أثر امتناع الإدارة عن تقديم المستندات.يقيم قرينة لصالح المدعي بصحة ادعائه
بسم الله الرحمن الرحيم
المحكمه الاداريه العليا
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل فرغلي وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 1972 لسنة 33 القضائية
( أ ) دعوى - إثبات - عبء الإثبات - أثر امتناع الإدارة عن تقديم المستندات.
يقع عبء الإثبات على عاتق المدعي - لا يؤخذ بهذه القاعدة على إطلاقها في مجال المنازعات الإدارية حيث تحتفظ الإدارة بجميع الوثائق والملفات المتعلقة بالمنازعة - أثر ذلك: أنه يتعين على جهة الإدارة تقديم الأوراق والمستندات اللازمة للفصل في الدعوى - نكول الإدارة عن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي بصحة ادعائه وسلامة ما قدمه من أدلة - تسقط هذه القرينة في حالة ثبوت التواطؤ والغش مع عمال الإدارة - تطبيق.
(ب) دعوى - أدلة الإثبات - ندب خبير في الدعوى.
الاستعانة بأهل الخبرة من الأمور المتروكة للسلطة التقديرية للمحكمة – لا تثريب على المحكمة إن هي رفضت طلب إحالة الدعوى إلى خبير بعد أن تبين لها أن الطلب قدم من خصم امتنع عن تنفيذ قراراتها رغبة في تعطيل الفصل في الدعوى رغم ثبوت الحق المدعى به - تطبيق.[(1)]
إجراءات الطعن
في يوم الإثنين الموافق 27/ 4/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1972 لسنة 33 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 26/ 2/ 1987 في الدعوى رقم 78/ 36 ق والقاض بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقدم الأستاذ المستشار/ مصطفى عبد المنعم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/ 10/ 1990 حيث نظر بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى تقرر إحالته بجلسة 1/ 7/ 1991 إلى هذه المحكمة "حيث تم تداول الطعن أمامها ومناقشة أدلته - التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر حجزه للنطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 78 لسنة 36 ق بتاريخ 15/ 10/ 1981 أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مجلس مدينة شبرا الخيمة برفض طلب الترخيص رقم 24 لسنة 1980 مع إلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك تأسيساً على أنه، تقدم إلى الإدارة الهندسية بمجلس مدينة شبرا الخيمة طالباً الترخيص بالتعلية فوق المباني السابق إقامتها بملكه رقم 21 طريق الإسكندرية الزراعي وقيد الطلب برقم 24/ 10/ 1980 وتم إخطاره من قبل مجلس المدينة بالكتاب رقم 5372 في 8/ 4/ 1980 بدفع مقابل التحسين المستحق على عقاره الجاري تعليته وقام بدفع مقابل التحسين المطلوب بتاريخ 12/ 7/ 1980 بقسيمة السداد رقم 265424 غير أنه فوجئ بعد تسعة أشهر بخطاب مجلس المدينة رقم 2088 في 21/ 4/ 1981 يخطره فيه برفض طلب الترخيص بناء على رأي الشئون القانونية بالمجلس وتم له التظلم من هذا القرار إلى لجنة التظلمات التي لم تجبه بالقبول أو الرفض.
واستطرد المطعون ضده قائلاً أن القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون والإجراءات حيث اعتبرت المادة السادسة من القانون أن مرور ستين يوماً على تقديم طلب الترخيص دون صدور قرار من الجهة الإدارية المختصة بالرفض يعد بمثابة موافقة على طلب الترخيص، ومن ثم فما دام المطعون ضده المدعي قد قدم الطلب مستوفياً ودفع مقابل التحسين المطلوب وانقضت المدد الواردة في القانون فقد أصبح ممنوحاً الترخيص بقوة القانون ويكون القرار الصادر بالرفض صادراً ممن لا يملكه ومشوباً بعيب انعدام السلطة، كما أن إخطار المدعي لم يتضمن تسبيباً للقرار الأمر الذي يجعله غير قائم على سبب يبره قانوناً.
وبجلسة 26/ 2/ 1987 قضت محكمة أول درجة بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وشيدت قضاؤها على أن جهة الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجاباً أو نفياً عما طلب منها، فإذا تنكلت الحكومة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي تلقى عبء الإثبات على عاتق الحكومة، وإذ امتنعت الحكومة عن تقديم المستندات والأوراق التي استندت إليها في إصدار قرارها رغم تكرار مطالبتها سواء في مرحلة التحضير أو أمام المحكمة، الأمر الذي يؤيد دعوى الطاعن والتي لم تنفيها جهة الإدارة أو بتقديم أي دليل ينقضها، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر على غير أسباب سليمة منتجة واقعاً وقانوناً مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية أولاً: أن ثمة قصوراً واضحاً في التسبيب وذلك لأن المستندات المقدمة من المطعون ضده في الدعوى لا تكفي لإلغاء القرار ولم يظهر الحكم في أسبابه كيفية انتهائه إلى عدم أحقية الجهة الإدارية في رفض طلب الترخيص وكان الواجب على المحكمة أن تحيل الأمر إلى خبير للتعرف على مدى سلامة القرار من الناحية الفنية والواقعية.
ثانياً: أن الجهة الإدارية كانت بسبيلها لتقديم مستندات قاطعة في الدعوى تفيد تنازل المطعون ضده عن طلب الترخيص بعد رفع الدعوى إلا أن المحكمة لم تفسح للجهة الإدارة الوقت الكافي لتقديم المستندات.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ولئن كان عبء الإثبات على عاتق المدعي استناداً إلى القاعدة الأصولية أن البينة على من أدعى، إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال وطبيعة النظام الإداري الذي يقوم على مبدأ التنظيم اللائحي المسبق لإجراءات وخطوات أداء العمل الإداري وتوزيع الاختصاص بين العاملين في إنجاز مهامه بصورة محددة وضرورة تنظيم حفظ الوثائق والمستندات المتعلقة به للرجوع إليها سواء لضمان حقوق المواطنين والإدارة أو لتحديد المسئولية ومن ثم تحتفظ الإدارة طبقاً لمقتضيات النظام العام الإداري بجميع الوثائق والملفات المتعلقة بالأعمال التي تقوم بها أو بصور رسمية فيها وهي الأوراق ذات الأثر الجسيم في المنازعة الإدارية.
ومن حيث إنه بناء على ما أورده الدستور من خضوع الدولة للقانون وعدم تحصن أي عمل أو إجراء يصدر عن الجهات الإدارية من حصانة القضاء ومسئولية السلطة القضائية وبصفة خاصة مجلس الدولة عن تحقيق سيادة القانون ومباشرة الرقابة على مشروعية تصرفات وقرارات الجهات الإدارية فإنه يتعين على هذه الجهات الإدارية نزولاً على سيادة القانون ولعدم تعويق العدالة أن تقدم لمحاكم مجلس الدولة....... سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إظهار وجه الحق فيه إثباتاً أو نفياً متى طلب إليها ذلك، فإذا تنكلت تلك الجهة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع وكان المدعي يعتمد في تعييب قرارها على ما تضمنته المستندات التي تحتفظ بها وامتنعت عن تقديمها انزاحت قرينة الصحة التي تتمتع بها القرارات الإدارية، وقامت لصالح المدعي قرينة جديدة على صحة ما أقامه أمام القضاء من ادعاءات وسلامة ما قدمه من مستندات، وألقت عبء الإثبات من جديد على عاتق الإدارة.
وإذا كانت..... هذه القاعدة العادلة تنبثق من أصل دستوري عام هو إزالة كافة العوائق التي تواجه المواطن في سبيل لجوئه إلى قاضيه الطبيعي للانتصاف هو الحق الذي كفله الدستور وأكدته القوانين التي أتاحت أحكامها للقاضي وسائل ممارسته لوظيفته الطبيعية في تحقيق العدالة بتهيئة كافة السبل لاستيفاء الأوراق والمستندات المعينة على معرفة الحقيقة وحسم النزاع، فإن هذه القاعدة تجد حدها الطبيعي في ألا تستغل من جانب الأفراد أو عمال الإدارة لطمس الحقيقة وإخفائها وتضليل العدالة لتحقيق مصلحة خاصة على حساب الحق والعدل والصالح العام، ومقتضى ذلك أن القرينة التي قامت لصالح الأفراد بسبب الإدارة أو تقاعسها عن الرد أو تقديم المستندات تسقط - في مجال الإثبات إذ وقع من جانبهم إهمال أو غش أو تواطؤ مع عمال الإدارة لتحقيق هذه الغاية على حساب المصلحة العامة أو إذا كان الاعتداد بهذه القرينة من شأنه تهديد سير وانتظام مرفق عام أو تعرض الأمن العام أو المصلحة العامة أو السكينة العامة للخطر أو انهيار آخر للمقومات الأساسية للمجتمع مثل القيم الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع، وعلى المحكمة أن تكتشف من سير الدعوى قيام أي من هذه الاعتبارات أو انتفائه حتى تستقيم القاعدة ولا تستغل هذه القرينة التي تقضيها العدالة - لتحقيق مآرب شخصية بتضليل العدالة وللامتناع عن تقديم المستندات المعينة على استجلاء الحقيقة فإذا ما تأكد للمحكمة - من واقع الحال - أن العاملين بالجهة الإدارية قد امتنعوا عمداً عن تقديم ما لديها من مستندات كلفت بتقديمها لفترة طويلة، وأن المدعي قد قدم بحسن نية كل ما لديه من أوراق ومستندات تؤيد ادعاءاته، ولم يثبت لديها وقوع غش أو تواطؤ بين المدعي وعمال الإدارة لتضليل المحكمة أو إبعادها عما في طلبات المدعي من تهديد للصالح العام وتابعت بصبر لفترة معقولة تكليف الإدارة بإيداع المستندات اللازمة للفصل في الدعوى واستنفذت وسائل إجبارها على تقديمها، فلا تثريب عليها إن هي اقتنعت بأن نكول الإدارة عن تقديم الأوراق المطلوبة دليل على صحة ادعاءات الطرف الآخر وسلامة موقفه في الدعوى، ولا سبيل لدحض سلامة هذه الأسس بالقول بإحالة الدعوى إلى خبير في حالة امتناع الإدارة عن تقديم المستندات المطلوبة، ذلك أن الاستعانة بأهل الخبرة وإن أجازة القانون للمحكمة عند الاقتضاء فإنه أمر متروك لمطلق تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ووزنها في مجال إثبات الحق أو استجلاء الحقيقة لتؤدي رسالتها في إحقاق الحق وإقامة العدل وحسم الأنزعه في أقرب وقت مستطاع، ومن ثم فلا تثريب عليها إن هي رأت في حدود سلطتها عدم جدوى اللجؤ إلى أهل الخبرة في تحصيل الحق الثابت في الموضوع والذي لم تجحده الإدارة، فضلاً عن أن إحالة الدعوى إلى الخبير لا يسوغ اللجؤ إليه لتحقيق أهداف ولصالح الخصم الممتنع عن تنفيذ قرارات المحكمة في تعطيل الفصل في الدعوى ومكافأته على امتناعه وإعناتاً للطرف الآخر في سبيل اقتضائه لحق التقاضي وهو متنزه عنه القضاء القائم على الحياد والموضوعية والنزاهة والعدل.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد امتنعت عن تقديم أسباب رفضها لطلب الترخيص المقدم من المدعي "المطعون ضده أو ملف الترخيص الذي تحتفظ به تحت يدها يعتبر مبرر معقول رغم تكرار مطالبتها بها على الوجه المبين بمحاضر الجلسات التي عقدتها هيئة مفوضي الدولة لتحضير الدعوى أو التي عقدتها المحكمة للفصل فيها قرابة أربع سنوات من تاريخ رفع الدعوى استنفذت خلالها المحكمة كل وسائلها القانونية في سبيل إجبار الإدارة على تنفيذ ما كلفت به فإن المحكمة تكون قد أصابت الحق إن هي استخلصت من ذلك دليلاً على سلامة ادعاء المطعون ضده في تعيب القرار المطعون واعتبرته غير قائم على سببه وانتهت إلى إلغائه.
ومن حيث إنه لا ينال من سلامة هذا النظر ما قدمته الجهة الطاعنة من أوراق تحصلت في مستند واحد اعتبرته قاطعاً في الطعن لتضمنه تأشيرة من المطعون ضده على الطلب المقدم منه بالترخيص له بتعلية عقاره، ذلك أنه فضلاً عن أن المستند المقدم منها هو عبارة عن صورة فوتوغرافية لم يقدم أصلها للمحكمة، فإنه يبين من مطالعة الأوراق في الظروف والملابسات الدالة على مخالفة الإدارة لروح التشريع، إن المستند المدعى به لا يوفر لدى المحكمة الاقتناع الكامل بسلامة صدوره من المطعون ضده عن إرادة حرة واعية، ذلك أنه ولئن كانت الجهة الطاعنة تعتمد في طعنها المقام في 27/ 4/ 1987 على التنازل المدعي بوقوعه من المطعون ضده في 18/ 10/ 1981 أي بعد رفع دعواه بثلاثة أيام فقط فإنها، كما امتنعت عن تقديمه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري - امتنعت عن تقديمه برفقة تقرير الطعن أو أثناء نظر الجلسات ولم تقدمه إلا في 1/ 10/ 1990 على ما هو ثابت بمحاضر الجلسات أي بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف من تاريخ رفعها للطعن الذي يقوم أساساً كما ادعت على المستند المذكور، كما أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده بعد أن تقدم بطلب الترخيص رقم 124/ 1980 ببناء أربعة أدوار علوية واستوفى جميع الإجراءات ومضت المدد القانونية اللازمة لاعتبار الترخيص ممنوحاً أرسلت الإدارة الهندسية بمجلس مدينة شبرا الخيمة خطاباً إلى المطعون ضده في 21/ 4/ 1981تفيده فيه بأن طلبه قد رفض بناء على رأي إدارة الشئون القانونية وتحذره فيه من إقامة البنى المرخص به، وفي 8/ 6/ 1981 أرسلت له خطاباً آخر، وتفيده فيه أن رئيس المدينة قد وافق على إقامة مبنى من دور واحد في جزء من طول المبنى الحالي دون الجزء الآخر وطلبت منه إرسال رسومات هندسية معدلة للجزء الذي تمت الموافقة عليه، وبتأشيرة مؤرخه 18/ 10/ 1981 وبتوقيع منسوب صدوره إلى المطعون ضده تأشر على هامش طلب الترخيص رقم 124/ 1980 السابق تقديمه منه بعبارات تنازلت عن الترخيص رقم 24/ 1980 وذلك لتأجيل عملية البناء حالياً.." وإذا كان السبب الذي تم التنازل من أجله وهو تأجيل عملية البناء يتنافى مع حقيقة عقد الاتفاق المبرم بين المطعون ضده في 31/ 7/ 1980 ويتعهد فيه المطعون ضده ببناء دور أول فوق الأرضي "محل الترخيص" ليكون مقراً للبنك الأهلي فإذا تأخر الطرف الثاني المطعون ضده "عن البناء التزم بدفع عشرة جنيهات عن كل يوم من أيام التأخير الفعلي.." يتأكد لدى المحكمة الاقتناع بأن التنازل المقدم من المطعون ضده قد صدر تحت تأثير الإكراه الذي استغلت فيه الإدارة حاجته إلى بناء الدول الأول المشار إليه للوفاء بالتزامه قبل البنك خشية وقوعه تحت طائلة الغرامات الجزائية التي تعهد بدفعها عن كل يوم تأخير عن بناء الدور الأول الخاص بالبنك في جزء من مساحة الأرض تفادياً للخسارة الفادحة التي سوف تتهدده في حالة منع الإدارة له بطريق التنفيذ المباشر وبالقوة من البناء مقابل تنازله عن الترخيص الذي أصبح ممنوحاً له بقوة القانون باستيفاء شروطه وفوات المدة المقررة قانوناً من تاريخ تقديمه دون اعتراض من الجهة الإدارة المختصة، مما يتظاهر على أن التنازل المذكور قد صدر عن إرادة معينة فاسدة لما شابها من إكراه يترأ بتحذيره من اتخاذ كافة الوسائل لمنعه من البناء وانتهاء بالموافقة له على البناء على جزء من مساحة العقار في حدود دور واحد فقط هو الدور المخصص في عقد الاتفاق ليكون مقراً للبنك الأهلي، وهو أمر لم يكن المطعون ضده في حاجة إليه أصلاً، ما دام قد حصل بقوة القانون على ترخيص ببناء أربعة أدوار علوية على كامل ملكه، لولا تدخل الإدارة بوسائل غير مشروعية لمنعه من البناء بمراعاة خشيته وخوفه من عدم تمكينه من الوفاء لالتزاماته قبل البنك على النحو سالف البيان، كما أن المطعون ضده لم يكن بحاجة في الظروف الطبيعية إلى التنازل المكتوب عن ترخيص حصل عليه بالفعل بحجة تأجيل البناء إذ كان يكفيه أن يمتنع بالفعل عن البناء المدة المحددة قانوناً لاعتبار الترخيص كأن لم يكن، ولو أصر المطعون ضده على أن يكون التنازل إيجابياً لأرسله في خطاب مستقل إلى الإدارة الهندسية دون حاجة إلى الانتقال إلى مقرها الذي يوجد به ملف الترخيص ليؤشر على هامشه بما يفيد التنازل، الأمر الذي يؤكد أنه استدعى للإدارة المذكورة لاستكتابه التنازل المذكور كرهاً عنه مما ترى معه المحكمة طرح هذا التنازل لصدوره عن إرادة معيبة وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليه مما يجعل الطعن على الحكم الطعين غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الحكومة وقد أصابها الخسر في طعنها تلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية
20 نوفمبر 2010
جمعيات تعاونية
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ عزيز بشاى سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير و د/ محمد جودت الملط ومحمد معروف محمد وفريد نزيه تناغو المستشاريين .
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 9/3/1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن السيد/ مدير النيابة الإدارية بصفته بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية العليا بجلسة 9/1/1985 فى الدعوى التأديبية رقم 88 لسنة 26 قضائية والقاضى ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام ، و طلبت النيابة الإدارية فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ضدهم طبقا لمواد الإتهام الواردة بتقرير الإتهام .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن بتاريخ 7/2/1987 انتهت للأسباب الواردة فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا .و بجلسة 28/10/1987 والجلسات التالية نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل حيث حضر محامى هيئة قضايا الدولة كما حضر حامى المطعون ضدهم الأربعة الأول وقدم مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات ، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة-موضوع -بالمحكمة الإدارية العليا حيث نظرت المحكمة هذا الطعن بجلسة 21/11/1987 و حضر محامى المطعون ضدهم الأربعة الأول كما قدم المطعون ضده الخامس مذكرة بدفاعه وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا .
وحيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا .
وحيث أن عناصر هذه المنازعة تتلخص فى أنه بتاريخ 10/1/1984 أودعت النيابة الإدارية بقلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا تقرير إتهام ضد :
1 - ……….مدير عام الإدارة العامة للتعاون بمحافظة الجيزة "مدير عام ".
2 - ……… موظف بالإدارة العامة للتعاون بمحافظة الجيزة "الدرجة العالية " .
3 - ……… مراقب التعاون الإنتاجى بالمحافظة (درجة عالية ).
4 - ……… موظف بديوان عام المحافظة "درجة ثالثة ".
5 - ……… مدير عام الإدارة العامة للإنتاج والشئون القتصادية بمحافظة الجيزه بدرجة مدير عام .
6 - ……… أخصائى بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
7 - …….. موظف بسكرتارية مكتب محافظ الجيزة "درجة أولى ".
8 - …….. موظف بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
9 - ……… موظف بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
وذلك لأنهم خلال المدة من 1978 إلى 1983 بديوان محافظة الجيزة وحى شمال وجنوب الجيزة .
من الأول إلى الرابع : جمعوا بين عملهم وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظائفهم بأن عملوا كأعضاء فى مجلس إدارة جمعية الأفق الجديد للإسكان الزراعى وتقاضوا منها مبالغ مالية طائلة رغم اتصال نشاطها بأعمال وظائفهم .
الخامس : جمع بين عمله وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظيفته بأن عمل مستشارا فنيا لجمعية الأفق الجديد للإسكان التعاونى ورغم اتصال نشاطها بإعمال وظيفته وتقاضى نظير مبالغ ومكافآت .
من السادس حتى التاسع : أدوا أعمالا نظير أجر لجمعية الأفق الجديد للإسكان التعاونى بغير تصريح من السلطة المختصة ورغم إتصال نشاط الجمعية بأعمال وظائفهم .
وأضافت النيابة الإدارية بتقرير الإتهام أن بذلك يكون المحالون قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها فى المواد 77/11 ، 12، 14 ،78/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 المعدل بالقانون رقم 115/1983 والمادة 42/7 من القانون رقم 114/1981 بشأن الإسكان التعاونى .
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبيا طبقا للمواد السالفة والمادتين 80،82 من قانون العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه والمادة 14 من القانون رقم 117/1958 المعدل بالقانون رقم 171/1981 والمادتين 15/19 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة .
وبجلسة 9/1/1985 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام ، وأشارت المحكمة فى أسباب حكمها إلى أنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحاليين من الأول إلى الرابع وهما الجمع بين عملهم وعمل آخر كأعضاء فى مجلس إدارة الأفق الجديد للإسكان التعاونى فقد تبين من مذكرة النيابة أنها استندت فى اعتبار عذه الواقعة مخالفة إلى أن ذلك تم بالمخالفة لحكم المادة 42/7 من قانون الإسكان التعاونى رقم 114 لسنة 1981 إلا أنه تبين للمحكمة أنه تم انتخاب مجلس إدارة الجمعية المشار إليها فى عام 1978 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 114/1981 المشار إليه الذى يسرى وفقا للمادة الثامنة من مواد إصداره من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية وقد تم نشر هذا القانون فى 5 مارس 1981 ومن ثم فإن أحكام هذا القانون لا تسرى على عضوية مجلس إدارة الجمعية المذكورة التى تمت قبل العمل به فى عام 1978 مما ينهار معه الأساس الذى تم على مقتضاه إعتبار الواقعة المنسوبة إلى المحالين مخالفة إدارية الأمر الذى يتعين معه تبرئتهم من هذه المخالفة وحيث أنه بالنسبة لإعتبار عضوية مجلس إدارة الجمعية مخالفة للحظر الوارد فى المادة 77/11 من قانون العاملين المدنيين بالدولة فإن الفقرة 11 من المادة 77 تنص على أنه يحظر على العامل الجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر يؤديه باذات أو بالواسطة إذا كان من شأن ذلك الإصدار بأداء واجبات الوظيفة أو غير متفق مع مقتضياتها والمقصود بذلك الالتحاق بطريق التعيين أو التعاقد ولا يمتد ذلك ليشمل عضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية الذى لا يعتبر عملا فة مفهوم هذه المادة ولم يحظر المشرع على العاملين ولو أراد حظر الترشيح بعضوية مجالس إدارة تلك الجمعيات على العاملين فى الدولة لنص على ذلك صراحة كما نص فى الفقرة 4 من المادة 77 على حظر قبول عضوية مجالس إدارة الشركات وبالتالى فإن ترشيح المذكورين أنفسهم لعضوية مجلس إدارة الجمعية المذكورة وفوزهم بعضوية مجلس إدار تها لا يشكل مخالفة إدارية بالنسبة لهم على التفصيل النتقدم .
وأضافت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بأن فضلا عما سلف فإن الثابت من الرجوع لأقوال المحالين فى التحقيق أنهم ذكروا جميعهم أنه لا يوجد أى إتصال بين أعمال وظائفهم التى يشغلونها فى المحافظة وبين جمعيات الإسكان وأن إدارة التعاون بالمحافظة ليست مسئولة عن جمعيات الإسكان وليست الجهة الإدارية المختصة بالإشراف عليها ولم تقدم النيابة الإدارية دليل أن لوظائف المحالين صلة بأعمال هذه الجمعيات خلافا لما قرروه .
وأضافت المحكمة أنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحال الخامس من أنه جميع بين عمله وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظيفته بأن عمل مستشار فنيا للحمعية رغم إتصال نشاطها بأعمال وظيفته ، فإن مناط تطبيق المادة 77/11 من قانون نظام العاملين المدنيين متفق مع مقتضياتها ولم تبين سلطة الإتهام أوجه اضرار عمل المحال الخامس كمستشار فنى للجمعية بواجبات وظيفته الأصلية وقد للمحكمة أن انتهت إلى أنه لا يوجد دليل على وجود صلة بين إدارة التعاون بالمحافظة وبين نشاط جمعيات الإسكان التعاونى فضلا عن أنه ثبت من الأوراق ومن دفاع المحال وحافظة المستندات التى قدمها أنه تم التصريح له من السلطة المختصة بالجهة التى يعمل بها بالعمل كمستشار فنى للجمعية وفقا لأحكام القانون ولا شك أن جهة العمل التى يتبعها المحال لو رأت أن فى هذا العمل الآخر ما يضر بأداء وظيفته لما منحته مثل هذا التصريح وبذلك فإن المحال إذ قام بالعمل كمستشار فنى للجمعية إنما قام به بناء على إذن له بذلك من جهة عمله وفقا لأحكام القانون وعلى ذلك فإن القول بأن هذه الواقعة تشكل مخالفة للقانون فى غير محله مما يتعين معه تبرئه المحال مما نسب إليه فى قرار الإتهام .
وأضافت المحكمة التأديبة لمستوى الإدارة العليا أنه لالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحالين من السادس إلى التاسع من أنهم أدوا أعمالا للجمعية المذكورة بأجر وبغير تصريح من السلطة المختصة فإن الثابت للمحكمة من المستندات المقدمة منهم أنه تم التصريح منهم انه تم التصريح منهم بالعمل بالجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية طبقا للطلب المؤرخ 23/1/1979 المرفوع من إدارة التعاون للسكرتير العام لمحافظة الجيزة لندب المحالين الأربعة بالجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية والمؤشر عليه بالموافقة ، وبذلك يكون الثابت من الأوراق أنهم عملوا بالجمعية بناء على قرار ندب صحيح وقانونى ولا تكون هناك أية مخالفة قانونية تستوجب إتهامهم .
ومن ثم انتهت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا إلى الحكم ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام .
ومن حيث أن مبنى الطعن المقام من النيابة الإدارية أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وشابه الفساد فى الإستدلال أولا بالنسبة للمحالين الأربعة الأول فإن النيابة الإدارية قدمت قرار محافظ الجيزة رقم 1747 / 1979 بشأن إعادة تنظيم أجهزة الديوان العام والموضح به إختصاصات إدارة التعاون ومن ناحية أخرى فإن القانون رقم 114/1981 بشأن التعاون الإسكانى أعطى فى المادة 18 أجهزة الحكم المحلى بعض الاختصاصات فى مجال قبول وقيد عقد التأسيس الإبتدائى والنظام الداخلى للجمعية وإجراءات شهرها ، ولما كان المحالين يعملون بإدارة التعاون فى المحافظة ونص القانون رقم 114/1981 المشار إليه على أنه يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس إدارة الجمعية ألا يكون من العاملين بالجمعية أو الجهة الإدارية المختصة أو بإحدى الجهات التى تتولى الإشراف أو التوجيه أو التمويل بالنسبة للجمعية ، فإن المذكورين قد خالفوا أحكام هذا القانون على الأقل من تاريخ صدوره والعمل به
وفضلا عن ذلك فإن المشرع حظر فى المادة 77/11 ،12 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة على العامل أن يؤدى عملا للغير بأجرا وبدون أجر ولو فى غير أوقات العمل الرسمية إلا بإذن واستثنى من ذلك بعض الأعمال على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها ولم ترد فيها عضوية مجالس إدارة الجمعيات .
كما استند تقرير الطعن ثانيا بالنسبة للمخالفين من الخامس إلى التاسع إلى أن الثابت من قرار المحافظة رقم 1747/1979 والمادة الثامنة عشر من القانون رقم 114/1981 وباعتراف المخالف الخامس نفسه بوجود علاقة بين إدارة التعاون بالمحافظة والجمعيات مما يؤكد أن الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه مستمدة من أصول تخالف الثابت فى الأوراق ، فضلا عن استناد هذا الحكم إلى وجود تصريح مع المخالفين بالعمل فى جمعية الأفق الجديد ، وهذا التصريح مخالف للقانون لأن العمل بهذه الجمعية من شأنه الإضرار بأعمال وظيفته بالمحافظة وكان على المحكمة أن تطرح هذا الدليل وتنزل على مصدره الجزاء الملائم إعمالا لنص المادتين 40،41 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة ، ومن ثم انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمعاقبة المطعون ضدهم طبقا لمواد الاتهام .
ومن حيث أن المادة 77 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 حظرت فى الفترة الحادية عشرة على العامل أن يجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر إذا كان من شأن ذلك الإضرار بأداء واجبات الوظيفة أو كان غير متفق مع مقتضياتها كما حظرت فى الفقرة الثانية عشر على العامل أن يؤدى أعمالا للغير بأجر أو مكافأة إلا بإذن من السلطة المختصة .
ونصت المادة 42 من قانون النعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 114/1981 على لأن يشترط فيمن يرشح بعضوية مجلس إدارة الجمعية ألا يكون من العاملين بالجمعية أو الجهةالإدارية المختصة أو بإحدى الجهات التى تتولى الإشراف أو التوجيه أو التمويل بالنسبة للجمعية .
ومن حيث أن المادة السادسة من مواد إصدار القانون رقم 114/1981 المشار إليه تنص على أنه تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالوزير المختص بالإسكان وبالجهة الإدارية المختصة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان وبالاتحاد الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى ونصت المادة 83 من هذا القانون على أن يتولى الوزير المختص بالنسبة للاتحاد جميع الاختصاصات المقررة للجهة الإدارية المختصة فى هذا القانون ونصت المادة 86 من هذا القانون على أن الجهة الغدارية المختصة لها حق التفتيش والتوجيه ومراجعة القرارات الصادرة من وحدات التعاون الإسكانى ولها بقرار مسبب أن توقف ما يكون منها مخالفا لأحكام هذا القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذا له وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطارها … ونصت المادة 87 من هذا القانون على أن الجهة الإدارية المختصة بعد موافقة الاتحاد إسقاط العضوية عن عضو مجلس الإدارة فى وحدات التعاون الإسكانى فى الحالات المشار إليها فى هذه المادة على أن يكون قرار إسقاط العضوية مسببا وأن يسبقه تحقيق يسمع فيه دفاع عضو المجلس كتابة ، ونصت المادة 89 على أن الوزير المختص بناء على ما عرض الاتحاد وبعد أخذ رأى الجهة الإدارية المختصة أن يصدر قرارا مسببا بحل مجلس إدارة الجمعية فى الحالات المشار إليها فى هذه المادة ونصت المادة 90 على أن يتمن قرار حل مجلس إدارة الجمعية تعيين مجلس إدارة وؤقت .
ونصت المادة 79 من هذا القانون على أن يتولى الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى عدة اختصاصات ضمنها مراقبة انتظام وحسن سير العمل بالوحدات التعاونية ويشمل ذلك المراحعة الدورية والسنوية لحسابات الوحدات يميز إثباتها وتلقى صور محاضر جلسات مجلس الإدارة والجمعيات العمومية وما يصدر عنها من قرارات وفحص أعمال الوحدات التعاونية ومتابعة نشاطها .
ونصت المادة 93 من هذا القانون على أن تخصص الدولة سنويا بموازنة الجهة الإدارية المختصة المبالغ اللازمة لإعانة وحدات التعاون الإسكانى .
ومن حيث أن المستفاد من نصوص هذا القانون أن الرقابة على أعمال الجمعيات التعاونية للاسكان منوطة بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى باعتباره جهة الرقابة الشعبية والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان باعتبارها جهة الرقابة الإدارية على التفضيل السالف وللوزير المختص بالإسكان ممارسة السلطات سالفة الذكر وضمنها إصدار قرار مجلس إدارة الجمعية بناء على ما يعرضه الاتحاد التعاونى الاسكانى المركزى والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ، ومن ثم فإن المحافظات لا تعد من قبيل جهات التوجيه والإشراف أو التمويل بالنسبة لجمعيات الإسكان فى مفهوم المادة 44 من قانون التعاون الإسكانى المشار إليه ، ولا يقدح فى ذلك ما أشاره تقرير الطعن من أن المادة 18 من هذا القانون نصت على اختصاص المحافظة بتلقى طلبات شهر الجمعية للبت فيه حيث يتم الشهر بالقيد فى السجل المعد لذلك بالمحافظة ، ذلك أن قيام المحافظة بإجراءات شهر الجمعية وقيدها فى السجل المعد لذلك لا يضفى على المحافظى سلطة الإشراف أو التوجيه على الجمعيات المشار إليها ، بل تظل ممارسة تلك السلطات للاتحاد التعاونى والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ووزير الإسكان طبقا لما سلف .
وعلى هذا المقتضى فإن ترشيح بعض العاملين بالمحافظة وانتخابهم كأعضاء لمجلس إدارة الجمعيات التعاونية لللإسكان لا يعد مخالف لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1981 المشار إليه أو قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 طالما أن الثابت أن المحافظة لا تعتبر من قبيل سلطات الإشراف أو التمويل بالنسبة لتلك الجمعيات طبقا لأحكام القانون رقم 114/1981 ، أو غير ذلك من القوانين .
كما لا يقدح فى ذلك أيضا ما أشار إليه تقرير الطعن من صدور المشار إليه من محافظة الجيزة عام 1979 بممارسة العاملين بإدارة التعاون لالمحافظة لبعض الاختصاصات بالنسبة لتلك الجمعيات ، ذلك أن العبرة هى بكون تلك الاختصاصات مخولة قانونا للمحافظة طبقا للقوانين التعاونية أو لأى قانون آخر يصدر فى هذا الشأن ، ولا يكفى لاحتفاء صفه التوجيه والإشراف صدور أى قرار إدارى يقضى بذلك طالما خلا من السند القانونى لإصداره ، خاصة وأن الجهة الطاعنة لم تقدم صورة كاملة لقرار المحافظ المشار وإنما اكتفت بتقديم أحد المحالين صور فوتوغرافية لبعض أوراق متأخرة من هذا القرار غير مشتملة على ديباجته أو السند القانونى لإصداره أو القرارات الوزارية المفوضة للمحافظ بممارسة بعض الاختصاصات رغم أن عبء الإثبات يقع على الجهة الطاعنة فى هذا الشأن ومن ثم يتعين رفض هذا الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث أن الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة فى الدعوى أن سكرتير عام محافظة الجيزة المفوض بقرار من المحافظ ، قد وافق على ترشيح المطعون ضدهم الأربعة الأول لعضوية مجلس إدارة جمعية الإسكان المشار إليها ، كما وافق على عمل باقى المطعون ضدهم بتلك الجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية ، فإن ما أثاره تقرير الطعن من أن المطعون ضدهم لم يحصلوا على إذن من جهة عملهم الأصلية وهى محافظة الجيزة للترشيح لعضوية مجلس إدارة تلك الجمعية أو للعمل بها يعد حقيقا بالرفض ، هذا فضلا عن موافقة لجنة التنسيق بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى بمحضرها المؤرخ 8/5/1983 على ترشيح العاملين بالمحافظة لعضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية للإسكان بإعتبار أن المحافظات ليست من جهات الرقابة أو الإشراف بالنسبة لتلك الجمعيات ، كما أن تقرير التفتيش المقدم من الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان للنيابة الإدارية لم يشر إلى مخالفة فى هذا الشأن .
وبالبناء على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يعد قدأصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به من براءه المطعون ضدهم من التهم المسندة إليهم ، الأمر الذى يتعين معه رفض الطعن الماثل موضوعا لعدم استناده على أساس صحيح من القانون أو الواقع .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ عزيز بشاى سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير و د/ محمد جودت الملط ومحمد معروف محمد وفريد نزيه تناغو المستشاريين .
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 9/3/1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن السيد/ مدير النيابة الإدارية بصفته بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية العليا بجلسة 9/1/1985 فى الدعوى التأديبية رقم 88 لسنة 26 قضائية والقاضى ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام ، و طلبت النيابة الإدارية فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ضدهم طبقا لمواد الإتهام الواردة بتقرير الإتهام .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن بتاريخ 7/2/1987 انتهت للأسباب الواردة فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا .و بجلسة 28/10/1987 والجلسات التالية نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل حيث حضر محامى هيئة قضايا الدولة كما حضر حامى المطعون ضدهم الأربعة الأول وقدم مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات ، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة-موضوع -بالمحكمة الإدارية العليا حيث نظرت المحكمة هذا الطعن بجلسة 21/11/1987 و حضر محامى المطعون ضدهم الأربعة الأول كما قدم المطعون ضده الخامس مذكرة بدفاعه وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا .
وحيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا .
وحيث أن عناصر هذه المنازعة تتلخص فى أنه بتاريخ 10/1/1984 أودعت النيابة الإدارية بقلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا تقرير إتهام ضد :
1 - ……….مدير عام الإدارة العامة للتعاون بمحافظة الجيزة "مدير عام ".
2 - ……… موظف بالإدارة العامة للتعاون بمحافظة الجيزة "الدرجة العالية " .
3 - ……… مراقب التعاون الإنتاجى بالمحافظة (درجة عالية ).
4 - ……… موظف بديوان عام المحافظة "درجة ثالثة ".
5 - ……… مدير عام الإدارة العامة للإنتاج والشئون القتصادية بمحافظة الجيزه بدرجة مدير عام .
6 - ……… أخصائى بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
7 - …….. موظف بسكرتارية مكتب محافظ الجيزة "درجة أولى ".
8 - …….. موظف بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
9 - ……… موظف بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
وذلك لأنهم خلال المدة من 1978 إلى 1983 بديوان محافظة الجيزة وحى شمال وجنوب الجيزة .
من الأول إلى الرابع : جمعوا بين عملهم وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظائفهم بأن عملوا كأعضاء فى مجلس إدارة جمعية الأفق الجديد للإسكان الزراعى وتقاضوا منها مبالغ مالية طائلة رغم اتصال نشاطها بأعمال وظائفهم .
الخامس : جمع بين عمله وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظيفته بأن عمل مستشارا فنيا لجمعية الأفق الجديد للإسكان التعاونى ورغم اتصال نشاطها بإعمال وظيفته وتقاضى نظير مبالغ ومكافآت .
من السادس حتى التاسع : أدوا أعمالا نظير أجر لجمعية الأفق الجديد للإسكان التعاونى بغير تصريح من السلطة المختصة ورغم إتصال نشاط الجمعية بأعمال وظائفهم .
وأضافت النيابة الإدارية بتقرير الإتهام أن بذلك يكون المحالون قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها فى المواد 77/11 ، 12، 14 ،78/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 المعدل بالقانون رقم 115/1983 والمادة 42/7 من القانون رقم 114/1981 بشأن الإسكان التعاونى .
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبيا طبقا للمواد السالفة والمادتين 80،82 من قانون العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه والمادة 14 من القانون رقم 117/1958 المعدل بالقانون رقم 171/1981 والمادتين 15/19 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة .
وبجلسة 9/1/1985 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام ، وأشارت المحكمة فى أسباب حكمها إلى أنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحاليين من الأول إلى الرابع وهما الجمع بين عملهم وعمل آخر كأعضاء فى مجلس إدارة الأفق الجديد للإسكان التعاونى فقد تبين من مذكرة النيابة أنها استندت فى اعتبار عذه الواقعة مخالفة إلى أن ذلك تم بالمخالفة لحكم المادة 42/7 من قانون الإسكان التعاونى رقم 114 لسنة 1981 إلا أنه تبين للمحكمة أنه تم انتخاب مجلس إدارة الجمعية المشار إليها فى عام 1978 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 114/1981 المشار إليه الذى يسرى وفقا للمادة الثامنة من مواد إصداره من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية وقد تم نشر هذا القانون فى 5 مارس 1981 ومن ثم فإن أحكام هذا القانون لا تسرى على عضوية مجلس إدارة الجمعية المذكورة التى تمت قبل العمل به فى عام 1978 مما ينهار معه الأساس الذى تم على مقتضاه إعتبار الواقعة المنسوبة إلى المحالين مخالفة إدارية الأمر الذى يتعين معه تبرئتهم من هذه المخالفة وحيث أنه بالنسبة لإعتبار عضوية مجلس إدارة الجمعية مخالفة للحظر الوارد فى المادة 77/11 من قانون العاملين المدنيين بالدولة فإن الفقرة 11 من المادة 77 تنص على أنه يحظر على العامل الجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر يؤديه باذات أو بالواسطة إذا كان من شأن ذلك الإصدار بأداء واجبات الوظيفة أو غير متفق مع مقتضياتها والمقصود بذلك الالتحاق بطريق التعيين أو التعاقد ولا يمتد ذلك ليشمل عضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية الذى لا يعتبر عملا فة مفهوم هذه المادة ولم يحظر المشرع على العاملين ولو أراد حظر الترشيح بعضوية مجالس إدارة تلك الجمعيات على العاملين فى الدولة لنص على ذلك صراحة كما نص فى الفقرة 4 من المادة 77 على حظر قبول عضوية مجالس إدارة الشركات وبالتالى فإن ترشيح المذكورين أنفسهم لعضوية مجلس إدارة الجمعية المذكورة وفوزهم بعضوية مجلس إدار تها لا يشكل مخالفة إدارية بالنسبة لهم على التفصيل النتقدم .
وأضافت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بأن فضلا عما سلف فإن الثابت من الرجوع لأقوال المحالين فى التحقيق أنهم ذكروا جميعهم أنه لا يوجد أى إتصال بين أعمال وظائفهم التى يشغلونها فى المحافظة وبين جمعيات الإسكان وأن إدارة التعاون بالمحافظة ليست مسئولة عن جمعيات الإسكان وليست الجهة الإدارية المختصة بالإشراف عليها ولم تقدم النيابة الإدارية دليل أن لوظائف المحالين صلة بأعمال هذه الجمعيات خلافا لما قرروه .
وأضافت المحكمة أنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحال الخامس من أنه جميع بين عمله وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظيفته بأن عمل مستشار فنيا للحمعية رغم إتصال نشاطها بأعمال وظيفته ، فإن مناط تطبيق المادة 77/11 من قانون نظام العاملين المدنيين متفق مع مقتضياتها ولم تبين سلطة الإتهام أوجه اضرار عمل المحال الخامس كمستشار فنى للجمعية بواجبات وظيفته الأصلية وقد للمحكمة أن انتهت إلى أنه لا يوجد دليل على وجود صلة بين إدارة التعاون بالمحافظة وبين نشاط جمعيات الإسكان التعاونى فضلا عن أنه ثبت من الأوراق ومن دفاع المحال وحافظة المستندات التى قدمها أنه تم التصريح له من السلطة المختصة بالجهة التى يعمل بها بالعمل كمستشار فنى للجمعية وفقا لأحكام القانون ولا شك أن جهة العمل التى يتبعها المحال لو رأت أن فى هذا العمل الآخر ما يضر بأداء وظيفته لما منحته مثل هذا التصريح وبذلك فإن المحال إذ قام بالعمل كمستشار فنى للجمعية إنما قام به بناء على إذن له بذلك من جهة عمله وفقا لأحكام القانون وعلى ذلك فإن القول بأن هذه الواقعة تشكل مخالفة للقانون فى غير محله مما يتعين معه تبرئه المحال مما نسب إليه فى قرار الإتهام .
وأضافت المحكمة التأديبة لمستوى الإدارة العليا أنه لالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحالين من السادس إلى التاسع من أنهم أدوا أعمالا للجمعية المذكورة بأجر وبغير تصريح من السلطة المختصة فإن الثابت للمحكمة من المستندات المقدمة منهم أنه تم التصريح منهم انه تم التصريح منهم بالعمل بالجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية طبقا للطلب المؤرخ 23/1/1979 المرفوع من إدارة التعاون للسكرتير العام لمحافظة الجيزة لندب المحالين الأربعة بالجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية والمؤشر عليه بالموافقة ، وبذلك يكون الثابت من الأوراق أنهم عملوا بالجمعية بناء على قرار ندب صحيح وقانونى ولا تكون هناك أية مخالفة قانونية تستوجب إتهامهم .
ومن ثم انتهت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا إلى الحكم ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام .
ومن حيث أن مبنى الطعن المقام من النيابة الإدارية أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وشابه الفساد فى الإستدلال أولا بالنسبة للمحالين الأربعة الأول فإن النيابة الإدارية قدمت قرار محافظ الجيزة رقم 1747 / 1979 بشأن إعادة تنظيم أجهزة الديوان العام والموضح به إختصاصات إدارة التعاون ومن ناحية أخرى فإن القانون رقم 114/1981 بشأن التعاون الإسكانى أعطى فى المادة 18 أجهزة الحكم المحلى بعض الاختصاصات فى مجال قبول وقيد عقد التأسيس الإبتدائى والنظام الداخلى للجمعية وإجراءات شهرها ، ولما كان المحالين يعملون بإدارة التعاون فى المحافظة ونص القانون رقم 114/1981 المشار إليه على أنه يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس إدارة الجمعية ألا يكون من العاملين بالجمعية أو الجهة الإدارية المختصة أو بإحدى الجهات التى تتولى الإشراف أو التوجيه أو التمويل بالنسبة للجمعية ، فإن المذكورين قد خالفوا أحكام هذا القانون على الأقل من تاريخ صدوره والعمل به
وفضلا عن ذلك فإن المشرع حظر فى المادة 77/11 ،12 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة على العامل أن يؤدى عملا للغير بأجرا وبدون أجر ولو فى غير أوقات العمل الرسمية إلا بإذن واستثنى من ذلك بعض الأعمال على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها ولم ترد فيها عضوية مجالس إدارة الجمعيات .
كما استند تقرير الطعن ثانيا بالنسبة للمخالفين من الخامس إلى التاسع إلى أن الثابت من قرار المحافظة رقم 1747/1979 والمادة الثامنة عشر من القانون رقم 114/1981 وباعتراف المخالف الخامس نفسه بوجود علاقة بين إدارة التعاون بالمحافظة والجمعيات مما يؤكد أن الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه مستمدة من أصول تخالف الثابت فى الأوراق ، فضلا عن استناد هذا الحكم إلى وجود تصريح مع المخالفين بالعمل فى جمعية الأفق الجديد ، وهذا التصريح مخالف للقانون لأن العمل بهذه الجمعية من شأنه الإضرار بأعمال وظيفته بالمحافظة وكان على المحكمة أن تطرح هذا الدليل وتنزل على مصدره الجزاء الملائم إعمالا لنص المادتين 40،41 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة ، ومن ثم انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمعاقبة المطعون ضدهم طبقا لمواد الاتهام .
ومن حيث أن المادة 77 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 حظرت فى الفترة الحادية عشرة على العامل أن يجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر إذا كان من شأن ذلك الإضرار بأداء واجبات الوظيفة أو كان غير متفق مع مقتضياتها كما حظرت فى الفقرة الثانية عشر على العامل أن يؤدى أعمالا للغير بأجر أو مكافأة إلا بإذن من السلطة المختصة .
ونصت المادة 42 من قانون النعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 114/1981 على لأن يشترط فيمن يرشح بعضوية مجلس إدارة الجمعية ألا يكون من العاملين بالجمعية أو الجهةالإدارية المختصة أو بإحدى الجهات التى تتولى الإشراف أو التوجيه أو التمويل بالنسبة للجمعية .
ومن حيث أن المادة السادسة من مواد إصدار القانون رقم 114/1981 المشار إليه تنص على أنه تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالوزير المختص بالإسكان وبالجهة الإدارية المختصة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان وبالاتحاد الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى ونصت المادة 83 من هذا القانون على أن يتولى الوزير المختص بالنسبة للاتحاد جميع الاختصاصات المقررة للجهة الإدارية المختصة فى هذا القانون ونصت المادة 86 من هذا القانون على أن الجهة الغدارية المختصة لها حق التفتيش والتوجيه ومراجعة القرارات الصادرة من وحدات التعاون الإسكانى ولها بقرار مسبب أن توقف ما يكون منها مخالفا لأحكام هذا القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذا له وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطارها … ونصت المادة 87 من هذا القانون على أن الجهة الإدارية المختصة بعد موافقة الاتحاد إسقاط العضوية عن عضو مجلس الإدارة فى وحدات التعاون الإسكانى فى الحالات المشار إليها فى هذه المادة على أن يكون قرار إسقاط العضوية مسببا وأن يسبقه تحقيق يسمع فيه دفاع عضو المجلس كتابة ، ونصت المادة 89 على أن الوزير المختص بناء على ما عرض الاتحاد وبعد أخذ رأى الجهة الإدارية المختصة أن يصدر قرارا مسببا بحل مجلس إدارة الجمعية فى الحالات المشار إليها فى هذه المادة ونصت المادة 90 على أن يتمن قرار حل مجلس إدارة الجمعية تعيين مجلس إدارة وؤقت .
ونصت المادة 79 من هذا القانون على أن يتولى الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى عدة اختصاصات ضمنها مراقبة انتظام وحسن سير العمل بالوحدات التعاونية ويشمل ذلك المراحعة الدورية والسنوية لحسابات الوحدات يميز إثباتها وتلقى صور محاضر جلسات مجلس الإدارة والجمعيات العمومية وما يصدر عنها من قرارات وفحص أعمال الوحدات التعاونية ومتابعة نشاطها .
ونصت المادة 93 من هذا القانون على أن تخصص الدولة سنويا بموازنة الجهة الإدارية المختصة المبالغ اللازمة لإعانة وحدات التعاون الإسكانى .
ومن حيث أن المستفاد من نصوص هذا القانون أن الرقابة على أعمال الجمعيات التعاونية للاسكان منوطة بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى باعتباره جهة الرقابة الشعبية والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان باعتبارها جهة الرقابة الإدارية على التفضيل السالف وللوزير المختص بالإسكان ممارسة السلطات سالفة الذكر وضمنها إصدار قرار مجلس إدارة الجمعية بناء على ما يعرضه الاتحاد التعاونى الاسكانى المركزى والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ، ومن ثم فإن المحافظات لا تعد من قبيل جهات التوجيه والإشراف أو التمويل بالنسبة لجمعيات الإسكان فى مفهوم المادة 44 من قانون التعاون الإسكانى المشار إليه ، ولا يقدح فى ذلك ما أشاره تقرير الطعن من أن المادة 18 من هذا القانون نصت على اختصاص المحافظة بتلقى طلبات شهر الجمعية للبت فيه حيث يتم الشهر بالقيد فى السجل المعد لذلك بالمحافظة ، ذلك أن قيام المحافظة بإجراءات شهر الجمعية وقيدها فى السجل المعد لذلك لا يضفى على المحافظى سلطة الإشراف أو التوجيه على الجمعيات المشار إليها ، بل تظل ممارسة تلك السلطات للاتحاد التعاونى والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ووزير الإسكان طبقا لما سلف .
وعلى هذا المقتضى فإن ترشيح بعض العاملين بالمحافظة وانتخابهم كأعضاء لمجلس إدارة الجمعيات التعاونية لللإسكان لا يعد مخالف لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1981 المشار إليه أو قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 طالما أن الثابت أن المحافظة لا تعتبر من قبيل سلطات الإشراف أو التمويل بالنسبة لتلك الجمعيات طبقا لأحكام القانون رقم 114/1981 ، أو غير ذلك من القوانين .
كما لا يقدح فى ذلك أيضا ما أشار إليه تقرير الطعن من صدور المشار إليه من محافظة الجيزة عام 1979 بممارسة العاملين بإدارة التعاون لالمحافظة لبعض الاختصاصات بالنسبة لتلك الجمعيات ، ذلك أن العبرة هى بكون تلك الاختصاصات مخولة قانونا للمحافظة طبقا للقوانين التعاونية أو لأى قانون آخر يصدر فى هذا الشأن ، ولا يكفى لاحتفاء صفه التوجيه والإشراف صدور أى قرار إدارى يقضى بذلك طالما خلا من السند القانونى لإصداره ، خاصة وأن الجهة الطاعنة لم تقدم صورة كاملة لقرار المحافظ المشار وإنما اكتفت بتقديم أحد المحالين صور فوتوغرافية لبعض أوراق متأخرة من هذا القرار غير مشتملة على ديباجته أو السند القانونى لإصداره أو القرارات الوزارية المفوضة للمحافظ بممارسة بعض الاختصاصات رغم أن عبء الإثبات يقع على الجهة الطاعنة فى هذا الشأن ومن ثم يتعين رفض هذا الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث أن الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة فى الدعوى أن سكرتير عام محافظة الجيزة المفوض بقرار من المحافظ ، قد وافق على ترشيح المطعون ضدهم الأربعة الأول لعضوية مجلس إدارة جمعية الإسكان المشار إليها ، كما وافق على عمل باقى المطعون ضدهم بتلك الجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية ، فإن ما أثاره تقرير الطعن من أن المطعون ضدهم لم يحصلوا على إذن من جهة عملهم الأصلية وهى محافظة الجيزة للترشيح لعضوية مجلس إدارة تلك الجمعية أو للعمل بها يعد حقيقا بالرفض ، هذا فضلا عن موافقة لجنة التنسيق بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى بمحضرها المؤرخ 8/5/1983 على ترشيح العاملين بالمحافظة لعضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية للإسكان بإعتبار أن المحافظات ليست من جهات الرقابة أو الإشراف بالنسبة لتلك الجمعيات ، كما أن تقرير التفتيش المقدم من الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان للنيابة الإدارية لم يشر إلى مخالفة فى هذا الشأن .
وبالبناء على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يعد قدأصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به من براءه المطعون ضدهم من التهم المسندة إليهم ، الأمر الذى يتعين معه رفض الطعن الماثل موضوعا لعدم استناده على أساس صحيح من القانون أو الواقع .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا
تقادم - الحق فى التعويض
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الاستاذ المستشار الدكتور احمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة محمد المهدى مليجى ومحمد امين المهدى وجودة محمد ابو زيد وفاروق عبد الرحيم غنيم. المستشارين.
* اجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 31 من يولية سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد/ رئيس الجمهورية قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريراً قيد بجدولها تحت رقم 3226 لسنة 32 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) بجلسة 29 من يونيه سنة 1986 فى الدعوى رقم 6004 لسنة 36 القضائية القاضى بالزام المدعى عليه بصفتة بأن يدفع للمدعى عشرة آلاف جنيه والمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن، الامر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليا بسقوط الحق واحتياطيا برفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وفى يوم الاربعاء الموافق 27 من اغسطس سنة 1986 أودع الاستاذ ……….. المحامى بصفته وكيلا عن السيد/…………… قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن بجدولها تحت رقم 3515 لسنة 32 القضائية عليا فى ذات الحكم المشار اليه، وطلب الطاعن، للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن، قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ خمسين ألف جنيه كتعويض عن الاضرار المادية والادبية التى أصابته من جراء صدور القرار الجمهورى الخاطئ رقم 1223 لسنة 1963 الذى قضى بالغائه مع الزام المطعون ضده المصروفات
وأعلن الطعنان قانونا وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعنين أرتأت فيه الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من فبراير سنة 1987 وبجلسة 15 من فبراير سنة 1988 قررت الدائرة ضم رقم 3515 لسنة 32 القضائية عليا للطعن رقم 3226 لسنة 32 القضائية عليا ليصدر فيهما حكم واحد، وتداول نظر الطعنين بالجلسات أمام الدائرة على وجه المبين تفصيلا بالمحاضر حتى قررت بجلسة 4 من ابريل سنة 1988 احالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقوبة الادارية والتعويضات) وحددت لنظرهما جلسة 30 من ابريل سنة 1988. وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعنين على الوجه المبين بالمحضر وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا
من حيث أن الطعنين استوفيا أوضاعها الشكلية فيتعين قبولهما شكلا
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل. حسبما يبين من الاوراق، فى أن السيد/………… اقام بتاريخ 22 من سبتمبر سنة1982 الدعوى رقم 6004 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) طالبا الزام السيد / رئيس الجمهورية بصفته بأن يدفع تعويضا قدرة خمسون ألف جنيه قيمة الأضرار المادية والادبية التى لحقته من جراء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 الصادر من الرقابة الادارية والذى قضى بالغائه بمقتضى حكم المحكمة الادارية العليا مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه بصفته المصروفات. وقال شرحا لدعواه أنه سبق له ولاخرين أن اقانموا الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى (دائرة الجزاءات) ضد السيد رئيس الجمهورية بطلب الحكم بالغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 الصادر فى 27/6/1963، والذى تضمن نقله وآخرين من وظائف أعضاء الرقابة الادارية الى وظائف أخرى بالمؤسسات العامة، مع اعتبار هذا القرار كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 30/6/1977 حكمت تلك المحكمة بعدم قبول الدعوى المشار اليها على أساس أن القرار المطعون فيه صدر فى 27/6/1963 وتم تنفيذه، ولم ينكر أحد المدعين علمه به حينه، فيكون التظلم المقدم منهم بتاريخ 5/4/1973 غير مقبول شكلا وبالتالى لا ينتج أثر فى قطع ميعاد الدعوى بالغاء القرار. فضلا عن عدم اقامة الدعوى الا فى 15/7/1973. كما أوضح الحكم بأنه لا صحة لما ذكره المدعون من أن القرار المطعون فيه صدر منعدما لأن موافقة مجلس الرئاسة عليه قد جاءت بطريق التحرير مما كان يستلزم موافقة اجماعية من أعضائه، فاذا اعترض أحدهم تعين عرض المشروع على المجلس مجتمعا، اذ على فرض صحة الزعم بان الموافقة على القرار لم تكن بالاجماع فان العيب لا بعدم القرار أو لا يقع القرار منعدما الا اذا تخلف أحد اركانه الجوهرية. واستطرد المدعى بأن بعض زملائه قاموا بالطعن على الاحكام التى صدرت ضدهم من محكمة القضاء الادارى فى دعاوى مشابهة بالطعن على ذات القرار وقيدت المطعون التى اقاموها أمام المحكمة الادارية العليا تحت أرقام 921،923،924 لسنة القضائية التى قضت بجلسة 22/5/1982 بالغاء الاحكام فيها المطعون الصادرة من محكمة القضاء الادارى وبالغاء القرار المطعون فيه وهو القرار رقم 1223 لسنة 1963 فيما تضمنه من نقل الطاعنين بتلك الطعون من الرقابة الادارية. وأقامت المحكمة الادارية العليا قضاءها على أساس ان القرار المطعون فيه قرار معدوم. اذ لا يتم القرار الصادر بالتحرير قانونا الا بتوقيع جميع أعضاء المجلس عليه بالموافقة. اذ احتجت الجهة الادارية عن تقديم محضر جلسة مجلس الرئاسة المقول بأنه وافق فيها على القرار المطعون فيه متذرعة بعدم العثور على ذلك المحضر أو أية أوراق تتعلق بالموضوع وكانت الظروف والملابسات التى أحاطت باصدار القرار على نحو ما استظرته تحقيقات المدعى العام الاشتراكى وما قرره السيد/0000000 أحد اعضاء مجلس الرئاسة فى اقواله بتلك التحقيقات، مما يؤكد القول بان موافقة مجلس الرئاسة على القرار المطعون فيه تمت بالتحرير، وأن بعض اعضائه اعترض عليه، وعلى ذلك فلا محيص من التسليم بأن مجلس الرئاسة لم يقر القرار المطعون فيه. فاذا كان رئيس الجمهورية قد اصدر القرار، فيكون منعدم الوجود قانونا، فلا يتقيد النعى عليه بميعاد دعوى الاغاء ويقول المدعى أنه وان لم يتم طعنا على الحكم الصادر فى دواه رقم 1032 لسنة 27 القضائية بجلسة 30/6/1977 الذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا ، الا انه بصدور أحكام المحكمة الادارية العليا بجلسة 22/5/1982 فى الطعون المشار اليها متضمنه الغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 الغاء مجردا فيكون من صفة المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والادبية التى لحقته من جراء النقل لتوافر أركان مسئولية الادارة حيث كشفت الاحكام المشار اليها عن صحة نسبة الخطأ فى جانب الجهة الادارية. واستطرد المدعى بأن المذكرة التى اعدها السيد/000000 وصدر على اساسها القرار الجمهورى المشار اليه وصحته هو وزملاءه الذين نقلوا معه بعيوب أثرت عليه اجتماعيا ونفسيا وأدبياً، وانتهى الى الطلبات المشار اليها. وبجلسة 29/6/1986 حكمت المحكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعى مبلغ عشرة الاف جنيه والمصروفات. وأقامت تلك المحكمة قضاءها على أساس أن ولئن كان حق المدعى فى المطالبة بالتعويض عن القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 قد نشأ من تاريخ صدوره وأنه أقام دعواه فى 22/9/1982 الامر الذى كان من شأنه أن يسقط حقه فى المطالبة بالتعويض عما أصابه من جرائه بالتقادم طويل الأجل الا أن هذا التقادم انقطع باقامة الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى طعنا بالالغاء على هذا القرار. ولامراء فى أن كلا من طلب التعويض عن القرار وطلب الغائه يقوم على أساس قانونى واحد هو عدم مشروعيتة.فكلاهما طعن على القرار: الأول طعن غير مباشر والثانى طعن مباشر ومن ثم فان رفع دعوى الالغاء يقطع سريان المواعيد بالنسبة لدعوى التعويض، اذ هما يتنافى مع طبائع الاشياء أن يبقى الحق فى طلب الالغاء قائما بينما يكون طلب التعويض، وهو الالغاء غير المباشر، قد سقط يالتقادم. وبعد أن استعرض الحكم المطعون فيه اركان مسئولية جهة الادارة بأنه أورد بأنه ولئن كان من المستقر عليه قضاء أن التعويض ليس من مستلزمات القضاء بالالغاء ما لم يكن العيب مؤثرا فى موضوع القرار، وأنه ولئن كانت المحكمة الادارية العليا قد اسست قضاءها بالغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة على صدره دون سابقة موافقة واقرار مجلس الرئاسة عليه قانونا، أى ليس فى الشكل ، الا أن هذا العيب ليس هو العيب الوحيد الذى من شأنه اهدار القرار المشار اليه فالثابت من عيون الاوراق أنه لم يثبت محض قرار معدوم للأسباب التى أوردتها المحكمة العليا فى قضائها بالغائه والتى قدرتها كافية محمل قضائها بالالغاء، بل هو مشوب بعد قيامه على سبب صحيح يبرره ويؤدى اليه ويحيط به اساءة استعمال السلطة والانحراف بها. وأية ذلك أنه صدر منطويا على نقل جماعى يشمل ستة وثلاثون عضوا من أعضاء الرقابة الادارية دون دليل على عدم صلاحيتهم أو عدم كفاءتهم. بل ونوهت المذكرة الايضاحية الموقعة من رئيس المجلس التنفيذى وقتذاك بأن حسن سير العمل بهذا الجهاز الرقابى لتبغى ابعادهم حتى تؤدى الرقابة ثمرتها من ازالة الخطأ والاتجاه الى التوحيد والاصلاح. وليس من شك فى أن لهذا النقل الجماعى دلالته التى كشفت عنه سرعة اصدار القرار بعد اسبوع واحد من استصدار القرار بقانون رقم 68 لسنة 1963 بتعديل بعض احكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية، وهو التعديل الذى أجبر بمقتضاه نقل أعضاء النيابة الادارية بقسميها الى وظائف عامة بالوزارات والمؤسسات ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك أن القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 تحوط به الرغبة فى التنكيل بالمنتزعين، على النحو الوارد.
الجلسة الرابعة والستين لمجلس الشعب المعقودة يوم 27/6/1976 . وبالتالى يكون ركن الخطأ قد توافر فى حق جهة الادارة. وعن ركن الضرر أورد الحكم أن ثمة أضرار مادية وأدبية مؤكدة لحقت المدعى من جراء القرار تتمثل فى حرمانه من فرص الترقى الى الوظائف القيادية العليا بالرقابة الادارية والتمتع بمزاياها، الأمر الذى يترتب أضرار مادية للمدعى. فضلا عن أنه لا شبهة فى أن ظروف النقل وملابساته وما وصف به من أنه ابعاد يحقق أضرار أدبية أصابت المدعى ، مما قدرت حق المحكمة تعويضا قدره عشرة الاف جنيه عن ذلك الاضرار بنوعيها.
ومن حيث أن طعن الجهة الادارية رقم 3226 لسنة 32 القضائية عليا يقوم على أسا الحكم المطعون فيه يخالف صحيح حكم القانون من ناحيتين: أولاهما أنه أخطأ حين رفض الدفع بسقوط الحق فى التعويض بالتقادم الطويل، وليس صحيحا أن أقامة المطعون ضده الدعوى رقم 103332 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى بطلب الغاء الصادر بنقله وقضى فيها بعدم القبول شكلا بجلسة 30/6/1977 مما يترتب عليه قطع ميعاد تقادم دعوى التعويض اذ أن الدعوى التى تقطع التقادم قانونا هى التى يتم فيها المطالبة بذات الحق المدفوع بتقادمه عملا بنص المادة 383 من القانون المدنى وثانيها أن العيب الذى أسست عليه المحكمة الادارية العليا قضاءها بالالغاء وهو صدور القرار بالتحرير دون الموافقة الاجماعية لا يستتبع بالضرورة حكم اللزوم القضاء بالتعويض، ما لم يكن العيب مؤثرا فى موضوع القرار
ومن حيث أن الطعن رقم 3515 لسنة 32 القضائية عليا المقام من السيد/……………. يقوم على أساس أنه لئن كان الحكم المطعون فيه قد صدر صحيحا ومتفقا مع حكم القانون، الا أنه بالنسبة لمبلغ التعويض فقد قضى بمبلغ لا يتناسب صدقا وعدلا مع الاضرار المادية والادبية التى لحقت بالطاعن. ذلك أن مجرد نقله من الرقابة الادارية خاصة وهو يشغل وظيفة من الوظائف العليا الى وظيفة اخرى دون سبب يبرر هذا النقل، من شأنه ان يصمه بعيوب فى نظر الرأى العام ونظر أصدقائه واسرته واقاربه، كما سبب له آلاما نفسية ومرضية بالاضافة الى الاضرار المادية التى أصابته والتى أوردها الحكم المطعون فيه. وعلى ذلك يكون مبلغ التعويض المقضى به غير متناسب مع الاضرار المادية والأديبة التى لحقته. كما أكد الطاعن عدم التناسب بين التعويض المقضى به وما لحقته من أضرار مادية وأدبية بالمذكرة المودعة فى 12/3/1988 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة. وانتهت فيها الى تأكيد طلباته بعريضة طعنه ورفض الطعن المقام من الجهة الادارية عن ذات الحكم.
ومن حيث ان الثابت أنه بتاريخ 15/7/1973 أقام السادة/……….و……….و………. (الطاعن والمطعون بالطعنين الماثلين) أمام محكمة القضاء الادارى ( دائرة الجزاءات) الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية ضد السيد/ رئيس الجمهورية طالبين الحكم بالغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة1963 الصادر فى 27/6/1963 الذى قضى بنقلهم من وظائف أعضاء الرقابة الادارية الى وظائف بالمؤسسات العامة واعتبار هذا القرار كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه المصروفات. وبجلسة 30/6/1977 حكمت تلك المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا وألزمت الدعين المصروفات. وبتاريخ 22/9/1982 أقام السيد/………….. الدعوى رقم 6004 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى( دائرة العقود الادارية والتعويضات) طالبا الحكم بالتعويض عما لحقه من أضرار مادية وادبية من جراء نقله بمقتضى القرار رقم 1223 لسنة 1963 المشار اليه
ومن حيث ان المحكمة المشكلة بالدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة معدلا قضت بجلسة 15/12/1985 أن دعوى التعويض عن القرارات الادارية المخالفة للقانون تسقط بمضى خمس عشر سنة، واذا كان الثابت فى وقعة المنازعة الماثلة ان جهة الادارة رفعت أمام محكمة القضاء الادارى اثناء نظر الدعوى بطلب التعويض أمامها بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الطويل استنادا لحكم المادة 374 من القانون المدنى، كما اسست أحد وجهى طعنها فى الحكم المطعون فيه علىأن الحكم المطعون خالف القانون اذ لم يقض بسقوط الحق فى التعويض الذى يمثل ركن الخطأ، على ما يدعى الطاعن/…………، وقد صدر فى 27/6/1963 ولم يقم دعواه بطلب التعويض عنه الا فى 22/9/1982، فيكون قد اقامها بعد سقوط الحق فى التعويض،بافتراض قيامه، بعد اذ أدركه حكم التقادم المسقط المنصوص عليه بالمادة 383 من القانون المدنى - ولا يغير من هذا النظر اقامة الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية بتاريخ 15/7/1973 بطلب الغاء القرار ذلك ان تلك الدعوى قضى فيها بجلسة 30/6/1977 بعدم قبولها شكلا. ايا كان الرأى فى اعتبار المطالبة بالغاء القرار مما يقطع تقادم الحق فى التعويض عنه فى مفهوم حكم المادة 383 من القانون المدنى ومفاده أن الاصل فى المطالبة القضائية التى يكون من شأنها قطع التقادم فى المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق المراد اقتضاؤه، وان قطع التقادم لا يتناول الا الحق الذى اتخذ بشأنه الاجراء القاطع للتقادم وكما التحق به من توابع مما تجب بوجوبه ويسقط بسقوطه ، فانه وان كان مؤدى عبارة المادة 383 ان التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى الى محكمة غير مختصة الا أن مناط ذلك ان تكون الدعوى قد تمت باجراء صحيح: وعلى ذلك فان كان رفع الدعوى بأصل الحق يكفى لقطع التقادم ولو رفعت الى محكمة غير مختصة ولائيا أو نوعيا أو قيميا أو محليا ويظل التقادم متقطعا طوال نظرها فان قضى فيها بعد الاختصاص دون احالتها الى محكمة اخرى سرى تقادم جديد من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، ولكن اذا قضى برفض الدعوى أو بعدم قبولها أو بترك الخصومة فيها أو بسقوط الخصومة أو بانقضائها الى غير ذلك من صور القضاء التى تمحو أثر الصحيفة زال أثر رفع الدعوى فى قطع التقادم فيستمر وكأنه لم ينقطع التقادم الذى كان قد بدأ قبل رفع الدعوى مازال ساريا لم ينقطع. ومؤدى ذلك أن القضاء فى 27/6/1977 بعدم قبول الدعوى بطلب القرار التى كان قد اقامها الطاعن/………… فى 15/7/1973 من شأنه أن يمحو أثر الصحيفة، فيزول بالتالى أثر رفع الدعوى فى قطع التقادم. ويعتبر التقادم الذى كان قد بدأ قبل رفع تلك الدعوى مازال ساريا لم ينقطع . وعلى ذلك واذا كان الطاعن/………. لم يقم دعواه بطلب التعويض عن القرار بنقله من جهاز الرقابة الادارية الصادر فى 27/6/1963 الا بتاريخ 22/9/1982 فتكون الدعوى قد اقيمت بعد أن سقط الحق بالتعويض المطالب به فيها مما يتعين معه الحكم برفضها. واذ ذهب الحكم المطعون فيه الى غير هذا النظر فيكون قد جانب صحيح الحكم القانون مما يتعين معه الحكم بالغائه وبرافض الدعوى مع الزام رافعها المصروفات أعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يراجع الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكرر من القانون رقم47 لسنة 1972 معدلا بالقانون رقم 136 لسنة 1984فى الطعن رقم 567 لسنة 29 ق الصادر بجلسة 15/12/1985 والذى يقضى بسقوط دعوى التعويض عن القرارات الادارية المخالفة للقانون بمضى خمسة عشر سنة.
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الاستاذ المستشار الدكتور احمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة محمد المهدى مليجى ومحمد امين المهدى وجودة محمد ابو زيد وفاروق عبد الرحيم غنيم. المستشارين.
* اجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 31 من يولية سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد/ رئيس الجمهورية قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريراً قيد بجدولها تحت رقم 3226 لسنة 32 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) بجلسة 29 من يونيه سنة 1986 فى الدعوى رقم 6004 لسنة 36 القضائية القاضى بالزام المدعى عليه بصفتة بأن يدفع للمدعى عشرة آلاف جنيه والمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن، الامر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليا بسقوط الحق واحتياطيا برفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وفى يوم الاربعاء الموافق 27 من اغسطس سنة 1986 أودع الاستاذ ……….. المحامى بصفته وكيلا عن السيد/…………… قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن بجدولها تحت رقم 3515 لسنة 32 القضائية عليا فى ذات الحكم المشار اليه، وطلب الطاعن، للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن، قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ خمسين ألف جنيه كتعويض عن الاضرار المادية والادبية التى أصابته من جراء صدور القرار الجمهورى الخاطئ رقم 1223 لسنة 1963 الذى قضى بالغائه مع الزام المطعون ضده المصروفات
وأعلن الطعنان قانونا وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعنين أرتأت فيه الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من فبراير سنة 1987 وبجلسة 15 من فبراير سنة 1988 قررت الدائرة ضم رقم 3515 لسنة 32 القضائية عليا للطعن رقم 3226 لسنة 32 القضائية عليا ليصدر فيهما حكم واحد، وتداول نظر الطعنين بالجلسات أمام الدائرة على وجه المبين تفصيلا بالمحاضر حتى قررت بجلسة 4 من ابريل سنة 1988 احالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقوبة الادارية والتعويضات) وحددت لنظرهما جلسة 30 من ابريل سنة 1988. وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعنين على الوجه المبين بالمحضر وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا
من حيث أن الطعنين استوفيا أوضاعها الشكلية فيتعين قبولهما شكلا
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل. حسبما يبين من الاوراق، فى أن السيد/………… اقام بتاريخ 22 من سبتمبر سنة1982 الدعوى رقم 6004 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) طالبا الزام السيد / رئيس الجمهورية بصفته بأن يدفع تعويضا قدرة خمسون ألف جنيه قيمة الأضرار المادية والادبية التى لحقته من جراء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 الصادر من الرقابة الادارية والذى قضى بالغائه بمقتضى حكم المحكمة الادارية العليا مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه بصفته المصروفات. وقال شرحا لدعواه أنه سبق له ولاخرين أن اقانموا الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى (دائرة الجزاءات) ضد السيد رئيس الجمهورية بطلب الحكم بالغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 الصادر فى 27/6/1963، والذى تضمن نقله وآخرين من وظائف أعضاء الرقابة الادارية الى وظائف أخرى بالمؤسسات العامة، مع اعتبار هذا القرار كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 30/6/1977 حكمت تلك المحكمة بعدم قبول الدعوى المشار اليها على أساس أن القرار المطعون فيه صدر فى 27/6/1963 وتم تنفيذه، ولم ينكر أحد المدعين علمه به حينه، فيكون التظلم المقدم منهم بتاريخ 5/4/1973 غير مقبول شكلا وبالتالى لا ينتج أثر فى قطع ميعاد الدعوى بالغاء القرار. فضلا عن عدم اقامة الدعوى الا فى 15/7/1973. كما أوضح الحكم بأنه لا صحة لما ذكره المدعون من أن القرار المطعون فيه صدر منعدما لأن موافقة مجلس الرئاسة عليه قد جاءت بطريق التحرير مما كان يستلزم موافقة اجماعية من أعضائه، فاذا اعترض أحدهم تعين عرض المشروع على المجلس مجتمعا، اذ على فرض صحة الزعم بان الموافقة على القرار لم تكن بالاجماع فان العيب لا بعدم القرار أو لا يقع القرار منعدما الا اذا تخلف أحد اركانه الجوهرية. واستطرد المدعى بأن بعض زملائه قاموا بالطعن على الاحكام التى صدرت ضدهم من محكمة القضاء الادارى فى دعاوى مشابهة بالطعن على ذات القرار وقيدت المطعون التى اقاموها أمام المحكمة الادارية العليا تحت أرقام 921،923،924 لسنة القضائية التى قضت بجلسة 22/5/1982 بالغاء الاحكام فيها المطعون الصادرة من محكمة القضاء الادارى وبالغاء القرار المطعون فيه وهو القرار رقم 1223 لسنة 1963 فيما تضمنه من نقل الطاعنين بتلك الطعون من الرقابة الادارية. وأقامت المحكمة الادارية العليا قضاءها على أساس ان القرار المطعون فيه قرار معدوم. اذ لا يتم القرار الصادر بالتحرير قانونا الا بتوقيع جميع أعضاء المجلس عليه بالموافقة. اذ احتجت الجهة الادارية عن تقديم محضر جلسة مجلس الرئاسة المقول بأنه وافق فيها على القرار المطعون فيه متذرعة بعدم العثور على ذلك المحضر أو أية أوراق تتعلق بالموضوع وكانت الظروف والملابسات التى أحاطت باصدار القرار على نحو ما استظرته تحقيقات المدعى العام الاشتراكى وما قرره السيد/0000000 أحد اعضاء مجلس الرئاسة فى اقواله بتلك التحقيقات، مما يؤكد القول بان موافقة مجلس الرئاسة على القرار المطعون فيه تمت بالتحرير، وأن بعض اعضائه اعترض عليه، وعلى ذلك فلا محيص من التسليم بأن مجلس الرئاسة لم يقر القرار المطعون فيه. فاذا كان رئيس الجمهورية قد اصدر القرار، فيكون منعدم الوجود قانونا، فلا يتقيد النعى عليه بميعاد دعوى الاغاء ويقول المدعى أنه وان لم يتم طعنا على الحكم الصادر فى دواه رقم 1032 لسنة 27 القضائية بجلسة 30/6/1977 الذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا ، الا انه بصدور أحكام المحكمة الادارية العليا بجلسة 22/5/1982 فى الطعون المشار اليها متضمنه الغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 الغاء مجردا فيكون من صفة المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والادبية التى لحقته من جراء النقل لتوافر أركان مسئولية الادارة حيث كشفت الاحكام المشار اليها عن صحة نسبة الخطأ فى جانب الجهة الادارية. واستطرد المدعى بأن المذكرة التى اعدها السيد/000000 وصدر على اساسها القرار الجمهورى المشار اليه وصحته هو وزملاءه الذين نقلوا معه بعيوب أثرت عليه اجتماعيا ونفسيا وأدبياً، وانتهى الى الطلبات المشار اليها. وبجلسة 29/6/1986 حكمت المحكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعى مبلغ عشرة الاف جنيه والمصروفات. وأقامت تلك المحكمة قضاءها على أساس أن ولئن كان حق المدعى فى المطالبة بالتعويض عن القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 قد نشأ من تاريخ صدوره وأنه أقام دعواه فى 22/9/1982 الامر الذى كان من شأنه أن يسقط حقه فى المطالبة بالتعويض عما أصابه من جرائه بالتقادم طويل الأجل الا أن هذا التقادم انقطع باقامة الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى طعنا بالالغاء على هذا القرار. ولامراء فى أن كلا من طلب التعويض عن القرار وطلب الغائه يقوم على أساس قانونى واحد هو عدم مشروعيتة.فكلاهما طعن على القرار: الأول طعن غير مباشر والثانى طعن مباشر ومن ثم فان رفع دعوى الالغاء يقطع سريان المواعيد بالنسبة لدعوى التعويض، اذ هما يتنافى مع طبائع الاشياء أن يبقى الحق فى طلب الالغاء قائما بينما يكون طلب التعويض، وهو الالغاء غير المباشر، قد سقط يالتقادم. وبعد أن استعرض الحكم المطعون فيه اركان مسئولية جهة الادارة بأنه أورد بأنه ولئن كان من المستقر عليه قضاء أن التعويض ليس من مستلزمات القضاء بالالغاء ما لم يكن العيب مؤثرا فى موضوع القرار، وأنه ولئن كانت المحكمة الادارية العليا قد اسست قضاءها بالغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة على صدره دون سابقة موافقة واقرار مجلس الرئاسة عليه قانونا، أى ليس فى الشكل ، الا أن هذا العيب ليس هو العيب الوحيد الذى من شأنه اهدار القرار المشار اليه فالثابت من عيون الاوراق أنه لم يثبت محض قرار معدوم للأسباب التى أوردتها المحكمة العليا فى قضائها بالغائه والتى قدرتها كافية محمل قضائها بالالغاء، بل هو مشوب بعد قيامه على سبب صحيح يبرره ويؤدى اليه ويحيط به اساءة استعمال السلطة والانحراف بها. وأية ذلك أنه صدر منطويا على نقل جماعى يشمل ستة وثلاثون عضوا من أعضاء الرقابة الادارية دون دليل على عدم صلاحيتهم أو عدم كفاءتهم. بل ونوهت المذكرة الايضاحية الموقعة من رئيس المجلس التنفيذى وقتذاك بأن حسن سير العمل بهذا الجهاز الرقابى لتبغى ابعادهم حتى تؤدى الرقابة ثمرتها من ازالة الخطأ والاتجاه الى التوحيد والاصلاح. وليس من شك فى أن لهذا النقل الجماعى دلالته التى كشفت عنه سرعة اصدار القرار بعد اسبوع واحد من استصدار القرار بقانون رقم 68 لسنة 1963 بتعديل بعض احكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية، وهو التعديل الذى أجبر بمقتضاه نقل أعضاء النيابة الادارية بقسميها الى وظائف عامة بالوزارات والمؤسسات ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك أن القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة 1963 تحوط به الرغبة فى التنكيل بالمنتزعين، على النحو الوارد.
الجلسة الرابعة والستين لمجلس الشعب المعقودة يوم 27/6/1976 . وبالتالى يكون ركن الخطأ قد توافر فى حق جهة الادارة. وعن ركن الضرر أورد الحكم أن ثمة أضرار مادية وأدبية مؤكدة لحقت المدعى من جراء القرار تتمثل فى حرمانه من فرص الترقى الى الوظائف القيادية العليا بالرقابة الادارية والتمتع بمزاياها، الأمر الذى يترتب أضرار مادية للمدعى. فضلا عن أنه لا شبهة فى أن ظروف النقل وملابساته وما وصف به من أنه ابعاد يحقق أضرار أدبية أصابت المدعى ، مما قدرت حق المحكمة تعويضا قدره عشرة الاف جنيه عن ذلك الاضرار بنوعيها.
ومن حيث أن طعن الجهة الادارية رقم 3226 لسنة 32 القضائية عليا يقوم على أسا الحكم المطعون فيه يخالف صحيح حكم القانون من ناحيتين: أولاهما أنه أخطأ حين رفض الدفع بسقوط الحق فى التعويض بالتقادم الطويل، وليس صحيحا أن أقامة المطعون ضده الدعوى رقم 103332 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى بطلب الغاء الصادر بنقله وقضى فيها بعدم القبول شكلا بجلسة 30/6/1977 مما يترتب عليه قطع ميعاد تقادم دعوى التعويض اذ أن الدعوى التى تقطع التقادم قانونا هى التى يتم فيها المطالبة بذات الحق المدفوع بتقادمه عملا بنص المادة 383 من القانون المدنى وثانيها أن العيب الذى أسست عليه المحكمة الادارية العليا قضاءها بالالغاء وهو صدور القرار بالتحرير دون الموافقة الاجماعية لا يستتبع بالضرورة حكم اللزوم القضاء بالتعويض، ما لم يكن العيب مؤثرا فى موضوع القرار
ومن حيث أن الطعن رقم 3515 لسنة 32 القضائية عليا المقام من السيد/……………. يقوم على أساس أنه لئن كان الحكم المطعون فيه قد صدر صحيحا ومتفقا مع حكم القانون، الا أنه بالنسبة لمبلغ التعويض فقد قضى بمبلغ لا يتناسب صدقا وعدلا مع الاضرار المادية والادبية التى لحقت بالطاعن. ذلك أن مجرد نقله من الرقابة الادارية خاصة وهو يشغل وظيفة من الوظائف العليا الى وظيفة اخرى دون سبب يبرر هذا النقل، من شأنه ان يصمه بعيوب فى نظر الرأى العام ونظر أصدقائه واسرته واقاربه، كما سبب له آلاما نفسية ومرضية بالاضافة الى الاضرار المادية التى أصابته والتى أوردها الحكم المطعون فيه. وعلى ذلك يكون مبلغ التعويض المقضى به غير متناسب مع الاضرار المادية والأديبة التى لحقته. كما أكد الطاعن عدم التناسب بين التعويض المقضى به وما لحقته من أضرار مادية وأدبية بالمذكرة المودعة فى 12/3/1988 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة. وانتهت فيها الى تأكيد طلباته بعريضة طعنه ورفض الطعن المقام من الجهة الادارية عن ذات الحكم.
ومن حيث ان الثابت أنه بتاريخ 15/7/1973 أقام السادة/……….و……….و………. (الطاعن والمطعون بالطعنين الماثلين) أمام محكمة القضاء الادارى ( دائرة الجزاءات) الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية ضد السيد/ رئيس الجمهورية طالبين الحكم بالغاء القرار الجمهورى رقم 1223 لسنة1963 الصادر فى 27/6/1963 الذى قضى بنقلهم من وظائف أعضاء الرقابة الادارية الى وظائف بالمؤسسات العامة واعتبار هذا القرار كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه المصروفات. وبجلسة 30/6/1977 حكمت تلك المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا وألزمت الدعين المصروفات. وبتاريخ 22/9/1982 أقام السيد/………….. الدعوى رقم 6004 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى( دائرة العقود الادارية والتعويضات) طالبا الحكم بالتعويض عما لحقه من أضرار مادية وادبية من جراء نقله بمقتضى القرار رقم 1223 لسنة 1963 المشار اليه
ومن حيث ان المحكمة المشكلة بالدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة معدلا قضت بجلسة 15/12/1985 أن دعوى التعويض عن القرارات الادارية المخالفة للقانون تسقط بمضى خمس عشر سنة، واذا كان الثابت فى وقعة المنازعة الماثلة ان جهة الادارة رفعت أمام محكمة القضاء الادارى اثناء نظر الدعوى بطلب التعويض أمامها بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الطويل استنادا لحكم المادة 374 من القانون المدنى، كما اسست أحد وجهى طعنها فى الحكم المطعون فيه علىأن الحكم المطعون خالف القانون اذ لم يقض بسقوط الحق فى التعويض الذى يمثل ركن الخطأ، على ما يدعى الطاعن/…………، وقد صدر فى 27/6/1963 ولم يقم دعواه بطلب التعويض عنه الا فى 22/9/1982، فيكون قد اقامها بعد سقوط الحق فى التعويض،بافتراض قيامه، بعد اذ أدركه حكم التقادم المسقط المنصوص عليه بالمادة 383 من القانون المدنى - ولا يغير من هذا النظر اقامة الدعوى رقم 1032 لسنة 27 القضائية بتاريخ 15/7/1973 بطلب الغاء القرار ذلك ان تلك الدعوى قضى فيها بجلسة 30/6/1977 بعدم قبولها شكلا. ايا كان الرأى فى اعتبار المطالبة بالغاء القرار مما يقطع تقادم الحق فى التعويض عنه فى مفهوم حكم المادة 383 من القانون المدنى ومفاده أن الاصل فى المطالبة القضائية التى يكون من شأنها قطع التقادم فى المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق المراد اقتضاؤه، وان قطع التقادم لا يتناول الا الحق الذى اتخذ بشأنه الاجراء القاطع للتقادم وكما التحق به من توابع مما تجب بوجوبه ويسقط بسقوطه ، فانه وان كان مؤدى عبارة المادة 383 ان التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى الى محكمة غير مختصة الا أن مناط ذلك ان تكون الدعوى قد تمت باجراء صحيح: وعلى ذلك فان كان رفع الدعوى بأصل الحق يكفى لقطع التقادم ولو رفعت الى محكمة غير مختصة ولائيا أو نوعيا أو قيميا أو محليا ويظل التقادم متقطعا طوال نظرها فان قضى فيها بعد الاختصاص دون احالتها الى محكمة اخرى سرى تقادم جديد من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، ولكن اذا قضى برفض الدعوى أو بعدم قبولها أو بترك الخصومة فيها أو بسقوط الخصومة أو بانقضائها الى غير ذلك من صور القضاء التى تمحو أثر الصحيفة زال أثر رفع الدعوى فى قطع التقادم فيستمر وكأنه لم ينقطع التقادم الذى كان قد بدأ قبل رفع الدعوى مازال ساريا لم ينقطع. ومؤدى ذلك أن القضاء فى 27/6/1977 بعدم قبول الدعوى بطلب القرار التى كان قد اقامها الطاعن/………… فى 15/7/1973 من شأنه أن يمحو أثر الصحيفة، فيزول بالتالى أثر رفع الدعوى فى قطع التقادم. ويعتبر التقادم الذى كان قد بدأ قبل رفع تلك الدعوى مازال ساريا لم ينقطع . وعلى ذلك واذا كان الطاعن/………. لم يقم دعواه بطلب التعويض عن القرار بنقله من جهاز الرقابة الادارية الصادر فى 27/6/1963 الا بتاريخ 22/9/1982 فتكون الدعوى قد اقيمت بعد أن سقط الحق بالتعويض المطالب به فيها مما يتعين معه الحكم برفضها. واذ ذهب الحكم المطعون فيه الى غير هذا النظر فيكون قد جانب صحيح الحكم القانون مما يتعين معه الحكم بالغائه وبرافض الدعوى مع الزام رافعها المصروفات أعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يراجع الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكرر من القانون رقم47 لسنة 1972 معدلا بالقانون رقم 136 لسنة 1984فى الطعن رقم 567 لسنة 29 ق الصادر بجلسة 15/12/1985 والذى يقضى بسقوط دعوى التعويض عن القرارات الادارية المخالفة للقانون بمضى خمسة عشر سنة.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: الصغير محمد محمود بدران ومحمد إبراهيم قشطة ومحمد الشيخ على أبوزيد وعبدالرحمن سعد محمود عثمان نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 12/3/1987 أودع الأستاذ/ .............. المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، بموجب توكيل رسمى عام رقم 1545 لسنة 1987 توثيق حلوان قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 11/1/1987 في الدعوى رقم 4669 لسنة 39 ق، والذى قضى بعدم قبول طلب المدعى أحقيته في اقتضاء بلغ 75000 جنيهاً وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأحقيته في اقتضاء مبلغ مقداره 407045 جنيهاً (أربعمائة وسبعة آلاف وخمسة وأربعون جنيهاً) قيمة التعويض الجابر للضررين المادى والأدبى اللذين لحقا به، وكذلك قيمة الأعمال التى قام بإنجازها ولم يتسلم قيمتها مع إلزام المطعون ضده الثانى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وندب مكتب خبراء وزارة العدل المختص للقيام بالمأمورية الموضحة بأسباب التقرير مع إرجاء البت في المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، حيث قدم وكيل الطاعن مذكرة دفاع التمس فيها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية الطاعن في اقتضاء قيمة الأعمال التى قام بإنجازها مع رد التأمين إليه، وأحقيته في تعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة قرار سحب العملية منه، وندب خبير لبيان قيمة الأعمال المنجزة وتحديد قيمة التعويض المستحق - وقدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع التمس فيها الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول لرفعه على غير ذى صفة - وقدم الحاضر عن المطعون ضده الثانى حافظة مستندات ومذكرة دفاع التمس فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
وبجلسة 19/1/1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 22/2/1994، ونظرت المحكمة الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/11/1994 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 24/1/1995، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه عن دفع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة فإن حقيقة هذا الدفع أنه طلب إخراج الطاعن الأول من الدعوى بلا مصاريف لانتفاء صفته، وهو ما تتعرض له المحكمة عند الفصل فى الموضوع - وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما هو ثابت فى الأوراق - فى أنه بتاريخ 25/8/1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 948 لسنة 1984 تجارى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 7 تجارى) بصحيفة أودعت قلم كتابها، طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بقرار سحب العمل منه وتمكينه من الاستمرار فى العمل وفى الموضوع، بإلزام المطعون ضده الثانى بأن يدفع له مبلغاً مقداره 407045 جنيهاً كتعويض عن الأضرار الناجمة عن قرار سحب العملية منه مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وعلى أن يكون الحكم فى مواجهة المطعون ضده الأول - وذكر شرحاً لدعواه، أنه تقدم بعطاء عن عملية شبكة الصرف الصحى الداخلى والخارجى لمشروع 20 فدان بمدينة نصر، وبتاريخ 27/11/1981 أبلغ بقبول عطائه بمبلغ إجمالى 140900 جنيهاً، وتسلم موقع العملية فى 1/2/1982 وطبقاً لشرط الأول من شروط التعاقد، فإن مدة تنفيذ العملية ثمانية شهور تبدأ من تاريخ وصول أول دفعة من المواسير من شركة سيجوارت وأن تضاف مدد التأخير فى تسلم المواسير من الشركة إلى مدة العملية ولأن شركة سيجوارت قد أخطرت المدعى عليه الثانى (المطعون ضده الثانى) فى 17/2/1982 بأن كمية المواسير المطلوبة لن يتسنى تسليمها للمقاول (الطاعن) إلا خلال عام 1983، فقد اعتبرت الهيئة أن موعد بدء العملية هو 1/8/1982، وإذ تعذر تدبير المواسير المطلوبة من الشركة المذكورة، فقد اقترح على الهيئة المدعى عليها فى 1/4/1982 بأن توافق على شراء ذات المواسير من شركات أخرى، إلا أنها رفضت ذلك الاقتراح برغم معاودة مطالبتها بذلك، وقال المدى (الطاعن) أنه وجد موقع العمل مليئاً بالعقبات والعوائق الفنية، والتى تمثلت فى وجود تشوينات بالموقع، وعدم تحديد مسار واضح لخط المواسير قطر 15 بوصة، ووجود تغيير بين المناسيب التصميمية لخطوط المجارى وبين مناسيب الشوارع والعمارات المنفذة بالمشروع، وعدم إتمام التسوية بالشارع البحرى فى العملية حتى 8/9/1982، وعدم وجود مناسيب تصميمية نهائية بتاريخ 6/7/1983 عقد اجتماع فى مكتب السيد/ نائب وزير التعمير بحضوره، وتم الاتفاق على استبدال مواسير شركة سيجوارت بأخرى بلاستيكية توفيراً للوقت، إلا أن الهيئة المدعى عليها تجاهلت كل هذه المعوقات وقامت بإخطاره فى 20/7/1983 بسحب العمل منه وإسناد الأعمال إلى مقاول آخر وتحديد يوم 24/7/1983 موعداً للجرد فى موقع العملية وفى اليوم المذكور توجه إلى موقع العملية ولم يجد أحد من قبل الهيئة، فحرر مذكرة بذلك بالمحضر رقم 4328 لسنة 1981 إدارى مدينة نصر، وينعى المدعى على قرار سحب العمل منه، بمخالفته للقانون، ذلك أن التأخير فى التنفيذ يرجع إلى الهيئة التى أصرت على أن يورد مواسير من شركة بعينها، وأنه كان يتعين على الهيئة أن تقوم بتسليمه موقع العمل خالياً من أى عقبات، ومن ثم فإنه يلتمس عدم الاعتداد بهذا القرار، وذهب المدعى إلى أنه يستحق مبلغ مقداره 407045 جنيهاً نتيجة لسحب العمل منه يتمثل فى الآتى: قيمة ما فاته من كسب وهو مبلغ 60000 جنيهاً، ومبلغ 10000 جنيهاً قيمة الزيادة فى الفوائد المصرفية، ومبلغ 35225 جنيهاً قيمة الزيادة فى أسعار المواد اللازمة للتشغيل، و 30000 جنيهاً قيمة الزيادة فى المصاريف الإدارية، و 50000 جنيهاً قيمة أعمال منفذة بمعرفته، و 14775 جنيهاً قيمة تشوينات، ومبلغ 200000 جنيهاً قيمة الأضرار الأدبية الناجمة عن سحب العمل منه، فضلاً عن استحقاقه لقيمة خطاب الضمان، وانتهى المدعى إلى أنه يلتمس الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وبتاريخ 8/8/1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 2175 لسنة 1983 تجارى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة المذكورة) بصحيفة أودعت قلم كتابها ضد:
1- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان (المطعون ضده الثانى).
2- رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس بصفته (المطعون ضده الثالث). طلب فى ختامها الحكم بأحقيته فى اقتضاء مبلغ 30928.950 جنيهاً (ثلاثون ألف وتسعمائة وثمانية وعشرون جنيهاً وتسعمائة وخمسون مليماً) والمصاريف، وذلك من المدعى عليه الأول (المطعون ضده الثانى) وبصحة إجراءات حجز ما للمدين لدى المدعى عليها الثانى (المطعون ضده الثالث) والموقع فى 31/7/1983 والمبلغ إلى المدعى عليه الأول فى 1/8/1983، والمدعى عليه الثانى فى 3/8/1983 مع إلزام المدعى عليه الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكر شرحاً لدعواه، أنه بتاريخ 27/12/1981 تم إبلاغه بقبول عطائه عن عملية شبكة الصرف الصحى الداخلى والخارجى لمشروع 20 فدان بمدينة نصر بمبلغ قدره 140900 جنيه وقام باستخراج خطابى ضمان قيمتهما 30928.950 جنيهاً، وبتاريخ 30/7/1983 فوجئ بسحب الأعمال منه وإسنادها لمقاول آخر، الأمر الذى يعطيه الأحقية فى اقتضاء قيمة التأمين النهائى، ولذلك فقد استصدر بتاريخ 31/7/1983 من السيد/ قاضى الأمور الوقتية بمحكمة جنوب القاهرة بالمبلغ المذكور، وتم إعلان أمر الحجز التحفظى إلى البنك المحجوز لديه بتاريخ 1/8/1983، وإلى الهيئة المدعى عليها (المحجوز عليها) بتاريخ 3/8/1983 وأضاف المدعى (الطاعن) أنه يقيم هذه الدعوى للحكم بثبوت هذا الدين وصحة الحجز عملاً بنص المادة 333 مرافعات، وخلص إلى أنه يلتمس الحكم بالطلبات المشار إليها.
وقد نظرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعويين على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، حيث قدم كل من: المدعى (الطاعن) والهيئة المدعى عليها (المطعون ضدها الثانية) مستنداته ودفاعه، وبجلسة 8/1/1985 مثل الحاضر عن هيئة قضايا الدولة ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للسيد/ وزير التعمير والإسكان واستصلاح الأراضى بصفته (المطعون ضده الأول).
وبجلسة 22/1/1985 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 17 تجارى) بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين رقمى 948 و 2175 لسنة 1983 تجارى جنوب القاهرة وإحالتهما إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) وقد أحيلت أوراق الدعويين إلى المحكمة المذكورة، حيث قيدت بجدولها دعوى بقم 4669 لسنة 39 ق، ولدى تحضيرها بهيئة مفوضى الدولة، قدم المدعى (الطاعن) مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم أولاً: بعدم الاعتداد بقرار سحب العمل منه وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: إلزام المدعى عليه الثانى بأن يؤدى له مبلغ 407045 جنيهاً كتعويض جابر لما أصابه من أضرار. ثالثاً: أحقيته فى اقتضاء مبلغ 105928.950 جنيهاً منها 75000 جنيهاً (خمسة وسبعون ألف جنيه) قيمة الأعمال التى قام بإنجازها من أول يناير سنة 1983 وحتى 1/8/1983 ومبلغ 30928.950 جنيهاً قيمة المبلغ المحجوز من أجله لدى المدعى عليه الثالث خصماً من مستحقات المدعى عليه الثانى لدى الأخير والموقع فى 1/8/1983 - وبعد أن أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الدعوى، تحدد لنظره جلسة 30/6/1985، حيث تدوولت بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها:
وبجلسة 11/1/1987 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها بالنسبة لرفض طلب التعويض عن قرار سحب الأعمال من الطاعن تأسيساً على ما ثبت من الأوراق من أنه قد أخل بشروط العقد التى توجب عليه الانتهاء من تنفيذ العملية فى مدة ثمانية شهور من تاريخ وصول أول دفعة من المواسير من شركة سيجوارت، إذ أنه تسلم أول دفعة فى 31/3/1983، إلا أنه حتى تاريخ سحب العمل منه فى 17/7/1983 لم يكن قد نفذ إلا 20% من قيمة العقد. ومن ثم فإن تأخير تنفيذ العملية إنما يرجع إلى المدعى (الطاعن) حيث إنه لم يقم بسداد قيمة المواسير للشركة حتى يكون له الأولوية فى استلامها كما هو ثابت من كتاب الهيئة له فى 22/1/1983، وأضافت المحكمة أنه تبين أن المدع تسلم كميات من المواسير تزيد عن حجم الأعمال المنفذة، ثم انتهت إلى أنه يستفاد من ذلك أن قرار سحب الأعمال قد صدر مطابقاً لأحكام المادتين 31، 32 من دفتر الشروط العامة والمادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات رقم 542 لسنة 1957، واستندت المحكمة فى قضاءها بعدم قبول طلب المدعى أحقيته فى اقتضاء مبلغ 75000 جنيهاً قيمة الأعمال التى قام بإنجازها من أول يناير عام 1983 وحتى 1/8/1983 إلا أن المدعى لم يبد هذا الطلب فى عريضة دعواه وإنما أبداه فى مذكرته التى قدمت أمام هيئة مفوضى الدولة ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول هذا الطلب لتقديمه بغير الأوضاع التى رسمها القانون - كما أقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لرفض طلب المدعى أحقيته فى اقتضاء مبلغ 30928.950 جنيهاً، وبصحة إجراءات حجز ما للمدين لدى المدعى عليه الثالث والموقع فى 31/7/1983 تأسيساً على ما ثبت من الأوراق من أن الهيئة المدعى عليها قامت بتنفيذ العملية على حساب المدعى ومن ثم فإنه يكون مسئولاً بكافة التعويضات والمصاريف الإدارية بواقع 10% من هذه التكاليف، وأنه لذلك، فإن قيمة خطابى الضمان البالغة قدرها 30928.950 جنيهاً تكفل حق الإدارة فى الحصول على التعويضات والمصاريف الإدارية من المدعى بعد تنفيذ العملية، ومن ثم فإن حق المدعى غير محقق الوجود ولا حال الأداء، مما يتعين معه القضاء برفض طلب بثبوت الحقوق وصحة الحجز.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره والفساد فى الاستدلال، للأسباب الآتية:
أولاً- أن قرار سحب الأعمال من الطاعن مخالف لنص المادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات رقم 542 لسنة 1957، ذلك أن التأخير فى تنفيذ العملية المتعاقد عليها يرجع إلى الهية المطعون ضدها الثانية، ولم يتناول الحكم المطعون فيه العقبات التى أدت إلى التأخير فى التنفيذ والتى أشار إليها الطاعن بحصيفة دعواه، ومن ناحية أخرى، فإن شركة سيجوارت قامت بإخطار الطاعن بأنها لن تستطيع الوفاء بالطلبات المطلوبة إلا ابتداء من أول عام 1983 أى بعد بدء التعقد بما يزيد على 12 شهراً ويستطرد الطاعن قائلاً أنه كيف يتسنى له تسلم كميات كبيرة من المواسير من الشركة المذكورة دون سداد ثمنها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال حينما ذهب إلى أن الطاعن لم يسدد ثمن المواسير للشركة المذكورة ثم ذهب فى موضع آخر إلى أن كميات المواسير المسلمة تفوق حجم الأعمال المنفذة - ثم يضيف الطاعن أن محضر الجرد قد تم فى غيبته ولم يتضمن كل الحقائق عن الأعمال المنفذة والتشوينات التى استولت عليها جهة الإدارة.
ثانياً: تجاهل الحكم المطعون فيه ما قدمه الطاعن من مستندات تثبت أحقيته فيما يطالب به، فضلاً عن أنه أغفل الرد على الدفع المبدى من الحاضر عن المطعون ضده الأول بصفته أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية.
ثالثاً: أن القضاء بعدم قبول الطلب الطاعن فى اقتضاء مبلغ 75000 جنيهاً قيمة الأعمال المنجزة ينطوى على مخالفته للقانون، ذلك أن الثابت من صحيفة الدعوى المقامة من الطاعن، أنه تمسك بهذا الطلب، ومن ثم فإنه لا يعد من الطلبات الجديدة، ولا يغير من ذلك، أنه قام بالمطالبة بقيمة أكبر، بمذكرة دفاعه أمام هيئة مفوضى الدولة، ذلك أن الثابت أن هذه القيمة تدخل فى إطار المبالغ المطالب بها بصحيفة دعواه.
رابعاً: أخطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون على الوقائع، ذلك أنه من المقرر أنه إذا كان المبلغ المحجوز من أجله يكفل حق الإدارة فى الحصول على التعويضات، فإنه يكفل - من باب أولى - حق الطاعن قبل الهيئة المطعون ضدها عن قيمة الأعمال التى قام بها ولم يتسلم قيمتها بعد، ومن ناحية أخرى، فإن الحكم المطعون فيه قد اعتد بدفاع الهيئة المطعون ضدها المرسل ولم يثبت من صحة عملية التنفيذ على حساب الطاعن.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضده الأول فإن حقيقة هذا الدفع هو طلب إخراج الطاعن الأول من الدعوى بلا مصاريف ومن المستقر عليه قضاء فى هذا الخصوص أن الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة لا يحتاج إلى دفع به، إذ تملك المحكمة وهى تنزل حكم القانون أن تقضى به من تلقاء نفسها، وبهذه المثابة فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن العقد محل النزاع مبرم بين الطاعن والهيئة المطعون ضدها الثانية، فإن صفة المطعون ضده الأول تنتفى فى النزاع الماثل، وإذ كان الثابت أيضاً أن الحاضر عن المطعون ضده الأول قد مثل بجلسة 8/1/1985 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ودفع بعدم قبول الدعوى فى حكمها، فى هذا الدفع، فإنه لا مناص من القضاء بإخراج المطعون ضده الأوكل من الدعوى محل الطعن بلا مصاريف وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الهيئة العامة لتعاونيات البناء والمساكن (المطعون ضدها الثانية) أعلنت عن مناقصة عامة لتنفيذ عملية إنشاء شبكة الصرف الصحى الداخلى والخارجى لمشروع العشرين فدان بمدينة نصر بمبلغ إجمالى 140900 جنيهاً (مائة وأربعون ألف وتسعمائة جنيه)، وفى 27/12/1981 أخطرت الهيئة الطاعن بقبول العطاء المقدم منه عن هذه العملية طبقاً لعدة شروط منها: 1- مدة تنفيذ العملية 8 شهور من تاريخ وصول أول دفعة من المواسير من شركة سيجوارت بشرط قيامه بالتعاقد مع الشركة على المواسير اللازمة وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور أمر الإسناد رقم 77 بتاريخ 3/1/1982، على أن تخطر الهيئة بصورة من التعاقد مع شركة سيجوارت، وأن تضاف مدد تأخير تسليم المواسير من الشركة المذكورة لمدة العملية. 2- تصرف دفعة مقدمة بواقع 20% من قيمة أمر الإسناد نظير تقديم خطاب ضمان من أحد البنوك المعتمدة على ألا تصرف إلا بعد استلام الموقع خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور أمر الإسناد. 3- موافاة الهيئة بقيمة التأمين النهائى بواقع 5% من قيمة أمر الإسناد نقداً أو بموجب خطاب ضمان.
وفى 1/2/1982 تسلم الطاعن الموقع، ولم يتم التعاقد مع شركة سيجوارت حتى 2/3/1982 وبتاريخ 14/12/1982 طلب الطاعن من الهيئة المذكورة الموافقة على اعتبار يوم 18/8/1982 هو تاريخ وصول أول دفعة مواسير للموقع، وفى 18/12/1982 وافقت الهيئة على حساب يوم 1/8/1982 هو موعد وصول أول دفعة مواسير وبالتالى موعد بدء العمل.
وفى 18/8/1982 ردت الهيئة على كتاب الطاعن المؤرخ 15/7/1982 بخصوص المناسيب النهائية لخطوط ومطابق المجارى فى المشروع، وأوضحت أنه بمراجعة مناسيب العمارات المنفذة مع مندوبه، وجدت مطابقة للمناسيب التصميمية للمشروع، وفى 8/9/1982 أخطرت الهيئة الطاعن بضرورة مراجعة مناسيب الأبيار بالشوارع مع مناسيب غرف التفتيش المقامة بجوار العمارات وإلا ستضطر الهيئة لإيقاف العمل وإصلاح كافة الأعمال على حسابه، وفى 15/1/1983 أخطرت الهيئة الطاعن بضرورة إنهاء كافة الأعمال فى المواعيد المحددة بعقد العملية، وفى 22/1/1983 تم إخطاره بضرورة قيامه بسداد قيمة المواسير للشركة المذكورة حتى يكون له الأولوية فى استلامها، وفى 6/3/1983 تم إخطاره بأن العمل لا يزال يسير بطريقة متعثرة، وأعيد إخطاره بذلك بتاريخ 30/3/1983، وتحررت مذكرة للعرض على مجلس إدارة الهيئة بشأن تقاعس الطاعن عن تنفيذ الأعمال المسندة إليه، وجاء بها: أن المقاول (الطاعن) لم يف بالإلتزامات رغم منحه ستة أشهر إضافية للمدة الأصلية، وأنه مازال يسير ببطء فى تنفيذ الأعمال، إذ أنه لم ينفذ سوى نسبة من الأعمال لا تتجاوز نسبة 20% من قيمة العقد وأضافت المذكرة أنه تقرر سحب العمل من المقاول ورؤى إسناده إلى مقاول آخر، وقد وافق مجلس إدارة الهيئة على هذه المذكرة بتاريخ 17/7/1983، وفى 24/7/1983 أجرى محضر سحب العمل من الطاعن فى حدود الأعمال المنفذة بالموقع، وفى 4/12/1985 أرسلت شركة سيجوارت كتاباً إلى الهيئة بخصوص كمية المواسير الفخار المسلمة للطاعن تضمن أن الطاعن تسلم كمية قدرها 5/499 بوص/7 فى يولية عام 1982 و 5/199 من ذات النوع فى يونيو عام 1983 وكمية قدرها 159 بوصة/12 فى يوليو عام 1982 وكمية قدرها 219 بوص/ 12 فى يناير عام 1983 وكمية قدرها 150 بوصة/ 15 فى يوليو عام 1983.
ومن حيث إن المادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 - بحسبانها اللائحة التى تم التعاقد فى ظل سريان أحكامها - تقضى بأنه "لرئيس المصلحة أو مدير السلاح الحق فى سحب العمل من المقاول فى أية حالة من الحالات الآتية:
(أ) إذا تأخر فى البدء فى العمل أو ظهر بطء فى سيره لدرجة ترى معها الوزارة أو المصلحة أو السلاح أنه لا يمكن إتمامها فى المدة المحددة لانتهائه.
(ب) إذا وقف العمل كلية مدة تزيد على خمسة عشر يوماً ........... ويكون سحب العمل بإخطار مكتوب يرسل للمقاول بالبريد الموصى عليه دون حاجة للالتجاء إلى القضاء أو اتخاذ أى إجراء آخر، ويكون للوزارة أو المصلحة أو السلاح فى هذه الحالة - وفقاً لتقديها المطلق - علاوة على اقتضاء غرامة التأخير أن تستعمل أحد الحقوق التالية: أولاً- أن تقوم بنفسها على حساب المقاول بتنفيذ الأعمال التى لم تتم كلها أو بعضها، وفى هذه الحالة لا يجوز للمقاول المطالبة بأى وفر يتحقق. ثانياً: أن تطرح فى المناقصة من جديد الأعمال التى لم تتم كلها أو بعضها. ثالثاً: أن تتفق مع أحد المقاولين بطريق الممارسة لإتمام العمل.
وفى هذه الأحوال يكون للوزارة أو المصلحة أو السلاح الحق فى احتجاز كل أو بعض ما يوجد بمحل العمل من منشآت وقتية ومبان وآلات .......... كما يكون له فى هذه الأحوال الحق فى استرداد جميع ما تكبدته من مصروفات وخسائر زيادة على قيمة العقد نتيجة سحب العمل بالخصم من التأمين المودع لديها من المقاول أو من أية مبالغ مستحقة له قبلها أو قبل أية مصلحة حكومية أخرى ............".
وقد تضمنت المادتان 31 و 32 من الجزء الأول من دفتر الشروط العامة التى تم التعاقد محل النزاع على أساسها ذات الأحكام الواردة بالمادة 94 من لائحة المناقصات تنتفى مسئوليتها التعاقدية، مما يتعين معه القضاء برفض المطالبة بالتعويض عن قرار سحب الأعمال من الطاعن، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك، فإنه يكون قد صادف صحيح أحكام القانون، الأمر الذى تقضى معه هذه المحكمة برفض الطعن عليه فى هذا الشق.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن الحكم بإلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ 30928.950 جنيهاً قيمة خطابى الضمان رقمى 114908 و 114910 - وبصحة إجراءات حجز ما للمدين (الهيئة المذكورة) لدى الغير (البنك المطعون ضده الثالث) والموقع بالأمر رقم 449 لسنة 1983 الصادر من قاضى التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 31/7/1983 والمعلن للبنك المطعون ضده الثالث بتاريخ 1/8/1983، وللهيئة المطعون ضدها الثانية بتاريخ 3/8/1983، فإن هذه المحكمة تقرر بادئ ذى بدء أن خطاب الضمان يعد طبقاً للتكييف القانونى السليم - كفالة شخصية من البنك للمدين الأصلى، وهو المقاول، ولصالح الدائن، وهو الجهة الإدارية المتعاقدة، وبهذه المثابة فإن البنك فى التزامه بخطاب الضمان إنما يلتزم بصفته أصيلاً قبل المستفيد لا بوصف كونه نائباً عن عميله، ولذا فإن البنك يلتزم بما تعهد به دون تأخير بغض النظر عن سائر العلاقات السابقة، سواء تلك التى نشأت بين العميل ودائنه المستفيد أو التى بين البنك وعميله - ومن المقرر فى هذا الخصوص أن خطاب الضمان وإن كان يقوم مقام التأمين النقدى إلا أنه ليس أداة وفاء كالشيك أو بقيمة الأوراق التجارية، وإنما هو أداة ضمان فقط.
ومن حيث إنه لما كان المستقر عليه فقهاً وقضاء أن قضاء العقود الإدارية ينتمى أساساً إلى القضاء الكامل، فإنه يكون للمحكمة أن تنظر ما يكون قد صدر بشأن تلك العقود من إجراءات وقرارات، وذلك باعتبارها من العناصر المتفرعة عن المنازعة الأصلية فى حدود اختصاصها الكامل بالنسبة إلى هذه المنازعات طالما لم يسقط الحق بمضى المدة، كما يكون للمحكمة الاختصاص الشامل لجميع ما يتفرع عن المنازعة الأصلية من أمور مستعجلة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يقم بتنفيذ الأعمال المتعاقد عليها فى المواعيد المحددة، مما حدا بالهيئة المطعون ضدها الثانية إلى القيام بتنفيذها على حسابه، وكان المقرر طبقاً لنص المادة (54) من لائحة المناقصات والمزايدات المشار إليها أنه يجب الاحتفاظ بالتأمين النهائى بأكمله إلى أن يتم تنفيذ العقد بصفة نهائية طبقاً للشروط، فمن ثم لا يحق للطاعن المطالبة بهذا التأمين، إذ أنه يكفل الحقوق المقررة للهيئة المطعون ضدها الثانية عند قيامها بالتنفيذ على حسابه، ومن ناحية أخرى، فإنه لما كان المستفاد من أحكام المواد 325 و 327 و 332 و 333 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، على ضوء ما هو مستقر عليه، قضاءاً أنه يشترط لصحة إجراءات حجز ما للمدية لدى الغير، أن يكون طالب الحجز دائناً للمحجوز عليه، وأن يكون المحجوز لديه مديناً للمحجوز عليه، وكان الثابت مما تقدم أن الطاعن ليس دائناً للهيئة المطعون ضدها بالتأمين المشار إليه، ذلك أن هذا التأمين مقدم منه ضماناً لتنفيذ العملية المسندة إليه، وفضلاً عن ذلك، فإن المقرر أن خطاب الضمان ليس أداة وفاء وإنما هو أداة ضمان كما سلف بيانه، ومن ثم لا يسوغ الحجز على قيمة خطابى الضمان المشار إليهما، وبالتالى يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح أحكام القانون، إذ انتهى إلى القضاء برفض المطالبة باقتضاء قيمة التأمين المذكور، وبعدم صحة الحجز المشار إليه، محمولاً على ما أوردته هذه المحكمة على النحو المتقدم، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن عليه فى هذا الشق.
ومن حيث إنه عن نعى الطاعن بمخالفة الحكم المطعون فيه للقانون فيما قضى به من عدم قبول مطالبته باقتضاء مبلغ 75000 جنيهاً قيمة الأعمال التى أنجزها خلال الفترة من أول يناير عام 1983 حتى 1/8/1983 فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن أورد فى صحيفة دعواه المقدمة ابتداء بقلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أنه يطالب بقيمة أعمال أنجزها ولا يستطيع حصرها وأنه يقدر قيمتها بمبلغ 50000 جنيهاً (خمسون ألف جنيه)، وبعد أن أحيلت الدعوى لمحكمة القضاء الإدارى، تقدم الطاعن بمذكرة أمام هيئة مفوضى الدولة أوضح بها أنه يقدر قيمة الأعمال المشار إليها بمبلغ 75000 جنيهاً (خمسة وسبعون ألف جنيه)، فمن ثم لا يوجد ثمة طلب عارض يستوجب تقديمه إعمالاً لأحكام المادة 123 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ذلك أنه لم يرد تغيير فى موضوع الطلب الأصلى وسببه، وبالتالى يكون النعى سالف البيان فى محله، مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من القضاء بعدم قبول مطالبة الطاعن بمبلغ 75000 جنيهاً، لمخالفته لأحكام القانون على النحو المتقدم.
ومن حيث إنه لما كان الثابت مما تقدم أن الطاعن يطالب بقيمة أعمال أنجزها ولم يتقاض قيمتها، كما يطالب بقيمة تشوينات مستولى علياه بمعرفة الهيئة المطعون ضدها، وكانت أوراق النزاع ومستنداته لا تكفى لتكوين عقيدة المحكمة فيها، فمن ثم فإنه لا مناص من ندب خبير، قبل الفصل فى هذا الشق من النزاع، يناط به المهمة المبينة بالمنطوق عملاً بنصر المادة 135 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 54 لسنة 1974.
ومن حيث إن المحكمة ترجىء الفصل فى مصروفات الطعن إلى حين الفصل فى الشق المذكور من النزاع.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه:
أولاً: بإخراج المطعون ضده الأول بصفته من الدعوى بلا مصاريف.
ثانياً: برفض الطعن بالنسبة لطلب التعويض عن قرار سحب الأعمال من الطاعن، وبالنسبة لطلب اقتضاء قيمة التأمين النهائى. وبرفض دعوى صحة إجراءات الحجز الموقع على قيمة خطابى الضمان المشار إليهما بأسباب الحكم.
ثالثاً: وقبل الفصل فى موضوع المطالبة بقيمة الأعمال المنجزة وقيمة التشوينات، بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليندب أحد خبرائه المختصين للاطلاع على ملف الطعن وما به من مستندات، والانتقال إلى مقر العملية محل النزاع ومعاينتها، لبيان الأعمال التى قام الطاعن بإنجازها قبل قرار سحب العملية منه، مع تحديد قيمتها، وبيان قيمة الأعمال التى لم يتقاض عنها الطاعن مقابلاً من الهيئة المطعون ضدها فى ضوء أحكام وشروط التعاقد المبرم بين الطاعن والهيئة المطعون ضدها، ثم بيان ماهية التشوينات التى تركها الطاعن فى موقع العمل، مع تحديد قيمتها وبيان ما إذا كان قد تم الاستيلاء عليها من عدمه، من قبل الهيئة المطعون ضدها وبيان المبالغ المستحقة للجهة الإدارية نتيجة التنفيذ على حساب الطاعن وصرحت للخبير فى سبيل أداء المأمورية سماع ملاحظات طرفى النزاع وشهودهما بغير حلف يمين، والاطلاع على ما يقدم إليه من مستندات، والانتقال إلى أية جهة يرى لزوم الانتقال إليها للاطلاع على ما بها من مستندات تتعلق بالنزاع - وعلى الطاعن إيداع أمانة قدرها مائتا جنيه من تاريخ النطق بهذا الحكم، على أن يصرف نصفها للخبير بدون إجراءات - وعلى الخبير مباشرة المأمورية فور سداد الأمانة - وحددت جلسة 14/2/1995 لنظر الموضوع فى حالة عدم دفع الأمانة وجلسة 30/5/1995 فى حالة دفعها - وعلى الخبير تقديم تقريره إلى ما قبل الجلسة الأخيرة - وعلى قلم الكتاب إعلان منطوق هذا الحكم لمن لم يحضر جلسة النطق به وإخطار الخبير فور سداد الأمانة لمباشرة المأمورية - وأبقت الفصل فى مصروفات الطعن لحين الفصل فى هذا الشق من النزاع.
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: الصغير محمد محمود بدران ومحمد إبراهيم قشطة ومحمد الشيخ على أبوزيد وعبدالرحمن سعد محمود عثمان نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 12/3/1987 أودع الأستاذ/ .............. المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، بموجب توكيل رسمى عام رقم 1545 لسنة 1987 توثيق حلوان قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 11/1/1987 في الدعوى رقم 4669 لسنة 39 ق، والذى قضى بعدم قبول طلب المدعى أحقيته في اقتضاء بلغ 75000 جنيهاً وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأحقيته في اقتضاء مبلغ مقداره 407045 جنيهاً (أربعمائة وسبعة آلاف وخمسة وأربعون جنيهاً) قيمة التعويض الجابر للضررين المادى والأدبى اللذين لحقا به، وكذلك قيمة الأعمال التى قام بإنجازها ولم يتسلم قيمتها مع إلزام المطعون ضده الثانى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وندب مكتب خبراء وزارة العدل المختص للقيام بالمأمورية الموضحة بأسباب التقرير مع إرجاء البت في المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، حيث قدم وكيل الطاعن مذكرة دفاع التمس فيها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية الطاعن في اقتضاء قيمة الأعمال التى قام بإنجازها مع رد التأمين إليه، وأحقيته في تعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة قرار سحب العملية منه، وندب خبير لبيان قيمة الأعمال المنجزة وتحديد قيمة التعويض المستحق - وقدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع التمس فيها الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول لرفعه على غير ذى صفة - وقدم الحاضر عن المطعون ضده الثانى حافظة مستندات ومذكرة دفاع التمس فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
وبجلسة 19/1/1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 22/2/1994، ونظرت المحكمة الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/11/1994 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 24/1/1995، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه عن دفع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة فإن حقيقة هذا الدفع أنه طلب إخراج الطاعن الأول من الدعوى بلا مصاريف لانتفاء صفته، وهو ما تتعرض له المحكمة عند الفصل فى الموضوع - وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما هو ثابت فى الأوراق - فى أنه بتاريخ 25/8/1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 948 لسنة 1984 تجارى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 7 تجارى) بصحيفة أودعت قلم كتابها، طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بقرار سحب العمل منه وتمكينه من الاستمرار فى العمل وفى الموضوع، بإلزام المطعون ضده الثانى بأن يدفع له مبلغاً مقداره 407045 جنيهاً كتعويض عن الأضرار الناجمة عن قرار سحب العملية منه مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وعلى أن يكون الحكم فى مواجهة المطعون ضده الأول - وذكر شرحاً لدعواه، أنه تقدم بعطاء عن عملية شبكة الصرف الصحى الداخلى والخارجى لمشروع 20 فدان بمدينة نصر، وبتاريخ 27/11/1981 أبلغ بقبول عطائه بمبلغ إجمالى 140900 جنيهاً، وتسلم موقع العملية فى 1/2/1982 وطبقاً لشرط الأول من شروط التعاقد، فإن مدة تنفيذ العملية ثمانية شهور تبدأ من تاريخ وصول أول دفعة من المواسير من شركة سيجوارت وأن تضاف مدد التأخير فى تسلم المواسير من الشركة إلى مدة العملية ولأن شركة سيجوارت قد أخطرت المدعى عليه الثانى (المطعون ضده الثانى) فى 17/2/1982 بأن كمية المواسير المطلوبة لن يتسنى تسليمها للمقاول (الطاعن) إلا خلال عام 1983، فقد اعتبرت الهيئة أن موعد بدء العملية هو 1/8/1982، وإذ تعذر تدبير المواسير المطلوبة من الشركة المذكورة، فقد اقترح على الهيئة المدعى عليها فى 1/4/1982 بأن توافق على شراء ذات المواسير من شركات أخرى، إلا أنها رفضت ذلك الاقتراح برغم معاودة مطالبتها بذلك، وقال المدى (الطاعن) أنه وجد موقع العمل مليئاً بالعقبات والعوائق الفنية، والتى تمثلت فى وجود تشوينات بالموقع، وعدم تحديد مسار واضح لخط المواسير قطر 15 بوصة، ووجود تغيير بين المناسيب التصميمية لخطوط المجارى وبين مناسيب الشوارع والعمارات المنفذة بالمشروع، وعدم إتمام التسوية بالشارع البحرى فى العملية حتى 8/9/1982، وعدم وجود مناسيب تصميمية نهائية بتاريخ 6/7/1983 عقد اجتماع فى مكتب السيد/ نائب وزير التعمير بحضوره، وتم الاتفاق على استبدال مواسير شركة سيجوارت بأخرى بلاستيكية توفيراً للوقت، إلا أن الهيئة المدعى عليها تجاهلت كل هذه المعوقات وقامت بإخطاره فى 20/7/1983 بسحب العمل منه وإسناد الأعمال إلى مقاول آخر وتحديد يوم 24/7/1983 موعداً للجرد فى موقع العملية وفى اليوم المذكور توجه إلى موقع العملية ولم يجد أحد من قبل الهيئة، فحرر مذكرة بذلك بالمحضر رقم 4328 لسنة 1981 إدارى مدينة نصر، وينعى المدعى على قرار سحب العمل منه، بمخالفته للقانون، ذلك أن التأخير فى التنفيذ يرجع إلى الهيئة التى أصرت على أن يورد مواسير من شركة بعينها، وأنه كان يتعين على الهيئة أن تقوم بتسليمه موقع العمل خالياً من أى عقبات، ومن ثم فإنه يلتمس عدم الاعتداد بهذا القرار، وذهب المدعى إلى أنه يستحق مبلغ مقداره 407045 جنيهاً نتيجة لسحب العمل منه يتمثل فى الآتى: قيمة ما فاته من كسب وهو مبلغ 60000 جنيهاً، ومبلغ 10000 جنيهاً قيمة الزيادة فى الفوائد المصرفية، ومبلغ 35225 جنيهاً قيمة الزيادة فى أسعار المواد اللازمة للتشغيل، و 30000 جنيهاً قيمة الزيادة فى المصاريف الإدارية، و 50000 جنيهاً قيمة أعمال منفذة بمعرفته، و 14775 جنيهاً قيمة تشوينات، ومبلغ 200000 جنيهاً قيمة الأضرار الأدبية الناجمة عن سحب العمل منه، فضلاً عن استحقاقه لقيمة خطاب الضمان، وانتهى المدعى إلى أنه يلتمس الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وبتاريخ 8/8/1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 2175 لسنة 1983 تجارى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة المذكورة) بصحيفة أودعت قلم كتابها ضد:
1- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان (المطعون ضده الثانى).
2- رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس بصفته (المطعون ضده الثالث). طلب فى ختامها الحكم بأحقيته فى اقتضاء مبلغ 30928.950 جنيهاً (ثلاثون ألف وتسعمائة وثمانية وعشرون جنيهاً وتسعمائة وخمسون مليماً) والمصاريف، وذلك من المدعى عليه الأول (المطعون ضده الثانى) وبصحة إجراءات حجز ما للمدين لدى المدعى عليها الثانى (المطعون ضده الثالث) والموقع فى 31/7/1983 والمبلغ إلى المدعى عليه الأول فى 1/8/1983، والمدعى عليه الثانى فى 3/8/1983 مع إلزام المدعى عليه الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكر شرحاً لدعواه، أنه بتاريخ 27/12/1981 تم إبلاغه بقبول عطائه عن عملية شبكة الصرف الصحى الداخلى والخارجى لمشروع 20 فدان بمدينة نصر بمبلغ قدره 140900 جنيه وقام باستخراج خطابى ضمان قيمتهما 30928.950 جنيهاً، وبتاريخ 30/7/1983 فوجئ بسحب الأعمال منه وإسنادها لمقاول آخر، الأمر الذى يعطيه الأحقية فى اقتضاء قيمة التأمين النهائى، ولذلك فقد استصدر بتاريخ 31/7/1983 من السيد/ قاضى الأمور الوقتية بمحكمة جنوب القاهرة بالمبلغ المذكور، وتم إعلان أمر الحجز التحفظى إلى البنك المحجوز لديه بتاريخ 1/8/1983، وإلى الهيئة المدعى عليها (المحجوز عليها) بتاريخ 3/8/1983 وأضاف المدعى (الطاعن) أنه يقيم هذه الدعوى للحكم بثبوت هذا الدين وصحة الحجز عملاً بنص المادة 333 مرافعات، وخلص إلى أنه يلتمس الحكم بالطلبات المشار إليها.
وقد نظرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعويين على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، حيث قدم كل من: المدعى (الطاعن) والهيئة المدعى عليها (المطعون ضدها الثانية) مستنداته ودفاعه، وبجلسة 8/1/1985 مثل الحاضر عن هيئة قضايا الدولة ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للسيد/ وزير التعمير والإسكان واستصلاح الأراضى بصفته (المطعون ضده الأول).
وبجلسة 22/1/1985 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 17 تجارى) بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين رقمى 948 و 2175 لسنة 1983 تجارى جنوب القاهرة وإحالتهما إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) وقد أحيلت أوراق الدعويين إلى المحكمة المذكورة، حيث قيدت بجدولها دعوى بقم 4669 لسنة 39 ق، ولدى تحضيرها بهيئة مفوضى الدولة، قدم المدعى (الطاعن) مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم أولاً: بعدم الاعتداد بقرار سحب العمل منه وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: إلزام المدعى عليه الثانى بأن يؤدى له مبلغ 407045 جنيهاً كتعويض جابر لما أصابه من أضرار. ثالثاً: أحقيته فى اقتضاء مبلغ 105928.950 جنيهاً منها 75000 جنيهاً (خمسة وسبعون ألف جنيه) قيمة الأعمال التى قام بإنجازها من أول يناير سنة 1983 وحتى 1/8/1983 ومبلغ 30928.950 جنيهاً قيمة المبلغ المحجوز من أجله لدى المدعى عليه الثالث خصماً من مستحقات المدعى عليه الثانى لدى الأخير والموقع فى 1/8/1983 - وبعد أن أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الدعوى، تحدد لنظره جلسة 30/6/1985، حيث تدوولت بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها:
وبجلسة 11/1/1987 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها بالنسبة لرفض طلب التعويض عن قرار سحب الأعمال من الطاعن تأسيساً على ما ثبت من الأوراق من أنه قد أخل بشروط العقد التى توجب عليه الانتهاء من تنفيذ العملية فى مدة ثمانية شهور من تاريخ وصول أول دفعة من المواسير من شركة سيجوارت، إذ أنه تسلم أول دفعة فى 31/3/1983، إلا أنه حتى تاريخ سحب العمل منه فى 17/7/1983 لم يكن قد نفذ إلا 20% من قيمة العقد. ومن ثم فإن تأخير تنفيذ العملية إنما يرجع إلى المدعى (الطاعن) حيث إنه لم يقم بسداد قيمة المواسير للشركة حتى يكون له الأولوية فى استلامها كما هو ثابت من كتاب الهيئة له فى 22/1/1983، وأضافت المحكمة أنه تبين أن المدع تسلم كميات من المواسير تزيد عن حجم الأعمال المنفذة، ثم انتهت إلى أنه يستفاد من ذلك أن قرار سحب الأعمال قد صدر مطابقاً لأحكام المادتين 31، 32 من دفتر الشروط العامة والمادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات رقم 542 لسنة 1957، واستندت المحكمة فى قضاءها بعدم قبول طلب المدعى أحقيته فى اقتضاء مبلغ 75000 جنيهاً قيمة الأعمال التى قام بإنجازها من أول يناير عام 1983 وحتى 1/8/1983 إلا أن المدعى لم يبد هذا الطلب فى عريضة دعواه وإنما أبداه فى مذكرته التى قدمت أمام هيئة مفوضى الدولة ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول هذا الطلب لتقديمه بغير الأوضاع التى رسمها القانون - كما أقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لرفض طلب المدعى أحقيته فى اقتضاء مبلغ 30928.950 جنيهاً، وبصحة إجراءات حجز ما للمدين لدى المدعى عليه الثالث والموقع فى 31/7/1983 تأسيساً على ما ثبت من الأوراق من أن الهيئة المدعى عليها قامت بتنفيذ العملية على حساب المدعى ومن ثم فإنه يكون مسئولاً بكافة التعويضات والمصاريف الإدارية بواقع 10% من هذه التكاليف، وأنه لذلك، فإن قيمة خطابى الضمان البالغة قدرها 30928.950 جنيهاً تكفل حق الإدارة فى الحصول على التعويضات والمصاريف الإدارية من المدعى بعد تنفيذ العملية، ومن ثم فإن حق المدعى غير محقق الوجود ولا حال الأداء، مما يتعين معه القضاء برفض طلب بثبوت الحقوق وصحة الحجز.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره والفساد فى الاستدلال، للأسباب الآتية:
أولاً- أن قرار سحب الأعمال من الطاعن مخالف لنص المادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات رقم 542 لسنة 1957، ذلك أن التأخير فى تنفيذ العملية المتعاقد عليها يرجع إلى الهية المطعون ضدها الثانية، ولم يتناول الحكم المطعون فيه العقبات التى أدت إلى التأخير فى التنفيذ والتى أشار إليها الطاعن بحصيفة دعواه، ومن ناحية أخرى، فإن شركة سيجوارت قامت بإخطار الطاعن بأنها لن تستطيع الوفاء بالطلبات المطلوبة إلا ابتداء من أول عام 1983 أى بعد بدء التعقد بما يزيد على 12 شهراً ويستطرد الطاعن قائلاً أنه كيف يتسنى له تسلم كميات كبيرة من المواسير من الشركة المذكورة دون سداد ثمنها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال حينما ذهب إلى أن الطاعن لم يسدد ثمن المواسير للشركة المذكورة ثم ذهب فى موضع آخر إلى أن كميات المواسير المسلمة تفوق حجم الأعمال المنفذة - ثم يضيف الطاعن أن محضر الجرد قد تم فى غيبته ولم يتضمن كل الحقائق عن الأعمال المنفذة والتشوينات التى استولت عليها جهة الإدارة.
ثانياً: تجاهل الحكم المطعون فيه ما قدمه الطاعن من مستندات تثبت أحقيته فيما يطالب به، فضلاً عن أنه أغفل الرد على الدفع المبدى من الحاضر عن المطعون ضده الأول بصفته أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية.
ثالثاً: أن القضاء بعدم قبول الطلب الطاعن فى اقتضاء مبلغ 75000 جنيهاً قيمة الأعمال المنجزة ينطوى على مخالفته للقانون، ذلك أن الثابت من صحيفة الدعوى المقامة من الطاعن، أنه تمسك بهذا الطلب، ومن ثم فإنه لا يعد من الطلبات الجديدة، ولا يغير من ذلك، أنه قام بالمطالبة بقيمة أكبر، بمذكرة دفاعه أمام هيئة مفوضى الدولة، ذلك أن الثابت أن هذه القيمة تدخل فى إطار المبالغ المطالب بها بصحيفة دعواه.
رابعاً: أخطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون على الوقائع، ذلك أنه من المقرر أنه إذا كان المبلغ المحجوز من أجله يكفل حق الإدارة فى الحصول على التعويضات، فإنه يكفل - من باب أولى - حق الطاعن قبل الهيئة المطعون ضدها عن قيمة الأعمال التى قام بها ولم يتسلم قيمتها بعد، ومن ناحية أخرى، فإن الحكم المطعون فيه قد اعتد بدفاع الهيئة المطعون ضدها المرسل ولم يثبت من صحة عملية التنفيذ على حساب الطاعن.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضده الأول فإن حقيقة هذا الدفع هو طلب إخراج الطاعن الأول من الدعوى بلا مصاريف ومن المستقر عليه قضاء فى هذا الخصوص أن الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة لا يحتاج إلى دفع به، إذ تملك المحكمة وهى تنزل حكم القانون أن تقضى به من تلقاء نفسها، وبهذه المثابة فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن العقد محل النزاع مبرم بين الطاعن والهيئة المطعون ضدها الثانية، فإن صفة المطعون ضده الأول تنتفى فى النزاع الماثل، وإذ كان الثابت أيضاً أن الحاضر عن المطعون ضده الأول قد مثل بجلسة 8/1/1985 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ودفع بعدم قبول الدعوى فى حكمها، فى هذا الدفع، فإنه لا مناص من القضاء بإخراج المطعون ضده الأوكل من الدعوى محل الطعن بلا مصاريف وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الهيئة العامة لتعاونيات البناء والمساكن (المطعون ضدها الثانية) أعلنت عن مناقصة عامة لتنفيذ عملية إنشاء شبكة الصرف الصحى الداخلى والخارجى لمشروع العشرين فدان بمدينة نصر بمبلغ إجمالى 140900 جنيهاً (مائة وأربعون ألف وتسعمائة جنيه)، وفى 27/12/1981 أخطرت الهيئة الطاعن بقبول العطاء المقدم منه عن هذه العملية طبقاً لعدة شروط منها: 1- مدة تنفيذ العملية 8 شهور من تاريخ وصول أول دفعة من المواسير من شركة سيجوارت بشرط قيامه بالتعاقد مع الشركة على المواسير اللازمة وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور أمر الإسناد رقم 77 بتاريخ 3/1/1982، على أن تخطر الهيئة بصورة من التعاقد مع شركة سيجوارت، وأن تضاف مدد تأخير تسليم المواسير من الشركة المذكورة لمدة العملية. 2- تصرف دفعة مقدمة بواقع 20% من قيمة أمر الإسناد نظير تقديم خطاب ضمان من أحد البنوك المعتمدة على ألا تصرف إلا بعد استلام الموقع خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور أمر الإسناد. 3- موافاة الهيئة بقيمة التأمين النهائى بواقع 5% من قيمة أمر الإسناد نقداً أو بموجب خطاب ضمان.
وفى 1/2/1982 تسلم الطاعن الموقع، ولم يتم التعاقد مع شركة سيجوارت حتى 2/3/1982 وبتاريخ 14/12/1982 طلب الطاعن من الهيئة المذكورة الموافقة على اعتبار يوم 18/8/1982 هو تاريخ وصول أول دفعة مواسير للموقع، وفى 18/12/1982 وافقت الهيئة على حساب يوم 1/8/1982 هو موعد وصول أول دفعة مواسير وبالتالى موعد بدء العمل.
وفى 18/8/1982 ردت الهيئة على كتاب الطاعن المؤرخ 15/7/1982 بخصوص المناسيب النهائية لخطوط ومطابق المجارى فى المشروع، وأوضحت أنه بمراجعة مناسيب العمارات المنفذة مع مندوبه، وجدت مطابقة للمناسيب التصميمية للمشروع، وفى 8/9/1982 أخطرت الهيئة الطاعن بضرورة مراجعة مناسيب الأبيار بالشوارع مع مناسيب غرف التفتيش المقامة بجوار العمارات وإلا ستضطر الهيئة لإيقاف العمل وإصلاح كافة الأعمال على حسابه، وفى 15/1/1983 أخطرت الهيئة الطاعن بضرورة إنهاء كافة الأعمال فى المواعيد المحددة بعقد العملية، وفى 22/1/1983 تم إخطاره بضرورة قيامه بسداد قيمة المواسير للشركة المذكورة حتى يكون له الأولوية فى استلامها، وفى 6/3/1983 تم إخطاره بأن العمل لا يزال يسير بطريقة متعثرة، وأعيد إخطاره بذلك بتاريخ 30/3/1983، وتحررت مذكرة للعرض على مجلس إدارة الهيئة بشأن تقاعس الطاعن عن تنفيذ الأعمال المسندة إليه، وجاء بها: أن المقاول (الطاعن) لم يف بالإلتزامات رغم منحه ستة أشهر إضافية للمدة الأصلية، وأنه مازال يسير ببطء فى تنفيذ الأعمال، إذ أنه لم ينفذ سوى نسبة من الأعمال لا تتجاوز نسبة 20% من قيمة العقد وأضافت المذكرة أنه تقرر سحب العمل من المقاول ورؤى إسناده إلى مقاول آخر، وقد وافق مجلس إدارة الهيئة على هذه المذكرة بتاريخ 17/7/1983، وفى 24/7/1983 أجرى محضر سحب العمل من الطاعن فى حدود الأعمال المنفذة بالموقع، وفى 4/12/1985 أرسلت شركة سيجوارت كتاباً إلى الهيئة بخصوص كمية المواسير الفخار المسلمة للطاعن تضمن أن الطاعن تسلم كمية قدرها 5/499 بوص/7 فى يولية عام 1982 و 5/199 من ذات النوع فى يونيو عام 1983 وكمية قدرها 159 بوصة/12 فى يوليو عام 1982 وكمية قدرها 219 بوص/ 12 فى يناير عام 1983 وكمية قدرها 150 بوصة/ 15 فى يوليو عام 1983.
ومن حيث إن المادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 - بحسبانها اللائحة التى تم التعاقد فى ظل سريان أحكامها - تقضى بأنه "لرئيس المصلحة أو مدير السلاح الحق فى سحب العمل من المقاول فى أية حالة من الحالات الآتية:
(أ) إذا تأخر فى البدء فى العمل أو ظهر بطء فى سيره لدرجة ترى معها الوزارة أو المصلحة أو السلاح أنه لا يمكن إتمامها فى المدة المحددة لانتهائه.
(ب) إذا وقف العمل كلية مدة تزيد على خمسة عشر يوماً ........... ويكون سحب العمل بإخطار مكتوب يرسل للمقاول بالبريد الموصى عليه دون حاجة للالتجاء إلى القضاء أو اتخاذ أى إجراء آخر، ويكون للوزارة أو المصلحة أو السلاح فى هذه الحالة - وفقاً لتقديها المطلق - علاوة على اقتضاء غرامة التأخير أن تستعمل أحد الحقوق التالية: أولاً- أن تقوم بنفسها على حساب المقاول بتنفيذ الأعمال التى لم تتم كلها أو بعضها، وفى هذه الحالة لا يجوز للمقاول المطالبة بأى وفر يتحقق. ثانياً: أن تطرح فى المناقصة من جديد الأعمال التى لم تتم كلها أو بعضها. ثالثاً: أن تتفق مع أحد المقاولين بطريق الممارسة لإتمام العمل.
وفى هذه الأحوال يكون للوزارة أو المصلحة أو السلاح الحق فى احتجاز كل أو بعض ما يوجد بمحل العمل من منشآت وقتية ومبان وآلات .......... كما يكون له فى هذه الأحوال الحق فى استرداد جميع ما تكبدته من مصروفات وخسائر زيادة على قيمة العقد نتيجة سحب العمل بالخصم من التأمين المودع لديها من المقاول أو من أية مبالغ مستحقة له قبلها أو قبل أية مصلحة حكومية أخرى ............".
وقد تضمنت المادتان 31 و 32 من الجزء الأول من دفتر الشروط العامة التى تم التعاقد محل النزاع على أساسها ذات الأحكام الواردة بالمادة 94 من لائحة المناقصات تنتفى مسئوليتها التعاقدية، مما يتعين معه القضاء برفض المطالبة بالتعويض عن قرار سحب الأعمال من الطاعن، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك، فإنه يكون قد صادف صحيح أحكام القانون، الأمر الذى تقضى معه هذه المحكمة برفض الطعن عليه فى هذا الشق.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن الحكم بإلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ 30928.950 جنيهاً قيمة خطابى الضمان رقمى 114908 و 114910 - وبصحة إجراءات حجز ما للمدين (الهيئة المذكورة) لدى الغير (البنك المطعون ضده الثالث) والموقع بالأمر رقم 449 لسنة 1983 الصادر من قاضى التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 31/7/1983 والمعلن للبنك المطعون ضده الثالث بتاريخ 1/8/1983، وللهيئة المطعون ضدها الثانية بتاريخ 3/8/1983، فإن هذه المحكمة تقرر بادئ ذى بدء أن خطاب الضمان يعد طبقاً للتكييف القانونى السليم - كفالة شخصية من البنك للمدين الأصلى، وهو المقاول، ولصالح الدائن، وهو الجهة الإدارية المتعاقدة، وبهذه المثابة فإن البنك فى التزامه بخطاب الضمان إنما يلتزم بصفته أصيلاً قبل المستفيد لا بوصف كونه نائباً عن عميله، ولذا فإن البنك يلتزم بما تعهد به دون تأخير بغض النظر عن سائر العلاقات السابقة، سواء تلك التى نشأت بين العميل ودائنه المستفيد أو التى بين البنك وعميله - ومن المقرر فى هذا الخصوص أن خطاب الضمان وإن كان يقوم مقام التأمين النقدى إلا أنه ليس أداة وفاء كالشيك أو بقيمة الأوراق التجارية، وإنما هو أداة ضمان فقط.
ومن حيث إنه لما كان المستقر عليه فقهاً وقضاء أن قضاء العقود الإدارية ينتمى أساساً إلى القضاء الكامل، فإنه يكون للمحكمة أن تنظر ما يكون قد صدر بشأن تلك العقود من إجراءات وقرارات، وذلك باعتبارها من العناصر المتفرعة عن المنازعة الأصلية فى حدود اختصاصها الكامل بالنسبة إلى هذه المنازعات طالما لم يسقط الحق بمضى المدة، كما يكون للمحكمة الاختصاص الشامل لجميع ما يتفرع عن المنازعة الأصلية من أمور مستعجلة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يقم بتنفيذ الأعمال المتعاقد عليها فى المواعيد المحددة، مما حدا بالهيئة المطعون ضدها الثانية إلى القيام بتنفيذها على حسابه، وكان المقرر طبقاً لنص المادة (54) من لائحة المناقصات والمزايدات المشار إليها أنه يجب الاحتفاظ بالتأمين النهائى بأكمله إلى أن يتم تنفيذ العقد بصفة نهائية طبقاً للشروط، فمن ثم لا يحق للطاعن المطالبة بهذا التأمين، إذ أنه يكفل الحقوق المقررة للهيئة المطعون ضدها الثانية عند قيامها بالتنفيذ على حسابه، ومن ناحية أخرى، فإنه لما كان المستفاد من أحكام المواد 325 و 327 و 332 و 333 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، على ضوء ما هو مستقر عليه، قضاءاً أنه يشترط لصحة إجراءات حجز ما للمدية لدى الغير، أن يكون طالب الحجز دائناً للمحجوز عليه، وأن يكون المحجوز لديه مديناً للمحجوز عليه، وكان الثابت مما تقدم أن الطاعن ليس دائناً للهيئة المطعون ضدها بالتأمين المشار إليه، ذلك أن هذا التأمين مقدم منه ضماناً لتنفيذ العملية المسندة إليه، وفضلاً عن ذلك، فإن المقرر أن خطاب الضمان ليس أداة وفاء وإنما هو أداة ضمان كما سلف بيانه، ومن ثم لا يسوغ الحجز على قيمة خطابى الضمان المشار إليهما، وبالتالى يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح أحكام القانون، إذ انتهى إلى القضاء برفض المطالبة باقتضاء قيمة التأمين المذكور، وبعدم صحة الحجز المشار إليه، محمولاً على ما أوردته هذه المحكمة على النحو المتقدم، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن عليه فى هذا الشق.
ومن حيث إنه عن نعى الطاعن بمخالفة الحكم المطعون فيه للقانون فيما قضى به من عدم قبول مطالبته باقتضاء مبلغ 75000 جنيهاً قيمة الأعمال التى أنجزها خلال الفترة من أول يناير عام 1983 حتى 1/8/1983 فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن أورد فى صحيفة دعواه المقدمة ابتداء بقلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أنه يطالب بقيمة أعمال أنجزها ولا يستطيع حصرها وأنه يقدر قيمتها بمبلغ 50000 جنيهاً (خمسون ألف جنيه)، وبعد أن أحيلت الدعوى لمحكمة القضاء الإدارى، تقدم الطاعن بمذكرة أمام هيئة مفوضى الدولة أوضح بها أنه يقدر قيمة الأعمال المشار إليها بمبلغ 75000 جنيهاً (خمسة وسبعون ألف جنيه)، فمن ثم لا يوجد ثمة طلب عارض يستوجب تقديمه إعمالاً لأحكام المادة 123 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ذلك أنه لم يرد تغيير فى موضوع الطلب الأصلى وسببه، وبالتالى يكون النعى سالف البيان فى محله، مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من القضاء بعدم قبول مطالبة الطاعن بمبلغ 75000 جنيهاً، لمخالفته لأحكام القانون على النحو المتقدم.
ومن حيث إنه لما كان الثابت مما تقدم أن الطاعن يطالب بقيمة أعمال أنجزها ولم يتقاض قيمتها، كما يطالب بقيمة تشوينات مستولى علياه بمعرفة الهيئة المطعون ضدها، وكانت أوراق النزاع ومستنداته لا تكفى لتكوين عقيدة المحكمة فيها، فمن ثم فإنه لا مناص من ندب خبير، قبل الفصل فى هذا الشق من النزاع، يناط به المهمة المبينة بالمنطوق عملاً بنصر المادة 135 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 54 لسنة 1974.
ومن حيث إن المحكمة ترجىء الفصل فى مصروفات الطعن إلى حين الفصل فى الشق المذكور من النزاع.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه:
أولاً: بإخراج المطعون ضده الأول بصفته من الدعوى بلا مصاريف.
ثانياً: برفض الطعن بالنسبة لطلب التعويض عن قرار سحب الأعمال من الطاعن، وبالنسبة لطلب اقتضاء قيمة التأمين النهائى. وبرفض دعوى صحة إجراءات الحجز الموقع على قيمة خطابى الضمان المشار إليهما بأسباب الحكم.
ثالثاً: وقبل الفصل فى موضوع المطالبة بقيمة الأعمال المنجزة وقيمة التشوينات، بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليندب أحد خبرائه المختصين للاطلاع على ملف الطعن وما به من مستندات، والانتقال إلى مقر العملية محل النزاع ومعاينتها، لبيان الأعمال التى قام الطاعن بإنجازها قبل قرار سحب العملية منه، مع تحديد قيمتها، وبيان قيمة الأعمال التى لم يتقاض عنها الطاعن مقابلاً من الهيئة المطعون ضدها فى ضوء أحكام وشروط التعاقد المبرم بين الطاعن والهيئة المطعون ضدها، ثم بيان ماهية التشوينات التى تركها الطاعن فى موقع العمل، مع تحديد قيمتها وبيان ما إذا كان قد تم الاستيلاء عليها من عدمه، من قبل الهيئة المطعون ضدها وبيان المبالغ المستحقة للجهة الإدارية نتيجة التنفيذ على حساب الطاعن وصرحت للخبير فى سبيل أداء المأمورية سماع ملاحظات طرفى النزاع وشهودهما بغير حلف يمين، والاطلاع على ما يقدم إليه من مستندات، والانتقال إلى أية جهة يرى لزوم الانتقال إليها للاطلاع على ما بها من مستندات تتعلق بالنزاع - وعلى الطاعن إيداع أمانة قدرها مائتا جنيه من تاريخ النطق بهذا الحكم، على أن يصرف نصفها للخبير بدون إجراءات - وعلى الخبير مباشرة المأمورية فور سداد الأمانة - وحددت جلسة 14/2/1995 لنظر الموضوع فى حالة عدم دفع الأمانة وجلسة 30/5/1995 فى حالة دفعها - وعلى الخبير تقديم تقريره إلى ما قبل الجلسة الأخيرة - وعلى قلم الكتاب إعلان منطوق هذا الحكم لمن لم يحضر جلسة النطق به وإخطار الخبير فور سداد الأمانة لمباشرة المأمورية - وأبقت الفصل فى مصروفات الطعن لحين الفصل فى هذا الشق من النزاع.
فــوائد قانونيـــــة :
المبدأ : لا تُستَحق الفوائد القانونية على الدين إلا إذا كان الدين محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وقدرها 4 % في المسائل المدنية & 5 % في المسائل التجارية من تاريخ المطالبة القضائية بها :
ـ عقد المقاولة تُستحَق عنه فوائد تأخيرية قدرها 5 % سنوياً باعتبار أن عقد المقاولة يعتبر عملاً تجارياً بحكم القانون :
ـ تلتزم المحكمة بطلبات الخصوم ولا تقضي إلا بما يطلبونه حتى لا تقضي بما لا يطلبه الخصوم :
تطبيق : " من حيث أن المادة (226) من القانون المدني تنص على أنه : " إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزمـاً بأن يدفـع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها 4 % في المسائل المدنية & 5 % في المسائل التجارية . وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف تاريخاً آخر بسريانها ، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره .
ومن حيث أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ وعلى ما انتهت إليه دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 6/1/1994م في الطعن رقم 1264 لسنة 35 ق عليا ـ أنه وإن كانت المادة 226 من القانون المدني آنفة الذكر تحكم في الأصل الروابط العقدية المدنية إلا أنها تطبق في نطاق الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الإلتزامات ولا تتعارض مع طبيعة الروابط الإدارية .
ومن حيث أنه متى استبان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام المدعى عليه ( مورث المطعون ضدهم ) بأن يؤدي للمدعي بصفته (الطاعن بصفته) مبلغ 12317,55 جنيهاً والذي يمثل المبالغ المستحقة عليه نتيجة إخلاله بإلتزاماته العقدية الناشئة عن عقد مقاولة الأعمال موضوع العقد المبرم بين الطرفين وتنفيذ هذه الأعمال على حسابه إلا أنه رفض الحكم بالفوائد القانونية ، ولما كان هذا المبلغ كان معلوم المقدار وقت المطالبة به وتأخر المدعى عليه في الوفاء به . فمن ثم فإنه تستحق عنه فوائد تأخيرية قدرها 5 % سنوياً باعتبار أن عقد المقاولة يعتبر عملاً تجارياً بحكم القانون طبقاً للفقرة الثامنة من المادة الثانية من قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13/11/1883م والذي يحكم واقعة النزاع ـ إلا أنه وإذ قصر المدعي طلباته على الحكم بالفوائد القانونية بواقع 4 % فقط فمن ثم فإنه يتين إجابته إلى طلبه ـ حتى لا تقضي المحكمة بما لم يطلبه الخصوم ـ والحكم بإلزام المطعون ضدهم ( والذين حلــوا محل مورثهم لوفاته بعد صدور الحكم المطعون فيه ) بأن يؤدوا للطاعن بصفته كلاً في حدود ما آل إليه من تركة مورثه المذكور ـ الفوائد القانونية المستحقة عن المبلغ المحكوم به ومقداره ( 12317,55 جنيهاً ) بواقع 4 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخــذ بغير هذا النظر وقى برفض طلب الحكم بالفــوائد القانونية فإنه يكون قد أخـطأ في تطبيق القانون ويتعين إلغاؤه في هذا الشق من الدعوى على النحو الوارد بالمنطوق ، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات . "
( الطعن رقم 3417 لسنة 44 ق 0عليا ـ جلسة 15/3/2005م ـ الدائرة الثالثة عليا )
المبدأ : لا تُستَحق الفوائد القانونية على الدين إلا إذا كان الدين محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وقدرها 4 % في المسائل المدنية & 5 % في المسائل التجارية من تاريخ المطالبة القضائية بها :
ـ عقد المقاولة تُستحَق عنه فوائد تأخيرية قدرها 5 % سنوياً باعتبار أن عقد المقاولة يعتبر عملاً تجارياً بحكم القانون :
ـ تلتزم المحكمة بطلبات الخصوم ولا تقضي إلا بما يطلبونه حتى لا تقضي بما لا يطلبه الخصوم :
تطبيق : " من حيث أن المادة (226) من القانون المدني تنص على أنه : " إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزمـاً بأن يدفـع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها 4 % في المسائل المدنية & 5 % في المسائل التجارية . وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف تاريخاً آخر بسريانها ، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره .
ومن حيث أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ وعلى ما انتهت إليه دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 6/1/1994م في الطعن رقم 1264 لسنة 35 ق عليا ـ أنه وإن كانت المادة 226 من القانون المدني آنفة الذكر تحكم في الأصل الروابط العقدية المدنية إلا أنها تطبق في نطاق الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الإلتزامات ولا تتعارض مع طبيعة الروابط الإدارية .
ومن حيث أنه متى استبان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام المدعى عليه ( مورث المطعون ضدهم ) بأن يؤدي للمدعي بصفته (الطاعن بصفته) مبلغ 12317,55 جنيهاً والذي يمثل المبالغ المستحقة عليه نتيجة إخلاله بإلتزاماته العقدية الناشئة عن عقد مقاولة الأعمال موضوع العقد المبرم بين الطرفين وتنفيذ هذه الأعمال على حسابه إلا أنه رفض الحكم بالفوائد القانونية ، ولما كان هذا المبلغ كان معلوم المقدار وقت المطالبة به وتأخر المدعى عليه في الوفاء به . فمن ثم فإنه تستحق عنه فوائد تأخيرية قدرها 5 % سنوياً باعتبار أن عقد المقاولة يعتبر عملاً تجارياً بحكم القانون طبقاً للفقرة الثامنة من المادة الثانية من قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13/11/1883م والذي يحكم واقعة النزاع ـ إلا أنه وإذ قصر المدعي طلباته على الحكم بالفوائد القانونية بواقع 4 % فقط فمن ثم فإنه يتين إجابته إلى طلبه ـ حتى لا تقضي المحكمة بما لم يطلبه الخصوم ـ والحكم بإلزام المطعون ضدهم ( والذين حلــوا محل مورثهم لوفاته بعد صدور الحكم المطعون فيه ) بأن يؤدوا للطاعن بصفته كلاً في حدود ما آل إليه من تركة مورثه المذكور ـ الفوائد القانونية المستحقة عن المبلغ المحكوم به ومقداره ( 12317,55 جنيهاً ) بواقع 4 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخــذ بغير هذا النظر وقى برفض طلب الحكم بالفــوائد القانونية فإنه يكون قد أخـطأ في تطبيق القانون ويتعين إلغاؤه في هذا الشق من الدعوى على النحو الوارد بالمنطوق ، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات . "
( الطعن رقم 3417 لسنة 44 ق 0عليا ـ جلسة 15/3/2005م ـ الدائرة الثالثة عليا )
جـبانـات
تطبيق : " من حيث إنه بمطالعة أحكام القانون رقم 5 لسنة 1966 فى شأن الجبانات وقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 باللائحة التنفيذية لهذا القانون أن أراضى الجبانات هى من أراضى الدولة , وأن المشرع ناط بالمجالس المحلية فى حدود اختصاصها إنشاء الجبانات وصيانتها وإلغاءها وتحديد رسم الانتفاع بها , كما ناط بوزير الصحة إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون بعد موافقة وزير الإسكان والمرافق والدولة للإدارة المحلية , وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه " نظراً إلى أن تشريعات الجبانات ودفن الجثث قد مضى عليها وقت طويل ويستلزم الأمر استصدار تشريع جديد يتمشى مع التطور الذى وصلنا إليه , ويسد أوجه النقص التى تشوب التشريعات المعمول بها حالياً .... " مما مفاده أن هذا القانون ( ولائحته التنفيذية ) أصبحا الشريعة العامة فى هذا الخصوص . وبالرجوع إلى اللائحة التنفيذية لهذا القانون يبين أنها أوردت فى أبوابها السبعة الأحكام المنفذة للقانون رقم 5 لسنة 1966 المشار إليه وذلك فيما يتعلق بالجبانات والمدافن الخاصة والقواعد الخاصة بنقل الجثث داخل الجمهورية وتلك المتعلقة بإحراق الجثث ثم نظمت فى بابها الخامس والسادس الشئون المتعلقة بمهنتى الحانوتية والتربية , وعنيت فى الباب السابع منها بوضع نصوص للأحكام العامة والوقتية بشأن هاتين المهنتين ( الحانوتية والتُربية ) كما تضمنت اللائحــة إنشاء لجنتين الأولى : ورد ذكرها فى المادة (4) منها وتشكل بقرار من المحافظ , وتختص " بالنظر فى توسيع الجبانات القديمة واختيار مواقع الجبـانات الجديدة " وتعتمد توصياتها من مجلس المحافظة , أما اللجنة الثانية : فقد ورد النص عليها فى المادة (41) من اللائحة وتختص بالشئون الوظيفية للحانوتية والتربية ومساعديهم من حيث اختيارهم وتقرير صلاحيتهم فى النواحى المنصوص عليها فى هذه المادة , فضلاً عن توقيع الجزاءات المشار إليها فى المادة (40) .
ومن حيث إنه ولئن كانت اللجنة الأولى تختص بكل ما يتعلق بالجبانات سواء فيما يتعلق بتوسيع القديمة منها أو اختيار مواقع جديدة لها , فإن ذلك لا يمنع من بسط هذا الاختصاص على الجبانات القائمة أيضاً وما يثور بشأنها فى الشكاوى التى تدور بين المنتفعين بها باعتبار أن هذه المنازعات تخضع فى عمومها لأحكام قانون الجبانات ولائحته التنفيذية باعتبارهما الشريعة العامة فى هذا الخصوص على ما سلف ذكره .
وحيث إنه متى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر وبحق استقامة القرار المطعون فيه على سببه الواقعى والقانونى بعد أن تبين من المعاينة التى قامت بها لجنة الجبانات بطنطا أن المدفن محل النزاع لا يخص عائلة السعدى وحدها , بل تقوم كل العائلات المذكورة بالانتفاع به , وكذلك من شهادة تربى المنطقة وإقرار عائلة السعدى قبل ترميم المدفن ببقاء الوضع على ما هو عليه وخلص الحكم من ذلك إلى رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون , ومما يؤكد ذلك ويعضده أن المطعون ضدهم الخامس والسادس والسابع استصدروا لصالحهم حكما من محكمة طنطا الابتدائية بجلسة 29/1/1995 فى الدعوى رقم 3671 لسنة 1993 / 1337 لسنة 1995 م.ك بعدم تعرض الطاعن لهم فى المدفن موضوع التداعى , وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا بالاستئناف رقم 563 لسنة 45 ق. طنطا بجلسة 8/5/1995 من محكمة طنطا الاستئنافية والمرفقة صورتاهما بحافظة المستندات المودعة بجلسة 11/10/2003م
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن الطعن الماثل يكون غير قائم على صحيح سببه من القانون متعيناً القضاء برفضه .
( الطعن رقم 6952 لسنة 46 ق . عليا ـ جلسة 13/12/2003م – الدائرة الأولى )
تطبيق : " من حيث إنه بمطالعة أحكام القانون رقم 5 لسنة 1966 فى شأن الجبانات وقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 باللائحة التنفيذية لهذا القانون أن أراضى الجبانات هى من أراضى الدولة , وأن المشرع ناط بالمجالس المحلية فى حدود اختصاصها إنشاء الجبانات وصيانتها وإلغاءها وتحديد رسم الانتفاع بها , كما ناط بوزير الصحة إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون بعد موافقة وزير الإسكان والمرافق والدولة للإدارة المحلية , وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه " نظراً إلى أن تشريعات الجبانات ودفن الجثث قد مضى عليها وقت طويل ويستلزم الأمر استصدار تشريع جديد يتمشى مع التطور الذى وصلنا إليه , ويسد أوجه النقص التى تشوب التشريعات المعمول بها حالياً .... " مما مفاده أن هذا القانون ( ولائحته التنفيذية ) أصبحا الشريعة العامة فى هذا الخصوص . وبالرجوع إلى اللائحة التنفيذية لهذا القانون يبين أنها أوردت فى أبوابها السبعة الأحكام المنفذة للقانون رقم 5 لسنة 1966 المشار إليه وذلك فيما يتعلق بالجبانات والمدافن الخاصة والقواعد الخاصة بنقل الجثث داخل الجمهورية وتلك المتعلقة بإحراق الجثث ثم نظمت فى بابها الخامس والسادس الشئون المتعلقة بمهنتى الحانوتية والتربية , وعنيت فى الباب السابع منها بوضع نصوص للأحكام العامة والوقتية بشأن هاتين المهنتين ( الحانوتية والتُربية ) كما تضمنت اللائحــة إنشاء لجنتين الأولى : ورد ذكرها فى المادة (4) منها وتشكل بقرار من المحافظ , وتختص " بالنظر فى توسيع الجبانات القديمة واختيار مواقع الجبـانات الجديدة " وتعتمد توصياتها من مجلس المحافظة , أما اللجنة الثانية : فقد ورد النص عليها فى المادة (41) من اللائحة وتختص بالشئون الوظيفية للحانوتية والتربية ومساعديهم من حيث اختيارهم وتقرير صلاحيتهم فى النواحى المنصوص عليها فى هذه المادة , فضلاً عن توقيع الجزاءات المشار إليها فى المادة (40) .
ومن حيث إنه ولئن كانت اللجنة الأولى تختص بكل ما يتعلق بالجبانات سواء فيما يتعلق بتوسيع القديمة منها أو اختيار مواقع جديدة لها , فإن ذلك لا يمنع من بسط هذا الاختصاص على الجبانات القائمة أيضاً وما يثور بشأنها فى الشكاوى التى تدور بين المنتفعين بها باعتبار أن هذه المنازعات تخضع فى عمومها لأحكام قانون الجبانات ولائحته التنفيذية باعتبارهما الشريعة العامة فى هذا الخصوص على ما سلف ذكره .
وحيث إنه متى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر وبحق استقامة القرار المطعون فيه على سببه الواقعى والقانونى بعد أن تبين من المعاينة التى قامت بها لجنة الجبانات بطنطا أن المدفن محل النزاع لا يخص عائلة السعدى وحدها , بل تقوم كل العائلات المذكورة بالانتفاع به , وكذلك من شهادة تربى المنطقة وإقرار عائلة السعدى قبل ترميم المدفن ببقاء الوضع على ما هو عليه وخلص الحكم من ذلك إلى رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون , ومما يؤكد ذلك ويعضده أن المطعون ضدهم الخامس والسادس والسابع استصدروا لصالحهم حكما من محكمة طنطا الابتدائية بجلسة 29/1/1995 فى الدعوى رقم 3671 لسنة 1993 / 1337 لسنة 1995 م.ك بعدم تعرض الطاعن لهم فى المدفن موضوع التداعى , وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا بالاستئناف رقم 563 لسنة 45 ق. طنطا بجلسة 8/5/1995 من محكمة طنطا الاستئنافية والمرفقة صورتاهما بحافظة المستندات المودعة بجلسة 11/10/2003م
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن الطعن الماثل يكون غير قائم على صحيح سببه من القانون متعيناً القضاء برفضه .
( الطعن رقم 6952 لسنة 46 ق . عليا ـ جلسة 13/12/2003م – الدائرة الأولى )
* جمــــــارك :
المبدأ : القرار الصادر بفرض غرامة جمركية من مدير عام الجمارك قرار منعدم :
تطبيق : " من حيث إن المحكمة الدستورية العليا أصدرت بجلستها المعقودة فى 2/8/1997م حـكماً فى القضية رقم 72 لسنة 18 ق الدستورية يقضى بما يأتى : ـ
أولاً : بعدم دستورية المواد 37 و38 و 117 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963م من اعتبار مجرد النقص فى عدد الطرود المفرغة أو محتوياتها عما أدرج فى قائمة الشحن قرينة على تهريبها , تستوجب فرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) من هذا القانون , ما لم يبرر الربان أو قائد الطائرة هذا النقص .
ثانياً : بعدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من ذلك القانون من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المشار إليها .
ثالثاً : بسقوط الأحكام الأخرى التى تضمنتها النصوص المطعون عليها , والتى ترتبط بأجزائها المحكوم بعدم دستوريتها ارتباطاً لا يقبل التجزئة .
ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن الماثل , ولما كان موضوع النزاع ينصب على طلب إلغاء قرار فرض الغرامة الجمركية الصادر وفقا للمــواد 37 و 38 و 117و 119 من قانون الجمارك المشار إليه , والتى قضى بعدم دستوريتها , وسقوط الأحكام التى تضمنتها النصوص المذكورة , وما يرتبط بأجزائها المحكوم بعدم دستوريتها , ارتباطاً غير قابل للتجزئة , ويجعل القرار الصادر من مدير عام الجمارك بفرض الغرامة من القرارات المنعدمة , لما ينطوى عليه من تعدٍ على الحدود التى قررها الدستور لكل من السلطتين التشريعية والقضائية , وذلك دون نظر إلى المسائل الشكلية , مما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر قبل حكم المحكمة الدستورية العليا , المشار إليه , والذى كشف عن العوار الذى شابه النص وما لحقه من عدم دستورية قد ذهب غير هذا المذهب , وانتهى إلى نتيجة مغايرة , فإنه يضحى من المتعين القضاء بإلغائه ."
( الطعن رقم 6202 لسنة 47 ق . عليا جلسة 18/6/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 3479 لسنة 41 ق . عليا جلسة 11/6/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 3367 لسنة 41 ق . عليا ـ جلسة 4/6/2005م الدائرة الأولى عليا)
(الطعن رقم 3023 لسنة 40 ق . عليا ـ جلسة 28/5/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 4431 لسنة 35 ق . عليا ـ جلسة 21/5/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 1074 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 14/5/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 256 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 7/5/2005 م ـ الدائرة الأولى عليا)
(الطعن رقم 2581 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 23/4/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 815 لسنة 38 ق . عليا ـ جلسة 6/12/2003م – الدائرة الأولى )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــ
* جمــــــــــارك :
ـ المبدأ : ـ عدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من قانون الجمارك من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة على وجود عجز في شحنة سفينة :المنصوص عليها في المادة (117) على أساس أن في ذلك تعدياً على الحدود التي تفصل بين ولاية كل من السلطتين التشريعية والقضائية :
تطبيق : " ومن حيث إن المادة (37) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 قد نظمت مسئولية ربابنة السفن أو من يمثلونهم عن النقص فى عدد الطرود أو محتوياتها أو فى مقدار البضاعة المنفرطة إلى حين تسليم البضاعة فى المخازن الجمركية أو فى المستودعات بمعرفة أصحاب الشأن , وأوجبت المادة (38) على الربابنة إيضاح أسباب النقص مؤيدا بمستندات جدية كما تضمنت المادة (117) فرض غرامة فى حالة النقص أو الزيادة غير المبررة , ونصت المادة (119) على أن يكون فرض الغرامة من مدير الجمرك المختص , ويجب أداؤها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلان المخالف بقرار فرض الغرامة بخطاب مسجل بعلم الوصول ما لم يتم التظلم منه بكتاب إلى المدير العام للجمارك خلال الخمسة عشر يوما المذكورة , وللمدير العام أن يؤيد الغرامة أو يعدلها أو يلغيها , ويجوز الطعن فى قرار المدير العام للجمارك خلال خمسة عشر يوما من إعلانها بخطاب موصى عليه بعلم الوصول وذلك أمام المحكمة المختصة , ويكون حكم المحكمة نهائيا وغير قابل للطعن فيه .
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 2/8/1997 فى القضية رقم 72 لسنة 18 قضائية دستورية أولا : بعدم دستورية ما تضمنته المواد (37) , (38) , (117) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963من اعتبار مجرد النقص فى عدد الطرود أو محتوياتها قرينة على تهريبها مستوجبة فرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) ما لم يبرر الربان أو قائد الطائرة هذا النقص . ثانيا : بعدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من ذلك القانون من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المشار إليها . ثالثا : بسقوط الأحكام الأخرى التى تضمنتها النصوص المطعون عليها والتى ترتبط بأجزائها المحكوم بعدم دستوريتها ارتباطا لا يقبل التجزئة .
ومن حيث إن موضوع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه , هو طلب الشركة الطاعنة إلغاء قرار مدير عام الجمارك برفض التظلم المقدم منها فى القرار الصادر من مدير عام جمارك الإسكندرية بفرض غرامة مالية مقدارها 276.72 جنيها لوجود نقص فى شحنة السفينة بيلوبس عند وصولها إلى ميناء الإسكندرية , وذلك وفقا لأحكام المواد (37) و (38) و (117) من قانون الجمارك , والتى قضى بعدم دستورية ما تضمنته تلك المواد من اعتبار مجرد النقص فى عدد الطرود المفرغة أو محتوياتها عما أدرج فى قائمة الشحن قرينة على تهريبها تستوجب فرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) ما لم يبرر الربان أو قائد الطائرة هذا النقص .
ومن حيث إن الحكم بعدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من قانون الجمارك من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) قام على أساس أن فى ذلك تعديا على الحدود التى تفصل بين ولاية كل من السلطتين التشريعية والقضائية , الأمر الذى تتوافر معه إحدى حالات الانعدام التى تصيب القرار الإدارى , وهى حالة غصب السلطة , مما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .
( الطعن رقم 4704 لسنة 35 ق . عليا ـ جلسة 3/4/2004م – الدائرة الأولى )
(الطعن رقم4706 لسنة35 ق .عليا ـ جلسة6/3/2004م الدائرة الأولى)
( الطعن رقم 239 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 6/3/2004م ـ الدائرة الأولى )
(الطعن رقم4426لسنة 43 ق.عليا ـ جلسة12/6/2004م ـ الدائرة الأولى)
( الطعن رقم 1973 لسنة 39 ق . عليا ـ جلسة 6/12/2003م ـ الدائرة الأولى )
( الطعن رقم 243 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 6 / 3 /2004 م ـ الدائرة الأولى )
( الطعن رقم 243 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 6/3/2004 م – الدائرة الأولى )
( الطعن رقم 3036 لسنة 41 ق . عليا ـ جلسة 13/12/2003م – الدائرة الأولى )
المبدأ : القرار الصادر بفرض غرامة جمركية من مدير عام الجمارك قرار منعدم :
تطبيق : " من حيث إن المحكمة الدستورية العليا أصدرت بجلستها المعقودة فى 2/8/1997م حـكماً فى القضية رقم 72 لسنة 18 ق الدستورية يقضى بما يأتى : ـ
أولاً : بعدم دستورية المواد 37 و38 و 117 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963م من اعتبار مجرد النقص فى عدد الطرود المفرغة أو محتوياتها عما أدرج فى قائمة الشحن قرينة على تهريبها , تستوجب فرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) من هذا القانون , ما لم يبرر الربان أو قائد الطائرة هذا النقص .
ثانياً : بعدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من ذلك القانون من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المشار إليها .
ثالثاً : بسقوط الأحكام الأخرى التى تضمنتها النصوص المطعون عليها , والتى ترتبط بأجزائها المحكوم بعدم دستوريتها ارتباطاً لا يقبل التجزئة .
ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن الماثل , ولما كان موضوع النزاع ينصب على طلب إلغاء قرار فرض الغرامة الجمركية الصادر وفقا للمــواد 37 و 38 و 117و 119 من قانون الجمارك المشار إليه , والتى قضى بعدم دستوريتها , وسقوط الأحكام التى تضمنتها النصوص المذكورة , وما يرتبط بأجزائها المحكوم بعدم دستوريتها , ارتباطاً غير قابل للتجزئة , ويجعل القرار الصادر من مدير عام الجمارك بفرض الغرامة من القرارات المنعدمة , لما ينطوى عليه من تعدٍ على الحدود التى قررها الدستور لكل من السلطتين التشريعية والقضائية , وذلك دون نظر إلى المسائل الشكلية , مما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر قبل حكم المحكمة الدستورية العليا , المشار إليه , والذى كشف عن العوار الذى شابه النص وما لحقه من عدم دستورية قد ذهب غير هذا المذهب , وانتهى إلى نتيجة مغايرة , فإنه يضحى من المتعين القضاء بإلغائه ."
( الطعن رقم 6202 لسنة 47 ق . عليا جلسة 18/6/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 3479 لسنة 41 ق . عليا جلسة 11/6/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 3367 لسنة 41 ق . عليا ـ جلسة 4/6/2005م الدائرة الأولى عليا)
(الطعن رقم 3023 لسنة 40 ق . عليا ـ جلسة 28/5/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 4431 لسنة 35 ق . عليا ـ جلسة 21/5/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 1074 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 14/5/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 256 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 7/5/2005 م ـ الدائرة الأولى عليا)
(الطعن رقم 2581 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 23/4/2005م الدائرة الأولى عليا)
( الطعن رقم 815 لسنة 38 ق . عليا ـ جلسة 6/12/2003م – الدائرة الأولى )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــ
* جمــــــــــارك :
ـ المبدأ : ـ عدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من قانون الجمارك من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة على وجود عجز في شحنة سفينة :المنصوص عليها في المادة (117) على أساس أن في ذلك تعدياً على الحدود التي تفصل بين ولاية كل من السلطتين التشريعية والقضائية :
تطبيق : " ومن حيث إن المادة (37) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 قد نظمت مسئولية ربابنة السفن أو من يمثلونهم عن النقص فى عدد الطرود أو محتوياتها أو فى مقدار البضاعة المنفرطة إلى حين تسليم البضاعة فى المخازن الجمركية أو فى المستودعات بمعرفة أصحاب الشأن , وأوجبت المادة (38) على الربابنة إيضاح أسباب النقص مؤيدا بمستندات جدية كما تضمنت المادة (117) فرض غرامة فى حالة النقص أو الزيادة غير المبررة , ونصت المادة (119) على أن يكون فرض الغرامة من مدير الجمرك المختص , ويجب أداؤها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلان المخالف بقرار فرض الغرامة بخطاب مسجل بعلم الوصول ما لم يتم التظلم منه بكتاب إلى المدير العام للجمارك خلال الخمسة عشر يوما المذكورة , وللمدير العام أن يؤيد الغرامة أو يعدلها أو يلغيها , ويجوز الطعن فى قرار المدير العام للجمارك خلال خمسة عشر يوما من إعلانها بخطاب موصى عليه بعلم الوصول وذلك أمام المحكمة المختصة , ويكون حكم المحكمة نهائيا وغير قابل للطعن فيه .
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 2/8/1997 فى القضية رقم 72 لسنة 18 قضائية دستورية أولا : بعدم دستورية ما تضمنته المواد (37) , (38) , (117) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963من اعتبار مجرد النقص فى عدد الطرود أو محتوياتها قرينة على تهريبها مستوجبة فرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) ما لم يبرر الربان أو قائد الطائرة هذا النقص . ثانيا : بعدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من ذلك القانون من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المشار إليها . ثالثا : بسقوط الأحكام الأخرى التى تضمنتها النصوص المطعون عليها والتى ترتبط بأجزائها المحكوم بعدم دستوريتها ارتباطا لا يقبل التجزئة .
ومن حيث إن موضوع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه , هو طلب الشركة الطاعنة إلغاء قرار مدير عام الجمارك برفض التظلم المقدم منها فى القرار الصادر من مدير عام جمارك الإسكندرية بفرض غرامة مالية مقدارها 276.72 جنيها لوجود نقص فى شحنة السفينة بيلوبس عند وصولها إلى ميناء الإسكندرية , وذلك وفقا لأحكام المواد (37) و (38) و (117) من قانون الجمارك , والتى قضى بعدم دستورية ما تضمنته تلك المواد من اعتبار مجرد النقص فى عدد الطرود المفرغة أو محتوياتها عما أدرج فى قائمة الشحن قرينة على تهريبها تستوجب فرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) ما لم يبرر الربان أو قائد الطائرة هذا النقص .
ومن حيث إن الحكم بعدم دستورية ما تضمنته المادة (119) من قانون الجمارك من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المنصوص عليها فى المادة (117) قام على أساس أن فى ذلك تعديا على الحدود التى تفصل بين ولاية كل من السلطتين التشريعية والقضائية , الأمر الذى تتوافر معه إحدى حالات الانعدام التى تصيب القرار الإدارى , وهى حالة غصب السلطة , مما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .
( الطعن رقم 4704 لسنة 35 ق . عليا ـ جلسة 3/4/2004م – الدائرة الأولى )
(الطعن رقم4706 لسنة35 ق .عليا ـ جلسة6/3/2004م الدائرة الأولى)
( الطعن رقم 239 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 6/3/2004م ـ الدائرة الأولى )
(الطعن رقم4426لسنة 43 ق.عليا ـ جلسة12/6/2004م ـ الدائرة الأولى)
( الطعن رقم 1973 لسنة 39 ق . عليا ـ جلسة 6/12/2003م ـ الدائرة الأولى )
( الطعن رقم 243 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 6 / 3 /2004 م ـ الدائرة الأولى )
( الطعن رقم 243 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 6/3/2004 م – الدائرة الأولى )
( الطعن رقم 3036 لسنة 41 ق . عليا ـ جلسة 13/12/2003م – الدائرة الأولى )
تخليص جمركى:
ـ المبدأ : حظر ممارسة مهنة مخلص جمركى إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك :
ـ عدم اشتراط الحصول على المؤهل العالي لمزاولة مهنة التخليص الجمركي :
ـ القواعد والشروط الخاصة بتنظيم مهنة التخليص الجمركي :
ـ استثناء البعض من شرط الحصول على مؤهل عال يخل بمبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة :
تطبيق : " من حيث أن المادة 49 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963م تنص على أنه : " يعتبر مخلصاً جمركياً كل شخص طبيعى أو معنوى يقوم بإعداد البيان الجمركى وتوقيعه وتقديمه للجمارك وإتمام الإجراءات بالنسبة إلى البضائع لحساب الغير, ولا يجوز له مزاولة أعمال التخليص إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك , ويحدد وزير الخزانة شروط الترخيص والنظام الخاص بالمخلصين والهيئة التأديبية التى تختص بالنظر فيما يرتكبونه من مخالفات والجزاءات التى توقع عليهم" , ومقتضى هذا النص أن المشرع حظر ممارسة مهنة مخلص جمركى إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك ومنح وزير الخزانة (المالية) اختصاصا قانونياً أصيلاً فى تنظيم هذه المهنة ويتمتع فى ممارسته بسلطة تقديرية واسعة فى شأن تحديد الشروط اللازمة للترخيص بمزاولة أعمال التخليص وفى وضع قواعد وأسس النظام الخاص بالمخلصين طالما أن القانون لم يفرض شروطاً محددة, ولم يتضمن ضوابط معينة يتعين الالتزام بها فى هذا الخصوص ومن ثم تظل للجهة الإدارية سلطتها التقديرية التى تمارسها فى إطار الضابط العام الذى يتعين مراعاته والالتزام به عند تحديد القواعد والشروط الخاصة بتنظيم مهنة التخليص, وكلها مستمدة من طبيعة أعمال المخلصين الجمركيين ذاتها, وفى حدود ما تمليه مصالح الدولة المالية وحقوق أصحاب البضائع موضوع التخليص ضماناً لتحقيق الصالح العام, ومن ثم تنحصر رقابة القضاء الإدارى على سلطة الإدارة فى تنظيم هذه المهنة وفى وزن قرارها بميزان المشروعية دون أن تحل نفسها محل الجهة الإدارية فيما هو متروك لتقديرها ووزنها للأمور فى النطاق الذى حدده لها القانون على الوجه المتقدم ذكره.
ومن حيث إنه نفاذاً لنص المادة 49 من القانون رقم 66 لسنة 1963 سالف الذكر صدر قرار وزير الخزانة رقم 47 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام القرار رقم 40 لسنة 1963 بتنظيـم مهنـة التخليص على البضائع ناصاً فى مادته الثانية على أنه: " يستبدل بنص المادة 2 من القرار رقم 40 لسنة 1963 المشار إليه النص الآتى : " مادة (2) يشترط فيمن يزاول أعمال التخليص ما يأتى : (1)....... (2)..............
3- أن يكون من خريجى المعهد الجمركى أو حاصلاً على شهادة التجارة الثانوية أو شهادة الثانوية العامة أو أية شهادة أخرى معادلة .
4- ..........................
8- أن يجتاز بنجاح امتحان المسابقة الذى تنظمه مصلحة الجمارك لاختيار المخلصين".
ثم صدر قرار رئيس مصلحة الجمارك رقم 99 لسنة 1981 بناء على السلطة التفويضية المخولة له بموجب قرار وزير الخزانة رقم 116 لسنة 1977 بشأن تحديد الشروط الخاصة بالترخيص بمزاولة مهنة التخليص الجمركى متضمناً تعديل المادة الثانية من القرار الوزارى رقم 40 لسنة 1963 المعدل بالقرار رقم 47 لسنة 1970 سالف الذكر بحيث صار نصها كالآتى: " يشترط فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى على الرسائل التجارية وفقاً لحكم المادة الأولى ما يأتى: (1)...... (2).....(3) أن يكون حاصلاً على مؤهل عال (4)....(9) أن يحضر الدورات التدريبية التى تعدها المصلحة وأن يجتاز بنجاح فى نهايتها امتحان الصلاحية لمزاولة المهنة ويعفى العاملون السابقون بمصلحة الجمارك الحاصلون على مؤهلات عليا من شرط الامتحان.(10)...........
ومن حيث إنه لما كان المقرر أن المركز القانونى للمخلص الجمركى هو مركز تنظيمى عام تملك إزاءه السلطة المختصة تعديل الشروط والضوابط المتطلبة للترخيص بمزاولة هذه المهنة كلما دعت الضرورة إلى ذلك بغير معقب عليها من القضاء طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة أو استهداف غير وجه الصالح العام.
ومن حيث إنه متى ثبت أن المشرع فى قانون الجمارك سالف الذكر قد عهد إلى وزير الخزانة موضوع تنظيم شروط الترخيص الجمركى , ومن ثم فإنه يجب على السلطة المفوضة مراعاة مبدأ التدرج التشريعى فى شأن القواعد التى تصدرها فى هذا الخصوص وفى قمتها الدستور بحيث لا تخالف أو تنال أو تنتقص من المبادئ والحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور.
ومن حيث إنه - ولئن كان رئيس مصلحة الجمارك فى حدود السلطة التقديرية المخولة له – بناء على التفويض الصادر إليه بتنظيم مهنة التخليص الجمركى بموجب قرار وزير الخزانة رقم 116 لسنة 1976 – أن يعدل من الشروط الواجب توافرها فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى – ومنها شرط التأهيل العلمى المناسب حسب طبيعة هذه المهنة والتى لم يشترط فى شاغلها تأهيلاً علمياً – تخصصياً بذاته إلا أنه يجب أن يجئ هذا التعديل أو الاستثناء من هذا الشرط فى حدود الإطار الموضوعى لتنظيم هذه المهنة وفى صورة قاعدة موحدة فى مجال شغل هذه الوظيفة.
وإذ استبان من الأوراق أن مستشار مصلحة الجمارك أعد مذكرة للعرض على رئيس مصلحة الجمارك بشأن ما أثاره أعضاء الغرفة التجارية وجمعية رجال الأعمال عن حاجتهم إلى استخدام عمال تابعين لهم فى إنهاء الإجراءات الجمركية على البضائع الواردة برسم جهاتهم, وكذا أثار أصحاب مكاتب التخليص الجمركى والاستيراد والتصدير نفس المشكلة واقتراح أن تقوم كل مؤسسة أو شركة أو مكتب تخليص جمركى بترشيح عدد مناسب من بين العاملين فيها بشرط أن يكونوا من الحاصلين على مؤهل متوسط على الأقل مع مدة عمل فى مجال يتصل بالجمارك داخل المؤسسة لا يقل عن سنتين..... ومنحهم ترخيص خاص بالتخليص الجمركى على البضائع وذلك بعد اجتياز دورة تدريبية تعدها المصلحة فى ذلك الشأن – فأشر رئيس مصلحة الجمارك على هذه المذكرة بتاريخ 30/11/1990 بالآتى: ( لا مانع – على ألا يتجاوز عدد العاملين فى هذا المجال بمؤهل متوسط شخص واحد فقط للمؤسسة أو الشركة أو المكتب)
كما استثنت مصلحة الجمارك عدد 35 من المرخص لهم من شرط الحصول على مؤهل عال, وذلك لاشتراكهم فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 – وهو ما لم تنكره جهة الإدارة فى ردها على الدعوى موضوع الطعن الماثل.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك , وكان البادى من الأوراق أن تأشيرة رئيس مصلحة الجمارك المؤرخة فى 30/11/1990 سالفة الذكر والمقررة مستوى التأهيل العلمى لمن يزاول مهنة التخليص الجمركى على الرسائل التجارية وهو الحصول على مؤهل متوسط على الأقل – ترقى إلى مرتبة القرار الإدارى الناسخ لقراره رقم 99 لسنة 1981 سالف الذكر فيما تضمنه من اشتراط فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى أن يكون حاصلاً على مؤهل عالى.
ومن ثم فإنه لا يجوز حمل تلك التأشيرة على أنها تقرر استثناء فئتين من شرط الحصول على مؤهل عال – وهما الذين سبق لهم الاشتراك فى حرب أكتوبر 1973 من المرخص لهم ومندوبى المؤسسات العامة والشركات ومكاتب التخليص الجمركى دون غيرهم ممن سبق الترخيص لهم من غير الحاصلين على مؤهلات عليا لمزاولة هذه المهنة بصفة حرة , حيث إن هذا الاستثناء أو التمييز لا يستند إلى أسس موضوعية تقتضيه , ومخالفاً لمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور – والذى يأبى بأى صورة من صور التمييز بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة ومن ثم لا يجوز قصر حكم القرار سالف الذكر الصادر بتاريخ 30/11/1990 على الفئتين المذكورتين بينما يحرم غيرهم منه بدون مقتضى, وعلى ذلك فقد بات حتماً تقرير ذات الحق لمن سبق له الحصول على ترخيص جمركى فى أن يعامل بذات القرار عند تجديد ترخيصه طالما توافرت فى شأنه باقى الشروط المقررة لمزاولة هذه المهنة.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات النزاع الماثل فإنه لما كان البادى من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده حاصل على دبلوم الفندقة البحرية من الأكاديمية العربية للنقل البحرى فى 2/10/1995 واجتاز بنجاح برنامج الدورة التدريبية فى أعمال التخليص الجمركى خلال الفترة من 30/3/1996 إلى 16/4/1996 ومنحته مصلحة الجمارك ترخيص عام بمزاولة مهنة التخليص الجمركى برقم 2001404 بتاريخ 29/12/1997 وصالح حتى 31/12/1998, وإذ تقدم المطعون ضده إلى جهة الإدارة بطلب لتجديد هذا الترخيص حال انتهاء مدته إلا أن جهة الإدارة قد امتنعت عن إجراء هذا التعديل رغم الثابت من ظاهر الأوراق استيفاؤه الشروط الواجب توافرها فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى بعد تعديلها بقرار رئيس مصلحة الجمارك الصادر فى 3/11/1990 سالف الذكر ومن ثم يكون القرار السلبى المطعون فيه بامتناع جهة الإدارة عن تجديد ترخيص المطعون ضده مخالفاً للقانون, إذ لا يستساغ تمييز فئة على حساب فئة أخرى من أصحاب المراكز القانونية المتماثلة بحيث يقتصر التجديد على الفئتين المذكورتين سلفاً وقصر الاستثناء من شرط التأهيل العلمى عليهم بينما يحرم المطعون ضده رغم الحصول على ذات مستوى التأهيل العلمى طبقاً لما سلف بيانه مما يرجح بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى طلب الإلغاء, الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ, فضلاً عن توافر ركن الاستعجال نظراً لما يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار الطعين من حرمان المطعون ضده من مصدر رزقه مما يتسبب فى أضرار يتعذر تداركها ويتعين تبعاً لتوافر الركنين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام جهة الإدارة بتجديد الترخيص مثار النزاع لمدد أخرى إعمالاً للقواعد السارية بشأن تنظيم مهنة التخليص الجمركى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة , وعلى ذلك فإن الطعن الماثل يكون فى غير محله , خليقاً بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
( الطعن رقم 5953 لسنة 47 ق . عليا ـ جلسة 4/7/2004م– الدائرة الأولى )
ـ المبدأ : حظر ممارسة مهنة مخلص جمركى إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك :
ـ عدم اشتراط الحصول على المؤهل العالي لمزاولة مهنة التخليص الجمركي :
ـ القواعد والشروط الخاصة بتنظيم مهنة التخليص الجمركي :
ـ استثناء البعض من شرط الحصول على مؤهل عال يخل بمبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة :
تطبيق : " من حيث أن المادة 49 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963م تنص على أنه : " يعتبر مخلصاً جمركياً كل شخص طبيعى أو معنوى يقوم بإعداد البيان الجمركى وتوقيعه وتقديمه للجمارك وإتمام الإجراءات بالنسبة إلى البضائع لحساب الغير, ولا يجوز له مزاولة أعمال التخليص إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك , ويحدد وزير الخزانة شروط الترخيص والنظام الخاص بالمخلصين والهيئة التأديبية التى تختص بالنظر فيما يرتكبونه من مخالفات والجزاءات التى توقع عليهم" , ومقتضى هذا النص أن المشرع حظر ممارسة مهنة مخلص جمركى إلا بعد الحصول على ترخيص من مصلحة الجمارك ومنح وزير الخزانة (المالية) اختصاصا قانونياً أصيلاً فى تنظيم هذه المهنة ويتمتع فى ممارسته بسلطة تقديرية واسعة فى شأن تحديد الشروط اللازمة للترخيص بمزاولة أعمال التخليص وفى وضع قواعد وأسس النظام الخاص بالمخلصين طالما أن القانون لم يفرض شروطاً محددة, ولم يتضمن ضوابط معينة يتعين الالتزام بها فى هذا الخصوص ومن ثم تظل للجهة الإدارية سلطتها التقديرية التى تمارسها فى إطار الضابط العام الذى يتعين مراعاته والالتزام به عند تحديد القواعد والشروط الخاصة بتنظيم مهنة التخليص, وكلها مستمدة من طبيعة أعمال المخلصين الجمركيين ذاتها, وفى حدود ما تمليه مصالح الدولة المالية وحقوق أصحاب البضائع موضوع التخليص ضماناً لتحقيق الصالح العام, ومن ثم تنحصر رقابة القضاء الإدارى على سلطة الإدارة فى تنظيم هذه المهنة وفى وزن قرارها بميزان المشروعية دون أن تحل نفسها محل الجهة الإدارية فيما هو متروك لتقديرها ووزنها للأمور فى النطاق الذى حدده لها القانون على الوجه المتقدم ذكره.
ومن حيث إنه نفاذاً لنص المادة 49 من القانون رقم 66 لسنة 1963 سالف الذكر صدر قرار وزير الخزانة رقم 47 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام القرار رقم 40 لسنة 1963 بتنظيـم مهنـة التخليص على البضائع ناصاً فى مادته الثانية على أنه: " يستبدل بنص المادة 2 من القرار رقم 40 لسنة 1963 المشار إليه النص الآتى : " مادة (2) يشترط فيمن يزاول أعمال التخليص ما يأتى : (1)....... (2)..............
3- أن يكون من خريجى المعهد الجمركى أو حاصلاً على شهادة التجارة الثانوية أو شهادة الثانوية العامة أو أية شهادة أخرى معادلة .
4- ..........................
8- أن يجتاز بنجاح امتحان المسابقة الذى تنظمه مصلحة الجمارك لاختيار المخلصين".
ثم صدر قرار رئيس مصلحة الجمارك رقم 99 لسنة 1981 بناء على السلطة التفويضية المخولة له بموجب قرار وزير الخزانة رقم 116 لسنة 1977 بشأن تحديد الشروط الخاصة بالترخيص بمزاولة مهنة التخليص الجمركى متضمناً تعديل المادة الثانية من القرار الوزارى رقم 40 لسنة 1963 المعدل بالقرار رقم 47 لسنة 1970 سالف الذكر بحيث صار نصها كالآتى: " يشترط فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى على الرسائل التجارية وفقاً لحكم المادة الأولى ما يأتى: (1)...... (2).....(3) أن يكون حاصلاً على مؤهل عال (4)....(9) أن يحضر الدورات التدريبية التى تعدها المصلحة وأن يجتاز بنجاح فى نهايتها امتحان الصلاحية لمزاولة المهنة ويعفى العاملون السابقون بمصلحة الجمارك الحاصلون على مؤهلات عليا من شرط الامتحان.(10)...........
ومن حيث إنه لما كان المقرر أن المركز القانونى للمخلص الجمركى هو مركز تنظيمى عام تملك إزاءه السلطة المختصة تعديل الشروط والضوابط المتطلبة للترخيص بمزاولة هذه المهنة كلما دعت الضرورة إلى ذلك بغير معقب عليها من القضاء طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة أو استهداف غير وجه الصالح العام.
ومن حيث إنه متى ثبت أن المشرع فى قانون الجمارك سالف الذكر قد عهد إلى وزير الخزانة موضوع تنظيم شروط الترخيص الجمركى , ومن ثم فإنه يجب على السلطة المفوضة مراعاة مبدأ التدرج التشريعى فى شأن القواعد التى تصدرها فى هذا الخصوص وفى قمتها الدستور بحيث لا تخالف أو تنال أو تنتقص من المبادئ والحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور.
ومن حيث إنه - ولئن كان رئيس مصلحة الجمارك فى حدود السلطة التقديرية المخولة له – بناء على التفويض الصادر إليه بتنظيم مهنة التخليص الجمركى بموجب قرار وزير الخزانة رقم 116 لسنة 1976 – أن يعدل من الشروط الواجب توافرها فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى – ومنها شرط التأهيل العلمى المناسب حسب طبيعة هذه المهنة والتى لم يشترط فى شاغلها تأهيلاً علمياً – تخصصياً بذاته إلا أنه يجب أن يجئ هذا التعديل أو الاستثناء من هذا الشرط فى حدود الإطار الموضوعى لتنظيم هذه المهنة وفى صورة قاعدة موحدة فى مجال شغل هذه الوظيفة.
وإذ استبان من الأوراق أن مستشار مصلحة الجمارك أعد مذكرة للعرض على رئيس مصلحة الجمارك بشأن ما أثاره أعضاء الغرفة التجارية وجمعية رجال الأعمال عن حاجتهم إلى استخدام عمال تابعين لهم فى إنهاء الإجراءات الجمركية على البضائع الواردة برسم جهاتهم, وكذا أثار أصحاب مكاتب التخليص الجمركى والاستيراد والتصدير نفس المشكلة واقتراح أن تقوم كل مؤسسة أو شركة أو مكتب تخليص جمركى بترشيح عدد مناسب من بين العاملين فيها بشرط أن يكونوا من الحاصلين على مؤهل متوسط على الأقل مع مدة عمل فى مجال يتصل بالجمارك داخل المؤسسة لا يقل عن سنتين..... ومنحهم ترخيص خاص بالتخليص الجمركى على البضائع وذلك بعد اجتياز دورة تدريبية تعدها المصلحة فى ذلك الشأن – فأشر رئيس مصلحة الجمارك على هذه المذكرة بتاريخ 30/11/1990 بالآتى: ( لا مانع – على ألا يتجاوز عدد العاملين فى هذا المجال بمؤهل متوسط شخص واحد فقط للمؤسسة أو الشركة أو المكتب)
كما استثنت مصلحة الجمارك عدد 35 من المرخص لهم من شرط الحصول على مؤهل عال, وذلك لاشتراكهم فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 – وهو ما لم تنكره جهة الإدارة فى ردها على الدعوى موضوع الطعن الماثل.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك , وكان البادى من الأوراق أن تأشيرة رئيس مصلحة الجمارك المؤرخة فى 30/11/1990 سالفة الذكر والمقررة مستوى التأهيل العلمى لمن يزاول مهنة التخليص الجمركى على الرسائل التجارية وهو الحصول على مؤهل متوسط على الأقل – ترقى إلى مرتبة القرار الإدارى الناسخ لقراره رقم 99 لسنة 1981 سالف الذكر فيما تضمنه من اشتراط فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى أن يكون حاصلاً على مؤهل عالى.
ومن ثم فإنه لا يجوز حمل تلك التأشيرة على أنها تقرر استثناء فئتين من شرط الحصول على مؤهل عال – وهما الذين سبق لهم الاشتراك فى حرب أكتوبر 1973 من المرخص لهم ومندوبى المؤسسات العامة والشركات ومكاتب التخليص الجمركى دون غيرهم ممن سبق الترخيص لهم من غير الحاصلين على مؤهلات عليا لمزاولة هذه المهنة بصفة حرة , حيث إن هذا الاستثناء أو التمييز لا يستند إلى أسس موضوعية تقتضيه , ومخالفاً لمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور – والذى يأبى بأى صورة من صور التمييز بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة ومن ثم لا يجوز قصر حكم القرار سالف الذكر الصادر بتاريخ 30/11/1990 على الفئتين المذكورتين بينما يحرم غيرهم منه بدون مقتضى, وعلى ذلك فقد بات حتماً تقرير ذات الحق لمن سبق له الحصول على ترخيص جمركى فى أن يعامل بذات القرار عند تجديد ترخيصه طالما توافرت فى شأنه باقى الشروط المقررة لمزاولة هذه المهنة.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات النزاع الماثل فإنه لما كان البادى من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده حاصل على دبلوم الفندقة البحرية من الأكاديمية العربية للنقل البحرى فى 2/10/1995 واجتاز بنجاح برنامج الدورة التدريبية فى أعمال التخليص الجمركى خلال الفترة من 30/3/1996 إلى 16/4/1996 ومنحته مصلحة الجمارك ترخيص عام بمزاولة مهنة التخليص الجمركى برقم 2001404 بتاريخ 29/12/1997 وصالح حتى 31/12/1998, وإذ تقدم المطعون ضده إلى جهة الإدارة بطلب لتجديد هذا الترخيص حال انتهاء مدته إلا أن جهة الإدارة قد امتنعت عن إجراء هذا التعديل رغم الثابت من ظاهر الأوراق استيفاؤه الشروط الواجب توافرها فيمن يزاول مهنة التخليص الجمركى بعد تعديلها بقرار رئيس مصلحة الجمارك الصادر فى 3/11/1990 سالف الذكر ومن ثم يكون القرار السلبى المطعون فيه بامتناع جهة الإدارة عن تجديد ترخيص المطعون ضده مخالفاً للقانون, إذ لا يستساغ تمييز فئة على حساب فئة أخرى من أصحاب المراكز القانونية المتماثلة بحيث يقتصر التجديد على الفئتين المذكورتين سلفاً وقصر الاستثناء من شرط التأهيل العلمى عليهم بينما يحرم المطعون ضده رغم الحصول على ذات مستوى التأهيل العلمى طبقاً لما سلف بيانه مما يرجح بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى طلب الإلغاء, الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ, فضلاً عن توافر ركن الاستعجال نظراً لما يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار الطعين من حرمان المطعون ضده من مصدر رزقه مما يتسبب فى أضرار يتعذر تداركها ويتعين تبعاً لتوافر الركنين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام جهة الإدارة بتجديد الترخيص مثار النزاع لمدد أخرى إعمالاً للقواعد السارية بشأن تنظيم مهنة التخليص الجمركى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة , وعلى ذلك فإن الطعن الماثل يكون فى غير محله , خليقاً بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
( الطعن رقم 5953 لسنة 47 ق . عليا ـ جلسة 4/7/2004م– الدائرة الأولى )
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد حامد الجمل. رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / محمد معروف محمد وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 18 من أغسطس سنة 1988 أودع الأستاذ / سعد عبد الواحد حماد المحامى نيابة عن الأستاذ السيد محمد أمام المحامى وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا. تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 21/6/1988 فى الدعوى رقم 4526 لسنة 40 ق فيما قضى به من قبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وإلزام المدعى بالمصروفات. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المقرر قانونا، كما قدم السيد الأستاذ المستشار / على رضا مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى لهيئة مفوضى الدولة رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20 يناير سنة 1992، وبجلسة 3 من فبراير سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 8 مارس سنة 1992 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة25 من أكتوبر سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 22/11/1992 ثم تقرر مد اجل النطق بجلسة اليوم 20/12/1992 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المدأولة.
من حيث انه لما كان الوزير وفقا لأحكام الدستور وقانون المرافعات هو الرئيس الإدارى الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياستها فى حدود السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها، وهو الذى يمثل وزارته أمام القضاء وفى مواجهة الغير. ولما كان الطاعن قد اختصم وزير الداخلية فى هذا الطعن ومن ثم فليس ثمة محل لاختصام مدير مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية لانعدام صفته لانه أحد مرؤوس الوزير ولا تتمتع المصلحة التى يتولى إدارتها بالشخصية القانونية عن وزارة الداخلية حيث انه بمراعاة ما سلف بيانه فان الطعن يكون قد استوفى اوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن ومما حصله الحكم المطعون فيه - ان الطاعن قد أقام الدعوى رقم 4526 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإدارى بسحب وإلغاء جواز سفره المصرى ومنعه من السفر كمواطن مصرى بما فى ذلك القرار الصادر بإسقاط الجنسية المصرية عن المدعى دون وجه حق وإلغاء ما يكون للمدعى من أوراق تفيد انه فلسطينى وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - ونال فى شرح دعواه انه مواطن مصرى ولد بتاريخ 27/2/1950 بمدينه (رفح ) محافظة سيناء الشمالية وقيد بدفتر المواليد بمكتب صحة ( رفح ) بتاريخ 28/2/1950 تحت رقم (22) ( جزء 1433/181/19 ص35) من أب مصرى وأم مصرية، واستخرج بطاقة شخصية برقم 70270 سجل مدنى الجمالية ثم التحق بالخدمة العسكرية وحصل على الشهادة، رقم مسلسلى 64/81 رقم عسكرى 3224683 ) قدوة حسنه صادرة بتاريخ 12/4/1981 وتروج من مصرية واستخرج بطاقة عائلية ( رقم 52422 من سجل مدنى الجمالية ) كما استخرج جواز سفر مصرى ( تحت رقم 160793) صادر فى 15/6/1985 من جوازات العباسية صالح حتى 14/6/1992 فضلا عن ان والده مصرى يحمل بطاقة عائلية ( رقم 242927) صادرة من سجل مدنى الجمالية فى 10/11/1964 ثابت منها انه من مواليد ( الشيخ زويد ) المصرية بمحافظة سيناء فى 24/12/1921 ويعمل تاجرا مصريا وله سجل تجارى رقم 179 ورقم قيد 170 بالسجل المدنى بالجمالية ويعمل تاجرا بالمحل رقم 13 حمام الثلاث ميدان الكانتو قسم الموسكى.
وأضاف المدعى انه سافر الى الخارج بموجب الجواز الصحيح الصادر له وعند عودته بتاريخ 25/5/1986 إلى ارض الوطن فوجئ بإدارة الجوازات تطلب جواز سفره لإلغائه بناء على شكوى تفيد انه فلسطينى الجنسية وقامت الإدارة فعلا بمنعه من السفر بجوازه المصرى بحجة إلغائه لإسقاط الجنسية المصرية عنه، وألزمته باستخراج وثيقة سفر فلسطينى، الأمر الذى يهدد حياته وأسرته ويهدر حقوقه الدستورية التى كفلها الدستور من حرية السفر والعمل والانتقال والإقامة واذ يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها مما يتوافر معه ركن الاستعجال الناتج عن الضرر الذى يصيبه من جراء سحب جواز سفره ومنعه من السفر والادعاء بأنه فلسطينى الجنسية وإسقاط الجنسية المصرية عنه.
وبجلسة 21/6/1988 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه الذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وبإلزام المدعى بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على ان الثابت من الاطلاع على الأوراق المودعة ملف الدعوى وعلى ملف إقامة المدعى انه كان قد تقدم خلال الفترة من عام 1966 حتى عام 1978 بطلبات امتداد إقامة وتجديد وثيقة سفره، وان جنسية المدعى الثابتة فى تلك الطلبات انه فلسطينى من مواليد (خان يونس) وتاريخ ميلاده عام 1948، وانه كان طالب بكلية دار العلوم جامعة القاهرة خلال الفترة من عام سنة 1967 حتى عام سنة 1971، كما وان إقرارا مودعا بملف إقامته محررا من زوجته المصرية تفيد إنها تتعهد بالإنفاق على زوجها محمد سلامة الشاعر (الطاعن) الفلسطينى الجنسية وولدها منه طيلة مدة امتها بمصر، وإذا أوضحت الجهة الإدارية ان الجنسية إلثابتة كجد المدعى انه فلسطينى الجنسية ولم تثبت الجنسية المصرية لوالده، ولم يدحض المدعى ذلك ولم يقدم ما يثبت عكسه، وان ما قدمه فى حافظة مستنداته من صور ضوئية لشهادة ميلاده أو بطاقته الشخصية أو شهادة تأدية الخدمة العسكرية لا يمكن الاحتجاج بها أو التعويل عليها فى إثبات الجنسية إذ ان تلك الأداة ليست لها حجية مطلقة وانها لا تصلح لاعتبار المدعى مصرى الجنسية إذ انها غير معدة أصلا لإثبات الجنسية وصادرة من جهات غير مختصة بذلك.
ومن حيث ان مبنى الطعن ان الثابت من الأوراق ان والد الطاعن مصرى الجنسية ويحمل بطاقة عائلية رقم 24927 سجل مدنى الجمالية محافظة القاهرة صادرة بتاريخ 10/1/1964 ويحمل الطاعن شهادة ميلاد تفيد جنسيته المصرية وانه من مواليد 27/2/1950 بشمال سيناء ومعه شهادة بأداء الخدمة العسكرية بالقوات المسلحة المصرية وهى مستندات قاطعة وعلى الجهة الإدارية عبء إثبات عكس المستفاد من هذه المستندات الرسمية، وهذه الأوراق لم يصطنعها أو يقدمها للحصول على الجنسية ولكن فى مناسبات أخرى وإذا كانت تنكر جنسية والد الطاعن بمجرد الشك وهو ما لا يصلح مستندا للإثبات وان الجنسية كما هو واضح بالأوراق ثابتة لوالده.
وقدم الحاضر عن الطاعن أمام هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا مذكرة أوضح بها ان والد الطاعن مصرى الجنسية بشهادة تحقيق شخصيه صادرة من سلاح الحدود الملكى بوزارة الدفاع الوطنى فى 15/6/1948 جاء بها ان محل ميلاده الشيخ زويد والإقامة برفح، وانه تقدم بطلب للقيد بالسجل التجارى بمحافظة سيناء عام 1957 باسم سلامة محمد الشاعر وجنسيته مصرى، ويحمل بطاقة عائلية تثبت انه مولود فى رفح بسيناء فى 24/12/1921 وكما يبين من صور القيد العائلى من السجل المدنى المصرى وبالنسبة لحق الطاعن فقد استندت المحكمة إلى ما ورد بمحضر اللجنة الاستشارية انه فلسطينى فى حين الكشف الذى اطلعت عليه اللجنة ورد به خطأ ان جده هو ( محمد حسن الشاعر ) فى حين ان الحقيقة ان اسم جده هو ( محمد سلامة حسين الشاعر ) ولما كان قرار منح الطاعن جواز السفر المصرى غير منعدم لعدم ثبوت الغش من جانبه فى الوثائق المقدمة منه للحصول على الجواز ومن ثم يتحصن هذا القرار بمضى ستين يوما. كذا فان ثمة مبادئ بحكم الجنسية منها ان الغلط فى الجنسية ليس - شأنه حرمان الإنسان من جنسيته، وان الحالة الظاهرة لوالد الطاعن انه مصرى الجنسية بالوثائق المقدمة.
ومن حيث ان الدساتير المصرية المتعاقبة قد ناطت بالقانون وحده تنظيم الجنسية المصرية وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالى بان الجنسية المصرية ينظمها القانون وانطلاقا من هذا الحكم فان الشارع المصرى نظم أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصرى والدولة - على سنن منضبطة تجعل من انتساب المواطن المصرى للدولة المصرية مركزا تنظيما يكتسبه المصرى حتما من أحكام القانون مباشرة، إذا ما توافرت فيه الشروط التى أوجبها القانون، دون ان يكون لإرادة المواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل فى اكتسابها او ثبوتها فى حقه فتلزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه فى التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة فى القانون المصرى تسوغ تمتع من قامت به - بالجنسية المصرية، ويقع عبء إثبات الجنسية المصرية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها، ولا يكفى فى إثباتها أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بجنسيتها، ولو تأكد ذلك بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية مادامت هذه الأوراق لم تعد أصلا لإثبات الجنسية، كما لا يسوغ من ناحية أخرى لحرمان المواطن من حقه فى التمتع بالجنسية اظهاره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبى غير المتمتع بجنسيتها كإعداد الجهة الإدارية ملف إقامة لشخص ما أو سحب بطاقته العائلية فكل ذلك لا يعدو انه يكون تعبيرا عن إرادته أو وجهة نظر كل من طالب الجنسية والجهة الإدارية ولا أثر لذلك كله فى جنسيته إلا وفق ما تقرره أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق عليه التى تحدد أحكامه الشروط الواجب توافرها فيمن يعتبر مصريا طبقا لهذه الأحكام ، دون ان يكون للمواطن للجهة الإدارية سلطة تقديرية فى تحديد من يتمتع بالجنسية المصرية من عدمه وفى ضوء هذه الأصول والمبادئ القانونية صاغت القوانين المتتابعة فى شأن الجنسية المصرية أحكامها فنصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 فى شأن الجنسية المصرية على أن : "يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون أولا ... ثانيا … ثالثا من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929 سواء كانوا بالغين أو قصر." كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 165 لسنة 1950 على ان : "المصريون هم 1-...... 2-....... 3- ...... 4-........ 5- الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر سنة 1914وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929 سواء أكانوا بالغين أم قصر "كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 بأن "المصريين هم أولا :المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية ، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن. ونصت المادة.الأولى من القانون رقم 26 لسنة1975 بأن "المصريون هم أولا : المتوطنون فى مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون. "وتنص المادة الثانية من ذات القانون على انه " يكون مصريا 1- من ولد لأب مصرى".
ومن حيث ان المستفاد من النصوص المتقدمة ان الشارع المصرى قد حدد طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها فى كل طائفة من الطوائف فاعتبر رعايا الدولة العلية أو الرعايا العثمانيين من المصريين، إذا توافر فى حقهم شرط الإقامة المعتادة خلال الفترة من 5 نوفمبر 1914 حتى 10 مارس 1929، وقد أكدت جميع القوانين الصادرة فى هذا الشأن حق هذه الطائفة فى التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية متى توافرت فى حقهم الشروط المشار إليها بان كانوا مقيمين فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق والمستندات المودعة ملف الطعن انه فى عام 1956 شكلت لجنة إدارية برئاسة عضو من مجلس الدولة، وعضوية أحد كبار الضباط بإدارة التفتيش العام بوزارة الداخلية، وآخرين بوزارة الداخلية للبحث فى مدى ثبوت الجنسية المصرية لبعض أهالى سيناء من عدمه، وقد انتقلت هذه اللجنة إلى العريش ورفح وعقدت اجتماعاتها بحضور وكيل محافظة سيناء ومأمور قسم سيناء الشمالى ومعاون مباحث المحافظة، وقامت اللجنة بالإستماع إلى معلوماتهم وملاحظاتهم فى هذا الشأن، كما اطلعت اللجنة على ملف الموضوع المحفوظ بالمحافظة كما قامت اللجنة أيضا بمعاينة مساكن الأهالى المذكورين وأراضيهم، وانتهت اللجنة فى تقريرها المؤرخ 14/2/1956 إلى ثبوت الجنسية المصرية لعدد من الأهالى وقضى ثبوتها لطائفه - ثانية وإلى عدم كفاية المعلومات الواردة عن طائفة ثالثة، طلبت تحريات المباحث عن كل واحد منهم وقد انتهت اللجنة فى البند (رابعا) إلى موافاة اللجنة بملفات محافظة سيفاء الخاصة بكل من الآتى ذكرهم حيث ورد البند (6) اسم والد الطاعن " سلامة محمد حسن الشاعر " وترجو اللجنة موافاتها بما لدى المحافظة من ملفات أخرى خاصة بالشكوى فى جنسيتهم على دفعات وعلى ان ترسل ملفات كل عائلة على حدة مرفقا بها كشف يبين فيه أسماء أفرادها المطلوب البت فى جنسيتهم مقسما إلى قسمين (أ) فئة المولودين قبل 10 مارس سنة 1929 (ب ) وفئة المولودين بعد هذا التاريخ، وان يكون كل ملف شاملا البيانات الكافية للنظر فى حالة كل شخص وبه تحريات مباحث سيناء وتحريات مباحث فلسطين. كما يبين من الاطلاع على محضر انعقاد اللجنة الاستشارية لبحث جنسية أهالى سيناء والمنعقدة بقسم جوازات العريش فى المدة من 20/12/1964 حتى 24/12/1964. وقد استعرضت اللجنة الطلبات المقدمة من بعض الأفراد ورد اسـم جـد الطاعـن ( محمد حسن الشاعر ) تحت البند (56) الصفحة الثانية من تقرير اللجنة ورأت اللجنة بعد الاطلاع على التحريات الواردة بملفاتهم والمستندات التى تقدموا بها انهم لا يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة لفقدانهم شرط الإقامة بالبلاد المدة من سنة 1914 حتى سنة 1929، ومن ثم لا يكون قد ثبت أمام هاتين اللجنتين إقامة جد الطاعن أو والده فى الأراضى المصرية المدة المشار إليها ولم تبت اللجنة فى ثبوت جنسيتهم المصرية بالنظر إلى ان الملفات الواردة من الجهات المختصة لم تتضمن ما يثبت إقامتهم المدة السالفة فى الأراضى المصرية، كما لم يتقدم كر من جد الطاعن ووالده بما يفيد هذه الإقامة ومن ثم لم تثبت لأى منهما الجنسية المصرية والتى هى مصدر إكتساب الطاعن لهذه الجنسية ولا حجه لما ذهب إليه الطاعن من أن صحة اسم جده هو "محمد سلامة حسين الشاعر" وهو شخص آخر خلاف من بحثت اللجنة الاستشارية الأخيرة فى جنسيته والذى ورد فى البند 56 باسم "محمد حسين الشاعر" ولم يقدم الطاعن دليلا على صحة ما ذهب إليه سوى عقد بيع عرفى لا يصلح سند قانونيا حاسما فى هذا المقام كما لم يقدم الطاعن ما يثبت اختلاف الشخصية وما يفيد ثبوت الجنسية المصرية للمدعو سلامة حسين الشاعر أو إلى ابنه سلامة محمد سلامة حسين الشاعر على ما يحتج الطاعن انه اسم جده واسم والده الصحيح ولم يقم احتجاجه على سند أو ادعائه على أساس، فضلا عن انه ليس ثمة خلاف بين الاسمين فيما لو اقتصر الطاعن لاسمه على الاسم الرباعى "محمد سلامة محمد الشاعر" وهو الاسم الذى قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على مستندات صادرة من جهات الدولة المختلفة تدليلا على ثبوت جنسيته المصرية به وما تحويه هذه المستندات من قرائن غير كافية وحدها قانونا لإثبات الجنسية المصرية باعتبار ان الجنسية المصرية مركز قانونى ذاتى يستمده الإنسان من أحكام الدستور والقانون ويتصل بسيادة الدولة والنظام العام الدستورى لكيانها وتحديد من هم مواطنيها مثلما يحدد الدستور إقليمها ونظام حكمها ولا يكفى لتوافر مجرد توافر بعض القرائن أو المظاهر الخارجية التى قد تحيط عادة بالمتمتعين بها وإنما يتعين توافر الشروط والوقائع القانونية التى تطلبها الدستور والقانون فى هذا الشان وإذ لم تتوافر فى والد الطاعن أوجده واقعة الإقامة والتوطن فى مصر على النحو السالف وهى الواقعة القانونية التى يشترطها القانون وبتحققها يتعين تمتعه بالجنسية المصرية وهى التى عنيت اللجنة لاستظهارها فى التقريرين سالفى الذكر مما فحصته من مستندات ولم تتحقق منه فى السجلات أو فى ما أجرته من مقابلات ومعاينات على النحو الوارد فى محاضر أعمالها ومن ثم فانه لا يعتبر الطاعن متمتعا بالجنسية المصرية إعمالا لنصوص القانون السالفة.
ومن حيث انه لم تتوافر للطاعن الشروط اللازمة قانونا للتمتع بالجنسية المصرية على النحو الذى حدده الدستور والقانون فانه لا تثبت الجنسية المصرية له ولو انقضى على التصرف أو القرار الإدارى الذى يتضمن الإقرار أو الاعتراف بذلك على خلاف القانون فترة الطعن أمام القضاء الإدارى لعدم تحصن هذا القرار أو التصرف لأنه لا يعد قانونا منشئا لهذا المركز القانونى على أى وجه حيث ينشأ من الدستور والقانون ذاته وصف المصرى لأى إنسان ولا يملك أى شخص منح أو منع وصف المصرى على خلاف هذه الأحكام ولا يتحصن أى قرار أو تصرف إدارى على خلاف الدستور أو القانون فى هذا الشأن حيث لا دخل لإرادة الفرد أو الإدارة فى كسب مركز المصرى الأصيل وفقده وإذ لا يعد الطاعن مصريا على ما سلف بيانه فانه لا يغير من هذا الوضع الذى حدده القانون منحه جواز سفر مصرى ( برقم 060793/185 العباسية ) حيث ان ذلك أثر من آثار التمتع بالجنسية المصرية وعلامة عليها وليس هو الأساس فى التمتع بها حسب الدستور والقانون ومنح الجواز على خلاف القانون لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن أمام القضاء وانه لما كان قد تم منح الجواز لغير مصرى ومن تم فان سحب جواز السفر الطاعن ومنحه وثيقة سفر فلسطينى يكون قد تم متفقا وصحيح حكم القانون.
ومن حيث انه قد ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب ومن ثم يكون قد صدر سليما ومطابقا لأحكام القانون ولا يطعن عليه، ويكون الطعن عليه على غير أساس جدير بالرفض.
ومن حيث ان من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا فى مواجهة وزير الداخلية وحده وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد حامد الجمل. رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / محمد معروف محمد وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 18 من أغسطس سنة 1988 أودع الأستاذ / سعد عبد الواحد حماد المحامى نيابة عن الأستاذ السيد محمد أمام المحامى وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا. تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 21/6/1988 فى الدعوى رقم 4526 لسنة 40 ق فيما قضى به من قبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وإلزام المدعى بالمصروفات. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المقرر قانونا، كما قدم السيد الأستاذ المستشار / على رضا مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى لهيئة مفوضى الدولة رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20 يناير سنة 1992، وبجلسة 3 من فبراير سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 8 مارس سنة 1992 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة25 من أكتوبر سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 22/11/1992 ثم تقرر مد اجل النطق بجلسة اليوم 20/12/1992 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المدأولة.
من حيث انه لما كان الوزير وفقا لأحكام الدستور وقانون المرافعات هو الرئيس الإدارى الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياستها فى حدود السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها، وهو الذى يمثل وزارته أمام القضاء وفى مواجهة الغير. ولما كان الطاعن قد اختصم وزير الداخلية فى هذا الطعن ومن ثم فليس ثمة محل لاختصام مدير مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية لانعدام صفته لانه أحد مرؤوس الوزير ولا تتمتع المصلحة التى يتولى إدارتها بالشخصية القانونية عن وزارة الداخلية حيث انه بمراعاة ما سلف بيانه فان الطعن يكون قد استوفى اوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن ومما حصله الحكم المطعون فيه - ان الطاعن قد أقام الدعوى رقم 4526 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإدارى بسحب وإلغاء جواز سفره المصرى ومنعه من السفر كمواطن مصرى بما فى ذلك القرار الصادر بإسقاط الجنسية المصرية عن المدعى دون وجه حق وإلغاء ما يكون للمدعى من أوراق تفيد انه فلسطينى وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - ونال فى شرح دعواه انه مواطن مصرى ولد بتاريخ 27/2/1950 بمدينه (رفح ) محافظة سيناء الشمالية وقيد بدفتر المواليد بمكتب صحة ( رفح ) بتاريخ 28/2/1950 تحت رقم (22) ( جزء 1433/181/19 ص35) من أب مصرى وأم مصرية، واستخرج بطاقة شخصية برقم 70270 سجل مدنى الجمالية ثم التحق بالخدمة العسكرية وحصل على الشهادة، رقم مسلسلى 64/81 رقم عسكرى 3224683 ) قدوة حسنه صادرة بتاريخ 12/4/1981 وتروج من مصرية واستخرج بطاقة عائلية ( رقم 52422 من سجل مدنى الجمالية ) كما استخرج جواز سفر مصرى ( تحت رقم 160793) صادر فى 15/6/1985 من جوازات العباسية صالح حتى 14/6/1992 فضلا عن ان والده مصرى يحمل بطاقة عائلية ( رقم 242927) صادرة من سجل مدنى الجمالية فى 10/11/1964 ثابت منها انه من مواليد ( الشيخ زويد ) المصرية بمحافظة سيناء فى 24/12/1921 ويعمل تاجرا مصريا وله سجل تجارى رقم 179 ورقم قيد 170 بالسجل المدنى بالجمالية ويعمل تاجرا بالمحل رقم 13 حمام الثلاث ميدان الكانتو قسم الموسكى.
وأضاف المدعى انه سافر الى الخارج بموجب الجواز الصحيح الصادر له وعند عودته بتاريخ 25/5/1986 إلى ارض الوطن فوجئ بإدارة الجوازات تطلب جواز سفره لإلغائه بناء على شكوى تفيد انه فلسطينى الجنسية وقامت الإدارة فعلا بمنعه من السفر بجوازه المصرى بحجة إلغائه لإسقاط الجنسية المصرية عنه، وألزمته باستخراج وثيقة سفر فلسطينى، الأمر الذى يهدد حياته وأسرته ويهدر حقوقه الدستورية التى كفلها الدستور من حرية السفر والعمل والانتقال والإقامة واذ يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها مما يتوافر معه ركن الاستعجال الناتج عن الضرر الذى يصيبه من جراء سحب جواز سفره ومنعه من السفر والادعاء بأنه فلسطينى الجنسية وإسقاط الجنسية المصرية عنه.
وبجلسة 21/6/1988 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه الذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وبإلزام المدعى بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على ان الثابت من الاطلاع على الأوراق المودعة ملف الدعوى وعلى ملف إقامة المدعى انه كان قد تقدم خلال الفترة من عام 1966 حتى عام 1978 بطلبات امتداد إقامة وتجديد وثيقة سفره، وان جنسية المدعى الثابتة فى تلك الطلبات انه فلسطينى من مواليد (خان يونس) وتاريخ ميلاده عام 1948، وانه كان طالب بكلية دار العلوم جامعة القاهرة خلال الفترة من عام سنة 1967 حتى عام سنة 1971، كما وان إقرارا مودعا بملف إقامته محررا من زوجته المصرية تفيد إنها تتعهد بالإنفاق على زوجها محمد سلامة الشاعر (الطاعن) الفلسطينى الجنسية وولدها منه طيلة مدة امتها بمصر، وإذا أوضحت الجهة الإدارية ان الجنسية إلثابتة كجد المدعى انه فلسطينى الجنسية ولم تثبت الجنسية المصرية لوالده، ولم يدحض المدعى ذلك ولم يقدم ما يثبت عكسه، وان ما قدمه فى حافظة مستنداته من صور ضوئية لشهادة ميلاده أو بطاقته الشخصية أو شهادة تأدية الخدمة العسكرية لا يمكن الاحتجاج بها أو التعويل عليها فى إثبات الجنسية إذ ان تلك الأداة ليست لها حجية مطلقة وانها لا تصلح لاعتبار المدعى مصرى الجنسية إذ انها غير معدة أصلا لإثبات الجنسية وصادرة من جهات غير مختصة بذلك.
ومن حيث ان مبنى الطعن ان الثابت من الأوراق ان والد الطاعن مصرى الجنسية ويحمل بطاقة عائلية رقم 24927 سجل مدنى الجمالية محافظة القاهرة صادرة بتاريخ 10/1/1964 ويحمل الطاعن شهادة ميلاد تفيد جنسيته المصرية وانه من مواليد 27/2/1950 بشمال سيناء ومعه شهادة بأداء الخدمة العسكرية بالقوات المسلحة المصرية وهى مستندات قاطعة وعلى الجهة الإدارية عبء إثبات عكس المستفاد من هذه المستندات الرسمية، وهذه الأوراق لم يصطنعها أو يقدمها للحصول على الجنسية ولكن فى مناسبات أخرى وإذا كانت تنكر جنسية والد الطاعن بمجرد الشك وهو ما لا يصلح مستندا للإثبات وان الجنسية كما هو واضح بالأوراق ثابتة لوالده.
وقدم الحاضر عن الطاعن أمام هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا مذكرة أوضح بها ان والد الطاعن مصرى الجنسية بشهادة تحقيق شخصيه صادرة من سلاح الحدود الملكى بوزارة الدفاع الوطنى فى 15/6/1948 جاء بها ان محل ميلاده الشيخ زويد والإقامة برفح، وانه تقدم بطلب للقيد بالسجل التجارى بمحافظة سيناء عام 1957 باسم سلامة محمد الشاعر وجنسيته مصرى، ويحمل بطاقة عائلية تثبت انه مولود فى رفح بسيناء فى 24/12/1921 وكما يبين من صور القيد العائلى من السجل المدنى المصرى وبالنسبة لحق الطاعن فقد استندت المحكمة إلى ما ورد بمحضر اللجنة الاستشارية انه فلسطينى فى حين الكشف الذى اطلعت عليه اللجنة ورد به خطأ ان جده هو ( محمد حسن الشاعر ) فى حين ان الحقيقة ان اسم جده هو ( محمد سلامة حسين الشاعر ) ولما كان قرار منح الطاعن جواز السفر المصرى غير منعدم لعدم ثبوت الغش من جانبه فى الوثائق المقدمة منه للحصول على الجواز ومن ثم يتحصن هذا القرار بمضى ستين يوما. كذا فان ثمة مبادئ بحكم الجنسية منها ان الغلط فى الجنسية ليس - شأنه حرمان الإنسان من جنسيته، وان الحالة الظاهرة لوالد الطاعن انه مصرى الجنسية بالوثائق المقدمة.
ومن حيث ان الدساتير المصرية المتعاقبة قد ناطت بالقانون وحده تنظيم الجنسية المصرية وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالى بان الجنسية المصرية ينظمها القانون وانطلاقا من هذا الحكم فان الشارع المصرى نظم أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصرى والدولة - على سنن منضبطة تجعل من انتساب المواطن المصرى للدولة المصرية مركزا تنظيما يكتسبه المصرى حتما من أحكام القانون مباشرة، إذا ما توافرت فيه الشروط التى أوجبها القانون، دون ان يكون لإرادة المواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل فى اكتسابها او ثبوتها فى حقه فتلزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه فى التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة فى القانون المصرى تسوغ تمتع من قامت به - بالجنسية المصرية، ويقع عبء إثبات الجنسية المصرية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها، ولا يكفى فى إثباتها أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بجنسيتها، ولو تأكد ذلك بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية مادامت هذه الأوراق لم تعد أصلا لإثبات الجنسية، كما لا يسوغ من ناحية أخرى لحرمان المواطن من حقه فى التمتع بالجنسية اظهاره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبى غير المتمتع بجنسيتها كإعداد الجهة الإدارية ملف إقامة لشخص ما أو سحب بطاقته العائلية فكل ذلك لا يعدو انه يكون تعبيرا عن إرادته أو وجهة نظر كل من طالب الجنسية والجهة الإدارية ولا أثر لذلك كله فى جنسيته إلا وفق ما تقرره أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق عليه التى تحدد أحكامه الشروط الواجب توافرها فيمن يعتبر مصريا طبقا لهذه الأحكام ، دون ان يكون للمواطن للجهة الإدارية سلطة تقديرية فى تحديد من يتمتع بالجنسية المصرية من عدمه وفى ضوء هذه الأصول والمبادئ القانونية صاغت القوانين المتتابعة فى شأن الجنسية المصرية أحكامها فنصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 فى شأن الجنسية المصرية على أن : "يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون أولا ... ثانيا … ثالثا من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929 سواء كانوا بالغين أو قصر." كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 165 لسنة 1950 على ان : "المصريون هم 1-...... 2-....... 3- ...... 4-........ 5- الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر سنة 1914وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929 سواء أكانوا بالغين أم قصر "كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 بأن "المصريين هم أولا :المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية ، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن. ونصت المادة.الأولى من القانون رقم 26 لسنة1975 بأن "المصريون هم أولا : المتوطنون فى مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون. "وتنص المادة الثانية من ذات القانون على انه " يكون مصريا 1- من ولد لأب مصرى".
ومن حيث ان المستفاد من النصوص المتقدمة ان الشارع المصرى قد حدد طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها فى كل طائفة من الطوائف فاعتبر رعايا الدولة العلية أو الرعايا العثمانيين من المصريين، إذا توافر فى حقهم شرط الإقامة المعتادة خلال الفترة من 5 نوفمبر 1914 حتى 10 مارس 1929، وقد أكدت جميع القوانين الصادرة فى هذا الشأن حق هذه الطائفة فى التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية متى توافرت فى حقهم الشروط المشار إليها بان كانوا مقيمين فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس سنة 1929.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق والمستندات المودعة ملف الطعن انه فى عام 1956 شكلت لجنة إدارية برئاسة عضو من مجلس الدولة، وعضوية أحد كبار الضباط بإدارة التفتيش العام بوزارة الداخلية، وآخرين بوزارة الداخلية للبحث فى مدى ثبوت الجنسية المصرية لبعض أهالى سيناء من عدمه، وقد انتقلت هذه اللجنة إلى العريش ورفح وعقدت اجتماعاتها بحضور وكيل محافظة سيناء ومأمور قسم سيناء الشمالى ومعاون مباحث المحافظة، وقامت اللجنة بالإستماع إلى معلوماتهم وملاحظاتهم فى هذا الشأن، كما اطلعت اللجنة على ملف الموضوع المحفوظ بالمحافظة كما قامت اللجنة أيضا بمعاينة مساكن الأهالى المذكورين وأراضيهم، وانتهت اللجنة فى تقريرها المؤرخ 14/2/1956 إلى ثبوت الجنسية المصرية لعدد من الأهالى وقضى ثبوتها لطائفه - ثانية وإلى عدم كفاية المعلومات الواردة عن طائفة ثالثة، طلبت تحريات المباحث عن كل واحد منهم وقد انتهت اللجنة فى البند (رابعا) إلى موافاة اللجنة بملفات محافظة سيفاء الخاصة بكل من الآتى ذكرهم حيث ورد البند (6) اسم والد الطاعن " سلامة محمد حسن الشاعر " وترجو اللجنة موافاتها بما لدى المحافظة من ملفات أخرى خاصة بالشكوى فى جنسيتهم على دفعات وعلى ان ترسل ملفات كل عائلة على حدة مرفقا بها كشف يبين فيه أسماء أفرادها المطلوب البت فى جنسيتهم مقسما إلى قسمين (أ) فئة المولودين قبل 10 مارس سنة 1929 (ب ) وفئة المولودين بعد هذا التاريخ، وان يكون كل ملف شاملا البيانات الكافية للنظر فى حالة كل شخص وبه تحريات مباحث سيناء وتحريات مباحث فلسطين. كما يبين من الاطلاع على محضر انعقاد اللجنة الاستشارية لبحث جنسية أهالى سيناء والمنعقدة بقسم جوازات العريش فى المدة من 20/12/1964 حتى 24/12/1964. وقد استعرضت اللجنة الطلبات المقدمة من بعض الأفراد ورد اسـم جـد الطاعـن ( محمد حسن الشاعر ) تحت البند (56) الصفحة الثانية من تقرير اللجنة ورأت اللجنة بعد الاطلاع على التحريات الواردة بملفاتهم والمستندات التى تقدموا بها انهم لا يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة لفقدانهم شرط الإقامة بالبلاد المدة من سنة 1914 حتى سنة 1929، ومن ثم لا يكون قد ثبت أمام هاتين اللجنتين إقامة جد الطاعن أو والده فى الأراضى المصرية المدة المشار إليها ولم تبت اللجنة فى ثبوت جنسيتهم المصرية بالنظر إلى ان الملفات الواردة من الجهات المختصة لم تتضمن ما يثبت إقامتهم المدة السالفة فى الأراضى المصرية، كما لم يتقدم كر من جد الطاعن ووالده بما يفيد هذه الإقامة ومن ثم لم تثبت لأى منهما الجنسية المصرية والتى هى مصدر إكتساب الطاعن لهذه الجنسية ولا حجه لما ذهب إليه الطاعن من أن صحة اسم جده هو "محمد سلامة حسين الشاعر" وهو شخص آخر خلاف من بحثت اللجنة الاستشارية الأخيرة فى جنسيته والذى ورد فى البند 56 باسم "محمد حسين الشاعر" ولم يقدم الطاعن دليلا على صحة ما ذهب إليه سوى عقد بيع عرفى لا يصلح سند قانونيا حاسما فى هذا المقام كما لم يقدم الطاعن ما يثبت اختلاف الشخصية وما يفيد ثبوت الجنسية المصرية للمدعو سلامة حسين الشاعر أو إلى ابنه سلامة محمد سلامة حسين الشاعر على ما يحتج الطاعن انه اسم جده واسم والده الصحيح ولم يقم احتجاجه على سند أو ادعائه على أساس، فضلا عن انه ليس ثمة خلاف بين الاسمين فيما لو اقتصر الطاعن لاسمه على الاسم الرباعى "محمد سلامة محمد الشاعر" وهو الاسم الذى قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على مستندات صادرة من جهات الدولة المختلفة تدليلا على ثبوت جنسيته المصرية به وما تحويه هذه المستندات من قرائن غير كافية وحدها قانونا لإثبات الجنسية المصرية باعتبار ان الجنسية المصرية مركز قانونى ذاتى يستمده الإنسان من أحكام الدستور والقانون ويتصل بسيادة الدولة والنظام العام الدستورى لكيانها وتحديد من هم مواطنيها مثلما يحدد الدستور إقليمها ونظام حكمها ولا يكفى لتوافر مجرد توافر بعض القرائن أو المظاهر الخارجية التى قد تحيط عادة بالمتمتعين بها وإنما يتعين توافر الشروط والوقائع القانونية التى تطلبها الدستور والقانون فى هذا الشان وإذ لم تتوافر فى والد الطاعن أوجده واقعة الإقامة والتوطن فى مصر على النحو السالف وهى الواقعة القانونية التى يشترطها القانون وبتحققها يتعين تمتعه بالجنسية المصرية وهى التى عنيت اللجنة لاستظهارها فى التقريرين سالفى الذكر مما فحصته من مستندات ولم تتحقق منه فى السجلات أو فى ما أجرته من مقابلات ومعاينات على النحو الوارد فى محاضر أعمالها ومن ثم فانه لا يعتبر الطاعن متمتعا بالجنسية المصرية إعمالا لنصوص القانون السالفة.
ومن حيث انه لم تتوافر للطاعن الشروط اللازمة قانونا للتمتع بالجنسية المصرية على النحو الذى حدده الدستور والقانون فانه لا تثبت الجنسية المصرية له ولو انقضى على التصرف أو القرار الإدارى الذى يتضمن الإقرار أو الاعتراف بذلك على خلاف القانون فترة الطعن أمام القضاء الإدارى لعدم تحصن هذا القرار أو التصرف لأنه لا يعد قانونا منشئا لهذا المركز القانونى على أى وجه حيث ينشأ من الدستور والقانون ذاته وصف المصرى لأى إنسان ولا يملك أى شخص منح أو منع وصف المصرى على خلاف هذه الأحكام ولا يتحصن أى قرار أو تصرف إدارى على خلاف الدستور أو القانون فى هذا الشأن حيث لا دخل لإرادة الفرد أو الإدارة فى كسب مركز المصرى الأصيل وفقده وإذ لا يعد الطاعن مصريا على ما سلف بيانه فانه لا يغير من هذا الوضع الذى حدده القانون منحه جواز سفر مصرى ( برقم 060793/185 العباسية ) حيث ان ذلك أثر من آثار التمتع بالجنسية المصرية وعلامة عليها وليس هو الأساس فى التمتع بها حسب الدستور والقانون ومنح الجواز على خلاف القانون لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن أمام القضاء وانه لما كان قد تم منح الجواز لغير مصرى ومن تم فان سحب جواز السفر الطاعن ومنحه وثيقة سفر فلسطينى يكون قد تم متفقا وصحيح حكم القانون.
ومن حيث انه قد ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب ومن ثم يكون قد صدر سليما ومطابقا لأحكام القانون ولا يطعن عليه، ويكون الطعن عليه على غير أساس جدير بالرفض.
ومن حيث ان من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا فى مواجهة وزير الداخلية وحده وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)