بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

27 أغسطس 2011

الزنا ليس جريمة في القانون المصري الوضعي


هل تصدق هذا ؟
نعم والله أخي الكريم ان الزنا ليس جريمة في قانون العقوبات المصري .
ان الزنا من كبائر الذنوب في شريعة رب العالمين و الزاني لا يخلو من حالتين اما أن يكون بكرا غير متزوج فحده الجلد مائة والتغريب سنة ( مع الخلاف بين العلماء في مسألة التغريب ) وان كان محصنا فحده الرجم حتى الموت
قال تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) آية 2 سورة النور
وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ (
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عام ) رواه البخاري
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: جلس عمر – رضي الله عنه- على المنبر، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد: فإن الله بعث محمداً – صلى الله عليه وسلم- بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها ووعيناها وعقلناها، رجم رسول الله – صلى الله عليه وسلم-،ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أوكان الحبل أو الاعتراف"،وقوله: كان مما أنزل الله آية الرجم، المراد بهذه الآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ) .
هذا حكم الزنا وعقوبته في الشريعة الاسلامية سواء كان الزاني أو الزانية متزوجا أو محصنا فلكل عقوبتها .
فما حكم الزنا وعقوبته في قانون العقوبات المصري ؟
ان من أشهر جرائم الزنا في وقتنا الحاضر التي لم يعاقب عليها القانون تلك التي انتشرت عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة عن ذلك الشاب الممثل والذي قامت احدى الفتيات وأهلها برفع دعوى لاثبات بنوة طفلة هي نتاج علاقة محرمة بينهما وبرغم اقرار الشاب والفتاة بل وأهلها بوجود تلك العلاقة على مرأى ومسمع من العالم كله وأمام القضاء الا أنهما لم يسألا قانونا ولم يعاقب الشاب والفتاة عن تلك الجريمة ألا وهي جريمة الزنا لماذا لأن الفتاة لم تدعي اغتصابها وانما كان الزنا برضاها فلا جريمة في القانون وانما كان الموضوع كله هل هذه الطفلة هي ابنة لهذا الشاب أم لا ؟ ( طيب وأين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر )
ان الزنا في القانون المصري نوعان لا ثالث لهما ولكن ليس كما في الشريعة أولهما زنا المرأة المتزوجة ويثبت بطرق حددها القانون على سبيل الحصر منها حالة التلبس ووجود رجل غريب في منزل الزوج وفي حالة ثبوته لا يتخذ إجراء حيال الزوجة الزانية وشريكها في جريمة الزنا إلا بشكوى صريحة من الزوج ويكون للزوج في أي وقت التنازل عن شكواه وليس للنيابة العامة تحريك الدعوى الا بشكوى من الزوج حتى وان ضبطا متلبسين بالفعل
والنوع الأخر زنا الرجل المتزوج في منزل الزوجية فقط أي أن زنا الزوج خارج منزل الزوجية لا يجرمه القانون المصري.
ولا يتخذ أي إجراء في مواجهة الزوج ومعه شريكته في جريمة الزنا في منزل الزوجية الخاص بالزوج إلا بناء على شكوى صريحة من زوجته ولها أيضا أن تتنازل عن شكواها في أي مرحلة وبالتالي تتوقف الإجراءات القانونية .
واليك نصوص قانون العقوبات المصري في موضوع الزنا :
مادة 267 :-
من واقع انثى بغير رضاها يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة . ( لاحظ بغير رضاها فان كان برضاها فلا جريمة ولا عقوبة )
مادة 273 :-
لا تجوز محاكمة الزانية الا بناء على دعوى زوجها الا انه اذا زنى الزوج فى المسكن المقيم فيه زوجته كالمبين فى المادة 277 لا تسمع دعواه عليها .
مادة 274 :-
المرأة المتزوجة التى ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها ان يقف تنفيذ هذا الحكم برضائة معاشرتها كما كانت .
مادة 275 :-
ويعاق ايضا الزانى بتلك المرأة بنفس العقوبة .
مادة 277 :-
كل زوج زنى فى منزل الزوجية وثبت عليه هذا الامر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور .
مادة 278 :-كل من فعل علانية فعلا فاضجا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه .
مادة 279 :-
يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع امرأة امر مخلا بالحياء ولو فى غير علانية .
ثانيا - أليس تحريم الخمر في شريعتنا الاسلامية أمر مقطوع به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة90
فلماذا أجاز القانون شربها قي بعض الأماكن وأن عاقب على شربها في غيرها ( مع التحفظ على العقوبة أيضا لأنها تخالف حدا من حدود الله )
أنظر كيف يجيز القانون شرب الخمور في الأماكن السياحية حيث نص في المادة 2 من قانون الخمر :
مادة 2
يحظر تقديم أو تناول المشروبات الروحية أو الكحولية أو المخمرة في الأماكن العامة أو المحال العامة ، ويستثني من هذا الحكم.
(أ*)الفنادق والمنشآت السياحية المحددة طبقا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن الفندقية والسياحية .
(ب*)الأندية ذات الطابع السياحي التى يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة طبقا لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة.
فبالله ألا يوجد تعارض هنا بين الشريعة الاسلامية الغراء وذاك القانون الوضعي البغيض
ثالثا : هل تسقط الحقوق في الشريعة بالتقادم أي بمرور زمن معين ؟ وأيضا هل تسقط العقوبة ( الحدود ) في الشريعة بهذا التقادم ؟
-ان الحقوق المقررة في الشريعة الاسلامية لا تسقط بالتقادم، ومن صدرت منه جريمة متعلقة بمال مسلم أو عرضه لا تسقط المطالبة بها بسبب طول الزمن بل الواجب طلب العفو من صاحب الحق أو أداء المال إليه إن كان الحق ماليا لقوله صلى الله عليه وسلم ( من كانت له مظلمة لأحد من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لايكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)رواه البخاري وغيره
-وإن كانت الجريمة متعلقة بحد من الحدود الشرعية كالزنى أو قتل نفس معصومة أو جرحها فالواجب تطبيق ذلك الحد الشرعي ولا يجوز تعطيله ولو هرب الجاني ولجأ إلى البيت الحرام، قال الشيخ الخراشي المالكي في شرحه لمختصر خليل : وإذا لزم الجاني قصاص في نفس أو جرح ثم دخل الحرم فإنه لايؤخر لأجل ذلك ويقام عليه الحد في الحرم لأنه أحق أن تقام فيه حدود الله تعالى-وإن كان الأمر يتعلق بمن يمارس الحرابة بقطع الطريق على الناس بالقتل والإخافة وأخذ الأموال فهذا إن تاب قبل القدرة عليه بأن جاء تائبا من تلقاء نفسه فيسقط عنه حق الله تعالى بالتوبة كما قال (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْيُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم )المائدة:33
-(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌرَحِيمٌ )آل عمران89
قال الإمام ابن كثيرفي تفسيره :
وأماالمحاربون المسلمون فإذا تابوا قبل القدرة عليهم فإنه يسقط عنهم انحتام القتل والصلب وقطع الرجل وهل يسقط قطع اليد أم لا فيه قولان للعلماء وظاهرالآية سقوط الجميع وعليه عمل الصحابة. انتهى
-أما حقوق الآدميين فلا تسقط عن المحارب ولو جاء تائبا قبل القدرة عليه قال ابن قدامة في المغني: فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم سقطت عنهم حدود الله وأخذوا بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح والأموال إلا أن يعفى لهم عنها، لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأبو ثور والأصل في هذا قول الله تعالى: [إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ](المائدة: 34)
-فعلى هذا يسقط عنهم تحتم القتل والصلب والقطع والنفي ويبقى عليهم القصاص في النفس والجراح وغرامة المال والدية لما لا قصاص فيه
-وأما في القانون الوضعي فهناك مدد حددها قانون العقوبات لسقوط الجرائم و العقوبات وتختلف مدة السقوط اذا ما كانت جنحة أو جناية
وفي القانون المدني هناك مايسمى بالتقادم المكسب أي الذي يكسب حقا بمضي مدة وكذا تقادم مسقط أي يسقط حقوقا معينة بمضي مدة محددة خمس سنوات أو أكثر وتختلف باختلاف نوعية الحقوق والدعاوى
-من ذلك مثلا : مادة 187 ( تسقط دعوى استرداد مادفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه فى الاسترداد . وتسقط الدعوى كذلك فى جميع الاحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذى ينشأ فيه هذا الحق
-مادة 180 تسقط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه فى التعويض ، وتسقط الدعوى ، كذلك فى جميع الاحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذى ينشأ فيه هذا الحق
-مادة374 يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات ورد عنها نص خاص فى القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية :
م375 (1) يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولوأقر به المدين ، كأجرة المبانى والأراضى الزراعية ومقابل الحكر ، وكالفوائد والايرادات المترتبة والمهايا والأجور والمعاشات .(2) ولا يسقط الريع المستحق فى ذمة الحائز سئ النية ، ولا الريع الواجب على ناظر الوقف أداؤه للمستحقين الا بانقضاء خمس عشرة سنةم376 تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين ، على ان تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما ادوه من عمل من اعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات
رابعا- في الاسلام لا يجوز للدائن أن يأخذ أكثر من الدين المستحق له على المدين حتى لو تأخر المدين عن ميعاد الوفاء لأن ذلك من الربا والله عز وجل حرم الربا-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران130 والآيات كثيرة في كتاب ربنا في تحريم الربا
-بل وندب الاسلام الى انظار المعسر وذلك بعد آيات تحريم الربا مباشرة قال تعالى {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }البقرة280-
أما في القانون المدني المصري فقد أجاز أخذ فوائد تأخير اذا تأخر المدين عن السداد في الوقت المحدد
مادة 226 :
اذا كان محل الألتزام مبلغا من المال وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به , كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها اربعة فى المائه فى المسائل المدنية وخمسة فى المائة فى المسائل التجارية . وتسرى الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها , ان لم يحدد الأتفاق او العرف التجارى تاريخا اخر لسريانها وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره .
وهذا الأمر أي فوائد التأخير معمول بها في جميع القوانين المصرية تقريبا .
وهذه أمثلة بسيطة للتدليل على التعارض الشديد بين القانون الوضعي وشريعة رب العالمين والا فالموضوع طويل والأمثلة كثيرة جدا تكاد تغطي جميع فروع القانون لواستطردنا في ذكرها .
لكن هذا الرجل و حتى يقفل الباب على من يسأله عن الحدود وتطبيقها قال بأننا في عصر شبهة ولا يجوز تطبيق الحدود في مثل هذا العصر
ولا أدري من أين له بهذا الكلام فعن أي شبهة يتحدث وهل السرقة والزنا وشرب الخمر والقتل وغيرها من جرائم الحدود اذا ثبت ارتكابها من فاعلها ما الذي يمنع من اقامة حكم الله عليه ؟ وما الشبهة عند من يزني ويشرب الخمر ويقتل أوكان محاربا للمسلمين ؟
ان اقامة الحدود تطهير لمرتكب الكبيرة من ذنبه وردع لضعاف النفوس من ارتكاب الموبقات المهلكات
فان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن
ان الأمر يكون شبهة لو كان هناك خلاف بين أهل العلم في حرمته من عدمها . أو لم تقم الأدلة على ارتكاب الفاعل ولم يعترف ( ادرأوا الحدود بالشبهات ) . كما وأن العقوبات المقررة في قانون العقوبات الوضعي لا تقوم أبدا مقام الحدود المقررة في الشريعة وليست رادعة فأغلبها اما حبس أوسجن مهما طالت مدته فهو غير رادع لمن تسول له نفسه الاقدام على الجريمة هذا بالاضافة الى أن العقوبة المقررة في الشريعة منزلة من عند رب العالمين الذي خلق النفس البشرية ويعلم سبحانه ما يردعها ويزجرها ويكفي أن يستقر في نفس مرتكب الجريمة أن تلك عقوبة الرب سبحانه في الدنيا على ما جنت يداه ناهيك عن أن تفويت اقامة الحد الشرعي وتطبيق العقوبة المقررة في القانون الوضعي تفوت على العبد المسلم الذي ضعفت نفسه وارتكب الفعل المجرم شرعا تفوت عليه تطهيره من هذا الذنب في الدنيا قبل الآخرة .

ليست هناك تعليقات: