بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

09 يونيو 2011

تعريف الرهن الرسمي و تمييزه عن بعض المصطلحات المشابهة :((بحث جزائرى))

الرهن الرسمي هو حق عيني ينشأ بموجب عقد رسمي هو الرهن ،ويتقرر ضمانا للوفاء بدين على عقار مملوك للمدين أو لكفيل عيني ،ويكون بموجبه للدائن الحق في إستيفاء دينه من ثمن هدا العقار متقدما في دلك على الدائنين العاديين لمالك هدا العقار و الدائنين أصحاب الحقوق العينية على هدا العقار المتأخرين في المرتبة و متتبعا هدا العقار تحت يد من إنتقلت إليه ملكيته .

المطلب الأول : تعريف الرهن الرسمي :

عرفت المادة 882 من القانون المدني الجزائري الرهن الرسمي على أنه "(عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء دينه ،يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن دلك العقار في أي يد كان )".

ونخلص من هدا النص أن الرهن الرسمي يطلق على العقد الدي يترتب به للدائن حق عيني على عقار مخصص لوفاء دينه ،ويكون للدائن بموجبه حق تقدم في استيفاء دينه من ثمن العقار المرهون ويتقدم الدائن بموجب هدا الحق العيني ليس فحسب على الدائنين العاديين لمالك العقار الموهون ،بل وعلى الدائنين الدين لهم حق عيني آخر على هدا العقار ،من دائنين مرتهنين وأصحاب حقوق إختصاص إدا كانوا متأخرين في المرتبة أي مقيدين بعد تاريخ قيد الدائن المرتهن .

وعادة ما يلجأ الدائن المرتهن في إستيفاء دينه من ثمن العقار المرهون إلى التنفيد على هدا العقار وبيعه بالمزاد العلني ولكن العقار المرهون قد يهلك قبل بيعه بالمزاد العلني كأن يتعدي الغير على العقار المرهون فيتحول حق الدائن المرتهن إلى قيمة هدا العقار كمبلغ تعويض أو مبلغ تأمين في حالة التأمين على العقار عند إحدى شركات التأمين أو مبلغ مقابل في حالة نزع ملكية العقار المرهون للمنفعة العامة .

وقد تناولت التشريعات العربية الرهن الرسمي كالتشريع المصري الدي عرفه في المادة 1030 من القانون المدني وتقابلها المادة 1071 من التقنين المدني السوري ونجد نظيرا للتعريف الوارد في التقنين الأخير في قانون الملكية العقارية اللبناني في مادته 120 وكدلك في القانون المدني العراقي المادة 1285 الدي يسميه الرهن التأميني .



المطلب الثاني : تمييز الرهن الرسمي عن بعض المصطلحات المشابهة :

الرهن الرسمي وحق التخصيص :حسب نص المادة 941 و 942 مدني جزائري فإن حق التخصيص هو حق يتقرر بأمر على عريضة من رئيس المحكمة لصالح الدائن الدي بيده حكم واجب التنفيد على عقار أو أكثر من عقارات مدينه .

وعلى هدا يتفق حق التخصيص مع الرهن الرسمي في أن كل منهما يرد على عقار وأن كل منهما أداة لضمان إستفاء الدين .ويختلفان في المصدر المنشئ لهدا الضمان ،فالرهن الرسمي مصدره العقد الإرادي (الإتفاق)بينما مصدر الضمان في حق التخصيص القضاء .

أما بالنسبة للرهن الرسمي و الرهن الحيازي :فتنص المادة 948 مدني جزائري ( الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو على غيره ،أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان ،شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين ،و أن يتقدم الدائنين العاديين و الدائنين التالين له في المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هدا الشيء في أي يد يكون ).

وعلى هدا فيتفق الرهنان الرسمي و الحيازي من حيث أن كل منهما حق عيني وحق تبعي و غير قابل للتجزئة و ناشئ بمقتضى عقد رسمي .

كما أن المادة 950 مدني جزائري الواردة في الباب الثالث المتعلق بالرهن الحيازي تنص على تسري على الرهن الحيازي أحكام المواد 891 و 893 و 904 المتعلقة بالرهن الرسمي ).
و يختلفان من حيث موضوع الرهن فالحيازي يرد على العقارات كما يرد على المنقولات أما الرسمي فهو في الأصل لا يرد إلا على العقارات .

وبالنسبة للرهن الرسمي و حق الإمتياز : فنصت المادة 982 مدني جزائري على الإمتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته .ولا يكون للدين امتياز إلا يمقتضى نص قانوني ).
وعليه يتفق حق الإمتياز مع الرهن الرسمي في أن كل منهما يضمن الوفاء بالدين كما تنص المادة 986 مدني جزائري ف1 تسري على حقوق الإمتياز العقارية ،أحكام الرهن الرسمي بالقدر الدي لا تتعارض فيه مع طبيعة هده الحقوق ).

كما تنص المادة 987 مدني جزائري على يسري على الإمتياز ما يسري على الرهن الرسمي من أحكام متعلقة لهلاك الشيء أو تلفه ).


وأيضا المادة 988 مدني جزائري نصت على ينقضي حق الإنتياز بنفس الطرق التي ينقضي بها حق الرهن الرسمي و حق رهن الحيازة ،ووفقا لأحكام إنقضاء هدين الحقين ،ما لم يوجد نص يقضي بغير دلك .

* ويختلف الرهن الرسمي عن حق الإمتياز من حيث المصدر فالأخير مصدره القانون حسب مص المادة 982 مدني وأما الرهن الرسمي مصدره الإتفاق ،كم يختلفان كدلك حسب نص المادة 986 ف 3 .ق.م.ج .

أما عن الرهن الرسمي و الكفاله :فيتفقان أن كل منهما يعد من عقود الضمان ويختلفان في أن الإلتزام في الكفالة يكون في أموال الكفيل (دمته المالية ) وأما الإلتزام في الرهن الرسمي فيكون على المال محل الرهن فقط .

وكدلك يتباينان من حيث محل الضمان ،فالكفيل يقدم مالا لضمان دين غيره بينما الراهن في الرهن الرسمي يقدم مالا لضمان دين عليه نفسه .

المبحث الثاني : خصائص الرهن الرسمي :
إن الرهن الرسمي حق من الحقوق العينية العقارية ،غير أنه حق تبعي و ليس من الحقوق العينية الأصلية وهو غير قابل للتجزئة و ينشأ بمقتضى عقد رسمي لا ينقل الحيازة .
وسنبين هده الخصائص في المطالب الآتية .

المطلب الأول : الرهن الرسمي حق عيني عقاري :
تنص المادة 882 ق.م.ج.على أنه الرهن الرسمي عقد يكسب به الدائن حقا عينيا ....).
فبموجبه يكسب الدائن أفضلية على غيره من الدائنين العاديين والدائنين المرتهنين التالين له في المرتبة ،وهو في هدا لا يحتاج إلى وساطة شخص آخر كما في الحقوق الشخصية ،بل له سلطة مباشرة في الوصول إلى حقه من هدا الطريق متقدما على غيره .

وقد ظهر خلاف فقهي حول ما إدا كانت سلطة المرتهن تنصب على العقار داته أو على حق الراهن على العقار المرهون .لكن أغلب الفقهاء يرون أن الراهن يرهن العقار وليس الحق على العقار بدعوى أن الحق لا يرد على حق آخر وهدا الرأي إعتنقناه كطلبة باحثون في هدا الموضوع.فحق الرهن الرسمي ليس جزءا من حق الملكية كحق الإنتفاع و حق الإرتفاق بل هو حق الملكية داته (أي حق عقاري آخر ).

كما أن الرهن الرسمي يرد على مال عقاري و لا يرد على المنقول ،ودلك لأنه لا يتيسر إيجاد نظام لشهر الرهن على المنقولات ،إلا أن المشرع قد يخص بعض المنقولات دات القيمة بنظام لرهنها رسميا ، كالسفن والطائرات و المحل التجاري والقاطرات وغيرها .....

أما في غيرها فلا يرهن المنقول رهنا رسميا و إنما يرهن رهنا حيازيا .

المطلب الثاني : الرهن الرسمي حق تبعي وغير قابل للتجزئة :
إن نشوء الرهن الرسمي يكون ضامنا لحق شخصي لدائن معين ولدا يكون الرهن الرسمي تابعا للحق ،ويظل تابعا له في وجوده وصحته وإنقضائه حسب ما جاء في المادة 893 ق.م.ج.فإدا كان الدين الأصلي باطلا يبطل الرهن وإدا كان قابلا للإبطال كان الرهن كدلك ،أما إدا إنقضى الدين بالوفاء أو غيره من طرق الإنقضاء فينقضي الرهن بالتبعية له ،حتى و إن كان الإلتزام الأصلي موصوفا بالشرط أو الأجل كان الرهن مؤجلا أو شرطيا مثله .

و يجوز أن ينتقل الرهن مع إنتقال الحق إلى الخلف العام أو الخاص للدائن المرتهن .
كما تنص المادة 892 ق.م.ج على كل جزء من العقار أو العقارات المرهونة ضامن لكل دين ، وكل جزء من الدين مضمون بالعقار أو العقارات المرهونة كلها مالم ينص القانون أو يقضي الإتفاق بغير دلك ).
وتقابلها المادة 1041 مدني مصري(1) ،ويستفاد من الادة السابقة الدكر معنيان :
1- أن كل جزء من العقار ضامن لكل الدين .
2- أن أي جزء من الدين مضمون بكل العقار المرهون .

فبالنسبة للعقار المرهون يكون كل جزء منه ضامنا للدين بأكمله ،ويظل التأمين ملازما له إلى أن يتم الوفاء بآخر جزء من الدين ،فمثلا :
إذا توفي المدين ينقسم الدين بين ورثته كما ينقسم بينهم العقار غير أن الرهن يظل ملازما لكل حصة من حصص الورثة في العقار إلى أن يتم الوفاء بكامل الدين ،فلو نفرض أن أحد الورثة أوفى بنصيب الدين (على أساس الجزء الدي آل إليه ) فإن الرهن يظل واردا على حصته في العقار المرهون إلى أن يتم بباقي الدين .

أما من حيث الدين المضمون فيكون كل جزء منه مضمونا بكل العقار المرهون فإدا أوفى المدين (الراهن ) جزءا من الدين بقي العقار بكامله ضامنا للجزء الباقي من الدين .
وكدلك إدا توفي المدين وإنقسم العقار على ورثته ،ثم قام أحدهم بوفاء نصيبه من الدين ،فإن التأمين يظل على حصته في العقار إلى أن يقوم سائر الورثة بوفاء نصيبهم من الدين (2 ).
وكدلك إدا تفرغ الدائن عن جزء من دينه (أي تنازل ) إلى شخص آخر فيكون للمدين دائنان فإن كل واحد منهما (الدائنان ) يستفيد من كامل الرهن لضمان الوفاء بحصته من الدين .


المطلب الثالث : حق ناشئ بمقتضى عقد رسمي لا ينقل الحيازة :

من خصائص الرهن الرسمي أيضا في الجزائر وبعض الدول العربية أنه عقد رسمي وبينت دلك المادة 883 ق.م.ج (لا ينعقد الرهن إلا بعقد رسمي ....) .
وكدلك المادة 1031 فقرة أولى مدني مصري والمادة 1091 مدني سوري و المادة 1034 مدني ليبي والمادة 1286 مدني عراقي و126-127-141-142 من قانون الملكية العقارية اللبناني . فالرهن الرسمي لا ينعقد إلا بورقة رسمية وإلا كان باطلا ف2 المادة 886 ق.م.ج.و هدا ما يميزه عن غيره من التأمينات العينية كما لا تنتقل الحيازة في الرهن الرسمي بل يبقى المدين الراهن حائزا للشيء المرهون و لا يؤثر هدا على قدرة المرتهن لإستفائه حقه .

ليست هناك تعليقات: