بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

29 أغسطس 2011

النيابة في التعاقد





الأصل أن يتم التعاقد برضاء الأطراف المتعاقدة مباشرة، على أنه كثيرا: ما يبرم عقد في حق شخص معين بواسطة آخر ينوب عنه في ذلك ( التعاقد بالنيابة) وذلك إما باختيار من المعني بالأمر(نيابة اتفاقية). أو بحكم القانون (نيابة قانونية). التشريع الإسلامي يولي اهتماما كبيرا لمسألة التعاقد بالنيابة. المشرع التونسي مثل المشرع الفرنسي يفتقر إلى نظرية عامة في هذا المجال ولكن هناك نصوص متفرقة أهمها الفصول من 1104 إلى 1171 م إ ع المتعلقة بالوكالة.  تعريف النيابة: النيابة في التعاقد هي أن يبرم شخص أول ( النائب ) لحساب وباسم شخص ثاني (الأصيل) عقدا لمنفعة شخص ثالث ( المتعاقد ) تنصرف أثاره إلى الأصيل بعلم المعاقد أو هي بوجه أدق "نظام قانوني مؤداه أن تحل إرادة شخص معين يسمى النائب محل شخص أخر هو الأصيل في إنشاء تصرف قانوني تنصرف آثاره إلى الأصيل لا إلى النائب" ... ومبدئيا كل التصرفات القانونية يمكن إنشائها بالنيابة ما عدا حالات نادرة أبرزها أداء اليمين.  مقومات التعاقد بالنيابة : تقوم النيابة على أساسين: العلانية وحلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل عند إنشاء التصرف في حين تحدث الالتزامات في ذمة الأصيل مباشرة.
1- تصرف النائب باسم الأصيل ولحسابه علانية : إذا أخفي النائب صفته هذه عند التعاقد فإن أثار العقد تنصرف إليه شخصيا دون الأصيل طبق الفصل 1148 م إ ع: "حقوق العقد الذي يضيفه الوكيل إلى نفسه ترجع إليه وهو المطلوب مباشرة لمن عاقده ".
إذا صرح النائب بصفته تلك إلى معاقده فإن أثار العقد تنصرف إلى الأصيل لا إليه شخصيا طبق الفصل 1149 م إ ع : " إذا أضاف الوكيل العقد إلى موكله فإن أثار العقد ترجع على الموكل دون الوكيل "... وبالتالي فإن التعاقد بالنيابة يقتضي العلانية وعلم المتعاقد الأخر بحقيقة النائب... وهو ما يثبت بإعلان صريح أو أن يثبت من الظروف والأحوال ان المتعاقد كان على بينة من واقع الأمر .


أما إذا تم التعاقد مع إخفاء النائب لصفته عن المتعاقد معه أو بالتصريح بها دون الإعلان عن اسم الأصيل فإن هذه تعد وكالة فإن كانت مصحوبة بإنابة فهي نوع من أنواع النيابة . أما الوكالة غير مصحوبة بإنابة فهي متواجد بكثرة في القانون التجاري مثل عقد وساطة العملاء(وهو توكيل تاجر على ان يتعاقد مع الغير باسمه الخاص لكن لحساب موكله) والاسم المستعار(التعاقد بموجب توكيل دون الكشف عن وجود الوكالة).

2 - إحلال إرادة النائب محل إرادة الأصيل :

يتكون العقد في حالة النيابة بتلاقي إرادة النائب من جهة وإرادة المعاقد الأخر من جهة أخرى ولكن العقد يرتب آثاره في ذمة الأصيل... فأساس النيابة هو حلول إرادة النائب محل الأصيل مع ان آثار العقد تقع على ذمة الأصيل فقط. فإحلال إرادة النائب محل إرادة الأصيل يعني أن إبرام العقد لا يعبر عن إرادة الأصيل بل عن إرادة النائب وهو بالتالي حالة من حالات التعاقد بين الحاضرين وليس تعاقدا بواسطة رسول (أي ليس تعاقدا بين غائبين)... ويترتب عما سبق: - فيما يتعلق بالأهلية  فهي مشترطة في الأصيل فقط لا في النائب الذي يكفي أن يكون مميزا عاقلا قادرا عن التعبير عن إرادة فقط عملا بالقاعدة القائلة بأنه لا تشترط الأهلية إلا لمن تنصرف إليه أثار الالتزام سلبا أو إيجابا فصل3 م إ ع وقد نص المشرع صراحة على هذه القاعدة في حالة الوكالة الفصل1105 م إ ع. الاستثناء : حالات النيابة القانونية التي غالبا ما تقرر لحفظ مصالح عديمي الأهلية مما لا يعقل معه أن تعهد تلك المصالح إلا إلى راشد. - فيما يتعلق بعيوب الرضي : تقدير عيوب الرضي المبطلة للعقد المبرم بطريقة النيابة يتم بالنظر إلى سلامة إرادة النائب لا إلى إرادة الأصيل. وكذلك الأمر بالنسبة لحسن النية أو سوئها أو ظروف التعاقد بصفة عامة.  سلطة النائب : لا يمكن للنائب أن يتصرف باسم الأصيل إلى في حدود السلطة المخولة له وحسب مصدر نيابته وإلا فإنه يتحمل تبعات تصرفه دون سلطة أو بأكثر مما هو ممنوح له.

1- مصادر النيابة :...

الاتفاق أو القانون. فصل 37 م إ ع :"ليس لأحد إلزام غيره أو قبول الالتزام له إن لم يكن مأذونا في النيابة عنه بتوكيل منه أو بولاية حكمية ". النيابة الاتفاقية:


هي التي يستمد فيها النائب سلطته في التعاقد من إرادة الأصيل بموجب عقد الوكالة الذي يبين حدود الوكالة ( الفصول 1104 إلى 1171 م إ ع ). النيابة القانونية:


وهي التي يستمد فيها النائب سلطته في التعاقد باسم الأصيل ولحسابه من القانون أو من القضاء... مثل ولاية الأب على أبناءه
2- تجاوز النائب لحدود سلطته :

من حيث الموضوع أو الأشخاص: تجاوز حدود النيابة من حيث الموضوع:


يجب أن يتصرف النائب في حدود السلطة المخولة له بموجب الاتفاق أو القانون بحسب الحالات. الإشكال: إذا خرج النائب عن هذه الحدود ؟ مبدئيا: تصرفه لا يلزم الأصيل. إشكال آخر: الإضرار بمصالح الطرف الآخر.محاولة للتوفيق بين مصالح الأصيل ومصالح المعاقد. مصالح الأصيل: الفصلان1131و1132م إ ع: _ تحديد التزامات الوكيل بنسبة معتبرة إذا كانت الولاية حكمية : حق قاصر أو مولي عليه أو ذات معنوية أو كان الوكيل مأجورا . مصالح المتعاقد: فصل 1155م إ ع :" الموكل يبقي ملزما بتصرفات الوكيل الخارجة عن سلطته: _ إذا اطلع عليها وأمضاها ولو بغير تصريح. _ إذا انتفع بها. _ إذا خالف الوكيل أمر موكله بما هو أحسن . _ إذا خالف الوكيل شرط موكله بالزيادة في التكاليف وكان الفرق يسيرا ..." فصل 1163 م إ ع : " عزل الوكيل عن الوكالة أو بعضها لا يكون حجة على من عاقد جاهلا للعزل ". = تكريس للنظرية الفرنسية للوكالة الظاهرة. تراعى مصالح المتعاقد عن حسن نية وتسعى إلى إنقاذ أكبر عدد ممكن من العقود. تجاوز حدود النيابة من حيث الأشخاص: مسألة تعاقد النائب مع نفسه:


هناك صورتين: ° يتصرف شخص بصفته نائبا عن الغير وفي حق نفسه في ذات الوقت... فهو طرف في العقد ونائب للطرف الثاني. ° يتصرف النائب في النيابة في حق غيره باعتباره نائبا عن غيره... فهو نائب عن طرفي العقد في ذات الوقت. هل يجوز مثل هذا التصرف ؟ وهل يعتبر النائب متجاوزا لحدود نيابته ؟ في القانون مقارن : _ فرنسا : يجوز . للنائب أن يعبر عن إرادتين مختلفتين مع ضرورة التنبيه عن مخاطرها. _ سويسرا وألمانيا: يمنع فيهما التعاقد مع النفس بدون ترخيص من الأصيل إلا إذا اندرجت العملية في إطار الوفاء بالتزام سابق ( القانون الألماني). أو إذا ثبت أنه لا يخشى من إتمامها أي خطر مضر بالأصيل(بالنسبة للقانون السويسري). _ أما القانون التونسي : فقد نص صراحة على منع التعاقد مع النفس... الفصل 549 م ا ع: "من كان له التصرف بالنيـابـة عن غيره كالمقدم والمدير ليس له أن يعقد لنفسه ولو بواسطة"... + نصوص خاصة تقر ذات القاعدة. 3- النيابة دون سلطة: في هذه الحالة لا تنصرف آثار العقد إلى الأصيل إلا إذا صادق عليه لا حقا وعندها يعتبر التصديق وكالة لاحقة... حسب الفصلين 40 و41 م ا ع.  آثار النيابة بالنسبة لعلاقة الغير المعاقد بالنائب: لا يكون النائب ملتزما بشيء. بالنسبة لعلاقة الغير المعاقد بالأصيل: تتولد آثار التصرف في ذمة الاصيل فيكون دائنا أو مدينا. بالنسبة لعلاقة الأصيل بالنائب: فهي تخضع للاتفاق أو للقانون حسب نوع النيابة.

ليست هناك تعليقات: