واقع جدول المحكمة الدستورية العليا تفيد أن المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات مقام بشأنها الدعاوى أرقام 25 لسنة 21 ، 83 لسنة 21 ، 60 لسنة 22 و149 لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب الحكم بعدم دستورية هذه المواد ، كما أن الدعوى رقم 60 لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب فيها أيضا الحكم بعدم دستورية المواد 214 ، 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية.
وطلب وقف الدعوى المنظورة تعليقياً لحين الفصل فى هذه الدعاوى أو التصريح له بإقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه ا لمواد عملاً بنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا برقم 48 لسنة 1979.
كما ذكر فى مذكراته المقدمة للمحكمة أرقام عدد (8) دعاوى منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا بشأن هذه المواد مما يؤكد وبجلاء شبهة مخالفة هذه المواد للدستور وترجيح صدور حكم بعدم دستورية هذه المواد.
- إلا أن الحكم المطعون فيه قد رد على ذلك بقوله (حيث أنه عن الدفع بعدم دستورية المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية فانه على غير أساس سليم من القانون ذلك أن المتهم الذى حكم بإدانته فى جريمة السب أو القذف من محكمة الجنايات له حق الطعن بالنقض فى الحكم الصادر ضده ، هذا فضلاً عن أن إحالة هذا النوع من دعاوى الجنح الى محكمة الجنايات إنما يمثل ضمانة أفضل للمتهمين لأنهم يحاكمون أمام قضاة ثلاث هم أكبر سناً وأكثر خبرة وكفاءة ولا ترهق كواهلهم ما ترهق به كواهل القضاة بالمحاكم الجزئية وفى ذلك خير ضمان لحرية الصحافة وحرية الرأى ومن ثم فان المحكمة ترى عدم جدية هذا الدفع ، و تلتفت عنه)
ونجد هنا أن الرد جاء مخالفاً للقانون حيث أن محكمة النقض لا تعد درجة من درجات التقاضي وذلك لكونها محكمة قانون وليست محكمة موضوع كما انه اغفل الرد على باقي أسباب الدفع مما يعد قصوراً في التسبيب.
كما ردت المحكمة أيضا على الدفع بعدم دستورية المواد 302 فقرة ب (بأن ذلك لا يعد نقلا لعبء الاثبات الى عاتق المتهم ولا مخالفة لقرينة البراءة ولا إخلال بحق الدفاع،بل هو تأكيد لذلك القرينة وضمانة حق الدفاع ومن ثم فان المحكمة تلتفت عن الدفع ) فان ذلك من المحكمة يعد قصورا فى الرد على أسباب الدفع لأنه جاء مجملا ولم توضح الأسباب التى بناء عليها بنت قناعتها فى أن هذا النص لا يعد نقلا لعبء الاثبات أنه ضمانة لحق الدفاع .
كما أن الرد على الدفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري قد جاء مخالفا للدستور والقانون حيث أن الحكم الطعين أشترط أن تكون حرية الصحافة فى إطار مقومات أساسية للمجتمع واردة فى المادة 12 من الدستور .
وهذا ما ذكره الحكم الطعين لا علاقة له بهذه المواد المدفوع بعدم دستوريتها أو بأسباب هذا الدفع لأنها مواد متعلقة بالعقوبة على القذف والسب والمغالاة فى تقدير هذه العقوبات وعدم تناسبها مع الفعل ولم تتعلق بأركان جريمتا القذف والسب ومدى مطابقتهما للدستور . وبالتالى يتضح أن الرد على الدفع جاء بأسباب تختلف عن الأسباب التى أبداها الطاعن مما يؤكد بعدم إلمام المحكمة إلماما كافية بأسباب الدفع مما جعل ردها قاصرا وغير شامل لكل أسباب الدفوع بعدم الدستورية .
ومن ذلك يتضح أن الحكم لم يحصل أسباب هذا الدفع تحصيلاً كافياً لكونه رد على أسباب الدفع بطريقة مجتزأة وبها نوعاً من التجهيل بالإضافة الى كونه لم يقم بالرد على كافة الأسباب وحدوث لبس وتداخل في ذهن المحكمة بين أسباب الدفوع بعضها البعض. مما جعلها تقوم بالرد على أسباب الدفع تارة بأسباب غير مستساغة ومخالفة للقانون وتارة أخري ترد على أسباب للدفع غير التي أبداها دفاع الطاعن.
كما إن تقديم الطاعن لعدد (4) شهادات تفيد وجود أربع دعاوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه المواد وذلك للتدليل على جدية هذا الدفع وطلبه وقف الدعوى تعليقيا لحين الفصل فى هذه لطعون كان طلبا جوهريا فكان لزاما على المحكمة أن ترد عليه بأسباب سائغة الا أنها أكتفت بمقوله ( أنها غير مقيدة بهذه الطعون ) فهذا يعد منها قصورا فى التسبيب .
ومؤدى كل ذلك يتضح أن الحكم أقام قضاؤه على وصف هذه الدفوع بعدم الجدية ورفضها بأنه قد فهم أن سلطة المحكمة فى تقدير هذه الجدية سلطة مطلقة يمكن أن تنبني على العسف والتحكم والفوضى فى التقدير الى الحد الذى جعلها فوقاً على الرد على هذه الدفوع بصورة مجتزأة تعجز محكمة النقض عن مراقبتها فإنها أيضا قامت بالرد بأسلوب لم تعرفه الأحكام من قبل بشموله بعبارات عنصرية وبها تعالى على المحاكم الأخرى وعلى زملائهم القضاة بالمحاكم الأخرى وهذا يعد خروجا على الأعراف والتقاليد القضائية الراسخة والقائمة على الاحترام.
الأمر الذي يجعل ردها لا يخضع لضوابط العقل والمنطق القضائي والذى بررته محكمة النقض فى قضائها المطرد بان مناط صحة الحكم فى كل ما يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع أن يكون التقدير سائغاً ، وهو ما افتقده الحكم بوضوح شديد فى رده على هذه الدفوع وكذلك إغفاله وجود (8) دعاوى بهذا الشأن أمام المحكمة الدستورية العليا الأمر الذى يجزم بان عدة محاكم أخرى قد رأت لهذا الدفع الجدية المطلوبة وقبلته.
لذلك فان اطراح هذا الدفع والرد عليه بطريقة غير مستساغة يصيب الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
ولما كان الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع الجوهرية والهامة في الدعوى وذلك لتعلقها بمدى دستورية المواد العقابية التى يحاكم بها المتهم وهي تتعلق بالشرعية العقابية وكذلك المواد الخاصة باختصاص محاكم الجنايات على محاكمته في جريمة تعد قانونا جنحة وهى تتعلق أيضا بالشرعية الإجرائية .
من ذلك يتضح أن الدفوع التى أبديت كانت من الأهمية لأنه كان سيترتب على قبولها تغيير وجه الحق في الدعوى كما أنه يعد دفعا قانونيا وقد استقرت أحكام محكمة النقض (من واجب المحكمة بحث كل دفاع جوهري يتقدم به المتهم متى كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى حيث صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر ينفى وقوع الجريمة أو بامتناع ألمسئوليه أو العقاب أو بانقضاء الدعوى الجنائية فإذا تمسك المتهم بهذا الدفع ولم ترد عليه المحكمة كان حكمها مشوبا بالقصور فضلا عن الإخلال بحق الدفاع و وجه القصور هو إخلال المحكمة بأداء واجبها نحو أثبات الإدانة )
ولما كان الدفاع الجوهري هو ذلك الدفاع الذى لو صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر بنفي الجريمة أو امتناع العقاب أو تخفيفه أي أن الدفاع يعتبر جوهرا إذا ما كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى المنظورة لذلك يكون لزاما على المحكمة الرد عليه وبأسباب كافية وسائغة فإذا أغلفت الرد عليها كان ذلك إخلالا بحق الدفاع وإذا ردت عليه بأسباب غير كافية أو غير سائغة لكان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب .
كما أن قبول الطعن في هذه المواد الخاصة بالعقاب أمام المحكمة الدستورية العليا يؤدى إلي انعدام هذه المواد والقضاء ببراءة الطاعن كما أن قبول الطعن في بعضها قد يؤدى إلي تخفيف العقوبة ضد الطاعن كما أنه لو قبل الطعن بعدم دستورية المواد الخاصة بقانون الإجراءات الجنائية سيترتب عليه القضاء بعدم اختصاص المحكمة وإعادة الدعوى إلي محكمة الجنح وهنا سيستفيد الطاعن بنظر الدعوى على درجتين .
ومن ذلك يتضح أن هذه الدفوع كانت جوهرية وأن قبولها كان سيكون له أثرا في الحكم الصادر في الدعوى أما كون الحكم الطعين قد رد عليها بهذه الطريقة المجتزأة التى تنبىء عن عدم تحصيله لأسباب هذه الدفوع تحصيلا كافيا فهذا عيب يصيب الحكم بعيب القصور فى التسبيب مما يوجب نقضه .
كما أن الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع المتعلقة بالنظام العام وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 102 لسنة 12 قضائية دستورية الصادر بتاريخ 19 يونية 1993 وأجازت الدفع بعدم الدستورية لأول مرة أمام محكمة النقض لذلك فكون الحكم الطعين في أسباب حكمه يكون هذا الحكم مشوب مخالفا القانون والقصور فى التسبيب .
لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب.
السبب الثامن : القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع
(لما كان تسبيب الأحكام يعد من أعظم الضمانات التى فرضها القانون على القضاة إذ هو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التى يعلنوها فيما يفصلون فيه من الأقضيه وبه وحده يسلمون من مظنة التحكم والاستبداد ، لأنه كالعذر فيما يرتأونه ويقدمونه بين يدي الحضور والجمهور ، وبه يرفعون ما قد يرين على الأذهان من الشكوك والريبة ، فيدعون الجميع إلي عدلهن مطمئنين ولا تنفع الأسباب إذا كانت عباراتها مجمله لا تقنع أحدا ، ولا تجد محكمة النقض فيها مجالا لتبين صحة الحكم من فساده ).
( نقض 21/2/1929 القواعد القانونية ج 1 رقم 170 ص 178 )
( نقض 20 نوفمبر سنة 1950 مجموعة الأحكام س 2 رقم 70 ص 272 )
والتسبيب لاغني عنه لتوضح كلمه القانون وتكييف معناه وفقا للواقع الاجتماعي . ومن خلال التسبيب السليم يمكن تحقيق وحدة في مفهوم القانون لدى جميع المحاكم وذلك تحت رقابة محكمة النقض ).
( د / أحمد فتحي سرور النقض الجنائي – الطبعة الرابعة . دار الشروق ص 249 )
وبمطالعه الحكم الطعين نجد أن دفاع الطاعن قد قدم مذكره بدفاعه تمسك فيها بالدفع بمشروعية ما تم نشرة بجريدة الموجز لتوافر الإباحة المنصوص عليها في المادة 60 من قانون العقوبات والمادة 47 من الدستور والمادة 3 من القانون رقم 96 لسنة 96 الخاص بتنظيم الصحافة ودفع بانعدام الجريمة بركنيها المادي والمعنوي كما أنه قدم المستندات التى تؤيد صحة ما تم نشره إلا أن الحكم الطعين لم يقم ببحث هذه الدفوع أو الرد عليها أو بحث المستندات المقدمة من الطاعن وهذا يعد إخلالا بحق الدفاع وذلك لكون هذ الدفع يعد دفعا جوهرية يترتب على قبوله انعدام التهمة فى حق الطاعن وبراءته لذلك كان لزاما على الحكم أن يتعرض له ويرد عليه وكذلك فحص المستندات المقدمة ومدى تعلقها بإثبات صحة الوقائع وتناسبها مع الألفاظ المنشورة.
وقد قضت محكمة النقض
( أن يقدم المتهم مستندات هامة مؤيدة لدفاعه الجوهري فلا تفطن المحكمة لفحوى الدفاع ، ولا تقسطه حقه وتعنى بتحقيقه بلوغا إلى غاية الأمر فيه ، أو ترد عليه بما يبرر رفضه ، ولا تتحدث عن المستندات المقدمة عنه مع ما قد يكون لها من دلالة على عدم توافر عناصر الجريمة يعد ذلك إخلالا بحق الدفاع لاغفال الرد على دفاع جوهري ) .
( نقض 16مارس سنة 1975مجموعة أحكام محكمة النقض س 26 رقم 53ص 237 )
وقضت أيضا
( إنه إذا حكمت المحكمة بادانه المتهم واقتصرت في الأسباب على قولها بأن التهمة ثابتة من التحقيقات والكشف الطبي ، فإن هذا الحكم يكون غير مقنع ويتعين نقضه ، لأن هذه العبارة إذ كان لها هى عند واضعي الحكم فإن هذا الحكم مستور في ضمائرهم لا يدركه غيرهم ، ولو كان الغرض من تسبيب الأحكام أن يعلم من حكم لماذا حكم لكان إيجاب التسبيب ضربا من العبث ، ولكن الغرض من التسبيب أن يعلم من له حق الرقابة على أحكام القضاء من خصوم وجمهور ومحكمة نقض ما هى مسوغات الحكم ، وهذا العلم لابد لحصوله في بيان مفصل ولو إلي قدر تطمئن معه النفس والعقل إلي أن القاضي ظاهر العذر في إيقاع حكمه على الوجه الذى ذهب إليه ).
( نقض 28 فبراير سنة 1929 مجموعة القواعد ج 1 رقم 183 ص 223 )
ولما كانت هذه الدفوع التى أبداها الطاعن أمام المحكمة تعد دفوعا جوهرية لان قبولها قد ينفى الجريمة عن الطاعن أو يعفيه من العقاب أو يخفف العقوبة المقضي بها . فكان لزاما على المحكمة أن ترد عليها احتراما لحقوق الدفاع و تطبيقا لالتزامها بتسبيب الأحكام وذلك برد صريح وجلي موضحة أسبابها برفض هذه الدفوع حيث أن الدفوع الجوهرية لا يكفى فيها الرد الضمني المستفاد من الحكم وإنما المحكمة ملزمة بأن ترد عليها ردآ صريحا في الحكم والإ شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع . وحيث أن المحكمة قد أكتفت فى حكمها ص20 بالقول أنه لم تر فى دفاع المتهم أو مستنداته ما ينال من يقينها الذى انتهت إليه دون أن ترد ردا مفصل على أسباب رفضها للدفاع والمستندات فان حكمها يكون معيب .
لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
السبب التاسع :الخطأ في تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد والتخاذل في الأسباب :
لما كانت من المبادئ القانونية المستقر عليها هو أن المتهم لا يعاقب إلا على أفعاله فقط ولا يسأل جنائيا عن أفعال غيره . وحيث أن دفاع الطاعن قد تمسك بالدفع بانقطاع صلة الطاعن بما تم نشره بالصفحات أرقام 4،5،6 من الجريدة لكونه محرر بواسطة قسم التحقيقات بالجريدة تحت عنوان ( ملفات ) أما هو فيكتب مقاله تحت عنوان ( موقفنا ) وبالتالي لا يحق مسائلة الطاعن عن المقالات الواردة بهذه الصفحات ولا يؤخذ بالعبارات الواردة فيه أية ألفاظ تمثل إدانة في حق الطاعن .
وذلك لان المادة 195 من قانون العقوبات المصري والتي كانت تنص على المسئولية المفترضة على رئيس التحرير عن كل ما ينشر داخل الجريدة تم الحكم بعدم دستوريتها بتاريخ 1/2/1997 وذلك في الدعوى رقم 59 لسنه 18ق دستورية وتم نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 7 ) بتاريخ 13/2/1997.
وحيث أن الحكم الطعين في أسباب حكمه أعتبر أن الطاعن هو الكاتب لجميع الصفحات بمقولة (بأن الصفحة الأولى للجريدة قد نشر فى واجهتها صورة للمدعى بالحق المدنى داخل مربع كبير قرينها عنوانين كبيرين " بكرى... المخابرات السورية .... نجيب ساويرس"و" كيف تاجر سماسرة القومية العربية بشعارات الشرف والأخلاق" ملف 4صفحاتمما يشير الى أن المتهم ربط جميع ما نشره كحزمة واحدة بعبارة" ملف 4 صفحات" فصارت مفردات هذا الملف موضوعا واحدا منسوبا لناشر واحد هو المتهم)
فان ذلك من المحكمة يعد فسادا فى الاستدلال ومخالفة للواقع حيث أن الملفات الصحفية تحرر من أكثر من صحفي وهذا المقصود بكلمة "ملف" فى الصحافة وهو تخصيص عدد من الصفحات ومساحة أكبر للموضوع أو الشخصية ويتم تحريره من أكثر من فرد
ولما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض أن تقدير الأدلة من اختصاص محكمة الموضوع وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها لها.
غير أن ذلك مشروط بان يدلل على صحة عقيدته فى أسباب حكمه بأدلة تؤدى إلى ما رتب عليها لا يشوبها خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل.
وقد قضت محكمة النقض
(ومن المقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة يجب أن تبنى على الجزم واليقين وعلى الواقع الذى يثبت بالدليل المعتبرة ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة).
(نقض 2 ديسمبر سنة 1983 س 24 رقم 228 ص 1112).
وقضت أيضا
(فإذا كان الدليل الذى ساقه الحكم وعول عليه فى إدانته للمتهم دليلاً ظنياً مبنياً على مجرد الاحتمال ، فإن الحكم يكون معيباً).
(17 مارس سنة 1958 س 9 رقم 81 ص 294).
حيث انه يشترط فى صحة الأسباب أن يكون التدليل واضح أي أن تكون الأسباب التى استند إليها القاضي فى حكمه كافية ليستقيم منطوق الحكم معها ولكي يكون التدليل واضحاً ينبغي أن يذكر بالحكم مؤدى الأدلة التى استند إليها دون غموض أو إبهام.
وقد قضت محكمة النقض :
(على وجوب بيان مؤدى الأدلة فى الحكم بياناً كافياً، فلا تكفى مجرد الإشارة العابرة إليها أو إيراده بطريقة الايجاز المخل).
(نقض 8 مارس 1979 مجموعة أحكام محكمة النقض س 30 رقم 65 ص 317).
وقضت أيضاً:
(بل يجب سرد مضمونه بطريقة وافية ، يبين منها مدى تأييده الوقائع كما اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقة مع باقي الأدلة التى أقرها الحكم ، والا كان ذلك قصوراً فيه).
(نقض 11 فبراير سنة 1973 س 24 رقم 38 ص 173)
(لما كان ذلك وكان الأصل أنه يجب على المحكمة الا ينبنى حكمها الا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها وأن يكون دليلها فيما انتهت تليه قائماً فى تلك الأوراق وإذا أقام الحكم قضاءه على ما لا أصل له فى التحقيقات فانه يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد ولا يغنى عن ذلك ما ذكره من أدلة أخرى).
(الطعن 46450 لسنة 59ق جلسة 8 يناير 1991).
ولا جدال فى سلطة المحكمة فى تقدير الواقعة ولكن ممارسة هذه السلطة لا يمكن أن يخرج عن العقل والمنطق ، وإلا أصبحت ضرباً من ضروب التحكم الذى يتنافى مع وظيفة القضاء وإذا كانت المحكمة حرة فى اقتناعها وغير ملزمة بيان علة اقتناعها ، فإنها مقيدة بأن يكون هذا الاقتناع وليد المنطق ، وأن تبين فى أسباب حكمها ما يشير إلى توافر هذا المنطق.
وقد قضت محكمة النقض
( قاعدة الشك يفسر لصالح المتهم تقتضى على القاضي تطبيقها كلما ثار لديه الشك فى الإدانة .....فإذا خالفها واعتبر الواقعة محل الشك ثابتة،وقضى بالإدانة كان حكمه باطلا . فالأحكام فى المواد الجنائية لاتبنى على الشك إنما على الجزم واليقين،لا على الظن والاحتمال.ذلك أن الشك لا يصلح لنفى أصل البراءة الذى يجب أن يبنى على دليل يقيني. فإذا كانت الأدلة التى ساقها القاضي فى حكمه قد انتهت إلى ترجيحه وقوع الجريمة من المتهم فان الحكم يكون خاطئا ومخالفا للقانون . فأي شك يتطرق إلى عقيدة المحكمة فى ثبوت التهمة . يجب أن تقضى بالبراءة مهما كان احتمال الثبوت ودرجته متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة )
( نقض 8 مايو سنة 1980 مجموعة أحكام محكمة النقض س 8 رقم 27 ص 352)
( 19 أبريل سنة 1984 س 35 رقم 98 ص 441 )
( أما إذا كانت المحكمة لم تنته من الأدلة التى ذكرتها إلى الجزم بوقوع الجريمة من المتهم ، بل رجحت وقوعها منه فحكمها بالإدانة يكون معيبا مما يستوجب نقضه )
(نقض15أبريل سنة 1946 ج 7رقم 139ص 124 )
( أن يدلل على صحة عقيدته فى أسباب حكمه بأدلة تؤدى إلى مارتبه عليها لا يشوبها خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل )
( نقض 2 أبريل سنة 1957 مجموعة أحكام محكمة النقض س 8 رقم 27 ص352)
(4يونية 1973 س 24 رقم147 ص 715)
(والعيب فى الاستدلال يجعل الحكم كأنه غير مسبب وهو من العيوب المبطلة للحكم )
( نقض 6 ديسمبر 1928 مجموعة القواعد القانونية ج1 رقم 38 ص 64 )
فأظهر ما يكون فساد الاستدلال عندما يجزم الحكم متسرعا بثبوت واقعة الدعوى مؤسسا هذا الجزم على دليل أو أكثر غير مباشر أو على قرينة من القرائن التى لا تؤدى إلى الجزم بالثبوت بحكم الضرورة ولا اللزوم العقلي ، بل يصح أن تحمل أكثر من محمل وتفسر على أكثر من وجه
( ويلاحظ من ناحية أخرى أن مراقبة محكمة النقض لاستدلال محكمة الموضوع وسلامة استنباطها للنتيجة ، ليس تدخلا فى الموضوع ، ولا ينطوي على أي توسع فى سلطة محكمة النقض. لأن صحة الاستدلال فى الحكم بحسب الأصل من صميم اختصاص قاضى الموضوع ، إلا إذا خرج تقديره فى ذلك من المألوف إلى الشاذ الذى يتجافى مع المنطق ، فيعتبر فسادا فى الاستدلال ، إذا كان الثابت فى الأوراق لا يؤدى إلى ما يكون قد انتهى إليه القاضي من كيفية تصوير الواقعة ، ومن ثم يعد مستوجبا نقض الحكم )
( نقض 2ديسمبر سنة 1958مجموعة أحكام محكمة النقض س 9 رقم 250ص 1033 )
(9مارس 1975س 26رقم49ص 220 )
وحيث أن المحكمة قد بنت هذه القناعة على استنتاج ظني وأنها لم تقم بدورها الذى الزمها به القانون من الفحص والتدقيق في الدعوى وهذا يؤدى إلى بطلان الحكم لمخالفته للقانون والخطأ في تطبيق والتخاذل في أسباب الحكم .
لهذه الأسباب فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد والتخاذل فى الأسباب .
السبب العاشر : القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع :
لما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض :
(أن تحرى الألفاظ للمعنى الذى استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين فى القانون (سباً أو قذفاً) هو من التكييف القانوني الذى يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التى تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذى يتأدى إليه الحكم فى مقدماته المسلمة وعلى ذلك استقر قضاء هذه المحكمة على أن لمحكمة النقض فى جرائم النشر تقدير مرامي العبارات التى يحاكم عليها الناشر لأنه وان عد ذلك فى الجرائم الأخرى تدخلاً فى الموضوع الا انه فى جرائم النشر وما شابهها يأتي تدخل محكمة النقض من ناحية أن لها بمقتضى القانون تعديل الخطأ فى التطبيق على الواقعة بحسب ما هي مبينة فى الحكم ، ومادامت العبارات المنشورة هى بعينها الواقعة الثابتة فى الحكم صح لمحكمة النقض فى تقدير علاقتها بالقانون من حيث توفر ما يستوجب التعويض من عدمه ، وذلك لا يكون الا بتبين مناحيها واستظهار مراميها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح).
(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).
(الطعن 2990 لسنة 64 ق جلسة 6/3/2003).
وقضت أيضا:
(إن كان المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ القذف هو بما يطمئن اليه قاضى الموضوع فى تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى ، الا أن حد ذلك ألا يخطئ فى تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم أو بمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها).
(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).
وبمطالعة ذلك فى الحكم المطعون فيه نجد أن المحكمة قد اجتزأت بعضاً من الألفاظ والعبارات التى وردت بمقالات المتهم التى تناول فيها بالنقد تصرفات المدعى بالحق المدنى وعزلتها عن السياق العام الذى وردت فيها واتخذت من حدتها وحدها دليلاً على توافر القصد الجنائي لدى المتهم وأركان الجريمة فى حقه. وبالتالى تكون المحكمة قد مسخت دلالة العبارات والألفاظ الواردة بالمقالات من سياقها حتى تستدل على معنى لم يدر بخلد الطاعن وصولاً الى القول بسوء نيته فيما كتبه مما يصيب حكمه بالقصور في التسبيب.
ذلك لأنه ينبغي على القاضي فى جرائم القذف والسب ألا يعتمد على عبارات تؤخذ على حده بل يجب تقدير المقالة ككل حيث أن المبالغة وحدها لا تجعل النقد غير نزيه خصوصاً إذا كان المجنى عليه من الشخصيات العامة التى تهم أعمالهم وتصرفاتهم الجمهور.
وينعى الطاعن على المحكمة فى هذا الخصوص أمرين.
الأمر الأول : أن قضاء محكمة النقض قد تواتر على أنه فى جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التى يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا احتوى المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير ، فللمحكمة فى هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما كانت له الغلبة فى نفس الناشر ).
(نقض 22/10/1993 مجموعة السنة 44 ص 863).
(نقض 2/11/1965 مجموعة السنة 11 ص 787).
الأمر الثانى: الذى ينعاه المتهم على المحكمة هو أنها قد خالفت ما أجمع عليه الفقه والقضاء من أن النقد الذى يوجه إلى أعمال وتصرفات السياسيين والشخصيات العامة (أي الذين يتصدون للخدمة العامة) ينبغي أن يواجه بقسط وافر من المرونة والتسامح الذى تطلبه المصلحة العامة.
وفى هذا المعنى يقول الأستاذ / محمد عبدالله فى كتابه جرائم النشر ص 314 : أن حق النقد حين يرد على موضوع قابل له يكون واسع الحدود فالنقد يبقى نقداً ويظل على براءته ولو كان خاطئا ولو حصل بعنف وحدة وينبغي ألا يعتمد القاضي على عبارات تؤخذ على حده، بل يجب نقد المقالة ككل ، فإذا كان بها انحراف عن الصدق كان النقد غير نزيهاً أما إذا لم يوجد هذا الانحراف أو كان ضئيلاً وفى حدود ميزان المناقشة النزيهة واختلاف النظر كان النقد مباحا )ً.
وقد قرر المستشار عدلي خليل فى كتابه القذف والسب ص161
( أما بالنسبة للأشخاص الذين يدخلون مجال السياسة بأي صفة وعلى اختلاف مواقعهم ، فان الاعتبار السياسي للشخص مباح للبحث والتعليق والمناقشة والتقييم وإبداء أوجه الرأى دون أن يعتبر المساس به إساءة الى اعتباره ومكانته ، لأن هذا الاعتبار وان كان حقا لصاحبه الا أن طبيعة النظام الديمقراطى بما يستوجبه من حق المناقشة العامة وحق المعارضة ورقابة الرأى العام على السياسيين فى مختلف المواقع وأيا كانت صفاتهم، كل ذلك يجعل من المستحيل حماية الاعتبار السياسى بجزاء جنائى، إذ لو فرضت مثل هذه الحماية الجنائية لتعطل جوهر الديمقراطية الذى يقتضى مداومة البحث والمراجعة و المناقشة والتقييم لكل من يدخل مجال السياسة ويتصدى للعمل السياسى )
- وقضت محكمة النقض فى 13/4/1948 بأنه :
(لاينغى ألا تؤخذ العبارات الشديدة التى تستخدم فى المساجلات الحزبية بين الخصوم السياسيين بمعانيها اللفظية ، وأنه ينبغي فى تفسير المقالات التى تنطوي عليها أن تؤخذ جملة ، لا أن تفسر كل عبارة على حده).
ومن ذلك يتضح أن الحكم قد أخطأ بقيامه باجتزاء العبارات التى بنت المحكمة عقيدتها بالإدانة عليها من السياق العام للموضوع محل النقد ولم تلتفت الى المستندات التى قدمها دفاع الطاعن والتي تؤكد وتدلل على صحة الوقائع التى كان يعلق عليها الطاعن أو تصرفت المجنى عليه أو الاعتبار السياسى له وأهميتة الموضوعات التى كان يناقشها الطاعن واكتفت بقسوة العبارات التى اجتزأتها من السياق العام للمقال كدليل لثبوت التهمة فى حق الطاعن كل ذلك يصيب الحكم بالبطلان للقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
السبب الحادي عشر : الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب :
ولما كان دفاع الطاعن قد دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 العمرانية المحكوم فيها بجلسة 10/2/2009 الدائرة 14 جنايات الجيزة وذلك لكون جميع الأعداد التى صدرت من جريدة الموجز واشتملت على نقد للمدعى بالحق المدنى كانت جميعها في إطار حمله صحفية واحدة هدفها كشف حقيقة المدعى بالحق المدنى للقراء ونقد تصرفاته وآراؤه وبالتالى تعتبر الحملة بجميع أعدادها بما فيها العدد محل هذا الطعن تعتبر مشروعا واحدا ذا أفعال متعددة وهو النشر في أعداد مختلفة وبالتالى فإن الحكم في أحدهما يحول دون محاكمتة مرة ثانية عن أى عدد من باقى أعداد هذه الحملة وحيث أنه تم الحكم في الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 جنح العمرانية عن أحد أعداد هذه الحملة وهو العدد الصادر من جريدة الموجز بتاريخ 22/1/2008 وكان هذا الحكم فيها صادرا بتاريخ 10/2/2009 وبالتالى يمتنع محاكمة الطاعن عن أي عدد من باقى أعداد الحملة التى صدرت قبل تاريخ صدور هذا الحكم ومنها العدد الصادر بتاريخ 27/11/2007 محل هذا الطعن .
ولما كان من المستقر عليه قضاءا وفقها أن الجريمة المستمرة والجريمة متتابعة الأفعال تنفيذها ليس فوريا بل هو حاله تمتد فترة من الزمن بسبب تداخل إرادة الجاني ، ففي هذه الجرائم يبدأ تمام الجريمة مع تحقق الاعتداء على مصلحة قانونية ، ولكنه يمتد ويتراخى بلا انقطاع فترة من الزمن بسبب سلوك الجاني نفسه ويشترط شرطان الأول : أن الحالة غير المشروعة ، الضارة أو الخطرة الناجمة عن سلوك الجاني تتصف بالدوام والاستمرار ، والثاني: أن حالة الاستمرار ترجع إلى تداخل إدارة الجاني للإبقاء عليها .
وقد قضت محكمة النقض :
( الجريمة المستمرة هى جريمة واحدة لذا فإن الحكم الصادر فيها يشمل كل حالة الاستمرار السابقة على الحكم ، حتى ما لم يكن قد اكتشف من هذه الحالة قبل صدور الحكم ) .
(نقض 16 أبريل 1945 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 553 ص 697 )
وقضت أيضا :
(أن محاكمة المتهم في الجريمة المتتابعة عن فعل واحد يحول دون محاكمته مرة أخرى عن ذات الجريمة ، لأن الأفعال المتعددة في الجريمة المتتابعة تتداخل في وصفها القانونى فالحكم بغير ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون )
(نقض 7 مارس سنه 1996 الطعن رقم 25614 لسنه 63ق )
إلا أن الحكم الطعين ص14 رفض هذا الدفع تحت مقولة (أن العددين مختلفين وأن الوقائع المنشورة فى العدد الصادر بتاريخ 22/1/2008 مغايرة عن الوقائع المنشورة فى العدد الصادر بتاريخ 27/11/2007) .
وهذا من المحكمة يعد خطا في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وخطأ في فهم وقائع الدعوى ذلك حيث أن الطاعن قد أوضح أن جميع الأعداد صدرت لهدف واحد هو نقد تصرفات المدعى بالحق المدنى وكشف حقيقة أفعاله وتصرفاته للقراء وبالتالى فان جميع هذه الأعداد تعد نشاطا واحدا وهذا ما لم تفهمه المحكمة من أسباب الدفع ووضح ذلك فى أسباب ردها عليه مما يعد خطأ منها فى تحصيل الواقعة .
لذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب .
السبب الثانى عشر : القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع :
حيث أن دفاع الطاعن قد دفع بانعدام نصوص المواد محل الاتهام لتعارضها مع نص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذى صادقت عليه مصر بموجب القرار الجمهوري رقم 536 لسنه 1981 وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 وبالتالى أصبح بنص المادة 151 من الدستور المصري تشريعا وطنيا تلتزم المحاكم الوطنية بتطبيقه وبالتالى فإن نص هذه المادة والمتعلق بحرية الرأى والتعبير عنه ينسخ المواد محل الاتهام مما كان يستوجب القضاء ببراءة الطاعن لكون المواد محل الاتهام قد نسخت بنص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . - ذلك أن الدستور نص فى المادة 151 على (رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان ويكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة...).
ومن ذلك يتضح أن الدستور أعطى للمعاهدة الدولية التى تصادق عليها جمهورية مصر العربية وتقوم بنشرها فى الجريدة الرسمية ذات قوة القوانين الداخلية ويتم تطبيقها أمام القضاء باعتبارها نصوصاً قانونية داخلية واجبة التطبيق .
ولما كان دفاع الطاعن قد أثار دفعاً بانعدام نصوص المواد محل الاتهام لمخالفتها لنص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
وهذا العهد قد صادقت عليه مصر بموجب القرار الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 وتم نشره فى الجريدة الرسمية بالعدد الصادر منها بتاريخ 15/4/1982م.
وقد قدم مذكرة شارحة لهذا الدفع وأثبت فيها رقم القرار وتاريخ النشر بالجريدة الرسمية الا أن المحكمة رفضت هذا الدفع تحت زعم (أنه القول بانعدام تلك النصوص يكون من قبيل التخرصات الفارغة من أى مضمون) واستندت فى رفضها للدفع على نصوص مواد من الدستور ليس لها علاقة بموضوع الدفع أو بحرية الصحافة وبذلك يكون الحكم قد أخطأ فى الرد على هذا الدفع ويعد ذلك رداً غير مستساغ مما يعيب الحكم بعيب القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
السبب الثالث عشر : القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لالتفات المحكمة عن بحث احد الدفوع الجوهرية والرد عليها
حيث أن وكيل الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بتوافر أركان وشروط النقد المباح في المقالات وان ما قام بالتعليق عليه والعبارات التي صدرت منه كانت وصفا وتعليقا لوقائع حقيقية حدثت بالفعل وكانت معلومة ولها أهمية لدى الجمهور وبصفة خاصة محاولة المدعى بالحق المدنى إثارة الفتنة الطائفية فى إحدى مقالاته والتحريض ضد رجل أعمال قبطي وذلك باتهامه بأنه يسخر من الحجاب بهدف الانتقام منه لأنه قام بقطع الإعلانات عن جريدته وقدم الطاعن ما يفيد ذلك بمستندات رسمية أستخرجها بناء على تصريح من المحكمة وكذلك أيضا علاقته بدولة سوريا وتردده عليها ومقالاته وحوارا ته مع رأس النظام السوري ودفاعه عن هذا النظام بشكل يثير الريبة وكذلك القضية التى أتهم فيها بالتخابر ضد مصر وأنه طلب وأخذ عطايا من دولة أجنبية لارتكاب عمل يضر بمصلحة مصر الا أن المحكمة التفتت عن تحقيق هذا الدفاع آو فحص المستندات المقدمة منه وتقييمها فى ضوء ما تم نشره وتقييم العبارات المستخدمة مع الوقائع محل هذه المستندات ومدى تناسبها وهذا منها يعد إخلالا بحق الدفاع وقصورا في التسبيب يصيب الحكم بالبطلان مما يستوجب نقضه.
وقد قرر فى ذلك المستشار / يحيى الرفاعى ( أن دور القاضي فى الجريمة الصحفية يختلف عن دوره فى باقى الجرائم حيث أنه فى معظم الجرائم دوره ينحصر فى التحقق من نسبة الجرم الى المتهم ، فإذا توافرت لديه أدلة ثبوت الجريمة ، وقع العقاب وهو قرير العين طيب النفس ، لأنه أدى خدمة جليلة الى المجتمع.أما فى الجرائم الصحفية فلا تكون مهمة القاضي نسبة الفعل الى الفاعل ، إنما مهمته الحقيقية حسب ما علمتنا أحكام النقض أن يحل نفسه محل الصحفي المتهم الذى بسط سريرته على الملأ فيتفحص القاضي شخصيته ويتصور نفسه محاطا بظروف هذا الصحفي ، وما يمكنه أن يدركه من الواقعة المنشورة فى خدمة إدراكه و انتماءاته السياسية والحزبية وموقف المسئول من الخبر المنشور ، وهل كذبه أو نفاه أم أعرض وأستجلى ، فإذا ألم بذلك وأنتفي لديه حسن نية الصحفي أنتقل القاضي الى تقدير العقوبة ليختار بين أدنى العقوبة وأقصاها، وما أوسع المدى بين الاثنين ليفرق بين قاذف لتصفية حسابات شخصية يعلم الحقيقة ويقول عكسها وبين متجاوز لحدود النقد المباح يستهدف مصلحة عامة )
( المستشار / يحيى الرفاعى _ مذكرة الطعن بالنقض فى الجنحتين 1073،4200 مستأنف وسط القاهرة _ تاريخ الإيداع 13/4/1998 )
وقد قضت محكمة النقض
( أن كان الحكم قد أدان المتهم على أساس أنه قصد العيب فى الذات الملكية ، ثم قال ما مفاده أن المتهم _ حين أرتجل فى الخطبة المقول بتضمنها العيب _ كان فى حالة انفعال وثورة نفسانية فجمح لسانه وذل بيانه و انزلق الى العبارة التى تضمنت العيب ، فانه يكون قد أخطأ ، لأنه إذا صح أن عبارة العيب قد صدرت من المتهم فى الظروف والملابسات التى ذكرها الحكم ، فان القول بأنه قصد أن يعيب ، يكون غير سائغ وكان من الواجب على المحكمة فى هذه الدعوى حين رأت الإدانة ، أن تبين على مقتضى أى دليل أسست الحكم )
( جلسة 7/12/1942 الطعن 2248 لسنة 22 ق مجموعة الربع قرن ص 732 ) ولما كان الدفاع الطاعن قد قد عدد 19 حافظة مستندات طويت على مستندات تؤكد صحة جميع الوقائع التى تم نشرها سواء فى مقال الطاعن ص3 أو فى الموضوعات المحررة ص4،5،6 المحررة بواسطة قسم التحقيقات بالجريدة فكان لزاما على المحكمة بحث هذه المستندات الا أنها لم تقم بذلك واستندت فى الإدانة الى أن العبارات شائنة يتحقق بها القصد الجنائي وكذلك ردها ص 20 من الحكم أنها لم تر فى دفاع المتهم ومستنداته المقدمة ما ينال من يقينها الذى انتهت إليه ولم توضح هذه الأسباب التى دعتها الى ذلك يكون هذا الرد منها غير سائغ ومجتزأ وبصفة خاصة أن بعض هذه المستندات كانت قد صرحت باستخراجها الأمر الذى يعيب الحكم بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع
وقد قضت محكمة النقض
( وكان يبين م الحكم المطعون فيه. انه التفت عن دفاع الطاعنين من ان العبارات الواردة في البيان محل الدعوى قد اشتملت على وصف وقد حدثت من المدعي بالحقوق المدنية وهي بهذه المثابة نقد مباح , وليس قذفاً , وهو دفاع جوهري لم يعن الحكم ببحثه وتمحيصه من هذه الناحية على ضوء ما قدمه الطاعنون من مستندات, واغفل أيضا بيان مضمونها استظهاراً بمدي تأييدها لدفاعهم , وحتى يتضح وجه استخلاصه أن عبارات البيان محل الاتهام لا تدخل في نطاق النقد المباح فان الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة)
(نقض 17/1/1972 إحكام النقض س 23 رقم 23 ص 86)
وحيث أن المحكمة لم تقم بفحص المستندات والدفع وتقيمه فحواهما فى نفى التهمة أوتخفيف العقوبة فذلك يكون اخلالا بحق الدفاع وقصورا فى التسبيب
. لذلك فان الطاعن ينعى علي الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
السبب الرابع عشر : الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب :
لما كان من ضمانات الالتزام بالتسبيب إنه لا يتحقق إلا بالبيان الكافي والمنطقي للأسباب التى تكون منها اقتناع قاضى الموضوع في الواقع وفي القانون ، فإن ذلك يفرض عليه بأن يبين الأسباب الواقعية والأسباب القانونية وأسباب الرد على الطلبات الهامة الدفوع الجوهرية التى أثيرت أمامه – وذلك حتى يمكن للخصوم ولمحكمة النقض رقابة مدى كفاية ومنطقية هذه الأسباب لان تؤدى إلى الحكم الذى أنتهي إليه لذلك فإنه يجب على قاضى الموضوع أن يرد على كافة الطلبات المقدمة إليه في الدعوى فإذا اغفل الرد عليها يعد ذلك إخلالا بحق الدفاع لانه يترتب عليه نقص في أسباب الحكم مما يؤدى إلى بطلان هذا الحكم وقد قضت محكمة النقض .
(إذا إتضح من الوراق أن الدفاع طلب أصليا البراءة ومن باب الاحتياط التأجيل لسماع شهوده فإن إبداء الطلب في هذه الصورة يجعله بمثابة طلب جازم عند الاتجاه إلى القضاء بغير البراءة ، فإذا كانت المحكمة قد دانت الطاعن دون آن تجيبه إلى ما طلب ، ولم تناقش هذا الطلب او ترد عليه ، فإن حكمها يكون معيبا بالإخلال بحق الدفاع وبالقصور في البيان مما يتعين نقضه ) .
(نقض 26/1/1960 مجموعة أحكام النقض السنة 11ق 21 ص110)
ولما كان دفاع الطاعن قد تمسك بجلسة 23/4/2008 بطلب التصريح له باستخراج نسخة معتمدة من التليفزيون المصري من برنامج أتكلم والذى تم إذاعته على القناة الأولى فى شهر يناير 2008 وكان الغرض من هذا الطلب هو أثبات صحة الوقائع التى أسندها الطاعن للمدعى بالحق المدنى وذلك طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات وذلك للاستفادة من الإباحة المنصوص عليها في هذه الفقرة .
وقد وافقت المحكمة بهيئة مغايرة على هذا الطلب بعد أن قدرت جديته ولكن المسئولين بالتليفزيون المصري رفضوا تنفيذ قرار المحكمة فقام الطاعن بتوجيه انذر رسمي على يد محضر يطالبهم فيه بتنفيذ قرار المحكمة
وبعد ذلك نظرت الدعوى الهيئة التى أصدرت الحكم المطعون فيه وقدرت أيضا جدية هذا الطلب فقررت بجلسة 20 /10/2008 تأجيل الدعوى لجلسة 23/ 12/2008 لتنفيذ القرار السابق المتعلق بالنسخة المطلوبة من البرنامج المنوه عنه بمحضر الجلسة مع تغريم كل من رئيس التلفزيون المصرى ورئيس القناة الأولى بصفتهما مبلغ مائة جنيه لعدم تنفيذه رغم اعلانهما
الا أن المحكمة بالجلسة التالية التفتت عن هذا الطلب على الرغم من تمسك دفاع الطاعن بهذا الطلب بكل جلسات المحاكمة مما يعد منها اخلالا بحق الدفاع
وقد قضت محكمة النقض
(من المقرر أنه متى قدرت المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له فانه لا يجوز لها أن تعدل عنه الا لسبب يبرر هذا العدول ، وإذ كانت المحكمة على الرغم من تأجيلها نظر الدعوى كطلب الدفاع لضم قضية مدنية – ممل يبين منه أنها قدرت جدية هذا الطلب فقد نظرت الدعوى وأصدرت حكمها فيها دون اجابة الدفاع لطلبه ، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يبرر عدول المحكمة عن هذا الطلب ، فان الحكم المطعون فيه يكون قد أخل بحق دفاع الطاعن )
( الطعن رقم 1475 لسنة 42 جلسة 11/2/ 1973 )
كما أن دفاع الطاعن بجلسة 18/3/2009 طعن بالتزوير على التوقيع المنسوب صدوره للمدعى بالحق المدنى على أصل صحيفة الادعاء المباشر( بغرض اعتبار أن هذا التوقيع بمثابة شكوى منه ) وقد سألت المحكمة وكيله فقرر أن التوقيع خاص بالدفاع أى أقر بعدم صحة توقيع المجنى علية على الصحيفة الا أن المحكمة لم تتخذ الإجراء المناسب وهذا يعد منها اخلالا بحق الدفاع .
إلا أن الحكم الطعين ألتفت عن جميع هذه الطلبات ولم يرد عليها مما يعد ذلك إخلالا بحق الدفاع . وقصورا في التسبيب مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه وذلك لأنه من متطلبات المحاكمة القانونية المنصفة هو احترام حق الدفاع , ولضمان هذا الاحترام يجب على المحكمة آن ترد على كافة الطلبات التى يتقدم بها المتهم .وذلك لكون الالتزام بالتسبيب لا يتحقق الوفاء به ، لمجرد بيان قاضى الموضوع لمضمون اقتناعه الموضوعي وذلك في الأسباب الواقعية التى يسطرها للحكم الذى انتهى إليه , وإنما يلتزم أيضا ببيان اسبب رده على طلبات الخصوم الهامة ودفوعهم الجوهرية وذلك لان هذه الطلبات و الدفوع هى وسيلة المتهم في أن يدرأ الاتهام المنسوب إليه وعن طريقها يتمكن من الرد على أدلة الإدانة ويفندها لإثبات برائته أو اثبات توافر سبب من أسباب الإباحة وهذا يتفق مع مبدأ الأصل في المتهم البراءة ، ولذلك فإن المساس بهذا الأصل لابد وان يتحقق وفق أدلة كافية وسائغة ومشروعه بحيث تصلح لان تؤدى إلى عكس هذا الأصل لذلك فإن الرد على الطلبات والدفوع يتصل بقاعدة أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على اليقين ، فإذا كان الأصل في الإنسان البراءة , وهذا يقين ، فإنه لا يزول إلا بيقين مثله .
ولما كانت الطلبات والدفوع هى منازعة من المتهم في الاتهام المنسوب إليه لذلك فإن المحكمة تلتزم بإبدائها وبيان أسباب الرد عليها , فإذا جاءت هذه الأسباب والتفتت عن الرد عليها يكون حكمها معيب للاخلال بحق الدفاع أما إذا جاء الرد عليها غير كافي وغير سائغ فإن الحكم يكون منسوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال .
وقضت محكمة النقض في ذلك .
(تلتزم المحكمة إذا ما رفضت الطلب آو الدفع المقدم إليها والذى توافرت شروط قبوله ان تبين العله الموجبة لرفضه , بحيث لو أغفلت هذا البيان ولم تشر إلى الطلب في حكمها تكون قد أخلت بحق الدفاع بما يبطل الحكم )
(نقض 5/6/1933 المجموعة الرسمية السنة 3ق ص1981)
ومن ذلك يكون الحكم الطعين بعدم إجابة الطاعن لهذه الطلبات وكذلك عدم الرد عليها في أسباب الحكم يكون قد جاء مشوبا بعيب الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه .
السبب الخامس عشر : الخطأ فى تطبيق القانون والفساد في الاستدلال :
لما كان الخطأ فى تطبيق القانون يتحقق بإعمال قاعدة قانونية لا تنطبق على الواقعة بسبب الخطأ فى التكييف القانوني . وحيث أن الحكم الطعين قد أنتهي الى إدانة الطاعن بموجب نص المادة 308 عقوبات ( وهى التى تنص على عقوبة الحبس )تحت مقولة أن ما ذكره الطاعن بالعناوين ص3 من مقاله بلفظ ( العملاء والقوادون يغسلون تاريخهم على حساب البلد ) بما توخى للقارىء بأنه قد وصف المدعى بالحق المدنى بأنه من (العملاء والقوادين) وانتهى الى إدانة الطاعن بموجب هذه الماد ة يكزن قد أخطأ فى تطبيق القانون وذلك لكون المقصود بالطعن فى الأعراض هو إسناد واقعة الى شخص تنم على انحراف سلوكه الجنسي وقد أستقر القضاء و الفقه على تعريف العرض بأنه هو طهارة السلوك الجنسى، فكل واقعة تمس هذه لطهارة وتعنى انحراف فى هذا السلوك تعد طعنا فى الأعراض.
وبتطبيق ذلك على المقال المحرر من المتهم بالصفحة الثالثة منجد أنه لم ينسب الى المدعى بالحق المدنى أية وقائع تفيد أنه يفرط فى عرضه أو شرفه أو يسلك مسلكا يخرج عن طهارة السلوك الجنسى و بالتالى لا مجال لتطبيق المادة 308 على هذا المقال
أما لفظ القوادون فهو قد ورد بالعنوان ولم يكن خاص بالمدعى بالحق المدنى ولكن كان خاص بأشخاص أخرين تم ذكرهم بهذا المقال والذى يجزم بذلك هو أن ما أشتمله المقال عن وقائع خاصة به لم يرد بها مايفيد أية اتهامات له بأنه قواد .
أما ما أستند إليه الحكم فى قناعته بأن المدعى بالحق المدنى هو المقصود بهذه الألفاظ الى استنتاج يؤكد إصرار المحكمة على تلمس الإدانة للطاعن ضاربة عرض الحائط بمبدأ أصل البراءة الذى ينبنى عليه أن الشك يفسر لصالح المتهم حيث ذكرت ص19 من الحكم ( لأن تحرير العبارة بهذا الشكل وما لحقها من عبارات أخرى صريحة تقذف المجنى عليه تلقى فى الأذهان عقيدة ولو وقتية بان هو المقصود، ومن ثم حق أخذ المتهم بنص تلك المادة ) ومن ذلك يتضح مدى تربص المحكمة بالطاعن ومحاولة تصيد الإدانة له باستنتاج يغلب عليه التعسف بما يخالف أصل البراءة الذى لا يزول الا بيقين فى الإدانة لا باستنتاج يغلب عليه التعسف والخطأ وهذا يوصم الحكم بالفساد فى الاستدلال .
- ولما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض أن تقدير الأدلة من اختصاص محكمة الموضوع وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها لها.
- غير أن ذلك مشروط بان يدلل على صحة عقيدته فى أسباب حكمه بأدلة تؤدى إلى ما رتب عليها لا يشوبها خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل.
وقد قضت محكمة النقض
(ومن المقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة يجب أن تبنى على الجزم واليقين وعلى الواقع الذى يثبت بالدليل المعتبرة ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة).
(نقض 2 ديسمبر سنة 1983 س 24 رقم 228 ص 1112).
وقد قضت أيضا
(فإذا كان الدليل الذى ساقه الحكم وعول عليه فى إدانته للمتهم دليلاً ظنياً مبنياً على مجرد الاحتمال ، فإن الحكم يكون معيباً).
(17 مارس سنة 1958 س 9 رقم 81 ص 294).
لهذه الأسباب فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد.
السبب السادس عشر: انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح
وذلك حيث أن الطاعن قد تم القبض عليه وتنفيذ هذا الحكم يوم 7/7/2009 وبتاريخ 11/7/2009 قام المدعى بالحق المدنى بإثبات تنازله عن الدعوى الجنائية والمدنية فى هذه القضية وقد أثبت ذلك أمام سيادة المستشار النائب العام وبناء على ذلك صدر قرار من النائب العام بوقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فى النقض.
ولما كانت المادة العاشرة من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على أن التنازل عن الشكوى يتم فى أى وقت لحين صدور حكم نهائى فى الدعوى وقد أستقر القضاء والفقه على تعريف المقصود بالحكم النهائى هو الحكم البات أى أنه الذى ينهى الخصومة فى الدعوى الجنائية ( المستشار / عدلى خليل ص 223 ) ولما كان الحكم الطعين لم يصبح باتا نظرا للطعن عليه بالنقض لذلك يكون لهذا التنازل أثر فى هذه الدعوى مما يترتب عليه أن تتصدى محكمة النقض لهذا التنازل وتقضى بانقضاء الدعوى بالتصالح.
لـــذلك
يلتمس الطاعن القضاء
اولاً:- قبول الطعن شكلاً .
ثانيا:- وفى الموضوع : بنقض الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى محكمة جنايات القاهرة مرة ثانية لنظرها أمام دائرة أخرى.
وكيل الطاعن
المحامى
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق