بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

14 يونيو 2011

فتوى مجلس الدولة ، بشأن طلب الإحتلال البريطاني التعويض عن مقتل جنود بريطانيين

طلب الرأي من إدارة الرأي في 13 فبراير سنة 1947 حول اقتراح الحكومة البريطانية الالتجاء إلى التحكيم في أمر التعويض عن الحوادث التي وقعت بالإسكندرية في 4 مارس 1946.

--- 1 ---
أتشرف أن انهي لدولتكم إني قد اطلعت على الكتاب رقم 1-1/165 المؤرخ 13 فبراير سنة 1947 بشأن اقتراح الحكومة البريطانية الالتجاء إلي التحكيم على طريقة معينة في أمر الخلاف القائم بينها وبين الحكومة المصرية في موضوع المطالبة المقدمة منها للحصول على تعويض عن الحوادث التي وقعت بالإسكندرية في 4 مارس سنة 1946.
وقد تبين لي من الإطلاع على الملف المرفق بالكتاب السالف الذكر أن الوقائع هذا الموضوع بأكمله تتلخص في أنه في صباح يوم 21 فبراير سنة 1946 انتظم طلبة الجامعة المصرية والمدارس الثانوية وغيرها من معاهد العلم وكذلك طوائف من العمال في مواكب على هيئة مظاهرات سلمية سارت في شوارع مدينة القاهرة معبرة عن الأماني القومية وظلت الحالة هادئة إلي الساعة الثانية عشرة والدقيقة الخامسة والأربعين مساء تقريبا حيث حدث في ذلك الوقت أن كانت بعض السيارات الحربية البريطانية في طريقها من شارع القصر العيني إلي ميدان الإسماعيلية. وفى المسافة بين مبنى الجامعة الأمريكية وثكنات الإسماعيلية اقتحمت صفوف المتظاهرين فأصابت عددا من الأشخاص نقلوا إلي مستشفى القصر العيني وثبت من الفحص الطبي والتشريح لجثث من قتل أن احدهم توفي فعلا نتيجة مصادمة سيارة وقد كان هذا الحادث العارض السبب في إثارة شعور المتظاهرين وفى انتقال الحالة فجأة من الهدوء إلي الاضطراب الذي صاحبه وزاد من حدته إطلاق الرصاص على المتظاهرين من أفراد القوات البريطانية الموجودين في المعسكر المقام على الأرض المعروفة بسراي الإسماعيلية ومن ثكنات قصر النيل وترتب عليه إصابة عدد من الأشخاص يناهز الخمسين ومع تلك الظروف الطارئة نتيجة تصرف سيئ من أفراد القوات البريطانية تمكن رجال البوليس المصري من اتخاذ الإجراءات المناسبة لإعادة الحالة إلي طبيعتها الهادئة.
وفى يوم 22 فبراير سنة 1946 قابل الوزير المفوض في السفارة البريطانية دولة رئيس مجلس الوزراء وطلب شفويا العمل على معاقبة من ارتكبوا الجرائم ودفع تعويض عن الإتلاف والخسائر التي وقعت ومعرفة الإجراءات التي تنوى الحكومة المصرية اتخاذها لصيانة واستتباب النظام ثم أرسلت السفارة البريطانية كتابا في 23 فبراير سنة 1946 تكرر فيه ما تقدم إبلاغه شفويا.
وفى 23 فبراير سنة 1946 أرسل دولة رئيس مجلس الوزراء ردا إلي السفارة البريطانية أشار فيه إلي دهشته من لهجة التبليغ البريطاني وإلى أنه قد مضت خمس ساعات من بدء قيام المظاهرات السلمية دون وقوع أية حادثة وأن الحوادث التي وقعت في يوم 21 فبراير سنة 1946 إنما نتيجة لحادث سيارات النقل التابعة للجيش البريطاني ولإطلاق الرصاص من الجنود البريطانيين على الجماهير رغم أنه في اليوم السابق لهذه الحوادث قد تم الاتفاق بين السلطات البريطانية والمصرية على تفادي مرور رجال الجيش البريطاني في اليوم المذكور ومع ذلك فإنه يصرح بأنه مما لا شك فيه أن الحكومة المصرية ستتخذ الإجراء اللازم لمعاقبة الأشخاص الذين ثبتت إدانتهم في الجرائم أو الجنح التي وقعت خلال حوادث يوم 21 فبراير سنة 1946 وأنه من المحقق أن ما سيسفر عنه التحقيق القضائي من إتلاف وتخريب ستدفع عنه التعويضات اللازمة لمن حاقت بهم أضرارا.
ثم أرسل دولة رئيس الوزراء كتابا آخر إلي السفارة البريطانية في 26 فبراير 1946 كرر فيه أن حوادث الاعتداء إنما كانت تالية لما حدث من السيارات البريطانية وإطلاق الرصاص على المتظاهرين وأن وجود المنشآت العسكرية البريطانية في جميع أحياء القاهرة والإسكندرية يجعل من العسير معه اجتناب الاحتكاك بين السكان والجنود.
وبالرجوع إلي بيان عدد المصابين والقتلى في حوادث يوم 21 فبراير سنة 1946 يتضح أن ما حدث من تصرفات أفراد القوات البريطانية قد أدى إلي قتل خمسة عشر شخصا وإصابة أربعة وتسعين.
وفى 4 مارس سنة 1946 قامت بالإسكندرية من الساعة التاسعة صباحا مظاهرات سلمية واستمرت الحالة هادئة وكان رجال البوليس يتخذون الإجراءات المناسبة للمحافظة على الأمن ولتفرقة المتظاهرين دون أن يقع من هؤلاء الأخيرين أي اعتداء غير أن المتظاهرين لاحظوا أن فندق الأطلانتيك يرفع علم البحرية البريطانية وقد أشار أحد الضابطين البريطانيين القائمين على أمر هذا الفندق أنه استطلع رأى الرؤساء فيما إذا كان يمكن رفعه في ذلك اليوم الذي كان محددا من قبل لإبداء مظاهر الحداد فأجابوه برفعه - وكان رفع هذا العلم في ذلك اليوم مما أثار المتظاهرون وزاد في ثائرتهم إطلاق الرصاص عليهم من العمارات التي يقيم بها أفراد القوات البريطانية مما أدى إلي سريان الإشاعات بينهم عن مقتل البعض منهم نتيجة لإطلاق هذا الرصاص وعندما قذف بعض المتظاهرين كشك البوليس الحربي البريطاني في ميدان سعد زغلول بالطوب قابلهم الجنود البريطانيون داخل الكشك بإطلاق الرصاص من المتراليوز باستمرار ووقع الكثير من المتظاهرين مصابين نتيجة لذلك وحينئذ شرع المتظاهرين فجأة في مهاجمة هذا الكشك وإشعال النار فيه. فقامت قوات البوليس والجيش بكل ما في استطاعتها لإنقاذ أفراد القوة التي بالمخفر وتمكنت من إنقاذ ثلاثة منهم وإخراج اثنين شقا طريقها وسط المتظاهرين دون الانضمام إلي إخوانهم السابقين واستمر أحدهما يطلق النار على المتظاهرين مما دعى إلى وقوع التصادم بينهما وبين المتظاهرين وكانت نتيجة ذلك إصابتهما بما أدى إلي وفاتهما.
وقد أرسلت السفارة البريطانية إلي دولة رئيس مجلس الوزراء في 18 مارس سنة 1946 احتجاجا عما وقع في حادث 4 مارس سنة 1946 السالف الذكر أشارت فيه إلي أن عجز ولاة الأمور هو الذي أدى إلي قتل جنديين بريطانيين وقد أجاب دولة رئيس مجلس الوزراء بكتابه المؤرخ 33 مارس سنة 1946 بأن القوات المصرية قد أدت واجبها على صورة يستحيل معها اتهامها باللين أو التسامح وأن المشكلة الحقيقية التي هي مصدر المتاعب كلها محصورة في وجود القوات البريطانية في البلاد مع أن الأمة كلها ترغب في أن ترى تلك القوات تنسحب خصوصا وقد انقضى ما يزيد على السنة من وقف القتال.
وتبين من تقرير رئاسة نيابة الإسكندرية المحرر في 25 مايو سنة 1946 أن عدد من قتل من المصريين بلغ 27 شخصا من بينهم نساء وأطفال وجرح من المصريين 342 شخصا عدا كثيرين أصيبوا ولم يتقدموا لتوقيع الكشف عليهم مما يجعل عدد المصابين يربو على أربعمائة شخص.
وفى 7 يونية سنة 1946 أرسلت السفارة البريطانية كتابا أرفقت به تقريرين محررين بمعرفة السلطات البريطانية يشيران إلي أنه كان من الممكن إنقاذ حياة الجنديين لو أن قوات البوليس والجيش المصري تصرفت بحزم أو همة وقد أجاب دولة رئيس مجلس الوزراء على ذلك في 25 يونيو سنة 1946 بكتاب أرفق معه صورة من تقرير رئيس نيابة الإسكندرية ومن تقرير النائب العام وقد تضمن بيانا وافيا للوقائع الثابتة من التحقيق القضائي وأوضح في كتابه أن مسئولية الحوادث تقع على عوامل الاستفزاز التي أثارها رجال القوات البريطانية وأنه يخالف للأسباب الموضحة في الكتاب وفى تقريري النيابة العمومية وجهة نظر الحكومة البريطانية في شأن اعتبار السلطات البريطانية مسئولة عن مقتل هذين الجنديين أو التزامها بأي تعويض عنهما.
وقد عادت السفارة البريطانية وأرسلت كتابا في 7 أكتوبر سنة 1946 أشارت فيه إلي عدم موافقتها على أن رجال الأمن في مصر قد اتخذوا التدابير الكافية لحماية أرواح رجال البوليس الحربي البريطاني المشار إليهم ونفت وقوع أية مسئولية من جانبهم وإنهم لم يطلقوا النار إلا دفاعا عن النفس ولذلك فإن الحكومة البريطانية تطالب رسميا بالتعويض عن مقتل رجلي البوليس الحربي وأشارت إلي أن رئيس الوزراء قد اقترح شفويا أنه قد يمكن تعيين رجلين من رجال القانون من قبل الحكومتين ليجتمعا ويفحصا كافة الوثائق التي يمكن الوصول إليها ويراجعا الوثائق التي أدت بكل من الحكومتين إلي اتخاذ موقف معين في هذا الأمر وذلك للوصول إلي أحكام يتفقان عليها بناء على وقائع القضية وأن الحكومة البريطانية ترى أنه من الأفضل التوسع في هذا الاقتراح واتخاذ تدبير من شأنها تسوية النزاع بصفة نهائية أي أن النزاع ينبغي أن يحال إلي حكم واحد محايد رفيع الشأن قد تتفق الحكومتان على تعيينه أو عوضا عن ذلك لو استحال تنفيذ هذا الاقتراح يعين من قبل رئاسة محكمة العدل الدولية وأن الحكومة البريطانية لتفترض أن الحكومة المصرية لا ترغب في أن يتخذ هذا الحادث أهمية مبالغا فيها لو رفع بالفعل إلي محكمة العدل الدولية ذاتها.
وفى 12 يناير سنة 1947 أرسلت السفارة البريطانية مذكرة أشارت فيها إلي إنها سبق أن سلمت في 18 يوليو سنة 1946 إلي صدقي باشا عندما كان رئيسا للوزراء ملخصا عن قوائم بالمطالبات المالية التي قدمها مدنيون بريطانيون بخصوص الاضطرابات التي حدثت في نوفمبر سنة 1945 وفى شهري فبراير ومارس سنة 1946 وأنه في 31 أكتوبر سنة 1946 كتب المستر بوكر لصدقي باشا خطابا وبعث بقوائم أخرى بالمطالبات عن أضرار وقعت في نفس هذه المناسبات على أشخاص من العسكريين كما استعلم عن مدى ما وصل إليه بحث المطالبات التي قدمت في 18 يوليو وأشارت السفارة البريطانية إلي إنها لم تتلق جوابا على تلك المسائل.
وفى 21 يناير سنة 1947 أرسلت السفارة البريطانية كتابا تشير فيه إلي أنها لم تتلق بعد رد الحكومة المصرية على اقتراح التحكيم السابق إيضاحه بكتابها المؤرخ في 7 أكتوبر سنة 1946.
وإني ألاحظ من الوجهة القانونية أنه لا تترتب قبل الدولة أية مسئولية ما لم تكن قد أخلت بواجب من الواجبات الدولية المفروضة عليها وتلك المسئولية لا تنشأ إلا بين دولة ودولة حكمها في ذلك حكم العلاقات الدولية عامة فيخرج بهذا أية المسئولية تنشأ بين الدولة والأفراد إذا المرجع في ذلك لحكم القانون الداخلي لا القانون الدولي العام وعلى أية حال فلا مسئولية ما لم يثبت وقوع عمل خاطئ أو غير مشروع من الدولة.
وفيما يتعلق بمسئولية الدولة عن الأضرار التي تحدث نتيجة للمظاهرات والاضطرابات وتلحق بالأجانب المقيمين في أرضها فالأصل إنما هو تقرير عدم مسئولية الدولة عن تلك الأضرار باعتبار أن جميع الأعمال التي تقوم بها لحفظ الأمن تعتبر من الأعمال المتعلقة بسيادة الدولة وأن مطالبتها بتعويض في هذه الحالة يعتبر إجراء ماسا بأعمال السيادة إلا أنه يؤخذ في الاعتبار دائما عند بحث مدى مسئولية الدولة إثبات وقوع تقصير في بسط حمايتها على الأجانب المقيمين في بلادها استنادا إلي أن ذلك يمكن أن يعتبر عملا خاطئا صادرا من جانبها.
وأساس مسئولية الدولة في هذه الحالة إنما ثبوت التقصير الفاحش من جانبها في اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوع الضرر بالقدر المستطاع وفي تعقب الجانين الذين قاموا بارتكاب أفعال مخالفة للقانون ألحقت ضررا بالأجانب ومن ثم فإن مجرد وقوع الضرر لا ينهض أساسا للمسئولية ما لم يكن ناتجا عن إهمال جسيم بل ينفي عن الدولة المسئولية قيامها باتخاذ الإجراءات المناسبة ومدى الإجراء المناسب مرجعه طبيعة الحالة وما أحاط بها من الملابسات أو تداخل من عوامل فجائية إذ لا يمكن مطالبة الدولة باتخاذ المستحيل بل ينحصر في اتخاذ الإجراءات الممكنة ومن أدعي مسئولية الدولة في مثل هذه الأحوال فعليه اللجوء إلي القضاء إذا شاء.
وقد أتيح للدول فرصة مناقشة المذاهب المختلفة في مسئولية الدولة عند اجتماعها سنة 1930 بناء على دعوة عصبة الأمم في مؤتمر تجميع قواعد القانون الدولي العام الخاص بمسئولية الدول عما يصيب الأجانب المقيمين على الإقليم من ضرر في أشخاصهم وأملاكهم وقد ناقش أعضاؤه مختلف المبادئ والنظريات المتعلقة بالمسئولية الدولية في هذا الصدد وقد اكتفي بتدوين المبادئ التي تم الاتفاق عليها على شكل مواد وقد نصت المادة العاشرة على أنه: فيما يتعلق بالأضرار التي تلحق بأجانب من عمل الأفراد لا تكون الدولة مسئولة إلا إذا كان الضرر اللاحق بالأجنبي ناشئا عن تقصير الدولة في اتخاذ ما تستلزمه الحالة من الإجراءات لمنع وقوع العمل الذي سبب الضرر أو إصلاحه أو توقيع العقوبة على فاعله.
إلا أنه يلاحظ أن الكثير من الدول مع تمسكها بالمبدأ الخاص بعدم وجود أي التزام قانوني بالتعويض ترى في بعض الحالات منح تعويضات بباعث من العطف والرحمة أو لدواعي المجاملات السياسية وقد سارت مصر فعلا في أكثر من مناسبة على صرف تعويضات من باب العطف والمساعدة كما تفعل في حالات الكوارث والنوازل العوامل التي ترى التدخل فيها للتخفيف من أثر الأضرار وأحدث قرار أصدرته في هذا الشأن قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1935 وقد جاء فيه أن الوزارة لا تسأل قانونا عن التعويضات في مثل هذه الظروف غير أن المجلس يرى من باب الإحسان تشكيل لجنة لنظر هذه التعويضات وقد حدث مثل ذلك في سنة 1930 على أثر الحوادث التي وقعت في الإسكندرية والقاهرة وقد أصدر مجلس الوزراء قرارا في 14 سبتمبر سنة 1930 بتشكيل لجنة لفحص ما يقدم من الطلبات في هذا الصدد والفصل فيها بالرفض أو تقدير التعويض المناسب على الأسس المحددة في ذلك القرار وقد جاء به أن الحكومة ليست مسئولة في الحق والقانون عن تعويض ما حصل من الضرر في تلك الحوادث والواقع فوق ذلك أن ما بذله رجال الحكومة من الجهد الشديد وما اتخذوه من تدابير الحيطة والمحافظة على النظام كان له أفضل الأثر في اتقاء كثير من الإضرار وفى تخفيف ما لم يكن ثمة سبيل إلي اتقائه من الأخطار غير أنه يحسن مع ذلك أن تنظر الحكومة على سبيل التعطف والرأفة في أمر التعويض على من حصلت لهم أضرار في سياق تلك الحوادث وقد أجرت الحكومة في الحالات المتقدمة على غرار ما اتبع عقب حوادث سنة 1919 من تشكيل لجان وكل إليها النظر والفصل في طلبات التعويض عن الحوادث المذكورة.
وبتطبيق المبادئ القانونية والدولية المتقدم بيانها على وقائع حوادث 21 فبراير و 4 مارس سنة 1946 يتضح عدم وجود تقصير من جانب السلطات المصرية وبالتالي لا يمكن القول بوجود أية مسئولية على الدولة يترتب معها وجود التزام قانوني بالتعويض عن الأضرار التي تكون قد لحقت بالأجانب الموجودين في مصر دون تفرقة بين جنسياتهم ولمن لحقه ضرر أن يلجأ إلي المحاكم المصرية في هذا الصدد إذا شاء. أما أمر صرف منحة فمتروك لتقدير الحكومة على ضوء ما قد تراه من اعتبارات مبناها العطف وروح المساعدة.
ولذلك فإني لا أرى مطلقا ما يبرر اعتبار مطالبة مثل هؤلاء الأفراد المتصفين بالجنسية البريطانية أو بغيرها من الجنسيات محل تحكيم دولي لأنه كما سبق إيضاحه من مبادئ القانون الدولي تعتبر العلاقة بين الدولة وهؤلاء الأفراد محكومة بقواعد القانون الداخلي لا القانون الدولي العام فالجهة التي يحتكمون إليها للمطالبة بتعويض هي المحاكم المصرية وحدها ولا تترتب في مثل هذه الحالات مسئولية دولية تخضع للتحكيم الدولي إلا إذا حصل إنكار للعدالة بعد استيفاء جميع طرق الإجراءات القضائية déni de justice.
على أنه يلاحظ بهذه المناسبة أن دولة رئيس مجلس الوزراء السابق قد أشار في كتابه للسفارة البريطانية في 23 نوفمبر سنة 1946 إلي أنه من المحقق أن ما سيسفر عنه التحقيق القضائي من إتلاف وتخريب ستدفع عنه التعويضات اللازمة لمن حاقت بهم أضرار ثم أبدى في بيانه بمجلس النواب عن هذه الحوادث عند مناقشتها أيام 25 و 26 و 27 فبراير سنة 1946 أما "دفع تعويضات عن الخسائر مسألة قلنا أن الأحكام القضائية هي التي تحددها".
أما فيما يتعلق بمطالبة الحكومة البريطانية بالتحكيم في موضوع مقتل رجلي البوليس الحربي البريطاني في حادث 4 مارس سنة 1946 فإن النزاع بين الحكومتين المصرية والبريطانية حول مدى مسئولية الحكومة في هذا الصدد يمكن أن يكون محل تحكيم على اعتبار أنه نزاع بين دولتين وقد أصاب الضرر منه أثنين من رجال الجيش البريطاني على أنه فيما يبدو أنه قد وقعت تصرفات خاطئة لا مبرر لها من أفراد القوات البريطانية في حادث ميدان الإسماعيلية في يوم 21 فبراير سنة 1946 كان من نتيجتها قتل وإصابة بعض المصريين كما ترتب على مثل هذا التصرف في 4 مارس سنة 1946 بميدان سعد زغلول قتل وإصابة البعض الآخر ومثل هذه التصرفات قد تدعوا لمطالبة الحكومة البريطانية بتعويض عن تلك الأعمال الخاطئة التي أدت إلي الأضرار السالفة الذكر وتلك المطالبة أيضا مما يصح أن يكون محل تحكيم بين الدولتين باعتبار ذلك موجه من الحكومة المصرية قبل الحكومة البريطانية.
ولذا فإني أرى أنه يجب ربط موضوع هاتين المطالبتين معا فيما إذا رأت الحكومة المصرية قبول اقتراح التحكيم المقدم من الحكومة البريطانية بحيث يتناول المحكمون في هذه الحالة بحث مدى مسئولية الحكومة المصرية عن مقتل اثنين من أفراد القوات البريطانية في 4 مارس سنة 1946 ومدى مسئولية أفراد القوات البريطانية عن مقتل خمسة عشر شخصا وإصابة أربعة وتسعين من المصريين في حادث 21 فبراير سنة 1946 ومقتل سبعة وعشرين شخصا وإصابة أربعمائة من المصريين في حادث 4 مارس سنة 1946.
أما فيما يتعلق بتأليف هيئة التحكيم فيحسن أن تكون من ثلاثة أشخاص تعين كل من الحكومتين واحدا منهم والثالث يتم اختياره باتفاق الحكومتين فإن لم يتفقا اختاره رئيس محكمة العدل الدولية.
فإذا وافقتم دولتكم على ما تقدم لي بيانه فإني أتشرف بأن أرفق مع هذا مشروع الرد الذي يمكن إرساله للسفارة البريطانية في هذا الشأن.
مشروع
بالإحالة إلي الكتاب رقم 666/1/47 المؤرخ 21 يناير سنة 1947 بشأن اقتراح الحكومة البريطانية إحالة موضوع الخلاف القائم بين حكومتينا بالنسبة للمسئولية عن مقتل اثنين من أفراد البوليس الحربي بالقوات البريطانية يوم 4 مارس سنة 1946 ومطالبة الحكومة البريطانية بتعويض عن ذلك أود أن أشير إلي أنه بمراجعة تقارير السلطات المصرية عن حادث 21 فبراير سنة 1946 بالقاهرة وحادث 4 مارس سنة 1946 بالإسكندرية قد تبين أن التصرفات الخاطئة التي وقعت من أفراد القوات البريطانية قد أدت إلى قتل خمسة عشر شخصا وإصابة أربعة وتسعين شخصا من المصريين في القاهرة وقتل سبعة وعشرين شخصا وإصابة ما يزيد عن أربعمائة شخص من المصريين بالإسكندرية وترى الحكومة المصرية أن الحكومة البريطانية تعتبر مسئولة عما وقع من أفراد القوات البريطانية بغير مبرر مما يدعو الحكومة المصرية إلي التقدم بطلب تعويض عن قتل 42 مصريا وإصابة 494 مصريا طبقا للبيان السابق الإشارة إليه.
والحكومة المصرية توافق على الاقتراح الخاص بأن يحال للتحكيم موضوع المسئولية عن تلك الحوادث على أن تكون هيئة التحكيم مكونة من ثلاثة أشخاص تعين كل من الحكومتين أحداهم ويكون تعيين الحكم الثالث بموافقة الحكومتين وإن لم يتم الاتفاق عليه يكون تعيينه بمعرفة رئيس محكمة العدل الدولية على أنه يكون مفهوما أن اختصاص هيئة التحكيم يكون شاملا لبحث مدى مسئولية الحكومة المصرية عن مقتل الاثنين من أفراد القوات البريطانية ومدى مسئولية أفراد القوات البريطانية عن مقتل وإصابة المصريين السالفي الذكر وفى حالة ثبوت المسئولية يقدر التعويض الذي يجب دفعه.

الفتوى رقم 102 - تاريخ الفتوى 24 / 02 / 1947]
القانون رقم 72 لسنة 2007

الخاص بالتأمين الاجبارى عن المسئولية المدنية .. وتعويض مباشر عن حوادث السيارات

صدر بتاريخ 29/5/2007 قانون التأمين الاجبارى عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع00 شامل تعديلات هامة بخصوص التعويضان عن حوادث السيارات . من ضمن تلك التعديلات ان شركات التأمين ملتزمة بسداد مبلغ 40000 جنيه للمستحق او ورثته عن حوادث السيارات فى خلال شهر من تاريخ ابلاغها بالحادث ودون اللجوء للقضاء.. واليكم نص القانون بالكامل
باسم الشعب
رئيس الجمهورية
قرر مجلس الشعب القانون الاتى نصه وقد اصدرناه
المادة الاولى
يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن التأمين الاجبارى عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية.
المادة الثانية
تسرى احكام قانون الاشراف والرقابةعلى التأمين فى مصر الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981 فيما لم يرد به نص فى هذا القانون وبما لا يتعارض مع احكامه.
المادة الثالثة
يلغى القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الاجبارى عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات كما يلغى كل حكم يخالف هذا القانون.
المادة الرابعة
تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من وزير الاستثمار خلال ثلاثة شهور من تاريخ صدور القانون والى ان تصدر هذه اللائحة يستمر العمل باللوائح والقرارات المعمول بها فيما لا يتعارض مع احكام القانون المرافق.
المادة الخامسة
ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به بعد شهر من تاريخ نشره
على ان يسرى الالتزام المنصوص عليه فى المادة (3) من القانون المرافق اعتبارا من تاريخ انهاء مجلة وثيقة التأجين الاجبارى السارية بالنسبة الى المركبة فى تاريخ العمل بهذا القانون.
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها.
صدر برئاسة الجمهورية فى 12 جمادىالاولى سنة 1428 هجرية الموافق 29 مايو سنة 2007م
حسنى مبارك
قانون
التأمين الاجبارى عن المسئولية المدنية
الناشئة عن حوداث مركبات النقل السريع
داخل جمهورية مصر العربية
مادة (1) :
يجب التأمين عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع المرخص فى تسييرها طبقا لاحكام قانون المرور ويشمل التأمين حالات الوفاة والاصابة البدنية وكذا الاضرار المادية التى تلحق بممتلكات الغير عدا تلفيات المركبات وذلك وفقا لاحكام وثيقة التأمين الصادرة تنفيذا لهذا القانون0
مادة (2) :
تقبل فى نطاق تطبيق احكام هذا القانون بطاقات التأمين الموحدة عن سير المركبات عبر البلاد العربية او وثائق او بطاقات او شهادات التأمين الصادرة طبقا للاتفاقيات الدولية النافذة فى جمهورية مصر العربية بشرط ان يكون التأمين بموجب هذه البطاقات او الوثائق او الشهادات ساريا طوال مدة بقاء المركبة فى جمهورية مصر العربية وشاملا اوجه المسئولية المدنية المنصوص عليها فى المادة السابقة وان تبين البطاقة او الشهادة او الوثيقة شركة التأمين المصرية التى تعهدت بتسوية التعويضات المترتبة على ذلك.
مادة (3) :
يقع الالتزام باجراء التأمين على مالك المركبة او من يقوم مقامه قانونا0
مادة (4) :
مع مراعاة حكم المادة (2) من هذا القانون يتم التأمين لدى احدى شركات التأمين المسجلة لدىالهيئة المصرية للرقابة على التأمين والمرخص لها فى مزوالة فرع تأمين السيارات وتأمينات المسئوليات المتعلقة بها طبقا لاحكام القانون رقم 10 لسنة 1981 .
وتلتزم هذه الشركات بقبول التأمين المشار اليه وباصدار الوثائق الخاصة به.
مادة (5) :
تكون لكل مركبة وثيقة تأمينية خاصة بها مطابقة للنموذج الذى يصدر به قرار من مجلس ادارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين.
وتحفظ وثائق التأمين المشار اليها ومستندات تجديدها بقسم المرور المختص فى الملف الخاص بالمركبة ( ورقيا او الكترونيا ) ولا يجوز سحبها او الغاؤها ما دام ترخيص المركبة قائما ولا يترتب على هذا الالغاء ان وقع اى اثر بالنسبة للغير.
وفى حالة نقل الملكية للغير تسرى الوثيقة الاصلية او المجددة بالنسبة للمالك الجديد عن المدة الباقية وذلك طبقا للشروط والاجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
مادة (6) :
يسرى مفعول وثيقة التأمين طوال مدة الترخيص بتسيير المركبة وخلال المهلة المسموح فيها بتجديد الترخيص طبقا لقانون المرور ويسرى مفعول وثيقة التجديد من اليوم التالى لانتهاء مدة الترخيص حتى نهاية المهلة المسموح خلالها بتجديده.
مادة (7) :
يصدر بتحديد الحد الاقصى لاسعار التأمين المنصوص عليها فى المادة (1) من هذا القانون قرار من مجلس ادارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وذلك استنادا على الدراسات الفنية والاكتوارية التى تعد فى هذا الشأن ومع ذلك يجوز للهيئة تحديد اسعار اضافية لهذا التأمين فى الحالات التى تزيد فيها المخاطر التأمينية وذلك كله بعد اخذ رأى وزارة الداخلية وموافقة رئئيس مجلس الوزراء .
وعلى شركات التأمين الالتزام بهذه الاسعار فى الوثائق التى تصدرها.
مادة 8(:
تؤدى شركة التأمين مبلغ التأمين المحدد عن الحوادث المشار اليها فى المادة (1) من هذا القانون الى المستحق او ورثته وذلك دون الحاجة الى اللجوء للقضاء فى هذا الخصوص .
ويكون مبلغ التأمين الذى تؤديه شركة التأمين قدره اربعون الف جنيه فى حالات الوفاة او العجز الكلى المستديم ويحدد مقدار مبلغ التأمين فى حالات العجز الجزئى المستديم بمقدار نسبة العجز كما يحدد مبلغ التأمين عن الاضرار التى تلحق بممتلكات الغير بحد اقصى قدره عشرة الاف جنيه ويحدد مجلس ادارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين كيفية وشروط اداء مبلغ التأمين المستحق فى كل الحالات المشار اليها على ان يصرف مبلغ التأمين فى مدة لا تتجاوز شهرا من تاريخ ابلاغ شركة التأمين بوقوع الحادث.
مادة (9) :
للمضرور او ورثته اتخاذ الاجراءات القضائية قبل المتسبب عن الحادث والمسئول عن الحقوق المدنية للمطالبة بما يجاوز مبلغ التأمين.
مادة (10) :
لا يجوز لشركة التأمين اداء مبلغ التأمين الى وكيل المضرور او وكيل ورثته الا بمقتضى توكبل خاص مصدق عليه بعد تحديد مبلغ التأمين وفقا لنص المادة ( من هذا القانون.
ويجب ان يتضمن التوكيل قيمة مبلغ التأمين وبما يخول للوكيل حق استلامه من شركة التأمين.
مادة (11) :
فى حالة تلقة النيابة العامة بلاغا او محضر استدلال محرر من مأمور الضبط القضائى فى واقعة حادث موجب للتعويض وفقا لاحكام هذا القانون يتم الاستعلام من ادارة المرور المختصة عن اسم الشركة المؤمنة على المركبة واسم المؤمن له واثبا ذلك بمحضر التحقيق وعليها اخطار الشركة المؤمنة بوقوع الحادث.
مادة (12) :
يلتزم المؤمن له او من ينوب عنه بابلاغ شركة التأمين بالحادث الذى تسببت فيه المركبة والموجب للتعويض وفقا لهذا القانون خلال خمسة عشر يوما من تاريخ وقوعه وعليه ان يتخذ كافة الاحتياطات والاجراءات اللازمة لتجنب تفاقم الاضرار الناجمة عنه كما يلتزم بأن يقدم الى شركة التأمين جميع الاوراق والمستندات المتعلقة بالحادث حال تسليمها له.
واذا اخل المؤمن له بأى من التزاماته المنصوص عليها فى الفقرتين السابقتين فلشركة التأمين الرجوع عليه بالاضرار التى تصيبها نتيجة ذلك ما لم يكن التأخير مبررا.
مادة) 13( :
اذا كانت المسئولية عن حادث موجب لاستحقاق مبلغ التأمين وفقا لهذا القانون مشتركة بين مركبتين او اكثر يحق للمضرور او ورثته الحصول على مبلغ التأمين المنصوص عليه فى المادة من هذا القانون من اى من مؤمنى المركبات المتسببة فى الحادث .
وتكون تسوية مبلغ التأمين بين الشركات المؤمنة بالتساوى بينها.
مادة (14 ) :
اذا توفى المصاب او عجز عجزا كليا مستديما من جراء الحادث فى خلال سنة من تاريخ وقوعه وثبت بشهادة طبية معتمدة ان الوفاة او العجز الكلى المستديم كانا نتيجة الحادث وجب على الشركة المؤمنة ان تؤدى الى المضرور او ورثته مبلغ التأمين المستحق عن حالة الوفاة او العجز الكلى المستديم والمنصوص عليه فى المادة ( من هذا القانون او ان تكمل مبلغ التأمين الذى سبق ودفعته الى هذا الحد.
مادة (15) :
تخضع دعوى المضرور فى مواجهة شركة التأمين للتقادم المنصوص عليه فى المادة (752) من القانون المدني .
مادة (16) :
يجوز للمضرور او ورثته الجمع بين مبلغ التأمين المنصوص عليه فى هذا القانون واية مبالغ اخرى تستحق بمقتضى وثائق تأمين اختيارية تكون قد ابرمت لتغطية الاصابات البدنية او الوفاة الناجمة عن حوادث المركبات.
مادة (17) :
لشركة التأمين اذا ادت مبلغ التأمين فى حالة قيام المسئولية المدنية قبل غير المؤمن له او على غير المصرح له بقيادة المركبة ان ترجع على المسئول عن الاضرار لاسترداد ما تكون قد ادته من تعويض.
مادة (18) :
يجوز لشركة التأمين ان ترجع على المؤمن له بقيمة ما تكون قد ادته من تعويض اذا ثبت ان التأمين قد عقد بناء على ادلاء المؤمن له ببيانات كاذبة او اخفائه وقائع جوهرية تؤثر فى حكم شركة التأمين على قبولها تغطية المخاطر او على سعر التأمين او شروطه او ان المركبة استخدمت فى اغراض لا يخولها الترخيص.
مادة (19) :
لا يترتب على حق الرجوع المقرر لشركة التأمين وفقا لاحكام المادتين السابقتين الاخلال بحق المضرور فى الرجوع على المسئول عن الحقوق المدنية.
مادة (20) :
ينشأ صندوق حكومى وفقا لنص المادة (24) من القانون رقم 10 لسنة 1981 لتغطية الاضرار الناجمة عن حوادث مركبا النقل السريع فى الحالات الاتية :
1 ــ عدم معرفة المركبة المسئولة عن الحادث.
2 ــ عدم وجود تأمين على المركبة لصالح الغير.
3 ــ حوادث المركبة المعفاة من اجراءات الترخيص
4 ــ حالات اعسار شركة الـتأمين كليا او جزئيا.
5 ــ الحالات الاخرى التى يصدر بها قرار من مجلس ادارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين.
ويؤدى الصندوق مبلغ التأمين للمستحقين طبقا للمادة من هذا القانون ويحق له فى الحالات المنصوص عليها فى البندين
( 2 , 3 ) من الفقرة السابقة الرجوع على مالك السيارة او المركبة او المتسبب فى الضرر بقيمة مبلغ التأمين الذى اداه.
ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بنظام الصندوق.
وتتولى شركات التأمين تمويل الصندوق بنسبة من متحصلات الاقساد طبقا لمتوسط حصتها فى السوق من نشاط التأمين الاجبارى ويصدر بتحديد هذه النسبة قرار من وزير الاستثمار بناء على تقرير فنى تعده الهيئة المصرية للرقابة على التأمين عن هذه المتحصلات.
مادة (21) :
مع عدم الاخلال بأية عقوبة اشد منصوص عليها فى قانون اخر يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسة الاف جنيه ولا تزيد عن عشرين الف جنيه كل من يخالف ايا من احكام المواد (3) , (4) , الفقرة الاخيرة من المادة
(7) ، (10)
من هذا القانون وتنعقد المسئولية الجنائية على الشخص الاعتبارى اذا ثبتت المخالفة فى حقه.
ويعاقب بغرامة لا تقل عن الف جنيه ولا تزيد عن خمسة الاف جنيه كل من يخالف حكم المادة (12) من هذا القانون.

تعتبر مسألة الحكم والديمقراطية من أهم القضايا التي تواجه الجماعات البشرية عامة ويوليه علم السياسة بالغ الاهتمام ، منذ تكوين المجموعات البشرية فبدأ الإنسان يحاول إيجاد حل لهذه المعضلة فلقد تعددت الآراء وتطورت النظرية وأسلوب التطبيق في محاولة الوصول ً حسب رأيه للتطبيق الأمثل من أجل إيجاد حل لمشكلة أداة الحكم ، وإيجاد مخرج للبشرية للوصول بالناس جميعاً لتقرير مصيرها ومشاركتها في اتخاذ قرارها ، إلا أن هنالك عديد الصعوبات والعراقيل التي تقف عائقاً أمام التطبيق السليم والكامل بكل ما تعنيه كلمة ممارسة « الحكم » قولاً وفعلاً .
فجاءت النظرية الليبرالية كأول نظرية رادع للنظام الإقطاعي الملكي ، ورأي المفكرون المؤيدون لها بأن الخلاص والنجاة فيها ، إلا أن سرعان ما ظهرت الحقيقة وهي أن هذه النظرية الليبرالية تخدم مصالح أشخاص وجهات وطبقات معينة فقط وتضم الأحزاب أفراد وطبقات معينة وليس كامل أفراد الشعب التي يتم التصويت لها عن طريق الاقتراع المباشر أو غير المباشر ، من أجل اختيار الحزب الذي يحكم ويتولى مقاليد البلاد ، والقانون الأساسي في عملية نجاح أي حزب يتوقف على عدد الأصوات فالحزب الذي يتحصل على أكبر عدد من الأصوات هو الفائز ولو كان فارق الأصوات صوتاً واحداً . وإذا كان هنالك عدد من الأحزاب وكل منها تحصل على نسبة معينة من اصوات الناخبين فإن الحزب الفائز هو الذي يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين رغم إن مجموع أصوات الناخبين الأخرى يكون أكبر نسبة من إجمالي الأصوات التي دخلت الانتخابات وأحياناً يكون الفارق قليلاً وخاصة في نظام الحزبين .
تعتبر هذه معضلة كبيرة وطعن في النظام الحزبي بأنواعه بل وطعن في النظرية الرأسمالية التي استند عليها الإعلانان السابقان لحقوق الإنسان ، فكيف يكون إعلان عالمي وهو يفرق بين المجتمع في حق تقرير المصير الذي يعتبر من أهم وأولى حقوق الإنسان السياسية ومن ذلك نستخلص بأن الحقوق بنيت على نظريات والوثيقة الخضراء لحقوق الإنسان حددت حق تقرير المصير بحق الممارسة السياسية كما وردت في النظرية العالمية الثالثة وهذا يعتبر حل لمعضلة تقرير المصير ، بحيث يؤخذ برأى الأغلبية وعدم إهمال رأي الأقلية ويحاول الباحث في هذه الورقة سرد مشكلة الأقلية والأغلبية في النظام الحزبي في عدد أصوات الناخبين وعرض الحل الوارد في النظرية الجماهيرية مقسماً هذه الورقة إلى أربعة محاور رئيسية :ـ
أولا :ـ التعريف بالنظام الليبرالي
ثانياً ـ الانتخابات وأزمة الأقلية والأغلبية في النظام الليبرالي
ثالثاً ـ أمثلة على بعض الأنظمة الليبرالية والفرق بين الانتخاب والتصعيد
رابعاً ـ النظرية العالمية الثالثة وحل معضلة الأغلبية والأقلية في النظرية الليبرالية وحل الوارد في النظرية العالمية الثالثة وعرض حق التعبير أحد أهم حقوق الإنسان « حق التعبير
أولا التعريف بالنظام الليبرالي
الليبرالية تعني مجموعة من الآراء والأفكار والقيم تدور حول السلطة وترمي إلى تحرير الفرد من كل القيود وظهرت رد فعل ضد التحكم الإقطاعي والسلطة المطلقة وحكم الأسرة الواحدة والتفريق بين أفراد المجتمع الواحد ، وهي بذلك تهدف إلى التخلص من تلك السيطرة والامتيازات الموروثة التي تتعارض مع مبدأ المساوة بين أفراد المجتمع والليبرالية هي تلك الفكرة التي يهدف أصحابها إلى تقييد سلطة الحاكم وكفالة حقوق الأفراد وحرية الفكر والتجارة والملكية الخاصة «2» إن ما يميز النظرية الليبرالية هو الأهمية التي تعزوها إلى الفرد وحقوقه ..أي أن النزعة الفردية هي السمة الجوهرية لها ، لقد نشأت الليبرالية بفعل الواقع الاجتماعي وفرضتها الظروف في أوروبا الذي أدى إلى تقسيم المجتمع إلى طبقات ، طبقة إقطاعية غنية ومالكة ، وطبقة عاملة فقيرة فبعد سيادة نظرية الحق الإلهي والتي نتجت عنها حكومة استبدادية ليست لها أي اعتبارات إنسانية وسيطرة النظام الإقطاعي لفترة طويلة مارس خلالها أبشع أنواع التسلط والتحكم بحق البشرية من خلال اعتماد الإقطاع على نظام لا يميز به الإنسان والحيوان إذا كان يباع ويشترى وظهرت الطبقة البرجوازية التي ازداد ربحها بفعل التجارة وبسطت سلطانها الاقتصادي ومن هنا نادت بالمساواة وإقامة نظام سياسي ينادي بالديمقراطية التي تحقق لها السيطرة السياسية بالإضافة إلى سيطرتها الاقتصادية «3» إن تناقض مصالح الطبقة البرجوازية « الرأسمالية» والإقطاعية أدى بالطبقة البرجوازية إلى المناداة بإقامة نظام سياسي يحد من سيطرة الإقطاعيين ويشارك فيه الشعب مصدر السلطة عن طريق الاختيار الشعبي ، ويكون الحاكم فيه مقيداً بقواعد حقوقية للشعب ، أي بالقانون الذي هو حصيلة تعاقد بين أفراد المجتمع ويطبق عليهم بالتساوي وتلك المبادئ هي التي تقوم عليها الديمقراطية الليبرالية ، التي استعملتها الطبقة البرجوازية لاستمالة فئات الشعب الذي يعاني من ظلم النظام الإقطاعي .
إن المبادئ التي نادت بها الديمقراطية الليبراليةلابد أن تتجسد في نظام سياسي يحدد أطر ممارسة العمل السياسي ، وقد نشأ هذا النظام على قاعدة تمثيل الشعب في مجالس منتخبة
واعتمدت الليبرالية على طريق الديمقراطية النيابية وتمثلت في ـ
1- النظام التمثيلي : بنت الليبرالية المبدأ النيابي وعزفت عن الأخذ بالديمقراطية المباشرة التي شكلت تهديداً خطيراً لمصالح البرجوازية التي سادت في ظلها ، ونشأ التمثيل النيابي نتيجة محاولة الحد من السلطة الملكية ورقابتها على القوى الاجتماعية المختلفة ومن هنا فإن الممثلين يعتبرون رقباء على الحكام ، ودورهم يقتصر على تمثيل مصالح خاصة بطبقة أو جماعة


2- الوكالة النيابية تقوم على فكرة الوكالة وتستند إلى نظرية السيادة التي يتسم فيها النائب المنتخب في نطاق الدائرة الانتخابية يمثل مجموع الأمة وهي وكالة غير إلزامية ومستمرة لفترة زمنية محددة وتعتبر نهائية في غير حاجة إلى تصديق أو تأكيد سكان الإقليم عليه ، ومن هنا فإن النظرية الليبرالية تعتبر طريقة لاختيار الحكام وليست وسيلة تمكن الشعب من ممارسة الحكم



3- الدستور : فكرة الدستور مبنية على التمييز من السلطة والأشخاص الممارسين لها وعلى مبدأ ضمان الحريات الفردية وبذلك فإن الطابع المميز لحكم الدستور توزيع مهام الحكم بين سلطات متعددة وقيام حدود صريحة واضحة في اختصاص كل منها منعاً للحكم المطلق بذلك فإن الدستور ركيزة من الركائز الأساسية للديمقراطية ، وفي الأساس وضع الدستور من أجل تثبيت سلطة الملوك ووضع القواعد الحقوقية غير القابلة للتعديل أو التبديل بسهولة ويكون بمثابة الأداة الفاصلة في الصراع بين الملوك والمجالس الشعبية.
< وسائل تطبيق الديمقراطية الليبرالية
الديمقراطية في المفهوم الليبرالي هي طريق اختيار حاكم للدولة تهدف في جانبها الظاهري إلى الحفاظ على الحرية الفردية في التعبير وتقرير المصير ولكن جانبها الباطني تحقيق المصالح الشخصية لمجموعة قليلة فقط (الأقوياء الذين يحكمون بما يملكون من قوة ومال ) وهنالك مجموعة من الوسائل ولكن ليس في حاجة لطرحها جميعاً نظراً لاقتصار الورقة على خصوصية الأقلية والأكثرية في عملية الانتخاب
< الاقتراع العام
يرى الليبراليون أنه من الصعب تحقيق الديمقراطية المباشرة ، لأنها لا تستطيع أن تتصور الشعب حاكماً ومحكوماً في نفس الوقت ، لذلك تصبح المشاركة في الحكم عبر ممثلين يختارهم الشعب ضرورة لتحقيق الديمقراطية غير المباشرة وهو حق للتعبير عن جزء من إرادة المواطنين للحقوق السياسية الأساسية وهي الوسيلة الوحيدة التي بواسطتها تبرز الأنظمة الغربية شرعيتها
وحتى هذه المشاركة في الحكم والتي تعتبر جزئية لم تعتمد إلا بعد صراعات وكوارث عديدة ومعظم الاقتراعات مقيدة وينحصر حق الاقتراع في فئات معينة تتوفر فيهم شروط أهمها الثروة وما يمتلكه الفرد من مال وشركات ومدى احتكاره لآخرين وامتلاكه لمصادر القوة والاحتكار
وبذلك يعتبر الاقتراع خاصاً وليس عاماً كما يوحي بذلك ويتم اقتراع الأفراد لأحزاب معينة ينتمون إليها حسب المصالح والحاجات.
> الأحزاب السياسية
الحزب أداة حكم تمكن أصحاب الرؤية الواحدة والمصلحة الواحدة من حكم الشعب بأكمله ولها أنصار من طبقات معينة من الشعب من بيئات متعددة ، وتسعى الأحزاب إلى السيطرة على السلطة حتى تستطيع تحقيق أهدافها . ومن أجل تحقيق ذلك تقوم الأحزاب السياسية بأعمال ترمي لتحقيق هذا الهدف ، وأهداف الأحزاب السياسية تبقى ثانوية أمام الهدف الأكبر وهو الوصول إلى الحكم والاستيلاء على السلطة ونشأت الأحزاب السياسية بعد أن بدأت الإجراءات الانتخابية وتطورت «6» وكانت على شكل لجان محلية تضم شخصيات ذات نفوذ لتولي منصب سياسي وكانت تسيطر عليها شخصية معينة هي شخصية النائب ، وتتعدد الأحزاب وتتنوع ولكن هدفها واحد وهو الوصول إلى الحكم ، فأكثر الأحزاب تحاول الربط بين مصالحها ومصالح الشعب العامة وترفع شعارات قومية ووطنية ، وبعضها تحاول التستر بالدين لكي تتمكن فيها من الوصول إلى تأييد الشعب لتحقيق أهدافها أملاً بالوصول إلى ما تسعى إليه وهو كرسي الحكم والسيطرة على البلاد
ثانياً : الانتخابات وأزمة الأقلية في النظرية الليبرالية
أـ الانتخابات
يعتبر الانتخاب في النظم الليبرالية من أهم الطرق للتعبر عن الإرادة كما يراها أصحاب النظرية الليبرالية الانتخاب بالقائمة أي انتخاب قائمة تحتوي على مجموعة مرشحة لتسيير النظام « الحكومة» أو بالفرد لكل إقليم بحيث كون نائباً للإقليم ينوب عنهم في اتخاذ القرارات والنوع الأول يسمى انتخاباً مباشراً، أما الثاني فهو انتخاب غير مباشر من خلال المشاركة في اختيار من يحكم البلاد على المستوى الدولي

أثر دعاوى براءة الذمة علي التقادم

و ذلك من خلال النقاط الآتية:

أ- دعاوى براءة الذمة.
ب- إجراءات الحجز الإداري.
جـ - التقادم .

أولاً: دعوى براءة الذمة:

وفقاً لقانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية فإن الدعاوى الموضوعية التي يتم رفعها أمام القضاء قد تكون دعوى تقريرية أو إلزامية أو منشئة .

أ‌- الدعوى التقريرية:

هي الدعوى التي يقصد منها تحقيق اليقين القانوني بصدد وجود أو عدم وجود الحق أو المركز القانوني المدعي به حتى يتحقق الاستقرار القانوني بصدده, والحكم الصادر فيها وإن كان يحوز حجية الأمر المقضي ولكنه لا يصلح سنداً تنفيذياً لأنه لا يتضمن إلزام المحكوم عليه بأداء معين.
فهي قد تكون دعوى ايجابية يقصد منها تأكيد وجود الحق أو المركز القانوني " كدعوى الملكية ".

و قد تكون دعوى سلبية " كدعوى براءة الذمة " فهي دعوى وقائية بحتة تهدف إلي الحصول علي حكم موضوعي يؤكد علي وجود أو عدم وجود الحق أو المركز القانوني المدعي به.

ب- الدعوى الإلزامية:

هي التي يقصد منها تحقيق اليقين القانوني بصدد ما يلزم به المدعي عليه, والحكم الصادر فيها يحوز حجية الأمر المقضي ويعتبر سنداً تنفيذياً متي صار نهائياً أو كان مشمولاً بالنفاذ المعجل بحيث يمكن تنفيذه جبراً كما يترتب عليه تغير مدة التقادم المسقط للحق أو المركز المقرر من مدة تقادم قصيرة " خمس سنوات " إلي مدة تقادم طويلة " مدة خمسة عشر سنة " متي حاز قوة الأمر المقضي.
فهي تهدف إلي الحصول علي سند يجري التنفيذ بمقتضاه وهو حكم الإلزام.

جـ - الدعوى المنشئة:

يقصد منها إحداث تغير في الحق أو المركز القانوني المدعي به عن طريق إنشاء حق أو مركز لم يكن موجوداً من قبل, والحكم الصادر فيها يحوز حجية الأمر المقضي ولكنه لا يصلح سنداً تنفيذياً يمكن التنفيذ الجبري بمقتضاه, إلا أن التغيير يحدث أثره من تاريخ صدور الحكم وليس بأثر رجعي إلا إذا نص المشرع علي ذلك صراحة.

وعلي ذلك فإن الحكم الصادر في دعوى براءة الذمة :

• إما أن يكون بقبول الدعوى وفي هذه الحالة لا توجد أية مشكلة حيث يترتب علي هذا الحكم في حالة صيرورته نهائياً براءة ذمة الممول .
• و إما أن يكون الحكم صادراً برفض الدعوى و في هذه الحالة تثور المشكلة حيث قد يترتب علي طول المدة التي يستغرقها نظر الدعوى أمام القضاء سقوط المستحقات الضريبية بالتقادم .

وبالتالي فإن دعوى براءة الذمة التي تقام من الممول طالباً براءة ذمته من الضرائب المستحقة عليه هي دعوى تقريرية سلبية تؤكد علي وجود أو عدم وجود الحق أو المركز القانوني المدعي به , وأن الحكم الصادر فيها لا يصلح سنداً تنفيذياً لأنه لا يتضمن إلزام المحكوم عليه بأداء معين.

" د. وجدي راغب - مبادئ القضاء المدني - طبعة 1986 صـ 132 , د. سيد محمود - التقاضي بقضية وبدون قضية في المواد المدنية والتجارية - طبعة 2006 / 2007 – صـ 252 " .

ثانياً: إجراءات الحجز الإداري:

وفقاً لما نص عليه المشرع في قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية وكذلك في قانون الحجز الإداري فإنه يشترط في الدين الذي يجوز الحجز بشأنه أن يكون مستحق الأداء, محقق الوجود أي أن يكون خالياً من النزاع الجدي, معين المقدار.
وعلي ذلك فإذا لم تتوافر هذه الشروط في الدين المراد توقيع الحجز بشأنه كأن يقوم الممول برفع دعوى براءة الذمة فإن دين الضريبة لا يكون محقق الوجود ويتوقف وجوده علي الحكم الصادر فيها, فلا يجوز توقيع الحجز و إلا كان باطلاً.

ثالثاً: التقادم :

التقادم المسقط هو طريق من طرق إنقضاء الالتزام وذلك بسكوت الدائن مدة طويلة عن المطالبة بحقه.
والتقادم من النظام العام يقوم علي مصلحة الجماعة في استقرار المراكز القانونية القائمة, ويهدف إلي حماية الأوضاع المستقرة وتأييدها.
والقاعدة العامة في التقادم أن الحقوق تتقادم بمضي خمسة عشرة سنة ما لم يقرر القانون مدة خاصة لنوع ما من أنواع الحقوق.
وطبقاً لما نص عليه المشرع في المادة 377 من القانون المدني تتقادم بمضي ثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة.

إلا أن المشرع قد عدل من هذه المدة بمقتضي القانون 646 لسنة 1953 حيث جعل مدة التقادم بالنسبة لهذه الحقوق خمس سنوات.

وقد نص المشرع علي أن مدة التقادم تنقطع لأسباب متعددة وذلك سواء في القانون المدني أو القانون رقم 646 لسنة 1953, منها ما يرجع للدائن ومنها ما يرجع للمدين .

( أ ) – أسباب انقطاع التقادم التي ترجع إلي الدائن :

1- المطالبة القضائية:

لأنها تدل دلالة واضحة علي رغبة الدائن في المطالبة بما له من حق. وتعتبر الدعوى مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة المختصة.
ويترتب عليها قطع التقادم حتى ولو رفعت أمام محكمة غير مختصة.
إلا أنه يجب أن تكون صحيفة الدعوى صحيحة ومستوفية لكل الشروط اللازمة قانوناً حتى يترتب عليها أثرها في قطع التقادم. أما إذا شابها البطلان – لتخلف بيان من البيانات الجوهرية اللازمة لصحتها – فلا تنتج أثرها في قطع التقادم.

2- التنبيه:

هو من الإجراءات القاطعة للتقادم ولا يلجأ إليه الدائن إلا إذا كان بيده سند تنفيذي – حكم أو سند رسمي – إذ يسبق إجراءات التنفيذ تنبيه يوجهه الدائن إلي المدين نص عليه ونظمه قانون المرافعات.

وينقطع التقادم بالتنبيه ولو لم يلحقه حجز أو لحقه حجز غير صحيح.
ويجب أن يشتمل التنبيه حتى يكون قاطعاً للتقادم علي إعلان السند التنفيذي مع تكليفه بالوفاء بالدين. ويترتب علي الحكم بإلغاء هذا التنبيه اعتبار التنبيه كأن لم يكن وزوال كل ما كان له من أثر في قطع التقادم.

ويعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم إعلانات المطالبة بدين الضريبة , والإخطارات , وأوراد الضرائب والرسوم إذا سلمت أحدهم للممول أو من ينوب عنه قانوناًَ أو أرسل إليه بكتاب موصي عليه مع علم الوصول.

3-الحجز:

يعتبر توقيع الحجز من الإجراءات القاطعة للتقادم وذلك
إذا توافرت الشروط الآتية:

أ- يجب إعلان السند التنفيذي لشخص المدين أو في موطنه الأصلي.
ب- يجب أن يكون هذا الإعلان مشتملاً علي تكليف المدين بالوفاء وبيان المطلوب وتعيين موطن مختار لطالب التنفيذ.
جـ- يجب مضي يوم علي الأقل من إعلان السند التنفيذي لإجراء التنفيذ.
د- ويجب أن يتم الحجز في مكان وجود المنقولات المراد توقيع الحجز عليها.

ويعتبر الحجز كأن لم يكن إذا لم يتم البيع خلال ثلاثة أشهر من تاريخ توقيعه إلا إذا كان البيع قد وقف باتفاق الخصوم أو بحكم المحكمة أو بمقتضي القانون, وإذا اعتبر الحجز كأن لم يكن زال كل ما كان له من أثر في قطع التقادم.
أما بالنسبة لحجز ما للمدين لدي الغير فإنه يعتبر من الحجوز التحفظية ولا يسبقه تكليف من الدائن إلي المدين بالوفاء. ولذلك فإن مدة التقادم لا تنقطع إلا من تاريخ توقيع الحجز تحت يد الغير.

2- الطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع أو أي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى.

(ب) – أسباب انقطاع التقادم التي ترجع إلي المدين :

إذا كانت إجراءات التقادم تنقطع بكل فعل يقوم به الدائن للمطالبة بحقه, فإنها تنقطع أيضاً بفعل يصدر من المدين وهو إقراره, الذي قد يكون صريحاً وذلك إذا دل بطريقة مباشرة علي رغبة المدين في الاعتراف بما للدائن من حق, وقد يكون ضمنياً حيث يستدل عليه بكل عمل يقوم به المدين ويكون مفيداً لمعني الإقرار. ويعد هذا الإقرار حجة علي المدين ليس له بعد ذلك أن يعدل عنه, بشرط أن يصدر من المدين بعد بدء سريان مدة التقادم.

* والقاعدة العامة في انقطاع التقادم:

أنه يترتب علي انقطاع مدة التقادم عدم احتساب المدة السابقة علي تحقق السبب المؤدي للانقطاع سواء أكان بفعل الدائن أو المدين. وتبدأ مدة تقادم جديدة مساوية لمدة التقادم السابقة فإذا كان الحق يتقادم بمضي خمسة عشرة سنة ثم انقطعت هذه المدة لسبب من الأسباب بدأت مدة تقادم جديدة تكون خمسة عشرة سنة.

* الاستثناءات علي هذه القاعدة:

وقد استثني المشرع من هذه القاعدة .
1- أن يحكم بالدين ويحوز قوة الأمر المقضي فيه:

ففي هذه الحالة إذا كان الدين يتقادم بأقل من خمسة عشرة سنة وانقطعت المدة التي يتقادم بها حق الدائن في مواجهة المدين بالمطالبة القضائية , بدأت مدة تقادم جديدة في هذه الحالة من تاريخ الحكم , فلو كانت من الديون الدورية المتجددة كدين الأجرة فإن مدة التقادم الجديدة لا تكون خمس سنوات بل خمسة عشرة سنة , حيث أن الذي يرد عليه التقادم في هذه الحالة ليس هو هذا الحق الدوري المتجدد , ولكنه ما قضي به للدائن أي الحكم ذاته .
أما الدين الدوري المتجدد بعد فترة الحكم فإنه لا يفقد صفة الدين الدوري المتجدد ولا يتقادم إلا بمضي خمس سنوات .

2- إذا أقر المدين وكان الدين مما يتقادم بمضي سنة:

حيث أن الديون التي تتقادم بمضي سنة فإن التقادم يقوم قرينة علي الوفاء , فإذا انهارت هذه القرينة بإقرار المدين لم يعد هناك مبرر لهذا التقادم القصير , وتبدأ بعد ذلك مدة تقادم عادية خمسة عشر سنة .
أما إذا انقطع التقادم بالتنبيه أو بالحجز أو بقبول الدائن في تفليسة أو توزيع , فإن مدة التقادم الجديدة تكون مساوية للمدة الأولي ويظل هذا التقادم الجديد قائماً علي قرينة الوفاء .
** ولقد ثار التساؤل حول أثر الدعوى التي يرفعها المدين للمطالبة ببراءة ذمته في قطع التقادم من عدمه؟
أن السبب الرئيسي وراء إثارة هذه المسألة هو أنه إذا قضي في هذه الدعوى بالقبول فلن يكون في استطاعة الدائن أن يطالب المدين بدعوى جديدة بعد ذلك و إلا تعرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
أما إذا قضي في هذه الدعوى بالرفض, فقد ذهب الفقه المصري إلي أن هذه الدعوى لا يترتب عليه قطع التقادم ولا تقوم مقام الإقرار في إحداث هذا الأثر.
" السنهوري . الوسيط. الجزء الثالث . فقرة 629ص 1093 - الوجيز في أثار الالتزام أ.د / محمد عمران – طبعة 1984".

وقد استقرت محكمة النقض في قضائها علي أنه يشترط في الإجراء القاطع للتقادم أن يكون صادراً من الدائن ودالاً علي تمسكه بحقه المهدد بالسقوط , وأن دعوى براءة الذمة التي يرفعها المدين لا يعتبر اعترافاً منه بالدين ينقطع به التقادم.
" نقض مدني رقم 19 لسنة 8 ق جلسة 17 / 11 / 1938 مكتب فني 2ع ص 429, نقض رقم 11 لسنة 15 ق جلسة 17/1/1946 مكتب فني 5ع ص 50, نقض رقم 88 لسنة 32 ق جلسة 27/10/1966 مكتب فني 17 الجزء الثالث ص 1588 ".

12 يونيو 2011

ســــــحـــب الــــقـــرار الإدارى

إن القرارات الإدارية وبصفه عامه تعتبر أكثر مرونـة واقل استقرارا من الأعمال القانونية في مجال القانون الخاص.



ومن المسلم به في فقه القانون العام الحديث أن القرارات الإدارية تخضع لقواعـد مغايره تماما عـن تلك التي يعرفها القانون الخاص, وان هذه القواعد تستجيب بمرونـة لمقتضيات حسن سير المرافق العامة ذلك أن المرفق العام الذي ترجعه إليه غالبيه قواعد القانون الإداري الحديثة، يخضع لثلاث أسس عامه هى:

دوام سيره بانتظام واطراد، وقابليته للتغير والتبديل في كـل وقت، ومساواة المنتفعين أمامه.

ومن ه ذه الأسس الثلاثة اشتقت معظم أسس وقواعد القانون الإداري الحديث ومنها القواعد المتعلقة بامتيازات السلطة الإدارية.

وتعد القرارات الإدارية من أهم مظاهر ألامتيازات التي تتمتع بها السلطة الإدارية والتي تستمدها من القانون العام وأيضا وسيلتها المفضلة فـي القيام بوظائفهـا المتعددة والمتجددة في الوقت الحاضر لما تحققه من سرعه وفاعليه في العمل الإداري وإمكانية البت من جانبها وحدها في أمر من الأموردون حاجه إلى الحصول على رضا ذوي الشأن أو حتى معاونتهم وذلك بإنشاء حقوق للإفراد أو التزامات عليهم هذا بالإضافة إلى قدره الإدارة على تنفيذها تنفيذا مباشرا وبالقوة الجبرية .

يمكن تعريف القرار الإداري بأنه (( إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانـون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطه عامه، بمقتضي القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان جائزا وممكنا قانونا ابتغاء تحقيق مصلحه عامه)).

أن القانون الإداري يعترف للإدارة العامة بسلطة تقديريه أو بقدر مـن حرية التصرف في مباشره معظم اختصاصاتها ومسئوليتها القانونية - باعتبارها الأمينة على المصلحة العامة - مثل هذه السلطة أو هـذا القدر من حرية التصرف يعد بمثابة الشرط الأول لحياة وبقاء كـل أداره, خاصة بعد تعاظم الـدور الذي أصبحت تضطلع به الإدارية العامة في الوقت الراهن نتيجة تشعب وتداخل مجالات ومسئوليات الدولة الحديثة .

وتطبيقا من المشرع لهذه السلطة التقديرية التي منحها للإدارة فقد أعطاها الحق في سحب بعض ما تصدره مـن القرارات إذا كانت هذه القرارات غـير مشروعه قانونا أو كانت قرارات غـير ملائمة ابتغاء للصالح العام وحسن سير المرافق العامـة وللتخفيف من على عاتق القضاء الذي يسهر على رقابه مشروعيه القـرارات الإدارية بالإلغاء والتعويض فمنح الإدارة سلطه سحب قراراتها ليقلل بذلك من حالات اللجوء للقضاء من اجل الطعن في هذه القرارات.

ويمكن التظلم من القرارات الإدارية المعيبة ويكون المتظلم هنا بالخيار سواء بالتظلم إلى من اصدر القرار المعيب أو إلى رئيسه الاعلي. ويسـمي التظلم الأول بالتظلم الولائي أما التظلم الثاني بالتظلم الر ئاسي ويمتاز هـذا الطريق بالسهولة واليسر كما انـه يحقق مبدأ المشروعية بالإضافة إلى انه يحسم المراكز القانونية وهي في مهدها تفاديا للوصول بـها إلى القضاء ويعتبر القرار الصادر في التظلم قرارا إداريا تفصح به الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة والدليل على ذلك انه يجوز للمضرور من هذا القرار اللجوء للقضاء للطعن فيه بالإلغاء كما يجوز للجهة مصدره القرار(الجهة الإدارية) سحب هذا القرار.

ومما لا خلاف عليه انه يجوز للجهة الإدارية سحب القرارات الإدارية المعيبة بعيب عدم المشروعية وذلك مثل القرارات الإدارية التي لا تولد حقوقا أو لاعتبارات عدم الملائمة أما بالنسبة للقرارات الإدارية المشروعة هل يجوز للجهة الإدارية مصدره القرار إن تسحب هذا القرار المشروع استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي ونظيره المصري على انه لا يجوز سحب القرار الإداري السليم إلا وفقا للحدود المقررة في القانون في هذا الشأن وهذه القاعدة مبنية على أسـاس عدم رجعيه القرارات الإدارية.

ونظرا لأهمية موضوع سحب القرارات الإدارية غير المشروعة فقد صيغت في صوره نظريه متكاملة ذات قواعـد وشـروط صاغها مجلس الدولة الفرنسي ونقلها عنه مجلس الدولة المصري. ويري فقهاء القضاء الإداري أن سـحب القرار الإداري غيـر المشروع يعتبر نوعا من الجزاء الذي توقعه الإدارة على نفسها بنفسها نتيجة إصدار قرار غير مشروع، توفر به على نفسها تلقي ذلك العقاب من القاضي الإداري فيما لو طعن احد الإفراد إمامه بعدم مشروعيه ذلك القرار بما يجعله قاضيا بإلغائه لا محالة. وإذا كان كل من سحب القرار الإداري وإلغائه يؤديان إلى نتيجة واحده وهي التخلص من القرار المعيـب إلا أن أسباب سحب القرار الإداري أوسع من أسباب الطعن بالإلغاء فهي علاوة على احتوائها على الأسباب التقليدية للطعن بالإلغاء فإنها تتضمن السحب لاعتبارات الملائمة ووفقا لمقتضيات المصلحة العامة بالإضافة إلى أن اللجوء إلى طريق التظلم من القرار الإداري المعيب توصلا إلى سحبه هـو طريق سـهل وميسور على المضرور من هذا القرار لأنه يوفر عليه مؤنـه اللجوء للقضاء . وتتمثل الحكمة الأساسية من منح المشرع للجهة الإدارية مصدره القرار الحق فــي سحب هذا القرار هي الوصول إل ى احترام القانون وذلك من خلال التوفيق بين اعتبارين متناقضين.

الأول: تمكين الجهة الإدارية مـن إصلاح ما ينطوي عليه قراراها مــن مخالفه قانونيه.

الثاني: ويتمثل فـي وجوب اسـتقرار الأوضاع القانونية المترتبة على القرار الإداري والسحب بهـذه الصورة يحفظ لمبدأ المشروعية قوته وفاعليته بإذلالـه القرارات الـتي تصدر بالمخالفة له وتدفع الأفراد إلى احترامه . ومن هذا المنطلق سوف نقسم هذا البحث إلى ثلاث فصول, نتحدث فـي الفصل الأول منـها عن ماهية سـحب القرار الإداري وذلك مـن حيث تعريفه وبيان طبيعته القانونية والأسـاس القانوني لحق الجهة الإدارية في سحب قراراتها ثم نعقد مقارنة سـريعة بين كلا من السحب والإلغاء، وفي الفصل الثاني نتعرض بالحديث عن أنواع القرارات الإدارية مـن حيث مـدي جواز سحبها ونفرق في هذا الشأن بـين القرارات الإدارية المشروعة ومدي جواز سـحبها والاستثناءات التي ترد عليهـا والقرارات الإدارية غير المشروعة، أما في الفصل الثالث فنتعرض فيه للآثار التي تترتب على سحب القرار الإداري.

تعريف سحب القرار الإداري

اختلف الفقه الفرنسي والمصري, حول تعريف سحب القرار الإداري، وذلك الاختلاف يرجع إلى اختلاف الزاوية التي ينظر كل منهم إلى موضوع سحب القرار الإداري منها، فمنهم مــن ينظر إلى السحب مـن زاوية السلطة التي أصدره القرار بغض النظر عن طبيعة القرار نفسه، في حين ينظر جانب أخـر عند تعريفه لسحب القرار الإداري إلى الطبيعة القانونية للسحب بجانب السلطة مصدره القرار.

يعرف الأستاذ دلوبادير سحب القرار الإداري: بأنه محو القرارات المعيبة بأثر رجعي عن طريق مصدرها. يعيب هذا التعريف انه ينكر ما للسلطة الرئاسية من حق سحب القرارات المعيبة التي تصدر مـن السلطة الادني، فهو يقصر الحق في السـحب على السلطة مصدره القرار أي ما يعرف بالتظلم ألولائي فقط, وهذا هو الاتجاه الغالب فــي الفقه والقضاء الفرنسي، ويري الفقهاء انه يمكن تحليل هذا الموقف ويعتبرون إن السـحب، أذا صدر من جانب السلطة الرئاسية يعتبر إبطالا وليس سحبا. في حين يتجه الفقه الفرنسي المعاصر إلى تعريف السـحب بأنه إعدام للقرار ومحو آثاره بأثر رجعي عن طريق مصدره أو من السلطة الرئاسية أما بالنسبة لتعريف سـحب القرار الإداري في الفقه المصري , ذهـب الفقيه الكبير سليمان الطماوي إلى أن السحب هو إلغاء بأثر رجعي. ويمتاز هذا التعريف بالسهولة واليسر , فهو يبين إن السـحب ينطوي على شقين, الأول هو الإلغاء أي إنهاء الوجود المادي والقانوني للقرار المسحوب، والشق الثاني يبين أن القرار المســحوب ينتهي وتنتهي كل أثاره سواء بالنسبة للمستقبل وكذلك الماضي، فيعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار. يعرف الدكتور عبد القادر خليل سحب القرار الإداري بأنه هو عمليه قانونيه تمكن السـلطة الإدارية من أعاده النظر في القرار الذي أصدرته بالنسبة للماضي والمستقبل بأثر رجعي. ويعرف الدكتور حسني درويش عبد الحميد السحب بأنه رجوع الإدارة سواء مصدره القرار الإداري آو السلطة الرئاسـية في قرار أصدرته بالمخالفة للقانون ويكون السحب بأثر رجعي.

ويتضح لنا إن كل التعريفات السابقة, تتفق فـي مضمونها على مجموعة من النقاط, وان اختلفت أحيانا في ألفاظها فالعبرة كما تقول المحكمة الإدارية العليا بالمعاني وليست بالألفاظ والمباني وهذه النقاط هي:

1- إن السحب هو محو للقرار الإداري.

2- انه لابد وان يترتب على السحب إلغاء الآثار المترتبة على القرار فيما يتعلق بالماضي, وكذلك التي يمكن أن تترتب في المستقبل.

3- إن السحب يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه.



طبيعة قرار السحب

من الأمور المسلم بها قانونا، أن المشرع قـد أعطي الجهة الإدارية مصدره القرار الحق في سحب هذا القرار طبقا للإجراءات والقواعد التي يحددها القانون فـي هذا الشأن، إذا رأت أن هذا القرار مخالف للقانون أو انه غير ملائم للظروف التي صدر فـي ظلها، وذلك يعتبر تطبيقا لمبدأ الســلطة التقديرية التي منحها المشـرع للإدارة وتحقيقا لمبدأ المشروعية. وإمعانا من المشرع في السـمو بمبدأ المشروعية، والحفاظ على حقوق الأفراد والوقوف أمام طغيان الإدارة وجموحها الذي يتزايد، فقد أعطي لكل ذي شأن الحق في الطعن في القرارات الإدارية المعيبة، وحدد المشرع طرق هذا الطعن في طريقتين هما التظلم الإداري والطعن القضائي.

أولا: التظلم الإداري:

كما ذكرنا فيما سبق أن هذا الطريق طريق سـهل وميسور على المضرور، ويكون لذوي الشأن في هذا النوع من التظلم، أن يتقدم بتظلمه للجهة مصدرة القرار أو للسلطة الرئاسية، ويسمي النوع الأول بالتظلم ألولائي، والنوع الثاني بالتظلم الرئاسي.

ثانيا: الطعن القضائي:

هذا هو الطريق الثاني إمام ذوي الشــأن, وهو اللجوء للقضاء طالبا الحكم بإهدار القرار وأثاره القانونية من وقت نشأته وزوال أثاره بأثر رجعي، ويـعيب هذا الطريق انه وعر المسك شدد الوطأة، ويتميز باجراته المعقدة وأطاله أمد التقاضي. ويتضح مما تقدم أن لصاحب الشــأن، الحق في الاختيار فيما بين الطريق القضائي والطريق الإداري (وذلك فيما عدا حالات التظلم الإجباري) كما أن صاحب الشأن لا يحرم من حقه في التظلم الإداري أذا هـو ولج الطريق القضائي, فإذا اختار صاحب الشـأن طريق التظلم ولم يفلح في الحصول على حقه وطرحت الإدارة وجهة نظره واعتبرت أن قرارها متسق مع صحيح القانون، فان له الحق في ولوج الطريق القضائي طالبا الحكم له في مسألته. ويعتبر القرار الصادر في التظلم، قرارا إداريا تفصح به الجهة الإدارية عـن إرادتها الملزمة في رفض تظلم ذوي الشأن, ويترتب على ذلك أن لذوي الشأن الحق في الطعن في هذا القرار أمام القضاء، كما يحق للجهة مصدره القرار أو للسلطة الرئاسية حـق سحبه.

وتأكيدا للطابع الإداري للقرار الساحب، قد استقر القضاء الإداري المصري في شأن القرار التأديبي انه ليس حكما قضائيا بل هو قرار إداري يخضع لما تخضع له القرارات الإدارية من أحكام، وذلك على الرغم مـن أن الإجراءات التأديبية تسـير على غرار الإجراءات المتبعة أمام المحاكم القضائية. ويتضح لنا مما سبق أن طبيعة القرار الساحب هي طبيعة إدارية، فقرار السحب ما هو إلا قرار إداري يخضع وبصفة عامه إلى ما تخضع له القرارات الإدارية مـن أحكام وهذا ما استقر عليه الفقه في كلا من فرنسا ومصر, وذلك على خلاف الأحكام القضائية فهى تتمتع بحجية الشيء المقضي فيه، والتي لا يجوز الطعن فيها إلا وفقا للطرق التي حددها القانون للطعن في الأحكام القضائية. وفـي هذا المعني يقول العميد سليمان الطماوي (إن السحب الإداري يتم بقـرار إداري يخضع لكافه القواعد والأحكام المنظمة للقرارات الإدارية. فالقرار المسحوب إذا كان سليما لا يجوز الرجوع فيه إلا وفقا للحدود المقررة في هذا الخصوص، فإذا كـان غير مشروع فانه لا يمكن الرجوع فيه إلا في جلال مدد الطعن). وفي هذا المعني يقول احد أحكام القضاء الإداري ( الحكم القضائي هو الذي تصدره المحكمة بمقتضي وظيفتها القضائية ويحسم على أساس قاعدة قانونيه خصومه قضائية تقوم بين خصمين وتتعلق بمركز قانوني خاص أو عام, ولا ينشئ الحكم مركزا قانونيا جديدا، وإنما يقرر في قوه الحقيقة القانونية وجـود حق لأي من الخصمين أو عـدم وجوده, فيعتبر عنوان الحقيقة فيما قضي به متى حاز قوه الشئ المقضي به. وكما هو ظاهر فالحكم القضائي هو الذي يكتسـب حجية الشئ المقضي به، وهذه صفه جوهريه تتصل بالإحكام القضائية وحدها أما قرارات السحب الصادرة مـن الإدارة فهي قرارات إداريه وليست قرارات قضائية ويرجع ذلك إلى التباين في وظيفة كل مـن القرار الإداري والحكم القضائي. ونخلص من ذلك كله إلى أن قرارات السحب، سواء كانت صادره من السلطة مصدره القرار أو من السلطة الرئاسية لها، ما هـي إلا قرارات إداريه يجوز الرجوع فيها جلال المدة المقررة للسحب قانونا، وانه يلزم لصحتها الأركان المقررة قانونا لصحة القرارات الإدارية، من حيث الاختصاص والسبب والشكل والغاية والمحل.



الأساس القانوني لحق الإدارة في السحب

من المسلم به إن المشرع لم يمنح الجهة الإدارية الحق في سحب ما تصدره من قرارات, إلا من اجل منحها فرصه لتصحيح الأوضاع المخالفة للقانون ورد تصرفاتها إلى نطاق المشروعية وتحقيق الصالح العام. ولكن ما هو ذلك الأساس القانوني, الذي يعطي الحق للجهة الإدارية في سحب بعض ما تصدره من قرارات, هل هو تحقيق مبدأ المشروعية أم تحقيق الصالح العام أم الرغبة في ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للإفراد, اختلف الآراء الفقهية التي قيل بها لتبرير حق الإدارة في سحب قراراتها المعيبة فردوها إلى عده نظريات وذلك على النحو التالي:

النظرية الأولى : نظرية المصلحة الاجتماعية

إن المستقر في القضاء الإداري أن سحب القرارات، قد شرع لتمكين الجهة الإدارية من تصحيح خطاء وقعت فيه, ويقتضي ذلك أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفا للقانون، أما إذا قام القرار الإداري على أسس صحيحة مستوفيا شروطه القانونية فانه يمتنع على جهة الإدارة سحبه، لانتفاء العلة التي من اجلها شرعه قواعد السحب وذلك احتراما للقرا ر واستقرارا للأوضاع وتحقيقا للصالح العام، وقد اجمع الفقه المصري والفرنسي على أن القرار المعيب يتحصن من السحب والإلغاء، بمرور مدد الطعن القضائي دون الطعن عليه بالإلغاء حيث يصبح القرار في هذه الحالة مشروعا. ويري الدكتور عبد القادر خليل, أن المصلحة العامة هي الأساس القانوني لحق الإدارة في سحب قراراتها الإدارية، فالمصلحة العامة هدف عام يجب أن تسعي الإدارة إلى تحقيقه أثناء مباشره سلطتها وإدارتها للمرافق العامة، فان تجاوزته فان تصرفها يـوصم بعيب بالانحراف. فأصحاب هذه النظرية، يذهبون إلى أن الأساس الذي من اجله منحت الإدارة الحق فــي سحب قراراتها، هو ضرورة استقرار المراكز والأوضاع القانونية للإفراد لان في ذلك وبلا شك تحقيقا للصالح العام (أو المصلحة الاجتماعية للإفراد) فهم يغلبون مبدأ استقرار الحقوق والمراكز القانونية على, مبدأ المشروعية واحترام القانون لان في مراعاتها ضمان حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد.

النظرية الثانية : نظريه احترام مبدأ المشروعية

يتزعم هذا الاتجاه العميد ديجي فيذهب سيادته إلى أن الأساس القانوني لحق الإدارة ف ي سحب قراراتها المعيبة هو مبدأ المشروعية. وعلي هـذا المبدأ يجب على الإدارة أن تلتزم في إصدار قراراتها باحترام مبدأ المشروعية، وان يكون هذا المبدأ هو المهيمن على كافه تصرفاتها، فإذا هي خالفته بالخروج عليه وجب عليها الرجوع في قراراتها المخالفة للقانون، ولا تثريب عليها إن هي عادت إلى حظيرة القانون في أي وقت. ويقول العميد ديجي أن هذا المبدأ ليس له، ولا يمكن أن يكون له، ولا يجب أن يكون له، أي استثناء وانطلاقا من هذا المبدأ، فلجهة الإدارة حق الرجوع في قراراتها أو تصحيح الأخطاء القانونية التي تقع فيها في كل وقت وانه ليس لأحد أن يشكو مـن سحبها لقراراتها الإدارية لان هذه السلطة إذا تقررت فـهي مقرره لمصلحه الأفراد، وانه إذا اضر هذا السحب بأحد فيكفي أن يقرر له الحق في التعويض. وانتهي العميد ديجي إلى أن مبدأ المشروعية يجب أن يكون هـو الاعلي ومـن ثم له الاولوية والغلبة دائما، على مبدأ المساس بالمراكز الفردية المكتسبة كلما حدث تعارض بينهما وحجته في ذلك، إن القرار الباطل لا يولد حقوقا، وبناء على ذلك يري إمكان سحب القرار الباطل في كل وقت، تحقيقا لمبدأ المشروعية والقول بغير ذلك يعرض مبدأ المشروعية للخطر، وهو ما لا يمكن التسل يم به. وفي رأيي، إن ما نادي به العميد ديجي لا يمكن التسليم به في كافه جوانبه، لأنه يغالي في الدفاع عن مبدأ المشروعية ويجعله على من اعتبارات ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للإفراد، فهو يري أن من حق الجهة الإدارية الحق في السحب في أي وقت وغير مقيده بمده معينه مدام أن القرار معيب. فهذا أن كان من شانه أن يودي إلى احترام مبدأ المشروعية، إلا انه سوف يودي إلى زعزعه استقرار المراكز والأوضاع القانونية للإفراد، ويؤدي إلى الإضرار بالصالح العام في النهاية.

الأساس المقترح

في رأيي انه لا يمكن التسليم بأي نظريه من هذه النظريات السابقة منفردة, لان كل منها يدافع عن جانب دون الوضع في الاعتبار الجانب الأخر، فالرأي الأول يدافع عن مبدأ ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية, وتغليبه على مبدأ المشروعية واحتـرام القانون أما الرأي الثاني فيدافع بقوه عن مبدأ المشروعية واحترام القانون, وإهدار مبدأ استقرار الأوضاع إذا تعارض مع المشروعية. وانه يكون من الأفضل الجمع بين المعيارين السابقين، ومحاولة التوفيق فيما بينهم كأساس قانوني سليم لحق الجهة الإدارية في سحب ق راراتها المعيبة، فيكون الأساس كالأتي (ضرورة استقرار المراكز والحقوق القانونية للإفراد مع الوضع في الاعتبار ضرورة العمل على احترام مبدأ المشروعية).



ومن أحكام قضائنا الإداري والذي يؤيد هذه الوجهة من النظر (من المقرر في قضاء هذه المحكمة بان سحب القرارات الإدارية لا يجوز حصوله بعد انقضاء ستين يوما على صدورها، ولا اعتبار لما تدفع به الحكومة من أن المسالة لا تعدو أن تكون خطا وقعت فيه عند حساب مدة خدمه المدعي بسبب عدم دقه الموظفين المختصين، فلما استبان لها هذا الخطأ أصلحته ورده الأمر إلى نصابه الصحيح أخذا بالقاعدة الاصلية، إن الخطاء لا يجوز إغفاله والإبقاء عليه وهو لا يكسب احد حقا ويضفي عليه مركزا قانونيا جدير بالاحترام، لأنه يقابل هذه القاعدة قاعدة أصليه أخري، هي أحق بالرعاية وأولي بالتقديم ومن مقتضاها كفاله الاستقرار وتوفير الطمانينة لحفظ المراكز القانونية وجعلها بمناي عن الزعزعة والاضطراب ولو كانت مشوبة بعد فوات الوقت الذي عينه القانون للطعن عليها من جانب ذي الشأن عن طريق دعوا الإلغاء....).



وفي ح كم آخر لقضائنا الإداري "إذا تحقق بناء على القرار مراكز قانونية فردية تستلزم صالح العمل واستقرار انتظام العاملين وحسن سير المرافق العامة التي تتولاها الإدارة، إن تستقر تلك المراكز القانونية وتتحصن ما دامت قد فاتت على الإدارة فرصه تصحيحها خلال مده الطعن القضائي".



وفي حكم أخر "من المبادئ المقررة انه لا يجوز لجهة الإدارة سحب قرار إداري أصدرته في حدود اختصاصها أو العدول عنه متي ترتب على هذا القرار حق للغير إذا مضت المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء إذا بمضي هذه المواعيد يكتسب القرار الإداري حصانه لا يجوز بعدها سحبة أو إلغاؤه لأي سبب كان ولو كان خطا أو مخالفا للقانون.



ومن استقراء الإحكام السابقة، يتبين لنا بوضوح إن القضاء مستقر على مبدأ ضرورة استقرار الأوضاع والمركز القانونية للإفراد، مع الوضع في الاعتبار ضرورة عدم إهمال مبدأ المشروعية واحترام القانون , فوضع ميعاد للطعن في القرار المعيب أو التظلم منة يعتبر بلا شك توفيق بين الاعتبارات المختلفة.

التفرقة بي ن السحب والإلغاء

سوف نتناول التفرقة فيما بين دعوي الإلغاء, والقرار الساحب وذلك في النقاط التالية :

أولا : من حيث التعريف:

- سحب القرار الإداري (هو قيام الجهة الإدارية بمحو القرار الإداري وإلغاء كافه آثاره، بالنسبة للمستقبل والماضي) ومن التعريف يتبين لنا أن الجهة التي تملك سحب القرار الإداري، هي الجهة الإدارية سواء مصدره القرار أو السلطة الرئاسية لها. أما دعوي الإلغاء (هي الدعوي التي يرفعها صاحب الشأن أمام القضاء الإداري المختص, للمطالبة بإلغاء قرار إداري نهائي صدر مخلفا للقانون)

ومن التعريف يتبين لنا إن الإلغاء هي دعوي قضائية، يرفعها ذوي الشأن للإلغاء القرار الإداري.

ثانيا: من حيث الطبيعة القانونية:

- بالنسبة لقرار السحب فتعرفنا فيما سبق على انه قرار إداري، يخضع لما تخضع له تلك القرارات من أحكام، فيجوز للجهة الإد ارية سحبه ونحيل إلى ما سبق.

- إما دعوي الإلغاء، فهي دعوي قضائية موضوعية تنصب على القرار الإداري ذاته للمطالبة بإلغائه لعدم مشروعيته، والحكم الصادر فيها حكما قضائيا يتمتع بما تتمتع به الإحكام من حجية الشيء المقضي فيه, فلا يجوز الرجوع فيه.

ثالثا: من حيث شروط قبول التظلم أو الطعن:

- بالنسبة لقرار السحب، فيشترط لقبول التظلم المقدم من ذوي الشأن أن يكون القرار المراد سحبه مشوبا بعيب عدم المشروعية، وان يتم إجراء السحب في الميعاد المقرر لذلك قانونا.

- أما دعوي الإلغاء، فيشترط لقبولها أن يكون محل الإلغاء قرارا إداريا نهائيا وان يتم رفع الدعوي في الميعاد المحدد لذلك قانونا وان تتوافر مصلحه مباشره يقرها القانون لرافع الدعوى.

رابعا: من حيث أسباب التظلم أو الطعن:

- بالنسبة لقرار السحب، فأسباب سحب القرار الإداري، أوسع من أسباب الطعن بالإلغاء فهي علاوة على احتوائها على الأسباب التقليدية للطعن بالإلغاء، فإنها تتضمن السحب لاعتبارات الملائمة، ووفقا لمقتضيات المصلحة العامة .

- أما أســباب الطعن بالإلغاء، فهي مقصورة على عيوب الاختصاص والشكل والمحل وعيب الانحراف بالسلطة.

خامسا: من حيث المواعيد:

- بالنسبة لقرار السحب، للإدارة إن تسحب القرار المعيب جلال ستين يوما مـن تاريخ صدوره، وفي حالة رفع دعوي الإلغاء فيكون للإدارة الحق في أن تسحب القرار ما لم يصدر حكم في الدعوي، ولكن حق الإدارة في هذه الحالة الأخيرة يتقيد بطلبات الخصم في الدعوي أي بالقدر الذي تملكه المحكمة "أي مجلس الدولة".

- أما دعوي الإلغاء، تنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنه 1972 في فقرتها الأولي على إن" ميعاد رفع الدعوي إمام المحكمة ف يما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيـه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به".

سادسا: من حيث طريقة رفع التظلم:

- بالنسبة لقرار السحب، وهنا يكون ذوي الشأن بالخيار بين إن يقدم تظلمه إلى الجهة مصدره القرار ويسمي التظلم في هذه الحالة بالتظلم ألولائي, وإما أن يتقدم بتظلمه إلى الجهة الرئاسية للجهة مصدره القرار ويسمي التظلم هنا بالتظلم الرئاسي، ويمتاز هـذا الطريق بالسهولة واليسر، كما انه يحقق مبدأ المشروعية بالاضافة إلى انه يحسم المراكز القانونية وهي في مهدها تفاديا، للوصول بها إلى القضاء.

- أما دعوي الإلغاء، حددت المادة 25 من قانون مجلس الدولة طريقة رفع الدعوي وهي "يقدم الطالب إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعة من محامي مقيد بجدول المحامين المقبولين أما تلك المحكمة، وتتضمن العريضة عدا البيانات العامة المتعلقة باسم الطالب ومن يوجه إليهم ا لطلب وصفاتهم ومحال إقامتهم موضوع الطلب وتاريخ التظلم من القرار إن كان مما يجب التظلم منة ونتيجة التظلم وبيان بالمستندات المؤيدة للطلب ويرفق بالعريضة صوره أو ملخص من القرار المطعون فيه، ويعيب هـذا الطريق انه وعر المسك شدد الوطأة ويتميز باجراته المعقدة وأطاله أمد التقاضي.

مدخل للمراجعة

مدخل للمراجعة

المطلب الأول :تعريف و مفهوم المراجعة و أهميتها:
يقصد بالمراجعة( ) أو تدقيق الحسابات بأنها فحص لانضمت الرقابة الداخلية و البيانات و المستندات و الحسابات و الدفاتر الخاصة بالمؤسسة تحت التدقيق، فحصا انتقاديا منضما ، بقصد الخروج برأي فني محايد عن مدى دلالة القوائم المالية للوضع المالي لذالك المشروع ، في نهاية فترة زمنية معلومة، ومدى تصويرها لنتائج الدورة من ربح أو خسارة.

ومن أحسن التعارف الشاملة للمراجعة ما ذكرته إحدى اللجان لجمعية المحاسبة الأمريكية بأن المراجعة( )« عملية أو طريقة منتظمة للحصول على أدلة و قرائن الاثباث بخصوص ما هو مثبت بالدفاتر و السجلات حول الأحداث الاقتصادية للمؤسسة و تقييمها للتأكد من درجة التماثل بما هو مثبت في الواقع ، وفق مقاييس معينة، ونقل النتائج إلى الأطراف المعنية»

ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا أن:
1- المراجعة عملية منتظمة وذالك يعني أن اختبارات مراقب الحسابات تعتمد على تخطيط مسبق متمثل في برنامج موض وع لعملية المراجعة.
2- ضرورة الحصول على القرائن و تقييمها بطريقة موضوعية، ويمثل دالك لب عملية المراجعة نضرا لتعدد هذه القرائن ، وتنوع المعايير المستخدمة لتقييمها.
3- تستخدم الأدلة لتحقق من مدى التطابق بين نتائج العماليات و الأحداث الاقتصادية التي حدثت خلال الفترة وأثرة على نتائج عمليات الوحدة و مركزها المالي(والتي تعتبر القوائم المالية ملخصا لها) و المعايير الموضوعية (مبادئ المحاسبة مقبولة قبولا تاما). فالمراجع عند تقييمه للأدلة يهتم بتحديد مااذا كانت القوائم المالية قد تم إعدادها و عرضها طبقا لمبادئ المحاسبة المتعارف عليها
4- إيصال نتائج الفحص و الدراسة إلى الأطراف المعنية ، ومن ثم فان المراجعة تمثل وسيلة من وسائل الاتصال. و يعتمد مراقب الحسابات في عرض نتيجة الفحص و الدراسة، وإيصالها إلى من بهمه الأمر ، عن طريق تقرير يضمن رأيه الفني المحايد.
ومن ثم فان عملية المراجعة تشمل على«الفحص»و«التقرير» و«الإيصال»
ويقصد بالفحص التأكد من صحة قياس العمليات المالية و سلامتها التي تم تسجيلها و تحليلها ، أي فحص القياس الحسابي للعمليات المالية بالنشاط المحدد للمشروع أما التقرير هو بلورة نتائج ا لفحص و إثباتها في تقرير يقدم إلى من يهمه الأمر داخل المشروع وخارجه.


و هنا يتجلى مفهوم المراجعة في المؤسسة سواء كانت مراجعة داخلية تتم بواسطة أفراد داخل المؤسسة أو مراجعة خارجية تتم بواسطة أفراد خارج المؤسسة ، فأصبح المراجع بمثابة الساهر على إثبات مدى صحة و دقة و سلامة القوائم المالية و الختامية و مدى الاعتماد عليها و توافق البيانات الواردة في القوائم المالية مع واقع المؤسسة ، وهذا لخدمة الأشخاص الدين يستخدمون البيانات المحاسبية و يعتمدون عليها في اتخاذ قراراتهم و رسم خططهم المستقبلية ، ومن هؤلاء الأشخاص:
( أ ) إدارة المشروع(المديرون):
تعتمد إدارة المؤسسة على البيانات المحاسبية التي يتم اعتمادها من قبل مراجع الحسابات المحايد و المستقل مما يزيد الثقة في هذه البيانات، كما أنها وسيلة لإثبات أن إدارة المؤسسة قد مارست أعمالها بنجاح مما يؤدي إلى إعادة انتخاب و تجديد مدة أعضاء مجلس الإدارة لفترة أخرى و كذلك زيادة مكافآتهم.
( ب) المستثمرون:
الذين يعتمدون على القوائم المالية ( الحسابات الختامية ) قبل اتخاذ أي قرار أو بتوجيه مدخراتهم. بحيث أن تعيين مراجع حسابات يطمئن المست ثمرين بأن أموالهم سوف لن تتعرض للاختلاس و السرقة نتيجة قيام المراجع بمراقبة تصرفات إدارة الشركة و التأكد من عدم انتهاك عقد الشركة الأساسي و قانون الشركات.
( ج ) البنوك:
تقوم معظم المؤسسات بطلب الحصول على قروض من البنوك و مؤسسات الاقتراض، و قبل أن توافق هذه البنوك على منح تلك القروض، فإنها تقوم بفحص و تحليل المركز المالي و نتيجة الأعمال لتلك المؤسسات، و ذلك لضمان قدرة هذه المؤسسات على سداد تلك القروض مع فوائدها في المواعيد المحددة.
( د) الجهات الحكومية (أجهزة الدولة) ( ):
تعتمد بعض أجهزة الدولة على البيانات التي تصدرها المؤسسات في العديد من الأغراض منها مراقبة النشاط الاقتصادي أو رسم السياسات الاقتصادية أو فرض ضرائب، ولا يمكن للدولة القيام بتلك الأعمال دون بيانات موثوق فيها و معتمدة من جهات محايدة تقوم بفحص هذه البيانات فحصا دقيقا، و إبداء الرأي الفني المحايد.
و بدالك يمكن القول بأن دور مراقب الحسابات هو دور انتقادي للعناصر المقدمة إليه لغرض مقدرتها على مقابلة احتياجات مستخدمي المعلومات المحاسبية ، و الشكل اللاحق يوضح لنا أن المراجعة ، لاستهدف تعديل نضام الاتصال للمعلومات المحاسبية ، ولكن تضيف إليها عملية إيصال فرعية بين المراجع و مستخدمي المعلومات المحاسبية ، حيث تتمثل في معاونتهم على تحديد جودة المعلومات و نوعيتها في ضوء معايير يشترك مستخدمو المعلومات في إعدادها
بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
و الشكل التالي يظهر نضم المعلومات المحاسبية ودور المراجعة في هدا الصدد :

الشكل رقم (1): نضم المعلومات المحاسبية ودور المراجعة في دالك







معايير


عملية الاتصال الأصلية للمعلومات المحاسبية




عملية الاتصال الفرعي للمراجعة
المصدر: محمد سمير الصبان /عبد الله هلال/مرجع سابق، ص ( 24 ).


و نستخلص مما سبق أن عملية المراجعة تمثل عملية فحص لمجموعة من المعلومات تقوم على الاستقصاء بهدف التحقق من سلامة القوائم المالية، و ذلك وفا لمجموعة من المعايير الموضوعية، تعكس احتياجات مستخدمي تلك القوائم مع ضرورة إيصال هذا الرأي إلى الأطراف المعنية لمعاونتها في الحكم على مدى جودة و نوعية هذه المعلومات، و تحديد مدى الاعتماد على تلك القوائم. ( )
المطلب الثاني: مبادئ المراجعة
فيما سبق رأينا أن المراجعة تقوم بركنين(الفحص)و (الإيصال) أي (التقرير) ومن هنا نقوم بتقديم المبادئ المتعلقة بهذان الركنان وهي على التالي:

أولا: المبادئ المرتبطة بركن الفحص:
أ- مبدأ تكامل الإدراك الرقابي: يعني المعرفة التامة بطبيعة أحداث المؤسسة و آثارها الفعلية و المحتملة على كيانها.


ب- مبدأ الشمول في مدى الفحص الاختباري: يعني أن يشمل مدى الفحص أهداف المؤسسة الرئيسية و الفرعية و كذلك جميع التقارير المالية المعدة بواسطة المؤسسة مع مراعاة الأهمية النسبية لهذه التقارير.

ج- مبدأ الموضوعية في الفحص: ( ) يشير إلى ضرورة العقل إلى حد أقصى ممكن، منه عنصر التقدير الشخصي، و ذلك بالاستناد إلى العدد الكافي من أدلة الإثبات التي تؤيد رأي المدقق و تدعمه خصوصا اتجاه العناصر والمفردات التي تعتبر ذات أهمية كبيرة نسبيا، و تلك التي يكون احتمال حدوث الخطأ فيها أكبر من غيرها.

د- مبدأ فحص مدى الكفاية الإنسانية: نشير إلى وجوب فحص مدى الكفاية الإنسانية في المؤسسة بجانب فحص الكفاية الإنتاجية لما لها من أهمية في تكوين الرأي الصحيح لدى المدقق عن أحداث المؤسسة و هذه الكفاية هي مؤشر للمناخ السلوكي لها و هو تعبير ما تحتويه المؤسسة من نظام للقيادة و السلطة و الحوافز و الاتصال و المشاركة.

ثانيا: المبادئ المرتبطة بركن التقرير
أ- مبدأ كفاية الاتصال: يشير إلى مراعاة أن يكون تقرير مدقق الحسابات أداة لنقل العمليات الاقتصادية للمؤسسة لجميع المستخدمين لها بصورة حقيقية تبعث على الثقة بشكل يحقق الأهداف المرجوة من إعداد هذه التقارير.

ب- مبدأ الإفصاح: يشير إلى مراعاة أن يفصح عن كل من شأنه توضيح مدى تنفيذ الأهداف للمؤسسة، ومدى التطبيق للمبادئ و الإجراءات المحاسبية و التغير فيها و إظهار الم علومات التي تؤثر على دلالة التقارير المالية، و إبراز جوانب الضعف في أنظمة الرقابة الداخلية و المستندات و الدفاتر و السجلات.

ج- مبدأ الإنصاف: يشير إلى مراعاة أن تكون محتويات تقرير المدقق و كذا التقارير المالية منصفة لجميع المرتبطين و المهتمين بالمؤسسة سواء داخلية أو خارجية.

المطلب الثالث : أهداف المراجعة

يستطيع الباحث في التطور التاريخي لأهداف التدقيق و مضمونه المهني أن يلاحظ التغير الهائل الذي طرأ على الأهداف و بالتالي على المضمون، فقديما كانت عملية التدقيق مجرد وسيلة لاكتشاف ما قد يوجد في الدفاتر و السجلات من أخطاء أو غش أو تلاعب أو تزوير، و لكن هذه النظرة لعملية التدقيق تغيرت عندما قرر القضاء الانجليزي صراحة عام 1897 أن اكتشاف الغش أو الخطأ ليس هدفا من أهداف عملية التدقيق و أنه ليس مفروضا في المدقق أن يكون جاسوسا أو بوليسيا سريا، و يجب على المدقق أن لا يبدأ عمله و هو يشك فيما يقدم إليه من بيانات، و هكذا
يمكن تشبيه المدقق و هو يؤدي مهنته بـ " كلب الحراسة و لا بالكلب البوليسي الذي يتعقب المجرمين".(  )
و كذلك كان هدف التدقيق قاصرا عل ى التأكد من الدقة الحسابية للدفاتر و السجلات و ما تحتويه من بيانات، و مطابقة القائم المالية مع تلك الدفاتر و السجلات دون إبداء رأي فني محايد حول أكثر من ذلك،

لكن هذا الهدف أيضا تغير، حيث أصبح من الواجب على المدقق القيام بمراجعة انتقاديه منظمة للدفاتر و السجلات، و إصدار رأي فني محايد يضمنه في تقريره الذي يقدمه للمساهمين (أو من قام بتعيينه) عن نتيجة فحصه.

و يمكن بوجه الإجمال حصر الأهداف التقليدية للتدقيق في نواح عدة أهمها:
1- التأكد من دقة و صحة البيانات المحاسبية المثبتة في دفاتر المؤسسة و سجلاته، و تقرير مدى الاعتماد
2- الحصول على رأي فني محايد حول مطابقة القوائم المالية لما هو مقيد بالدفاتر و السجلات.
3- اكتشاف ما قد يوجد بالدفاتر من أخطاء أو غش.
4- تقليل فرص الأخطاء و الغش عن طريق زيارات المدقق المفاجئة للمؤسسة، و تدعيم أنظمة الرقابة الداخلية المستخدمة لديه.
أما اليوم فقد تعدت عملية التدقيق هذه الأهداف إلى أهداف و أغراض أخرى أهمها:
1- مراقبة الخطط الموضوعة و متابعة تنفيذها.
2- تقييم نتائج أعمال المؤسسة بالنسبة إلى الأهداف المرسومة.
3- تحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاية الإنتاجية عن طريق محو الإسراف في جميع نواحي نشاط المؤسسة.
4- تحقيق أقصى هدف ممكن من الرفاهية لأفراد المجتمع الذي تعمل فيه المؤسسة.
المطلب الرابع:المقارنة بين المحاسبة و المراجعة

يمكن تعريف علم المحاسبة على أنه مجموعة من النظريات و المبادئ التي تحكم تسجيل العمليات المختلفة التي تجريها المؤسسة و تبويبها، و يكون لها التأثير على مركزه المالي في صورة نقدية ثم عرض نتائج هذه العمليات في قوائم مالية تبين نتيجة أعمال المؤسسة من ربح أو خسارة خلال فترة معينة ومركزه المالي في نهاية هذه الفترة.

أما علم تدقيق الحسابات فهو عبارة عن مجموعة النظريات و المبادئ التي تنظم فحص البيانات المسجلة بالدفاتر و السجلات و المستندات للتأكد من صحة هذه البيانات و درجة الاعتماد عليها، و مدى دلالة القوائم المالية على نتيجة أعمال المؤسسة و مركزه الم الي.
و هكذا يبدأ المحاسب بتسجيل العمليات المحاسبية بدفتر اليومية أو دفاتر اليومية المساعدة معتمدا على المستندات المؤيدة لتلك العمليات، ثم يقوم بترحيل تلك القيود إلى حسابات بدفاتر الأستاذ المساعدة، فيكون بذلك قد قام بالتحليل و التبويب، ثم تأتي عملية ترصيد تلك الحسابات و إجراء تسويات الجرد اللازمة ليصار إلى عرض نتائج تلك العمليات في القوائم المالية المعنية، و أهمها قائمة نتيجة الأعمال و التي تبين نتيجة عمل المؤسسة من ربح أو خسارة عن تلك الفترة، و قائمة المركز المالي و التي تبين الوضع المالي للمؤسسة في نهاية تلك الفترة التي اتخذت أساسا لإعداد تلك القوائم.أما المدقق فيبدأ عمله بتحليل ما حوته تلك القوائم المالية من بيانات للتأكد من صحتها و عدالة تصويرها للواقع، و من أجل هذا يعود بمطابقة تلك البيانات مع الدفاتر و السجلات، كما يعود إلى المستندات المؤيدة لما هو مسجل بتلك الدفاتر و السجلات، و ربما يؤدي الأمر بالمدقق إلى تعدي نطاق المؤسسة بحثا وراء دليل أو قرينة.

و هكذا يتضح لنا أن المدقق يبدأ عمله من حيث ينتهي المحاسب، كما يتضح لنا أيضا أن علم المحاسبة علم إنشائي Constructif يبدأ بالعديد من العم ليات التي يجريها المؤسسة، يخلص منها بقوائم مالية تحوي نتائج تلك العمليات العديدة و خلاصتها، بينما علم التدقيق علم تحليلي Analytique يبدأ بالقوائم المالية و يعود بما حوته من بيانات إلى الدفاتر و السجلات و المستندات المؤيدة لها، و ذلك في سبيل التأكد من صحتها.

و ثمة فارق هام بين المحاسب والمدقق، و هو أن المحاسب موظف لدى المؤسسة خاضع بالتبعية لإدارته، تنحصر مهمته في تسجيل العمليات و تبويبها و من ثم عرضها في قوائم مالية وفق إرادة القائمين على المؤسسة، و خبير مهني محايد لا يخضع لسلطان، أي سلطة إدارية بالمؤسسة، و تنحصر مهمته في فحص ما حوته القوائم المالية من بيانات للتأكد من صحتها و إبداء رأيه فيما
إذا كانت تلك القوائم المالية تظهر بصدق نتيجة أعمال المؤسسة عن الفترة المالية المعنية، و تبين بعدالة حقيقة مركزه المالي في نهاية تلك الفترة.

و يمكن تشبيه العلاقة بين المدقق و المحاسب بتلك القائمة بين القاضي و المحامي، إذ يشترط في كل فريق الخلفية العلمية المتساوية، و لكن يضاف إلى المدقق و القاضي الحياد و الاستقلال و الحكم الشخصي.

أنواع المراجعة

أنواع المراجعة

لقد خصصنا المبحث السابق لدراسة طبيعة و مفهوم المراجعة التي تقوم عليها الدراسة النظرية للمراجعة وهنا نود الإشارة بان تلك الدراسة تركزت على المراجعة الخارجية و التي تتم من خلال مهني من خارج المؤسسة لإبداء الرأي الفني المحايد عن مدى سلامة تمثيل القوائم المالية الختامية ، ومن ناحية أخرى هناك المراجعة الداخلية و التي تتبع من داخل المؤسسة بهدف خدمة الإدارة في مجال قياس كفاءة أنضمه الرقابة المطبقة على أنشطة المؤسسة المختلفة ، ومن الملاحظ أن نطاق و أسلوب المراجعة و توقيت القيام بها قد يختلف من حالة إلى أخرى ، فمن الجدير أن نخصص هدا المبحث للتعرف على أنواع عمليات المراجعة و تقسيمها إلى عدة مطالب لإمكانية تبسيط مفهومها و تحديد مختلف حدودها و الغايات التي تصب إليها.

المطلب الاول: من حيث القائم بالمراجعة(الهيئة التي تقوم بعملية المراجعة)
يمكن تقسيم المراجعة من حيث القائم بها إلى نوعين أساسيين هما :
-المراجعة الخارجية
-المراجعة الداخلية

1. المراجعة الخارجية: وهي التي تتم بواسطة طرف من خارج المؤسسة أو الشركة، حيث يكون مستقلا عن إدارة المؤسسة، وغرضه الرئيسي الخلاص الى تقرير حول عدالة تصوير الميزانية العامة لوضع المؤسسة المالي ، وعدالة تصوير الحسابات الختامية لنتائج أعمالها عن الفترة المالية
و لقد سبق التعرض لطبيعة وتعريف مفهوم المراجعة الخارجية من قبل.

2. المراجعة الداخلية: لقد كان ظهور المراجعة الداخلية لاحقا للمراجعة الخارجية، و من ثم فهي تعتبر حديثة إذ ما قورنت بالمراجعة الخارجية، و لقد نشأت الراجعة الداخلية بناءا على احتياجات الإدارة لإحكام عملية الرقابة على المستويات التنفيذية، فالمراجعة الداخلية أداة مستقلة تعمل من داخل المؤسسة للحكم و التقييم لخدمة أهداف الإدارة في مجال الرقابة عن طريق مراجعة العمليات المحاسبية و المالية و العمليات التشغيلية الأخرى.
و استفادا لما سبق، يمكن القول بأن المراجعة الداخلية تمثل أحد حلقات المراقبة الداخلية وأداة في يد الإدارة تعمل على مد الإدارة بالمعلومات المستمرة فيما يخص النواحي الآتية:
أ - دقة أنظمة الرقابة الداخلية الكفاءة
ب- التي يتم بها التنفيذ الفعلي للمهام داخل كل قسم من أقسام المؤسسة.

ت- كيفية و كفاءة الطريقة التي يعمل بها النظام المحاسبي، و ذلك كمؤشر يعكس بصدق نتائج العمليات و المركز المالي.
ومما بجدر بنا التلميح إليه بان المراجعة الداخلية قد اقتصرت في بادئ الأمر على المراجعة الحسابية للمستندات بعد الصرف (مراجعة لاحقة)، لغرض اكتشاف أخطاء التسجيل بالدفاتر، و لقد توسعت بعض المنشآت لكي تشمل المراجعة الداخلية مراجعة حسابية قبل الصرف، لغرض التأكد من سلامة الإجراءات.
و لقد اتضح بعد ذلك إمكانية استخدام المراجعة الداخلية لخدمة الإدارة العليا في جميع المجالات، مما استتبع معه ضرورة تطوير هذه الأداة و توسيع نطاقها لتشمل جميع نواحي النشاط للتحقق من مدى فاعلية الأساليب الرقابية في متابعة تنفيذ المهام.
ويجب إن لا يتبادر إلى الأذهان أن وجود نضام للمراجعة الداخلية في المؤسسة لا يغني عن تكليف المراجع الخارجي بفحص و مراقبة الحسابات، فالطريقة التي ينفذ بها المراجع الخارجي عمه تختلف عن الطريقة أي يتبعها المراجع الداخلي.
ومما سبق من التعارف وأهداف كل من المراجعة الداخلية و المراجعة الخارجية ، يمكن إعداد جدول لإبراز أوجه الاختلاف بين كل من المراجع الداخلي و المراجع الخارجي:


الجدول رقم ( 1 ) : المقارنة بين المراجع الداخلي و المراجع الخارجي

المراجع الخارجي المراجع الداخلي

1-الهدف

أو الأهداف


1- الهدف الرئيسي : خدمة طرف ثالث

(الملاك)

عن طريق إبداء الرأي

في سلامة و صدق تمثيل القوائم

المالية التي تعدها الإدارة عن نتيجة

الأعمال

و المركز المالي.

2-الهدف الثانوي :

اكتشاف الأخطاء والغش

في حدود ما تتأثر به التقارير

و القوائم المالية.


1- الهدف الرئيسي : خدمة الإدارة

عن طريق التأكد من أن النظام

المحاسبي كفؤ

و يقدم بيانات سليمة

و دقيقة للإدارة، و بذلك ينصص الهدف

الرئيسي على اكتشاف و منع الأخطاء

و الغش و الانحرافات عن

السياسات الموضوعة.

2- نوعية من

يقوم بالمراجعة


شخص مهني مستقل

من خارج المشروع

يعين بواسطة الملاك.


موظف من داخل الهيكل

التنظيمي للمشروع و يعين

بواسطة الإدارة.

3- درجة

الاستقلال في أداء العمل

و إبداء الرأي


يتمتع باستقلال كامل عن الإدارة

في عملية الفحص و التقييم

و إبداء الرأي.


يتمتع باستقلال جزئي، فهو مستقل

عن بعض الإدارات(مثل الحسابات

و التكاليف) و لكن يخدم

رغبات الإدارات الأخرى.

4- المسؤولية

مسئول أمام الملاك، و من ثم يقدم تقريره

عن نتائج الفحص و رأيه الفني

عن القوائم المالية إليهم.


مسئول أمام الإدارة، و من ثم يقدم تقرير

بنتائج الفحص و الدراسة

إلى مستويات الإدارة العليا.

5- نطاق العمل


يحدد ذلك أمر التعيين و العرف السائد

و معايير المراجعة المتعارف عليها،

و ما تنص عليه القوانين

المنظمة لأعمال المراجعة الخارجية.


تحدد الإدارة نطاق عمل المراجع الداخلي

فبقدر المسئوليات التي

تعهد الإدارة للمراجع الداخلي

يكون نطاق عمله.
6- توقيت الأداء

يتم الفحص غالبا مرة

واحدة في نهاية السنة المالية،

وقد يكون في بعض الأحيان

على فترات متقطعة خلال السنة.


يتم الفحص بصورة مستمرة

على مدار أيام السنة.





و على الرغم من أوجه الخلاف بين دور كل من المراجع الخارجي و المراجع الداخلي، فإن هناك أوجه للشبه بينهما، و من أمثلة أوجه الشبه هذه:
1- يسعى كل منهما إلى ضمان وجود نظام فعال للرقابة الداخلية في المؤسسة، و منع وتقليل حدوث الأخطاء و التلاعب.
2- يعمل كل منهما على وجود ناظم محاسبي فعال، يمدنا بالمعلومات الضرورية التي تساعد على إعداد و مجموعة من القوائم المالية الصحيحة و التي يمكن الاعتماد عليها( )
3
- هناك احتمال التعاون بينهما ، فقد يعتمد المراجع الخارجي إلى حد كبير على ما يعده المراجع الداخلي من تقر يرعن نتيجة فحص و تقييم أنضمه الرقابة الداخلية و كذا اعتماد المراجع الداخلي على ما يعده المراجع الخارجي من الرأي المحايد عن مدى سلامة القوائم المالية و هدا ما يجعله اشد حرصا في مراقبة النظام المتخذ في تسيير المؤسسة. و لكن رغم هذا التعاون الوثيق، فإن وجود نظام سليم للتدقيق الداخلي لن يغني عن تدقيق الحسابات بواسطة مدقق خارجي محايد
مستقل لما سبق و أوضحنا من أوجه الاختلاف و خاصة من حيث الاستقلال و الفئات المخدومة .
المطلب الثاني: من حيث الإلزامية
تنقسم المراجعة من حيث الإلزام القانوني إلى نوعين:
1.المراجعة الإلزامية. ( )
2. المراجعة الاختيارية.
1. المراجعة الإلزامية: و هي المراجعة التي يُحَتم القانون القيام بها، حيث يلزم المؤسسة بضرورة تعيين مراجع خارجي لمراجعة حساباتها و اعتماد القوائم المالية الختامية لها، و من ثم يترتب على عدم القيام بتلك المراجعة وقوع المخالف تحت طائلة العقوبات المقررة، أي هناك نص قانوني على وجوب القيام بعملية المراجعة ومن أمثلة المراجعة الإلزامية :مراجعة حسابات شركات المساهمة أي يكون لشركات المساهمة مراقب حسابات أو أكثر.

و منه المراجعة الإلزامية تتميز بعنصر الجبر و الإلزام ومن ثم يمكن توقيع الجزاء على المخالفين لأحكامها، و كذلك يجب بأن تتم المراجعة وفقا لقواعد ونصوص و إجراءات منصوص عليها، و على المراجع أن يتحقق ن أن عملية تعيينه لم تتم بمخالفة الأحكام القانونية.
و في هذه المراجعة فإن المراجع يؤدي عمله بالطريقة التي يراها مناسبة و ضرورية، كما أن لا يجب أن توضع أية قيود أو حدود على المراجع أثناء تأديته لواجباته حتى و لو كانت هذه القيود واردة للقوانين التنظيمية للمؤسسة، أو في صورة قرارات عن الجمعية العامة للمساهمين، و تعتبر مثل هذه القيود كأنها لم تكن في مواجهة المراجع الذي يعتبر مسئول إذا ما رضخ لهذه القيود.


2- المراجعة الاختيارية (غير الإلزامية): وهي تلك المراجعة التي يطلبها أصحاب المؤسسة دون إلزام القانون على وجوب القيام بها، ففي المؤسسات الفردية و شركات الأشخاص، قد يتم الاستعانة بخدمات المراجع الخارجي في مراجعة حسابات المؤسسة و اعتماد قوائمه المالية الختامية، نتيجة للفائدة التي تتحقق من وجود مراجع خارجي من حيث اطمئنان الشركاء على صحة نتائج الأعمال و المركز المالي، و التي تتخذ كأساس لتحديد حقوق الشركاء و خاصة في حالات الانفصال أو انضمام شريك جديد، و في حالة المؤسسات الفردية نلاحظ أن وجود المراجع الخارجي يعطي ثقة
للمالك في دقة البيانات المستخرجة من الدفاتر، و تلك التي تقدم إلى الجهات الخارجية وخاصة مصلحة الضرائب.( ) إلا انه لاحضنا من خلال دراستنا هذه على ان وجود المراجعة في بعض البلدان على هده الشركات أصبح إلزاميا و يفرضه القانون، و هذا بعدما تولد في أذهان القائمين با
السهر على اقتصاد هذه البلدان بضرورة احترام توفير عنصر التدقيق المحاسبي المحايد ونذكر على سبيل المثال الأردن.

المطلب الثالث: من حيث مجال أو نطاق المراجعة
وتنقسم المراجعة من المجال إلى نوعين:
1-المراجعة الكاملة
2-المراجعة الجزئية

1.المراجعة الكاملة: كان التدقيق قديما و حتى عهد قريب يتم بفحص جميع العمليات المقيدة بالدفاتر و السجلات وما تضمنه من بيانات أو حسابات خالية من الأخطاء و التلاعب و الغش أي تدقيق كامل تفصيلي، غذ كانت المشاريع صغيرة و عملياتها قليلة، و كنتيجة لتطور ميادين التجارة و الصناعة و ما صاحبها من تعدد المشاريع و كبر حجمها، أصبح التدقيق مستحيلا و مكلفا و غير عملي، لما يتطلبه من جهد كبير و وقت طويل، مما أدى إلى تحول هذا التدقيق إلى تدقيق كامل اختياري، و قد ساعد هذا الاتجاه على زيادة اهتمام المشاريع بأنظمة الرقابة الداخلية و أدواتها، و تحقيق نظام الرقابة الداخلية، فالفرق بين الكامل التفصيلي و الكامل الاختياري يقتصر على نطاق التدقيق فقط و ليس بالأصول ة المبادئ العلمية. ( )
و كذاك، فالمراجعة الكاملة تخول للمراجع نطاق غير محدد للعمل الذي يؤديه، و لا تضع الإدارة أو الجهة التي تعين المراجع أية قيود على نطاق أو مجال عمل المراجع، و في هذه الحالة يترك للمراجع حرية تحديد المفردات التي تشملها اختباراته، و ذلك دون التخلي عن مسؤوليته الكاملة عن جميع المفردات.( )
2- . المراجعة الجزئية: وهنا يقتصر عمل المدقق على بعض العمليات أو البنود دون غيرها كان يعهد إليه بالمراجعة النقدية أو جرد المخازن ...الخ، وفي هذه الحالة ليمكنه الخروج برأي حول القوائم المالية ككل ، وإنما يقتصر تقريره على ما حدد له من مواضيع.
ومن المرغوب فيه هنا أو في مثل هده الحالات أن يحصل المراجع على عقد كتابي يوضح نطاق عملية التدقيق الموكلة إليه حتى لا ينسب إليه إهمال أو تقصير في القيام بتدقيق بند لم يعهد إليه أصلا تدقيقه و بذالك يحمي نفسه بواسطة العقد من أية مسؤولية خارج نطاقه.
المطلب الرابع: من حيث الوقت الدي تتم فيه عملية المراجعة
تنقسم المراجعة من حيث التوقيت و الفحص و إجراء الاختبارات إلى نوعين:
1. المراجعة النهائية.
2.المراجعة المستمرة .
1. المراجعة النهائية: ( ) و تتميز هذه المراجعة بأنها تتم بعد انتهاء السنة المالية و إعداد الحسابات و القوائم المالية الختامية ، ويلجأ المراجع الخارجي إلى هذا الأسلوب عادة في المؤسسات الصغيرة الحجم لاتتعدى فيها العمليات بصورة كبيرة . إلا أن لهذا النوع ميزات و عيوب.

مزايا المراجعة النهائية:
من المزايا التي تحققها المراجعة النهائية: 1. تخفيض احتمالات التلاعب و تعديل البيانات و الأرقام التي يتم مراجعتها، حيث أن جميع الحسابات يكون قد تم تسويتها و إقفالها.
2. عدم وجود ارتباك في العمل داخل المنشاة، لأن المراجع و معاونيه لن يترددوا كثيرا على
المؤسسة و لن يحتاجوا إلى السجلات و الدفاتر غلا بعد الانتهاء من عملية الإقفال.
3. إن إجراء المراجعة بصورة متواصلة خلال فترة زمنية محددة يضعف من احتمالات السهو من جانب القائمين بعملية المراجعة في تتبع العمليات وإجراء الاختبارات المختلفة.

عيوب المراجعة النهائية:
أما أوجه النقد التي توجه إلى المراجعة النهائية فأهمها:
1. قصر الفترة الزمنية اللازمة للقيام بعملية المراجعة، و خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عامل الزمن كعنصر محدد للانتهاء من عملية المراجعة وإبداء الرأي الفني للمراجع.

2. إن القيام بعملية المراجعة بعد إقفال الدفاتر في نهاية السنة المالية قد يؤدي إلى عدم الاهتمام من جانب العاملين بالمشروع بأداء الأعمال المطلوبة منهم لعلهم بأنه لن تكتشف الأخطاء إلا في نهاية السنة المالية، و بذلك فلديهم الفرصة لتسوية الأخطاء خلال العام و قبل البدء في عملية المراجعة.

3. إن اكتشاف الأخطاء و التلاعب في نهاة السنة المالية قد يترتب عليه عدم إمكانية العلاج أو محاولة تفادي تراكم الخطاء.

4. قد يؤدي إلى ارتباك العمل و إرهاق العاملين في مكاتب المراجعة، خاصة إذا كانت تواريخ نهاية السنة المالية للشركات التي يراجع حساباتها واحدة أو متقاربة.

2. المراجعة المستمرة: ( ) في هذه الحالة تتم عملية الفحص و إجراء الاختبارات على مدار السنة المالية للمؤسسة ،إذ يقوم المدقق أو مندوبيه بزيارة للمنشأة بفترات متعددة خلال السنة المالية لتدقيق و فحص البيانات المثبتة بالدفاتر والسجلات ، و عادة ما يتم ذلك بطريقة منتظمة وفقا لبرنامج زمني محدد مسبقا، مع ضرورة إجراء مراجعة أخرى بعد إقفال الدفاتر في نهاية السنة المالية للتحقق من التسويات الضرورية لأعداد القوائم المالية الختامية.
مزايا المراجعة المستمرة: يمكن حصر المزايا التي يقدمها أسلوب المراجعة المستمرة في النقاط التالية:
1. طول الفترة التي تتم فيها عملية المراجعة، مما يساعد المراجع على التوسع في نطاق الفحص و زيادة حجم الاختبارات و المجالات التي تخضع للتحقيق.

2. انتهاء المراجع من عملية المراجعة بعد فترة قصيرة من تاريخ انتهاء السنة المالية، مما يتيح للمراجع عرض القوائم المالية الختامية و ملاحظاته عليها في وقت مبكر.

3. اكتشاف الأخطاء و التلاعب أولا بأول، مما يعني عدم وجود فجوة زمنية كبيرة بين تاريخ حدوث الخطأ و تاريخ اكتشافه، مما يساعد على اقتراح سبل العلاج و تفادي حدوثها في المستقبل.

4. تواجد المرجع و مساعدوه في المنشاة باستمرار أو على فترات منتظمة خلال السنة المالية يكون له أثر نفسي على سلوك العاملين من حيث درجة الاهتمام بأداء الأعمال المطلوبة منهم خشية اكتشاف ما يقع منهم من أخطاء بسرعة و أولا بأول، و هذا و لا شك سيؤدي خفض احتال وجود الخطأ و التلاعب.

5. تنظيم العمل في مكتب المراجعة دون ضغط أو إرهاق موسمي،حيث سيتم توزيع الأعمال على العاملين بالمكتب على مدار السنة المالية بما يحقق حسن سير العمل وارتفاع مستوى الأداء.

عيوب المراجعة المستمرة: ( )
و على الرغم من المزايا التي يقدمها أسلوب المراجعة المستمرة فإن له أيضا بعض العيوب والتي نوجزها فيما يلي:
1. إتاحة الفرصة للإمكانية تعديل الأرقام التي يتم مراجعتها سواء لتغطية بعض الأخطاء و الاختلاسات أو لتسوية بعض المواقف و خاصة أن المراجع لن يعود مرة أخرى للمفردات التي تم مراجعتها في فترة سابقة.

2. عدم القيام باختبارات المراجعة بصورة متصلة، مما يعني انقطاع الفحوص من مرحلة معينة على أن يستكمل في موعد لاحق، هذا لا شك قد يؤثر على مدى متابعة القائمين بالمراجعة لجميع الجوانب المرتبطة بمجال الفحص، وخاصة الاختبارات التي تحتاج إلى فترات زمنية طويلة نسبيا

لإتمامها، و كذلك قد يترتب على ذلك السهو من جانب القائمين بعملية المراجعة عن إتمام بعض الاختبارات مما قد يستغله العاملين بالمؤسسة لتحقيق بعض الأغراض و إخفاء بعض الحقائق.
3. حضور المراجع و معاونوه بصورة متكررة خلال السنة المالية قد يؤدي إلى ارتباك العمل داخل الإدارات المختلفة و خاصة إدارة الحسابات.

4. تردد المراجع ومعاونوه بصورة منتظمة و متكررة على المؤسسة قد يؤدي إلى قيام صداقات و علاقات شخصية بين القائمين بعملية المراجعة و الخاضعين لها، مما يؤثر على حياد و استقلال المراجع عند إبداء الرأي.

من الملاحظ أن هذه التقسيمات متداخلة إلى حد كبير فمثلا يمكن للمراجعة أن تكون كاملة مستمرة و خارجية في آن واحد كما يمكن أن تكون داخلية وكاملة ودلك لأغراض أخرى ، ومن هنا رأينا من الواجب استنتاج التصنيف التالي الذي لا تداخل فيه ودالك لكي لاتتشتت الادهان و التقسيم هدا مستند على الهدف و الغرض المنشود من القيام بعملية التدقيق.
1- التدقيق المالي: يقصد به تجميع الأدلة عن البيانات التي تشمل عليها القوائم المالية لأي مؤسسة واستخدام هده الأدلة للتأكد من مدى تطبيق الوحدة للمبادئ المحاسبية ، و تهدف مراجعة القوائم المالية بصفة أساسية إلى أن يبدي المراجع رأيه أو أن يدلي بشهادته عن مدى مسايرة القوائم المالية للمؤسسة مع المبادئ المحاسبية المقبولة قبولا تاما ، وينقسم هدا النوع بدوره إلى :
ا-التدقيق ألمستندي ( ) : ويتركز في تدقيق النواحي الشكلية و الموضوعية و القانونية للمستندات المؤدية للعمليات التجارية بما في دلك تدقيق البيانات المحاسبية المحتواة في تلك المستندات من حيث العمليات الأربعة( الجمع،الطرح ، الضرب والقسمة)
ب- التدقيق الفني: ويتركز في البحث حول قيام المؤسسة أو عدم قيامها بتطبيق المبادئ المحاسبية المتعارف عليها، ويكون اغلب الحوار بين إدارة المؤسسة و المدقق في قضايا نسب المعادلة للإهلاك و اقتطاع احتياطات ومدى اقتناء المدقق بعدالة تصوير القوائم المالية للمركز المالي للمؤسسة ونتائج أعماله
2-تدقيق العمليات (تدقيق الأهداف): وتعرف هده المراجعة بأنها فحص منضم لاانشطة المؤسسة الاقتصادية أو جزء منها ، تحقيقا لااهداف معينة ترتبط بتقييم الأداء و تحديد فرص تقسيم تحسين و تطوير هدا الأداء ، وإصدار توصيات بشان ما يجب اتخاذه من إجراءات في هدا الخصوص وعلينا أن نتذكر هنا إن الهدف من عملية المراجعة أو التدقيق ليس اكتشاف الأخطاء فحسب وإنما تحسين الأداء وتحقيق الأهداف المسطرة بأقصى قدر ممكن من الفعالية و الانجاز .
3-مراجعة الالتزام(مراجعة قانونية): تهدف مراجعة الالتزام إلى تحديد مدى التزام الشخص أو المؤسسة موضوع المراجعة بالسياسات الإدارية المحددة أو القوانين المعمول بها ، و المعيار المستخدم لقياس هدا الالتزام قد يكون السياسات المختلفة التي تتبناها الإدارة ، أو قانون ما و ما يرتبط به من لوائح تنفيذية مثل قانون الضرائب ، قانون الشركات ، قانون العمل،...الخ.

وتعتبر مراجعة إقرارات ضريبة الدخل مثالا واضحا لمراجعة الالتزام حيث بمقتضاها تحدد مصلحة الضرائب مدى التزام الشخص أو المؤسسة بقوانين الضرائب.

ويلخص الرسم التوضيحي التالي العلاقة مراجعة القوائم المالية ومراجعة الالتزام ومراجعة العمليات:

لشكل رقم ( 2 ): العلاقة بين مراجعة القوائم المالية مراجعة الالتزام ومراجعة العمليات:

أنواع المراجعة

أنواع المراجعة

لقد خصصنا المبحث السابق لدراسة طبيعة و مفهوم المراجعة التي تقوم عل يها الدراسة النظرية للمراجعة وهنا نود الإشارة بان تلك الدراسة تركزت على المراجعة الخارجية و التي تتم من خلال مهني من خارج المؤسسة لإبداء الرأي الفني المحايد عن مدى سلامة تمثيل القوائم المالية الختامية ، ومن ناحية أخرى هناك المراجعة الداخلية و التي تتبع من داخل المؤسسة بهدف خدمة الإدارة في مجال قياس كفاءة أنضمه الرقابة المطبقة على أنشطة المؤسسة المختلفة ، ومن الملاحظ أن نطاق و أسلوب المراجعة و توقيت القيام بها قد يختلف من حالة إلى أخرى ، فمن الجدير أن نخصص هدا المبحث للتعرف على أنواع عمليات المراجعة و تقسيمها إلى عدة مطالب لإمكانية تبسيط مفهومها و تحديد مختلف حدودها و الغايات التي تصب إليها.

المطلب الاول: من حيث القائم بالمراجعة(الهيئة التي تقوم بعملية المراجعة)
يمكن تقسيم المراجعة من حيث القائم بها إلى نوعين أساسيين هما :
-المراجعة الخارجية
-المراجعة الداخلية

1. المراجعة الخارجية: وهي التي تتم بواسطة طرف من خارج المؤسسة أو الشركة، حيث يكون مستقلا عن إدارة المؤسسة، وغرضه الرئيسي الخلاص الى تقرير حول عدالة تصوير الميزانية العامة لوضع المؤس سة المالي ، وعدالة تصوير الحسابات الختامية لنتائج أعمالها عن الفترة المالية
و لقد سبق التعرض لطبيعة وتعريف مفهوم المراجعة الخارجية من قبل.

2. المراجعة الداخلية: لقد كان ظهور المراجعة الداخلية لاحقا للمراجعة الخارجية، و من ثم فهي تعتبر حديثة إذ ما قورنت بالمراجعة الخارجية، و لقد نشأت الراجعة الداخلية بناءا على احتياجات الإدارة لإحكام عملية الرقابة على المستويات التنفيذية، فالمراجعة الداخلية أداة مستقلة تعمل من داخل المؤسسة للحكم و التقييم لخدمة أهداف الإدارة في مجال الرقابة عن طريق مراجعة العمليات المحاسبية و المالية و العمليات التشغيلية الأخرى.
و استفادا لما سبق، يمكن القول بأن المراجعة الداخلية تمثل أحد حلقات المراقبة الداخلية وأداة في يد الإدارة تعمل على مد الإدارة بالمعلومات المستمرة فيما يخص النواحي الآتية:
أ - دقة أنظمة الرقابة الداخلية الكفاءة
ب- التي يتم بها التنفيذ الفعلي للمهام داخل كل قسم من أقسام المؤسسة.

ت- كيفية و كفاءة الطريقة التي يعمل بها النظام المحاسبي، و ذلك كمؤشر يعكس بصدق نتائج العمليات و المركز المالي.
ومما بجدر بنا التلمي ح إليه بان المراجعة الداخلية قد اقتصرت في بادئ الأمر على المراجعة الحسابية للمستندات بعد الصرف (مراجعة لاحقة)، لغرض اكتشاف أخطاء التسجيل بالدفاتر، و لقد توسعت بعض المنشآت لكي تشمل المراجعة الداخلية مراجعة حسابية قبل الصرف، لغرض التأكد من سلامة الإجراءات.
و لقد اتضح بعد ذلك إمكانية استخدام المراجعة الداخلية لخدمة الإدارة العليا في جميع المجالات، مما استتبع معه ضرورة تطوير هذه الأداة و توسيع نطاقها لتشمل جميع نواحي النشاط للتحقق من مدى فاعلية الأساليب الرقابية في متابعة تنفيذ المهام.
ويجب إن لا يتبادر إلى الأذهان أن وجود نضام للمراجعة الداخلية في المؤسسة لا يغني عن تكليف المراجع الخارجي بفحص و مراقبة الحسابات، فالطريقة التي ينفذ بها المراجع الخارجي عمه تختلف عن الطريقة أي يتبعها المراجع الداخلي.
ومما سبق من التعارف وأهداف كل من المراجعة الداخلية و المراجعة الخارجية ، يمكن إعداد جدول لإبراز أوجه الاختلاف بين كل من المراجع الداخلي و المراجع الخارجي:


الجدول رقم ( 1 ) : المقارنة بين المراجع الداخلي و المراجع الخارجي

المراجع الخارجي المراجع الداخلي

1-الهدف

أو الأهداف


1- الهدف الرئيسي : خدمة طرف ثالث

(الملاك)

عن طريق إبداء الرأي

في سلامة و صدق تمثيل القوائم

الما لية التي تعدها الإدارة عن نتيجة

الأعمال

و المركز المالي.

2-الهدف الثانوي :

اكتشاف الأخطاء و الغش

في حدود ما تتأثر به التقارير

و القوائم المالية.


1- الهدف الرئيسي : خدمة الإدارة

عن طريق التأكد من أن النظام

المحاسبي كفؤ

و يقدم بيانات سليمة

و دقيقة للإدارة، و بذلك ينصص الهدف

الرئيسي على اكتشاف و منع الأخطاء

و الغش و الانحرافات عن

السياسات الموضوعة.

2- نوعية من

يقوم بالمراجعة


شخص مهني مستقل

من خارج المشروع

يعين بواسطة الملاك.


موظف من داخل الهيكل

التنظيمي للمشروع و يعين

بواسطة الإدارة.

3- درجة

الاستقلال في أداء العمل

و إبداء الرأي


يتمتع باستقلال كامل عن الإدارة

في عملية الفحص و التقييم

و إبداء الرأي.


&nb sp; يتمتع باستقلال جزئي، فهو مستقل

عن بعض الإدارات(مثل الحسابات

و التكاليف) و لكن يخدم

رغبات الإدارات الأخرى.

4- المسؤولية

مسئول أمام الملاك، و من ثم يقدم تقريره

عن نتائج الفحص و رأيه الفني

عن القوائم المالية إليهم.


مسئول أمام الإدارة، و من ثم يقدم تقرير

بنتائج الفحص و الدراسة

إلى مستويات الإدارة العليا.

5- نطاق العمل


يحدد ذلك أمر التعيين و العرف السائد

و معايير المراجعة المتعارف عليها،

و ما تنص عليه القوانين

المنظمة لأعمال المراجعة الخارجية.


تحدد الإدارة نطاق عمل المراجع الداخلي

فبقدر المسئوليات التي

تعهد الإدارة للمراجع الداخلي

يكون نطاق عمله.
6- توقيت الأداء

يتم الفحص غالبا مرة

واحدة في نهاية السنة المالية،

وقد يكون في بعض الأحيان

على فترات متقطعة خلال السنة.


يتم الفحص بصورة مستمرة

على مدار أيام السنة.





و على الرغم من أوجه الخلاف بين دور كل من المراجع الخارجي و المراجع الداخلي، فإن هناك أوجه للشبه بينهما، و من أمثلة أوجه الشبه هذه:
1- يسعى كل منهما إلى ضمان وجود نظام فعال للرقابة الداخلية في المؤسسة، و منع وتقليل حدوث الأخطاء و التلاعب.
2- يعمل كل منهما على وجود ناظم محاسبي فعال، يمدنا بالمعلومات الضرورية التي تساعد على إعداد و مجموعة من القوائم المالية الصحيحة و التي يمكن الاعتماد عليها( )
3
- هناك احتمال التعاون بينهما ، فقد يعتمد المراجع الخارجي إلى حد كبير على ما يعده المراجع الداخلي من تقر يرعن نتيجة فحص و تقييم أنضمه الرقابة الداخلية و كذا اعتماد المراجع الداخلي على ما يعده المراجع الخارجي من الرأي المحايد عن مدى سلامة القوائم المالية و هدا ما يجعله اشد حرصا في مراقبة النظام المتخذ في تسيير المؤسسة. و لكن رغم هذا التعاون الوثيق، فإن وجود نظام سليم للتدقيق الداخلي لن يغني عن تدقيق الحسابات بواسطة مدقق خارجي محايد
مستقل لما سبق و أوضحنا من أوجه الاختلاف و خاصة من حيث الاستقلال و الفئات المخدومة .
المطلب الثاني: من حيث الإلزامية
تنقسم المراجعة من حيث الإلزام القانوني إلى نوعين:
1.المراجعة الإلزامية. ( )
2. المراجعة الاختيارية.
1. المراجعة الإلزامية: و هي المراجعة التي يُحَتم القانون القيام بها، حيث يلزم المؤسسة بضرورة تعيين مراجع خارجي لمراجعة حساباتها و اعتماد القوائم المالية الختامية لها، و من ثم يترتب على عدم القيام بتلك المراجعة وقوع المخال ف تحت طائلة العقوبات المقررة، أي هناك نص قانوني على وجوب القيام بعملية المراجعة ومن أمثلة المراجعة الإلزامية :مراجعة حسابات شركات المساهمة أي يكون لشركات المساهمة مراقب حسابات أو أكثر.

و منه المراجعة الإلزامية تتميز بعنصر الجبر و الإلزام ومن ثم يمكن توقيع الجزاء على المخالفين لأحكامها، و كذلك يجب بأن تتم المراجعة وفقا لقواعد ونصوص و إجراءات منصوص عليها، و على المراجع أن يتحقق ن أن عملية تعيينه لم تتم بمخالفة الأحكام القانونية.
و في هذه المراجعة فإن المراجع يؤدي عمله بالطريقة التي يراها مناسبة و ضرورية، كما أن لا يجب أن توضع أية قيود أو حدود على المراجع أثناء تأديته لواجباته حتى و لو كانت هذه القيود واردة للقوانين التنظيمية للمؤسسة، أو في صورة قرارات عن الجمعية العامة للمساهمين، و تعتبر مثل هذه القيود كأنها لم تكن في مواجهة المراجع الذي ي عتبر مسئول إذا ما رضخ لهذه القيود.


2- المراجعة الاختيارية (غير الإلزامية): وهي تلك المراجعة التي يطلبها أصحاب المؤسسة دون إلزام القانون على وجوب القيام بها، ففي المؤسسات الفردية و شركات الأشخاص، قد يتم الاستعانة بخدمات المراجع الخارجي في مراجعة حسابات المؤسسة و اعتماد قوائمه المالية الختامية، نتيجة للفائدة التي تتحقق من وجود مراجع خارجي من حيث اطمئنان الشركاء على صحة نتائج الأعمال و المركز المالي، و التي تتخذ كأساس لتحديد حقوق الشركاء و خاصة في حالات الانفصال أو انضمام شريك جديد، و في حالة المؤسسات الفردية نلاحظ أن وجود المراجع الخارجي يعطي ثقة
للمالك في دقة البيانات المستخرجة من الدفاتر، و تلك التي تقدم إلى الجهات الخارجية وخاصة مصلحة الضرائب.( ) إلا انه لاحضنا من خلال دراستنا هذه على ان وجود المراجعة في بعض البلدان على هده الشركات أصبح إلزاميا و يفرضه القانون، و هذا بعدما تولد في أذهان القائمين با
السهر على اقتصاد هذه البلدان بضرورة احترام توفير عنصر التدقيق المحاسبي المحايد ونذكر على سبيل ال مثال الأردن.

المطلب الثالث: من حيث مجال أو نطاق المراجعة
وتنقسم المراجعة من المجال إلى نوعين:
1-المراجعة الكاملة
2-المراجعة الجزئية

1.المراجعة الكاملة: كان التدقيق قديما و حتى عهد قريب يتم بفحص جميع العمليات المقيدة بالدفاتر و السجلات وما تضمنه من بيانات أو حسابات خالية من الأخطاء و التلاعب و الغش أي تدقيق كامل تفصيلي، غذ كانت المشاريع صغيرة و عملياتها قليلة، و كنتيجة لتطور ميادين التجارة و الصناعة و ما صاحبها من تعدد المشاريع و كبر حجمها، أصبح التدقيق مستحيلا و مكلفا و غير عملي، لما يتطلبه من جهد كبير و وقت طويل، مما أدى إلى تحول هذا التدقيق إلى تدقيق كامل اختياري، و قد ساعد هذا الاتجاه على زيادة اهتمام المشاريع بأنظمة الرقابة الداخلية و أدواتها، و تحقيق نظام الرقابة الداخلية، فالفرق بين الكامل التفصيلي و الكامل الاختياري يقتصر على نطاق التدقيق فقط و ليس بالأصول ة المبادئ العلمية. ( )
و كذاك، فالمراجعة الكاملة تخول للمراجع نطاق غير محدد للعمل الذي يؤديه، و ل ا تضع الإدارة أو الجهة التي تعين المراجع أية قيود على نطاق أو مجال عمل المراجع، و في هذه الحالة يترك للمراجع حرية تحديد المفردات التي تشملها اختباراته، و ذلك دون التخلي عن مسؤوليته الكاملة عن جميع المفردات.( )
2- . المراجعة الجزئية: وهنا يقتصر عمل المدقق على بعض العمليات أو البنود دون غيرها كان يعهد إليه بالمراجعة النقدية أو جرد المخازن ...الخ، وفي هذه الحالة ليمكنه الخروج برأي حول القوائم المالية ككل ، وإنما يقتصر تقريره على ما حدد له من مواضيع.
ومن المرغوب فيه هنا أو في مثل هده الحالات أن يحصل المراجع على عقد كتابي يوضح نطاق عملية التدقيق الموكلة إليه حتى لا ينسب إليه إهمال أو تقصير في القيام بتدقيق بند لم يعهد إليه أصلا تدقيقه و بذالك يحمي نفسه بواسطة العقد من أية مسؤولية خارج نطاقه.
المطلب الرابع: من حيث الوقت الدي تتم فيه عملية المراجعة
تنقسم المراجعة من حيث التوقيت و الفحص و إجراء الاختبارات إلى نوعين:
1. المراجعة النهائية.
2.المراجعة المستمرة .
1. المراجعة ال نهائية: ( ) و تتميز هذه المراجعة بأنها تتم بعد انتهاء السنة المالية و إعداد الحسابات و القوائم المالية الختامية ، ويلجأ المراجع الخارجي إلى هذا الأسلوب عادة في المؤسسات الصغيرة الحجم لاتتعدى فيها العمليات بصورة كبيرة . إلا أن لهذا النوع ميزات و عيوب.

مزايا المراجعة النهائية:
من المزايا التي تحققها المراجعة النهائية: 1. تخفيض احتمالات التلاعب و تعديل البيانات و الأرقام التي يتم مراجعتها، حيث أن جميع الحسابات يكون قد تم تسويتها و إقفالها.
2. عدم وجود ارتباك في العمل داخل المنشاة، لأن المراجع و معاونيه لن يترددوا كثيرا على
المؤسسة و لن يحتاجوا إلى السجلات و الدفاتر غلا بعد الانتهاء من عملية الإقفال.
3. إن إجراء المراجعة بصورة متواصلة خلال فترة زمنية محددة يضعف من احتمالات السهو من جانب القائمين بعملية المراجعة في تتبع العمليات وإجراء الاختبارات المختلفة.

عيوب المراجعة النهائية:
أما أوجه النقد التي توجه إلى المراجعة النهائية فأهمها:
1. قصر الفتر ة الزمنية اللازمة للقيام بعملية المراجعة، و خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عامل الزمن كعنصر محدد للانتهاء من عملية المراجعة وإبداء الرأي الفني للمراجع.

2. إن القيام بعملية المراجعة بعد إقفال الدفاتر في نهاية السنة المالية قد يؤدي إلى عدم الاهتمام من جانب العاملين بالمشروع بأداء الأعمال المطلوبة منهم لعلهم بأنه لن تكتشف الأخطاء إلا في نهاية السنة المالية، و بذلك فلديهم الفرصة لتسوية الأخطاء خلال العام و قبل البدء في عملية المراجعة.

3. إن اكتشاف الأخطاء و التلاعب في نهاة السنة المالية قد يترتب عليه عدم إمكانية العلاج أو محاولة تفادي تراكم الخطاء.

4. قد يؤدي إلى ارتباك العمل و إرهاق العاملين في مكاتب المراجعة، خاصة إذا كانت تواريخ نهاية السنة المالية للشركات التي يراجع حساباتها واحدة أو متقاربة.

2. المراجعة المستمرة: ( ) في هذه الحالة تتم عملية الفحص و إجراء الاخت بارات على مدار السنة المالية للمؤسسة ،إذ يقوم المدقق أو مندوبيه بزيارة للمنشأة بفترات متعددة خلال السنة المالية لتدقيق و فحص البيانات المثبتة بالدفاتر والسجلات ، و عادة ما يتم ذلك بطريقة منتظمة وفقا لبرنامج زمني محدد مسبقا، مع ضرورة إجراء مراجعة أخرى بعد إقفال الدفاتر في نهاية السنة المالية للتحقق من التسويات الضرورية لأعداد القوائم المالية الختامية.
مزايا المراجعة المستمرة: يمكن حصر المزايا التي يقدمها أسلوب المراجعة المستمرة في النقاط التالية:
1. طول الفترة التي تتم فيها عملية المراجعة، مما يساعد المراجع على التوسع في نطاق الفحص و زيادة حجم الاختبارات و المجالات التي تخضع للتحقيق.

2. انتهاء المراجع من عملية المراجعة بعد فترة قصيرة من تاريخ انتهاء السنة المالية، مما يتيح للمراجع عرض القوائم المالية الختامية و ملاحظاته عليها في وقت مبكر.

3. اكتشاف الأخطاء و التلاعب أولا بأول، مما يعني عدم وجود فجوة زمنية كبيرة بين تاريخ حدوث الخطأ و تاريخ اكتشافه، مما يساعد على اقتراح سب ل العلاج و تفادي حدوثها في المستقبل.

4. تواجد المرجع و مساعدوه في المنشاة باستمرار أو على فترات منتظمة خلال السنة المالية يكون له أثر نفسي على سلوك العاملين من حيث درجة الاهتمام بأداء الأعمال المطلوبة منهم خشية اكتشاف ما يقع منهم من أخطاء بسرعة و أولا بأول، و هذا و لا شك سيؤدي خفض احتال وجود الخطأ و التلاعب.

5. تنظيم العمل في مكتب المراجعة دون ضغط أو إرهاق موسمي،حيث سيتم توزيع الأعمال على العاملين بالمكتب على مدار السنة المالية بما يحقق حسن سير العمل وارتفاع مستوى الأداء.

عيوب المراجعة المستمرة: ( )
و على الرغم من المزايا التي يقدمها أسلوب المراجعة المستمرة فإن له أيضا بعض العيوب والتي نوجزها فيما يلي:
1. إتاحة الفرصة للإمكانية تعديل الأرقام التي يتم مراجعتها سواء لتغطية بعض الأخطاء و ال اختلاسات أو لتسوية بعض المواقف و خاصة أن المراجع لن يعود مرة أخرى للمفردات التي تم مراجعتها في فترة سابقة.

2. عدم القيام باختبارات المراجعة بصورة متصلة، مما يعني انقطاع الفحوص من مرحلة معينة على أن يستكمل في موعد لاحق، هذا لا شك قد يؤثر على مدى متابعة القائمين بالمراجعة لجميع الجوانب المرتبطة بمجال الفحص، وخاصة الاختبارات التي تحتاج إلى فترات زمنية طويلة نسبيا

لإتمامها، و كذلك قد يترتب على ذلك السهو من جانب القائمين بعملية المراجعة عن إتمام بعض الاختبارات مما قد يستغله العاملين بالمؤسسة لتحقيق بعض الأغراض و إخفاء بعض الحقائق.
3. حضور المراجع و معاونوه بصورة متكررة خلال السنة المالية قد يؤدي إلى ارتباك العمل داخل الإدارات المختلفة و خاصة إدارة الحسابات.

4. تردد المراجع ومعاونوه بصورة منتظمة و متكررة على المؤسسة قد يؤدي إلى قيام صداقات و علاقات شخصية بين القائمين بعملية المراجعة و الخاضعين ل ها، مما يؤثر على حياد و استقلال المراجع عند إبداء الرأي.

من الملاحظ أن هذه التقسيمات متداخلة إلى حد كبير فمثلا يمكن للمراجعة أن تكون كاملة مستمرة و خارجية في آن واحد كما يمكن أن تكون داخلية وكاملة ودلك لأغراض أخرى ، ومن هنا رأينا من الواجب استنتاج التصنيف التالي الذي لا تداخل فيه ودالك لكي لاتتشتت الادهان و التقسيم هدا مستند على الهدف و الغرض المنشود من القيام بعملية التدقيق.
1- التدقيق المالي: يقصد به تجميع الأدلة عن البيانات التي تشمل عليها القوائم المالية لأي مؤسسة واستخدام هده الأدلة للتأكد من مدى تطبيق الوحدة للمبادئ المحاسبية ، و تهدف مراجعة القوائم المالية بصفة أساسية إلى أن يبدي المراجع رأيه أو أن يدلي بشهادته عن مدى مسايرة القوائم المالية للمؤسسة مع المبادئ المحاسبية المقبولة قبولا تاما ، وينقسم هدا النوع بدوره إلى :
ا-التدقيق ألمستندي ( ) : ويتركز في تدقيق النواحي الشكلية و الموضوعية و القانونية للمستندات المؤدية للعمليات التجارية بما في دلك تدقيق البيانات المحاسبية المحتواة في تلك المستندات من حيث العمليات الأربعة( الجمع،الطر ح ، الضرب والقسمة)
ب- التدقيق الفني: ويتركز في البحث حول قيام المؤسسة أو عدم قيامها بتطبيق المبادئ المحاسبية المتعارف عليها، ويكون اغلب الحوار بين إدارة المؤسسة و المدقق في قضايا نسب المعادلة للإهلاك و اقتطاع احتياطات ومدى اقتناء المدقق بعدالة تصوير القوائم المالية للمركز المالي للمؤسسة ونتائج أعماله
2-تدقيق العمليات (تدقيق الأهداف): وتعرف هده المراجعة بأنها فحص منضم لاانشطة المؤسسة الاقتصادية أو جزء منها ، تحقيقا لااهداف معينة ترتبط بتقييم الأداء و تحديد فرص تقسيم تحسين و تطوير هدا الأداء ، وإصدار توصيات بشان ما يجب اتخاذه من إجراءات في هدا الخصوص وعلينا أن نتذكر هنا إن الهدف من عملية المراجعة أو التدقيق ليس اكتشاف الأخطاء فحسب وإنما تحسين الأداء وتحقيق الأهداف المسطرة بأقصى قدر ممكن من الفعالية و الانجاز .
3-مراجعة الالتزام(مراجعة قانونية): تهدف مراجعة الالتزام إلى تحديد مدى التزام الشخص أو المؤسسة موضوع المراجعة بالسياسات الإدارية المحددة أو القوانين المعمول بها ، و المعيار المستخدم لقياس هدا الالتزام قد يكون السياسات المختلفة التي تتبناها الإدارة ، أو قانون ما و ما يرتبط به من لوائح تنفيذية مثل قانون الضرائب ، قانون الشركات ، قانون العمل،...الخ.

وتعتبر مراجعة إقرارات ضريبة الدخل مثالا واضحا لمراجعة الالتزام حيث بمقتضاها تحدد مصلحة الضرائب مدى التزام الشخص أو المؤسسة بقوانين الضرائب.

ويلخص الرسم التوضيحي التالي العلاقة مراجعة القوائم المالية ومراجعة الالتزام ومراجعة العمليات:

لشكل رقم ( 2 ): العلاقة بين مراجعة القوائم المالية مراجعة الالتزام ومراجعة العمليات:
Organigramme hiérarchique



المصدر:محمد الفيومي/ عوض فهمي، المكتب الجامعي الحديث ازراويط، الإسكندرية، 1998،ص(43).
وبما أن هذه المراجعة و التي صنفت حسب الهدف و الغرض منها أنها تصب داخل نوع المراجعة من حيث القائم بها وعليه فإننا نلخصها في الشكل التالي و الموضح لماهية طبيعة أو نوعية المراجعة التي يتسنى للمراجع استعمالها و ذالك حسب طبيعة المراجع
الشكل رقم ( 3 ) : طبيعة ونوعية المراجعة المستعملة

حق التقدم و


1 - حق التقدم

تؤدي ديون الدائنين المرتهنين رهناً تأمينياً من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محله طبقاً لمرتبة كل منهم ولو كانوا قد أجروا القيد في يوم واحد وذلك بعد حسم ما اتفق في هذا الشأن في الدوائر المختصة .

وتحدد هذه المرتبة بالرقم التتابعي للقيد فإذا تقدم أشخاص متعددون في وقتٍ واحدٍ لقيد رهونهم ضد مدين واحد وعلى عقار واحد فيكون قيد هذه الرهون تحت رقم واحد ويعتبر هؤلاء الدائنون عند التوزيع في مرتبة واحدة .

يجوز للدائن المرتهن أن ينزل عن مرتبة رهنه بمق دار دينه لدائن مرتهن آخر على ذات العقار المرهون .

تعتبر مرتبة الرهن التأميني من تاريخ تسجيله في دائرة التسجيل .

ويحتفظ بمرتبته حتى يقيد بدائرة التسجيل ما يدل على انقضائه .

يترتب على قيد الرهن إدخال مصروفات العقد والتسجيل ضمنياً في يد الرهن ومرتبته .
2 - حق التتبع

للدائن المرتهن رهناً تأمينياً حق تتبع العقار المرهون في يد أي حائز له لاستيفاء دينه عند حلول أجل الوفاء به طبقاً لمرتبته.

للدائن المرتهن رهناً تأمينياً أن يتخذ إجراءات نزع ملكية العقار المرهون وبيعه إذا لم يؤدِ الدين في ميعاده وذلك بعد إنذار المدين وحائز العقار طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراء والقوانين الخاصة .

يعتبر حائزاً للعقار المرهون كل من انتقلت إليه بعد الرهن ملكيته أو حق عيني آخر عليه بأي سبب دون أن يلزمه شخصياً دين الرهن .

لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً أن يؤدي دين الرهن والنفقات بعد إنذاره على أن يرجع بما أداه على المدين وله أن يحل محل الدائن الذي استوفى دينه فيما له من حقوق .

لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً حق تطهير العقار الذي آل إليه من كل حق عيني ترتب عليه توثيقاً لدين مسجل بأداء الدين حتى تاريخ إجراء بيعه أو في المواعيد التي حددها قانون الإجراء أو القوانين الخاصة.

تتم إجراءات نزع الملكية الجبري عند عدم وفاء الدين طبقاً لأحكام قانون الإجراء والقوانين الخاصة .

يجوز لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً أن يدخل في إجراءات بيع العقار بالمزاد فإذا رسا المزاد عليه وأدى الثمن اعتبر مالكاً للعقار بمقتضى سند ملكيته الأصلي ويتحرر العقار من الحق المسجل .

إذا رسا مزاد العقار المرهون رهناً تأمينياً على غير حائزه فإنه يكسبه بمقتضى قرار رسو المزاد عليه ويتلقى حقه عن الحائز.

يضمن الحائز كل ما يصيب العقار المرهون من تخريب أو تعيب .

وعليه رد غلة العقار من تاريخ إنذاره بوفاء الدين .

إذا زاد ثمن العقار المبيع على قيمة الديون الموثقة كانت الزيادة للحائز، ولدائنيه المرتهنين أن يستوفوا ديونهم منها .

لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً أن يعترض على الدين الذي بيع العقار بسببه بكل ما يجوز للمدين أن يعترض به إذا كان الدين موثقاً بعد سند ملكية الحائز .

يرجع ا لحائز بدعوى الضمان على المالك السابق في الحدود التي يرجع بها الخلف على من تلقى منه الملكية معاوضةً أو تبرعاً .

ويرجع الحائز أيضاً على المدين بما دفعه زيادة على ما هو مستحق في ذمته بمقتضى سند ملكيته أياً كان السبب في دفع هذه الزيادة، ويحل محل الدائنين الذين وفاهن حقوقهم وبوجه خاص يحل محلهم فيما لهم من تأمينات قدمها المدين دون التأمينات التي قدمها شخص آخر غير المدين .

حق التقدم وحق التتبع

1 - حق التقدم

تؤدي ديون الدائنين المرتهنين رهناً تأمينياً من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محله طبقاً لمرتبة كل منهم ولو كانوا قد أجروا القيد في يوم واحد وذلك بعد حسم ما اتفق في هذا الشأن في الدوائر المختصة .

وتحدد هذه المرتبة بالرقم التتابعي للقيد فإذا تقدم أشخاص متعددون في وقتٍ واحدٍ لقيد رهونهم ضد مدين واحد وعلى عقار واحد فيكون قيد هذه الرهون تحت رقم واحد ويعتبر هؤلاء الدائنون عند التوزيع في مرتبة واحدة .

يجوز للدائن المرتهن أن ينزل عن مرتبة رهنه بمق دار دينه لدائن مرتهن آخر على ذات العقار المرهون .

تعتبر مرتبة الرهن التأميني من تاريخ تسجيله في دائرة التسجيل .

ويحتفظ بمرتبته حتى يقيد بدائرة التسجيل ما يدل على انقضائه .

يترتب على قيد الرهن إدخال مصروفات العقد والتسجيل ضمنياً في يد الرهن ومرتبته .
2 - حق التتبع

للدائن المرتهن رهناً تأمينياً حق تتبع العقار المرهون في يد أي حائز له لاستيفاء دينه عند حلول أجل الوفاء به طبقاً لمرتبته.

للدائن المرتهن رهناً تأمينياً أن يتخذ إجراءات نزع ملكية العقار المرهون وبيعه إذا لم يؤدِ الدين في ميعاده وذلك بعد إنذار المدين وحائز العقار طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراء والقوانين الخاصة .

يعتبر حائزاً للعقار المرهون كل من انتقلت إليه بعد الرهن ملكيته أو حق عيني آخر عليه بأي سبب دون أن يلزمه شخصياً دين الرهن .

لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً أن يؤدي دين الرهن والنفقات بعد إنذاره على أن يرجع بما أداه على المدين وله أن يحل محل الدائن الذي استوفى دينه فيما له من حقوق .

لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً حق تطهير العقار الذي آل إليه من كل حق عيني ترتب عليه توثيقاً لدين مسجل بأداء الدين حتى تاريخ إجراء بيعه أو في المواعيد التي حددها قانون الإجراء أو القوانين الخاصة.

تتم إجراءات نزع الملكية الجبري عند عدم وفاء الدين طبقاً لأحكام قانون الإجراء والقوانين الخاصة .

يجوز لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً أن يدخل في إجراءات بيع العقار بالمزاد فإذا رسا المزاد عليه وأدى الثمن اعتبر مالكاً للعقار بمقتضى سند ملكيته الأصلي ويتحرر العقار من الحق المسجل .

إذا رسا مزاد العقار المرهون رهناً تأمينياً على غير حائزه فإنه يكسبه بمقتضى قرار رسو المزاد عليه ويتلقى حقه عن الحائز.

يضمن الحائز كل ما يصيب العقار المرهون من تخريب أو تعيب .

وعليه رد غلة العقار من تاريخ إنذاره بوفاء الدين .

إذا زاد ثمن العقار المبيع على قيمة الديون الموثقة كانت الزيادة للحائز، ولدائنيه المرتهنين أن يستوفوا ديونهم منها .

لحائز العقار المرهون رهناً تأمينياً أن يعترض على الدين الذي بيع العقار بسببه بكل ما يجوز للمدين أن يعترض به إذا كان الدين موثقاً بعد سند ملكية الحائز .

يرجع ا لحائز بدعوى الضمان على المالك السابق في الحدود التي يرجع بها الخلف على من تلقى منه الملكية معاوضةً أو تبرعاً .

ويرجع الحائز أيضاً على المدين بما دفعه زيادة على ما هو مستحق في ذمته بمقتضى سند ملكيته أياً كان السبب في دفع هذه الزيادة، ويحل محل الدائنين الذين وفاهن حقوقهم وبوجه خاص يحل محلهم فيما لهم من تأمينات قدمها المدين دون التأمينات التي قدمها شخص آخر غير المدين .