بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

29 أغسطس 2011

الطرق الإحتيالية بالقانون المدني (( التدليس ))



تعريف الطرق الإحتيالية في القانون المدني ((التدليس))


لما كان الأصل في التعامل بين الأفراد هو الثقة وحسن النية ,فإن المشرع قام بوضع قواعد تحمي ه ذه الصفة في التعامل ،حيث أن المشرع يرى الأمور من منظور عام فلا يستطيع أن يدخل في نفس كل شخص لمعرفة نيته ومدى إمكانية الثقة في التعامل معه وعليه فقد وضع هذه القواعد لتنظم كيفية حماية هذه الصفة، ومن هذه القواعد التدليس وهو المصطلح الذي يشمل معظم الطرق الإحتيالية في القانون المدني في المواد من 151 الى 155.
وهو يقع تحت مظلة عيوب الإرادة في المسؤولية التعاقدية وهناك العديد من التعاريف منها ((استعمال شخص وسائل إحتيالية لإيقاع من يريد التعاقد معه في غلط يدفعه إلى إبرام العقد)) ,
أو ((اتخاذ مسلك تدليسي بقصد تغرير المتعاقد وإيقاعه في غلط بقصد دفعه إلى التعاقد)) , ولو تعددت التعاريف لمعنى التدليس إلا أنها تدور حول فلك الغلط الذي يقع فيه شخص بسبب الطرق الإحتيالية التي تغيير وجه الحقيقة والواقع .

ولو تمعنا قليلاً في كل هذه التعاريف نرى أنه يوجد نشاط من قبل المدلس حتى يوقع ضحيته في الغلط ويجب معها توافر النية للتوصل لهذا الغلط ، وهذا النشاط له درجات فهو يختلف بإختلاف الأساليب , فمنها ما يصل من الجسامة إلى المسؤولية الجزائية مثل أن يتخذ إسما كاذبا أو صفه كاذبة أو إخفاء وخلق مستند غير صحيح أو الإيهام بوجود مشروع غير موجود وغيرها فهذه الأساليب تصل لحد نشوء جريمة النصب المذكورة بالقانون الجنائي فهي تؤدي الى مغالطة الشخص مما يحمله للوقوع في الغلط بسبب إيهامه وتغيير الحقيقة له ، ومن الأساليب أيضا التي لا تصل إلى مصاف الطرق الإحتيالية في جريمة النصب وهي الكذب التدليسي , فالكذب في حد ذاته لا يعد تدليسًا و إلا إذا زاد عن الحد المألوف في التعامل مما يحمل الشخص للتعاقد بسبب هذه المبالغة في الكذب ومثل ذلك أن يقوم البائع بمدح مبيعه و الإدعاء بمواصفات فيه وهي في الحقيقة ليست موجودة به أو نسب تصنيع المبيع إلى مصنع مشهود له بالجودة وهو في الحقيقة قطعة مقلدة فمن هذه الأمور تحمل الشخص إلى التعاقد.
وهذه الأساليب تختلف عن الترويج والدعاية المشروعة قانونا فالأخيرة تبين مواصفات المنتج وتبرزها أما المغالاة في المدح بطريقه تزيد عن الحد المألوف في التعامل فهذا ما يعد تدليسًا وذلك للأسباب المذكورة سابقا.

أيضا يعد من التدليس الكتمان وعدم الإفصاح في وضع يجب فيه التوضيح والبيان فهذه الصورة تعد نشاطًا سلبيًا يحول دون إظهار الحقيقة ويعتبر إخلالاً بواجب المصارحة وحسن النية التي يفرضها ا لقانون في التعامل , فالصدق وحسن التعامل احد مقومات الصفة العامة في إبرام العقود ويظهر هذا النوع في العديد من أشكال التعاقد مثل عقود الشركات و التشارك و كذلك عقود الوكالات ويبرز في عقود التأمين حيث انه يجب على المؤمن له الإفصاح عن أي مرض أو عاهة مصاب بها و إلا كان العقد مهددًا بالإبطال.
ولو أن كل ما سبق يعد تدليسًا تضلل فيه الحقيقة و يشوهها ويغير من الواقع , إلا أنه يجب أن يقترن بالنية أو القصد لحمل الشخص المدلس عليه إلى التعاقد وهو يمثل الجزء المعنوي من هذه العملية أي أن المدلس الذي قام بهذه الأعمال الإحتيالية , و لم يكن له هذه النية مثل أن يقوم شخص بالمزاح مع صديق له أو أنه قام بهذه الأعمال دون أن يعلم فلا يكون هناك تدليس وذلك لانتفاء النية في هذه الأعمال , وأما إذا توافرت فإننا نكون هنا أمام التدليس الذي يعد عيب من عيوب الإرادة في التعاقد ويكون لمن دُلس عليه إبطال العقد وذلك لما شاب إرادته في التعاقد.




المطلب الثاني
شروط التدليـــــس


ذكرنا سابقا أنه يجب توافر الشق المادي والمعنوي لمن قام بالتدليس حتى تكون الأفعال التي ارتكبها تدليسًا, ولك ن حتى لو قامت و اعتبرت هذه الأفعال تدليسًا فلا يجوز للشخص المُدلس عليه أن يطلب إبطال العقد إلا إذا توافرت شروط وهي ما سوف نذكره الآن فلو أنه لم تتوافر هذه الشروط فلا يستطيع المُدلس عليه أن يتمسك بالتدليس وهناك من قال أنهما شرطان وهناك من قال ثلاثة شروط ، وسوف نذكر الثلاثة شروط وهي أن يستخدم أحد الطرفين وسائل إحتيالية والشرط الثاني هو من شأن هذه الطرق الإحتيالية أن توقع المتعاقد الآخر في غلط أي أن هذه الأعمال هي السبب في إيقاع الغلط لدى المتعاقد الآخر والشرط الثالث هو أن يكون التدليس صادرًا أو مرتبطًا بأحد الأطراف المتعاقدة أو متصلا به و هنا نكون أمام التدليس الذي يمكن التمسك به لإبطال العقد لمن دُلس عليه وسوف نشرح كل شرط على حدة ليتم توضيح المعنى منه .




الشرط الأول : استخدام احد الطرفين وسائل احتيالية

وقد سبق بيان ما معناه وهو إظهار سلوك خارجي أو إتخاذ أعمال مادية تمثل الوسائل الإحتيالية , وهي تعد الشق المادي من التدليس بالنسبة للمدلس , ويجب أن تكون هذه الوسائل أعمالا ظاهرة حتى تصل إلى الطرف الأخر مثل انتحال صفة كاذبة أو وهمية أو اصطناع شهادات و مستندات مزورة ب كاملها أو بجزء منها، وكذلك الكذب الذي يتعدى الحد المألوف في التعامل مثل قيام التاجر بالمغالاة بوصف بضاعته والادعاء بوجود مواصفات ليست بها أصلاً فقط لإيهام الناس ودفعهم لشراء البضاعة، وكذلك السكوت والكتمان أيضًا يعد أحد الوسائل الإحتيالية وذلك في موطن يجب فيه الإفصاح والبيان لما له من إخلال لمبدأ الثقة و واجب الصدق والصراحة.


الشرط الثاني : ان تكون هذه الطرق الاحتيالية سبب في ايقاع المتعاقد الاخر في الغلط الذي دفع الى التعاقد

أي أن تكون الطرق الإحتيالية هي السبب أو الدافع للإيقاع في غلط يدفعه إلى التعاقد ولولا هذه الطرق لما تم التعاقد وقد يقع الغلط في أشخاص العقد , مثل أن يكون رسامًا أو خطاطًا أو يكون الغلط بالقيمة مثل الأشياء النادرة أو الثمينة من التحف والآثار والأحجار الكريمة وغيرها مما يمكن أن يقوم الغلط في السبب أو الباعث , مثل أن يعتقد أنه حصل على شيئ بسبب الهبة ولن يتضح انه بيع وعليه يجب أن يدفع الثمن ، ففي الطرق الإحتيالية يوهم الشخص فيقع بالغلط الذي يدفعه للتعاقد وقد ينصب التدليس على العقد ككل أو على جزء منه ، وهنا حدث خلاف فقهي حيث يرى بعض الشراح أن هذا التدليس وقع على شي ئ أساسي في العقد فإنه يجوز التمسك بالإبطال أما إذا كان قد وقع على شيئ ثانوي في العقد فلا يجوز إبطاله إنما يطلب التعويض عن الضرر ، وهناك من يرى انه يجوز التمسك بالإبطال دام التدليس كان له دور في التعاقد .

ونحن في رأينا المتواضع نؤيد الرأي الثاني ولكن مع الاختلاف في السبب وذلك أن مبدأ الشرف في التعامل و حسن النية والثقة يتوجب عنصر الصدق والمصارحة في العقد ولا يجوز تجزئة العقد على اعتبار إلزاميته لدى الطرفين.

والمعيار المتخذ هنا في هذا الشرط هو معيار الشخص العادي أي ليس بذلك الحذر الحريص على أمواله وليس بذلك الجاهل أو غير المتعلم , إنما الشخص العادي الذي يتصرف بوسطية وقد استقر القضاء على اعتبار الأمر من مسائل الواقع التي تختلف من واقعة لأخرى وتختلف من شخص لأخر و تركت لتقدير القاضي و لا يخضع لرقابة محكمة التمييز .



الشرط الثالث : أن يكون التدليس صادرًا من أحد طرفي التعاقد ويكون عالمًا به


أي أن يكون التدليس متصلأً بأحد المتعاقدين , فلو أن توافر استخدام الطرق الإحتيالية في التدليس وكان القصد منها إيقاع المتعاقد الآخر بالغلط لدفعه إلى التعاقد فان التدليس يج ب ان يصدر من احد المتعاقدين أو أن يكون مرتبطًا به وليس الارتباط هنا أن يكون هذا الغير قد فعل الطرق الإحتيالية لمصلحة احد المتعاقدين فقط إنما يجب أن يصل العلم بذلك أي أن يقترن العلم مع الارتباط وقد ذكرت المادة 153 مدني من هم الغير((يلزم لإبطال العقد على أساس التدليس أن تكون الحيل قد صدرت من المتعاقد الآخر أو نائبه أو من احد أتباعه أو من وسطه في إبرام العقد أو ممن يبرم العقد لمصلحته)) فالارتباط هنا ليس بمعنى القرابة إنما صلتها بإبرام العقد أو مدى تأثير هذا الارتباط بالعقد مع علم المتعاقد الآخر بهذا التأثير, و قد ذكرت المادة عدة صفات مثل النائب أو التابع أو الوسيط وغيرها وبهذه الصفات قام المشرع بتغطية أي صفة ممكنة أن تؤثر على صحة إبرام العقد , وهذا النص من المادة رعى الإعتبارات العملية حيث انه لو صدر التدليس من أحد المتعاقدين لا نكون أمام مشكلة في توجيه التدليس لأن من أخطأ يتحمل خطأه ولكن لو لم يكن هذا النص موجودًا لكُنا رأينا في التعاقد حقلاً خصبًا للتدليس حيث أن المتعاقد المدلس يرفع عنه الحرج من ذلك التدليس لأنه صدر من الغير وهنالك الكثير من التعاقدات بل يمكن أن يكون أغلبها تتم عبر النائب أو التابع أو الوسيط أو أي شخص مرتبط بأحد المتعاقدين.

ويوجد استثناء على هذا الشرط وهو في عقود التبرعات حيث ان هذا الشرط يقع في عقود المعاوضات وعليه يجب إثبات أن التدليس مرتبط بأحد المتعاقدين حتى يتم التمسك بالإبطال على أساس التدليس , أما عقود التبرعات فيجوز إبطال التعاقد حتى لو لم يثبت أن التدليس مرتبط بأحد المتعاقدين على اعتبار أنها تعد من العقود الضارة ضررًا محضًا فالمتعاقد يتحمل التزام دون أن يتخذ أي حق له في التعاقد ونص على هذا الاستثناء في المادة 154مدني((استثناء مما تقضي به المادة السابقة يجوز في العقود التبرع طلب إبطال العقد إذا جاء الرضا نتيجة التدليس دون اعتبار لمن صدرت الحيل منه)).


هناك حالة وهي أن يصدر من الطرفين أي أن نكون أمام تدليس متبادل من احد أطراف العقد على الآخر ويكون الرضا بذلك مشوباً من جميع الأطراف فإذا تمسك أحد الأطراف بالتدليس حتى يبطل العقد فان المشرع منعه من ذلك في نص المادة 155((اذا لجأ كلٍ من المتعاقدين إلى التدليس على الآخر وجره بذلك إلى التعاقد إمتنع على أي منهما التمسك بإبطال العقد)) وذلك لإستقرارالتعاملات ، وفي رأيي أن هذا المنع هو عقوبة على المتعاقدين لقيامهم به ذه الأفعال المشينة وابتعدوا عن الأساس في التعامل وهو الثقة وحسن النية وحسناً فعل المشرع بذلك .
وبذلك نرى أن الطرق الإحتيالية في القانون المدني قد وضع لها العديد من القواعد لمكافحتها وحمايه التعاملات منها وتوسع القانون في تفسيرها وهي لا تقتصر على التدليس فقط ولكن التدليس هو أشمل قواعد نظمت ماهية الطرق الإحتيالية وذلك بعد شرح مبسط عنها و سنرى كم هي الطرق الإحتيالية في القانون المدني لها معنى كبير وواسع وذلك بعد شرح الطرق الإحتيالية في القانون الجنائي

الطرق الإحتيالية بالقانون المدني تعريف الطرق الإحتيالية في القانون المدني ((التدليس)) لما كان الأصل في التعامل بين الأفراد هو الثقة وحسن النية ,فإن المشرع قام بوضع قواعد تحمي ه ذه الصفة في التعامل ،حيث أن المشرع يرى الأمور من منظور عام فلا يستطيع أن يدخل في نفس كل شخص لمعرفة نيته ومدى إمكانية الثقة في التعامل معه وعليه فقد وضع هذه القواعد لتنظم كيفية حماية هذه الصفة، ومن هذه القواعد التدليس وهو المصطلح الذي يشمل معظم الطرق الإحتيالية في القانون المدني في المواد من 151 الى 155. وهو يقع تحت مظلة عيوب الإرادة في المسؤولية التعاقدية وهناك العديد من التعاريف منها ((استعمال شخص وسائل إحتيالية لإيقاع من يريد التعاقد معه في غلط يدفعه إلى إبرام العقد)) , أو ((اتخاذ مسلك تدليسي بقصد تغرير المتعاقد وإيقاعه في غلط بقصد دفعه إلى التعاقد)) , ولو تعددت التعاريف لمعنى التدليس إلا أنها تدور حول فلك الغلط الذي يقع فيه شخص بسبب الطرق الإحتيالية التي تغيير وجه الحقيقة والواقع . ولو تمعنا قليلاً في كل هذه التعاريف نرى أنه يوجد نشاط من قبل المدلس حتى يوقع ضحيته في الغلط ويجب معها توافر النية للتوصل لهذا الغلط ، وهذا النشاط له درجات فهو يختلف بإختلاف الأساليب , فمنها ما يصل من الجسامة إلى المسؤولية الجزائية مثل أن يتخذ إسما كاذبا أو صفه كاذبة أو إخفاء وخلق مستند غير صحيح أو الإيهام بوجود مشروع غير موجود وغيرها فهذه الأساليب تصل لحد نشوء جريمة النصب المذكورة بالقانون الجنائي فهي تؤدي الى مغالطة الشخص مما يحمله للوقوع في الغلط بسبب إيهامه وتغيير الحقيقة له ، ومن الأساليب أيضا التي لا تصل إلى مصاف الطرق الإحتيالية في جريمة النصب وهي الكذب التدليسي , فالكذب في حد ذاته لا يعد تدليسًا و إلا إذا زاد عن الحد المألوف في التعامل مما يحمل الشخص للتعاقد بسبب هذه المبالغة في الكذب ومثل ذلك أن يقوم البائع بمدح مبيعه و الإدعاء بمواصفات فيه وهي في الحقيقة ليست موجودة به أو نسب تصنيع المبيع إلى مصنع مشهود له بالجودة وهو في الحقيقة قطعة مقلدة فمن هذه الأمور تحمل الشخص إلى التعاقد. وهذه الأساليب تختلف عن الترويج والدعاية المشروعة قانونا فالأخيرة تبين مواصفات المنتج وتبرزها أما المغالاة في المدح بطريقه تزيد عن الحد المألوف في التعامل فهذا ما يعد تدليسًا وذلك للأسباب المذكورة سابقا. أيضا يعد من التدليس الكتمان وعدم الإفصاح في وضع يجب فيه التوضيح والبيان فهذه الصورة تعد نشاطًا سلبيًا يحول دون إظهار الحقيقة ويعتبر إخلالاً بواجب المصارحة وحسن النية التي يفرضها ا لقانون في التعامل , فالصدق وحسن التعامل احد مقومات الصفة العامة في إبرام العقود ويظهر هذا النوع في العديد من أشكال التعاقد مثل عقود الشركات و التشارك و كذلك عقود الوكالات ويبرز في عقود التأمين حيث انه يجب على المؤمن له الإفصاح عن أي مرض أو عاهة مصاب بها و إلا كان العقد مهددًا بالإبطال. ولو أن كل ما سبق يعد تدليسًا تضلل فيه الحقيقة و يشوهها ويغير من الواقع , إلا أنه يجب أن يقترن بالنية أو القصد لحمل الشخص المدلس عليه إلى التعاقد وهو يمثل الجزء المعنوي من هذه العملية أي أن المدلس الذي قام بهذه الأعمال الإحتيالية , و لم يكن له هذه النية مثل أن يقوم شخص بالمزاح مع صديق له أو أنه قام بهذه الأعمال دون أن يعلم فلا يكون هناك تدليس وذلك لانتفاء النية في هذه الأعمال , وأما إذا توافرت فإننا نكون هنا أمام التدليس الذي يعد عيب من عيوب الإرادة في التعاقد ويكون لمن دُلس عليه إبطال العقد وذلك لما شاب إرادته في التعاقد. المطلب الثاني شروط التدليـــــس ذكرنا سابقا أنه يجب توافر الشق المادي والمعنوي لمن قام بالتدليس حتى تكون الأفعال التي ارتكبها تدليسًا, ولك ن حتى لو قامت و اعتبرت هذه الأفعال تدليسًا فلا يجوز للشخص المُدلس عليه أن يطلب إبطال العقد إلا إذا توافرت شروط وهي ما سوف نذكره الآن فلو أنه لم تتوافر هذه الشروط فلا يستطيع المُدلس عليه أن يتمسك بالتدليس وهناك من قال أنهما شرطان وهناك من قال ثلاثة شروط ، وسوف نذكر الثلاثة شروط وهي أن يستخدم أحد الطرفين وسائل إحتيالية والشرط الثاني هو من شأن هذه الطرق الإحتيالية أن توقع المتعاقد الآخر في غلط أي أن هذه الأعمال هي السبب في إيقاع الغلط لدى المتعاقد الآخر والشرط الثالث هو أن يكون التدليس صادرًا أو مرتبطًا بأحد الأطراف المتعاقدة أو متصلا به و هنا نكون أمام التدليس الذي يمكن التمسك به لإبطال العقد لمن دُلس عليه وسوف نشرح كل شرط على حدة ليتم توضيح المعنى منه . الشرط الأول : استخدام احد الطرفين وسائل احتيالية وقد سبق بيان ما معناه وهو إظهار سلوك خارجي أو إتخاذ أعمال مادية تمثل الوسائل الإحتيالية , وهي تعد الشق المادي من التدليس بالنسبة للمدلس , ويجب أن تكون هذه الوسائل أعمالا ظاهرة حتى تصل إلى الطرف الأخر مثل انتحال صفة كاذبة أو وهمية أو اصطناع شهادات و مستندات مزورة ب كاملها أو بجزء منها، وكذلك الكذب الذي يتعدى الحد المألوف في التعامل مثل قيام التاجر بالمغالاة بوصف بضاعته والادعاء بوجود مواصفات ليست بها أصلاً فقط لإيهام الناس ودفعهم لشراء البضاعة، وكذلك السكوت والكتمان أيضًا يعد أحد الوسائل الإحتيالية وذلك في موطن يجب فيه الإفصاح والبيان لما له من إخلال لمبدأ الثقة و واجب الصدق والصراحة. الشرط الثاني : ان تكون هذه الطرق الاحتيالية سبب في ايقاع المتعاقد الاخر في الغلط الذي دفع الى التعاقد أي أن تكون الطرق الإحتيالية هي السبب أو الدافع للإيقاع في غلط يدفعه إلى التعاقد ولولا هذه الطرق لما تم التعاقد وقد يقع الغلط في أشخاص العقد , مثل أن يكون رسامًا أو خطاطًا أو يكون الغلط بالقيمة مثل الأشياء النادرة أو الثمينة من التحف والآثار والأحجار الكريمة وغيرها مما يمكن أن يقوم الغلط في السبب أو الباعث , مثل أن يعتقد أنه حصل على شيئ بسبب الهبة ولن يتضح انه بيع وعليه يجب أن يدفع الثمن ، ففي الطرق الإحتيالية يوهم الشخص فيقع بالغلط الذي يدفعه للتعاقد وقد ينصب التدليس على العقد ككل أو على جزء منه ، وهنا حدث خلاف فقهي حيث يرى بعض الشراح أن هذا التدليس وقع على شي ئ أساسي في العقد فإنه يجوز التمسك بالإبطال أما إذا كان قد وقع على شيئ ثانوي في العقد فلا يجوز إبطاله إنما يطلب التعويض عن الضرر ، وهناك من يرى انه يجوز التمسك بالإبطال دام التدليس كان له دور في التعاقد . ونحن في رأينا المتواضع نؤيد الرأي الثاني ولكن مع الاختلاف في السبب وذلك أن مبدأ الشرف في التعامل و حسن النية والثقة يتوجب عنصر الصدق والمصارحة في العقد ولا يجوز تجزئة العقد على اعتبار إلزاميته لدى الطرفين. والمعيار المتخذ هنا في هذا الشرط هو معيار الشخص العادي أي ليس بذلك الحذر الحريص على أمواله وليس بذلك الجاهل أو غير المتعلم , إنما الشخص العادي الذي يتصرف بوسطية وقد استقر القضاء على اعتبار الأمر من مسائل الواقع التي تختلف من واقعة لأخرى وتختلف من شخص لأخر و تركت لتقدير القاضي و لا يخضع لرقابة محكمة التمييز . الشرط الثالث : أن يكون التدليس صادرًا من أحد طرفي التعاقد ويكون عالمًا به أي أن يكون التدليس متصلأً بأحد المتعاقدين , فلو أن توافر استخدام الطرق الإحتيالية في التدليس وكان القصد منها إيقاع المتعاقد الآخر بالغلط لدفعه إلى التعاقد فان التدليس يج ب ان يصدر من احد المتعاقدين أو أن يكون مرتبطًا به وليس الارتباط هنا أن يكون هذا الغير قد فعل الطرق الإحتيالية لمصلحة احد المتعاقدين فقط إنما يجب أن يصل العلم بذلك أي أن يقترن العلم مع الارتباط وقد ذكرت المادة 153 مدني من هم الغير((يلزم لإبطال العقد على أساس التدليس أن تكون الحيل قد صدرت من المتعاقد الآخر أو نائبه أو من احد أتباعه أو من وسطه في إبرام العقد أو ممن يبرم العقد لمصلحته)) فالارتباط هنا ليس بمعنى القرابة إنما صلتها بإبرام العقد أو مدى تأثير هذا الارتباط بالعقد مع علم المتعاقد الآخر بهذا التأثير, و قد ذكرت المادة عدة صفات مثل النائب أو التابع أو الوسيط وغيرها وبهذه الصفات قام المشرع بتغطية أي صفة ممكنة أن تؤثر على صحة إبرام العقد , وهذا النص من المادة رعى الإعتبارات العملية حيث انه لو صدر التدليس من أحد المتعاقدين لا نكون أمام مشكلة في توجيه التدليس لأن من أخطأ يتحمل خطأه ولكن لو لم يكن هذا النص موجودًا لكُنا رأينا في التعاقد حقلاً خصبًا للتدليس حيث أن المتعاقد المدلس يرفع عنه الحرج من ذلك التدليس لأنه صدر من الغير وهنالك الكثير من التعاقدات بل يمكن أن يكون أغلبها تتم عبر النائب أو التابع أو الوسيط أو أي شخص مرتبط بأحد المتعاقدين. ويوجد استثناء على هذا الشرط وهو في عقود التبرعات حيث ان هذا الشرط يقع في عقود المعاوضات وعليه يجب إثبات أن التدليس مرتبط بأحد المتعاقدين حتى يتم التمسك بالإبطال على أساس التدليس , أما عقود التبرعات فيجوز إبطال التعاقد حتى لو لم يثبت أن التدليس مرتبط بأحد المتعاقدين على اعتبار أنها تعد من العقود الضارة ضررًا محضًا فالمتعاقد يتحمل التزام دون أن يتخذ أي حق له في التعاقد ونص على هذا الاستثناء في المادة 154مدني((استثناء مما تقضي به المادة السابقة يجوز في العقود التبرع طلب إبطال العقد إذا جاء الرضا نتيجة التدليس دون اعتبار لمن صدرت الحيل منه)). هناك حالة وهي أن يصدر من الطرفين أي أن نكون أمام تدليس متبادل من احد أطراف العقد على الآخر ويكون الرضا بذلك مشوباً من جميع الأطراف فإذا تمسك أحد الأطراف بالتدليس حتى يبطل العقد فان المشرع منعه من ذلك في نص المادة 155((اذا لجأ كلٍ من المتعاقدين إلى التدليس على الآخر وجره بذلك إلى التعاقد إمتنع على أي منهما التمسك بإبطال العقد)) وذلك لإستقرارالتعاملات ، وفي رأيي أن هذا المنع هو عقوبة على المتعاقدين لقيامهم به ذه الأفعال المشينة وابتعدوا عن الأساس في التعامل وهو الثقة وحسن النية وحسناً فعل المشرع بذلك . وبذلك نرى أن الطرق الإحتيالية في القانون المدني قد وضع لها العديد من القواعد لمكافحتها وحمايه التعاملات منها وتوسع القانون في تفسيرها وهي لا تقتصر على التدليس فقط ولكن التدليس هو أشمل قواعد نظمت ماهية الطرق الإحتيالية وذلك بعد شرح مبسط عنها و ي

الطرق الإحتيالية بالقانون المدني

تعريف الطرق الإحتيالية في القانون المدني ((التدليس))


لما كان الأصل في التعامل بين الأفراد هو الثقة وحسن النية ,فإن المشرع قام بوضع قواعد تحمي ه ذه الصفة في التعامل ،حيث أن المشرع يرى الأمور من منظور عام فلا يستطيع أن يدخل في نفس كل شخص لمعرفة نيته ومدى إمكانية الثقة في التعامل معه وعليه فقد وضع هذه القواعد لتنظم كيفية حماية هذه الصفة، ومن هذه القواعد التدليس وهو المصطلح الذي يشمل معظم الطرق الإحتيالية في القانون المدني في المواد من 151 الى 155.
وهو يقع تحت مظلة عيوب الإرادة في المسؤولية التعاقدية وهناك العديد من التعاريف منها ((استعمال شخص وسائل إحتيالية لإيقاع من يريد التعاقد معه في غلط يدفعه إلى إبرام العقد)) ,
أو ((اتخاذ مسلك تدليسي بقصد تغرير المتعاقد وإيقاعه في غلط بقصد دفعه إلى التعاقد)) , ولو تعددت التعاريف لمعنى التدليس إلا أنها تدور حول فلك الغلط الذي يقع فيه شخص بسبب الطرق الإحتيالية التي تغيير وجه الحقيقة والواقع .

ولو تمعنا قليلاً في كل هذه التعاريف نرى أنه يوجد نشاط من قبل المدلس حتى يوقع ضحيته في الغلط ويجب معها توافر النية للتوصل لهذا الغلط ، وهذا النشاط له درجات فهو يختلف بإختلاف الأساليب , فمنها ما يصل من الجسامة إلى المسؤولية الجزائية مثل أن يتخذ إسما كاذبا أو صفه كاذبة أو إخفاء وخلق مستند غير صحيح أو الإيهام بوجود مشروع غير موجود وغيرها فهذه الأساليب تصل لحد نشوء جريمة النصب المذكورة بالقانون الجنائي فهي تؤدي الى مغالطة الشخص مما يحمله للوقوع في الغلط بسبب إيهامه وتغيير الحقيقة له ، ومن الأساليب أيضا التي لا تصل إلى مصاف الطرق الإحتيالية في جريمة النصب وهي الكذب التدليسي , فالكذب في حد ذاته لا يعد تدليسًا و إلا إذا زاد عن الحد المألوف في التعامل مما يحمل الشخص للتعاقد بسبب هذه المبالغة في الكذب ومثل ذلك أن يقوم البائع بمدح مبيعه و الإدعاء بمواصفات فيه وهي في الحقيقة ليست موجودة به أو نسب تصنيع المبيع إلى مصنع مشهود له بالجودة وهو في الحقيقة قطعة مقلدة فمن هذه الأمور تحمل الشخص إلى التعاقد.
وهذه الأساليب تختلف عن الترويج والدعاية المشروعة قانونا فالأخيرة تبين مواصفات المنتج وتبرزها أما المغالاة في المدح بطريقه تزيد عن الحد المألوف في التعامل فهذا ما يعد تدليسًا وذلك للأسباب المذكورة سابقا.

أيضا يعد من التدليس الكتمان وعدم الإفصاح في وضع يجب فيه التوضيح والبيان فهذه الصورة تعد نشاطًا سلبيًا يحول دون إظهار الحقيقة ويعتبر إخلالاً بواجب المصارحة وحسن النية التي يفرضها ا لقانون في التعامل , فالصدق وحسن التعامل احد مقومات الصفة العامة في إبرام العقود ويظهر هذا النوع في العديد من أشكال التعاقد مثل عقود الشركات و التشارك و كذلك عقود الوكالات ويبرز في عقود التأمين حيث انه يجب على المؤمن له الإفصاح عن أي مرض أو عاهة مصاب بها و إلا كان العقد مهددًا بالإبطال.
ولو أن كل ما سبق يعد تدليسًا تضلل فيه الحقيقة و يشوهها ويغير من الواقع , إلا أنه يجب أن يقترن بالنية أو القصد لحمل الشخص المدلس عليه إلى التعاقد وهو يمثل الجزء المعنوي من هذه العملية أي أن المدلس الذي قام بهذه الأعمال الإحتيالية , و لم يكن له هذه النية مثل أن يقوم شخص بالمزاح مع صديق له أو أنه قام بهذه الأعمال دون أن يعلم فلا يكون هناك تدليس وذلك لانتفاء النية في هذه الأعمال , وأما إذا توافرت فإننا نكون هنا أمام التدليس الذي يعد عيب من عيوب الإرادة في التعاقد ويكون لمن دُلس عليه إبطال العقد وذلك لما شاب إرادته في التعاقد.




المطلب الثاني
شروط التدليـــــس


ذكرنا سابقا أنه يجب توافر الشق المادي والمعنوي لمن قام بالتدليس حتى تكون الأفعال التي ارتكبها تدليسًا, ولك ن حتى لو قامت و اعتبرت هذه الأفعال تدليسًا فلا يجوز للشخص المُدلس عليه أن يطلب إبطال العقد إلا إذا توافرت شروط وهي ما سوف نذكره الآن فلو أنه لم تتوافر هذه الشروط فلا يستطيع المُدلس عليه أن يتمسك بالتدليس وهناك من قال أنهما شرطان وهناك من قال ثلاثة شروط ، وسوف نذكر الثلاثة شروط وهي أن يستخدم أحد الطرفين وسائل إحتيالية والشرط الثاني هو من شأن هذه الطرق الإحتيالية أن توقع المتعاقد الآخر في غلط أي أن هذه الأعمال هي السبب في إيقاع الغلط لدى المتعاقد الآخر والشرط الثالث هو أن يكون التدليس صادرًا أو مرتبطًا بأحد الأطراف المتعاقدة أو متصلا به و هنا نكون أمام التدليس الذي يمكن التمسك به لإبطال العقد لمن دُلس عليه وسوف نشرح كل شرط على حدة ليتم توضيح المعنى منه .




الشرط الأول : استخدام احد الطرفين وسائل احتيالية

وقد سبق بيان ما معناه وهو إظهار سلوك خارجي أو إتخاذ أعمال مادية تمثل الوسائل الإحتيالية , وهي تعد الشق المادي من التدليس بالنسبة للمدلس , ويجب أن تكون هذه الوسائل أعمالا ظاهرة حتى تصل إلى الطرف الأخر مثل انتحال صفة كاذبة أو وهمية أو اصطناع شهادات و مستندات مزورة ب كاملها أو بجزء منها، وكذلك الكذب الذي يتعدى الحد المألوف في التعامل مثل قيام التاجر بالمغالاة بوصف بضاعته والادعاء بوجود مواصفات ليست بها أصلاً فقط لإيهام الناس ودفعهم لشراء البضاعة، وكذلك السكوت والكتمان أيضًا يعد أحد الوسائل الإحتيالية وذلك في موطن يجب فيه الإفصاح والبيان لما له من إخلال لمبدأ الثقة و واجب الصدق والصراحة.


الشرط الثاني : ان تكون هذه الطرق الاحتيالية سبب في ايقاع المتعاقد الاخر في الغلط الذي دفع الى التعاقد

أي أن تكون الطرق الإحتيالية هي السبب أو الدافع للإيقاع في غلط يدفعه إلى التعاقد ولولا هذه الطرق لما تم التعاقد وقد يقع الغلط في أشخاص العقد , مثل أن يكون رسامًا أو خطاطًا أو يكون الغلط بالقيمة مثل الأشياء النادرة أو الثمينة من التحف والآثار والأحجار الكريمة وغيرها مما يمكن أن يقوم الغلط في السبب أو الباعث , مثل أن يعتقد أنه حصل على شيئ بسبب الهبة ولن يتضح انه بيع وعليه يجب أن يدفع الثمن ، ففي الطرق الإحتيالية يوهم الشخص فيقع بالغلط الذي يدفعه للتعاقد وقد ينصب التدليس على العقد ككل أو على جزء منه ، وهنا حدث خلاف فقهي حيث يرى بعض الشراح أن هذا التدليس وقع على شي ئ أساسي في العقد فإنه يجوز التمسك بالإبطال أما إذا كان قد وقع على شيئ ثانوي في العقد فلا يجوز إبطاله إنما يطلب التعويض عن الضرر ، وهناك من يرى انه يجوز التمسك بالإبطال دام التدليس كان له دور في التعاقد .

ونحن في رأينا المتواضع نؤيد الرأي الثاني ولكن مع الاختلاف في السبب وذلك أن مبدأ الشرف في التعامل و حسن النية والثقة يتوجب عنصر الصدق والمصارحة في العقد ولا يجوز تجزئة العقد على اعتبار إلزاميته لدى الطرفين.

والمعيار المتخذ هنا في هذا الشرط هو معيار الشخص العادي أي ليس بذلك الحذر الحريص على أمواله وليس بذلك الجاهل أو غير المتعلم , إنما الشخص العادي الذي يتصرف بوسطية وقد استقر القضاء على اعتبار الأمر من مسائل الواقع التي تختلف من واقعة لأخرى وتختلف من شخص لأخر و تركت لتقدير القاضي و لا يخضع لرقابة محكمة التمييز .



الشرط الثالث : أن يكون التدليس صادرًا من أحد طرفي التعاقد ويكون عالمًا به


أي أن يكون التدليس متصلأً بأحد المتعاقدين , فلو أن توافر استخدام الطرق الإحتيالية في التدليس وكان القصد منها إيقاع المتعاقد الآخر بالغلط لدفعه إلى التعاقد فان التدليس يج ب ان يصدر من احد المتعاقدين أو أن يكون مرتبطًا به وليس الارتباط هنا أن يكون هذا الغير قد فعل الطرق الإحتيالية لمصلحة احد المتعاقدين فقط إنما يجب أن يصل العلم بذلك أي أن يقترن العلم مع الارتباط وقد ذكرت المادة 153 مدني من هم الغير((يلزم لإبطال العقد على أساس التدليس أن تكون الحيل قد صدرت من المتعاقد الآخر أو نائبه أو من احد أتباعه أو من وسطه في إبرام العقد أو ممن يبرم العقد لمصلحته)) فالارتباط هنا ليس بمعنى القرابة إنما صلتها بإبرام العقد أو مدى تأثير هذا الارتباط بالعقد مع علم المتعاقد الآخر بهذا التأثير, و قد ذكرت المادة عدة صفات مثل النائب أو التابع أو الوسيط وغيرها وبهذه الصفات قام المشرع بتغطية أي صفة ممكنة أن تؤثر على صحة إبرام العقد , وهذا النص من المادة رعى الإعتبارات العملية حيث انه لو صدر التدليس من أحد المتعاقدين لا نكون أمام مشكلة في توجيه التدليس لأن من أخطأ يتحمل خطأه ولكن لو لم يكن هذا النص موجودًا لكُنا رأينا في التعاقد حقلاً خصبًا للتدليس حيث أن المتعاقد المدلس يرفع عنه الحرج من ذلك التدليس لأنه صدر من الغير وهنالك الكثير من التعاقدات بل يمكن أن يكون أغلبها تتم عبر النائب أو التابع أو الوسيط أو أي شخص مرتبط بأحد المتعاقدين.

ويوجد استثناء على هذا الشرط وهو في عقود التبرعات حيث ان هذا الشرط يقع في عقود المعاوضات وعليه يجب إثبات أن التدليس مرتبط بأحد المتعاقدين حتى يتم التمسك بالإبطال على أساس التدليس , أما عقود التبرعات فيجوز إبطال التعاقد حتى لو لم يثبت أن التدليس مرتبط بأحد المتعاقدين على اعتبار أنها تعد من العقود الضارة ضررًا محضًا فالمتعاقد يتحمل التزام دون أن يتخذ أي حق له في التعاقد ونص على هذا الاستثناء في المادة 154مدني((استثناء مما تقضي به المادة السابقة يجوز في العقود التبرع طلب إبطال العقد إذا جاء الرضا نتيجة التدليس دون اعتبار لمن صدرت الحيل منه)).


هناك حالة وهي أن يصدر من الطرفين أي أن نكون أمام تدليس متبادل من احد أطراف العقد على الآخر ويكون الرضا بذلك مشوباً من جميع الأطراف فإذا تمسك أحد الأطراف بالتدليس حتى يبطل العقد فان المشرع منعه من ذلك في نص المادة 155((اذا لجأ كلٍ من المتعاقدين إلى التدليس على الآخر وجره بذلك إلى التعاقد إمتنع على أي منهما التمسك بإبطال العقد)) وذلك لإستقرارالتعاملات ، وفي رأيي أن هذا المنع هو عقوبة على المتعاقدين لقيامهم به ذه الأفعال المشينة وابتعدوا عن الأساس في التعامل وهو الثقة وحسن النية وحسناً فعل المشرع بذلك .
وبذلك نرى أن الطرق الإحتيالية في القانون المدني قد وضع لها العديد من القواعد لمكافحتها وحمايه التعاملات منها وتوسع القانون في تفسيرها وهي لا تقتصر على التدليس فقط ولكن التدليس هو أشمل قواعد نظمت ماهية الطرق الإحتيالية وذلك بعد شرح مبسط عنها و سنرى كم هي الطرق الإحتيالية في القانون المدني لها معنى كبير وواسع وذلك بعد شرح الطرق الإحتيالية في القانون الجنائي

الطرق الإحتيالية في القانون الجنائي








مقدمة :

أن الطرق الإحتيالية هي وسيلة لإيقاع شخص في غلط يضعه بمركز قانوني معين لولا هذه الطرق لما قام الشخص بهذا الغلط , فنرى أن الشخص الذ ي دُلس عليه يمكن له أن يتمسك بالتدليس لإبطال العقد لما شاب إرادته من غلط أوقعه في التعاقد.

وفي هذا المطلب نرى هذه الطرق الإحتيالية بصورة أخرى, فنحن نراها هنا من باب التجريم أي أن الطرق الإحتيالية هنا في هذا المطلب عبارة عن الأفعال المادية لجريمة النصب المعاقب عليها في المواد من 231 إلى 236 من قانون الجزاء , على انه يوجد بعض الصور الأخرى تدخل ضمن الطرق الإحتيالية تطبق في قانون الجزاء فهي هنا ليست وسيلة للتعاقد فقط إنما تستخدم في أمور أخرى تحت تأثير الوهم مثل مواقعه أنثى بالغ بالحيلة , إلا أننا آثرنا أن ألا نتوسع في موضوع البحث واكتفينا بجريمة النصب حيث أن لها تشابهًا كبير مع وضع الطرق الإحتيالية في القانون المدني يسمح من خلال الشرح أن نقارن بينهم .


تعريف النصب

عرفت المادة 231 من قانون الجزاء بان النصب كل تدليس قصد به فاعله إيقاع شخص في غلط أو إبقائه في الغلط الذي كان واقعًا فيه لحمله على تسليم مال في حيازته, وترتب عليه تسليم المال للفاعل أو لغيره سواء كان التدليس بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة.


فهو إستيلاء على شيئ مملوك للغير عن طريق الطرق الإحتيالية فيستخدم أساليب الغش والمخاد عة الذي يؤدي إلى إيقاع شخص بالغلط يحمله على تسليمه مالاً في حيازته ، وهناك من الوسائل التي لا ترتقي إلى الطرق الإحتيالة مثل الكذب الذي يقوم به البائع أو التاجر في مدح بضاعته ما دام أنه لم تخرج عن الحد المألوف في التعامل , ولجريمة النصب عدة أركان , وهي الركن الأول استعمال طريقة من طرق الإحتيال المنصوص عليها بالقانون , والركن الثاني هو الإستيلاء على مال الغير كله أو بعضه , والركن الثالث هو العلاقة السببية بين الاحتيال والاستيلاء على المال والركن الرابع هو القصد الجنائي، وسوف نذكرها تباعًا أما في هذا الموضع يجب ابتداءًا شرح ماهية الوسائل الإحتيالية أو التدليسية المكونه لجريمة النصب أي الركن الأول منها وذلك حتى يتبين لنا معنى تعريف النصب.

الوسائل التدليسية المكونه للركن المادي في جريمة النصب هي استعمال طرق احتيالية أو إتخاذ إسم أو صفة كاذبة أو التصرف في ما لا يمكن لشخص المتصرف حق التصرف فيه , وقد ذكرت هذه الوسائل في نص المادة 231 من قانون الجزاء على سبيل الحصر ليس على سبيل المثال فلو تم الاستيلاء على أموال الغير بطريقة غير التي ذكرت في نص هذه المادة فإن وصف الواقعة بالنصب لا ينطبق عليها وقد تحدث جريم ة أخرى لكن وصف النصب هنا ينتفي لسبب تحديد هذه الطرق بنص القانون.

وفي رأينا انه لو كان القانون قد توسع في جريمة النصب بدل أن يحددها في عدة صور لكان أفضل , حتى يتم استيعاب اكبر قدر ممكن من هذه الصور دون الحاجة إلى تعديل أو أن تضطر المحاكم إلى أن تقع في حرج من التوسع في تفسير هذه النصوص وهناك رأي يرى أن هذه الحالات المذكورة في النص مرنة وتتسع لكل الأهداف أو الطرق التي من خلالها يمكن الاستيلاء على المال بطريقة إحتيالية .

وأول هذه الوسائل هي الطرق الإحتيالية وهي وسائل تستخدم لتحقيق الغرض من التدليس فالكذب لوحده قد لا يسعف في تحقيق هذا الغرض دون إعطاء له مظهر خارجي يدعم مصداقيته , وقد يكون بالإستعانة بالأشخاص لتدعيم هذا الادعاء يكون بشروط معينة مثل أن تكون أفعال وأقوال الشخص الثالث تأيد هذا النصب وليس فقط ترديد ما يقول الجاني وكذلك أن يكون الجاني هو الذي حمله على هذه الادعاءات أي أن يكون هو من دعاه لهذه الأفعال وليس بحسن نية أي انه يجب عليه العلم بما يقوم به من أقوال وأفعال تؤيد هذا التدليس أو أن يتم الاستعانة بالأشياء مثل لباس معين كملابس الشرطة أو المحاميين أو بعض الإضافات والإكسسوارات مثل حقي بة لإيهام الناس بوجود نقود داخلها أو بعض الملفات والمستندات وغيرها, وهذه الإستعانة تغطي الكذب وتعطيه صبغه حقيقية والغرض من هذا الكذب وهذه الإستعانة هي غاية الجاني في استخدامها فتكون كما ذكرت المادة 231 الفقرة الثانية من قانون الجزاء بإيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو تغيير حقيقة هذا المشروع أو إخفاء وجوده أو إحداث أمل بحصول ربح وهمي أو الإيهام بوجود سند دين لا حقيقة له أو إخفاء سند موجود أو تغيير في حقيقة واقعة معينة أو إخفائها أو إيهام الناس بوجودها وهي غير موجودة , فالإيهام بوجود مشروع كاذب وطبيعته يتطلب اشتراك عدة أشخاص لإنجازه بحيث يكون مخططاً له مسبقًا ولا يشترط في ذلك نشاط الشركة فقد تكون شركة لها نشاط تجاري أو صناعي أو خيري أو غير ذلك ولا يشترط أن تكون شركة بمعناها القانوني فالمقصود بالشركة هنا أي شيئ يمكن الاشتراك فيه فمثلا قد تكون جمعية نفع عام أو نقابة مهنية وهي بذلك تضع المشروع ولا يشترط فيه التنفيذ إنما يكفي الإيهام بوجوده والنية للشروع فيه والبدء به بعد فترة وعليه وحتى تكون جريمة نصب يجب أن يكون المشروع كاذباً فلو كان هذا المشروع حقيقياً ليس الغرض منه الإستيلاء على الأموال فلا نكون أمام نصب لانتفا ء النية لذلك مثل ان يكون المشروع لم يكتمل بسبب إجراءات معينة أو بسبب ظروف قاهرة , أما إحداث أمل بربح وهمي وهي إيهام الناس بالحصول على ربح مستقبلي ولا يشترط هنا أن يكون الربح نقدياً أو ماديًا بل يمكن أن يكون معنويًا مثل أن يتم تعيينه في منصب أو ترشيح لمجلس ويمكن أن يكون هذا الربح مشروعاً مثل الصفقات التجارية أو يكون غير مشروع مثل لعب القمار أو عن طريق الربا في معاملة مدنية وقد يكون هذا الإيهام أو الادعاء حتى لو كان هناك ربح ولكن له نسبة ضئيلة أي أنه تم الادعاء بالمبالغة لهذا الربح وإعطائه نسباً كبيرة و لكن يثبت أن الربح أساسا بنسب ضئيلة مع علم هذا الجاني بذلك , ولكن لو كان صاحب هذا الادعاء حسن النية مثل أن يكون حديثاً أو عديم الخبرة فلم يقييم هذا الربح بشكل سليم او حدثت خسائر لم يكن يتوقعها فلا يوجد نصب هنا لإنعدام القصد الجنائي في هذا الأمر حتى لو كان التقصير قد بدر منه ويكون محاسباً عليه ولكن لا يتم وصفه بالنصب , وأيضا إيجاد سند لا حقيقة له أو إخفاء سند موجود أي انه يقوم بإصطناع سند حتى يثبت فيه حق غير موجود أصلاً مثل أن يقوم بإعطاء المجني عليه سندات دين تثبت أن مورثه مدين له بمبلغ من المال أو تقديم سند يبر أ نفسه من التزام عليه مثل تقديم سند مخالصة مزور أو براءة ذمة مزورة حتى يتخلص من الواجبات المناطة به , وقد يقوم بإخفاء سند موجود أصلا مثل أن يقوم بتزوير سند دين وذلك بتقليل مبلغ المديونية ويكون السند الأصلي لديه فيغالط بذلك الدائن حتى يبرأ ذمته من هذا الدين بمبلغ اقل من المستحق وهنا يمكن أن يتعدى وصف النصب فقد تدخل في جرائم أخرى مثل التزوير أو سرقه مستندات وغيرها حسب الأحوال.


والوسيلة الثانية من الوسائل التدليسية هي اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة ويفترض بذلك أن يكون الاسم هنا غير اسمه والصفة غير صفته ومتى اقترن هذا الإدعاء بتسليم الأموال أي أنه هو السبب بهذا التسيلم حتى لو لم تكن هناك طرق إحتيالية فإننا نكون أمام جريمة نصب, وقد يكون إيصال هذا الاسم أو الصفة شفاهة أو كتابة أو بأي فعل , والاسم في هذه الحالة قد يكون حقيقي أي لشخص موجود أو غير حقيقي أي لشخص غير موجود مطلقا ويؤخذ اللقب أيضا مأخذ الاسم فلا يهم أن يكون لشخص حقيقي أو غير حقيقي ولا يشترط إستخدامهم معًا أو كلٍ على حدة ولكن شرط أن يكون هذا الانتحال سببًا في تسليم المال , وقد يكون هناك تشابه بين الأسماء مثل أن يكون الجاني اسمه الح قيقي هو نفس اسم من قام بالإدعاء بإسمه حيث انه لم يأخذ لشخص غيره إنما هذا اسمه ولكن انتحل شخصية أخرى تحمل نفس الاسم فلا نكون أمام نصب , والصفة أيضا لها نفس الأثر فقد يتم الادعاء بصفة مثلا عائلية أو مصاهرة فيدعي انه من الأسرة الفلانية أو انه قريب لفلان وقد تكون الصفة مهنية مثل أن يدعي شخص بأنه محامي أو انه خبير في نوع من المجالات , وسواء كان هذا الاسم أو الصفة موجودة أو سوف تكون موجودة متى ساهمت في تسليم المال فنكون أمام جريمة نصب .

الوسيلة الثالثة من الوسائل التدليسية هي التصرف في مال لايملك المتصرف حق التصرف فيه وجريمة النصب تقع بمجرد تصرف الشخص بهذا المال سواء عقار أو منقول وهو أن ليس له حق التصرف فيه مثل البيع أو الرهن أو الهبة وغيرها من التصرفات وعليه قد يكون هذا الشخص له حق التصرف فيه ولكنه ليس المالك مثل الوكيل الذي يقوم بتسيير المال و إدارته فهنا لا تعد هذه الأفعال نصب وقد يكون الشخص هو المالك لكن ليس له حق التصرف في المال مثل أن يكون المال محجوز عليه , إذن يشترط هنا لقيام النصب أن يكون التصرف في مال لا يملك المتصرف هنا حق التصرف سواء كان المالك او غيره , أما إذا قام شخص بالتصرف بالمال وهو على اع تقاد أن له الحق بالتصرف به فلا نكون أمام جريمة نصب ولا يمنع من ذلك قيام المسؤولية عليه بالنسبة للآخرين .

وهذة فكرة عن الوسائل التدليسية التي تمثل الركن الاول في جريمة النصب.










المطلب الثاني
بقية أركان جريمة النصب


ونتحدث فيه عن بقية أركان جريمة النصب والركن الثاني هو الاستيلاء على مال الغير والركن الثالث العلاقة السببية والركن الرابع القصد الجنائي وذلك حتى نكمل أركان جريمة النصب


الركن الثاني : الاستيلاء على مال الغير

أي تسليم المال إلى الجاني , وهي غاية هذا الجاني بارتكاب احدى الوسائل الاحتيالية فهذا التسليم هو الهدف المنشود من وراء كل هذه الأكاذيب والادعاءات وجريمة النصب لا تكتمل بدون تواجد هذا الركن والاستيلاء هنا هو ما يفرق النصب عن السرقة حيث أن السرقة اختلاس مال منقول مملوك للغير أي أن السارق يأخذ المال دون رضاء المجني عليه أما النصب فيتم تسليم المال من قبل المجني عليه صاحب المال برضائه إلى الجاني ولكن هنا يعد الرضا معيباً حيث أن الجاني أوقعه في غلط حدا بالمجني عليه تسليم هذا المال, وكذلك تختلف جريمة النصب عن جريمة خيانة الأمانة وذلك أن التسيلم وهي الصفة المشتركة بينهم لكن يختلف السبب فيه حيث أن خيانة الأمانه يتم التسليم فيها بسبب أحد عقود الأمانة مثل الإيجار أو العارية حيث يكون المستلم هنا يحوز المال بسبب هذه العقود على أن يرجعها إلى من تسلمها منه بعد المده التي يتفقان عليها , وتبدأ جريمة خيانة الأمانة عند تغيير المستلم نيته في حيازة المال من حيازة ناقصة أو عارضة يكون أساسها احد هذه العقود إلى أن يتملك هذا المال أو يتصرف به كأن له الحق بذلك سواء أن يتملكه لنفسه أو يتصرف به أما النصب فإن التسليم هنا يكون بناء على الغلط الذي تسبب به الوسائل الاحتيالية التي يقوم بها الجاني للحصول على غايته , ويتعين أن يكون المال منقولاً فجريمة النصب تحمي المنقولات مثل سيارة أو مستند او حجر كريم وكذلك العقار بالتخصيص وهي المنقولات المخصصة لخدمة عقار مثل الادوات الزراعية لمزرعه معينه او ما ينزع من العقار بدون تلف مثل الابواب والشبابيك فهي لا تحمي العقارات إلا إنه لها حماية ولكن بطريق غير مباشر وذلك على المستندات الواقعة أو المتصلة بها مثل ورقة الملكية أو أوراق التسجيل فهذه الأوراق تعد بحد ذاتها منقولاً وكذلك لا تقوم جر يمة النصب إذا كانت غاية الجاني الحصول على منفعة أو فائدة حيث يجب أن تكون الغاية منقولاً , ويجب أن يكون المال مملوكاً للغير أي لا يتصور أن يقوم شخص بعمل طرق إحتيالية على مال لا مالك له أو أن يكون هو صاحب المال فلا يعد ما يقوم به نصباً حتى لو لم يكن له حقٌ خالص فيه مثل أن يكون المنقول محجوزًا أو مرهوناً , ويجب أن يكون المال المنقول مادياً أي أن يكون ملموساً مثل أي أوراق أو بضائع أو معادن ولا يعتد بالمنقولات المعنوية مثل الحقوق الفكرية وما تشملها ولا يشترط في المنقول المادي أن تكون له قيمة مادية فيمكن أن تكون له قيمة إعتبارية , كما أنه لا يشترط وقوع ضرر على المجني عليه فمتى ما توافرت أركان النصب نكون أمام الجريمة .



الركن الثالث : العلاقة السببية

العلاقة السببية هي الرابط بين الفعل والنتيجة , فالجاني يقوم بأعمال التدليس حتى يقع المجني عليه بالغلط الذي يحمله على تسليم المال إلى الجاني وعليه فإن العلاقة السببية هي حلقة الوصل بين أضلاع مثلث النصب وهي الوسائل الإحتيالية والغلط الذي يتولد نتيجة هذه الوسائل والتسليم الذي يتم بسبب هذا الغلط , فلو لم تكن هناك علاقة سببية بين التسليم والوسائل ا لإحتيالية فلا نكون أمام جريمة نصب فقد يتم التسليم لسبب أخر غير الغلط الذي وقع به وعليه يمكن وصفه شروع لجريمة النصب وقد لا تتوافر هذه الشروط مجتمعة فتكون أيضا أمام شروع في نصب فالعلاقة السببية تعطينا اليقين على اكتمال جريمة النصب .



الركن الرابع : القصد الجنائي


الركن الجنائي ركن اساسي في كل جريمة , فلو لم يتوافر في جريمة أو تم انتفائه فيها تغير الوصف التجريمي للفعل المجرم وفي جريمة النصب كذلك إذا لم يتوافر القصد الجنائي فيها فلا نكون امام جريمة نصب , والقصد الجنائي العام يتكون من علم وإرادة كمعظم الجرائم أو أغلبها فالعلم هنا أن يكون الجاني على علم بما يقوم به من أعمال وطرق تدليسية لإيقاع المجني عليه في الغلط الذي يكون سبب تسليم المال مثل أن يكون متخذاً اسماً معين حتى يقوم بإنهاء صفقه أو إجراء معين فلو كان هذا الشخص يقصد أن يتخذ هذا الاسم لإتمام الصفقة أو لإنهاء الإجراء فنكون أمام نصب أما إذا كان الشخص لا يعلم ذلك وتمت الصفقة على أساس انه شخص أخر مثل أن يكون تطابق أسماء فلا يكون مؤثماً بجريمة نصب , وأما الإرادة فهي تمثل قدرة الشخص على هذا الفعل وتصميمه على أدائه وانه قام بهذا الفعل بكامل حريته و إطلاقها مثل أن يقوم بإخفاء مستند حتى يخفي حق دائنه أو تزوير مستند بإضافة حقوق أو إزالة حقوق فيه فهنا نكون أمام جريمة نصب حيث أن إرادة الجاني هنا إرادة حرة لفعل مثل هذا الأمر, أما لو كان هذا الشخص قد قام بإخفاء مستند أو تزوير بسبب تهديد شخص آخر سواء بقتله او بقتل شخص عزيز عليه أو إتلاف ممتلكاته وغير ذلك فهنا لا نكون أمام جريمة نصب لإنتفاء الإرادة في جريمة النصب.

ويوجد أيضا مع القصد الجنائي العام قصد جنائي خاص , فقد يكون المتهم قام بإحدى الوسائل الإحتيالية لصديق مثلا حتى يوقعه في غلط ويقوم بتسليمه المال و حين يستلم المال يُبين له بأنه قام بهذه الأفعال على سبيل المزاح فهل نكون أمام جريمة نصب ؟ حيث توافرت كل الأركان السابق ذكرها وهي الوسائل الإحتيالية والاستيلاء والعلاقة السببية والقصد الجنائي العام إلا ان كل هذا لا يعد جريمة نصب وذلك لعدم توافر القصد الجنائي الخاص وهو أن تكون نية الجاني تملك هذا المال أو حرمان صاحبه منه مثل أن يقوم بإتلافه او إعطائه شخصاً آخر, فلو كانت الفرضية السابقة أن نية الجاني هي تملك هذا المال لكنا أمام جريمة نصب ولكن مغايرة النية في الفرضية وهي القصد منها المداعبة والمزاح استبعدت توافر جريمة النصب وعليه فان القصد الجنائي العام والخاص هو أخر جزء من تركيبة جريمة النصب وعليه لو اجتمعت هذه الاجزاء تتكون جريمة النصب

التدليس





التدليس هو خديعة تؤدي إلى إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد، وبتعبير أدق هو تغليط متعمد، يخطط له ويدبره شخص بنية تضليل المتعاقد الآخر وإقناعه بأشياء تخالف الحقيقة فيقع في الغلط ويبرم العقد الذي ينشده المدلس. وللتدليس أنواع وطرق مختلفة، وشرائط يستلزمها القانون ليرتب عليها حكمه.فهو إما أن يكون مدنياً، أو جزائياً، والتدليس المدني يتحقق بطرق مختلفة: فإما أن يكون التدليس إيجابياً بأن يرتكب المدلس أعمالاً تدليسية مستخدماً سلوكاً أو تصرفات مادية من شأنها إيقاع الآخرين في ضلالة ووهم، كتقديم وثائق مزورة، أو مخططات غير واقعية، أو رسائل وقوائم غير صحيحة، وإما أن يكون التدليس سلبياً وذلك عندما يقوم المدلس بإخفاء أو كتمان بعض الحقائق، وخاصة تلك التي يوجب القانون أو طبيعة العقد وظروفه بيانها، ولا يسهل على المتعاقد الآخر معرفتها. كما في حالة كتمان المؤمن أموراً يفرض عقد التأمين بيانها لكونها ذات أهمية خاصة لشركة التأمين. ولكن هل يعد تدليساً الكذب العادي المجرد، كما لو كذب البائع حول المواصفات الفنية للمبيع، أو كذب العامل بشأن الأعمال والوظائف التي سبق له ممارستها؟ تختلف الإجابة عن هذا السؤال تبعاً لأثر الكذب على المتعاقد الآخر؛ فإذا كان للكذب البسيط أثر حاسم أو دافع لاتخاذ قرار التعاقد بحيث لولاه لما أبرم المتعاقد الآخر العقد عد تدليساً، أما إذا لم يكن كذلك فلا تدليس.

والتدليس المدني يكون أصلياً أو فرعياً: فالتدليس الأصلي (التدليس الدافع) هو التدليس الدافع إلى إبرام العقد. أما التدليس الفرعي (التدليس غير الدافع) فلا يقصد منه دفع المتعاقد وحثه على إبرام العقد بل إثارته وإغواؤه للتعاقد بشروط أبهظ، وغالباً ما يحدث ذلك في البيع بطريق المزاد العلني عندما يتفق بعض المشاركين في المزاد على طرح أسعار مرتفعة ووهمية لإيقاع بقية المزايدين في الخدعة، فيتقدم أحدهم ليزيد على العطاء الوهمي فيرسو عليه المزاد. أما التدليس الجزائي فيتخذ أسلوباً أكثر دهاء وأكثر خطورة ويكون حينئذ احتيالاً.

وهو بذلك يختلف عن التدليس المدني: في أن الاحتيال لابد فيه من اقتراف المحتال لإحدى الطرق الخدعية التي حددها القانون على سبيل الحصر. فالكذب العادي أو الكتمان غير كافيين لقيام جرم الاحتيال، على الرغم من أنهما قد يشكلان تدليساً مدنياً، ومن جهة أخرى، يتطلب الاحتيال توافر النية الجرمية لدى المحتال أي نية الاستيلاء على المال احتيالاً، في حين أن كل ما يقصده المتعاقد المدلس في التدليس المدني هو الحصول على شروط تعاقدية أفضل. وبوجه عام، لايكفي لوقوع التدليس أن يسلك المدلس طرق خداع وأساليب احتيالية، إنما من اللازم أن يتحقق في الفعل التدليسي الشروط التالية:

أن يكون دافعاً إلى التعاقد، وأن يكون صادراً عن المتعاقد أو نائبه، وأن يقصد منه تضليل المتعاقد الآخر.

فلابد أولاً من أن يكون للأعمال التدليسية التي ارتكبها المدلس أثر حاسم أو دافع إلى إبرام العقد. فلو كذب البائع حول مواصفات الشيء المبيع واكتشف المشتري ذلك قبل إبرام العقد فليس هناك من تدليس. وكذلك لو كذب العامل بشأن الوظائف التي كان قد شغلها واكتشف رب العمل حقيقة الأمر قبل إبرام العقد فلا يعد ذلك تدليساً.

ولمعرفة ما إذا كان التدليس دافعاً إلى التعاقد أم لا، ينبغي الرجوع إلى شخص المتعاقد المدلس عليه والوقوف على ظروفه الشخصية من ذكاء، وخبرة، وجنس، وسن، وثقافة، وغيرها. فالخدع التي تؤثر في الشخص البسيط العادي الساذج، قد لايكون لها التأثير نفسه في الرجل المحنك، الخبير، الممارس، المثقف. وما يؤثر في المرأة قد لايكون له الأثر نفسه في الرجل.

ولابد ثانياً، من أن تكون الأساليب التدليسية صادرة عن أحد المتعاقدين أو نائبه. فإذا صدرت عن أجنبي عن العقد فلا أثر قانونياً لها، مالم يثبت أن المتعاقد الآخر (الذي تم التدليس لمصلحته) كان يعلم أو كان من المفروض حتماً أن يعلم بهذا التدليس.

علاوة على ذلك كله، يجب أن تكون الأعمال التدليسية قد ارتكبت بنية تضليل المتعاقد المدلس عليه. فالتدليس خطأ متعمد ومقصود، يفترض ممارسة المدلس لأعمال تدليسية بقصد دفع المدلس عليه إلى التعاقد. فإبرام شخص لعقد ما تحت تأثير انخداعه بمظهر الثراء والغنى الذي يسلكه المتعاقد الآخر، لايعد فعلاً تدليسياً، مالم يكن المتعاقد المدلس قد تعمد ذلك قاصداً استجراره لإبرام العقد.

ولكن هل هناك من معيار يمكن الاستهداء به لتمّييز ما يعد عملاً تدليسياً وما لا يعد كذلك؟. نعم إنه معيار السلوك المألوف أو المعتاد: فكل فعل أو تصرف لم يتجاوز حدود المألوف والمعتاد أو المتعارف عليه في التعامل والعرف الجاري لا يكوّن تدليساً، أما إذا تخطى هذه الحدود فيصبح العمل تدليساً. فشركة الاعلانات التي تعلق للجمهور أن ذلك المستحضر التجميلي يعيد إلى البشرة شبابها ونضارتها لا يعد عملاً تدليسياً. لأنه من المتعارف عليه في هذا المجال، أن تنطوي الإعلانات على شيء من المبالغة لاستهواء المستهلك وترغيبه في شراء هذا النوع من المنتجات.

أخيراً إذا ما استجمع الفعل التدليسي المدني شروطه فما هو الحكم القانوني له؟

تقضي المادة (126) من القانون المدني بجواز إبطال العقد بسبب التدليس الأصلي، وإذا ما رغب المدلس عليه الاحتفاظ بالعقد فلا شيء يمنعه من ذلك. وفي كلتا الحالتين له حق المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به من جراء التدليس. أما إذا كان التدليس فرعياً، فليس للمدلس عليه حق المطالبة بإبطال عقده، إنما يقتصر حقه على المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابته بسبب التعاقد بشروط أكثر بهظاً.

وفيما يتعلق بالتدليس الجزائي فهو احتيال تعاقب عليه المادة 641 من قانون العقوبات بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، وبالغرامة من مئة ليرة إلى خمسمئة ليرة سورية، وذلك مع مراعاة الظروف المشددة التي نص عليها القانون. إضافة إلى ذلك، يمكن للمجني عليه مطالبة المحتال بالتعويض عن كل الأضرار التي لحقت به من جراء هذه الجريمة.



..

الغلط في القانون باعتباره أحد عيوب الرضا:






نصت معظم القوانين على اعتبار الغلط في القانون عيباً من عيوب الرضا التي تؤثر على سلامة الإرادة عند إبرام التصرفات القانونية، كما نص على ذلك القانون المدني المصري(المادة 122) والقانون المدني الأردني(المادة 154)، وذلك نقلاً عما هو مستقر عليه في الفقه والقضاء الفرنسيان اعترافهما بأثر الغلط في القانون على صحة الرضا.
ولا يُقدح في صحة الأخذ بفكرة الغلط في القانون كعيب يرد على الرضا القول بوجود قاعدة أخرى تقضي بأن الجهل بالقانون لا يقبل عذراً، فقد يعترض على الاعتداد بفكرة الغلط في القانون أنها تتعارض مع قاعدة " لا يعذر أحد بجهله بالقانون "، هذه القاعدة الأخيرة التي تعتبر من القواعد القانونية المسلم بها في معظم الأنظمة القانونية سواء ورد فيها نص أو لم يرد، فهي تمثل ضرورة اجتماعية لدفع الأشخاص إلى العلم بالقانون بما يوفر الاستقرار القانوني للمجتمع، فلا يقبل من أحد الادعاء بالجهل بالقانون للإفلات من انطباقه عليه، فقاعدة " لا يعذر أحد بجهله بالقانون " تظهر لضمان تطبيق القانون على جميع الأشخاص المخاطبين به، أما فكرة الغلط في القانون فهي في الحقيقة لا تتعارض مع تلك القاعدة السابقة، فالاعتداد بالغلط في القانون يهدف إلى حماية إرادة المتعاقد من أن يشوبها عيب أثناء إبرام التصرفات القانونية دون أن يكون هناك استبعاد لتطبيق القانون، ففكرة الغلط في القانون تهدف إلى التطبيق الصحيح للقانون على الشخص الذي يتمسك به.
كما أن الاعتداد بالغلط في القانون كعيب في الرضا لا يقتصر على مجرد الادعاء به من قبل الشخص الواقع فيه، بل لا بد من توافر مجموعة من الشروط منها العامة والتي نص عليها القانون صراحة بأن يكون الغلط في القانون جوهرياً دفع المتعاقد إلى الارتضاء بالتعاقد، وأن يتصل الغلط في القانون بالمتعاقد الأخر، ومنها أيضاً الخاصة والتي وإن لم ينص القانون عليها صراحة إلا أن الفقه والقضاء قد استقر على وجوب توافرها بالغلط في القانون بأن يكون المتعاقد الغالط معذوراً في غلطه، وأن يهدف إلى تطبيق القانون لا استبعاده، وأن لا تكون القاعدة القانونية محل الغلط في القانون مختلف في تفسيرها أو أن تقضي باستبعاد الغلط في القانون في بعض الحالات.
فإذا تحقق الغلط في القانون على هذه الصورة وتوافرت فيه شروطه العامة والخاصة، فإنه يترتب على ذلك إعطاء المتعاقد الواقع فيه الحق في التخلص من العقد الذي أبرمه تحت تأثير ذلك الغلط من خلال إعطاءه الحق في طلب فسخ العقد.
وبالتالي فإن موضوع هذه الدراسة ينقسم إلى ثلاثة محاور رئيسة تتمثل فيما يلي:-
 المحور الأول: يتعلق بالاعتراف بفكرة الغلط في القانون كعيب في الرضا والمساواة وبينها وبين فكرة الغلط في الواقع من حيث أثرهما على صحة الرضا، دون أن يكون في ذلك أي تعارض أو تصادم بين الأخذ بفكرة الغلط في القانون وقاعدة " لا يعذر أحد بجهله بالقانون ".
 المحور الثاني: يتعلق بالشروط والضوابط (سواء العامة أو الخاصة) التي يجب أن تتوافر في الغلط في القانون كعيب في الرضا لأعمال أثره على صحة وسلامة الإرادة.
 المحور الثالث: يتعلق بالأثر الذي يترتب على تحقق الغلط في القانون والمتمثل بإعطاء المتعاقد الواقع فيه الحق في طلب فسخ العقد الذي ابرمه تحت تأثير هذا الغلط.










Error in Law as One of Consent Vices :
A Comparative Study

Prepared by: Omar Abd-Allah Mahamoud Al-Maghid
Supervised by: Dr. Na'il Masa'dih

Most rules have been provided for considering the error in the law as a lack of satisfaction which affects the entire willing when making legal contracts. As it is in the Egyptian civil law (Article 122) and the Jordanian civil law (Article 154) transferried from admitting it in the French Jurisprudence and Judiciary in the law on the entire satisfaction.
The existence of another rule which says unenlightenment in law does not accept any excuse and does not slander taking the idea of error in the law as a lack refuting satisfaction. It may be objected to consider the idea of error in the law conflicting the rule (no one is excused for being ignorant in the law). This recent rule is considered one of the accepted rules among most of the legal rules whether there is a script or not. It represents a social necessity to motivate people knowing the law which guarantee the legal stability of the society. So pretending ignorant from any one to escape from apply the law will not be acceptable. Therefore the rule (no one is excused for being ignorant in the law ) exists to guarantee applying the law upon all peoples addressed.
Yet, the idea of error in the law doesn't actually conflict with the recent rule. So considering the error in the law aims to protect the willing of the person who makes the contract from being affected while making legal behaviors without setting aside of applying the law. The idea of error in the law aims at real applying of the law upon the person who is hanged on to it .
As considering the error in the law a lack in satisfaction does not restrict being pretended by the person who commits it. There must be a group of conditions some are public which are frankly provided by the law for making the error essentially in the law to make the contractor satisfied the contract , and to relate the error in the law into the other contractor , other conditions are also particular even if the law does not provide them with the jurisprudence and the judiciary are decided to exist with the error in the law that the contractor makes the error is excused , and aim to apply the law not to be put aside , and replace the legal rule in the error in the law is agreed on its explanation and doesn't impose putting the error in the law in some cases.
If the error materializes in the law and all the public and the particular conditions are available, it will be necessary to give the contractor who has the right to escape from the contract which he made under the effect of that error , the right to revoke the contract.

Consequently, the subject of this research is divided into three main axes:
 considering with the confession the idea of error in the law as a lack of satisfaction and equality and the idea of the error in reality and their effect on the correct satisfaction , without making any conflict between taking the idea of the error in the law and the rule says (no one is excused for being ignorant in the law).
 Considering the conditions and the rules ( whether in the public or the particular) which must be available in the error in the law as a lack of satisfaction to insure its effect on the correct willing.
 Considering the effect which results from occruing the error in the law and which is represented by giving the contractor who has the right to revoke the contract which he made under the effect of this error.
الغلط

هو حالة تقوم في النفس تحمل على توهم غير الواقع... تصور مخطئ من أحد المتعاقدين لعنصر من عناصر العقد. التوسع في نطاق الغلط يكرس احترام الإرادة الفردية ولكنه يخل بالاستقرار التعاقدي... الحل الوسط هو: حصر حالات الغلط المفسد للرضا، وتحديد نظامه.  1- حالات الغلط المفسد للرضا في الواقع وفي القانون أ- الغلط فيالواقع (ف 45 + 46 م ا ع) الفصل 45 م ا ع:"الغلط في نفس الشيء يكون موجبا للفسخ لغلط في ذات المعقود عليه أو في نوعه أو في وصفه الموجب للتعاقد". الفصل 46 م ا ع:"الغلط في ذات أحدالمتعاقدين أو في صفته لا يكون موجبا للفسخ إلا إذا كانت ذات المتعاقد معه أو صفتهمن الأسباب الموجبة للرضا بالعقد". الغلط في الواقع أربع حالات: 1- الغلط في ذات المعقود عليه... 2- الغلط في نوع الشيء... 3- الغلط في الصفة الموجبة للتعاقد... 4- الغلط في شخص المتعاقد وصفته الأساسية. 1. الغلط في ذاتالمعقود عليه:
هو الغلط في ذاتية محلالالتزام ... بيع عقار معين في حين أن الشاري يتوهم كونه اشترى عقارا أخرا.

هذا العيب يتعلق بوجود الإرادة أصلا... غلط حائل أو مانع جزاؤه البطلان المطلق 2. الغلط في نوع الشيء المعقود عليه: أي مجموعة المميزات المادية للشيء محل الالتزام التي إذا اجتمعت فيه تدخله في صنف أو جنس معين... (مثال الشمعدان)


3. الغلط فيالصفةالموجبة للتعاقد. الصفة الموجبة للتعاقد :هي كل صفة تشكل فى نظرالمعاقد الدافع الاساسىللتعاقد... معيار ذاتي يشكل تهديدا للاستقرار التعاقدي لسهولة ادعائه ---> فهو الغلط في الصفةالتي لولاها لما أقدمالشخص على التعاقد (شيء أثري). بعض الفقهاء: يجب على المحاكم حتى تأخذ به أن يكون محل اتفاق مسبق بين الطرفين أي يجب أن يشتمل العقد على توفر تلكالصفةبصفة صريحة بشكل لايمكن معه للطرف الأخر أن يدعي عدم علمه بكونها الصفة الموجبة للتعاقد. قرار محكمة التعقيب عدد2490 المؤرخ في 6/فيفري/1979 :"لا يجوز لمن اشترى قطعة أرضبدافع البناء أن يطلب إبطال البيع إذا تعذرله الحصولعلى رخصة في البناء من البلدية ما لميشترط بالعقد صلوحية المشترى للبناء" 4. الغلط فيشخصالمتعاقد أو فيصفتهالأساسية. حالة خاصة بالعقود التي يكون فيها شخص المتعاقد معه محل اعتبار (زواج، شغل، توكيل...) الفصل46 م ا ع الغلط الحاسم :يجب أن يكون الشخصمحل اعتبار. وقد يكون الغلط في صفة من صفات الشخص (الأمانة). ب - الغلط فيالقانون (ف 44 م ا ع) توهم أحد المتعاقدين أن القانون ينص على قاعدة في حين أنه ينص على خلافها (نصيب الوارث). الفصل44 م ا ع:"العقد المبنى على جهل عاقده لما له من حقوق يجوز فيه الفسخ في حالتين: أولا: إذا كان هو السبب الوحيد أو السبب الأصلي الموجب للتعاقد. ثانيا: إذا كان مما يعذر فيه بالجهل ". شرط الغلط المغتفر:"مما يعذر فيهبالجهل".  2- نظام الغلط المفسد للرضا حاسما... مغتفرا... ولو لم يكن مشتركا أ- شرط الغلط الحاسم: أي لولاه لما وافق من وقع فيه على التعاقد. المشرع نص عليه صراحة في حالات الغلط في القانون والغلط في ذات أحد المتعاقدين والغلط في نفس الشيء... المشكلة بالنسبة للغلط في نوع المعقود عليه: يجب تحديد معنى عبارة "نوع الشيء" النظرية الموضوعية : ... الغلط في مادة الشيء المعقود عليه... لا يشترط الغلط الحاسم... يكفي ثبوت الغلط في النوع ولو لم يكن النوع عنصرا حاسما لقبول التعاقد... توسيع نطاق الغلط في نوع المعقود عليه النظرية الذاتية : ... العبرة بتأثير الغلط على الإرادة لا بمجرد وجوده... يشترط الغلط الحاسم... تضييق نطاق الغلط في نوع المعقود عليه موقف المشرع التونسي : سكوت في الفصل 45 يوحي بالنظرية الموضوعية... ولكن فلسفة نظرية عيوب الإرادة لدى المشرع مبنية على الجانب الذاتي النفسي... توفر شرط الغلط الحاسم ضروري في جميع حالات الغلط.
ب- شرط الغلط المغتفر:

أي أن يكون للواقع في الغلط عذر يبرر غلطه وقد وضع المشرع هذا الشرط بالنسبة للغلط في القانون وهذا الحصر لشرط الغلط المغتفر وعدم تعميمه على جميع حالات الغلط يمكن تفسيره بحرص المشرع على حماية الإرادة الفردية... فالعبرة ليست بسبب الغلط انما بدرجة تأثيره على رضا الطرفين... لكن إعطاء القاضي سلطة لتقدير الغلط (ف 48 م ا ع) من الممكن ان يؤدي الى تعميم شرط الغلط المغتفر فالقضاة لن يعتمدوا الغلط ان كان فاحشا ... وهو حل القضاء الفرنسي مراعاة للاستقرار التعاقدي. ج- الغلط المشترك: لا يشترط ان يكون الغلط مشتركا

الغلـــط



الغلط


نحن نعرف جميعا عيوب الرضا وهي الغلط والتغرير او التدليس او الاكراه او الاستغلال وسوف نتناول في بحثنا هذا عنصر من هذه العناصر وهو الغلط ونبين في تعريفه وانواعه وصوره .وقد نصت المادة 121 من المشروع:

(اذا وقع الغلط في ماهية العقد او في السبب او في المحل بطل العقد )


الغلط في القانون يخول إبطال الالتزام


إذا كان هو السبب الوحيد أو الأساسي؛


إذا أمكن العذر عنه


يخول الغلط الإبطال، إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه، كانت هي السبب الدافع إلى الرضى


الغلط الواقع على شخص أحد المتعاقدين أو على صفته لا يخول الفسخ إلا إذا كان هذا الشخص، أو هذه الصفة أحد الأسباب الدافعة إلى صدور الرضى من المتعاقد الآخرمجرد غلطات الحساب لا تكون سببا للفسخ وإنما يجب تصحيحها


على القضاة، عند تقدير الغلط أو الجهل سواء تعلق بالقانون أم بالواقع أن يراعوا ظروف الحال، وسن الأشخاص وحالتهم وكونهم ذكورا أو إناثا




المبحث الأول


تعريف الغلط :

وهم كاذب يتولد في ذهن الشخص، أو حالة تقوم بالنفس تجعله يتصور الامر على غير حقيقته أي على غير الواقع . والوهم او غير الواقع قد يكون واقعة غير صحيحة يتوهم الانسان صحتها ، أو واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها . فالمتعاقد يتوهم امرا ويقوم بناء على ذلك الوهم بالتعاقد، ولكن سرعان ما يتبين الحقيقة والغلط الذي وقع فيه.

فهل يجوز ابطال العقد أم لا ، فمن يشتري ساعة اعتقادا منه أنها ساعة ذهبية ثم يتبين أنها من معدن اخر هل يجوز له ابطال العقد ؟

ومن هنا الغلط يجيز ابطال العقد سواء جوهري او او نفسي ولهذا وضعت ضوابط تكفل سلامة الارادة وضرورة الاستقرار من جهة اخرى ،فاذا توافرت تلك الشروط كان الغلط عيبا في الارادة ويجيز ابطال العقد .

ضرورة ان يكون الغلط جوهريا :

يتنازع الغلط فكرتان الفكرة التقليدية واخرى حديثة :


المبحث الثاني


فالفكرة التقليدية أو الموضوعية:

تحديد الغلط بحسب الامر الذي ينصب عليه الغلط .فالغلط يكون مؤثرا ويؤدي الى ابطال العقد اذا وقع في مادة الشيء أو في صفة جوهريه فيه أو في شخصية المتعاقد أو في صفه فيها كانت محل اعتبار عند التعاقد ، وعل العكس لا يكون الغلط مؤثرا اذا وقع في صفة غير أساسية في الشيء محل التعاقد أو اذا وقع في القيمة أو وقع في الباعث أو اذا وقع في الشخص او صفة فيه اذا لم تكن هذه أو تلك محل اعتبار عند التعاقد .

اما الفكرة الحديثة:

تقوم على البحث في اثر الغلط في ذاته على رضاء المتعاقد بالعقد ، فيكون الغلط جوهريا اذا كان المتعاقد يمتنع عن التعاقد لو لم يقع في الغلط أي لو كان على بينة من الحقيقة . ويكون الغلط غير جوهري اذا لم يكن المتعاقد يمتنع عن التعاقد لو علم بالحقيقة .فالعبرة بأثر الغلط على الرضا وليس بالامر محل الغلط ولهذا يطلق عليها النظرية الشخصية للغلط .


المبحث الثالث


صور الغلط الجوهري :

أولا : الغلط في صفة جوهرية في الشيء :

لغلط في صفة الشيء يكون جوهريا اذا كان هو الدافع الرئيسي الى التعاقد ، وتطبيقا لذلك قضى [ان بيع الاوراق المالية الصادرة من شركة حكم ببطلانها ، يجوز ابطاله للغلط الذي وقع فيه المشترى بشان صفة جوهرية في الشيء المبيع . وقضى بأن بيع شئ على انه قديم مع انه مجرد تقليد للقديم يجوز ابطاله للغلط ، ولا يلتزم النشترى برفع دعوى الابطال في ثمانية ايام من وقت العلم بالحقيقة لأن هذا هو ميعاد رفع الدعوى في ضمان العيوب الخفية ( في التقنين المدني القديم ) .أما هنا دعوىابطال للغلط ،وقضى بأنه اذا باع شخص ارضا على انها تحد الجهة البحرية بشارع طوله خمسة امتار ويتبين بعد ذلك ان ذلك الشارع لا وجود له مما يجعل الارض محصورة من جهاتها الاربع ولا منفذ لها يؤدي الى الطريق العام فان العقد يجوز ابطاله للغلط .

ثانيا : الغلط في شخص المتعاقد :

يكون الغلط جوهريا اذا كانت شخصيته محل اعتبار ويقع عادة في عقود التبرع وقد يقع في عقود المعاوضة ويقع العقد في ذات المتعاقد ، كالغلط في شخص الموهوب له او الوكيل او المزارع او الشريف . كما يقع في صفة جوهرية من صفات المتعاقد ، كأن يهب شخص لأخر مالا معتقدا ان رابطة قرابة تربطه به ثم يتبين ان هذه الرابطة غير موجودة ، وكأن يؤجر شخص منزلا لامرأة تحترف العهارة وهو لا يعرف ذلك حتى لو لم تباشر مهنتها في المنزل.

ثالثا : الغلط في القيمة :

يكون الغلط في القيمة سببا للابطال ، اذا كان جوهريا أي دافعا الى التعاقد ، ومن امثلة الغلط في القيمة ما حكم به القضاء من انه اذا اتفق صاحب البضاعة مع ماللك السفينة على ان يكون سعر النقل اما بحساب الحجم او بحساب الوزن طبقا لما يختارة صاحب السفينة.واختار هذا الاخير ان يكون السعر بحساب الحجم ، ثم تبين بعد ذلك ان السعربهذه الحالة ثمانية أمثال السعر بحساب الوزن ، ولم يكن صاحب البضاعة يعلم ذلك بدليل انه رفض التعاقد مع صاحب سفينة اخرى على سعر يقل عن السعر المطالب به ،فان صاحب البضاعة له في هذه الحالة ابطال عقد النقل .

رابعا : الغلط في الباعث :

يجوز ابطال العقد اذا وقع الغلط في الباعث الذي دفع الى التعاقد ، فاذا اشترى شخص سيارة معتقدا ان سيارته سرقت ثم اتضح غير ذلك ، كان واقعا في غلط في الباعث يعطيه الحق في الابطال . واذا اسـتأجر شخص منزلا في مدينة معتقدا انه نقل اليها ، له ابطال عقد الايجار ، بشرط أن يكون المتعاقد الاخر في الحالتين قد اتصل بهذا الغلط .ولكن لا يكفي غلم المتعاقد الاخر بالباعث وانما يجب ان يعلم بأن من يتعاقد معه واقع في غلط ،أي يعلم بأن السيارة لم تسرق وأن الموظف لم ينقل .

خامسا: الغلط في القانون :

لا فرق بين الغلط في الواقع والغلط في القانون ، فيجوز لمن وقع في غلط في القانون أن يطلب ابطال العقد . فاذا باع شخص نصيبه في التركة معتقدا انه يرث الربع ثم تبين انه يرث النصف ، فانه يكون واقعا في غلط القانون يجيز له طلب ابطال العقد واذا وهب شخص لمطلقته مالا معتقدا أنه استردها الى عصمته ، جاهلا أن الطلاق الرجعي يصبح بائنا بانقضاء العدة يكون واقعا في غلط في القانون له ابطال الهبه .

ويجب عدم الخلط بين جواز ابطال العقد لغلط في القانون ،وقاعدة عدم جواز الاعتذار بجهل القانون .فالذي يتمسك بجهله بالقانون يريد استبعاد تطبيق القاعدة القانونية وهذا غير جائز . أما من يطلب الابطال لغلط في القانون فهو لا يطلب استبعاد تطبيق القاعدة القانونية وانما يطلب تطبيقها .


المبحث الرابع


موقف المشرع من النظريتين:

لقد نظم المشروع الغلط في المواد 121-126 وبالرجوع الى تلك المواد نجد أنه قسم الغلط الى ثلاثة انواع هي :

1-الغلط المانع :

اذا تحقق هذا الغلط فانه يؤدي الى بطلان هذا العقد ،ويكون الغلط مانعا اذا وقع في ماهية العقد ، كمن يؤجر منزلا في مقابل اجرة سنوية قدرها 1000 دينار على حين يتصور الطرف الاخر انه يبيعه المنزل في مقابل ايراد مرتب لمدى الحياة 1000 دينار كل سنة أو اذا وقع في جنس المحل كمن يبيع شيئا معينا والاخر يتصور انه يشتري شيئا اخر ، او كمن يبيع شيئا مخصصا للنفع العام ، ففي جميع هذه الحالات لا ينعقدالعقد بسبب عدم وجود تطابق بين الارادتين فالغلط في هذه الحالات لا ينعقد العقد بسبب عدم وجود تطابق بين الارادتين ، فالغلط في هذه الحالات يحول دون انعقاد العقد .

2-الغلط المعيب للرضا :

نصت المادة 123 من المشروع على (1- يكون الغلط جوهريا اذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن ابرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط

2- يعد الغلط جوهريا على الاخص :

أ – اذا وقع في صفة جوهرية في اعتقاد الغالط او يجب الاعتداد بها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن نية .

ب- اذا وقع ذات المتعاقد او في صفة من صفاته وكانت تلك الذات او هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد )يظهلر من النص انه قد اخذ من النظرية الحديثة بالغلط ، حيث اعتد بالغلط الجوهري ،وحدد النص حالتين يكون فيه الغلط جوهري وهي الغلط في صفة جوهرية في الشيء ،والغلط في ذات المتعاقد او في صفة من صفاته ، وكانت هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد .


حماية المتعاقد الآخر


اتصال المتعاقد الاخر بالغلط

من اهم المسائل التي تثيرها نظرية الغلط هي مسألة التوفيق بين مصلحة المتعاقد الواقع في الغلط ومصلحة الطرف الاخر في العقد .

فالاولى تقتضي تمكين الواقع في الغلط من التحلل من العقد وتستند الى مبدأ سلطان الارادة ،الذي يأبى الزام العقد بناء على ارادة معيبة والثانية تقتضي الابقاء على العقد وتستند الى ضرورة كفالة استقرار التعامل ، التي تأبى أن يفاجأ المتعاقد لاعتبار لدى المتعاقد معه لم يكن يدري شيئا عنه عند التعاقد .

وقد تعددت الأسس المقترحة للتوفيق بين هذه المصالح والاعتبارات المتعارضة .وقد اختار المشرع المصري صيغة مختلفة لتحقيق التوفيق المنشود ، فنص في المادة 120 من القانون المدني على انه ( اذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له ان يطلب ابطال العقد ، اذا كان المتعاقد الاخر قد وقع مثله في هذا الغلط ،او كان على علم به ، او كان من السهل عليه ان يتبينه)

ومن هنا تفرقة بين الغلط المشترك والغلط الفردي ، فالاول يؤدي دائما الى الابطال دون حاجة الى أي شرط اضافي اما الثاني فلا يؤدي الى الابطال الا اذا كان المتعاقد الاخر على علم بالغلط الذي وقع فيه المتعاقد معه أو كان من السهل عليه ان يتبينه .

وقد انتقد البعض ذلك ان الغلط المشترك هو الاخر لا يجب ان يؤدي الى ابطال العقد ، الا اذا كان الطرف الاخر في العقد يعلم ان هذا الغلط جوهري او كان يستطيع ان يتبين ذلك .

وهنا فان شرط علم المتعاقد بالغلط واستطاعته العلم به هو شرط لازم وكاف لحمايته في ان واحد وفي جميع الحالات بصرف النظر عما اذا كان الغلط فرديا او مشتركا .وبعبارة اخرى فهذا الشرط لازم في حالة الغلط المشترك لزومه في حالة الغلط الفردي

"""" حسن النية للتمسك بالبطلان :

اذا وقع المتعاقد في غلط جوهري وكان المتعاقد الاخر يعلم او يستطيع ان يعلم بوقوعه في الغلط على النحو المتقدم ثبت له الحق في التمسك بابطال العقد . وهذا الحق كغيره من الحقوق يخضع للرقابة فلا يجوز التعسف في استعماله سواء في القانون المصري او القانون اللبناني ومن ثم فقد نصت المادة 124 من القانون المدني المصري على انه ( 1- ليس لمن وقع في غلط ان يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية ،

2- ويبقي بالاخص ملزما بالعقد الذي قصد ابرامه، اذا اظهر الطرف الاخر استعداده لتنفيذ هذا العقد .)
وتطبيقا لذلك فاذا كانت المصلحة التي يبتغيها من تمسك بالبطلان للغلط مصلحة غير مشروعة ،كما لو وقع الغلط في عقد عمل بِشأن ديانة العامل او نشاطه النقابي بأن استخدام العامل على انه بدين معين ثم يتبين انه بدين اخر او على انه ليس له نشاط نقابي ثم تبين انه ممن لهم تاريخ في هذا النشاط فلا يجوز التمسك بابطال العقد حتى ولو ثبت ان الغلط جوهريا وان العامل كان يعلم بوقوع رب العمل بهذا الغلط

*وجود الرضا*



*الرضا:هو توافق إرادتين أو اكثر على إبرام العقد.
*الرضا فى العقود الجبرية:يوجب القانون على الاشخاص احياناً إبرام عقود معينة ويفرض عليها جزاء فى حالة إبرامها قد يكون توقيع عقوبة جنائية.
*وجود الارادة والتعبير عنها:نظراً لأن الإرادة أمر نفسى باطنى أما العقد فهو ظاهرة إجتماعية فإن لا تقوم بدورها فى إنشاء العقد إلا إذا كان لها مظهر حسى أو خارجى بحيث يمكن إدراك وجودها ويتحقق ذلك بالتعبير عنها.
*وجود الإرادة:
*أولاً: الإرادة فى حالة التعاقد بالنيابة:
لايشترط صدور الايجاب او القبول من الشخص الذى يعتبر متعاقداً وطرفاً فى العقد فيصح أن يصدر الإيجاب أو القبول أو كلاهما من نائب يعمل لحساب المتعاقد فالنيابة إذن"هى سلطة تثبت لشخص يسمى النائب وتخوله إبرام العقود والتصرفات القانونية عموماً باسم ولحساب شخص أخر(يسمى الأصيل)بحيث تنصرف أثار العقد المبرم إلى هذا الأصيل لا إلى النائب الذى أبرم العقد وحيث يعتبر الأصيل هو المتعاقد وهو طرف العقد",والقاعدة العامة هى أن كل عقد يجوز للشخص أن يبرمه بنفسه يجوز له أن يبرمه بواسطة نائب.وفى الحالات التى يكون الشخص فيها كامل الأهلية فإن جواز النيابة فى التعاقد يحقق فوائد علمية فهناك الكثير من الظروف والاعتبارات التى تمنع راغبى التعاقد من إبرام العقود بأنفسهم كالسفر والمرض وعدم الخبرة وما إلى ذلك ففى هذه الحالات يمكن لهم الالتجاء إلى التعاقد عن طريق نائب عنهم.
*مصادر سلطة النائب:وهنا فإن سلطة النائب فى التعاقد لحساب غيره أما من إرادة الأصيل وهذه هى النيابة الإرادية أو الإتفاقية ومثالها نيابة الوكيل عن موكله وقد يستمد النائب سلطته من القانون وهذه هى النيابة القانونية ومثالها نيابة كل من الولى على أولاده أو أحفاده القصر حيث يعتبر كل من الأب والجد والصحيح وليا بنص القانون دون الحاجة إلى اللجوء إلى المحكمة لتعيينه ولياً وقد يفوض القانون تحديد شخص النائب إلى القضاء كما هو الحال بشأن الوصى أو القيم حيث تكتفى القوانين عادة بتحديد الشروط الواجب توافرها فى الأوصياء وتكل إلى المحاكم مهمة تعيين الوصى أو القيم بالنسبة إلى كل من لم تكتمل أهليته ويصح تسمية هذه الصورة بالنيابة القضائية على اساس أن القضاء هو الذى يعين النائب وإن كان القانون هو الذى يحدد مدى سلطته.
1)شروط تحقق النيابة:
أولاً:تدخل إرادة النائب:
إذا كان الرضاء يتكون عموما من ارادتين فإن إرادة النائب هى التى تدخل فى تكوين هذا الرضاء فالنائب وان لم يتعاقد لحسابه الخاص إلا أنه يتعاقد بإرادته هو فهو لايستعير إرادة الأصيل وهذا مايميز النائب عن مجرد الرسول الذى يقتصر دوره فى التعاقد على مجرد نقل التعبير عن إرادة أحد المتعاقدين إلى المتعاقد الأخر دون أن تتدخل إرادته الذاتية فى إبرام العقد.
ويترتب على كون النائب يتعاقد بإرادته هو لا بإرادة الأصيل عدة نتائج هى:
1)أن يكون النائب مميزاً على الأقل حتى تكون لدية ارادة يعتد بها القانون واذا كانت النيابة قانونية فإن القانون يشترط فى النائب أن يكون بالغا سن الرشد فلايكتفى فيه أن يكون مميزا.
2)وجوب أن تكون إرادة النائب سليمة خالية من العيوب لأن العقد ينعقد بهذه الإرادة فإذا شابها عيب كان العقد قابلا للإبطال.
وعلى ذلك إذا وقع النائب فى غلط أو كان ضحية تدليس أو أكراه على التعاقد فإن العقد الذى يبرمه لحساب الأصيل يكون قابلا للإبطال ولو كان الأصيل نفسه لم يقع فى أى غلط أو تدليس ولم يكن مكرها,وبالعكس مما تقدم إذا كانت إرادة النائب سليمة خالية من العيوب فإن العقد الذى يبرمه يكون صحيحياً.وكذلك إذا كان القانون يرتب إثراً أو أثاراً على علم المتعاقد ببعض الظرف الخاصة أو على إفتراض العلم بها حتماً فيجب البحث عن توافر هذا العلم لدى النائب لا لدى الأصيل .ومثال ذلك أن يرتب القانون أثراً معيناً على حسن النية أو على سوئها فينظر إلى شخص النائب لمعرفة ما إذا كان حسن النية أو سيئها ولاينظر إلى شخص الأصيل.
*واستثناء من القاعدة المتقدمة التى توجب النظر إلى شخص النائب لا شخص الأصيل فإنه إذا كان النائب وكيلا أى شخصا يستمد نيابته من عقد وكاله وكان يتصرف وفقاً لتعليمات صدرت له من موكله فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب لظروف كان يعلمها هو أو كان من المفروض حتماً أن يعلمها ومعنى ذلك أنه يعتد فى هذه الحالة بشخص الأصيل فضلاً عن الإعتداد بشخص النائب ذلك أن تصرف النائب وفقاً لتعليمات الأصيل تفيد فى الحقيقة أن إرادة كل منهما قد تدخلت فى إبرام العقد.
*ولكن لدى من يشترط توافر أهلية إبرام العقد؟يجب أن نفرق هنا بين النيابة ألإتفاقية والنيابة القانونية وذلك كما يلى:
1)إذا كانت النيابة اتفاقية كنيابة الوكيل عن موكله فيشترط أن تتوافر لدى الموكل أهلية إبرام العقد ذلك أن أثار العقد من حقوق والتزامات تضاف إليه هو ولاتضاف إلى الوكيل الذى يكفى فيه أن يكون مميزاً حتى تكون له إرادة ,فإذا لم تتوافر لدى الموكل وقت ابرام الوكيل للعقد أهلية إبرام هذا العقد فإن العقد يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً أو قابلاً للإبطال بحسب ماإذا كان الموكل عديم الأهلية أو ناقصها.
2)أما إذا كانت النيابة قانونية كنيابة الوصى والقيم فلايشترط توافر الأهلية لدى الأصيل إذ الفرض فيه انه غير كامل الأهلية وإلا ما احتاج إلى نائب قانونى يمثله فى إبرام التصرفات القانونية.
ثانياً:إبرام العقد لحساب الأصيل:
وهنا لكى يعتبر العقد مبرماً بطريق النيابة لابد أن تكون إرادة كل من النائب والمتعاقد معه قد اتجهت إلى إضافة آثار العقد الذى يبرمانة مباشرة إلى الأصيل دون أن تمر بذمة النائب .ويتحقق ذلك إذا كان النائب قد ابرم العقد باسم الاصيل اى صرح وقت التعاقد بأنه لايتعاقد لحسابه الخاص بل لحساب شخص اخر(الأصيل)سواء عين شخص هذا الاصيل وقت التعاقد أو احتفظ لنفسه بالحق فى تعيينه مستقبلاً .كذلك يعتبر العقد مبرماً لحساب الاصيل ولو لم يصرح النائب وقت التعاقد بنيابته إذا كان المتعاقد معه يعلم وقت ابرام العقد بأن من يتعاقد معه لايتعاقد لحسابة الخاص بل لحساب غيره بقصد إضافة أثار العقد مباشرة إلى الغير.
*واستثناءً مما تقدم تضاف أثار العقد الذى يبرمه النائب مباشرة إلى الأصيل رغم أن النائب لم يعلن وقت إبرام العقد أنه يتعاقد بصفته نائباً ورغم أن المتعاقد معه لم يكن عالماً بصفته كنائب وذلك فى حالتين هما:
أ)إذا كان من المفروض حتماً أن من تعاقد مع النائب يعلم بوجود النيابة.
ب)إذا كان يستوى عند التعاقد مع النائب أن يتعامل مع الأصيل أو النائب ويتحقق هذا الفرض إذا قام النائب بشراء شئ من محل تجارى وقام بالوفاء بثمن ما إشتراه نقدا ذلك أن صاحب المحل التجارى لايهمه شخص المشترى مادام يفى بالثمن فورا وبالتالى يستوى لديه أن يكون من اشترى منه اشترى لنفسة او لحساب غيره باعتباره نائبا عن هذا الفرد تنصرف اثار العقد إلى الأصيل.

النيابة في التعاقد





الأصل أن يتم التعاقد برضاء الأطراف المتعاقدة مباشرة، على أنه كثيرا: ما يبرم عقد في حق شخص معين بواسطة آخر ينوب عنه في ذلك ( التعاقد بالنيابة) وذلك إما باختيار من المعني بالأمر(نيابة اتفاقية). أو بحكم القانون (نيابة قانونية). التشريع الإسلامي يولي اهتماما كبيرا لمسألة التعاقد بالنيابة. المشرع التونسي مثل المشرع الفرنسي يفتقر إلى نظرية عامة في هذا المجال ولكن هناك نصوص متفرقة أهمها الفصول من 1104 إلى 1171 م إ ع المتعلقة بالوكالة.  تعريف النيابة: النيابة في التعاقد هي أن يبرم شخص أول ( النائب ) لحساب وباسم شخص ثاني (الأصيل) عقدا لمنفعة شخص ثالث ( المتعاقد ) تنصرف أثاره إلى الأصيل بعلم المعاقد أو هي بوجه أدق "نظام قانوني مؤداه أن تحل إرادة شخص معين يسمى النائب محل شخص أخر هو الأصيل في إنشاء تصرف قانوني تنصرف آثاره إلى الأصيل لا إلى النائب" ... ومبدئيا كل التصرفات القانونية يمكن إنشائها بالنيابة ما عدا حالات نادرة أبرزها أداء اليمين.  مقومات التعاقد بالنيابة : تقوم النيابة على أساسين: العلانية وحلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل عند إنشاء التصرف في حين تحدث الالتزامات في ذمة الأصيل مباشرة.
1- تصرف النائب باسم الأصيل ولحسابه علانية : إذا أخفي النائب صفته هذه عند التعاقد فإن أثار العقد تنصرف إليه شخصيا دون الأصيل طبق الفصل 1148 م إ ع: "حقوق العقد الذي يضيفه الوكيل إلى نفسه ترجع إليه وهو المطلوب مباشرة لمن عاقده ".
إذا صرح النائب بصفته تلك إلى معاقده فإن أثار العقد تنصرف إلى الأصيل لا إليه شخصيا طبق الفصل 1149 م إ ع : " إذا أضاف الوكيل العقد إلى موكله فإن أثار العقد ترجع على الموكل دون الوكيل "... وبالتالي فإن التعاقد بالنيابة يقتضي العلانية وعلم المتعاقد الأخر بحقيقة النائب... وهو ما يثبت بإعلان صريح أو أن يثبت من الظروف والأحوال ان المتعاقد كان على بينة من واقع الأمر .


أما إذا تم التعاقد مع إخفاء النائب لصفته عن المتعاقد معه أو بالتصريح بها دون الإعلان عن اسم الأصيل فإن هذه تعد وكالة فإن كانت مصحوبة بإنابة فهي نوع من أنواع النيابة . أما الوكالة غير مصحوبة بإنابة فهي متواجد بكثرة في القانون التجاري مثل عقد وساطة العملاء(وهو توكيل تاجر على ان يتعاقد مع الغير باسمه الخاص لكن لحساب موكله) والاسم المستعار(التعاقد بموجب توكيل دون الكشف عن وجود الوكالة).

2 - إحلال إرادة النائب محل إرادة الأصيل :

يتكون العقد في حالة النيابة بتلاقي إرادة النائب من جهة وإرادة المعاقد الأخر من جهة أخرى ولكن العقد يرتب آثاره في ذمة الأصيل... فأساس النيابة هو حلول إرادة النائب محل الأصيل مع ان آثار العقد تقع على ذمة الأصيل فقط. فإحلال إرادة النائب محل إرادة الأصيل يعني أن إبرام العقد لا يعبر عن إرادة الأصيل بل عن إرادة النائب وهو بالتالي حالة من حالات التعاقد بين الحاضرين وليس تعاقدا بواسطة رسول (أي ليس تعاقدا بين غائبين)... ويترتب عما سبق: - فيما يتعلق بالأهلية  فهي مشترطة في الأصيل فقط لا في النائب الذي يكفي أن يكون مميزا عاقلا قادرا عن التعبير عن إرادة فقط عملا بالقاعدة القائلة بأنه لا تشترط الأهلية إلا لمن تنصرف إليه أثار الالتزام سلبا أو إيجابا فصل3 م إ ع وقد نص المشرع صراحة على هذه القاعدة في حالة الوكالة الفصل1105 م إ ع. الاستثناء : حالات النيابة القانونية التي غالبا ما تقرر لحفظ مصالح عديمي الأهلية مما لا يعقل معه أن تعهد تلك المصالح إلا إلى راشد. - فيما يتعلق بعيوب الرضي : تقدير عيوب الرضي المبطلة للعقد المبرم بطريقة النيابة يتم بالنظر إلى سلامة إرادة النائب لا إلى إرادة الأصيل. وكذلك الأمر بالنسبة لحسن النية أو سوئها أو ظروف التعاقد بصفة عامة.  سلطة النائب : لا يمكن للنائب أن يتصرف باسم الأصيل إلى في حدود السلطة المخولة له وحسب مصدر نيابته وإلا فإنه يتحمل تبعات تصرفه دون سلطة أو بأكثر مما هو ممنوح له.

1- مصادر النيابة :...

الاتفاق أو القانون. فصل 37 م إ ع :"ليس لأحد إلزام غيره أو قبول الالتزام له إن لم يكن مأذونا في النيابة عنه بتوكيل منه أو بولاية حكمية ". النيابة الاتفاقية:


هي التي يستمد فيها النائب سلطته في التعاقد من إرادة الأصيل بموجب عقد الوكالة الذي يبين حدود الوكالة ( الفصول 1104 إلى 1171 م إ ع ). النيابة القانونية:


وهي التي يستمد فيها النائب سلطته في التعاقد باسم الأصيل ولحسابه من القانون أو من القضاء... مثل ولاية الأب على أبناءه
2- تجاوز النائب لحدود سلطته :

من حيث الموضوع أو الأشخاص: تجاوز حدود النيابة من حيث الموضوع:


يجب أن يتصرف النائب في حدود السلطة المخولة له بموجب الاتفاق أو القانون بحسب الحالات. الإشكال: إذا خرج النائب عن هذه الحدود ؟ مبدئيا: تصرفه لا يلزم الأصيل. إشكال آخر: الإضرار بمصالح الطرف الآخر.محاولة للتوفيق بين مصالح الأصيل ومصالح المعاقد. مصالح الأصيل: الفصلان1131و1132م إ ع: _ تحديد التزامات الوكيل بنسبة معتبرة إذا كانت الولاية حكمية : حق قاصر أو مولي عليه أو ذات معنوية أو كان الوكيل مأجورا . مصالح المتعاقد: فصل 1155م إ ع :" الموكل يبقي ملزما بتصرفات الوكيل الخارجة عن سلطته: _ إذا اطلع عليها وأمضاها ولو بغير تصريح. _ إذا انتفع بها. _ إذا خالف الوكيل أمر موكله بما هو أحسن . _ إذا خالف الوكيل شرط موكله بالزيادة في التكاليف وكان الفرق يسيرا ..." فصل 1163 م إ ع : " عزل الوكيل عن الوكالة أو بعضها لا يكون حجة على من عاقد جاهلا للعزل ". = تكريس للنظرية الفرنسية للوكالة الظاهرة. تراعى مصالح المتعاقد عن حسن نية وتسعى إلى إنقاذ أكبر عدد ممكن من العقود. تجاوز حدود النيابة من حيث الأشخاص: مسألة تعاقد النائب مع نفسه:


هناك صورتين: ° يتصرف شخص بصفته نائبا عن الغير وفي حق نفسه في ذات الوقت... فهو طرف في العقد ونائب للطرف الثاني. ° يتصرف النائب في النيابة في حق غيره باعتباره نائبا عن غيره... فهو نائب عن طرفي العقد في ذات الوقت. هل يجوز مثل هذا التصرف ؟ وهل يعتبر النائب متجاوزا لحدود نيابته ؟ في القانون مقارن : _ فرنسا : يجوز . للنائب أن يعبر عن إرادتين مختلفتين مع ضرورة التنبيه عن مخاطرها. _ سويسرا وألمانيا: يمنع فيهما التعاقد مع النفس بدون ترخيص من الأصيل إلا إذا اندرجت العملية في إطار الوفاء بالتزام سابق ( القانون الألماني). أو إذا ثبت أنه لا يخشى من إتمامها أي خطر مضر بالأصيل(بالنسبة للقانون السويسري). _ أما القانون التونسي : فقد نص صراحة على منع التعاقد مع النفس... الفصل 549 م ا ع: "من كان له التصرف بالنيـابـة عن غيره كالمقدم والمدير ليس له أن يعقد لنفسه ولو بواسطة"... + نصوص خاصة تقر ذات القاعدة. 3- النيابة دون سلطة: في هذه الحالة لا تنصرف آثار العقد إلى الأصيل إلا إذا صادق عليه لا حقا وعندها يعتبر التصديق وكالة لاحقة... حسب الفصلين 40 و41 م ا ع.  آثار النيابة بالنسبة لعلاقة الغير المعاقد بالنائب: لا يكون النائب ملتزما بشيء. بالنسبة لعلاقة الغير المعاقد بالأصيل: تتولد آثار التصرف في ذمة الاصيل فيكون دائنا أو مدينا. بالنسبة لعلاقة الأصيل بالنائب: فهي تخضع للاتفاق أو للقانون حسب نوع النيابة.

النيابة في التعاقد




تعريف النيابة
o حلول إرادة شخص (النائب) محل إرادة شخص آخر (الأصيل) في مباشرة التصرفات القانونية و لحسابه بحيث تنصرف آثار التصرف القانوني إلى الأصيل.


دواعي الحاجة الى النيابة
• عدم الالمام بمقتضيات التصرف القانوني
• إدارة الأعمال المالية و التجارية
• إدارة اعمال الأشخاص الاعتبارية
• إفلاس المؤسسة / المنشأة
• حماية الأشخاص الذين لا يتمكنون من رعاية مصالحهم بأنفسهم

مشروعية النيابة
• الأصل  إباحة النيابة
• الاستثناء  منع النيابة: الأعمال الشخصية / طبيعة التصرف (حلف اليمين)











أنواع النيابة (بالنسبة إلى مصدرها)
• نيابة اتفاقية أو ارادية (مصدرها الاتفاق convention): عقد بين النائب و الأصيل.
• نيابة قانونية (مصدرها القانون la loi): ينظمها القانون: يقرر النيابة / يعين النائب / يحدد سلطته..
• نيابة قضائية (مصدرها القاضي le juge): القاضي يعين النائب فقط.


شروط النيابة
1. حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في إبرام العقد.
2. أن يتعاقد النائب باسم الأصيل و لحسابه.
3. ألا يتجاوز النائب حدود النيابة.


الشرط الأول: حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في إبرام العقد (م. 56 مدني كويتي):
• القاعدة: الإرادة موضوع الاعتبار هي إرادة النائب، فالنائب يعبر عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل ، و لكن آثار التصرف تنتقل إلى الأصيل.
o النتائج: يعتد بإرادة النائب لا الأصيل في:
 حسن النية / سوء النية
 أثر العلم / الجهل ببعض الظروف الخاصة (عيوب السلعة)
 سلامة الإرادة من العيوب
 عيوب الرضا (غلط / إكراه / تدليس / استغلال / غبن)
 الاهلية:
a. النيابة الاتفاقية: لا يشترط كون النائب حائزاً لأهلية ابرام العقد بل يكتفي بكون النائب مميزاً .
b. النيابة القانونية: يشترط كون النائب حائزاً لأهلية كاملة لابرام العقد (لكون الاصيل غالباً قاصراً / عديم الاهلية) .

• الاستثناء: في النيابة الاتفاقية إذا تلقى النائب تعليماتٍ محددةٍ من الأصيل، ففي هذه الحدود يجب الاعتداد بإرادة الأصيل بالنسبة إلى عيوب الرضا + العلم بظروف معينة.
• التمييز بين:
o النائب  طبيعة التصرف: قانوني / الاهلية مطلوبة.
o الرسول  مكلف بمجرد نقل ارادة المرسل. طبيعة التصرف: مادي / الاهلية غير مطلوبة.







الشرط الثاني: ان يبرم النائب العقد باسم الاصيل لا باسمه هو (م. 58 مدني كويتي – و هي مجرد تطبيق للمادة 38/2):

• القاعدة  ضرورة ان يصرح النائب للمتعاقد معه كونه يبرم العقد لحساب شخص آخر، و لو لم يذكر اسمه.

• الاستثناء  لو لم يصرح النائب للمتعاقد معه بكونه يبرم العقد لحساب شخص آخر، بحيث استخدم اسماً مستعاراً (prêt-nom)، فان آثار العقد تنصرف الى النائب لا الاصيل، الا اذا كان المتعاقد معه:

يعلم بصفة النائب واقعياً
المفروض فيه ان يعلم بصفة النائب
سواء لديه ان يتعاقد مع النائب أو الاصيل

• آثار تجاوز النائب لحدود النيابة:
1) حالة إقرار الأصيل له بشكل صريح / ضمني (بشرط كون الأصيل أهلاً لذلك)  ينفذ العقد فتنصرف آثاره إلي الأصيل بأثر رجعي، من وقت إبرام التصرف بين النائب و المتعاقد معه (و ليس من وقت الإقرار، إذا هو عقد موقوف).

صياغة العقود التجارية


تعريف الصياغة

الصياغة لغة : اسم مصدر من الـ ( صَوْغْ ) بمعنى التهيئة والتقدير ، ومنه ( الصَائِغ ) الذي يَصُوْغُ الحلي ، كما يُقال : هذا ( صَوْغُ ) هذا ، أي على هيئته.

وكما يُستعمل الـ( صوغ ) في المحسوسات يُستعمل في المعاني فيقال : صيغة القول أي هيئته وصورته .

وقد عُرفَت الصيغة في الاصطلاح بما يلي:

1 ــ ( ترتيب الكلام على نحو معين صالح لترتب الآثار المقصودة منه) .

2 ــ ( الألفاظ والعبارات التي تُعرب عن إرادة المتكلم ونوع تصرفه ).



تعريف العقد :

العقد في اللغة :

يطلق العقد في اللغة على الجمع بين أطراف الشيء وربطها، وضده الحل، ويطلق أيضاً بمعنى إحكام الشيء وتقويته. ومن معنى الربط الحسي بين طرفي الحبل أخذت الكلمة للربط المعنوي للكلام أو بين الكلامين، ومن معنى الإحكام والتقوية الحسيّة للشيء أُخذت اللفظة وأُريد بها العهد، ولذا صار العقد بمعنى العهد الموثّق، والضمان، وكل ما يُنشئ التزاما.

وعلى ذلك يكون عقداً في اللغة، كل ما يفيد الالتزام بشيء عملاً كان أو تركاً، من جانبٍ واحد أو من جانبين، لما في كل أولئك من معنى الربط والتوثيق.



ثانيا : العقد عند فقهاء الشريعه :

من الفقهاء من توسع فى إطلاق لفظ العقد كل إلتزام لا يخلو من عهد والعهد يطلق على العقد .
ومن ضيق فيه وقصره على أنه لا يكون إلا بين تصرفين صادرين من شخصين يرتبط كل منهما بالاخر .

أما المعنى الذي اصطلح عليه الفقهاء لكلمة العقد فانه لا يبعد عن المعنى

اللغوي له، بل هو حصرُ له وتخصيص لما فيه من العموم، وللعقد معنيين عندهم،

ويطلق بإطلاقين: فمن عباراتهم ما يفيد أن العقد هو ربط بين كلامين ينشأ عنه حكم شرعي بالتزام لأحد الطرفين أو لكليهما.

ولذا فإن أكثر الفقهاء لا يطلقون اسم العقد على الطلاق، والإبراء، والإعتاق وغيرها مما يتم بكلام طرفٍ واحدٍ من غير كلام الطرف الثاني. في حين يطلقون اسم العقد على البيع، والهبة، والزواج، والإجارة وغيرها مما لا يتم إلاّ بربط كلامين من طرفين.

وبجوار هذا فإن هناك من الكتاب في الفقه من يعممون، فيطلقون كلمة العقد على كل تصرف شرعي، سواء أكان ينعقد بكلام طرفٍ واحد أم لا ينعقد إلاّ بكلام طرفين.

وفي الجملة أن كتب الفقه تذكر كلمة العقد، وتريد بها أحياناً المعنى العام،

وهو المرادف للتصرف، وتذكرها أحياناً وتريد بها المعنى الخاص، وهو ما لا يتم إلاّ من ربط كلامين يترتب عليه أثرُ شرعي. وهذا هو المعنى الشائع المشهور حتى يكاد ينفرد هو بالاصطلاح، وهو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن إذا أطلقت كلمة العقد. أما المعنى الثاني فلا تدل عليه كلمة العقد، إلاّ بتنبيه يدل على التعميم.



مقارنه بين تعريف الفقهاء ورجال القانون :
كل منهما يخص العقد بما يتم بإرادتين أما ما يتم بإرادة منفردة فليس بعقد عندهم .
تعريف الفقهاء قد يكون أحكام منطقيا , وادق تصورا من تعريف رجال القانون .
للأمور الاتية :
1- أن العقد فى نظر الفقهاء ليس هو اتفاق الارادتين نفسه بل الارتباط الذى يعتبره الشارع حاملا بهذا الاتفاق .
أما التعريف الفقهى فأنه يعرفه بحسب واقعته الشرعيه , وهى الارتباط الاعتبارى .
2- أن تعريف العقد عند الفقهاء قد أمتاز ببيان الاجزاء التى يتركب منها فى نظر التشريع , وهى الايجاب والقبول , .
أما تعريف العقد عند رجال القانون فقد اغفل هذا البيان .
موازنة بين التعريفين الفقهي والقانوني:
فالعقد في نظر فقهائنا ليس هو اتفاق الارادتين نفسه، بل الارتباط الذي يعتبره الشارع حاصلاً بهذا الاتفاق، إذ قد يحصل الاتفاق بين الارادتين دون أن تتحقق الشرائط المطلوبة شرعاً للانعقاد، فلا يعتبر إذ ذاك انعقاد رغم اتفاق الارادتين، وهي حالة بطلان العقد في نظر الشرع والقانون.
فالتعريف القانوني يشمل العقد الباطل الذي يعتبره التشريع لغواً من الكلام لا ارتباط فيه ولا ينتج نتيجة. ذلك لأن هذا التعريف القانوني إنما يعرف العقد بواقعته المادية، وهي اتفاق الارادتين. أما التعريف الفقهي فيعرفه بحسب واقعته الشرعية، وهي الارتباط الاعتباري. وهذا هو الأصح، لأن العقد لا قيمة فيه للوقائع المادية لولا الاعتبار الشرعي الذي عليه المعول في النظر الحقوقي.
وهذا التعريف الفقهي أيضاً قد امتاز في تصوير الحقيقة العقدية ببيان الأداة العنصرية المكونة للعقد. أي الأجزاء التي يتركب منها في نظر التشريع، وهي الايجاب والقبول، فاتفاق الارادتين في ذاته لا يعرف وجوده، وإنما الذي يكشف عنه هو الايجاب والقبول اللذان يعتبران عناصر العقد الظاهرة بما فيها من إعراب هن تحرك كل من الارادتين نحو الأخرى وتلاقيهما وفاقاً فهذا التحرك والتلاقي هو المعول عليه في معنى الانعقاد، إذ قد تكون إرادتان متفقتين على التعاقد، ولا تتحرك إحداهما نحو الأخرى فلا يكون عقد، كما في حالة الوعد ببيع أو برهن أو بقرض مثلاً. فالتعريف القانوني يشمل الوعد أيضاً لوجود اتفاق الارادتين فيه مع أنه ليس بعقد.
فالتعريف القانوني غير مانع. فلذا قلنا ان تعريف فقهائنا للعقد أدق تصوراً وأحكم منطقاً، وإن كان التعريف القانوني أوضح تصويراً وأسهل فهماً في طريق التعليم.

أركان العقد



الأركان جمع ركن وهو جانب الشيء القوي الذي يتوقف عليه وجوده بكونه جزء ماهيته، كتكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة والصيغة بالنسبة للعقد.



فركن الشيء جزؤه الذي يتركب منه ويتحقق به وجوده في الوجود، بحيث إذا انتفى لم يكن له وجود.



وأركان العقد هي: التراضي، المحل، السبب.



أولاً: التراضي :

التراضي هو تطابق إرادتين. والمقصود بالإرادة، هنا، هي الإرادة التي تتجه إلى

إحداث أثر قانوني معين، هو إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه.

والتراضي، كذلك، هو توافق الإرادتين على إحداث أثر قانوني معين. ويُعَدّ

التراضي ركن العقد الأساسي. فإذا فُقِدَ، لم ينعقد العقد.

وسائل التعبير عن الإرادة :

الإرادة أمر كامن في النفس لا يمكن أن تحدث أثراً قانونياً

معيناً، إلا إذا ظهرت إلى الخارج، أي إلا إذا أفصح صاحبها عنها.

والتعبير عن الإرادة، يكون باللفظ، وبالكتابة، وبالإشارة المتداولة عرفاً.

كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود،

أي يكون التعبير عن الإرادة مطابقاً لحقيقة ما قصدت إليه. ويجوز أن يكون

التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون، أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.

ويعتبر من قبيل القبول الضمني قيام الوكيل بتنفيذ الوكالة، إذ يدل هذا على

قبوله لها.

وهناك فرق كبير بين السكوت والتعبير الضمني. فالتعبير الضمني، يفترض أن الشخص

قد سلك مسلكاً معيّناً، يمكن أن يقطع في الدلالة على إرادته. أما السكوت، فهو

أمر سلبي، لا يقترن بأي مسلك أو موقف، فضلاً عن أنه غير مصحوب بلفظ أو كتابة

أو إشارة.

والسكوت لا يمكن أن يُعدّ طريقاً للتعبير عن الإيجاب. ذلك أن الإيجاب عرض،

والعرض لا يمكن أن يستفاد إلا بفعل إيجابي، أي بفعل إيجابي محدد موجّه إلى

الغير.

أمّا فيما يتعلق بالقبول، فالقاعدة، كذلك، أن القبول لا يمكن أن يستفاد من

مجرد السكوت، إذ لا ينسب إلى ساكت قول. وكقاعدة عامة من غير المتصور أن يكون

السكوت تعبيراً عن الإرادة والتي هي عمل إيجابي، في حين لا يتضمن السكوت

إيجاباً لأنه عدم، والعدم لا ينبئ بشيء وهو كذلك لا يتضمن قبولاً. إلا أنه

إذا كان مجرد السكوت لا يُعدّ قبولاً، فإن هناك حالات استثنائية، يمكن أن

يكون السكوت فيها دليلاً على القبول، وهي حالات يقترن فيها بالسكوت ظروف

وملابسات، ويسمى السكوت الملابس. ومثال ذلك: مثل ما جرت عليه عادة

المصارف من إرسال بيان إلى عملائها بالحساب الجاري، فإن عدم اعتراض العميل

على هذا البيان، في وقت مناسب، يُعدّ اعتماداً له.

إذا كان الإيجاب يسفر عن منفعة خالصة للموجّه إليه، فإن سكوت من وُجّه إليه

البيان يُعدّ قبولاً.

مثال ذلك، أن يَعِد شخص آخر بأن يبيع له ما له، بمبلغ معين، إذا أظهر رغبته

في ذلك، في ظرف مدة محددة. فيسكت هذا الأخير، فيكون سكوت الموعود قبولاً.

صياغة العقود التجارية


تعريف الصياغة

الصياغة لغة : اسم مصدر من الـ ( صَوْغْ ) بمعنى التهيئة والتقدير ، ومنه ( الصَائِغ ) الذي يَصُوْغُ الحلي ، كما يُقال : هذا ( صَوْغُ ) هذا ، أي على هيئته.

وكما يُستعمل الـ( صوغ ) في المحسوسات يُستعمل في المعاني فيقال : صيغة القول أي هيئته وصورته .

وقد عُرفَت الصيغة في الاصطلاح بما يلي:

1 ــ ( ترتيب الكلام على نحو معين صالح لترتب الآثار المقصودة منه) .

2 ــ ( الألفاظ والعبارات التي تُعرب عن إرادة المتكلم ونوع تصرفه ).



تعريف العقد :

العقد في اللغة :

يطلق العقد في اللغة على الجمع بين أطراف الشيء وربطها، وضده الحل، ويطلق أيضاً بمعنى إحكام الشيء وتقويته. ومن معنى الربط الحسي بين طرفي الحبل أخذت الكلمة للربط المعنوي للكلام أو بين الكلامين، ومن معنى الإحكام والتقوية الحسيّة للشيء أُخذت اللفظة وأُريد بها العهد، ولذا صار العقد بمعنى العهد الموثّق، والضمان، وكل ما يُنشئ التزاما.

وعلى ذلك يكون عقداً في اللغة، كل ما يفيد الالتزام بشيء عملاً كان أو تركاً، من جانبٍ واحد أو من جانبين، لما في كل أولئك من معنى الربط والتوثيق.



ثانيا : العقد عند فقهاء الشريعه :

من الفقهاء من توسع فى إطلاق لفظ العقد كل إلتزام لا يخلو من عهد والعهد يطلق على العقد .
ومن ضيق فيه وقصره على أنه لا يكون إلا بين تصرفين صادرين من شخصين يرتبط كل منهما بالاخر .

أما المعنى الذي اصطلح عليه الفقهاء لكلمة العقد فانه لا يبعد عن المعنى

اللغوي له، بل هو حصرُ له وتخصيص لما فيه من العموم، وللعقد معنيين عندهم،

ويطلق بإطلاقين: فمن عباراتهم ما يفيد أن العقد هو ربط بين كلامين ينشأ عنه حكم شرعي بالتزام لأحد الطرفين أو لكليهما.

ولذا فإن أكثر الفقهاء لا يطلقون اسم العقد على الطلاق، والإبراء، والإعتاق وغيرها مما يتم بكلام طرفٍ واحدٍ من غير كلام الطرف الثاني. في حين يطلقون اسم العقد على البيع، والهبة، والزواج، والإجارة وغيرها مما لا يتم إلاّ بربط كلامين من طرفين.

وبجوار هذا فإن هناك من الكتاب في الفقه من يعممون، فيطلقون كلمة العقد على كل تصرف شرعي، سواء أكان ينعقد بكلام طرفٍ واحد أم لا ينعقد إلاّ بكلام طرفين.

وفي الجملة أن كتب الفقه تذكر كلمة العقد، وتريد بها أحياناً المعنى العام،

وهو المرادف للتصرف، وتذكرها أحياناً وتريد بها المعنى الخاص، وهو ما لا يتم إلاّ من ربط كلامين يترتب عليه أثرُ شرعي. وهذا هو المعنى الشائع المشهور حتى يكاد ينفرد هو بالاصطلاح، وهو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن إذا أطلقت كلمة العقد. أما المعنى الثاني فلا تدل عليه كلمة العقد، إلاّ بتنبيه يدل على التعميم.



مقارنه بين تعريف الفقهاء ورجال القانون :
كل منهما يخص العقد بما يتم بإرادتين أما ما يتم بإرادة منفردة فليس بعقد عندهم .
تعريف الفقهاء قد يكون أحكام منطقيا , وادق تصورا من تعريف رجال القانون .
للأمور الاتية :
1- أن العقد فى نظر الفقهاء ليس هو اتفاق الارادتين نفسه بل الارتباط الذى يعتبره الشارع حاملا بهذا الاتفاق .
أما التعريف الفقهى فأنه يعرفه بحسب واقعته الشرعيه , وهى الارتباط الاعتبارى .
2- أن تعريف العقد عند الفقهاء قد أمتاز ببيان الاجزاء التى يتركب منها فى نظر التشريع , وهى الايجاب والقبول , .
أما تعريف العقد عند رجال القانون فقد اغفل هذا البيان .
موازنة بين التعريفين الفقهي والقانوني:
فالعقد في نظر فقهائنا ليس هو اتفاق الارادتين نفسه، بل الارتباط الذي يعتبره الشارع حاصلاً بهذا الاتفاق، إذ قد يحصل الاتفاق بين الارادتين دون أن تتحقق الشرائط المطلوبة شرعاً للانعقاد، فلا يعتبر إذ ذاك انعقاد رغم اتفاق الارادتين، وهي حالة بطلان العقد في نظر الشرع والقانون.
فالتعريف القانوني يشمل العقد الباطل الذي يعتبره التشريع لغواً من الكلام لا ارتباط فيه ولا ينتج نتيجة. ذلك لأن هذا التعريف القانوني إنما يعرف العقد بواقعته المادية، وهي اتفاق الارادتين. أما التعريف الفقهي فيعرفه بحسب واقعته الشرعية، وهي الارتباط الاعتباري. وهذا هو الأصح، لأن العقد لا قيمة فيه للوقائع المادية لولا الاعتبار الشرعي الذي عليه المعول في النظر الحقوقي.
وهذا التعريف الفقهي أيضاً قد امتاز في تصوير الحقيقة العقدية ببيان الأداة العنصرية المكونة للعقد. أي الأجزاء التي يتركب منها في نظر التشريع، وهي الايجاب والقبول، فاتفاق الارادتين في ذاته لا يعرف وجوده، وإنما الذي يكشف عنه هو الايجاب والقبول اللذان يعتبران عناصر العقد الظاهرة بما فيها من إعراب هن تحرك كل من الارادتين نحو الأخرى وتلاقيهما وفاقاً فهذا التحرك والتلاقي هو المعول عليه في معنى الانعقاد، إذ قد تكون إرادتان متفقتين على التعاقد، ولا تتحرك إحداهما نحو الأخرى فلا يكون عقد، كما في حالة الوعد ببيع أو برهن أو بقرض مثلاً. فالتعريف القانوني يشمل الوعد أيضاً لوجود اتفاق الارادتين فيه مع أنه ليس بعقد.
فالتعريف القانوني غير مانع. فلذا قلنا ان تعريف فقهائنا للعقد أدق تصوراً وأحكم منطقاً، وإن كان التعريف القانوني أوضح تصويراً وأسهل فهماً في طريق التعليم.

أركان العقد



الأركان جمع ركن وهو جانب الشيء القوي الذي يتوقف عليه وجوده بكونه جزء ماهيته، كتكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة والصيغة بالنسبة للعقد.



فركن الشيء جزؤه الذي يتركب منه ويتحقق به وجوده في الوجود، بحيث إذا انتفى لم يكن له وجود.



وأركان العقد هي: التراضي، المحل، السبب.



أولاً: التراضي :

التراضي هو تطابق إرادتين. والمقصود بالإرادة، هنا، هي الإرادة التي تتجه إلى

إحداث أثر قانوني معين، هو إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه.

والتراضي، كذلك، هو توافق الإرادتين على إحداث أثر قانوني معين. ويُعَدّ

التراضي ركن العقد الأساسي. فإذا فُقِدَ، لم ينعقد العقد.

وسائل التعبير عن الإرادة :

الإرادة أمر كامن في النفس لا يمكن أن تحدث أثراً قانونياً

معيناً، إلا إذا ظهرت إلى الخارج، أي إلا إذا أفصح صاحبها عنها.

والتعبير عن الإرادة، يكون باللفظ، وبالكتابة، وبالإشارة المتداولة عرفاً.

كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود،

أي يكون التعبير عن الإرادة مطابقاً لحقيقة ما قصدت إليه. ويجوز أن يكون

التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون، أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.

ويعتبر من قبيل القبول الضمني قيام الوكيل بتنفيذ الوكالة، إذ يدل هذا على

قبوله لها.

وهناك فرق كبير بين السكوت والتعبير الضمني. فالتعبير الضمني، يفترض أن الشخص

قد سلك مسلكاً معيّناً، يمكن أن يقطع في الدلالة على إرادته. أما السكوت، فهو

أمر سلبي، لا يقترن بأي مسلك أو موقف، فضلاً عن أنه غير مصحوب بلفظ أو كتابة

أو إشارة.

والسكوت لا يمكن أن يُعدّ طريقاً للتعبير عن الإيجاب. ذلك أن الإيجاب عرض،

والعرض لا يمكن أن يستفاد إلا بفعل إيجابي، أي بفعل إيجابي محدد موجّه إلى

الغير.

أمّا فيما يتعلق بالقبول، فالقاعدة، كذلك، أن القبول لا يمكن أن يستفاد من

مجرد السكوت، إذ لا ينسب إلى ساكت قول. وكقاعدة عامة من غير المتصور أن يكون

السكوت تعبيراً عن الإرادة والتي هي عمل إيجابي، في حين لا يتضمن السكوت

إيجاباً لأنه عدم، والعدم لا ينبئ بشيء وهو كذلك لا يتضمن قبولاً. إلا أنه

إذا كان مجرد السكوت لا يُعدّ قبولاً، فإن هناك حالات استثنائية، يمكن أن

يكون السكوت فيها دليلاً على القبول، وهي حالات يقترن فيها بالسكوت ظروف

وملابسات، ويسمى السكوت الملابس. ومثال ذلك: مثل ما جرت عليه عادة

المصارف من إرسال بيان إلى عملائها بالحساب الجاري، فإن عدم اعتراض العميل

على هذا البيان، في وقت مناسب، يُعدّ اعتماداً له.

إذا كان الإيجاب يسفر عن منفعة خالصة للموجّه إليه، فإن سكوت من وُجّه إليه

البيان يُعدّ قبولاً.

مثال ذلك، أن يَعِد شخص آخر بأن يبيع له ما له، بمبلغ معين، إذا أظهر رغبته

في ذلك، في ظرف مدة محددة. فيسكت هذا الأخير، فيكون سكوت الموعود قبولاً.

مفهــوم العقـــد الإلكتروني وانعقاده.




إنعقاد العقد الإلكتروني



لقد رأينا أن العقد الإلكتروني ما هو إلا عقد عادي ولكنه يختلف عنه في جزئية معينة هي وسيلة إبرامه، ويشترط لانعقاد العقد الالكتروني كغيره من العقود توافر التراضي بين طرفيه والمحل والسبب، ولا يبدو أن الفقه قد أوجد شيئا من الخصوصية بالنسبة لركني المحل والسبب في العقد الإلكتروني، ولذلك سوف نتناول ببعض التفصيل ركن التراضي.
ويتوقف وجود التراضي على تلاقي التعبير عن إرادتين متطابقتين لإبرام العقد، وهو يتوقف بدوره على صدور الإيجاب بالتعاقد من قبل الموجب الذي يقابله القبول من قبل من وجه إليه الإيجاب ، ومن ناحية أخرى على تلاقي هذا القبول بالإيجاب، فإن لم يتلاق التعبير عن الإرادة الذي تتوفر فيه مقومات الإيجاب بالتعبير عن الإرادة الذي تتوفر فيه مقومات القبول، فلن يتحقق التراضي ولـن ينعقد العقد، وسوف ينصب تركيزنا في هذا الموضوع على الجوانب الهامة التي يتميز فيها العقد الإلكتروني عن غيره من العقود المبرمة بالطرق التقليدية، بداية بدراسة صور التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني وما يثيره من جدال حول قبول الوسائل الإلكترونية كأداة قانونية تسمح بالتعبير عن الإرادة وموقف القانون المدني من ذلك، ثم نتطرق إلى تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.

المطلب الأول: التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني.

الأصل الذي جاءت به المادة 60 من القانون المدني فيما يخص كيفية تعبير المتعاقدين عن إرادتيهما أن يتم باللفظ أو الكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا أو باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه، فحسب هذا النص يصح أن يكون التعبير عن الإرادة صريحا، كما يمكن أن يكون ضمنيا، سواء كان ذلك إيجابا من أحد المتعاقدين أو قبولا من المتعاقد الآخر [1].
ووضعت المادة 68 فقرة 2 منه، استثناء على هذه القاعدة بنصها على إمكانية أن يكون السكوت الملابس وسيلة للتعبير عن القبول [2].
إلا أن ظهور الوسائل الجديدة للتعبير عن الإرادة جعلت التساؤلات تطرح في الآونة الأخيرة حول مشروعيتها في إبرام العقود، وهذا ما يلزم التطرق أولا إلى الصور الجديدة للتعبير عن الإرادة، ثم دراسة مدى مشروعية هذه الوسائل في إبرام العقود ثانيا.

الفرع الأول: صور التعبير عن الإرادة في العقد الإلكتروني.

سيتم التطرق في هذا الفرع إلى صور الإرادة في العقود التي تبرم عن طريق الأنترنيت بالنظر لأهميتها وانتشارها الكبير أولا، ثم بعد ذلك إلى تبيان صور التعبير عن الإرادة بالوسائل الأخرى (التيلكس والفاكس ).
فقرة أولى: صور التعبير عن الإرادة في العقود المبرمة عن طريق الأنترنيت.
تنقسم هذه الصور إلى ثلاث فئات، هي التعبير عن الإرادة بواسطة البريد الإلكتروني، وعبر شبكة المواقع وأخيرا عبر المحادثة والمشاهدة.
أولا: التعبير عن الإرادة عبر البريد الإلكتروني E-mail.
لقد أصبح بالامكان استخدام تقنية البريد الإلكتروني من التعبير عن الإرادة، وتعرف خدمة البريد الإلكتروني بأنها استخدام شبكة الأنترنيت كمكتب للبريد، بحيث يستطيع مستخدم الأنترنيت بواسطتها إرسال الرسائل المعبرة عن إرادته في إبرام العقد إلى أي شخص له بريد إلكتروني، كما يمكن أيضا تلقي الرسائل المعبرة عن إرادة من أي مستخدم آخر للأنترنيت، ولا يستغرق إرسال الرسالة واستقبالها سوى بضعة ثواني، وتتم هذه الخدمة مجانا، و يشترط في الشخص الذي يريد التعاقد بهذه الوسيلة أن يكون لديه برنامج للبريد الإلكتروني يدرج ضمن البرامج التي يحتويها جهاز الكمبيوتر الخاص به، وأن يتبع بعض الخطوات اللازمة لكي يصبح متمتعا بهذه الخدمة، وتتم هذه العملية بكتابة عنوان المرسل إليه في الخانة المخصصة لذلك ثم كتابة موضوع الرسالة ثم الضغط على أمر الإرسال، وبذلك تكون الرسالة قد أدرجت تحت عنوان المرسل إليه على الشبكة، ولكي يتمكن هذا الأخير من مطالعتها فما عليه سوى استعمال برنامج بريده الإلكتروني، ويصدر أمرا بتحميل الرسالة على صندوق بريده الإلكتروني الوارد، وهنا سوف يجد جميع الرسائل التي وردت إليه في هذا الصندوق، ويسمح البرنامج المستخدم عادة بإيجاد قائمة بالرسائل تتضمن بيانا بالمرسلين مع التمييز بين الرسائل التي سبق مطالعتها وتلك التي لم يطلع عليها المرسل إليه بعد، ولقراءة أية رسالة ينبغي الضغط على موضوعها في القائمة المذكورة لتظهر للمرسل إليه على شاشة جهاز حاسوبه[3].
وبذلك يستطيع نظام البريد الإلكتروني التواصل بين شخصين تفصل بينهما آلاف الكيلومترات دون أن يلتقيا فعليا وشخصيا، كما يستطيع المرسل، إرسال تعبيره عن الإرادة في آن واحد إلى عشرات الأشخاص في دول مختلفة، وذلك باستخدام برنامج معين، وبهذه الصفات يكون البريد الإلكتروني، سوى اقتراب كبير من جهاز التيلكس، الذي يكون الإتصال فيه والردبواسطة الكتابة و في وقت متقارب جدا [4].
ثانيا: التعبير عن الإرادة عبر شبكة المواقع Web.
تعتبر خدمة الويب، أو ما يعرف بشبكة المعلومات العالمية هي الخدمة التي يمكن من خلالها زيارة مختلف المواقع على شبكة الأنترنيت، وتصفح ما فيها من صفحات من أجل الوصول إلى معلومات معينة ومن أجل إبرام عقد مع أحد التجار الذي يعرض منتوجاته عليها.
إن أهم المصطلحات التي تقابلنا هو web site ويقصد به كل مكان يمكن زيارته على شبكة المعلومات العالمية، التي تحتوي الملايين منها، لكل من هذه المواقع عنوان خاص يشار إليه بأحرف الإختصار الذي يقوم مقام العنوان العادي أو رقم الهاتف، وتتميز هذه العناوين بالثبات والإستمرارية على مدار الساعة، ولكي نتمكن من زيارة أحد هذه المواقع فما يكون علينا سوى تحرير هذا العنوان، للدخول على هذا الموقع، وبعد ذلك تظهر الصفحة الرئيسية للموقع، التي يمكن من خلالها الوصول إلى الصفحات الأخرى التي يتضمنها الموقع والتي يرغب الزائر في الحصول على معلومات منها أو التعاقد حول مختلف السلع والخدمات المعروضة عليها[5].
ويتم التعبير عن الإيجاب أو القبول في الموقع بالكتابة، وببعض الإشارات والرموز التي أصبحت متعارفا عليها عن طريق هذه الشبكة، فهناك إشارات تدل على الرضا (وجه مبتسم) وهناك إشارات تدل على الرفض (وجه غاضب) وهذه الإشارات لا تخرج عن معناها التقليدي سوى أنها إشارات صادرة عن جهاز كمبيوتر ولكنها تعبر عن إرادة الموجب له وليس عن إرادة الكمبيوتر لأنه أداة صماء، كما أن التعبير عن الإرادة عبر شبكة المواقع يمكن أن يمتد ليشمل المبادلة الفعلية الدالة على التراضي وذلك بأن يعرض الموجب له تقديم استشارة قانونية مثلا، فيقوم الموجب له بإعطاء رقم بطاقة الإئتمان العائدة له فيتم خصم قيمة الخدمة من رصيده فورا، فيتم نقل الأموال إلكترونيا بين المصارف بشرط وجود بطاقة للزبون ورقمه السري [6].
ثالثا: التعبير عن الإرادة عبر وسائل المحادثة والمشاهدة المباشرة.
الحديث عبر شبكة الأنترنيت يمكن أن يكون عبارة عن تبادل رسائل مقسمة على الشاشة حسب عدد الأشخاص، كما قد يتضمن تبادلا مباشرا للكلام، وقد يتطور حسب برنامج ووجود كاميرات فيديو، فيصبح حديثا بالمشاهدة الكاملة.
ونلاحظ هنا أن التعبير يمكن أن يكون بالكتابة أو الكلام المباشر أو بالإشارة أو بالمبادلة عن طريق بطاقات الإئتمان، وكما يكون تعبيرا صريحا أو يمكن أن يكون ضمنيا، ونلاحظ أنه يمكن أن نكون أمام مجلس عقد إفتراضي على أساس أن المتعاقدين يشاهدون ويسمعون بعضهم البعض مباشرة إلا إذا كان السكوت على الشاشة لفائدة من وجه إليه الإيجاب أو كان هناك تعامل سابق بين الطرفين إتصل الإيجاب بهذا التعامل، ويظهر ذلك خاصة في العلاقة التي تجمع البنوك مع زبائنها عبر شبكة الأنترنيت [7].
الفقرة الثانية: صور التعبير عن الإرادة في العقود التي تبرم بالوسائل الإلكترونية الأخرى.
نقتصر في هذه الدراسة على وسيلتين من الوسائل التعاقد الإلكتروني وهما التيلكس والفاكس.
أولا: التعبير عن الإرادة بواسطة التيلكس.
يعتبر التيلكس جهازا لإرسال المعلومات بطريقة طباعتها وإرسالها مباشرة، وعدم وجود فارق زمني بين المرسل والمستقبل إلا إذا تم الإرسال ولم يكن هناك من يرد في نفس الوقت، وبذلك يقترب من التعاقد عن طريق الأنترنيت في أنه يمكن أن يكون فوريا دون حاجة لمرور فاصل زمني بين الإيجاب والقبول، ويكون التعبير عن الإرادة عبر التيلكس بالكتابة، دون غيرها من وسائل الإتصال الفوري.
ثانيا: التعبير عن الإرادة بواسطة الفاكس.
هو عبارة عن جهاز استنساخ بالهاتف يمكن به نقل الرسائل والمستندات المخطوطة باليد والمطبوعة بكامل محتوياتها نقلا مطابقا لأصلها، فتظهر المستندات والرسائل على جهاز فاكس آخر لدى المستقبل، ويلاحظ هنا الفارق الزمني للرد على المرسل [8]، ويتميز هذا الجهاز بالسرعة وضمان وصول الرسائل والمستندات وسهولة الإستعمال.
ويمكن أن يكون التعاقد عبر الأنترنيت مطابقا للتعاقد عبر الفاكس إذا كان إرسال المستندات عن طريق جهاز الكمبيوتر، و يكمن الفرق بين الأنترنيت عن الفاكس في أن التعبير عن الإرادة يكون في الأول فوريا ومباشرا دون الحاجة إلى فاصل زمني بين الإيجاب والقبول، إضافة إلى أن التعبير عنها يكون بكل الوسائل الصريحة والضمنية، أما في الفاكس فلا يكون إلا بالكتابة ماعدا حــــالات وصل جهــــاز الهاتف مع الفاكس بجهاز واحد، حيث يمكن التعبير في هذه الحالة الأخيرة بالكلام أو بالكتابة[9].

الفرع الثاني: مشروعية الوسائل الإلكترونية الحديثة في التعبير عن الإرادة.

إن استغلال وسائل تقنية المعلومات المذكورة للتعبير عن الإرادة في إبرام العقود و مختلف التصرفات القانونية بين شخصين غائبين مكانا، تثير العديد من التساؤلات حول مدى اعتراف القانون المدني بهذه الوسائل الجديدة للتعبير عن الإيجاب والقبول وبناء عناصر التعاقد [10]، الشيء الذي جعل الفقه ينقسم في الدول التي مازالت تعتمد نفس النظم التقليدية في التعبير عن الإرادة إلى رأيين أولهما يقر بمشروعية هذه الوسائل في التعبير عن الإرادة والثاني يرفض ذلك، وسيتم التعرض إلى هذين الرأيين فيما يلي :
الفقرة الأولى: القائلون بمشروعية الوسائل الإلكترونية للتعبير عن الإرادة.
يعتقد أصحاب هذا الرأي [11] أنه رغم أن القانون المدني لا يتضمن نصوصا صريحة بشأن التعبير عن الإرادة بالوسائل الإلكترونية الحديثة، فإن مشروعية التعاقد هذه يمكن استخلاصها من القواعد العامة الواردة في القانون المدني ومنها:
1- الأصل في التعاقد حرية التراضي وفقا لما يقتضيه مبدأ سلطان الإرادة [12] الذي كرسته المادة 60 من القانون المدني التي تعطي المتعاقدين الحرية الكاملة في اختيار الكيفية التي يعبران بها عن إرادتهما، ولا مانع من امتداد هذه الحرية للتعبير عن الإرادة بالوسائل الإلكترونية.
2- بما انه أصبح للكتابة في الشكل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني مكانا ضمن قواعد الإثبات في القانون المدني، من خلال نصي المادتين 323 مكرر1 و327 فقرة 2، فالأولى أن تجد لها موقعا في انعقاد العقد.
3- نص المادة 64 من القانون المدني التي تقضي بأنه: " إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد لشخص حاضر دون تحديد أجل القبول فإن الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر الإيجاب فورا، وكذلك إذا صدر الإيجاب من شخص إلى آخر بطريق الهاتف أو بأي طريق مماثل"، فاستنادا إلى هذه المادة فعبارة "بأي طريق مماثل" تشير إلى أية وسيلة تقترب فنيا من الهاتف، ولذا فإن النص يمتد ليشمل التعاقد بالوسائل الإلكترونية خاصة منها الأنترنيت كون الإتصال على هذه الشبكة يمكن أن يتحول إلى هاتف عادي عبر المحادثة الشفهية، وإن الطرق الإلكترونية الأخرى للتعبير عن الإرادة كالبريد الإلكتروني أو الفاكس تشبه أيضا الطرق التقليدية للتعاقد مثل المراسلة.
4- إضافة إلى ما سبق ، فإن الفقرة الأخيرة من المادة 60 التي تنص بأنه يجوز : "أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا ".
تفتح هذه الفقرة المجال لأساليب التعاقد الإلكتروني، حيث أن قيام أي فرد بعرض موقع دائم وثابت له على شبكة الأنترنيت يعني أن يقصد اتخاذ مسلك وطريق يشير ويعلن فيه إلى الناس عن نية التعاقد عن طريق موقعه، وشبكة الأنترنيت تعرض على مدار الساعة عن الإعلانات ووسائل البيع والشراء والتقديم للوظائف والخدمات، وذلك إشارة صريحة باتخاذ مسلك مباشر لا لبس فيه على التعاقد[13].
الفقرة الثانية: الرافضون لمشروعية الوسائل الإلكترونية كأداة للتعبير عن الإرادة.
خلافا للرأي السابق المؤيد لمشروعية الوسائل الإلكترونية الحديثة للتعبير عن الإرادة، فإن هذا الإتجاه يرفض الإعتراف بمشروعية هذه الوسائل للتعبير عن الإرادة وتبريرا لموفقه يقدم الحجج التالية:
1- إن القانون المدني بأحكامه الحالية لا ينص صراحة على استعمال الوسائل الإلكترونية كأدوات للتعبير عن الإرادة ولا يجب تفسير نصوصه، خاصة منها المادة 64 فقرة 2 المتعلقة بالتعاقد عبر الهاتف أو أية وسيلة متشابهة تفسيرا واسعا يشمل الصور الإلكترونية الحديثة للتعبير عن الإرادة، فلو أراد المشرع اعتمادها لنص عليها صراحة كما فعلت التشريعات المقارنة.
2- إن استعمال الوسائل الإلكترونية للتعبير عن الإرادة لا يخلو من المخاطر، كون هذه الوسائل لا تسمح من توثق كل طرف من أطراف العلاقة العقدية من وجود وصفة الطرف الآخر بمعنى عدم توثق كل طرف من أن يخاطبه الشخص الذي رضا التعاقد معه فعلا، وهذا ناجم عن طبيعة هذه الوسائل التي يتميز التعاقد من خلالها بالإفتراضية واللامادية virtuel et dématérialisé ، فلا أحد يضمن لمستخدم شبكة الانترنيت بأن ما وصله من معلومات إنما جاءت من هذا الموقع، ولا أحد يضمن له أيضا حقيقة الموقع ووجوده على الشبكة، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تنامي عمليات اختراق المواقع وإساءة استعمال أسماء الغير في الأنشطة الجرمية [14].
3- إعتداد القانون المدني في مادته 323 مكرر1 بالكتابة في الشكل الإلكتروني في الإثبات لا يعني أنه يقر بها كوسيلة للتعبير عن إرادة المتعاقدين، فهي خاصة فقط بالإثبات لا غير، فكتابة بنود عقد على دعامة إلكترونية وحفظ نسخة منه لا يعني بالضرورة أن المشرع قد أعطي الشرعية لهذه الوسائل للتعبير عن الإرادة.
رغم قوة حجج الرأي الأول الذي يؤيد قبول القانون المدني بصيغته الحالية للوسائل الإلكترونية كأدوات للتعبير عن الإرادة إستنادا للقواعد العامة لإبرام العقود خاصة منها مبدأ الرضائية، إلا أنه يبقى عدم الإعتراف الصريح لهذا القانون لشرعية هذا النمط للتعبير عن الإرادة من ناحية، وعدم تنظيمه بالشكل الكافي من ناحية أخرى، يتسبب في عدم حماية المتعاقدين حماية كافية من مخاطر التعاقد بهذه الوسائل، إضافة إلى إعاقة التجارة الإلكترونية في بلادنا.
ولتفادي ذلك حث القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية "CNUDCI " الدول الأعضاء للاعتراف الصريح في قوانينها على قبول الوسائل الإلكترونية ( رسائل البيانات ) في التعبير عن الإرادة وتنظيمها، إذ نصت المادة 11 منه على أنه: " في سياق تكوين العقود، وما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، يجوز استخدام رسائل البيانات عن العرض وقبول العرض.
وعند استخدام رسالة بيانات في تكوين عقد، لا يفقد ذلك العقد صحته أو قابليته للتنفيذ لمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض".
وأضافت المادة 12 على أنه: " في العلاقة بين منشأ رسالة البيانات والمرسل إليه، لا يفقد التعبير عن الإرادة أو غيره من أوجه التعبير مفعوله او صحته أو قابليته للتنفيذ لمجرد انه على شكل رسالة بيانات".
وتطبيقا لذلك فقد اعترفت التشريعات المتطورة صراحة بقبول رسالة البيانات للتعبير عن الإرادة ونظمتها لتضاف للصور التقليدية المعروفة [15].

المطلب الثاني: تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.

لكي ينعقد العقد لابد أن يصدر إيجاب من أحد المتعاقدين يعقبه قبول من المتعاقد الآخر، ولابد أن يقترن الإيجاب بالقبول ويرتبط بهذه المسائل، مسألة مكان وزمان إقترانهما، والتي لها مكانتها الهامة والمتميزة في العقود المبرمة بالوسائل الإلكترونية، وهذا ما سيتم دراسته في هذا المطلب.

الفرع الأول: عناصر تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.

يتم تطابق الإرادتين بصدور الإيجاب واقترانه بقبول موافق له صادر من المتعاقد الذي وجه له.
الفقرة الأولى: الإيجاب في العقد الإلكتروني.
يعرف الإيجاب بأنه العرض الذي يتقدم به الشخص ليعبر به ـ على وجه الجزم ـ عن إرادته في إبرام عقد معين، فينعقد هذا العقد بمجرد صدور القبول [16]، وحينئذ يكون التعبير عن الإرادة إيجابا متى توفر الشرطان الآتيان:
- أن يكون التعبير دقيقا ومحددا.
- أن يكون باتا.
فإذا نظرنا إلى صور الإيجاب عبر شبكة الأنترنيت نجد أنه إما أن يكون إيجابا عبر البريد الإلكتروني، وإما إيجابا على صفحات الويب وإما إيجابا عن طريق المحادثة والمشاهدة.
أولا: الإيجاب عبر البريد الإلكتروني E-mail:
- الإيجاب عبر البريد الإلكتروني في حالة وجود فترة زمنية فاصلة بينه وبين القبول: ويكون في هذه الحالة موجها غالبا من شخص إلى آخر تحديدا فنكون امام حالة تنطبق مع حالة الإيجاب الصادر عبر الفاكس أو البريد العادي، فيكون الموجب بحاجة لفترة زمنية فاصلة لاستلام الإجابة، وبذلك يكون الإيجاب قائما غير ملزم إلا إذا تضمن إلزاما للموجب بالبقاء على إيجابه لفترة محددة ويمكن استخلاص هذه الفترة من طبيعة هذا الإيجاب والعرف، وهذا ما نصت عليه المادة 63 من القانون المدني[17]، فإذا كان إيجابا غير ملزم فإنه يمكن أن يتم به العقد متى كان باتا وجازما، كما يمكن أن يسقط في حالة رفضه عبر البريد الإلكتروني أو التعديل فيه أو تكراره، أو انقضاء المدة في حالة ما إذا كان ملزما، كما يمكن الرجوع عنه بنفس الوسيلة أو عبر اتصال هاتفي مثلا.
- الإيجاب عبر البريد الإلكتروني في حالة الإتصال بالكتابة مباشرة: في هذه الحالة يقترب الإيجاب كثيرا بالإيجاب عبر التلكس، الذي يوفر الإتصال المباشر في إيجابه وقبوله، حيث يمكن أن يرد القبول فور صدور الإيجاب، وهنا نكون أقرب إلى مجلس العقد، ولا نخرج من القاعدة الواردة في المادة 64 من القانون المدني التي تقضي بأن : " إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد لشخص حاضر دون تحديد اجل القبول فإن الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر القبول فورا......." ، ويكون تحلل الموجب من إيجابه في هذه الحالة بأي فعل أو قول يدل على الإعتراض الذي يبطل الإيجاب، ويمكن أن نتصور هنا أنه أثناء تبادل الإيجاب عبر البريد الإلكتروني يقوم الموجب له بإغلاق جهاز الكمبيوتر أو بإعطاء إشارة إلى انه انتقل إلى موقع غير موقع الموجب فيكون الموجب له قد قام بفعل قد دل على الإعتراض فأبطل الإيجاب [18].
ثانيا: الإيجاب عبر شبكة المواقع Web:
الإيجاب عبر شبكة المواقع لا يختلف كثيرا عن الإيجاب الصادر عبر الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية المخصصة بعرض السلع وتوصيلها إلى المنازل[19]، ويتميز بأنه إيجاب مستمر على مدار الساعة والأغلب أن يكون موجها إلى الجمهورعامة بالإعلان والإشهار لبيع السلع وتقديم الخدمات المتوفرة، وعادة ما يكون هذا الإيجاب محددا بزمن، أو معلقا على شرط عدم نفاذ السلعة، وهذا الشرط راجع لطبيعة هذا الإيجاب في حد ذاته ( كونه موجه إلى الجمهور وخاصة منهم المتواجدين على شبكة الأنترنيت)، لذلك فإن احتمال نفاذ هذه السلعة أمر وارد بالنظر إلى كثرة عدد الأفراد الموجه إليهم هذا الإيجاب بما قد يتسبب بورود طلبات على السلعة أو الخدمة التي تعرضها بما يفوق قدرة المنتج أو البائع على توريد السلعة مهما كان مقدور مخزونها لديه، مما قد يتطلب منه العمل أكثر ولمدة زمنية قد تطول من أجل الوفاء بإيجابه [20]، و يكون الإيجاب عبر شبكة الويب معلق على شرط عدم تغيير الأسعارفي أحيان أخرى، إذ يحتفظ الموجب بحقه في تعديل هذا الثمن تبعا لتغير الأسعار في السوق والبورصة.
ويطرح الإيجاب عبر شبكة المواقع مسألة التكييف القانوني للإعلان عبرة شبكة الـ Web ، إذ يرى جانب من الفقه إن هذه الإعلانات هي بمثابة دعوى للتعاقد وليست إيجابا حتى ولو كان الإعلان يحتوي على كل الشروط الجوهرية للعقد، إلا إذا تعلق الأمر بالإعلان عن السلع أو الخدمة يعتد فيه بشخص المتعاقد فنكون في حالة إيجاب.
ويستند هذا الرأي على اشتراط المواقع على شبكة الأنترنيت تأكيد الزبون قبوله للعقد عن طريق الضغط مرتين أو أكثر على الزر الخاص بالموافقة، المتواجد على لوحة مفاتيح، وذلك للتأكد من أن موافقة الزبون على العقد لم يأتي عن طريق الخطأ.
في حين يرى جانب آخر من الفقه، أن الإعلانات عن السلع والخدمات عبر الأنترنيت هي إيجاب غير ملزم، أي دعوى للتعاقد، إلا إذا نص الإعلان ذاته على خلاف ذلك [21].
ونؤيد الرأي الأول فيما ذهب إليه، في تكييف الإعلان على شبكة الأنترنيت على أن له مقومات الإيجاب إذا تضمن المسائل الجوهرية في التعاقد، وعدم تعرض التعبير لما ينفي نية الإرتباط بالتعاقد، اذ أن توجيه الإيجاب للجمهور لا يؤثر على تكييف الإعلان بأنه إيجاب، طالما أنه يحتمل أن يصدر قبولا من أي شخص فينعقد العقد، باستثناء العقود التي يكون فيها شخص المتعاقد معه محل اعتبار، مما يقتضي حتما تحفظا ضمنيا ينال بموجبه من قطعية الإيجاب، ومثال ذلك الإعلان عن تأجير محلات سكنية أو البحث عن مستخدمين، ففي مثل هذه الحالات يحتفظ من صدر منه التعبير لنفسه بحق الموافقة على من يتقدم إليه بناء على الدعوى التي وجهها.
ثالثا: الإيجاب عبر المحادثة أو المشاهدة المباشرة:
يستطيع المتعامل على شبكة الأنترنيت أن يرى المتصل معه على الشبكة وأن يتحدث معه، وذلك عن طريق كاميرا توصل بجهاز الكمبيوتر لدى الطرفين، فيتحول الكمبيوتر إلى هاتف تقليدي أو هاتف مرئي، فنكون في هذه الحالة أمام حضور افتراضي لطرفي العقد في مجلس عقد واحد Présence virtuelle simultanée، أو ما يسمى بمجلس عقد افتراضي، يقترب جدا من المجلس الحقيقي، فيكون الإيجاب صادر مباشرة بالكلام أو بالكتابة أو بالمشاهدة، وينطبق على هذا النوع من الإيجاب القواعد العامة في التعاقد بين حاضرين زمانا المنصوص عليها في المادة 64 من القانون المدني، فيكون الإيجاب غير ملزم ما لم يحصل القبول فورا، وللموجب حينئذ الحق في العدول، فإذا عدل الموجب عن إيجابه، يسقط الإيجاب ولا يتم العقد إطلاقا، وإذا صدر قبول بعد ذلك فلا يعتد به وإنما يعتبر إيجابا جديدا.
أما إذا لم يعدل الموجب عن إيجابه فإن الإيجاب لا يسقط، لكنه يصبح غير ملزم، وهو ما يسمى بالإيجاب القائم وغير الملزم، وفي هذه الحالة فإن صدور قبول قبل انفضاض مجلس العقد يؤدي إلى انعقاد العقد[22].
الفقرة الثانية: القبول في العقد الإلكتروني.
يعرف القبول بأنه الرد الإيجابي على الإيجاب من طرف الموجب له[23] أو هو التعبير عن إرادة من وجه إليه الإيجاب في إبرام العقد على أساس هذا الإيجاب [24].
ولقبول هو العنصر الثاني في العقد، ويجب لكي ينتج القبول أثرا في انعقاد العقد أن يتطابق تماما مع الإيجاب في كل جوانبه، وإلا فإن العقد لا ينعقد، فإذا اختلف القبول عن الإيجاب اعتبر إيجابا جديدا وليس قبولا إلا في حالة الإتفاق الجزئي، الذي نصت عليه المادة 69 من القانون المدني والذي يكون منشئا للعقد إذا توافرت شروطه.
وعالجت في نفس الوقت المادة 68 من القانون المدني مسألة مدى اعتبار السكوت قبولا، وهي المسائل التي سوف نتناولها بما لها من خصوصية في العقد الإلكتروني.
أولا: الطرق الخاصة بالقبول في العقد الإلكتروني.
فتكون طرق القبول في العقود التي تبرم بالوسائل الإلكترونية بنفس طرق الإيجاب فيها المذكورة أعلاه، بحيث تكون صور القبول في العقود التي تبرم بواسطة التيلكس أو الفاكس أو بواسطة البريد الإلكتروني بالكتابة، وهي كتابة لا تختلف في جوهرها عن الكتابة العادية سوى في وسيلتها.
وتكون صور التعبير عن القبول في العقود التي تبرم بواسطة المشاهدة والمحادثة عبر الأنترنيت باللفظ او بالإشارة المتداولة عرفا. وهذا لا يمنع أن يتم القبول بطريق إلكتروني غير الطريق الذي صدر الإيجاب بواسطته، كأن يصدر الإيجاب بواسطة البريد الإلكتروني فيكون القبول بواسطة الفاكس أو العكس[25].
1- التعبير عن القبول على شبكة الويبWeb :
يثور المشكل خاصة بالنسبة إلى التعبير عن القبول في العقود التي تبرم عن طريق شبكة المواقع أو الويب Web، وبصفة خاصة مسألة مدى اعتبار ملامسة من وجه إليه الإيجاب لأيقونة "القبول" أي "Accepter" أو الضغط عليها مرة واحدة كافية للتعبير عن القبول تعبيرا صحيحا ومعتد به قانونا ؟ في الحقيقة، انقسم الفقه حول هذه المسألة إلى قسمين إذ يرى جانب منه أنه لا يوجد ما يحول من الناحية القانونية دون ذلك في كل الأحوال مادام الموجه له الإيجاب الخيار في الخروج من الموقع ورفض التعاقد، في حين يرى الجانب الآخر من الفقه أنه يجب لقبول هذا التعبير أن يثبت الموجب بأن موقعه قد أتاح الفرصة للمستخدم لقراءة شروط هذا العقد [26].
إلا أن القضاء الفرنسي لم يقتنع بصحة هذا القبول بواسطة اللمس أو الضغط clic على أيقونة القبول إلا إذا كان حاسما.
وذلك بأن تتضمن عبارات التعاقد رسالة القبـــول نهائيــا من أجـل تجنب أخــطاء اليــــد erreurs de manipulation أثناء العمل على الجهاز، مثل هل تؤكد القبول؟ والإجابة على ذلك بنعم أو بلا، بحيث يتم التعبير عن القبول بلمستين double clic، وليس بلمسة واحدة تأكيدا لتصميم من وجه الإيجاب إليه على قبوله، ويطلق الفقه على هذه اللمسة "باللمسة الأخيرة للقبول clic final d’acceptation" ، وبذلك يمكن القول بأن التعبير عن القبول قد تم عبر مرحلتين، وهو نمط جديد في التعبير عن القبول، ظهر مع ظهور العقود الالكترونية، وتكمن ايجابياته في تمكين المتعاقد من التفكير جيدا قبل تأكيد قبوله[27].
كما هناك أيضا العديد من التقنيات التي تسمح بتأكييد رغبة المتعاقد في القبول، ومن ذلك وجود بطاقة الطلبات أو ما يسمى بوثيقة الأمر بالشراء bon de commande يتعين على الموجه إليه الإيجاب تحريرها على الشاشة وهو بذلك يؤكد سلوكه الإيجابي في هذا الشأن أو تأكيد الأمر بالشراءconfirmation de la commande ، عن طريق ارساله من طرف الموجه اليه الايجاب الى موقع الموجب[28].
لكن الفقه أثار جدية مسألة القيمة القانونية لهذا التأكيد للقبول، فإما أن يكون القبول قد تم قبل التأكيد، فلا تكون له قيمة قانونية، وإما أن القبول لا يتم إلا بصدور التأكيد، فيكون هذا التأكيد هو القبول بعينه، بحيث لا تبدو الحاجة لمعاملته كشيء آخر بجوار القبول، ويرى الأستاذ أسامة أبو الحسن مجاهد أن الإجابة على هذا التساؤل تستخلص من خلال تفاصيل البرنامج المعلوماتي الذي يتم التعاقد من خلاله، والذي لن يخرج عن فرضيات ثلاثة:
الأولى: إذا كان هذا البرنامج لا يسمح بانعقاد العقد إلا إذا تم التأكيد بحيث لن يترتب على صدور القبول مجردا من التأكيد أي أثر وفي هذه الحالة نستطيع الجزم بأن القبول لا يتم إلا بعد صدور التأكيد.
الثانية: إذا كان البرنامج يسمح بانعقاد العقد دون أن يرد فيه التأكيد على الإطلاق، وهنا لا مفر من القول بأن القبول قد صدر بمجرد لمس أيقونة القبول.
الثالثة: وهي حالة وسط، بأن يتضمن البرنامج ضرورة التأكيد ولكن لا يمنع من انعقاد العقد بدونه، وهنا يمكن القول أن اللمسة هي قرينة على الإنعقاد، ولكنها قابلة لإثبات العكس، بمعنى أنه يمكن للموجب له أن يثبت أن هذه اللمسة صدرت منه خطأ فيعتبر عدم صدور التأكيد منه دليلا على أنه لم يقصد قبول التعاقد[29].
2- التعبير عن القبول في المعاملات الالكترونية المؤتمتة.
المعاملات الالكترونية المؤتمتة هي تلك المعاملات التي لا تقبل التدخل البشري فيها، إنما تتم عن طريق برامج الكترونية معدة مسبقا للقيام بمهمة معينة وهذه البرامج مزودة بمعلومات محددة، بما هومسند إليها بمجرد تلقي الأمر بذلك، ومثال ذلك قيام أحد الأشخاص بمخاطبة آخر عن طريق شبكة web من أجل شراء عدد معين من السيارات من أحد المعارض وكان هذا المعرض يتعامل عن طريق حاسوب آلي بحيث يرد على الزبائن بمجرد تلقي الطلب الخاص بنوع السيارة فيذكر السعر واللون وكيفية الاستلام، وفي حالة تحديد الزبون لطلبه، يقوم البرنامج بمخاطبته بقبول الشراء و إبرام عقد البيع، ومثاله أيضا رغبة أحد الأشخاص في حجز تذكرة سفر لدى إحدى شركات الطيران، فما عليه إلا أن يدخل إلى موقع الشركة على شبكة الانترنيت ويطالع مواعيد الرحلات و الأماكن الشاغرة ،حيث يطلب حجز مقعد في رحلة يحددها هو، ويطلب منه سداد القيمة، وبمجرد تمام تحويل القيمة عن طريق عملية الدفع الالكتروني تظهر له عبارة OK وبمجرد الضغط عليها يستطيع الحصول على صورة من تذكرة السفر عن طريق الحاسوب الشخصي الخاص به[30].
يتضح من خلال هذين المثالين أن التعبير عن القبول تم عن طريق الحاسوب الآلي المزود بمعلومات محددة وبرامج خاصة قادرة على إنجاز المعاملة بمجرد أن يطلب منها ذلك دون تدخل بشري، وبذلك يترتب على هذا القبول كافة الآثار القانونية المترتبة على القبول الصادر عن الأفراد بالطريقة التقليدية – دون تدخل وسائط الكترونية - اذ يكون التعاقد صحيحا ونافذا ومنتجا لأثاره القانونية على الرغم من عدم التدخل الشخصي أو المباشر للشخص الطبيعي في عملية إبرام العقد.
إن مرد ذلك يرجع إلى أن الشخص الطبيعي أو المعنوي الواجب عليه الإيجاب هو الذي يمتلك النظام الالكتروني الذي تم من خلاله التعبير عن قبوله من جهة وأنه هو الذي قام ببرمجة هذا النظام بشكل جعله يرسل الرسائل المعبرة عن قبول ذلك الشخص بحسب إرادته[31].
إلا أن الفقه يرى بأن سريان هذا التصرف في حق الموجب يفترض إثبات علمه بأن القبول صدر عن طريق النظام الالكتروني المؤتمت أو يفترض أنه كان يجب عليه أن يعلم بأن العقد أو المعاملة سوف تبرم بهذه الوسيلة[32].
3- مدى اعتبار التحميل عن بعد تعبيرا عن القبول Téléchargement.
يثور التساؤل حول اعتبار التحميل عن بعد Téléchargement [33] لأحد برامج الكمبيوتر صورة من صور القبول بحيث يترتب به انعقاد العقد، ومثاله العملي عرض إحدى الشركات على مستعمل الأنترنيت أن يتعاقد على الخط ( أي على الشبكة نفسها ) على أحد برامجها وتنبهه في نفس الوقت أنه إذا ضغط على أيقونة Accepter فإنه يعد قابلا لشروط استعمال البرنامج،ومن ضمن هذه الشروط أنه يجوز للشركة أن تعدل شروط العقد في أي وقت بناء على مجرد إخطار Notification، يحدث أثره فورا، مع ملاحظة أن هذا الإخطار يجوز أن يتم على نفس البرنامج، فهل ضغط مستعمل الأنترنيت على أيقونة القبول من طرف المستعمل يعني أنه عبرعلى نحو صحيح عن قبوله شروط استعمال هذه الخدمة والتعديلات اللاحقة لها والتي سوف تكون نافذة في حقه ؟ ففي مثل هذه الحالات يكون الضغط على أيقونة القبول وسيلة قانونية للتعبير عن القبول إذا اتضح منها إرادته الجازمة في التعاقد، أما مسألة عدم علمه المسبق ببعض الشروط العقدية فينبغي أن تواجه وفقا لما استقر عليه الأمر بشأن هذه المشكلة بصفـة عامة [34].
ثانيا: السكوت الملابس كوسيلة للتعبير عن القبول في العقود الإلكترونية.
تنص المادة 68 من القانون المدني على أنه:" إذا كانت طبيعة المعاملة، أو العرف التجاري، أو غير ذلك من الظروف، تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول فإن العقد يعتبر قد تم، إذا لم يرفض الإيجاب في وقت مناسب.
ويعتبر السكوت في الرد قبولا، إذا اتصل الإيجاب بتعامل سابق بين المتعاملين، أو إذا كان الإيجاب لمصلحة من وجه إليه".
وتعد هذه الحالة استثنائية بخصوص التعبير عن الإرادة، فالأصل هو أن يكون التعبير صريحا أو ضمنيا، ولا يعتبر الساكت معبرا عن إرادته إلا إذا اتصل الإيجاب بتعامل سابق بين المتعاقدين، أو كان الإيجاب في مصلحة من وجه إليه كما أشارت إلى ذلك المادة المذكورة، و نورد فيما يلي مدى ملائمة
مختلف الحالات التي يكون فيها السكوت تعبيرا عن القبول في العقود التي تبرم بالوسائل الالكترونية فيما يلي:
1-العرف:
في وقتنا هذا، لا يمكن للعرف أن يلعب دورا فعليا في التعاقد عبر الأنترنيت ، وذلك نظرا لحداثة هذا الشكل من أشكال التعاقد.
- مصلحة من وجه إليه الإيجاب :
إذا تمخض الإيجاب لمصلحة من وجه إليه، فهي حالة تتضمن عملا من أعمال التبرع دون أي التزام على عاتق من وجه إليه الإيجاب، وهو تصرف غير مألوف على الأنترنيت كون أغلب العقود التي تبرم بهذا الشكل هي عقود تجارية.
-التعامـل السابق:
أما التعامل السابق بين المتعاقدين هي الحالة التي تصادفنا كثيرا في التعاقد عبر الأنترنيت، ومثالها اعتياد الزبون على شراء بعض السلع من أحد المتاجر الإفتراضية، سواء بالبريد الإلكتروني أو عن طريق صفحات الويب، وهنا يمكن القول بأن هذه الحالة تعد من الحالات النموذجية للتعاقد السابق، وبالتالي يعد هنا السكوت في الرد قبولا.
لكن ورغم وجود العلاقة السابقة بين الطرفين لا يمكن اعتبار سكوت من وجه إليه الإيجاب بواسطة رسالة إلكترونية متضمنة عدم الرد خلال مدة زمنية معينة بمثابة قبول، بل يجب أن يقترن بهذا السكوت وهذا التعامل السابق ظرف آخر يرجح دلالة السكوت على قبول الزبون للتعاقد[35].

الفرع الثاني: زمان ومكان تطابق الإرادتين في العقد الإلكتروني.

ذا كان التعاقد بالوسائل الإلكترونية يميزه بصفة أساسية التباعد المكاني بين طرفيه، فإن التساؤل عن اللحظة التي يبرم فيها ومكان انعقاده يبدو سؤالا مشروعا، وبصفة خاصة لما للإجابة عليه من نتائج عملية هامة[36].
الفقرة الأولى: زمان انعقاد العقد الإلكتروني.
إن دراسة زمان انعقاد العقد الإلكتروني تقودنا أولا إلى إبراز أهمية تحديد هذا العنصر بصفة عامة، ثم التطرق إلى تكييف العلاقة العقدية التي تتم بالوسائل الإلكترونية من حيث أنها تعاقد بين حاضرين أو غائبين، ثم في الأخير إلى تحديد لحظة انعقاد العقد الإلكتروني وفقا للقواعد الواردة في القانون المدني.
أولا: أهمية تحديد زمان انعقاد العقد
تبدو أهمية تحديد زمان انعقاد العقد في ما يلي:
- إن القول بانعقاده في لحظة معينة يمنع على أي من طرفيه نقضه أو التحلل منه.
- حق الموجب في العدول عن إيجابه بعد انقضاء الأجل المحدد للقبول.
- سريان المواعيد من وقت تمام العقد، حسب ما تقضي به المادة 90 فقرة 2 من القانون المدني

التي تقضي بأنه: " يجب أن ترفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد و إلا كانت غير مقبولة".
- سقوط الإيجاب في بعض الحالات بالوفاة أو فقدان الأهلية، فإذا توفي الموجب أو فقد أهليته قبل انعقاد العقد يسقط الإيجاب، أما إذا تم العقد قبل ذلك يكون صحيحا.
- إستحقاق المشتري الإنتفاع بالشيء وإيراده وكذلك تحمل تكاليفه من يوم تطابق الإرادتين أي انعقاد العقد طبقا للمادة 383 من القانون المدني.
- وتظهر أهميته أيضا بالنظر إلى ما يشترط في ممارسة بعض الدعاوى كالدعوي البوليصية، التي يشترط فيها أن يكون تاريخ العقد الذي يطعن فيه الدائن قد صدر من مدينه لاحقا على الحق الثابت له في ذمة المدين [37].
ثانيا: تكييف العقد الالكتروني فيما إذا كان تعاقد بين حاضرين أم غائبين.
يجب الإشارة أولا إلى أن هناك من الفقهاء من يعتد بمعيار الزمن للتمييز بين التعاقد بين الحاضرين والتعاقد بين الغائبين، ففي الحالة الأولى تنمحي الفترة الزمنية بين صدور القبول والعلم به، فالموجب يعلم بالقبول في الوقت الذي يصدر فيه.
أما في التعاقد بين الغائبين فإن هناك فترة زمنية ملحوظة تفصل بين وقت صدور القبول وعلم الموجب به
وهناك من الفقهاء من يرى أن معيار الزمن ليس مانعا ولا جامعا، فالزمن ليس هو العنصر الوحيد الذي يميز التعاقد بين الغائبين عن التعاقد بين الحاضرين، بل أن هناك ثلاثة عناصر مجتمعة، وهي عنصر الزمن وعنصر المكان وعنصر الإنشغال بشؤون العقد[38].
وإذا رجعنا إلى التعاقد الإلكتروني فإنه يجب التمييز بين الحالات التالية:
1- التعاقد عبر البريد الإلكتروني E-mail :
- حالة وجود فاصل زمني بين الإيجاب والقبول: في هذه الحالة لا شك أن التعاقد يكون بين غائبين، وهو الحكم الذي ينطبق كذلك على التعاقد عبر الفاكس.
- حالة ما إذا صدر الإيجاب والقبول في نفس الوقت، في هذه الحالة نقترب من التعاقد عبر الهاتف، وذلك لأن الإيجاب والقبول يكونان في نفس الزمن، فلابد من تطبيق أحكام التعاقد بين الحاضرين زمانا، وهذا الحكم ينطبق أيضا على التعاقد بواسطة التيلكس.
2-التعاقد عبر شبكة المواقع Web :
- إذا دخل الشخص إلى أحد المواقع على الشبكة وأرسل إيجابه وانتظر فترة من الزمن لتلقي القبول، فنكون أمام التعاقد بين غائبين.
- وإذا تلقى هذا الشخص الإيجاب فورا فنكون في هذه الحالة أمام التعاقد بين حاضرين.
3- التعاقد عبر المحادثة والمشاهدة المباشرة:
نكون أما مجلس عقد لإمكانية تبادل الإيجاب والقبول عبر المحادثة والمشاهدة المباشرة، وعليه يتم تطبيق أحكام التعاقد بين الحاضرين زمانا [39].
ثالثا: تحديد زمان إنعقاد العقد الإلكتروني.
أخذ المشرع الجزائري بنظرية العلم بالقبول في تحديد لحظة انعقاد العقد في المادة 67 من القانون المدني التي تنص على أنه: "يعتبر التعاقد بين الغائبين قد تم في المكان والزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك، ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان، وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول "[40].
وهذا يقتضي أن يطلع الموجب على الرسالة المتضمنة للقبول، ويعتمد أصحاب هذه النظرية على تطابق أو توافق الإرادتين الذي يقتضي حتما أن يكون كل متعاقد على علم بإرادة المتعاقد الآخر، فالأخذ بهذه النظرية يؤجل الآثار المترتبة على القبول مما يوفر فرصا إضافية للموجب له للتراجع عن قبوله، ويعاب على هذه النظرية صعوبة إثبات العلم بالقبول، خاصة بالنسبة للتعاقدات التي تتم بالوسائل الإلكترونية [41].
وتطبيقا لهذه النظرية بشأن العقود المبرمة بالبريد الإلكتروني أو الفاكس، يمكن القول بأن العقد ينعقد في هذه الحالة في اللحظة التي يعلم فيها الموجب بالقبول أي بقيامه بفتح صندوق بريده الإلكتروني، والإطلاع على رسالة القابل، أي تحققه من قبول الأخير بالإيجاب المعروض عليه، أو في حالة وصول الرسالة إلى جهاز الفاكس المرسل إليه والإطلاع عليها من قبل الموجب في حالة التعاقد عبر الفاكس [42].
إن تكريس نظرية العلم بالقبول من طرف المشرع جعل البعض من الفقه يعتقد أن اعتبار التعاقد الإلكتروني تعاقد بين حاضرين حكما أو بين غائبين ليس له أي تأثير من الناحية العملية على مكان وزمان انعقاد العقد، طالما ان المشرع اعتمد مذهب العلم بالقبول.
لكننا نخالف هذا الرأي كون القاعدة التي جاءت بها المادة 67 من القانون المدني قرينة بسيطة يمكن
للموجب أن يثبت أنه لم يعلم بالقبول إلا في وقت لاحق، كما أن لهذه القاعدة صبغة تكميلية، الأمر الذي يسمح للمتعاقدين أن يتفقا على مخالفتها، كأن يتفقا على أن يتم العقد وقت صدور القبول مثلا [43].
الفقرة الثانية: مكان انعقاد العقد الإلكتروني.
إن تحديد مكان انعقاد العقد له أهمية خاصة، من حيث تحديد القانون الواجب التطبيق بشأنه والقضاء المختص بنظر منازعاته، وتزداد هذه الأهمية خاصة إذا تعلق الأمر بالعقود الإلكترونية التي تبرم عبر شبكات الإتصال ومنها الأنترنيت، نظرا للطابع غير المادي والعالمي الذي تتميز بها هذه الوسائل في التعاقد، مما يجعل القواعد التي تحكم هذه المسألة في القانون المدني محل تساؤل عند الكثير من الفقهاء حول إمكانية تطبيقها على هذه العقود، لذا ستتم دراسة مكان انعقاد العقد الإلكتروني في النقطتين التاليتين:
أولا: تحديد مكان انعقاد العقد الإلكتروني.
تنص المادة 67 من القانون المدني على أنه: "يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان، وفي الزمان اللذين وصل فيهما إليه القبول".
إن هذا النص وضع قاعدة عامة تفيد بأن مكان إبرام العقد الذي يبرم بين غائبين هو المكان الذي يعلم فيه الموجب بالقبول، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك أو نص القانون على غير ذلك.
إن تطبيق هذه النظرية بالنسبة للعقود التقليدية التي تتم بين غائبين بواسطة تبادل الوثائق والخطابات المكتوبة يبدو سهلا نظرا للطبيعة المادية لوسيلة تبادل التراضي بين المتعاقدين، في حين أن تطبيقها على العقود الإلكترونية يثير الكثير من التساؤلات، كون محاولة تركيز هذا العقد في دولة معينة أمرا صعب التحقيق، نظرا للطبيعة الدولية لشبكة الأنترنيت بوصفها متصلة بجميع الدول في آن واحد، من جهة، وعن الطبيعة غير المادية لهذه الوسيلة في التعاقد، لاحتوائها على عدد هائل من المواقع الإفتراضية من جهة أخرى.[44]
بالإضافة إلى عدم اتفاق هذه النظرية مع جميع صور القبول، فقد رأينا أن القبول قد لا يتم صراحة وإنما يستنتج من سلوكيات الموجه إليه الإيجاب، وذلك في حالة السكوت الملابس الذي يمكن أن يعتبر قبولا في العقود الإلكترونية، كما لو قام الموجه إليه الإيجاب بالأعمال التي تنفذ العقد مباشرة دون إعلان لإرادته في هذا الشأن، ومن هنا لا يتحقق اتصال القبول بإرادة الموجب.
فقد يصدر الايجاب من محل إقامة الموجب أو من حيث توجد مشروعاته التي بها نظامه المعلوماتي الذي من خلاله يقيم اتصالاته وتعاقداته، كما يمكن أن تصدر من أي مكان توجد به وسيلة الإتصال [45].
ثانيا: القانون الواجب التطبيق على العقود الإلكترونية.
نصت المادة 18 المعدلة من القانون المدني على أنه: "يسري على الإلتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.
وفي حالة عدم إمكان ذلك، يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة، وفي حالة عدم ذلك يطبق قانون محل إبرام العقد.
غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه".
يتضح من خلال هذه المادة أن المشرع قد بنى قاعدة الإسناد الخاصة بالعقود الدولية على ثلاثة ضوابط، أحدهـا أساسي وهو قانون إرادة المتعاقدين، وآخران احتياطيان، وهما قانون الموطن المشترك والجنسية المشتركة وقانون محل إبرام العقد [46].
واشترط في قانون الإرادة أن تكون له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد، فلم يترك بالتالي لطرفي العقد الحرية الكاملة لاختيار القانون الواجب التطبيق على عقدهما، والسبب في هذا التقدير القانوني هو ضرورة إقامة توازن بين إطلاق حرية المتعاقدين في اختيار القانون الذي يحكم العقد من ناحية، وضرورة خضوع هذه الرابطة العقدية للأحكام الآمرة للدولة القريبة للعقد واختصاص قضائها الوطني، منعا للغش وحماية للطرف الضعيف في العقد، الذي يكون عادة المستهلك، وبذلك تتفق آراء الفقهاء مع رغبة المشرع في حمايته، خاصة في العقود التي تبرم بالطرق الإلكترونية [47].
واختيار للقانون الواجب التطبيق يمكن أن يتم من طرف المتعاقدين على شبكة الويب Web، كما يمكن أن يتم من خلال الرسائل المتبادلة بالبريد الإلكتروني بعد الإتفاق على البنود العقدية الأخرى، ومن ثمة فإن مشاكل قانون الإرادة المتعارف عليها في العقود التقليدية تطرح نفسها هنا أيضا بما يتفق مع طبيعة شبكة الأنترنيت، فالعلاقة التي اشترطتها المادة 18 من القانون المدني بين قانون الإرادة والعقد قد تتمثل في مكان إبرام العقد أو في مكان تنفيذه، ولكن هذين المعيارين لا يعبران في جميع الأحوال عن علاقة جدية بالعقد في التعاقد الذي يبرم من خلال الأنترنيت، الذي يفترض اتصال العقد بجميع الدول نظرا لاتصال الأنترنيت بها في آن واحد، نتيجة انفتاح هذه الشبكة على العالم كله، فالأنترنيت نفسه هو وسط غير مادي يتم فيه إبرام العقد من دون أن يكون مركزا في إقليم دولة معينة، لأنه فضاء إلكتروني مستقل غير خاضع لدول






رد: مفهــوم العقـــد الإلكتروني وانعقاده.


غير خاضع لدولة بعينها، بحيث يمكن القول بتطبيق قانونها، كما أن مكان تنفيذ العقد لا يخلو من الصعوبة، خاصة بالنسبة للعقود التي تبرم وتنفذ على شبكة الأنترنيت دون حاجة للرجوع إلى الفضاء المادي الخارجي، ومن هنا لا يوجــــد
إقليم دولة معينة يتم فيه تنفيذ العقد، بل نحن إزاء بيئة غير مادية يتم تنفيذ العقد من خلالها [48]، وهذا مادفع الفقه إلى التساؤل عما إذا كانت الأنترنيت منطقة بلا قانون، مشبهين إياها بالمحيط الذي ليس له حدود ولا مناطق جغرافية ولا تملكه دولة بعينها، فمستعمل الأنترنيت يتجول في فضاء وطني وفي فضاء دولي في آن واحد، إذ يستطيع زيارة مواقع في كل أنحاء العالم لا تخضع لسيادة أية دولة.
ويرى جانب من الفقه عكس ذلك إذ يعتقد أن شبكة الأنترنيت منطقة خاضعة لعدد هائل من القوانين ومن الأنظمة القضائية، وذلك لتعذر خضوعها لقانون واحد، ذلك أن القانون لم يكن غائبا أبدا عن الشبكات ولا يمكن أن يغيب عنها، ووجود القانون الذي ينظم الأنترنيت هو أمر بديهي، وذلك طالما أنه يوجد أفراد خلف الأدوات يجب أن يتفق سلوكهم عبر الشبكة مع القانون.
وينفي رأي ثالث بشدة مشكلة الفراغ القانوني بالنسبة لشبكة الأنترنيت ضاربا أمثلة للعديد من التشريعات التي يمكن أن تخضع إليها في فرنسا، وللأجهزة الحكومية التي يمكن أن تتدخل بشأن الأنترنيت، وهي ذات الأجهزة المنوط بها تنفيذ هذه التشريعات، وهو ما ذهب إليه مجلس الدولة الفرنسي.
ومن الأمثلة التي أعطاها الفقه لارتباط العقد بقانون دولة معينة، العقود الإلكترونية التي يتم فيها عرض السلعة أو الخدمة عن طريق البريد الإلكتروني، فالعرض يتم استقباله في دولة من وجه إليه، متى كان هذا الأخير قد دخل إلى موقع البريد المعلن به عرض السلعة أو الخدمة، ويتصور حصول هذا الفرض حين يقوم مورد السلعة أو الخدمة بإرسال رسالة إلكترونية ذات طبيعة دعائية لذات بلد الموجه إليه الإيجاب، أو يصمم صفحة إعلانية توجه تحديدا إلى البلد الذي يقيم فيه من وجه إليه الإيجاب، ويعد ذلك النوع من العقود وثيق الصلة بقانون دولة محل الإقامة العادية لمن وجه إليه الإيجاب إذا كان الموجب قد قام بالأعمال الضرورية واللازمة لإبرام العقد في هذه الدولة، كأن يسجل طلبه على شبكة الأنترنيت أو يقبل إيجاب البائع عن طريق البريد الإلكتروني، ففي هذا المثال تعد أفعال القبول الصادرة ممن وجه إليه الإيجاب ذات علاقة بقانون الدولة محل إقامته العادية [49]، وبالتالي يمكن اتفاق المتعاقدين على تطبيقه.
لكن رغم ارتباط قانون الإرادة بدولة محددة تبقى الإشكالية تطرح حول مدى صحة هذا الشرط على ضوء حقيقة مفادها أن المستخدم قد لا يكون قد قرأ شروط العقد وعليه فإنه بالتأكيد لم يناقشه، وربما يقع هذا العقد وفق بعض النظم القانونية ضمن مفهوم عقد الإذعان، إضافة إلى أن هناك العديد من النظم القانونية لا تتضمن حتى الآن تشريعات منظمة لمسائل تقنية المعلومات مما يزيد الصعوبة حول قانون الإرادة والإختصاص القضائي [50].
مما يجعل القاضي السلطة الوحيدة التي تبت في مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق والقضاء المختص، في حالة غياب الإرتباط بين قانون الإرادة والعقد، وذلك باللجوء إلى الجنسية المشتركة للمتعاقدين أو موطنهما المشترك [51].

ـــــــــــــــــ

[1] يرى الفقه أنه لا ترتب التفرقة بين التعبير الصريح وبين التعبير الضمني عن الإرادة أية نتيجة قانونية.
لأكثر تفصيل راجع د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص84.
أ/ لحلو غنيمة، محاضرات في القانون المدني، ألقيت على طلبة الدفعة الرابعة عشر بالمعهد الوطني للقضاء، السنة الأولى، السنة الأكاديمية 2003-2004.
[2] راجع المادة 68 من القانون المدني.
[3] أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 8 و9.
[4] كما أن قانون الأونيستيرال تنـاول تعريفا يقترب فيه من مفهوم التعبير عن الإرادة عبر البريد الإلكتروني، حيث نصت الفقرة 2 فقرة "ب" أن التبادل والتعبير الإلكتروني يشمل أية وسيلة إبلاغ إلكترونية مثل إرسال البيانات من كمبيوتر إلى كمبيوتر آخر في شكل قياسي واحد عبر البريد الإلكتروني.
[5] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق ص9.
[6] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 47.
[7] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 48.
[8] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 49.
[9] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 49.
وقد نصت المادة 2 من قانون الأونسيترال الفقرة "أ" على أنه: "يراد بمصطلح رسالة بيانات المعلومات التي يمكن إنشاؤها أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تبادل البيانات الإلكترونية، أو البريد الإلكتروني، أو البرق ، أو التيلكس أو النسخ البرقي"، فهذه المادة قد نصت صراحة الى إمكانية نقل رسائل البيانات بواسطة التلكس والفاكس.
[10] المحامي، يونس عرب، حجية الإثبات بالمستخرجات الإلكترونية في القضايا المصرفية، الجزء 1، مسائل وتحديات الإثبات الإلكتروني في المسائل المدنية والتجارية والمصرفية، مقال منشور على موقع
[11] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص.20 وما يليها.
[12] د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص81.
[13] أ/ احمد خالد العجولي، المرجع السابق،ص 22.
[14] رغم أن هذه المشاكل تم إيجاد حلول تقنية وقانونية لها تتعلق خاصة بضمان تأكيد الإتصال وإثبات صحة صدور المعلومات من النظام التقني الصادرة عنه، وهذا ما أدى إلى اللجوء إلى الوسيط في العلاقة العقدية الذي يؤكد وجود أطراف العلاقة.
ولمزيد من التفصيل راجع المحامي يونس عرب، التجارة الإلكترونية، مقال منشور على الموقع
[15] ومن بينها القانون التونسي المتعلق بالمبادلات بالتجارة الإلكترونية في المادة 5 منه التي تنص: "تطبق أحكام هذا القانون على المعاملات اللتي يتفق أطرافها على تنفيذ معاملاتهم بوسائل إلكترونية ما لم يرد فيه نص صريح يقضي بغير ذلك.
لمقاصد هذه المادة لا يعتبر اتفاق بين أطراف معينة على إجراء معاملات محددة بوسائل إلكترونية ملزما لإجراء معاملات أخرى بهذه الوسائل".
وكان آخر نص سن في هذا المجال هو التعديل الذي شهده القانون المدني الفرنسي بالأمر الرئاسي رقم 2005/674 الصادر في 16 جوان 2005 حيث تنص المادة 1369-1
" La voie électronique peut être utilisée pour mettre à disposition des conditions contractuelles ou des informations sur des biens ou services".
وتنص المادة 1369-2 على أنه
" Les informations qui sont demandées en vue de la conclusion d'un contrat ou celles qui sont adressées au cours de son exécution peuvent être transmises par courrier électronique si leur destinataire a accepté l'usage de ce moyen".
إن هذه المواد ربطت التعبير عن الإرادة بالطرق الإلكترونية باتفاق طرفي العقد على استعمالها، فإن لم يتفق على ذلك لا تقوم العلاقة التعاقدية اصلا.
[16] د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص91.
[17] تنص المادة 63 من القانون المدني على أنه: "إذا عين أجل للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى انقضاء هذا الأجل ّ.
وقد يستخلص الأجل من ظروف الحال، أو من طبيعة المعاملة.
[18] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 72.
[19] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 73.
[20] ولذلك حرصت العقود المتداولة في العمل على تنظيم مسألة تنظيم نفاذ المخزون فنصت الشروط العامة للمركز التجاري Infonie على بعض الالتزامات في حالة عدم توافر السلعة فورد بها: "إننا ملتزمون، في الحالة التي لا تتوفر فيها بعض القطع أن نقدم لكم قطعا بديلا تتوفر بها ذات المميزات والصفات وبجودة مماثلة او بجودة أعلى، وبسعر مساو أو أكثر أو بأن نرد لكم ما دفعتموه، وعلى أية حال، فسوف نوافيكم برسالة إلكترونية توضح ما إذا كانت السلعة متوفرة، فلا تنسوا مراجعة بريدكم الإلكتروني بانتظام".
كما واجه عقد Apple store هذه المسألة فورد به أنه: "إذا لم نتمكن من تلبية طلبك خلال 30 يوما من تاريخ الدفع، فسوف نخطرك بذلك ويكون لك حينئذ الخيار في العدول عن طلبك واسترداد ما دفعته، فإذا اخترت أن يظل طلبك ساريا، فيجوز لك كلما مرت 10 أيام العدول عن الطلب واسترداد ما دفعته "
كما حرصت الفقرة 5 من البند 4 من العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الإلكترونية بين التجار والمستهلكين الصادر عن غرفة التجارة والصناعة لباريس بالنص على ضرورة مدى توفر السلعة أو الخدمة.
لمزيد من التفصيل راجع د/ أسامة ابو الحسن مجاهد، التعاقد عبر الأنترنيت، دار الكتب القانونية، مصر، طبعة 2002، ص 72 و73.
Michel Vivant, les contrats du commerce électronique, Litec librairie de le cour de cassation, Paris; 1999.
[21] وهو ما أخذ به قانون أونستيرال في المادة..." تمثل رسالة البيانات إيجابا إذا تضمن إيجابا مرسل إلى شخص واحد أو أشخاص محددين ماداموا معروفين على نحو كاف، وكانت تشير إلى نية مرسل الإيجاب أن يلتزم في حالة القبول، ولا يعتبر إيجابا الرسالة المتاحة إلكترونيا بوجه عام ما لم يشر إلى غير ذلك".
[22] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 74.
[23] د/ على فيلالي، المرجع السابق، ص 96.
[24] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 79.
[25] وقد يتم القبول بغير وسيل إلكترونية أصلا كأن يتم بواسطة المراسلة التقليدية رغم أن الإيجاب كان بوسيلة إلكترونية، فنكون أمام حالة ما يسمى بالعقد المبرم جزئيا بوسيلة إلكترونية.
[26] لمزيد من المعلومات راجع أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق.
أ/يونس عرب، التقاضي في بيئة الأنترنيت، المركز العربي للقانون والتقنية العالية، المركز العربي للملكية الفكرية وتسوية المنازعات، عمان، الأردن،
[27] Murielle cahin, le consentement sur internet, [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] intic.com , 18/03/2004.
[28] قد اشترطت عدة قوانين إرسال وثيقة الأمر بالشراء من قبل المتعاقد لتأكيده عن القبول ومنها التوجيه الأوروبي رقم 2000-31 المتعلق بالتجارة الالكترونية في مادته 11 -01 التي اشترطت إرسال إشعار بالوصول يحتوي على جميع المعلومات الواردة في العقد عبر الجهات الموثقية باستعمال الطريق الالكتروني ومن ذلك أيضا ما ورد بالبند 7 من العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الإلكترونية بشأن القبول من ضرورة وجوب تأكيد الأمر بالشراء كما ورد بالتعليق على ذات البند، "أن القبول وتأكيد الأمر بالشراء يجب أن يتحققا بمجموعة من الأوامر على صفحات الشاشة المتعاقبة بحيث تتضمن هذه الأوامر صراحة ارتباط المستهلك على وجه جازم".

" Le consommateur doit recevoir par écrit ou sur un autre support durable à sa disposition et auquel il a accès, confirmation de l'ensemble des élément constitutifs du contrat une confirmation par voie de courrier électronique (E-mail) est proposée; en tant qu'elle est la mieux adaptée au commerce électronique. Le commerçant doit transmettre ces éléments lors de l'exécution du contrat et au plus tard à la livraison…… " Voir, Michel Vivant, Op cit, annexe 1°
[29] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 86.
[30] د/عبد الفتاح بيومي حجازي المرجع سابق، ص232 .
[31]يأخذ التعاقد عن طريق الوسائل الالكترونية المؤتمتة شكلين:
1- تعاقد بين وسيط الكتروني وشخص طبعي وذلك بالأصالة عن نفسه أو بوصفه الممثل القانوني لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة.
2- تعاقد مابين وسيط الكتروني مؤتمت، ووسيط الكتروني مؤتمت آخر وواضح أن كليهما منسوب إلى شخص طبيعي أو اعتباري يتملك ذلك النظام.
د/عبد الفتاح بيومي حجازي المرجع سابق، ص233 .
[32] أنظر قانون CNUDCI المادة 13 فقرة 02 ب: في العلاقة بين المنشئ و المرسل إليه، تعتبر رسالة البيانات أنها صادرة عن المنشأ إذا أرسلت من نظام معلومات مبرمج على يد المنشئ أو نيابة عنه للعمل تلقائيا.
[33] يقصد بهذا المصطلح نقل أحد البرامج أو بعض المعلومات إلى الكمبيوتر الخاص بالزبون عن طريق شبكة الأنترنيت بحيث يحصل الزبون على هذا البرنامج أو هذه المعلومات دون حاجة إلى استعمال الوسيلة لوضع البرنامج على جهاز الكمبيوتر عن طريق القرص المرن disquette أو القرص المضغوط Compacte disque، وواضح أن هذه الصورة تمثل الصورة المثلى لإبرام العقد ( عقد بيع البرامج والمعلومات) وتنفيذه على الشبكة دون اللجوء إلى العالم الحقيقي خارج الشبكة.
د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 88 و89
[34] ويسمى هذا النوع من التعاقد باتفاقيات الرخص التي ترافق البرامج،وهي على شكلين، الأول، رخص تظهر على الشاشة أثناء عملية تنزيل البرنامج على الجهاز، وعادة لا يقرأها المستخدم، بل يكتفي بمجرد الضغط ( أنا أقبل j’accepte )، وهي العقد الالكتروني الذي يجد وجوده في واجهة أي برنامج ويسبق عملية التنزيـــل ( installation )، أما الصورة الثانية هي التي يطلق عليها اسم رخصة فض العبوة التي تكون مع حزمة البرامج المعروضة للبيع في محلات بيع البرمجيات وتظهر عادة تحت الغلاف البلاستيكي على الحزمة وغالبا ما تبدأ بعبارة ( بمجرد فض هذه العبوة، فانك توافق على الشروط الواردة في الرخصة)
لأكثر تفاصيل حول هذا النوع من العقود، راجع، أ/ يونس عرب العقود الالكترونية – أنظمة الدفع والسداد الالكتروني، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[35] د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص 87.
[36] أخذ المشرع بنظرية الوحدة « Théorie Moniste » أو التلازم بين مكان انعقاد العقد وزمان هذا الانعقاد في المادة 67 منه.
د/ محمد حسن قاسم، المرجع السابق، ص 91 .
75 د/علي فيلالي، المرجع السابق،ص 103 و104.
[38] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 89
[39] أ/ أحمد خالد العجولي، المرجع السابق، ص 90.
[40] هناك العديد من المذاهب المتبعة لتحديد وقت انعقاد العقد بين الغائبين ومنها:
1- مذهب إعلان القبول théorie de déclaration: العبرة وفق هذه النظرية في تحديد وقت انعقاد العقد، بلحظة إعلان القبول من قبل من وجه إليه الإيجاب، أو باللحظة التي يتخذ فيها الأخير قرار قبول الإيجاب، وإعمالا لهذه النظرية بشأن تطبيقاتها الحديثة على العقد الإلكتروني يمكن القول بأن لحظة إعلان القبول الذي تعتمدها هذه النظرية هي اللحظة التي يحرر فيها من وجه إليه الإيجاب رسالة إلكترونية تعبر عن قبوله للإيجاب، أو هي اللحظة التي يضغط فيها على الأيقونة المخصصة للقبول، أما بشأن العقود التي تبرم عبر البريد الإلكتروني فهي اللحظة التي يعلن فيها القابل إرادته بالقبول حتى قبل قيامه بالضغط على زر الإرسال.
2- مذهب تصدير القبول: théorie de l'expédition، وفق هذه النظرية تتأخر اللحظة التي ينعقد فيها العقد إلى الوقت الذي يقوم فيه القابل بتصدير قبوله، أي بإرساله إلى الموجب بحيث لا يمكن أن يسترده، كأن يقوم بإرسال القبول عن طريق الفاكس أم التيلكس أو عن طريق قيامه بالضغط على زر الكمبيوتر لإرسال قبوله إلى الموجب.
3- مذهب تسلم القبولthéorie de réception، مقتضى هذه النظرية أن العقد ينعقد عندما يصل القبول إلى الموجب وتسلمه له، والعقد يعتبر تاما في هذه اللحظة حتى ولو لم يعلم به الموجب، فيكون فيها العقد المبرم عبر البريد الإلكتروني منعقدا في لحظة وصول الرسالة أو دخولها إلى صندوق البريد الإلكتروني لجهاز الكمبيوتر الخاص بالموجب ولو لم يقم الأخير بفتح صندوق بريده الإلكتروني، فالعبرة بتسلم القبول.
د/ محمد حسن قاسم، المرجع السابق، ص78 وما بعدها.
[41] د/علي فيلالي، المرجع السابق، ص 106.
[42] أما القانون النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية (الأونسيترال) فقد نظم مسألة تحديد زمن وصول الرسالة الإلكترونية في المادة 15 منه التي تنص: "1- ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على خلاف ذلك يقع إرسال رسالة البيانات عندما تدخل الرسالة نظام المعلومات لا يخضع لسيطرة المنشئ، وسيطرة الشخص الذي أرسل رسالة البيانات نيابة عن المنشئ.
2- ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على غير ذلك، يتحدد وقت استلام رسالة البيانات على النحو التالي:
أ) إذا كان المرسل إليه قد عين نظام معلومات لغرض استلام رسائل البيانات، يقع الإستلام:
- وقت دخول رسالة البيانات نظام المعلومات المعين، أو
- وقت استرجاع المرسل إليه لرسالة البيانات، إذا أرسلت رسالة البيانات إلى نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولكن ليس هو النظام الذي تم تعيينه.
ب) إذا لم يعين المرسل إله نظام معلومات، يقع الإستلام عندما تدخل رسالة البيانات نظام معلومات تابع للمرسل إليه.
3- تنطبق الفقرة 2 ولو كان المكان الذي يوجد فيه نظام المعلومات مختلفا عن المكان الذي يعتبر أن رسالة البيانات قد استلمت فيه بموجب الفقرة 4.....".
وقد عالج التعديل الأخير للقانون المدني الفرنسي هذه المسألة عندما نص في المادة 1369-9 بأنه :
"hors les cas prévus aux articles 1316-1 et 1316-2 la remise d'un écrit sous forme électronique est effective lorsque le destinataire après avoir pu en prendre connaissance, en a accusé réception, si une disposition prévoit que l'écrit doit être lu au destinataire, le remise d'un écrit électronique à l'intéressé dans les conditions prévues au premier alinéa vaut lecture".
Voir ordonnance n° 2005-674 du 16 juin 2005 relative à l'accomplissement de certaines formalités contractuelles par voix électronique
و يجب عدم الخلط في هذا الصدد بين تحديد زمان ومكان انعقاد العقد وعملية تحديد زمان ومكان وصول الرسالة الإلكترونية، فالمسألة الأولى هي مسألة قانونية تتعلق بعملية تبادل التراضي بشقيه، الإيجاب والقبول، والمسألة الثانية فنية لا تأثير لها من الناحية القانونية المتعلقة بزمان ومكان الانعقاد القانوني للعقد.
د/محمد فاروق الأباصيري، عقد الإشتراك في قواعد المعلومات عبر شبكة الأنترنيت، دراسة تطبيقية لعقود التجارة الإلكترونية الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، طبعة 2002، ص 63.
[43] د/ علي فيلالي، المرجع السابق، ص 106، 107.
[44] أ/ يونس عرب، منازعات التجارة الإلكترونية الإختصاص والقانون الواجب التطبيق وطرق التقاضي البديلة
[45] د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 62 وما بعدها.
[46] د/ أعراب بلقاسم، القانون الدولي الخاص الجزائري، تنازع القوانين، دار هومة، طبعة 2002، ص302 وما بعدها.
[47] عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 168 وما بعدها
[48] Voir préface de Francis Lorentz, au livre de Michel Vivant, Les contrats du commerce électronique, Litec, 1999.
د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، نفس المرجع، ص 114.
و د/ أسامة أبو الحسن مجاهد، المرجع السابق، ص20 و21.
[49] عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 171.
[50] أ/يونس عرب، التقاضي في بيئة الأنترنيت، المركز العربي للقانون والتقنية العالية، المركز العربي للملكية الفكرية وتسوية المنازعات، عمان، الأردن،
[51] تجدر الإشارة في هذا الصدد بأن المنهج التقليدي لتنازع القوانين لم يعد ينسجم مع المعاملات التي تتم عبر الأنترنيت في طبيعة غير مادية وعالمية، فأغلب العلاقات العقدية التي تبرم بواسطة الأنترنيت هي علاقات تجمع بين أطراف تختلف جنسياتهم وأماكن إقامتهم وتتعلق أيضا بمواقع لا يعلم مكانها ولا مكان الجهة التي تديرها، ولا موقع الخادم الخاص بها، مما يجعل من الصعب حصر هذه العلاقة في إقليم دولة معينة ومنطقة جغرافية محددة، الشيء الذي جعل فكرة الحدود الجغرافية تزول، ولم تعد الدولة قادرة على صد أو رفض ما يبث إليها من وراء الحدود، الأمر الذي أدى إلى إفلات هذه العلاقات من الخضوع إلى منهج الإسناد ومن يقود إليه من تطبيق القوانين الوطنية.
الشيء الذي أدى بالفقه إلى القول بإلزامية البحث عن قواعد موضوعية تحكم المجتمع الجديد الذي نشأ بفضل شبكة الأنترنيت، حيث بدأت الجهود تبذل في هذا الإطار من قبل المنظمات العالمية والإقليمية لإيجاد حلول لهذه المشاكل بالبحث عن قانون ذي طبيعة عالمية بعيدا عن القانون الدولي الخاص، من جهة، ومحاولة إيجاد وسائل جديدة فعالة لفض منازعات التجارة الإلكترونية، خاصة ما تعلق منها بالقانون الواجب التطبيق والإختصاص القضائي، نذكر منها التحكيم، الوساطة، المفاوضات، لتتجاوز بذلك المشاكل التي قد تطرحها القوانين الوطنية في هذا المجال، خاصة منها القوانين التي لم تنظم المعاملات الإلكترونية من جهة أخرى.
ويشار في الأخير إلى أن أحدث تطور علمي في حقل فض المنازعات وهو العمل على حل المنازعات المتصلة بتقنية المعلومات والأنترنيت بشكل إلكتروني وعلى شبكة الأنترنيت نفسها صمن ما يعرف بالتسوية الإلكترونية أو المحاكم الإلكترونية.
لمزيد من التفصيل، راجع
أ/يونس عرب، التقاضي في بيئة الأنترنيت، المركز العربي للقانون والتقنية العالية، المركز العربي للملكية الفكرية وتسوية المنازعات، عمان، الأردن،
أ/يونس عرب، منازعات التجارة الإلكترونية، الإختصاص والقانون الواجب التطبيق وطرق التقاضي البديلة، المركز العربي للقانون والتقنية العالية،
د/ د/ فاروق محمد أحمد الأباصيري، المرجع السابق، ص 107 وما بعدها