بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

27 أغسطس 2011

الأصول الفنية في صياغة المذكرات القانونية








المقدمة

إن المذكرات القانونية شانها شأن أى بحث علمي تستلزم لإعدادها إتباع منهج علمي يسير على هداه الباحث عند تصديه لموضوع قانونى ،فإذا ما افتقد الباحث فى إعداده ف لمذكرته القانونية هذا المنهج جاءت أفكاره مشوشةوأسبابه غير واضحة ، وقد يؤدى ذلك إلى عدم استقامة نتائجه مع مقدماته، وعدم وضوح ماتساند إليه من أسباب قد يؤدى – فى الغالب الأعم إلى عدم استجابة من تقدم إليهالمذكرة –محكمة، سلطة ما ....... الخ.....- إلى ما انتهت إليه المذكرة من طلبات .
فالمنهج العلمى فى صياغة المذكرات القانونية هو أسلوب أو طريقة منهجية فنيةللمعرفة ونقلها إلى الغير ، وهو أسلوب أو طريقة تختلف عن التفكير العادي ، من حيث كونها تعتمد على منهج معين فى بحث وقائع الموضوع الذى يتصدى له الباحث ، وتحديدالعلاقة بين مفردات تلك الوقائع وما قد يكون هناك من أدلة وأسانيد ومستندات ،وتفسيرها وتحليلها للوقوف على حقيقتها وأهدافها ومراميها بشكل دقيق ثم الوصول إلى نتائج منطقية تؤدى إليها تلك المقدمات والأسباب.
ويتعين على الباحث بداءة أن يبدأ دراسته لا ليبرهن على شئ يعتنقه وإنما ليكشف الحقيقة دون أن تلعب به الأهواءأو توجهه الميول – وهو ما يطلق عليه حياد الباحث – ولكن عندما يصل من بحث الوقائع والمستندات إلى أن الموضوع الذى يكتب من أجله مذكرته أصبح محل قناعته فهنا يتعين عليه الانحياز إلى ما وصل إليه من رأى وقناعة مدافعا عنها بفطنة ويقظة ، أخذاً فى إعتباره عدم افتراض جهل خصمه .




أولا : الصفات الواجب توافرها فى الباحث :

وهناك بعض الصفات العامة التى يجب على الباحث القانونى أن يتمتع بها ، وأن يجاهد نفسه على استكمال ما نقص لديه منها وتنمية ما هو متوافر فيه، وهذا من الأمور المنطقية التى تسبق البحث وتلزم لوجوده كى يستقيم ويسير فى الاتجاه الصحيح نحو غايته ، وتتمثل أهم تلك الصفات فيما يلى :-

1- القدرة على التحليل والاستنباط والقياس من خلال أعمال العقل والمنطق وتتكون تلك الملكة من كثرةالإطلاع على القوانين والأحكام الصادرة من القضاء العالي (نقض / دستورية عليا / إدارية عليا ) والمؤلفات الفقهية الأكاديمية والعملية – وحضور الجلسات بالمحاكم علىاختلاف أنواعها ودرجاتها ، وذلك كله من الوسائل الضرورية لتكوين وتنمية الثقافةالقانونية علميا وعمليا
2- القدرة على استخلاص النتائج وترتيبها ترتيبا منطقيا يتفق فى تسلسل مؤد إليها – مع وقائع الموضوع والتى يجب على أن تكون واضحة جلية أمام الباحث مع تفنيد كل مشكلة فى موضعها الطبيعي ، وإبراز ما قد يتوافر لديه من أدلةوبراهين ومستندات ، بحيث يمكن تصور أن يصل متلقى البحث من نفسه إلى النتيجة التى انتهى إليها الباحث فى مذكرته.
3- المهارة فى اختيار الألفاظ والتراكيب اللغويةللتعبير عن وجهة نظره وعرض أفكاره، ولا شك أن من أساسيات تكوين وتنمية تلك المهارةالإكثار من القراءات الأدبية والشعرية والمداومة عليها ، وفوق ذلك كله قراءة القرآن الكريم والمواظبة عليه ، بما يمكنه ذلك كله من اختيار الألفاظ الدقيقة التى تعبر عن المعنى المقصود والابتعاد عن غريب الألفاظ ومهجورها وتجنب العبارات الغامضة .
4- عدم الأخذ بآراء الغير وما يطرحونه من أدلة وبراهين ومستندات على أنها و ما تحويه حقائق مسلم بها ، وإنما عليه أن يتناولها بالفحص والتدقيق ، إذ كثيرا ما تكشف الدراسة المتعمقة عن عدم صحة تلك الأدلة أو بطلانها أو وجود أدلة وقرائن مضادةتدحضها ، وقد تكون بعض المستندات مزورة كلية أو فى جانب منها ، أو مستخدمه فى غيرما أعدت له .
5- عدم التسرع فى إصدار الأحكام والأراء إلا إذا امتلك الدليل والبرهان على ما يعتقد بصحته أو يوقن بخطئه ، موقنا فى قرارة نفسه بأن ما يقوله صواب يحتمل الخطأ ، وإن ما يقوله خصمه خطأ يحتمل الصواب ، فعليه إذا أن يؤهل نفسه بالدراسة والتدقيق لأن يكون قوله هو الصواب ، وأن يمحص قول غيره عساه يتبين نواحي الخطأ فيه ليستثمره فى مذكرته مقيما الدليل عليه.
6- ألا يكتفي بمعرفة جزئية أودليل فردى أو منقوص ، وإنما عليه أن يناول موضوعه بكافة جوانبه ومناقشة كافة الأدلةدون اجتزاء توصلا إلى رؤية واضحة و جلية تمكنه من امتلاك ناصية الصواب فى بحثه .
7- مراعاة الدقة فى توثيق مصادره ومستنداته وأدلته ومجليا لها فى مذكرته بحيث يتمكن المتلقي لها من التعرف عليها والاستيثاق من صحتها .
8- مراعاة أن تكون الوقائع والمستندات والأسباب والأسانيد الواقعية والقانونية التى يتساند إليها مؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها فى تسلسل منطقي ، وأن تكون تلك النتيجة مستخلصةاستخلاصا سائغا من تلك المقدمات .


ثانيا : المرحلة السابقة على صياغة المذكرة :

بعد أن بين أهم الصفات العامة التى يجب أن يتحلى بها الباحث بصفة عامة والقانوني بصفة خاصة ، نأتي إلى مرحلة بالغة الأهمية وهى المرحلة السابقة على صياغة المذكرة ، وتبدأ من وقت عرض موضوع ما عليه لإعداد مذكرة أو بحث قانونى بعينه ، وهنا يتعين على الباحث القيام بالاتى :
1- دراسة وقائع الموضوع من كافة جوانبه دراسة متأنية والغوص فى أعماقها بموضوعية وحيادية ، و ما يتعلق بها من أدلةوبراهين ومستندات.
2- الرجوع إلى النصوص القانونية التى تنظم تلك الوقائع وآراء فقهاء القانون بشأنها وعدم الاقتصار على قراءة رأى فقهي واحد ، وأن تكون هذه القراءات فى مؤلفات مشاهير الفقهاء ، ثم المستقر عليه فى أحكام القضاء العالي ( نقض /دستورية عليا /إدارية عليا )، وهذه هى الأسلحة الاستراتيجية الضرورية لأى باحث قانونى .
3- إجراء المناقشات التى يرى ضرورتها مع ذوى الشأن التى تعد المذكرة تحقيقا لصالحهم ، لإستجلاء ما غمض من وقائع أو خفي من مستندات أو أدلة ، وأن يدون ذلك فى ملاحظات جانبية .
4- بعد ذلك لا شك أن الباحث يكون قد تفهم وبعمق موضوعه، وعليه حينئذ ترتيب وقائعه ومستنداته ترتيبا تاريخيا مناسبا لتلك الوقائع، وأن يحاول توقع ما قد يثيره خصمه من دفوع ودفاع مضاد – (مفترضا عدم جهل خصمه أو سذاجته، وواضعا فى اعتباره فطنة من ستقدم إليه المذكرة ) - مهيئاً نفسه للرد على ما قديصار من الخصم أو ممن تقدم إليهم المذكرة 0
وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة الدعوىالقضائية شأنها شأن المذكرة القانونية – وان كانت الأخيرة عادة ما تكون أكثراستفاضة بالنظر لتناولها بالشرح والتفنيد والاستدلال لما قد يوجز فى الصحيفة أوللرد على صحيفة أو مذكرة الخصم أو تقارير الخبراء - وعادة ما تندرج المذكراتالقانونية تحت واحدة أو أكثر مما يلى :-

1- مذكرة بإبداء رأى قانونى
2- مذكرة بطلب مقدم لسلطة عامة مختصة
3- مذكرة مقدمة لمكتب خبراء
4- مذكرة مقدمة عن مدع فى دعوى مدنية
5- مذكرة مقدمة بدفاع متهم فى جنحه
6- مذكرة بدفاع متهم فى جناية أموال عامة
7- مذكرة فى طعن بالنقض عن مطعون ضده

8- صحيفة طعن بالنقض عن طاعن
9- مذكرة فى تحكيم
10ـ غير ذلك((الخ ))

: الإطار العام الذى يتعين أن تشتمل عليه المذكرة من الناحية الشكلية :

�يجب أن تشتمل المذكرة على البيانات الآتية :

1- الجهة التى ستقدم إليها ، فان كانت محكمة يذكر اسم المحكمة ورقم الدائرة .
2- اسم مقدم المذكرة وصفته و ما إذا كان مدع أو مدع عليه .
3- اسم الخصم وصفته وما إذا كان مدع أو مدع عليه .
4- رقم القضية وسنتها والجلسة المحددة لنظرها .
5- وقائع النزاع فى تسلسل منطقي مدعما بالمستندات ان وجدت .
6- تفنيد تلك الوقائع والمستندات ومدلولها .
7- النصوص القانونية ذات الصلة .
8- المستقر عليه فقها وقضاءا فى شأن النصوص القانونية وما قد يكون هناك من سوابق قضائية فى مثل هذه الحالة والتى تدعم وجهة نظر الباحث وطلباته ، مع تحديد تلك المراجع ( رقم الحكم ، وسنته، والمحكمة التى أصدرته، وتاريخ صدوره ) وبالنسبة للمراجع الفقهية (ذكر اسم المرجع، ومؤلفه، وسنة الطبع، ورقم الصفحة أو الصفحات المنقول منها الرأى ).
9- مقتضى إنزال النصوص القانونية والمستقر عليه فقهاوقضاءاً على وقائع النزاع وأسانيده .
10- الطلبات الختامية .




















كيف تكتب المذكرة فىصياغة قانونية فنية ؟

للاجا به على هذا السؤال يتعين أن نجيب علىسؤال آخر هو ، لمن ستقدم هذه المذكرة أو لأى محكمة ستقدم ؟ ومن صاحبها ؟
ذلك أنالأمر يختلف اختلافا جذريا فى المذكرات إلى جهات غير قضائية وتلك التى تقدم إلى المحاكم وهذه تختلف فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم المدنية عنها فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم الجنائية على التفصيل الذى سيأتي بعد :

أولا : فى الدعاوى المدنيـــــــــة :

وفيها نفرق بين :
أ – المذكرات التى تقدم من المدعى والمدعى عليه
ب-المحكمة التى ستقدم إليها ودرجاتها ( الابتدائى والاستئناف )
أما الطعن بالنقض فانه يختص بقواعد يجب الالتزام بها فإذا حاد عنها كاتب المذكرة يتعرض للبطلان .
1- المذكرات التى تقدم من المدعى أو المدعى عليه أمام المحاكم الابتدائية ( أولى درجة ) :
وقبل أن نتناول مذكرة المدعى لا بد من التعرض لصحيفة افتتاح الدعوى فهي بمثابة مذكرة يجب أن تتضمن شرحا وافيا لموضوع الدعوى مؤيدا بالمستندات التى يجب أن تنطوى عليها الحافظة التى تشفع بالمذكرة .
وتكون هذه المذكرة جامعة مانعة للدرجة التى قد تغنى عن الكتابة أثناء نظر الدعوى .
وجدير بالذكر أنه يجب إيراد نصوص القانون المنطبقة والاستشهاد بأحكام محكمةالنقض فيما أوردته من وقائع وأن تنزل عليها حكم هذا القانون وتلك الأحكام .

فإذا قدم المدعى عليه مذكرة ، هنا يجب عليه أن يقدم المدعى مذكرة يرد فيهاعلى ما انطوت عليه مذكرة المدعى عليه من مغالطات سواء فى واقع الدعوى أو فى إنزال لحكم القانون عليها وذلك حسب ما ورد بالمذكرة المعنية .

2- مذكرة المدعى عليه :

تبدأ المذكرة بإبداء ما نراه من دفوع قد تكون شكلية مثل الدفع بعدم الاختصاص المحلى أو الدفع، بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ، أو عدم الاختصاص القيمي ...وقد تكون موضوعية مثل الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مع إيراد الدليل على صحة الدفع ، وما إلى ذلك من دفوع حفل بها قانون المرافعات وللبحث فيها مجال آخر ونكتفي هنا بالقول أنه يتعين على المحامى الإلمام بهذه الدفوع والاسترشاد فيما يكتب بنصوص القانون وما هو مقرر فى أحكام محكمة النقض إذا كان النزاع مطروحا أمام القضاء العادي أو أحكام المحكمةالإدارية العليا إذا كان مطروحا أمام القضاء الادارى ... ثم نتناول الرد على ماتضمنته صحيفة الدعوى فى موضوعها أو من حيث التطبيق القانونى، أى إنزال حكم المبادئ القانونية الصحيحة على الواقعة، وشرح ما قد يكون المدعى قد انزلق فيه من تحريف للموضوع وبيان عدم انطباق المبادئ القانونية التى استند إليها المدعى فى صحيفة دعواه أو فى المذكرات التى تقدم بها لاحقا ، وتفنيد الحجج التى تساند إليها وإظهارالوجه الصحيح للحق فى الدعوى .

ب- : المذكرات التى تقدم من المستأنف أو المستأنف ضده فى الاستئنــاف :

لا بد بداءة أن نضع فى الاعتبار أن الاستئناف هو طعن على حكم صادر من محكمة أول درجة لم يرتضيه من صدر ضده الحكم كلياً أو جزئياً ، وقد يكون من صدر ضده الحكم هو المدعى أو المدعى عليه أمام أول درجة .... فهنا يكون كمن لم يرتض هذا الحكم الطعن عليه بالاستئناف .

ا- المستــأنف :

يتعين أن تكون صحيفة الاستئناف مشتملة على جميع المطاعن التى يمكن توجيهها إلى الحكم المستأنف .
فإذا كان المستأنف هوالمدعى أمام محكمة أول درجة فعليه أن يهاجم الحكم لعدم أخذه بالأدلة والمستندات التى سبق طرحها على محكمة أول درجة بالرغم من وضوحها وقطعية دلالتها على الحق الذى رفعت به الدعوى والرد على الحجج التى ساقها المستأنف ضده (المدعى عليه أمام محكمةأول درجة )، ويمكن الاستعانة فى هذا الشأن بما عساه أن يكون قد تناوله فى المذكرات المقدمة الى محكمة أول درجة مع التأكيد على النقاط المهمة فيه أو اعادة شرحها بأسلوب أوضح ويمكن تعزيز وجهة النظر بمزيد من المستندات التى تدحض ما ذهب اليه الحكم المستأنف .

وإذا كان المستأنف هو المدعى عليه أمام محكمة أول درجة فانه يتعين أن تشتمل صحيفة استئنافه على الرد على ما ساقه الحكم المستأنف من أسباب تساند إليها فى قضائه ، وكذا الرد على حجج المدعى فى الدعوى ، وأخص بالذكر ما قدم من مستندات، وفى الجملة الرد على أسباب الحكم وحجج المدعى ( المستأنف ضده) سواءأكانت تلك الحجج قد وردت فى صحيفة دعواه أم فى مذكراته .

ب- المستأنف عليــــــــــه :

يبدأ المستأنف عليه بعرض
موجز لوقائع الدعوى ويمكنه أن يستعين بما أورده الحكم المستأنف فى شأنها وينتقل بعدذلك إلى الدفوع التى يرى إبداؤها ومنها ما هو شكلي مثل الدفع بسقوط الاستئناف
للتقرير به بعد الميعاد أو الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة أوموضوعيا مثل الدفع ببطلان الاستئناف لتحقق سبب من أسبابه .
وينتقل كاتب المذكرة بعد ذلك إلى الرد على صحيفة الاستئناف بأن يتناول كل سبب من الأسباب بالرد عليه بمايدحضه سواء من حيث واقع الدعوى أو ما يكون تردى فيه من مغالطات قانونية .
فبالنسبة لواقع الدعوى فأن المستندات هى القول الفصل فيها وعلى ذلك ينبغي شرحالمستندات التى تؤدى الى تعزيز وجهة نظر المستأنف عليه. وإذا أمكن الاستعانة بمستندات جديدة أو طلب ضم محضر أو قضية فيها ما يعين على توضيح وتعزيز ما دفاعه .
وبالنسبة للمبادئ القانونية فيعاد شرحها مع الإشارة الى ما سبق تناوله أمام محكمة أول درجة والإحالة عليه.... وإبراز حكم النقض المنطبق على واقع الدعوى حتى لوكان وقد سبق إيراده فى المذكرات أمام محكمة أول درجة .
والدفاع عن الحكم المستأنف فيما أورده من أسباب تؤدى الى النتيجة التى انتهى إليها .
وفى كلتاالحالتين أى سواء أكانت المذكرة مقدمة من المستأنف أم المستأنف عليه يجب أن تتعرض لوقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل ودون إطناب يدخل الملل على قارئها .

وأخيراإذا كانت المذكرة ردا على الدعوى أو ردا على مذكرة قدمت فيها فيجب أن يكون الردهادئا مدعما بالمنطق والقانون وأحكام النقض دون التدني إلى ألفاظ التى قد يعتبرهاالخصم إهانة له ... فالاحتكام فى النهاية والغلبة للمنطق السليم وصحيح القانون ...

ثانيا :- فى الدعاوى الجنائيـــــــــــة :-

وفيها يختلف الأمر عما إذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح بدرجتيها (جنح ، جنح مستأنفة ) أم إلى محكمة الجنايات .
ومع ذلك هناك ثوابت لاتحيد عنها فى الأمرين ذلك انه لابد من إبداء الدفوع أولا قبل الخوض فى الموضوع وعلى الأخص الدفوع المتعلقة بالبطلان إذا ما وسعته الدعوى سواء كان البطلان متعلقابالتفتيش أو الإذن به أو شخص من قام به ...الخ ...
ثم التعرض إلى لوقائع الدعوى مستخلصا من المحاضر التى ضبطت فى شأنها دون تحريف أو مغالطة حتى تكسب احترام القاضي، وبعد ذلك الانتقال إلى مناقشة الدليل فى الدعوى وهنا يختلف الأمر عما إذاكانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنايات عنها إذا ما كانت مقدمة إلى محكمة الجنح .

المذكرة المقدمة إلى محكمة الجنايات :

تقدم النيابة العامة قائمة بأدلة الإثبات التى رأت أن فيها الدليل على الاتهام الذى قدمت به المتهم إلى المحاكمة الجنائية .
وهنا يجب علينا أن نناقش هذه الأدلة الدليل تلو الآخر ونستخلص من أوراق الدعوى ما يدحضها وقد نستعين بمستندات نقدمها إلى المحكمة تعزز ما ذهبنا إليه فى دفاعنا وبعدها أو قبلها حسب ظروف الواقعة علينا أن تناقش أركان التهمة أو الاتهامات المنسوبة إلى المتهم وبيان أن التهمة فاقدة لأحدأركانها والتركيز على شرح أهمية الركن الفاقد وعلى سبيل المثال قصد الاستيلاء على مال للدولة مصاحبا لفعل الاستيلاء أو الدليل على حسن النية فى بعض الجرائم ....الخ..
ولا يفوتنا مناقشة أقوال شهود الإثبات وتوضيح ما تناقضوا فيه من وقائع وأن هذا التناقد الحكم ببراءة المتهم وفى النهاية إسقاط أقوال هؤلاء الشهود وإنها بذلك لا تصلح دليلا فى الدعوى ويحسن إن يكون ذلك تحت عنوان بارز هو " مناقشةالأدلة " .
- وختام المذكرة التدليل على البراءة ...ثم الانتهاء إلى طلب ختامي وهوالحكم ببراءة المتهم ...

المذكرة المقدمة الى محكمة الجنح :

لا تختلف كثيرا عن المذكرة السابقة إلا فى أن النيابة العامة لا تقدم قائمة بأدلة الإثبات ولذلك عليك أن نستنبط بأنفسنا هذه الأدلة من محاضر الاستدلال والتحقيقات ، ونتناولها بالتفنيد، وفى هذا لا يختلف الأمر عنه أمام محكمة الجنايات من حيث مناقشة من سمعت أقواله ومناقشة أدلتها، وتختلف كل مذكرة عن الأخرى حسب موضوعا لتهمة وما أحاط بها وإذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح المستأنفة فعلينا مناقشة الحكم المستأنف وبيان أوجه العوار فيه وأخصها الفساد فى الاستدلال وبيان وجها لبطلان التى انطوى عليها ذلك الحكم .

ثالثا : فى مذكرة الطعن بالنقض :

يجب التنويه بداءة إلى أن الطعن بالنقض هو طريق غيرعادى للطعن على الأحكام و لا يترتب على سلوكه وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه سواءأكان الطعن على حكم صادر فى دعوى مدنية أم جنائية ، لأن الطعن بالنقض لا يجوز إلابالنسبة للأحكام النهائية الصادرة من محكمة ثانى درجة أو محكمة الجنايات بالنسبة للأحكام الجنائية وهى أحكام بطبيعتها واجبة النفاذ .

صدر القانون رقم 57لسنة 1959 شاملا أحكام الطعن بالنقض بصفة عامة، وانتظمت المواد من 1 إلى 29 منه حالات الطعن بالنقض فى المواد المدنية والتجارية ثم صدر القانون رقم 13لسنة 1968ونص على إلغاء المواد سالفة الذكر بالنسبة للأحكام الصادرة بعد تاريخ العمل بالقانون المذكور .. وانتظمت نصوص المواد 248 و ما بعدها منه إجراءات وحالات الطعن بالنقض .
ولما كان هذا البحث قاصراً على كيفية كتابة المذكرة التى تقدم إلى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها فإننا نحيل كل ما يتعلق بالإجراءات إلى القانونين سالفى الذكر وهما القانون رقم 57 لسنة 1959 م بالنسبة للمواد الجنائيةوالقانون رقم 13 لسنة 1968 م بالنسبة للمواد المدنية والتجارية ونورد الملاحظات التالية :
1- سبق أن قلنا " ان الطعن على الحكم بطريق النقض لا يترتب عليه وقف تنفيذه" الا أنه يجوز لمحكمة النقض أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتا لحين الفصل فى موضوع الطعن إذا طلب ذلك فى صحيفة الطعن ، وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ( المادة 251 مرافعات ) هذا بالنسبة للمواد المدنية والتجارية....
أما بالنسبة للمواد الجنائية فقد نصت المادة 36 مكرر من القانون رقم 57 لسنة 1959 على وجوب توافر شرطين لوقف التنفيذ هما :

الأول : أن يكون الحكم صادرا بعقوبة مقيدةأو سالبة للحرية أى لا يجوز الطعن بالنقض فى الأحكام التى اقتصرت العقوبة فيها علىالغرامة .
الثانى : أن يطلب الطاعن ذلك فى مذكرة أسباب الطعن .
الثالث : وهناك شرط ثالث كان قد أبدى أمام مجلس الشعب أثناء مناقشة المادة 36 ولكن الاقتراح لم يؤخذ به وهو أن يكون الحكم المطعون مرجح الإلغاء ، وبالرغم من ذلك بقى هذا الشرط قائما فى الواقع العملي ذلك لأنه بالنظر الى طبيعة عمل محكمة النقض فان ميعاد وقفالتنفيذ مؤقتا من عدمه يكون بالنظر إلى مدى رجحان إلغاء الحكم المطعون فيه .ولهذاشاع فى المذكرات التى يتقدم بها المحامون للطعن بالنقض أن يقرنوا هذا الشرط بطلب وقف التنفيذ ويقيمون الدليل عليه استخلاصا من أوجه الطعن المقدمة فى المذكرةوانتهاءا إلى انه بذلك يضحى الحكم المطعون مرجح الإلغاء .
2- يجب أن توقع المذكرة من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض وأن تكون صحيفة الطعن مشتملة على كافة أسباب الطعن ، وان تقدم فى الميعاد المنصوص عليه إذ لا يجوز إبداء أسباب جديدة بعد انقضاء هذا الميعاد (57 لسنة 1959) .
3- لا يقبل الطعن إلا فى الأحكام النهائية الصادرة من محاكم الدرجة الثانية أى لا يجوز الطعن بالنقض بالنسبة للموادالجنائية الا فى الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الدرجة الثانية أى لا يجوزالطعن بالنقض بالنسبة للمواد الجنائية فى الأحكام الغيابية أو الصادرة حضوريااعتباريا، والعبرة فى الأخيرة بحقيقة الواقع وليس بوصف المحكمة للحكم، فإذا كانتالمحكمة قد وصفت الحكم بأنه حضوريا فى حين أن الثابت من محاضر الجلسات أن المتهم قدحضر الجلسة الأولى فقط ولم يبد ثمة دفاع فتأجل نظر الدعوى ولم يحضر المتهم فان قضاءالمحكمة فى الدعوى يكون فى حقيقته حضوريا اعتباريا بغض النظر عن وصف المحكمة له - فإذا لم يستعمل المتهم حقه فى الطعن على الحكم بالمعارضة فانه لا يحق له من بعدالطعن بالنقض...
4- فى حالات الطعن فى المواد المدنية والتجارية يجب على الطاعن إيداع كفالة طبقا لنص المادة 254 مرافعات وإيداع صور من صحيفة الطعن طبقا للمادة 255 المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 ،218 لسنة 1980 م..

وللمطعون ضده أن يقدم مذكرة بدفاعه وفقا لما جرى به نص المادة 258 مرافعات وللطاعن الرد عليه طبقاللفقرة الثالثة من نفس المادة .

5- القاعدة الأساسية أن النقض إنما بحكم الحكم أى تنظر محكمة النقض فيما إذا كان الحكم المطعون فيه قد التزم القانون فهماوتطبيقا ولم يخرج عن واقع الدعوى المطروحة مع مراعاة الإجراءات التى نص عليهاالقانون وترتيبا على ذلك فان مذكرة الطعن بالنقض يجب أن تنصب على ما سطره الحكم المطعون عليه من أسباب .

نعود إلى كيفية كتابة المذكرة:

أ�- في الموادالمدنية والتجارية.

تبدأ المذكرة فى سرد وقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل بداً من صحيفة الاستئناف وأسبابه والحكم فيه مع عرض ملخص لما قدمه الطرفان من مستندات .
إن الطعن بالنقض يجب أن ينصب على الحكم الصادر فى الاستئناف دون الحكم الأبتدائى إلا فيما أحال به الأول على الأخير، فهنا يصبح الحكم الابتدائى جزءا من الحكم الاستئنافى فيما إحالة هذا الأخير عليه ويكون بذلك محلاً للطعن فتوجه إليه المطاعن فيما إنزلق إليه من بطلان وخلافه .
وعندما يكون وجه الطعن موجها إلى الحكم الابتدائى فيما أصابه من بطلان نقول " أنه لما كان الحكم المطعون فيه (الحكم الاستئنافى) قد أيد الحكم الابتدائى فقد استطال إليه البطلان بما يستوجب نقضه"
وإذا كانت المذكرة من المطعون ضده فانه بعد إيراد الواقعة فى إيجاز نتناول مذكرة الطعن المقدمة من الطاعن وتفنيد كل ما جاء بها مع الدفاع عن الحكم المطعون فيه وبيان موافقته لصحيح القانون والواقع .

ب- في المواد الجنائية:

-
نفس القاعدة وهو أن الطعن يوجه إلى الحكم الصادر من محكمة الدرجة الثانية وذلك فى موادالجنح ولكن بل غالباً مع تساند الحكم الاستئنافى إلى الحكم المستأنف ويحيل عليه دون أسباب جديدة وهنا تكون أسباب الطعن متعلقة بما شاب الحكم الابتدائى من أوجه بطلان استطالت إلى الحكم الاستئنافى ( المطعون فيه) الذي أيده .
- وهنا يجب التنويه إلى أمر هام وهو انه إذا كان المتهم مفرجاً عنه فإن عليه أن يقدم نفسه لمحكمة النقض قبل نظر الدعوى ويكفى أن يقدم نفسه فى اليوم المحدد لنظر الدعوى وقبل انعقاد الجلسة .
وآيا ما كان الأمر فانه ينبغي على كاتب المذكرة أن يتحرى أوجه البطلان فى الحكم سواء من حيث الشكل أو الموضوع .
- فبالنسبة للشكل يجب مراقبة تشكيل المحكمة حسبما هو ثابت فى ديباجة الحكم وتحرى هذا التشكيل فيما إذا كان هو نفسهالذى سمع الدعوى وباشر إجراءاتها وقام بالنطق بالحكم وكذا ينبغي مراجعة الإجراءات التى اتبعتها المحكمة وهل أغفلت ما نص عليه القانون مثل فض الإحراز وإعادة التحريز فى مواجهة المتهم والإطلاع على الورقة المزورة واثبات فحواها .. إلى غير ذلك من إجراءات نص القانون على وجوب إتباعها وإغفالها يترتب عليه بطلان الحكم .
إن مذكرة الطعن يجب أن تشتمل على وقائع الدعوى والحكم أو الأحكام التى صدرت فيها ثماوجه الطعن إجمالاً على الحكم الأخير – على ما سبق بيانه ، وبعدها بيان كل وجه على حده واضعا له العنوان الذى يلائمة ومثال ذلك :
حاصل وجه الطعن القصور فىالتسبيب أو مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقة وكذا الخطأ فى الإسناد والفساد فىالاستدلال، ويمكن أن يشتمل العنوان على وجهين أو أكثر.
- ثم تتطرق إلى شرح وجها لطعن مع الاسترشاد بحكم النقض المناسب أو أكثر من حكم .
- ثم إنزال حكمه على ما ورد فى الأسباب وصولاً إلى التقرير ببطلان الحكم .
- وفى النهاية طلب وقفا لتنفيذ وبيان الاسباب التى يمكن الاستناد إليها فى هذا الطلب

ليست هناك تعليقات: