بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

26 أغسطس 2010

جمهورية مصر العربية




الدولة - النظام السياسى - مجلس الشعب



النظام الانتخابى



يعد النظام الأنتخابى من أقدم الأنظمة المطبقة حيث طبق أول نظام أنتخابى عام 1866 (عهد الخديوى اسماعيل) . يحدد القانون الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجلس الشعب.

وقد نص كل من قانون مجلس الشعب، وقانون مباشرة الحقوق السياسية على مجموعة من الشروط التى يجب توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب تحددت فى الآتى:

- ان يكون مصرى الجنسية من أب مصرى.

- أن يكون اسمه مقيدا فى أحد جداول الانتخاب، والا يكون قد طرأ عليه سبب يستوجب الغاء قيده طبقا للقانون الخاص بذلك.

- أن يكون بالغا من العمر ثلاثين عاما ميلادية على الأقل يوم الانتخاب.

- أن يجيد القراءة والكتابة.

- أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الالزامية أو اعفى منها طبقا للقانون.

- ألا تكون قد اسقطت عضويته بقرار من مجلس الشعب أو مجلس الشورى بسبب فقد الثقة أو الاعتبار، أو بسبب الاخلال بواجبات العضوية بالتطبيق لاحكام المادة 96 من الدستور، ومع ذلك يجوز له الترشيح فى أى من الحالتين الآتيتين :

- انقضاء الفصل التشريعى الذى صدر خلاله قرار اسقاط العضوية .

- صدور قرار من مجلس الشعب أو مجلس الشورى بالغاء الأثر المانع من الترشيح المترتب.

- على اسقاط العضوية بسبب الاخلال بواجباتها.

هذا ويقضى القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، بحرمان بعض الفئات من حقوقها السياسية مثل المحكوم عليه فى جناية، أو المحكوم عليه بالحبس فى جريمة من الجرائم الاقتصادية التى تضر بقيم المجتمع الاقتصادية مثل جرائم الاصلاح الزراعى، التموين، التسعيرة، خلو الرجل، تهريب النقد، التهريب الجمركى. أو فى جريمة من الجرائم الاخلاقية الماسة بالشرف والاعتبار مثل خيانة الامانة، الغدر، الرشوة، تفالس بالتدليس، تزوير، هتك العرض، إفساد اخلاق الشباب، انتهاك حرمة الآداب، التشرد وكذلك المحكوم عليه للشروع فى تلك الجرائم.

و فى احدى الجرائم الانتخابية، أو من سبق فصله من العاملين فى الدولة أو القطاع العام لاسباب مخلة بالشرف، أو عزل من الوصاية أو القوامة لسوء السلوك أو الخيانة أو من سلبت ولايته.كما قضى هذا القانون ايضا بوقف مباشرة هذه الحقوق للمحجور عليهم مدة الحجر، والمصابون بأمراض عقليه المحجوزون مدة حجزهم، والذين شهر افلاسهم مدة خمس سنوات من تاريخ شهر فلاسهم مالم يرد اليهم اعتبارهم قبل ذلك. وكل هؤلاء يمتنع عليهم الترشيح لعضوية مجلس الشعب.



تاريخ مجلس الشعب:

على مدى حقبة من الزمن تمثل تاريخ الحياة النيابية المصرية بدءا من عام 1866 ، تعاقبت على البلاد سبعة نظم نيابية تفاوت نطاق سلطاتها التشريعية والرقابية من فترة لأخرى ليعكس في النهاية تاريخ نضال الشعب المصري وسعيه الدؤوب من أجل إقامة مجتمع الديموقراطية والحرية.

أكثر من 135 عاما من التاريخ البرلماني ، تعاقبت فيها على البلاد اثنين وثلاثون هيئة نيابية تراوح عدد أعضائها ما بين 75 عضوا و 458 عضوا ، أسهموا في تشكيل تاريخ مصر ووجهها الحضاري الحديث في مختلف جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.



التعريف العام بمجلس الشعب : السلطة التشريعية فى مصر :

مجلس الشعب هو السلطة التشريعية بجمهورية مصر العربية ويتولى اختصاصات مختلفة ورد النص عليها فىالباب الخامس من الدستور، فوفقا للمادة 86 يتولى المجلس سلطة التشريع واقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية كما هو مبين بالدستور. ويقوم بترشيح رئيس الجمهورية ويقبل استقالته.



الدور والمهام:

فى إطار دستور 1971 اصبح البرلمان المصرى يحمل اسم " مجلس الشعب " وهو يتولى سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية والموازنة العامة للدولة كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية .

كما يتولى مجلس الشعب ترشيح رئيس الجمهورية ويقدم رئيس الجمهورية استقالته إلى مجلس الشعب ويعلن المجلس خلو منصبه ويتمتع بسلطة إقرار الاتفاقيات والمعاهدات الدولية واقرار إعلان حالتى الحرب والطوارئ وعدد اعضاء مجلس الشعب يحدده القانون ويجب ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين ومدة المجلس خمس سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع ويجرى الانتخاب لتجديد المجلس خلال الستين يوما السابقة على انتهاء مدته ويتم انتخاب أعضاء المجلس بالاقتراع السرى المباشر العام تحت اشراف أعضاء من الهيئة القضائية ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء بالمجلس لا يزيد على عشرة اعضاء وقد وضع الدستور مجموعة من الضمانات لكفالة استقرار السلطة التشريعية ومن اهمها أنه لا يجوز حل

مجلس الشعب إلا بعد استفتاء الشعب كما ان المجلس هو الذى يختص بالفصل فى صحة عضوية أعضائه ولا يجوز إسقاط عضوية أحد أعضاء المجلس إلا إذا فقد الثقة والاعتبار أو فقد أحد شروط العضوية أو أخل بواجبات عضويته ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس الشعب نفسه بأغلبية ثلثى أعضائه كما أن المجلس هو الذى يقبل استقالة اعضائه .

كما قرر الدستور أيضا مجموعة من الحصانات لأعضاء المجلس تتمثل فى عدم مؤاخذة أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكاروالأراء فى اداء أعمالهم فى المجلس أو فى لجانه .ولا يجوز فى غيرحالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية اجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس وفى إطار العلاقة بين السلطتين : التشريعية والتنفيذية للوصول إلى الصورة المثلى للتوازن والرقابة بينهما قرر الدستور عددا من الصلاحيات للسلطة التشريعية فى مجال السلطة التنفيذية وصلاحيات للسلطة التنفيذية فى مجال السلطة التشريعية .

ومن أمثلة الصلاحيات الأولى التى نظمها الدستور تلك المتعلقة باختصاص مجلس الشعب فى ترشيح رئيس الجمهورية واستقالته وخلو منصبه وصلاحيات المجلس فى مناقشة برنامج الوزارةوإقرار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذا الموازنة العامة للدولة وحقه فى الرقابة على اعمال الحكومة وتقرير مسئوليتها واقرار الإتفاقيات والمعاهدات الدولية . ومن أمثلة الصلاحيات الثانية التى نظمها الدستور ما قرره لرئيس الجمهورية بشأن دعوة مجلس الشعب للانعقاد للدور السنوى العادى قبل يوم الخميس الثانى من شهر نوفمبر من كل عام فإذا لميدع المجلس حتى ذلك اليوم يجتمع فى نفس اليوم من تلقاء نفسه بحكم الدستور وكذلك حق رئيس

الجمهورية فى فض دور الانعقاد العادى للمجلس شريطة ألا تقل مدته عن سبعة أشهر وبعد اعتماد الموازنة العامة للدولة وحقه فى دعوة المجلس لاجتماع غير عادى فى حالة الضرورة وأيضا حقه فى حل مجلس الشعب عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب.



اختصاصات مجلس الشعب:

يباشر مجلس الشعب بوصفه السلطة التشريعية اختصاصات مختلفة ورد النص عليها فى الباب الخامس من الدستور، فوفقا للمادة 86 يتولى المجلس :

*التشريع.

* اقرار المعاهدات والاتفاقات .

* إقرار الخطة والموازنة.

* الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.

* ترشيح رئيس الجمهورية .

* مناقشة بيان رئيس الجمهورية وبرنامج الوزارة.

* تعديل الدستور .

* إقرار إعلان حالتى الحرب والطوارئ .



تكوين المجلس :

نص الدستور المصرى على أن يحدد القانون عدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين، على الا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا. هذا وقد صدر القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب الذى يقضى فى مادته الاولىبأن يتالف مجلس الشعب مناربعمائة واربعة واربعين عضوا يختارون بطريق الانتخاب المباشر السرى العام على أنيتم الاقتراع تحت اشراف أعضاء من هيئة قضائية. بالاضافة الى عدد من الاعضاء يعينهم رئيس الجمهورية لا يزيد على عشرة، ويجب أن يكون نصف الأعضاء المنتخبين على الأقل من العمال والفلاحين. حيث حدد القانون رقم 206

سنة 1990 ,عدد الدوائر الانتخابية بـ 222 دائرة ينتخب عن كل منها عضوان أحدهما على الاقل من العمال والفلاحين وينتخب عضو مجلس الشعب بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التى أعطيت فى الانتخاب .



ضمانات استقلال السلطة التشريعية

اختص الدستور بتقرير الضمانات اللازمة لتحقيق استقلال مجلس الشعب التى تتمثل فى الآتى:

- اداء اليمين.

- قبول استقالة اعضائه .

- التحقيق فى صحة عضوية أعضائه .

- الفصل فى الطعون الانتخابية .

-عدم مؤاخذة اعضائه عما يبدونه من الأفكار والآراء فى اداءأعمالهم فى المجلس .

- انفراده فى مجازاة اعضائه.

- اختصاصه بوضع لائحته .

- اختصاصه بالمحافظة على النظام داخله .

- استقلاله بوضع واقرار موازنته السنوية واقرار حسابها الختامى .

- الحصانة البرلمانية.



الاجهزه البرلمانيه:

تقوم آلية العمل فى مجلس الشعب على تقسيم اختصاصات ووظائف المجلس على سبعة أجهزة برلمانية، يقوم كل منها بدور فى دراسة واعداد الموضوعات التى ينظرها المجلس أو الجمعية العمومية للشعبة البرلمانية، أو تلك المتعلقة بضمان حسن سير الممارسة البرلمانية بطريقة منضبطة ومضطردة وفقا للائحة الداخلية ، وهذه الأجهزة البرلمانية هى :

1- رئيس المجلس.

2- مكتب المجلس.

3- اللجنة العامة للمجلس.

4- لجنة القيم .

5- اللجان النوعية.

6- اللجان الخاصة والمشتركة.

7- الشعبة البرلمانية.









مكتب /محمد جابر عيسى المحامى

         والمستشارالقانوني











حكم الأطفال غير الشرعيين فى القانون المصرى.





من السيد المستشار وكيل وزارة العدل - لشئون مكتب الوزير .

بالكتاب رقم 3 م - 23 1/152 - 120 / ع هـ المحرر فى 22 يناير سنة 1980 والأوراق المرافقة له ومنها مذكرة سفارة هولندا إلى وزارة الخارجية المصرية فى 24/12/1979 وفيها تتساءل السفارة عن حكم القانون المصرى فى خصوص الاعتراف بالأطفال المولودين خارج مراسم الزواج ( غير شرعيين ) لأن المعلومات القانونية لديها فى هذا الموضوع أن القانون المصرى الاسلامى لا يعرف أى شكل عن الاعتراف بشرعية الأطفال ، كما جاء ذلك فى فقه ( لاند جبرتش ستاتجارت ) فى ألمانيا بتاريخ يناير سنة1971 ، مع أنه بمراجعة المادة 350 من القانون المصرى الخاص بالأحوال الشخصية طبقا للمذهب الحنفى يكون الاعتراف " طبقا لهذه المادة " بنسب الطفل بالنسبة للرجل مجديا تماما ، وانتهت مذكرة سفارة هولاندا إلى طلب تأكيد الموقف القانونى لاعتراف رجل بنسبة طفل إليه وأثر ذلك على جنسية الطفل إذا كان الأب المعترف بالنسب مصرى الجنسية .



الـجـــواب

فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق





إن القانون العام الذى يحكم مسائل النسب ومنها إقرار الرجل ببنوة طفل - هو أحكام الشريعة الإسلامية ممثلة فى أرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة ، ولا يرجع فى هذا الشأن لقواعد أى ديانة أخرى فى مصر باعتبار أن النسب فى الإسلام من حقوق الله تعالى المقابلة لاصطلاح النظام العام الذى لا تجوز مخالفته . وذلك هو ما تقضى به المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 .

ونصوص فقه هذا المذهب تقضى بأن يثبت النسب بإقرار الرجل ببنوة طفل مجهول النسب إن لم يكذبه العقل أو العادة، ولم يصرح المقر بأن الولد المقر بنسبه (ذكرا كان أو أنثى) ولده من الزنا ، وصدقه المقر له فى ذلك متى كان وقت الإقرار من أهل التصديق بأن كان - على الأقل مميزا - (سن التمييز سبع سنوات فأكثر) فإذا لم يكن المقر له مميزا ثبت النسب من المقر متى استوفيت تلك الشروط دون التوقف على موافقة المقر له .

وهذا هو ما جاء به نص المادة 350/1 من الأحكام الشرعية فى الأحوال الشخصية المشار إليها فى مذكرة السفارة حيث قد جرت عبارة هذا النص بأنه :



إذا أقر الرجل ببنوة غلام مجهول النسب وكان فى السن بحيث يولد مثله لمثله وصدقه الغلام إن كان مميزا يعبر عن نفسه أو لم يصدقه يثبت نسبه منه ، ولو أقر ببنوته فى مرضه ، وتلزمه نفقته وتربيته ويشارك غيره من ورثة المقر ولو جحدوا نسبه، ويرث أيضا من أبى المقر وإن جحده . هذا ويشترط أيضا أن يكون المقر بالغا عاقلا . فلا يقبل الإقرار من المعتوه أو المجنون . وقواعد الفقه الحنفى المعمول به قضاء فى منازعات النسب لا توجب على المقر بالنسب بيان وجه ثبوته وسببه ، وهل هو من صحيح نكاح أو من سفاح ، ولكن - كما تقدم - إذا صرح المقر بأن سبب البنوة المقر بها هو الزنا لا يثبت النسب بهذا الاقرار حتى لاينشاء الطفل المقر بنسبه فى مستقبل حياته مصحوبا بأنه ولد من زنا أو غير شرعى، ولأن البنوة نعمة ولا تنال النعمة بالمحرم شرعا ، إعمالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) والمقصود بالفراش عقد الزواج الصحيح المقترن بالمعاشرة الزوجية .

لما كان ذلك : يكون اعتراف رجل بنسب طفل إليه مقبولا ومثبتا لنسبه بالشروط سالفة البيان والمنوه بها إجمالا فى نص المادة 350/1 من الأحكام الشرعية المسئول عنها بمذكرة سفارة هولندا .

وإذا صدر الإقرار بالنسب بتلك الشروط من أب مصرى الجنسية اكتسب الطفل المقر بنسبه الجنسية المصرية وفقا لأحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ( المادة الأولى - فقرة ثانيا - وفقرة ثالثا أ ) . والله سبحانه وتعالى أعلم





مكتب /محمد جابر عيسى المحامى
        والمستشارالقانوني






تعليقات
جريمة الزنا بين القانون المصري والشريعة الاسلامية




تناول قانون العقوبات جريمة الزنا فى عدة نصوص بداية من المادة 273 وحتى المادة 276







اولا : من المخاطب بنصوص هذه المواد ومكان الجريمة

------



القانون المصرى لا يعرف الزنا للمرأه غير المتزوجه ولا للرجل الغيرمتزوج الا اذا كانا شركاء لمتزوجين فى الزنا فالقانون يشترط لكى تنطبق نصوصه ان تقع الجريمه من امرأه متزوجه او من رجل متزوج وفرق بين الرجل والمرأه من ناحيه مكان الجريمه فالمرأه المتزوجه تعاقب على الزنا اذا ارتكبته فى اى مكان سواء فى منزل الزوجيه او فى غيره اما الرجل فالقانون يشترط ان تكون الجريمه وقعت منه فى منزل الزوجيه ومنزل الزوجيه هنا ليس معناه فقط المنزل الذى يقيم فيه الزوج مع زوجته بل هو كل منزل اتخذه الزوج لنفسه منزلا حتى لو لم تعلم الزوجه به اى ان مصطلح منزل الزوجيه فى قانون العقوبات ذو معنى يتسع ليشمل كل مكان اتخذه الزوج محلا لاقامته كان يستأجر شقه ويخفيها عن زوجته فان القانون يعتبرها هنا منزلا للزوجيه







ثانيا اجراءات رفع الدعوى

--------------------



لا تقام هذة الدعوى على مرتكب هذه الجريمه الا بشكوى من الزوج ،فاذا ارتكبها رجل فلابد من شكوى تقدمها زوجته ، واذا ارتكبتها امرأه فلابد من شكوى يقدمها زوجه وبذلك نجد انه لا يمكن مقاضاه مرتكب هذه الجريمه الا اذا صرح بالشكوى من يملكها هذا ويشترط القانون فى هذه الجريمه حال كونها من الجرائم التى يتوقف تحريك الدعوى الجنائيه فيها على شكوى ، أي ان يصرح بالشكوى من يملكها خلال مده اقصاها 3 شهور منذ وقت العلم بالجريمه ومرتكبها.





ولا يتوقف االامر عند هذا الحد بل يحق للزوج الذى ارتكبت زوجته هذه الجريمه ان يتنازل عن الدعوى فى اى حاله تكون عليها الدعوى وله ايضا ان يوقف تنفيذ العقوبه فى اى وقت شاء حتى لو كان الحكم نهائيا وذلك بشرط ان يرضى معاشرتها له كما كان وللزوجه مثل هذا الحق اذا كان زوجها هو من ارتكب الجريمه.







ثالثا ادله الثبوت التى تقبل امام المحكمه اثناء نظر الدعوى

-------------------------





ذكرت الماده 276 عقوبات تلك الادله على سبيل الحصر وهى





القبض على المتهم حين تلبسه بالفعل (والتلبس هنا ليس معناه مشاهده المتهم وهو يرتكب الفعل ذاته بل يكفى ان يكون فى حاله تدل على ذلك







اعتراف المتهم بالجريمه





وجود مكاتيب او اوراق اخرى مكتوبه من المتهم بالزنا او موجوده فى منزل الزوجيه تثبت عليه هذا الامر





رابعا العقوبه

-------------

فرق القانون بين الرجل والمرأه فى العقوبه فبينما يعاقب الرجل الذى يرتكب جريمه الزنا فى منزل الزوجيه بالحبس مده لا تزيد على 6 شهور(هو وشريكته) نجد ان المرأه عقوبتها الحبس مده لاتزيد على سنتين(هى وشريكها)




الزوج الذى سبق وارتكب جريمه الزنا فى المسكن المقيم فيه مع زوجته (مسكن الزوجيه)لا تسمع دعواه ضد زوجته اذا ارتكبت جريمه الزنا و العكس صحيح





-----------------------------

جريمه الزنا فى الشريعه الاسلاميه :

--------------------------------------



قال تعالى ( الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده ولا يأخذكم بهما رأفة فى دين اله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفه من المؤمنين) سورة النور آيه2



تعريف



الزنا الذى يقام عليه الحد شرعا هو الوطء الكامل الذى لا لبس فيه



اولا العقوبه

------------

مرتكب الزنا لا يخرج عن كونه احد اثنين اما غير متزوج اى غير محصن او متزوج محصن وهو الذى قد وطئ فى نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل



وقد فرق الشرع فى العقوبه بين كلا من النوعين فى العقوبه فالمحصن يعاقب بالرجم وغير المحصن يعاقب بالجلد والتغريب اى النفى عند الجمهور ماعدا ابى حنيفه الذى يجعل التغريب بيد الامام ان شاء فعل او لم يفعل



ثانيا الاجراءات

----------------

لابد من توافر واحد من الشروط التاليه لايقاع الحد شرعا



اولا ان يقر الزانى بارتكابه الزنا



ثانيا ان يشهد على الزانى اربعة شهود عدول



ثالثا ان توجد المرأه حاملا وهى بغير زوج



اولا الاقرار

-----------



لابد ان يقر الزانى بجريمته اربعه مرات انه قد فعل وللامام ان يعرض عنه ويدع له الفرصه ان يرجع فى اقراره وله ان يعرض له بعدم تكميل الاقرار فاذا اصر على اقراره استوثق الامام منه عن كيفية ارتكابه للزنا لعله لم ياتى بالزنا المستوجب للحد فاذا اقر اقيم عليه الحد







ثانيا شهاده الشهود

-------------------



تعامل الاسلام مع الزنا على قدر خطورته على المجتمع ككل فالزنا جريمه لو حدثت لهدمت اسره ولربما شردت ابناء واو انتشرت لافتتن الناس وضاع ايمانهم فكان التشدد فى شرائط اثبات الزنا مناسبا لخطورته ومناسبا ايضا لحال عقوبته الشرعيه المغلظه فقد اشترط الشرع ان يشهد على من ياتى الزنا اربعه شهود عدول شهادتهم متطابقه وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان الجريمه قد وقعت وان المتهم بها هو من فعلها ولا تصح الشهاده فيما لو أكد ثلاثه من الشهود الواقعه وشك الرابع مجرد شك بسيط



وبمقارنه احكام الزنا فى الشريعه بما جاء فى القانون نجد ان القانون قد قصر التجريم على المراه المتزوجه والرجل المتزوج دون غيرهما ولا يعاقب غير المتزوج الا فى حالة كونهم شركاء فى الجريمه



اما الشريعه الاسلاميه فقد عاقبت المرأه والرجل بما يناسب حالته احصانا او غير احصانا فخففت العقوبه الى الجلد لما كان مرتكب الزنا غير محصن وشددتها للرجم لما كان محصنا فناسب الفعل الحد وناسب حال مرتكب الجريمه



القانون قد فرق بين الرجل والمرأه فى العقوبه فالرجل الزانى يعاقب بالحبس مده لا تزيد على 6شهوروالمرأه تعاقب بالحبس مده لا تزيد على سنتين .اما الشرع فلم يفرق بين رجل وامرأه فى العقوبه .



القانون اشترط ادلة اثبات اخف واسهل من تلك المقرره شرعا فالقانون لا يشترط مثلا ان تتم مشاهدة المتهم حال ارتكابه للجريمه بل تكفى مشاهدته بحاله تدل على ارتكابها فالقانون يعاقب على مايدل على الجريمه كان يقبض على المتهم فى مكان مغلق يحتضن شريكته مثلا



اما الشرع فيشترط وقوع فعل الوطء ويشترط ان يشاهد المتهم اربعه شهود عدول اثناء ارتكابه لهذا الفعل



القانون ربط ايقاع العقوبه بشكوى احد الزوجين



اما الشرع فلم يجعل يد الامام مغلوله عن ايقاع الحد اذا توافرت شرائطه.



مكتب /محمد جابر عيسى المحامى
        والمستشارالقانوني














تعليقات
دراسة هامة عن الخلع




موجز الدراسة



الخلع قانوناً هو دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه ولم يكن من سبيل لإستمرار الحياة الزوجية وخشيت ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، والخلع يقتضى إفتداء الزوجة لنفسها برد مهرها وتنازلها عن جميع حقوقها الشرعية.





الحكمة من تقرير نظام الخلع



المودة والرحمة هما الأساس الذى أرتضاه رب العزة للعلاقة الزوجية قال تعالى "وجعل بينكم مودة ورحمة"، والمودة والرحمة هما حسن المعاشرة، فيعلم كل طرف ما عليه من واجبات فيؤديها للطرف الآخر فتمضى حياة الزوجية سعيدة هنيئة، إلا أنه قد يحدث ما يزيل هذه المودة وقد يستتبعها زوال الرحمة بأن تكره الزوجة زوجها أو يكره الزوج زوجته، فتصير الحياة جحيماً لا يطاق وناراً لا تهداء وقد لا تفلح دواعى الإصلاح ولا تجدى ومن ثم لا يكون هناك مفر من إنهاء العلاقة الزوجية.



وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب الرجل فقد خوله الشرع مكنة إنهاء العلاقة الزوجية بإيقاع الطلاق، وحينئذ يكون ملزماً بكل ما ترتب علي الزواج من آثار مالية، وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب المرأة فقد خولها الشرع امكانية الخلع ومقتضاها أنها تفتدى نفسها وخلاصها بأن تؤدى للزوج مادفعه من مقدم مهر وأن تتنازل له عن جميع حقوقها الشرعية والمالية من مؤخر صداق ونفقة المتعة ونفقة العدة، وامكانية الخلع للزوجة ليست بإرادتها المنفردة فإما أن تتراضى مع زوجها على الخلع أو بإقامتها لدعوى الخلع.



فالخلع يؤدى إلى تطليق يسترد به الزوج ما دفعه، ويرفع عن كاهله عبء أداء أى من الحقوق المالية الشرعية للزوجة من بعد ذلك، فيزول عنه بذلك أى ضرر، مما يجعل إمساكه للزوجة بعد أن تقرر مخالعته إضراراً خالصاً بها، والقاعدة الشرعية لا ضرر ولاضرار.



كما أن الخلع يعفى الزوجة إن ضاق بها الحال من إشاعة أسرار حياتها الزوجية وقد يحول الحياء بينهما وبين أن تفعل وقد تكون قادرة على أن تفعل ولكنها تأبى لانها ترى فى هذه الأسرار ما يؤذى أولادها فى أبيهم، وخاصة حين يسجل ما تبوح به فى أحكام قضائية وكل ذلك مع تقرير الأصل الشرعى فى الخلع وهو التراضى عليه بين الزوجين طبقاً لأحكام المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بحسب أن الحكم بالخلع نوع من الطلاق بعد إقرار الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة الزوجية وانه لا سبيل لإستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، وذلك هو ظاهر الآية الكريمة يقول تعالى "ولا يحل لكم أن تاخذوا مما أتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيم حدود الله، فإن خفتم ألا يقيم حدود الله فلا جناح عليهما فيما أفتدت به".





ويشترط قانوناً للحكم بالتطليق خلعاً:



1. أن تبغض الزوجة الحياة مع زوجها ولم يكن من سبيل لإستمرار الحياة الزوجية، وأن تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.

2. أن تفتدى الزوجة نفسها بأن ترد لزوجها المهر الذى أعطاه لها وتتنازل عن جميع حقوقها الشرعية من مؤخر صداق ونفقة متعة ونفقة عدة.

3. ألا تفلح المحكمة فى إنهاء الدعوى صلحاً سواء بنفسها أو بالحكمين اللذين تندبهما المحكمة لهذه المهمة.

4. أن تقرر الزوجة صراحة ـ أمام المحكمة ـ أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لإستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.





الأساس القانونى للخلع



المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م هى الأساس القانونى لنظام الخلع، فبموجب هذه المادة تقرر نظام الخلع كأساس قانونى صحيح وقد سبق وأن أورد المشرع ذكره فى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فى موضوعين هما المادتين 6، 24 إلا أنه لم يعين فى تنظيم تشريعى يبين كيفية تطبيقه وكذا فقد ألغى المشرع لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بموجب القانون رقم 1 لسنة 2000م.



وقد أحال نص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م إلى نص المادة 18 فقرة 2 والمادة 19 فقرة 1، 2 من ذات القانون فى خصوص تعيين الحكمين وسماع أقوالهم.





التراضى



الأصل أن يتراضى الزوجان على الخلع، فيقع الخلع بالإتفاق وهو ما أشارت إلية المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000، وإذا رفض الزوج إتمام الخلع يكون للزوجة إقامة دعوى الخلع بطلب أمام المحكمة المختصة، وتقام الدعوى وفقاً لقواعد قانون المرافعات.





أسباب الخلع



ولا يلزم إيراد بصحيفة الدعوى أسباب الزوجة فى طلب الخلع بإيراد الوقائع المؤدية إلى إحداث الضرر الموجب للخلع فيكفى فقط إيراد أنها تبغض الحياة الزوجية وأنه لا سبيل لإستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله تعالى، فالمحكمة التى تنظر دعوى الخلع لا تبحث فى أسباب قانونية أو شرعية معينة أو أضرار محدودة، حيث ينحصر فى محاولة الصلح بين الزوجين فإن أخفقت وتوافرت شروط الخلع حكمت به.





الطلبات



طلبات الزوجة فى الدعوى إنهاء العلاقة الزوجية خلعاً بتطليقها من زوجها المدعى عليه فتؤدى للزوج ما دفعه من مقدم صداق وتتنازل عن حقوقها المالية الشرعية ولقاء ذلك تطلب إنهاء العلاقة الزوجية خلعاً.





عرض المهر



وتقوم الزوجة بعرض مقدم المهر الذى قبضته من زوجها وتتنازل عن جميع حقوقها المالية وهى أولى الإجراءات الخاصة بنظر دعوى الخلع، والمهر هنا يقصد به المسمى بالعقد، ولكن إذا دفع الزوج أكثر منه قضت المحكمة برد الزوجة القدر المسمى والثابت بوثيقة الزواج، وإنفتح الطريق للزوج أن يطالب بما يدعيه بدعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة.



أما هدايا الخطبة ومنها الشبكة والهبات ليست جزءاً من المهر، وبالتالى لا تلتزم الزوجة بردها وتخضع المطالبة بها لأحكام القانون المدنى بإعتبارها من الهبات وليست من مسائل الأحوال الشخصية، وكذلك منقولات الزوجية ليست جزء من المهر حتى تلتزم الزوجة بردها.



ورد الزوجة للمهر أو مقدم الصداق يتم بالعرض القانونى أمام المحكمة ويثبت ذلك بالجلسات أو بإنذار على يد محضر.





التنازل عن حقوق المالية والشرعية



والإقرار بالمخالعة بتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية والشرعية وهى مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة إضافة إلى ردها مقدم الصداق الذى أخذته من الزوج، ويكون هذا الإقرار قبل الفصل فى الدعوى والغالب الإقرار بالتنازل أمام محكمة الموضوع ويثبت بمحضر الجلسة وتوقع عليه الزوجة كإجراء إضافى كما يجوز أن تتضمن صحيفة الدعوى هذا الإقرار، على أنه لا يجوز أن يكون الخلع مقابل إسقاط حضانة الصغار أو نفقتهم أو أى حق من حقوقهم.





عرض الصلح



يجب على المحكمة أن تتدخل لإنهاء النزاع بين الزوجين صلحاً، ويجب أن يثت تدخل المحكمة للصلح بين الزوجين بمحاضر جلسات على إعتبار أن هذا الإلزام متعلق بالنظام العام كما يجب على المحكمة أن تثبت فى إسباب حكمها أنها عرضت الصلح على الزوجين وإذا كان للزوجين ولد أو بنت وإن تعددوا تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين بينهما خلال مدة لا تقل عن ثلاثتين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً لمحاولة لم شتات الاسرة.





ندب الحكمين



ينحصر دور الحكمين فى دعوى التطليق خلعاً فى محاولة الصلح بين الزوجين وصولاً إلى إنهاء دعوى الخلع صلحاً، وعلى ذلك فإن دور الحكمين لا يتطرق غلى تحديد مسئولية اى من الزوجين عن إنهيار حياتهما الزوجية، ومرد ذلك أن دعوى الخلع لا تستند إلى خطأ أو ضرر أحدثه الزوج بزوجته، بل أساسه البغض النفسى للزوج ورغبة الزوجة فى إنهاء الحياة الزوجية.



ويجب على الحكمين أن ينهيا دورهما فى محاولة الصلح بين الزوجين فى خلال مدة زمنية لا تجاوز ثلاثة شهور وذلك لإنهاء دعاوى الخلع فى مدة قصيرة حرصاً على صالح الزوجين وحرصاً على صالح الصغار والطبيعة الخاصة بدعوى الخلع.





إقرار الزوجة ببغضها الحياة مع الزوج



هذا الإقرار هو آخر مراحل تحقيق دعوى الخلع أمام محكمة الموضوع وهى آخر الإجراءات التى تباشرها المحكمة قبل حجز الدعوى للحكم، ويجب أن يكون هذا الإقرار صريحاً ومقياداً بعبارات محددة تقطع بذاتها الدلالة على كراهية الزوجة للحياة وإستحالة العشرة وهذا الإجراء هو تنبيه للزوجة إلى خطورة ما تصر على طلبه.





حجز الدعوى للحكم



متى إستوفت المحكمة جميع الإجراءات أو المراحل السابقة فإنها تقرر حجز الدعوى للحكم فيها.



ولا مفر من الحكم بالتطليق خلعاً، متى توافرت شروط الحكم بالخلع ولو ترسخ فى عقيدة المحكمة ووجدانها أن الزوج المدعى عليه لم يخطىء ولم يصيب زوجته بأى ضرر أو أذى، وكأن دعوى التطليق خلعاً دعوى إجرائية ينحصر دور المحكمة فيها فى إثبات عناصره، فالزوجة متى ردت للزوج ما دفعه لها من مهر وتنازلت عن جميع حقوقها الشرعية والمالية له ورفضت الصلح الذى تعرضه المحكمة ومحاولات الصلح التى يقوم بها الحكمان، ضمنت الحكم بالتطليق خلعاً.





عدم قابلية الحكم للطعن



وبناء على ما سبق إيراده فى وقائع الدعوى كان من المنطقى أن يكون الحكم الصادر بالتطليق غير قابل للطعن عليه بأى طريق من طرق الطعن سواء بالإستئناف أو النقض، لأن فتح باب الطعن فى هذه الحالة لا يفيد إلا فى تمكين من يريد الكيد بزوجته من إبقائها معلقة أثناء مراحل التقاضى التالية لسنوات طويلة دون مسئولية عليه حيالها وبعد أن رفع أى عبء مالى كأثر لتطليقها.





آثار دعوى الخلع على وثيقة الزواج الجديدة



حق الزوجة فى إنهاء الحياة الزوجية برفع دعوى التطليق خلعاً، وإلتزامها برد مقدم المهر الذى أعطاه لها زوجها دون رد باقى ما أخذته من الزوج، دفع بعض الأزواج للنص فى وثيقة الزواج على مقدم صداق كبير يسترد هذا المبلغ إذا أرادت الزوجة إنهاء حياته الزوجية، وهو ما أدى إلى إرتفاع تكاليف الزواج لاداء الزوج مبلغ مالى أكبر كمصاريف توثيق لقاء إثبات مهر أكبر.





الزوجة غير المدخول بها



التطليق خلعاً حق للمرأة المتزوجة سواء مدخول بها أو غير مدخول بها وذلك لأن البغض إستحالة العشرة لا يشترط فيه الدخول فهو متصور قبل الدخول وبعده.





منزل الزوجية



متى قضى بالتطليق خلعاً فيجب على الزوجة المخلوعة أن تغادر منزل الزوجية وبقاء الزوجة المختلعة بمنزل الزوجية يرتبط بكونها حاضنة أم لا وتطبق الأحكام الخاصة بالحضانة ومسكن الحاضنة.

التوقيع



مكتب /محمد جابر عيسى المحامى
        والمستشارالقانوني














تعليقات
استعرض مؤتمر "ادعموا حق الأقباط فى الطلاق الذى استضافه مركز للقانون والذى عقد صباح اليوم عددا من الحالات التى ترغب فى الطلاق ولا تمنحها الكنيسة هذا الحق، وعرض المؤتمر تسجيلا صوتيا لسيدة ترغب فى الطلاق وتدعى "إ" أكدت أن زوجها شاذ ولديه ميول جنسية نحو الذكور ومع ذلك لم تمنحها الكنيسة حق الطلاق.




وذكرت حالة أخرى أن زوجها كان يعانى من الضعف الجنسى وإنها وقفت إلى جواره حتى علاجه والإنجاب منه إلا أنه بعد ذلك تعمد إذلالها وضربها وإهانتها ومنذ 10 سنوات لم تستطع الحصول على حكم بالطلاق.



وقدم الأخصائى النفسى ورقة عن تأثير منع طلاق الأقباط على الأطفال أكد فيها أن الأطفال هم أول المتضررين من الحياة داخل زواج ملىء بالنزاعات مشيرا إلى أن الدراسات العلمية فى هذا المجال أثبتت أن الأطفال الذين يعيشون فى أسر مليئة بالنزاعات يتعرضون للإصابة باضطرابات نفسية وسلوكية مثل الاكتئاب والقلق والإدمان وغيرها من الاضطرابات السلوكية لأن الطفل الذى يحيا فى بيئة مسيئة يحتاج إلى تكيف معها وينمو بداخلها وهو ما يعتبر مهمة شبه مستحيلة فهو يحتاج أن يتعلم الثقة من أشخاص يصعب عليه أن يثق به ويحتاج إلى أن يشعر بالأمان فى مناخ ملئ بالخوف.



ومن جانبه قدم الناشط الحقوقى قراءة لمشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين الذى أعدته اللجنة القانونية المشكلة من كافة الطوائف المسيحية وأكد أن القانون "مهلهل" ويتعارض مع القانون المصرى الموحد للأحوال الشخصية والقانون المدنى المصرى ومجرد إقراره بهذه الصورة سيضع مخالفات دستورية لن تنتهى إلا بإقرار عدم دستوريته.



وأضاف مشروع القانون أغفل تماما الدولة ووزارة العدل ومصلحة الأحوال المدنية وضمنيا سحب هذا القانون صفة موثق العقد من وزارة العدل لتصبح تحت سلطة الكنيسة وحدها مع إغفال تسجيل العقود فى مصلحة الأحوال المدنية.



ووصف مشروع القانون بالذراع الأخطبوطية التى تزيد من عزلة الشعب المسيحى عن الشارع بل وتسحب أغلب اختصاصات القضاء والمحاكم المصرية لتصبح خاضعة لسلطة الكنيسة، على حد قوله.



أما القس راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف بشبرا فأكد أن الزواج ليس سرا من أسرار الكنيسة كما يقال مشيرا إلى أن السيد المسيح لم يقم مراسم لتزويج أحد من حوارييه أو أبنائهم وقال "الزواج أصبح سرا من أسرار الكنيسة منذ 100 سنة فقط، وأن كلمة "سر" لم يعرفها التاريخ إلا فى القرن الـ16 فقط.



وأضاف" الكتاب المقدس نفسه لم يقل إن الزواج سرا من الأسرار السبعة مشيرا إلى أن الأزمة تكمن فى أن الكنيسة الأرثوذكسية تعتبر أن الزواج خارجها "زنا" رغم أن الرسل فى الكنيسة الأولى لم يعتبروا الزواج خارجها "زنا".



واختتم المؤتمر بالمطالبة بقانون أحوال شخصية موحد مدنى لكل المصريين يكفل لأى شخص أن يتزوج زواجا مدنيا إذا أراد وقانون آخر لزواج دينى إذا ما رغب الشخص فى ذلك.






مكتب /محمد جابر عيسى المحامى
        والمستشارالقانوني











تعليقات









الخلع فى القانون المصرى





الخلع

قانوناً هو دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه ولم يكن من

سبيل لإستمرار الحياة الزوجية وخشيت ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض،

والخلع يقتضى إفتداء الزوجة لنفسها برد مهرها وتنازلها عن جميع حقوقها

الشرعية.





الحكمة من تقرير نظام الخلع



المودة

والرحمة هما الأساس الذى أرتضاه رب العزة للعلاقة الزوجية قال تعالى "وجعل

بينكم مودة ورحمة"، والمودة والرحمة هما حسن المعاشرة، فيعلم كل طرف ما

عليه من واجبات فيؤديها للطرف الآخر فتمضى حياة الزوجية سعيدة هنيئة، إلا

أنه قد يحدث ما يزيل هذه المودة وقد يستتبعها زوال الرحمة بأن تكره الزوجة

زوجها أو يكره الزوج زوجته، فتصير الحياة جحيماً لا يطاق وناراً لا تهداء

وقد لا تفلح دواعى الإصلاح ولا تجدى ومن ثم لا يكون هناك مفر من إنهاء

العلاقة الزوجية.



وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب الرجل فقد

خوله الشرع مكنة إنهاء العلاقة الزوجية بإيقاع الطلاق، وحينئذ يكون ملزماً

بكل ما ترتب علي الزواج من آثار مالية، وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب

المرأة فقد خولها الشرع امكانية الخلع ومقتضاها أنها تفتدى نفسها وخلاصها

بأن تؤدى للزوج مادفعه من مقدم مهر وأن تتنازل له عن جميع حقوقها الشرعية

والمالية من مؤخر صداق ونفقة المتعة ونفقة العدة، وامكانية الخلع للزوجة

ليست بإرادتها المنفردة فإما أن تتراضى مع زوجها على الخلع أو بإقامتها

لدعوى الخلع.



فالخلع يؤدى إلى تطليق يسترد به الزوج ما دفعه،

ويرفع عن كاهله عبء أداء أى من الحقوق المالية الشرعية للزوجة من بعد ذلك،

فيزول عنه بذلك أى ضرر، مما يجعل إمساكه للزوجة بعد أن تقرر مخالعته

إضراراً خالصاً بها، والقاعدة الشرعية لا ضرر ولاضرار.



كما أن

الخلع يعفى الزوجة إن ضاق بها الحال من إشاعة أسرار حياتها الزوجية وقد

يحول الحياء بينهما وبين أن تفعل وقد تكون قادرة على أن تفعل ولكنها تأبى

لانها ترى فى هذه الأسرار ما يؤذى أولادها فى أبيهم، وخاصة حين يسجل ما

تبوح به فى أحكام قضائية وكل ذلك مع تقرير الأصل الشرعى فى الخلع وهو

التراضى عليه بين الزوجين طبقاً لأحكام المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة

2000 بحسب أن الحكم بالخلع نوع من الطلاق بعد إقرار الزوجة صراحة أنها

تبغض الحياة الزوجية وانه لا سبيل لإستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى

ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، وذلك هو ظاهر الآية الكريمة يقول

تعالى "ولا يحل لكم أن تاخذوا مما أتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيم

حدود الله، فإن خفتم ألا يقيم حدود الله فلا جناح عليهما فيما أفتدت به".





ويشترط قانوناً للحكم بالتطليق خلعاً:



1. أن تبغض الزوجة الحياة مع زوجها ولم يكن من سبيل لإستمرار الحياة الزوجية، وأن تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.

2. أن تفتدى الزوجة نفسها بأن ترد لزوجها المهر الذى أعطاه لها وتتنازل عن جميع حقوقها الشرعية من مؤخر صداق ونفقة متعة ونفقة عدة.

3. ألا تفلح المحكمة فى إنهاء الدعوى صلحاً سواء بنفسها أو بالحكمين اللذين تندبهما المحكمة لهذه المهمة.

4.

أن تقرر الزوجة صراحة ـ أمام المحكمة ـ أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا

سبيل لإستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا

البغض.





الأساس القانونى للخلع



المادة

20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م هى الأساس القانونى لنظام الخلع، فبموجب

هذه المادة تقرر نظام الخلع كأساس قانونى صحيح وقد سبق وأن أورد المشرع

ذكره فى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فى موضوعين هما المادتين 6، 24 إلا

أنه لم يعين فى تنظيم تشريعى يبين كيفية تطبيقه وكذا فقد ألغى المشرع

لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بموجب القانون رقم 1 لسنة 2000م.



وقد

أحال نص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م إلى نص المادة 18 فقرة 2

والمادة 19 فقرة 1، 2 من ذات القانون فى خصوص تعيين الحكمين وسماع أقوالهم.





التراضى



الأصل

أن يتراضى الزوجان على الخلع، فيقع الخلع بالإتفاق وهو ما أشارت إلية

المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000، وإذا رفض الزوج إتمام الخلع يكون

للزوجة إقامة دعوى الخلع بطلب أمام المحكمة المختصة، وتقام الدعوى وفقاً

لقواعد قانون المرافعات.





أسباب الخلع












   ولا




     يلزم إيراد بصحيفة الدعوى أسباب الزوجة فى طلب الخلع بإيراد الوقائع

المؤدية إلى إحداث الضرر الموجب للخلع فيكفى فقط إيراد أنها تبغض الحياة

الزوجية وأنه لا سبيل لإستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود

الله تعالى، فالمحكمة التى تنظر دعوى الخلع لا تبحث فى أسباب قانونية أو

شرعية معينة أو أضرار محدودة، حيث ينحصر فى محاولة الصلح بين الزوجين فإن

أخفقت وتوافرت شروط الخلع حكمت به.





الطلبات



طلبات

الزوجة فى الدعوى إنهاء العلاقة الزوجية خلعاً بتطليقها من زوجها المدعى

عليه فتؤدى للزوج ما دفعه من مقدم صداق وتتنازل عن حقوقها المالية الشرعية

ولقاء ذلك تطلب إنهاء العلاقة الزوجية خلعاً.





عرض المهر



وتقوم

الزوجة بعرض مقدم المهر الذى قبضته من زوجها وتتنازل عن جميع حقوقها

المالية وهى أولى الإجراءات الخاصة بنظر دعوى الخلع، والمهر هنا يقصد به

المسمى بالعقد، ولكن إذا دفع الزوج أكثر منه قضت المحكمة برد الزوجة القدر

المسمى والثابت بوثيقة الزواج، وإنفتح الطريق للزوج أن يطالب بما يدعيه

بدعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة.



أما هدايا الخطبة ومنها

الشبكة والهبات ليست جزءاً من المهر، وبالتالى لا تلتزم الزوجة بردها

وتخضع المطالبة بها لأحكام القانون المدنى بإعتبارها من الهبات وليست من

مسائل الأحوال الشخصية، وكذلك منقولات الزوجية ليست جزء من المهر حتى

تلتزم الزوجة بردها.



ورد الزوجة للمهر أو مقدم الصداق يتم بالعرض القانونى أمام المحكمة ويثبت ذلك بالجلسات أو بإنذار على يد محضر.





التنازل عن حقوق المالية والشرعية



والإقرار

بالمخالعة بتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية والشرعية وهى مؤخر الصداق

ونفقة العدة ونفقة المتعة إضافة إلى ردها مقدم الصداق الذى أخذته من

الزوج، ويكون هذا الإقرار قبل الفصل فى الدعوى والغالب الإقرار بالتنازل

أمام محكمة الموضوع ويثبت بمحضر الجلسة وتوقع عليه الزوجة كإجراء إضافى

كما يجوز أن تتضمن صحيفة الدعوى هذا الإقرار، على أنه لا يجوز أن يكون

الخلع مقابل إسقاط حضانة الصغار أو نفقتهم أو أى حق من حقوقهم.





عرض الصلح



يجب

على المحكمة أن تتدخل لإنهاء النزاع بين الزوجين صلحاً، ويجب أن يثت تدخل

المحكمة للصلح بين الزوجين بمحاضر جلسات على إعتبار أن هذا الإلزام متعلق

بالنظام العام كما يجب على المحكمة أن تثبت فى إسباب حكمها أنها عرضت

الصلح على الزوجين وإذا كان للزوجين ولد أو بنت وإن تعددوا تلتزم المحكمة

بعرض الصلح مرتين بينهما خلال مدة لا تقل عن ثلاثتين يوماً ولا تزيد عن

ستين يوماً لمحاولة لم شتات الاسرة.





ندب الحكمين



ينحصر

دور الحكمين فى دعوى التطليق خلعاً فى محاولة الصلح بين الزوجين وصولاً

إلى إنهاء دعوى الخلع صلحاً، وعلى ذلك فإن دور الحكمين لا يتطرق غلى تحديد

مسئولية اى من الزوجين عن إنهيار حياتهما الزوجية، ومرد ذلك أن دعوى الخلع

لا تستند إلى خطأ أو ضرر أحدثه الزوج بزوجته، بل أساسه البغض النفسى للزوج

ورغبة الزوجة فى إنهاء الحياة الزوجية.



ويجب على الحكمين أن

ينهيا دورهما فى محاولة الصلح بين الزوجين فى خلال مدة زمنية لا تجاوز

ثلاثة شهور وذلك لإنهاء دعاوى الخلع فى مدة قصيرة حرصاً على صالح الزوجين

وحرصاً على صالح الصغار والطبيعة الخاصة بدعوى الخلع.





إقرار الزوجة ببغضها الحياة مع الزوج



هذا

الإقرار هو آخر مراحل تحقيق دعوى الخلع أمام محكمة الموضوع وهى آخر

الإجراءات التى تباشرها المحكمة قبل حجز الدعوى للحكم، ويجب أن يكون هذا

الإقرار صريحاً ومقياداً بعبارات محددة تقطع بذاتها الدلالة على كراهية

الزوجة للحياة وإستحالة العشرة وهذا الإجراء هو تنبيه للزوجة إلى خطورة ما

تصر على طلبه.





حجز الدعوى للحكم



متى إستوفت المحكمة جميع الإجراءات أو المراحل السابقة فإنها تقرر حجز الدعوى للحكم فيها.



ولا

مفر من الحكم بالتطليق خلعاً، متى توافرت شروط الحكم بالخلع ولو ترسخ فى

عقيدة المحكمة ووجدانها أن الزوج المدعى عليه لم يخطىء ولم يصيب زوجته بأى

ضرر أو أذى، وكأن دعوى التطليق خلعاً دعوى إجرائية ينحصر دور المحكمة فيها

فى إثبات عناصره، فالزوجة متى ردت للزوج ما دفعه لها من مهر وتنازلت عن

جميع حقوقها الشرعية والمالية له ورفضت الصلح الذى تعرضه المحكمة ومحاولات

الصلح التى يقوم بها الحكمان، ضمنت الحكم بالتطليق خلعاً.





عدم قابلية الحكم للطعن



وبناء

على ما سبق إيراده فى وقائع الدعوى كان من المنطقى أن يكون الحكم الصادر

بالتطليق غير قابل للطعن عليه بأى طريق من طرق الطعن سواء بالإستئناف أو

النقض، لأن فتح باب الطعن فى هذه الحالة لا يفيد إلا فى تمكين من يريد

الكيد بزوجته من إبقائها معلقة أثناء مراحل التقاضى التالية لسنوات طويلة

دون مسئولية عليه حيالها وبعد أن رفع أى عبء مالى كأثر لتطليقها.





آثار دعوى الخلع على وثيقة الزواج الجديدة



حق

الزوجة فى إنهاء الحياة الزوجية برفع دعوى التطليق خلعاً، وإلتزامها برد

مقدم المهر الذى أعطاه لها زوجها دون رد باقى ما أخذته من الزوج، دفع بعض

الأزواج للنص فى وثيقة الزواج على مقدم صداق كبير يسترد هذا المبلغ إذا

أرادت الزوجة إنهاء حياته الزوجية، وهو ما أدى إلى إرتفاع تكاليف الزواج

لاداء الزوج مبلغ مالى أكبر كمصاريف توثيق لقاء إثبات مهر أكبر.





الزوجة غير المدخول بها



التطليق

خلعاً حق للمرأة المتزوجة سواء مدخول بها أو غير مدخول بها وذلك لأن البغض

إستحالة العشرة لا يشترط فيه الدخول فهو متصور قبل الدخول وبعده.





منزل الزوجية



متى

قضى بالتطليق خلعاً فيجب على الزوجة المخلوعة أن تغادر منزل الزوجية وبقاء

الزوجة المختلعة بمنزل الزوجية يرتبط بكونها حاضنة أم لا وتطبق الأحكام

الخاصة بالحضانة ومسكن الحاضنة
 
.مكتب /محمد جابر عيسى المحامى
والمستشار والقانوني






















تعليقات



المعالجة القانونية والشرعية للتبني والإقرار بالنسب









"التبني" .. قضية مثارة دائمًا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، والقانون الوضعي عالجها بفلسفته وأسلوبه، وقبله فقد عالجته الشريعة بنظرتها الأشمل والأوسع والأعمق والأعدل.





ففي القانون الوضعي المصري، تتطلب لائحة قانون الأحوال الشخصية الموحد توافر شروط معينة فيمن يريد أن يتبني طفلاً، وتتطلب شروطًا أخرى وضعت لمصلحة الطفل المتبني، وأوجبت ضرورة اتخاذ إجراءات معينة لإتمام التبني.





أولاً: الشروط الواجب توافرها فيمن يريد أن يتبني طفلاً.





نصت المادة 130 من اللائحة على ضرورة أن تتوافر في المتبني الشروط الآتية:

1- أن يكون سنه تجاوز الأربعين عامًا.

2- ألا يكون له أولاد ولا فروع شرعيون وقت التبني.

3- أن يكون حسن السمعة والسيرة.

4- لا يجوز لأحد الزوجين أن يتبنى .. إلا برضا الزوج الآخر.





ثانيًا: الشروط التي اشترط القانون توافرها لمصلحة الطفل المتبنى.





ـ أجاز القانون أن يكون المتبنى ذكرًا أو أنثى.. بالغًا أو قاصرًا..، ولكن بشرط أن يكون أصغر سنًا من المتبني بخمسة عشرة سنه ميلادية. (مادة 131).





ـ ولا يجيز القانون أن يتبني الولد أكثر من شخص، ما لم يكن التبني حاصلاً من زوجين . (مادة 132).

ـ ولا يجيز القانون لأحد الزوجين أن يتبنى إلا برضاء الزوج الآخر.

ـ كما لا يجيز القانون التبني.. إلا إذا وجدت أسباب تبرره وكانت تعود من التبني فائدة على المتبني . (مادة 133).

ـ وإذا كان الولد المراد تبنية قاصرًا.. وكان والداه على قيد الحياة.. فلا يجوز التبني إلا برضاء الوالدين.. فإذا كان أحدهما متوفًّى .. أو غير قادر على إبداء رأيه، فيكفي رضاء الآخر.

ـ وإذا لم يكن للولد ( الطفل) والديْن، أو كان طفل غير شرعي، أو عديم النسب، أو توفى والداه.. فجب موافقة الولي على التبني . (مادة 134 ).





وقد حدد القانون إجراءات التبني.. بأن يحصل التبني بعقد رسمي يحرره المأذون الشرعي بالجهة التي يقيم فيها راغب التبني، ويثبت به حضور الطرفين وقبولهما التبني أمامه ( مادة 136)، فإذا كان الولد المراد تبنية قاصرًا قام والداه أو وليه مقامه.





ويجب على المأذون الشرعي الذي حرر عقد التبني أن يرفعه إلى المحكمة التي يباشر عمله في دائرتها؛ للنظر في التصديق عليه بعد التحقق من الشروط التي يتطلبها القانون، وفي حالة الرفض يجوز لكل من الطرفين استئناف الحكم طبقًا للقواعد العامة. ( مادة 137).





والتبني بهذا الشكل القانوني يخول للمتبنى الحق أن يلقب بلقب المتبني، وذلك بإضافة اللقب إلى اسمه الأصلي (مادة 138).





ويؤكد القانون أن التبني لا يخرج المتبنى من عائلته الأصلية، ولا يحرمه من حقوقه فيها، ومع ذلك يكون للمتبني، وحده، حق تأديب المتبنى وتربيته وحق الموافقة على زواجه إن كان قاصرًا. ( مادة 139).





ويُلزم القانون المتبني بنفقة المتبنى، إن كان فقيرًا، كما أنه يجب على المتبني نفقة المتبنى الفقير، ويبقى المتبني مُلزَمًا بنفقه والديه الأصليين، ولكن والديه لا يلزمان بنفقة إلا إذا لم يمكنه الحصول عليها من المتبني ( مادة 140).





وللمتبني، في القانون المصري، كل حقوق الوالد أو الوالدة في الميراث ( مادة 141)، وللمتبنى أيضًا كل حقوق الابن أو الابنة في الميراث ( مادة 142).





الشريعة والتبني





وأن يجعل الإنسان غير ولده كولده النسبي في الرعاية والتربية فقط دون أن يلحق به نسبة، ولا يكون كأولاده الشرعيين، فهذا عمل خيري إذا دعت إليه عاطفة كريمة كحماية المتبنَّى من الضياع لموت والديه أو غيابهما أو فقرهما مثلاً، أو لإشباع غريزة الأبوة والأمومة عند الحرمان منها بالذرية، ولا مانع منه شرعًا، بل هو مندوب إليه من باب الرحمة والتعاون على الخير.





أما أن يضم الإنسان إليه ولدًا يعرف أنه ابن غيره، وينسبه إلى نفسه نسبة الابن الصحيح، وتثبت له جميع حقوقه، فقد كان معروفًا في الشرائع الوضعية قبل الإسلام، كما عرفه العرب في الجاهلية وظل معترفًا به في الإسلام، وبمقتضاه تبنَّى رسول اللَّـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ زيد بن حارثة، فكان يُدعَى زيد بن محمد، حتى أبطلته الشريعة بعد الهجرة بأربع سنوات أو خمس، وكان زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من زينب بنت جحش مطلقة زيد بن حارثة، تطبيقًا لهذا الإبطال، قال تعالى: {...وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ. ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} ، [سورة الأحزاب: 4، 5].





فالتبني بمعنى استلحاق معروف النسب أو مجهول النسب ونسبته إلى ملحقه مع التصريح من هذا الأخير بأن يتخذه ولدًا له حال أنه ليس بولده حقيقة، فإن التبني بهذا المعنى أمر محرم في الإسلام، كما دلت عليه آية سورة الأحزاب السابقة.





شروط صحة الإقرار بالنسب





والتبني غير الإقرار بالنسب، إذ أن المقر يعترف ببنوة ولد بنوة حقيقية، كالبنوة الثابتة بفراش الزوجية، ولكي يقع الإقرار بالنسب صحيحًا يتعين توافر شروط، هي:





1- أن يكون الولد – ذكرًا أو أنثى – مجهول النسب لا يُعرف له أب، فإن كان معلوم النسب فلا يصح الإقرار به.

2- أن يكون من الممكن أن يولد مثل هذا الولد المقر، فلو كانت سن المقر ثلاثين سنة مثلاً وسن المقر له مثل هذا أو أكثر أو أقل بقدر يسير كان كذب الإقرار ظاهرًا، فلا يثبت به النسب.

3- أن يصدق الولد المقر في إقراره بالنسب إذا كان مميزًا يحسن التعبير عن نفسه، فإذا كذبه وأنكر نسبته إليه، فلا يثبت نسبه منه، وإذا كان الولد لا يحسن التعبير عن نفسه، فإنه يكفي إقرار المقر لثبوت النسب، مع مراعاة الشرطين السابقين.





وخلاصة ما تقدم: أن التبني محرم بنص قاطع في القرآن الكريم، وهو المصدر الأول للأحكام الشرعية الإسلامية، وأن الإقرار بالنسب جائز ويقع صحيحًا بالشروط الموضحة.





وينبغي التفرقة بين التبني وبين الإقرار بالنسب حتى لا يختلط أمرهما، والفرق بينهما واضح من تحديد كل منهما على الوجه السابق بيانه، إذ أن التبني ادّعاء نسب لا وجود له في الواقع، أما الإقرار بالنسب فهو ادّعاء نسب واقع فعلاً، لكنه غير ثابت بمراعاة تلك الشروط.





والإسلام حريص في تشريعه على أن يكون الطفل نتيجة صلة مشروعة هي عقد الزواج بين الرجل والمرأة... وكان من القواعد التشريعية في هذا الصدد قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «الولد للفراش». أي: أنه متى تم عقد الزواج استتبع ثبوت النسب دون حاجة إلى دليل آخر سوى ثبوت التلاقي بين الزوجين مع صلاحيتهما الجنسية، وأن تمضي بين العقد والولادة أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر... كما أن نسب الطفل ثمرة الزنا لا يثبت للأب إلا باعترافه بنسبه، وبشرط ألا يصرح بأنه ابنه من الزنا؛ لأن الشريعة لا تقر هذا النسب بهذا الطريق.







مكتب /محمد جابر عيسى المحامى

              والمستشار والقانوني
























تعليقات
اغتصاب الإناث بين الشريعة الإسلامية والقانون المصري.














 نظراً لانتشار هذا النوع من الجرائم في عصرناً الحاضر بشكل مخيف وما لهذه الجريمة من آثار على الفرد والمجتمع لا نستطيع أن نقول أنها آثار سيئة بل هي ابعد من ذلك بكثير ومهما تحدثناً عن وحشية هذه الجريمة لا نستطيع أن نوصفها بوصف يتماشى مع بشاعة ووحشية هذا الجرم ،فهي من أبشع الجرائم على الإطلاق وان كانت جريمة القتل من اشد الجرائم وصفاً وعقوبة إلا أن جريمة الزنا أو الاغتصاب اشد منها



ويتضح ذلك في أمرين أما الأمر فإن الزاني لا تسمع له شهادة الأمر الآخر فإن العقوبة في القتل يجوز لولى الدم أن يعفو عن القاتل أما في جريمة الزنا فلا يجوز العفو عن الجاني من قبل المجني عليها وبذلك يتضح أمام الجميع أن جريمة الزنا اشد من جريمة القتل في واقعها على الإنسان والمجتمع.



 سوف نعرض للإبعاد الشرعية والقانونية والتطبيقات القضائية التى تحكم وتجرم هذه الجريمة في الشريعة الإسلامية والقانون المصري .



* فإذا تحدثناً عن جريمة الاغتصاب في الشريعة الإسلامية .



فهي صورة من صور الزنا وعلى ذلك فكل شخص فعل الفاحشة بامرأة ليست بزوجته وعاشرها معاشرة الأزواج فهو زاني ويطبق عليهما اى المرأة والرجل حد الزنا إذا توافرت شروطه وأحكامه والتي سنعرض لها فيما بعد ولكن يختلف الأمر في حال ما إذا كانت الواقعة اغتصاب ففي هذه الحالة أصبح الزنا تحت وطأة الإكراه وبدون رضا المرأة وبذلك يدرأ عنها الحد اى لا يطبق الحد على المرأة فى حين يطبق الحد على الغاصب فقط اى الرجل ومن هنا يتضح الفرق فى الشريعة الإسلامية بين الزنا والاغتصاب كأحد صور الزنا .



أما إذا تكلمناً عما تثبت به جريمة الاغتصاب أمام القضاء في الشريعة الإسلامية .



فإن الحديث عن وسائل الإثبات أمام القضاء يطول ولكن سوف نقوم بإيجاز هذا الأمر في أهم النقاط المعمول بها أمام القضاء في حال وقوع هذه الجريمة وما يثبت بها فقد اتفق الفقهاء على إن شهادة الشهود والإقرار هم المعمول بهما ويؤخذ بهم أما الأدلة المختلف فيها بين الفقهاء فهى علم القاضي بالجريمة وظهور الحمل على المرأة فإما الأدلة المتفق عليها فهى :



الدليل الأول شهادة الشهود.



فقد قال تعالى ( واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فأستشهدوا عليهن أربعة منكم )



وقال تعالى أيضا ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانون جلدة )



فمن خلال هذه الآيات الكريمات نجد انه لابد أن يشهد واقعة الزنا أربعة من الرجال كما يشترط في شهادتهم أن تكون معاصرة للحدث منعاً للشك فقد قال تعالى ( وأقيموا الشهادة لله) فإذا لم يتحقق نصاب الشهادة من أربعة رجال يشهدوا واقعة الزنا بأعينهم فلا تكون الواقعة واقعة زنا حتى ولو كان الشهود ثلاثة أو اثنين فلا تثبت التهمة إلا بأربعة شهود وان يكونوا من الرجال.



الدليل الثاني لثبوت جريمة الزنا أو الاغتصاب وهي الإقرار.



لا خلاف بين الفقهاء على أن الاعتراف أو الإقرار من قبل المتهم على نفسه بالجريمة يستوجب تطبيق الحد عليه فقد قال تعالى (يا أيها الذين امنوا كونوا قومين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين) وليس أدل على ذلك مما جاء في السنة المطهرة من إقرار ماعز على نفسه بفعل الزنا وأيضا إقرار الغامدية على نفسها بفعل الزنا للرسول صلى الله عليه وسلم ولا يخفى على احد أن الرسول قام تلميحاً لا تصريحاً لهم بالرجوع عن إقرارهم فقد قال لماعز لعلك قبلت أو لعلك فأخذت لان كل هذا لا يطلق عليه زنا إلا أن ماعز قد أصر على اعترافه وإقراره بفعل الزنا فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم برجمه،وفى هذا الحديث دلالة على أمرين الأمر الأول جواز تلقين المتهم بالرجوع عن اعترافه أما الأمر الثاني فهو لابد من ثبوت المتهم على إقراره أو اعترافه وعدم الرجوع فيه حتى الحكم والتنفيذ عليه .



أما الأدلة التي اختلف فيها الفقهاء فى ثبوت جريمة الزنا فهي علم القاضي بالجريمة وظهور الحمل على المرأة.



أما أولهما فهو علم القاضي بالجريمة فقد يرى الفقهاء الأربعة انه لا يعتد بعلم القاضي في أثبات جريمة الزنا لأنه لا يجوز الإثبات إلا بشهادة الشهود والإقرار فقط كما بينا بالسابق واستندوا فى ذلك أيضا على ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم من انه لم يقضي بعلمه في الجرائم التي عرضت عليه ومن ذلك قصه هلال بن أمية حينما اتهم امرأته وقذفها بالزنا وشكي للرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فقال عليه الصلاة والسلام أن جاءت به اى جنينها كذا من الصفات فهو لزوجها هلال وان جاءت به كذا من الصفات فهو للمقذوف المتهم (شريك بن سمحاء) فجاءت به أي جنينها على الصفة المكروه فقال صلى الله عليه وسلام لولا كتاب الله لكان لى ولها شأن ولم يرجمها ولم يعمل بعلمه في هذه الواقعة وفى هذا دليلاً قاطع على انه لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه في جريمة الزنا .



أما الدليل الثاني وهو ظهور الحمل على المرآة وهذا أيضا محل خلاف إلا انه يأخذ بهذا الدليل كدليل لثبوت جريمة الزنا ويدرأ عن المرأة الحد اى لا يطبق عليها فى هذه الحالة إذا أقامت الزوجة البينة على أن الحمل من زوجها أو أن تقيم البينة على أن هذا الحمل كان نتيجة أكراه اى الاغتصاب وبذلك اخذ الحنابلة وسيدناً عمر وعثمان وعلى واعتبروا الحمل قرينة على الزنا.



*أما عن الأدلة التي تثبت بها جريمة الاغتصاب فى القانون المصري:



تثبت جريمة الزنا في القانون المصري بالتلبس اى القبض على المتهم والمجني عليها في حالة تقطع بحصول الزنا .



الأمر الآخر أو الدليل الثاني فهو شهادة الشهود غير انه لابد من تحليف الشاهد في مجلس القضاء قبل أن يدلى بشهادته أمام القضاء .



الدليل الثالث هو الاعتراف أو الإقرار يشترط في الإقرار أن يكون صريحاً وليس غامضاً وان يكون مختاراً ومدركاً لآثار هذا الاعتراف وان يكون صادراً عن أرادة حرة ومستقره دون أكراه أو ضغط .



وما نود أن ننوه عنه في هذا الشأن أن هذه الشروط هي شروط عامه في القانون المصري ولكن إذا تكلمناً عن الواقع العملي بشكل عام وجريمة الاغتصاب بشكل خاص في القضاء المصري فهي تثبت بكافة طرق الإثبات بجانب هذه الطرق سالفة البيان ولكن إذا لم تستطيع المجني عليها أن يشهد لها احد بواقعه الاغتصاب ولم يضبط الجاني متلبساً ففي هذه الحالة وفور توجه المجني عليها إلى الشرطة ومن ثم النيابة العامة فتأمر مباشرة اى النيابة العامة بعرض المجني عليها على الطب الشرعي ولكن لابد إن يكون ذلك خلال ثمانية وأربعون ساعة من الواقعة حتى لا تزول أثار الفعل وهذا هو المتبع في كافة جرائم الاغتصاب خاصة وجرائم العرض المتنوعة بشكل عام من هتك عرض وغيرها .



*عقوبة جريمة الزنا (الاغتصاب ) فى الشريعة الإسلامية .



لقد تدرجت عقوبة الزنا ومرت بعدة مراحل لتشريع عقوبته سنذكرها بإيجاز .



فقد كان الزنا منتشر في الجاهلية ومألوف ولا عقوبة عليه وكان للنساء رايات تعلق على بيوتهن لتعرف بها المنازل التي تمارس هذا الفعل وكان المعسر الذي لا يجد مالاً ليسدد به دينه لان كان غالباً دين من المرابين اى المتعاملين بالربا يقوم بإكراه بناته على ممارسة الدعارة الزنا مقابل المال لكى يستطيع الوفاء بدين الدائن المرابى ولذلك نزلت الآية الكريمة ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء أن أردن تحصناً) وهذه الآية كانت بمثابة تمهيد لنزول أول آيات لعقوبة الزنا .



المرحلة الأولى لعقوبة الزنا فى الإسلام .



قال تعالى ( اللاتى يأتين من نسائكم الفاحشة فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً )



فعقوبة الحبس فى البيوت كانت أول عقوبة في الإسلام لمن تمارس هذه الرذيلة .



المرحلة الثانية .أما المرحلة الثانية لعقوبة الزنا فقد قال تعالى ( واللذان يأتيانها منكم فأذهما ) ويري أهل العلم أن هذه الآية نزلت في عقوبة الرجال والآية الأولى نزلت فى عقوبة النساء والمقصود بهذه الآية هو التوبيخ والضرب بالنعال كما قال ابن عباس .



المرحلة الثالثة .فقال تعالى ( والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)وهذه العقوبة هى العقوبة الأخير والتى استقر العمل بها وتختلف هنا العقوبة من المتزوج اى المحصن ،وبين البكر اى غير المحصن فالمتزوج المحصن تكون عقوبته الرجم حتى الموت أما البكر اى غير المحصن اى غير المتزوج فعقوبته الجلد مائة جلده .



والسؤال الذي يثور هنا في زهن الجميع أنه قد يتصور البعض أن هذه العقوبات هي عقوبة الزاني أو الزانية ولكن ما هي العقوبة فى حال الاغتصاب ؟



وللإجابة نقول وكما ذكرنا في البداية أن الاغتصاب في الشريعة الإسلامية هو احد صور جريمة الزنا ولكن ما يختلف هنا انه في جريمة الاغتصاب يدرأ اى لا يطبق على المرأة المجني عليها الحد بينما يطبق الحد على الجاني في حال ثبوت الجريمة عليه بالأدلة التي سبق ذكرها من أربعة شهود أو إقرار الجاني بوقوع هذا الفعل .وهنا يثور تسأل آخر فعلى فرض أن الجاني لم يقر بفعله ولم يكن هناك أربعة شهود على واقعة الاغتصاب ماذا تفعل المرأة تجاه هذه الجريمة البشعة ؟



وللإجابة على هذا السؤال فإنه من الواقع العملي فقد عرضت علينا قضية بهذا الشكل خطف أمرأة واغتصابها وتصويرها بكاميرا فيديو وقد تم الحكم فيها بالتعزير بالسجن سبع سنوات والجلد .



ولتفسير ذلك فان للقاضي الحق في تعزير الجاني إذا لم تتوافر لدية أدلة ثبوت الزنا فى حين توفرت لديه قرائن ضد الجاني تجزم بوقوع الجريمة ومن القرائن التي تثبت بها الجريمة على سبيل المثال لا الحصر التصوير أو تقارير طبية أو ضبط الواقعة في حالة تلبس كل ذلك يجعل القاضي مطمئن إلى حكمة ويقوم بتعزير الجانى بما يشاء حسب درجه الجرم وظروف الواقعة .



* عقوبة جريمة الاغتصاب في القانون المصري .



فقد نصت المادة 267 من قانون العقوبات على انه ( من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة)



فقد أقر المشرع المصري عقوبة الأشغال الشاقة لجريمة الاغتصاب أما إذا اقترنت جريمة الاغتصاب بجريمة أو جرائم أخري مثل الخطف الأنثى واستعمال السلاح فقد تصل العقوبة إلى الإعدام وخير شاهد على ذلك جريمة الاغتصاب التى شاهدتها محافظة كفر الشيخ والتي تم الحكم فيها بالإعدام على إحدى عشر متهماً شارك في هذه الجريمة والتي اقترنت بأكثر من ظرف مشدد للعقوبة من خطف وتهديد بالسلاح وحالة المرأة المغتصبة والتي كانت تعانى من الآلام تبعات الولادة التى لم تتعدى أسابيع من الواقعة فقد تمت ولادتها ولادة قيصرية اى عملية جراحية بشق فى البطن ، فقد اجتمعت عدة ظروف مشددة جعلت المحكمة لا تأخذها الرأفة معهم مع اجتماع كافة الأدلة على المتهمين من تلبس بالواقعة وتقارير طبية تجزم بوقوع الجرم ،ونرى أن هذا الحكم هو حكم تاريخي في القضاء المصري ونحى القضاة الذين أصدروا هذا الحكم فما هو إلا تطبيق حي للأحكام الشريعة الإسلامية فى جزاء الذين يفسدون فى الأرض فانه يحمل في طياته أصلا شرعاً وهو القياس على حد الحرابة في الشريعة الإسلامية .



ومهما تكلمناً عن هذه الجريمة وآثارها على الفرد والمجتمع ومهما وصلت العقوبات التي تردع هذا الجرم فهي لا تمثل إلا القليل الذي لا يتناسب مع هذه الجريمة وفاعلها الذي لا ينطبق عليه اى وصف من مخلوقات الله عز وجل سواء كان إنسانا أو حيواناً ونسأل الله العفو والعافية وان يهدى الجميع إلى ما فيه ما يحب ويرضى .



مع تحياتى وتقديري،،،


مكتب /محمد جابر عيسى المحامى


 والمستشار والقانوني




تعليقات
موقف القانون المصرى من تبنى مصرى مسلم لأجنبى






الموضوع (1221) موقف القانون المصرى من تبنى مصرى مسلم لأجنبى.



المفتى : فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق.



صفر 1400 هجرية - 20 صفر 1979 م.



المبادئ:



1 - التبنى محرم بنص قاطع من القرآن الكريم والإقرار بالنسب جائز ويقع



صحيحا بشروطه.



2 - النسب فى الإسلام من حقوق الله تعالى التى تقابل التعبير القانونى



الآن (النظام العام).



3 - القانون المصرى للأحوال الشخصية لا يجيز التبنى ولا يقره ويعتبره



منعدما إذا صدر من شخص تحكمه قواعده.



سئل : من السيد المستشار وكيل وزارة العدل.



لشئون مكتب الوزير. بالكتاب الرقيم 1589 - ع ه المؤرخ 15/12/1979



المقيد برقم 383 لسنة 1979.



وعلى الصورة الضوئية لكتاب الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية.



وعلى الصورة الضوئية لكتاب الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية رقم 13209



ملف 180/103/1 - والمؤرخ 82/11/1979 المتضمن أن السفارة المصرية



فى بون قد طلبت بكتابها المحرر فى 16/11/1979 رقم 452 موافاتها



بالرأى نحو موقف القانون المصرى من تبنى مواطن مصرى مسلم لشخص



بالغ ألمانى هو فى الحقيقة ابن لزوجته من زواج سابق، وفى حالة إمكان



ذلك نرجو الإفادة بالإجراءات التى يمكن اتباعها.



أجاب : إن التبنى بمعنى استلحاق معروف النسب أو مجهول النسب ونسبته



إلى ملحقه مع التصريح من هذا الأخير بأنه يتخذه ولدا له حال أنه ليس



بولد له حقيقة - وأن التبنى بهذا المعنى - أمر محرم فى الإسلام ثبت تحريمه



وإبطاله بقول الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم { وما جعل أدعياءكم



أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.



ادعوهم لآباءهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى



الدين ومواليكم } الأحزاب 4 ، 5 ، والتبنى غير الاقرار بالنسب.



إذ أن المقر يعترف ببنوة ولد مخلوق من مائه بنوة حقيقية كالبنوة الثابتة



بفراش الزوجية.



ولكى يقع الإقرار بالنسب صحيحا يتعين توافر شروط هى : 1 - أن يكون



الولد (ذكرا كان أو أنثى) مجهول النسب، لا يعرف له أب، فإن كان معلوم



النسب فلا يصح الإقرار به.



2 - أن يكون من الممكن أن يولد مثل هذا الولد للمقر، فلو كانت سن المقر



ثلاثين سنة مثلا وسن المقر له بمثل هذا أو أكثر أو أقل بقدر يسير كان



كذب الإقرار ظاهرا فلا ثبت به النسب.



3 - أن يصدق الولد المقر فى إقراره بالنسب إذا كان مميزا يحسن التعبير



عن نفسه، فإذا كذبه وأنكر نسبته إليه فلا يثبت نسبه منه، وإذا كان الولد



لا يحسن التعبير عن نفسه فإنه يكفى إقرار المقر لثبوت النسب مع مراعاة



الشرطين السابقين.



وخلاصة ما تقدم ان التبنى محرم بنص قاطع فى القرآن الكريم وهو المصدر



الأول للأحكام الشرعية الإسلامية، وان الإقرار بالنسب حائز ويقع صحيحا



بالشروط الموضحة.



وينبغى التفرقة بين التبنى وبين الإقرار بالنسب حتى لا يختلط أمرها والفرق



بينهما واضح من تحديد كل منهما على الوجه السابق بيانه، إذ أن التبنى



ادعاء نسب لا وجود له فى الواقع، أما الإقرار بالنسب هو ادعاء نسب



واقع فعلا لكنه غير ثابت بمراعاة تلك الشروط.



وإذ كان ما تقدم وكان النسب فى الإسلام من حقوق الله تعالى التى تقابل



التعبير القانونى الآن - النظام العام - وكانت مسائله ومنها التبنى محكومة



بالقواعد المبينة فى المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم



بقانون رقم 78 لسنة 1931 والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة



1955 وهى أرجح الأقوال فى فقه مذهب أبى حنيفة، وكان فقه هذا المذهب



بالإضافة إلى فقه جميع الذاهب الإسلامية يحرم التبنى نفاذا لقول الله سبحانه



فى القرآن الكريم فى الآيتين 4، 5 من سورة الأحزاب.



وكانت الواقعة المسئول عنها فى كتاب السفارة المصرية فى بون واقعة



التبنى من المصرى المسلم فإنها تكون غير صحيحة فى نطاق القانون المصرى



للأحوال الشخصية، ويقع التبنى منعدما لا تترتب عليه أية آثار، كما أنه



لا يصح لهذا المصرى الإقرار بنسب ذلك الرجل البالغ إليه لأنه معروف بالنسب



فعلا باعتباره ابن زوجته من زواج سابق فهو معروف الأب، ومن ثم فلم



تتوافر فى الإقرار بنسبه الشروط سالفة الذكر.



لما كان ذلك فإن القانون المصرى للأحوال الشخصية لا يجيز التبنى ولا



يقره، ويعتبره منعدما إذا صدر من شخص تحكمه قواعده { ومن أصدق



من الله قيلا } النساء 122 ، والله سبحانه وتعالى أعلم.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
مسألة الرجوع عن الإقرار بما يوجب حداً(1)، أيقبل أو لا؟ فأقول مستعيناً بالله:




لقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:



القول الأول: قبول رجوعه مطلقاً.



وإليه ذهب الحنفية(2)والشافعية(3)، والحنابلة(4) وهو الرواية المشهورة عند المالكية(5).



واستدلوا لذلك بما يلي:



الدليل الأول:



حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في ذكر قصة ما عز –رضي الله عنه- حين شهد على نفسه بالزنا، وفيه:



أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أعرض عنه، وردده مراراً (6)، وقال له: "ويحك، أرجع فاستغفر الله، وتب إليه"(7). وفيه:



أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال له: "لعلك قبَّلت، أو غمزت، أو نظرت"(8) وفيه:



أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال للذين رجموه حين هرب لما وجد مس الحجارة: "فهلا تركتموه"(8)



وفي رواية: "هلا تركتموه، لعله أن يتوب فيتوب الله عليه"(9)



وجه الاستدلال:



أن هذا الحديث يدل على قبول رجوعه من وجهين:



الأول: كونه –صلى الله عليه وسلم- أعرض عنه، وردده، وعرَّض له بالرجوع، وإلا لما كان لذلك فائدة. (10)



الثاني: كونه –صلى الله عليه وسلم- قال لمن رجمه بعد هربه: "هلا تركتموه" لأن الهرب دليل الرجوع".(11)



ويمكن مناقشة الوجه الأول بما يلي:



أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما فعل مع ماعز ما فعله من ترديد، وإعراض، وتعريض، لأمرين:



الأول: كون ماعز –رضي الله عنه- قد جاء تائباً.



وهكذا يفعل الترديد، والإعراض، والتعريض بالرجوع عن الإقرار مع كل مقر جاء تائباً معترفاً بذنبه بخلاف غيره، فلا يفعل معه ذلك، فإذا رجع عن إقراره وقد جاء تائباً قبل منه رجوعه، بل إذا رجع عن طلب إقامة الحد عليه ترك ولو لم يرجع عن إقراره لحديث ماعز، فإنه لما هرب حين وجد مس الحجارة قال الرسول –صلى الله عليه وسلم- لمن رجمه: "هلا تركتموه، لعله أن يتوب، فيتوب الله عليه" مما يدل على أنه لم يرجع عن إقراره، وإنما رجع عن طلب إقامة الحد عليه –كما سيأتي- فيقبل منه ذلك، ويسقط عنه الحد، ويترك، لكونه قد جاء تائباً معترفاً بذنبه ومن هذه حالُه لا تجب إقامة الحد عليه أصلاً إلا بطلبه، لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- لم يقمه على ما عز والغامدية إلا بعد طلبهما لذلك وإصرارهما عليه أما مجرد إقرارهما فلا يعتبر طلباً لإقامة الحد عليهما، ولذلك لم يلتفت إليه الرسول –صلى الله عليه وسلم- بل أعرض عنه(12).



الثاني: كونه –صلى الله عليه وسلم- يريد الاستثبات(13).



ويدل لذلك أنه –صلى الله عليه وسلم- سأله: "أبك جنون"؟ قال: لا(14).



وسأل عنه: "أنه جنون؟"، "أشرب خمراً؟" (15).



وأرسل إلى قومه، وسألهم: "أتعلمون بعقله بأساً؟ أتنكرون مه شيئاً؟" (120)



ويدل لذلك أيضاً ما جاء عن جابر –رضي الله عنه- أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما قال: "فهلا تركتموه، وجئتموني به" ليستثبت منه ليس إلا فأما لترك حد فلا".(17)



قال ابن حجر: "وفيه –يعني حديث ماعز" التثبت في إزهاق نفس المسلم، والمبالغة في صيانته، لما وقع في القصة من ترديده، والإيماء إليه بالرجوع، والإشارة إلى قبول دعواه، إن ادعى إكراهاً.." (18)



قال الشوكاني"



"وليس الاستثبات بإسقاط، ولا من أسبابه".(19)



ويمكن مناقشة الوجه الثاني بما يلي:



بأن ماعزاً –رضي الله عنه- لم يرجع عن إقراره البتة، وإنما رجع عن طلب إقامة الحد عليه، ويدل لذلك ما يلي:



أولاً: ما جاء عن بريدة –رضي الله عنه- أنه قال: "كنا –أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما، أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما، وإنما رجمهما عند الرابعة".(20)



فقوله: "لو رجعا بعد اعترافهما.." يدل على عدم رجوعهما عن اعترافهما البتة، وكون الرسول –صلى الله عليه وسلم- لن يطلبهما، فلأنهما جاءا تائبين، وهكذا يفعل مع كل مقرٍّ قد جاء تائباً.



ثانياً: ما جاء في بعض روايات الحديث، عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- أنه قال: "كنت فيمن رجم الرجل، إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجد مس الحجارة صرخ بنا: يا قوم ردوني إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فإن قومي قتلوني وغروني وأخبروني أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- غير قاتلي، فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما رجعنا إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأخبرناه قال: "فهلا تركتموه وجئتموني به" ليتثبت رسول الله منه، فأما لترك حدٍّ فلا"(21)



فقول ما عز –رضي الله عنه- " يا قوم ردوني.." ظاهر في أنه لم يرجع عن إقراره، وإنما رجع عن طلب إقامة الحد عليه، إذ لو كان قد رجع عن إقراره، لصرح بذلك، بدلاً من قوله "إن قومي قتلوني..".



ثالثاً: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال عنه: "لقد تاب توبةً لو قسمت بين أمة لوسعتهم"(22).



وقال –صلى الله عليه وسلم-: "هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه"(23).



وهذا يدل على أن أثر الإقرار باق في حقه إذ لا توبة إلا من زنا، فقوله –صلى الله عليه وسلم-: "لقد تاب توبةً..." دليل على ثبوت الذنب في حقه، ولو كان هربه رجوعاً عن إقراره لارتفع عنه أثره.



رابعاً: قوله –صلى الله عليه وسلم- "هلا تركتموه، لعله أن يتوب فيتوب الله عليه".



فقوله –صلى الله عليه وسلم-" لعله أن يتوب.." يدل على أن ماعزاً –رضي الله عنه- لم يرجع عن إقراره، وإنما رجع عن طلب إقامة الحد عليه، وأراد أن يتوب بينه وبين الله سبحانه وتعالى، ولو كان ماعز –رضي الله عنه- قد رجع عن إقراره لقال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "هلا تركتموه، لأنه رجع عن إقراره، لكن لم يقله وقال –صلى الله عليه وسلم-"لعله أن يتوب.." مما يدل على أن ماعزاً لم يرجع عن إقراره، وإنما أراد التوبة بينه وبين الله سبحانه وتعالى والرجوع عن طلبه إقامة الحد عليه.



خامساً: أن ماعزاً –رضي الله عنه- قد جاء تائباً مقراً، معترفاً بذنبه، فكيف يرجع عن ذلك، ويكذب نفسه؟!



قال ابن المنذر:



"وليس في شيء من الأخبار أن ماعزاً رجع عما أقر به"(24).



وقال ابن حزم:



"أما حديث ماعز فلا حجة لهم فيه أصلاً، لأنه ليس فيه أن ماعزاً رجع عن الإقرار البتة، لا بنص، ولا بدليل، ولا فيه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: إن رجع عن إقراره قُبِل رجوعه –أيضاً- البتة".(25)



وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:



"وقد قيل في ماعز: إنه رجع عن الإقرار، وهذا أحد القولين فيه، في مذهب أحمد وغيره، وهو ضعيف والأول(26) أجود".(27)



وقال ابن حجر:



"وفي هذا الحديث من الفوائد: منقبة عظيمة لماعز بن مالك، لأنه استمر على طلب إقامة الحد عليه، مع توبته ليتم تطهيره، ولم يرجع عن إقراره، مع أن الطبع البشري يقتضي أنه لا يستمر على الإقرار بما يقتضي إزهاق نفسه على ذلك، وقوي عليه"(28).



فإن قيل: إذا لم يكن قوله –صلى الله عليه وسلم-: "هلا تركتموه" يدل على رجوعه عن إقراره، فعلى أي شيء يدل؟ (29)



قلنا: الجواب عن ذلك ما يلي:



أن قوله –صلى الله عليه وسلم-: "هلا تركتموه" لا يدل على أن ماعزاً –رضي الله عنه- رجع عن إقراره، وإنما يدل على أحد أمرين:



الأول: وهو أصحهما: أن ماعزاً رجع عن طلب إقامة الحد عليه، فيقبل منه ويترك، لكونه قد جاء تائباً معترفاً بذنبه، ومن هذه حاله لا تجب إقامة الحد عليه –أصلاً- إلا بطلبه.



وإذا رجع عن طلب إقامة الحد عليه، أو عن إقراره، قُبِل منه ذلك، وإذا لم يَعُدْ بعد رده والإعراض عنه –حين أقر- لم يُطلب، وإذا هرب في أثناء إقامة الحد عليه، ترك ولم يكمل عليه(30).



والثاني: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أراد الاستثبات منه، والتحقق، فقد يأتي بشبهة حقيقية موجبة للاشتباه(31).



ويدل لذلك ما جاء عن جابر –رضي الله عنه-.



فإن قيل:



إن قول بريدة –رضي الله عنه-: "كنا أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نتحدث (32)يدل على أن ماعزاً لو رجع عن إقراره قبل منه.



قلنا: الجواب عن ذلك ما يلي:



أولاً: أن هذا الحديث ضعيف(33).



ثانياً: أن من الصحابة من يرى غير ذلك(34).



ثالثاً: أن التحدث الواقع بينهم مجرد ظن وحدس(35).



رابعاً: أن قبول رجوع ماعز والغامدية –لو رجعا- إنما هو لكونهم قد جاءا تائبين معترفين بذنبهما، وهكذا يفعل مع كل مقرٍّ قد جاء تائباً، بل لا تجب إقامة الحد عليه إلا بطلبه(36).



الدليل الثاني:



عن أبي أمية المخزومي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أتي بلص قد اعترف اعترافاً، ولم يوجد معه متاع، فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "ما إخالك سرقت" قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، فأمر به فقطع.. الحديث(37).



وجه الاستدلال:



أن كون الرسول –صلى الله عليه وسلم- يُعرِّض لهذا الرجل بالرجوع عن إقراره يدل دلالة واضحة على قبول الرجوع عن الإقرار بما يوجب حداً وإلا لما كان لذلك فائدة(38).



ويمكن مناقشته بما يلي:



أولاً: بأن هذا الحديث ضعيف(39).



ثانياً: بأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما عرَّض له بالرجوع من باب الاستثبات(40).



وذلك أن هذا الرجل قد اعترف بالسرقة، ولم يوجد معه متاع، فيخشى كونه ظن أن السرقة تثبت بكل قليل وكثير. قال الخطابي:



"وجه هذا الحديث عندي –والله أعلم- أنه –صلى الله عليه وسلم- ظنَّ بالمعترف بالسرقة غفلةً، أو أنه ظن أنه لا يعرف معنى السرقة، ولعله قد كان مالاً له، أو اختلسه، أو نحو ذلك مما يخرج من هذا الباب عن معاني السرقة، والمعترف به قد يحسب أن حكم ذلك حكم السرقة، فوافقه، رسول الله –صلى الله عليه وسلم- واستثبت الحكم فيه"(41).



وقال ابن حزم: "لو صح هذا الخبر لما كان لهم فيه حجة، لأنه ليس فيه إلا "ما إخالك سرقت" ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يقول إلا الحق، فلو صح أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال للذي سيق إليه بالسرقة "ما إخالك سرقت" لكنا على يقين من أنه عليه السلام قد صدق في ذلك،وأنه على الحقيقة يظن أنه لم يسرق، وليس في هذا تلقين له"(42).



ثالثاً: بأن ذلك خاص بمن رجع عن إقراره، ولم يكن ثمة قرائن تُكذِّبه، لأن هذا السارق لو رجع لم يكن ثمة قرائن تُكذبه.



رابعاً: بأن ذلك خاص بمن أقر، ثم أصر على إقراره واستمر –وإن لم يجيء تائباً- لأن إصراره على إقراره يدل على توبته، وأنه يريد التطهير، كحال ماعز والغامدية –رضي الله عنهما.



قال ابن القيم –فيما تضمنه هذا الحديث من أحكام-:



"التعريض للسارق بعدم الإقرار، وبالرجوع عنه، وليس هذا حكم كل سارق، بل من السُرَّاق من يقر بالعقوبة والتهديد"(43).



الدليل الثالث:



عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال –صلى الله عليه وسلم- "ادفعوا الحدود، ما وجدتم لها مدفعاً"(44) وعن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم"(45).



وعن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "أدرأوا الحدود بالشبهات"(46).



وجه الاستدلال:



أن الرجوع عن الإقرار بحد يُعد شبهة –لاحتمال كذبه في إقراره- فيدرأ الحد به(47).



ويمكن مناقشته بما يلي:



بأن هذه الأحاديث –وكذلك الآثار الواردة في هذا الباب- ضعيفة لا تقوم بها حجة(48).



قال ابن حزم:



"وأما "ادرأوا الحدود بالشبهات" فما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قط من طريق فيها خير، ولا نعلمه أيضاً جاء عنه عليه السلام مسنداً، ولا مرسلاً، وإنما هو قول روي عن ابن مسعود وعمر فقط"(49)



وقال:



"جاء من طرق ليس فيها عن النبي –صلى الله عليه وسلم- نص، ولا كلمة، وإنما هي عن بعض أصحابه من طرق كلها لا خير فيها"(50).



وقال:



"وهي كلها لا شيء: أما طريق عبد الرزاق فمرسل، والذي من طريق عمر كذلك، لأنه عن إبراهيم عن عمر، ولم يولد إبراهيم إلا بعد موت عمر بنحو خمسة عشر عاماً، والآخر الذي عن ابن مسعود مرسل، لأنه من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، أما أحاديث ابن حبيب ففضيحة، ولو لم يكن فيها غيره لكفى، فكلها مرسلة.



فحصل مما ذكرنا أن اللفظ الذي تعلقوا به لا نعلمه روي عن أحد أصلاً، وهو "ادرأوا الحدود بالشبهات" لا عن صاحب، ولا عن تابع..." (51)



ويمكن الإجابة عن ذلك بما يلي:



أولاً: بأن ذلك قد صح عن عمر (52) وابن مسعود (53) –رضي الله عنهما.



ثانياً: بأن درء الحدود بالشبهات –وإن لم تصح الأحاديث والآثار الواردة- أصل متفق عليه بين علماء الأمة، وعليه العمل(54) لأن النصوص تدل على حرمة دم المسلم وعرضه، ومنع الإضرار به، والحط من سمعته وقدره، إلا بدليل واضح يعتمد عليه، وتدل أيضاً- أي النصوص على أن الأصل براءته حتى تقوم البينة عليه(55).



ويمكن مناقشة ذلك بما يلي:



أولاً: بأن كون ذلك –أي درء الحدود بالشبهات- أصل متفق عليه- غير مسلم به، لخلاف أهل الظاهر في ذلك(56).



قال ابن حزم:



"ذهب أصحابنا إلى أن الحدود لا يحل أن تدرأ بشبهة، ولا أن تقام بشبهة، وإنما هو الحق لله تعالى، ولا مزيد، فإن لم يثبت الحد لم يحل أن يقام بشبهة،... وإذا ثبت الحد لم يحل أن يدرأ بشبهة"(57).



ثانياً: بأن كون الحدود تدرأ الحد بكل شبهة، غير مسلم به كذلك، فلابد أن تكون الشبهة قوية، حقيقية، موجبة للاشتباه، موقعة في اللبس، وإلا لم يُقم حد على وجه الأرض. (58) قال الشوكاني:



"وليست الشبهة التي أمرنا بدرء الحد عندها إلا ما كانت موجبة للاشتباه، موقعه في اللبس، وإلا كان ذلك من إهمال الحدود التي ورد الوعيد الشديد على من لم يقمها"(59).



فهل الرجوع عن الإقرار شبهة موجبة للاشتباه، موقعة في اللبس؟!



قال الشوكاني:



"الرجوع ليس بشبهة تدرأ بها حدود الله"(60).



وقال:



"لا بد من أن يكون رجوعه محتملاً للصدق، حتى يكون شبهة له، وإلا كان من دفع ما قد تكلم به لسانه، وأقر به على نفسه بما لا يصح الدفع، وليست الشبهة التي أمرنا بدرء الحد عندها إلا ما كانت موجبة للاشتباه...." (61)



وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:



"إسقاط العقوبة بالتوبة –كما دلت عليه النصوص- أولى من إسقاطها بالرجوع عن الإقرار، والإقرار شهادة منه على نفسه، ولو قُبِل الرجوع لما قام حد بإقرار، فإذا لم تقبل التوبة بعد الإقرار –مع أنه قد يكون صادقاً- فالرجوع الذي هو فيه كاذب أولى" (62)



فالحاصل:



أن الرجوع عن الإقرار ليس بشبهة يدرأ بها الحد –ولا سيما إذا كانت القرائن تدل على كذبه فيه- لأن احتمال كذبه في الرجوع أقرب منه في الإقرار، إذ يبعد أن يكذب على نفسه، ويشهد عليها بالزنا أو بالسرقة –مثلاً- أما أن يكذب في رجوعه عن إقراره –ولا سيما إذا رأى أن الحد سوف يقام عليه- فهذا قريب، وقريب جداً(63).



الدليل الرابع:



قضاء الخلفاء الراشدين –رضي الله عنهم-



فعن ابن حريج قال: سمعت عطاء يقول: كان من مضى يؤتى بالسارق فيهم، فيقال له: أسرقت؟ قل: لا، أسرقت؟ قل: لا ولا أعلمه إلا سمَّى أبا بكر وعمر –رضي الله عنهما(64)



وعن معمر عن ابن طاووس عن عكرمة بن خالد قال: "أُتي عمر بن الخطاب برجل، فسأله أسرقت؟ قل: لا، فقال: لا، فتركه ولم يقطعه".(65)



وعن ابن جريح عن عكرمة بن خالد قال: "أُتي عمر بسارق قد اعترف، فقال عمر:إني لأرى يد رجل ما هي بيد سارق، قال الرجل: والله ما أنا بسارق، فأرسله عمر ولم يقطع".(66)



وجه الاستدلال:



أن هذه الآثار فيها التلقين بالإنكار، والتعريض بالرجوع عن الإقرار، مما يدل على قبول الرجوع عن الإقرار، وإلا لما كان لذلك فائدة.



ويمكن مناقشته بما يلي:



أولاً: بأن هذه الآثار ضعيفة، لا يصح منها شيء، ولا تقوم بها حجة"(67).



ثانياً: بأنه ليس في هذه الآثار ما يدل على قبول الرجوع عن الإقرار، وإنما فيها التلقين بالإنكار، خشية الإقرار بما يوجب الحد –كما في الأثرين الأولين- والتعريض بالرجوع عن إقرار حصل قبل وصول الأمر إلى الحاكم الشرعي. (68) –كما في الأثر الثالث- خشية الاستمرار عليه والإقرار مرة أخرى أمام الحاكم بما يوجب الحد.



ثالثاً: بأن ذلك خاص بمن أقر، وأصر على إقراره، لأن إصراره على إقراره واستمراره عليه، يدل على توبته وأنه يريد التطهير، كحال ماعز والغامدية –رضي الله عنهما- قال ابن القيم –عن قوله- صلى الله عليه وسلم- "ما إخالك سرقت".(69):



"التعريض للسارق بعدم الإقرار، وبالرجوع عنه، وليس هذا حكم كل سارق"(70)



رابعاً: بأن هذا خاص بمن رجع عن إقراره ولم يكن ثمة قرائن تكذبه.



الدليل الخامس:



القياس: قياس الرجوع عن الإقرار بما يوجب حداً على الرجوع عن الشهادة:



فكون الرجوع عن الشهادة مقبولاً، ويرفع أثرها، فكذلك الرجوع عن الإقرار بما يوجب حداً يقبل، ويرفع أثره"(71).



ويمكن مناقشته بما يلي: بأن هذا القياس قياس مع الفارق، ووجه ذلك أن يقال:



شهادة الشاهد على غيره يعتريها الخطأ والعدوان، بخلاف الشهادة على النفس، فإن الخطأ فيها والعدوان من أبعد ما يمكن، إذ يبعد أن يخطئ الإنسان على نفسه، ويشهد عليها بسرقة، أو بزنا –مثلاً- أو يعتدي عليها، ويلطخها بذلك، ويرضى بالعقوبة، وهو كاذب، لم يزن، ولم يسرق.



أما أن يخطئ في شهادته على غيره، أو يعتدي، فهذا قريب، وقريب جداً.



القول الثاني: عدم قبول رجوعه مطلقاً.



وإليه ذهب بعض السلف(72) وأهل الظاهر(73)، وهو رواية عن الإمام مالك(74) وقول للشافعي(75)، ورجحه ابن المنذر في الرجوع عن الإقرار بزنا(76) والشوكاني(77).



قال الخطالي:



"وقال مالك بن أنس، وابن أبي ليلى، وأبو ثور –رحمهم الله-: "لا يقبل رجوعه، ولا يدفع عنه الحد، وكذلك قال أهل الظاهر.



وروي عن الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وروي مثل ذلك عن جابر بن عبد الله".(78)



وقال البغوي: "وذهب جماعة إلى أن الحد لا يسقط عنه بالرجوع عن الإقرار وروي ذلك عن جابر. وقول الحسن البصري وسعيد بن جبير وإليه ذهب ابن أبي ليلى وأبو ثور. (79)



وقال ابن قدامة:



"وقال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وابن أبي ليلى: يقام عليه الحد، ولا يترك"(80)



وقال: "وقال ابن أبي ليلى، وداود: لا يقبل رجوعه"(81).



وقال ابن المنذر:



وإذا أقر الرجل بالزنا مرة، ثم رجع لم يقبل رجوعه، وأقيم عليه الحد"(82)



وقال الشوكاني:



"وبهذا تعرف أنه لا دليل يدل على أن الرجوع عن الإقرار يسقط به الحد، وقد حصل المقتضي بالإقرار، فلا يسقط إلا بدليل يدل على سقوطه، دلالة بينة ظاهرة"(83)



وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –عن سقوط الحد عن ماعز –"يقولون: سقط الحد لكونه رجع عن الإقرار، ويقولون: رجوعه عن الإقرار مقبول، وهو ضعيف، بل فرق بين من أقر تائباً ومن أقر غير تائب"(84).



واستدلوا لذلك بما يلي:



الدليل الأول قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم".(85)



وجه الاستدلال:



أن المؤمن مأمور بالشهادة لله بالحق، ولو على نفسه، مما يدل على قبول شهادته على نفسه، وأنه لا يقبل منه الرجوع فيها، وإلا لم يكن لذلك فائدة(86).



قال ابن حزم:



"فكل من ذكرنا مأمور بالإقرار بالحق على نفسه، ومن الباطل بأن يفترض عليهم ما لا يقبل منهم"(87).(88)



ويمكن مناقشته بما يلي:



أولاً: بأن كون الرجوع عن الشهادة على النفس غير مقبول على كل حال، فهذا غير مسلم به، أما كونه لا يقبل في حق الآدمي، وقبل في حق الله سبحانه وتعالى فهذا مسلم به، لأن حق الله سبحانه وتعالى مبني على المسامحة، والمساهلة، بخلاف حق الآدمي، فإنه ليس كذلك، بل هو مبني على المشاحة(89).



ثانياً: بأن كون الرجوع عن الشهادة على النفس غير مقبول على كل حال، ولو كان في حق الله سبحانه وتعالى، فهذا مسلم به كذلك إلا إذا كان الرجوع من مقرٍّ قد جاء تائباً، لحديث ماعز، فإن فيه –وإن كان ماعز لم يرجع عن إقراره البتة- ما يدل على ذلك، أو كان ثمة شبهة قوية موجبة للاشتباه، للنصوص الدالة على حرمة دم المسلم وعرضه، إلا بدليل واضح يعتمد عليه، أو إذا لم يكن ثمة قرائن تدل على كذبه، لحديث أبي أمية، وفيه تعريض الرسول –صلى الله عليه وسلم- للسارق بعدم الإقرار، لأنه لو رجع لم يكن ثمة قرائن تكذبه.



الدليل الثاني:



حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني –رضي الله عنهما- وفيه قوله –صلى الله عليه وسلم- لأنيس: "واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها، فاعترفت، فرجمها"(90).



وجه الاستدلال:



أن كون الرسول –صلى الله عليه وسلم- لم يقل لأنيس "ما لتم ترجع عن اعترافها" مع دعاء الحاجة إليه هنا، يدل على عدم قبول الرجوع عن الإقرار مطلقاً.



ويمكن مناقشته بما يلي:



بأن كون الرجوع عن الإقرار غير مقبول مطلقاً، فهذا غير مسلم به، لمخالفته دلالة النصوص المتقدمة، من كونه يقبل إذا كان من مقر جاء تائباً، أو إذا لم يكن ثمة شبهة قوية موجبة للاشتباه أو إذا لم يكن ثمة قرائن تكذبه.



وعللوا لذلك بما يلي:



التعليل الأول:



أن الإنسان إذا شهد على نفسه بالزنا –مثلاً- فقد صدق عليه وصف الزاني، وثبت عليه الحد –حينئذ- فلا يمكن دفعه، لأنه قد علق على وصف ثبت بإقرار من اتصف به، فبمجرد ما ثبت الإقرار ثبت الحد، فما الذي يرفعه؟ (91)



ويمكن مناقشته بما يلي:



بأن الذي يرفعه هو ما تقدم من النصوص، الدالة على قبول الرجوع عن الإقرار، إذا كان من مقر جاء تائباً، أو كانت ثمة شبهة موجبة للاشتباه، أو إذا لم يكن ثمة قرائن تكذبه.



التعليل الثاني:



أنه يبعد أن يكذب الإنسان على نفسه، ويشهد عليها بالزنا مثلاً، أما أن يكذب في رجوعه عن إقراره –ولا سيما إذا رأى أن الحد سوف يقام عليه- فهذا قريب، وقريب جداً، بل هو الظاهر لكل أحد(92).



ويمكن مناقشته بما يلي:



بأن هذا مسلم به، ولذلك لم يقبل رجوعه على كل حال، وإنما يقبل في الأحوال الثلاثة –المتقدمة- التي دلت عليها النصوص.



القول الثالث: قبول رجوعه، إن كان له شبهة وما لا فلا.



وإليه ذهب الإمام مالك في إحدى الروايتين عنه(93)، وبه أخذ بعض أصحابه، كعبد الملك، وأشهب(94).



واستدل لذلك بما يلي:



الدليل الأول:



حديث ماعز –رضي الله عنه- وفيه أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: "فهلا تركتموه، وجئتموني به" قال جابر –رضي الله عنه-: "ليستثبت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- منه، فأما لترك حد فلا"(95)



وجه الاستدلال:



أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما قال: "فهلا تركتموه وجئتموني به" لينظر في أمره، ويستثبت: فقد يأتي بشبهة تدرأ عنه الحد، مما يدل على قبول رجوعه عن إقراره إن كان له شبهة وما لا فلا"(96).



ويمكن مناقشته بما يلي:



أولاً: بأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال ذلك لينظر في أمره ويستثبت: فقد يأتي بشبهة، فهذا غير مسلم به، بل قال ذلك لكون ماعز قد رجع عن طلب إقامة الحد عليه، فيقبل منه ذلك، لكونه قد جاء تائباً معترفاً بذنبه.



ثانياً: بأن كون الرجوع عن الإقرار مقبولاً إن كان له أي شبهة فهذا غير مسلم به كذلك، فلابد أن تكون الشبهة حقيقية موجبة للاشتباه.



قال الشوكاني:



"إنما أراد –صلى الله عليه وسلم- من رجوعه إليه الاستثبات، إذا جاء بشبهة مقبولة"(97).



ثالثاً: بأن كون الرجوع عن الإقرار مقبولاً إن كان له شبهة وما لا فلا، فهذا غير مسلم به كذلك، بل الرجوع عن الإقرار مقبول –وإن لم يكن له شبهة- إذا كان من مقرٍّ جاء تائباً، أو إذا لم يكن ثمة قرائن تكذبه، للنصوص الواردة في ذلك.



الدليل الثاني:



قوله –صلى الله عليه وسلم- لماعز حين أقر: "لعلك قبَّلت، أو غمزت، أو نظرت"(98).



وجه الاستدلال:



أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عرَّض له بذلك، عله يرجع عن إقراره، ويذكر لرجوعه شبهة تدرأ عنه الحد، مما يدل على قبول رجوعه إن كان له شبهة وما لا فلا.



ويمكن مناقشته بما يلي:



أولاً: بأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما عرَّض له بذلك للاستثبات منه.



ثانياً: بأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما عرَّض له بذلك، لكونه جاء تائباً معترفاً بذنبه، ومن هذه حاله يقبل رجوعه عن إقراره، ذكر شبهة أو لا.



ويمكن مناقشته –كذلك- بالوجهين الثاني والثالث، اللذين نوقش بهما الدليل الأول.



الدليل الثالث:



حديث علي –رضي الله عنه- في درء الحدود بالشبهات(99).



وجه الاستدلال:



أن هذا الحديث يدل على أن الحدود تدرأ بالشبهات، وعليه فإذا رجع عن إقراره، وذكر شبهة قُبل رجوعه، وما لا فلا.



ويمكن مناقشته –كذلك- بالوجهين الثاني والثالث، اللذين نوقش بهما الدليل الأول.



الترجيح:



الذي يظهر لي –والله أعلم بالصواب- أن الرجوع عن الإقرار بما يوجب حداً غير مقبول، إلا إن كان من تائب قد جاء معترفاً بذنبه يريد التطهير. (100) أو كان ثمة شبهة قوية موجبة للاشتباه، موقعة في اللبس(101)، أو لم يكن ثمة قرائن تكذبه(102).



قال شيخ الإسلام:



"وقد قيل في ماعز: إنه رجع عن الإقرار، وهذا أحد القولين فيه...وهو ضعيف، والأول أجود، وهؤلاء يقولون: سقط الحد لكونه رجع عن الإقرار، ويقولون: رجوعه عن الإقرار مقبول، وهو ضعيف، بل فرق بني من أقر تائباً ومن أقر غير تائب، فإسقاط العقوبة بالتوبة –كما دلت عليه النصوص- أولى من إسقاطها بالرجوع عن الإقرار، والإقرار شهادة منه على نفسه، ولو قبل الرجوع لما قام حد بإقرار، فإذا لم تقبل التوبة بعد الإقرار مع أنه قد يكون صادقاً فالرجوع الذي هو فيه كاذب أولى".(103)وقال:



"الرجوع عن الدعوى مقبول، والرجوع عن الإقرار غير مقبول، والإقرار الذي لم يتعلق به حق لله، ولا حق لآدمي هو من باب الدعاوى. فيصح الرجوع عنه".(104)



أما الإقرار الذي يتعلق به حق لله سبحانه وتعالى أو حق لآدمي فليس من باب الدعاوى، فلا يصح الرجوع عنه، ولايقبل.



هذا مفهوم كلامه –رحمه الله-.



وقال الشيخ الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- في شرح البلوغ، باب حد الزنا:



"وقال بعض العلماء: إنه لا يقبل رجوعه عن الإقرار، ولا سيما إذا احتفت به قرائن، لأن ماعز –رضي الله عنه- لم يرجع، ولكنه هرب، بخلاف الراجع؛ لأن الراجع في الحقيقة متلاعب بالأحكام الشرعية، ومتلاعب بالحكام".



ثم قال –رحمه الله-:



"هل يمكن أن تأتي الشريعة الحكيمة بقبول رجوع مثل هذا؟ الجواب: أبداً لا يمكن".



ثم قال رحمة الله:



"ثم إنه إذا احتفت به القرائن لا يتجه إطلاقاً القول بجواز الرجوع، أو بقبول الرجوع".



ثم قال –رحمه الله-:



"إذا صرح في إقراره بالزنا وذكر القرائن التي تشهد لما صنع ثم نقول: يقبل رجوعه استدلالاً بحديث ماعز، فهذا بعيد جداً".



وقال –رحمه الله- في شرحه للبلوغ أيضاً، باب حد السرقة:



"فيكون القول الراجح الوسط في هذا إذا وجدت قرائن تشهد بأن رجوعه ليس بصحيح فإن رجوعه لا يقبل، وإن لم توجد فإنه يقبل رجوعه".



ثم قال –رحمه الله-



"وأما مع وجود القرينة فلا وجه لقبول رجوعه، ولا يمكن أن يكون هذا القول عملياً في أحوال الناس لا سيما مع كثرة السرقات".



وقال –رحمه الله- في شرحه للزاد، باب حد السرقة:



"هل نقول: إن عموم كلام الفقهاء حيث قالوا: "ولا ينزع عن إقراره حتى يقام عليه الحد" يقتضي أن هذا الذي رجع عن إقراره ووجد المال المسروق عنده ووصف السرقة هو بنفسه، فهو لم يقل: سرقت فقط بل ذهب بنا إلى المحل وأرانا كيف صنع فهل نقول: إن عموم كلام الأصحاب يقتضي أن يرفع عنه الحد، لأنه رجع، أو نقول: إن كلامهم هذا فيما إذا كان ثبوت السرقة مجرد إقرار أما مع وجود هذه القرائن التي ذكرها، ووجد المال عنده فهذا يشبه أن يكون بينةً، إن لم يكن أقوى من شهود الشاهدين فليس دونه، فالظاهر لي أن مثل هذه الصورة لا تنطبق على كلام المؤلف، لأن كلام المؤلف إذا كانت المسألة مجرد إقرار، أما مع وجود القرائن ووجود المال عنده وعلى حسب ما وصف تماماً فلا".



ثم قال –رحمه الله-:



"فالصواب إذاً أن الرجوع عن الإقرار غير مقبول مطلقاً، فكيف إذا احتفت به القرائن التي تدل على كذب الرجوع وأن السرقة واقعة تماماً".



ثم قال –رحمه الله-:



"وإذا ادعى الإكراه وكان يمكن أن يكره رفعنا عنه الحد".



وقال –رحمه الله- في شرحه للزاد، باب حد الزنا:



"إذا رجع وقال إني مكره، فإنه ينظر للقرينة فإن كان هناك قرينة عمل بها لأنه أحياناً يضرب حتى يقر، بدون اختياره".



وقال –رحمه الله-:



"والمهم أن درء الحدود بمثل هذه الشبهات البعيدة بعيد من الصواب، والإنسان يجب أن يسوس الأمة بما يمنع الفساد".



وقال –رحمه الله-:



"وأما حديث: "ادرءوا الحدود عن المسلمين بالشبهات ما استطعتم"، فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة، وما أكثر ما يعتمد المتهاونون عليه في إقامة الحدود، كما جاءت حدود قد تكون مثل الشمس قالوا: قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "ادرءوا... الحديث" حتى يجعلون ما ليس شبهة شبهة، ونحن باعتمادنا على الحديث نحتاج إلى أمرين:



أولاً: ثبوت الحديث، ثانياً: تحقيق المناط هل هذا شبهة أو غير شبهة...".

 مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
كتاب الإقرار




وهو إخبار عن حق ثابت على المخبر أو نفي حق له على غيره. وينفذ في حق المقر على نحو لا تسمع منه الدعوى على خلافه، ويقدم على جميع الحجج حتى البينة. ويقع الكلام في شروط نفوذه وأحكامه.



(مسألة 1): يشترط في المقر البلوغ والعقل بالنحو المناسب للرشد في الجهة التي أقر بها من مال أو غيره، فإذا كان رشيداً في جهة دون اُخرى نفذ إقراره في الجهة التي هو رشيد فيها دون الجهة التي ليس رشيداً فيها. فإذا كان رشيداً في الماليات إلا أنه سفيه فيما يتعلق ببدنه لقصور في إدراكه، فلا يهمه مثلاً إتلاف عضو من أعضائه، فأقر بأنه قد قطع يد رجل، لم ينفذ إقراره بنحو يستحق عليه القصاص، بل تثبت الدية لا غير. وقد تقدم في كتاب الحجر تحديد السفه في الماليات بنحو يجري نظيره في غيرها. فراجع.



(مسألة 2): يشترط في المقر أيضاً القصد، فلا ينفذ إقرار النائم والسكران، والساهي والغالط. نعم لما كان السهو والغلط على خلاف الأصل فلابد له من إثباتهما، فإذا لم يثبتهما يحكم بعدمهما ظاهراً فينفذ الإقرار في حق الشاك في تحقق أحدهما، ولا ينفذ في حق العالم بوجوده.



(مسألة 3): يشترط في المقر أيضاً الاختيار فلا ينفذ الإقرار من المكره، ولا من المضطر، كما إذا عطش وخاف على نفسه التلف فطلب ماء فامتنع صاحب الماء من أن يعطيه حتى يقر له بأنه قد باعه الدار، فأقر له بها، فإن إقراره حينئذٍ لا ينفذ. نعم لما كان الإكراه والاضطرار على خلاف الأصل فلابد له من إثباتهما، على نحو ما تقدم في المسألة السابقة.



(مسألة 4): لا يشترط في الإقرار صيغة خاصة، بل يكفي كل ما يدل على ثبوت الحق على المقر للمقر له، أو نفي حقه عليه، ولا يشترط صراحته فيه، بل يكفي ظهوره فيه عرفاً. بل يكفي الاعتراف بلازم ذلك في ثبوت الملزوم، فإذا ادّعى رجل على آخر مالاً، فادّعى الآخر الوفاء، كانت دعواه الوفاء إقراراً منه بسبق استحقاق المدعي للمال عليه، فيلزم بأدائه ما لم يثبت الوفاء. وكذا إذا ادّعى الرجل زوجية امرأة فادعت الطلاق، فإن دعواها الطلاق منه إقرار منها بسبق زوجيته لها، وهكذا.



(مسألة 5): إذا لم يتضمن الكلام الإخبار بثبوت الحق أو بلازمه، بل تضمن طلب تصرف يلازم ثبوته، فالظاهر عدم صدق الإقرار عليه بمجرد ذلك، كما إذا رأى في يد زيد عيناً فقال: بعنيها، فإن البيع وإن كان لا يتحقق إلا من المالك إلا أن طلب البيع قد يبتني على كونه صاحب يد محكوم بأنه المالك ظاهراً، فلا يقتضي الإقرار بملكيته واقعاً بحيث ليس له بعد ذلك دعوى ملكيته تكذيباً لليد. نعم إذا قامت القرينة على ابتناء طلب البيع على تصديقه في ملكيته مع قطع النظر عن اليد كان ذلك إقراراً. بل يجري ذلك حتى في الإخبار بملكية صاحب اليد، فإنه لا يكون إقراراً إلا إذا قامت القرينة على رجوعه إلى الإخبار بالملكية واقعاً مع قطع النظر عن اليد.



(مسألة 6): لا يشترط في الإقرار اللفظ، بل يكفي كل ما يدل على الإخبار بثبوت الحق أو نفيه من إشارة أو كتابة أو غيرهما.



(مسألة 7): يشترط في المقر به أن يكون حقاً للمقر له، بحيث له مطالبة المقر وإلزامه به، كالأعيان والمنافع الخارجية والذمية المملوكة والحقوق كحق الخيار والاستمتاع والإنفاق ونحوها. فلو لم يكن كذلك فلا أثر للإقرار به، كما لو أقر أنه قد حلف أن يدفع لزيد عشرة دنانير أو نذر أن يكسوه كسوة الشتاء، لأن اليمين والنذر إنما يجب الوفاء بهما لله تعالى، من دون أن يثبت بهما حق للشخص الذي ينتفع بمضمونهما. وكذا إذا أقر أن عليه حق شرعي، فإن ذلك لا يصحح للفقير المطالبة به، لأن الحق ليس ملكاً للفقير، بل هو مصرف له، فليس له المطالبة به إذا لم يدفع له. نعم لو تمت ولاية الحاكم الشرعي على الحق كان له المطالبة به نيابة عن صاحبه.



(مسألة 8): إذا أقر بثبوت الحق عليه بسبب باطل لم يثبت شيء، كما لو قال: لزيد علي ألف دينار من ثمن خمر أو خنزير أو دين ربوي أو نحو ذلك. نعم لو أطلق الإقرار بثبوت الحق، ثم ادّعى أن ثبوته كان بسبب باطل، ثبت الحق كما أقر، ولم تسمع منه دعوى بطلان السبب. وهكذا الحال في الإقرار بنفي حقه، كما لو قال: ليس لي عليه شيء بسبب إبرائي لذمته من الدين قبل بلوغي.



(مسألة 9): لو أقر بدين مؤجل ثبت ما أقر به، ولم يستحق المقر له المطالبة قبل الأجل، إلا أن يثبت المقر له عدم التأجيل في الدين. بخلاف ما لو أقر بالدين وأطلق ثم ادّعى التعجيل، فإن مقتضى الأصل في الحق التعجيل إلا أن يثبت من عليه الحق تعجيله.



(مسألة 10): المتبع في تحديد الحق المقر به ظاهر كلام المقر المستفاد من إطلاقه أومن القرائن الحالية والمقالية المحيطة بكلامه، فإن ادّعى خلاف ذلك لم يسمع منه. إلا أن يقر المقر له بما يشهد بمخالفة ظاهر كلام المقر الأول للواقع. كما لو أقر زيد لعمرو بألف دينار، فإنه يحمل على عملة البلد عملاً بظاهر الكلام ما لم يقر عمرو بأن سبب الاستحقاق عقد قد تضمن التقييد بعملة اُخرى غير عملة البلد، وكذا إذا ادّعى وجود القرينة الصارفة عن مقتضى الظهور الأولي، فإن الدعوى المذكورة تسمع منه ويطالب بإثباتها.



(مسألة 11): إذا أقر بعين تحت يده محكومة بأنها ملكه لشخصين في كلامين لا تعلق لأحدهما بالآخر حكم بأنها لمن أقر له أولاً. وحينئذٍ إن كذبه الثاني في إقراره بها للأول كان له أن يقيم الدعوى على الأول وإثبات أنها له فينتزعها من الأول إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر له ذلك كان له أن يقيم الدعوى على المقر بأنه قد تعمد حرمانه منها بإقراره بها للأول، بنحو يكون مفرطاً فيها، فيضمنها له وكذا إذا كان المقر قد سلمها للأول اختياراً، حيث يضمنها بعدم تسليمها للثاني الذي هو مالكها بمقتضى إقراره له. أما إذا لم يتيسر له أحد الأمرين فلا شيء له على المقر، كما إذا كان إقراره الأول عن خطأ منه أو ادّعى هو ذلك من دون أن يتيسر للثاني تكذيبه فيه، وكان دفع العين للأول بإلزام من الحاكم الشرعي أو كان الأول قد انتزعها منه إرغاماً من دون أن يكون هو قد فرط بتسليمها له.



(مسألة 12): إذا أقر بعين تحت يده لشخصين في كلام واحد، فإن كان بنحو يظهر في العدول من الإقرار بها للأول إلى الإقرار بها للثاني كان بحكم المسألة السابقة، كما إذا قال: هذا الثوب لزيد، كلا قد نسيت هذا لعمرو. وإن كان بنحو الإضراب الظاهر في الغلط وسبق اللسان حكم بها لمن أقر له بها ثانياً، كما إذا قال: هذه الدنانير لزيد، بل لعمرو. وحينئذٍ إن كذبه الأول في إقراره بها للثاني كان له أن يقيم الدعوى على الثاني وإثبات أنها له فينتزعها منه إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر له كان له أن يقيم الدعوى على أن المقر قد تعمد الإقرار بها له أولاً حقيقة ثم عدل للإقرار بها للثاني ليحرمه منها، وليس ما صدر منه من الخطأ وسبق اللسان، كما هو ظاهر الكلام، فإن تم له إثبات ذلك حكم بها للمقر له أولاً وجرى حكم المسألة السابقة، وإن لم يتم له إثبات ذلك أيضاً فلا شيء له.



(مسألة 13): لو أقر بما يتردد بين الأقل والأكثر ثبت الأقل وألزم به، دون الأكثر.



(مسألة 14): لو أقر لشخص بأمر مبهم كلف الخروج عنه بدفع ما يصلح تفسيراً له، فإذا قال: له علي مائة، وترددت المائة بين اُمور، كلف بدفع مائة مما يصلح لأن يملك ويفسر به إقراره.



(مسألة 15): لو أقر لشخص مبهم فإن كان مردداً بين أشخاص بعضهم لا يصلح للمطالبة بالحق لغيبة أو لكونه تحت ولاية المقر أو غير ذلك، فلا يلزم بإقراره. وإن كان مردداً بين أشخاص كلهم يصلح للمطالبة بالحق فإن فسر المبهم وعينه قبل منه، وإن لم يفسره لم يكن لكل منهم المطالبة بالأمر المقر به ولا بالتفسير. نعم لهم أن يوكلوا شخصاً واحداً ـ منهم أو من غيرهم ـ بالمطالبة بإيصال الأمر المقر به لصاحبه الواقعي، فله أن يلزمه بذلك، ولا يتسنى له ذلك إلا بتفسير المبهم وتعيين صاحب الحق.



ثم إن فسر صاحب الحق وعينه بشخص خاص حينئذٍ أو من أول الأمر، فإن لم يعترض غيره أخذ ذلك الشخص الأمر المقر به، وإن اعترض غيره كان خصماً له لا للمقر، فإن أقام البينة على أنه صاحبه انتزعه منه، وإلا كان له على ذلك الشخص اليمين، فله أن يحلف اعتماداً على الإقرار، إلا أن يعلم بخطأ الإقرار أو كذبه فلا يحق له التعويل عليه في أخذ الأمر المقر به فضلاً عن اليمين عليه.



(مسألة 16): إذا أقر إقراراً يلزم شرعاً بظاهر الحال ثم ادّعى أن إقراره لم يكن بداعي بيان الواقع، فإن رجع ذلك إلى خلل في شروط الإقرار، كما لو ادّعى الإكراه أو الاضطرار أو الغلط، سمعت دعواه وكان عليه الإثبات، فإن لم يثبت نفذ الإقرار في حقه. وإن رجع إلى كذب الإقرار من دون خلل في شروطه لم تسمع دعواه، كما إذا أقر بالبيع أو بقبض الثمن وأشهد على إقراره، ثم ادّعى ابتناء إقراره على المواطأة مع الطرف الآخر من أجل تنظيم المعاملة رسمياً وتثبيت شهادة الشهود عليها من دون أن يتحقق المقر به بعد في الواقع. ومجرد تعارف ذلك بين الناس وكثرة وقوعه لا يكفي في سماع الدعوى بعد رجوعها إلى تكذيب الإقرار.



(مسألة 17): الإقرار حجة في حق كل أحد، ولا تختص حجيته بالحاكم الشرعي، ولا يتوقف نفوذه في حق غيره على حكمه.



(مسألة 18): الإقرار حجة ظاهرية إنما ينفذ مع احتمال الصدق، فلو علم بكذبه لم ينفذ ولم يجز ترتيب الأثر عليه. نعم هو مقدم على جميع الحجج الظاهرية.، بل لا تسمع معه الدعوى على خلافه من المقر، كما تقدم.



(مسألة 19): إذا أقر لشخص بشيء فإن صدقه المقر له أو قال: لا أعلم، نفذ الإقرار. وإن كذبه لم ينفذ لتعارض الإقرارين المسقط لهما عن الحجية، وحينئذٍ يرجع للحجج الاُخرى المتأخرة عن الإقرار، كالبينة واليد والأصل.



تتميم..



يقبل الإخبار من بعض الأشخاص في بعض الموارد كحجة معتبرة، وقد يطلق عليه في كلماتهم الإقرار. لكنه ليس إقراراً بالمعنى المتقدم، لعدم ابتناء قبوله على تضمنه الاعتراف بحق على المقر..



منها: إخبار الإنسان عما تحت يده مما ليس ملكاً له كالأمانة والمغصوب، فإنه يرجع إليه في أمره ويقبل قوله فيه، فإذا أقر بأنه ملك لإنسان حكم له به، وكذا إذا أخبر بأنه وقف أو حق شرعي أو نحو ذلك. بل لو أخبر بأنه محقوق لغير المالك قبل منه، كما لو ادّعى أنه رهن على دين أو مستأجر إلى أجل أو نحوهما. وكذا إذا ادّعى أنه عارية أو وديعة إلى غير ذلك. نعم إذا كذبه المالك أو من أقر هو بأنه المالك كان قوله مقدماً. كما أن حجية خبره فيه ليس كحجية الإقرار الذي سبق أنه يقدم على جميع الحجج، بل تقدم البينة عليه، كما يقدم عليه قول من ثبت سبق يده عليه.



ومنها: أن من كان له السلطنة على شيء يقبل منه إخباره به في الظاهر، كإخبار الزوج بطلاق زوجته، وإخبار الولي أو الوكيل بفعل ما له الولاية عليه أو وكل فيه، وإخبار الأجير على تفريغ ذمة الغير بإتيانه بالعمل المستأجر عليه، إلى غير ذلك. وهو المعروف عند الفقهاء (رضوان الله عليهم) بأن من ملك شيئاً ملك الإقرار به. نعم يمكن رفع اليد عنه بحجة منافية، كالبينة.



ومنها: الإقرار بالنسب، حيث يقبل في بعض الموارد على ما تقدم في فصل أحكام الأولاد من كتاب النكاح، مع أنه قد يستلزم أحكاماً ليست من سنخ الحقوق الثابتة على المقر، كميراث المقر ومن يتقرب به ممن يدعي بنوته، وميراث الولد المدعى من المقر وممن يتقرب إليه به... إلى غير ذلك من الموارد التي يقبل فيها إخبار الإنسان من دون أن يكون إقراراً بالمعنى المتقدم.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى 
تعليقات