بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

12 يونيو 2011

مدخل للمراجعة

مدخل للمراجعة

المطلب الأول :تعريف و مفهوم المراجعة و أهميتها:
يقصد بالمراجعة( ) أو تدقيق الحسابات بأنها فحص لانضمت الرقابة الداخلية و البيانات و المستندات و الحسابات و الدفاتر الخاصة بالمؤسسة تحت التدقيق، فحصا انتقاديا منضما ، بقصد الخروج برأي فني محايد عن مدى دلالة القوائم المالية للوضع المالي لذالك المشروع ، في نهاية فترة زمنية معلومة، ومدى تصويرها لنتائج الدورة من ربح أو خسارة.

ومن أحسن التعارف الشاملة للمراجعة ما ذكرته إحدى اللجان لجمعية المحاسبة الأمريكية بأن المراجعة( )« عملية أو طريقة منتظمة للحصول على أدلة و قرائن الاثباث بخصوص ما هو مثبت بالدفاتر و السجلات حول الأحداث الاقتصادية للمؤسسة و تقييمها للتأكد من درجة التماثل بما هو مثبت في الواقع ، وفق مقاييس معينة، ونقل النتائج إلى الأطراف المعنية»

ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا أن:
1- المراجعة عملية منتظمة وذالك يعني أن اختبارات مراقب الحسابات تعتمد على تخطيط مسبق متمثل في برنامج موض وع لعملية المراجعة.
2- ضرورة الحصول على القرائن و تقييمها بطريقة موضوعية، ويمثل دالك لب عملية المراجعة نضرا لتعدد هذه القرائن ، وتنوع المعايير المستخدمة لتقييمها.
3- تستخدم الأدلة لتحقق من مدى التطابق بين نتائج العماليات و الأحداث الاقتصادية التي حدثت خلال الفترة وأثرة على نتائج عمليات الوحدة و مركزها المالي(والتي تعتبر القوائم المالية ملخصا لها) و المعايير الموضوعية (مبادئ المحاسبة مقبولة قبولا تاما). فالمراجع عند تقييمه للأدلة يهتم بتحديد مااذا كانت القوائم المالية قد تم إعدادها و عرضها طبقا لمبادئ المحاسبة المتعارف عليها
4- إيصال نتائج الفحص و الدراسة إلى الأطراف المعنية ، ومن ثم فان المراجعة تمثل وسيلة من وسائل الاتصال. و يعتمد مراقب الحسابات في عرض نتيجة الفحص و الدراسة، وإيصالها إلى من بهمه الأمر ، عن طريق تقرير يضمن رأيه الفني المحايد.
ومن ثم فان عملية المراجعة تشمل على«الفحص»و«التقرير» و«الإيصال»
ويقصد بالفحص التأكد من صحة قياس العمليات المالية و سلامتها التي تم تسجيلها و تحليلها ، أي فحص القياس الحسابي للعمليات المالية بالنشاط المحدد للمشروع أما التقرير هو بلورة نتائج ا لفحص و إثباتها في تقرير يقدم إلى من يهمه الأمر داخل المشروع وخارجه.


و هنا يتجلى مفهوم المراجعة في المؤسسة سواء كانت مراجعة داخلية تتم بواسطة أفراد داخل المؤسسة أو مراجعة خارجية تتم بواسطة أفراد خارج المؤسسة ، فأصبح المراجع بمثابة الساهر على إثبات مدى صحة و دقة و سلامة القوائم المالية و الختامية و مدى الاعتماد عليها و توافق البيانات الواردة في القوائم المالية مع واقع المؤسسة ، وهذا لخدمة الأشخاص الدين يستخدمون البيانات المحاسبية و يعتمدون عليها في اتخاذ قراراتهم و رسم خططهم المستقبلية ، ومن هؤلاء الأشخاص:
( أ ) إدارة المشروع(المديرون):
تعتمد إدارة المؤسسة على البيانات المحاسبية التي يتم اعتمادها من قبل مراجع الحسابات المحايد و المستقل مما يزيد الثقة في هذه البيانات، كما أنها وسيلة لإثبات أن إدارة المؤسسة قد مارست أعمالها بنجاح مما يؤدي إلى إعادة انتخاب و تجديد مدة أعضاء مجلس الإدارة لفترة أخرى و كذلك زيادة مكافآتهم.
( ب) المستثمرون:
الذين يعتمدون على القوائم المالية ( الحسابات الختامية ) قبل اتخاذ أي قرار أو بتوجيه مدخراتهم. بحيث أن تعيين مراجع حسابات يطمئن المست ثمرين بأن أموالهم سوف لن تتعرض للاختلاس و السرقة نتيجة قيام المراجع بمراقبة تصرفات إدارة الشركة و التأكد من عدم انتهاك عقد الشركة الأساسي و قانون الشركات.
( ج ) البنوك:
تقوم معظم المؤسسات بطلب الحصول على قروض من البنوك و مؤسسات الاقتراض، و قبل أن توافق هذه البنوك على منح تلك القروض، فإنها تقوم بفحص و تحليل المركز المالي و نتيجة الأعمال لتلك المؤسسات، و ذلك لضمان قدرة هذه المؤسسات على سداد تلك القروض مع فوائدها في المواعيد المحددة.
( د) الجهات الحكومية (أجهزة الدولة) ( ):
تعتمد بعض أجهزة الدولة على البيانات التي تصدرها المؤسسات في العديد من الأغراض منها مراقبة النشاط الاقتصادي أو رسم السياسات الاقتصادية أو فرض ضرائب، ولا يمكن للدولة القيام بتلك الأعمال دون بيانات موثوق فيها و معتمدة من جهات محايدة تقوم بفحص هذه البيانات فحصا دقيقا، و إبداء الرأي الفني المحايد.
و بدالك يمكن القول بأن دور مراقب الحسابات هو دور انتقادي للعناصر المقدمة إليه لغرض مقدرتها على مقابلة احتياجات مستخدمي المعلومات المحاسبية ، و الشكل اللاحق يوضح لنا أن المراجعة ، لاستهدف تعديل نضام الاتصال للمعلومات المحاسبية ، ولكن تضيف إليها عملية إيصال فرعية بين المراجع و مستخدمي المعلومات المحاسبية ، حيث تتمثل في معاونتهم على تحديد جودة المعلومات و نوعيتها في ضوء معايير يشترك مستخدمو المعلومات في إعدادها
بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
و الشكل التالي يظهر نضم المعلومات المحاسبية ودور المراجعة في هدا الصدد :

الشكل رقم (1): نضم المعلومات المحاسبية ودور المراجعة في دالك







معايير


عملية الاتصال الأصلية للمعلومات المحاسبية




عملية الاتصال الفرعي للمراجعة
المصدر: محمد سمير الصبان /عبد الله هلال/مرجع سابق، ص ( 24 ).


و نستخلص مما سبق أن عملية المراجعة تمثل عملية فحص لمجموعة من المعلومات تقوم على الاستقصاء بهدف التحقق من سلامة القوائم المالية، و ذلك وفا لمجموعة من المعايير الموضوعية، تعكس احتياجات مستخدمي تلك القوائم مع ضرورة إيصال هذا الرأي إلى الأطراف المعنية لمعاونتها في الحكم على مدى جودة و نوعية هذه المعلومات، و تحديد مدى الاعتماد على تلك القوائم. ( )
المطلب الثاني: مبادئ المراجعة
فيما سبق رأينا أن المراجعة تقوم بركنين(الفحص)و (الإيصال) أي (التقرير) ومن هنا نقوم بتقديم المبادئ المتعلقة بهذان الركنان وهي على التالي:

أولا: المبادئ المرتبطة بركن الفحص:
أ- مبدأ تكامل الإدراك الرقابي: يعني المعرفة التامة بطبيعة أحداث المؤسسة و آثارها الفعلية و المحتملة على كيانها.


ب- مبدأ الشمول في مدى الفحص الاختباري: يعني أن يشمل مدى الفحص أهداف المؤسسة الرئيسية و الفرعية و كذلك جميع التقارير المالية المعدة بواسطة المؤسسة مع مراعاة الأهمية النسبية لهذه التقارير.

ج- مبدأ الموضوعية في الفحص: ( ) يشير إلى ضرورة العقل إلى حد أقصى ممكن، منه عنصر التقدير الشخصي، و ذلك بالاستناد إلى العدد الكافي من أدلة الإثبات التي تؤيد رأي المدقق و تدعمه خصوصا اتجاه العناصر والمفردات التي تعتبر ذات أهمية كبيرة نسبيا، و تلك التي يكون احتمال حدوث الخطأ فيها أكبر من غيرها.

د- مبدأ فحص مدى الكفاية الإنسانية: نشير إلى وجوب فحص مدى الكفاية الإنسانية في المؤسسة بجانب فحص الكفاية الإنتاجية لما لها من أهمية في تكوين الرأي الصحيح لدى المدقق عن أحداث المؤسسة و هذه الكفاية هي مؤشر للمناخ السلوكي لها و هو تعبير ما تحتويه المؤسسة من نظام للقيادة و السلطة و الحوافز و الاتصال و المشاركة.

ثانيا: المبادئ المرتبطة بركن التقرير
أ- مبدأ كفاية الاتصال: يشير إلى مراعاة أن يكون تقرير مدقق الحسابات أداة لنقل العمليات الاقتصادية للمؤسسة لجميع المستخدمين لها بصورة حقيقية تبعث على الثقة بشكل يحقق الأهداف المرجوة من إعداد هذه التقارير.

ب- مبدأ الإفصاح: يشير إلى مراعاة أن يفصح عن كل من شأنه توضيح مدى تنفيذ الأهداف للمؤسسة، ومدى التطبيق للمبادئ و الإجراءات المحاسبية و التغير فيها و إظهار الم علومات التي تؤثر على دلالة التقارير المالية، و إبراز جوانب الضعف في أنظمة الرقابة الداخلية و المستندات و الدفاتر و السجلات.

ج- مبدأ الإنصاف: يشير إلى مراعاة أن تكون محتويات تقرير المدقق و كذا التقارير المالية منصفة لجميع المرتبطين و المهتمين بالمؤسسة سواء داخلية أو خارجية.

المطلب الثالث : أهداف المراجعة

يستطيع الباحث في التطور التاريخي لأهداف التدقيق و مضمونه المهني أن يلاحظ التغير الهائل الذي طرأ على الأهداف و بالتالي على المضمون، فقديما كانت عملية التدقيق مجرد وسيلة لاكتشاف ما قد يوجد في الدفاتر و السجلات من أخطاء أو غش أو تلاعب أو تزوير، و لكن هذه النظرة لعملية التدقيق تغيرت عندما قرر القضاء الانجليزي صراحة عام 1897 أن اكتشاف الغش أو الخطأ ليس هدفا من أهداف عملية التدقيق و أنه ليس مفروضا في المدقق أن يكون جاسوسا أو بوليسيا سريا، و يجب على المدقق أن لا يبدأ عمله و هو يشك فيما يقدم إليه من بيانات، و هكذا
يمكن تشبيه المدقق و هو يؤدي مهنته بـ " كلب الحراسة و لا بالكلب البوليسي الذي يتعقب المجرمين".(  )
و كذلك كان هدف التدقيق قاصرا عل ى التأكد من الدقة الحسابية للدفاتر و السجلات و ما تحتويه من بيانات، و مطابقة القائم المالية مع تلك الدفاتر و السجلات دون إبداء رأي فني محايد حول أكثر من ذلك،

لكن هذا الهدف أيضا تغير، حيث أصبح من الواجب على المدقق القيام بمراجعة انتقاديه منظمة للدفاتر و السجلات، و إصدار رأي فني محايد يضمنه في تقريره الذي يقدمه للمساهمين (أو من قام بتعيينه) عن نتيجة فحصه.

و يمكن بوجه الإجمال حصر الأهداف التقليدية للتدقيق في نواح عدة أهمها:
1- التأكد من دقة و صحة البيانات المحاسبية المثبتة في دفاتر المؤسسة و سجلاته، و تقرير مدى الاعتماد
2- الحصول على رأي فني محايد حول مطابقة القوائم المالية لما هو مقيد بالدفاتر و السجلات.
3- اكتشاف ما قد يوجد بالدفاتر من أخطاء أو غش.
4- تقليل فرص الأخطاء و الغش عن طريق زيارات المدقق المفاجئة للمؤسسة، و تدعيم أنظمة الرقابة الداخلية المستخدمة لديه.
أما اليوم فقد تعدت عملية التدقيق هذه الأهداف إلى أهداف و أغراض أخرى أهمها:
1- مراقبة الخطط الموضوعة و متابعة تنفيذها.
2- تقييم نتائج أعمال المؤسسة بالنسبة إلى الأهداف المرسومة.
3- تحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاية الإنتاجية عن طريق محو الإسراف في جميع نواحي نشاط المؤسسة.
4- تحقيق أقصى هدف ممكن من الرفاهية لأفراد المجتمع الذي تعمل فيه المؤسسة.
المطلب الرابع:المقارنة بين المحاسبة و المراجعة

يمكن تعريف علم المحاسبة على أنه مجموعة من النظريات و المبادئ التي تحكم تسجيل العمليات المختلفة التي تجريها المؤسسة و تبويبها، و يكون لها التأثير على مركزه المالي في صورة نقدية ثم عرض نتائج هذه العمليات في قوائم مالية تبين نتيجة أعمال المؤسسة من ربح أو خسارة خلال فترة معينة ومركزه المالي في نهاية هذه الفترة.

أما علم تدقيق الحسابات فهو عبارة عن مجموعة النظريات و المبادئ التي تنظم فحص البيانات المسجلة بالدفاتر و السجلات و المستندات للتأكد من صحة هذه البيانات و درجة الاعتماد عليها، و مدى دلالة القوائم المالية على نتيجة أعمال المؤسسة و مركزه الم الي.
و هكذا يبدأ المحاسب بتسجيل العمليات المحاسبية بدفتر اليومية أو دفاتر اليومية المساعدة معتمدا على المستندات المؤيدة لتلك العمليات، ثم يقوم بترحيل تلك القيود إلى حسابات بدفاتر الأستاذ المساعدة، فيكون بذلك قد قام بالتحليل و التبويب، ثم تأتي عملية ترصيد تلك الحسابات و إجراء تسويات الجرد اللازمة ليصار إلى عرض نتائج تلك العمليات في القوائم المالية المعنية، و أهمها قائمة نتيجة الأعمال و التي تبين نتيجة عمل المؤسسة من ربح أو خسارة عن تلك الفترة، و قائمة المركز المالي و التي تبين الوضع المالي للمؤسسة في نهاية تلك الفترة التي اتخذت أساسا لإعداد تلك القوائم.أما المدقق فيبدأ عمله بتحليل ما حوته تلك القوائم المالية من بيانات للتأكد من صحتها و عدالة تصويرها للواقع، و من أجل هذا يعود بمطابقة تلك البيانات مع الدفاتر و السجلات، كما يعود إلى المستندات المؤيدة لما هو مسجل بتلك الدفاتر و السجلات، و ربما يؤدي الأمر بالمدقق إلى تعدي نطاق المؤسسة بحثا وراء دليل أو قرينة.

و هكذا يتضح لنا أن المدقق يبدأ عمله من حيث ينتهي المحاسب، كما يتضح لنا أيضا أن علم المحاسبة علم إنشائي Constructif يبدأ بالعديد من العم ليات التي يجريها المؤسسة، يخلص منها بقوائم مالية تحوي نتائج تلك العمليات العديدة و خلاصتها، بينما علم التدقيق علم تحليلي Analytique يبدأ بالقوائم المالية و يعود بما حوته من بيانات إلى الدفاتر و السجلات و المستندات المؤيدة لها، و ذلك في سبيل التأكد من صحتها.

و ثمة فارق هام بين المحاسب والمدقق، و هو أن المحاسب موظف لدى المؤسسة خاضع بالتبعية لإدارته، تنحصر مهمته في تسجيل العمليات و تبويبها و من ثم عرضها في قوائم مالية وفق إرادة القائمين على المؤسسة، و خبير مهني محايد لا يخضع لسلطان، أي سلطة إدارية بالمؤسسة، و تنحصر مهمته في فحص ما حوته القوائم المالية من بيانات للتأكد من صحتها و إبداء رأيه فيما
إذا كانت تلك القوائم المالية تظهر بصدق نتيجة أعمال المؤسسة عن الفترة المالية المعنية، و تبين بعدالة حقيقة مركزه المالي في نهاية تلك الفترة.

و يمكن تشبيه العلاقة بين المدقق و المحاسب بتلك القائمة بين القاضي و المحامي، إذ يشترط في كل فريق الخلفية العلمية المتساوية، و لكن يضاف إلى المدقق و القاضي الحياد و الاستقلال و الحكم الشخصي.

ليست هناك تعليقات: