بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

05 يوليو 2010

الإنترنت كوسيلة لاستغلال المصنفات


وحقوق المؤلف





مقدمة

الإنترنت أو "شبكة الاتصالات الدولية: هي شبكة أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية في الستينيات من

القرن الماضي لخدمة عمليات التأهب السريع للقوات المسلحة الأميركية في حال نشوب حرب نووية أو أي

هجوم يهدد أمنها (بهاء شاهين: شبكة الإنترنت، مراجعة مجدي محمد أبو العطا، ص 10 الطبعة الثانية

1996 ) ويقصد بمصطلح الشبكات اللغة التي تسمح لأجهزة الحاسبات المتواجدة على الشبكة بأن تتصل

ببعضها وتتحدث إلى بعضها، والمقصود بالتحدث هو تبادل البيانات والمعلومات والملفات والإشارات فيما

بينها. وفي بداية الثمانينيات من القرن الماضي استخدمت الشبكات الموجودة المتصلة بروتوكول الاتصال

وبهذا أصبحت الشبكة "أبرنت" هي العمود الفقري للاتصال بين المواقع، وعند التحول إلى ،Tcp/ip

البروتوكول، وعلى وجه التحديد في سنة 1983 ، ولدت الشبكة الدولية الإنترنت. (أيمن العشري: المرجع في

.( 8، القاهرة، مكتبة الفيروز 1998 - أساسيات وأسرار الشبكة الدولية إنترنت ص 6

"وفي منتصف عام 1993 خرج من معطف الإنترنت أجنحة للوسائط المتعددة وهي عبارة عن

مجموعة من مستلزمات البرمجة أو البرامج الخاصة ووسيلة لتجميع الوثائق معا مما يتيح لمستخدمي هذه

الوسائط التجول عبر الشبكة كما يتيح لهم أن يشاهدوا كل ما فيها بالصوت والصورة والفيديو. وهكذا لم تعد

الإنترنت مج  رد وسيلة لإرسال البريد الإلكتروني واستقباله ونقل البيانات عبر الشبكة وأن يشاهدوا كل ما فيها

بالصوت والصورة والفيديو. وهكذا لم تعد الإنترنت مجرد وسيلة لإرسال واستقبال البريد الإلكتروني ونقل

البيانات عبر الشبكة بل أصبحت مكانا يع  ج بالناس والأفكار تستطيع زيارته والتجول في جنباته وهو ما

وهذه الشبكة أضافت بعدا جديدا وهو التفاعل وليس مجرد بث .(cyberspace) يسمى بالواقع الافتراضي

.( معلومات" (بهاء شاهين: المرجع السابق، ص 14

وهي إحدى الخدمات المتاحة على ،world wide web " "وتجدر الإشارة إلى ما يسمى "بخدمة ويب

شبكة الإنترنت والتي تتيح لأي شخص أو لأي جهة الاطلاع على معلومات تخص جهات أخرى أو أشخاص

آخرين قاموا بوضعها على هذه الخدمة إتاحتها للآخرين. وتحتوي هذه الصفحات على كلمات معينة يمكن

بواسطتها الدخول إلى صفحات أخرى وكل صفحة أو موقع على هذه الشبكة له عنوان خاص يتم الدخول

2

على هذا الموقع بواسطته. وتسمى شبكة النسيج العالمي أو الشبكة العنكبوتية (أيمن العشري: المرجع السابق/

،(hypertext) ص 71 ). وتقوم فكرة الشبكة العنكبوتية على أسلوب تكنولوجي يعلق عليه النص المحوري

وهذا النص يقوم بتنظيم البيانات مما يساعد على استعادة هذا النوع من المعلومات (في تفصيل الجانب الفني

لهذا الموضوع بهاء شاهين: المرجع السابق، ص 128 وما بعدها).

وهذا التطور التكنولوجي الضخم في مجال المعلوماتية، شأنه شأن أي تطور علمي في أي مجال من

المجالات يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا التقدم يجب أن تحكمه ضوابط قانونية. فمن جهة يجب أن يتاح

المجال للتقدم العلمي لتحقيق تطور الإنسانية، ومن جهة أخرى فإن التقدم العلمي يكون لمصلحة الإنسانية

وليس على حسابها، أي يجب أن يحترم حقوق الإنسان التي تعتبر حجر الزاوية في تقدم الإنسان وازدهاره.

والإنترنت وما يرتبط به من مسائل قانونية أصبح يمثل فصلا متميزا من فصول القانون المعاصر.

فتبدأ بعقود الاشتراك في الإنترنت وأنواعها وعقد إنشاء موقع، وعقود التجارة الإلكترونية أي ما يمكن

تسميته بالتنظيم القانوني للتعامل مع الإنترنت وعن طريق الإنترنت. أما الشق الثاني فهو حماية الحقوق في

مواجهة الإنترنت، وفي مقدمة ذلك حماية الحياة الخاصة، وحماية حقوق المؤلف في مجال الإنترنت.

والواقع أن خطورة الإنترنت على حق المؤلف تتأتى عادة من أن إدخال المعلومة على الشبكة يكون

عن طريق ترقيمها وتفاعلها، وهنا قد يحدث تحويرا أو تعديلا في المصنف. فالتحول إلى شكل المعلومة

الرقمية لا يخلو في حد ذاته من مخاطر بالنسبة لحق المؤلف. كما أن التساؤل يثور حول حماية المصنف

الرقمي في حد ذاته وقاعدة البيانات، فهل تعتبر من قبيل المصنفات المشمولة بالحماية.

وقد يذهب غير المتخصص في القانون إلى أن وجود الإنترنت يستوجب استصدار قانون لحماية حق

المؤلف إذ تعجز القوانين السابقة عن مواجهة الوضع الذي ترتب على وجود الإنترنت.

فهل يوجد فراغ قانوني بصدد حماية حق المؤلف في مجال الإنترنت، أم هل لا يوجد نظام قانوني

يحكم تلك القرية الكونية المعلوماتية، هذا ما سنتناوله بالدراسة في ورقة البحث هذه.

إن تنظيم حق المؤلف بصفة عامة يقوم على التوفيق بين مصلحة المؤلف الذي ينبغي أن يحصل على

المقابل المادي المجزي لإنتاجه الذهني وذلك لتشجيع وإثراء الإنتاج الأدبي والثقافي، ومصلحة مستخدمي

المصنفات الذين لا يجب أن يتحملوا أعباء كبيرة للحصول على المعلومات.

ويبرز التساؤل عما إذا كانت الإنترنت تغير من معطيات المشكلة أم تبقي عليها. فالإنترنت تسهل إلى

حد كبير النسخ والنشر غير المأذون به، وهذا يدعو إلى القول بضرورة التشدد في حماية المؤلف، فكلما

ازداد الخطر كلما دعت الحاجة إلى تدعيم الحماية. ولكن مقابل ذلك فإن الإنترنت تساعد على الانتشار

الضخم للمصنف عبر كافة أنحاء العالم، والذي لم يكن يحلم به أي مؤلف، ألا يستوجب ذلك في المقابل تقييد

حقوق المؤلف لمصلحة مستخدمي المصنف.

وندرس في مبحث أول شروط الحماية، وفي مبحث ثاني أحكام الحماية أو الحقوق التي يقررها

القانون لمؤلف المصنف الرقمي.

3

المبحث الأول

شروط الحماية

تتطلب حماية أي مصنف أن يكون مشمولا بالحماية، وأن يكون مبتكرا، ومؤلف هذا المصنف هو

الذي يتمتع بالحماية. فهل تتوافر هذه الشروط وكيف تتوافر بالنسبة للمصنفات عبر الإنترنت.

المطلب الأول: امتداد الحماية القانونية لحق المؤلف إلى المصنفات الرقمية

تنص المادة الرابعة من معاهدة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) والمعتمدة في سنة 1996 على

أنه "تتمتع برامج الحاسوب بالحماية باعتبارها مصنفات أدبية في معنى المادة الثانية من اتفاقية برن. وتطبق

تلك الحماية على برامج الحاسوب أيا كانت طريقة التعبير عنها أو شكلها. وتنص المادة الخامسة على أنه

تتمتع مجموعات البيانات أو المواد الأخرى بالحماية بصفتها هذه أيا كان شكلها إذا كانت تعتبر ابتكارات

فكرية بسبب اختيار محتوياتها أو ترتيبها.

ونصت المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1992 الصادر في مصر على انه تشمل الحماية

المنصوص عليها في قانون حق المؤلف "مصنفات الحاسب الآلي من برامج وقواعد بيانات وما يماثلها من

مصنفات تحدد بقرار من وزير الثقافة". ولقد عرف قرار وزير الثقافة رقم 82 لسنة 1993 "برنامج الحاسب

أنه مجموعة تعليمات معبر عنها بأي لغة أو رمز ومتخذة أي شكل من الأشكال يمكن استخدامها بطريق

مباشرة أو غير مباشر في حاسب لأداء وظيفة أو الوصول إلى نتيجة سواء كانت هذه التعليمات في شكلها

الأصلي أو في أي شكل آخر تتحول إليه بواسطة الحاسب". وينص القرار على أن المقصود بقاعدة البيانات

أي تجميع متميز للبيانات يتوافر فيه عنصر الابتكار أو الترتيب أي مجهود شخصي يستحق الحماية وبأي لغة

أو رمز وبأي شكل من الأشكال يكون مخزنا بواسطة حاسب يمكن استرجاعه بواسطته أيضا."

وهكذا فإن المصنفات المبتكرة يحميها القانون أيا كان الشكل الذي اتخذته وأيا كانت وسيلة توصيلها

للغير حتى ولو كانت رقمية، فهي جميعا تدخل في إطار مصنفات الحاسب الآلي. وتمتد الحماية إليها

باعتبارها من المصنفات الأدبية.

ويقصد به إمكانية تمثيل Multi-média وفيما يتعلق بالمصنفات التي تتمثل في وسائط متعددة

المعلومات باستخدام أكثر من نوع من الوسائط مثل الصوت والصورة. ويتميز هذا المصنف بمزج عدة

عناصر، نص، صورة، صوت وتفاعلها معها عن طريق برنامج من برامج الحاسب، ويمكن تسويقها تجاريا

أو يتم توزيعها عن طريق خط الاتصال على شبكة الإنترنت. فإن .CD-ROM عن طريق دعامة مادية مثل

تلك المصنفات تحميها القواعد العامة في حماية المصنفات الأدبية دون حاجة لأن نخوض في تحديد مدى

4

اعتبارها من برامج الحاسب أو من قواعد البيانات (هيو: أي ثقافة في العالم الافتراضي، أي حقوق ذهنية

لهذا الافتراض الثقافي. مقالة باللغة الفرنسية منشورة في العالم الافتراضي، أي حقوق ذهنية لهذا الافتراض

الثقافي. مقالة باللغة الفرنسية منشورة في دالوز 1998 ص 185 خصوصا ص 187 ) والواقع أن هذا

المصنف بتميز بتدخل برنامج من برامج الحاسب ليسمح بالتفاعل بين وسائل التعبير المتعددة، كما يتميز

بوجود تعبير سمعي بصري، وهي تستحق الحماية باعتبارها مصنفا من المصنفات التي يحميها القانون طالما

قد توافر لها عنصر الابتكار.

ويذهب بعض الفقه إلى أن المصنفات الرقمية التي تقدمها الإنترنت تقترب كثيرا من قواعد البيانات

التي يحميها القانون بنص صريح ومباشر.

ويلاحظ أن العبرة في الحماية هي أن يكون المصنف قد أفرغ في صورة مادية يبرز فيها إلى الوجود

، وأن يكون معدا للنشر، لا أن يكون مجرد فكرة يعوزها الإطار الذي تتجسم فيه (السنهوري: الوسيط، ج 8

ص 891 ، فقرة 170 ) ولا أهمية للشكل أو التعبيرات الذي تتخذه، وهو ما أكدت عليه الاتفاقيات الدولية

والتشريعات الوطنية.

المطلب الثاني: ضرورة أن يكون المصنف مبتكرا

يشترط لحماية المصنف أيا كان شكله أن يكون مبتكرا بحيث يستبين أن المؤلف قد خلع عليه شيئا من

شخصيته. ويكفي أن يضفي المؤلف شخصيته على فكرة ولو كانت قديمة وأن تتميز بطابعه حتى يكون هناك

ابتكار يحميه القانون، والحكم في كون المصنف مبتكرا أو غير مبتكر يرجع لتقدير القضاء.

أما في مجال الإنترنت فإن الابتكار قد يتوافر بالنسبة للصفحات التي تظهر على الشاشة وذلك بالنسبة

لتصميمها أو ما يوجد بها من رسومات أو ما يصاحبها من موسيقى وذلك بقصد جذب انتباه مستخدم

الإنترنت (جنشار، هاريشو، تودنيه: الإنترنت للقانون ص 19 ، باريس 1999 ، منشور لدى مون كريستان).

ونكتفي الآن بالقول أن عنصر الابتكار بتوافر بالنسبة للمقالات الصحفية. وتضفي صفة الابتكار على

الرسائل الصحفية التي ترد على الإنترنت وتحمل تحقيقات إخبارية.

ويكفي أن يتوافر المصنف المبتكر ليتمتع المؤلف بالحماية دون أن ترتبط الحماية بالإبداع. ومع هذا

فإنه من المفيد الإشارة إلى أن قرار وزير الثقافة المصري رقم 82 لسنة 1993 يلزم بإيداع مصنفات

الحاسب في المكان الذي يخصصه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء.

أما فيما يتعلق بقاعدة البيانات فإن التوجيهات الصادرة من الاتحاد الأوروبي في 11 مارس/ آذار

1996 ، والقانون الفرنسي الصادر في أول يوليو/ تموز 1998 قد وفرت حماية تتجاوز القواعد العامة التي

تشترط الابتكار.

5

فطبقا للقواعد العامة في حق المؤلف والتي رددتها اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية

2 تتمتع بالحماية البيانات المجمعة أو المواد الأخرى سواء أكانت في شكل / الفكرية (تريبس) في المادة 10

مقروءة آليا أو أي شكل آخر، إذا كانت تشكل خلقا فكريا نتيجة انتقاء أو ترتيب محتوياتها.

فلا بدا أن يتوافر الابتكار أو الخلق الفكري، وهو ما يأخذ به المش  رع المصري من مج  رد اعتبار

برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات مصنفات أدبية تخضع حمايتها لكافة الشروط اللازمة لحماية المصنفات

الأدبية وفي مقدمتها شرط الابتكار.

وطابع الابتكار يستمد إما من طبيعة البيانات وإما من طريقة تنظيمها وإخراجها وتجميعها. ولكن

محتوى البيانات في حد ذاته لا يعتبر عملا مبتكرا متى اقتصر على مجرد نصوص أو أرقام.ولا يتوافر

الابتكار إلا إذا كانت قاعدة البيانات تحمل بصمات شخصية واضعها. فالحماية لا تكون للتجميع في حد ذاته

وإنما للجهد في البناء والتنسيق للبيانات.

فقد قضى بأن الابتكار الذي يتعلق بقاعدة بيانات على الإنترنت يقتضي توافر جهد جاد من البحث،

والاختيار، والتحليل والذي عندما يقارن بمجرد التوثيق تظهر أهمية الجهد المبتكر للعمل (محكمة نانت

.( 1998 مشار إليه في مؤلف جينشار وآخرين، ص 192 /1/ التجارية 27

والواقع أنه طبقا للقواعد العامة فإن القضاء المصري يتوسع في معنى الابتكار فيكتفي بأن يكون عمل

واضعه حديثا في نوعه ويتميز بطابع شخصي خاص. وأنه يعتبر من قبيل الابتكار في الترتيب والتنسيق أو

بأي مجهود آخر يتسم بالطابع الشخصي فقد اعتبر أن فهرسة إحدى كتب الأحاديث النبوية من قبيل العمل

.( المبتكر (نقض مدني في 7 يوليو/ تموز 1964 ، مجموعة النقض المدني سنة 1964 ، ص 920

وبهذا فإن معنى الابتكار في مجال قاعدة البيانات لا يخرج كثيرا عن القواعد العامة.

أما الاتحاد الأوروبي والقانون الفرنسي فقد أضافا حماية خاصة على قاعدة البيانات حتى ولو لم يتوافر

فيها عنصر الابتكار في بعض الحالات وذلك بقصد توفير حماية أفضل لحقوق المؤلف. فأعطت حقا ذا

طبيعة خاصة لمنتج قواعد البيانات في مواجهة أي إعادة استعمال أو نقل كل أو جزء جوهري من محتوى

قاعدة البيانات، ويقد  ر الجزء ك  ما وكيًفا وحدد النقل بأنه كل نقل دائم أو مؤقت لقاعدة البيانات على دعامة بأي

وسيلة أو تحت أي شكل. ويقصد بإعادة الاستعمال أي "شكل من وضع كل أو جزء جوهري من محتوى

القاعدة عن طريق توزيع نسخ أو الإيجار أو النقل عن طريق خط تحت أي شكل. وهذا الحق مدته خمسة

عشر عاما.فهذا الاتجاه يستهدف حماية الاستثمارات المالية والمادية والبشرية الضخمة التي بذلت لتكوين أو

تقديم قاعدة البيانات. فالعبرة في الحماية الخاصة المتمثلة في هذا الحق الجديد بالجهد المالي والبشري

والمادي الذي أنفق في إعداد قاعدة البيانات.

6

المطلب الثالث: تحديد المؤلف الذي يتمتع بالحماية

لا محل لإعادة توضيح القواعد العامة وإنما يكتفى بالإشارة إلى المشكلات التي ثارت في مجال

الإنترنت لنرى كيف تطبق أو تتلاءم القواعد العامة مع المستجدات الحديثة.

ولقد ثار البحث عن مدى مشروعية نشر المقالات الصحفية التي يحررها الصحفي للجريدة التي يعمل

بها، على شبكة الإنترنت دون إذن الصحفي، ويكمن جوهر المشكلة في تحديد المؤلف.

لا توجد صعوبة في أن تكون الكتابات الصحفية من المصنفات الأدبية المبتكرة ومن ثم تتمتع بالحماية

القانونية. فالصحفي هو المؤلف ويتمتع بالحماية بتلك الصفة.

ولكن ما ينشر في الصحف يعتبر عادة مصنفا جماعيا ويعرف المصّنف الجماعي بأنه المصّنف الذي

يشترك في وضعه جماعة بتوجيه شخصي طبيعي أو معنوي يتكفل بنشره تحت إدارته وباسمه ويندمج عمل

المشتركين فيه في الهدف العام الذي قصد إليه هذا الشخص بحيث لا يمكن فصل عمل كل من المشتركين

وتمييزه على حدة. ويعتبر الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي وجه ابتكار المصنف ونظمه مؤلفا يكون له

وحده حق مباشرة حقوق المؤلف. ففي العمل الصحفي يشترك أكثر من شخص في تحرير الصحيفة، واختيار

المقالات وتنسيقها للنشر ويقوم به رئيس التحرير ولا يوجد أي تنسيق بين محرري المقالات أنفسهم (كولمبيه:

.( الملكية الأدبية والفنية والقوانين المجاورة فقرة 120 ص 170 مجموعة مختصرات دالوز باريس 1999

ومع هذا يرى الفقه أن فكرة العمل المشترك تلعب دورها بالنسبة لكاتبي المقالات الذين سمحوا بتقديم

مقالاتهم دون أن يأخذوا في اعتبارهم التنسيق العام لمجموع المصنف الجماعي. فالعمل الجماعي ينصرف

إلى مجموع الصحيفة، وهذا الحق لا يتعارض أو يمكن تنسيقه مع حقوق من أسهم بعمل منفرد محدد وواضح

10044 ، العدد رقم -2- وفي حدود عقد النشر (ديرييه، تعليق في الأسبوع القانوني "الطبعة العامة"، 1998

12 الصادر في 15 مارس/ آذار 1998 ). وقد يبدو ذلك معقولا إذا ما كان المقال ممهورا باسم مؤلفه وقد

يقدم بصفة دورية.

والعلاقة بين الصحيفة والكاتب قد تكون إما علاقة عمل، أو اتفاق على تقديم مقالات بمقابل دون وجود

علاقة عمل.

وفي حالة غياب اتفاق صريح وكتابي ينظم هذه المسألة يجعل التصرف في الحق المالي شاملا إعادة

النشر في أية جهة أخرى، فإنه لا بد من البحث عن حل المسألة من خلال نصوص قانون حق المؤلف.

طبقا للمادة 14 من قانون حق المؤلف المصري لا يجوز للصحف أو النشرات الدورية أن تنقل

المقالات الأدبية التي تنشر في الصحف والدوريات الأخرى دون موافقة مؤلفيها، فهذه المادة تحفظ الحق

7

الأدبي للمؤلف، وبناء عليه لا بد من الحصول على موافقة الصحفي على ترقيم مقالاته وبوضعها على موقع

من مواقع الإنترنت.

المبحث الثاني

الحقوق التي يكفلها القانون للمؤلف في مجال الإنترنت

يكفل القانون للمؤلف، ما يسمى بالحق الأدبي في المقام الأول، ثم الحق المالي للمؤلف، وندرس وضع

هذه الحقوق في مجال الإنترنت من حيث مدى المخاطر التي تتعرض لها وكيفية حمايتها.

المطلب الأول: الحق الأدبي للمؤلف في مواجهة الإنترنت

يتمتع المؤلف بما يسمى بالحق الأدبي ونرى مظاهر هذا الحق ووضعه في مجال الإنترنت.

1. الحق الأول الذي يدخل في إطار الحق الأدبي للمؤلف هو الحق في تقرير نشر المصنف. ولا يتأثر

هذا الحق بالوسيلة التي يتم بها التعبير. ولهذا فإنه من حيث المبدأ فإن المؤلف يستقل بتقرير النشر

عن طريق شبكة الإنترنت، ولا يجوز النشر دون موافقته.

ولكن حق تقرير النشر يثير عدة صعوبات في مجال الإنترنت.

فإذا صدر قرار من الجهة المختصة بمنع نشر مصنف صدر في صورة كتاب، فإنه يمكن أن يوضع

على شبكة الإنترنت دون معرفة المؤلف وهذا النشر يعتبر نشرا مخالفا لحق المؤلف بصرف النظر أيضا عن

مخالفته للحكم القضائي بحظر النشر، لأنه لا بد من أن تتوافر لدى المؤلف إرادة نشر أو توصيل المصنف

إلى الجمهور.

ولا يعتبر نشر إرسال المصنف عن طريق البريد الإلكتروني إلى شخص واحد، أما إذا اتسعت دائرة

المرسل إليهم فإن إرادة النشر قد تتوافر ولا يؤثر في تقرير النشر أن يكون الاطلاع على المصنف مرتبطا

بشفرة معينة، فوجود الشفرة أو عدمه لا يؤثر في قرار النشر ذاته وإنما العبرة في نية توصيله للجمهور،

حتى لو خضع ذلك لقيود.

وفيما يتعلق بمشكلة مدى استنفاد حق النشر، ويقصد بها ما إذا كان النشر بطريقة معينة يؤدي إلى

استنفاد حق المؤلف في النشر بمعنى أن النشر بطريقة أخرى هل يحتاج إلى موافقة جديدة أم إن حقه قد

استنفد واستعمله عندما قبل بالنشر بطريقة معينة سابقا.

فإذا نشر المصنف في صورة عرض مسرحي، فهل يجب الحصول على موافقة أخرى للنشر في

صورة كتاب.

8

يذهب الرأي الراجح إلى ضرورة الحصول على موافقة المؤلف بالنسبة لكل صورة أو وسيلة لنشر

المصنف أي يجب أن يتجدد الرضاء لكل صورة، وفي هذا الإطار فإن النشر عن طريق شبكة الإنترنت يجب

أن يتم بموافقة المؤلف حتى لو كان قد تم نشر المصنف قبل ذلك بعدة طرق.

ومع هذا يرى اتجاه معارض في الفقه، وتظهر أهميته بعد ظهور النشر عن طريق الإنترنت أن

تقرير النشر واقعة مادية تستنفد بعد تمامها مرة واحدة. ولقد أعطت الإنترنت دفعة قوية لهذا الاتجاه. فنظرا

للطابع العالمي للنشر عن طريق الإنترنت فإن هذا النشر يستغرق كل صور النشر الأخرى بحيث يكون من

غير المقبول العودة لطلب الموافقة على النشر في صورة أخرى هي بالضرورة محدودة إذا ما قورنت

بالإنترنت. وهذا كله بطبيعة الحال دون إخلال بحقوق المؤلف المالية، دون المساس كذلك باحترام المصنف.

2. فيما يتعلق بحق المؤلف في سحب المصّنف وتعديله، فطبقا للقواعد العامة يكون من حق المؤلف أن

يسحب المصنف وأن يدخل عليه تعديلات وذلك شريطة أن يعوض الناشر مقدما عن ذلك. ومن حيث

المبدأ فإن النشر عن طريق الإنترنت لا يمس هذا الحق. بل إن إدخال التعديلات يكون أكثر سهولة

في حالة النشر عن الطريق الرقمي كما تكون نفقات التعديل أقل بكثير عن تلك التي تكلفها التعديلات

في الوسائل الأخرى. ولكن من الناحية الواقعية فإن النشر عن طريق الإنترنت يكاد يقضي على

الحق في السحب أو التعديل. فبعد أن تم النشر عبر العالم فأي سحب أو تعديل قد يتحقق، وبعبارة

أخرى يفوت الأوان لذلك.

3. ومن الحقوق الأدبية حقه في نسبة المصنف إليه، فيجب أن ينسب المصنف إلى مؤلفه وحده كما

ينبغي عدم تجهيله من مؤلفه، ويجب عدم نسبة المصنف لغير مؤلفه، أما في مجال الإنترنت والمجال

CD-ROM الرقمي فإن خطرا يهدد هذا الحق من حيث ضخامة ما يمكن أن يخزن حتى لو في اسطوانة

مما يؤدي أحيانا إلى وضع المصنف تحت تصرف الجمهور خاليا من اسم مؤلفه.

ومع هذا فإن إمعان النظر في السبل الفنية التي يمكن أن تستخدم في الإنترنت قد يؤدي إلى تدعيم حق

المؤلف في نسبة المؤلف إليه. فهناك فن التشفير، كما أنه يمكن أن يكون هناك التوقيع الرقمي الذي يفصح

عن شخص المؤلف. فيجب أن يصطحب النشر ببطاقة إلكترونية للتعريف بالمؤلف ووقت ومكان ترقيمه،

وعادة ما يستهدف الناشر أو المستثمر حماية مصالحه المالية ولكن المؤلف يستفيد في نفس الوقت في حماية

حقه الأدبي.

ولقد حرصت المادة 12 من معاهدة وايبو بشأن حق المؤلف على حماية هذه الوسيلة للتعريف

بالمؤلف. فتنص هذه المادة تحت عنوان "الالتزامات المتعلقة بالمعلومات اللازمة لنظام أو إدارة الحقوق" أن

على "الأطراف المتعاقدة أن تنص في قوانينها على جزاءات مناسبة وفعالة توقع على أي شخص يباشر عن

علم أيا من الأعمال التالية أو لديه أسباب كافية ليعلم، بالنسبة للجزاءات المدنية، أن تلك الأعمال تحمل على

9

ارتكاب تعدّ على أي حق من الحقوق التي تشملها هذه المعاهدة أو اتفاقية برن، وأوضحت الفقرة الثانية أنه

يقصد بالمعلومات الضرورية لإدارة الحقوق، تلك المعلومات التي تسمح بتعريف المصنف ومؤلف المصنف

ومالك أي حق في المصنف وأي أرقام أو شفرات ترمز إلى تلك المعلومات متى كان أي عنصر من تلك

المعلومات مقترنا بنسخة عن المصنف أو ظاهرا لدى نقل المصنف إلى الجمهور. فهذه المادة تحمي أساسا

حق المؤلف في نسبة المصنف إليه وذلك بمحاربة وسائل إخفاء أو حذف أي معلومات تكون واردة في شكل

إلكتروني تكون ضرورية لإدارة الحقوق. وهذا كله يحمي الوسائل المختلفة التي يمكن أن توضع لحماية حق

المؤلف وهو ما لا يتأتى أحيانا عن طريق النشر التقليدي عن طريق الورق.

4. يتمتع المؤلف كذلك بالحق في احترام مصنفه، بأن يحضر تعديل المصنف دون موافقة المؤلف، أو

كل استخدام من شأنه أن يمس روح المصنف ومجرد الترقيم لنشر المصنف عبر الإنترنت قد لا يقدم

صورة أمينة عن المصنف الأصلي، فالترقيم يحتاج إلى قدر من المعالجة الفنية والترتيب والتعديل

التي قد لا تسمح بالحفاظ على سلامة المصنف وبالصورة التي يريدها المؤلف. فالترقيم ينطوي على

قدر من التدخل والتصرف لا يوجد عادة في الطباعة على سبيل المثال.

ويتمثل الخطر الأساسي الذي قد يتعرض له المصنف في مجال الإنترنت مما يسمى بالتفاعل

وهو من أبرز خصائص الترقيم مثل إضافة صوت أو صورة أو شكل معين لإخراج (l'interactivité)

المصنف على الإنترنت. وقد يتعارض ذلك مع احترام المصنف. كما أن المزج والتفاعل بين مصنف أدبي

وفني لمؤلفين مختلفين يثير مشكلة ملكية المصنف الناتج عن هذا التفاعل.

وقد يقع المساس من ربط المصنف بصفحة تحتوي على كلمات أو رسوم قد تتعارض مع وقار

المصنف ومؤلفه، وضع المؤلف في إطار سياسي أو دعائي يتعارض مع فكر المؤلف.

ولكن من جهة أخرى فإن النشر عن طريق الإنترنت يتميز بالدقة مما يبرز أهم وأدق ما في المصنف

مما قد لا تصل إليه وسائل النشر الأخرى، وهذا من شأنه أن يدعم سلامة المصنف واحترامه.

وبالنسبة لمخاطر النشر عن طريق الإنترنت فإن الحفاظ على سلامة المصنف يكون باتخاذ إجراءات

فنية على غرار ما أوضحناه بشأن التوقيع الرقمي وبطاقة التعريف، بالإضافة إلى الشروط العقدية التي تكفل

احترام المصنف.

المطلب الثاني: حماية الحق المالي للمؤلف في مجال الإنترنت

الحقوق المالية للمؤلف أو حق الاستغلال المالي للمصنف يقصد بها أن للمؤلف وحده الحق في

استغلال مصنفه ماليا بأية طريقة من طرق الاستغلال، ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابي

سابق منه أو ممن يخلفه ويتضمن حق الاستغلال المالي نقل المصنف إلى الجمهور مباشرة بأية صورة، وهو

10

ما يسمى الأداء العلني، ونقل المصنف إلى الجمهور بطريقة غير مباشرة بنسخ صور منه تكون في متناول

الجمهور، ويرد في التشريعات المختلفة عدة استثناءات على ذلك.

الفرع الأول: حماية حق المؤلف في نشر المصنف، وفي أدائه علنيا

يثار التساؤل عما إذا كان الاعتداء على حق المؤلف يمكن أن يتحقق عن طريق الأداء العلني أي النقل

أم يتحقق فقط من خلال النشر représentation المباشر للجمهور أو حق التمثيل وهو وما يسمى بالفرنسية

.reproduction

فطبقا للقواعد العامة في حماية الحق المالي للمؤلف لا يجوز نقل المصنف إلى الجمهور مباشرة إلا

بإذن المؤلف، كما لا يجوز نشر المصنف إلا بموافقته كذلك.

ونقل المصنف إلى الجمهور مباشرة قد يتم عن طريق التلاوة العلنية، أو التوقيع الموسيقي، أو التمثيل

المسرحي أو العرض العلني أو الإذاعة أو التلفزيون، أو عن طريق نقل الإذاعة بواسطة مكبر الصوت أو

بواسطة لوحة للتليفزيون بعد وضعها في مكان عام. فالنقل المباشر يكون إما عن طريق الشخص مباشرة

كالصوت وهو ما يسمى بالتوصيل المباشر حيث يتصل علم الجمهور بالمصنف وقت تنفيذه. وإما أن يتم من

خلال الآلة، فظهور الوسائل الفنية الحديثة للبث أدى إلى تضخم أو توسع النقل ومن هنا ظهر التوصيل غير

المباشر حيث يكون هناك فاصلا زمنيا بين تنفيذ المصنف ونقله إلى الجمهور، مثل بث فيلم أو مسرحية

مسجلة، أي لا يكون الإرسال على الهواء.

فالأداء العلني قد يكون عن طريق النقل أو التوصيل المباشر أو التوصيل غير المباشر.

أما النشر أو النسخ فهو يكون بنقل المصنف إلى الجمهور عن طريق النشر أو النسخ وليس الأداء

العلني ذاته مباشرة أو غير مباشرة. فالنسخ هو طبع الكتاب أو طبع الفيلم على أشرطة مسجلة دون إذاعتها

أو توصيلها إلى الجمهور، وإنما النسخ فقط هي التي توضع تحت تصرف الجمهور، ولا تنص التشريعات إلا

على بعض صور النشر أو النسخ أي على سبيل المثال بحيث يكون المجال مفتوحا لكافة مستجدات العلم.

ويجب الحصول على إذن المؤلف ليس على النشر فقط وإنما على صورة النشر. والموافقة على النشر

عن طريق صورة لا يمتد إلى صورة أخرى. فلا بد من الحصول على موافقة النشر عن طريق صورة

أخرى.

فالإذن بنشر المصنف في صورة كتاب لا يمتد إلى الإذن بترقيم المصنف بل لا بد من إذن خاص

26 أكتوبر 1996 ص - بذلك (بتليه لونيسكي: حماية حقوق المؤلف في مجال الإنترنت جازيت دي باليه 25

57 ). فالحق الأدبي للمؤلف يشمل حقه في تعيين طريقة هذا النشر.

11

ولما كان يحدث فعلا نقل المصنفات المختلفة مباشرة على شاشة الحاسب الآلي عن طريق الإنترنت،

كما تنقل الحوادث المختلفة. فالآن تملك معظم محطات الإذاعة والتليفزيون مواقع على الإنترنت تنقل

بواسطتها ما يقع من حوادث ووقائع، فإن مؤدى ذلك أن الاعتداء على حق المؤلف قد يتحقق عن طريق

الإنترنت ما لم يتم الحصول على إذن المؤلف. فالإنترنت لا تختلف في ذلك على الأداء بواسطة التليفزيون.

إن الاعتداء على حق المؤلف من خلال الإنترنت قد يكون إما عن طريق الأداء العلني، أو النشر دون

إذن المؤلف. ولا يجوز الأداء العلني كليا أو جزئيا للمصنف المبتكر عن طريق الإنترنت إلا بموافقة المؤلف

.(222840- (محكمة باريس التجارية 3 مارس 1997 ، الأسبوع القانوني 2

وإذا كان النشر قد يتم عن طريق الطباعة أو الصب أو غير ذلك فإن الترقيم يعتبر وسيلة من وسائل

النشر. ولقد نصت معاهدة الوايبو المعتمدة في يونيو/ حزيران 1996 تحت عنوان البيانات المتفق عليها بشأن

4 "ينطبق حق النسخ انطباقا كاملا على المحيط الرقمي ولا سيما على الانتفاع بالمصنفات في شكل / المادة 1

رقمي. ومن المفهوم أن خزن مصنف رقمي الشكل في وسيط إلكتروني يعتبر نسخا بمعنى المادة 9 من

اتفاقية برن". وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء المقارن (باريس الابتدائية 5 مايو/ أيار 1997 الأسبوع

22906 )، محكمة باريس الابتدائية 4 أغسطس/ آب سنة 1996 ، دالوز 1996 ص -11- القانوني 1997

4940 ، تعليق جويته).

ومع هذا فإنه في بادئ الأمر ثارت الاعتراضات على إمكانية أن يقع الاعتداء على حق المؤلف عن

طريق الأداء والنشر. وقد قام الاعتراض على أساس اعتبارات فنية تتعلق بعمل الإنترنت وما يمكن أن

يترتب على ذلك من آثار قانونية.

فهناك فارق هام بين تقنية البث عن طريق التليفزيون أو الإذاعة، والبث عن طريق الإنترنت، وهل

تعتبر الإنترنت من وسائل التوصيل. فالبث التليفزيوني أو الإذاعي يقوم على عمليتي الإرسال والاستقبال.

فعلمية الإرسال تكون ذات طابع إيجابي أن الجهة التي تتولى البث تقوم بالإرسال، أيا كانت وسيلته الفنية، في

اتجاه المستقبلين. والمتلقي أو المستقبل على جهاز الاستقبال يتلقى الإرسال في نفس لحظة الإرسال.

أما في مجال الإنترنت فلا يتم الإرسال عن طريق جهاز إرسال يوجه إلى أجهزة الاستقبال. فمن يقوم

على شبكة الإنترنت يقوم بمجرد تخزين المعلومة ولا يقوم بعمل إرسال إيجابي تجاه web بفتح صفحة

المستخدمين. فمستخدم الإنترنت يدخل إلى الشبكة عن طريق الأجهزة التي توجد لديه وتمكنه من البحث عن

ثم يقوم بتحميلها على جهاز الحاسب الآلي الخاص به. web المعلومة التي يريدها على صفحة ال

web فجهة الإرسال التلفزيوني تقوم بدور إيجابي بالإرسال تجاه المستخدمين، أما منشئ صفحة ال

فهو لا يقوم بدور سلبي تجاه المستخدمين. والمستخدم هو الذي يتخذ دورا إيجابيا لأن المبادرة بالنقل تكون

من جانب المستخدم. وهل يترتب على ذلك الفارق التقني آثارا قانونية؟

12

عدم توافر البث قد أثار الاعتقاد بأن ذلك يعني أنه لا توجد فكرة التوصيل للجمهور في مجال

الإنترنت ومن ثم لا تثار مسألة النسخ أو الأداء العلني.

ولقد انتقد ذلك على أساس أن النشر متوافر من الإيجاب الموجه إلى الجمهور بالدخول إلى الموقع،

فالتوزيع يتوافر من خلال ذلك العرض وسهولة الدخول إلى الموقع.

فليست العبرة بتواجد الجمهور في نفس الزمان والمكان، ولكن العبرة باحتمال وجود الجمهور. ففي

ظل الأداء العلني التقليدي، فإنه يتوافر حتى لو كانت صالة المسرح خالية من الرواد لأن العبرة بالجمهور

المحتمل.

والعبرة كذلك بأن يوضع المصنف تحت تصرف الجمهور وليس بموقف الجمهور.

ولقد نصت المادة الثامنة من معاهدة وايبو على أن يتمتع مؤلفو المصنفات الأدبية والفنية بالحق

الاستشاري في التصريح بنقل مصنفاتهم إلى الجمهور بأية طريقة سلكية أو لا سلكية بما في ذلك إتاحة

مصنفاتهم للجمهور بما يمكن أفرادا من الجمهور من الاطلاع على تلك المصنفات من مكان وفي وقت

يختارهما الواحد منهم بنفسه".

وهكذا فإن التوصيل المباشر للجمهور يشمل وضع المصنف تحت تصرف الجمهور بحيث يطلع عليه

في المكان والزمان الذي يختاره المستخدم بطريقة فردية بحتة.

ولهذا فإن من الجزاءات التي توقع على الشركة الناشرة لتلك المواقع هو حظر التوزيع، ونشر في

الموقع وعلى العنوان الإلكتروني ما يفيد ما وقع من اعتداء والتوقف عن النشر (محكمة باريس التجارية 3

22840 تعليق أوليفيه دياربي). - مارس 1997 ، الأسبوع القانوني 2

وهذا الفارق التقني يثير تساؤلا حول تحديد المعتدي على حق المؤلف، هل من قام باتخاذ موقع له

على الإنترنت أم من استخدم الإنترنت ودخل على الموقع. وهنا يبدو أثر الفارق التقني بين الإنترنت والبث

التليفزيوني. فعادة ما يدعي من اتخذ له موقعا على الإنترنت أنه لم يبث أو ينشر أي مصنف ومن ثم لم يقم

بعمل إيجابي، وإنما المستخدم هو الذي قام بدور إيجابي إذ بحث ودخل إلى الموقع وقام بأعمال النسخ،

فالموقع في حد ذاته لم يبث شيئا ولم يقم بأي عمل إيجابي.

ولكن يرد على ذلك بأن من اتخذ الموقع وإن لم يبث مباشرة إلا أنه يعلن في الواقع عن موقعه ويدعو

الناس للدخول إليه عن طريق ما يضعه من إعلانات وبيانات في دليل الشبكة أو نشر رقمه الإلكتروني، وهو

في ذلك لا يختلف عند استماعه للموسيقى مع الآخرين الذين يدخلون إلى الموقع عمن يستمعون إلى حفلة

موسيقية. بل ولا يجب إغفال أن ما يوجد على الموقع قابل للانتشار والعرض عبر العالم بأكمله في ثوان

معدودة.

13

ومما تجدر الإشارة إليه هو أن ضبط الاعتداء على حق المؤلف يتم بسهولة من جانب رجال الضبطية

القضائية. فالفرض أن الاعتداء عن طريق نشر مصنفات رقمية على موقع من مواقع شبك الإنترنت دون إذن

صاحبها. ولهذا ما على رجل الضبطية القضائية إلا الدخول على هذا الموقع في الإنترنت من مكتبه مباشرة

دون حاجة للانتقال إلى أي مكان. وإن لم يكن يعرف الموقع بدقة عليه البدء بالبحث في الدليل الخاص

بمحتويات الشبكة واتباع الخطوات اللازمة للتوصل إلى الموقع المقصود (جوتيه تعليق دالوز 1996 ص

493 ) ويتم ذلك كله من خلال مكالمة تليفونية وحيث تكون هناك التوصيلات اللازمة للدخول على الشبكة.

ولكن هل يعتبر الدخول على الموقع مساسا بالحياة الخاصة وحرمة المسكن مما يستوجب الحصول

على إذن النيابة أو قاضي التحقيق، فهل يعتبر الموقع من قبيل الموطن غير المادي أو الفعلي لصاحب الموقع

على شبكة الإنترنت؟ وهل يجب أن يحصل رجل الضبطية القضائية على إذن بالدخول على قاعدة المعلومات

المخزنة على الموقع؟ وبعبارة أخرى هل يعتبر الدليل مشروعا، فالدليل لا يعتد به إلا إذا تم الحصول عليه

بطريق مشروع.

الواقع أن الجانب الفني لاتخاذ موقع على شبكة الإنترنت والدخول عليه يجعل من الصعب الأخذ بفكرة

الموطن غير المادي للموقع. فالمسكن يفترض إمكان إغلاقه في مواجهة الغير، وأن الغير لا يمكن دخوله إلا

بإذن أو باقتحام الأسوار وكسر الأبواب، فهل هذا يتحقق بالنسبة إلى الإنترنت.

من المعروف أن فتح موقع على الشبكة أمر مي  سر يمكن لكل شخص القيام به بإجراءات مبسطة لا

تزيد على مجرد الاتصال بمكتب متخصص في تقديم الخدمة ليقوم بدور الوسيط بين طالب الموقع والشبكة،

فيكفي مجرد توافر الرغبة في توصيل المعلومات التي جمعها الشخص وقام بترقيمها. والخطوات المختلفة

التي تتخذ للدخول على الموقع لا تنطوي على اقتحام بل هي في الواقع مجرد فتح أبواب غير مشفرة،

فالمسألة مجرد التعرف على الأبواب حيث يجدها مفتوحة أمامه. ففي حالة عدم وجود كلمة سر للدخول على

الموقع أو عدم وجود شفرة فنية فإننا نكون في الواقع أمام دعوة من صاحب الموقع لأشخاص غير محددين

بالدخول إلى موقعه ودون أدنى تمييز ولهذا يصعب القول بأن مثل هذا الموقع يعتبر موطنا أو مسكنا غير

مادي لصاحبه (جوتيه، المرجع السابق).

وبناء على ما سبق كله فإن الترقيم يعتبر وسيلة من وسائل النسخ أو النشر شأنه شأن الكتابة وغيرها،

يعتبر أداء علنيا لهذا المصنف، web وكذلك فإن وضع المصنف على شبكة الإنترنت عن طريق موقع

والنشر والأداء يستلزمان الحصول على إذن المؤلف بالنشر والأداء العلني.

ولكن يلاحظ أحيانا أن المؤلف يلجأ إلى وضع المصنف تحت تصرف الجمهور من خلال الإنترنت

وهو بهذا ينزل عن حقه المالي مقابل ما يحصل عليه أدبيا من انتشار مصنفه عبر العالم. ،Freeware

14

ويجب ملاحظة أن ترقيم المصنف والاطلاع عليه من خلال الإنترنت يثير التساؤل حول التمييز بين

النشر أو النسخ من جهة والأداء العلني من جهة أخرى فمستخدم الإنترنت يحصل على المصنف منشورا

ويطلع عليه في الوقت نفسه. وهنا يختلف المصنف المرقم عن المصنف المكتوب. فالكتاب يطبع ومن ثم

يتحقق النشر، أما الاطلاع من قبل الجمهور، فهو يتحقق في لحظة لاحقة عند الاطلاع على الكتاب وكذلك

الفيلم السينمائي يطبع في لحظة ويعرض في لحظة تالية. ولهذا يرى بعض الفقه أن الإنترنت تستوجب إعادة

النظر في التفرقة بين حقي النشر والأداء العلني. وتبدو أهمية ذلك في مدى أعمال الاستثناءات التي قد ترد

على حق ولا ترد على الآخر (هيو المقالة السابقة، ص 187 ) وهذا ما سندرسه فيما يلي:

الفرع الثاني: مدى امتداد الاستثناءات على حق المؤلف إلى مجال الإنترنت

إذا كانت القواعد العامة تحظر النشر أو النسخ دون إذن المؤلف، وحيث أن خزن المصنف بواسطة

يعتبر نشرا أو نسخا، فإن التساؤل يبرز حول مدى إمكان إعمال الاستثناءات (CD-ROM) وسيط إلكتروني

التي وردت على حق النشر بإجازته في بعض الأحوال دون إذن المؤلف. والاستثناءان الأساسيان هما نشر

مقتطفات أو مقتبسات موجزة، والنسخ للاستعمال الشخصي، كما يرد على حق الأداء العلني استثناء يتعلق

بالأداء في اجتماع عائلي.

فهل يجوز لمستخدم الإنترنت، الذي يعد أرشيفا يتكون مضمونه من المعلومات التي اطلع عليها من

خلال الإنترنت، أن ينشر المعلومات على من يحتفظ بعناوينهم الإلكترونية لديه أي تراسلا خاصا، وهل يجوز

له أن يكون مصنفا عن طريق المزج والتفاعل بين عدة مصنفات سابقة ويبثها بدوره.

وتنص المادة 13 من اتفاقية (تريبس) على أن البلدان الأعضاء تلتزم بقصر أو تضييق القيود أو

الاستثناءات من الحقوق المطلقة على حالات خاصة معينة لا تتعارض مع الاستغلال المادي للمصنف ولا

2 من اتفاقية (وايبو) على / تلحق ضررا غير مبرر بالمصالح المشروعة لصاحب الحق فيه. وتنص المادة 10

أنه يجوز للطرف المتعاقد أن ينص في تشريعه الوطني على تقييدات أو استثناءات للحقوق الممنوحة لمؤلفي

المصنفات الأدبية والفنية بناء على هذه المعاهدة في بعض الحالات الخاصة التي لا تتعارض واستغلال عادي

للمصنف ولا تسبب ضررا بغير مبرر للمصالح المشروعة للمؤلف.

أولا: النقل للاستعمال الشخصي دون إذن المؤلف

تنص قوانين حق المؤلف على أنه "إذا قام شخص بعمل نسخة واحدة من مصنف تم نشره، وذلك

لاستعماله الشخصي، فلا يجوز للمؤلف أن يمنعه من ذلك". ويرى المشرع أن الناقل الذي استنسخ نسخة

لنفسه ولاستعماله الشخصي لا يعتدي على حق النشر الثابت للمؤلف فهو لا يقصد نشر النسخة أو نقلها إلى

الجمهور، وإنما قصد أن يَْقصِر هذه النسخة على استعماله الشخصي. وهو بعمله هذا لم يضيع على المؤلف

أو الناشر إلا ثمن نسخة واحدة، وهذه خسارة هينة إذا ما قورنت بما للمجتمع من حق في تيسير سبل الثقافة

15

والتزود من ثمار العقل البشري، فلا تحول دون بلوغ هذه الغاية حقوق مطلقة للمؤلفين، ذلك لأن الأجيال

الإنسانية المتعاقبة تسهم عادة بما تخلفه من أثر في تكوين المؤلفات.

ولقد ثار النقاش حول مدى ملاءمة امتداد هذا الاستثناء في مجال قواعد البيانات والإنترنت.

فإذا كانت شبكة الإنترنت تسمح بأن يوضع تحت تصرف الكافة الاستخدام الجماعي للمعلومات

المخزنة لدى الشبكة، فإن التساؤل يثار حول ما إذا كان من شأن ذلك الخروج عن نطاق الاستثناء الخاص

بعمل نسخة واحدة بل وهل من الملائم أصلا إعمال هذا الاستثناء في مجال الإنترنت؟

ينتقد البعض إعمال هذا الاستثناء من حيث المبدأ في مجال الإنترنت، فالنسخة التي تتم تكون في نفس

دقة ونوعية الأصل، كما أن الاستنساخ لا يتم على دعامة مادية (جينشار وآخرين: المرجع السابق، ص

100 ). كما أن سهولة عمل نسخة وإمكانية تحميل المعلومات وحفظها لدى المستخدمين من شأنه اتساع النسخ

على أوسع نطاق مما يهدد حق المؤلف. ويضاف إلى ذلك أن التفرقة بين النشر العام والخاص أصبحت

مهددة وغير واضحة المعالم. فعن طريق البريد الإلكتروني وإمكانية الإرسال الفوري لقوائم تضم أكثر من

مستخدم يتسع النشر، ولو لم يعتبر ذلك نسخا محظورا لانحسر إلى مدى ضيق التقليد على حساب مصلحة

المؤلف (بل ويعتبر البعض أن هذا الاستثناء يتعارض مع المادة 13 من اتفاقية (تريبس) حيث يتعارض مع

الاستغلال العادي للمصنفات: (لبنى صقر أحمد الحمود: أثر انضمام الأردن لاتفاقية الجوانب المتصلة

بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية على قوانين الملكية الفكرية الأردنية، النافذة ص 196 ، رسالة مكملة

.( للماجستير، الجامعة الأردنية أغسطس/ آب 1999

وبناء عليه لا يمكن الإدعاء من الاستفادة باستثناء الاستعمال الشخصي، أو في دائرة عائلية محدودة.

فيجب عدم إغفال أن الموقع الذي يوجه إلى جمهور غير محدد، شأنه في ذلك باصطلاحات نظرية الالتزام

.( بالإيجاب الموجه إلى الجمهور (جوتيه، المرجع السابق، ص 496

وذهبت إحدى المحاكم الفرنسية إلى أن السماح للغير بالدخول على المواقع الخاصة واحتمال الحصول

على نسخ. وحيث أن شبكة الإنترنت تشجع الاستخدام الجماعي، فإنه من غير المنتج الدفع بأن من اتخذ

موقعا لم يقم بأي عمل إيجابي في الإرسال، بل أن السماح بالحصول على نسخ يتوافر ضمنيا من حق الدخول

على الصفحات أو المواقع الخاصة مما مؤداه أن الحصول على النسخ يتم دون موافقة المؤلف وينطوي على

، استخدام جماعي مما يخرجه عن نطاق الاستعمال الشخصي (محكمة باريس الابتدائية، 16 أغسطس 1996

"قاضي الاستعجال" دالوز، 1996 ص 490 ، تعليق جوتيه).

وفي مجال قواعد البيانات وبرامج الحاسب الآلي فإن المادة 122 - ل من قانون الملكية الأدبية والفنية

الفرنسي قد نصت على أن الاستثناء الخاص باستنساخ نسخة واحدة للاستعمال الشخصي لا يسري على نسخ

قواعد البيانات الإلكترونية، وبرامج الحاسب الآلي، بمعنى أنه لا يجوز عمل نسخة واحدة من هذه المصنفات

16

(sauvegarde) إلا بإذن المؤلف. ولكن يجوز لمن له حق استعمال البرنامج أن يعمل لنفسه نسخة للحفظ

إذا كانت ضرورية لاستخدام البرنامج.

وفي مواجهة ذلك الاتجاه، ومن حيث المبدأ، يذهب اتجاه آخر إلى أنه لا يمكن المساس بحق استنساخ

نسخة للاستعمال الشخصي، فقد أصبح حقا غير قابل للمساس به باعتباره من الحقوق الأساسية للجمهور أو

للمستخدمين.

وحيث أنه يعتبر من المصنفات المحمية، فإنه يمكن عمل نسخة ،web وينطبق الاستثناء على مواقع

منه للاستعمال الشخصي متى كانت زيارة الموقع غير مباحة دون قيود أو ضوابط أو شفرة أو كلمة سر.

وفي ظل التقدم العلمي الضخم الذي ترتب عليه نقل المصنفات ونشرها عبر العالم ولجمهور ضخم، لم

يكن المؤلف يحلم بالوصول إليه وتحقيق مصلحة المؤلف، يبدو غريبا أن تتعالى الصيحات بأن يكون مقابل

ذلك الحد من حرية المستخدم في الحصول على الثقافة في ظل القواعد العامة، إذ يجب أن يعم الخير (هيو:

المقالة السابقة، ص 193 ). بل إن التوازن بين مصلحة المؤلف ومصلحة مستخدم المصنف يقتضي القول

بتدعيم وتوسيعها حقوق المستخدم متى اتسعت دائرة الجمهور الذي وصل إليه المؤلف.

ويمكن القول أنه من حيث المبدأ فإن النقل للاستخدام الشخصي يظل قائما في مجال الإنترنت، وإنما

المشكلة تثار حول توافر النسخة الشخصية أم أننا بصدد استخدام جماعي.

ويرى البعض أنه للتوفيق بين المصالح المتعارضة يمكن فرض مقابل أو تعويض للمؤلفين عما

2 من اتفاقية برن، إذ ربطت بين السماح بعمل نسخ وعدم / يصيبهم من أضرار. وهذا ما أوحت به المادة 9

تعارض ذلك مع الاستغلال العادي للمصنف وعدم الإضرار بالمصالح المشروعة للمؤلف.

ولقد فرض المشرع الفرنسي مبلغا على ثمن شراء بعض دعامات النسخ مثل الفيديو ويفرض هذا

المبلغ على المنتج أو المستورد وتوزع الحصيلة بعد ذلك على الفنانين ومنتجي الاسطوانات وشرائط الفيديو

عن طريق أجهزة تتولى الإدارة الجماعية. ويقترح البعض امتداد ذلك إلى الدعامات الرقمية واسطوانات

ولكن ذلك يحتاج لدراسة حول الوعاء التي يفرض عليه المقابل، وقيمته، وقواعد توزيع الحصيلة. CD-ROM

ثانيا: نشر المختصرات والمقتبسات الموجزة دون إذن المؤلف

تضع المادة 14 من قانون حق المؤلف المصري استثناء مؤداه جواز نشر مقتبسات أو مختصرات عن

المصنفات دون إذن مؤلفيها. فهذه المقتبسات الموجزة لا تغني عن قراءة الأصل بل هي تحفز على قراءة

الأصل وتروج بالتالي للمصنف. وبهذا فإن إعادة نشر المقال كاملا يستوجب الحصول على إذن المؤلف ما

لم ينص على خلاف ذلك في العقد المبرم بين المؤلف ومن تم له التصرف في الحق المالي. وبهذا فإنه من

حيث المبدأ يكون نشر المقالة على موقع الإنترنت دون إذن صحفي مساسا بحق المؤلف طالما أن النشر

17

المأذون به لا يمتد إلى عموم النشر ويقتصر على الصحيفة المتعاقد معها، خصوصا أن النشر عن طريق

الإنترنت يصل إلى جمهور عريض ومتنوع ويختلف عن ذلك الذي توجه له الجريدة أصلا أي القراء (في

-2- هذا المعنى محكمة الأمور المستعجلة في ستراسبورغ 8 فبراير 1998 ، الأسبوع القانوني 19598

.(10044

ولقد أثيرت مسألة نشر المختصرات عن المصنفات والكتب والروايات ودواوين الشعر في مجال

الإنترنت بمناسبة نشر أجزاء من أشعار أحد الشعراء، حيث اعتبر نشر المصنف الرقمي في هذه الحالة

.( متجاوزا لمجرد نشر مختصرات أو مقتطفات (محكمة باريس الابتدائية/ 5 مايو/أيار 1990

وكذلك لا يجوز أن يعرض في موقع من مواقع الإنترنت المصنفات الفنية دون رضاء الفنان طالما أن

نشرها لم يتم عرضا إعمالا لقاعدة أن الفرع يتبع الأصل.

وفي مجال قواعد البيانات إذا كانت تلك القواعد مستمدة من بعض ما نشر في إحدى الصحف دون أية

إضافة فلا يعتبر نشرها مساسا بحق المؤلف إذا كان ما نشر لا يغني عن ضرورة الاطلاع على المصنف

الأصلي والمزج بين المختصرات وفهرس أبجدي يكون مصنفا من مصنفات المعلومات (نقض فرنسي،

.( الدوائر مجتمعة، 30 أكتوبر/ تشرين الأول 1978 / دالوز، 1988 ص 21

وطبقا للقواعد العامة لا يسري هذا الاستثناء إلا على المصنفات الأدبية دون المصنفات الفنية

الموسيقية.

ثالثا: أداء المصنف في اجتماع خاص

بالنسبة للاستثناء الوارد في المادة 11 من قانون حق المؤلف من أنه ليس للمؤلف بعد نشر مصنفه أن

يمنع إيقاعه أو تمثيله أو إلغاءه في اجتماع عائلي أو في جمعية أو منتدى خاص أو مدرسة، مادام لا يحصل

في نظير ذلك رسم، ومقابل مالي.

ويؤصل الفقه هذا الاستثناء بان استعمال المصنف في اجتماعات خاصة هو من قبيل الاستعمال

الشخصي مع التوسع في مفهوم هذا الاستعمال (السنهوري ج 8، ص 366 ) ويلا حظ أن الرخصة هنا تتناول

.reproduction وليس représentation الأداء العلني

ولقد قضت محكمة النقض المصرية بألا تلازم بين صفة المكان وصفة الاجتماع من حيث الخصوصية

والعمومية، إذ قد يقام حفل عام في مكان خاص كما قد يحصل العكس فيؤجر مكان عام لعقد اجتماع خاص

.( (نقض مدني، 25 فبراير/ شباط 1965 ، مجموعة المكتب الفني، السنة 16 رقم 36 ، ص 227

ولا صعوبة في أن هذه الأحكام تسري على الإنترنت إذا توافرت كافة الشروط المشار إليها.

18

ولكن تطبيق هذا الاستثناء يثير صعوبة في مجال المقصود بالعمومية والخصوصية. ويمكن أن تثار

هذه المسألة بصدد الدخول على شبكة الإنترنت من حجرة الفندق. وقياسا على ما تقرر في القضاء الفرنسي

بشأن الإرسال التليفزيوني لإحدى المحطات الفضائية فإنه يمكن القول بأن النزيل بالرغم من أنه في حجرته

وفي حالة الخصوصية إلا أنه يعتبر جمهورا ينقل إليه الفندق برامج التليفزيون ومن ثم لا تتوافر شروط

الاستثناء إليها (نقض مدني، 16 إبريل/ نيسان 1994 ، دالوز 1994 ، ص 450 ). فالنقل إلى الجمهور عن

طريق الأجهزة، لأغراض رواج أعمال الفندق التجارية، يعتبر أداء مباشرا للجمهور لهذا المصنف. فمجموع

العملاء يكون جمهورا بالرغم من أن كل واحد منهم وعلى انفراد يوجد في مكان خاص وهو حجرته بالفندق.

ففكرة الجمهور في مجال الاتصالات لا تستلزم الاجتماع أو التجمع المادي لعدد من الأشخاص في زمان

ومكان واحد. إذ أن الأداء العلني للمصنف لا يستلزم الاجتماع المادي للجمهور.

إن الجمهور يتوافر من تجمع عدد متفرق من الأشخاص حول وسيلة النقل أو التوصيل التي قد توجه

لكل واحد في أماكن متفرقة، ومن ثم يعتبرون جمهورا. فمجموع المشتركين في قناة من قنوات الإرسال

الفضائي يعتبرون جمهورا بالرغم من مشاهدة كل منهم للبرامج في منزله.

الخاتمة

ولقد اتضح من هذه الدراسة أن التقدم الضخم في مجال المعلوماتية يجب ألا يكون على حساب حق

المؤلف. فلا تخفي الصلة حق المؤلف وحقوق الإنسان والحقوق اللصيقة بالشخصية. ولهذا يجب على القانون

أن يقف إلى جانب التقدم، وأن يضع له الإطار الذي يكفل تحققه دون المساس بحقوق الإنسان التي تستهدف

ازدهار الإنسان وتقدمه.

وأخيرا فإن القرية الكونية التي نتجول فيها من خلال الإنترنت والتي لا تعرف حدود الدول، أصبحت

تستوجب أن يكون التنظيم التشريعي على مستوى دولي سواء باتفاقيات دولية أو باتفاقيات إطار تأخذ

، بأحكامها التشريعات الوطنية (الأوجه القانونية للإنترنت، مؤلف تحت إدارة نيوسان، الطبعة الثانية، ص 91

باريس 1998 ، دار النشر هرمس).

ويجب الاهتمام بتنظيم عقود ذات طابع دولي تواجه المشاكل الحالية لحقوق المؤلف كي نرى ما

سيسفر عنه الوضع في الدول المختلفة (في هذا المعنى سيرنللي، تقرير مقدم إلى وزارة الثقافة الفرنسية حول

.( الصناعة الثقافية والمستجدات الفنية. منشور في الوثائق يونيو/ حزيران 1994
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




ليست هناك تعليقات: