بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

28 مايو 2011

التعسف في استعمال الحق

من معالم الفكر القانوني الحديث رسوخ واستقرار نظرية التعسف في استعمال الحق .. الا ان هذه النظرية ليست من ابداع هذا الفكر .. فقلد عرفتها الشرائع القديمة .. حيث امتدت جذور هذه النظرية إلى الماضي .. وقد تناول بعض جوانبها كالرومان وغيرهم , أما الشريعة الاسلامية الغراء فقد نشأت فيها هذه النظرية بنشأتها ( فلا ضرر وضرار بالاسلام ) .. و الضرر يزال .. و لقد تناول الفقه الاسلامي هذه النظرية بالبحث و هنالك عدة محاولات بغية تأصليها .

ولقد أخذت معظم التشريعات العربية و الأجنبية المقارنة بهذه النظرية و استقر العمل بها لديها .. و منها القانون المدني الاردني و الذي أفرد لها فصلا كاملا ضمن طيات النظرية العامة للحق ..

كيف يتسعف الانسان بحقه ؟؟

الحق كما عرفه بعض الفقهاء : هو كل مايستطيع الفرد القيام به في إطار مايسمى بالشرعية القانونية التي يمنحها له القانون، أي أنه مكنة أو سلطة يسندها القانون إلى شخص معين، يستطيع بمقتضاها أن يتسلط على شئ أو أن يقتضي أداءً معيناً من شخص آخر .

لما شرعت الحقوق .. كان الهدف من ذلك تمكين الافراد من الانتفاع بما شرع لهم و عليه فلكل منَا حقوق منحنا اياها القانون و تكفل بحمايتها و صونها و الذوذ عنها حال وقع اعتداء عليها ...

ولكن ماذا لو نشأ عن استعمالي لحقي الذي منحني اياه القانون ضرر أصاب الغير ؟؟

هنا و عملا بنص المادة ( 61 ) مدني الجواز الشرعي ينافي الضمان فمن استعمل حقه استعملا مشروعا لا يكون ضمانا ما يصيب الغير من ضرر .

الا أن هذا النص مقيد .. و عليه استثناءات .. ذلك ان هنالك بعض الاشخاص قد يستغلون ان لهم حقا منحهم اياه القانون وحماه لهم فيتعسفون في استعماله .. و يكون هدف استعمالهم لذلك الحق هو الاضرار بالغير .. و الأمثلة العملية على ذلك كثيرة ...

كأن يقوم شخص برفع سور البناء الذي بينه و بين جاره الملاصق فيسد عنه النور و الهواء .. فهنا قام الجار باستخدام حقه و بنى سورا على ارضه .. الا أن فعله سبب ضررا لجاره الملاصق .. فهل يقف مبدأ الجواز الشرعي ينافي الضمان في وجه الجار المتضرر ويمنعه من المطالبة بازالة الضرر ؟؟

بالطبع لا .. فلا ضرر و لا ضرار .. و القانون المدني الاردني قد عالج مثل هذه الحالة وغيرها .. فالحق لم يشرع اصلا للمكيدة و الاضرار بالغير و انما شرع لغاية اسمى ة هي تمكين صاحبة من اسعماله و اسغتلاله بما يعود عليه بالنفع و الفائدة ..
وهذا ما أكدته محكمة التمييز الاردنية في قرارها رقم 1079/97 ( ان استعمال الحق الشرعي وان كان ينافي الضمان عملاً باحكام المادة (61) من القانون المدني الا انه مقيد بعدم اساءة استعمال هذا الحق والا اصبح ضامناً للضرر الناشئ عن سوء استعمال الحق عملاً باحكام المادة (66) مدني ).

و هنا جاءت الاستثناءات على مبدأ الجواز الشرعي في المادة ( 66 ) من القانون المدني الاردني :
اساءة استعمال الحق
1. يجب الضمان على من استعمل حقه استعمالا غير مشروع .

وحدد القانون الحالات التي يستشف منها التعسف في استعمال الحق ألا وهي :

2. ويكون استعمال الحق غير مشروع :

أ . اذا توفر قصد التعدي .
أي اذا تمخضت ارادة صاحب الحق من استعماله الاضرار بالغير طبعا يستدل على ذلك من وقائع الحالة و القرائن و غيرها .


ب. اذا كانت المصلحة المرجوة من الفعل غير مشروعة .
عدم مشروعية المصلحة ذاتها مع مشروعية الفعل و هنا كأن يملك شخص عمارة بها شقق ويريد تأجيرها و هو هنا صاحب حق و له ذلك ففعل التأجير بحد ذاته مشروع .. لكن ماذا لو أنه أجرها كمكان للدعارة أو تعاطي المخدرات ؟ طبعا هذا أمر مخالف للقانون و النظام العام و الاداب العامة .


ج. اذا كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من الضرر .
فلا بد أن يكون ما يجنيه صاحب الحق أكبر مما يضيب الغير من ضرر .. فمن رفع سور منزله و حجب النور و الضوء عن جاره أضر به أكثر مما جلب منفعة لنفسه و هو هنا متسعف في استعمال حقه .

د . اذا تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة .

ليست هناك تعليقات: