بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

14 يوليو 2010

بحث قانوني في المحتسبون الجدد - وحبس الصحفيين "

المحتسبون الجدد - وحبس الصحفيين

المحتسبون الجدد – ومصادرة الحريات






ليس جديدا على مصر أن يصدر حكما بحبس صحفيين – وليس جديدا علينا أن يتطرق الحكم إلى مسائل غير قانونية وان يتجاهل عن عمد انعدام الصفة في قضايا الشكوى التي تستلزم شروطا خاصة – التوكيل الخاص اللاحق على الواقعة والسابق على رفع الدعوى – المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية - .



– وليس جديدا علينا أن يخرج من أقبية الحزب الوطني الجاثم على صدورنا – محتسبون جدد – يكرهون الحرية ويصادرون الهواء الذي نستنشقه –

العجب أن البعض من المحتسبون الجدد يعملون بالمحاماة – اى رسالتهم الأولى الدفاع عن الحريات –والآخرين دعاه دين وليس جديدا علينا في مصر المحروسة أن يخرج علينا فقهاء السلطة وصحفي السلطة لتكون مهمتهم الأولى التحريض ضد الحرية – وحبس الصحفيين

و المحتسبون الجدد يجهلون أن الصحافة وسيله من وسائل التعبير عن الرأي وانها صورة من صور حرية الرأي

و يؤمنون فقط ان كل مستبد يحمل عداءا صارما للصحافة وان الحكام المستبدون يعملوا على ترويضها وفقا لمصالحهم وأهدافهم ويعملوا على تكميمها حتى لا تكون أداة لكشف الفساد

هم يريدون أن تكون الصحافة أداة للتعبير عنهم وليست في ايدى الشعوب التي يحكمونها

فهم يدركون انه من خلال الصحافة يستطيع الصحفيون قيادة الرأي العام و توجيه سلوك الأفراد في المجتمع.

فالصحافة تقود الرأي العام وتوجهه وتنبه أفراد المجتمع إلى قضاياهم وهمومهم

بالاضافه إلى أنها أداة كاشفه للفساد والمفسدين وتهدف إلى المصلحة العامة التي هي مصلحه أفراد المجتمع

و حرية الصحافة جزء لا يتجزأ من حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير

وقد نص الدستور المصري على حرية الصحافة في المواد 14 و15 و 47 و207 و209 و 210 و 211

ورغم ان الدستورالمصرى يحوى العديد من المواد التي تتعلق بحريه الرأي وحرية الصحافة

إلا أن الضمانة الأولى للصحافة هي في عقيدة أفراد الشعب وحرص الرأي العام على اكتسابها والتمسك بها والدفاع عنها فلا تكفى القوانين وحدها لحماية الحريات

وإنما ينبغي أن يتهيأ المناخ لشعب حر قادر على الدفاع عن حرياته

وفى الحقيقة أن الصحافة مهنه تصح وتزدهر في ظل دوله تقوم على الفصل بين السلطات الثلاث التقليدية ( التشريعية والتنفيذية والقضائية )

أما النظم المستبدة والقابضة بيد من حديد على الحريات هي في الحقيقة تصيب كل الحريات في مقتل وعلى رأسها حرية الصحافة

ولكن علينا أن نتطرق لنلمس حقوق الصحفي وواجباته وفقا للقانون 96/1996 حتى نرد على هؤلاء الذين همهم الاكبر مصادرة الحريات

فقد ورد في المواد أرقام 6 إلى المادة 17 من القانون المشار إليه

والتى تتعلق باستقلال الصحفي في أداء عمله وعدم المساس بأمنه بسبب رأيه أو المعلومات التي ينشرها وحقه في عدم إفشاء مصادر معلوماته

وحقه في الحصول على المعلومات والأخبار وعدم فرض إيه قيود على حرية تدفق المعلومات

وان كل أهانه أو تعدى على الصحفي بسبب عمله يعاقب بالعقوبة المقررة لأهانه الموظف العام أو التعدي عليه

ونقرر أيضا أن واجبات الصحفي كما ورد بالقانون 96 /1996 ( تنظيم الصحافة )

والتى وردت في المواد 18الى المادة 33

وأهمها التزام الصحفي فيما بنشرة بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور وبأحكام القانون وتمسكه في كل أعماله بمقتضيات الشرف والامانه والصدق وآداب المهنة وتقاليدها ( م 18 )

وأيضا التزامه الكامل بميثاق الشرف الصحفي ( م 19 )

والتزامه بالا يتعرض للحياة الخاصة للمواطنين ( م 21 )

وحظر نشر اى إعلان يتعارض مع قيم المجتمع وأسسه ومبادئه وآدابه العامة أو مع رسالة الصحافة وأهدافها

أما فيما يتعلق بالمسئولية الجنائية في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف

فقد ورد الحديث عن مسئوليه الصحفي الجنائية في المواد من 40 إلى المادة 44 من القانون 96 لسنه 1996

والذي نص صراحة على

عدم جواز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف إ ولكنهم استثنوا من ذلك الجريمة المنصوص عليها في المادة 179 من قانون العقوبات والمتعلقة باهانه رئيس الجمهورية ...



وعدم جواز القبض على الصحفي بسبب جريمة من الجرائم التي تقع بواسطة الصحف إلا بأمر من النيابة العامة.... كما لا يجوز التحقيق معه أو تفتيش مقر عمله لهذا السبب إلا بواسطة احد أعضاء النيابة ؟م 43



وقد جاء في المادة 44 من القانون لا يعاقب على الطعن بطريق النشر في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفه نيابيه عامه أو مكلف بخدمه عامه إذا كان النشر بسلامه نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وبشرط أن يثبت كل فعل اسند ه إليهم ؟



ولكن فى ظل هذا المناخ السىء الذى تمر به حرية الصحافة ليس لنا الا ان نشدد على طلب إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر وهذا يأتي من أيماننا بأن الحبس في قضايا النشر وقضايا الرأي هو في حقيقته قصف لا حدي الحريات العامة وتبقى حرية الصحافة وإعلان الرأي في ظل هذه العقوبات مقيدة



وبدلا من أن تتجه الدولة إلى تطوير التشريعات الصحفية تأييدا لحرية الصحافة والنشر والإعلام اتساقا مع المادة 47 من الدستور والتي تنص على ان حرية الرأي مكفولة ، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون ، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني.



وبدلا من أن تهدف إلى الحرية الكاملة للحق في التعبير نجد التضييق وتهديد الصحفيين بحبسهم

والأمر يحتاج إلى وقفه في مواجهه كافه التشريعات المقيدة للحرية والتعديلات الانتقائية والجزئية والتي تتم وفقا لظرف أو مناخ يؤدى إلى التشديد على حرية النشر والتعبير



ففي الوقت الذي تتجه فيه الدول الديمقراطية إلى التوسع ى حرية الر اى والنشر هو نفس الوقت الذي تتسع فاتورة الفساد عن 70 مليار جنيه سنويا وفساد الكبار مدفوعا بسباق الربح السريع والنهب بالجملة والتلاعب القانوني كما حدث في حادث العبارة 98 من تسجيل عبارة انتهى عمرها الافتراضي واستغلال مالك العبارة علاقاته بكبار رجال الدولة وعضويته في مجلس الشورى بالتعيين عن دائرة الرئيس مبارك ؟



وان الفساد أصبح له غطاء ذهبي وهو الغطاء القانوني مثل حصول بعض رؤساء المؤسسات الصحفية القومية الكبرى على ملايين الجنيهات تحت بند الإرباح أو عمولة الإعلانات

فالصحافة الحرة هي التي تؤدى رسالتها نحو المجتمع عن طريق النقد البناء ويجب أن يتم ذلك بحريه تامة وان دور الصحفي في المجتمع هو ممارسه حق النقد



اما من ناحية الحكم بحبس الصحفيين ففى فلسفة القانون لا بد أن يكون هناك تناسبا بين الجريمة والعقوبة وقد أشار إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في فرنسا 1789 إلى هذا المبدأ في مادته 8



حيث يؤكد نص هذه المادة على وجوب إلا تتضمن القاعدة المجرمة سوى العقوبات الضرورية

ففكرة العقوبة الضرورية تؤدى إلى التسليم إلا يلجأ المشرع إلا للعقوبات اللازمة والمتناسبة مع جسامه الفعل الاجرامى وهذا المبدأ هو إرضاء لحاسة العدالة إذ يصير الجزاء الجنائي عادلا حين يحقق التماثل أو التعادل بينما أصاب المجتمع من جراء وقوع الجريمة وبين الشر الذي تقرر إنزاله بالجاني لقاء جريمته ،وانه من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين عن ممارستها



والتشريعات التي تحكم مهنه الصحافة والصحفيين كثيرة ومتعددة وتحتاج جميعها إلى مراجعه قانونيه وبيان مدى تعارضها مع نصوص الدستور..

والمطلوب أن يكون هناك تشريع واحد فقط يجمع كل ما يخص الصحافة والصحفيين ،وليس من المنطق أن يحكم الصحفي في عمله العديد من القوانين منها ، قانون العقوبات و قانون الإجراءات الجنائية و قانون الأحزاب السياسية و قانون المخابرات العامة وقانون المطبوعات وقانون حظر نشر إيه إخبار عن القوات المسلحة

والقانون 69 لسنه 1996 جعل نقابه الصحفيين هي وحدها التي تختص بتأديب الصحفي من أعضائها وفقا لنص المادة 56 من الدستور واخيرا وانطلاقا من إيماننا بحرية الرأى والتعبير نطالب أولا



1- النص في مشروع القانون الجديد على تعديل المادة 43 من القانون 69 لسنه 1996 انه لايجوز القبض على الصحفي بسبب جريمة من الجرائم التي تقع بواسطة الصحف إلا بأمر من النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة



2-تعديل نص المادة 44 من القانون 69لسنه 1996 ، ولا يعاقب على الطعن بطريق النشر في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفه نيابيه عامه أو مكلف بخدمه عامه إذا كان النشر لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة والأصل فيما ينشره الصحفي هو حسن النية وتحقيق الصالح العام وإلزام الطاعن في صحة الخبر المنشور إثبات كذبه فلا بد من إلغاء العبء في إثبات صحة الخبر من عدمه على النيابة العامة أو من يكذب الخبر



3 حذف كافه العبارات العامة والغامضة الواردة بقانون العقوبات والتي تحتمل أكثر من تأويل وتعطى فرصه لجهة الاتهام بتحميلها ما يخرج عن أصلها



4- أن يكون التحقيق في قضايا النشر من اختصاص قاض للتحقيق وليس النيابة العامة



5- إلغاء كافه المواد التي تنص على عقوبات سالبه للحرية في جرائم النشر الواردة بقانون العقوبات المادة 174و 178 مكررا ثانيا و 179 و 194 و 197 و 199 و 200 ولابد أن يتضمن الدستور صراحة على الحق في حرية الرأي والتعبير و المطالبة بإلغاء كافه القوانين التي تحد من حرية الرأي والفكر والعقيدة



6 تعديل نص المادة 188 من قانون العقوبات والتي تلقى بعبء المسئولية في إثبات صحة الخبر على الصحفي وليس على النيابة العامة أو من يكذب الخبر المنشور



7- النص في الدستور صراحة على وقف السلطات الاستثنائية للسلطة التنفيذية وخاصة فيما يتعلق بقانون الطوارئ والمحاكم الاستثنائية وإلا يحاكم فرد إلا أمام قاضيه الطبيعي



8- الحد من سلطات رئيس الجمهورية فالدستور توسع في سلطات رئيس الدولة فهو رئيس السلطة التنفيذية وله سلطه حل مجلس الشعب وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو أيضا رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية وهو الذي يصدر قرارا بتشكيل المجلس الأعلى للصحافة م 68 من قانون 96 وهو أيضا له الحق في دعوة المجلس لاجتماع غير عادى وفى هذه الحالة تكون رئاسة الاجتماع لرئيس الجمهورية م 74



9-العمل على تفعيل حق المواطن فىالمشاركه السياسية وممارسه حقوقه في الانضمام إلى الأحزاب وإبداء رأيه وإعلانه



10- الالتزام بتحقيق التوازن بين حرية الصحافة وحق المواطن في الخصوصية



ننتهي من كل هذا أننا ننادى بإلغاء العقوبات المقيدة للحرية ( الحبس في قضايا النشر ) لان الحبس في قضايا النشر يستهدف تضييقا لإحدى الحريات العامة ويبقى النشر وإعلان الرأي وحرية الصحافة في ظل هذه العقوبات مقيد تماما ولابد أن يكون هناك نزوعا إلى تطوير التشريعات الصحفية تأييدا لحرية الصحافة والنشر وحرية الإعلام اتساقا مع نص المادة 48 من الدستور ، هادفا إلى الحرية المطلقة والكاملة للحق في التعبير عن قضايا الوطن والمواطن ،مطالبين بضرورة التشاور والتنسيق مع نقابه الصحفيين في اى تشريع يمس مهنه الصحافة ، رافضين لاى تعديلات انتقائية وجزئيه تتم وفقا لمزاج السلطة الحاكمة

وننبه بأن استمرار عقوبة الحبس في قضايا النشر سيؤدى حتما إلى تراجع في حرية الرأي والتعبير والنشر و أن إلغاء عقوبة الحبس لا تستثنى الصحفيين فقط بل يمس كل ما ينشر في الصحافة من صحفي أو مواطن عادى وننادى بعودة كل الصحف التي أغلقت

وعلى نقابه الصحفيين أن تبحث عن طريقه جديدة وفاعله وقويه من اجل مصلحه أعضائها وان تدرك أن نظام الحكم في مصر ضد حرية التعبير وضد حرية الصحافة وضد الحريات عموما

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

ليست هناك تعليقات: