بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

08 يوليو 2010

ضغوط القرية العالمية واحتياجات القرية المحلية




فى مستهل الألفية الثالثة يعيش العالم فى ظل مجتمع أصبحت فيه القضايا المحليه ذات طابع عالمى، و القضايا العالمية تضغط على الدولة القومية و التداخل بينهما أصبح حتميا وواقعيا وملموسا. و لم يعد هناك بد من طرح السؤال : كيف نتعامل مع العولمه؟ بدلا من : هل نلحق بها أم نتفاداها؟ و السؤال فى صورته الاولى يسعى إلى تعظيم المكسب وتقليل الخسارة وذلك حسب لغة رجال الاقتصاد. أو كيف نحافظ على سيادة الدولة و نحتل موقعا متقدما فى النظام الدولى الجديد؟ وفق رؤية رجال السياسة . اما علماء الاجتماع و الاعلام فهمهم الاول هو التعددية الثقافية و هاجسهم هو هيمنة ثقافة القرية العالمية على الثقافة المحلية و اندثار الشخصية القومية. و العولمة شر لابد منه فى رأى علماء الدين على الرغم من ايمانهم الكامل بعالمية الدين الاسلامى عقيدة وشريعة و ثقافة و أخلاقا. فالمشكلة ليست فى الدين الاسلامى ولكن فى أتباع هذا الدين الذين اهملوا دنياهم واعرضوا عن اخرتهم وتطلعوا لما عند علمانى الغرب مما يجعلهم فى مهب الريح حال مواجهة متطلبات القرية العالمية التى تضغط لسيادة ثقافة وديانة وحضارة واحدة تزعم التهجين الحضاري والثقافي وتخفى حقيقة الهيمنة الكاملة للغرب حضارة وثقافة .



ازاء هذا الموقف بات مستقبلنا وكانه لم يعد بمقدورنا تخطيطه ولكنه يخطط لنا . فى معظم الاحيان اضحت الاستراتيجيات التى ندعى لانفسنا وضعها لا تعدو ان تكون رد فعل وليست مبادرة بالفعل، ان اقصى ما هو متاح فعله لدينا هو حرية رد الفعل اى القدرة على التخطيط فى مواجهة ما يحدث عالميا وشتان ما بين ان يترك لنا خيار رد الفعل للتفاعل مع البيئة الدولية وحرية المبادرة التى تغير من هذه البيئة . نتيجة لهذه الوضعية اصبح معيار النجاح ومقياسه على المستوى العربى والوطنى هو الى اى مدى توضع الخطط ( رد الفعل ) لتستجيب لضغوط القرية العالمية وربما بمعزل عن احتياجات القرية المحلية . وفى ظنى اننا كامة نملك القوة والقدرة الكامنة للتخطيط الفاعل الذى يستجيب لاحتياجات القرية المحلية بالدرجة الاولى ويؤثر فى توجهات القرية العالمية على الاقل على المدى الطويل .وسوف يستبين من المناقشة الاتية أن من حق العرب بل من واجبهم المبادرة بالفعل للتأثير فى تفاعلات القرية العالمية وليس فقط مجرد الاستجابة لضغوطها من خلال مناقشة إحدى الجوانب المتعددة للعولمة وأعنى بها تكنولوجيا الاتصال وحرية الاعلام الاليكترونى







اهم قواعد القانون الدولى



تكاد تعتمد كل القوانين الدولية على سبعة مبادئ رئيسية يفترض ان يعمل وفقا لها اعضاء الامم المتحدة وان يدفعوا شعوبهم للالتزام بها وهى :



1. عدم استخدام القوة، بمعنى ان الدول لا يجب ان تستخدم القوة او تهدد باستخدامها فى مواجهة دول اخرى او حقها فى تقرير مصيرها او حرية او استقلال شعوبها . وفقا لهذه القاعدة يمثل العدوان جريمة فى حق المجتمع الدولى وانتهاكا صارخا للسلام ولذلك يحظر على اى دولة احتلال اراضى دولة اخرى بالقوة او الاعتراف القانونى بهذا الحق.



2. التسوية السلمية للمنازعات الدولية، فالدول ملزمة وفق هذه القاعدة بتسوية خلافاتها بالطرق السلمية اى بالتفاوض او الوساطة او التحكيم دون اللجوء للعدوان العسكرى.



3. عدم التدخل، فليس من حق اى دولة التدخل باسلوب مباشر او غير مباشر فى اى من الشؤن الداخلية لدولة أخرى. و لا يقتصر منع التدخل على استخدام القوى العسكرية ولكن يشمل كل اشكال الضغط الاقتصادى او السياسى الهادف لزعزعة الاستقرار السياسى والاندماج الاجتماعى لدولة اخرى . فكل دولة لها حق غير متنازع عليه لاختيار نظامها الثقافى والاقتصادى والسياسى بدون تدخل خارجى .



4. التعاون الدولى، بغض النظر عن الاختلافات بين دول المجتمع الدولى فان عليها التعاون بع بعضها البعض لحفظ السلم والامن الدوليين ولتحقيق الاستقرار والتقدم الاقتصادى . ويفهم من ذلك اقامة العلاقات الدولية وفق اسس من المساواة والتكافؤ وعدم التدخل واحترام حقوق الانسان ومقاومة التميز العنصرى والاضطهاد الدينى .



5. حق الشعوب فى تقرير مصيرها، فكل الشعوب لها الحق الكامل فى الاختيار الحرلتقرير وضعها السياسى والثقافى والاقتصادى ولضمان ذلك عليها ان تحترم نفس الحق للدول الاخرى وفق قاعدة الحقوق المتساوية .



6. السيادة المتساوية لكل الدول، فقد قام ميثاق الامم المتحدة علىالسيادة المتساوية لكل الدول وذلك على الرغم من الاختلافات الواضحة بين الدول سياسيا واقتصاديا وثقافيا فالدول متساوية امام القانون الدولى ولها حق ممارسة سيادتها كاملة غير منقوصة على اراضيهاوفى تعاملها مع الاعضاء الاخرين .



7. التزام المزايا الحسنة، وتقر هذه القاعدة ضرورة التزام الدولة مخلصة بالقانون الدولى ومقتضياته من خلال وعيها الكامل بمتطلبات الالتزام بميثاق الامم المتحدة الذى يجب ان يعلو على اى اتفاقية دولية اخرى .







المبادئ الحاكمة لحرية الاعلام والاتصال الدولى فى الامم المتحدة



ميثاق الامم المتحدة



ميثاق الامم المتحدة والذى تم توقيعه فى 26 يونيو 1945 وتم العمل به بدءا من 24 اكتوبر 1945 ينص فى مادته الاولى على ان الامم المتحدة تسعى لتحقيق التعاون الدولى وتشجيع احترام حقوق الانسان و توفير الحريات الاساسية للجميع بدون تمييز على اساس العرق او الجنس او اللغة او الدين اما المادة رقم (55) فتنص على ان الامم المتحدة يجب ان توفر الاحترام الدولى لحماية ومراقبة حقوق الانسان والحريات الاساسية كما تنص الفقرة رقم ( 58) على انشاء لجنة لحماية حقوق الانسان .



دستور اليونسكو :



اشار دستور اليونسكو الصادر فى 16 نوفمبر 1945 فى الفقرة السادسة منه الى ان اعضاء المنظمة يؤمنون باهمية تطوير وزيادة وسائل الاتصال بين شعوبهم وتوظيف هذه الوسائل لاغراض التفاهم والمعرفة التامة لبعضهم البعض .



وقد عبرت الفقرة الاولى من الدستور بشكل اكثر وضوحا عن حرية تدفق المعلومات كما ذكرت ان على المنظمة ان تضطلع بالاتى لتحقيق هذا الهدف :



تنمية التعاون لتحقيق المعرفة والتفاهم المشترك بين شعوب العالم باستخدام كل وسائل الاتصال الممكنة



دعم وتطوير نشر المعارف والمعلومات من خلال التعاون بين الامم فى مجالات الانشطة الفكرية والثفافية



الاعلان العالمى لحقوق الانسان :



تنص المادة (19) فى الاعلان على ان حرية الراى والتعبير مكفولة لكل فرد ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الاراء والمعلومات والبحث عنها واستقبالها وارسالها من خلال اى وسيلة دون التقيد باية حدود دولية .وتجدر الاشارة ايضا الى ان الاعلان اشار الى حماية هذه المادة عبر القواعد القانونية على مستوى كل دولة ، من ناحية اخرى فان هذه الحقوق والحريات لاتتعارض مع اهداف ومبادئ الامم المتحدة



الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية :



التى صدرت بالاجماع عن الامم المتحدة فى 18 ديسمبر عام 1966 و بدا العمل بها فى 23 مارس 1967 وفيها تنص فقرات رقم 18 ، 19 ، 20 على حرية المعلومات والتفكير واعادة التاكيد على حظر اى دعاية ضد الاديان او التمييز العنصرى او القوميات



اعلان مبادئ التعاون الثقافى الدولى



وقد تبنته الجمعية العامة للامم المتحدة بالاجماع فى 4 نوفمبر 1966 فى احتفال المنظمة بمرور عشرين عاما على تاسيسها وتنص الفقرة الاولى من الاعلان على ان ثقافة كل دولة لها كرامتها وقيمتها واحترامها التى يجب تقديرها والمحافظة عليها وان كل شعب له حق وعليه واجب تنمية هذه الثقافة .



اعلان المبادئ الموجهة لاستخدام البث المباشر بالاقمار الصناعية لتحقيق حرية تدفق المعلومات وانتشار التعليم وتعظيم التبادل الثفافى وقد صدر هذا الاعلان عبر منظمة اليونسكو فى 15 نوفمبر 1972 وقد بنى هذا الاعلان وفق قواعد القانون الدولى وخاصة ميثاق الامم المتحدة ومعاهدة الفضاء الخارجى واشار الاعلان الى ان فائدة البث عبر الاقمار الصناعية يجب ان يكون متاحا لكل الدول بدون تمييز وبغض النظر عن درجة نموها وتنص الفقرة الثانية من الاعلان على ان البث بالاقمار الصناعية يطرح وسائل جديدة لنشر المعرفة وتنمية مفاهيم متبادلة بين شعوب العالم وتشير الفقرة الرابعة منه الى ضرورة احترام الخصوصية الثقافية للمجتمعات المختلفة .



كما اشارت العديد من الاتفاقات الخاصة بنزع التسلح ومنع التدخل فى شئون الغير والصادرة عامى 1970 و 1981 الى العلاقة القوية بين الاعلام عبر الحدود الدولية والسلم والامن الدوليين .



المبادئ الاساسية الموجهه لوسائل الاعلام الدولى







ماذا يطرح القانون الدولى وقواعده السبعة من موجهات لاداء وسائل الاعلام الدولى ؟



تشير قراءة القانون والعرف الدولى الى مجموعة من القواعد التى يتحتم على وسائل الاعلام الالتزام بها نوجزها فيما يلى :



لايجب استخدام وسائل الاعلام الدولى للدعاية للحرب او العدوان او التشجيع عليه



يحظر على وسائل الاعلام الدولى التدخل فى شئون دولة اخرى



يحظر على وسائل الاعلام الدولى الدعوة للتمييز العنصرى او سيادة جنس على اخر



على وسائل الاعلان ان تمتنع عن التحريض ضد اى جماعة ذات طابع قومى او عرقى او دينى



على وسائل الاعلام ان تمارس دورا ايجابيا فى تطوير ثقافة السلام



تتمتع كل الشعوب بحقوق متساوية فيما يتعلق بحقها فى الحصول على المعلومات واستقبالها ونشرها بكل الوسائل الممكنة



تتمتع كل الشعوب بسيادة متساوية لانشاء بنى الاتصال الخاصة بها



يجب على كل دولة ان تسوى نزاعاتها الخاصة بالاعلام والاتصال بالطرق السلمية عبر التفاوض والوساطة والتحكيم دون اللجوء الى العدوان العسكرى



يتحتم على دول العالم التعاون فى مجالات الاتصال الدولى ايا كانت درجة الاختلافات بينها ويشمل ذلك تكنولوجيا الاتصال والتدريب المهنى وغيرها



تلتزم كل الدول مخلصة بالالتزام بميثاق الامم المتحدة والمواثيق الدولية المنظمة للاعلام



على وسائل الاعلام فى كل دول المجتمع الدولى ان تمتنع عن بث مضامين اعلامية معينة خاصة تلك المتعلقة بالدعاية من اجل الحرب او تشجيع العدوان او الاستعمار باى صورة من الصور







تطور القانون الدولى والاتصال الدولى :



تجدر الاشارة الى ان القانون الدولى فى شكله الحديث يتعامل مع حقوق الدول وحقوق الافراد الا ان احد المفاهيم التى ظهرت فى تراث الاعلام الدولى واثارت جدلا واسعا هو حق الشعوب فالغرب ينظر الى الفرد باعتباره اصل حقوق الانسان فالحق مرتبط بهوية الفرد لا هوية المجتمع الا ان المجتمع الاشتراكى السابق كان يرى ان حقوق الانسان هى فى الاصل حق للمجتمع باكمله . فالدولة هى التى تكفل حق الفرد .و يعبر المدخل الثالث عن نظرة الدول النامية ويقع بين المدخلين السابقين الا أن ميثاق الامم المتحدة يشير الى حقوق الشعوب واصل هذا الجدل هو اختلاف النظرة الى الفرد فهو فى المجتمع الغربى صاحب هوية مستقلة وهو اساس اى تجمع اما وجهة النظر المعاكسة فترى الفرد معتمدا على الدولة لايمتلك هوية منعزلة عن اطار اوسع هو المجتمع . وقد جاء الحق فى الاتصال ليقرر احقية كل قطاعات المجتمع فى الوصول الى قنوات الاتصال ومصادرها بشكل ايجابى . فالمشاركة الايجابية هى اساس الحق فى الاتصال ويتناسب هذا الحق مع توفير البنى التحتية التى تكفله وهذا هو الفرق بين ما يتطلبه الحق فى الاتصال والفقرة (19) من الاعلام العالمى لحقوق الانسان




مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


ليست هناك تعليقات: