الفرع الأول (( الإشكالية ))-العقد الالكتروني عندما يشترط القانون شكلا معينا
بعد صدور القانون رقم 230/2000 في فرنسا بشأن تطوير قانون الإثبات والمتعلق بالتوقيع الالكتروني انقسم الرأي بين مؤيد ومعارض ، فقد ذهب البعض إلى أن الشكلية التي يتطلبها القانون لانعقاد العقد أو التصرف سواء بالكتابة أو بالتوقيع لا يمكن أن يستغنى عنها بالكتابة الالكترونية أو التوقيع الالكتروني وأن التعديل لنص المادة (1316/1 )(37) مدني فرنسي يتحدث عن الكتابة كوسيلة إثبات ولم يقصد المساس بالشكلية(38) .
وبالتالي من غير المتصور أن تعقد تصرفات إنشاء الوصية أو الوقف أو معاملات التصرف في الأموال ومعاملات الأحوال الشخصية على الخط ، وذلك بسبب أهمية هذه التصرفات وخطورتها(39) .
بينما يذهب البعض الآخر إلى أن الكتابة الالكترونية لم تعد قاصرة على الكتابة كوسيلة إثبات écrit probationem وإنما تشمل الكتابة كشرط لصحة التصرف advaliditatem écri وذلك بالنظر إلى عمومية نص المادة (1316/1 ) مدني فرنسي ، فالنص واضح فيما تضمنه من تعريف للكتابة ولذلك يجب إعطاءه معنى كاملا دون تخصيص (40).
ومن الجدير بالذكر أن التوجيه الأوروبي رقم 31/2000 بشأن التجارة الالكترونية حظر على الدول الأعضاء وضع أي عراقيل أو عقبات أمام الاعتراف بالعقود الالكترونية وحثهم على العمل على تطوير تشريعاتها لإقرار المعاملات الالكترونية ، ولا شك أن عدم منح الكتابة الالكترونية قوة ترتيب كافة الآثار القانونية يكون مخالفا لمقتضيات الجماعة الأوروبية (41).
ولعلنا ننضم إلى أصحاب الرأي الأول فيما يذهبون إليه، فلا يستساغ عقلا ولا منطقا أن تبرم عقود في غاية الأهمية والخطورة عن بعد، وأن يضرب باشتراطات القانون عرض الحائط . ولعل عدم كفاية الوسائل التقنية في توفير الثقة والأمان في إبرام هذه العقود وهو ما يرجح هذه الوجهة.
وتشريعيا نقرأ في قانون التوقيع الالكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004 مبدأً عاماً قررته المادة (15) من هذا القانون بقولها " للكتابة الالكترونية وللمحررات الالكترونية في نطاق المعاملات المدنية ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية متى استوفت الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وفقاً للضوابط الفنية والتقنية التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ". والنص واضح في كونه أقر إمكانية استيفاء الشكلية التي يقررها القانون لإبرام العقد أو لترتيب آثاره عن طريق المحررات والمستندات الالكترونية متى روعيت الشروط التي حددها المشرع في اللائحة التنفيذية للقانون. وقد أقر هذا المبدأ أيضا في كل من القانون الأردني للمعاملات الالكترونية (م7 ) وقانون إمارة دبي للمعاملات والتجارة الالكترونية (م9 ).
وبخصوص التوقيعsigne يذهب القضاء الفرنسي إلى أن التوقيع الالكتروني يسد مسد التوقيع اليدوي الذي يشترطه القانون أحيانا لانعقاد التصرف ، وفى هذا قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الختم Griffe لا يغنى عن التوقيع على الكمبيالة المنصوص عليها في المادة (110) من التجارة وأن التوقيع المطلوب للانعقاد هو بالضرورة التوقيع اليدوي (42).
إذن نخلص من خلال هذا العرض أن أغلب التشريعات تتبنى مبدأ المساواة بين الكتابة الالكترونية والكتابة التقليدية والتوقيع الالكتروني والتوقيع التقليدي ولكن الإشكالية تثور عندما يستلزم القانون شكلا معينا لانعقاد التصرف .
هل يتم التضحية بالشكلية انسياقا وراء المبدأ العام القائل بالمساواة ؟
أم أن المبدأ العام متعلق بالإثبات فحسب ولم يقصد منه المساس بالشكلية ؟
في هذا الصدد اقترحت بعض التشريعات حلولا لهذه الإشكالية القائمة واستعراض هذه الحلول وتطبيقاتها هو قوام الفرع التالي .
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
بعد صدور القانون رقم 230/2000 في فرنسا بشأن تطوير قانون الإثبات والمتعلق بالتوقيع الالكتروني انقسم الرأي بين مؤيد ومعارض ، فقد ذهب البعض إلى أن الشكلية التي يتطلبها القانون لانعقاد العقد أو التصرف سواء بالكتابة أو بالتوقيع لا يمكن أن يستغنى عنها بالكتابة الالكترونية أو التوقيع الالكتروني وأن التعديل لنص المادة (1316/1 )(37) مدني فرنسي يتحدث عن الكتابة كوسيلة إثبات ولم يقصد المساس بالشكلية(38) .
وبالتالي من غير المتصور أن تعقد تصرفات إنشاء الوصية أو الوقف أو معاملات التصرف في الأموال ومعاملات الأحوال الشخصية على الخط ، وذلك بسبب أهمية هذه التصرفات وخطورتها(39) .
بينما يذهب البعض الآخر إلى أن الكتابة الالكترونية لم تعد قاصرة على الكتابة كوسيلة إثبات écrit probationem وإنما تشمل الكتابة كشرط لصحة التصرف advaliditatem écri وذلك بالنظر إلى عمومية نص المادة (1316/1 ) مدني فرنسي ، فالنص واضح فيما تضمنه من تعريف للكتابة ولذلك يجب إعطاءه معنى كاملا دون تخصيص (40).
ومن الجدير بالذكر أن التوجيه الأوروبي رقم 31/2000 بشأن التجارة الالكترونية حظر على الدول الأعضاء وضع أي عراقيل أو عقبات أمام الاعتراف بالعقود الالكترونية وحثهم على العمل على تطوير تشريعاتها لإقرار المعاملات الالكترونية ، ولا شك أن عدم منح الكتابة الالكترونية قوة ترتيب كافة الآثار القانونية يكون مخالفا لمقتضيات الجماعة الأوروبية (41).
ولعلنا ننضم إلى أصحاب الرأي الأول فيما يذهبون إليه، فلا يستساغ عقلا ولا منطقا أن تبرم عقود في غاية الأهمية والخطورة عن بعد، وأن يضرب باشتراطات القانون عرض الحائط . ولعل عدم كفاية الوسائل التقنية في توفير الثقة والأمان في إبرام هذه العقود وهو ما يرجح هذه الوجهة.
وتشريعيا نقرأ في قانون التوقيع الالكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004 مبدأً عاماً قررته المادة (15) من هذا القانون بقولها " للكتابة الالكترونية وللمحررات الالكترونية في نطاق المعاملات المدنية ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية متى استوفت الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وفقاً للضوابط الفنية والتقنية التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ". والنص واضح في كونه أقر إمكانية استيفاء الشكلية التي يقررها القانون لإبرام العقد أو لترتيب آثاره عن طريق المحررات والمستندات الالكترونية متى روعيت الشروط التي حددها المشرع في اللائحة التنفيذية للقانون. وقد أقر هذا المبدأ أيضا في كل من القانون الأردني للمعاملات الالكترونية (م7 ) وقانون إمارة دبي للمعاملات والتجارة الالكترونية (م9 ).
وبخصوص التوقيعsigne يذهب القضاء الفرنسي إلى أن التوقيع الالكتروني يسد مسد التوقيع اليدوي الذي يشترطه القانون أحيانا لانعقاد التصرف ، وفى هذا قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الختم Griffe لا يغنى عن التوقيع على الكمبيالة المنصوص عليها في المادة (110) من التجارة وأن التوقيع المطلوب للانعقاد هو بالضرورة التوقيع اليدوي (42).
إذن نخلص من خلال هذا العرض أن أغلب التشريعات تتبنى مبدأ المساواة بين الكتابة الالكترونية والكتابة التقليدية والتوقيع الالكتروني والتوقيع التقليدي ولكن الإشكالية تثور عندما يستلزم القانون شكلا معينا لانعقاد التصرف .
هل يتم التضحية بالشكلية انسياقا وراء المبدأ العام القائل بالمساواة ؟
أم أن المبدأ العام متعلق بالإثبات فحسب ولم يقصد منه المساس بالشكلية ؟
في هذا الصدد اقترحت بعض التشريعات حلولا لهذه الإشكالية القائمة واستعراض هذه الحلول وتطبيقاتها هو قوام الفرع التالي .
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق