بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

29 يوليو 2010

آثار الافلاس بالنسبة للمدين و الملتزمين بدين واحد


المطلب الاول : آثار الافلاس بالنسبة للمدين :

الفرع الاول : الاثار المتعلقة بشخص المدين

يمكن حصر الاثار المتعلقة بشخص المدين في أربعة آثار رئيسية :

1- تقييد حرية المفلس : منصوص عليها بالمادة 239 تجاري مصري و ذلك بأن يقرر مأمور التفليسة بحبس المفلس أو بالتحفظ عليه بوضعه تحت مراقبة رجال الضبط القضائي و الحكمة من ذلك وضع المدني تحت تصرف القضاء اما إذا ما تبين تقصره او سوء نيته كعزمه على إخفاء أمواله مثلا و يبقى الآمر بالحبس جوازيا من قبل المحكمة فهو مجرد إجراء تحفظي واحتياطي 1

2- تقرير إعانة الفلس و عائلته : 242 تجاري2 و تخصم له من الاصول بأمر من وكيل التفليسة بالقدر الذي يمكن المفلس من تسديد حاجيات أسرته الشخصية

3- سقوط الحقوق السياسية : إذا افلس المفلس بالتقصير او التدليس سقطت عنه بعض الحقوق السياسية و المدنية المادة 243 تجاري3 وهذا نظرا لاعتبار الافلاس خطر التجارة ، فإذا كان التاجر حسن النية فإنه سيستعيد هذه الحقوق بعد رد الاعتبار لذا قصر البعض هذا السقوط على فترة التفليسة و البعض الآخر أجاز انتهاء السقوط اثناء فترة التفليسة ومن أمثلتها : حق الانتخاب – العضوية في البرلمان أو الهيئات النيابية المحلية – حق في عضوية مجلس إدارة شركة المساهمة ....

4- رد الاعتبار التجاري : نقصد برد الاعتبار التجاري تمكين المفلس من استعادة الحقوق التي اسقطت عنه و استرداد مركزه في الهيئة الاجتماعية ورفع الوصمة التي لحقته في عالم التجارة و يجب التمييز بين رد الاعتبار التجاري المنصوص عنه في التقنين التجاري بالنسبة الى المفلس ورد الاعتبار الجنائي بالنسبة الى من حكم عليه في جناية او جنحة و يراعي انه في حالة الحكم في جريمة تفالس يمتنع رد الاعتبار الجنائي قبل الحصول على رد الاعتبار التجاري

و يتناول التقنين التجاري أحكام رد الاعتبار في المواد من 358 الى 368 تجاري و يؤخذ من هذه النصوص أن المفلس لا يسترد اعتباره بحكم القانون بمجرد فاوت مدة معينة بل لابد من صدور حكم

بذلك من المحكمة المختصة و يترتب على صدور حكم برد الاعتبار المفلس زوال كافة ىثار الافلاس ومنها عودة حق التقاضي إليه و ان هناك حالات يمتنع فيها رد الاعتبار أصلا و حالات يجب فيها وحالات أخرى يجوز فيها للمحكمة رد الاعتبار .

الحالات التي يمتنع فيها رد الاعتبار :

لا يعاد الاعتبار أصلا لمن تفالس بالتدليس و لا يمكن حكم عليه بسبب سرقة أو نصب أو خيانة و لا لمن باع عقارا ليس له و مرهونا مع إخفاء رهنه و لا لمن لم يقدم حسابه و يوفي المتأخر عليه وليا كان أو وصيا أو مأمورا بادارة أموال او غيرهم ممن يكون ملزما بوفاء حساب مأموريته

رد الاعتبار الوجوبي :

ويجب على المحكمة رد اعتبار المفلس اليه اذا أو في جميع المبالغ المطلوبة منه سواء أكانت أصلا أو فوائد ومصاريف فيشترط لرد الاعتبار ان يكون المفلس قد وفي جميع ديونه السابقة و يجب أن يشمل الوفاء أصل الديون و الفوائد أو المصروفات و اذا كان المفلس شريكا متضامنا لا في شركة أشخاص أفلست فلا يكفي لرد اعتباره إليه أن يدفع مقدار ما يخصه شخصيا في الدين بل لا يدمن جميع ديون الشركة و لو كان قد تصالح مع الدائنين على انفراده فيما يتعلق بحصته في ديون الشركة

رد الاعتبار الجوازي :

و يكون رد الاعتبار جوازيا للمحكمة أن تحكم به اولا بحكم حسب ما تراه في الحالات الاتية :

1- إذا كان المفلس قد أفلس بالتقصير و استوفي العقاب المحكوم عليه به و لا يكفي مجرد استيفاء العقاب لرد الاعتبار بل يشترط لذلك قيام المفلس بوفاء جميع ديونه .

2- إذا كان المفلس قد توفي و يكون رد الاعتبار في هذه الحالة بناء على طلب الورثة و بشرط الوفاء بجميع ديونه

3- اذا طلب المفلس رد الاعتبار أثناء سير اجراءات التفليسة و ذلك في حالتين اولهما يكون المفلس قد توفي ولو بمال غير قبل مضي المواعيد المقررة لتحقيق الديون و تأييدها جميع ديونه بشرط الا يكون هذا الغير حل بجميع ما وفاه و ببعضه محل الدائنين الذين وفاهم بل يكون متبرعا للفلس و الثانية ان تكون المبالغ التي حصلها الشديك من اموال المفلس كافية لوفاء جميع الديون بتمامها

الفرع الثاني : الآثار المتعلقة بذمة المدين :

هو الاثر الاساسي للحكم سواء تعلق الامر بالافلاس او التسوية القضائية

غل يد المدين : 244 تجاري1 إعلان شهر الافلاس من تاريخه تغل يد المدني عن إدارة أمواله او التصرف فيها (سواء أموال حاضرة أو مستقبلة) و يحل محله وكيل التفليسة .

قاعدة الغل تفسر قانونيا بعدم التمسك تجاه جماعة الدائنين بالتصرفات المبرمة من قبل المدين بعد إعلان الافلاس.

من حيث الطبيعة القانونية لشهر الافلاس لا يعد نزع ملكية و لا مصادرة بل يظل المفلس مالكا لأمواله

نطاق الغل:يشمل غل اليد التصرفات القانونية للمدين ودعاويه وجميع الاموال التي تملكها قبل الحكم اوبعده 2

التصرفات القانونية : ليس للمتعاقد مع المفلس الانضمام لتفليس و لو كان حسن النية إذا يفترض فيه العلم و في البيوع تبقى الاموال المبيعة ضمن الجانب الايجابي للتفليس و يحكم عندها على المفلس بالتفليس للتدليس ، و إن في الاحد الدائنين دون غيره اعتبر تفليسا بالتقصير يكون الدائن ملزما برد المال لجماعة الدائنين .

الدعاوى القضائية : مبدا عام ليس للمفلس رفع أي دعوى لأنه ممثل من وكيل التفليسة سواء كان مدعي أو مدعى عليه و يمنع عليه اتمام اجراءات دعوى مرفوعة قبلا الا أنه يجوز له التدخل في الدعاوى الجزائية و الشخصية

الاموال التي يشملها الغل : الاموال الحاضرة و المستقبلة التي ستؤول اليه سواء بالميراث او الهبة او الوصية ومبالغ التعويضات الناتجة عن التأمين لفائدة المفلس شخصيا

أما الاموال الخارجة عن نطاق الغل : الأموال غير القابلة للحجز 378 ق ا م و الحقوق المعاشية والاجور و التعويضات المتعلقة بشخص المفلس كالممنوحة للاعتداء على شرفه و كذا الحقوق المتعلقة بشخصه كالزوج و الاموال المملوكة لغير المفلس كالزوجة ومقابل وفاء السفتجة إذا تغير ملكا لحاملها ومبالغ التأمين على الحياة المعقودة لفائدة الغير3 .

النشاط الشخصي للمفلس : يخرج عن نطاق الغل

التصرفات التحقيقية فلا يمنع المفلس من الدفاع عن ذمته المالية إذا أهمل الوكيل ذلك

التصرفات المتعلقة بالحياة العادية ، لصالح الغير و الدعاوى الجزائية و الدعاوى الشرف و الدعاوى الخاصة بالاموال التي يديرها لصالحج الغير

حصر ديونه : يقتضى تقديم مستندات الديون من قبل الدائنين من أجل تحقيقها و قبولها

تحقيق و قبول الديون : على الدائنين العاديين أو أصحاب الاولوية الراغبين في المشاركة في نتائج التصفية أموال المدين تقديم طلبات الانضمام الى التفليسة المدين سواء كانت ديونهم ثابتة سند عادي او رسمي او بحكم صادر على المفلس قبل اشهار افلاسه و مكتسب قوة القضية المقتضية فمن صدور الحكم بالافلاس او التسوية يقوم جميع الدائنين بما فيهم الخزينة العموميو بتسليم وكيل التفليسة المستندات مع جدول بيان الاوراق المقدمة و المبالغ المطالب بما مع التوقيع اما من الدائنين او وكيله . ق و يعني اخبار الدائنين المتمتعين بضمانات منشورة شخصيا و في موطنهم المختار و تقبل معجلا بصفة ديون عادية او ممتازة بحسب الاحوال :

- الديون الجبائية

- الديون الجمركية

أما مدة الانضمام الى التفليسة يحددها المشرع بشهر من تاريخ صدور الحكم على المعني بالافلاس او التسوية و لا تقبل طلبات الدائنين المتخلفين الا إذا اثبتوا ان سبب التأخير هو قوة قاهرة و يبقى تقديرها للقاضي و هذا لا يمكنهم المشاركة الا في توزيع او الارباح المستقبلة1.

2/بطلان التصرفات الصادرة في وقت الريبة :

تصبح تصرفات المدين المفلس مشتبهة بالغش من يوم توقف عن الدفع الى تاريخ الحكم المعلن للافلاس وفي فترة الريبة و في بعض الاحيان تمدد لـ 6 أشهر السابقة للتوقف2 .

طبيعة البطلان : بطلان التصرفات خلال فترة الريبة سواء كان وجوبي أو جوازي ليس بطلانا بالمعنى القانوني و انما مجرد عدم نفاذ التعرف في حق جماعة الدائنين مع بقائه صحيحا منتجا لاثاره فيما بين المفلس و من تصرف اليه.

عدم النفاذ الوجوبي : المادة 247 تجاري هذه التصرفات لا تمسك بيها وجوبيا تجاه جماعة الدائنين و لا يملك القاضي السلطة التديرية في ذلك و عدم نفاذها يكون لحكم :

1- نقل الملكية على سبيل التبرع : منقول او عقار و يشمل التخلي عن قيمة معنوية او دين والانقطاع عن الوفاء بدني لا يمكنه التبرع و الموهوب له ليس له التظلم من استرداد محل الهبة اذ يفهم الوكيل دعوى ضده بالاسترداد كما يلزم الموهوب له برد الثمار

2- عقود المعاوضة التي يتجاوز فيها التزام المدين بكثير التزام الطرق الآخر : أي التقاء التوازن في الالتزامات فتمثل هذه العقود يمكن أبطالها من قبل المدين نفسه لعيب الغبن الاستغلالي .

1- الوفاء بالديون : يسمح بالطعن في تصرف الوفاء بالدين الذي تظهر فيه نية المدين في الغش او الاضرار بالدائنين

أ‌- الوفاء بديون مؤجلة : هذا الوفاء بالدين فيه نية غش ظاهرة من المدين فهذا الوفاء غير نافذ وجوبا سواءا كان الدين المدنية او التجارية سواء كان ناشئا عن عقد او تصرف ضار

ب‌- الوفاء بديون حالة بغير النقود او الاوراق التجارية او التحويل او اية كيفية اخرى من كيفيات الوفاء : الحقيقي يكون بتسليم محل الالتزام أي يتعلق بمبلغ مالي و المادة 245 تجاري تشبه الوفاء بالاوراق تجاري بالمال و كذلك التحويل في الحساب الجاري اما وسائل الوفاء غير العادية يلحقاها عدم النفاذ الوجوبي فالمدين هنا يوزع بنفسه و قبل الافلاس عناصر الجانب الايجابي لذمته و من الوسائل غير العادية : حوالة الحق ، التنازل عن ملكية عقار اومنقول ، المقاصة الاختيارية او الاتفاقية و الانابة في الحق و الفسخ الودي لعقد البيع.

ت‌- أثر الدعوى : اذا نجحت دعوى عدم النفاذ وجب على الدائنة رد ما استلمه الدائنين في حالة حوالة الحق فعدم النفاذ يسري تجاه المدين المحال عليه و لوكيل التفليسة الاعتراض على كل وفاء لغيره و الدائن الذي لم ينقضي دينه لعدم نفاذ الوفاء يمكنه الانضمام للتفليسة

2- التأمينات العينين المبرمة لضمان ديون سابقة : لا تخضع هذه التامينات بعدم النفاذ الا اذا كانت لا دقة بتاريخ الدين اما اذا كانت متزامنة مع الافتراض فهي صحيحة كما تقديم التأمين على دين لاحق او مستقبل و التأمين العيني ليس باطل انما غير نافذ تجاه الدائنين و الدائن الحاصل على التأمين ينضم للتفليس بصفة الدائن عادي ، و المال محل التأمين يتصرف به وكيل التفليس ومثال 1000.000,00 سنتيم

عدم النفاذ الجوازي : المادة 249 تجاري إذا خرجت تصرفات المدين عن المادة 247 خضع عدم نفاذها لتقدير المحكمة التي تخضع لرقابة المحكمة العليا عقود البيع بعوض و التأمينات العينية الناشئة وقت نشوء الدين و العقود الناقلة للملكية على سبيل التبرع المبرمة خلال 6 أشهر السابقة للتوقف عن الدفع والتصرفات التي لا يمكن للدائن الطعن بها في ضوء القانون المدني و هي الوفاء بالديون و القسمة .

شروط عدم النفاذ :

- علم المتعاقد مع المدين المفلس بالتوقف عن الدفع لحظة ابرام التصرف و اثبات العلم يقع على عاتق السنديك و القاضي يؤكد ذلك.

- إثبات إضرار التصرف بجماعة الدائنين .

آثار عدم النفاذ : اذا تعلق التصرف بالوفاء : الدائن ملزم بارجاع ما من أصول التفليسة و ينضم الى التفليسة مع باقي الدائنين .

اذا كان التصرف بيعا : فإن الشيء المبيع يسترده وكيل التفليسة و يدرجه في الاصول ، فإذا انتقلت ملكية الشيء الى مشتري ثان فدعوى عدم النفاذ توجه ضد هذا الاخير و لا يمكن ربحها إلا إذا كان هو ذاته عالما بالتوقف عن الدفع .



المطلب الثاني : آثار الافلاس بالنسبة للملتزمين بدين واحد

يتعلق الامر بدائن تجاه متضامنين بالدين حين إعلان الافلاس او التسوية فكيف يستفهم الدائن الى التفليسة او احد التفليسات ؟

الفرع الاول : آثار افلاس احد الملتزمين بالنسبة للباقين : افلاس احد الملتزمين لا يؤثر في حق الدائن تجاه الباقين و يترتب على ذلك :

1- الدائن بدين مؤجل المنظم لتفليسه ايد الملتزمين المتضامنين لا يمكنه التمسك بسقوط الاجل تجاه الآخرين إلا إذا كان المفلس كفيلا فيلتزم المدني الاصلي بتقديم كفيل آخر

2- الصلح المبرم مع أحد المدنيين المتضامنين لا يسفيد منه الآخرون و لا الكفيل 291 تجاري

3- ان الملتزم مع المدين الذي و في كامل الدين يمكنه الرجوع ضد الشريك المفلس الا انه يخضع للتراحم مع الدائنين الآخرين.

4- وقف سريان الفوائد بالنسبة لأحد المدينين المفلسين لا ينجز عنه وقفها بالنسبة للباقي .

الفرع الثاني : مقدار ما يتقدم به الدائن في تفليسات الملتزمين بالوفاء

افلاس جميع الملتزمين بالدين في آن واحد : يمكن للدائن الانضمام جميع التفليسات من أجل دينه و المادة 228 أجازت للدائن صاحب التعهدات الوقعة و المطهرة أو المكفولة تضامنيا من قبل المدين او شركاء له في الالتزام مطالبة كل جماعات المدينين بالقمة الاسمية للسند و الاشتراك في التوزيعات للحصول على دينه و بذلك قد يحصل على كامل مبلغ دينه و قد يحصل على اكثر منه و هذا تثور مشكلة الرجوع بين المدنيين المضامنين :

المادة 289 تجاري يعود الفائض للشركاء في الالتزام الذين كان الاخرون كفلاء لهم وفقا لاسبقية التعهدات و يطبق هذا الحل خاصة في افلاس جميع الموقعين على الورقة التجارية أي ان الفائض يكون من نصيب تفليسة المدين المكفول من الاخرين حسب الترتيب.

افلاس الملتزمين بالدين تباعا : يمكن للدائن ان يتقدم بكامل دينه في كل تفليسة من التفليسات دون ان يلتزم بخصم ما أخذه من كل تفليسة



انظمام الدائن الى التفليس بالمبلغ الناتج بعدم طرح الجزء المحصل عليه فبل التوقف :



إذا كان الدائن صاحب التعمدات التضامنية بين المدين المفلس او المقبول في التسوية و بين الشركاء له قد قبض قسطا من حقه قبل التوقف عن الدفع توجب عليه الدخول ضمن جماعة الدائنين بالمبلغ الناتج بعد طرح القسط مع حفظ جميع الحقوق للمبلغ الباقي ضد الشريك في الالتزام او الكفيل.











رد مع اقتباس .

--------------------------------------------------------------------------------

27-02-2010 10:40 PM #2 الاستاذة

الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة



عضو مميز





تاريخ التسجيل:May 2008

الدولة:للاسف الارض!!

المشاركات:817معدل تقييم المستوى:39

الإفلاس التجاري ونتائجه على الدائن والمدين



يعد نظام الإفلاس من الأنظمة التي قننها القانون التجاري وجعلها مقصورة على فئة التجار، وأما غير التجار فيخضعون لنظام الإعسار الذي نظمه القانون المدني. والإفلاس هو نظام للتنفيذ الجماعي على أموال المدين التاجر الذي توقف عن وفاء ديونه التجارية حين حال أجل سدادها متى كان هذا التوقف يكشف عن انهيار ائتمانه.



ويهدف هذا النظام إلى تصفية أموال التاجر جميعها وبيعها وتوزيع ثمن ما حصل من عملية البيع وفاء لديونه أو على القدر الممكن منها. والإفلاس بالنسبة للتجار يتحقق حال توقفه المقصود عن دفع ما عليه من أموال، والتوقف يكون مقصوداً نتيجة مرور التجار بظروف وضائقة مالية تنبئ بأن مركزه المالي غير مستقر وان حقوق الدائنين في خطر محقق أو يحتمل تحققه.





والعبرة هنا ليست فيما يملكه التاجر فقد يكون مالكا لأموال تفوق ما عليه من ديون ومع ذلك يتحقق الإفلاس ومرد ذلك يكون بسبب توقفه عن تسديد ما عليه للدائنين، إذ إن العبرة بتوقفه عن الدفع لا بما يملكه من ديون. وعلى ذلك فإنه لا يجوز شهر إفلاس التاجر بالرغم من مروره باضطراب في مركزه المالي طالما أنه مستمر في تسديد التزاماته المالية قبل الدائنين.





وقد يكون ذلك الأمر مثار تعجب واستغراب إلا أن فلسفة ذلك تكمن في أن البيئة التجارية تحكمها طبائع معينة في معاملاتهم المالية إذ بحلول موعد استحقاق الدين علي التاجر وتوقفه عن السداد يشيع ذلك الاضطراب بين أوساط التجار وقد يكون ذلك مدعاة لتوقف تجار آخرين عن دفع ديونهم، بالرغم من أن البعض قد يعتمد في سداد ما هو مستحق عليه على ما هو مستحق لديه، لأن التجار يتبادلون الدائنية والمديونية مع بعضهم البعض.





وإذا كان الهدف من إشهار إفلاس المدين تمكين الدائنين من الحصول على حقوقهم أو على القدر الممكن منها وذلك برفع يد المدين العاجز عن دفع ديونه عن إدارة أمواله والتصرف فيها، واعتبارها محجوزة لصالح جميع الدائنين العاديين الذين يوضعون في صف واحد على قدم المساواة بلا تفضيل فيهما بينهم.





وعملية توزيع أموال المدين فيما بين جماعة الدائنين تقسم قسمة غرماء أي بنسبة حق كل منهم، ويتولى هذه المهمة شخص تعينه المحكمة وتراقب أعماله يسمى (السنديك) أو وكيل التفليسة. ولا يترتب على التوقف عن الدفع أي أثر قبل صدور حكم الإفلاس، إذ إن الغاية المقصودة من أحكام شهر الإفلاس تتحقق من اليوم الذي صدر فيه حكم شهر الإفلاس.



ويعد إشهار إفلاس التاجر ذي نتائج خطيرة تقع على المدين وعلى الدائن، فبالنسبة للمدين فهي تمثل عارا عليه بين الناس وضياع الثقة والاعتبار بين جماعة التجار، كما أنها تعني غل يده على إدارة أمواله فلا يستطيع أن يوفي ما عليه من ديون أو يقتضي ما له من ديون في ذمة الغير، إذا كانت جميع تصرفاته لا تكون نافذة في مواجهة الدائنين، لأن المنوط بذلك هو السنديك (وكيل الدائنين) الذي تعينه المحكمة لإدارة أموال التاجر.



وفوق كل هذا فهناك بعض القوانين تحرمه من بعض الحقوق السياسية، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى حسبة إذا أصبح في مظنة خيانة الدائنين. أما بالنسبة للدائنين، فبمجرد صدور الحكم يحرم كل منهم من مباشرة حقه قبل المدين، ويصبح كل الدائنين (جماعة الدائنين) على قدم المساواة منضمين مع بعضهم البعض يتولى مصالحهم السنديك تحت رقابة القاضي. كما أنه بصدور الحكم تحل آجال الديون جميع على المدين حتى يتم تصفيتها، وتتوقف سريان الفوائد على الديون المستحق عنها فوائد.





اما بالنسبه للغير أي من كان له مال لدى المفلس فقد يتعذر استرداد ماله أو يضطر إلى مزاحمة الدائنين، لأنه وقت شهر الإفلاس لا يكون دائنو المفلس معروفين بالتحديد، لذا أواجب المشرع ضرورة اتخاذ إجراءات شهر لحكم الإفلاس ليضمن أن الكافة قد علموا به ولقد رسم القانون لوكيل الدائنين (السنديك) مهمة رئيسية ألا وهي حصر أموال المفلس وديونه حتى يستطيع توزيع ما لديه من أموال المدين على دائنيه.



إلا أنه وعلى الرغم من كآبة ما انتهى إليه موقف التاجر المفلس وفق ما عرضناه، إلا أن هناك أمراً آخر، ولكن يتوقف سلوكه على موقف الدائنين من المفلس، فقد يقدر الدائنون ظروف المفلس فيبرمون صلحاً فيما بينهم وبينه يكون صلحاً قضائياً يتم تحت إشراف القضاء يسمح للمدين بإدارة أمواله حتى يتمكن من الوفاء بالمستحق للدائنين.



وفقاً للشروط التي اتفقوا عليها حين إبرامهم الصلح، فإن تعذر الوصول إلى اتفاق يبقى طريق السنديك أو (وكيل الدائنين) الحل الوحيد، فيبدأ في العمل لتصفية الديون وتوزيعها بين جماعة الدائنين، فقد يكتشف السنديك أن الأموال لا تكفي، وأن الحقوق غارقة في الديون فيقرر قفل التفليسة لعدم كفاية أموالها حتى يظهر للمدين أموال.



وعلى الرغم من ذلك فقد فتح المشرع باب الأمل أمام المدين حسن النية سيئ الحظ وذلك ليتفادى إشهار إفلاسه عن طريق نظام يسمى (الصلح الواقي) من الإفلاس وهذا النظام تعرفه وتعمل به تشريعات دولة كثيرة. إلا أن ذلك لا يعني أن الإفلاس هو الطريق الوحيد للتاجر في التنفيذ على التاجر إلا بطلب شهر الإفلاس وتصفية أمواله بل للتاجر أن يسلك طريق الحجز الذي نظمه قانون المرافعات.





مما تقدم يتضح أن نظام الإفلاس يهدف إلى حماية الدائنين من تصرفات المدين الذي اضطربت أحواله وذلك بمنعه من الإضرار بهم وكذلك حماية الدائنين بعضهم من البعض ذلك لأنه من الطبيعي أن يسعى كل دائن منهم إلى استيفاء حقوقه حتى ولو أدى ذلك الأمر إلى الإضرار بالدائنين الآخرين، إلا أن المشرع لو توقع ذلك لتدخل بنصوص تشريعية لحماية الدائنين جميعا، هذه الحماية تتصف بالمساواة بينهم وعدم تفضيل أي منهم على الآخر وذلك لمنع التسابق فيما بينهم .
 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
 
 تعليقات

ليست هناك تعليقات: