بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

14 يوليو 2010


بحب السيما


باسم الشعب



مجلس الدولة



محكمة القضاء الإدارى



الدائرة الاولى

بالجلسة المنعقدة علنا فى يوم الثلاثاء الموافق 30/11/2004

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق على عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين/ أحمد محمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة

صلاح الدين الجروانى نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار/ ياسر أحمد يوسف مفوض الدولة

وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى رقم 26899 لسنه 58 ق





المقامة من

1- نجيب جبرائيل ميخائيل

2- صالح محمد محمد الدرباشى

3- ممدوح باسليوس نخلة

1- مرقص عزيز ميخائيل (خصم متدخل)

2- انطونيوس راغب غالى (خصم متدخل)

3- مرقوريوس بالميلاد سامى صمويل (خصم متدخل)

4- ميتاس وبالميلاد موريس نظر (خصم متدخل)





ضد

1- وزير الثقافة "بصفته"

2- مدير عام الرقابة على المصنفات الفنية "بصفته"

3- وزير الداخلية "بصفته"

1- إسعاد حامد جمال الدين يونس بصفتها

رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب

للشركة العربية للأنتاج والتوزيع السينمائى

2- مديحة أميل دوس

3- تامر صلاح الدين يوسف البستانى

4- أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد

5- محمد أحمد حسن العجاتى

6- محسن محمد عبد السيد يسر

7- أحمد راغب عبد الستار

8- خالد على عمر

9- عادل واسيلن.





الوقائع:-

وتخلص فى أن المدعين أقاموا الدعوى الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة فى 8/7/2004، وطلبوا فى ختامها الحكم أولا: بصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ القرار الصادر من المعلن إليه الأول بصفته بالتصريح بعرض الفيم موضوع الدعوى مع ما يترتب على ذلك من آثار والتصريح بالتنفيذ بمسودة الحكم الأصلية بغير إعلان.

ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المعلن إليهم بصفاتهم بالمصروفات.

وذكر المدعون شرحا للدعوى: أن الفن رسالة نبيلة تعكس مع وسائل الأعلام المختلفة سلبيات وإيجابيات المجتمع ويرصد الظواهر الأكثر شيوعاً والتى تمثل عراقيل تقدمه وتطوره وكمثل أى ناقد يرى الحلول لتلك السلبيات من منظار موضوعى محايد بعيدا عن الطائفية وعقب مشاهدتهم لفيلم (بحب السينما) خرجوا بانطباعات غريبة وغير مألوفة على الواقع الفنى لما فيه من غمز ولمز يثير تساؤلات عديدة مثل:-

أولاً: أن جميع الشخصيات التى قامت بادوار التمثيل فى الفيلم مسيحية وتدور جميع وقائعه بين عائلات مسيحية حتى التعامل مع الجيران والأصدقاء.

ثانيا: أن مشاهد الفيلم صورت جميعها فى أحدى الكنائس الإنجيلية بشبرا ولم يصور مشهد واحد فى أحدى الكنائس القبطية الأرثوذكسية كما لو كانت الطائفة الغالبة فى مصر هى الطائفة الإنجيلية وبما فى الكنيسة الأرثوذكسية من ايقونات وصور لطقوس الصلاة مما يعتبر جزءا من عقيدتها ومن تراث مصر ومن الثقافة القبطية التى نفخر بها جميعا هذا فضلا على أن مراسم الزواج التى تمت فى الفيلم ليست هى سر الزواج المقدس التى تقره الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

ثالثاًِ: أن الفيلم أظهر ترفعا معينا لدى الأقباط فى ممارسة صلواتهم وأصوامهم وعلاقة الزوج بزوجته وقد بدأ ذلك جليا فى علاقة الزوج عدلى (محمود حميدة) بزوجته نعمات (ليلى علوى) وعلى وجهة يظهر الديانة المسيحية مشوبة بالتعقيد والتزمت بحيث يمكن أن تطيح بالعلاقة الزوجية فى سبيل ممارسة الأصوام، وهو السبب الذى كان يتعلل به الزوج لعدم معاشرة زوجته مما ضاق بالزوجة ذرعا واشتد الكبت بها فارتمت فى أحضان أحد الرسامين.

رابعاً: أن الفيلم جعل من الكنيسة وهو مكان مقدس كمكان لقاء للعشاق، وهو ما ظهر جليا فى لقاء (منه شلبى) مع حبيبها فى الدور العلوى من الكنيسة بينما اجتماع الصلاة كان منعقدا فى الدور السفلى.

خامساً: أن الفيلم لم يجسد شخصية (عدلى) المتزمت دينيا حسب مفهوم ورسالة الفيلم عندما خرج من تزمته على أنها رجوع إلى ممارسة الحقيقة الصحيحة للدين وإنما صوره وهى يحتسى الخمر وفاقدا الأمل فى كل شئ واليأس يحيط به من كل جانب.

سادساً: أن المشهد الوحيد الذى صور فى الكنيسة كفرح أو زفاف تحول إلى معركة شركة داخل الكنيسة وهو مكان للصلاة.

سابعاً: تحول زوجة عدلى المتحررة إلى التزمت بعد وفاة زوجها يؤكد عدم وضوح رسالة الفيلم.

وأضاف المدعون شرحا للدعوى: أن الفيلم لم يكن له رسالة واضحة وأساء إلى المسيحين الأقباط الأرثوذكس وإلى تاريخ وطقوس الكنيسة والتى تفخر بها مصر على مر العصور وعزل المسيحين على أنهم طائفة واحدة فقط (الإنجيلين) ولم يظهر أى ديانة أخرى والشخصية الوحيدة للأرثوذكس (عدلى) ظهر متزمتا وهذا فضلا على ما انطوى عليه الفيلم من ازدراء بأماكن الصلاة والعبادة بما تردد من ألفاظ سباب وشتائم وإزدراء بشعار المسرحية (الصليب) عندما صور بطلة الفيلم إثناء ارتكابها خطيئة الزنا مركزا على علامة الصليب وكان فى ذلك تصدع للعلاقة بين الطوائف المسيحية (الأرثوذكس والبروتستانت) واختلاط النسب والأمور عند زواج ارثوذكس من برتستانتية، وهو الأمر الذى تأباه الكنيسة.

واستطرد المدعون شرحا لدعواهم أن هذا الفيلم يثير الفتن الطائفية ويكدر السلام الاجتماعى ويزدرى بطائفة الأقباط الأرثوذكس.

وخلص المدعون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم السالف ذكرها فى صدر الوقائع.

وقد حددت المحكمة جلسة 27/7/2004 لنظر الشق العاجل وفيها حضر المدعون، وطلب القس مرقص عزيز خليل راعى الكنيسة المعلقة بمصر تدخله فى الدعوى إلى جانب المدعين.

تدوول نظر الشق العاجل بجلسات المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها.

وبجلسة 22/8/2004 حضر كل من القساوسة انطونيوس راغب غالى، مرقوريوس بالميلاد سامى صمويل، متياس بالميلاد موريس نصر وطلبوا تدخلهم كخصوم منضمين للمدعين، كما حضر محام عن/ إسعاد حامد جمال الدين يوس بصفتها رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب للشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى وطلب تدخلها كخصم منضم للجهة الإدارية، كما حضرت مديحة أمين دوس، جيهان أحمد شحيح، محمد أحمد العجاتى محسن محمد عبد السيد عن نفسه وعن جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان كما حضر عن كل من أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح، أحمد راغب عبد الستار جودة محام وطلبوا تدخلهم هجوميا فى الدعوى ودفعوا بعدم دستورية القانون رقم 430/1955 لتعارضه مع المادتين 47، 49 من الدستور، وبذات الجلسة قدم الحاضر عن المدعين حافظة مستندات طويت على قصاصات من بعض الصحف ومذكرة بدون توقيعات معنونة (شاهدت الفيلم ولكن لا أحب هذه السينما).

وبجلسة 11/9/2004 قدم الحاضر عن المدعين حافظتى مستندات طويت على صورة ضوئية من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2190 لسنه 2004، كما تضمنت الحافظة الثانية (مجموعة من المقالات والتقارير الصحفية)، كما قدم مذكرة بدفاع طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف قرار المعلن إليه الأول المتضمن عرض الفيلم وسحب جميع نسخة من جميع دور العرض ومنع تداوله فى الفيديو ومنع عرضه فى أى مكان، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، كما قدم الحاضر عن المجلس الأعلى للثقافة أربعة حوافظ مستندات طويت على قرار رئيس الجمهورية رقم 150/1980، وقرار المجلس الأعلى للثقافة رقم 224/1981، سيناريو وحوار فيلم بحب السينما - قرار الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات السمعية البصرية الفنية، تقرير مشاهدة الفيلم، كتاب رئيس الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية، تقرير مشاهدة الفيلم من أ.د موثان رزق، وتضمنت الحافظة الثانية (تقرير مشاهدة الفيلم من أ.د ناجى فوزى، تقرير مشاهدة الفيلم من (ايزيس نظمى، قدرى محمود حنفى) وتضمنت الحافظة الثالثة (تقرير اللجنة العليا لمشاهدة فيلم بحب السينما) بجلسة 2/6/2004، وتقرير اللجنة العليا لمشاهدة الفيلم بجلسة 2/6/2004، محضر اجتماع اللجنة العليا الثالثة وتضمنت الحافظة الرابعة (قرار اللجنة العليا الثالثة، وصورة الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2190/2004 مستعجل القاهرة، كما قدم مذكرة بدفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبصفة احتياطية برفض الدعوى وبذات الجلسة قدم الحاصر عن الخصوم المتدخلين هجوميا صحيفة معلنة بطلباتهم طلبوا فى ختامها الحكم بقبول تدخلهم تدخلا هجوميا شكلا وفى الموضوع برفض الدعوى والتصريح لهم بإتخاذ إجراءات رفع طعن بعدم دستورية القانون رقم 430/1955، كما قدم الحاضر عن الخصوم المتدخلين هجوميا حوافظ مستندات طويت على تقرير استشارى مقدم للمحكمة غير موقع، صورة الحكم الصادرة فى الدعوى رقم 2190/2004، مجموعة من المقالات والتقارير حول الفيلم، كما قدم الحاضر عن الخصم المنضم إلى الجهة الإدارية صحيفة معلنة بأسباب تدخل طلب فى ختامها الحكم بقبول تدخله شكلا وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وبرفض طلب وقف التنفيذ وعلى سبيل الاحتياط رفض الدعوى.

وقد حددت المحكمة جلسة 23/9/2004 موعدا لإنتقالها إلى المركز القومى للسينما لمشاهدة الفيلم محل الدعوى، وفيها انتقلت المحكمة بكامل هيئتها إلى المركز القومى للسينما وبحضور المدعى الأول والثالث والخصوم المتدخلين إلى جانب المدعين ومحام عن الخصم المتدخل إلى جانب الجهة الإدارية وعن باقى الخصوم وعن الجهات الإدارية المختصمة فى الدعوى - حيث شاهدت المحكمة الشريط السينمائى، وانتقلت إلى قائمة أخرى وقررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة 5/10/2004 بناء على طلب الخصوم لتقديم مذكرات ومستندات.

وبجلسة 5/10/2004 قدم الحاضر عن المدعين مذكرة بدفاع أشار فيها إلى أن الفيلم قد تضمن ممارسة للرذيلة فى بيت من بيوت العبادة وضرب رجل الدين وأهانته، لعن الدنيا والدين - لعن الحلال والحرام، صدور ألفاظ فى دور العبادة (أبن الوسخة، ابن الغسالة، ابن الخدامة، أصوات مضاجعة، لقاء جنسى واغتصاب البطلة ليلى علوى فى الضوء الخافت ودخول طفل لدى أمه وهى تستحم عارية، تبول الطفل تعرية التلميذة لرؤية جسمها)، والفيلم قد وصفه البابا شنوده بأنه "إبداع جنسى" وأن مجمع البحوث الإسلامية قد صدر عنه أية لو أخذ رأيه لطالب بمنع عرضه، والفيلم قد تضمن عيبا فى الذات الإلهية بعبارات وردت على لسان الأم والأب والأبن، وازدراء بالإديان السماوية واحتقار دور العبادة المسيحية وكم الشتائم داخل الحرم الكنسى، كما تضمن الفيلم اعتداء على حقوق الطفل لما راه الطفل داخل الفيلم من مناظر عارية تمثلت فى صور رسمتها أمه إلى صور رآها مع زملائه، وأمه عارية، والبنت رفع له مريلتها ليرى المستور، والى اصبحت فلسفته على الاعتراض بالتبول.

وأضاف الحاضر عن المدعين أن الفيلم ليس له وجود على أرض الواقع إذ لا توجد فى الكنسية القبطية الأرثوذكسية أسرة فيها الزوج أرثوذكسى والزوجة بروتستانتية أو أنجيلية وإذا كان الزوج متعصبا تعصبا أعمى أو حتى متمسكا بطائفته فلماذا وافق على الزوج فى غير كنيسته الأرثوذكسية، والكنسية الأخرى لا تعتبره من رعاياها ولا تسرى عليه قوانين الكنسية الأرثوذكسية من أصوام واعتراف ولا يتم عمل أى خدمة خدمتها ولا يكون للشجار بينهما فى الفيلم، وعلى العموم فإن الكنيسة تضع سلاما حتى بين الزوجين مختلفى الطائفة الذين لم يتزوجا بواسطتها.

وخلص المدعون إلى أن الفيلم يتنافى مع الذوق المصرى للدراما فضلا عن تضمينه ألفاظا نابيه تقشعر لها الأبدان ومشاهدة لم يعتد المشاهد المصرى على رؤيتها واستخدام الفروق الطائفية لتزويد مساحة الفوارق بينهما، فليس عبثا أن يقدم فى بداية الفيلم شكر للقس أكر لمعى فى فيلم يسخر من العقيدة الأرثوذكسية لا سيما وأن المذكور وغيره أكدوا فى إحدى ندواتهم للتعليق على الفيلم أنه يهدف إلى إيقاظ الكنيسة الأرثوذكسية المتغطرسة، وقدم الحاصر عن الهيئة العامة للمجلس الأعلى للثقافة مذكرة تكميلية بدفاع طلب فى ختامها الحكم:

أولا: وبصفة أصلية برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 25/20031 بالترخيص بعرض فيلم "بحب السينما" لانتفاء ركن الاستعجال والجدية بالنسبة لطلب وقف التنفيذ وبصفة احتياطية برفض الدعوى الماثلة من الناحية الموضوعية وذلك برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه واستندت فى دفاعها إلى أن نسخة الفيلم التى عرضها تخص العروض الخاصة ولا تخص الترخيص بالنسبة للعرض العام حيث أن العرض العام قد ورد تنفيذا لقرار اللجنة العليا للرقابة على المصنفات الفنية فى شأن المحذوفات والتحقيق كما ورد بمذكرة دفاع الجهة الإدارية المقدمة بجلسة 11/9/2004 وقد أثبتت مشاهدة الفيلم بصفة موضوعية منطق الرقابة على المصفنات الفنية والمرتبط بمبدأ بسيط وواضح وحاسم فى أن أعمال الفن إبداعات خيالية وليست نصوصا دينية وأن الموضوع الدينى الذى تعالجة تلك الإبداعات لا وجود له ولا معنى بعيدا عن العمل الفنى.

كما اثبتت مشاهدة الفيلم مشروعية قرار الرقابة فى شأن العرض العام للجمهور العادى الذى له أن يقبل العمل أو يرفضه كما أن الفيلم قدم نموذجا للاسرة المصرية فى ظروف تاريخية وسياسية معينة ومواجهة هذه الظروف لا ينفك عن الإنسان سواء أكان مسلما أو مسيحيا، وأن هذه الأسرة قد تأثرت وأثرت فى المجتمع المصرى من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وخلافة فقدمت الأسرة مرتبطة بالعالم الخارجى فى المدرسة والشارع الحى، وقد وافق صفوة من المثقفين فى مصر من الإخوة المسلمين والمسيحين بلجنة الرقابة العليا وهم على أعلى مستوى للخبرة الفنية والتقنية فى مجال الفن على عرض هذا الفيلم طبقا لمواد الترخيص الواردة بقرار الترخيص المطعون فيه، كما قدم الحاضر عن الخصم المتدخل إلى جانب الجهة الإدارية (إسعاد حامد جمال الدين يونس) حافظة مستندات طويت على صورة رسمية من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2190 لسنه 2004 مستعجل القاهرة.

كما قدم مذكرة بدفاع دفع فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائيال بنظر الدعوى مستندا إلى أن قرار وزير الثقافة بالتصريح بعرض الفيلم محل الدعوى من قبيل الأعمال التنظيمية المحضة والتى تدخل فى إطار أعمال القانون الخاص قصد به إحداث أثر مادى وليس أثرا قانونيا إنما يدور فى إطار علاقة تجارية بحته، ودفع بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى، وعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة بحسبان أن الدعوى أقامها أفراد ينتمون إلى الطائفة الأرثوذكسية وأن تصوير الفيلم واحداثه - كما ورد فى صحيفة الدعوى ومذكرات الدفاع محله كنيسة إنجيلية ولم يقم لهم من ثمة حالة قانونية خاصة سببها القرار المطعون فيه كما طلب رفض طلب وقف تنفيذ القرار لإنتفاء شروطة، وخلص إلى الحكم له بطلباته السالف ذكرها.

كما قدم الحاضر عن وزير الداخلية بصفته مذكرة بدفاع طلب فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة مع إلزام المدعين بالمصروفات واستند إلى أن محل الدعوى القرار الصادر من المدعى عليه الأول بالتصريح بعرض الفيلم، ويكون اختصام وزير الداخلية فى الدعوى الماثلة أختصاما لغير ذى صفة خاصة وأن المدعين لم يوجهوا له ثمة طلبات وحضر هشام فاروق المحامى بشخصه وبصفته وطلب تداخله، كما حضر آخرين على الوجه المبين بمحضر الجلسة المشار إليه، وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم مع التصريح بالأطلاع وتقديم مذكرات ومستندات لمن يشاء من الطرفين خلال ثلاثة أسابيع، وعلى طالبى التدخل تقديم مذكرة بأسباب تدخلهم وتقديم المستندات خلال الميعاد.

وخلال الأجل أودع الحاضر عن المدعين مذكرة بدفاع صمم فيها على الطلبات.

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد إتمام المداولة قانونا.

ومن حيث إن طلبات المدعين الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية بالترخيص بعرض فيلم، "بب السينما" ورقمه 25/2001 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

ومن حيث أنه عن الدفع المبدى من الخصم المتدخل إلى جانب الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى فإن من المستقر عليه أن توزيع ولاية القضاء بين جهتين العادى والإدارى من الوسائل الوثيقة الصلة بأسس النظام القضائى حتى ولو أغفل ذلك ذوى الشأن، وعلى المحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها باعتبارها من النظام، وعلى هدى ما تقدم واستظلالا بحكم المادة (172) من الدستور التى وسددت إلى مجلس الدولة دون سواه اختصاص الفصل فى المنازعات الإدارية فإن استجلاء طبيعة المنازعة بات امرا لازما يرتبط به تحديدا الأختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة.

ومن حيث إن المنازعة الماثلة لا تخرج عن كونها قرار إداريا أفصحت به الجهة الإدارية بإرادتها المنفردة بمالها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح المنظمة لعمل جهاز الرقابةو على الأشرطة السينمائية وغيرها (القانون رقم 430/1955) وهو ما يؤثر فى المراكز القانونية للأفراد والشركات بما يصدر عنها من قرارات غرضها حماية حماية الآداب العامة والمحافظة على الأمن العام والنظام العام ومصالح الدولة، ويستحيل بحال من الأحوال نعت مباشرة الرقابة لدورها الرقابى بأنه عمل تنظيمى يحمى مصالح تجارية للأفراد بحسبان أن جل القرارات الإدارية تنظم حقوقها للأفراد وتؤثر فى مدى تمتع الفرد بما يملكه أو يديره أو يتولى الإشراف عليه، وكل ذلك لا ينفى عن هذه القرارات صفة القرار الإدارى، والتى تخضع لرقابة القضاء الإدارى فإن صدرت سليمة أيدها وأعلى قدرها وإن كانت غير ذلك ألغاها وأزال أثارها.

ومن حيث أنه ولما كان الأمر كذلك - فإن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لا يستند إلى سند من الواقع والقانون ولا يحاج على ذلك بما تضمنته أسباب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2190 لسنه 2004م.

القاهرة من أنه ينتفى عن قرار الموافقة على عرض الفيلم وصف القرار الإدارى واعتباره إجراء تنظيميا اجتماعيا إعمالا لسلطة الدولة فى حماية المصالح الخاصة لأبناء الجماعة من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المدعى لم يشر فى صحيفة دعواه إلى تعرضه للقرارات أو النعى عليه وذلك بحسبان أن اعتبار القرار المطعون فيه إجراء تنظيما اجتماعيا لا يجد سند له فى ظل النظام القانونى المصرى الذى لا يعصم أى عمل يصدر عن جهة الإدارة عن رقابة القضاء كما يوسد إلى مجلس الدولة دون سواه اختصاص الفصل فى المنازعات الإدارية ومنها القرارات الإدارية فردية أو تنظيمية طالما استجمعت أركان العمل الإدارى على الوجه السالف بيانه هذا فضلا على أن المحكمة قد أفصحت - بحق - على أن المدعى فى الدعوى المشار إليها لم يختصم قرارا إداريا.

ومن حيث إنه عن طلبات التدخل فإن المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن:

"يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضما لأحد الخصوم أو طالبا لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى.

ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة ٍأو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ولا تقبل التدخل بعد أقفال باب المرافعة".

ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه يجب أن يكون التدخل فى الدعوى من صاحب المصلحة فيه، ولئن كان المشرع قد اشترط بقبول دعوى الإلغاء أن يكون لرافعها مصلحة شخصية ومباشرة إلا أن القضاء الإدارى قد استقر على توافر هذا الشرط متى كان صاحب الشأن فى حالة قانونية مسها القرار المطعون فيه، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا - بأن قيام شرطة المصلحة يعنى توافر شرط الصفة، وأساس ذلك أن المصلحة والصفة تندمجان، فى دعوى الإلغاء - الطعن رقم 1117 لسنه 29 ق جلسة 10/3/1987، ويجب أن يكون التدخل فى الدعوى من صاحب المصلحة فيه وهو إما تدخل انضمامى يبدى فيه المتدخل ما يراه من أوجه الدفاع لتأييد طلب الخصم فيه الحكم لنفسه بحق ذاتى يدعيه فى مواجهة طرفى الخصومة، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا - على أن العبرة فى وصف نوع التدخل هى تحقيقه بتكييفه القانونى وليس بالوصف الذى تضفيه عليه الخصوم، وفى جميع الأحوال يجب على طالب التدخل الالتزام بالقواعد الإجرائية المقررة للتدخل وإلا قضى بعدم قبول تدخله (المحكمة الإدارية العليا - الطعن رقم 1244/30 ق جلسة 17/10/1987.

ومن حيث إن حقيقة الوصف القانونى الصحيح لتدخل كل من مديحة اميل دوس، تامر صلاح الدين يوسف البستانى، أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح محمد، محمد أحمد حسن العجاتى، جيهان أحمد سميح شعبان، محسن محمد عبد السيد يسر، أحمد راغب عبد الستار، خالد على عمر، عادل واسيلى - أنه تدخل انضمامى للجهة الإدارية انصرف إلى المطالبة بذات طلباتها فى الدعوى والمتمثلة فى رفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى ولا ينال من هذا الوصف القانونى لتدخلهم ما ورد فى المذكرة بأسباب تدخلهم تدخل هجومى أو إبداؤهم دفعا بعدم دستورية القانون رقم 430 لسنه 1955 بحسبان أن كون المتدخل طرفا تابعا لمن ينضم إليه لا ينفى حقه فى التمسك بكل أنواع الدفوع التى يملك هذا الأخير التمسك بها، ما لم يكن قد أسقط حقه فى التمسك بها أو نزل عنها ولو لم يتمسك بها هذا الأخير، وإذ أبدى طلبا عارضا يضيف هذا الطلب إلى صفته صفة أخرى باعتباره متدخلا تدخلا اختصاميا (أ.د أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع فى قانون المرافعات صـ 74 وما بعدها.)

ومن حيث إنه قد قام فى جانب الخصم المتدخل (إسعاد الدين يونس) الصفة والمصلحة باعتبارها رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب للشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى (منتجة الفيلم) صفة ومصلحة فى التدخل إلى جانب الجهة الإدارية كخصم منضم - فإن المحكمة تقضى بقبول تدخلها، كما قام بجانب كل من رجال الدين المسيحى (مرقص عزيز ميخائيل وانطونيوس راغب غالى، مرقوريوس بالميلاد سامى صموئيل، ميتاس بالميلاد موريس نصر الصفة والمصلحة باعتبارهم من المواطنين المسيحين الذين يهدفون من تدخلهم إلى وقف عرض الفيلم وإلغاء الترخيص الممنوح له لما وقر فى عقيدتهم من مساسة بحق من حقوقهم الدينية والكنسية وتقضى المحكمة بقبول تدخلهم لخصوم منضمين إلى جانب المدعين.

ومن حيث إن كلا من مديحة إميل دوس، تامر صلاح الدين يوسف، أحمد سيف الإسلام، محمد أحمد حسن، محسن محمد عبد السيد، أحمد راغب عبد الستار، خالد على عمر، عادل واسيلى - قام فى جانبهم الصفة والمصلحة باعتبارهم من المتهمين بالفن السينمائى والحريات العامة - فإن المحكمة تقضى بقبول تدخلهم كخصوم منضمين للجهة الإدارية.

ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحاضر عن وزير الداخلية بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة - فإنه ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر عن المدعى عليه الأول - وزير الثقافة - وقد اختصم فى الدعوى، فإن الدفع المبدى من الحاضرين عن وزير الداخلية يكون قائما على سند صحيح من الواقع والقانون، وتقضى المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير الداخلية.

ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الخصم المتدخل (اسعاد جمال الدين يونس) بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى - فإن القرار الإدارى كما سلف القول هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى معين متى كان ذلك ممكنا وجائزا وكان الباعث عليه انفاء مصلحة عامة وقد تضمنت أحكام القوانين المنظمة للرقابة على الأشرطة السينمائية والمصنفات الفنية اختصاصات المجلس الأعلى للثقافة وجهاز الرقابة على المصنفات الفنية وما يشمله من رقابة على الأفلام والفيديو والمشرحيات وغير ذلك وآلية هذه الرقابة تكون فيما يصدر عنها من قرارات إدارية تؤثر فى المراكز القانونية.

ومن حيث إنه ولما كان الأمر كذلك - فإن هذا الدفع يغدو غير قائم على سند من الواقع والقانون وتقضى المحكمة برفضه.

ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الخصوم المتدخلين إلى جانب الجهة الإدارية عدا الخصم إسعاد جمال الدين يونس - بعدم دستورية القانون رقم 430/ 1955 لتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات القاموس السحرى والأغانى والمنولوجات والإسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتى، فإنه يلزم بادئ ذى بدء الإشارة إلى أن قضاء المحكمة الدستورية العليا مستقر على أن إسناد الرقابة إلى المحكمة الدستورية العليا لا يتوخى الفصل فى خصومة قضائية تكون فيها المصلحة نظرية صرفة كتلك التى تتوخى تقرير حكم الدستور مجردا فى موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيدولوجية أو دفاعا عن قمم مثالثة يرجى تثبيتها، والخصومة الدستورية خصومة عينية بطبيعتها ذلك أن قوامها مقابلة النصوص القانونية بنصوص الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أنه من المقرر أن الدفع بعدم الدستورية لا يستنهض ولاية محكمة الموضوع لتقدر جديته إلا إذا ورد على نص أو نصوص بذاتها عينها المدعى وحددها باعتبارها نظاما لدفعه متضمنا تحديد أبعاده كى تحيل محكمة الموضوع يقرها فى النصوص المطعون عليها لتقدير جدية المطاعن الموجهة إليها من وجهة نظر أولية لا تسبر أغوارها ولا تعتبر منبئة على كلمة فاصلة فى شأن اتفاقها مع أحكام الدستور أو خروجها عليه.

(المحكمة الدستورية العليا - الدعوى رقم 40 لسنه 13 ق جلسة 6/2/1993)

ومن حيث إن صحيفة الدعوى - &&& المتضمن إلى جانب الجهة الإدارية قد جاءت خالية من تحديد قاطع للنصوص الواردة فى القانون رقم 430/1955 والتى تخالف كل من المادتين 47، 49 من الدستور، فإن هذا الدفع يغدو مجهلا، على وجه يحجب عن هذه المحكمة تقدير مدى جديته من عدمه بحسبان أن جدية الدفع لا تكون إلا بعد إبدائه غير مبهم واضح القصد مستوفيا لشرائط بحثه.

ومن حيث إنه ولما كان كان الأمر كذلك - وفى ضوء ما تقدم - فإن الدفع المبدئ من الخصوم المتدخلين بعدم دستورية القانون رقم 430/1955 - يكون قائم على سند يبرره، وتقضى المحكمة برفضه لوروده مبهما دون تحديد للنصوص المطعون بعدم دستوريتها.

ومن حيث إن الدعوى قد أستوفت سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية - فإن المحكمة تقضى بقبولها شكلا.

ومن حيث إنه عن الشق العاجل - فإن قضاء هذه المحكمة فى ضوء حكم المادة (49) من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة قد استقر على أنه يلزم لطلب وقف تنفيذ القرار توافر ركنين مجتمعين.



أولهما: أن يستند الطلب إلى اسباب جدية.



وثانيهما: أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.

ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (3) من دستور جمهورية مصر العربية تنص على:

"السيادة للشعب، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين بالدستور.

وتنص المادة (40) على أن:

"المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

وتنص المادة (46) من الدستور على أن:

"تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية".

وتنص المادة (47) من الدستور على أن:

"حرية الراى مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى.

وكما تقضى المادة (49) من الدستور على أن:

“تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمى والإبداع الإدبى والفنى والثقافى، وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك".

وتنص المادة (64) من الدستور على أن:

"سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة".

وتنص المادة (18) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ 16/12/1966 على أن:

"لكل إنسان حق فى حرية الفكر والوجدان والدين”.

وتنص المادة (19) من العهد المشار إليه على أن:

1- لكل إنسان حق فى اعتناق أراء دون مضايقة.

2- لكل إنسان حق فى حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته فى التماس تختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فى قالب فنى أو بأية وسيلة أخرى تختارها.

3- تستتبع ممارسته الحقوق المنصوص عليها فى الفقرة (2) من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية.

(أ) لإحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.

(ب) لحماية الأمن القومى أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآاب العامة"

وتنص المادة (1) من القانون رقم 430/1955 لتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى والأغانى والمسرحيات والمنلوجات وأشرطة التسجيل الصوتى على أن.

"تخضع للرقابة الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى والمسرحيات والمنولوجات والأغانى والأشرطة الصوتية والإسطوانات أو ما يماثلها وذلك بقصد حماية الآداب العامة والمحافظة على الأمن والنظام العام ومصالح الدولية العليا.

وتنص المادة (2) من القانون سالف الذكر على أن "لا يجوز بغير ترخيص من وزارة.

(أولا) .............

(ثانيا) ............

(ثالثا) عرض الأشرطة السينمائية أو لوحات الفانوس السحرى أو ما يماثلها فى مكان عام.

وتنص المادة (7) من قرار رئيس الجمهورية رقم 150/198 بإنشاء وتنظيم المجلس الأعلى للثقافة على أن

يكون للمجلس الأعلى للثقافة أمانة عامة ...

........................................... وتعمل بصفة خاصة على:

1- .........

2- تنفيذ أعمال الرقابة على المصنفات الفنية.

............................."

ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن الدستور المصرى مسايرا فى ذلك الاتفاقيات الدولية المقررة لحقوق الإنسان قد كفل حرية التعبير عن الرأى بمدلوله العام وفى مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يتفرع عن هذه الحرية من حقوق على رأسها حق النقد للظواهر والمتغيرات التى يمر بها المجتمع وبإعتباره ضرورة لازمة للسلوك المنضبط فى الدول الديمقراطية ولا يقوم أى تنظيم ديمقراطى إلا به، وحق الفرد فى التعبير عن ما يراه لازما لممارسة حقه الدستورى لا يرتبط من حيث تقريره وواجب التمكين منه بقيمة هذا الرأى أو مدى تمشيه مع الاتجاه العام للدولة وإلا كان حظرا غير مباح وإهدار للقيمة الدستورية لحرية التعبير الذى يدور فى فلكها معصوما من ثمة أغلال أو قيود إلا تلك التى تفرزها تقاليد المجتمع وقيمة وثوابته.

ومن حيث أن الإبداع - فى مستقر القول - ينصرف إلى كل مختلف عن المألوف من الأمور، ولكون الأختلاف سمته فإن الإتفاق عليه يغدو مستحيلا، وهو بصورة المختلفة حق من الحقوق التى حرص الدستور على تقريرها - نصا - وأوجب على الدولة كفالتها على وجه يحقق حمايتها المتمثلة فى كونها أداة التقدم والنمو فى كافة المجالات، وصون الإبداع السينمائى وحمايته باعتباره أحد صور الإبداع - لا يستقيم أمرة أو يستوى على صحيح مقصده إلا بتقييمه فى إطار كونه عملا فنيا والسينما بأدواتها المختلفة وسيلة من وسائل التنوير بكل فكر جديد يجلى ماضى لم يعاصر ويرسم خطوطا للمستقبل حسبما يتخيله المبدع لا حدود إلا رقابة ذاتية من القائمين على هذا الحق يقدرون &&&&&&

والإبداعات على المتلقين مع تباينها واختلافها ليكون لهم حق الرفض والقبول فى إطار يحترم فكر متبادل.

ومن حيث أن جل الأعمال الفنية والسينمائية على وجه الخصوص قد تناولت الواقع الاجتماعى للأسر المصرية بالنقد تصريحا وتلميحا، وكشفت عن واقع العلاقات الاجتماعية للشعب المصرى من المسلمين والمسيحيين على وجه أكد حقيقة لامرار فيها استقرا فى وجدان الشعب تمثلت فى أن الانتماء المصرى وحق المواطنة آيته الأرتباط بالأرض التى تعانق عليها فى تناعم واضح مآذن المساجد واجراس الكنائس ارتوت بدماء المسلم ممزوجة بدماء المسيحى فى وحدة وطنية لايفت من عقيدها وجذورها الراسخة مقولات الفتنة الطائفية أو عنصرى الأمة أو الأقليات، كما لا ينال من قدرها تناول عمل فنى لأسرة مسيحية تتفق أو تختلف مع طريقة لمعالجته لمشاكل الأسرة وعلاقتها مع غير سواء من المسلمين أو المسيحيين بطوائفهم المختلفة.

ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق - وفى حدود الفصل فى الشق العاجل من الدعوى - أن فيلم - بحب السينما - يتعرض لتفصيلات الحياة اليومية لأسرة مسيحية مصرية تقيم فى أحد الأحياء الشعبية (حى شبرا) فى منتصف الستينات على خلفية من ظلال الأحداث السياسية والاجتماعية التى شهدتها البلاد، ويعد استعراض المشاهد الأولى للفيلم والتى تضمنت استعراضا للمكان وشخوص العمل الفنى يخرج المشاهد العادى من نطاق تناول أسرة مسيحية مصرية متوسطة إلى الاستغراق فى مشاكل الأسرة المصرية على وجه العموم والتى تتواحد وتتماثل فى ظروفها الاجتماعية والاقتصادية، والأسرة التى تناولها الفيلم تتعرض لأب متزمت يمارس سلطة أبوية، وأم تحاول التوفيق بين جموح سلطة الأب ورغبات الأبناء وآمالهم فى غد مختلف، أما المشاهد المتخصص فيرى فى الفيلم قيم اجتماعية وسياسية بغض النظر كذلك عن ديانة أو طائفة شخوصية، فالأب المتزمت يرمز إلى السلطة الضاغطة على الحريات والتى تقف أمام كل تقدم وتطور، والأبن الصغير يمثل جبلا نشا فى ظل هذا التزمت يبحث عن التحرر متمردا على كل قديم متخذا من أحد حقوقه الأساسية والرغبة فى إشباع بحب السينما وسيلة للنقد والأعتراض بما يلقيه من أسئلة واستفسارات فطرية حول واقع لا يريدة ومستقبل يأمله وقف أمام الحصول عليه حلول سلطة محل أخرى ليظل الصراع قائما بين السلطة والرغبة فى التحرر، وهذا الأمر يمثل قمة الإبداع الفنى ومقصد صناع الفيلم مستخدما كافة أدوات السينما من سيناريو محكم وتصوير وتمثيل وإخراج يحقق غاية العمل الفنى ومقصده.

ومن حيث إن ما وجه كل من المدعين والخصوم المتدخلين إلى جانبهم من إعتراضات ومطاعن حول الفيلم الصادر شأنه القرار المطعون فيه تنحسر فى بعض المشاهد داخل للكنيسة بين شقيقة البطلة وآخر وإهانة رجل الدين وترديد بعض الألفاظ داخل الكنيسة وبعض الأقوال التى وردت على لسان الأب (عدلى) والأبن (نعيم) والألفاظ التى صدرت عن والدة البطلة (الجدة)، والمحكمة - فى حسم هذه الاعتراضات وإنزال حكم القانون على القرار المطعون فيه وإستهدافا لمراقبة مشروعيته وسلامته تستهدى بالأمور الآتية:

أولا: أنه يتعين على المدعين وغيرهم من رجال الدين النظر إلى الشريط السينمائى بمقياس العمل الفنى وليس بمقياس أساسه لمضاهاة لطقوس أداء العبادة داخل الكنائس والقدسية المفترضة لأسرارها، ولا خلاف على أن الأعتداء على رجل الكنيسة أثناء أداء مراسم الزواج مظهر سلبى وشاذ ولكن يحمل الفيلم بشأن هذه الواقعة مضمونا يلحظه كثير من المشاهدين تمثل فى الدور الإيجابى لرجل الدين المسيحى الذى حرص على القيام بدوره الدينى والاجتماعى بإتمام الزواج المقدس داخل الكنيسة والتوفيق بين المتنازعين وهو دور &&& الكنيسة المصرية على القيام به.

ثانيا: لا خلاف على أن تزمت بطل الفيلم حالة واقعية وموجودة فى كل الأديان - كما أسلفنا وهى تنصرف إلى المغالاة فى التدين بما يتنافى مع العقائد السماوية السمحة ومنها للديانة المسيحية، ووجود هذه الحالات فى مجتمع ما يستدعى لزوم طرحها فى الأعمال الفنية نقدا لها، وقد أنصف الفيلم الحقيقة والاعتدال بما ورد على لسان البطل فى أحد المشاهد معترفا أنه "لا يعرف الله جيدا وإنما يعرف شوية أوامر ونواهى وفرائص ............ وهو ما يقطع بين الأب (بطل الفيلم) قد استشعر خطأ تزمته وأثره على علاقته مع أفراد أسرته والمجتمع.

ثالثا: الألفاظ التى وردت على لسان الابن (نعيم) لا تمثل خروجا على القيم والتقاليد الدينية وتبدو مقبولة فى إطار الدور المرسوم للطفل فى العمل الفنى من ناحية ولصدورها عن طفل صغير فى دور التكوين العقلى والنفسى ومرحلة الاستفسار والشك حول ما يجرى حوله من وقائع وتصرفات يراها مقيدة لحريته وانطلاقه ورغبته فى المعرفة والفهم.

رابعاً: الالفاظ التى صدرت عن (الجدة) وغيرها تتناسب مع ظروف المجتمع والبيئة التى تم تصوير العمل الفنى فيها، وهى لا تنفى عن هذه البيئة أصالة تحمل عبق تاريخ مصر بما تحويه من ارتباط أسرى بين أفرادها، وقيام الأم بمساعدة الأبنة العاملة - برعاية الأبن الصغير، ومع ذلك - فإن الجهة الرقابية قد حرصت على تخفيف حدة الألفاظ الخارجة && بين الفتاة والفتى فى الكنيسة على الوجه المبين بأوراق الدعوى وذلك بتصويره فى أعلى برج الكنيسة وبين فتى وفتاة ارتبطا بعد ذلك بالزواج المقدس كما أن واقعة التبول من الطفل (نعيم) فإنه فضلا على (الرمز) فى الواقعة فإن حدوثها فى مكان مخصص لإقامة المأتم والأفراح بعيدا عن قاعة الكنيسة وقدسيتها.

خامساً: أن ما ورد بمذكرات دفاع كل من المدعين والخصوم المتدخلين من اتهام الفيلم أنه (لا يعدو أن يكون فيلما جنسيا) لا يصادف واقع مشاهدة الفيلم وما يحمله من أفكار واتجاهات جديدة فى السينما المصرية سبق الإشارة إليها - وتدور مجمل مشاهدة فى إطار العمل الفنى المسموح به خاصة وأن الرقابة قد صرحت بعرضه للكبار فلقط - فضلا عما أنزلته على المنصف من محذوفات، كما لا يمثل الفيلم انتصارا لطائفة مسيحية على أخرى أو && من الكنيسة الأرثوزوكسية التى استقر دورها الرائد فى وجدان الشعب المصرى مسلمين ومسيحيين فى كافة مجالات العمل الاجتماعى والدينى والتنويرى.

ومن حيث أنه قد استقر فى يقين المحكمة - بعد بحث كافة الأراء التى حواها ملف الدعوى وألبسها خصومها ثوب الفن حبنا وثوب الدين أحيانا:- أن وحدة الخلق ووحدة الخالق وشعار المصريين الخالد (الدين لله والوطن للجميع) وعلى أساس حقيقة ثابتة مفادها أثر مصر وقوتها رهين أ/رين مجتمعين: أولهما: تسامح دينى يصقله ويدعمه تاريخ && واحد يؤمن إيمانا لا حدود له أن دعاوى الفرقة والفتنة والطائفية هى مهاترات سياسية أو دينية لا تنال من وحدة وطنية حرص الدستور المصرى على صونها وتدعيمها كأحد المقومات الأساسية للمجتمع وثانيهما: عبقرية الإنسان المصرى وقدرة مفكرية وكتابة وأدبائه على مسوغ الحياة الاجتماعية والسياسية والإقتصادية داخل مصر وخارجها وفى كافة المحافل الدولية عند تمكينهم من القيام بدورهم فى إطار مفهوم لا يغيب يتمثل فى أن الحرية المسئولية هى دواء الفتنة الطائفية إنه قد أفل إلى غير رجعة مصادرة الرأى وحجب الفكر وترويج فقر الفكر والأديان والقصائد السماوية تدعم وترسى حرية الفكر والإبداع طالما لا ينال من أصولها الثابتة ومبادئها الراسخة والمحكمة وهى تبسط على المنازعة الماثلة ميزان العدل مستنده إلى قيم هذا المجتمع وتقاليده وتالد حصارته وميراثه الفكرى والفنى والادبى تؤكد على لزوم أن يتنفس الشعب ومفكريه حرية التعبير وأن تجاوزت ممارستهم حد المألوف طالما كان هذا التجاوز لا ينال من ثوابت الأمة وعقيدتها ومستهدفا كشف وتصحيح الواقع الاجتماعى والسياسى للمجتمع ليكون هذا النهج دستور الإصلاح والتطور فى ظل ما يموج به العالم من متغيرات تحتاج إلى استكشاف المستقبل وآفاقه فى إطار من زخم الماضى بحضارته وسابق إبداعاته.

ومن حيث أنه ولما كان الأمر كذلك - فإن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الترخيص بعرض فيلم (بحب السينما) قد صدر بحسب الظاهر متفقا وأحكام القانون خاصة - وأن الفيلم قد صرح بعرضه (للكبارة فقط) فى ضوء ما انتهت إليه اللجنة العليا من ملاحظات وردت فى تقرير اللجنة المرفق بأوراق الدعوى - ولا يحاج على ذلك ما حوته مذكرة تنفيذ المدعين الختامية من أن الرقابة على المصنفات الفنية سبق أن رفضت الفيلم لوجود &&& المسيحى فى الرقابة أو رفض عرضه فى مهرجان القاهرة السينمائى &&& بشأنه القرار المطعون فيه لا يخرج عن كونه عملا فنيا واجب تقييمه فى إطار

الاتفاق معه لا يكون إلا من منظور فنى، وأن طرح أمور تتعلق بأنه بالمسيحيين المصريين && تختلف طوائفهم لا يمثل خروجا على النظام العام أو الأمن العام باعتبارهم جزء من &&& الشعب المصرى الواحد شارك بعضهم بإبداعة الفنى والأدبى فى استبيان العلاقات الاجتماعية للمصريين مسلمين ومسيحيين على هدى القاسم المشترك بين الدين الإسلامى والمسيحى والمتمثل فى التسامح والمحبة والإخاء.

ومن حيث إن طلب المدعين وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد افتقد السبب الحدى المبرر له - كما لا توجد ثمة خاصة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.

ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 18 مرافعات.





فلهذه الأسباب

حكمة المحكمة:



أولا: برفض الدفع المبدئ من الخصم المتدخل تدخلا إنضماميا إلى الجهة الإدارية (إسعاد جمال الدين يونس) بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وبإختصاصها.



ثانيا: بقبول تدخل كل من “مرقص عزيز ميخائيل وأنطونيوس &&& مرقويوس بالميلاد سامى صموئيل، ملياس بالميلاد موريس نصر && للمدعين، وبقبول تدخل كل من (إسعاد جمال الدين يونس، مديحة أمل يونس، تامر صلاح الدين يوسف، أحمد سيف الإسلام، محمد أحمد حسن، محسن محمد عبد السيد، أحمد راغب عبد الستار، خالد على عمر، عادل واسلين) كخصوم منضمين للجهة الإدارية وذلك على الوجه المبين بالأسباب.



ثالثا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير الداخلية.



رابعا: رفض الدفع المبدى من الخصم وا&&&

الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، ورفض الدفع المبدئ من باقى الخصوم &&&&

جهة الإدارة بعدم دستورية القانون رقم 430/1955 على الوجه المبين بالأسباب && الدعوى شكلا وبرفض طلب المدعين وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزامتهم &&&& وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى



  مكتب  /  محمد جابر عيسى المحامى
  تعليقات

ليست هناك تعليقات: