بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

09 يونيو 2011

الرهن الرسمي في الفقة الاسلامي

يعتبر الرهن من أقدم ضمانات العقود التي عرفها التاريخ ولا يزال أهمها إلى وقتنا الحاضر ،والفقه الغربي طور فكرة الرهن من خلال نظرية الحقوق العينية فاعتبر الرهن حقاً عينياً للمرتهن ،وأيضاً خلق نوعاً آخر من الرهن لا يلزم منه حيازة المرتهن للرهن كي يضمن حقه بل ابتدع التسجيل الرسمي للرهن لدى جهة مخولة تثبت الرهن دون الحاجة إلى أن ينتزع من مالكه الراهن .

نظرية الحق في الفقه الغربي وما تفرع عنها من تقسيم تحتاج إلى مقام آخر لأتحدث عنها ، وسأتطرق اليوم إلى ( الرهن الرسمي أو المسجل أو العيني ) من خلال الفقه الإسلامي وهل يتعارض مع نظرية الرهن لدى الفقهاء المسلمين أم يصح أن يدخل في أحكام الرهن دون أن يخل بأساس عقد الرهن في نظرة الفقهاء المسلمين.



في الفقه الغربي:

أهم ركيزة ينبني عليها الرهن الرسمي في الفقه الغربي هو الشكلية ، ويقصد بشكلية العقد هو اشتراط القانون بالإضافة إلى تلاقي إرادة الطرفين ( الرضائية ) شكلا معيناً ، فلا يصح العقد بدون هذا الشكل ولا ينعقد ، أو يكون المقصود بهذا الشكل هو لنفاذه في حق الغير ، أو لتنبيه المتعاقدين بخطورة التعاقد.

فعقد الرهن لا ينعقد إلا بشكلية التسجيل لدى الجهة المختصة ، وبدون التسجيل لا وجود لعقد رهن رسمي .



في الفقه الإسلامي:

بتأملنا في عقد الرهن الوارد في الفقه الإسلامي نجده اعتبر الرضائية كركن وحيد ينعقد به عقد الرهن عموماً ، لكنه اشترط شكلية معينه للزومه فيما يتعلق بالمتعاقدين وبالتالي نفاذه في حق الغير .



ما هو الشكل الوارد في الفقه الإسلامي ؟

الشكل الوارد في الفقه الإسلامي هو القبض فإن الرهن يشترط للزومه القبض، وهذا هو الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، القول الثاني: إنه لا يشترط للزوم الرهن القبض، وإنما يلزم الرهن بمجرد العقد, وهذا هو مذهب المالكية .

فإذا اعترفنا أن الفقهاء أقروا نوعاً من الشكلية للزوم هذا العقد وهي القبض ، فالقبض في عهدهم هو الوسيلة الوحيدة لضمان حماية حق المرتهن واستيفاء حقه من الرهن إذا تأخر الراهن ، فإن التطور أظهر لنا وجود شكليات أخرى أيضا لها دور قد يكون أعظم لإثبات حق المرتهن وهو التسجيل لدى كتابات العدل بكون العين مرهونة ، وتأخذ حكم شكلية القبض بمعنى أن الرهن الرسمي لا يلزم المتعاقدين إلا بعد تسجيله وأيضا لا ينفذ في حق الغير بطبيعة الحال.



ونجد أن هذه النظرة في الفقه الإسلامي لم تتطور كما تطورت في قبض المبيع والتي تعتبر شكلية لصحة تصرفات معينة لا تجوز إلا بعد قبض المبيع ، فإن الفقهاء المعاصرين كيفوا التسجيل بالنسبة لكثير من المبيعات مثل العقار والسيارات يعتبر من قبيل القبض ، وهم بهذا التكييف عالجوا واقعة معينة ولم يأصلوا لاستبدال شكلية القبض بشكلية أخرى تأخذ حكمها ألا وهي التسجيل ، فالحاصل أنه يمكن الاستدلال بتوجه الفقهاء المعاصرين ونظرتهم للتسجيل فيما يتعلق بقبض المبيع وتطويره وتنزيله على قبض الرهن والله أعلم ....



وأترككم مع هذين النقلين :

1) قال في كشاف القناع : (( ( وَصِفَةُ قَبْضِهِ ) أَيْ : قَبْضِ الرَّهْنِ ( ك ) صِفَةِ قَبْضِ ( مَبِيعٍ فَإِنْ كَانَ ) الرَّهْنُ ( مَنْقُولًا فَقَبْضُهُ نَقْلُهُ ) كَالْحُلِيِّ ( أَوْ تَنَاوُلُهُ ) إنْ كَانَ يُتَنَاوَلُ كَالدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا ( مَوْصُوفًا كَانَ ) الرَّهْنُ ( أَوْ مُعَيَّنًا كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ وَصُبْرَةٍ وَإِنْ كَانَ ) الرَّهْنُ ( مَكِيلًا ف ) قَبَضَهُ ( بِكَيْلِهِ أَوْ ) كَانَ ( مَوْزُونًا ف ) قَبَضَهُ ( بِوَزْنِهِ أَوْ ) كَانَ ( مَذْرُوعًا ) فَقَبَضَهُ ( بِذَرْعِهِ أَوْ ) كَانَ ( مَعْدُودًا ف ) قَبَضَهُ ( بِعَدِّهِ وَإِنْ كَانَ ) الرَّهْنُ ( غَيْرَ مَنْقُولٍ كَعَقَارٍ ) مِنْ أَرْضٍ وَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ .

( وَ ) ك ( ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَزَرْعٍ فِي أَرْضٍ ف ) قَبَضَهُ ( بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُرْتَهِنِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ . 10/95



2) قال صاحب شرح منتهى الإرادات : ( وَلَا يَلْزَمُ رَهْنٌ إلَّا فِي حَقِّ رَاهِنٍ ) ؛ لِأَنَّ الْأَحَظَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَلَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ كَالضَّمَانِ بِخِلَافِ مُرْتَهِنٍ ؛ لِأَنَّ الْأَحَظَّ فِيهِ لَهُ وَحْدَهُ فَكَانَ لَهُ فَسْخُهُ كَالْمَضْمُونِ لَهُ ( بِقَبْضٍ ) لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ فَافْتَقَرَ إلَى الْقَبْضِ كَالْقَرْضِ وَقَبْضُ رَهْنٍ ( كَقَبْضِ مَبِيعٍ ) عَلَى مَا سَبَقَ فَيَلْزَمُ بِهِ ) .

ليست هناك تعليقات: