بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

28 يوليو 2010


العنف والدفاع المشروع بين الشريعة والقانون الدولي العام


تمهيد :

يطلق العنف المشروع على كل قوة لإزالة ضرر ودفع خطر عن النفس أو المال أو العرض ، لهذا فهو سلطة وقائية يكون بموجبها للشخص ( فعل مايلزم شرعاً ، لدفع خطر حقيقي غير مشروع ، حال على حق معصوم )-1-.

وقد اوضح عبد القادر عودة في كتابه ( التشريع الجنائي الإسلامي )معنى العنف المشروع فقال :

- الدفاع الشرعي : هو واجب الإنسان في حماية نفسه أو نفس غيره ، وحقه في حماية ماله أو مال غيره ، من كل اعتداء حال غير مشروع بالقوة اللازمة لدفع هذا الإعتداء )-2- .

بلحاظ أن علاء الدين المروادي ذكر في ( الإنصاف ) أن : ( الحنابلة لايرون الدفاع عن النفس واجباً إلا في حالة الفتنة ، ومنهم من يوجب الدفاع عن المال إذا تعلق به حق الغير )-3- .

والمعروف أن بعض الفقهاء قد توسعوا في موضوع الدفاع الشرعي ، حيث جعلوه موضوعاً عاماً شاملاً يستوعب الدفاع عن دار الإسلام من خطر الأعداء ، كما عند الإمام الخميني-4- .

فيما رأى آخرون ان الدفاع الشرعي والعنف المشروع هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -5- .

وهكذا فإن الفقهاء المسلمين قد اجمعوا على حق الدفاع الشرعي ، لدفع الخطر غير المشروع عن الأعراض أوالمال أوالنفس ، لكنهم اختلفوا في اللفظ الدال على هذا الحق ، وفي تكييف الخطر المنصب على هذا الحق . فمنهم من جعله خطراً محرماً أو عدواناً أو ظلماً –6- ، فيما قال آخرون عن هذا الخطر بانه : ( من أريدت نفسه وحرمته أو ماله )-7- ، وذهب غيرهم الى لفظ آخر وهو الصيال فقالوا : ( للمرء قتل ماصال عليه ـ من آدمي أو بهيمة ولم يندفع إلا بالقتل اجماعاً )-8- .

لهذا فإن الشيعة الإمامية أباحوا الدفاع الشرعي ، وأوجبوا مسؤولية المعتدي الجنائية والمدنية عن الأضرار التي يصيب بها المدافع-9- .

وقد استدلوا باحاديث منها الحديث النبوي : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) ، والحديث المروي عن الإمام الصادق (ع) : ( أيما رجل علا على رجل ليضربه فدفعه عن نفسه فجرحه أو قتله فلا شئ عليه ) .

أما الحنفية فقالوا : ( ومن قتل دون ماله فهو شهيد )-10- ، وقالوا ايضاً : ( دم المدفوع هدر ولا شئ بقتله لدليل قوله (ص) من شهر على المسلمين سيفاً فقد أبطل دمه لأنه باغياً )-11- .

كما أن الحنابلة قالوا : ( دم المدفوع هدر ، وهو الى النار)-12- ، لقوله تعالى (ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة )-13- .

وقال الشافعية : ( إن الصائل يجوز دفعه )-14- .

وقال الزيدية : ( وللمرء قتل ماصال عليه ) -15- .

وقال المالكية : ( جاز دفعه بالقتل وغيره )-16- .

وقال الظاهرية : ( قوله عليه الصلاة والسلام : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) عموم لم يخص معه سلطاناً من غيره . ولافرق في قرآن ولا حديث ولا اجماع ولا قياس بين من أريد ماله أو أريد دمه أو أريد فرج امرأته أو أريد ذلك من جميع المسلمين )-17- .

ومن المفيد ذكره في هذا الصدد … أن فقهاء القانون الوضعي اجازوا الدفاع الشرعي والعنف المشروع ، ووضعوا التكييف القانوني له فقالوا بأن : ( آثار الإباحة هو أن يخرج الفعل من نطاق نص التجريم فيصير مشروعاً وينتفي الركن الشرعي للجريمة )-18- . وقد نص قانون العقوبات العراقي في المادة 42 على انه :

) لاجريمة إذا دفع الفعل استعمالاً لحق الدفاع الشرعي ) . ونص القانون السوري سنة 1949 على المعنى نفسه في المادة 183 .

بلحاظ أن العنف المشروع نراه موجوداً في اغلب القوانين والتشريعات القديمة والحديثة ،لكنه يختلف فيها من حيث تكييفه وشروطه وحدوده -19- . لهذا يذهب الدكتور حمودي الجاسم في كتابه ( التعديلات الواجب إدخالها في قانون العقوبات العراقي ) الى أن : ( التشريعات الوضعية توسعت في الدفاع الشرعي فشملت الأشخاص والأموال معاً ) .

علماً ان الغرب أخذ بنظرية الدفاع الشرعي (كالقانون الإيطالي الحديث المادة 52 ، وقانون الدنمارك سنة 1930 المادة 13 ، وقانون بولونيا سنة 1932 المادة 21 ، وقانون ليتوانيا سنة 1933 المادة 44 ، وقانون سويسرا سنة 1937 المادة33 ، ومشروع القانون الفرنسي الحديث المادة 113 و 114 )-20- .

وهكذا نعرف أن العنف الشرعي له تكييفه القانوني في الشريعة الإسلامية قبل القوانين الوضعية باكثر من 1400 سنة ،مما يدل على عظمة الإسلام وسمو قواعده القانونية . خصوصاً وان بعض الفقهاء - كما قلنا سابقاً - يتوسعون فيه ليشمل الدفاع عن الإسلام والمسلمين ودفع الأخطار الخارجية وفق قواعد القانون الدولي الإسلامي الأخلاقية .

لهذا فإن الموضوعية تحتم علينا أن نتناول الدفاع والعنف الشرعي في القانون الدولي العام ، وفق منهجية علمية تستقرئ وتقارن بين القواعد القانونية الموجودة في القانون الدولي الإسلامي وغيره من القواعد الدولية .



تحديد القواعد القانونية الدولية الوضعية:

… تُعرف القوانين بأنها ( القواعد المجردة التي تحكم سلوك الأمة أو داخل مجتمع ما وفقاً لضوابط معينة ارتضاها الناس ، والتي تقترن بجزاء توقعه السلطة المختصة في حالة الخروج على هذه القواعد )-21-.

ويطلق تسمية قانون – جمع قوانين – لغة على ( الشرائع والنظم التي تنظم علاقات المجتمع سواء كان من جهة الأشخاص أو من جهة الأموال. والقوانين كثيرة أهمها : القانون الأساسي أو الدستوري، القانون التجاري ، القانون الجزائي ، قانون العرف والعادة ، القانون المدني ) –22-. لذا فإن القانون يطلق عادة على كل ( قاعدة مطردة تفيد الإستمرار في تطبيق حكم معين وفقاً لنظام ثابت )-23- .

أما تسمية الدولي فترجع نسبتها الى الدول ، والدولي ( هو العالمي )-24-. وعليه فإن ( القانون الدولي العام ) يعتبر بأنه ( مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول وتحدد حقوق كل منها وواجباتها )-25- .

ويذهب ( شتروب )-26- الى وصف (القانون الدولي العام) بأنه ( مجموعة القواعد القانونية ،التي تتضمن حقوق الدول وواجباتها وحقوق وواجبات غيرها من أشخاص القانون الدولي ) . في حين يذهب ( شارل روسو ) الى أن ( القانون الدولي العام ) هو ( ذلك الفرع من القانون الذي يحكم الدول في علاقاتها المتبادلة )-27- .

ومن المعروف أن تسمية ( القانون الدولي العام ) ترجع الى الفيلسوف الإنجليزي

) بنتام ) ، فقد أطلق على مجموعة القواعد التي تحكم علاقات الدول إسم :

( international law ) . ولكن بعض الفقهاء يذهبون الى وصف ( القانون الدولي العام ) بأنه ( قانون الشعوب والأمم ) ، لأن تسمية ( القانون الدولي ) مشتقة من كلمة ( nations ) أي الأمم .

وقد استعمل هذه التسمية كثير من الكتاب المتقدمين أمثال ( دي ماتنز ) ، و ( كلوبر ) ، و ( فاتيل ) وغيرهم ، ويتجه الإتجاه نفسه ( جورج سيل )-28- . بلحاظ أن الألمان يأخذون بتسمية ( قانون الشعوب ) على اعتبار أنها الأصح . ويمكن الإطلاع على تسميات أخرى استعملها بعض الكتاب والفقهاء للدلالة على ( القانون الدولي ) ، حيث سماه المحامي الهولندي (جروسيوس ) : ( قانون الحرب والسلم ) ، وسماه ( بسكال فيور ) : قانون الجنس البشري ) ، وسماه ( ميجل ) : ( القانون السياسي الخارجي ) الى غيرها من الأسماء .

ويرى ( روسو ) أن أدق تسمية ( للقانون الدولي العام ) – باعتباره ينظم العلاقات بين الدول – هي ( قانون الشعوب ) ، لكنه مع ذلك لايجد حرجاً من استعمال تسمية ( القانون الدولي ) ، لأنها استقرت فقهاً وعملاً واصبحت لها صفة

تقليدية-29-. ويعلق الدكتور ابو هيف على ذلك معتبراً التسمية العربية (للقانون الدولي) تتفق مع وجهة نظر ( شارل روسو ) ، لأن القواعد القانونية الدولية ( تنظم العلاقات بين الأمم والشعوب ، التي لايكون لها كيان قانوني إلا من خلال الدول التي تتبعها )-30-.

ومن المعروف أن الشريعة الإسلامية قد اهتمت بشؤون الدول ، وبينت حقوقها وواجباتها المختلفة ، وكذلك أوجبت القواعد الإسلامية الدولية ( على المسلمين الإلتزام بها قي معاملة المسلمين وغير المسلمين ، محاربين أو مسالمين ، سواء أكانوا اشخاصاً أو دولاً ، في دار الإسلام أو في خارجها )-31-.

وقد احتوت رسائل الفقه الإسلامي احكاماً وفتاوى عن المرتدين ، والبغاة ، وقطاع الطرق . كما اوضحت كتب السير بالتفصيل ايضاً معاملة المسلمين لغيرهم . لهذا يمكن القول أن فقهاء الإسلام قد وضعوا أسس القانون الدولي الإسلامي لتنظيم العلاقات بين الدول-32- .

.












رد: العنف والدفاع المشروع بين الشريعة والقانون الدولي العام


الطبيعة القانونية للقواعد الدولية :

الجدير ذكره في هذا الصدد أن القواعد الدولية الإسلامية لاتثير أي تساؤلات حول طبيعتها القانونية ، في حين أن قواعد ( القانون الدولي العام ) يشوبها بعض الشكوك حول طبيعتها هل هي قواعد أخلاقية أو هي قواعد قانونية بالمعنى المتعارف عليه ؟! فقد ذهب البعض الى الشك في صفتها القانونية لعدم وجود مشرع ، وسلطة قضائية تنفيذية ، وعدم وجود جزاء يترتب على مخالفتها-33-.

واتصور أن ذلك لاينفي صفة القانون عن القواعد الدولية ، خصوصاً وأن الرأي الفقهي القانوني السائد قد اقر دون تردد الصفة القانونية لها ، بلحاظ أن بعض القوانين الداخلية استقرت واصبحت ملزمة دون وجود مشرع لها كالقانون الإنجليزي . أما عدم وجود سلطة قضائية لتنفيذ ( القانون الدولي) فهي مسألة مبالغ فيها كثيراً ، وعلى فرض صحة ذلك فإنه لاينفي عن القواعد الدولية صفة القانون ، لأن القاعدة القانونية موجودة أصلاً قبل تدخل القضاء لتنفيذها فالقاضي (لايخلق القانون بل يطبق القانون الموجود)،والشئ نفسه يسري على الجزاء…فعلى الرغم من أنه يحفظ القواعد القانونية إلا أنه لاينفي صفة القانون عنها ، فهي موجودة ( وإن لم يصحبها جزاء )-34-.

وهكذا نعرف أن عدم وجود مشرع ، وقضاء دولي ، وجزاء لاينفي الصفة القانونية عن القواعد الدولية ، علماً أن ( التشريع ليس هو المصدر الوحيد للقانون ، فقد عرفت المجتمعات المختلفة قواعد القانون قبل التشريع وكانت ولاتزال تتلقى جانباً منها من العرف ومن القضاء . بل إن للعرف دوراً خطيراً في نطاق القانون الدستوري والقانون التجاري … وعليه فما يصدق على القانون الداخلي يصدق على القانون الدولي )-35-.

ولكن مع ذ لك فإن القوانين الدولية تختلف عن القوانين الداخلية في كونها تنشأ عن طريق التراضي بين الدول ، ( غير أن هذا الإختلاف ظاهري واختلاف درجة لا اختلاف أصل )-36-. خصوصاً وأن العالم بدأ يشعر بحاجته للقواعد الدولية ، وحاجته للمنظمات الدولية ، ( بسبب تزايد ايمان الدول بأهمية التضامن بينها لأجل أمن وتعاون دولي في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعسكرية )-37-. وقد بدأ منذ أكثر من خمسين عاماً عقل جمعي دولي لإقرار قواعد

( القانون الدولي العام ) ، التي تحث الدول على نبذ الحرب ، والإلتجاء الى الطرق السلمية لفض المنازعات ، والحفاظ على السلم والأمن الدوليين-38- ، مع اقرار حق الدول في الدفاع الشرعي لرد العدوان ، واستعمال العنف كوسيلة لدفع الخطر إذا لم تنجح الوسائل السلمية لحل النزاعات بين الدول .

وللأمانة والموضوعية نقول … أن نظام الأمن الذي إقترحته عصبة الأمم ، وكذلك هيئة الأمم المتحدة ، لم يكن موفقاً لانظرياً ولاعملياً في تحريم الإلتجاء الى القوة المسلحة غير المشروعة ، أو في وضع قواعد جديدة تلزم الدول بالتزاماتها

وتعهداتها –39-. ومن الملاحظ أن هيئة الأمم المتحدة قد وضعت مبدأ عدم تدخلها في الأعمال ، التي تكون في صميم السلطان الداخلي للدول ، إلا في حالة تطبيق تدابير القمع إذا اقتضى الأمر تطبيقها –40- … وهذا المبدأ استغلته الولايات المتحدة الأميركية - بعد انحلال الإتحاد السوفيتي السابق - للتدخل في شؤون الدول المعارضة لها -41- .

وأرى من خلال ذلك أن الدول الكبرى قد استغلت عيوب ( القانون الدولي العام )، واستعملت الدفاع الشرعي بصورة سيئة ، لكي تتدخل في شؤون الدول الأخرى ، وتتوسع في تفسير معنى العدوان ، وتتذرع بأوهى الأسباب للتدخل في صميم السلطان الداخلي للدول من أجل حماية مصالحها الإقتصادية ، وفتح الأسواق العالمية أمام تجاراتها-42- .

وعليه لابد أن تنصب الجهود الدولية للحد من سلطان الدول الكبرى ، وتقييد لجوئها الى القوة المسلحة قبال دول ( العالم الثالث ) ، وتحديد مبدأ الدفاع الشرعي بصورة واضحة لردع الدول التي تتذرع به للعدوان على الدول الأخرى .

وفي هذا المجال يعتقد الدكتور ابو هيف أن الحرب والقوة في التعامل الدولي لازالت

( في نظر الكثيرين من رجال السياسة عملاً مشروعاً دائماً من حق الدولة أن تأتيه كلما كانت مصلحتها تقتضي ذلك،ويذهب البعض منهم الى حد القول بأن الحرب هي أصلح أد اة تتوسل بها الدولة لتنفيذ سياستها القومية وتحقيق

أعراضها ) –43- .

ويضيف ابو هيف بأنه : ( لم يجرأ واضعوا عهد عصبة الأمم على النص على تحريم الحرب اطلاقاً في عبارة صريحة قاطعة … ويلاحظ أن ميثاق الأمم المتحدة لم يفرق في التحريم بين الحرب العدوانية وغيرها )-44- .

والمعروف أن ميثاق الأمم المتحدة قد استثنى حالة واحدة تكون فيها الحرب مشروعة ، وهي حالة الإضطرار دفعاً لاعتداء ، أو كما يقول فقهاء الشريعة الإسلامية : الدفاع الشرعي –45- .

ولكن في هذا المجال نقول أن القانون الدولي العام فشل في الحد من الحروب بسبب مصالح الدول ، ( فالمعيار السياسي قد يتناقض مع المعيار القانوني في حكم استخدام القوة في العلاقات الدولية ، فتارة يلتقيان وأخرى يفترقان ، وهذا هو سبب التعامل الدولي بالكيل بمكيالين في العلاقات الدولية وازدواجية لغتها السياسية

والقانونية )-46-.

وبصورة عامة يمكن القول أن عيوب ( القانون الدولي العام ) قد أستغلت من قبل بعض الدول للإعتداء على الغير ، وزيادة مصالحها وإن كانت غير مشروعة ، خصوصاً وأن تياراً كبيراً في الغرب يرى أن المصلحة هي الحق ، الذي لابد للقانون أن يتكفل بحمايته-47- … ولذا ظهر مصطلح ( المصالح الحيوية ) ، الذي استخدمته المانيا النازية لتبرير احتلالها لأراضي الدول المجاورة لها .

وقد حاول الفقهاء الألمان (أن يجدوا مبرراً لاتساع دولتهم على حساب جيرانها من الدول الصغيرة ، فابتدعوا نظرية المجال الحيوي )-48- . والمعروف أن الفقه الألماني اخذ بنظرية أخرىتدعى (نظرية الضرورة ) لتبرير احتلال الدول المجاورة ، وقد طبقها الألمان اثناء الحرب العالمية الأولى ، ( فاقتحمت جيوشهم دولتي بلجيكا ولكسمبورج المحايدتين على زعم أن سلامة المانيا كانت تقتضي احتلالهما عسكرياً ، ونشر أحد فقهائهم المعروفين في نفس الوقت كتاباً بعنوان حق الضرورة برر فيه مسلك دولته ودافع عنه ، كذلك شهدت الحرب العالمية الثانية من الإعتداءات الألمانية ايضاً باسم الضرورة عندما اكتسحت القوات النازية سنة 1940 الدانمارك والنرويج ثم هولندا وبلجيكا ، ولم تكن أي من هذه الدول الأربعة طرفاً في الحرب …. القول بوجود حق كهذا معناه هدم قواعد القانون الدولي العام بايجاد سبب ذي مظهر قانوني تستند اليه الدول لخرق هذه القواعد وتبرير كل مايقع منها من اعتداءات )-49- .

في الإتجاه نفسه طرحت ( اسرائيل ) مصالحها – التي اسمتها حيوية واستراتيجية – وفقاً لشعار ( حماية الأمن الإسرائيلي ) من أجل التوسع واحتلال الأراضي العربية . وقد عارض الفقيه الأميركي ( كونس رايت ) هذا التوجه ، لأنه يتناقض مع قواعد (القانون الدولي العام ) . ولم تجد ( اسرائيل ) أمام الإنتقادات الدولية الواسعة لإجراءاتها العدوانية غير التمسك ( بنظرية التقادم المكسب ) ، لتبرير احتلالها للأراضي العربية . ولكن هذه النظرية لايمكن تطبيقها والإحتجاج بها إلا في حالة التقادم لمدة طويلة مع عدم وجود منازع ، بلحاظ أن الدول العربية لم تعترف بحدود ( اسرائيل ) ، ولم تقبل الهدنة معها منذ احتلال عام 1949 م . لذا فإن الإجراءات العدوانية ( الإسرائيلية ) تعتبر باطلة قانونياً ، مع ( انتفاء الأساس القانوني للحجج التي استندت اليها الحكومة الإسرائيلية والمدافعون عن موقفها لضم أراض

جديدة)-50-.

والمعروف ان المادة51 من ميثاق الأمم المتحدة اجاز للدول حق الدفاع الشرعي واستعمال القوة لرد العدوان ، وذلك يتشابه مع الدفاع الشرعي الذي اقره القانون الدولي الإسلامي ، والفرق بينهما هو استناد القواعد الإسلامية الدولية الى اسس اخلاقية لاتجيز التعسف في استعمال الحق ، وهذا غير متوفر في العلاقات الدولية ، مما دعا الدول الغربية الكبرى الى استعمال القوة المسلحة خارجياً لمعاقبة الدول المعارضة لها ، وتثبيت وجودها غير المشروع في منطقة الخليج بحجة حماية مصالحها القومية ، التي تسميها ( مصالح استراتيجية ) . وقد توافق كل ذلك مع اتهام أي جهد معارض بانه يندرج تحت قائمة الإرهاب !!!

واعتقد أن ذلك كان السبب في تشويه الحضارة الإسلامية في الغرب، حيث سعى (برنارد لويس) بخبث لتشويه التصورات الإسلامية حول (الثورة والنهوض) واتهام المسلمين بالإرهاب ، وذلك في مقال كتبه للتهجم على الإسلام، واستخراج اشتقاقات مضحكة لكلمة ثورة من اللغة العربية، حيث ادعى أن: لفظة ثورة (ترمز وتشير) عند العرب والمسلمين إلى (الثور والهيجان غير المنطقي والغير واقعي، والهمجي اللامنضبط)!!

أما (النهوض الإسلامي) فعند (برنارد لويس) مشتق من (نهوض الجمل)!! وهو إيحاء مقصود ندركه نحن المقيمين في الغرب، وندرك أبعاده للنيل من العرب والمسلمين، ونعتهم بالجهل والتخلف.

ويذكر ادوارد سعيد في كتابه (الاستشراق) سبب عداء (برنارد لويس) للإسلام وللعرب، فهو في كل بحوثه يتعجب ويتساءل بقوله:

ـ (لماذا ما يزال المسلمون يرفضون أن يهدؤوا ويقبلوا ملك إسرائيل على الشرق الأدنى)-51-.

فهذا هو السبب الحقيقي، إضافة إلى الأسباب الحضارية الأخرى، وراء اندفاع بعض (المثقفين الغربيين) للهجوم على المسلمين، واتهامهم بالإرهاب، من أجل توسيع حجم (المصالح الغربية) اللامشروعة في منطقة (الشرق الأوسط)، والدفاع عن العدو الصهيوني وتأييد توجهاته العنصرية واحتلاله لفلسطين.

لقد شنّ هؤلاء (المثقفون الغربيون) هجوماً عنيفاً على العرب، واللغة العربية، لاتهام المسلمين بأشنع الأوصاف، والتأكيد على أنهم لا يفهمون من معنى الثورة غير هيجان الثورلأنهم إرهابيون !!

في حين ان هناك مصطلحات عربية وإسلامية، كالفتنة، والملحمة، والخروج، والنهضة، جاءت لتعطي نفس المعنى السياسي الحديث لمصطلح الثورة. ويعلّق الدكتور محمد عمارة في كتابه (مسلمون ثوار) على هذا الموضوع بقوله، إنّ:.











..

ـ (كلمة الفتنة استخدمت قديماً بمعنى الاختلاف والصراع حول الآراء والأفكار، وقيام الأحزاب والتيارات الفكرية المتصارعة، واستخدمت بمعنى (الثورة)، أي الوثوب ووقوع الابتلاء والامتحان... وكلمة الملحمة كانت تعني ـ ضمن ما تعني ـ التلاحم في الصراع والقتال في (الفتنة) (الثورة)… وكانت تعني أيضاً الإصلاح العميق الذي يشمل الأمة ويعمّها… كما استخدمت ـ قديماً كذلك ـ لهذا المعنى كلمة (الخروج)، فقيل (خرج) على السلطان بمعنى (ثار)، ضده ووثب عليه... وإلى عصر قريب كانت كلمة (النهضة) تستخدم بمعنى (الثورة)، لأن (النهوض) يعني (الوثوب) و(الانقضاض)... ولقد استخدمها هذا الاستخدام جمال الدين الأفغاني، وكذلك سعد زغلول سنة 1919م)-52-.





ضرورة وجود الفقه الدولي الإسلامي واقرار مبدأ الدفاع الشرعي :

تداخل العالم مع بعضه في علاقات متبادلة يقتضي وقفة جادة ومسؤولة من علماء المسلمين ، لإيجاد فقه دولي يهتم بعلاقات الدول الإسلامية مع غيرها من الدول ، وتقنين ذلك الفقه وفق المذاهب الإسلامية المتعددة ، بحيث يفرز مساحة واسعة لحق الشعوب في تقرير مصيرها واستعمال القوة والعنف المشروع للدفاع عن المقدسات ، وكذلك حق الإنسان للتحرر من العبودية والقهر والإستغلال ، واقرار السلم والأمن الدوليين بصورة واقعية حقيقية … وهذه كلها غايات سعت اليها هيئة الأمم المتحدة ولم توفق في تحقيقها ، بسبب مصالح الدول ونظرتها القومية الضيقة ، التي حالت دون نشوء علاقات دولية اخلاقية متساوية ومتوازنة ، مما أدى الى التوسع في استعمال العنف غير الشرعي في العلاقات الدولية .

واعتقد أن ظهور الفقه الدولي الإسلامي وتقنينه ليس عملاً مستحيلاً إذا سعت الدول الإسلامية الى تنظيم علاقاتها ، وعقد معاهداتها ، وإرساء عرفها الدولي على أسس اجتهادية معاصرة ، اضافة الى إنشاء مجمعات تهتم بالقانون الدولي الإسلامي ، وتقنين قواعده القانونية، التي من شأنها التأثير بالعلاقات الدولية ، و ( بالقانون الدولي العام ) وتطويره وتلافي عيوبه من خلال المشاركة الفاعلة في اصلاح النظام القانوني الدولي ، على غرار اصلاح النظام القانوني الداخلي للدول ، علماً أن القواعد الدولية لاتزال الى اليوم في حالة عدم ثبات ، وفي تطور دائم ومناقشة وشك-53- .





مشروعية اللجوء الى تحكيم غير المسلمين :

يمكن أن يثار في هذا الموضوع تساؤل حول شرعية قبول المسلمين بأحكام القضاة الدوليين غير المسلمين ، أو الإلتجاء الى القضاء الدولي في محكمة العدل الدولية لحل النزاعات بين دول إسلامية وغيرها من الدول ، خصوصاً وأن الشريعة الإسلامية لاتجيز تحكيم غير المسلمين في فض النزاعات وفقاً للآية الكريمة ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً )-54- .

وعليه لاولاية للكافر على المسلم ، وكل (مايؤدي الى مهانة المسلم ، أو جماعة المسلمين ، أو الأمة الإسلامية ، أو يدخل وهناً على الإسلام ، بأي وجه من الوجوه ، فإن ارتكابه في حال الإختيار ، من أعظم المحرمات الدينية ، وأشد المنكرات الشرعية)-55- .

لذا فإن القاعدة العامة هي عدم جواز التحكيم عند غير المسلمين-56- . وعند الضرورة يمكن للفقهاء المسلمين أن يجيزوا التحكيم الدولي غير المسلم بالعناوين الثانوية إذا توقف تحصيل الحق به وفقاً لقاعدة دفع الضرر-57- . وقد ذهب فقهاء المالكية الى تحكيم غير المسلمين-58- لإنهاء الحرب ، لكنهم قيدوا ذلك بقيد الخوف من الأعداء فقالوا : ( يجوز عقد هدنة مع غير المسلمين على أن يحكموا بين مسلم وكافر إذا كان هناك خوف منهم ) .

بلحاظ أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وافقت على تدخل الأمم المتحدة لحل نزاعها وحربها مع العراق ، وقبلت مصر اللجوء الى لجنة التحكيم الدولية بخصوص طابا بينها وبين ( اسرائيل ) ، وقبلت البحرين التحكيم الدولي بشأن نزاعها مع قطر حول بعض الجزر في الخليج .





ترابط احكام الشريعة الإسلامية :

الذي أريد قوله وباختصار شديد … هو ترابط احكام الشريعة وانسجامها وتداخلها وتنظيمها لكل انشطة المجتمع المسلم ، وعليه فإن من الضروري تصدي الفقهاء لتطبيق القواعد الإسلامية العامة الثابتة ، واستنباط الأحكام الشرعية لاستيعاب تطور العصر وتقدمه . ويدخل القانون الدولي الإسلامي ضمن ذلك لأنه (لافرق في نظام الإسلام بين الأمور الدينية أو الأمور التشريعية ، فكلها ذات صفة إلزامية لامناص منها ، وكلها واجبة التنفيذ)-59- .

وهكذا فإن الإسلام يعتبر ديناً له نظامه السياسي المحكم ، ونظامه الإجتماعي الكامل ، بحيث لاتنحصر تعاليمه بعلاقات الإنسان بربه فقط ، بل يمتد ذلك الى تكوين المجتمع المثالي ، الذي يتوسل الى تحقيق اهدافه بتوفير العنصر الإخلاقي في نفس الإنسان-60- . وقد امتد العنصر الأخلاقي الى كل جوانب الحياة ، فشمل علاقات المسلمين بغيرهم ، فكان بدء تاريخ وجود المسلمين كأمة ، وبدء وجودهم الدولي (مقرراً بالهجرة حيث انتقل المسلمون من الموقف السلبي الى الموقف الإيجابي بمواجهة الأعداء )-61- . علماً أن المسلمين عند استعمالهم للقوة المشروعة كانوا مرتبطين بمبادئ اخلاقية ، بحيث لم يتعسفوا في استعمال حقوقهم .

بلحاظ أن الإسلام يمتلك قوى تحريك هائلة ، حيث استطاع بنجاح في زمن الرسول ( ص ) والخلافة الراشدة أن ينقل احكامه وقواعده العامة خارج دار الإسلام ، مما ادى الى نشوء القانون الدولي الإسلامي وتطور قواعده بعد ذلك .

كما أن الرسول( ص ) كان يؤكد دائماً على اخلاقية القواعد الإسلامية ويقول :

( اغزوا باسم الله وفي سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله . اغزوا ولاتغلوا ولا تغدروا ولاتمثلوا ولاتقتلوا وليداً ) .

لذا تصدى فقهاء المسلمين لتنظيم العلاقات الدولية زمن الحرب ، واستعمال العنف على أسس روحية اخلاقية . كما تصدوا الى تنظيم القواعد الدولية الإسلامية وقت السلم ( كالصلح والأمان وشروطهما والوفاء بالعهود وتبادل السفراء . غير أن الحرب كانت تأخذ مكان الصدارة بسبب الظروف التي احاطت بالدولة الإسلامية وتربص الأعداء بها في الداخل والخارج )-62- . ومع ذلك كانت علاقات المسلمين بغيرهم علاقات سلم وأمان ، ولم يكن الجهاد عندهم إلا لرفع راية الإسلام، والحفاظ على إعلاء كلمة لاإله إلا الله –63- .







وثيقة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) الى مالك الأشتر :

تعتبر وثيقة الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) الى مالك الأشتر النخعي ، عندما ولاه مصر ، من الوثائق السياسية والإدارية المهمة ، التي تدل على اهتمام المسلمين بالمبادئ الأخلاقية عند تعاملهم مع الناس ، كل الناس ، مسلمين وغير مسلمين –64- .

ويذهب الدكتور الزحيلي الى أن جمهور الفقهاء قد تأثروا ( بالحالة الواقعية التي سادت علاقات المسلمين بغيرهم في عصر الإجتهاد الفقهي في القرن الثاني الهجري ….فقرروا أن اصل العلاقات الخارجية مع غير المسلمين هي الحرب لا السلم ، مالم يطرأ مايوجب السلم من إيمان أو أمان )-65-.

ولكن التأثر بالحالة الواقعية للفقهاء لم يبعدهم عن مبادئهم الأخلاقية ، فكانوا بحق مصداق الآية المباركة الكريمة : ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين . إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون )-66- .

لهذا فإن الدولة الإسلامية زمن الرسول ( ص ) والخلافة الراشدة لم تشن حرباً هجومية على الدول المسيحية الغربية ( على الصورة التي هاجمت بها الدول الأوروبية المسيحية الدولة الإسلامية في الحروب الصليبية ، متذرعة حماية الأماكن المسيحية المقدسة ، ثلاث قرون كاملة ، ولم تدخل الدولة الإسلامية في حرب على اساس المبدأ المعروف بمبدأ توازن القوى ، وهو المبدأ الذي تأسست عليه علاقات الدول الأوروبية المسيحية ببعضها )-67- .



الحاجة الى مبادئ السماء :

يظل الإنسان دائماً وفي كل مكان بحاجة الى مبادئ السماء الموجودة في القرآن الكريم ، والسنة النبوية لتحقيق السعادة والأمن والسلام في الأرض . علماً أن العلاقات الدولية التي سادت بين المسلمين وغيرهم في الماضي لاتختلف من حيث المضمون عن العلاقات الدولية الحالية ، وإن اختلفت معها في الشكل

والمظهر-68-. فقد كان الرسول ( ص ) ومعه الصحابة ( رض ) يطبقون النصوص القرآنية بدقة ، مما جعلهم يمتنعون عن مقاتلة من يلقي إليهم السلم ، لأن الإسلام لايجيز للمسلمين أن يعتدوا على أحد ، لكنه لايجيز لهم أيضاً أن يستسلموا باسم السلم والأمن لدولة غير إسلامية ، ولايجيز لهم استعمار دولة أخرى ، ( وليس للمسلمين أن يتدخلوا في شؤون الدول الأخرى المسالمة إلا لحماية الحريات العامة ، وإغاثة المظلومين ، ودفع الإعتداء عن المعتقدين بالإسلام ، وذلك منعاً للفتنة في الدين …. الإسلام يحترم حق كل دولة في البقاء والسيادة ، وفي الدفاع عن أراضيها وسيادتها ، وإن العلاقات بين المسلمين وغيرهم تقوم أساساً على السلام ، وما الحرب إلا ضرورة يفرضها حق الدفاع عن النفس وعن العقيدة )-69- .

من وحي مااسلفنا نعرف أن فقهاء الشريعة الإسلامية قد اهتموا كثيراً باستنباط قواعد التنظيم بين الدول ، حيث ارسوا بذلك القانون الدولي الإسلامي-70- ،الذي يستند الى قواعد اخلاقية لتوطيد السلم والأمن الدوليين لكافة الناس دون تمييز أو عنصرية-71- . لقد كان هذا القانون الإلهي اخلاقياً لأنه لايجيز ابداً استعمال القوة والعنف للإفساد في الأرض ، وإتلاف الحرث والنسل ، والتخريب المتعمد في حالتي السلم والحرب-72- ، كما أن الحرب في الإسلام لاتكون أبداً من أجل احتلال أراضي الغير والتوسع غير المشروع على حساب الدول الأخرى-73-. والجهاد يكون ضرورة إذا :

- ازدحم الكفار على المسلمين بحيث يخاف منه زوال الحق وإثبات الكفر والباطل ، فيجب على جميع المسلمين حينئذ مدافعتهم ) –74-.

وهكذا فإن العلاقات الدولية في الإسلام ، المستندة الى قيم روحية أخلاقية ، هي ماتحتاجه الإنسانية في تطلعها للمساواة والحرية ،واقرار السلم والأمن في العالم . لأن (القانون الإلهي إذا نزل يقرر ويبطل، ويزيد وينقص ،فيطرح القوانين الباطلة ويضع القوانين الصالحة )-75- من أجل الناس جميعاً .مكتب / محمد جابرعيسى المحامى




تعليقات
دور محكمة النقض في توحيد كلمة القانون






موجز الدراسة





دور محكمة النقض في توحيد كلمة القانون

الجمع بين المنطق القضائي والمنهج ...

الرقابة عند تحديد معني القانون ...

دور محكمة النقض فى مجال التكييف ...

أمثلة لإبداعات محكمة النقض في ...

خاتمة







موجز الدراسة



احتفل القضاء المصري وأساطين القانون في مصر بالعيد الماسي لمحكمة النقض،‏ أي بمضي خمسة وسبعين عاما علي إنشائها باعتبارها منارة للتطبيق القانوني السليم‏،‏ وضمانا لتوحيد كلمة القانون واستقرار مبادئه‏. وقد شهدت البلاد في كنفها نهضة قضائية باهرة بلغت أروع المدى رصعتها المبادئ الخالدة التي شيدتها‏،‏ والتي في ضوئها تأكدت معاني العدل والحرية والمساواة‏.‏

في ساحة هذه المحكمة العليا تجتمع الأقضية التي تفصل فيها المحاكم علي اختلاف أنواعها وأيا كانت المصالح التي يشتبك بينها النزاع‏،‏ لكي تقول فيها كلمة القانون العليا حسما لأي خلاف أو جدل‏،‏ لكي تتوحد كلمة العدل مع توحيد كلمة القانون‏. وقد استطاعت محكمة النقض مرفوعة الهامة أن تشق طريقها بحكمة واقتدار وسط الشعاب والصخور التي قابلتها علي مدى تاريخها الطويل‏.‏
الجمع بين المنطق القضائي والمنهج القانوني في الرقابة علي حسن تطبيق القانون‏






وماكانت أسباب العدل وعلم القانون لتجتمع في قضاء محكمة النقض لو لم تستخدم كلا من المنطق القضائي والمنهج القانوني السليم أسلوبا لتفكيرها‏،‏ للوصول الي الحل القضائي السليم. فاستطاعت المحكمة أن تشق طريقها في مراقبة منطق الاستخلاص الموضوعي للقاضي في مقام الرقابة علي حسن تطبيق القانون‏.‏

وقد اتخذت المنطق القضائي أداة لمراقبة مدي حسن تطبيق القانون‏،‏ تأسيسا علي أنه لايمكن لمحكمة النقض أن تضمن وحدة كلمة القانون في أحكام القضاء ما لم تضمن في الوقت ذاته سلامة المنطق القضائي الذي ينبني عليه استخلاص الواقع‏. فالمنطق المعوج في استخلاص واقع الدعوي يقود إلي تطبيق معوج للقانون‏،‏ لأن التحكم في الواقع لابد أن يسفر عن خطأ في القانون‏.‏

وقد استطاعت محكمة النقض وضع قواعد للمنطق القضائي في مجال رقابتها علي تسبب الأحكام‏،‏ بما يسمح بضمان سلامة هذا المنطق كخطوة لازمة نحو وحدة القضاء في حسن تطبيق القانون‏. وتجلي ذلك واضحا في كثير من أحكامها التي تتحدث إما عن سلطة المحكمة في استخلاص الدليل بطريق الإستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية‏،‏ أو عن حق المحكمة في استنباط الحقيقة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية طالما اتفق ذلك مع العقل والمنطق‏. ومن خلال هذه القواعد التي أقامتها محكمة النقض حددت المحكمة عيوب التسبب التي كشفت عن اعوجاج منطق الحكم‏،‏ فاستجلت عيوب القصور في البيان والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد في مقام رقابتها علي منطق المحكمة في تحديد الواقع أو استخلاصه‏.‏

وتجلت قيمة رقابة محكمة النقض علي محكمة الموضوع بشأن الواقع في نقضها للأحكام إذا كانت المقدمات التي انتهت إليها المحكمة لاتؤدي من الناحية المنطقية الي النتيجة التي خلصت إليها‏. ومن صور هذه الرقابة ما أطلقت عليه محكمة النقض تعبير التعسف في الاستنتاج لتتأكد رقابة المحكمة علي المنطق القضائي لمحكمة الموضوع في معرض استخلاص الواقع‏. وكل ذلك إيمانا بأن الأسس التي يقوم عليها المنطق القضائي هي المدخل نحو حسن تطبيق القانون‏. وفي هذا النظام تجلت روعة قضاء محكمة النقض حين أخرجت الإثبات المادي للوقائع من نطاق رقابتها‏،‏ بينما مدت هذه الرقابة علي منطق استخلاص الواقعة برمتها في ضوء ما أثبتته من ماديات الوقائع‏. ومن خلال رقابة محكمة النقض علي المنطق القضائي لمحكمة الموضوع ساهمت المحكمة في الاقتناع العام بعدالة الأحكام التي تتأبي ما لم تكن مبنية علي منطق سليم‏،‏ وساهمت بذلك في ضمان الأمن القانوني للحيلولة دون الخطأ في تطبيق القانون تحت تأثير الخطأ في الواقع الذي يعتبر مجرد هيكل عظمي يكسوه القانون‏،‏ فإذا كان الهيكل معوجا أو مشوها انعكس ذلك علي تطبيق القانون‏.‏



الرقابة عند تحديد معني القانون لضمان حسن تطبيقه‏






وإذا كان القانون علما واسع النطاق يمتد في كل اتجاه ويتخذ أشكالا مختلفة‏،‏ فإن منهج التفسير القانوني يعين في تحديد معني القاعدة القانونية الواجبة التطبيق‏،‏ ويحرك النشاط القضائي عند إعمال حكم القانون‏. ولا يتوحد منهج التفسير القانوني الذي يلجأ إليه المنشغلون بالقانون علي اختلاف مشاربهم ومواقعهم بل يسوده الاختلاف‏. وقد اتسعت ساحة محكمة النقض للاستماع إلى مختلف أسانيد رجال القضاء من خلال أحكامهم المطعون فيها وإلى مختلف أسانيد المحاماة من خلال مرافعاتهم‏،‏ وكأنها تعبر عما يقبع في عقولهم عن فهم لمعني القانون‏. فالمحامون يرتكزون في حججهم القانونية علي حق الدفاع‏،‏ والقضاة يرتكزون في أسانيدهم القانونية علي رسالة القضاء في إقامة العدل وإعمال صحيح حكم القانون‏. ووسط هذا الزخم الكبير من الحجج والأسانيد تأتي محكمة النقض لكي تحسم الخلاف في تحديد كلمة القانون وتفرض الحل القانوني للنزاع بعد أن تتحري وجه الصواب في المنطق القضائي عند استخلاص الواقع الذي يتم عليه إنزال حكم القانون‏.‏

ولقد استطاعت محكمة النقض عبر تاريخها العريق في تفسير القانون أن تتجاوز متونه الشكلية لكي تكفل الحياة المتجددة للقانون وتكفل صلاحيته للتطبيق عبر المستقبل بغض النظر عن ظروف نشأته واللحظة التاريخية لميلاده وذلك بالنظر الي نصوصه بوصفها قواعد قانونية عامة مجردة لا مجرد متون شكلية‏.‏

لقد آمنت محكمة النقض بأن معني القانون ليس أسيرا لنصوصه الجافة أو حروفه الجامدة‏،‏ وأمكن لها استخلاصه من خلال التفاعل مع الواقع والمستقبل بعوامله السياسية والاقتصادية والاجتماعية‏. كما لم يوهن من قدرة المحكمة علي التأويل الذي يكفل تطور معاني القانون‏،‏ أن هذا القانون كان من صنع جيل قديم‏،‏ لأن القانون بحسب الأصل لا تنتهي صلاحيته بتاريخ معين‏. كما أنه بين الجيل القديم الذي عاصر وضع القانون والجيل الجديد الذي يعاصر تفسيره وتطبيقه علاقة تربط الآباء بالأبناء. وعلي كل جيل من الأجيال التي تتسلم أمانة تطبيق القانون أن تتطور وأن تستمر لا أن يلقي في الهواء ما تسلمه من تراث أسلافه‏.

وتجلت حنكة محكمة النقض في تفسير القانون تارة في مجال تطبيق النص‏،‏ وتارة أخري في مجال تحديد المركز القانوني الذي أنشأه النص‏،‏ وكذلك في مجال تحديد الفكرة التي عبر عنها النص‏.‏ في هذا الإطار استطاعت محكمة النقض أن تنهض بدورها في مراقبة صحة تطبيق القانون بعد أن تعمل فيه منهج التفسير القانوني السليم وتستجلي معانيه‏. وإذا كان التمييز يجري بين مخالفة القانون‏،‏ والخطأ في تطبيقه‏،‏ والخطأ في تأويله‏،‏ إلا أن هذه الصور لاتنفصل عن بعضها‏. فالخطأ في تطبيق القانون يقود عادة إلي مخالفة القانون‏،‏ كما أن الخطأ في تأويل القانون يقود عادة الي الخطأ في تطبيقه أو إلي مخالفته‏. وقد استطاعت محكمة النقض توحيد كلمة القانون من خلال مراقبة صحة تطبيقه في ضوء المعني القانوني الذي تحدده للقاعدة القانونية التي يحملها نص القانون بين جنباته‏. ويتحقق ذلك في مناسبتين هما‏، إعمال التكييف القانوني علي واقعة معينة، والنطق بحكم القانون عند الفصل في الدعوى.‏


دور محكمة النقض فى مجال التكييف القانوني على واقعة معينة






أوجبت محكمة النقض علي قاضي الموضوع ان يبحث الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها حتي ينزل عليها التكييف القانوني السليم إعمالا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات‏، فهذا المبدأ ليس موجها الي المشرع وحده‏، بل موجه أيضا إلي القاضي‏. فإذا تجاهل تطبيقه بأن أضفي على الواقعة وصفا قانونيا خاطئا انطوى ذلك علي إخلال بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في بعض الأحوال. وفي هذا الصدد حددت محكمة النقض أربع دعائم لسلطة قاضي الموضوع في اعمال التكييف القانون الصحيح‏:

(أولاها‏)‏ عدم التقيد بالتكييف القانوني المرفوعة به الدعوي كما ورد في أمر الاحالة الصادر من النيابة أو في ورقة التكليف بالحضور او في طلبات النيابة العامة‏،‏ وانما يتعين علي القاضي ان يضفي علي الواقعة المعروضة عليه التكييف القانون السليم‏(‏ المادة‏208‏ اجراءات‏)‏ انظر قضاء مستقرا لمحكمة النقض مقالة نقض‏16‏ اكتوبر سنة‏1967‏ مجموعة أحكام النقض س‏18‏ رقم‏200‏ ص‏21،986‏ ديسمبر سنة‏1967‏ س‏18‏ رقم‏295‏ ص‏3،1228‏ مارس سنة‏1988‏ س‏39‏ رقم‏55‏ ص‏377)

(ثانيتها‏) أن القاضي لا يتقيد بالتكييف القانوني الذي أثبتته غيره من جهات القضاء‏.‏ ويستوي ان تكون هذه الجهة من قضاء التحقيق او قضاء محكمة اول درجة مع ملاحظة ان المحكمة الاستئنافية مقيدة بعدم الاضرار بمركز المتهم اذا كان هو المستأنف الوحيد‏،‏ طبقا لمبدأ عدم اضرار المستأنف باستئنافه‏(‏ المادة‏3/417‏ اجراءات‏)‏ ومقيدة بحدود الاستئناف المعروض عليها‏،‏ وقد رتبت محكمة النقض علي ذلك ان الحكم الصادرفي المعارضة بعدم جوازها او بعدم قبولها لرفعها عن حكم غير قابل لها يقتصر في موضوعه علي هذا الحكم باعتباره حكما شكليا قائما بذاته دون ان ينصرف اثر الاستئناف الي الحكم الابتدائي الفاصل في الموضوع لاختلاف طبيعة الحكمين‏(‏ نقض‏23‏ اكتوبر سنة‏2005‏ الطعن رقم‏23757‏ لسنة‏65‏ ق‏). وكذلك الشأن فإنه نظرا لتحديد نطاق الاستئناف بشخص رافعه‏،‏ فإن استئناف النيابة العامة يكون مقصورا علي الدعوي الجنائية‏،‏ مما لا يجوز معه للمحكمة الاستئنافية ان تنظر الدعوي المدنية وتفصل فيها‏(‏ نقض‏4‏ يناير سنة‏2006‏ الطعن رقم‏18598‏ لسنة‏70‏ ق‏)

(ثالثتها‏) أن تغيير التكييف القانوني للواقعة ليس محض رخصة للمحكمة‏،‏ بل هو

واجب عليها‏،‏ فعليها ان تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع أوصافها وان تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا‏ (نقض‏8‏ يونيو سنة‏1964،‏ مجموعة أحكام النقض س‏15‏ رقم‏94‏ ص 476.‏ 12مايو سنة‏1964‏ س‏15‏ رقم‏74‏ ص ‏380. ‏ أول يونيو سنة‏1965‏ س‏16‏ رقم ‏108‏ ص ‏538. 7 نوفمبر‏1966‏ س‏17‏ رقم‏201‏ ص ‏1076. 10‏ ابريل سنة‏1967‏ س ‏18‏ رقم ‏98‏ ص‏ 512. 13 أكتوبر سنة‏1974‏ س ‏25‏ رقم‏ 142‏ ص‏661). فليس للمحكمة أن تقضي بالبراءة في دعوي قدمت اليها بوصف معين الا بعد تقليب وقائعها علي جميع الوجوه القانونية والتحقق من أنها لا تقع تحت أي وصف قانوني من أوصاف الجرائم المستوجبة قانونا للعقاب ‏(‏ نقض‏2‏ ابريل سنة ‏2001‏ الطعن رقم ‏3388‏ لسنة‏65‏ ق. 8‏ يونيو سنة‏1964‏ مجموعة احكام النقض س ‏15‏ رقم 94‏ ص ‏476‏. 23مايو سنة ‏1967‏ س ‏18‏ رقم ‏138‏ ص ‏705).‏

(ورابعتها‏) وجوب تنبيه المتهم إلى التكييف القانوني الجديد احتراما لحق الدفاع عندما يتطلب الامر ذلك‏، ولذلك وجب علي المحكمة في هذه الحالة ان تمنح المتهم أجلا لاعداد دفاعه إذا طلب ذلك. وطالما أن تغيير التكييف لا يمس حق الدفاع فلا تلتزم المحكمة بلفت نظر الدفاع إلى التكييف القانوني الجديد إذا كان هذا التكييف مما يتسع له التكييف المرفوعة به الدعوي (‏ نقض‏25‏ يناير سنة‏1965‏ مجموعة احكام النقض ص ‏16‏ رقم ‏24‏ ص‏101).‏ وذلك الشأن إذا استندت المحكمة في تغيير وصف الجريمة إلى استبعاد بعض عناصر الواقعة الجنائية المرفوعة بها الدعوي‏،‏ مثل نية القتل أو سبق الإصرار‏(‏ نقض‏27‏ نوفمبر سنة‏1956‏ مجموعة احكام النقض س ‏7‏ رقم‏133‏ ص 1188. 3 ديسمبر سنة‏1957‏ س ‏8‏ رقم ‏259‏ ص 44. 5 مارس سنة ‏1962‏ س ‏5313‏ ص 201. 4 أكتوبر سنة ‏1965‏ س ‏16‏ رقم‏127‏ ص 662). كما أنه إذا كان كل ما فعلته المحكمة عند إضافة عناصر جديدة هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة بما لا يغير في وصف الجريمة‏،‏ فإنه لا يقضي تنبيه المتهم الي ذلك‏(‏ نقض ‏28‏ فبراير سنة ‏1956‏ مجموعة أحكام النقض س ‏7‏ رقم ‏82‏ ص ‏281).‏

واحتراما لحق الدفاع استقر قضاء النقض علي وجوب تنبيه المتهم كلما ترتب علي تغيير وصف التهمة أو تعديله إثارة دفاع جديد للمتهم. ويتحقق ذلك في حالتين هما‏:

(أ‏)‏ أن يتم تغيير وصف التهمة إلى وصف آخر أشد ولو كان مبنيا علي ذات الواقعة المنسوبة اليه دون اضافة أي عنصر اخر إليها‏ (نقض ‏26‏ نوفمبر سنة ‏1962‏ مجموعة أحكام النقض س ‏13‏ رقم ‏188‏ ص 770. 14 أكتوبر سنة ‏1963‏ س ‏14‏ رقم ‏113‏ ص‏612)‏.

‏(‏ب‏)‏ أن يتم تعديل وصف التهمة بناء على إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة المرفوعة بها الدعوي‏،‏ بغض النظر عما إذا كان التعديل منطويا علي صالح المتهم أو ضده. ومن أمثلة تعديل وصف التهمة لصالح المتهم إذا عدلت المحكمة وصف التهمة من فاعل أصلي في تزوير إلى اشتراك فيه بناء على عنصر جديد لم يرد في أمر الإحالة ‏(‏نقض 28‏ فبراير سنة‏1956‏ مجموعة أحكام النقض س ‏7‏ رقم ‏82‏ ص‏ 271)، أو استبعاد جناية الاختلاس لعدم توافر أركانها ثم إسناد جنحة السرقة إليه استنادا إلى عنصر جديد ‏(‏نقض 9‏ يناير سنة ‏1956‏ مجموعة أحكام النقض س ‏7‏ رقم ‏9‏ ص‏ 14).‏ وكذلك الشأن في تعديل وصف التهمة من ضرب أفضي إلى عاهة مستديمة إلى إصابة خطأ‏،‏ بعد استبعاد المحكمة ركن العمد‏،‏ لما ينطوي عليه هذا التعديل من اضافة ركن الخطأ حتي يكون المتهم علي بينة مما نسب اليه‏.‏


أمثلة لإبداعات محكمة النقض في استخلاص المبادئ






وكما بينا من قبل استقر قضاء محكمة النقض في مجال اعمالها التكييف القانوني السليم على الواقعة على أن تجري ذلك فيما يتعلق بتحديد نطاق تطبيق النص، أو فيما يتعلق بتعريف المركز القانوني الذي انشأه النص‏،‏ أو فيما يتعلق بتحديد الفكرة التي عبر عنها النص‏،‏ وفي هذه المجالات الثلاثة أبدعت محكمة النقض في استخلاص المباديء التي تحمي الحقوق والحريات العامة‏،‏ فقدمت ثروة قضائية استطاعت بها أن تسهم في تأكيد سيادة القانون بشأن حماية الحقوق والحريات العامة‏،‏ نعرض امثلة لها فيما يلي‏.‏

‏(‏أ‏)‏ التفسير في مجال تحديد نطاق تطبيق النص‏:‏ قضت محكمة النقض بأنه لا يصح تفتيش المحال العامة المفتوحة للجمهور بناء علي حقهم في دخولها ما لم يكن هذا التفتيش قائما علي حالة تلبس لا علي حق ارتياد المحال العامة‏(‏ نقض 2‏ فبراير سنة ‏1986‏ مجموعة أحكام النقض س‏ 37‏ ص ‏217)‏ وقضت بعدم التوسع في القيود المفروضة علي حرية النيابة العامة في رفع الدعوي الجنائية‏. مما يجيز لها أن تباشر التحقيق في جريمة الاشتراك في تزوير عقد الزواج لانها مستقلة في ركنها المادي عن جريمة الزنا ‏(‏نقض 16‏ أكتوبر سنة 1988‏ مجموعة أحكام النقض س ‏39‏ ص 914).

‏وأكدت محكمة النقض أن القيود التي وضعها المشرع علي حرية النيابة العامة في استعمال الدعوى الجنائية لا تمس حق المدعي بالحقوق المدنية في تحريك الدعوى أمام محكمة الموضوع مباشرة (نقض 9‏ يناير سنة ‏1996‏ الطعن رقم ‏48182‏ لسنة ‏59‏ ق‏). كما أكدت محكمة النقض أن حرية مجلس الشعب فيما يسنه من قوانين مقيدة باتخاذ الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا لها ‏(نقض 7‏ أكتوبر سنة ‏1982‏ مجموعة أحكام النقض س‏ 33‏ ص ‏736).‏

وقضت محكمة النقض بأن لكل من اعضاء النيابة العامة في حالة اجراء التحقيق بنفسه ان يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض الاعمال التي من اختصاصه غير استجواب المتهم‏،‏ دون ان يمتد الي تحقيق المندوب له خارج دائرة اختصاصه المكاني طالما كان هذا الاجراء في صدد دعوى بدأ تحقيقها علي اساس وقوع واقعتها في دائرة اختصاصه وانعقد الاختصاص فيها لسلطة التحقيق النادبة (نقض 11‏ فبراير سنة 1974‏ مجموعة أحكام النقض س ‏25‏ ص ‏138،‏ أول يونيو سنة ‏1989‏ س ‏40. 15‏ يونيو سنة ‏1989‏ س ‏40‏ ص‏ 630. 5 مايو سنة ‏1991‏ س ‏42‏ ص ‏732). وفي صدد تحديد نطاق النص علي سلطة القاضي الجنائي في الحكم بالبراءة اعطت محكمة النقض القاضي الجنائي سلطة واسعة بالنسبة للقضاء بالبراءة فاكتفت في صحة قضائه بالبراءة بأن يتشكك في صحة التهمة ولو تردى الحكم في خطأ قانوني أو لم ترد المحكمة الواقعة إلى وصف قانوني بعينه بل استقر قضاء محكمة النقض علي عدم اشتراط تضمن حكم البراءة امورا او بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة ‏(‏نقض 25‏ مايو سنة 1983‏ مجموعة أحكام محكمة النقض س 34‏ ص ‏674). وفي صدد تطبيق المادتين 189‏ و‏190‏ عقوبات فيما يتعلق بنشر القضايا قصرت محكمة النقض إباحة النشر علي الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا‏،‏ دون ما يجري في الجلسات غير العلنية أو التحقيق الابتدائي أو التحقيقات الأولوية أو الإدارية ‏(نقض 24‏ مارس سنة 1959‏ مجموعة أحكام النقض س‏ 10‏ ص 348. 16‏ يناير سنة ‏1963‏ س 14‏ ص 47‏)، وقضت محكمة النقض بأن النص في المادة 44‏ من الدستور ينص علي صون حرمة المسكن وحظر دخوله أو تفتيشه إلا بأمر قضائي مسبب وفقا للقانون‏،‏ قابل للإعمال بذاته (نقض 20‏ نوفمبر سنة 1985‏ مجموعة الأحكام س 36‏ ص 1027).

‏ ب‏)‏ التفسير في صدد تحديد المركز القانوني الذي انشأه النص‏:‏

قضت محكمة النقض بانه لما كانت حرمة المسكن تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه‏،‏ فإن مدلول المسكن يتحدد في ضوء ارتباط المسكن بحياة صاحبه الخاصة‏،‏ فهو كل مكان خاص يقيم فيه الشخص بصفة دائمة‏،‏ او مؤقتة‏،‏ وعلي ذلك فإن عدم اكتمال بناء المسكن او عدم تركيب ابواب او نوافذ له لا يقدح في أنه مكان خاص طالما أنه في حيازة صاحبه يقيم فيه ولو لبعض الوقت ويرتبط به ويجعله مستودعا لسره ويستطيع ان يمنع الغير من الدخول إليه إلا بإذنه فلا يعد مكانا متروكا يباح للغير دخوله دون إذنه ولا يجوز لرجال السلطة العامة دخوله إلا في الأحوال المبينة في القانون، وقضت بأن القيود الواردة علي حق رجل الضبطية القضائية في إجراء القبض والتفتيش تمتد إلي السيارات الخاصة بالطرق العامة طالما هي في حيازة أصحابها‏. وفي صدد الدفاع الشرعي‏،‏ نظمت محكمة النقض في تفسيرها لنصوص القانون حرية الدفاع الشرعي بوضع قيود تستلزمها الرقابة من اتخاذ تلك الجريمة وسيلة للاعتداء وليس لرد الاعتداء‏،‏ فأكدت محكمة النقض أنه لا قيام للدفاع الشرعي مقابل دفع اعتداء مشروع‏،‏ وأن حق الدفاع شرع لرد العدوان ومنع استمراره‏،‏ وليس من قبيل القصاص والانتقام لعدم تناسبهما. وقضت بأن استطاعة المدافع الاستعانة برجال السلطة العامة لحماية الحق المهدد تحول دون إباحة فعل الدفاع الشرعي‏،‏ وذلك باعتبار أنه لا محل للدفاع الشرعي إلا عند عجز السلطات العامة عن حماية الحق. وقضت بأنه لا وجود لحق الدفاع الشرعي إذا كان الاعتداء قد انتهي. وقضت بأنه كون المدافع محاميا لا يحرمه من حق الدفاع الشرعي عن ماله ولا يلزمه بأن يتخلي عن استعمال هذا الحق لرد ما يقع من اعتداء حفاظا علي ماله اكتفاء بالعمل علي استرداده بعد ضياعه. وقد حرصت محكمة النقض في تفسيرها للمادة ‏61‏ من قانون العقوبات علي عدم حصر حالة الضرورة في نطاق ضيق وتوسعت فيها تمكينا للافراد من وقاية أنفسهم أو غيرهم مما قد يتعرضون له من أخطار جسيمة علي وشك الوقوع ليس لهم دخل في حدوثها‏،‏ إلا أن محكمة النقض حرصا منها علي عدم اتخاذ حالة الضرورة وسيلة للاعتداء علي حريات الافراد‏،‏ وضعت لحالة الضرورة قيدا جوهريا هو أن الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر‏. وقضت محكمة النقض بأن المشرع نظم ممارسة حرية الصحافة بوضع قيود تستلزمها الوقاية من سطوة أقلام قد تتخذ من الصحف أداة للمساس بالحريات أو النيل من كرامة الشرفاء إن سبا أو قذفا أو إهانة أو غير ذلك من أفعال يتأبي علي المشرع إقرارها تحت ستار حرية الصحافة وما لها من قدسية وحماية‏،‏ وبتقدير أن الحرية في سنتها لا تتصور انفلاتا من كل قيد ولا اعتداء علي حقوق الغير ولا تسلطا علي الناس وباعتبار أنه لا شيء في الوجود يكون مطلقا من أي قيود‏.‏

‏(‏ج‏)‏ التفسير في صدد تحديد الفكرة القانونية التي عبر عنها النص دون ان يحدد مدلولها صراحة‏:‏ عنيت محكمة النقض بهذا التحديد في مقام مراقبة محكمة الموضوع في تحديدها لمعني بعض الافكار غير المعرفة في القانون‏،‏ ومن أمثلة ذلك قولها عن التلبس بانه حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها‏،‏ وأنه يتعين أن يشاهد مأمور الضبط القضائي أثرا من اثارها ما ينبيء بذاته عن وقوعها‏،‏ وصونا للحرية الشخصية للافراد توسعت محكمة النقض في تفسيرها بالمقصود بالتعذيبات البدنية في صور تطبيق المادتين 208 ، 282‏ عقوبات‏،‏ فلم تشترط فيها درجة معينة من الجسامة. وفي صدد تحديد المقصود بلفظ (الإذن‏)‏ برفع الدعوي الجنائية في جرائم النقد طبقا لمادة 419‏ من القانون رقم 80‏ لسنة 1947‏ بتنظيم الرقابة علي عمليات النقد المضافة بالقانون رقم 111‏ لسنة 1953‏ قضت بأنه بحسب التكييف القانوني السليم هو "طلب" بالمعني الوارد في المادة التاسعة من قانون الاجراءات الجنائية‏. وفي صدد حماية حرية الاختراع وتشجيعها توسعت محكمة النقض في تعريف الابتكار الذي يستحق الحماية‏،‏ فقضت بأن الابتكار قد يتمثل في فكرة أصلية جديدة فيخلق صاحبها ناتجا جيدا‏،‏ وقد تتخذ الفكرة الابتكارية شكلا آخر ينحصر في الوسائل التي يمكن عن طريقها تحقيق نتيجة كانت تعتبر غير ممكنة في نظر الفن الصناعي لا قائم قبل الابتكار‏،‏ وقد يكون موضوع النشاط الابتكاري مجرد التوصل الي تطبيق جديد لوسيلة مقررة من قبل‏،‏ وليس من الضروري أن تكون النتيجة جديدة‏،‏ بل الجديد هو الربط بين الوسيلة والنتيجة واستخدام الوسيلة في غرض جديد‏،‏ وتسمي البراءة في الحالة براءة الوسيلة وهي تنصب علي حماية التطبيق الجديد‏،‏ وفي صدد تحديد معني الاعتراف الذي يعول عليه استقر قضاؤها علي وجوب أن يكون اختياريا وأنه لا يعتبر كذلك ولو كان صادقا إذا صدر تحت تأثير الاكراه أو التهديد كائنا ما كان قدره. وفي صدد تحديد المقصود بكذب البلاغ قضت محكمة النقض بأن العبرة في كذب البلاغ أو صحته هي بحقيقة الواقع‏،‏ ولا يصح القول بانه إذا عجز المبلغ عن الاثبات فإن بلاغه يعتبر كاذبا‏،‏ وعرفت محكمة النقض الاستيقاف بأنه إجراء بمقتضاه يحق لرجل السلطة العامة ان يوقف الشخص ليسأله عن هويته وعن حرفته ومحل إقامته ووجهته اذا اقتضي الحال علي أساس أن له مسوغا‏،‏ واستندت محكمة النقض الي هذا التعريف في التمييز بين الاستيقاف والقبض واعتبار الاستيقاف غير المشروع قبضا باطلا لا يستند إلى أساس وينسحب هذا البطلان إلى تفتيش المتهم وما أسفر عنه من العثور علي المادة المخدرة‏،‏ لان ما بني علي الباطل باطل‏. وفي صدد المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية طبقا لنص المادة 62‏ من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك‏،‏ أما سائر الامراض والاحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية‏. وفي صدد تعريف الاستيلاء علي مال الدولة المنصوص عليه في المادة 113‏ عقوبات عرفته محكمة النقض بأنه يقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصرا من عناصر ذمتها المالية‏،‏ ثم قيام موظف عام‏-‏ أو من في حكمه‏-‏ بانتزاعه منها خلسة او حيلة او عنوة. وعرفت محكمة النقض المقصود بالحكمين المتناقضين وفقا للفقرة الثانية من المادة 441‏ إجراءات لقبول طلب إعادة النظر في الحكم النهائي الصادر بالعقوبة‏،‏ بأنه ينصرف إلى الحالة التي تكون فيها حجية أحد الحكمين تتناقض مع حجية الحكم الآخر أو تهدرها فلا يتفق أساس ادانة كل من المحكوم عليه مع اساس ادانة الاخر‏،‏ ولا يستقيم في حكم العقل والمنطق قيام الحكمين معا‏.‏

وعرفت محكمة النقض المقصود بالاهانة التي توجه الي موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته او بسبب تأديتها المؤثمة بالمادة 134‏ عقوبات ينصرف إذا تعمد الجاني توجيه العبارات الي المجني عليه مباشرة‏،‏ فإذا وجهت الي إدارة تابعة له لا تتوافر أركان جريمة الإهانة. وعرفت محكمة النقض الرهن الذي قصده الشارع في جريمة خيانة الامانة بأنه الرهن الحيازي دون الرهن الرسمي. وعرفت محكمة النقض الاجراءات الجنائية التي لا يجوز اتخاذها قبل عضو مجلس الشعب الا بعد استئذان المجلس بأنها اجراءات التحقيق الماسة بشخص عضو مجلس الشعب كتكليفه بالحضور أو استجوابه أو إصدار أمر بضبطه واحضاره أو حبسه أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو إقامة الدعوي ضده أمام المحكمة الجنائية‏،‏ أما غير ذلك من إجراءات التحقيق غير الماسة بشخص عضو المجلس كسماع الشهود واجراء المعاينات وندب الخبراء وغيرها والتحقيق دون قيد مشابه مع متهمين آخرين لا يلزم للتحقيق معهم إذن فلجهة التحقيق ان تجريها دون انتظار لإذن المجلس‏،‏ وأنه لا محل‏-‏ من بعد‏-‏ لاعمال حكم الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الاجراءات الجنائية التي جري نصها علي أنه‏:‏ "وفي جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوي الجنائية تقديم شكوي أو الحصول علي إذن أو طلب من المجني عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول علي هذا الإذن أو الطلب‏.." فحرمت اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق‏،‏ ولو لم يكن ماسا بشخص المتهم أو مسكنه إذا لم يكن هناك إذن‏،‏ ذلك أن نص هذه الفقرة الأخيرة ورد بشأن الإذن الذي يستلزمه قانون من القوانين‏،‏ فخرج بذلك الاذن الوارد بالمادة ‏99‏ من الدستور من إطارها‏-‏ إذ لا يجوز تقييدها بموجب تشريع أدني وكان تحت نظر المشرع الدستوري عند صياغة المادة المشار بيانها‏،‏ ولو كان يرى هذا الرأي لنص عليه صراحة‏.


خاتمة






هذه بعض نظرات علي قضاء محكمة النقض لضمان حسن تطبيق القانون، لقد عملت هذه المحكمة علي تأكيد سيادة القانون من خلال استخلاص معناه الحقيقي وصولا لاستخدام رقابتها من اجل العمل علي توحيد كلمة القانون‏. وقد ساهمت محكمة النقض عبر قضائها المستنير في تحقيق الأمن القانوني‏،‏ لأن اختلاف المحاكم في تطبيق القانون من شأنه ان يؤدي الي تعدد معناه واختلاف الناس في تفسيره‏. وهذا الأمر يؤثر في الأمن القانوني بما يزعزع سيادة القانون ويخل بمبدأ المساواة امام القانون‏. ولهذا حرصت محكمة النقض علي منع هذا الاختلاف‏،‏ وتحقيق الاستقرار في تحديد معني القانون لضمان سلامة تطبيقه‏.

ولكننا نلاحظ أن محكمة النقض رغم الاعباء الجسام التي تتحملها لضمان حسن تطبيق القانون مازالت تؤدي دورها عبر توافر شرط المصلحة في الطعن لدي أحد الخصوم‏،‏ وكم كنا وما زلنا نأمل ان ينفتح طريق الطعن بالنقض الجنائي لمصلحة القانون ضد الاعمال القضائية والقرارات او الاحكام المخالفة للقانون وذلك بناء علي طلب النائب العام حتي لا يتأذي القانون بسوء تطبيقه بما يسيء للعدالة‏.‏

ومن ناحية أخرى، أليس أمرا عجبا أن نرى حكما قضائيا مخالفا للقانون‏،‏ ثم يسمح القانون بعد ذلك ان ينتج هذا الحكم أثاره دون إصلاح الخطأ القانوني بدعوي انطباق نظرية العقوبة المبررة؟‏!‏

إن محكمة النقض بما تملكه من سمو موقعها في مراقبة حسن تطبيق القانون قادرة علي كشف ما يعتور التشريع في بعض الاحوال من عيوب تتبدى عند تطبيقه. ولهذا نأمل أن يصدر تقرير سنوي من محكمة النقض حول نشاط المحكمة وملاحظاتها عند فحص الطعون،‏ وما ترى إدخاله من تحسينات لمعالجة الصعوبات التي تقابلها‏،‏ ومنها ظاهرة ازدياد الطعون الجنائية وتأخر الفصل فيها‏،‏ بالإضافة إلى هيكل محكمة النقض بما يتطلبه من تحديث وتطوير لضمان فاعلية أسلوب العمل فيها‏ واقتراح ما تراه من تعديلات للقوانين لمعالجة بعض العيوب التشريعية التي تلاحظها‏.‏

ونقر بأن محكمة النقض كان لها دور محمود في توجيه المشرع نحو تعديل بعض نصوص قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وتقنين للمباديء الرفيعة التي أرستها هذه المحكمة‏. وإذا كان لنا في العيد الماسي لمحكمة النقض أن ننظر بإعجاب وتقدير كبيرين للإنجازات الضخمة التي أنجزتها المحكمة في مقام العمل علي حسن تطبيق القانون وتوحيد كلمته‏، فإننا في ذات الوقت نسجل أن هذه المحكمة هي الحصن الامين للحقوق والحريات‏،‏ فبفضل استجلاء معاني القانون وتوحيد كلمته ارتفعت سيادة القانون وتوحدت قيم المشروعية والأمن القانوني. ولا أدل علي ذلك مما سطرته محكمة النقض بحروف من نور من أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات علي حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق.


مكتب / محمد جابرعيسى المحامى

















































































تعليقات
ما لا يبيحه الدفاع الشرعي


مادة 248-249



المادة 248



لا يبيح حق الدفاع الشرعي مقاومة أحد مأموري الضبط أثناء قيامة بأمر بناء على واجبات وظيفته مع حسن النية ولو تخطي هذا المأمور حدود وظيفته إلا إذا خيف أن ينشأ عن أفعاله موت أو جروح بالغة وكان لهذا الخوف سبباً معقول .



المادة 249



حق الدفاع الشرعي عن النفس لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية.



أولا :- فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة.



ثانيا :- إتيان امرأة كرها أو هتك عرض إنسان بالقوة.



ثالثا :- اختطاف إنسان



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
تعدي حدود الدفاع الشرعي


مادة 251



- لا يعفي من العقاب بالكلية من تعدي بنية سليمة حدود حق الدفاع الشرعي أثناء استعماله إياه دون أن يكون قاصداً إحداث ضرر أشد مما يستلزمه هذا الدفاع ،ومع ذلك يجوز للقاضي إذا كان الفعل جناية أن يعده معذورا إذا رأي لذلك محلا وأن يحكم عليه بالحبس بدلا من العقوبة المقررة فى القانون



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
توقيت الدفاع الشرعي وأحكامه المرتبطة بزمن الدفاع الشرعي


مادة 245-246-247



المادة 245



لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله وقد بينت ف المواد الآتية الظروف التي ينشأ عنها هذا الحق والقيود التي يرتبط بها.



المادة 246



حق الدفاع الشرعي عن النفس يبيح للشخص إلا فى الأحوال الاستثنائية المبينة بعد استعمال القوة اللازمة لدفع كل فعل يعتبر جريمة على النفس منصوصاً عليها فى هذا القانون.



وحق الدفاع الشرعي عن المال يبيح استعمال القوة لرد أي فعل يعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى الأبواب الثاني والثامن والثالث عشر والرابع عشر من هذا الكتاب وفى الفقرة 4 من المادة 279.



المادة 247



وليس لهذا الحق وجود متى كان من الممكن الركون فى الوقت المناسب إلى الاحتماء برجال السلطة العمومية





--------------------------------------------------------------------------------

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الدفاع الشرعى




ما هو الدفاع الشرعى وكيف يكون لك الحق فى استعماله

دون ان تسأل جنائيأ وحدود الدفاع الشرعى ووقت اسعماله

____________________________



تعريفه

الدفاع الشرعى هو حق عام يعطى صاحبه استعمال القوة الضروريه لدفع كل عدوان على النفس او المال

_______________________________-



متى يسمح لك بالدفاع الشرعى اى ما هيه شروطه



_1_

وقوع اعتداء بفعل يعد جريمه



فيجب ان يكون الفعل الذى يهدد حياتك يعتبر جريمه وهذا الشرط اساسى لتبرير اى شكل من اشكال الدفاع عن نفسك لكن هناك ملحوظه هامه لايعتبر دفاع شرعى فى بعض الاعمال المباحه مثل الاب عند عقابه لابنه فهنا لا ينشئ لابن الحق فى الدفاع الشرعى



_2_

لا دفاع شرعى فى مواجهه مأمورى الضبط اثناء قيامه بواجبات وظيفته فالدفاع الشرعى لايجوز عن به مواجهه الشرطه الا اذا تطور الامر بفعل يعد جريمه دون ان يكون حسن النيه

_3_

ينشا حق الدفاع الشرعى فى مواجه المعتدى ولو كان غير مسئول جنائيأ مثل مواجه الاعتداء من مجنون او طفل غير مميز فهنا ايضا ينشأ لك حق الدفاع الشرعى

_4_

ينشا حق الدفاع الشرعى اذا كان المعتدى البادئ بالعدوان يتمتع بعذر قانونى مثال عند مفاجاة الزوج لزوجته فى حاله الزنا هنا ايضا يجوز للزوجه ومن كانت معه استعمال الحق فى الدفاع الشرعى على الرغم من ان الزوج يتمتع بعذر قانونى



( الخطر الوهمى )



يحدت ان يظن الانسان ان هناك خطر يهدد فيلجأ للدفاع الشرعى ويتضح بعد ذلك انه كان موهوم لكن الفقه استقر ان يرجع ذلك الى تقدير ظروف كل حاله على حدى وتختص المحكمه بتقدير ذلك



___________________________



انواع الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى



_1_



جرائم الاعتداء على النفس



مادة 246 من قانون العقوبات تبيح كلك شخص الحق فى استعمال القوة الازمه لدفع كل فعل يعتبر جريمه على النفس

كالقتل والجرح او الضرب الذى يفضى الى عاهه مستديمه او الاختطاف وما يمثل الاعتداء على العرض كهتك العرض والاغتصاب



_2 _



جرائم الاعتداء على المال



وهنا لم يخص الشارع بالدفاع الشرعى على النفس فقط بل اضاف اليها المااااال وهى وردت على سبيل الحصر



أ- جرائم الحرق العمد ب _ جرائم السرقه ج_ جرائم التخريب والاتلاف



د_ جرائم انتهاك حرمه ملك الغير ر_ جرائم الدخول على الاراضى الزراعيه المهيأة للزراعه او مبذور فيها زرع او بها بهائم او دواب وتلك الحالات تكون تقديرة للمحكمه



_____________________________



ضرورة استعمال القوة لرد الاعتداء مـــــــــــــتى



_1_



يجب ان يكون الاعتداء حالا



يجب ان يكون حالا او وشيك الوقوع حتى يكون استعمال القوة ضرورى فاذا لم يكن حالا او وشيك الوقوع لا ينشا حق الدفاع الشرعى



واذا وقع الاعتداء وانتهى فلا ينشأ حق الدفاع الشرعى واذا دافع عن نفسه بعد انتهاء الفعل يعتر ما قام به عدوان وليس دفاع شرعى

لان القانو حددة بشرطين هو ان يكون حالا او وشيك الوقوع ولا محل للدفاع الشرعى اذا فر الجانى وترك المسروقات او هرب بعد ان قام بحرق اى شئ



_2_



اتجاة فعل الدفاع الى مصدر الخطر يجب ان يوجه المعتدى عليه دفاعه اللى الشخص الذى يسبب له الخطر وليس الى اى شخص اخر

_3_



استعمال القوة هى الوسيله الوحيدة لدفع العدوان اى يكون المعتدى عليه لم يجد اى وسيله اخرى لدفع العدوان الا باستعمال القوة فاذا امكن له دفع الضرر باى وسبله اخرى لا ينشا بحقه الدفاع الشرعى مثال اذا وجه تهديد لشخص بالقتل فهنا يمكن لهذا الشخص

الاتصال بالسلطات ولا ينشا له الدفاع الشرعى



__________________________



حدود استعمال الدفاع الشرعى



_1_



تناسب القوة المستعمله مع جسامه الاعتداء

اى لا تكون القوى التى ديفع بها العدوان اكبر من القدر الازم وتلك مشكله تترك لقاضى الموضوع مثال لو طفل صغير يريد ان يضرب رجل كبير فاستعمل الرجل سلاح نارى فهنا لا ينشأ الدفاعه الشرعى



_2 _



القتل

حالات القتل للدفاع عن النفس وهى الحالات التى يجوز فيها القتل للدفاع عن النفس



اولا



فعلا يتحوف منه الموت او يحدث منه جراح قاتله



ثانيا



اتيان امراة كرهأ او هتك عرض انسان بالقوة

ثالثا

اختطاف انسان



رابعا

الدخول ليلا لمنزل مسكون قاصد ارتكاب جريمه فهنا اباح القانون القتل واستلزم القانون ان يكون الدخول ليلا وبوسيله غير مشورعه



__________________________



شروط المدافع عن نفسه واستعماله الدفاع الشرعى



_1_



يجب ان يكون حسن النيه فذا لم يكن حسن النيه اعتبر خارج عن القانون وتقدير حسن النيه او سوء النيه امر متروك للمحكمه

فلابد ان يكون الشخص حقيقتأ فى موقف دفاع عن نفسه



___________________________



عذر تجاوز الدفاع الشرعى



ارادالمشرع تخفيف على من توافر له حق الدفاع الشرعى ولكنه تجاوز ذلك الحد بحسن نيه فهنا لا يعفى من العقاب كليأ لكن اجاز تخفيف العقاب وفق تقدير قاضى الموضوع



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الدفاع الشرعي




المحامي حيدر البصري



تمهيد



إن الآلية التي تسير وفقها عجلة الحياة الاجتماعية في المجتمعات البشرية تختلف في طبيعتها عن تلك التي تسير وفقها عجلة الحياة في غيرها من التجمعات.



فالأمر المسلم أن غير الإنسان من مخلوقات الله تعالى تحكم القوة حياته وعلاقاته. وهو عين المنطق الذي كان يحكم المجتمعات البشرية إبان الحياة البدائية للإنسان، الذي تنبه الإنسان بحكم التطور الذي حصل في تفكيره إلى خطأ هذا الأسلوب الفادح في إدارة الحياة البشرية مما ألجأه إلى منطق آخر، وآلية مختلفة تماماً عن آلية الحياة البدائية ـ أو منطق القوة ـ ومن هنا برز لنا القانون ودوره في الحياة الاجتماعية.



ونحن هنا لا نرمي من هذا الكلام الخوض في موضوع نشوء القانون والحاجة إليه. وانما الذي يهمنا هو أن هناك اعتبارات تضطر الإنسان للرجوع إلى منطق القوة في سبيل حماية البعض مما يستحق الحماية من قبيل الأنفس والأموال والأعراض. وذلك حين يتعذر اللجوء إلى القانون والاحتماء به لأجل حمايتها.



فهل يعد اللجوء لهذا المنطق ـ منطق القوة ـ الاستثنائي أمرا كيفياً يعود تقديره إلى ذات الشخص ودوزانا تحكمه ضوابط معينة أم أن هناك شروطا حددتها التقنيات ـ إلهية كانت أم أرضية ـ بحيث لا يتسنى للإنسان اللجوء إلى ذلك المنطق ما لم تتوفر؟ هذا ما سنتناوله في هذه الدراسة الموجزة.



تعريف الدفاع الشرعي



يمكن تعريف الدفاع الشرعي بأنه: (حق يتمكن الإنسان من خلاله الدفاع عن نفسه، أو ماله، أو عرضه بنفسه حين يتعذر عليه اللجوء إلى القانون الذي من شأنه حماية حقه).



طبيعة حق الدفاع الشرعي



هناك أمر مهم يجب أن يعرف وهو طبيعة هذا الحق فهل هو حق طبيعي للإنسان يوجد مع وجود الإنسان وليس للقانون دور في الأمر سوى حماية هذا الحق، أم هو حق مكتسب أي أن القوانين هي التي أعطت الإنسان هذا الحق.



إن القول بالأمر الثاني ـ كون الدفاع الشرعي حقاً مكتسباً ـ يعني أن الفرد يتمتع بهذا الحق ما دام القانون يخوله ذلك، أما حين يسلب منه القانون ذلك الحق فانه سيفتقد له، ولكن هل أن هذا القول مطابق للعقل أم انه مما يخالف العقل والوجدان؟



إن التدقيق والتأمل من قبل الإنسان ـ وبغض النظر عن مستواه العلمي والثقافي ـ سيقوده إلى حتمية خطأ هذا القول. كما أن الواقع يقول بغير هذا تماما.



فالكل يدرك بالوجدان بان الإنسان وبمجرد إحساسه بوجود خطر ـ عليه أو على عرضه أو ماله ـ يتحرك بتأثير دافع داخلي نحو الوقوف بوجه ذلك الخطر وصده، وهذا الأمر لا يختص به الإنسان الذي يعيش في كنف القانون، بل حتى ذلك الإعرابي الذي يقطن في بطن الصحراء، أو الذي يعيش في ظلمات الغابات.



بل يجد الإنسان أن هذا الذي يعيش بعيداً عن ظل القوانين أميل إلى ذلك، ولو كان هذا الحق ـ حق الدفاع الشرعي ـ حقاً منح للإنسان من قبل القوانين لكان الذي لا يخضع لسلطان القانون فاقداً لهذا الحق، بل ولا يعرف شيئاً عنه.



ثم أن هذا الأمر مما جبلت عليه الطبيعة الإنسانية من لدن أول مخلوق ولا يمكن سلب هذا الأمر عن النفوس.



إذن فالدفاع الشرعي حق طبيعي وجد مع الإنسان وليس للقوانين دور فيه سوى حماية هذا الحق.



أقسام الدفاع الشرعي



1ـ الدفاع الشرعي بالنسبة للأفراد: وهو الحق الذي يملكه كل فرد ـ على حدة ـ في الدفاع عن نفسه أو ماله أو عرضه وهذا الحق حق شخصي.



2ـ الدفاع الشرعي بالنسبة للدول: كما أن المجتمع يتكون من أفراد يمتلك كل فرد حقه في الدفاع عن ما يخصه من النفس أو العرض أو المال، فان المجتمع الدولي يتكون بدوره من أفراد، وأفراد هذا المجتمع هي الدول، وهذه الدول تمتلك بدورها حقاً في الدفاع عن كيانها، ورعاياها حين يتعذر اللجوء إلى القانون الدولي لصد الأخطار التي تداهمها.



شروط الدفاع الشرعي



1ـ أن يكون الخطر حقيقياً: فلا يكفي لاستخدام حق الدفاع الشرعي مجرد احتمال الخطر كأن يسحب الطرف المقابل سكيناً أو آلة حادة أو مسدساً فان مجرد سحب هذه الأمور لا يكفي في التيقن بكون هذا الطرف ينوي الاعتداء على النفس أو غيرها فهناك احتمالات كثيرة يمكن أن يفسر بها عمل كهذا.



2ـ أن يكون الخطر حالاً: أي انه بعد التيقن بحقيقة الخطر المقابل، يكون قد شرع بذلك المتيقن.



3ـ أن يستحيل اللجوء إلى حماية السلطات لدفع الخطر: فلو كان هناك إمكانية للالتجاء إلى السلطات والاحتماء بها لم يكن للإنسان الذي يقابل الخطر أن يلجأ إلى استخدام حقه في الدفاع الشرعي.



*ـ أن يتناسب الدفاع مع الخطر المواجه: فلا يمكن القول بان الإنسان الذي يقتل بالمسدس آخر يريد سرقة بعض المال منه قد استعمل حقه في الدفاع الشرعي وذلك لعدم تناسب وسيلة الدفاع مع الخطر المحدق.



التدرج في استعمال الدفاع الشرعي



إن الدفاع الشرعي ـ بحسب القانون ـ لم يقر إلا بمقدار كونه سلطة وقائية للإنسان يتمكن من خلالها اتقاء الخطر ودفعه حفظاً للمعصوم من نفس أو عرض أو مال، بناءاً على ذلك ـ كون الدفاع للدفع حسب ـ هل يحق للمدافع أن يقصد القتل.



لا يوجد قائل بان للمدافع الحق في أن يقصد القتل عند ممارسته حقه في الدفاع الشرعي، وذلك أن الدفاع الشرعي إنما هو سلطة وقائية لا غير كما تقدم ذكره، ولذلك يجب على المدافع مراعاة التدرج عند استخدامه لهذا الحق.



(فقد اتفق الفقهاء من الامامية، والشافعية، والمالكية، والحنابلة، والظاهرية، والزيدية على أن الدفاع يقصد لمنع العدوان ودرء الأذى، ولو أدى إلى القتل. ولهذا ليس للمدافع أن يباشر القتل، أو يـــقصده ابتداءاً بحجــــة الدفاع، لأنه ملزم بمراعات التدرج، ولكنـــه يملك حق الــــدفاع، ولـــــو أدى إلى قتل المعتدي إذا توقف الدفاع عليه)(1).



(ولابد من التأكيد على أن الجميع متفقون على وجوب مراعاة الترتيب في مقام الدفاع، بحيث لو كان في الإمكان دفع المعتدي باليد أو العصا لا يسوغ دفعه بالسلاح القاتل المؤدي إلى جرحه أو قتله، ولو تجاوز فكسر عضواً من اعضائه، أو جنى على حياته يكون ضامناً ومسؤولا عن جنايته، كما أن المعتدي إذا فر فليس لمن كان هدفاً لعدوانه أن يتبعه، وإذا ضربه فقطع يمينه وولى مدبراً، فضربه وقطع رجله أو أحد أعضائه يكون مسؤولاً وضامناً لجنايته، لأنه قد تجاوز حقه)(2).



الدفاع الشرعي بالنسبة للأشخاص الدوليين



كان ما تقدم من البحث هو حول الدفاع الشرعي بالنسبة للأفراد، وهنا نخوض في موضوع الدفاع الشرعي من القسم الثاني ـ الدفاع بالنسبة للدول ـ هو موضوع على قدر كبير من الأهمية، وذلك أن الخطر الذي يتهدد الدول اكبر بكثير من ذلك الذي يتهدد الفرد، ولذا يجب أن يعطى موضوع الدفاع الشرعي بالنسبة للدول أهمية فائقة، إن موضوع الاعتداء على الدول وتهديد كياناتها بالسلاح والقوة كان على اوجه في القرون المتقدمة فكان أمر الدفاع الشرعي ومعالجته لا يختلفان كثيراً عن موضوع الدفاع الشرعي بالنسبة للأفراد ومعالجته.



أما اليوم فقد اتخذ الخطر المتوجه نحو الدول من قبل الدول الأخرى طابعاً آخر مما قاد إلى أن يتخذ الموضوع طابعاً من التعقيد في المعالجة. فقديماً كان الخطر الذي يواجه كيان الدول هو الاستعمار والاحتلال بالقوة المسلحة، أما اليوم فان الخطر الذي يتهدد الدول وكيانها هو سلب الإرادة والاختيار والقدرة على اتخاذ القرار، وهذا لا يختلف في الحقيقة عن ذلك الخطر الذي يتوسل إلى مآربه بالقوة المسلحة، فسلب الإرادة، والاختيار، والحرية في اتخاذ القرار، هو ـ في الحقيقة ـ إ**اء، فالرق لا يختلف في الحقيقة عن الموت وال**اء.



والحرب التي كانت تشن بالسلاح في سبيل السيطرة على ثروات البلدان ونهبها، قد اختلفت طبيعتها اليوم، إذ صارت الهيمنة الاقتصادية هي البديل الذي تلتجئ إليه الدول من خلال السيطرة على التجارة العالمية، وامتلاك زمام أمورها. كما صار انتهاك الأعراف والاعتداء عليها يتوسل إليه بنشر الثقافات الإباحية.



فقد (أكدت الأمم المتحدة، شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية، والأجنبية، والقهر الأجنبي بكافة الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح، كما ورد في قرار الجمعية العامة رقم 32*6 (الدورة 29 بتاريخ 29 تشرين الثاني ـ نوفمبر 197*).



وورد في هذا القرار أيضاً:



(إن الجمعية العامة إذ تشعر بالسخط إزاء القمع المستمر والمعاملة اللا إنسانية، والحاطة بالكرامة التي تفرض على الشعوب التي لا تزال واقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية والقهر الأجنبي) (3).



علاوة على حق الدول في الدفاع عن كيانها ضد الاعتداء الموجه ضدها، وضع القانون الدولي حق الدول في تقرير مصيرها موضع الاهتمام.



فقد اتفق خبراء القانون الدولي على:



(1ـ أن تقرير المصير حق قانوني في القانون الدولي الوضعي، وهكذا فانه ليس مسألة من اختصاص القانون الداخلي لدولة ما بل انه شأن عالمي دولي.



2ـ أن الشعوب بفضل حقها في تقرير مصيرها، يجب أن تقرر بحرية وضعها السياسي، وتنشد بحرية تنمية حياتها الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية)(*).



هذا بالنسبة للاعتداءات التي تشبه في طبيعتها الاعتداءات التي تهدد الفرد، أما الاعتداءات التي أشرنا إليها آنفاً والتي كانت وليدة التطور العلمي، والتي لجأت إليها بعض الدول تحت غطاء الديمقراطية لتهيمن على دول أخرى دون أن تثير الحساسية والفعل المضاد اللتين يولدهما الاعتداء بالقوة. فانه يتوجب على الدول التنبيه إلى هذا الأسلوب الديمقراطي الشكل الذي يحمل بين طياته الطمع والحقد في الهيمنة والسيطرة على الشعوب وثرواتها وقرارها.



وهناك جزء من المسؤولية يقع على عاتق القانون الدولي أيضاً الذي يجب أن تبقى قواعده ـ مـــن حيث تشريعها ـ بعيدة عن الخضوع إلى الدول التي تروم السيطرة على العالم. فالقانون يجب أن يشرع القواعــد التي تحد من خطر الدول التي تحمل أطماعا في السيطرة على العالــم اجمع، بأسلوب حديث مغطى بغطاء الديمقراطية.



الخلط المقصود بين الدفاع الشرعي والإرهاب



من المعلوم أن وسائل الإعلام يخضع اغلبها إلى سيطرة وتوجيه البعض من الجهات التي تحمل للعالم حقداً وأطماعا دفينين، فهذه الجهات قامت بتوجيه وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرتها للإقدام على خلط الأوراق المتعمد لإظهار صورة الممارس لحقه في الدفاع الشرعي بصورة الإرهابي كي تشوه صورته أمام العالم في حين يظهر المحتل المعتدي في صورة المدافع عن حقه الشرعي.



إن قيام الجهات المعتدية بالقتل والتهجير والتشريد للأبرياء لا يعد عملاً إرهابيا في نظر هؤلاء، في حين يعد قتل المالك الأصلي لمن يقوم بتدنيس أرضه ومقدساته هو العمل الإرهابي.



الدفاع الشرعي بالنسبة للاقليات



يتفرع على الدفاع الشرعي بالنسبة للدول، فرع من فروع الدفاع الشرعي الا وهو الدفاع الشرعي بالنسبة للاقليات وهي التجمعات التي تحمل هوية واحدة، وتنضوي تحت ظل دولة معينة، فهل لهذه الاقليات حقها في الدفاع الشرعي عن كيانها أم ليس لها حق في ذلك.



إن هذه التجمعات لا تختلف عن غيرها ـ من الأفراد والدول ـ في امتلاك هذا الحق ـ حق الحفاظ على هويتها ـ الذي أقرته كل من القوانين السماوية والأرضية معاً. فالدين الإسلامي كان يحترم هذه الاقليات، ويحترم هويتها، بل اكثر من ذلك جعل الدين الإسلامي اختلاف البشر إلى أمم هو الأساس الذي خلق الله الخلق على صورته فالقرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة في قوله تعالى:



( وجعلناكم شعوباً وقبائل... ) (5).



أما القانون الدولي فهو اقر لتلك الاقــليات حقها في تقرير مصيرها والمحافظة على هويتها بشرط أهليتها لتقرير مصيرها ولكن ذلك يكون تحت إدارة السلطة المركزية للدولة التي يعيشون في كنفها.



(إن اصطلاح (شعب) ينطبق ـ كما هو متفق عليه عموماً ـ فقط على غالبية السكان المحددين إقليميا، أي الدول المستقلة، والمناطق غير المتمتعة بالحكم الذاتي، والمناطق الموضوعة تحت الوقاية... وهكذا فان أية منطقة يقطنها شعب مؤهل لممارسة تقرير المصير لها في القانون الدولي صفة منفصلة عن الدولة المستعمرة (بكسر الميم) والمحتلة، مهما كان الحال)(6).



أما الأقلية التي ليست لديها الأهلية لممارسة تقرير المصير فان القانون الدولي لم يعترف لها بذلك الحق (فتقرير المصير ليس حق الأقلية في هذه المناطق..) (7).



تجاوز حق الدفاع الشرعي



تقدم أن المبرر الذي دفع القوانين إلى الإشارة إلى حق الإنسان في الدفاع الشرعي هو (اتقاء الخطر، حفظاً للمعصوم من نفس أو عرض أو مال)(8).



كما أن القوانين ـ إلهية أو وضعية ـ إنما لجأت إلى تنظيم ضوابط وشروط هذا الحق كي لا يتسنى لكل إنسان أن يتعسف في استخدام هذا الحق، فيختل النظام القانوني.



فانه (لا يجوز التعسف في استعمال الحق، كما لا يجوز الفتوى والقضاء على طبق التعسف إذا كان التعسف يصل إلى الضرر الكثير في حق نفسه، ومطلق الضرر في حق الغير، وإلاّ جاز، إذ لا نص بالنسبة إلى لفظ (التعسف) وانما الميزان هو: ما ذكر في الشريعة من لفظ (لا ضرر ولا ضرار)) (9).



إذن فالشخص الذي لا يراعي الشروط اللازم توفرها لكي ينطبق عليه عنوان (الدفاع الشرعي) يكون ضامناً لكل شيء مما تجاوز فيه المقدار الذي يمكن أن يندفع به الخطر.



فعليه يقع واجب (اعتماد الأسهل، فلو اندفع الخصم بالصياح اقتصر عليه)(10) فلو ضرب المهاجم الذي يندفع بالصياح كان متعسفاً في استخدام حقه في الدفاع الشرعي، وكان عليه ضمان ما ينشأ نتيجة هذا الضرب وهكذا.



فحق الدفاع الشرعي هو أسلوب وقائي وتدبير احترازي نابع من داخل كل إنسان عليه أن لا يسيء استخدامه وإلا انقلب المدافع عادياً.

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

باب موانع الميراث

وهي ثلاثة :

أحدها : اختلاف الدين ، فلا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولقوله صلى الله عليه وسلم : لا يتوارث أهل ملتين شتى والمرتد لا يورث أحداً وإن مات فماله فيء .

الثاني : الرق ، فلا يرث العبد أحداً ولا له مال يورث ، ومن كان بعضه حراً ورث وورث ، وحجب بقدر ما فيه من الحرية .

الثالث : القتل ، فلا يرث القاتل المقتول بغير حق وإن قتله بحق كالقتل حداً أو قصاصاً أو قتل العادل الباغي عليه فلا يمنع ميراثه .


















مكتب / محمد جابر عيسى المحامى

تعليقات

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات

27 يوليو 2010

الخاتمة






تناولنا في هذه الدراسة إحدى الإشكاليات التي تعترض التعاقد بواسطة الوسائط الالكترونية ، هذه الإشكالية هي ما أصبح يعرف بـ " الشكلية الالكترونية " .

وقد حاولنا من خلال العرض السابق أن نجيب على السؤال القائم والذي مفاده ...

هل يؤثر اشتراط الشكلية على بعض التصرفات والعقود التي تبرم بالطريق الالكتروني ؟ سيما وأن مجال المعاملات الالكترونية يستعيض عن الورق بالكتابة الالكترونية ؟

وفى سبيل ذلك .. تكلمنا بداية عن نشأة العقد الالكتروني ومدى ارتباطه بالانترنت والتجارة الالكترونية وخلصنا إلى أن العقد الالكتروني هو وليد أثمرته علاقات التجارة الالكترونية عبر الانترنت ثم حددنا ماهية العقد الالكتروني .

بعد ذلك تطرقنا إلى بحث مسألة جواز التعاقد الكترونياً سيما وأن هذا الجواز هو ما ترتكز عليه هذه الدراسة فعندما نقول بالجواز فكأننا نبيح لأنفسنا الخوض في الإشكاليات التي تعتوره .

وأخيرا بحثنا إحدى هذه الإشكاليات والتي تتمثل في ( الشكلية الالكترونية ) فحددنا أولا مفهوم الشكلية وفق النظرة التقليدية ثم قمنا بعمل مقارنة بين هذا المفهوم وبين مفهوم الشكلية في التعاقد الالكتروني ثم في مطلب مستقل حاولنا أن نبرز أهم الحلول التي اقترحتها التشريعات والفقه لإيجاد حل لهذا الإشكال .

ونحن إذ ننتهي من ذلك ، نأمل أن نكون قد أوحينا إلى القارئ الكريم شعوراً بأهمية هذه المسألة والتي أصبحت مثار جدل كبير بين رجال القانون على كافة الأصعدة .



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

الفرع الثاني (( الحلول التشريعية والتطبيقية ))

استبعاد بعض التصرفات من نطاق الشكلية وإبدال الموثق الرسمي بموثق الكتروني





أثارت الشكلية الالكترونية حفيظة التشريعات والقوانين المختلفة فبدأت تتسارع في وضع حلول لهذه الأزمة ، وفى سبيل ذلك ذهبت معظم التشريعات إلى استبعاد تطبيق القواعد الخاصة بالعقود الالكترونية على بعض التصرفات القانونية الهامة . وفضلت أن تبرم تلك التصرفات في الشكل التقليدي دون الالكتروني ، وذلك مراعاة لعدة اعتبارات من أهمها :

1- أهمية وخطورة بعض التصرفات كرهن السفينة والحقوق الوارد على العقار بصفة عامة .

2- عدم اتصال بعض التصرفات بالمعاملات التجارية الالكترونية وإنما هي تصرفات شخصية أو مدنية بحتة كالزواج والهبة والوصية .

ومن التشريعات التي تبنت منهج الاستبعاد القانون الأمريكي حيث تنص المادة ( 3 /ب/1 ) من القانون الأمريكي الموحد للتجارة الالكترونية على أن "هذا القانون لا ينطبق على معاملة من المعاملات بقدر ما يخضع تنظيمها لقانون يحكم إنشاء وتنفيذ الوصايا أو ملا حقها أو الائتمانات الإيصائية " . كما نجد القانون الفيدرالي الأمريكي بشأن التوقيع الالكتروني لسنة 2000 حدد بعض الاستثناءات التي لا ينطبق عليها هذا القانون وتتمثل هذه الاستثناءات في إنشاء الوصية وتنفيذها وقوانين الميراث والتشريعات الخاصة بالتبني والطلاق والحالة الاجتماعية وأوراق المحاكم واتفاقات الائتمان والأوراق الخاصة بالتأمين الصحي وأوراق اليانصيب .

وتنص المادة (3) من قانون كندا الموحد للتجارة الالكترونية على أنه : " لا ينطبق هذا القانون فيما يتعلق بما يلي :-

أ_ الوصايا وملاحقها.

ب_ الائتمانات المنشأة بوصايا أو بملاحق وصايا .

ج_ سلطات الوكيل بقدر ما تتعلق بالشؤون المالية أو الرعاية الشخصية بفرد ما.

د_ المستندات المنشئة أو الناقلة لحقوق في أراضى " .

وأيضا تنص المادة (10/1/أ) من قانون ايرلندا للتجارة الالكترونية عام 2000 على عدم تطبيق نص هذا القانون على الوصية أو ملحق الوصية وعقود الأمانة وحقوق الملكية العقارية أو تسجيلها .

أما التوجيه الأوروبي الصادر في 8 يونيو 2000 فقد قرر أنه لا ينطبق هذا التوجيه على العقود المنشئة أو الناقلة لحقوق الملكية العقارية فيما عدا حقوق الإيجار والعقود التي تتطلب تدخلا من المحاكم والسلطة العامة وعقود الكفالة والعقود التي يحكمها قانون الأسرة أو قانون الميراث مثل عقود الوصية والهبة والزواج وإشهار الطلاق والتبني .

وعربيا نطالع قانون إمارة دبي للمعاملات والتجارة الالكترونية رقم 2 لسنة 2002 حيث نص في مادته الخامسة على :

" يسرى هذا القانون على السجلات والتواقيع الالكترونية ذات العلاقة بالمعاملات والتجارة الالكترونية ويستثنى من أحكام هذا القانون ما يلي :

أ_ المعاملات والأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والوصايا

ب_ سندات ملكية الأموال غير المنقولة.

ج_السندات القابلة للتداول .

د_المعاملات التي تتعلق ببيع وشراء الأموال غير المنقولة والتصرف فيها وتأجيرها لمدة تزيد عن عشر سنوات وتسجيل أية حقوق متعلقة بها .

هـ_ أي مستند يتطلب القانون تصديقه أمام كاتب العدل ".

ويذهب البعض(43) إلى أن نص المادة (27/1/ب) من قانون إمارة دبي يؤدى إلى إمكان إتمام بعض التصرفات القانونية التي تتوقف على الإجراءات التي أشار إليها النص من إذن أو ترخيص أو إقرار أو موافقة وذلك بطبيعة الحال ما لم يتمثل أي منها في إجراء رسمي(44) .

كما نص القانون الأردني للمعاملات الالكترونية رقم 85 لسنة 2001 في المادة (6) منه على أنه " لا تسرى أحكام هذا القانون على ما يلي :

أ – العقود والمستندات والوثائق التي تنظم وفقا لتشريعات خاصة بشكل معين أو تتم بإجراءات محددة ومنها :

1_ إنشاء الوصية وتعديلها.

2_ إنشاء الوقف وتعديل شروطه .

3_ معاملات التصرف بالأموال غير المنقولة بما في ذلك الوكالات المتعلقة بها وسندات ملكيتها وإنشاء الحقوق العينية عليها باستثناء عقود الإيجار الخاصة بهذه الأموال .

4_ الوكالات والمعاملات المتعلقة بالأحوال الشخصية .

5_ الإشعارات المتعلقة بإلغاء أو فسخ عقود خدمات المياه والكهرباء والتأمين الصحي والتأمين على الحياة .

6_لوائح الدعاوى والمرافعات وإشعارات التبليغ القضائية وقرارات المحاكم.

ب_ الأوراق المالية إلا ما تنص عليه تعليمات خاصة تصدر عن الجهات المختصة استنادا لقانون الأوراق المالية النافذ المفعول" .

ومن وجهة نظر شرعية يطالعنا قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم 54/3/26 الذي ينتهي إلى جواز التعاقد الإلكتروني إلا أنه يستثنى عقودا ثلاثة من ذلك ، حيث لا تنطبق عليها قواعد العقد الالكتروني ويجب إبرامها في الشكل التقليدي وهذه العقود هي :

1- عقد الزواج لاشتراط الشهادة .

2- عقد الصرف لاشتراط التقايض .

3- عقد السلم لاشتراط تعجيل رأس المال .(45)

و يجدر بالذكر أن مشروع قانون التجارة الالكترونية المصري جاء خلوا من بيان للتصرفات التي لا تخضع لقواعد العقود الالكترونية الأمر الذي أثار خلافا حول تلك المسألة على الصعيدين الفقهي والقضائي في مصر .



وفى مقابل ما ذهبت إليه التشريعات المختلفة من استبعاد لبعض التصرفات من الشكلية الالكترونية يلاحظ البعض(46) أن الشكلية الالكترونية أصبحت أمرا لا مفر منه، وأنه يجوز إبرام كافة أنواع العقود الكترونيا ولو كانت عقودا شكلية سيما وقد ظهرت مهنة جديدة في مجال المعاملات الالكترونية هي مهنة الموثق الالكتروني(47) Notaire électronique .

والموثق الالكتروني : هو طرف ثالث محايد يتمثل في أفراد أو شركات أو جهات مستقلة محايدة تقوم بدور الوسيط بين المتعاملين لتوثيق تعاملاتهم الالكترونية(48) ، ويطلق عليهم بالإنجليزية certification authority .

والوظيفة الأساسية للموثق الالكتروني أو لجهة التوثيق الالكترونية هي تحديد هوية المتعاملين في التعاملات الالكترونية وتحديد أهليتهم القانونية في التعامل ناهيك عن التحقق من مضمون هذا التعامل وسلامته وكذلك جديته وبعده عن الغش والاحتيال.

ويأخذ التوجيه الأوروبي رقم 93 لسنة 1999 بفكرة الموثق الالكتروني ووضع مسمى له حيث أطلق عليه ( مقدم خدمات التصديق ). كما أسند قانون المعاملات والتجارة الالكترونية لإمارة دبي أعمال المصادقة الالكترونية إلى ( مراقب خدمات التصديق) الذي يتم تعيينه بقرار من رئيس سلطة منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية والإعلام .

وبناء على ما سبق نستجلي أن هناك اتجاهاً يتخذ من فكرة التوثيق الالكتروني حلاً لأزمة الشكلية الالكترونية . فجهة التوثيق تكون مسئولة عن توثيق العقد الالكتروني الأمر الذي يجعل الوضع يبدو تطبيقا لمهنة الموثق العادي في فرنسا ومحرر العقود في ليبيا والشهر العقاري في مصر ...الخ

على اعتبار أن كلا منهما يعد شاهدا محايدا ومستقلا عن العقد المبرم بين الأطراف. غاية الأمر أن الموثق الالكتروني لا يعد موظفا عاما في حين أن الموثق العادي هو موظف عام طبقا لقانون السلطة العامة(49) .

ولعل الأمر يتطلب تعديلا في القوانين واللوائح ذات الصلة بالتوثيق حيث يتم إدراج مهنة الموثق الالكتروني أو جهة التوثيق الالكترونية ضمن هذا الإطار ، وذلك لاتسامها بالحيدة والنزاهة ، وتكون بذلك مؤتمنة على حفظ وتسجيل الوثائق والمحررات الالكترونية .













مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الفرع الأول (( الإشكالية ))-العقد الالكتروني عندما يشترط القانون شكلا معينا






بعد صدور القانون رقم 230/2000 في فرنسا بشأن تطوير قانون الإثبات والمتعلق بالتوقيع الالكتروني انقسم الرأي بين مؤيد ومعارض ، فقد ذهب البعض إلى أن الشكلية التي يتطلبها القانون لانعقاد العقد أو التصرف سواء بالكتابة أو بالتوقيع لا يمكن أن يستغنى عنها بالكتابة الالكترونية أو التوقيع الالكتروني وأن التعديل لنص المادة (1316/1 )(37) مدني فرنسي يتحدث عن الكتابة كوسيلة إثبات ولم يقصد المساس بالشكلية(38) .

وبالتالي من غير المتصور أن تعقد تصرفات إنشاء الوصية أو الوقف أو معاملات التصرف في الأموال ومعاملات الأحوال الشخصية على الخط ، وذلك بسبب أهمية هذه التصرفات وخطورتها(39) .

بينما يذهب البعض الآخر إلى أن الكتابة الالكترونية لم تعد قاصرة على الكتابة كوسيلة إثبات écrit probationem وإنما تشمل الكتابة كشرط لصحة التصرف advaliditatem écri وذلك بالنظر إلى عمومية نص المادة (1316/1 ) مدني فرنسي ، فالنص واضح فيما تضمنه من تعريف للكتابة ولذلك يجب إعطاءه معنى كاملا دون تخصيص (40).

ومن الجدير بالذكر أن التوجيه الأوروبي رقم 31/2000 بشأن التجارة الالكترونية حظر على الدول الأعضاء وضع أي عراقيل أو عقبات أمام الاعتراف بالعقود الالكترونية وحثهم على العمل على تطوير تشريعاتها لإقرار المعاملات الالكترونية ، ولا شك أن عدم منح الكتابة الالكترونية قوة ترتيب كافة الآثار القانونية يكون مخالفا لمقتضيات الجماعة الأوروبية (41).

ولعلنا ننضم إلى أصحاب الرأي الأول فيما يذهبون إليه، فلا يستساغ عقلا ولا منطقا أن تبرم عقود في غاية الأهمية والخطورة عن بعد، وأن يضرب باشتراطات القانون عرض الحائط . ولعل عدم كفاية الوسائل التقنية في توفير الثقة والأمان في إبرام هذه العقود وهو ما يرجح هذه الوجهة.



وتشريعيا نقرأ في قانون التوقيع الالكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004 مبدأً عاماً قررته المادة (15) من هذا القانون بقولها " للكتابة الالكترونية وللمحررات الالكترونية في نطاق المعاملات المدنية ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية متى استوفت الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وفقاً للضوابط الفنية والتقنية التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ". والنص واضح في كونه أقر إمكانية استيفاء الشكلية التي يقررها القانون لإبرام العقد أو لترتيب آثاره عن طريق المحررات والمستندات الالكترونية متى روعيت الشروط التي حددها المشرع في اللائحة التنفيذية للقانون. وقد أقر هذا المبدأ أيضا في كل من القانون الأردني للمعاملات الالكترونية (م7 ) وقانون إمارة دبي للمعاملات والتجارة الالكترونية (م9 ).

وبخصوص التوقيعsigne يذهب القضاء الفرنسي إلى أن التوقيع الالكتروني يسد مسد التوقيع اليدوي الذي يشترطه القانون أحيانا لانعقاد التصرف ، وفى هذا قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الختم Griffe لا يغنى عن التوقيع على الكمبيالة المنصوص عليها في المادة (110) من التجارة وأن التوقيع المطلوب للانعقاد هو بالضرورة التوقيع اليدوي (42).



إذن نخلص من خلال هذا العرض أن أغلب التشريعات تتبنى مبدأ المساواة بين الكتابة الالكترونية والكتابة التقليدية والتوقيع الالكتروني والتوقيع التقليدي ولكن الإشكالية تثور عندما يستلزم القانون شكلا معينا لانعقاد التصرف .

هل يتم التضحية بالشكلية انسياقا وراء المبدأ العام القائل بالمساواة ؟

أم أن المبدأ العام متعلق بالإثبات فحسب ولم يقصد منه المساس بالشكلية ؟

في هذا الصدد اقترحت بعض التشريعات حلولا لهذه الإشكالية القائمة واستعراض هذه الحلول وتطبيقاتها هو قوام الفرع التالي .













مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

تمهيد







الأصل في العقود هو الرضائية ، بمعنى أن العقد يبرم بمجرد أن يتبادل المتعاقدان التعبير عن إرادتيهما دون حاجة إلى إجراء آخر ، وينطبق ذلك بطبيعة الحال على العقد الالكتروني .

واستثناءاً من ذلك قد يتطلب القانون إفراغ التراضي في شكل محدد وهو ما اصطلح على تسميته بالعقود الشكلية les contrats solennels .

والعقود الشكلية : هي مجموعة العقود التي لا يكفي لإبرامها مجرد التراضي وإنما يشترط فيها القانون مراعاة شكل خاص بدونه لا يوجد العقد قانونا ولا يرتب أثرا ولا يمكن الاحتجاج به(30) .

والشكل الذي تشترطه القوانين المعاصرة غالبا ما يكون الكتابة في ورقة رسمية يقوم بتحريرها شخص مكلف قانونا ، وهو الموثق الرسمي أو محرر العقود . ومثال العقود الرسمية "الشكلية " هبة العقار ( 477/1 )





(31) مدني ليبي، وعقد الرهن الرسمي ( 1034/1 )



(32) مدني ليبي.

وقد تكون الشكلية في صورة الكتابة العرفية أي بدون تدخل محرر العقود. مثالها ما نصت عليه المادة ( 855 ) مدني ليبي من الاتفاق كتابة على إنشاء ملكية الأسرة بين أشخاص إذا كانوا أعضاء أسرة واحدة تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة دون أن تشترط الرسمية في الكتابة.

والكتابة باعتبارها ركنا لا يتم التعاقد إلا به تستدعي تمييزها عن الكتابة اللازمة للإثبات



(33) ، ففي الحالة الأخيرة ينعقد العقد ويرتب آثاره كاملة في مواجهة أطرافه غير أنه إذا ثار نزاع بشأنه تكون الكتابة لازمة للإثبات .

وأحب أن أشير في هذا المقام إلى أن البعض يخلط بين الإجراءات التي يشترطها المشرع في بعض الأمور لأهميتها كتسجيل عقود بيع العقارات وفقا لأحكام التسجيل العقاري وبين الشكلية ، حيث يعتبر تلك الإجراءات من قبيل الشكلية .

والذي نراه – منضمين في ذلك إلى بعض الفقه(34) – أن التسجيل ليس ركنا شكليا في العقد



(35) ولا تتوقف صحة العقد على وجوده ، وإنما هو شرط لإمكان تنفيذ البائع لالتزامه ، فلا تنتقل الملكية للمشتري إلا بتسجيل العقد ، وهنا يظهر الفارق بين الركنية في العقد وغيرها ، فلو كان التسجيل ركناً لما وجد العقد ، ولكنه باعتباره ليس كذلك فإن العقد يكون صحيحا ويجوز للمشتري إلزام البائع بالقيام بإجراءات التسجيل العقاري حتى تنتقل له ملكية العقار، فإن رفض البائع ذلك جاز للمشتري المطالبة قضاءاً بالحكم له بصحة ونفاذ العقد، فإذا ما حكم له بذلك سجل حكمه وحق له طلب تثبيت ملكيته استنادا إلى الحكم الذي يقوم مقام العقد بعد تسجيله .

وإذا كان هذا هو مفهوم الشكلية يحق لنا التساؤل حول إمكانية استيفاء الشكلية بنفس الطريقة عند إبرام العقد الالكتروني ؟ بمعنى هل مناط الشكلية الكتابة على الورق أم أنها تستوعب الكتابة الالكترونية ؟ وهل يقوم التوقيع الالكتروني مقام التوقيع العادي(36) الذي يشترطه القانون في بعض الأحيان ؟

نجيب على هذه التساؤلات في فرعين متتاليين نبرز في الأول الإشكالية القائمة ثم نفرد الثاني لعرض أهم الحلول التشريعية والتطبيقية التي اقترحت في هذا الصدد.





مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
جواز التعاقد الالكتروني وبيان ماهيته








أولا: جواز التعاقد الالكتروني:-

تنص المادة ( 90/1 ) من القانون المدني الليبي على أن " التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفا ً. كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود"(13) .

نستشف من ذلك أن الأصل في التعبير أنه لا يخضع لشكل معين ، فللمتعاقد أن يفصح عن إرادته بالطريقة التي تروق له بشرط أن يكون لها مدلول يفهمه الطرف الآخر فكما يصح التعبير عن الإرادة بالكتابة أو القول أو الإشارة ، فإنه يصح باتخاذ موقف عملي معين يمكن أن يعبر عن إرادة التعاقد لدى الأطراف إذا كان هذا الموقف كافيا للدلالة عليها دلالة أكيدة .

ونظرا لكون العقد الالكتروني يخضع في إبرامه وأحكامه لهذه القواعد العامة ، ولكونه ينعقد الكترونيا ، فهو يخضع لبعض الأحكام الخاصة به . والتي تتمشى مع صفته الالكترونية وكونه يبرم عن بعد. وتكاد تنحصر خصوصيات إبرام العقد الالكتروني في الأحكام الخاصة بركن الرضا وما يعتورها من شكلية معينة يتعذر إنجازها الكترونيا . أما بالنسبة لركني السبب والمحل فتنعدم فيهما خصوصيات هذا العقد الالكتروني إلى حد كبير



(14) .

والسؤال الذي يثور الآن... هل يتحقق التراضي الكترونيا ؟ وهل يقترن الإيجاب بالقبول بواسطة الأجهزة والوسائط الالكترونية ؟

لقد دفعت ثورة المعلومات والاتصالات وانتشار استخدام شبكات الاتصال في إبرام الصفقات والعقود العديد من مشرعي الدول والمنظمات الإقليمية والدولية إلى إقرار هذا الواقع ومن ثم إجازة التعبير عن الإرادة العقدية عبر وسائل الكترونية وهو ما يعني أن التقاء الإرادات الكترونيا يكفي لإبرام العقد متى استوفى شروط صحته(15) .

فقد أقر القانون النموذجي للتجارة الالكترونية لسنة 1996 تبادل التعبير عن الإرادة من خلال تبادل البيانات الكترونيا في الأعمال التجارية حيث نصت المادة ( 11 ) منه على:

" في سياق إنشاء العقود، وما لم يتفق الطرفان على غير ذلك يجوز استخدام رسائل البيانات للتعبير عن العرض وقبول العرض. وعند استخدام رسالة البيانات في إنشاء العقد . لا يفقد ذلك العقد صحته أو قابليته للتنفيذ لمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض " .

كما أجاز قانون التجارة الأمريكي الموحد UCC انعقاد عقد بيع البضائع بأي طريقة أو وسيلة ما دامت تظهر تراضي طرفيه. بما في ذلك سلوكهما الذي يدل على إقرارهما وجود العقد



(16) . وأيضا قانون المعاملات الالكترونية الموحد عام 1999 حيث نص صراحة على أحكام التعاقد الكترونيا عندما قرر أن التسجيل الالكتروني يعادل المستند المكتوب خطيا.

وتقر اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقد البيع الدولي للبضائع في مادتها العاشرة جواز التعاقد عن طريق وسائل الاتصال الفوري



(17) .

وعلى صعيد التشريعات العربية نجد المادة (14) من قانون إمارة دبي في شأن المعاملات والتجارة الالكترونية رقم 2 لسنة 2002 تجيز التعاقد بوسائط الكترونية حيث نصت فقرتها الأولى على أنه : " يجوز أن يتم التعاقد بين وسائط الكترونية مؤتمتة(18) متضمنة نظامي معلومات الكترونية أو أكثر تكون معدة ومبرمجة مسبقا للقيام بمثل هذه المهمات ويتم التعاقد صحيحا ونافذا ومنتجا آثاره القانونية على الرغم من عدم التدخل الشخصي أو المباشر لأي شخص طبيعي في عملية إبرام العقد في هذه الأنظمة " .

وتأكيدا لمبدأ جواز التعاقد الالكتروني وصحته نصت المادة ( 7/1 ) من نفس القانون على:

"لا تفقد الرسالة الالكترونية أثرها القانوني أو قابليتها للتنفيذ لمجرد أنها جاءت في شكل الكتروني" كما أجاز المشرع الأردني إبرام العقود إلكترونيا بواسطة الرسائل الالكترونية بتقريره في المادة ( 13 ) من قانون المعاملات الالكترونية رقم 85 لسنة 2001 : "تعتبر الرسالة الالكترونية وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة المقبولة قانونا لإبداء الإيجاب والقبول بقصد إنشاء التزام تعاقدي " .

مما سبق نستنتج أن القواعد الخاصة التي نصت عليها القوانين المختلفة المتعلقة بالمعاملات الالكترونية أجازت التعبير عن الإرادة الكترونيا متى تحققت شروط صحة الإرادة والتعبير عنها



(19) .



وإذا كان هذا موقف التشريعات المختلفة فكيف ينظر الفقه إلى هذه المسألة ؟

تجدر الإشارة في البداية إلى أنه رغم الاتفاق الذي ساد التشريعات المختلفة إلا أننا نلاحظ اختلافا في وجهات النظر لدى الفقه حيث تعددت المحاولات الفقهية(20) التي ترمي إلى تسويغ التعاقد الكترونيا وما يترتب على ذلك من صحة إبرام العقد.

يذهب اتجاه أول إلى منح الشخصية القانونية إلى الجهاز الالكتروني الذي يتم بواسطته إبرام العقد ، ومن هنا يعتبر هذا الرأي الجهاز الالكتروني بمثابة الشخص القانوني ، والشخص القانوني يتمتع بأهلية إبرام العقد(21) .

غير أن هذا القول غير مستساغ من الناحية القانونية، فالشخصية القانونية مرتبطة بالذمة المالية والجهاز الالكتروني ليس له ذمة مالية. ومن ثم فلن تكون له شخصية قانونية وتنعدم أهليته القانونية ، ناهيك عن كون الاعتراف الذي يضفى على الشخص الاعتباري الشخصية القانونية مقصور على مجموعات الأشخاص والأموال ولا يمتد إلى الأجهزة والآلات .

وذهب اتجاه ثان إلى تشبيه الجهاز الالكتروني بالهاتف والفاكس فهو مجرد أداة أو وسيلة اتصال تربط بين المتعاقدين وبالتالي الجهاز لا يبرم عقدا لحساب شخص ما وإنما الشخص هو الذي يبرم العقد باستخدام الحاسب الآلي الذي يقتصر دوره على نقل الإرادة من متعاقد إلى آخر(22) .

وقد انتقد هذا الاتجاه أيضا على أساس أنه يحمل المتعاقد الأخطاء في البرمجة وتشغيل البرامج الالكترونية التي تقوم بعملية التعاقد فما يصدر من الجهاز يعد كأنه صدر من المتعامل نفسه مباشرة.

* أما الاتجاه الثالث(23) فيأخذ بنظرية النيابةRepresentation في التعاقد ، حيث يعتبر الجهاز الالكتروني نائبا عن المتعاقد يتعامل باسمه ولحسابه .

وفي الرد على هذا الاتجاه نجد منتقديه يتساءلون ... كيف يمكن للجهاز عديم الإرادة أن يبرم عقد الوكالة بينه وبين المتعاقد مصدر النيابة المزعومة ؟ .

وفي سبيل البحث عن رأي يفض هذا الخلاف القائم ذهب بعض الفقه العربي إلى أن الجهاز الالكتروني لا يخرج عن كونه أداة أو وسيلة في يد المتعاقد ، يستعملها كما يستعمل الأوراق والأقلام في التعبير عن إرادته ، فالجهاز مجرد وسيلة للتعبير عن إرادة المتعاقد وإعلانها للمتعاقد الآخر ، فإذا استخدم المتعاقد جهازا الكترونيا فإن الإرادة التعاقدية سواء كانت إيجابا أم قبولا لا تنسب إلى الجهاز وإنما تنسب إلى المتعاقد الذي استخدم الجهاز وسخره لخدمته(24) .

وأخيرا من نافلة القول أنه رغم هذا الاختلاف الفقهي إلا أن الجميع مجمعون على تسويغ التعاقد الالكتروني وإن اختلفت الأسانيد ، كما أن التعاقد باستخدام الوسائط الالكترونية أصبح واقعاً وأمراً مسلماً به وذلك ما تجلى في تنظيمه تشريعيا في بعض بلدان العالم .

وبعد أن أوضحنا جواز التعاقد باستخدام الوسائط الالكترونية ننتقل الآن إلى بيان ماهية العقد الالكتروني .



ثانيا : ماهية العقد الالكتروني :-



يتميز العقد الالكتروني بصفته العالمية التي تغطي كل دول العالم لكونه يتم في معظم الأحيان عن طريق شبكة المعلومات ( الانترنت ) كما يتميز أيضا بصفته الانفتاحية فالشبكة متاحة لكل من يرغب الدخول فيها ، ويتميز العقد الالكتروني أخيرا بصفته الالكترونية لكونه يتم بواسطة أجهزة وبرامج الكترونية تنقل إرادة المتعاقدين بعضهم إلى بعض دون حضور مادي معاصر لهم وبالتالي فهو عقد ينتمي إلى طائفة العقود عن بعد .

وقد عرف التوجيه الأوروبي الصادر في 20 مايو 1997 والمتعلق بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد Remote Contract بأنه : " عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد والذي يتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الاتصال الالكترونية remote communications حتى إتمام العقد".

وبهذا العرض الموجز لخصائص العقد الالكتروني ومميزاته يسهل لنا بيان ماهيته من خلال الوقوف على تعريفات الفقه في النظامين اللاتيني والأنجلوسكسونى .

فقد عرفه جانب من الفقه الأمريكي بأنه :" هو ذلك العقد الذي ينطوي على تبادل للرسائل بين البائع والمشترى والتي تكون قائمة على صيغ معدة سلفا ومعالجة الكترونيا وتنشئ التزامات تعاقدية "(25) .

ويعرف بعض الفقه اللاتيني العقد الالكتروني بأنه " اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب والقبول على شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بعد وذلك بوسيلة مسموعة مرئية ، وبفضل التفاعل بين الموجب

والقابل "(26) . ويأخذ بعض الفقه(27) على هذا التعريف أنه جاء ناقصا حيث لم يبين النتيجة المترتبة على التقاء الإيجاب والقبول ، وهى إحداث أثر قانوني وإنشاء التزامات تعاقدية .

وحيث أن العقد الالكتروني عبر شبكة الانترنت يتميز بأنه يتم في الغالب على المستوى الدولي فقد ذهب البعض إلى تعريف عقد التجارة الالكتروني الدولي بأنه " العقد الذي تتلاقى فيه عروض السلع والخدمات بقبول من أشخاص في دول أخرى وذلك من خلال الوسائط التكنولوجية المتعددة ومنها شبكة الانترنت بهدف إتمام العقد "(28) .

وتجدر الإشارة إلى أن عملية التعاقد الالكتروني تشتمل بخلاف الإيجاب والقبول على العديد من المعاملات الالكترونية مثل العروض والإعلان عن السلع والخدمات وأوامر الدفع الالكترونية وغير ذلك .

ومما سبق يمكن أن نعرف العقد الالكتروني تعريفا موجزا يتفادى الانتقادات الموجهة للتعريفات السابقة وذلك بقولنا أن العقد الالكتروني هو " العقد الذي يتم انعقاده بوسيلة الكترونية بقصد إنشاء التزامات تعاقدية "(29) .







مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

ارتباط الإنترنت والتجارة الالكترونية بالعقد الالكتروني





الإنترنت (internet) كلمة إنجليزية الأصل تتكون من مقطعين هما inter وتعني البينية أو الاتصال ، أما الثانية net وتعني الشبكة ، وإذا جمعنا الكلمتين معا فإن المعنى الكامل المتحصل هو الشبكة المتصلة أو البينية(6).

ويعرف الانترنت بأنه : "مجموعة من أجهزة الحاسب الآلي مرتبطة بعضها ببعضها الأخر بطريقة تمكن من تبادل المعلومات باستخدام التكنولوجيا الحديثة"(7) .

وقد بدأت الانترنت في نهاية الستينات حيث عهدت وزارة الدفاع الأمريكية إلى وكالة مشروعات الأبحاث المتقدمة (advanced research project agency) بمهمة إنشاء شبكات حواسيب يتصل بعضها ببعض ، وكان هدف هذه الوكالة أساسا إجراء أبحاث في مجال الدفاع لضمان تفوق الولايات المتحدة الأمريكية في مجال أبحاث الدفاع خاصة بعدما أطلق الروس مركبتهم الفضائية ( سبوتنيك ) سنة 1957 (8).

ويعزى سبب ذيوع الانترنت وانتشارها إلى قلة كلفة هذه الوسيلة إذا ما قورنت بوسائل الاتصال الأخرى ، واستغنائها عن الورق في الكتابة ، فضلا عن دمجها لخصائص الوسائط المتعددة من تلفاز وحاسوب وهاتف معاً ( صوت وصورة ونص ) وتوفيرها لإمكانيات مذهلة في التواصل بين البشر أينما كانوا متجاوزة بذلك حدود الزمان والمكان .

وقد بدأ استخدام الانترنت في الأغراض التجارية عام 1992 ، عندما ظهرت (www) كمروج للسلع والخدمات ومن هنا بدأ إقبال رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات والشركات التجارية على تلك المواقع وأصبحوا يبرمون الصفقات عن طريق مراسلاتهم عبر البريد الالكتروني ثم عن طريق عرض منتجاتهم وخدماتهم من خلال مواقع لهم على شبكة الانترنت .

وقد مر استخدام الانترنت في التجارة الالكترونية بعدة خطوات ارتبطت بالتطورات التقنية التي طرأت على استخدام الشبكة ويمكن إجمالها في المراحل الآتية(10) :-

• المرحلة الأولى : استخدام المنشآت التجارية للشبكة في صورة مواقع إعلانية تعرف العملاء ومستخدمي الويب بنشاط المنشأة ومنتجاتها .

• المرحلة الثانية : وهي أكثر تقدما ، حيث قامت المنشآت التجارية بنشر المعلومات عن نشاطاتها التجارية كما امتلأت المواقع بالصور والرسومات الجذابة لمنتجات وخدمات المنتجين .

• المرحلة الثالثة : نتيجة استخدام أحدث أنواع التقنية أصبح من السهل على العميل التعرف على مواقع الانترنت من خلال عناصر التصفح البسيطة ، وبذلك تخطى رجال الأعمال مرحلة الإعلان والترويج إلى مرحلة إتمام عمليات البيع عن طريق الانترنت .

وأصبح الأمر كالتالي : يقوم المشتري باختيار ما يرغب في شرائه ويخطر البائع الذي يقوم بدوره بإرسال السلعة إليه ويتم الدفع عن طريق أنظمة الدفع الالكتروني ومن أهمها بطاقات الائتمان كما يتم التوقيع على العقد الالكتروني عن طريق شفرة معينة يستحيل تزويرها .

وقد ازداد في الآونة الأخيرة حجم التجارة الالكترونية بشكل رهيب حتى أن هناك دراسة خلصت إلى أن الدلائل تشير إلى أن 60% من النمو الاقتصادي خلال السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين سيرجع في المقام الأول إلى التجارة الالكترونية والتعامل في تكنولوجيا المعلومات عموما(11) .

كما تؤكد الإحصائيات أن حركة التجارة الالكترونية في ازدياد مستمر ففي عام 2000 حققت التجارة الالكترونية فائضا قدره 275 مليون دولار وهذا الفائض وصل في عام 2003 إلى 100 مليار دولار لتعاملات الأفراد و1000 مليار دولار لتعاملات الهيئات(12) .

مما سبق نستنتج أن العقد الالكتروني نشأ وترعرع في حضن الانترنت وبين أذرع التجارة الالكترونية . وإذا كان الأمر كذلك ألا يحق لنا التساؤل عن مدى صحة انعقاد العقد الكترونياً ؟ .







مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

الشكلية في عقود الإنترنت والتجارة الالكترونية





موجز الدراسة





المطلب الأول

ارتباط الإنترنت والتجارة الالكترونية ...

المطلب الثاني

جواز التعاقد الالكتروني وبيان ...

المطلب الثالث الشكلية في التعاقد الالكتروني

تمهيد

الفرع الأول (( الإشكالية ))-العقد ...

الفرع الثاني (( الحلول التشريعية ...

خاتمة

الخاتمة

الهوامش

الهوامش







موجز الدراسة



يعد العقد أول مصادر الالتزام وأهمها ، حيث يحظى بتنظيم تشريعي في مختلف بلدان العالم . وقد وصف أحد الأساتذة الفرنسيين النظام التعاقدي بقوله(1) :

(le droit contractuel tend à confondre avec le droit civil tout entier )

وتأكيدا على هذه الأهمية نجد التشريعات تولي العقد عناية خاصة وتفرد له مجموعة من الأحكام القانونية بما يتناسب وتلك الأهمية . وقد حدد المشرع الليبي أحكام العقد في المواد (89-163 ) من القانون المدني ، إلا أنه رغم ذلك لم يورد تعريفا له .

ونلاحظ أن المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري تضمن تعريفا للعقد في مادته ( 122 ) التي نصت على أن" العقد اتفاق بين شخصين أو أكثر على إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائها " وقد جاء في مجموعة الأعمال التحضيرية أن هذا التعريف قصد منه نفي التفرقة بين العقد والاتفاق وجعلهما شيئا واحداً ، إلا أن هذا التعريف حذف في المشروع النهائي تجنبا للتعريفات التي تعتبر من أعمال الفقه .

وفي هذا الصدد لا مندوحة من الإشارة إلى التفرقة التي ينادي بها بعض الفقهاء الفرنسيين(2) بين العقد le contrat والاتفاق la convention حيث يعتبرون الاتفاق أعم شمولا من العقد استناداً إلى نص المادة (1101) من القانون المدني الفرنسي . ويخلص هذا الاتجاه إلى أن العقد هو نوع خاص من الاتفاق le contrat est une espéce particuliere de convention غير أن هذا الاتجاه لم يصادف قبولا عند غالبية الفقه نظرا لكون هذه التفرقة – كما يقول البعض – لفظية لا يترتب عليها أي نتائج أو آثار قانونية(3) .

ولعل التعريف السائد عند معظم فقهاء القانون

(4) هو أن : ( العقد توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني سواء كان هذه الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه).

بناء على ما تقدم يتبين لنا أن مناط العقد أمران: توافق إرادتين واتجاههما إلى إحداث أثر قانوني.

وحيث أننا سنتناول بالبحث العقد الالكتروني كوسيلة لإتمام عمليات التجارة الالكترونية نحب أن نشير بداءةً إلى أن العقد الالكتروني ليس استثناءاً من أحكام وقواعد النظرية العامة للعقد ، فهو يتم بالاتفاق والتراضي بين الطرفين وبالتالي هو لا يخرج في بنائه ومضمونه عن السياق المشار إليه آنفاً ، غاية الأمر أنه " يتميز بكونه عقدا يبرم عن بعد ، بين غائبين ، وذلك باستخدام وسائط الكترونية من أجهزة وبرامج معلوماتية وغيرها من الوسائل التقنية الحديثة التي تعمل آليا وتلقائيا بمجرد إصدار أوامر التشغيل إليها "(5) .

وبسبب انتشار ظاهرة التعاقد الالكتروني بدأت تثور في ارض الواقع بعض الإشكاليات التي أثارت حفيظة الفقهاء والمشرعين لإيجاد الحلول لها. ولعل من أبرز ما يعتور العقد الالكتروني ما يتطلبه القانون أحيانا من إفراغ التراضي في شكل محدد ، كأن يشترط القانون مثلا أن يكون العقد مكتوبا .

والأسئلة المطروحة ...

• ما هو العقد الالكتروني وما مدى ارتباطه بالانترنت والتجارة الالكترونية ؟

• هل يعد العقد الالكتروني بمعزل عن الشكلية التي يشترطها القانون في بعض التصرفات ؟

• ألا تتعارض الشكلية مع مبدأ التنظير الوظيفي ( l’equivalence fonctionnelle ) الذي هو قوام القانون النموذجي للتجارة الالكترونية الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة متمثلة في لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ( الأونسترال – uncitral ) عام 1996 ؟

• ما هي أهم الحلول التي اقترحتها التشريعات المختلفة في هذا الصدد ؟

إجابة هذه التساؤلات هي حصيلة ما سنناقشه في هذه الورقة وذلك حسب التقسيم الآتي :-

v المطلب الأول : ارتباط الإنترنت والتجارة الالكترونية بالعقد الالكتروني

v المطلب الثاني : جواز التعاقد الالكتروني وبيان ماهيته

v المطلب الثالث : الشكلية في التعاقد الالكتروني

q الفرع الأول : الإشكالية

q الفرع الثاني : الحلول التشريعية والتطبيقية











مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
حجية الشيء المقضي في مواد المسئولية



حجية الشيء المقضي في مواد المسئولية









فهرست

١ حجية الشيء المقضي :

١.١ فاذا كان الحكم الجنائي صادرا بالادانة

١.٢ اما اذا كان الحكم الجنائي صادرا بالبراءة لعدم وجود خطأ




حجية الشيء المقضي :

هو الأثر الذي يخلعه القانون على منطوق الحكم ويكون مقتضاه عدم جواز إعادة النظر فيما حكم فيه نهائيا ( أي في الموضوع ) وهذه الحجية قد تكون نسبية وقد تكون مطلقة. فتكون نسبية بمعنى انها لا تسري الا فيما بين الخصوم انفسهم وبالنسبة إلى نفس السبب ونفس الموضوع . وهذه هي حجية الحكم المدني بالنسبة إلى القاضي المدني . وعلة هذه الحجية ان الشارع يريد ان لايعرض نفس النزاع على المحاكم مرات متعددة حتى لاتتضارب الأحكام فتضيع هيبتها . لذلك افترض الشارع صحة الحكم فلا يجوز لنفس الخصوم فيما يتعلق بنفس السبب ونفس الموضوع ان يرفعوا الدعوى مرة ثانية .



وتكون الحجية مطلقة اذا كانت تسري في مواجهة الناس كافة دون اشتراط وحدة الخصوم او السبب او الموضوع . وهذه هي حجية الحكم الجنائي بالنسبة إلى القاضي المدني ، اذ يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي في الوقائع التي فصل فيها وكان فصله فيها ضروريا .



ويختلف لزوم الواقعة لقيام الحكم الجنائي بحسب ما اذا كان الحكم صادرا بالادانة او صادرا بالبراءة .



فاذا كان الحكم الجنائي صادرا بالادانة

فان الخطأ يكون ركنا جوهريا فيه فلا يقوم الحكم الجنائي بدونه ولهذا يرتبط القاضي المدني في حكمه من الناحية المدنية بوجود الخطأ سواء في ركنه المادي او المعنوي ، ومن ثم لايجوز للقاضي المدني ان يرفض الدعوى المدنية لعدم وجود الخطأ . وكذلك يتقيد بوجود الضرر ان اثبت الحكم الجنائي وجود الضرر ، وذلك عندما يكون الضرر ركنا في الجريمة ، ومن ثم لايجوز للقاضي المدني ان يرفض الدعوى المدنية لعدم وجود ضرر ،أو لانتفاء علاقة السببية بين الخطأ والضرر اذا كان القاضي الجنائي قد اثبتها وكان الضرر لازما لقيام الحكم الجنائي .



اما اذا كان الحكم الجنائي صادرا بالبراءة لعدم وجود خطأ

تقيد القاضي المدني بعدم وجود الخطأ حيث يكون الخطأ لازما لقيام المسئولية المدنية ، و لا كذلك اذا كان القاضي المدني بصدد مسئولية موضوعية تقوم على الضرر لا على الخطأ.

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
رابطة السببية في المسئولية المدنية



رابطة السببية









فهرست


١ تعدد اسباب الضرر :

١.١ اولا – تعادل الاسباب :

١.٢ ثانيا – نظرية السبب المنتج :

٢ انتفاء رابطة السببية :

٢.١ المحور الاول – انتفاء المسئولية عن الضرر غير المباشر :

٢.٢ المحور الثاني – انقطاع علاقة السببية

٢.٢.١ اولا : القوة القاهرة :

٢.٢.٢ ثانيا – خطأ المضرور :

٢.٢.٣ ثالثا – خطأ الغير :

٣ اثبات رابطة السببية :

٣.١ موضوعات ذات صلة:



تعدد اسباب الضرر :

اولا – تعادل الاسباب :

اذا اشتركت عوامل عدة في احداث الضرر فأنه يتعين عند انصار تعادل الاسباب اعتبار كل العوامل متعادلة او متساوية في احداث الضرر بانها جميعا ساهمت في وقوع الضرر أي لولاها لما وقع الضرر .



ثانيا – نظرية السبب المنتج :

اذا اشتركت اسباب عدة في احداث الضرر فانها جميعا لا تعتبر متساوية بل يجب التمييز منم بينها بدقة بين الاسباب العارضة او غير المألوفة ، وبين الاسباب المنتجة او المالوفة والاولي تستبعد من حدوث الضرر اما الثانية فيعتد بها بحسب المجري العادي للامور . وعلية يكون السبب المنتج في المثال السابق هو قيادة السارق للسيارة برعونة او عدم تبصر ، اما اهمال المالك لاغلاق السيارة فأنه مستبعد بحسب المجري العادي للامور . والي نظرية السبب المنتج تواتر قضاء محكمتنا العليا



انتفاء رابطة السببية :

المحور الاول – انتفاء المسئولية عن الضرر غير المباشر :

اذا تعاقب او تلاحقت الاضرار عن الخطأ فهل يسأل مقترف الخطأ عنها جميعا او علي العكس فانة لا يسأل الا عن الضرر المباشر .



ويضرب بواتينيه فقية القانون الفرنسي القديم مثلا علي ذلك بقيام تاجر الماشية ببيع بقرة مريضة انتقلت منها العدوي الي مواشي المشتري فماتت جميعا فلم يتمكن المشتري من زراعة ارضه واحتجاج الي المال ولم يستطيع وفاء ديونه فحجز الدائنون علي اموالة التي بيعت في المزاد بثمن بخس فهل يسأل البائع عن جميع الاضرار السابقة ؟



جاب المشرع المصري . بان التعويض لا يشمل الا الضرر الذي يكون نتيجة طبيعة الاخلال بالالتزام . ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن الدائن في مكنته أن يتوقاه ببذل جهد معقول .



فأن كان يمكنة المضرور توقي الضرر ولم يفعل اعتبر كذلك قد اخطأ فيحتمل تبعة خطئه وبذا لا يسأل مرتكب الخطأ سوي عن موت البقرة وسائر مواشي المشتري فقط باعتبارها أضرار لم يستطيع توقيها ببذل جهد معقول .



إما عجز المشتري عن زراعة أرضة ، وعدم القدرة علي الوفاء بديونة فهي أضرار غير مباشرة كان بوسعة تلافيها ببذل جهد معقول بما ، في ذلك مثلا شراء ماشية أخري .



المحور الثاني – انقطاع علاقة السببية

معني القوة القاهرة يختلف عن الحادث الفجائي والحقيقة أنهما مترادفان والقوة القاهرة ، او الحادث الفجائي واقعة استثنائية عامة لا يمكن توقعها ويستحيل دفعها تنقطع بها علاقة السببية في المسؤلية التقصيرية .



وتختلف القوة القاهرة عن حالة الضرورة التي تحيط بالشخص ، وتدفعة لاتقاء ضرر يهددة الي الاضرار بغيرة ، والاولي يستحيل دفعها ، والثانية يمكن تحملها . كذا فأن الضرورة تؤثر علي الخطأ بينما تؤثر القوة القاهرة علي رابطة السببية وان جميع بين الاثنيتين ، عدم التوقع .



اولا : القوة القاهرة :

لا يمكن بداية تكييف الواقعة علي انها قوة قاهرة تنقطع بها علاقة السببية في المسؤلية التقصيرية الا اذا توافرت شرائط عدة .



1 - شروط القوة القاهرة :



لا يكون الحادث قوة قاهرة الا اذا كان غير متوقع وقت حدوث الضرر والثابت ان عدم التوقيع مسألة نسبية تختلف من حالة لاخري فالحرب قد تكون متوقعة وعندها لا تعتبر قوة قاهرة وقد تنشب فجاة فتعد عندئذ بمثابة حادث غير متوقع كذا فان الامطار الغزيرة امر متوقع في البلاد الاستوائية وغير متوقعة في البلاد الجافة ، والزلزال حادث متوقع في دول حزام الزلزال وغير ذلك في الدول الاخري .



اما الشرط الثاني فمفادة ان يكون الحادث مستحيلا دفعة او تفادية وعلية اذا كان الحادث غير متوقع وممكن مع ذلك دفعة فأنه لا يعتبر قوة قاهرة ذلك ان عدم تفادي الضرر ينطوي بذاتة علي خطأ من جانب المدعي علية . واخيرا يجب ان يكون الحادث اجنبيا ولا يكون كذلك الا اذا كان المدعي علية لايدفان وقع الحادث لخطا من المدعي علية او من احد تابعة لم يكن الحادث اجنبيا .



2 - اثر القوة القاهرة :



اذا توافرت للقوة القاهرة شرائطها انقطعت بها علاقة السببية وبالتالي لا تجعل المخطئ ملزما بالتعويض . والاعفاء من التعويض كامل فان كان الضرر حصيلة القوة القاهرة وخطأ المسئول لا يلتزم المسئول مساهمة خطئة في احداث الضرر علي نحويبقي فية جزء من الضرر دون تعويضة .



ثانيا – خطأ المضرور :

الفرض الأول : استغراق احد الخطأين للخطأ الأخر :

اذا استغرق خطأ المدعي علية خطأ المضرور كانت المسئولية عن الضرر من جانب المدعي علية لانعدام رابطة السببية لان الخطأ ااول كان بذاتة كاف لوقوع الضرر .



أحد الخطاين أشد جسامه من الخطأ الأخر



أحدهما عمديا والثانى غير عمدى . بأن الراغب في الإنتحار بإلقاء نفسه أمام سيارة يستغرق خطأه الخطأ غير العمدى الذى وقع من المدعى عليه المتمثل في الإسراع بالقياده خلافا لقوانين المرور



أحد الخطأين نتيجة من الخطأ الاخر :



كذا يكون الخطأ مستغرقا اذا حدث احد الخطأين كنتيجة للخطأ الاخر فأن كان خطأ المضرور نتيجة لخطأ المدعي علية اعتبر الاخير مسئولا بالتعويض مسئولية كاملة .



الفرض الثاني : الخطأ المشترك :

اذا كان الخطأ المستغرق الذي يعفي من المسؤلية يقوم علي ان احد الخطأين غير مستقل عن الخطأ الآخر فأن المشترك علي عكس ذلك يقوم علي ان الخطاء مستقلة او متميزة وبذا يمكن للقاضي توزيع مقدار التعويض عن الخطأ المشترك علي المسئولين بالتساوي الا اذا امكن تحديد جسامة كل خطأ .



ثالثا – خطأ الغير :

الغير كل شخص خلاف المدعي عليه والمضرور وبذا لا يعتبر غيرا ؛ الأشخاص الذين يسأل عنهم المدعى عليه مدنيا بما في ذلك التابع بالنسبة للمتبوع ، يعتبر غيرا ؛ اقارب المضرور .وعلي ية حال فان خطأ الغير لا يقوم الا اذا توافرت له عناصر الخطأ أي بوصفه محض تعدي او انحراف عن سلوك الشخص المعتاد .



اثر خطأ الغير :

كان شركاء ي المسئولية قبل المضرور متضامنين وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي لا يمكن رجوع المضرور وبتعويض الجزء الذي سببة كل واحد من المسئولين عن الضرر مسئول من بين المتعديين لم يسبب جزاءا فقط من الضرر بل سبب الضرر كله



اثبات رابطة السببية :

المضرور يقع عليه عبء اثبات توافرت السببية بوصفه مدعيــا ..

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الضرر في مجال المسئوليةالمدنية



الضرر :



الضرر اساس المسؤلية المدنيةلا تقوم بدونة حتي وان وجد خطأ وبةتتميز المسؤلية المدنية عن المسؤلية الجنائية ، التي تقوم لمجرد ارتكاب الفعل المجرم حتي لو لم يترتب علية ضرر بالغير وكذا يمكن ان يكون الضرر موروثا يلحق بالمورث قبل الوفاة او مرتدا يصيب شخص من جراء الاضرار بشخص اخر وفي كل الحالات فأن اثبات الضرر يقع علي عائق من يدعية









فهرست
١ عناصر الضرر

٢ انواع الضرر

٢.١ المحور الاول – الضرر المادي :

٢.٢ المحور الثاني – الضرر الادبي :

٢.٢.١ اولا – ماهية الضرر الادبي :

٢.٢.٢ ثانيا - احكام الحق في التعويض عن الضرر الادبي :

٢.٣ موضوعات ذات صلة:



عناصر الضرر

اولا – الاخلال بمصلحة المضرور :



فلا يشترط اذن ان يشتمل الاخلال بالضرورة علي حق للمضرور بل يكفي ان يمس بمجرد مصلحة . وتفسير ذلك انه لا صعوبة اذا كان الفعل الضار قد اخل للمضرور مثلا حق الانسان في حياتة في سلامة جسمة ، او حق الملكية وبذا يتحقق الضرر وتثور الصعوبة اذا لم يكن الاعتداء علي الحق بل علي مجرد مصلحة لا ترقي الي مرتبة الحق ، ومع ذلك يعتبر الضرر قائما اذا انطوي علي المساس بميزة للمضرور وقت تحقيق الضرر بما في ذلك مثلا الحرمان من العائل وعلي عكس ذلك اذا لم يكن ثمة اخلا يحق او بمصلحة لا يقوم عنصر الضرر ونلفت النظر بأن الحق في التعويض عن الضرر لا يثبت الا للمضرور او نائبة او خلفة اما الغير الاجنبي عن المضرور فلا يكون لة المطالبة بالتعويض عن ضرر لم يصبة



ثانيا – ان تكون المصلحة مشروعة :



لا يقوم الضرر الا اذا ترتب علي الاخلال بمصلحة مشروعة فان كانت المصلحة التي تم المساس بها غير مشروعة أي مخالفة للنظام العام والاداب لم يقم عنصر الضرر قانونا . ويثور التساؤل عن الحالة التي يتمثل فيها الضرر الناشئ ؟ وندوة بداية بأن الضرر الجسماني ينطوي بالضرورة علي المساس بمصلحة مشروعة اما الحرمان من الكسب او تحقيق خسارة معينة جراء الاصابة او الاعتداء فلا يدخل من عناصر التعويض أي لا يجوز التعويض عن الحرمان من مباشرة النشاط غير المشروع خلال فترة الاصابة .



ثالثا – ان يكون الضرر محقق الوقوع :



لا يكون الضرر مستوجبا التعويض عنة الا اذا كان محقق الوقوع وهو يكون كذلك اذا وقع فعلا او كان احتمال وقوعة في المستقبل امرا حتميا .



1 - الضرر المستقبل :



الضرر المستقبل الذي يجري التعويض عنة يشمل علي اشتمالات امكانية وقوع الضرر في المستقبل تفوق احتمالات عدم امكانية وقوعة ويضرب الفقة مثلا علي ذلك في اصابة احد العمال التي تترتب عليها عجزة عند اداء العمل حيث يتوقف تحديد التعويض علي مدي الضرر الذي يحدث لة مستقبلا شريطة ان تكون عناصرة محققة او مؤكدة بحسب السير العادي للامور . وبذا يختلف التعويض عن الضرر المستقبل عن الضرر الحال وعن الضرر الاحتمالي فالتعويض عن الضرر الحال علي اساس عناصر وقعت فعلا اما التعويض عن الضرر المستقبل فيجري بالنظر الي عناصر لم تتحقق بعد ولكنها مؤكدة الوقوع في المستقبل . اما الضرر الحتمالي فلا يتم التعويض عنة علي اساس ان الضرر لم يقع فعلا . كما ان وقوعة في لمستقبل امر غير مؤكد . وبذا ، لا يقتصر تعويض الاصابة علي ما انفقة فعلا من نفقات علاج بل يشمل ما ينتظر ان ينفقة مستقبلا لاتمام العاج ما دام ذلك محققا فأذا لم يتيسر للقاضي ان يحدد مقدار الضرر المادي بصفة نهائية يجوز له . ان يحكم للمضرور بالتعويض عما تحقق بالفعل من عناصر الضرر ويحتفظلة بالحق في ان يطالب مستقبلا في خلال مدة يحددها باعادة النظر في التقرير ليشمل التعويض العناصر الاخري التي لها ان تتحقق في تاريخ لاحق ولنا ملاحظات ثلاث :



الاولي : ان الحكم بالتعويض المؤقت يجب ان يكون بناء علي طلب المضرور .



ثانيا : يتعين ان يتضمن الحكم ما يفيد بأنه مؤقت لا يشمل كل الاضرار .



ثالثا : واذا صدر حكم بتعويض الضرر ولم يحتفظ للمضرور بالرجوع بتعويض تكميلي مدة معينة . فأنه يحق للمضرور مع ذلك طلب تكملة التعويض شريطة قيامة باثبات الضرر الطارئ بعد الحكم ، او مايسمي تفاقم الضرر ، وفرق التعويض عن تفاقم الضرر ، والتعويض التكميلي فالاول يجبر الضرر الطارئ بعد الحكم او ما يسمي تفاقم الضرر وفرق التعويض عن تفاقم الضرر و التعويض التكميلي فالاول يجبر الضرر الطارئ من تاريخ صدور الحكم النهائي وهو تعويض عن ضرر كان في الحقيقة احتماليا وقت صدور الحكم النهائي لكنة اصبح مؤكدا بعد صدور الحكم والحكم بالتعويض عن الضرر المتفاقم لا يمس حجية الحكم السابق فهو تعويض عن ضرر جديد اما التعويض التكميلي فهو وصف للحالة التي يتراءى فيها القاضي ان التعويض المؤقت غير واضح فيحتفظ للمضرور بناء علي طلبة النظر في التقدير خلال مدة معينة .



تفويت الفرصة :



يتمثل الضرر المادي في الخسارة التي تلحق المضرور او المكسب الذي يفوتة وقد استقر قضاء النقض علي ان تفويت الفرصة ضرر محقق يستوجب التعويض حتي ولو كانت الافادة منها امرا محتملا فالتعويض لا ينصب علي الفرصة ذاتها لانها امر احتمالي وانما يكون عن تفويت الفرصة باعتباره ضررا مؤكدا . ومع ذلك يتعين لاعتبار ان تفويت الفرصة ضرر مؤكد توافر فرصة جدية ، وحقيقية تم الحرمان منها وتأكيدأ لذلك وتفصيلا لة حكم بتعويض الابوين عن الامل في ان يستظلا برعاية ابنهما الذي فقد في الحادثة فبفقدة فاتت فرصتهما بضياع املهما وحكم بالتعويض عن تفويت فرصة الترفية الي درجة اعلي .



انواع الضرر

المحور الاول – الضرر المادي :

الضرر المادي اخلال يحق للمضرور لة قيمة مالية او بمصلحة لة ذات قيمة مالية والفقة علي ان الضرر الجسدي أي المساس بسلامة الجسم هو ضرر مادي يترتب علية خسارة مالية للمضرور يتمثل في نفقات العلاج وكسب فائت يتمثل في العجز في القدرة علي العمل واظهر صور الضرر المادي يتمثل في الاعتداء علي حق مالي ايا كان نوعة أي سواء كان حقا عينيا تبعيا او علي حق شخصي وقد يتمثل الضرر المادي في المساس بمجرد مصلحة أي ميزة لم ترق بعد الي مرتبة الحق بما في ذلك مثلا الحرمان من العائل .



انتقال الحق في التعويض عن الضرر المادي :

من المسلم بة ان المضرور او نائبة هو الذي يثبت لة الحق في طلب التعويض اما غير المضرور فلا يستطيع ان يطالب بتعويض عن ضرر لم يصبة فاذا اصاب الضرر شخصا بالتبعية عن طريق ضرر اصاب اخر فيما يسمي بالضرر المرتد فلابد من توافر حق لهذا الغير يعتبر الاخلال بة ضررا اصابة اما بمجرد احتمال وقوع ضرر في المستقبل لا يكفي للحكم بالتعويض وهكذا يشترط للتعويض عن الضرر المادي المرتد ان ينشأ عن الاصابة او الوفاة الاخلال بحق ثابت يحمية القانون ويستوي في هذا ن يكون الحق ماليا ، او مدنيا او سياسيا بما في ذلك القبض علي الشخص دون وجة حق او اعتقالة او تعذيبة فأذا ثبت الحق فية للمضرور فأنه ينتل الي وريثة .



وعلي العكس من ذلك يمكن ان يتمثل التعويض عن الضرر المادي المرتد لمجرد الاخلال بمصلحة مالية للاقارب اذا لم يكن لهؤلاء الحق في النفقة وثبت ان المتوفي كان يعولهم فعلا وفي هذة الحالة يشترط في تحقيق الضرر المادي للشخص الذي يدعية نتيجة وفاة اخر ان يثبت ان المتوفي كان يعولة فعلا وقت وفاتة وعلي نحو مستمر ودائم وان فرصة الاستمرار علي ذلك كانت محققة محمل القول اذن ان العبرة في تحقيق الضرر المادي للشخص الذي يدعية نتيجة لوفاة اخر هو ان يثبت ان المجني علية كان يعولة فعلا وقت وفاتة وعلي نحو مستمر ودائم وان فرصة الاستمرار علي ذلك في المستقبل كانت محققة فيقدر القاضي ما ضاع علي المضرور من فرصة بفقد عائلة ويقضي لة بتعويض علي هذا الاساس كما يشترط ان تكون المصلحة المالية مشروعة لوجوب المطالبة بتعويض الضرر المادي المرتد ، فاذا كانت العلاقة التي تربط المضرور بالمدعي غير مشروعة او مخالفة للاداب العامة فلا يحكم بالتعويض عن الضرر المادي المرتد من الوفاة وهكذا حكم بعدم تعويض الخليلة عن فقد خليلها رغم انة كان يتولي الانفاق عليها علي ان هذا الحكم لا يمتد لي الطفل الطبيعي بحيث يجوز تعويضة عن الضرر المادي المرتد عن فقد والدة ولما كان الحق في التعويض يثبت للمضرور علي هذا النحو فأنه ينتقل بالتالي الي ورثتة بحيث يمكن لهؤلاء المطالبة بالتعويض الذي كان لمورثهم ان يطالب بة لو بقي حيا .



المحور الثاني – الضرر الادبي :

اولا – ماهية الضرر الادبي :

الضرر الادبي لا يمس اموال المضرور وانما يصيب مصلحة غير مالية ومن ذلك ان اصابة الجسم يمكن ان تعد ضررا ماديا كونها عتداء علي حق الانسان في الحياة وسلامة الجسم وضررا ادبيا يصيب المضرور في عاطفتة وشعورة وتدخل الي قلبة الغم والحزن ويمكن ارجاعة الي حالات معينة منها الضرر الادبي الناجم عن اصابة الشخص والالم الذي تخلفة الاصابة يكون ضررا ماديا وادبيا كذلك وقد يتمثل الضرر الادبي فيما يصيب الشخص في شرفة واعتبارة نتيجة لقذف والسب وقد يحدث الضرر الادبي عن مجرد المساس بالعاطفة والشعور فانتزاع الطفل من والدية يصيبها باللوعة والحشرة كما ان الاضرار المالية ان تخلف الما وحسرة مما يسوغ التعويض .



وقد تردد الفقة طويلا في خصوص التعويض عن الضرر الادبي وراي البعض عدم ملاءمة ذلك باعتبار ان الغاية من التعويض هو جبر الضرر وهو امر ينطبق علي الضرر المادي الذي يمكن حساب الخسارة او الكسب الفائت عنه مبلغ محدد يدفع للمضرور . ومع ذلك فقد انتصر الراي القائل بامكانية التعويض عن الضرر الادبي باعتبار انة اذا تعذرحساب الضرر الادبي فلا اقل من ان يمنح المضرور عنه بعض المال ليكون فية غلي الاقل بعض السلوي والعزاء وما لا يدرك كلة لا يترك كله .وهكذا نصت مدني مصري علي ان التعويض يشمل الضرر الادبي ايضا ومن ذلك ما يستشعرة الشخص من الحزن والاسي واللوعة وما يفتقدة نتيجة موت عزيز علية .



ثانيا - احكام الحق في التعويض عن الضرر الادبي :

اصحاب الحق في التعويض عن الضرر الادبي وانتقالة :



1- أصحاب الحق في التعويض :

المشرع المصري يقصر التعويض عن الضرر الادبي الناشئ عن الوفاة في نطاق الازواج والاقارب الي الدرجة الثانية وهم : الوالدان والاخوة والاخوات والجدة لام ، والجدة لاب ، والاولاد ، والاحفاد . ولا يعطي القاضي تعويضا لهؤلاء جميعا اذا وجدوا ولكن يحكم بة لمن اصابة منهم الم حقيقي من جراء موت المصاب .



2- انتقال الحق في التعويض عن الضرر الادبي :

الثابت ان الحق في التعويض عن الضرر الادبي لا ينتقل الي الغير سواء اثناء حياة المصاب او بعد وفاتة بالميراث او الوصية الا اذا تحدد بمقتضي اتفاق او الب بة الدائن امام القضاء م 222 مدني . ومقتضي الحالة الاولي ان يكون هناك اتفاق بين المضرور ، والمسئول بشأن التعويضمن حيث مبدأ استحقاقة ، ومقدارة بحيث اذا توفي المضرور بعد هذا الاتفاق استحق ورثتة التعويض ميراثا.



والحالة الثانية . معناها ان يكون المضرور ، قد رفع الدعوي فعلا امام المحكمة مطالبا بالتعويض ، فاذا توفي بعدها انقطع سير الخصومة ومع ذلك يجوز لورثة المتوفي تجديد السير في الدعوي مطالبين بالحكم لهم بالتعويض الذي سبق ان طالبة مورثهم .



3 - حالات استحقاق التعويض عن الضرر الادبي :

وجب التمييز بين الضرر الادبي الذي يلحق المتوفي نفسة لا ينتقل بالميراث الا اذا تحدد بمقتضي الاتفاق كما اشرنا او طالب الدائن بة امام القضاء وبين الضرر الذي اصاب اقارب الميت في عواطفهم وشعورهم من جراء موتة ويقتصر الحق في المطالبة بة علي الازواج والاقارب الي الدرجة الثانية .



اما اذا ترتب علي الاعتداء مجرد الاصابة لا الوفاة كانت مثار جدل وهكذا فان المحكمة العليا حين قضت للمطعون ضدهم الثلاثة الاخيرين بالتعويض عن الضرر الادبي الذي حاق بشخص كل منهم نتيجة تعذيب شقيقهم تكون قد طبقت في رأينا صحيح القانون .



– موقف القضاء الفرنسي :

اثير التساؤل بصدد جواز مطالبة الاقارب بالتعويض عما اصابهم من اضرار نتيجة اصابة عزيز لديهم وليس عن وفاتة وقد تشددت بعض الاحكام فاشترطت ان يكون الضرر جسميا واستثنائيا حتي يعطي للاقارب الحق في التعويض فقد تواتر قضاء الدائرة الجنائية لمحكمة النقض علي رفض تعويض الاقارب عما اصابهم من ضرر من جراء اصابة عزيز لديهم .



– رأينا الخاص :

من المسلم به ان نص م 222/2 من القانون المدني المصري قد جاء محددا الاشخاص الذين يحق لهم المطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي وهذا التحديد للاشخاص الازواج او الاقارب حتي الدرجة الثانية لا بمعني ان النص قيد الحق في التعويض عن الضرر الادبي عن الوفاة او عن مجرد الاصابة .

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات