بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

14 يوليو 2010

بين حرية التعبير وحرية العقيدة:

 نظرة قانونية مصرية





يبدو الاعتماد المتبادل بين حرية التعبير وحرية العقيدة، في أن جوهر حرية العقيدة يكمن في اختيار العقيدة وممارستها بغير إكراه.



ومن دون حرية الإعلان عن الانتماء إلى عقيدة ما، فإن القدرة على اتباع تعاليم العقيدة المختارة ونقلها من جيل إلى جيل تبدو ناقصة. وهو ما يوضح أن حرية التعبير وحرية العقيدة ليستا متناقضتين أو متضادتين. بل إن حرية التعبير هي التي تكفل الدفاع ضد أعداء التنوع في الثقافات.



وهذا التنوع ينبع من الاختلاف في التفكير الديني، وكلاهما من خلال حرية التعبير يفتح المجال أمام إعلاء التجانس في التفاعل الاجتماعي والثقافي.



ولحرية التعبير بعدان: بعد شخصي يتمثل في أنه يتيح للفرد استكمال شخصيته من خلال التعبير عن نفسه، وبعد اجتماعي يتيح للفرد المشاركة في المسؤولية داخل المجتمع، ولهذا اعتبرت هذه الحرية إحدى الدعائم الأساسية للنظام الديموقراطي. وتفرض حرية العقيدة الدينية أن تلقى الاحترام من الآخرين الذين لا ينتمون إلى العقيدة ذاتها. ومن هذا المنطلق تتمتع حرية العقيدة بالبعدين نفسيهما: البعد الشخصي والبعد الاجتماعي.



ويشكل البعد الشخصي عنصر الاختيار في من يعتنق العقيدة حتى يستكمل شخصيته الإنسانية. أما البعد الاجتماعي فإنه يبدو في ذلك القدر من التسامح الذي يجب أن تحظى بها ممارسة هذه الحرية داخل المجتمع. ومن ذلك حرية المؤسسات الدينية (كالمسجد والكنيسة) داخل المجتمع في ممارستها، وحرية الفرد في إظهار دينه أو معتقده والتعبد وإقامة الشعائر والممارسة مع جماعة، وأمام الملأ.



إلا أن البعد الاجتماعي في كل من حرية التعبير وحرية العقيدة الدينية يثير مشكلة تتعلق بنطاق ممارسة حرية التعبير في ما يتعلق بمدى إمكان أن تتوغل هذه الممارسة في الحرية الدينية فتحدث مساسًا بها. فقد نشأت علاقة بالغة الحساسية بين الحريتين عندما ظهرت آراء معادية أو ناقدة للدين في بعض صور التعبير، أبداها البعض تحت ستار حرية التعبير. وتجلى ذلك في السنوات الأخيرة من خلال بعض الكتابات أو الرسوم الكاريكاتورية أو الأقلام التي تسيء إلى الدين.

وهدف التعديل الدستوري الصادر في 29 أزار (مارس) سنة 2007 في مصر إلى وضع حد للخلط بين المشاركة السياسية والحرية الدينية. ولما كانت الأحزاب السياسية والنشاطات السياسية عموماً ليست إلا تعبيراً عن الآراء السياسية، فقد نص ذلك التعديل على انه لا تجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية بالاستناد الى مرجعية دينية أو أساس ديني، أو الى التفرقة بسبب الجنس أو الأصل. وأكد هذا التعديل الحرية الدينية من حيث عدم جواز تأثير ممارستها على من يريد المشاركة السياسية، ولا أن تكون أساساً للاختيار السياسي، نظراً إلى الفارق بين الحرية الدينية وحرية المشاركة السياسية، فالأولى عقائدية بحتة تمثل إيماناً فردياً بالذات الإلهية وترتبط بشخص الإنسان، والثانية إحدى وظائف الحكم التي يشارك فيها الأفراد وفقاً للنظام الديموقراطي.



وقد تكون هذه المشاركة من خلال الأحزاب السياسية أو من خلال الجمعيات في حدود نشاطاتها أو من خلال ممارسة حق الاجتماع في حدود القانون.

هذا إلى جانب أن الحرية الدينية لا يجوز أن تصبح أساساً للسيطرة السياسية لدين معين.



ولا بد أن نشير ابتداء إلى الدور الأساسي الذي تؤديه حرية التعبير في النظام الدولي لحقوق الإنسان، إيماناً بأن المآسي الإنسانية - بما في ذلك الإبادة الجماعية - تتطلب سيطرة عليها من خلال حرية التعبير لكشفها وإدانتها، وأن الالتزام بجميع حقوق الإنسان والتأكيد على اعتماد كل منها على الآخر حقيقة واقعة وليس مجرد خيار سياسي. وحرية التعبير هي أفضل دفاع ضد أعداء التنوع. فبهذه الحرية يمكن تربية الآخرين وفقاً لتقاليدهم الثقافية، وتعليمهم مختلف الثقافات حتى يمكن التغلب على أفكار عدم التسامح والتمييز.



ويلاحظ مثلاً أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عنيت عام 1994 بأن تؤكد على زيادة مساحة تقدير الدول لتقييد حرية التعبير بقصد ممارسة الشعائر الدينية. إلا أن هذا المبدأ أثار عدداً من المشكلات القانونية التي تتمثل في التأكيد على الاحترام الضروري للمعتقدات الدينية، وفي التساؤل عن أساس حماية هذه المعتقدات، وهل هو النظام العام أم حماية حقوق الآخرين، أم الإشارة المباشرة إلى الحرية الدينية.



وقضت هذه المحكمة في 15 شباط (فبراير) 2001 برفض دعوى أقامتها إحدى المعلمات في مدرسة ابتدائية عامة بسبب عدم تمكينها من ارتداء الحجاب، ووضعت المحكمة في اعتبارها صغر سن الأطفال في المدرسة، وصعوبة تبرير فرض الحجاب على النساء، بالنظر إلى مبدأ المساواة بين الجنسين. وقضت هذه المحكمة في 3 أيار (مايو) 1993 بصحة اشتراط وضع صورة المرأة في بطاقة تحقيق الشخصية أو جواز السفر على نحو يكون وجهها ورأسها عاريين، ما يعني بطريقة ضمنية منع ارتداء الحجاب. وأسست المحكمة قضاءها على أن هذا الشرط جاء للحماية من أخطار تزوير الصورة وسوء استخدام بطاقة تحقيق الشخصية أو جواز السفر، وغلبت المحكمة بذلك فكرة النظام العام.



وقضت المحكمة نفسها في أول تموز (يوليو) عام1997 بعدم توافر انتهاك (بشأن حرية العقيدة التي كفلتها المادة التاسعة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) وقع على قاض عسكري أحيل إلى التقاعد بواسطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بناء على أن سلوكه ومواقفه توضح اعتناقه لآراء غير مشروعة. واستندت المحكمة في قضائها على أن النظام العسكري الذي انضم إليه الطاعن باختياره يتضمن بحسب طبيعته إمكان فرض قيود على بعض حقوق وحريات أعضاء القوات المسلحة مما لا تفرض على المدنيين. وبناء على ذلك يجوز وضع لوائح تأديبية للعسكريين تفرض أنواعاً معينة من السلوك في مواجهة النظام الذي يتفق مع ضرورات الخدمة العسكرية. ولم يكن الطاعن ينازع - في حدود القيود التي تفرضها الخدمة العسكرية- أنه كان يؤدي ويمارس واجباته الدينية بوصفه مسلماً، وخصوصاً إمكان تأدية الصلاة خمس مرات في اليوم، وممارسة سائر واجباته الدينية، وخصوصاً الصوم في رمضان والصلاة في المسجد يوم الجمعة.

لقد نشأت الأمم المتحدة على أساس أن الحوار يمكن أن يتغلب على الاختلاف. وهو ما يوجب تجنب سوء استخدام حرية التعبير كأداة للصراع الديني لأسباب اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، أو أداة للسيطرة السياسية للفكر الديني.

ولهذا طالب البعض في ندوة الخبراء التي نظمها مجلس حقوق الإنسان في 2 و 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 بالتزام الدولة تجريم الدعوة إلى كراهية الدين، سواء من طريق التمييز أو العداء أو العنف. ولوحظ أن تقييد حرية التعبير لمحاربة الدعوة إلى الكراهية الدينية لا يجوز اعتباره شراً لا بد منه، لأن هذا التقييد جاء لحماية حقوق الإنسان.



ونستخلص في ضوء المناقشات والآراء المختلفة التي دارت حول تجريم الدعوة إلى كراهية الدين مجموعة من المبادئ أهمها: التأكيد على العلاقة بين حرية التعبير والحرية الدينية، وأن الحرية الدينية تعتمد على حرية التعبير عن العقيدة الدينية، وأن عناصر (التعبير) تتجسد في إظهار الدين. وأن أية محاولة لتحليل العلاقة بين التعبير والدين يجب أن تضع في الاعتبار من يكتب التاريخ ولمن يكتبه، وأنه لا يجوز عند التأريخ الاعتماد على مصادر معينة دون غيرها. كما نستخلص أن الحريتين تعتمدان على درجة من التسامح والاحترام المتبادل والتنوع الذي يكمن في الوجود الإنساني الذي يتضمن من لا يؤمنون بالأديان. وأن المناقشة حول الكراهية الدينية دلت على أن التعبير الذي استخدم للتدليل عليه ينصرف إلى عدم احترام المقدسات، وأنه يجب قراءة نصوص حقوق الإنسان معا، واضعين في الاعتبار مبدأ المساواة وعدم التمييز. ويجب أن تظل القيود الواردة على ممارسة الدين أو التعبير على سبيل الاستثناء وليست على سبيل القاعدة. وفي الخلاصة كذلك أن فكرة الحض على الكراهية تقترب من فكرة (التحريض العام)، وأن اصطلاح (الكراهية) لا يعني عدم القبول، بل يعني درجة كبيرة من الازدراء.



ومن ذلك أيضاً أن تجريم فعل الدعوة إلى كراهية الدين المشار إليه في المادة 20/2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا يجوز أن يتم في غيبة عن توافر عنصر النية لدى مرتكب الجريمة. كما ينبغي تأكيد وجوب احترام النقد البناء، واعتبار التنوع الديني جزءاً من التراث المشترك للإنسانية.



وأخيراً فإنه إذا كانت الحرية الدينية لم تكفل حماية الأديان في ذاتها، فإنه لا يمكن حماية الرموز الدينية من السب أو الإساءة في نطاق حماية الحرية الدينية، وإنما يجب اعتبار النقد أو التعليق المبني على التمييز أو الإهانة أو السخرية من الدين، تجاوزاً للحق في الحرية الدينية، طالما أدت هذه الأعمال إلى التأثير بطريقة سلبية في مختلف مظاهر الحرية الدينية للمؤمنين بالأديان.

وبالنسبة إلى الدستور المصري، فإن النص على الديانة الرسمية للدولة في المادة (2) منه يكمله نص المادة 46 التي نصت على حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية. وقد أكّدت المحكمة العليا في مصر أن المشرّع التزم في جميع الدساتير المصرية مبدأ حرية العقيدة، وحرية إقامة الشعائر الدينية باعتبارهما من الأصول الدستورية الثابتة المستقرة في كل بلد متحضر، فلكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التي يطمئن إليها ضميره، وتسكن إليها نفسه، ولا سبيل لأي سلطة عليه في ما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه. وأكدت المحكمة الدستورية العليا انعدام الأثر القانوني للنص على ديانة رسمية للدولة في ما قالته من أنه لا يجوز في مفهوم الحق لحرية العقيدة، أن تيسر الدولة – سرا أو علانية – الانضمام إلى عقيدة ترعاها، إرهاقاً لآخرين من الدخول في سواها، ولا أن يكون تدخلها بالجزاء عقاباً لمن يلوذون بعقيدة لا تصطفيها، وليس لها بوجه خاص إذكاء صراع بين الأديان تمييزاً لبعضها على البعض.



وفي أي حال، فإن النص الدستوري على ديانة رسمية للدولة لا يبدو مؤثرًا في حرية التعبير إلا في المدارس العامة المملوكة للدولة حيث تكفل الدولة بحسب الأصل تدريس ديانتها الرسمية، من دون إخلال بحرية من يعتقدون بديانات أخرى في تلقي تعاليم ديانتهم والتزام الدولة بتمكينهم من ذلك وفقاً لمبدأ حرية العقيدة ومبدأ اعتبار التربية الدينية مادة أساسية في مناهج التعليم العام (المادة 9 من الدستور المصري)، وطبقاً لمبدأ المواطنة الذي تقوم عليه الدولة طبقاً للمادة الأولى للدستور المصري، ومبدأ المساواة الذي كفلته المادة 40 من الدستور. وطبقاً لمبدأ حرية العقيدة الذي كفلته المادة 46 من الدستور نفسه، فإنه لا تأثير للديانة الرسمية للدولة على التمتع بسائر الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور. هذا من دون إخلال بحق الدولة في إقامة الاحتفالات الرسمية الدينية المتعلقة بالإسلام واعتبار الأعياد الدينية عطلة رسمية. ومع ذلك راعت الحكومة اعتبار عيد الأقباط في 7 كانون الثاني (يناير) من كل عام عطلة رسمية مراعاة للشعور الديني لطائفة الأقباط. كما عنى المسؤولون الرسميون في الحكومة بمشاركة الأقباط في الاحتفال بعيدهم.



ولا يجوز في الوقت ذاته الخلط بين معتقدات أهل كل دين والقيم الأخلاقية والمثل العليا والفضائل التي تصنع نسيج الثقافة التي يتحلى بها من يؤمنون بدين معين. فهذه القيم - وليس مجرد المعتقدات الدينية في ذاتها – لا بد أن يهتدي بها الناس في سلوكهم من دون أن يمثل ذلك أية سيطرة سياسية لدين معين، ونظراً إلى أن الأديان كلها تشترك في قيم معينة يقوم بها مبدأ التسامح الذي أخذت به الأديان السماوية، وتقديراً لذلك نص الدستور المصري في المادة (9) منه على أن الأسرة قوامها الدين والأخلاق والوطنية.



وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى مغزى نص المادة 2 من الدستور المصري على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، وهو الأمر نفسه في دساتير الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان (يطبق على ولايات الشمال)، ونص الدستور السوري على أن الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع (المادة 3/1)، ونص الدستور العماني على أن الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع (المادة الأولى)، ونص الدستور القطري على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها (المادة الأولى)، ونص الدستور العراقي على أنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام (المادة 2 أولاً).



على أنه إذا كانت الشريعة الإسلامية لها طابع ديني لا شك فيه، باعتبارها جوهر الدين الإسلامي، إلا أنها تستقل عن الطابع العقائدي الديني الأصيل في أنها نظام تشريعي. ولهذا كان من المتصور أن تطبق الشريعة الإسلامية في مجتمع غير إسلامي، أو في المجتمع الإسلامي على غير المسلمين من أفراده، وعلى الأجانب الذين يوجدون على أرضه، بالنظر إلى طابعها الحضاري وسندها المنطقي وقيمها الاجتماعية من دون إخلال بمبدأ حرية العقيدة الدينية.

وتأكيداً للطابع التشريعي للشريعة الإسلامية عنيت المحكمة الدستورية العليا بتحديد المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية، بأنها الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً، ومن غير المتصور أن يتغير مفهومها بتغير الزمان والمكان. أما الاجتهاد فتنحصر دائرته فى الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً. ولما كانت مبادئ الشريعة الإسلامية نظاماً تشريعياً على رغم طابعها الديني، فإن تناولها بالتفسير يدخل في نطاق حرية التعبير عموماً وليس في نطاق حرية التعبير الديني، أو حرية العقيدة الدينية. وغني عن البيان أن اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع لا يخل بواجب الدولة في كفالة حرية العقيدة الدينية بالنسبة إلى العقائد الدينية الأخرى.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
المبادي القانونية في حكم محكمة القضاء الاداري في الدعوي رقم 15575 لسنة 61ق


أهم المبادىء القضائية التي أرساها القضاء الادارى في الدعوي رقم 15575 لسنة 61ق، تلك القضية التي تناولت طلب القاضي عبد الفتاح مراد بإغلاق 49 موقع لمنظمات حقوقية وشركات ومدونات،وذلك على النحو التالي:



1. حظر الرقابة على الصحف ووقفها أو إلغائها بالطريق الادارى إلا في حالة إعلان الطوارئ أو في زمن الحرب : "ومن حيث انه عن الموضوع فان المادة 47 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأية ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي والنقد البناء ضماننا لسلامة البناء الوطني، وتنص المادة 48 من ذات القانون على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري محظور ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو في زمن الحرب ، أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلان رقابة محدده في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي وذلك كله وفقا للقانون. "

2. التأكيد على توافق الدستور المصري مع الاتفاقيات الدولية بشأن حرية الرأي والتعبير : "ومن حيث أن الماد19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أن :-

1. لكل إنسان حق في اعتناق أراء دون مضايقه.

2. لكل إنسان حق في التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس دروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها

3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون أو تكون ضرورية:

 لحقوق الآخرين أو سمعتهم

 لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .

ومن حيث أن المستفاد مما تقدم أن الدستور المصري مساير في ذلك الاتفاقيات الدولية المقرر لحقوق الإنسان ، قد كفل حرية التعبير بمدلوله العام وفى مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبجميع وسائل التعبير"

3. التأكيد على أن حرية الرأي والتعبير هي الحرية الأصل: " وضمانا من الدستور لحرية التعبير والتمكين من عرضها ونشرها بأية وسيلة على نحو ما جاء بالمادة 47 سالفة الذكر قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها وعلى ذلك فان هذه الحرية لا تنفصل عن الديمقراطية وعلى ذلك فان ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير وهو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير مقيد بالحدود الإقليمية على اختلافها ولا تنحصر في مصادر بذاتها تعد من قنواتها بل أن تترامى أفاقها بل قصد أن تتعدد مواردها وأدواتها .

كما أن الدستور بعد أن ارسي القاعدة العامة التي تقوم عليها حرية التعبير حرص على إكمالها بإحدى الحريات المتولدة عنها كإحدى صورها الأكثر أهمية والأكثر أثرا في المجتمع وهى حرية الصحافة وذلك باعتبارها من أفضل المنابع التي تكفل تدفق الإنباء والآراء والأفكار ونقلها إلى قطاع عريض من المواطنين مما يسهم في تطوير المجتمع وتدعيم الحريات فيه .

4. المحكمة تؤكد على أن وضع قيود على حرية التعبير لا يكون إلا في أضيق الحدود وللضرورة القصوى، وربطت ذلك بالمساس بالأمن القومي أو المصالح العليا للدولة ، وحصرت ضمانات حماية النظام العام في : الأمن العام,الصحة العامة, السكينة العامة للمواطنين :

"ومن حيث أنه من المقرر أن الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور ليست حريات وحقوق مطلقة وإنما يجوز تنظيمها تشريعيا بما لا ينال من محتواها إلا بالقدر وفى الحدود التي ينص عليها ومن ثم فان هذه القيود والتي يفرضها المشرع على تلك الحرية يمثل استثناء من الأصل الدستوري المقرر بكفالة وضمان حرية التعبير وبالتالي يجب أن تكون في أضيق الحدود وللضرورة القصوى.

ومن حيث انه سبق لهذه المحكمة بهيئة مغايرة أن انتهت إلى أن التشريعات المصرية لم تحدد المجالات التي تستدعي حجب المواقع الالكترونية غير أن هذا الفراغ التشريعي لا يخل بحق الأجهزة الحكومية من إلزام مزودي الخدمة بالحجب حينما يكون هناك مساس بالأمن القومي أو المصالح العليا للدولة وذلك بما لتلك الأجهزة من سلطة في مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام بمفهومه المثلث الأمن العام,الصحة العامة, السكينة العامة للمواطنين."

5. المحكمة تساوى بين إغلاق جريدة مكتوبة وإغلاق موقع الكتروني، ووصفت الإغلاق بأنه مخالفة دستورية، وقيدا على حرية التعبير:

"ومن حيث انه بالبناء على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعى قد استند في طلبه إلى الجهة الإدارية بحجب المواقع المنوه عنها سلفا إلى قيامها بارتكاب جرائم تمس امن واستقرار الوطن : وقد سبق القول بأنه ليس للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة في هذا الشق فضلا عن انه يستفاد من رفض جهة الإدارة الاستجابة لطلب المدعى أنها انحازت للأصل وهو حرية التعبير ورفضت الاستثناء وهو التقييد ، إذ أن حجب موقع بالصحافة الاليكترونية هو من ذات جنس حظر صحيفة مكتوبة بجانب أن كل ذلك قيد علي حرية التعبير محظور دستوريا . "

6. وجود إهانات تمس احد الأشخاص على الموقع يتيح ملاحقة الأشخاص مرتكبي الإهانة مدنيا وجنائيا، ولا يجب أن يرقى الجزاء لإغلاق الموقع لما يمثله ذلك من عدوان على حق المواطنين في المعرفة:

أما بخصوص ما استند إليه المدعي في طلب حجب بعض هذه المواقع لارتكابها جرائم في حقه تشكل سبا وقذفا وتشهيرا فانه وإزاء الفراغ التشريعي المنظم لدواعي الحجب وحدوده وتوقيتاته فانه نزولا علي القاعدة الأصولية التي تقضي بترتيب المصالح في ضوء تدا رجها عند التعارض فإن المحكمة ترجح الانحياز لجانب الحرية علي حساب المسئولية ، وذلك إلي أن يتدخل المشرع بسد هذا الفراغ التشريعي تنظيما لذلك القيد لضمان التوازن بين حرية التعبير وضمان حماية الحريات الخاصة .

وتأخذ المحكمة في الاعتبار وبخصوص الحالة الماثلة أن المخالفات والتي يأخذها المدعي علي بعض المواقع بأنها تسببت في التعرض له بالإهانة فإن ذلك يسوغ له ملاحقة مرتكبيها جنائيا ومدنيا إلا أنها لا تبرر حجب هذه المواقع بالكامل لما تحتويه المواقع ( كما هو معلوم من ألاف المعلومات الأخرى التي يستفيد منها كل من يسعي إلي المعرفة وبالتالي يطولهم عقاب الجهة الإدارية في حالة حجبها الموقع . "

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
مبادئ دستورية حرية التعبير


[الفقرة رقم 10 من الطعن رقم 77 سنة قضائية 19 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 07 / 02 / 1998 - صفحة رقم 1165]





إن حرية التعبير تمثل فى ذاتها قيمة عليا لا تنفصل الديمقراطية عنها ، وإنما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها صوناً لتفاعل مواطنيها معها ، بما يكفل تطوير بنيانها وتعميق حرياتها ، وإن جاز القول بأن لحرية التعبير أهدافها التى يتصدرها بناء دائرة للحوار العام لا تنحصر آفاقها ولا أدواتها ، تدنى الحقائق إليها فلا يكون التعبير عن الآراء حائلاً دون مقابلتها ببعض وتقييمها ، ولا مناهضتها لآراء قبلها آخرون ، مؤدياً إلى تهميشها ، ولا تلقيها عن غيرها مانعاً من ترويجها أو مقصوراً على بعض جوانبها ، ولا تدفقها من مصادر تزدريها مستوجباً إعاقتها أو تقييدها . كذلك فإن إنمائها للشخصية الفردية وضمان تحقيقها لذاتها ، إنما يدعم إسهامها فى أشكال من الحياة تتعدد ملامحها بما يكفل حيويتها وترابطها ، فلا يكون تنظيمها مقتضياً إلا اقل القيود التى تفرضها الضرورة . إن حرية التعبير ــ وكلما كان نبضها فاعلاً وتأثيرها عريضاً ــ هى الطريق لبناء نظم ديمقراطية تتعدد معها مراكز إتخاذ القرار ، تتسم بتسامحها مع خصومه



ا ، ومسئوليتها قبل مواطنيها ، وبرفضها لكل قيد يخل بمصداقيتها ، وإستجابتها بالإقناع لإرادة التغيير ، وطرحها من خلال الحوار لبدائل يفاضلون بينها لاختيار أصلحها ، أيا كان مضمونها . ما تقدم مؤداه ، أن الآراء على إختلافها لا يجوز إجهاضها ، ولا مصادرة أدواتها ، أو فصلها عن غاياتها ، ولو كان الآخرون لا يرضون بها ، أو يناهضونها ، أو يرونها منافية لقيم محدودة أهميتها يروجونها ، أو يحيطون ذيوعها بمخاطر يدعونها ، ولا يكن لها من وضوحها وواقعها ، ما يبرر القول بوجودها . إن المشرع وكلما تدخل بلا ضرورة ، لتقييد عرض آراء بذواتها بقصد طمسها أو التجهيل بها بالنظر إلى مضمونها Content-based abridgments ، كان ذلك إصماتاً مفروضاً بقوة القانون فى شأن موضوع محدد إنتقاه المشرع إنحيازاً ، مائلاً بالقيم التى تحتضنها حرية التعبير عن متطلباتها التى تكفل تدفق الآراء وإنسيابها بغض النظر عن مصدرها أو محتواها ، ودون ما إعتداد بمن يتلقونها أو يطرحونها ، وبمراعاة أن الحق فى الحوار العام ، يفترض تساويها فى مجال عرضها وتسويقها . إن إكراه البعض على القبول بآراء يعارضونها أو تبنيها ، لا يقل سوءاً عن منعهم من التعبير عن آراء يؤمنون بها أو يدعون إليها ، وهو ما يعنى أن الحمل على إعتناق بعض الآراء ، أو إقماع غيرها ، سوءتان تناقضان مفهوم حوار يقوم على عرض الأفكار وتبادلها والاقناع بها . كذلك فإن موضوعية الحوار ــ وعلى الأخص كلما كان بناء ــ شرطها شفافية العناصر التى يدور الجدل حولها ، بما يحول دون حجبها أو تشويهها أو تزييفها . وتعلق مفهوم الحوار بالقبول بآراء أو برفضها بعد موازنتها ببعض ، وعلى ضوء حقائقها وحكم العقل بشأنها ، مؤداه أن كل أقوال يكون بها الحوار منتفياً ، كتلك التى تحرض على إستعمال القوة إستثارة لنوازع العدوان عند من يتلقونها ، وإضراراً بالآخرين ، لا يجوز أن تتخذ من حرية التعبير سنداً ، تقديراً بأن مفهوم عرض الآراء والأفكار من أجل تقييمها ــ على ضوء صحتها أو بهتانها ــ منحسر عنها ، فضلاً عن إقترانها بمضار لا يجوز القبول بها .





[الفقرة رقم 12 من الطعن رقم 77 سنة قضائية 19 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 07 / 02 / 1998 - صفحة رقم 1165]

حرية التعبير ــ فى مضمونها الحق ــ تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها فى الاجتماع المنظم ، وحجب بذلك تبادل الآراء فى دائرة أعرض ، بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض ، ويعطل تدفق الحقائق التى تتصل باتخاذ القرار ، وكذلك تشكيل روافد الشخصية الإنسانية التى لا يمكن تنميتها إلا فى شكل من أشكال الاجتماع . بل إن حرية القول والصحافة والعقيدة وتقديم العراض ، لا يمكن ضمانها ضماناً كافياً إلا عن طريق إجتماع تتكتل فيه الجهود للدفاع عن مصالح بذواتها ، يكون صونها لازماً لإثراء ملامح من الحياة يراد تطويرها إجتماعياً أو إقتصادياً أو سياسياً ، بما يكفل تنزع مظاهرها وإتساع دائرتها من خلال تعدد الآراء التى تطرح على مسرحها .



[الفقرة رقم 3 من الطعن رقم 2 سنة قضائية 16 مكتب فني 7 تاريخ الجلسة 03 / 02 / 1996 - صفحة رقم 470]

إن حرية التعبير التى تؤمنها المادة 47 من الدستور أبلغ ما تكون أثراً فى مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها ؛ وكان حق الفرد فى التعبير عن الآراء التى يريد إعلانها ، ليس معلقاً على صحتها ، ولا مرتبطاص بتمشيها مع الاتجاه العام فى بيئة بذاتها ، ولا بالفائدة العملية التى يمكن أن تنتجها ؛ وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة فى أعماق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام Public Mind فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التى تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها . وكذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التى يؤمنون بها بل كذلك اختيار الوسائل التى يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء فى مجال عرضها أو نشرها ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها .





[الفقرة رقم 6 من الطعن رقم 2 سنة قضائية 15 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 04 / 01 / 1997 - صفحة رقم 241]

البين من الأحكام التى إنتظمها القانون رقم 35 لسنة 1978 المشار إليه ، تغييها صون حرية الإبداع من خلال أدواتها فى قطاع المهن التمثيلية والسنمائية والموسيقية ، ليكون لكل منها نقابتها التى ترعى مصالح أعضائها العاملين بها ، وتكفل لمواهبهم وملكاتهم الذهنية الفرص التى تلائمها ، وعلى الأخص من خلال تشجيعها وتقرير المزايا التى تخصها ، وكان الإبداع بذلك لا ينفصل عن حرية التعبير ، بل هو من روافدها ، يتدفق عطاءاً عن طريق قنواتها ويتمحض فى عديد من صوره ــ حتى ما كان منها رمزياً ــ عن قيم وآراء ومعان يؤمن المبدعون بها ويدعون إليها ، ليكون مجتمعهم أكثر وعياً ، وبصر أفراده أحد نفاذاً إلى الحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها . ومن ثم كان الإبداع عملاً إنشائياً إيجابياً ، حاملاً لرسالة محددة ، أو ناقلاً لمفهوم معين ، مجاوزاً حدود الدائرة التى يعمل المبدع فيها ، كافلاً الاتصال الآخرين تأثيراً فيهم ، وإحداثاً لتغيير قد لا يكون مقبولاً من بعض فئاتهم . وما ذلك إلا لأن حرية التعبير لا يجوز فصلها عن أدواتها ، وأن وسائل مباشرتها يتعين أن ترتبط بغاياتها ، فلا يعطل مضمونها أحد ، ولا يناقض الأغراض المقصودة من إرسائها . ولا يتصور بالتالى أن يكون الإبداع على خلافها ، إذ هو من مداخلها ، بل أن قهر الإبداع عدواً مباشراً عليها ، بما مؤداه أن حرية التعبير عن الآراء ونشرها بكل الوسائل المنصوص عليها فى المادة 47 من الدستور ، إنما تمثل الإطار العام لحرية الإبداع التى بلورها بنص المادة 49 بما يحول دون عرقلتها ، بل إنها توفر إنفاذ محتواها وسائل تشجيعها . ليكون ضمانها التزاماً على الدولة بكل أجهزتها .





مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
مبادىء المحكمة الدستورية العليا بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 6 لسنة 15 قضائية "دستورية " عن حرية التعبير


- إن حرية التعبير ذاتها تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها فى الاجتماع المنظم • وحجب بذلك تبادل الآراء فى دائرة أعرض ، بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض ، ويعطل تدفق الحقائق التى تتصل باتخاذ القرار ، ويعوق انسياب روافد تشكيل الشخصية الإنسانية التى لايمكن تنميتها إلا فى شكل من أشكال الاجتماع •

- وحيث إن ماتوخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير ، هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها اليه ، غير مقيد بالحدود الإقليمية عليه اختلافها ، ولامنحصر فى مصادرة بذواتها تعد من قنواتها ، بل قصد أن تترامي آفاتها ، وأن تتعدد مواردها وأدواتها ، وأن تنفتح مسالكها ، وتفيض منابعها .

- وحيث إن ضمان الدستور - بنص المادة 47 منه - لحرية التعبير عن الآراء ، والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير ، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لايتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها • وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها ، ولاتكون لها من فائدة • وبها يكون الأفراد أحرارا لايتهيبون موقفا ، ولايترددون وجلا ، ولا ينتصفون لغير الحق طريقا .

- وحيث إن حرية التعبير التى تؤمنها المادة 47 من الدستور ، أبلغ ماتكون أثراً فى مجال اتصالها بالشئون العامة ، وعرض أوضاعها تبياناً لنواحي التقصير فيها ، وتقويما لإعوجاجها ، وكان حق الفرد فى التعبير عن الآراء التى يريد إعلانها ، ليس معلقا عليه صحتها ، ولامرتبطا بتمشيها مع الاتجاه العام فى بيئة بذاتها ، ولا بالفائدة العملية التى يمكن أن تنتجها • وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها عليه مظاهر الحياة فى أعماق منابتها ، بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها علي العقل العام ، فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التى تتصل بتكوينه ، ولا عائقاً دون تدفقها •

- وحيث إن من المقرر كذلك إن حرية التعبير ، وتفاعل الآراء التى تتولد عنها ، لايجوز تقيدها بأغلال تعوق ممارستها ، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة عليه نشرها ، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخي قمعها • بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها -وعلانية - تلك الأفكار التى تجول فى عقولهم ، فلا يتهامسون بها نجيا ، بل يطرحونها عزماً ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثا من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوبا • فالحقائق لايجوز إخفاؤها ، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ اليها ممكنا فى غيبة حرية التعبير • كذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور ، لايملكون مجرد الدفاع عن القضايا التى يؤمنون بها ، بل كذلك اختيار الرسائل التى يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء فى مجال عرضها أو نشرها ، ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها • ولعل أكثر مايهدد حرية التعبير، أن يكون الإيمان بها شكليا أو سلبيا • بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولاً بتبعاتها ، وألا يفرض أحد عليه غيره صمتا ولو بقوة القانون .

- أن حرية التعبير التى كفلها الدستور ، هى القاعدة فى كل تنظيم ديموقراطى ، لايقوم إلا بها • ولايعدو الإخلال بها أن يكون إنكاراً لحقيقة أن حرية التعبير لايجوز فصلها عن أدواتها ، وإن وسائل مباشرتها يجب أن ترتبط بغاياتها ، فلا يعطل مضمونها أحد ، ولايناقض الأعراض المقصودة من إرسائها •

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الدستورية العليا المصرية بشأن حق الدفاع


1- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : ضمان حقوق المتهم قبل سلطة الاتهام ينبغي أن يكون مكفولاً من خلال وسائل إجرائية إلزامية في مقدمتها حق الدفاع([3][20]) .



2- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : ضمان حق الدفاع للمتهم بما يشتمل عليه من الحق في الحصول علي مشورة محام، والحق في دحض أدلة إثبات الجريمة ضده([4][21]) .



3- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : افتراض براءة المتهم أصل ثابت يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها وليس بنوع العقوبة المقررة لها ، وينسحب إلي الدعوى الجنائية في جميع مراحلها ـ حتمية ترتيب الدستور علي افتراض البراءة ، عدم جواز نقضها بغير الأدلة الجازمة التي تخلص إليها المحكمة ـ لازم ذلك طرح هذه الأدلة عليها وأن تقول وحدها كلمتها فيها ، وألا تفرض عليها أي جهة أخري مفهوماً محدداً لدليل بعينه([5][22]) .



4- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : أصل البراءة يمتد إلي كل فرد مشتبهاً فيه أو متهماً ، باعتباره قاعدة أساسية في النظام الاتهامي أقرتها الشرائع جميعها ، لا لحماية المذنبين وإنما درءاً للعقوبة عن الفرد إذا ما أحاطت الشبهات بالتهمة ـ الاتهام الجنائي لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوما ولا يزايله سواء في مرحلة المحاكمة أو أثنائها ولا سبيل لدحضه بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الاقناعية مبلغ الجزم واليقين وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفذ طرق الطعن([6][23]) .



5- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : افتراض البراءة لا يتمحض عن قرينة قانونية ولا هو من صورها ـ عله ذلك . أن القرينة القانونية تقوم علي تحويل للإثبات من محله الأصلي ممثلاً في الواقعة مصدر الحق المدعي به ، إلي واقعة أخري قريبة منها متصلة بها . وهذه الواقعة البديلة يعتبر إثباتها إثباتاً للواقعة الأولي بحكم القانون ، وليس الأمر كذلك بالنسبة إلي البراءة التي افتراضها الدستور، فليس ثمة واقعة أحلها الدستور محل أخري وأقامها بديلاً عنها ، وإنما يؤسس افتراض البراءة علي الفطرة التي جبل الإنسان عليها، إذ ولد حرا مبرءاً من الخطيئة أو المعصية ومفترضاً علي امتداد مراحل حياته أن أصل البراءة لازال كامناً فيه ، إلي أن تنقض المحكمة بقضاء جازم لا رجعة فيه هذا الافتراض علي ضوء الأدلة التي تقدمها النيابة العامة مثبته بها الجريمة قبل المتهم في كل ركن من أركانها ـ الدائرة الجمركية التي ترصد في محيطها البضائع الواردة وتقدر ضرائبها باعتبار أن ذلك هو الأصل وان تهريبها لا يكون إلا بدليل تقدمه الإدارة الجمركية([7][24]).



6- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : إدانة المتهم بالجريمة تعرضه لأخطر القيود علي حريته الشخصية وأكثرها تهديداً لحقه في الحياة ، مما لا سبيل إلي توقيه إلا علي ضوء ضمانات فعليه توازن بين حق الفرد في الحرية من ناحية وحق الجماعة في الدفاع عن مصالحها الأساسية من ناحية أخرى ـ كفالة الدستور في المادتين 67 ، 69 منه الضمانات الجوهرية التي لا تقوم المحاكمة المنصفة بدونها ومنها ضمانتي افتراض البراءة وحق الدفاع بالأصالة أو بالوكالة([8][25]) .



7- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : عدم تقديم حائز البضائع الأجنبية للمستندات الدالة علي الوفاء بالضريبة الجمركية المقررة عليها ، لا يفيد بالضرورة علمه بتهريبها ، والواقعة البديلة التي اختارها المشرع وهي عدم تقديم المستندات لا ترشح في الأعم الأغلب من الأحوال لاعتبار واقعة العلم بالتهريب ثابتة بحكم القانون ولا تربطها علاقة منطقية بها ـ مؤداه ، غدو قرينة العمل بالتهريب غير مرتكزة علي أسس موضوعية ومقحمة لإهدار افتراض البراءة ومجاوزة لضوابط المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور في صلبه([9][26]).



8- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : قاعدة الحق في المحاكمة المنصفة ، تعتبر في نطاق الاتهام الجنائي وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التي قضي الدستور في المادة 41 منه بأنها من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز الإخلال بها أو تقييدها بالمخالفة لأحكامه ، ولا يجوز بالتالي تفسيرها تفسيرا ضيقاً ، إذ هي ضمان مبدئي لرد العدوان علي حقوق المواطن وحرياته الأساسية وهي التي تكفل تمتعه بها في إطار من الفرص المتكافئة ـ انطباقها بالنسبة لكافة الجرائم أيا كانت طبيعتها أو درجة خطورتها([10][27]) .





---------------------------------------------------------------







([3][20]) وذلك فى القضية رقم 49 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 15 يونية سنة 1996 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 25 فى 27/6/1996 .





([4][21]) وذلك فى القضية رقم 49 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 15 يونية سنة 1996 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 25 فى 27/6/1996 .



([5][22]) وذلك فى القضية رقم 13 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 2 فبراير سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 8 بتاريخ 20/2/1992 .





([6][23]) وذلك فى القضية رقم 13 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 2 فبراير سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 8 بتاريخ 20/2/1992 .





([7][24]) وذلك فى القضية رقم 13 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 2 فبراير سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 8 بتاريخ 20/2/1992 .





([8][25]) وذلك فى القضية رقم 13 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 2 فبراير سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 8 بتاريخ 20/2/1992 .





([9][26]) وذلك فى القضية رقم 13 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 2 فبراير سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 8 بتاريخ 20/2/1992 .





([10][27]) وذلك فى القضية رقم 13 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 2 فبراير سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 8 بتاريخ 20/2/1992 .

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الدستورية العليا المصرية بشأن الحق في المحاكمة المنصفة


1- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : امتداد هذا الحق إلي كل دعوى ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية إلا أنها أكثر لزوماً في الدعوى الجنائية([11][28]) .



2- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : تتمثل ضوابط المحاكمة المنصفة في مجموعة من القواعد تتوخى كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية وتحول بضماناتها دون إساءة استخدام العقوبة ـ التقيد في فرض العقوبة صوناً للنظام الاجتماعي بالأغراض النهائية للقوانين العقابية التي ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفاً مقصوداً لذاته([12][29]) .



3- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : استيثاق المحكمة من مراعاة القواعد المنصفة عند فصلها في الاتهام الجنائي ـ يعتبر ضمانة أولية لعدم المساس بالحرية الشخصية([13][30]) .





-----------------------------------------------





([11][28]) وذلك فى القضية رقم 28 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 2 ديسمبر سنة 1995 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 51 بتاريخ 21/12/1995 .





([12][29]) وذلك فى القضية رقم 28 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 2 ديسمبر سنة 1995 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 51 بتاريخ 21/12/1995 .





([13][30]) وذلك فى القضية رقم 28 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 2 ديسمبر سنة 1995 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 51 بتاريخ 21/12/1995 .

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الدستورية العليا المصرية بشأن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات


1- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : الأصل كون التجريم والعقاب بيد السلطة التشريعية ، النص في المادة 66 من الدستور على أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، تفويض بالتشريع يتناول بعض جوانب التجريم والعقاب، توكيداً لما جرى عليه العمل من قيام المشرع بإسناد الاختصاص إلى السلطة التنفيذية بإصدار قرارات لائحية تحدد أفعالا تعد جرائم وعقابها لاعتبارات تقدرها السلطة التشريعية وفي الحدود التي يبينها القانون الصادر عنها ، هذه القرارات ليست من قبيل اللوائح التفويضية المنصوص عليها في المادة 108 من الدستور ، ولا هي من اللوائح التنفيذية التي نظمتها المادة 144 منه([14][31]) .



2- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، غدا أصلاً ثابتاً كضمان ضد التحكم فلا يؤثر القاضي أفعالاً ينتقيها ، ولا يقرر عقوباتها وفق اختياره ، إشباعا لنزوة أو انفلاتاً عن الحق والعدل ، وصار التأثيم بالتالي ، وبعد زوال السلطة المنفردة ، عائدا إلى المشرع ، إذ يقرر للجرائم التي يحدثها ، عقوباتها التي تناسبها([15][32]) .



3- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : إن استقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مفاهيم الدولة المتحضرة ، دعا على توكيده بينها ومن ثم وجد صداه في عديد من المواثيق الدولية ، من بينها الفقرة الأخيرة من المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والفقرة الأولى من المادة 15 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والمادة 7 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان . وتردد هذا المبدأ كذلك في دساتير عديدة يندرج تحتها ما تنص عليه المادة 66 من دستور جمهورية مصر العربية من أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون الذي ينص عليها ، وما تقرره كذلك المادة 187 من هذا الدستور التي تقضي بأن الأصل في أحكام القوانين هو سريانها اعتبارا من تاريخ العمل بها ولا أثر لها فيما وقع قبلها إلا بنص خاص تقره أغلبية أعضاء السلطة التشريعية في مجموعهم([16][33]) .



4- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وإن اتخذ من ضمان الحرية الشخصية بنيانا لإقراره توكيده ، إلا أن هذه الحرية ذاتها هي التي تقيد من محتواه ، فلا يكون إنفاذ هذا المبدأ لازما إلا بالقدر وفي الحدود التي تكفل صونهاIn Favorem ولا يجوز بالتالي إعمال نصوص عقابية يسئ تطبيقها إلى مركز قائم لمتهم ، ولا تفسرها بما يخرجها عن معناها أو مقاصدها . ولا مد نطاق التجريم ، وبطريق القياس ، إلى أفعال لم يؤثمها المشرع([17][34]).



5- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : إن النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ، إنما يتحدد على ضوء ضمانتين تكفلان الأغراض التي توخاها: أولاهما : أن تصاغ النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض فلا تكون هذه النصوص شبكا أو شراكاً يلقيها المشرع متصيداً باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها ، وهي بعد ضمانة غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها فلا يكون سلوكهم مجافيا لها ، بل اتساقاً معها ونزولاً عليها .



ثانيتهما : ومفترضها أن المرحلة الزمنية التي تقع بين دخول القانون الجنائي حيز التنفيذ وإلغاء هذا القانون ، إنما تمثل الفترة التي كان يحيا خلالها ، فلا يطبق على أفعال أتاها جناتها قبل نفاذه ، بل يتعين أن يكون هذا القانون سابقا عليها La Ioi Prealable فلا يكون رجعياً([18][35]) .



6- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، غدا أصلاً ثابتاً كضمان ضد التحكم فالا يؤثم القاضي أفعالا ينتقيها ، ولا يقرر عقوبتها وفق اختياره إشباعا لنزوة أو انفلاتاً عن الحق والعدل وصار التأثيم بالتالي ، وبعد زوال السلطة المنفردة ، عائداً إلى المشرع ، إذ يقرر للجرائم التي يحدثها ، عقوباتها التي تناسبها([19][36]) .





---------------------------------------------------------------





([14][31]) وذلك فى القضية رقم 43 لسنة 7 قضائية دستورية ، جلسة 7 مارس سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 14 بتاريخ 2/4/1992 .





([15][32]) وذلك فى القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 22 فبراير سنة 1977 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 10 فى 6/3/1997 .





([16][33]) وذلك فى القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 22 فبراير سنة 1977 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 10 فى 6/3/1997 . والقضية رقم 84 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 15 مارس سنة 1997 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 13 فى 27/3/1997 .





([17][34]) وذلك فى القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 22 فبراير سنة 1977 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 10 فى 6/3/1997 . والقضية رقم 84 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 15 مارس سنة 1997 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 13 فى 27/3/1997 .





([18][35]) وذلك فى القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 22 فبراير سنة 1977 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 10 فى 6/3/1997 . والقضية رقم 84 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 15 مارس سنة 1997 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 13 فى 27/3/1997 .





([19][36]) وذلك فى القضية رقم 84 لسنة 17 قضائية دستورية ، جلسة 15 مارس سنة 1997 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 13 فى 27/3/1997 .

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الدستورية العليا المصرية بشأن مبــدأ المــساواة


1- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : مبدأ المساواة أمام القانون لا يعنى معاملة فئات المواطنين على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ولا كذلك معارضة صور التمييز جميعها أساس ذلك إن من صور التمييز المنهي عنه هو الذى يكون تحكمياً باعتبار أن كل تنظيم تشريعي ليس مقصوداً لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشروع إلى تحقيقها من ورائه ، فإن صادم النص التشريعي بما انطوى عليه من التمييز هذه الأغراض كان تحكيماً وغير مستند إلى أسس موضوعية ومجافياً للمادة 40 من الدستور([20][37]) .



2- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : يقيم النص المطعون فيه ،في مجال مواجهة الاتهام الجنائي ، تمييز لا يستند إلى أسس موضوعية ، بين من عناهم من القاذفين في حق القائم بالعمل العام ، وبين غيرهم من المتهمين ومن ثم يكون هذا التمييز تحكيماً ومنهياً عنه دستوريا([21][38]) .



3- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعني معاملة فئاتهم على تباين مراكزهم معاملة قانونية متكافئة ولا معارضة صور التمييز على اختلافها ، من بينها ما يستند إلى علاقة منطقية بين النصوص القانونية التي يتبناها المشرع لتنظيم موضوع معين والنتائج التي رتبها عليها ، موافقة التمييز ، بالتالي أحكام الدستور([22][39]) .





---------------------------------------





([20][37]) وذلك فى القضية رقم 19 لسنة 8 قضائية دستورية ، جلسة 8 إبريل سنة 1992 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 19 بتاريخ 7/5/1992 .





([21][38]) وذلك فى القضية رقم 42 لسنة 16قضائية دستورية ، جلسة 20 مايو سنة 1995 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 23 بتاريخ 8/6/1995 .





([22][39]) وذلك فى القضية رقم 34 لسنة 15 قضائية دستورية ، جلسة 2 مارس سنة 1996 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 11 تابع بتاريخ 14/3/1996 .



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الدستورية العليا المصرية بشأن حــق الإنتخاب والترشيح


1- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : حقا الانتخاب والترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما ولا يتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا أفرغا من المضمون الذى يكفل ممارستها ممارسة جدية فعالة ـ لزومها حتماً لأعمال الديمقراطية ولضمان أن تكون المجالس الشعبية كاشفة حقاً عن الإرادة الشعبية([1][18]) .



2- قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : كفالة الدستور للمواطن حقى الإنتخاب والترشيح لضمان أن تكون المجالس النيابية ممثلة لإدارة هيئة الناخبين تمثيلاً منصفاً وفعالاً الإخلال بالحق فى هذا التمثيل بشرائطه التى نص عليها الدستور ، يؤول إلى بطلان تكوينها([2][19]) .





--------------------------------------------------------------------------





1ـ وذلك فى القضية رقم 44 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 7 ديسمبر سنة 1991 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 51 بتاريخ 19/12/1991 .






2ـ وذلك فى القضية رقم 44 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 7 ديسمبر سنة 1991 . نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 51 بتاريخ 19/12/1991 .

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
أهم المبادىء القضائية التي أرستها محكمة القضاء الاداري فى حكم وضع حد ادني الأدنى للأجور




فى 30 مارس 2010 أصدرت محكمة القضاء الإدارى الحكم 21606 لسنة 63 قضائية والقاضى بوقف تنفيذ القرار السلبى بالإمتناع عن وضع الحد الأدنى للأجور فى المجتمع، وهى القضية التى رفعها اثنين من عمال مصر هما ناجى رشاد عامل بشركة مطاحن جنوب القاهرة، وياسر حساسه عامل بشركة أطلس للمقاولات، والتى دافع عنهما / وترافع فيها محامو المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والإجتماعية، وقد اشتمل الحكم -والذى يقع فى عشر صفحات- على عدد من المبادىء القضائية الهامة التى إنحازت للحقوق الإقتصادية والإجتماعية للمواطنين، وإذ ينشر المركز من خلال هذا البيان جزء من هذه المبادىء، فانه يتعهد بنشر كل وثائق القضية سواء الحكم أو مذكرات الدفاع أو المستندات التى قدمها فى كتاب يعد خصيصا لتوثيق هذه القضية .



رفض دفوع الدولة بشأن عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة أو لإنتفاء القرار الإدارى:

كان محامو هيئة قضايا الدولة قد تقدموا بمذكرة دفاع طلبوا فيها الحكم بعدم قبول الدعوى وزعموا أمرين : الأمر الأول: إنتفاء القرار الإدارى وأن الطعن فى حقيقته يعد طعنا على أعمال برلمانية لا يجوز تناولها أمام القضاء، والأمر الثانى: انتفاء صفة رافع الدعوى لإنه لا يمثل عمال مصر وأن الدعوى فى حقيقتها دعوى حسبة ، وقد انتهت المحكمة إلى تبنى وجهة نظرنا من أن الطعن هو فى حقيقته طعنا على قرار إدارى ولم يتناول الاعمال البرلمانية من قريب أو بعيد، وكذلك رجحت المحكمة وجهة نظرنا بأنها ليست دعوى حسبة وانما نحن أمام دعوى إلغاء يتمتع رافعها بالصفة والمصلحة وانتهت المحكمة إلى رفض دفوع الحكومة وقبلت الدعوى شكلا.



كما أكدت المحكمة على صحة الأساس الدستورى والقانونى والدولى الذى استندنا إليه فى دعوانا:

حيث شيدت حكمها على النصوص التى استندنا إليه وهى :

1- نصوص الدستور فى المواد (13 ،23، 26، 29، 32) وهى نصوص تتحدث عن العدالة الاجتماعية وعن كون العمل حق وواجب وتنادى برفع مستوى المعيشة، والقضاء على البطالة، وزيادة فرص العمل، وربط الأجر بالإنتاج، وضمان حد أدنى للأجور، ووضع حد أعلى يكفل تقريب الفروق بين الدخول.



2- العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى المادة (7) والتى تنص على " تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص:

(أ) مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى:

"1" أجرا منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوي قيمة العمل دون أي تمييز، على أن يضمن للمرأة خصوصا تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرا يساوي أجر الرجل لدى تساوي العمل،

"2" عيشا كريما لهم ولأسرهم طبقا لأحكام هذا العهد، "



3- قانون العمل فى المواد(5،37،34) التى تنص على بطلان أى شرط فى عقد العمل يخالف قانون العمل، وتنص كذلك على ضرورة الأ يقل أى أجر فى علاقة عمل حتى لو كانت بالانتاج عن الحد الادنى، ثم الماة 34 التى تنص على إنشاء مجلس قومى للأجور يختص بوضع حدا أدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل و التدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار





ميز الحكم بين أجور العاملين فى الحكومة وأجور العاملين فى القطاع الخاص:



حيث أوضح الحكم أن العاملين بالحكومة تحكم مرتباتهم المادة 40 من قانون العاملين المدنيين والجدول المرفق بالقانون رقم (1) وأن تعديل الأجور لهم يحتاج تعديل تشريعى لذا رفضت المحكمة قبول تدخل كل موظفى الحكومة الذين تدخلوا فى القضية، أما العاملين فى القطاع الخاص وقطاع الاعمال العام فهم المخاطبين بنصوص المادة 34 من قانون العمل ولذا قبلت تدخل ياسر حساسه عامل بشركة أطلس للمقاولات.



الدستور والعدالة الإجتماعية:

إن الدستور وإن تخلى عن المنهج الإشتراكى الإ أن الأسس الإجتماعية فيه لم تتغير وتتمثل فى العدالة الإجتماعية وإقامة التوازن بين الملكية والعمل وأوجب حماية الملكية فإنه عبر عنها بأنها ملكية رأس المال غير المستغل وأخضعها لرقابة الشعب، وجعل لها وظيفة إجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى.



إن التنظيم الدستورى للعلاقة بين الملكية المتمثلة فى رأس المال وبين العمل لم ينطلق من فكرة الصراع بين العمال وأصحاب رأس المال، وإنما من فكرة التعاون والتكامل بينهما بما يحقق خدمة الاقتصاد الوطنى وزيادة الدخل القومى وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وتحقيق زيادة فرص العمل كل ذلك بما لا يهدر حقوق العمال أو يخل بها .

حق العمال فى أجر عادل:



مهما إختلفت النظريات حول الأجور وطريقة وضعها فجميعها إلتزم بمبدأ عدالة الأجور والحد الأدنى للأجر، والأجر العادل يجب أن يضمن الحياه الكريمة للعامل وأسرته التى يعولها.



كل من يعمل يجب أن يعيش حياة كريمة لقاء أجره من هذا العمل وبمراعاة قيمة العمل الذى يقوم به، وبما يتناسب مع الظروف الاجتماعية للمجتمع وإن إختلت هذه المعادلة فإن ذلك يكشف عن خلل إقتصادى وإجتماعى، ولا سبيل لتحقيق الأجر العادل الإ بتحقيق حد أدنى للأجور.



وحتى لو ارتبط العامل بعقد عمل فى القطاع الخاص فلا يجب الإخلال بالحد الأدنى فقد نصت المادة 5 من قانون العمل على إبطال كل شرط أو إتفاق يخالف قانون العمل، ونصت المادة 37 إذا تم تحديد الأجر بالإنتاج أو العمولة وجب الأ يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدنى للأجور.



دور الدولة فى تحديد الأجور:



المادة 34 من قانون العمل 12 لسنة 2003 أنشأت المجلس القومى للاجور لمباشرة اختصاصه وهو واجب عليه لا يجوز له أن يتقاعس أو ينكص عن تحديد الحد الادنى للأجور والإ عد ذلك تعطيلا لأحكام القانون وتحديا لإرادة المشرع بغير سند.

إن دور الدولة فى شأن تحديد الأجور دور إيجابى وليس دور سلبى فلا يجوز لجهة الإدارة أن تترك تحديد أجور العمال لهوى أرباب الأعمال من أصحاب رأس المال دون إلتزام بحد أدنى للأجور مستغلين حاجة العمال إلى العمل وإجبارهم على تقاضى أجور غير عادلة لا تتناسب مع الأعمال التى يؤدونها، ولا تساير إرتفاع الأسعار وزيادة نفقات المعيشة.

وعلى الجهة الإدارية أداء الإلتزام المنوط بها دستوريا وقانونيا بضمان حقوق العمال وكفالة الأجر العادل لهم ، وعليها واجب التدخل لضمان الحد الأدنى لأجور العمال ولا يجوز لها أن تتخلى عن واجبها إهمالا أو تواطئا

نصت الفقرة الأخيرة من قرار مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2001 والتى أسندت إلى المجلس إجراء الدراسات اللازمة لإعادة النظر فى الحد الأدنى للأجور مع مقترحات دورية لاتجاوز ثلاث سنوات وهو ما لم يقم به المجلس المشار م يقم به المجلس المشار إليه.



وعن مدى توافر شرط الاستعجال فى القضية:

وعن ركن الاستعجال فلا شك أنه متوافر بالنظر إلى أن عدم تحديد الحد الأدنى للأجور يخل بالحقوق الإقتصادية التى كفلها الدستور للعمال ومن بينهم المدعى وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن كل إهدار للحقوق الدستورية يتوافر معه ركن الاستعجال المبرر لوقف التنفيذ





مضمون الحكم :

يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها إلزام المجلس القومى للأجور بوضع حد أدنى للأجور طبقا لنص المادة 34 من قانون العمل .
 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
أول حكم مدني أصدرته محكمة الاستئناف


محكمة استئناف مصر الأهلية

الاودة المدنية

باسم حضره الخديوية

" أن محكمة استئناف مصر المشكلة من حضره نجاتي بك وكيل المحكمة و حضرات عبد الحميد صادق بك و أمين سيد احمد بك و المسيو منيار و إدريس ثروت بك قضاة و حسن أفندي فؤاد كاتب الجلسة أصدرت الحكم الأتي بيانه

" في قضية الحرمة سالمة بنت عمر سلامة نمره 7 "



ضد

محمد سلامة

من حيث أن الحرمة سالمة بنت عمر سلامة بنصيها فيما تخلف عن والدها من الميراث بعد وفاته من أطيان و غيره

" وحيث أن محمد سلامة لا يقر علي هذه الدعوي و قال أن والده توفي دون أن يترك شئ ما مطلقا وما هو مكلف عليه من الأطيان هو حيازته

" وحيث من التحريات التي جرت في هذه القضية بمعرفة مديرية المنوفية بناءا علي قرار تمهيدي صدر من مجلس طنطا اتضح أن والد الحرمة سالمة المذكورة توفي في 20 القعدة سنه 71 و هذا التاريخ هو قبل صدور لائحة الأطيان الصادر عليها أمر الاعتماد بتاريخ 24 الحجة سنه 74 التي أجازت للإناث الميراث في الأطيان الخراجية .

"وحيث انه في هذه الحالة تكون دعوي الحرمة سالمة المذكورة بشان الأطيان لاغية " وحيث أن مجلس طنطا الملغي حكم في 28 رجب سنه 300 برفض دعوي الحرمة سالمة المذكورة و قد وجد أن حكمة هذا في محلة



فبناء علي هذه الأسباب

تقرر الحكم بتأييد ما حكم به مجلس ابتدائي طنطا بتاريخ 4 جونيو 83 موافق 28 رجب سنه 300 ومعافاة الحرمة سالمة المدعية من المصاريف القانونية لثبوت فقرها تطبيقا للمادة الستون من لائحة الإجراءات الداخلية .

هذا ما حكمت به المحكمة في جلستها العلنية المنعقدة في يوم الأربع 26 مارس سنه 84 الموافق 28 جماد أول سنه 1301 .



وكيل محكمة استئناف مصر (سليمان نجاتي ) (حسن فؤاد )



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
قضية رقم 8 لسنة 1 قضائية المحكمة العليا "تنازع"


باسم الشعب



المحكمة العليا





بالجلسة العلنية المنعقدة 7 من نوفمبر سنة 1970.



برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة



وحضور السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل- نائب رئيس المحكمة – وعمر حافظ شريف وحسين حسين قاسم وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة وعلى أحمد كامل.أعضاء



وحضور المستشار/ ياقوت العشماوي مفوض الدولة



وحضور السيد/ سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر





أصدرت الحكم الآتي



فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 8 لسنة 1 قضائية عليا "تنازع".



"الوقائع"



أقام الطالب الدعوى رقم 3986 لسنة 1964 مدنى كلى مصر ضد يعقوب ارفيان والمدعى عليهما الخامس والسادسة – بطلب الحكم أصلياً بإنهاء مفعول عقدى الإيجار المبرمين فى 28 و 30 من سبتمبر سنة 1934 – بين شركة سكة حديد مصر الجديدة الكهربائية وواحات عين شمس – التى حل الطالب محلها – وبين يعقوب ارفيان – مورث المدعى عليهم الأربعة الأول – واعتبارهما معدومى الأثر ابتداء من 7 يونية سنة 1959 ، واحتياطياً اعتبار العقدين مفسوخين من تلقاء نفسيهما ومعدومى الأثر من التاريخ المذكور – وفى أى من الحالين إلزام المدعى عليه الخامس – رجاء سليم قطران – أن يدفع إليه ستين جنيهاً شهرياً – وإلزام المدعى عليها الأخيرة – أن تدفع إليه ثمانية عشر جنيهاً شهريا- وذلك ابتداء من أول يوليو سنة 1964 – وعند الامتناع يصبح كل من المدعى عليهما المذكورين ملزماً بما هو مستحق عليه شهرياً بالتضامن مع يعقوب ارفيان وذلك ابتداء من التاريخ المشار إليه – مع حفظ حق الطالب فى المطالبة بمقابل الإيجار المستحق على المدعى عليهما الخامس والسادسة ابتداء من شهر أغسطس سنة 1959، بالتضامن مع يعقوب ارفيان إن كان قد استوفاه منهما – مع إلزام هذا الأخير أو من ينازع فى الطلبات بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة – وبتاريخ 11 من مايو سنة 1966 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى – وبإحالتها إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية وقيدت الدعوى بجدول هذه المحكمة برقم 545 لسنة 1966 مدنى مصر الجديدة – وفى 17 من أبريل سنة 1967 قضت بعدم اختصاصها – نوعيا- بنظر الدعوى – وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية – دائرة الإيجارات- وقيدت الدعوى أمام هذه المحكمة الأخيرة برقم 2450 لسنة 1967 مدنى كلى مصر – وبتاريخ 5 من مارس سنة 1969 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الحكم فيها بتاريخ 21 من مايو سنة 1961 فى الدعوى رقم 3986 لسنة 1964 مدنى كلى مصر.



وفى 13 من مايو سنة 1969 قدم الطالب هذا الطلب إلى محكمة تنازع الاختصاص لتعين المحكمة المختصة بنظر الدعوى – لقيام تنازع سلبى فى الاختصاص – تطبيقاً للمادتين 17 و 19 من القانون رقم 43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية.



وبعد صدور القانون رقم 81 لسنة 1969 – بإنشاء المحكمة العليا – الذى أحل هذه المحكمة محل محكمة تنازع الاختصاص فى الفصل فى هذه المسائل – أحيل الطلب إلى المحكمة العليا – وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً انتهت فيه إلى أنها ترى عدم اختصاص المحكمة العليا بنظر الطلب لعدم توافر شروط تطبيق المادة 17 من قانون السلطة القضائية – كما قدم الحاضر عن المدعى عليها الثانية إلى المحكمة مذكرة طلب فيها الحكم بعدم قبول الطلب .



وقد نظر الطلب أمام هذه المحكمة بجلستها المنعقدة فى 10 من أكتوبر سنة 1970 على الوجه المبين بمحضر الجلسة.



"المحكمة"



بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.



ومن حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.



ومن حيث إن الطالب يستند فى طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى إلى قيام تنازع سلبى على الاختصاص بين محكمة القاهرة الابتدائية – ومحكمة مصر الجديدة الجزئية – لتخلى كلتيهما عن نظر الدعوى التى طرحت عليهما.



ومن حيث إنه يشترط لقبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص أمام المحكمة العليا تطبيقاً للمادة 17 من القانون رقم 43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية – التى أحالت إليها الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 – أن ترفع دعوى عن موضوع واحد أمام جهة القضاء العادى وأمام جهة القضاء الإدارى أو أية هيئة أخرى ذات اختصاص قضائى – ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.



ومن حيث إن تنازع الاختصاص الذى أثاره الطالب لا يقوم بين جهتين قضائيتين مختلفتين على نحو ما جاء بالمادة 17 من القانون رقم 43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية – المشار إليها – بل يقوم بين محكمة القاهرة الابتدائية ومحكمة مصر الجديدة – ومن ثم يختلف شرط اختلاف الجهتين القضائيتين المتنازعتين المتقدم ذكره ويتعين لذلك عدم قبول الطلب.



"فلهذه الأسباب"



حكمت المحكمة بعدم قبول الطلب.







مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات






.أحكام حرية التنقل

[الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 1898 سنة قضائية 35 مكتب فني 38 تاريخ الجلسة 22 / 11 / 1992 - صفحة رقم 168]

المواد 50 ، 51 ، 52 من الدستور ، المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 الخاص بجوازات السفر .

كفل المشرع الدستورى لكل مواطن الحق فى التنقل سواء داخل ارض الوطن او فى خارجه فى اى وقت سواء بالاقامة فى مكان معين بالداخل او الانتقال منه او بالسفر بصفة مؤقته الى الخارج و العودة او بالهجرة الدائمة إلى دولة أخرى بصفة دائمة او مؤقتة - لا يجوز للمشرع العادى الغاء هذه الحقوق او تغييرها بما يصل بها الى درجة الالغاء - ليس للمشرع العادى إلاحق تنظيم هذه الحقوق وتحديد الاجراءات المتعلقة بمباشرة الافراد لها وممارستها دون حظر أو تقييد مانع لها أو يتعارض مع الغاية منها - حرية المواطن المصرى فى التنقل من مكان إلى اخر داخل الدولة او خارجها حق دستورى أصيل للمواطن المصرى وقرر له بحكم صفته كانسان ولا يجوز لجهة الادارة المساس بهذا الحق دون مسوغ ولا الانتقاض منه بغير مقتضى من المصلحة القومية للمجتمع والدولة وفى حدود التشريعات المنظمة لهذا الحق والتى تتضمن كيفية ممارسته وبما لا يتعارض مع المصلحة العامة - تنظيم حرية المواطن فى التنقل من مكان إلى اخر والسفر إلى خارج البلاد امر تقتضية ضرورة المحافظة على سلامة الدولة فى الداخل والخارج وعلى استقرار وحماية الامن العام وعدم تعطيل سير العدالة نتيجة خروج متهمين او شهود خارج البلاد بينما هم لازمون للفصل فى القضايا أو التصرف فى التحقيقات ورعاية مصالح الاقتصاد القومى وذلك كله دون ان يخل التنظيم بمبدا حرية السفر والتنقل ولا يمس جوهره ومضمونه - المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 تخول وزير الداخلية سلطة تقديرية فى رفض منح جواز السفر أو تجديده او سحبه بعد اعطائه إذا قامت لدية اسباب هامة تبرر هذا القرار - تطبيق .



[الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 3975 سنة قضائية 45 مكتب فني 42 تاريخ الجلسة 17 / 02 / 2001 - صفحة رقم 387]

نصا المادتين (41) و(52) من الدستور - اعتبار حرية السفر والتنقل حقا طبيعيا للمواطن بحسبانه مظهرا من مظاهر الحرية الشخصية الذى تفرضه محض صفة المواطن بحسبانه مظهرا من مظاهر الحرية الشخصية الذى تفرضه محض صفة المواطنة ومقتضاها قبل أن تستلزمة أحكام تشريعية وإن كان مصدرها الدستور ذاته - قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادتين (8) و(11) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر وسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 - ما نشأ من واقع قانونى جديد كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا يفيد زوال ما كان مقررا لوزير الداخلية من اختصاص تقديرى واسع بمنح أو حجب أو سحب جواز السفر الذى به وحده يمكن للمواطن ممارسة حقه الدستورى المقرر لحريته فى السفر والنقل - بالكشف عن هذا الواقع القانونى يكون القرار المطعون فيه بسحب جواز السفر للطاعن مفتقدا لصحيح سنده القانونى الذى مصدره أحكام النصوص التشريعية المقضى بعدم دستوريتها - ما تكشف عن قضاء المحكمة الدستورية العليا أوجد فراغا تشريعيا لم يتدخل المشرع بشغله - لا يكون على قاضى المشروعية إلا أن يمارس الاختصاص الذى لازمه منذ إنشائه والذى هو أصل وجوده ولازمة قيامه بأن يضع من القواعد التى تتفق ونصوص وروح أحكام الدستور والتى يتحقق بها التوازن الدقيق بين كافة الاعتبارات التى تستدعيها الحقوق محل الرعايه الدستورية فى ضوء ما تمليه اعتبارات المصلحة العليا بالحفاظ على الجماعة الوطنية وحمايتها وصونها بترتيب هذه المصالح ومراعاتها حسب مدراجها بحيث يكون الحفاظ على مصلحة الجماعة فى اتفاق وانسجام مع الحفاظ على الحقوق والحريات الدستورية المقررة للمواطنين .



[الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 2297 سنة قضائية 44 مكتب فني 42 تاريخ الجلسة 17 / 03 / 2001 - صفحة رقم 544]

المواد (41) ،و(50) ،و(51)،و (52) من الدستور - قضاء المحكمة الدستورية العليا بجلستها المنعقدة فى 4/11/2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21 القضائية الدستورية بعدم دستورية نصى المادتين (8) (11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر وسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 بتنظيم الإدراج على قوائم الممنوعين من السفر - انخراط حرية الانتقال فى مصاف الحريات العامة وتقييدها دون مقتضى مشروع يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها - الدستور عهد للسلطة التشريعية وحدها تقرير هذا المقتضى - لازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل والاستثناء هو المنع منه الذى لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك وفى الحالات التى تقتضيها صيانة أمن المجتمع - إلى أن يتدخل المشرع لملء الفراغ التشريعى الناشئ عن قضاء المحكمة الدستورية العليا سالف الإشارة إليه تنظيماً لحق الانتقال فإن قاضى المشروعية يكون عليه أن ينزل رقابة المشروعية الحقة فى توازن دقيق لا إفراط ولا تفريط فيه بين الحق فى التنقل وبين الاعتبارات التى تتصل بصيانة أمن المجتمع التى تبرر تقييد الحق قبل من تتيقن خطورة سفره على الاعتبارات التى تتعلق بالمصلحة العليا للجماعة - منع المطعون ضده من السفر لما ارتأته جهات الأمن المعنية من كونه من العناصر القيادية المتحركة بجماعة الإخوان المسلمين وسبق اعتقاله لاشتراكه فى تحرك إثارى مناهض يستهدف إثارة الفتنة الطائفية وسبق ضبطه على ذمة إحدى قضايا أمن الدولة العليا لا تعدو فى حقيقتها محض أقوال مرسلة لا يساندها دليل من الأوراق - توافر ركن الجدية لطلب وقف تنفيذ قرار منع المطعون ضده من السفر - سبق منع المطعون ضده من دخول بلد شقيق لا يكفى فى حد ذاته لحرمانه من حرية السفر والتنقل - تعلق الأمر بحق التنقل والسفر الذى هو من الحقوق التى كفلها الدستور وأكدته المواثيق الدولية والتى يتوافر بالمساس بها ركن الاستعجال .



[الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 3370 سنة قضائية 44 مكتب فني 42 تاريخ الجلسة 24 / 02 / 2001 - صفحة رقم 437]

المواد (41) و(50) و(51) و(52) من الدستور - المشرع جعل من الحرية الشخصية ومنها حق الإقامة والتنقل حقا طبيعيا بصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه - قضاء المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 نوفمبر سنة 2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21 القضائية بعدم دستورية نصى المادتين (8) و(11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر وسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3938 لسنة 1996 على سند من أن انخراط حرية الانتقال فى مصاف الحريات العامة بحيث يكون فى تقييدها دون مقتض مشروع تجريد لها من بعض خصائصها وتقويض لصحيح بنيانها - الأصل هو حرية التنقل والاستثناء هو المنع منه - لا يملك المنع من التنقل إلا قاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك دون تدخل السلطة التنفيذية - إدراج الطاعن على قوائم الممنوعين من السفر بغير طلب من قاض أو عضو النيابة العامة لأمر تستدعيه ضرورة التحقيق - إلى أن يتدخل المشرع لملء الفراغ التشريعى الناشئ عن قضاء المحكمة الدستورية العليا سالف الإشارة فلا يكون قاضى المشروعية الحارس الأمين على الحقوق والحريات العامة والمحافظ على اعتبارات النظام العام واحترام دواعيه مغلول السلطة فى تقدير الاعتبارات الخاصة التى تقوم سندا ومتى يصدر التشريع المنظم لحق الانتقال ولكيفية ممارسة القيود التى يمكن أن ترد عليه لحماية اعتبارات النظام العام - على قاضى المشروعية إنزال رقابته الحقة فى توازن دقيق لا إفرايط ولا تفريط فيه بين الحق فى التنقل وبين الاعتبارات التى تتصل بصيانه أمن المجتمع التى تبرر صدقا وحقا تقييد الحق قبل من يتيقن خطورة سفره على أمور تتعلق بالمصلحة العليا للجماعة نزولا على القاعدة الأصولية التى تقضى بترتيب المصالح على ضوؤ مدراجها - تعلق شبهات بالطاعن قد ترقى إلى دلائل تتصل بمباشرته نشاطا غير مشروع فى تجاره غير مشروعة هى الوبال كله على أمن وأمان مصالح المجتمع كبيره وصغيره وإخفاق الطاعن عن إثبات ما يزعزع أو يشك من صحة هذه العقيدة التى تكونت فى ضمير الحكم المطعون فيه - رفض الطعن .





[الفقرة رقم 2 من الطعن رقم 243 سنة قضائية 21 مكتب فني 9 تاريخ الجلسة 04 / 11 / 2000 - صفحة رقم 777]

احتفى الدستور بالحقوق المتصلة بالحق فى التنقل فنص فى المادة 50 منه على حظر الزام المواطن بالاقامة فى مكانم معين او منعه من الاقامة فى جهة معينه الا فى الاحوال التى يبينها القانون وتبعتها المادة 51 لتمنع ابعاد المواطن عن البلاد او حرمانه من العودة اليها وجاءت المادة 52 لتؤكد حق المواطن فى الهجرة ومغادرة البلاد ومقتضى هذا ان الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصا ما بتنظيم شئ مما يمس الحقوق التى كفلها الدستور فيما تقدم وان هذا التنظيم يتعين ان تتولاه السلطة التشريعية بما تصدره من قوانين متى كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على انه اذا ما اسند الدستور تنظيم حق من الحقوق الى السلطة التشريعية فلا يجوز لها لن تتسلب من اختصاصها وتحيل الامر برمته الى السلطة التنفيذية دون ان تقيدها فى ذلك بضوابط عامة واسس رئيسية تلتزم بالعمل فى اطارها فاذا ما خرج المشرع على ذلك وناط بالسلطة التنفيذية تنظيم الحق من اساسه كان متخليا عن اختصاصه الاصيل المقرر بالمادة 86 من الدستور.



[الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 590 سنة قضائية 44 مكتب فني 42 تاريخ الجلسة 24 / 03 / 2001 - صفحة رقم 590]

المواد (41) ،و(50) ،و(51)،و (52) من الدستور - قضاء المحكمة الدستورية العليا بجلستها المنعقدة فى 4/11/2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21 القضائية الدستورية بعدم دستورية نصى المادتين (8) (11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر وسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 بتنظيم الإدراج على قوائم الممنوعين من السفر - انخراط حرية الانتقال فى مصاف الحريات العامة وتقييدها دون مقتضى مشروع يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها - الدستور عهد للسلطة التشريعية وحدها تقرير هذا المقتضى - لازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل والاستثناء هو المنع منه الذى لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك وفى الحالات التى تقتضيها صيانة أمن المجتمع - إلى أن يتدخل المشرع لملء الفراغ التشريعى الناشئ عن قضاء المحكمة الدستورية العليا سالف الإشارة إليه تنظيماً لحق الانتقال فإن قاضى المشروعية يكون عليه أن ينزل رقابة المشروعية الحقة فى توازن دقيق لا إفراط ولا تفريط فيه بين الحق فى التنقل وبين الاعتبارات التى تتصل بصيانة أمن المجتمع التى تبرر تقييد الحق قبل من تتيقن خطورة سفره على الاعتبارات التى تتعلق بالمصلحة العليا للجماعة - إدراج الطاعنة على قوائم الممنوعين من السفر لما يعلق بها من شبهات ترقى إلى دلائل تتصل بنشاط موثم فى تسهيل دعارة الفتيات خارج البلاد نظير مقابل مادى وهدايا عينية والحصول على تأشيرات للعمالة المصرية بالدول العربية - صدور حكم من المحكمة الاستئنافية يقضى ببراءة الطاعنة من الاتهام المنسوب إليها وخلوالوراق من أدلة تبرر صدقاً وعدلا استمرار إدراجها على قوائم الممنوعين من السفر - استمرار إدراج الطاعنة على قوائم الممنوعين من السفر دون إبداء الجهة الادارية الاسباب الامنية التى استدعتها او تستدعيها ضرورة حالة تتعلق بأمن المجتمع ومصالح الدولة العليا وتستمد من أصول ثابتة فى الأوراق تبرر للجهة الإدارية القائمة على شئون موفق أمن المجتمع وهو جهاز الشرطة التدخل بإجراء هذا المنع وتقرير هذا القيد على حق المواطن الدستورى وحريته الطبيعية المقررين دستورياً تحت رقابة قاضى المشروعية وعينه الساهرة - إلغاء قرار إدراج الطاعنة على قوائم الممنوعين من السفر .



[الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 243 سنة قضائية 21 مكتب فني 9 تاريخ الجلسة 04 / 11 / 2000 - صفحة رقم 777]

حق المواطن فى استخراج وحمل جواز السفر لا يعد فحسب عنوانا لمصريته التى يشرف بها داخل وطنه وخارجه بل يعكس فوق ذلك رافدا من روافد حريته الشخصية التى حفى بها الدستور بنصه فى المادة 41 على انها مصونة ولا يجوز الامساس بها ( وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على احد او .... او منعه من التنقل الا بامر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع ويصدر هذا الامر من القاضى المختص او النيابة العامة وذلك وفقا لاحكام القانون ) دالا بذلك على ان حرية الانتقال تنخرط فى مصاف الحريات العامة وان تقييدها دون مقتض مشروع انما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها ويقوض صحيح بنيانها وقد عهد الدستور بهذا النص الى السلطة التشريعية دون غيرها بتقدير هذا المقتضى ولازم ذلك ان يكون تعيين شروط اصدار وثيقة السفر بيد هذه السلطة والاصل فيها هو المنح استصحابا لاصل الحرية فى الانتقال والاستثناء هو المنع وان المنع من التنقل لا يملكه الا قاض او عضو نيابة عامة يعهد اليه القانون بذلك دون تدخل من السلطة التنفيذية .



[الفقرة رقم 6 من الطعن رقم 48 سنة قضائية 17 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 22 / 02 / 1997 - صفحة رقم 411]

إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ، وإن إتخذ من ضمان الحرية الشخصية بنياناً لإقراره وتوكيده ، إلا أن هذه الحرية ذاتها هى التى تقيد من محتواه ، فلا يكون إنفاذ هذا المبدأ لازماً إلا بالقدر وفى الحدود التى تكفل صونها In Favorem . ولا يجوز بالتالى إعمال نصوص عقابية يسئ تطبيقها إلى مركز قائم لمتهم ، ولا تفسيرها بما يخرجها عن معناها أو مقاصدها ، ولا مد نطاق التجريم ــ وبطريق القياس ــ إلى أفعال لم يؤثمها المشرع ، بل يتعين دوماً ــ وكلما كان مضمونها يحتمل أكثر من تفسير ــ أن يرجح القاضى من بينها ما يكون أكثر ضماناً للحرية الشخصية فى إطار علاقة منطقية La ratio Legis يقيمها بين هذه النصوص وإرادة المشرع ، سواء فى ذلك تلك التى أعلنها ، أو التى يمكن إفتراضها عقلاً .



[الفقرة رقم 15 من الطعن رقم 56 سنة قضائية 18 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 15 / 11 / 1997 - صفحة رقم 928]

حرية الإنتقال Freedom of movement غدواً ورواحاً ــ بما تشتمل عليه من حق مغادرة الإقليم ــ تعتبر حقاً لكل مواطن يمارسها بما لايعطل جوهرها ، وإن جاز ، أن يتدخل المشرع لموازنتها بمصلحة يقتضيها الأمن القومى .

il revient au legislateur d, assurer la conciliation entre d, une part la liberte d, aller et venir , laquelle n, est pas limitee au territoire national mais comporte egalement le droit de le quitter , et la protection de la securite nationale , necessaires l, une et l, autre a la sauvegarde de droits de valeur constitutionnelle .

( nom 93 - 325 DC, 13 aout 1993, cons. 103, p. 224 } .

إن المادة 50 من الدستور تردد هذه الحرية ذاتها بإطلاقها حق كل مواطن ــ وفيما خلا الأحوال التى يبينها القانون ــ فى أن يقيم فى الجهة التى يختارها داخل بلده ، فلا يرد عنها ، ولا يحمل على أن يتخذ غيرها مقراً دائماً . كذلك فإن حرية الانتقال ــ وما يقارنها من إختيار الشخص لجهة بعينها يقيم فيها ــ هى التى إعتبرها الدستور من عناصر الحرية الشخصية ، فلا تتكامل بعيداً عنها ، وكان مفهوماً بالتالى أن ينص فى المادة 41 ، على أن القبض والحرمان من الانتقال مشروطان ــ إذا لم يكن ثمة تلبس ــ بصدور أمر بهما من جهة قضائية يكون مستنداً إلى ضرورة يستلزمها التحقيق ، ويقتضيها صون أمن الجماعة . وفى إطار هذه الحرية ذاتها ، فإن إبعاد المواطن عن بلده أو رده عن العودة إليها ، ممنوعان بنص المادة 51 من الدستور ، ولو كان ذلك تدبيراً إحترازياً لمواجهة خطورة إجرامية . وكشف الدستور كذلك عن بعض الأبعاد التى تتسم بها حرية الانتقال ، وذلك بما نص عليه فى المادة 52 من أن لكل مواطن حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج وفقاً للقواعد التى يضعها المشرع فى شأن شروط الهجرة وإجراءاتها . وجعل الله تعالى حرية الانتقال حقاً وواجباً بأن مهد الأرض لتكون ذلولاً لعباده ، يمشون فى مناكبها أعزاء غير مقهورين . وتشهد هذه النصوص جميعها بأن حرية الانتقال حق عام ، وأن تقييده دون مقتض مشروع ، إنما يجرد الحرية الشخصية من خصائصها ، ويقوض صحيح بنيانها .



[الفقرة رقم 5 من الطعن رقم 153 سنة قضائية 21 مكتب فني 9 تاريخ الجلسة 03 / 06 / 2000 - صفحة رقم 582]

إن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما أرتاه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة - وفى الصدارة منها حرية الاجتماع - كي لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية ، أو تتداخل معها ، ما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة ، وكان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة ، مطلبا أساسيا توكيدا لقيمها الاجتماعية ، وتقديرا لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها ، وقد واكب هذا السعي وعززه بروز دور المجتمع المدني منظماته - من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات مهنية وعمالية - في مجال العمل الجمعي .



[الفقرة رقم 10 من الطعن رقم 45 سنة قضائية 17 مكتب فني 8 تاريخ الجلسة 22 / 03 / 1997 - صفحة رقم 506]

ضمان الحرية الشخصية لا يعنى غل يد المشرع عن التدخل لتنظيمها ، ذلك أن صون الحرية الشخصية يفترض بالضرورة إمكان مباشرتها دون قيود جائرة تعطلها أو تحد منها ، وليس إسباغ حصانة عليها تعفيها من تلك القيود التى تقتضيها مصالح الجماعة ، وتسوغها ضوابط حركتها .





[الفقرة رقم 3 من الطعن رقم 1 سنة قضائية 9 مكتب فني 4 تاريخ الجلسة 29 / 04 / 1989 - صفحة رقم 228]

النعى على المواد "2" ، "3" ، " 3 مكرراً " من القانون رقم 10 لسنة 1914 فى شأن التجمهر بمخالفة مبدأ شخصية العقوبة الذى قضت به المادة "66" من الدستور ، مردود بأن المادتين الثانية و الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 فى شأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً فى أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل ، و أن يكون الغرض منه إرتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات فى أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل بإستعمال القوة أو التهديد بإستعمالها . و مناط العقاب على التجمهر و شرط تضامن المتجمهرين فى المسئولية عن الجرائم التى تقع تنفيذاً للغرض منه ، هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، و أن تكون نية الإعتداء قد جمعتهم و ظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، و أن تكون الجرائم التى إرتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة و لم تكن جرائم إستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إليها السير العادى للأمور ، و قد وقعت جميعها حال التجمهر . و بذلك يكون المشرع قد جعل من توافر أركان جريمة التجمهر على الوجه المعرفة به قانوناً، أمراً تتحقق به صورة المساهمة فى الجرائم التى يرتكبها أحد المتجمهرين جاعلاً معيار المسئولية و تحمل العقوبة هو العلم بالغرض من التجمهر ، و إتجاه الإرادة إلى تحقيق هذا الغرض ، و كل ذلك بإعتبار أن الأصل فى الشريك أنه شريك فى الجريمة و ليس شريكاً مع فاعلها ، يستمد صفته هذه من فعل الإشتراك ذاته المؤثم قانوناً ، و النصوص المطعون عليها قد أنزلت العقوبة على مرتكب الفعل المؤثم و هو فعل المساهمة فى جريمة جنائية و ليس غيره ، و ما دامت أركان الجريمة قد توافرت فى حق أى شخص فهو مرتكب لها ، و من ثم فإن المشرع لم يخرج عن القواعد العامة فى التجريم و العقاب بل إلتزم بمبدأ شخصية العقوبة الذى تبدو أهم سماته فى ألا يؤخذ بجريرة الجريمة إلا جناتها .



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
قضية رقم 13 لسنة 1 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16من فبراير سنة 1980 م

برئاسة السيد المستشار/ أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة

وحضور السادة المستشارين : فاروق محمود سيف النصر وياقوت عبد الهادى العشماوى ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ود. فتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ. أعضاء

وحضور السيد المستشار/ عمر حافظ شريف رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر



أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 1 قضائية "دستورية"

"الإجراءات"

يتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1977 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى.



وطلبت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن المدعى عليهم الأربعة الأول، كما طلب المدعى عليه الخامس رفض الدعوى، وأودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأى برفضها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم.







"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.

حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى إن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 2802 لسنة 1977 مدنى كلى جنوب القاهرة يطلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليه الأخير بأن يؤدى إليه مبلغ 4000 جنيه وفوائده وبصحة إجراءات الحجز التحفظى الموقع تحت يد المدعى عليهما الثالث والرابع . وكان المدعى عليه الأخير قد تظلم من أمر الحجز طالباً الغاءه استناداً إلى سقوط الدين لعدم اخطار الدائن بسنده تطبيقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1966، وقررت المحكمة ضم الدعوى والتظلم للحكم فيهما معاً. وبجلسة 2 من أكتوبر سنة 1977 دفع المدعى بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعويين لجلسة أول يناير سنة 1978 لإتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المادة الثالثة المشار إليها، فأقام المدعى دعواه الماثلة.

وحيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 لسبب حاصله أن هذا القانون لايشترط قيام علاقة إيجارية بين الدائن والمدين تتوافر بها شبهة فى الدين ويتسنى معها افتراض أنه تم بالتحايل على الأجرة القانونية المقررة فى قانون الاصلاح الزراعى. وإذ لم ينظم هذا القانون طريقاً لاشهار صفة المستأجر الأرض الزراعية حتى يتأتى لمن كان قد تعامل معه أن يكون على بينه من التزامه القانونى باخطار الجمعية التعاونية الزراعية المختصة بالدين، فإن الجزاء الذى نصت عليه المادة الثالثة منه وهو سقوط الدين يعتبر من قبيل المصادرة والعدوان على الملكية بالمخالفة لما تقضى به المادتان 34، 36 من الدستور.



وحيث إن القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى، تضمنت نصوصه تعديل بعض مواد المرسوم بقانون المشار إليه، كما أوردت أحكاماً جديدة منها ما نصت عليه المادة الثالثة- المطعون بعدم دستوريتها- من أنه:"يجب على كل مؤجر أو دائن أيا كانت صفته يحمل سندا بدين على مستأجر أرض زراعية كالكمبيالات وغيرها أن يتقدم خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون ببيان واف عن هذا الدين وقيمته وسببه وتاريخ نشوئه وتاريخ استحقاقه واسم الدائن وصفته ومحل اقامته واسم المدين وصفته ومحل اقامته. ويقدم هذا الاخطار إلى الجمعية التعاونية الزراعية الواقع فى دائرتها محل إقامة المدين. ويسقط كل دين لا يخطر الدائن عنه خلال الموعد المحدد لذلك". وأوضحت المذكرة الايضاحية للقانون فى خصوص هذه المادة، أن تطبيق قانون الاصلاح الزراعى كشف عن صور مختلفة من الاستغلال أبرزها قيام الملاك بتحرير كمبيالات لصالحهم موقعة من المستأجرين على بياض تمثل ديونا غير منظورة وغير مشروعة الغرض منها حصول المالك على قيمة ايجارية تزيد على سبعة أمثال الضريبة أو تمثل ديوناً وهمية يستغلها المالك للتخلص من مزارعيه فى أى وقت يشاء، وعلاجا لذلك استحدث القانون الحكم الوارد فى المادة الثالثة المشار إليها والمادتين التاليتين لها بقصد القضاء على هذا النوع من الاستغلال. ولما كانت ملاءمة التشريع والبواعث على اصداره من اطلاقات السلطة التشريعية مالم يقيدها الدستور بحدود وضوابط معينة، وكان مايقرره المدعى بشأن اغفال النص المطعون فيه تنظيم طريق لاشهار صفة المستأجر للأرض الزراعية حتى يتبين من تعامل معه التزامه بالاخطار عن دينه، لايعدو أن يكون جدلا حول ملاءمة التشريع وما قد يترتب عليه من اجحاف بحقوق طائفة من الدائنين، فإن ماينعاه المدعى فى هذا الشأن لا يشكل عيبا دستوريا يوصم به النص المطعون فيه وتمتد إليه الرقابة على دستورية القوانين.



لما كان ذلك وكانت الملكية الخاصة التى نصت المادة 34 من الدستور على أنها مصونة لا تنزع الا للمنفعه العامة ومقابل تعويض ، والمصادرة التى تحظرها المادة 36 من الدستور إذا كانت عامة ولاتجيزها إلا بحكم قضائى إذا كانت مصادرة خاصة ، يؤدى كلاهما إلى تجريد المالك عن ملكه ليؤول إلى الدولة، بتعويض فى حالة نزع الملكية وبغير مقابل عند مصادرته ، وكان ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 لايتضمن مساساً بالملكية الخاصة أو نزعاً لها جبراً عن مالكها، كما لايقضى باضافة أية أموال مملوكة للأفراد إلى ملك الدولة، ذلك أنها اقتصرت على تنظيم العلاقة بين مستأجر الأرض الزراعية ودائنيه ورتبت على عدم الاخطار بالدين فى الأجل المحدد بها سقوطه لمصلحة المستأجر وحده ، فإن ما أثاره المدعى بصدد عدم دستورية هذه المادة وبشأن اعتبار ما نصت عليه من سقوط الدين عدواناً على الملكية ومصادرة للأموال، يكون على غير أساس.



لهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماه.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
حكم بعدم دستورية الماده 123 اجراءات جنائية فى القضية رقم 37 لسنة 11 قضائية "دستورية"


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 6 فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة

وحضور السادة المستشارين : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين.

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر





أصدرت الحكم الآتى

فى القضية رقم 37 لسنة 11 قضائية "دستورية"





الإجراءات

بتاريخ 8 أغسطس سنة 1989 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفى الموضوع بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وقدم المدعى عليه الرابع عدة مذكرات بدفاعه آخرها بتاريخ 14 أكتوبر سنة 1992.

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.





المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.

حيث إن الوقائع-على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى عليه الرابع كان قد أقام – بطريق الادعاء المباشر- الدعوى رقم 508 لسنة 1988 جنح سيدى جابر المقيدة برقم 20 لسنة 1988 كلى الاسكندرية- ضد المدعى متهما إياه بأنه أسند إليه فى مؤلفه (رجال عبد الناصر والسادات) وقائع تتضمن قذفا فى حقه وتستوجب عقابه بالمواد 302، 303، 307 من قانون العقوبات ، وهى وقائع نسبها إليه باعتبارها متعلقة بالفترة التى كان يشغل فيها منصب المدعى العام الاشتراكى، ويتعين بسبب زيفها إلزامه بأن يؤدى إليه تعويضا مقداره خمسمائة ألف جنيه لجبر الأضرار الناشئة عنها. وإذ دفع المدعى بالحقوق المدنية- إعمالا لنص الفقرة الثانية من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية- بسقوط حق المتهم فى التدليل على صحة الوقائع التى أسندها إليه، وطعن المتهم بعدم دستورية هذه الفقرة ذاتها، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه مصرحة له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة.



وحيث إن المادة 302 من قانون العقوبات تنص فى فقرتها الأولى على أن "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة، لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا، أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه" كما تنص فقرتها الثانية على أنه "ومع ذلك، فالطعن فى أعمال موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لايدخل تحت حكم هذه المادة إذا حصل بسلامة نية، وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة بشرط إثبات حقيقة كل فعل أسند إليه".

أما فقرتها الثالثة فنصها" ولايقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا فى الحالة المبينة فى الفقرة السابقة"، وتوجب الفقرة الثانية من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية على المتهم بارتكاب جريمة القذف بطريق النشر فى إحدى الصحف أو غيرها من المطبوعات أن يقدم للمحقق عند أول استجواب له ، وعلى الأكثر فى الخمسة الأيام التالية ، بيان الأدلة على كل فعل أسند إلى موظف عام أو شخص ذى صفة نيبابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وإلا سقط حقه فى إقامة الدليل المشار إليه فى الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات، فإذا كلف المتهم بالحضور أمام المحكمة مباشرة أو بدون تحقيق سابق، وجب أن يعلن النيابة والمدعى بالحق المدنى ببيان الأدلة فى الخمسة أيام التالية لإعلان التكليف بالحضور، وإلا سقط حقه كذلك فى تقديم الدليل. وجاء فى المذكرة الإيضاحية لنص المادة 123 من القرار بقانون رقم 113 لسنة 1957 مايلى :



من المفهوم أن نص قانون العقوبات على عدم العقاب على القذف فى حق الموظف العام أو ذى الصفة النيابية العامة أو المكلف بخدمة عامة معناه أن المشرع قد افترض فى القاذف التأكد بالدليل من صحة مايرمى به وأن أدلته جاهزة لديه قبل النشر وإلا كان القذف مجازفة يعتمد مرتكبها على ما يتصيده من أدلة.



لذلك يجب التدخل بإلزامه بتقديم هذه الأدلة دون مطل أو تأخير وحتى لاتبقى أقدار الناس معلقة مدة قد تطول فيتأذون بهذا التعليق أبلغ الأذى، وإنه وإن كانت المصلحة العامة قد أباحت الطعن على الموظفين وغيرهم من ذوى الصفات العامة، فإن هذه المصلحة بعينها تقضى بحمايتهم من المفتريات التى توجه إليهم نكالا باشخاصهم فتصيب الصالح العام من ورائهم بأفدح الأضرار. فرؤى لذلك إضافة حكم جديد إلى المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية يوجب على المتهم بارتكاب جريمة قذف بطريق النشر فى إحدى الصحف أو غيرها من المطبوعات أن يقدم عند أول استجواب له وعلى الأكثر فى الخمسة الأيام التالية بيان الأدلة على وقائع القذف وإلا سقط حقه فى إثباتها بعد ذلك، على أن هذا الإيجاب لايتجاوز مطالبته بتقديم صور الأوراق التى يستند إليها وأسماء الشهود الذين يعتمد على شهادتهم وما يستشهدهم عليه. وغنى عن البيان أن إيراد هذا الحكم فى المادة 123 بباب التحقيق بمعرفة قاضى التحقيق، ينصرف أيضا بطريق اللزوم إلى التحقيق بمعرفة النيابة العامة إعمالا للمادة 199 التى تسحب الأحكام المقررة لقاضى التحقيق على إجراءات التحقيق بمعرفة النيابة العامة فيما لم يرد فيه نص خاص بها. أما حيث ترفع الدعوى دون استجواب المتهم أو يرفعها المدعى بالحق المدنى مباشرة وفى الأحوال التى يجوز فيها ذلك، فيكون على المتهم إعلان البيانات المتقدمة فى مدة الخمسة أيام التالية لإعلان التكليف بالحضور.



وحيث إن البين من الأوراق أن المضرور من الوقائع التى نسبها إليه المدعى فى أحد مؤلفاته- والتى اعتبرها قذفا علنيا فى حقه- هو الذى أقام الادعاء المباشر وبه ترفع الدعوى الجنائية- وكان من المقرر قانونا إن المصلحة الشخصية المباشرة- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية مؤثرا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، وكان انعقاد الخصومة الجنائية من خلال الادعاء المباشر يتحقق بإعلان صحيفة التكليف بالحضور إلى المتهم بناء على طلب المدعى بالحق المدنى، وكان المدعى فى الدعوى الماثلة قد كلف بالحضور أمام المحكمة الجنائية مباشرة وبدون تحيق سابق، فإن مصلحته الشخصية المباشر التى يتحدد بها نطاق الطعن فى الدعوى الماثلة- تنحصر فيما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية من إلزامه إعلان النيابة والمدعى بالحق المدنى ببيان الأدلة على صحة كل واقعة أسندها علانية إلى المدعى بالحق المدنى، وذلك خلال الميعاد المحدد فيها، وهو خمسة الأيام التالية لإعلان التكليف بالحضور، وإلا سقط حقه فى إقامة الدليل.

وحيث إن المدعى ينعى على الفقرة الثانية من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية مخالفتها للدستور بمقولة أن القرار بقانون رقم 113 لسنة 1957 أدخلها كتعديل على هذا القانون وأنه لايجوز تنظيم الحريات العامة أو تقييدها إلا بقانون.

وحيث إن هذا النعى مردود بأن القرارات بقوانين التى تصدر عن رئيس الجمهورية إعمالا لسلطاته الدستورية المنصوص عليها فى المادتين 108، 147 من الدستور، لها بصريح نصها قوة القانون، ومن ثم فإنها تتناول بالتنظيم كل ما يتناوله القانون بما فى ذلك المسائل التى نص الدستور على أن يكون تنظيمها بقانون أو وفقا لأحكام القانون. فإذا تضمن القرار بقانون قيدا على حق أو حرية عامة يعطل الانتفاع بها أو يضيق من نطاقها، وقع هذا القرار فى حومة المخالفة الدستورية لخروجه على الحدود التى رسمها الدستور فى مجال تنظيمها.

وحيث إن المدعى ينعى على النص التشريعى المطعون عليه إهداره أصل البراءة الذى كلفته المادة 67 من الدستور، وذلك بإلزامه المتهم بارتكاب الجريمة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات إثبات صحة الوقائع المعتبرة قذفا فى حق القائم بالعمل العام خلال ميعاد قصير للغاية، وهو مايعتبر نفيا للجريمة التى كان يتعين على النيابة العامة إثباتها فى كل ركن من اركانها باعتبار أن اصل البراءاة يمتد إلى كل فرد سواء كان مشتبها فيه أو متهما، وهو ماأكدته الفقرة الثانية من المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية بإيجابها أن يكون المتهم – فى كل الأحوال – آخر من يتكلم.

وحيث إن هذا النعى مردود بأن ما يعد قذفا وفقا للقانون إنما يندرج تحت الجرائم التى تخل باعتبار الشخص وقدره. وقد دل المشرع بالنصوص التى حدد بها أركان هذه الجريمة على أن قوامها إسناد واقعة محددة قصدا وعلانية إلى شخص معين إذا كان من شأن هذه الواقعة – لو قام الدليل على صحتها- عقابه أو احتقاره.

والأصل فى هذه الجريمة أن مرتكبها- وكلما توافرت اركانها- مؤاخذ بالعقوبة المقررة لها ولو كان يعتقد صحة الواقعة التى نسبها إلى غيره ، أو كان لهذه الواقعة معينها من الأوراق وسواء كان تقديره لثبوتها مشوها أو مندفعا أو متزنا، حملته على إسنادها ضغائن شخصية أم كان مستلهما فى ذلك قوة الحقيقة ونقاء الضمير. ومن ثم لا اعتداد فى قيام هذه الجريمة بصحة الواقعة أو بهتانها، استوائها على الحق أم ولوغها فى الباطل ، اقتران إسنادها بنية الأضرار أم تجرده من سوء القصد.



وإذ كان ما تقدم هو الأصل فى كل واقعة تعد قذفا وفقا للقانون، إلا أن المشرع أباح الإسناد العلنى لما يعد قذفا، وذلك فى أحوال بذاتها هى تلك التى يقتضيها الطعن فى أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة أو ذوى الصفة النيابية العامة باعتبار أن هذه الاعمال من الشئون العامة التى لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة فى أدائها والالتزام بضوابطها ومتطالبتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى ، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحى التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون فى مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التى يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل ، ولأن الوظيفة العامة ومايتصل بها من الشئون العامة لا تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها.



والتزامهم الأصلى فى شأنها مقصور على النهوض بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون. فإذا كان انتقاد القائم من هؤلاء بالعمل العام منطويا على إسناد واقعة أو وقائع بذاتها علانية إليه من شأنها- لو صحت- عقابه أو احتقاره، وكان هذا الإسناد بحسن نية، واقعا فى مجال الوظيفة العامة أو النيابة أو الخدمة العامة ملتزما إطارها ، وأقام من قذفها فى حقه الدليل على حقيقتها، اعتبر ذلك قذفا مباحا قانونا عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات . متى كان ذلك وكانت الإباحة – بالشروط المتقدمة- مستندة إلى نص القانون، فإن الفقرة الثانية من المادة 302 المشار إليها، تعتبر مصدرا مباشرا لها، وهى فى كل حال لاتعدو أن تكون تطبيقا لقاعدة عامة فى مجال استعمال الحق، إذ يعتبر هذا الاستعمال دوما سببا للإباحة كلما كان الغرض منه تحقيق المصلحة الاجتماعية التى شرع الحق من أجلها.





متى كان ماتقدم ، وكان المشرع- بالإباحة التى قدرها فى مجال انتقاد القائمين بالعمل العام تبيانا لحقيقة الأمر فى شأن الكيفية التى يصرفون بها الشئون العامة- قد وازن بين مصلحة هؤلاء فى طمس انحرافاتهم وإخفاء أدلتها توقيا لخدش شرفهم أو التعريض بسمعتهم من ناحية، وبين مصلحة أولى بالرعاية وأحق بالحماية هى تلك النابعة من ضرورة أن يكون العمل العام واقعا فى إطار القانون وبمراعاة حدوده، وكان المشرع- على ضوء مقتضيات هذه الموازنة وفى حدود ضوابطها- قد حسر عن القائم بالعمل العام الرعاية التى يتطلبها صون اعتباره كلما كان الإسناد العلنى- المتضمن قذفا فى حقه- واقعا فى حدود النقد المباح الذى بين قانون العقوبات شروطه فى الفقرة الثانية من المادة 302 منه، وكان من المقرر أن توافر الشروط التى يتطلبها القانون فى النقد المباح إنما يزيل عن الفعل صفته الإجرامية، ويرده إلى دائرة المشروعية بعد أن كان خارجا عن محيطها لخضوعه ابتداء لنص بالتجريم، وكان البين من الدعوى الموضوعية أن المدعى- فى الدعوى الماثلة- قد ركن فى مجال إثباته انتفاء الركن الشرعى للجريمة، إلى أن ماتضمنه المطبوع الصادر منه من وقائع نسبها إلى أحد القائمين بالعمل العام- والمدعى بأنها تعتبر قذفا فى حقه- لايعدو أن يكون استعمالا من جانبه للحق فى النقد المباح، وهو حق كفل المشرع أصله محددا شرائطه ومقررا بموجبه شرعية استثنائية لفعل أضحى بها مباحا بعد أن كان معاقبا عليه قانونا، فقد تعين على المدعى- إذ يتذرع باستعمال حق مقرر قانونا- أن يقيم الدليل على ثبوته وإنه توخى- فى مجال مباشرته- المصلحة الاجتماعية التى قصد المشرع إلى بلوغها من وراء تقريره، فإن هو أخفق فى برهانه، دل ذلك على أن الشروط التى لا يقوم الحق فى النقد المباح إلا باكتمالها، مختلفة بتمامها أو فى بعض جوانبها، ليرتد الفعل بالتالى إلى صورته الأصلية وهى الجريمة التى لاتجوز إدانته بارتكابها إلا بعد قيام النيابة العامة بإثباتها فى كل ركن من أركانها، وبالنسبة إلى كل واقعة ضرورية لقيامها، بما فى ذلك القصد الجنائى الذى تطلبه المشرع فيها، ولا مخالفة فى ذلك كله لإفتراض البراءة الذى كفله الدستور فى المادة 67 منه ليعكس بمقتضاه قاعدة مبدئية تعتبر فى ذاتها مستعصية على الجدل، وتقتضيها الشرعية الإجرائية.

وحيث إن المدعى ينعى كذلك على النص التشريعى المطعون عليه إلزامه المتهم بأن يقدم خلال أجل قصير للغاية بيانا بالأدلة على صحة الوقائع التى نسبها إلى القائم بالعمل العام، وإلا سقط حقه فى إبداء دفاعه وإثبات صحة نقده، وهو مايؤول قطعا إلى إدانته، ويخل بالتالى بضمانتين كفلهما الدستور لسلامة العمل الوطنى هما حق كل مواطن فى النقد الذاتى والنقد البناء على ما تقضى به المادة 47 منه، وكذلك بما قررته هذه المادة ذاتها من كفالة حق كل انسان فى التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير، وينطوى من ناحية أخرى على إهدار لنص المادة 49 من الدستور التى تكفل للمواطنين حرية البحث العلمى والإبداع الأدبى والفنى والثقافى، ويندرج تحتها علم التاريخ والعلوم السياسية، وهو فى كل حال يعطل حق الدفاع المنصوص عليه فى المادة 69 من الدستور، ويناقض مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون المقررين بالمادتين 8، 40 منه، وذلك بإلزامه من ينشر مطبوعا وتقام الدعوى الجنائية ضده- دون غيره من المتهمين- بأن يطرح أدلته المؤيدة لصحة الوقائع التى نسبها إلى القائم بالعمل العام خلال ميعاد لا تنفسح فيه إمكانية تقديمها ، وإلا سقط حقه فى إقامة الدليل بصفة نهائية . وتتعارض الفقرة المطعون عليها كذلك وروح الدستور وأهدافه ذلك أن القيود التى فرضتها على الحق فى تقديم الدليل، غايتها إسباغ الحماية الباطلة على رجال الحكم ووأد الآراء المعارضة لهم فى مهدها، ومحو كل تأثير لها حتى لايجرؤ أحد على مواجهتهم. وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن الإطار الذى كفله الدستور لكل محاكمة جنائية- وعلى ماتنص عليه المادة 67 منه- هو أن تكون منصفة، وأن تتقرر الإدانة خلالها- إن كان لها وجه- على ضوء العقيدة التى يطمئن إليها القاضى.



ولا كذلك النص التشريعى المطعون فيه، إذ هو يكرس الفاشية، ويخل فوق هذا بمبادئ الشريعة الإسلامية التى تكفل حرية الرأى وتؤكد حق الرعية فى محاسبة ولاتها، ومن تنعقد لهم ناصية الأمر فيها دون وجل من سطوتهم، ويتعارض بالتالى ونص المادة 2 من الدستور.

وحيث إن هذا النعى سديد فى جوهره، ذلك أن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها كى لا تقتحم إحداها المنطقة التى يحميها الحق أو الحرية أو تتداخل معها بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة، ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنمائها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلبا اساسيا توكيدا لقيمتها الاجتماعية، وتقديرا لدورها فى مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، ولردع كل محاولة للعدوان عليها. وفى هذا الإطار تزايد الاهتمام بالشئون العامة فى مجالاتها المختلفة، وغدا عرض الآراء المتصلة بأوضاعها، وانتقاد أعمال القائمين عليها مشمولا بالحماية الدستورية تغليبا لحقيقة أن الشئون العامة، وقواعد تنظيمها وطريقة إدارتها، ووسائل النهوض بها، وثيقة الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة، وهى تؤثر بالضرورة فى تقدمها، وقد تنتكس بأهدافها القومية متراجعة بطموحاتها إلى الوراء.

وتعين بالتالى أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته حقا مكفولا لكل مواطن، وأن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول- كأصل عام- دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها. وهى حرية يقتضيها النظام الديمقراطى ، وليس مقصودا بها مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته، ولكن غايتها النهائية الوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، وعبر الحدود المختلفة، وعرضها فى آفاق مفتوحة تتوافق فيها الآراء فى بعض جوانبها أو تتصادم فى جوهرها ليظهر ضوء الحقيقة جليا من خلال مقابلتها ببعض ، وقوفا على مايكون منها زائفا أو صائبا، منطويا على مخاطر واضحة أو محققا لملصحة مبتغاه ، ومن غير المحتمل أن يكون انتفاد الأوضاع المتصلة بالعمل العام تبصيرا بنواحى التقصير فيه ، مؤديا إلى الإضرار باية مصلحة مشروعة. وليس جائزاً بالتالى أن يكون القانون أداة تعوق حرية التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أو مواطن الخلل فى أداء واجباتها، ذلك أن مايميز الوثيقة الدستورية ويحدد ملامحها الرئيسية هو أن الحكومة خاضعة لمواطنيها، ولا يفرضها إلا الناخبون . وكلما نكل القائمون بالعمل العام- تخاذلا أو انحرافا- عن حقيقة واجباتهم مهدرين الثقة العامة المودعة فيهم ، كان تقويم اعوجاجهم حقا وواجبا مرتبطا ارتباطا عميقا بالمباشرة الفعالة للحقوق التى ترتكز فى أساسها على المفهوم الديمقراطى لنظام الحكم، ويندرج تحتها محاسبة الحكومة ومساءلتها وإلزامها مراعاة الحدود والخضوع للضوابط التى فرضها الدستور عليها.

ولايعدو إجراء الحوار المفتوح حول المسائل العامة ، أن يكون ضمانا لتبادل الآراء على اختلافها كى ينقل المواطنون علانية تلك الأفكار التى تجول فى عقولهم- ولو كانت السلطة العامة تعارضها- إحداثا من جانبهم- وبالوسائل السلمية- لتغيير قد يكون مطلوبا . ولئن صح القول بأن النتائج الصائبة هى حصيلة الموازنة بين آراء متعددة جرى التعبير عنها فى حرية كاملة ، وإنها فى كل حال لا تمثل انتفاء من السلطة العامة لحلول بذاتها تستقل بتقديرها وتفرضها عنوة، فإن من الصحيح كذلك أن الطبيعة الزاجرة للعقوبة التى توقعها الدولة على من يخلون بنظامها ، لاتقدم ضمانا كافيا لصونه ، وإن من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين من ممارستها، وأن الطريق إلى السلامة القومية إنما يكمن فى ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح لمواجهة أشكال من المعاناة- متباينة فى أبعادها- وتقرير ما يناسبها من الحلول النابعة من الإرادة العامة.



ومن ثم كان منطقيا، بل وأمرا محتوما أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش والحوار فى كل أمر يتصل بالشئون العامة، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام، إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون، ولأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل، ولحرية الإبداع والأمل والخيال، وهو فى كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه، بما يعزز الرغبة فى قمعها، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها ، مما يهدد فى النهاية أمن الوطن واستقراره.

وحيث إنه على ضوء ماتقدم ، فإن انتقاد القائمين بالعمل العام – وإن كان مريرا- يظل متمتعا بالحماية التى كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية، أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها . وليس جائزا بالتالى أن تفترض فى كل واقعة جرى إسنادها إلى أحد القائمين بالعمل العام ، أنها واقعة زائفة أو أن سوء القصد قد خالطها. كذلك فإن الآراء التى تم نشرها فى حق أحد ممن يباشرون جانبا من اختصاص الدولة، لا يجوز تقييمها منفصلة عما توجبه المصلحة العامة فى أعلى درجاتها من عرض انحرافهم ، وأن يكون المواطنون على بينة من دخائلها. ويتعين دوما أن تتاح لكل مواطن فرصة مناقشتها واستظهار وجه الحق فيها.



وإذ كان الدستور القائم قد نص فى المادة 47 منه على أن حرية الرأى مكفولة، وأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، وكان الدستور قد كفل بهذا النص حرية التعبير عن الرأى بمدلول جاء عاما ليشمل حرية التعبير عن الآراء فى مجالاتها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، إلا أن الدستور – مع ذلك- عنى بإبراز الحق فى النقد الذاتى والنقد البناء باعتبارهما ضمانان لسلامة البناء الوطنى ، مستهدفا بذلك توكيد أن النقد – وإن كان فرعا من حرية التعبير- وهى الحرية الأصل التى يرتد النقد إليها ويندرج تحتها، إلا أن أكثر مايميز حرية النقد- إذا كان بناءً- إنه فى تقدير واضعى الدستور ضرورة لازمة لا يقوم بدونها العمل الوطنى سويا على قدميه، وما ذلك إلا لأن الحق فى النقد – وخاصة فى جوانبه السياسية – يعتبر إسهاما مباشرا فى صون نظام الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وضرورة لازمة للسلوك المنضبط فى الدول الديمقراطية، وعائقا دون الإخلال بحرية المواطن فى أن يعلم ، وأن يكون فى ظل التنظيم البالغ التعقيد للعمل الحكومى قادرا على النفاذ إلى الحقائق الكاملة المتعلقة بكيفية تصريفه، على أن يكون مفهوما أن الطبيعة البناءة للنقد – التى حرص الدستور على توكيدها- لايراد بها أن ترصد السلطة التنفيذية الآراء التى تعارضها لتحديد ما يكون منها فى تقديرها موضوعيا، إذ لو صح ذلك لكان بيد هذه السلطة أن تصادر الحق فى الحوار العام ، وهو حق يتعين أن يكون مكفولا لكل مواطن وعلى قدم من المساواة الكاملة.

ومارمى إليه الدستور فى هذا المجال هو ألا يكون النقد منطويا على آراء تنعدم قيمها الاجتماعية كتلك التى تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية أو التى تكون منطوية على الفحش أو محض التعريض بالسمعة . كما لا تمتد الحماية الدستورية إلى آراء تكون لها بعض القيمة الاجتماعية ، ولكن جرى التعبير عنها على نحو يصادر حرية النقاش أو الحوار كتلك التى تتضمن الحض على أعمال غير مشروعة تلابسها مخاطر واضحة تتعرض لها مصلحة حيوية .



إذ كان ذلك فإن الطبيعية البناءة للنقد لا تفيد لزوما رصد كل عبارة احتواها مطبوع، وتقييمها- منفصلة عن سياقها- بمقاييس صارمة ، ذلك أن ماقد يراه إنسان صوابا فى جزئية بذاتها ، قد يكون هو الخطأ بعينه عند آخرين، ولا شبهة فى أن المدافعين عن آرائهم ومعتقداتهم كثيرا ما يلجأوون إلى المغالاة، وأنه إذا أريد لحرية التعبير أن تتنفس فى المجال الذى لا يمكن أن تحيا بدونه، فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه.

ولايسوغ بحال أن يكون الشطط فى بعض الآراء مستوجبا إعاقة تداولها. وتقتضى الحماية الدستورية لحرية التعبير، بل وغايتها النهائية فى مجال انتقاد القائمين بالعمل العام، أن يكون نفاذ الكافة إلى الحقائق المتصلة بالشئون العامة، وإلى المعلومات الضرورية الكاشفة عنها متاحا ، وألا يحال بينهم وبينها اتقاء لشبهة التعريض بالسمعة، ذلك أن ما نضفيه إلى دائرة التعريض بالسمعة- فى غير مجالاتها الحقيقة- لتزول عنه الحماية الدستورية، لابد أن يقتطع من دائرة الحوار المفتوح المكفول بهذه الحماية، مما يخل فى النهاية بالحق فى تدفق المعلومات، وانتقاد الشخصيات العامة بمراجعة سلوكها وتقييمه، وهو حق متفرع من الرقابة الشعبية النابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشئون العامة الحريصين على متابعة جوانبها السلبية وتقرير موقفهم منها. ومؤدى إنكاره أن حرية النقد لن يزاولها أو يلتمس طرقها ألا أكثر الناس اندفاعا أو أقواهم عزما.



وليس أدعى إلى إعاقة الحوار الحر المفتوح من أن يفرض قانون جنائى قيودا باهظة على الأدلة النافية لتهمة التعريض بالسمعة- فى أقوال تضمنها مطبوع- إلى حد يصل إلى إهدار الحق فى تقديمها، وهو ما سلكه النص التشريعى المطعون فيه، ذلك أن الأصل وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات، هو أن انتقاد القائم بالعمل العام أو من كان مضطلعا بأعبائه، يعتبر أمرا مباحا بشروط من بينها إثبات الناقد لحقيقة كل فعل أسنده إليه. وقد نظم قانون الإجراءات الجنائية فى الفقرة الثانية من المادة 123 منه، الكيفية التى يتم بها هذا الإثبات ، وذلك بإلزامه المتهم- المكلف بالحضور إلى المحكمة مباشرة وبدون تحقيق سابق- بأن يقدم خلال خمسة الأيام التالية لإعلان تكليفه بالحضور، بيانا بالأدلة على صحة كل فعل أسنده إلى القائم بالعمل العام ، وإلا سقط حقه فى تقديم الدليل. وإسقاط الحق فى تقديم الدليل على هذا النحو لابد أن يعقد ألسنة المعنيين بالعمل العام خوفا ، إذا هم أخفقوا فى بيانه خلال ذلك الميعاد الذى ضربه المشرع، وهو ميعاد بالغ القصر.



وعبئا على هذا النحو من الثقل لابد أن يكون مثبطا لعزائم هؤلاء الحريصين على إظهار نواحى القصور فى الأداء العام، لأنهم يستحرجون من إعلان انتقاداتهم هذه ، ولو كانوا يعتقدون بصحتها، بل ولو كانت صحيحة فى واقعها، وذلك خوفا من سقوط الحق فى تقديم الدليل عليها. يؤيد ذلك أن السقوط المقرر بالنص التشريعى المطعون فيه هو مما لا تترخص محكمة الموضوع فى تقديره، بل يعتبر مترتبا بحكم القانون تبعا لقيام موجبه، بما مؤداه أنه إذا ما حكم بهذا السقوط، عومل الناقد باعتباره قاذفا فى القائم باعباء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة ولو كان نقده واقعا فى إطارها، متوخياً المصلحة العامة ، كاشفا عن الحقيقة دائما ، مؤكدا لها فى كل جوانبها وجزئياتها، مقرونا بحسن النية، مجردا من غرض التجريح أو التهوين من مركز القائم بالعمل العام.



وهو ماينحدر بالحق فى النقد العام إلى منزلة الحقوق المحددة الأهمية، ويخل بتعدد الآراء التى يتعين أن يشتمل عليها امتياز الحوار العام، كما ينال من ضمانة الدفاع التى لا تقتصر قيمتها العملية على مرحلة المحاكمة ، بل تمتد مظلتها كذلك وما يتصل بها من أوجه الحماية إلى المرحلة السابقة عليها، وهى بعد ضمانة كفلها الدستور من خلال إلزامه الدولة بأن تعمل على تقرير الوسائل الملائمة التى تعين بها المعوزين على صون حقوقهم وحرياتهم، وهى أكثر ما تكون لزوما فى مواجهة القيود التى تقوض الحرية الشخصية أو تحد منها ، كذلك كلما ترتب على فواتها سقوط الحق فى تقديم الدليل عند الفصل فى اتهام جنائى بما يصادم المفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة، ويناقض بالتالى القواعد المبدئية التى لا تقوم المحاكمة المنصفة بدونها والتى تعكس فى جوهرها نظاما متكامل الملامح يتوخى صون الحق فى الحياة، والحرية، والشخصية المتكاملة، ومن ثم يكون النص المطعون فيه مخالفا لأحكام المواد 41، 47، 67، 69 من الدستور



فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية من إلزام المتهم – المكلف بالحضور إلى المحكمة مباشرة وبدون تحقيق سابق- بأن يقدم خلال خمسة الأيام التالية لإعلان تكليفه بالحضور بيان الأدلة على صحة كل فعل أسنده إلى موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وإلا سقط حقه فى إقامة الدليل المشار إليه فى الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات، مع إلزام الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب للمحاماة.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات