بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

03 أكتوبر 2010


بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإدارى

دائرة منازعات الأفراد والهيئات

بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم الثلاثاء الموافق 12/4/1983م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد جلال الدين عبدالحميد نائب رئيس المجلس

وعضوية السيدين الأستاذين ، عبداللطيف أحمد أبو الخير وكيل مجلس المستشارين

وحضور السيد الأستاذ المستشار جودة عبدالمقصود فرحات مفوض الدولة

والسيد / عبدالعزيز السيد عامر أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى رقم 934 لسنة 36 قضائية

المقامة من : السيد / الأنبا شنودة الثالث

ضد :

كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء

الوقائع :

أقيمت هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة فى 12/1/1982م طلب المدعى فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 491 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 2/9/1981 بإلغاء القرار الجمهورى رقم 2772 لسنة 1971 بتعيينه بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقصية وتشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوية من خمسة أساقفة ، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات والأتعاب .

وقال المدعى شارحاً لدعواه إنّه علم بالقرار المطعون فيه بتاريخ 1/11/1981 وتظلم منه فى 28/12/1981 وإن هذا القرار معدوم ومشوب بعيب عدم الاختصاص ومخالف للعادات والتقاليد المرعية منذ قيام المسيحية بمصر ودخول الإسلام إليها ، فالقرار الجمهورى رقم 2772 لسنة 1971 بتعيين البابا والبطريرك كان خاصاً باعتماد إجراءات تمت طبقاً للائحة انتخاب البطريرك الصادر بها قرار رئيس الجمهورية فى 2/11/1957 المنشور بالوقائع المصرية العدد 85 مكرراً بتاريخ 3/11/1957 وقد تم انتخاب خمسة من الأساقفة والرهبان بمعرفة لجنة مشكلة من ثمانية من المطارنة والأساقفة وثمانية من أعضاء المجلس الملى العام الحاليين والسابقين برئاسة قائم قام البطريرك وتم انتخاب ثلاثة منهم بواسطة الناخبين المقيدين بجدول خاص ثم أجريت القرعة الهيكلية فأسفرت عن انتخاب المدعى بابا الإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقصية وجرى العمل على أن يصدر قرار جمهورى باعتماد هذه الإجراءات فصدر القرار رقم 2772 لسنة 1971 المشار إليه ومن ذلك يتضح أن كافة الإجراءات تمت صحيحة ومطابقة للقانون وهناك نظرية بديهية هى أن القرار الإدارى يتحصن بمضى ستين يوماً ولا يجوز المساس به بعد انقضاء هذه المدة ومنذ صدور القرار المطعون فيه كانت قد انقضت – على قرار تعيين البطريرك – مدة تقارب أحد عشرة سنة قان فيها المدعى بمسئوليات منصبه داخل مصر وخارجها ومثل مصر فى أوروبا وأمريكا وإفريقيا أحسن تمثيل ولذلك كان القرار المطعون فيه مخالفاً لأبسط قاعدة فى القانون الإدارى ورئيس الجمهورية لم يُفصح فى قراره المطعون فيه عن سبب القرار ولكن أفصح عنه فى خطبه وأحاديثه ، وكل ما قيل لا ظل له من الحقيقة وإنما كان رئيس الجمهورية الراحل ضحية لبعض المتسلقين من المسيحيين وغيرهم ممن لا ضمير لهم وكشفت الحوادث الأخيرة عدم وجود صلة للمدعى أو أحد من الأقباط بما سمى بالفتنة الطائفية بل كان الأقباط ضحية اعتداءات جسيمة وخطيرة كان آخرها بالزاوية الحمراء وغيرها ولم يقم المدعى أو أحد من الأقباط بأى عمل وذلك حفاظاً على مصر وعلى وحدتها بل كان المدعى يعمل دائماً وبكل جهده للحفاظ على الوحدة الوطنية لصالح مصر قبل كل شئ ، وأضاف المدعى أنه يطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بصفة مستعجلة لما يترتب عليه من نتائج يتعذر تداركها إذ مس القرار حرية المدعى فى مباشرة مهام منصبه بل وصل الأمر بالجهة الإدارية إلى تحديد إقامته بدير وادى النطرون ومنع الاتصال به .

وقدم المدعى تأييداً لدعواه ثلاثة حوافظ مستندات بجلسة 26/1/1982 وحافظة مستندات رابعة بجلسة 23/12/1982 وتضمنت صورة تظلم المدعى إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 28/12/1981 ومضبطة مجلس الشعب الجلسة 77 فى تعديل الدستور انتهت بعد دراستها للاقتراحات المقدمة لتعديل المادة 2 من الدستور أنه لا توجد ثمة شبهة فى أن حق تولى الوظائف والمناصب العامة وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية تعد من الحقوق العامة للمصريين التى يتمتعون بها فى ظل الدستور وطبقاً لأحكام القانون دون أى تمييز أو تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وطالبت الطوائف الدينية تعديل المادة 2 من الدستور وإحداها موقعة من المدعى وصورة مضبطة مجلس الشعب فى 28/11/1972 المحتوية على تقرير لجنة تقصى الحقائق عن الحوادث الطائفية بالخانكة وقد جاء به أن الناس تناقلت أخبار تقرير لجهات الأمن الرسمية عن اجتماع عقده الأنبا شنودة فى 15 / 3 /1972 بالكنيسة المرقصية بالإسكندرية وقد صيغ على نحو يوحى بصحته كتقرير رسمى وتضمن أقوالا نسبت إلى البطريرك فى هذا الاجتماع ورغم أن هذا التقرير كان ظاهر الاصطناع فقد تناوله بعض محامى المدعى عن الحوادث التى اضطرت المجمع المقدس لاستصدار قرار 26/3/1980 وصورة مذكرة الكنيسة القبطية التى قدمها المجمع المقدس بخصوص حد الردة وجاء بها ما يلى ( إننا أمام ضمائرنا لن نستطيع أن نقبل مشروع هذا القانون – يقصد قانون الردة – ولن نخضع له إذا نفذ وبحكم ضمائرنا سنسعى وراء كل مسيحى ترك مسيحيته لكى نرده إليها مهما حكمت مواد هذا القانون بالتحريض على القتل ونحن مستعدون أن ندخل فى عصر استشهاد جديد من أجل ديننا والثبات فيه ولن يلومنا أحد لأن هذا هو عملنا كرعاة وآباء بل تلومنا ضمائرنا إن تركنا إنساناً يرتد عن مسيحيته دون أن نحاول إرجاعه ) وصورة قرار المجلس الملى العام بجلسته 7/2/1975 بضرورة تمثيل الأقباط باللجنة المركزية وتشكيلات الاتحاد الاشتراكى .

وقدم المدعى حافظة مستندات رابعة بجلسة 23/2/1982 تضمنت مذكرة تضمنت مذكرة بدفاعه جاء بها أن الدعوى مقبولة شكلا لأنه علم بالقرار المطعون فيه يوم 1/11/1981 وتظلم منه إلى محكمة القيم فى ذات التاريخ كما تظلم منه إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 28/12/1981 وبذلك تكون الدعوى رفعت فى الميعاد وفضلا عن ذلك فإن الميعاد ممتد بالنسبة للمدعى لأنه معتقل فى دير أنبا بيشوى وجاء بها عن موضوع الدعوى أن المدعى كان ضحية لتقارير لا أساس لها من الصحة وأنه تحمل فوق طاقة البشر ولم يفكر يوماً فى أن يهاجم الحكومة لتقصيرها الشديد فى الرد على الرئيس الراحل رغم هجومه الشديد عليه واتهامه بأمور لا أساس لها من الصحة وأن القرار المطعون فيه معدوم ومشوب بعيب عدم الاختصاص وبعيب الانحراف ، فالثابت من الخط الهمايونى أن البطريرك يعين مدى حياته ولا يجوز عزله أو تعيين غيره ما دام على قيد الحياة وأن عزل المدعى معقود للمجمع المقدس الذى له أن ينحيه لأسباب صحية أو غيرها وأن الرئيس السابق لم يلحظ أن المدعى بطريرك للأقباط ليس فى مصر وحدها بل فى الحبشة والسودان وأوروبا وأمريكا واستراليا ولبنان والعراق وغيرها وعدد الأقباط فى الخارج أضعاف عددهم فى مصر والقرار المطعون فيه لم يبتغ الصالح العام بل هدف إلى الانتقام من المدعى ، فالرئيس السابق فى سنة 1980 جعل من مخاصمته للمدعى أمراً شخصياً فهو الذى خلق الفتنة وشجع الجماعات الإسلامية على الاعتداءات على المسيحيين وأملاكهم وكنائسهم رغم أن الكنيسة حذرته من ذلك ودأب الرئيس السابق على اتهام المدعى بالعمل بالسياسة وهذا غير صحيح لأن معنى الاشتغال بالسياسة هو أن ينضم الشخص إلى الأحزاب السياسية ، والمدعى لم ينتم لحزب معين ومواقفه الوطنية فى مساندة الدولة معروفة للكافة وأن المدعى العام الاشتراكى استند إلى تقريرين للمباحث العامة لا يمكن الأخذ بهما لأنهما أُصطنعا لإرضاء الرئيس السابق وهناك حقيقتان تكذبان ما جاء بهذين التقريرين : الحقيقة الأولى عن المنشور الذى نسب إلى المدعى سنة 1972 وتكلم عنه رجال المباحث سنة 1981 مع أنه ثبت كذبه فى تقرير لجنة تقصى الحقائق عن حادث الخانكة ، والحقيقة الثانية عن تكتل الطوائف المسيحية لإصدار قانون موحد للأحوال الشخصية ، فالدولة هى التى طلبت من المدعى تشكيل لجنة لإعداد هذا القانون وتم تقديمه إلى الرئيس وإلى وزارة العدل التى شكلت لجنة لمراجعته وقامت هذه اللجنة بعملها وعرض المشروع على المدعى ورؤساء الطوائف الذين وافقوا عليه وجاء بالمذكرة أيضاً أن الرئيس السابق كان على علاقة طيبة بالمدعى حتى آخر سنة 1979 وعندما تصاعدت الحوادث ضد الأقباط بشكل مثير اجتمع المجلس المقدس فى 26 / 3 / 1980 وفيه تكتل المطارنة والأساقفة واستصدروا قرارا بعدم إقامة مراسيم واستقبالات فى العيد وهو أمر خاص بالكنيسة ومنذ 14/5/1980 بعد خطبة الرئيس بدأت حملة مسعورة ضد المدعى التزم إزاءها بالصمت خوفاً على الوحدة الوطنية وتقدم المدعى بمذكرة أخرى بدفاعه بجلسة 23/2/1982 أشار فيها إلى أن المحكمة قضت برفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الطعون الموجهة إلى القرارات التى أصدرها الرئيس الراحل فى 2/9/1981 استناداً إلى المادة 74 من الدستور وبرفض الدفع بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا لتحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى وبأنه لم يكن من حق الرئيس أن يلجأ إلى المادة 74 من الدستور لإصدار القرارات الصادرة فى 2/9/1982 .

وردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بإيداع حافظة مستندات بجلسة 23/3/1982 تضمنت الحكم الصادر من محكمة القيم بجلسة 2/1/1982 فى الدعوى رقم 23 لسنة 1 ق برفض تظلم المدعى . وبجلسة 1/6/1982 قضت هذه المحكمة بإثبات ترك المدعى للخصومة فى طلب وقف التنفيذ وأحيلت الدعوى بعدئذ إلى هيئة مفوضى الدولة التى قدمت تقريراً برأيها فى طلب الإلغاء انتهت فيه للأسباب التى ارتأتها إلى إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .

وحدد لنظر الدعوى بطلب إلغاء القرار المطعون فيه بجلسة 14 / 2 /1982 وتُدول نظرها بعد ذلك فى الجلسات على النحو المبين فى المحاضر .

وبجلسة 25/1/1983 قدم المدعى حافظة مستندات تضم تقرير مفوض الدولة لدى المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 3 لسنة 4 ق تنازع والذى انتهى إلى عدم قبول الدعوى وصورة من تقرير التظلم إلى محكمة القيم يوم 31 / 10 / 1981 كما قدم المدعى مذكرة تكميلية بدفاعه رد فيها على الدفع بوقف الدعوى لحين الفصل فى طلب تنازع الاختصاص رقم 3 لسنة 4 ق بأن تقرير المستشار مفوض الدولة لدى المحكمة الدستورية العليا المقدم فى الطلب المشار إليه انتهى إلى عدم قبوله وبأن المحكمة سبق أن ردت على هذا الدفع فى الحكم الصادر بجلسة 22 / 12 /1981 فى الدعوى رقم 10 لسنة 36 ق وتضمنت المذكرة رداً على الدفع بعدم الاختصاص لأن القرار المطعون فيه من أعمال السيادة وبأن المحكمة استقرت فى قضايا مماثلة على أن هذا القرار إدارى ، ورداً على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من محكمة القيم بجلسة 3/1/1983 بأن الذى نظرته محكمة القيم تظلما وليس دعوى ، ورداً على طلب الحكومة إعادة الدعوى لهيئة مفوضى الدولة لإعادة تحضيرها بأن هذا الطلب حلقة من حلقات تعطيل الفصل فى الدعوى ، وعن الموضوع جاء بالمذكرة أن الحكومة تقدم تقارير المباحث العامة وكلها أقوال مرسلة وغير صحيحة ولا دليل عليها .

وبجلسة 25 / 1 / 1983 أيضاً قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها بدأتها بطلب وقف الدعوى إلى أن يتم الفصل فى طلب تنازع الاختصاص رقم 3 لسنة 4 عليا عملا عملاً بحكم المادة 31 من القانون 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا وأسست الإدارة هذا الطلب على أن المدعى تظلم من القرار المطعون فيه أمام محكمة القيم ثم أقام الدعوى الماثلة أمام محكمة القضاء الإدارى وهذا الأمر يشكل تنازعاً فى الاختصاص بين هاتين المحكمتين ، ثم دفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأن القرار المطعون فيه ليس قراراً إدارياً وإنما هو عمل من أعمال السيادة لأنه صدر من رئيس الجمهورية بصفته رئيس الدولة وليس بصفته رئيساً للسلطة التنفيذية واستشهدت ببعض آراء الفقه الدستورى والفقه الإدارى ، وأضافت المذكرة أنه مما يؤكد عدم اختصاص المحكمة أن محكمة القيم أصبحت هى المختصة وحدها دون غيرها بنظر التظلمات من الإجراءات التى اتخذها رئيس الجمهورية استناداً إلى المادة 74 من الدستور ومن بينها القرار المطعون فيه وذلك عملا بالمادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم المعدلة بالقانون رقم 154 لسنة 1981 وأن قرار تعيين البطريرك حسبما أقر المدعى فى صحيفة الدعوى ليس قراراً إدارياً لأنه لا يعبر عن إدارة جهة الإدارة بل هو من أعمال التوثيق صدر اعتماداً لإجراءات انتخاب البطريرك طبقاً لأحكام القرار الجمهورى الصادر فى 2/11/1957 فهو عمل مادى يكشف عن مركز قانونى نشأ من الانتخاب وإلغاؤه يعتبر عملا ماديا كذلك ودفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى كذلك بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد فالقرار المطعون فيه نشر بالجريدة الرسمية فى 3/9/1981 وميعاد الطعن يبدأ من هذا التاريخ وينتهى فى 2/11/1981 طبقا للمادة 24 من قانون مجلس الدولة والمدعى رفع الدعوى الماثلة فى 12/1/1982 والتظلم الذى قدمه لرئيس الجمهورية فى 28/12/1981 لا يقطع الميعاد الذى انتهى فى 2/11/1981 أما التظلم الذى قدمه إلى محكمة القيم فى 1/11/1981 فهو لا يقطع الميعاد أيضاً لأن هذا الأثر مقصور على التظلم الذى يقدم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار والهيئات الرئاسية عملا بنص المادة 24 المشار إليها ، ثم دفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى بعدم جواز نظرها لأن المدعى تظلم من القرار إلى محكمة القيم وأصدرت هذه المحكمة حكمها فى التظلم بجلسة 3/1/1982 ويقضى بقبوله شكلا ورفضه موضوعاً ، وهذا الحكم حجة بما فصل فيه ولا يجوز إعادة عرض النزاع بشأنه على القضاء عملا بنص 106 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وعن موضوع الدعوى طلبت إدارة قضايا الحكومة رفضها لأن القرار المطعون فيه صدر فى ظروف استثنائية لا تقاس فيها تصرفات الإدارة بالمعايير العادية لمبدأ المشروعية وإنما يحكم على مشروعيتها على أساس توافر ضوابط نظرية الضرورة ، والقرار المطعون فيه توافرت فيه هذه الضوابط بقيام حالة واقعية تدعو إلى التدخل أعلنها رئيس الجمهورية فى بيانه إلى الشعب فى 5/9/1981 وهى حدوث فتنة طائفية وقد ابتغى به رئيس الجمهورية تحقيق الصالح العام ووافق الشعب على القرار فى الاستفتاء أما عن دور المدعى فى أحداث الفتنة الطائفية فقد وردت تفصيلا فى مذكرة مباحث أمن الدولة المقدمة بجلسة 4/1/1983 وأبدت إدارة قضايا الحكومة أن المحاور العامة التى ارتكزت عليها سياسة المدعى توجز فى عدد من النقاط أبرزها محاولة فرض استقلال الكنيسة عن الدولة ومؤسساتها الدستورية والسعى نحو إضفاء الصفة السياسية على منصب البطريرك ومحاولة تحدى القوانين القائمةفى مجال بناء الكنائس وإقامة الكليات الإكليرية وتوسيع الأديرة واستثمار الخلافات الفردية والحوادث العادية لتصوير الموقف على أنه صراع طائفى والمطالبة ببعض المطالب الطائفية وإعلان الصوم للضغط على المسئولين واستغلال قنوات الاتصال بين الكنيسة وتجمعات الأقباط فى الخارج كقوة ضاغطة على الرأى العام العالمى لتحقيق المطالب المذكورة وانتهاج أساليب الإثارة فيما أصدره من أوامر للكهنة من تأدية الصلاة بجمعية أصدقاء الكتاب المقدس بالخانكة وافتراش الأرض بأجسادهم عند التعرض لهم وقرر إرسال خطابات للمسئولين فى الدولة لتمثيل الأقباط فى الاتحاد الاشتراكى بنسبة عددية كبيرة ونشر الشائعات عن رفض رئيس الجمهورية مقابلة المدعى وعقد اجتماعات أسفرت عن رفض قانون الردة وإعلان الصوم الانقطاعى تعبيراً عن هذا الرفض والتشكيك فى حيدة رجال الشرطة وسلطات التحقيق فى وقت معاصر لمباحثات كامب ديفيد كوسيلة للضغط على المسئولين للإنصياع للمطالب الطائفية ومنها منع تطبيق الشريعة الإسلامية وكوسيلة للضغط أيضاً رفض المدعى الاحتفال بذكرى تقلده الكرسى البابوى يوم 14/11/1979 واعتكافه بدير الأنبا بيشوى وفى 18 / 3 / 1980 افتعل حادث اعتداء على بعض الطلبة المسيحيين فى المدينة الجامعية بالإسكندرية لتعبئة مشاعر المسيحيين ضد المسلمين ودعا المجمع المقدس إلى الاجتماع وأصدر قراراً بعدم الاحتفال بعيد القيامة ورفض تهانى المسئولين وذلك فى وقت معاصر لزيارة رئيس الجمهورية لأمريكا وإيعاز تجمعات الأقباط هناك باتخاذ مواقف معادية له ورفض المشاركة فى استقبال رئيس الجمهورية وامتنع عن حضور الاجتماعات العامة التى دعى إليها بصفته الدينية وسرب الشائعات عن تكاثر أعمال التعدى على المسيحيين فى مصر للتشكيك فى استقرار البلاد وإثارة الرأى العام العالمى لتشويه سمعة مصر فى الخارج وحرض أبناء الطائفة على تخزين الأسلحة والاستعداد لمواجهة عزم المسلمين مهاجمتهم وكان هذا من أبرز أسباب حادث الزاوية الحمراء فى يونية 1981 والذى راح المدعى يبث الشائعات بأن الحكومة هى التى دبرت هذا الحادث للقضاء على شوكة المسيحيين . وهذا الذى صدر عن المدعى خروجا منه على مقتضيات منصبه وعلى واجباته الأساسية ويعتبر إثارة للفتنة الطائفية لم يكن أمام رئيس الجمهورية لتجنب البلاد ويلات الفتنة سوى إصدار القرار المطعونفيه وانتقلت مذكرة إدارة قضايا الحكومة إلى الرد على بعض ما أثاره تقرير هيئة مفوضى الدولة قائلة إن رئيس الجمهورية طبقا للمادة 18 من لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك هو الذى يصدر قرار تعيين البطريرك ومن المسلم به أن من يملك إصدار القرار يملك إلغاءه ولذا فإن رئيس الجمهورية لم يغتصب سلطة أحد ولرئيس الجمهورية أيضاً طبقا للائحة المشار إليها تعيين قائمقام البطريرك ولذلك فإن القرار المطعون فيه فى شقه الثانى الخاص بتشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية والذى أقره المجمع المقدس فى بيانه المؤرخ 12/9/1981 صحيح قانونا وأن تقرير لجنة تقصى الحقائق يؤكد ما جاء بتقرير مباحث أمن الدولة فقد أجرى التحقيق فيما أسماه خطاب أمام مجلس الشعب فى 14/5/1980 وكشف فيه ما نسب إلى المدعى من وقائع محددة فى تواريخ محددة مؤيدة بمستندات بعضها صادر من المدعى شخصيا مثل المقالات والأخبار التى تنشرها مجلة الكرازة والرسالة التى وجهتها البطريركية بالإسكندرية إلى طلبة الجامعة المسيحيين بها وغيرها وما ورد فى حافظة المستندات الثانية وجاء بالمذكرة أيضاً أنه إذا كان المدعى يقول إن قرار تعيين المدعى الصادر سنة 1971 قد تحصن بمضى ما يقرب 11 سنة فهو مردود بما أبداه المدعى من أن قرار تعيينه ليس إلا عملا مادياً كاشفاً لمركزه القانونى المستمد من عملية الانتخاب وإجراء القرعة ومن المعلوم أن العمل المادى لا يكتسب حصانة ويجوز سحبه أو إلغاؤه فى أى وقت ودون تقيد بميعاد معين والبطريرك لا يحتفظ بمنصبه مدى الحياة كما يقول المدعى فالمادة الأولى من لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك تنص على أنه إذا خلا كرسى البطريرك بسبب وفاة شاغله أو لأى سبب آخر ولا يوجد فى اللائحة المذكورة ما يفيد صراحة أو ضمنا أن المجمع المقدس هو الذى يختص وحده بتنحية البطريرك وعلى كل فإن المجمع المقدس أقر القرار المطعون فيه وذلك فى بيانه المعلن فى 23/9/1981 ( المنشور رقم 7 من حافظة المستندات الثالثة ) والإجازة اللاحقة كالتصريح السابق تزيل هذا العيب . وقدمت إدارة قضايا الحكومة كذلك ثلاث حوافظ مستندات فى 4 و 25 / 1 / 1983 وفى 22 / 2 / 1983 تضمنت مذكرتين لأجهزة الأمن عن مخطط المدعى لإذكاء الفتنة الطائفية وتجاوزات المسيحيين تنفيذا لهذا المخطط وبعض أعداد من مجلة الكرازة التى يصدرها المدعى وبيان صادر عن المهاجرين المسيحيين بالولايات المتحدة لتشويه سمعة مصر وبيان المجمع المقدس الصادر فى 22/9/1981 بتأييد القرار المطعون فيه ومحاضرة لمدعى عن التثليث والتوحيد هاجم فيها رجال الدين الإسلامى والمستندين اللذين أودعهما رئيس الجمهورية مكتب مجلس الشعب تأييدا لخطابه المؤرخ 14/5/1980 وهما بيان من البطريركية وقرار المجمع المقدس بجلسة 26 / 3 / 1980 والتعميمين السريين الموزعين على أعضاء المكتب السياسى للحزب الوطنى الديمقراطى والنواب الأقباط المودعين مكتب مجلس الشعب ومستندات أخرى . وبتاريخ 22/3/1983 تقدم المدعى بحافظة مستندات سادسة كما قدم المدعى مذكرتين أخيرتين بدفاعه بتاريخ 7/3/1983 جاء بهما أن البطريرك لا يتولى سلطانه إلا بعد الخطوات الآتية : 1 – بمجرد خلو الكرسى البابوى بوفاة شاغله يجرى اختيار المرشحين بمعرفة لجنة تؤلف خصيصاً من بعض أعضاء المجمع المقدس وكبار الشخصيات القبطية .

2 – يقوم الأقباط ممن تتوافر فيهم شروط خاصة بانتخاب من يرونه من هؤلاء المرشحين . 3 – يتم إجراء قرعة هيكلية بعد صلوات خاصة بين الثلاثة الأول المنتخبين لاختيار الشخص المناسب للمنصب وهنا يصدر قرار جمهورى بنتيجة القرعة توثيقاً لها .

4 – تنصيبه كبطريرك بواسطة أعضاء المجمع المقدس بصلوات خاصة وتلبيسه ملابس الكهنوت وتسليمه عصا الرعاية وإجلاسه كرسى مارمرقص كل ذلك بصلوات خاصة وحينئذ يصير بطريركا ، فالانتخاب والتعيين لا يمثلون شيئاً بالنسبة للكنيسة والمجمع المقدس هو الجهة الوحيدة التى تملك تنصيب البطريرك وعزله والأسباب التى تستدعى عزل البطريرك كنسياً هى الهرطقة فى الدين والسيمونية أى بيع رتب الكهنوت بمال والجنون المطبق وما ورد بشأن خلو كرسى البطريرك بسبب وفاة أو أى سبب آخر فلائحة الترشيح والانتخاب لا تمس حق إخلاء الكرسى وإنما هو المجمع المقدس ، وأسباب إخلاء الكرسى نادرة ولذا اعتبر تعيين البطريرك دائماً مدى حياته والقرار المطعون فيه لم يعتمد على هذا الحكم من اللائحة لأنه لم يحدث إعلان عن خلو الكرسى والخطاب الذى أرسله المجمع المقدس إلى الرئيس الحالى جاء به أن القرار المطعون فيه لا يغير شيئاً من الوضع الكنسى والكهنوتى للبطريرك ومن هنا فإن القرار يعتبر غصبا للسلطة ومن جهة أخرى فإنه حتى فى حالة خلو الكرسى يجتمع المجلس المقدس لاختيار قائمقام البطريرك إلى أن يتم انتخاب بطريرك جديد وليس لرئيس الجمهورية اختيار قائمقام البطريرك والذى حدث أن القرار المطعون فيه أوجد جوا متناقضا فهو عزل البطريرك ولم يتعرض لكهنوته فظل الكرسى البابوى فى حالة شلل وردت المذكرة على ما جاء بدفاع الحكومة من أن القرار صدر من رئيس الجمهورية بصفته رئيس الدولة وليس رئيس السلطة التنفيذية فقالت : إن التنظيم الدستورى لا يعرف سوى سلطات ثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وأضاف إليها الدستور المصرى سلطة رابعة هى الصحافة وإعطاء رئيس الجمهورية بعض اختصاصات السلطة التنفيذية ليمارسها منفرداً لا يغير طبيعتها فلبطريرك شأنه شأن المحافظ هو موظف عام له مركز متميز ولذا يعين ويعزل بقرار من رئيس الجمهورية وهو قرار إدارى يختص القضاء الإدارى بنظر الطعن فيه وموافقة الشعب على القرار فى الاستفتاء لا يعنى أكثر من أن القرار يحظى بتأييد من الرأى العام ولا يضفى عليه صفة أعمال السيادة أو يلغى اختصاص السلطة القضائية فى مراقبة مشروعيته والقانون أجاز التظلم من القرار أمام محكمة القيم وهذا تسليم بأنه ليس من أعمال السيادة وإعطاء محكمة القيم اختصاص الفصل فى التظلم من القرار أمام محكمة القيم لا يحجب اختصاص محكمة القضاء الإدارى لأن التظلم خطوة قبل الطعن القضائى والقوانين بصفة عامة تعطى الاختصاص بالفصل فى التظلمات الإدارية إلى لجان إدارية ذات اختصاص قضائى وأحياناً يرأسها قاض أو يدخل فى تشكيلها عنصر قضائى وليس من قيد على المُشرّع أن يعطى التظلم لمحكمة القيم دون أن يُغير ذلك من صفته كتظلم خاصة وأن فحص التظلمات ليس هو الاختصاص الأصيل لمحكمة القيم بل يشبه السلطة الولائية للقاضى المدنى الذى يصدر أوامر الحجز إلى جانب سلطته القضائية فى الفصل فى الدعاوى ولا وجه للقول بأن الفصل فى التظلم أعطى لمحكمة القيم الفصل فى مشروعية القرار بحكم حائز لقوة الشئ المقضى لأن القانون أجاز إعادة التظلم بعد ستة اشهر من رفض التظلم الأول ومعنى ذلك أن محكمة القيم لا تصدر فى التظلم حكماً يحسم خصومة ويحوز قوة الشئ المقضى وعلى ذلك فلا يسوغ القول بأن اختصاص مجلس الدولة نزع ضمناً بإعطاء الفصل فى التظلم إلى محكمة القيم وجاء بالمذكرة أيضاً أن الرئيس السابق اتهم المدعى بتحرير منشور باللغة الإنجليزية وإرساله للأقباط فى أمريكا ليقابلوه هناك بالاحتجاج وهذا غير صحيح فالمنشور حررته جمعية الأقباط بأمريكا وهى على خلاف مع الكنيسة القبطية بمصر ووطنية البابا لا يمكن أن تكون محل نقاش وأن بيان المجمع المقدس فى 26 / 3/1980 صدر من أكثر من ستين مطرانا وأسقفاً بعد أن توالت الاعتداءات على المسيحيين بتشجيع من الحكومة دون أن تقدم أية قضية إلى المحاكم ، وأما بيان المجمع الصادر فى 22/9/1981 فقد جاء نتيجة تهديدات الحكومة بأن الجماعات الإسلامية ستستولى على الحكم وتطيح بالجميع .

وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بتاريخ 8/3/1973 تضمنت شرحاً للمستندات المقدمة منها التى تؤكد دور المدعى فى إشعال الفتنة الطائفية منها الدعوة التى وجهها المدعى إلى أعضاء المجمع المقدس لحضور اجتماع 26/3/1980 والقرار الصادر عن هذا الاجتماع ونصه الآتى :

( بعد أن درس المجمع المقدس حالة الأقباط بالتفصيل والشكاوى العديدة التى وجهت منهم فى كل المحافظات بمصر ومن الطلبة فى المدن الجامعية وخارجها وما يتعرض له الأقباط من إهانات وشتائم واتهام بالكفر وألوان من الإثارات واعتداءات على أرواحهم وكنائسهم وخطف الفتيات المسيحيات وتحويل البعض عن دينهم بطرق شتى قرر المجمع المقدس إلغاء الاحتفالات الرسمية بعيد القيامة المجيد هذا العام والاكتفاء بالصلاة فى الكنائس مع عدم تقبل التهانى بالعيد تعبيرا عن الآلام التى يعانيها الأقباط كما قرر أعضاء المجمع المقدس الاعتكاف فى الأديرة خلال العيد ) وقام الأقباط المصريون فى الولايات المتحدة بمظاهرات أمام مقر الرئيس بواشنطن ومقر الأمم المتحدة مطالبين بالتدخل لحماية أقباط مصر من المذابح ونشر صور المظاهرات بمجلة الأقباط فى أمريكا ونشرت هذه المجلة أيضاً العديد من المقالات التى تتهم السلطات بالتواطؤ فى تنفيذ مخطط إسلامى للقضاء على المسيحيين كما نشرت مجلة الكرازة التى يصدرها المدعى العديد من المقالات التى تنطوى على تجريح الدين الإسلامى وتصوير بعض الحوادث الفردية على أنها حوادث طائفية وأشارت المذكرة إلى تقرير اللجنة العامة بمجلس الشعب فى ردها على بيان رئيس الجمهورية مساء السبت 5/9/1981 وقد جاء به أن اللجنة تسجل أسفها عمّا تجمع لديها من قرائن ودلائل على أن بعض القيادات الكنسية ومنها رأس الكنيسة دأبوا على التشكيك فى كل تصرف يصدر من العقلاء من القيادات الدينية والمدنية يهدف إلى تهدئة الخواطر وإطفاء نار الفتنة بل إنهم تمادوا فى مسلكهم وأوغلوا بطبع منشورات وتسجيلات عن الأحداث دون تمحيص وأوغلوا بنشرها فى المجلات القبطية التى تصدر داخل البلاد وخارجها وقد صور الطموح السياسى لقيادة الكنيسة أن تقيم الكنيسة من نفسها دولة داخل الدولة تستأثر بأمور المسيحيين الدنيوية وخرجوا بالكنيسة عن دورها السامى الذى حدده لها المسيح عليه السلام فى قوله ردوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله .

وبجلسة 25 / 1 / 1983 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الدعوة بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به :

المحكمة بعد الإطلاع على الأوراق بعد المداولة .

من حيث إن المدعى يطلب بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 491 لسنة 1981 فيما تضمنه من إلغاء قرار تعيينه بابا للإسكندرية وبطريركاً للكرازة المرقصية وفيما تضمنه من تشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية وما يترتب على هذا القرار من آثار .

ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة أبدت الطلبات والدفوع الآتية :

أولاً : وقف الدعوى عملاً بالمادة رقم 31 من القانون رقم 48 لسنة 1972 بشأن المحكمة الدستورية العليا . ثانياً : عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لثلاث أسباب هى :

1- أن القرار المطعون فيه من أعمال السيادة

2- أن القرار المذكور يعتبر عملاً مادياً وليس قراراً إدارياً .

3- أن القرار المطعون فيه يدخل فى إختصاص محكمة القيم وحدها طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب .

ثالثاً : عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانونى .

رابعاً : عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها .

ومن حيث إن طلب وقف الدعوى عملا بالمادة 31 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا يقوم على أن المدعى تظلم من القرار المطعون فيه أمام محكمة القيم التى قررت رفض التظلم بجلسة 2 / 1 / 1982 وفى نفس الوقت أقام المدعى دعواه الماثلة بطلب إلغاء القرار المطعون فيه وهو أمر يشكل تنازعاً فى الاختصاص بين محكمة القيم ومحكمة القضاء الإدارى مما حدا بإدارة قضايا الحكومة إلى أن تتقدم إلى المحكمة الدستورية العليا بطلب تحديد المحكمة المختصة وقيد هذا الطلب بجدول المحكمة المذكورة برقم 3 لسنة 4 ق تنازع وقد نصت المادة 31 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا على الأثر المترتب على تقديم الطلب المشار إليه وهو وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه . وهذا الطلب فى غير محله قانوناً ذلك أن المادة 35 من القانون رقم 48 لسنة 1979 المشار إليه تنص على أن ( تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يلى : أولاً : … ثانياً : الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وذلك إذ رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها . ثالثا : …. ) . وتنص المادة 31 من القانون المذكور ذاته على أن ( لكل ذى شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى فى الحالة المشار إليها فى البند ثانياً من المادة 25 ويجب أن يبين فى الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التى نظرته وما اتخذته كل منها فى شأنه ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه ) والمستفاد من هذين النصين أن مناط قبول طلب وقف الدعوى طبقاً لحكم المادة 31 سالفة الذكر أن يصدر حكمان من جهتى قضاء بالاختصاص أو بعدم الاختصاص فى موضوع واحد باعتبار ذلك مظهراً للتخلى أو عدم التخلى عن نظر الدعوى ولما كانت هذه المحكمة لم يسبق لها إصدار الحكم باختصاصها بنظر الدعوى الماثلة ، يضاف إلى ذلك موضوع واحد أمام جهتين قضائيتين بدليل أن الفقرة الأخيرة من المادة 31 المشار إليها نصت على وقف ( الدعاوى القائمة ) والتظلم الذى قدمه المدعى إلى محكمة القيم لا يعتبر دعوى بل يظل محتفظاً بطبيعته كتظلم والقرار الصادر فيه لا يعتبر حكما يحوز حجة الشئ المقضى بل هو مجرد أمر ولائى ودليل ذلك أن المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب معدلة بالقانون رقم 154 لسنة 1981 تنص على أن تختص محكمة القيم دون غيرها بما يأتى :

أولاً : الفصل فى جميع الدعاوى التى يقيمها المدعى العام الاشتراكى طبقاً للمادة 16 من هذا القانون . ثانياً : كافة الاختصاصات المحكمة المنصوص عليها فى القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب والمقررة بالقانون المذكور .

ثالثاً : الفصل فى الأوامر والتظلمات التى ترفع طبقاً لأحكام هذا القانون .

خامساً : الفصل فى التظلم من الإجراءات التى تتخذ طبقاً للمادة 74 من الدستور فهذا النص استخدم كلمة الدعاوى فى البند أولاً وكلمة التظلمات فى البندين ثالثاً وخامساً وليس من شك فى أن المشرع قصد بالمغايرة بين الكلمتين أن تكون محكمة القيم جهة قضاء فى حالات معينة وجهة تظلم فى حالات أخرى ولما كان التظلم الذى يقدم إلى محكمة القيم طبقاً للبند خامساً من المادة 34 المشار إليها هو فى حقيقة الأمر تظلم ولائى شأنه شأن التظلم الذى يقدم لجهة الإدارة ذاتها قبل الطعن القضائى خوله المشرع لمحكمة القيم بدلا من جهة الإدارة ابتغاء الحيدة والموضوعية فى التظلم من قرارات معينة على جانب كبير من الأهمية فإن هذا التظلم لا ينهض بديلاً عن الطعن القضائى أمام محكمة الإلغاء ولا يعتبر دعوى فى مفهوم المادة 31 من القانون لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا وبالتالى فإن طلب وقف الدعوى لحين الفصل فى طلب التنازع رقم 3 لسنة 4 ق دستورية يكون غير قائم على سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض .

ومن حيث إن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى يقوم على ثلاثة أوجه هى : أن القرار المطعون فيه من أعمال السيادة وأن القرار ليس إدارياً بل هو عمل مادى وأن الطعن فى القرار يدخل فى اختصاص محكمة القيم وحدها .

ومن حيث إن الوجه الأول للدفع بعدم الاختصاص يقوم على أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الجمهورية بصفته رئيساً للدولة وليس رئيساً للسلطة التنفيذية ولذا فهو من أعمال السيادة فقد استند القرار فى ديباجته إلى المادة 74 من الدستور التى وردت فى الفصل الأول من الباب ذاته المعنون ( رئيس الجمهورية ) يتضمن اختصاصات رئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية ويستفاد من ذلك أن ما يصدره رئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية يعتبر من أعمال الإدارة التى تدخل فى اختصاص القضاء وهذا الوجه مردود بأن النظام الدستورى المصرى يقوم على أساس وجود أربع سلطات هى السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية وسلطة الصحافة وأن رئيس الجمهورية يجمع بين رئاسة الدولة ورئاسة السلطة التنفيذية وبمجرد صدور القرار المطعون فيه من رئيس الجمهورية إسناداً إلى اختصاص منوط به كرئيس للدولة لا يجعل منه عملا من أعمال السيادة لأن من أعمال السيادة ما يصدر من رئيس الحكومة فالمناط فى التفرقة بين أعمال السيادة وغيرها من أعمال الإدارة هو بطبيعته العمل فى ذاته أيا كانت جهة إصداره أو سند إصداره حسبما استقر على ذلك الفقه والقضاء وترى المحكمة أن القرار المطعون فيه ذو طبيعة إدارية فهو من جنس قرار التعيين الذى صدر من رئيس الجمهورية طبقاً للمادة 18 من لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس الصادر فى 3/11/1957 حتى لو كان الباعث عليه سياسياً لأن نظرية الباعث السياسى كمعيار للتمييز بين أعمال السيادة وغيرها عدل القضاء عنها من زمن بعيد وموافقة الشعب على القرار المطعون فيه فى الاستفتاء الذى أجرى عليه لا تغير هى الأخرى من طبيعته كقرار إدارى فهذه الموافقة لا تعنى أكثر من تأييد القرار سياسياً فيبقى القرار على طبيعته وعلى حاله من المشروعية أو عدم المشروعية يضاف إلى ذلك أن غاية ما تستهدفه نظرية أعمال السيادة هو حجب هذه الأعمال عن رقابة القضاء أيا كانت طبيعة هذه الرقابة ولائية أو قضائية وقد خول القانون رقم 154 لسنة 1981 محكمة القيم الاختصاص بالفصل فى التظلم من القرار المطعون فيه ويقتضى هذا نفى شبه عمل السيادة عن القرار المطعون فيه .

ومن حيث إن الوجه الثانى من الدفع بعدم الاختصاص يقوم على أن قرار رئيس الجمهورية الصادر سنة 1971 بتعيين المدعى ليس قراراً إدارياً حسبما يقول المدعى نفسه فى دفاعه وإنما هو عمل مادى كشف عن مركز قانونى استمده المدعى من عمليتى الانتخاب والقرعة طبقاً لأحكام لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك المشار إليها ولذا فإن قرار تنحيته يعتبر هو الآخر عملاً مادياً يخرج عن اختصاص القضاء الإدارى تكاملت فيه مقومات القرار الإدارى حسبما استقر عليه القضاء الإدارى وهو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة وبمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى لتحقيق مصلحة عامة ولذا فإن المنازعة بشأنه تعتبر منازعة إدارية مما يدخل فى اختصاص القضاء الإدارى طبقاً للمادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة بينما يدخل فى اختصاص محكمة القضاء الإدارى حسبما سيجئ بعد . ومن حيث إن الوجه الثالث للدفع بعدم الاختصاص يقوم على أن المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب المعدلة بالقانون رقم 154 لسنة 1981 أعطت محكمة القيم دون غيرها الاختصاص بالفصل فى القرار المطعون فيه وهذا الوجه مردود بما سبق إيضاحه فى الرد على طلب وقف الدعوى من أن المادة المشار إليها استخدمت كلمة الدعاوى فى بعض البنود وكلمة التظلمات فى بنود أخرى وأن المشرع قصد من المغايرة بين الكلمتين أن تكون محكمة القيم جهة قضاء فى حالات وجهة تظلم فى حالات أخرى وأن التظلم الذى يقدم إلى محكمة القيم طبقاً للمادة المشار إليها لا ينهض بديلاً عن الطعن القضائى ومن ثم فإن التظلم إلى محكمة القيم لا يعتبر طريق طعن مواز لقضاء الإلغاء المنوط بمجلس الدولة خاصة وأنه لا يحقق مزايا قضاء الإلغاء وضماناته وأن المشرع لم يحدد مواعيد أو إجراءات معينة لتقديم التظلم والفصل فيه وإعطاء الاختصاص ، بالفصل فى التظلم من بعض القرارات الإدارية إلى جهات قضائية أو جهات إدارية ذات اختصاص قضائى ليس أمراً جديداً على التشريع المصرى فالمادة 35 من القانون رقم 112 لسنة 1946 بشأن الشهر العقارى تخول لصاحب الشأن حق الالتجاء إلى قاضى الأمور الوقتية ليأمر بإبقاء الرقم الوقتى للشهر بصفة دائمة أو بإلغائه وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن ذلك لا يعتبر طريق طعن مواز لقضاء الإلغاء ولا يحجب اختصاص القضاء الإدارى ، والمادة 3 مكرراً من القانون رقم 112 لسنة 1958 بشأن الطوارئ كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم 164 لسنة 1981 على جواز التظلم من قرارات فرض الحراسة إلى محكمة أمن دولة العليا تشكل وفق أحكام القانون المذكور وقضت المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 830 لسنة 20 ق بجلسة 29 / 12 /1979 بأن هذا التظلم لا يستقيم اختصاصاً مانعاً من ولاية القضاء الإدارى لأنه محض تظلم إدارى لا يغنى عن حق المواطن فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى .

ومن حيث إنه لما تقدم يكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى غير قائم على سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض .

ومن حيث إن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانونى يقوم على أن هذا الميعاد وهو ستون يوماً يحسب من تاريخ نشر القرار المطعون فيه فى الجريدة الرسمية فى 3 / 9/1981 وأن التظلم الذى قدمه المدعى من هذا القرار إلى رئيس الجمهورية فى 28 / 12 / 1981 قد قدم بعد الميعاد القانونى ولذا فلا ينتج أثره فى قطع الميعاد أما التظلم الذى قدمه المدعى إلى محكمة القيم فلا يترتب عليه قطع ميعاد رفع الدعوى لأن هذا الثر قصره القانون على التظلم الإدارى الذى يقدم لمصدر القرار أو الجهة الرئاسية له وهذا الدفع مردود بأن القرار المطعون فيه يعتبر من القرارات الفردية التى يحسب ميعاد رفع الدعوى بشأنها من تاريخ العلم اليقينى بفحوى القرار وأسبابه علماً يقينياً سواء بطريق النشر أو بطريق الإبلاغ أو بأى طريقة أخرى حسبما استقر على ذلك قضاء هذه المحكمة ولما كانت الحكومة لم تقدم أى دليل علم على المدعى بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً فى تاريخ معين وكان النشر فى الجريدة الرسمية لا يحقق للمدعى هذا العلم اليقينى فلا مناص من اعتبار المدعى عالماً بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً فى تاريخ تظلمه إلى المدعى الاشتراكى ومحكمة القيم فى 31 / 10 / 1981 وهذا التظلم من شأنه قطع ميعاد رفع الدعوى لأن المشرع وقد ناط بمحكمة القيم وحدها الاختصاص بالفصل فى هذا التظلم قصد أن تقوم هذه المحكمة مقام الجهة الإدارية مصدرة القرار فى الفصل فى التظلم ومن ثم يبدأ ميعاد رفع الدعوى من 30 / 12 /1981 تاريخ تحقق قرينة الرفض الضمنى للتظلم المستفادة من مضى ستين يوماً على تقديم التظلم دون البت فيه وفقا لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة وإذا أقيمت الدعوى الماثلة 12 / 1 /1982 فإنها تكون مقامة فى الميعاد القانونى وجدير بالملاحظة أن هذه النتيجة لا تتغير بافتراض علم المدعى بالقرار المطعون فيه من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية حسبما جاء فى دفاع الحكومة .

ومن حيث إن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يقوم على أن محكمة القيم بجلسة 3 / 1 / 1982 فى التظلم المقدم إليها من المدعى برقم 23 لسنة 11 ق فى القرار المطعون فيه حكمت برفض التظلم وهذا القضاء يعتبر حجة بما فصل فيه فلا يجوز إعادة عرض النزاع بشأنه على القضاء مرة أخرى عملاً بنص المادة 101 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بشأن الإثبات وهذا الدفع مردود بأن محكمة القيم لم تفصل فى التظلم المشار إليه بوصفها جهة قضاء وإنما بوصفها جهة تظلم تحل محل الجهة الإدارية فى هذا الشأن لموجب القانون رقم 154 لسنة 1981 وذلك على النحو المبين فى الرد على طلب وقف الدعوى وعلى الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولذا فإن الحكم برفض التظلم لا يعتبر قضاء يحوز الحجية طبقاً للمادة 11 من قانون الإثبات المشار إليه وإنما هو أمر ولائى واجب التنفيذ كالأحكام طبقاً للمادة 61 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب التى تنص فى فقرتها الأولى على أن ( يعاقب بالحبس كل من امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر صادر من محكمة القيم بعد مضى ثمانية أيام من تاريخ إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً فى اختصاصه ) ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى غير محله جديراً بالرفض .

ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية ولذا فهى مقبولة شكلا .

ومن حيث إنه موضوع الدعوى فقد استند القرار المطعون فيه فى ديباجته إلى المادة 74 من الدستور التى تتضمن حالة من حالات الضرورة ولما كان القضاء الإدارى مستقراً على أن الضرورة كسبب للقرار الإدارى لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة هى :

1- قيام خطر جسيم مفاجئ يهدد النظام والأمن .

2- وأن يكون القرار هو الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر .

3- وأن يكون القرار لازماً حتماً فلا يزيد على ما تقتضيه الضرورة وكان الثابت من أوراق الدعوى أن رئيس الجمهورية أوضح فى بيانه وخطابه الموجهين إلى الشعب مساء يوم 5 / 9 / 1981 الأسباب التى دفعته إلى إصدار القرار المطعون فيه وغيره من القرارات المصاحبة له يبين منها أن الخطر الجسيم المفاجئ الذى دفعه إلى إصدار القرار هو أحداث الزاوية الحمراء . وأن الشرطة سيطرت على الموقف وصانت الأمن العام فى حينه وأن النيابة العامة وضعت الأمر فى نصابه وكان ذلك فى شهر يونية سنة 1981 فإن القرار المطعون فيه وقد صدر فى 2 / 9 / 1981 فى تاريخ لاحق على وقوع الأحداث المشار إليها والسيطرة عليها يكون قد صدر فى وقت لم تكن فيه الأمور تستلزم صدوره حتى لو كان رئيس الجمهورية يخشى وقوع أحداث خطيرة وجسيمة فى المستقبل وبذلك ينتفى الركن الأول لقيام حالة الضرورة المبررة لإصدار القرار المطعون فيه كما أن القرار المطعون فيه لم يكن الوسيلة الوحيدة لدفع ما ظنه رئيس الجمهورية خطراً جسيماً مفاجئاً وقت إصدار القرار حيث كانت هناك قواعد قانونية عادية تكفل معالجة الوضع منها على سبيل المثال أحكام قانون العقوبات الخاصة بحماية أمن الدولة والقانون رقم 34 لسنة 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية والقانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الإجتماعى والقانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب ومن ثم ينتفى أيضاً الركن الثانى لقيام حالة الضرورة الملجئة لإصدار القرار المطعون فيه وبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه غير قائم على السبب الذى استند إليه وهو المادة 74 من الدستور .

ومن حيث إنه عن مدى حمل القرار المطعون فيه على أسباب صحيحة تبرره وفقاً لأحكام الدستور الأخرى وأحكام القوانين واللوائح النافذة وقت صدوره فيلاحظ بادئ الأمر أن القرار المطعون فيه يتضمن فى مادته الأولى تنحية المدعى من منصبه كبطريرك للأقباط والذى سبق لرئيس الجمهورية تعيينه فيه بالقرار الجمهورى برقم 2772 لسنة 1971 عملا بحكم المادة 18 من لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس المعتمدة بقرار رئيس الجمهورية الصادر بتاريخ 7 / 11 / 1957 والتى تنص الفقرة الأخيرة منه على الآتى : ( ويصدر قرار جمهورى بتعيين البطريرك ويقوم القائم مقام البطريرك برسامته وفقا لتقاليد الكنيسة ) ويتضمن القرار المطعون فيه ايضاً فى مادته الثانية تشكيل لجنة خماسية من الأساقفة للقيام بالمهام البابوية . ومن حيث إنه يبين من استقراء المبادئ التى قام عليها الفرمان العالى الصادر فى 18 من فبراير سنة 1856 بتنظيم أمور الطوائف غير الإسلامية فى الدولة العلية والأحكام التى نص عليها الأمر العالى رقم 3 الصادر فى 14 من مايو سنة 1883 بالتصديق على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومى المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927 والقانون رقم 48 لسنة 1950 وأحكام القانون رقم 15 لسنة 1927 بتنظيم سلطة الملك فيما يختص بالمعاهد الدينية وتعيين الرؤساء الدينيين وبالمسائل الخاصة بالأديان المسموح بها فى البلاد وأحكام القانون رقم 20 لسنة 1971 ببعض الأحكام الخاصة بانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية للأقباط الأرثوذكس وأحكام لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس بقرار رئيس الجمهورية المؤرخ 2 / 11 /1957 أن عمل البطريركية بهيئاتها المتفرعة عنها هى رعاية مرافق الأقباط الأرثوذكس وهذا العمل أصلاً من مهام الحكومة ويقع على عاتقها القيام به لو لم يستند إلى البطريركية باعتبار أنه من فروع الخدمات التى تؤديها السلطة العامة وفى سبيل نهوض البطريركية بهذا العمل وحسن توجيهه خولها المشرع نصيباً من السلطة ووضع القواعد المنظمة لها وبين الهيئات التى تتفرع منها وكيفية تكوين كل منها ومجال نشاطها ومدى اختصاصها ونظم الطريقة التى تمارس بها هذه الهيئات وظائفها وبين كيفية محاكمة الإكليروس وجعل الرئاسة للبطريرك على البطريركية وفروعها المختلفة ورسم طريق ترشيحه وانتخابه وبناء على ذلك تكون قد توافرت لبطريركية الأقباط الأرثوذكس مقومات أشخاص القانون العام وهذا ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا .

ومن حيث إن الرسالة الدينية المنوطة بالبطريركية وهو تمثل النشاط الأساسى والهام للمرفق الذى تقوم على رعايته والنهوض به يقع على عبء إدارتها على عاتق الكهنة ولما كانت طبيعة هذه الأعمال تتميز بالأهمية والدقة لما لها من أثر بالغ فى تعميق التعاليم الدينية وآدابها فإنها تتطلب فى شاغليها شروطاً خاصة يستقيم معها حسن أداء هذه الخدمة العامة وتحقيقاً لذلك عنى القانون بوضع القواعد التى تكفل تنظيم شئون الكهنة فى تعيينهم وترقيتهم ومراقبة سيرهم ومحاكمتهم ، وخصص القانون تعيين البطريرك وهو رأس البطريركية بقواعد خاصة تتفق وأهمية المنصب فنص القانون رقم 15 لسنة 1927 على أن يكون تعيينه بأمر ملكى بناء على ما يعرضه رئيس مجلس الوزراء وبين القانون رقم 20 لسنة 1971 إجراءات ترشيحه وانتخابه وأحال فى تنظيم هذه الإجراءات إلى قرارات من رئيس الجمهورية وحددت لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك المعتمدة بقرار رئيس الجمهورية الصادر فى 2 / 11 /1957 طريقة اختيار البطريرك وأداة تعيينه فى منصبه وهى قرار من رئيس الجمهورية .

ومن حيث إنه يبين من جماع ما تقدم أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس هى شخص من أشخاص القانون العام يتولى إدارة مرفق عام من مرافق الدولة مستعيناً فى ذلك بقسط من اختصاصات السلطة العامة ويقوم الكهنة فيه والبطريرك على رأسهم بخدمة عامة أساسية تتمثل فى أداء الشعائر الدينية وتعميق التربية الدينية فى نفوس أفراد الطائفة وتربطهم بالبطريركية بالإضافة إلى الروابط الدينية روابط تدخل فى نطاق القانون العام تنظمها القوانين الصادرة فى هذا الشأن ولاذ فإنهم يعتبرون من الموظفين العموميين وإذا كان البطريرك لا يشغل أياً من المستويات الوظيفية التى أخذ بها قانون مجلس الدولة معياراً لتوزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية فإن وظيفته كرئيس للبطريركية ورئيس دينى منظور فى ذلك إلى مستواها وأهميتها وخطورتها تعتبر من المناصب الرئيسية التى تدخل فى اختصاص هذه المحكمة النظر فيما يثور بشأنها من منازعات .

ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أحكام القانون رقم 15 لسنة 1927 بتنظيم سلطة الملك فيما يختص بالمعاهد الدينية وتعيين الرؤساء الدينيين وبالمسائل الخاصة بالأديان المسموح بها فى البلاد والقانون رقم 20 لسنة 1971 ببعض الأحكام الخاصة بانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية للأقباط الأرثوذكس ولائحة ترشيح وانتخاب البطريرك الصادرة بقرار رئيس الجمهورية المؤرخ 7/11/1957أن البطريرك يعين بقرار من رئيس الجمهورية ويستمد مركزه القانونى وسلطته من هذا القرار مباشرة أما ما يسبق قرار تعيينه من إجراءات الترشيح والانتخاب والقرعة فهى مجرد إجراءات لاختيار من يعين فى المنصب المذكور كرئيس دينى يماثل فى طبيعته إجراء حلف اليمين بالنسبة لرجال القضاء قبل مباشرتهم لولايتهم القضائية وقد أشار الخط الهمايونى الصادر فى فبراير سنة 1856 إلى هذا الإجراء بنصه على أنه ( وحين ينصب البطريرك أو المطران والمرخص والأبيسكبوس والحاخام يقتضى ذلك أن يوفوا بالأصول التحليفية تطبيقاً لصورة يحصل القرار عليها فيما بين بابنا العالى ورؤساء الجماعات المختلفة الروحيين ) ولذلك يكون غير صحيح ما أبداه المدعى من أن قرار رئيس الجمهورية بتعيينه ليس إلا عملا توثيقياً من طبيعة عمل الموثق وأنه لا يمثل شيئاً بالنسبة للكنيسة لأن الجهة الوحيدة التى تملك تنصيب البطريرك وعزله هى المجمع المقدس ، فرسامة البطريرك أو تنصيبه بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بتعيينه إجراء يقوم به القائم مقام البطريرك وفقا لصريح نص المادة 18 من اللائحة المشار إليها وليس المجمع المقدس كما أبدى المدعى وهو إجراء لازم لمباشرة ولايته الدينية كما سلف البيان .

ومن حيث إن الخط الهمايونى الصادر فى فبراير سنة 1856 ينص صراحة على أنه ( ومن بعد أن تصلح أصول انتخاب البطاركة والحالة هذه يصير كذلك إجراء أصول تنصيبهم وتعيينهم لمدة حياتهم تطبيقاً لأحكام براءة البطريركية العلية ) ولما كانت القوانين واللوائح الأخرى المنظمة لتعيين البطريرك قد خلت من النص على انتهاء ولايته فى سن معينة كما خلت من النص على نظام لإنهاء ولايته بالطريق التأديبى أو غير التأديبى فإنه يعتبر والحالة هذه معيناً لمدة غير معينة ولا يجوز تنحيته عن منصبه كجزاء ولكن ليس معنى ذلك أن يبقى البطريرك فى منصبه مهما حدثت له من عوارض الحياة كالوفاة أو الجنون أو المرض المعجز عن العمل ومهما حدث منه من خروج على مقتضيات المصلحة العامة مما يؤثر على حسن قيام البطريركية بالمهام الموكولة إليها أو خروج على مقتضيات منصبه مثل الهرطقة والسيمونية وغير ذلك ولذا يجوز تنحية البطريرك عن منصبه إذا ما قام به سبب أو آخر من أسباب عدم الصلاحية للبقاء فيه ومرد ذلك إلى أصل مسلم به وهو وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على نحو يحقق الصالح العام وتطبيقاً لذلك نصت المادة الأولى من لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك الصادرة فى 2 / 11 / 1957 على أنه ( إذا خلال كرسى البطريرك بسبب وفاة شاغله أو لأى سبب آخر .. ) فهذا النص يدل على أن هناك أسبابا لخلو منصب البطريرك غير الوفاة بعضها قد يكون بإرادة البطريرك نفسه مثل التنحى وبعضها قد يكون بإرادة السلطة العامة مثل التنحية لعدم الصلاحية للبقاء فى هذا المنصب أياً كان وجه عدم الصلاحية ، ولما كان البطريرك على رأس العاملين بمرفق عام هو بطريركية الأقباط الأرثوذكس فلزم أن تكون للحكومة سلطة إقصائه عن منصبه إذا ارتأت أنه أصبح غير صالح للبقاء فيه أو أن استمراره فيه يؤثر على حسن قيام البطريركية بالمهام الموكولة إليها بانتظام واضطراد وهذا من الملائمات المتروكة لتقديرها ما دامت لم تستهدف سوى المصلحة وقرارها بالتنحية يعتبر من التدابير أو الإجراءات الداخلة فى مجال الإشراف على المرافق العامة واختيار القائمين عليها وهو مجال تملك فيه الحكومة سلطات واسعة لا يصح أن تغل لمجرد أنها تمس أو تؤذى أحد العاملين طالما أنها لم تستهدف هذا المساس أو الإيذاء فى ذاته بقدر ما تستهدف صالح المرفق والصالح العام . ومن حيث إنه لما كان تعيين المدعى فى منصبه تم بقرار من رئيس الجمهورية على النحو السابق بيانه فإن السلطة التى تملك إلغاء هذا القرار بما ينطوى عليه من تنحية هو رئيس الجمهورية وفقا لنظرية القرار المضاد ذلك أن من يملك التعيين يملك التنحية ما دام القانون لم يعهد بها إلأى سلطة أخرى وذلك عملا بأصل عام مؤداه أن المركز القانونى الذى ينشأ بداءة من درجة معينة لا يجوز إلغاؤه إلا بأداة من ذات الدرجة ما لم يوجد نص على خلاف ذلك وقد أخذ القضاء الإدارى بهذا النظر فى كل من مصر وفرنسا ولذا فإن قرار تنحية المدعى يعتبر صادراً ممن يملكه قانوناً ولا يغير من ذلك ما أبداه المدعى من أن السلطة الوحيدة التى تملك تنحيته عن منصبه هى المجمع المقدس لأن هذا القول يستند إلى أن المجمع المقدس هو الذى يملك تعيين المدعى وهو غير صحيح كما سلف البيان وإذا كان للمجمع المقدس دور فى تنحية البطريرك فإنه لا يتعدى حدود الاقتراح للسلطة المختصة قانون بالتنحية وهى رئيس الجمهورية الذى يملك مباشرة اختصاصه فى هذا الشأن بالتصدى له مباشرة أو بناء على اقتراح المجمع المقدس أو غيره من الهيئات المعنية ولأسباب الثلاثة التى أشار إليها المدعى أو لغيرها من الأسباب .

ومن حيث إنه ولئن كان للمدعى بحكم منصبه كبطريرك الأقباط الأرثوذكس داخل المجمع المقدس والمجلس الملى العام وغيرهما من الهيئات المتفرعة عن البطريركية حق دراسة أحوال الطائفة المتعلقة بشئون دينهم وتلك المتعلقة بشئون دنياهم كمواطنين مصريين سواء فيما هو منوط بالبطريركية من اختصاصات أو غيرها من الشئون العامة التى تمس مصالحهم كأقباط وإبداء رأيه ومقترحاته وطلباته فى ذلك لسلطات الدولة من خلال القنوات الشرعية ومناقشة هذه المقترحات والطلبات . إلا أن المدعى ، وهو يتمتع بصلاحيات واسعة فى الرقابة والتوجيه والإشراف والمشاركة فى القرارات والتصرفات التى تصدر عن البطريركية كما أن له نفوذاً بالغ التأثير على أفراد الطائفة بوصفه أباً روحياً لهم يتعين عليه أن يبدى آراءه ومقترحاته وطلباته وأن يلتزم فى مسلكه بطريقة بعيدة عن الهجوم أو الإثارة أو قصد التشهير مما يؤثر على حسن قيام البطريركية بالمهام المنوطة بها كما يتعين عليه مراعاة التدرج الهرمى فى نظام الدولة الذى يتبوأ قمته رئيس واحد يصدر فى تصرفاته عن فكر وعن فلسفة موحدة متناسقة يستلهمها الذين هم أدنى منه مرتبة بحيث يسود أجهزتها روح واحدة يتحقق بها ومعها الانسجام والتوافق بين جميع سلطات الدولة ومرافقها العامة لتقوم بأداء الواجبات المنوطة بها فى خدمة الصالح العام على أحسن وجه .

ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى ، أن المدعى سواء بنفسه أو بإيعاز منه ، أمر بالتغاضى عن تصرفات أعوانه ومرؤوسيه داخل مصر وخارجها وعدم شجبه لهذه التصرفات أو مساءلتهم عنها أساء تقدير بعض الحوادث الفردية التى وقعت على بعض الأقباط فى مصر وتورط فى مهاجمة السلطات العامة واتهامها بالتقصير فى مواجهة هذه الحوادث وبالتواطؤ فى تدبير حدوثها والتشكيك فى حيدة رجال الشرطة وسلطات التحقيق وذلك دون وجه حق حسبما يبين من رد وزارة العدل على مذكرة المستشار القانونى للبطريركية التى تقدم بها إلى رئيس مجلس الوزراء فى أبريل سنة 1980 فقد أوضح هذا الرد أن هذه الحوادث بعضها لا يزال محل تحقيق النيابة العامة وبعضها تم تحقيقه والتصرف فيه وفقا للقانون إما بطلب الإحالة إلى محكمة أمن الدولة العليا وإما بالحفظ لعدم وجود جريمة وإما بالحفظ لعدم معرفة الفاعل وإما بالحفظ للتصالح بين أطراف النزاع وإما بصدور قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وذلك إعمالا لسلطة النيابة العامة وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية وقد كفل القانون المذكور للمجنى عليهم وللمضرورين مدنياً حق الطعن فى قرارات النيابة العامة أمام القضاء ، والدولة لم تقصر فى أداء واجبها إزاء هذه الحوادث سواء من ناحية اتخاذ الإجراءات الأمنية لحراسة الكنائس أو من ناحية الإجراءات القانونية من تحقيق وتصرف فيه ومساءلة جنائية أما اتهام الدولة بالتواطؤ فى تدبير الحوادث المشار إليها فضلا عن أنه لم يتم بدليل فى أوراق الدعوى فإنه اتهام يتعارض مع المنطق ومع مصلحة الدولة فليس من المعقول أن تسعى سلطات الدولة لإثارة الفتنة الطائفية بين رعاياها المسئولة عن أمنهم وحمايتهم جميعاً بما تنطوى عليه من مخاطر هدم كيان الدولة ذاته وإلحاق الضرر بمصالحها أو سلطاتها ومن المسلم به أن القاعدة العريضة من الشعب المصرى تنفر بطبيعتها من التعصب والتطرف أيا كان سببه أو نوعه وتدين الإرهاب والعنف أياً كان مصدره وقد سعى المدعى إلى إثارة شعور الأقباط لحشدهم حولهواستغل ذلك فى الضغط على سلطات الدولة لإجابة بعض المطالب القبطية فى مسائل عامة تهم الشعب المصرى كله مثل السماح ببناء الكنائس بغير قيود وتمثيل الأقباط فى المناصب السياسية ووظائف المحافظين ورؤساء المدن ، ووظائف مجالس إدارة شركات القطاع العام وما أطلق عليه اسم عدم الاستيلاء على الأوقاف القبطية وعدم ترغيب المسيحيين فى الإسلام وغير ذلك من المطالب التى وردت بمذكرة المستشار القانونى للبطريركية السالف الإشارة إليها وغيرها وهى مطالب طائفية تقتضى طبيعتها دراسات وأبحاثاً واسعة وعميقة متأنية على جميع المستويات الرسمية والشعبية لتقدير ملاءمتها ومعرفة آثارها وانعكاساتها على كيان الدولة ونظام الحكم والإدارة فيها فى ضوء أحكام الدستور القائم وقد اتخذ الضغط على سلطات الدولة لإجابة هذه المطالب صوراً شتى فقد انتهز المدعى فرصة سفر رئيس الجمهورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال سنتى 1978 و 1980 لإجراء مباحثات السلام وبعث إلى الكنائس القبطية فى الخارج بأخبار مبالغ فيها عن حوادث الاعتداءات على بعض الكنائس القبطية وبعض المواطنين من الأقباط مصوراً الأمر على أنه اضطهاد وإبادة للأقباط فى مصروهذه الكنائس وكهنتها يعينهم البطريرك ويعملون تحت رئاسته المباشرة حسبما يستفاد من الإقرار الصادر من المدعى فى 2 / 6 ، 1982 بالنسبة للأب مرقص الأسقيطى راعى كنيسة هيوستن بأمريكا الواردة صورته فى حافظة مستندات الحكومة المقدمة بجلسة 25 / 1 / 1983 بتنظيم مسيرات احتجاج أمام المقر الذى يقيم فيه الرئيس وأمام مقر الرئاسة الأمريكى تشجب اضطهاد الأقباط فى مصر وتطالب بتقرير حقوق الإنسان للأقباط المصريين وإرسال منشورات إلى أعضاء مجلس الشيوخ والكونجرس والمجلس العالمى للكنائس بهذا المعنى ومطالبتهم بالتدخل لحماية الأقباط فى مصر وذلك تشهيراً بالحكومة المصرية أمام الرأى العام العالمى واستعدائه عليها وكان المدعى قبل ذلك قد أعلن الصوم الانقطاعى فى 1 / 1 / 1977 للمطالبة بإضافة فقرة جديدة إلى أى مشروع تعديل المادة 2 من الدستور تفيد تطبيق شريعة أهل الكتاب عليهم وما لا يتعارض معها من مبادئ التشريع الإسلامى مع أن المسئولين أوضحوا أن هذه الفقرة لا تضيف جديداً أن الشريعة الإسلامية تقضى بتطبيق شريعة الأقباط على أحوالهم الشخصية وأن المذكرة الإيضاحية ستتضمن ما يفيد ذلك ورغم ذلك فإن مجلة الكرازة التى تولى المدعى رئاسة تحريرها وهى خاصة بشئون الطائفة تضمنت فى عددها الصادر بتاريخ 3 / 11 / 1979 مقالا يقول إن الكل مجمع على رأى واحد هو وجوب أن يشمل النص الفقرة المطلوبة لأننا ( لا نضمن إطلاقاً تأويل هذا النص ومدى استغلاله وتأثيره فى نفوس الناس وتأثيره فى تعديل كثير من القوانين ولا نضمن هل تعود مشكلة الحدود مرة أخرى أم لا ولا نطمئن إلى شروحات فى مذكرة إيضاحية فقد لا يقرأها أحد وقد ينساها الناس بمضى الزمن ) وعندما وقع حادث اعتداء على بعض الطلبة الأقباط فى المدينة الجامعية بالإسكندرية فى 18/3/1980 فإن المدعى بدلا من تهدئة المشاعر وترك الموضوع للسلطات المختصة لمعالجته فى إطار القوانين واللوائح تغاضى عن قيام بطريركية الأقباط بالإسكندرية بتنظيم مؤتمر للطلبة المسيحيين بجامعة الإسكندرية أسفر عن صدور منشور إلى طلاب الجامعة يتضمن بعض المطالب الطائفية التى لا صلة لها بحادث الاعتداء وكانت قمة التصعيد فى الضغوط على سلطات الدولة قيام المدعى بدعوة المجمع المقدس إلى الاجتماع برئاسته يوم 26 / 3 / 1980 واستصدر قراراً منه بإلغاء الاحتفالات الرسمية بعيد القيامة المجيد وعدم تقبل التهانى بهذا العيد وقيام أعضاء المجمع المقدس بالاعتكاف فى الأديرة خلال العيد وذلك تعبيراً عما أسموه الآلام التى يعانيها الأقباط وقد ترتبت على هذا القرار أصداء واسعة وخطيرة على المستوى المحلى والعالمى فإلغاء الاحتفال بعيد دينى كبير والاعتكاف فى الدير أثار مشاعر القباط فى مصر والخارج واستعدى الرأى العام العالمى على الحكومة المصرية واضر بسمعة البلاد فى وقت نظمت فيها المسيرات احتجاجاً على ما أسموه اضطهاد الأقباط فى مصر ووزعت المنشورات بهذا المعنى على المسئولين الأمريكيين ورجال الدين المسيحى ومجلس الكنائس العالمى تناشدهم التدخل لدى الرئيس لرفع الظلم عنهم وإعطائهم حقوق الإنسان التى أقرتها الأمم المتحدة وفى تقرير لوزارة الخارجية عن صدى هذا القرار فى أستراليا مودع بحافظة مستندات الحكومة المقدمة بتاريخ 22/2/1983 ورد أن قرار المجمع المقدس المشار إليه تضمنه بيان من الكنيسة القبطية بسيدنى أذيع فى إذاعة شئون الجاليات قررت فيه الكنيسة المذكورة أيضاً إلغاء الاحتفالات بالعيد وعدم تقبل الزيارات الرسمية للتهنئة بالعيد وأن القنصل المصرى اتصل بسكرتير مجلس الكنيسة فى هذا الشأن فأخبره أن أحداً لا يستطيع تدارك الموقف أو التخفيف منه لأنها أوامر وتعليمات تأتيهم من القاهرة ويسيرون عليها وأضاف القنصل أن هناك نشاطاً آخر حدث هو إصداره نشرة على الكنائس تسرد الحوادث التى وقعت فى مصر ومطالبة الإذاعة بعدم إذاعة تهنئة بالعيد والتوجه إلى أجهزة الإعلام الأسترالية لنشر قضيتهم والاستعداد لإصدار وتوزيع منشورات والقيام بمسيرة شعبية للتعبير عن مشاعرهم إزاء اضطهاد أقباط مصر وليس من شك فى أن هذه التصرفات كلها تنطوى على تحد لسلطة الدولة وعلى تعطيل لأداء الشعائر الدينية القبطية وامتناع من المدعى عن تأدية مهام منصبه مما يؤثر على حسن قيام البطريركية بعملها كمرفق عام من مرافق الدولة بل إنها تخرب العلاقات الأخوية الودية الأبدية بين أفراد الشعب المصرى مسلمين وأقباطاً بما يهدد الأمن والنظام العام فى البلاد ولما كان الباعث على إصدار القرار المطعون فيه هو إخماد الفتنة وتحقيق الصالح العام بتأمين قيام البطريركية بالمهام الموكولة إليها بانتظام واضطراد وضمان استمرارها فى تأدية هذه المهام بالتعاون مع باقى مرافق الدولة وسلطاتها فى إطار السياسة العامة للبلاد ونظامها العام ولم يقدم المدعى أى دليل كما خلت أوراق الدعوى من أى دليل على انحراف رئيس الجمهورية بسلطته لتحقيق مآرب أخرى بعيدة عن الصالح العام أو لمجازاة المدعى أو الانتقام منه فإن القرار المذكور وقد صدر ممن يملكه قانونا بناء على أسباب صحيحة تؤدى إلى تبرير النتيجة التى انتهى إليها باستخلاص سائغ مقبول يكون قراراً سليماً قانوناً ويكون طلب إلغائه فيما تضمنه من تنحية المدعى عن منصبه غير قائم على سند من الواقع أو القانون جديراً بالرفض .

ولا يغير مما تقدم البيان الذى وردت صورته بحافظة مستندات المدعى المقدمة بجلسة 26 / 1 /1982 والصادر من أعضاء المجمع المقدس وأعضاء المجلس الملى العام والمجلس الملى السكندرى وهيئة الأوقاف القبطية وبعض الشخصيات القبطية برئاسة المدعى بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون يوم 15 / 4 / 1980 والذى يهنئون فيه رئيس الجمهورية بسلامة العودة من الخارج ويذكرون فيه أنهم لا يقبلون إطلاقاً أن يسئ أحد إلى سمعة مصر وخاصة خارج الوطن وأنهم يشجبون كل ما يفتت الوحدة الوطنية سواء من الاعتداءات والمظاهرات ونشر المقالات المثيرة لنفوس الأقباط ويعلنون ثقتهم بالرئيس فى أن يتدارك الموقف بحكمته المعهودة ذلك أن المدعى استمر بعد هذا البيان فى انتهاج الطريق الذى يسير فيه من مهاجمة لسلطات الدولة وإثارة مشاعر الأقباط بدليل أنه لم يعدل عن اعتكافه بالدير وأن مجلة الكرازة فى عددها الصادر بتاريخ 18 / 4 /1980 عقب البيان المذكور نشرت أخباراً عن قرار المدعى إلغاء سفره إلى لندن لإجراء فحوص طبية للظروف الحاضرة وعن اعتكافه بالدير وأنه لا يقابل أحداً وعن اعتذاره عن السفر لأستراليا لحضور اجتماع مجلس الكنائس العالمى الذى سينعقد بملبورن فى أوائل مايو والذى كان سيلقى فيه الكلمة الافتتاحية الأمر الذى ينم عن أن البيان استهدف تهدئة مشاعر الأقباط التى أثارتها تصرفاته . وايضاً تهدئة سلطات الدولة ورئيس الجمهورية بعد أن لمس النتائج الخطيرة التى ترتبت على هذه التصرفات وانعكاساتها الضارة بالبلاد والصالح العام .

ومن حيث إن القرار المطعون فيه تضمن فى مادته الثانية تشكيل لجنة من خمسة من الأساقفة للقيام بالمهام البابوية وقد نصت المادة الأولى من لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس على أنه ( إذا خلا كرسى البطريرك بسبب وفاة شاغله أو لأى سبب آخر فيجتمع المجمع المقدس والمجلس الملى العام بناء على دعوة أقدم المطارنة رسامة وبرئاسته فى ميعاد لا يجاوز سبعة أيام من تاريخ خلو الكرسى لاختيار أحد المطارنة قائماً مقام البطريرك ويصدر أمر جمهورى بتعيين القائم مقام البطريرك ليتولى إدارة شئون البطريركية الجارية بحسب القوانين والقواعد الكنسية وطبقاً للوائح المعمول بها وذلك إلى أن يتم تعيين البطريرك ) والمستفاد من هذا النص أن رئيس الجمهورية لا يملك تعيين أكثر من مطران واحد ليقوم مقام البطريرك إذا خلا منصبه وهذا المطران الواحد يختاره المجمع المقدس والمجلس الملى العام فى اجتماع مشترك يعقد بناء على دعوة وبرئاسة أقدم المطارنة رسامة وليس حتماً أن تكون الدعوة إلى الاجتماع خلال السبعة أيام التالية لخلو منصب البطريرك لأنه ليس إلا ميعاداً تنظيمياً لم ترتب اللائحة أى جزاء على مخالفته ولما كان قرار رئيس الجمهورية رقم 2772 لسنة 1971 بشأن تعيين الأنبا شنودة بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقصية وقد انتهت المحكمة فيما سبق من أسباب إلى صحة هذا القرار قانوناً فإن إلغاء تعيين المدعى عليه يترتب عليه خلو منصبه من تاريخ نشر القرار فى الجريدة الرسمية يوم 3/9/1981 واتخاذ الإجراءات المحددة فى اللائحة لاختيار وتعيين بطريرك جديد وبناء على ذلك فإنه وقد خالف القرار المطعون فيه أحكام اللائحة المشار إليها والخاصة بتعيين قائم قام البطريرك وكانت القاعدة أنه لا يجوز الخروج على قاعدة بقرار فردى فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون فيما تضمنه من تعيين خماسية للقيام بالمهام البابوية وهو لذلك جدير بالإلغاء .

ومن حيث إن كلا من المدعى والحكومة قد خسر شقاً من الدعوى يتعين لذلك إلزامهما بالمصروفات مناصفة بينهما طبقاً للمادة 184 مرافعات .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :

أولاً : برفض طلب وقف الدعوى وبرفض الدفوع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانونى وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها .

ثانياً : بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنته من تشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفى الدعوى بالمصروفات مناصفة بينهما .

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
         والمستشار القانونى












ليست هناك تعليقات: