الجريمة المستحيلة في الفقه والقانون والقضاء
مقدمة :
الانسان كائن مزدوج في طبيعته خلق من مادة وروح . واودع فيه نوعان من القوى، نوع تأخذ بيده الى الخير واخرى تدفعه الى الشر وهذه الحقيقة ذكرها القرآن الكريم { ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها }. نتج عن ذلك ان كان للانسان نوعان من السلوك، مايتفق مع الاخلاق والقانون والنظام ومايختلف عنها. وغالبا ما يمر كلا النوعين بمرحلتين: مرحلة داخلية نفسية لاعلاقة لها بالمادة واخرى خارجية وذات طبيعة مادية تتحسسها الحواس. وكثيرا ما تسبق المرحلة النفسية المرحلة المادية فلا يقوم الانسان بتنفيذ عمل الا بعد التصميم على القيام به. وتسبق كلا المرحلتين مرحلة تمهيدية فلا يصمم الانسان على عمل شئ الا بعد التفكير به مليا، ولا يقوم بتنفيذه الا بعد التمهيد لهذا التنفيذ والوصول الى مبتغاه.
فالسلوك بشكل عام هو مجموعة الافعال الداخلية ( الذهنية ) والخارجية ( المادية ) والتي بواسطتها يحقق الانسان ما يريد ان خيرا ً فخير وان شرا فشر. فمن يريد اقامة ملجئ للايتام ، لابد ان يفكر في الموضوع مليا ، موازنا بين حسناته وسيئاته فاذا مارجحت الحسنات ينتقل الى مرحلة اخرى اكثر اهمية الا وهي مرحلة التصميم والعزم على تنفيذ العمل . ومتى بدأ بالتهيئة للتنفيذ فيكون قد انتقل من المرحلة النفسية الى المرحلة التمهيدية لمرحلة التنفيذ، وهي اعداد وتحضير الوسائل الضرورية. وما ان يفرغ من التمهيد للمرحلة المادية حتى ينتقل الى تنفيذ العمل والوصول الى النتيجة التي ارادها الفاعل الا وهي بناء الملجئ.
ما قيل بالنسبة للسلوك النافع يقال ايضا في السلوك الضار وما يهدف اليه من نتيجة ضارة او جرمية حيث يمر الفاعل بنفس المراحل السابقة. فلو اراد شخص قتل آخر يتعين عليه ان يفكر في الامر، ويوازن بين ما يحقق رغباته ونزواته وبين ما يلحق به من اضرار. فاذا ما اوصله تفكيره الى الاتيان بفعل القتل فانه ينتقل الى مرحلة التصميم ليبدأ بعدها بتهيئة وتحضير الوسائل اللازمة للقيام بجريمة القتل مثل شراء سلاح والتدريب عليه، وما ان يفرغ من المرحلة الاخيرة حتى يبدأ التنفيذ وقد يصل الى النتيجة او لا يصل.
مراحل الجريمة
ان المراحل التي تمر بها الجريمة قبل وقوعها ثلاث:
1- مرحلة التفكير والتصميم
2- مرحلة الاعداد والتحضير.
3- مرحلة البدء بالتنفيذ.
الجاني في مرحلة التنفيذ قد يتعامل عن قرب مع محل الجريمة. كما لوضع سما في طعام المجني عليه، او يأخذ حبلا ويتسلق ليدخل بيت المجني عليه لسرقته. او قد يتعامل بشكل مباشر مع محل الجريمة كما لو اطلق النار على المجني عليه، او السارق الذي يضع يده على المال المسروق وقد يصل الى النتيجة التي يريدها او تفلت النتيجة فلا يصل الى ما يتوخاه. وعلى ذلك نكون امام احتمالين :
الاول : ان يكمل الجاني نشاطه الاجرامي وتتحقق تبعا لذلك النتيجة المقصودة ، وهذه الجريمة التامة. كما لوطعن شخص آخرَ بسكين فارداه قتيلا. او كما لو وضع السارق المال المسروق تحت حيازته.
الاحتمال الثاني : ان يتخلف اهم عنصر في الجريمة الا وهو عنصر النتيجة. فنكون امام الشروع في الجريمة او الجريمة الناقصة. وبما ان للشروع حد ادنى ويسمى الشروع الناقص، وحد اقصى وهو الشروع التام، لذلك نكون امام صورتين للشروع :
الاولى :ان عدم تمام الجريمة وفق هذه الصورة عائد الى عدم اتمام الفاعل لنشاطه الاجرامي. وبعبارة اخرى عدم تمام الافعال المادية المكونة للجريمة او عدم اكمال ماديات الجريمة. وتوقف الجاني عن اتمام نشاطه الاجرامي يعود لاسباب خارجية لا دخل لارادته فيها. كمن يحاول الانتحار ويصوب المسدس نحو رأسه فيأتي آخريخطف المسدس من يده. او السارق الذي يدخل المتجر لسرقته وعندما يحاول كسر الخزانة يتم ضبطه ولا يتمكن من وضع يده على النقود. فيكون الفاعل قد منع عن اتمام فعله بفعل فاعل آخر لادخل لارادة الجاني فيه. وهذه حالة الشروع الناقص او الجريمة الموقوفة.
وفي الجريمة الناقصة يمكن تصور عدول الجاني عن اتمام فعله وعدم اكمال جريمته بأرادته ورغبته. كما لوحاول شخص قتل آخر وصوب المسدس نحوه ثم يمتنع عن اطلاق النار عليه رأفة من الجاني بالمجني عليه. او حالة السارق الذي يمتنع عن سرقة الاموال لانها تعود الى ايتام وطالما ان العدول تم بأرادة ورغبة الجاني لا بسبب خارجي فيسمى بالعدول الاختياري.
ولا بد ان تتوافر في العدول الاختياري شروط معينه حتى لا يكون منتجا للشروع المعاقب عليه :
1- ان يحصل العدول الاختياري قبل تمام الشروع في الجريمة، فاذا ماحصل بعد ذلك يتحقق الشروع المعاقب عليه. كما لو اخذته الرأفة بالمجني عليه قبل اطلاق الرصاص عليه. اما لو اطلق رصاصة فأخطأته ثم عدل بعد ذلك فيكون الشروع المعاقب عليه قد تحقق. ولا عبرة بالعدول اذا ماحصل بعد اتمام الجريمة وهو ما يسمى بالتوبة الايجابية، ويُسأل الجاني عن الجريمة كاملة. كما لواعاد السارق ما سرقه الى المجني عليه. ( 1 )
2- الا يكون العدول اضطراريا. فاذا ما تحققت في العدول الصفة الاضطرارية فهذا يعني تحقق الشروع وبالتالي استحقاق الجاني للعقاب عليه، كما لاعبرة بتوهم الجاني. فلو احس السارق بوقع اقدام وظن انه صاحب البيت او شرطي او كان فعلا كذلك وهرب فلا يؤخذ بعدوله انما يعتبر شارعا في جريمة السرقة.( 2 )
الثانية : وهي اذا ماقام الجاني بكل الافعال المادية المكونة للجريمة حتى نهايتها، ولم تبق خطوة تفصل بين الجاني والنتيجة، ومع ذلك تفلت النتيجة التي قصدها الجاني من سلوكه لسبب لا دخل لارادته فيه، والنتيجة في هذه الحالة تكون ممكنة الوقوع في ظروف النشاط الاجرامي الذي قام به الجاني. كما لو اطلق النار من مسدسه على خصمه فلم يصبه او أصابه في غير مقتل او تم اسعافه في المستشفى، ويسمى فعل الفاعل هذا بالشروع التام لآنه اتم كل نشاطه الاجرامي ما عدى النتيجة حيث يعتبر تخلفها من طبيعة الشروع ،وتسمى بالجريمة الخائبة.
وعلى عكس الصورة الاولى ففي هذه الصورة (الثانية) لا يُتصورعدول الجاني بأختياره عن اتمام جريمته. لان العدول الاختياري يتحقق في الغالب في الجريمة الموقوفة. ولا يمكن تصوره في الجريمة الخائبة الا في حالة كون عمل الجاني مما يمكن تداركه بعد وقوعه وقبل ان ينتج اثره كما لو حاول شخص قتل خصمه بأغراقه فألقاه بالنهر، وبعد ذلك يعدل بأختياره ولم يشأ ان يتم جريمته فيمد له يد المساعدة فينقذه من الغرق. وعلى العكس اذا كان فعل الجاني مما لايمكن تداركه، وكان وحده كافيا لاتمام الجريمة الا ان سببا خارجيا لادخل لارادة الجاني به حال دون وقوع النتيجة ، فان الفاعل يعد شارعا في الجريمة. كما لو اطلق شخص النار على خصمه بقصد قتله فأخطأه ثم عدل عن اتمام قصده فلم يطلق رصاصة اخرى، يعتبر في هذه الحالة مرتكبا لجريمة الشروع في القتل ويعاقب على فعله.
تتفرع عن الصورة الثانية جريمة اخرى تتشابه معها من ناحية سلوك الجاني ومن حيث النتيجة ، الا انها تختلف عنها في ان النتيجة اذا كانت ممكنة الحدوث في ظل ظروف النشاط الاجرامي في الاولى، فهي في الثانية لم ولن تتحقق مهما بذل الجاني من جهد في سبيل اتمامها. كما لو اطلق احدهم النار على خصمه النائم على السرير فاذا به فارق الحياة قبل اطلاق النار .او كمن يمد يده في جيب المجني عليه فيجده خاليا من المحفظة. او من يكسر خزانة النقود فيجدها فارغة، وهذه هي الجريمة المستحيلة. ومن هنا يتبين ان الجريمة المستحيلة هي صورة من الشروع التام .
البدء بتنفيذ الشروع
اذا عرفنا نهاية الشروع التي تختلف اختلافا كاملا من حيث النتيجة عن نهاية الجريمة التامة فهل ان بدايته كذلك ؟
يقال ان الشروع يبدأحيث تبدأ الجريمة التامة ، ولكنه يختلف عنها في نهايته . وهذا ما اتفقت عليه الكثير من التشريعات فنصت على ان الشروع يبدأ من مرحلة التنفيذ واستثنت مرحلتي العزم والتحضير. وهذا مافعله المشرع العراقي في المادة 30 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل والتي جاء فيها بأن الشروع (وهو البدء في تنفيذ فعل [ ... ] ولا يعد شروعا مجرد العزم على ارتكاب الجريمة ولا الاعمال التحضيرية لذلك ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ). وكذلك فعل المشرع المصري في المادة 45 من قانون العقوبات (الشروع هو البدء في تنفيذ فعل [...] ولا يعتبر شروعا في الجناية او الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الاعمال التحضيرية لذلك ) .
الا ان غالبية التشريعات لم تعرّف البدء بالتنفيذ وهنا تبرز مشكلة الفصل والتمييزبين الاعمال التحضيرية واعمال البدء بالتنفيذ. فاذا كان الفصل بينهما واضحا وسهلا في بعض الاحيان، الا ان الامر ليس كذلك في احيان اخرى .
فمن يشتري سلاحا ناريا، او من يتدرب على استعماله فانه يقوم بعمل تحضيري، لان الفاعل لم يتعامل بصورة مباشرة مع محل الجريمة او بشكل قريب منها. ولكن في حالة خلط الجاني السم بطعام المجني عليه وتقديمه له او مد يده في جيب المجني عليه وسحب المحفظة منه او من يطلق النار على المجني عليه ففي هذه الحالة يكون الفاعل قد جاء بافعال تنفيذية لانه تعامل مباشرة مع محل الجريمة .والتمييز بين الافعال من الطائفة الاولى والثانية واضح ولا يثير اشكالا.
لكن في احوال اخرى تكون منطقة وسطى بين المرحلتين تمتاز بالضبابية بحيث يصعب فيها تحديد الافعال لاية مرحلة تعود. فلو ضبط الجاني حاملا سلاحه ومتجها الى مكان ارتكاب الجريمة او قبض عليه متربصا للمجني عليه او حالة ما اذا ضبط الجاني وهو يتسلق جدار المنزل لغرض الدخول اليه وسرقته. فهل تمثل هذه الاعمال اعلى درجات الاعمال التحضيرية ام انها تمثل ادنى درجات الاعمال التنفيذية؟
تظهر صعوبة التمييز بين المرحلتين في الشروع الناقص او الجريمة الموقوفة حيث لم يستكمل الجاني كل نشاطه، على ان في تحديد عمله تقريرا لمصيره، فاذا كان من اعمال التحضير يكون معفيا من العقاب على عكس ما اذا كان ما قام به من عمل يعد بدء بالتنفيذ فيتحقق فيه الشروع المعاقب عليه .ولا يثير الامر اية صعوبة في الشروع التام او الجريمة الخائبة لان الجاني قد استكمل كل نشاطه الاجرامي ويخضع لعقوبة الشروع في الجريمة .
ان للتمييز بين الاعمال التحضيرية والاعمال التنفيذية اهمية كبيرة يتجلى اثرها في العقاب على الفعل حيث لا عقاب على اعمال التحضير بينما تقع اعمال البدء بالتنفيذ تحت طائلة العقاب هذا من جهة . ومن جهة اخرى فان التمييز بين عمل المرحلتين تظهر اهميته في الجريمة المستحيلة حيث يبدأ الجاني بالتنفيذ وان تخلفت النتيجة فهل يعتبر بدء التنفيذ سببا لعقابه ام انه يعفى من العقاب لأن استحالة تمام الجريمة لازم الجاني منذ البدء بالتنفيذ؟ وهذا ما سنتناوله في العقاب على الجريمة المستحيلة .
لاهمية التمييز بين اعمال المرحلتين كما اسلفنا ولسكوت غالبية التشريعات عن تعريف اعمال البدء بالتنفيذ ،ولضرورة وضع معيار للتمييز بينهما فقد تصدى الفقهاء لهذه المهمة ولكنهم انقسموا الى مذهبين:
المذهب المادي:
اعتمد انصارهذا المذهب السلوك الاجرامي وما ينتجه من ضرر وما يكشف عنه من خطر معيارا لتحديد البدء بالتنفيذ. ووفقا لذلك يرون ان التنفيذ يبدأ متى بدأ الفاعل بتنفيذ الافعال المادية المكونة للجريمة وكما يتطلبها النموذج القانوني . فعندما يعرف القانون جريمة السرقة على انها اختلاس مال منقول مملوك للغير، وبما ان الاختلاس لا يتحقق الا بوضع اليد على المال المراد سرقته . فيكون وضع اليد في هذه الحالة العمل الذي يبدأ به الجاني سلوكه الاجرامي. اما في جريمة القتل فأي عمل يقوم به الجاني ويتعامل به مع المجني عليه للوصول الى النتيجة التي يتوخاها يعتبر بدء بالتنفيذ كما لو اطبق يديه على رقبة المجني عليه او كما لو اطلق النار عليه . اما اذا دخل الجاني منزل المجني عليه لغرض قتله فلا يعتبر دخول المنزل من ضمن الركن المادي لجريمة القتل . وحجتهم في ذلك ان القانون وهو يعرف جريمة القتل لم يعتبر الدخول في المنزل من اعمال البدء بالتنفيذ في الجريمة المذكورة.
بالرغم من سهولة ووضوح المعيار الذي تبناه المذهب المادي الا انه يضيق من نطاق الشروع فيوسع من دائرة الاعمال التحضيرية الغير معاقب عليها وبذلك يؤثر سلبا على الحماية للمجتمع التي هي من الاهداف الرئيسية لقانون العقوبات بسبب افلات الكثير من العقاب ممن لايجوز السكوت على اعمالهم لخطورتها. فدخول المنزل لغرض السرقة حسب اصحاب المذهب المادي لا يعتبر بدء بالتنفيذ لأن الجاني لم يضع يده على المال المراد سرقته. وبما ان مناط التجريم هو البدء بالتنفيذ فيكون دخول المنزل غير معاقب عليه مع خطورته.
نتيجة الانتقادات المذكورة وغيرها حاول اصحاب هذا الرأي التوسع في مرحلة البدء بالتنفيذ فقالوا بأن افعال المرحلة المذكورة لا تقتصر فقط على الافعال المادية او السلوك الذي به يتحقق الركن المادي للجريمة وانما اضافوا اليها ما اعتبره القانون ظرفا مشددا للجريمة . وحيث ان القانون اعتبر التسور وكسر الابواب ظرفا مشددا في جريمة السرقة فانها تدخل ضمن اعمال مرحلة التنفيذ.
ما يؤخذ على اصحاب الرأي الثاني من المذهب المادي هو انه من غير المنطقي ان تعتبر عملا معينا في الليل من ضمن مرحلة التنفيذ اما في النهار فنفس العمل يدخل ضمن مرحلة التحضير لا لسبب الا لان القانون اعتبر الليل ظرفا مشددا في جريمة السرقة .اضافة الى ان الرأي المذكور يؤدي الى التفرقة بين الجرائم فما يعتبر عملا تنفيذيا في جريمة ما لا يعتبر كذلك في جريمة اخرى . فمن تسور المنزل لغرض السرقة يعتبر قد بدأ عملا ماديا يتحقق معه الشروع في السرقة لان المشرع اعتبر التسور ظرفا مشددا. اما من تسور لغرض قتل خصمه فلا يعتبر شارعا في جريمة القتل لان القانون لا يعتبر التسور ظرفا مشددا في جريمة القتل. (3)
لذلك اتجه فريق من انصار المذهب المادي الى معيار آخر هو ( التأويل )فاذا كان بالامكان تأويل الفعل كان من افعال التحضير اما اذا لم يقبل الا تأويلا واحدا ويكشف عن نية الجاني فيعتبر من اعمال التنفيذ. والرأي الاخير لا يخلو من انتقادات فالفعل الذي لا يقبل الا تأويلا واحدا قد لا يكون موجودا فدخول المنزل كما يمكن ان يكون للسرقة يمكن ان يكون للنجدة (4).
المذهب الشخصي :
يرى انصار هذا المذهب بأن العقوبة التي يقررها القانون على الشروع لا يكون الهدف منها هو مواجهة سلوك الجاني الاجرامي لان هذا السلوك لم يحقق نتيجته ، وانما الهدف من العقوبة هو ما يكشف السلوك عنه من خطورة للجاني . فليس السلوك هو المقصود وانما باعتباره دليلا وقرينة على خطورة الجاني . حيث لا يشترط في رأيهم لتوفر الخطورة الاجرامية ارتكاب الشخص لجريمة ما وانما يكفي لتحقق الخطورة ما اذا كان هناك احتمال بأن الشخص سيرتكب جريمة مستقبلا لان محور الخطورة هو شخصية المجرم وليس الواقعة المادية . وعلى هذا تكون الخطورة الجرمية للشخص شئ والجريمة التي ينفذها باعتبارها عمل ارادي معاقب عليها قانونا شئ آخر، على ان هذا لا يعني انعدام الرابطة بينهما فوقوع الجريمة علامة على توافر الخطورة عند الجاني .
فاذا ما كشف السلوك عن هذه الخطورة اعتبر الفاعل بدأ بالتنفيذ لان الشروع عندهم السلوك الذي يؤدي مباشرة وحالا الى الجريمة. فالشروع في القتل لا يشترط فيه ان يمس الجاني جسم المجني عليه، وانما يكفي اي سلوك يؤدي الى هذا المساس. واستنادا الى ذلك فتصويب الجاني المسدس نحو المجني عليه يعتبر من اعمال التنفيذ.
ما يؤخذ على الرأي المذكور ان الخطورة الاجرامية يجب ان تكون فعلية وليست مفترضة والا اصبح القضاة امام صعوبة تكوين عقيدة لاختيار العقاب المناسب لمصدر الخطورة الاجرامية . لذلك ذهب البعض الى تقسيم الخطورة الى خطورة اجرامية تظهر بعد وقوع الفعل الاجرامي وخطورة اجرامية سابقة له. وحتى في حالة ارتكاب الفاعل لجريمة معينة لايكفي وحده لتحقق الخطورة الاجرامية بل لابد الى جانب ذلك ان تظهر دلائل تشير الى احتمال ارتكاب المجرم نفسه جرائم اخرى في المستقبل فلا يكفي الافتراض او التخمين.
اما القول بالخطورة السابقة على وقوع الجريمة وعقاب ذي الخطورة الاجرامية جزائيا وهو في هذه الحالة لم يرتكب اي فعل معاقب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق