بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

16 أبريل 2012

من الفقه الدستوري

ما أقصده بالفقه الدستوري هو المحاولات العلمية للتمعن والتدبر في مفاهيم ومصطلحات وقيم الدستور من أجل المساهمة في تأسيس نظام الحكم في الدولة، وسدّ النقص، وإدراك العيب فيه. فالدستور هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الدولة. وهوالعمود الفقري لنظام الحكم في الوطن. وهوالوثيقة التي تبين وتحدد العلاقات بين الحاكم والمحكوم. وعند الحديت عن الدستور. لعل من أهم الأسئلة التي يجب على كل المثقفين والسياسيين والنخب الوطنية الإجابة عليها هي الآتي:
1. ما هي ظروف وضع الدستور؟
2. ما هي أهم أنواع الدساتير؟
3. ما هي أهم طرق (أو أساليب) وضع الدستور؟
4. ما هي أهم القضايا التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها؟

أولا: ظروف وضع الدستور؟
بمعنى ما هو سبب (أو أسباب) وضع الدستور في دولة ما؟ لا شك أن أي دستور - سواء في قيمه، أو قواعده، أو طريقة وضعه، هو في الأصل نتاج للظروف العملية والموضوعية التي تحيط به. بمعنى أن دستور الدولة - أي دولة - في العادة هو انعكاس لفلسفتها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وفي العادة فإن قضية وضع الدستور يحددها مجموعة من الظروف لعل من أهمها:
(1) حدوث إنقلاب أوثورة في الدولة مما يؤذي إلى الإطاحة بالدستور القديم.
(2) نشأة دولة جديدة، أو تحصلها على استقلالها بعد أن كانت غير مستقلة.
(3) هزيمة دولة في حرب، وخضوعها لإرادة الدولة (أو الدول) المنتصرة، كما حدت على سبيل المثال لليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، والعراق بعد هزيمتها فيما عرف بحرب الخليج الثانية عام 2003.

ثانيا : أنواع الدساتير
1. مكتوب .. و .. غيرمكتوب
والسؤال هنا هو: هل لا بد أن يكون الدستور مكتوبا؟ والإجابة بالطبع لا. ولكن يستحب أن تكون دساتير اليوم مكتوبة، وذلك لأنه في العادة، الدساتير الغير مكتوبة تكون أكثر مرونة، وأقل استقرارا. وأيضا لأن الدساتير غير المكتوبة هي دساتيرعرفية (بمعنى أنه يغلب على قواعدها أن يكون العرف مصدرها). والدساتير العرفية لا توضع وضعا، ولا تدون في وثيقة واحدة، وفي العادة تكون نتاج لمرحلة تاريخية طويلة. ولعل من أهم وأشهر الدساتير الغير مكتوبة هو الدستور البريطاني؛ لأن غالبية قواعدة غير مدونة في وثيقة دستورية واحدة. وحتى قواعده الدستورية المدونة صدرت في شكل قوانين عادية عن طريق البرلمان، فهي قوانين دستورية من حيث مضمونها، ولكنها قوانين عادية من حيث شكلها.
2. شكلي .. و .. موضوعي
المعنى الشكلي للدستور ينصرف إلى الوثيقة الدستورية داتها ولايعدوها. فمفهوم الدستور وفقا لهذا المعنى هو أنه عبارة عن القواعد والمواد القانونية الواردة في الوثيقة التي تحوي النصوص الدستورية. بمعنى أن كل مبدأ أو قاعدة لا تتضمنها هذه الوثيقة لا يمكن اعتبارها قاعدة دستورية. أما المعنى الموضوعي للدستور فهو الذي ينظر إلى موضوع القاعدة لا إلى شكلها. ووفقا للمعنى الموضوعي فإن موضوع القاعدة هو الذي يحدد طبيعتها، وليس شكلها هو الذي يحدد ما إذا كانت القاعدة من طبيعه دستورية أم لا. والمشكلة الأساسية هنا هي أن أصحاب هذا الفهم للدستور لا يتفقون تمام الاتفاق على ماهية الموضوعات الدستورية، وإلى أي مدى يمكن تفسير القواعد القانونية.
3. مرن .. و .. غيرمرن
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدساتير الجامدة ليس بالضروري أن تكون مناقضة للتقدم والتطور، وإنما تعني مجرد صعوبة إدخال تعديلات عليها. أما الدساتير المرنة فهي التي يمكن تعديلها بسهولة. وفي العادة يتم تعديل نصوصها بذات الطريقة التي تعدل بها القوانين العادية، وبذات الأغلبية اللازمة لتعديل تلك القوانين.

ثالثاً : طرق (أو أساليب) وضع الدستور
1. المنحة :
تتم هذة العملية في العادة في الأنظمة الشمولية، أو في حالة سيطرة دولة على أخرى، كما حدث عندما سيطرت أمريكا على اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. ففي الأنظمة الشمولية - على سبيل المثال - يقوم الدكتاتور أوالملك بتنظيم سلطاته ليضفي على حكمه الصبغة الدستورية، والسلطات التي تصدرعلى هذا النحو يحرص "مانحوها" على أن يحتفظوا لأنفسهم بأغلب السلطات، وأن ينقلوا بعضها الآخر (وخصوصا الغير مهم أو السلبي) إلى ممثلي الشعب. والأمثلة على هذا النوع كثيرة. وما يقوم به الملوك العرب اليوم (وما يصرح به سيف القداافى للإعلام هذه الأيام) من محاولة إعطاء هامشا ديمقراطيا إلا نموذجا على ذلك. ولعل خير مثال على هذا الإجراء هو ما قامت به أمريكا عند سيطرتها على اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. إذ قام الجنرال دقلس ماكرتي القائد العام لقوات الحلفاء في المحيط الهادي خلال الحرب العالمة الثانية عندما أمر مساعدية عام 1946 بكتابة دستور جديد لليابان. وبالفعل قاموا بكتابته وأجبروا الشعب الياباني على الموافقة عليه عام 1947.(1)
ولعل من الطريف في هذا الدستورهوالمادة التاسعة فيه، والتي تنص على منع اليابان من الاشتراك في أي حرب إلى الأبد!!! إذ تنص هذة المادة على الآتي : "تأكيدا للسلام الدولي المؤسس على النظام والعدل، يدين الشعب الياباني الحرب إلى الأبد، ويتنازل عن حقه الوطني في التهديد باستخدام القوة كأذاة لحل النزعات الدولية."(2)
والعجيب أن أمريكا التي فرضت هذة المادة على الشعب الياباني عام 1947، ها هي اليوم تستجدي اليابان لمساعدتها في حفظ السلام العالمي !!

2. التعاقد :
وهذه الطريقة لوضع الدساتير تفترض أن السلطة التأسيسية تعبر عنها إرادتان: إرادة الحاكم أوالسلطة الحاكمة من جهة، وإرادة الشعب أو القوى السياسية في المجتمع من جهة أخرى. والذي يحدث في هذه العملية هو أن ممثلي الشعب وقواه السياسية يقومون بوضع مشروع دستور، ثم يعرضونه على السلطة الحاكمة التي توافق عليه بعد تعديله. وعند التقاء الإرادتين يتم وضع الدستور، ويعرض على الشعب للاستفتاء عليه. فعلى سبيل المثال في جنوب إفريقيا تم الاتفاق عام 1994 بين الأقلية الحاكمة، والأكثرية، على صياغة دستور لحكم البلاد. وهذا الاتفاق تم التوصل إليه بعد سنتين من التفاوض بين جميع الأطراف.(3)

3. الجمعية التأسيسية أو المؤتمرالدستوري (معينة أم مختارة)
وهي عبارة عن لقاء ممثلي الولايات أو المناطق أو القوى السياسية والاجتماعية التي ترغب في صياغة
الدستور. وهذه الطريقة تعني أن ممثلي الشعب المختارين مباشرة (أو المعينين) لغرض وضع الدستور، هم الذين قاموا بوضعه فعلاً. وأنه بمجرد إقرارهم للدستور في صياغته النهائية، يصبح الدستور بذاته نافذا دون أن يتوقف ذلك على إقرار من أحد. وتنتهي مهمة الجمعية التاسيسية (أو المؤتمر الدستوري) بانتهاء وضع وإقرار وإصدار الدستور.
والحقيقة أنه قد تم وضع أغلبية الدساتير بهذه الطريقة. ولعل الدستور الأمريكي الذي وضع فيما عرف بمؤتمر فيلادلفيا عام 1787 يعتير من أهم هذه الدساتير. لقد كان المؤتمر الدستوري لكتابة الدستور الأمريكي عام 1787 هو أطول المؤتمرات الدستورية في التاريخ. إذ استمر لمدة 116 يوما (من 25 مايو إلى 17 سبتمبر من عام 1787). وشارك في هذا المؤتمر 55 مندوبا من مجموع 74 مندوبا تم دعوتهم، يمثلون 12 ولاية من مجموع 13 ولاية – إذ أن ولاية رودارلند رفضت الحضور والمشاركة في هذا المؤتمر. والحقيقة أن المشاركين في هذا المؤتمر لم يكن واردا عند بدء اجتماعهم، ولا عند دعوتهم للاجتماع، أنهم سيضعون دستورا جديد للاتحاد. ولم يكونوا بالتالي مفوضين لوضع ذلك الدستور الذي يحكم أمريكا الآن. ولعل هذا ما دعا بعض المؤرخين إلى القول بأن الدستور الأمريكي وضع بطريقة غير شرعية.
لقد تم في هذا المؤتمر مناقشة مشروعين للدستور. المشروع (أو الورقة) الأولى قدمتها الولايات الكبيرة بقيادة ولاية فرجينيا، وقد تم رفض هذا المشروع من قبل الولايات الصغيرة. وكنتيجة لهذا؛ فقد قامت الولايات الصغيرة بقيادة ولاية نيوجرزي بتقديم مشروع مضاد، والذي تم رفضه أيضاً من قبل الولايات الكبيرة. مما أدى إلى استمرار النقاش والجدال بين الفريقين لأسابيع عديدة. وبعد فترة من النقاش والجدال، تم التوصل إلى حل وسط، عرف في التاريخ الأمريكي بمشروع كنيتكت أو "الحل العظيم"، والذي أدى إلى موافقة الجميع عليه، وأصبح دستور البلاد الذي يحكمها حتى يومنا هذا.

4. الدائرة المستديرة (أو لقاء المعارضة والحكومة)
هو أداة توفر لكل من المعارضة ونظام الحكم فرصة التفاوض والحوار البناء، من أجل الاتفاق على مشروع دستور جديد لكيف يتم حكم البلاد. وهذا التفاوض والحوار البناء يتم في شكل دائرة مستديرة للمفاوضات بين كل الفرقاء، كما حدث في أوروبا الشرقية وجنوب إفريقيا في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات. فقد قام الحزب الحاكم في بولندا - على سبيل المثال - بدعوة كل القوى السياسية في المجتمع، والتفاوض معها لصياغة دستور جديد، وقد استمرت هذه العملية حوالي تسع سنوات. بدأت عمليات التفاوض والإصلاح التدريجي للحكم الماركسي في بولندا عام 1989. وفي هذة السنة نجحت المفاوضات في القيام بإجراء تعديلات في الدستور، وكنتيجة لهذه التعديلات تم الاتفاق على أن تكون السلطة التنفيدية مشاركة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
ونتيجة لزيادة الضغط من القوى المعارضة، قام رئيس الجمهورية عام 1990 باقتراح تعديل جديد للدستور، وذلك بأن يتم انتخاب الرئيس عن طريق الشعب بدلاً من انتخابه عن طريق البرلمان؛ وكنتيجة لهذا التعديل استطاع مرشح المعارضة الفوز في انتخابات الرئاسة. وفي عام 1991 قام البرلمان - الذي سيطرت عليه المعارضة - بتشكيل لجنتين دستوريتين: واحدة في مجلس الشيوخ، والثانية في مجلس النواب. وفي عام 1992 نجحت المعارضة في إقناع البرلمان بالموافقة على ما أطلق علية بـ "الدستور الصغير"، وتم أيضاً اعتماد إجراءات من أجل كتابة دستور دائم للبلاد. وكنتيجة لهذه الإجراءات تم الموافقة على الدستورالدائم في استفتاء شعبي عام 1997.(4)
أما في جنوب إفريقيا، فلقد قام الحزب الحاكم (الحزب العنصري) بدعوة كل القوى السياسية الأساسية في المجتمع للجلوس على دائرة مستديرة، لصياغة دستور جديد. وقد أخدت عملية صياغة الدستور أكثر من سبع سنوات (من 1989 إلى 1996). فقد مرت أربع سنوات ما بين أول اجتماع بين زعيم المعارضة نلسن مانديلا زعيم المؤتمرالوطني الإفريقي، ورئيس الحكومة "بوثن" عام 1989. لقد تم في هذا اللقاء الاتفاق على كتابة دستور مؤقت، وإجراء أول انتخابات غيرعنصرية عام 1994. وفي عام 1993 اجتمعت كل القوى السياسية الرئيسية في البلاد (26 مجموعة سياسية) من أجل الاتفاق على صياغة دستور جديد لإنهاء العنصرية. ونظراً لأن هذة المجموعات كانت غير منتخبة من الشعب، فقد اتفقوا على أن يكون الدستور الذي وافقوا عليه بعد مفاوضات دامت ستة شهور هو مجرد "دستورا مؤقت". وقد اتفقوا أيضا على أن يكون هذا الدستور المؤقت هو الأساس والموازنة التي يجب اعتبارها والإلتزام بمبادئها عند كتابة الدستور الجديد. وبالفعل فقد تم في عام 1994 إجراء أول انتخابات برلمانية شارك فيها كل أبناء الشعب، وكانت نسبة المشاركة قد فاقت 86%. هذا وقد تم تكليف البرلمان الجديد بأن يقوم بدور الجمعية الدستورية التي ستكتب الدستور وفقا للمبادئ التي نص عليها الدستور المؤقت.(5)
وفي نوفمبر 1995 نجحت اللجنة الخاصة بكتابة الدستور في الاتفاق على الصباغه الأولى وفقا لشروط الدستور المؤقت الصادرعام 1994. وبعد نقاش طويل قامت الجمعية الدستورية بتقديمه إلى المحكمة العليا - كما اشترط الدستور المؤقت - لمراجعته. وفي المدة ما بين يوليو إلى سبتمبر 1996 قامت المحكمة العليا بمراجعة مواد الدستور المقترح، وأرجعتة إلى الجمعية الدستورية من أجل تعديله، وبالفعل قامت الجمعية بذلك.
وفي نوفمبر تم إرجاعه إلى المحكمة العليا بعد إجراء التعديلات عليه. وبالفعل قامت المحكمة العليا بالموافقة
على المشروع في ديسمبر من نفس السنة، واعتمده الرئيس نلسن مانديلا، وتم اعتماده كدستور دائم للبلاد.

رابعا: أهم القضايا الدستورية التي يجب التعامل معها :
(1) تحديد حريات وحقوق وواجبات المواطن.
(2). الفصل بين السلطات.
(3) علاقة الحاكمية بالمشروعية الدستورية
(4) علاقة السيادة القانونية بالرقابة الدستورية
(5) شكل الحكومة (برلمانية أم رئاسية).
(6) علاقة الدستور بالدستورية.

(1) تحديد حريات وحقوق وواجبات المواطن
القضية الاولى التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية " تحديد حريات وحقوق وواجبات المواطن." بمعنى ما هي أهم القضايا التي يجب الاتفاق عليها وتعريفها هي قضية الحريات ومجموع الحقوق التي يجب أن يتمتع بها والواجبات التي يجب ان يقوم بها كل انسان في الدوله. بمعنى ما هي أهم الحريات التي يجب الا تخضع لآي سلطة؟ وهل يحق للانسان ان يعمل ما يشي متى شاء واينما شاء. وما هي الحقوق التي يجب على السلطة توفيرها لكل مواطن؟ بمعنى هل التعليم المجاني - على سبيل المثال - حق لكل مواطن؟ وهل توفير العلاج لكل انسان من واجبات الدوله؟ وهل توفير السكن اللائق لكل محتاج من مهام المجتمع؟.
(2) الفصل بين السلطات
القضية الثانية التي يجب على الذين سيكتبون الدستورالتعامل معها هي قضية "الفصل بين السلطات"، والغرض الأساسي من الفصل بين السلطات هو منع الاستبداد، وتركز السلطة في يد مجموعة صغيرة من الأشخاص. ولعل من أشهر أنواع الفصل بين السلطات هو الفصل بين الوظائف في الحكومة الواحدة، وخصوصا الفصل بين الوظائف الرئيسية الثلات: التشريعية والتنفيدية والقضائية. بمعنى أن المسؤولين الذين يصنعون القوانين يجب ألا يكونوا هم الذين ينفذونها، والذين لهم حق تفسيرهذه القوانين يجب أن يكونوا مجموعة ثالثة. والسؤال المهم في هذا الصدد هو: إلى أي مدى يمكن فصل هذه السلطات؟ وهل يتعم الاكتفاء بمجرد الفصل بين هذه السلطات؟ والإجابة بالطبع لا، وذلك لأن فكرة الفصل بين السلطات يجب ألا يكون غاية في حدّ ذاتها. ولا بد لهذا الفصل لكي يكون ناجحا ومؤثرا أن يرتبط ببعضه البعض. ويمكن تحقيق ذلك بتطبيق مبدأ "المراقبة والاتزان"، وذلك بإعطاء كل سلطة الأدوات الدستورية الضرورية لمراقبة السلطات الأخرى، والمشاركة معها في اتخاد القرارات من أجل تحقيق التوازن.
ولعل أحسن مثال على ذلك هو ما أعطاه الدستور الأمريكي لرئيس الجمهورية من نقض قرارات مجلس التشريع (الكونجرس). وفي نفس الوقت إعطاء الحق لمجلس التشريع لإلغاء "حق النقض" إذا وافق المجلس بأغلبية الثلثين على القرار. ومن جهة أخرى أعطى الحق للمحكمة العليا لمراجعة كل القرارات لتأكد من دستوريتها. والحقيقة أنه إلى جانب مبدأ الفصل بين الوظائف، هناك العديد من الأساليب لتحقيق هذا الهدف. ولعل من أشهرها الأساليب التالية:
(أ) تعدد المجالس (ازدواج مجلسي البرلمان).
(ب) تعدد وسائل الاختيار (أساليب مختلفة لاختيار المسؤولين السياسيين).
(ج) اختلاف الفترات الانتخابية (أو التعيين).
(د) توزيع السلطات بين سلطاتين أوأكثر.
(أ) ازدواج مجلسي البرلمان : قد يتم لاغراض عدة لعل من أهمها: التمثيل الجغرافي، أوالتمثيل العددي، أو تمثيل الأجيال (العمر). ففي بعض الدول يتكون البرلمان من مجلس واحد، وفي البعض الآخر يتكون من مجلسين. وفي الحالة الأخيرة، يقال أن الدولة "تأخد بمبدا ازدواج مجلسي البرلمان. ويعد ازدواج مجلسي البرلمان - كما يرى بعض علماء الفقه الدستوري الفرنسي - أحد ضمانات الحريات في المجتمع".(6)
والحقيقة أن فكرة المجالس التشريعية من مجلسين لم تتكون اعتباطاً، ولا للرغبة في تأليف هيئات مختلفة العناصر. ففي العادة حينما تتكون الهيئة التشريعية من مجلسين، فإن أحد المجلسين يتكون من الأعضاء الأصغر سناً، ويسمى مجلس النواب، والمجلس الثاني يتكون من الأعضاء الأكبر سنا ويسمى عادة بمجلس الشيوخ. أو كما هو الحال في برلمان بريطانيا، فإن أحد المجلسين يضم أعضاء من الشعب، بينما الثاني يضم أعضاء من ذوي الثراء والنفوذ، والذين في الدولة. لقد نشأ البرلمان ذو المجلسين في انجلترا بسبب النزاع الذي كان قائما بين الملك وأمراء الأقاليم، وكان الملك هو صاحب السلطة المطلقة في البلاد، ولكن أمراء الأقاليم كانوا أصحاب سيادة على أقاليمهم، وكذلك كانت سلطة هؤلاء الأمراء قيدا على سلطة الملك..".(7)
(ب) أساليب مختلفة لاختيار المسؤولين السياسيين: وهذا الأسلوب لتحقيق الفصل بين السلطات، يقوم على أساس التركيز على الكيفية التي يتم بها حصول المسؤولين على وظائفهم، كأن يتم تعيين بعضهم، وانتخاب بعضهم الآخر.
(ج) اختلاف الفترات الانتخابية (أو التعيين): وهذا الأسلوب لتحقيق الفصل بين السلطات، يقوم على أساس اختلاف الفترات الزمنية التي يحق لكل مسؤول أن يبقى في منصبه بعد انتخابة أو تعيينه. فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة يتم انتخاب عضو مجلس النواب لمدة سنتين، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات، ويتم انتخاب عضو مجلس الشيوخ لمدة ست سنوات، ويتم تعيين عضو (قاضي) المحكمة العليا مدى الحياة. وهذا الاختلاف في الفترات الانتخابية (أو التعيين) يقود في العادة إلى الاستقرار في الحكم، ومنع السيطرة بسهولة من قبل أي مجموعة على السلطه.
(د) توزيع السلطات بين حكومتين أو أكثر: وهذا باختصار يعني وجود نظام حكم فدرالي تتم فيه توزيع السلطات بين الحكومة الفدرالية (المركزية)، والمحافظات (أو الولايات) بحيت تكون السلطة مشاركة بين كل الحكومات في الدولة.
(3) علاقة الحاكمية بالمشروعية الدستورية
القضية الثالتة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "علاقة الحاكمية بالمشروعية الدستورية." والمشروعية تعني ببساطة ان كل القوانيين لابد ان تكون مقبولة من قبل الشعب ولكي تكون مقبولة لابد ان تكون وفقا للدستور. بمعنى ان كل قانون يجب ان يكون موضع احترام من الجميع حتى من السلطة التي أصدرته وحتى من الذين لايتفقون مع غرضه أوهدفه. أما الحاكمية فاقصد بها هنا هي المرجعية التي نلجى لها عند الاختلاف في شي ما. وهذا يعني أحترام ما يطلق عليه "بالمشروعية الكلية،" أي احترام قاعدة التسلسل (أوالتدرج) في التصرفات القانونية وأحترام ما أفره الدستور. ومن جهة اخرى تعني ضرورة مطابقة
كل القوانين الصادرة عن الدولة ومؤساستها لنص الدستور.
(4) علاقة السيادة القانونية بالرقابة الدستورية
القضية الرابعة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "علاقة السيادة القانونية بالرقابة الدستورية". هذا يعني أن رقابة الدستور وسيادة القانون، هما أمران متلازمان. إذ بغير رقابة دستورية تفقد فكرة سمو الدستور معناها. والذي أعنيه بالرقابة القضائية هنا هو التأكيد على دستورية كل القوانين.
وعليه فلا بد من وضع ضمانات لتحقيق سيادة الدستور، وذلك بفرض رقابة دستورية على القوانين لمنع كل محاولات الاستبداد والطغيان، وتنظيم الرقابة الدستورية يمكن أن يتم بالآتي:
أ. المرجعية القضائية :
يعني حق السلطات القضائية في مراجعة القوانين والقرارات التنفيدية، لمعرفة مدى دستوريتها. فعلى سبيل المثال: في أمريكا أعطى الدستورالأمريكي المحكمة العليا الحق في النظر في أي قانون أو قرار إداري، والتأكد من دستوريته. وفي الهند أعطى الدستور الهندي المحكمة الدستورية العليا الحق في مراجعة (وإلغاء) حتى التعديلات الدستورية للدستور نفسه (هيجو 2002، 156).
ب. المرجعية السياسية :
وهذه الرقابة تفترض أن الدستور قد عهد إلى هيئة معينة لمباشرة هذه المهمة مثل: (أ) لجنة متخصصة منبتقة عن المجلس التشريعي كما هو الحال في بريطانيا. أو (ب) عن طريق إنشاء مجلس دستوري (خبراء) كما هو الحال في فرنسا وإيران.
(5) شكل الحكومة (برلمانية أو رئاسية أو ملكية)
القضية الخامسة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "شكل الحكومة".
وهذا يعني : كيف يتم تطبيق الديمقراطية؟ وما هي أهم المؤسسات والآليات الانتخابية التي يمكن استخدامها من أجل إنجاح النظام السياسي؟ وكيف يتم التمثيل؟ وباختصار كيف يتم الربط بين الحاكم والمحكوم؟ بمعنى ما هو شكل الحكم الذي يمكن تطبيقه؟ والحقيقة أن هناك نمادج عديدة لعل من أهمها الآتي:
أولا: النموذج الملكي الذي يقوم فيه الشعب بتنصيب شخص منهم كملك عليهم. ويقوم هذا الملك ومساعدوه بتمثيل الشعب، وإدارة شؤون البلاد نيابة عنهم. ويقوم النظام الملكي على أساس أن هناك شخصا أو عائلة لها الحق الذاتي في تولي الحكم. يمتد حكم الملك مدى الحياة، وتنتقل السلطة من بعده إلى أحد أولاده أو بناته جيلاً بعد جيل، بمقتضى قانون التوريث المنصوص عليه في الدستور. ولهذا النموذج من الحكم عدة أنواع كالملكية الاستبدادية، وتتميز بأن حكم الملك هو القانون. والملكية المطلقة، وتتميز بأن السلطة العليا تتجمع في يد الملك الذي يخضع للقانون، ولكن له أن يغيره بإرادته. والملكية الدستورية المقيدة، وتتميز بالتسليم بحق الشعب في مشاركة الملك مهمة الحكم والتشريع.
ثانيا: النموذج البرلماني، وهو الذي يقوم على أساس أن الشعب يختار ممثليه في المجلس التشريعي. ومن ثم يقوم المجلس التشريعي باختيار الحكومة ورئيس الوزراء. وهذا النمودج هو أكثر أنواع الحكم انتشارا في العالم. ولعل من أهم مزاياه الآتي: (أ) الشعب يختار المجلس التشريعي. (ب) المجلس التشريعي يختار ويوافق على الحكومة. (ج) في هذا النظام لا يوجد فصل بين السلطات. بمعنى أن البرلمان يملك حق التشريع، وحق التنفيذ للقرارات التي يشرعها. (د) على الحكومة أن تقدم سياساتها، وتتحمل مسئولياتها أمام المجلس. (هـ) من حق المجلس أن يسحب الثقة من الحكومة متى شاء.
ثالثا: أما النموذج الثالث، فهو النموذج الرئاسي الذي ترجح فيه كفة الرئيس، ولكن يوجد فصل واضح ما بين السلطات الثلات: التشريعية، والتنفيدية، والقضائية. بمعنى أن الرئيس في هذا النموذج لا يعتمد على البرلمان، لأن الرئيس يتم انتخابه عن طريق الشعب مباشرة. ومن جهة أخرى لا يستطيع البرلمان عزل الرئيس إلا إذا نص الدستور على ذلك. ولهذا يمكن اعتبار النظام الرئاسي أكثر استقرارا من النظام البرلماني. ولكن من أهم عيوب النظام الرئاسي في بعض الأحيان هو تصادم الرئيس مع البرلمان، خصوصاً عندما يكون الرئيس من كتلة
سياسية تختلف عن الكتلة السياسية المسيطرة على البرلمان.
(6) علاقة الدستور بالدستورية :
القضية السادسة التي يجب على الذين سيكتبون الدستور التعامل معها هي قضية "علاقة الدستور بالدستورية". والدستورية تعني ضرورة أن تكون كل القواعد القانونية التي يسنها الجهاز التشريعي في الدولة متفقة مع أحكام الدستور وغير مخالفة له. كذلك يجب على الجهاز التنفيذي أن يكون دائما في حدود الأطر الدستورية. والدستورية هي العقيدة السياسية التي تقوم عليها الدولة، والفكرة التي يقوم عليها الحكم الدستوري. وبمعنى آخر هي مجموعة المثاليات والقيم التي تؤكد محدودية الحكومة، وحماية حقوق الإنسان في الدولة.
والدستورية هي أعم وأشمل من الدستور. فهي ليست كل ما هو مكتوب في الدستور فقط، وإنما تشمل كل ما لا يتعارض مع الدستور. بمعنى أنه قد توجد في المجتمع أشياء كثيرة سكت عنها الدستور، ولكنها دستورية. وهنا لا بد من الإشارة إلى وجود الدستور في بلد ما، لا يعني وجود الدستورية، بل قد يكون العكس هو الصحيح. وبمعنى أن الدول التي بها دساتير سيئة - في تصوري - هي أسوأ من الدول التي ليس بها دستور؛ وعليه فجوهر الدستورية هو أن سلطات الدولة لا بد أن تكون محدودة. والامتحان الدستوري الذي يجب استخدامه للحكم على صلاحية أي دستور، هو الذي يشترط توفر أربعة شروط لكي تتحقق الدستورية. هذه الشروط هي:
1. شرط التكوين أو التاسيس (بمعنى تأسيس السلطات).
2. شرط التنظيم (بمعنى تنظيم السلطات).
3. شرط التوزيع (بمعنى توزيع السلطات).
4. شرط التحديد (بمعنى تحديد السلطات).

الخاتمة
في اعتقادي أنه بالرغم من كل التحديات التي ستواجه الشعب، إلا أنه لا بديل عن الدستور في أي مجتمع يريد أن يعيش في أمن وأمان. وذلك لأن الدستور هو الميثاق الذي يمنح السلطة للسياسيين، وعن طريقه يمكن سحب هذه السلطة منهم. والدولة التي لا تملك دستورا، يملك السلطة فيها الأقوياء، وبدون حق. ولكي يكون الدستور دستورياً، لابد أن يقوم على أساس العدل، ومن أجل تحقيق إرادة الشعب، وهذا يتطلب إشراك كل المواطنين في العملية الدستورية، ولكي يتم إشراك الجميع، لا بد من إيجاد وعي وثقافة دستورية عالية. ولا بد من بذل كل الجهود التعليمية والتثقيفية، واستخدام كل أساليب وأدوات الإعلام والصحافة، وخصوصا الصحف والمجلات والإذاعات المرئية والمسموعة والإنترنت من أجل تحقيق هذا الهدف.

15 أبريل 2012

الإعلان الدستوري في مصر 2011


بعد قيام ثورة 25 يناير في مصر وتنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير 2011 وتكليفه للمجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، قام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإصدار عدد من الإعلانات الدستورية التي سوف تحكم المرحلة الانتقالية. كان الإعلان الدستوري الأول في 13 فبراير 2011 بعد يومين من تنحي مبارك. والإعلان الثاني كان في 30 مارس بناءً علي نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011. وقد أدخل المجلس العسكري تعديلين علي إعلان 30 مارس، مرة في 25 سبتمبر 2011 لتعديل نسبة الفردي والقوائم في انتخابات مجلسي الشعب والشوري، ومرة في 19 نوفمبر 2011 للسماح للمصريين بالخارج بالتصويت في الانتخابات تحت إشراف السفراء والقناصل بدلاً من القضاة.محتويات


إعلان 13 فبراير 2011

أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة هذا الإعلان الدستوري بعد يومين من تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم وتكليفه للمجلس العسكري بإدارة شئون البلاد. وفيه أعلن المجلس العسكري التزامه بعدم الاستمرار في الحكم وتعهده بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة في غضون ستة أشهر أو حتي يتم إجراء انتخابات البرلمان والرئاسة. كما قام المجلس العسكري فيه بتعطيل مجلسي الشعب والشوري المنتخبين في عام 2010 وتعليق العمل بدستور عام 1971 القائم.

و فيما يلي نص هذا الإعلان الدستوري:
إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعياً منه بهذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن ووفاءً بمسئولياته التاريخية والدستورية في حماية البلاد، والحفاظ علي سلامة أراضيها، وكفالة أمنها، وإطلاعاً بتكليفه بإدارة شئون البلاد يدرك إدراكاً واضحاً أن التحدي الحقيق الذي يواجه وطننا الغالي مصر يكمن في تحقيق عبر إطلاق كافة الطاقات الخلاقة لكل فرد من أبناء شعبنا العظيم، وذلك بتهيئة مناخ الحرية، وتيسير سبل الديمقراطية من خلال تعديلات دستورية وتشريعية تحقق المطالب المشروعة التي عبر عنها شعبنا من خلال الأيام الماضية، بل وتتجاوزها لآفاق أكثر رحابة، بما يليق بمكانة مصر الذي سطر شعبها أولي سطور الحضارة الإنسانية علي صفحات التاريخ.
إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يؤمن إيمان راسخ بان حرية الإنسان وسيادة القانون وتدعيم قيم المساواة والديمقراطية التعديدية والعدالة الاجتماعية، واجتثاث جذور الفساد هي أسس الشرعية لأي نظم حكم يقود البلاد في للفترة المقبلة، كما يؤمن المجلس الأعلي للقوات المسلحة ذات الإيمان بأن كرامة الوطن ما هي إلا انعكاس لكرامة كل فرد من أفراده والمواطن الحر المعتز بإنسانيته هو حجر الزاوية في بناء الوطن القوى، وانطلاقاً مما سبق وبالبناء عليه ورغبة في تحقيق نهضة شعبنا فقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة القرارات الآتية:
تعطيل العمل بأحكام الدستور.
يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة لمدة ستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى ورئيس الجمهورية.
يتولى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة تمثيله أمام كافة الجهات في الداخل والخارج.
حل مجلسي الشعب والشورى.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة إصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية.
تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحديد الاستفتاء عليها من الشعب.
تكليف وزارة د. أحمد محمد شفيق بالاستمرار في أعمالها لحين تشكيل حكومة جديدة.
إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى، والانتخابات الرئاسية.
تلتزم الدولة بتنفيذ المعاهدات والمواثيق الدولية التى هى طرف فيها.


إعلان 30 مارس 2011

بعد تسلم المجلس العسكري إدارة البلاد، أعلن عن تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد دستور عام 1971 والتي تسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة للبرلمان ورئاسة الجمهورية. كانت أهم ملامح هذه التعديلات تسهيل شروط الترشح لرئاسة الجمهورية وتأكيد الإشراف القضائي الكامل علي انتخابات البرلمان والرئاسة. كما تضمن أيضاً وصفاً لخريطة الطريق لانتقال السلطة لحكومة مدنية منتخبة، تتلخص في إجراء انتخابات برلمانية تتبعها انتخابات رئاسية، وبالتوازي يقوم البرلمان باختيار لجنة تأسيسية من مائة عضو تقوم بكتابة دستور جديد لمصر.

و لكن بعد إجراء الاستفتاء في 19 مارس 2011 وصدور النتيحة بموافقة الشعب المصري عليه بنسبة حوالي 77%، قام المجلس العسكري بإصدار إعلان دستوري في يوم 30 مارس 2011 وتعطيل دستور 1971 بشكل كامل. وقد تضمن هذا الإعلان الدستوري المواد الاحدي عشر التي تم الاستفتاء عليها (و لكن بعد إدخال بعض التعديلات فيها) كما تضمن أيضاً العديد من المواد الأخرى التي تعرف شكل الدولة المصرية وتضمن الحريات العامة والخاصة وخقوق الإنسان، بالإضافة إلي تعديل بعض صلاحيات المجلس العسكري وتقليص بعض صلاحيات رئيس الجمهورية والبرلمان المنتخب مثل عدم قدرة رئيس الجمهورية علي حل البرلمان أو عدم قدرة البرلمان علي سحب الثقة من الحكومة.

و فيما يلي نص هذا الإعلان الدستوري:

إعلان دستوري
المجلس الأعلى للقوات المسلحة
بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 13 من فبراير..وعلى نتائج الاستفتاء على تعديل دستور جمهورية مصر العربية الذي جرى يوم 19 من مارس سنة 2011 وأعلنت نتيجة الموافقة عليه في 20 من مارس سنة 2011، وعلى البيان الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 23 من مارس سنة 2011،
قــــــــرر
مــــــادة 1
جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة
مـــــــادة 2
الإسلام دين الدولة ،واللغة العربية لغتها الرسمية ،ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
مــــــادة 3
السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية.
مــــــادة 4
للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب وذلك على الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكري ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل.
مـــــــادة 5
يقوم الاقتصاد في جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية والحفاظ على حقوق العمال.
مـــــــادة 6
للملكية العامة حرم، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون، والملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون وحق الإرث فيها مكفول.
مــــــادة 7
المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
مـــــــادة 8
الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس ،وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة ،وذلك وفقا لأحكام القانون ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي.
مــــــادة 9
كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا، كما لا يجوز حجزه أو حبسه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون
وكل قول يثبت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شئ مما تقدم أو التهديد بشئ منه يهدر ولا يعول عليه
مـــــــادة 10
للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون.
مــــــادة 11
لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون
وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة, وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون.
مــــــادة 12
تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية
وحرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني.
مـــــادة 13
حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة ،والرقابة على الصحف محظورة، وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض علي الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي ،وذلك كله وفقا للقانون.
مـــــــادة 14
لا يجوز أن تحظر على أي مواطن الإقامة في جهة معينة ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة في القانون.
مـــــــادة 15
لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها، وتسليم اللاجئين السياسيين محظور.
مـــــــادة 16
للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلى إخطار سابق. ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون.
مـــــادة 17
كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء.
مــــــادة 18
إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون. ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون.
مـــــادة 19
العقوبة شخصيــــــة.
لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.
مــــــادة 20
المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونيه تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، وكل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه.
مــــــادة 21
التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا.
ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
مـــــادة 22
حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول
ويكفل القانون لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم.
مـــــادة 23
يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فورا، ويكون لـه حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع أو الاستعانة به على الوجه الذي ينظمه القانون، ويجب إعلانه علي وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه، ولـه ولغيره التظلم أمام القضاء من الإجراء الذي قيد حريته الشخصية، وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفصل فيه خلال مدة محددة، وإلا وجب الإفراج حتما.
مــــــادة 24
تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون. وللمحكوم لـه في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة.
مـــــادة 25
رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية، ويسهر على تأكيد سيادة الشعب وعلى احترام الدستور وسيادة القانون وحماية الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية وذلك على الوجه المبين بهذا الإعلان والقانون. ويباشر فور توليه مهام منصبه الاختصاصات المنصوص عليها بالمادة (56) من هذا الإعلان عدا المبين في البندين 1 و 2 منها.
مـــــادة 26
يشترط فيمن يُنتخب رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجاً من غير مصري، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلاديـة.
مــــــادة 27
ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر.
ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشح ثلاثون عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب أو الشورى، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطـن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل ،بحيث لا يقل عدد المؤيدين في أي من تلك المحافظات عن ألف مؤيـد
وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله.
ولكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضاؤها على مقعد على الأقل بطريق الانتخاب في أي من مجلسي الشعب والشورى في أخر انتخابات أن يرشح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية.
مـــادة 28
تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية " الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.
وتـُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً ،وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة ،وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولـة.
وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنـة.
وتـُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين في المادة 39
ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستـور.
وتـُصـدر المحكمة الدستورية العليا قرارها في هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة، ويُنشـر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.
مـــــادة 29
مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة تاليـة.
مـــــادة 30
يؤدى الرئيس أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبه اليمين الآتية :-
" أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه ".
مـــــادة 31
يعين رئيس الجمهورية، خلال ستين يوماً على الأكثر من مباشرته مهام منصبه، نائباً لـه أو أكثر ويحدد اختصاصاته، فإذا اقتضت الحال إعفاءه من منصبه وجب أن يعين غيره وتسرى الشروط الواجب توافرها في رئيس الجمهورية والقواعد المنظمة لمساءلته على نواب رئيس الجمهورية.
مـــــادة 32
يُشكل مجلس الشعب من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام.. ويبين القانون تعريف العامل والفلاح ويحدد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة.
ويجوز لرئيس الجمهورية أن يعين في مجلس الشعب عدداً من الأعضاء لا يزيد على عشرة.
مـــــادة 33
يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع، ويقرر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
مـــــادة 34
مدة مجلس الشعب خمس سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له.
مــــادة 35
يشكل مجلس الشورى من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن مائة واثنين وثلاثين عضواً، وينتخب ثلثا أعضاء المجلس بالاقتراع المباشر السري العام على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي
ويحدد القانون الدوائر الانتخابية الخاصة بمجلس الشورى.
مـــــادة 36
مدة عضوية مجلس الشورى ست سنوات.
مـــــادة 37
يتولى مجلس الشورى فور انتخابه دراسة واقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على دعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وحماية المقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة ويجب اخذ رأى المجلس فيما يلي :
مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
مشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية.
ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشئون العربية أو الخارجية.
ويبلغ المجلس رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب.
مـــــادة 38
ينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى وفقا لأي نظام انتخابي يحدده، ويجوز أن يتضمن حدا أدنى لمشاركة المرأة في المجلسين.
مــــادة 39
يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلسي الشعب والشورى، ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء.
وتتولى لجنة عليا ذات تشكيل قضائي كامل الإشراف على الانتخاب والاستفتاء، بدءاً من القيد بجداول الانتخاب وحتى إعلان النتيجة، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون ويجرى الاقتراع والفرز تحت إشراف أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم مجالسها العليا، ويصدر باختيارهم قرار من اللجنة العليا.
مـــــادة 40
تختص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلسي الشعب والشورى.
وتقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وتفصل المحكمة في الطعن خلال تسعين يوماً من تاريخ وروده إليها
وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ المجلسين بقرار المحكمـة
مــــادة 41
تبدأ إجراءات انتخاب مجلسي الشعب والشورى خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا الإعلان.
ويمارس مجلس الشورى اختصاصاته بأعضائه المنتخبين.
ويتولى رئيس الجمهورية فور انتخابه، استكمال تشكيل المجلس بتعيين ثلث أعضائه، ويكون تعيين هؤلاء لاستكمال المدة الباقيـة للمجلس على النحو المبين بالقانون.
مـــــادة 42
يقسم كل عضو من أعضاء مجلسي الشعب والشورى أمام مجلسه قبل أن يباشر عمله اليمين الآتية :
" أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على سلامة الوطن والنظام الجمهوري، وأن أرعى مصالح الشعب، وأن أحترم الدستور والقانون ".
مـــــادة 43
لا يجوز لكل عضو من أعضاء مجلسي الشعب والشورى أثناء مدة عضويته أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقايضها عليه أو أن يبرم مع الدولة عقدا بوصفه ملتزما أو موردا أو مقاولاُ.
مــــادة 44
لا يجوز إسقاط عضوية أحد أعضاء مجلسي الشعب والشورى إلا إذا فقد الثقة والاعتبار أو فقد أحد شروط العضوية أو صفة العامل أو الفلاح التي انتخب علي أساسها أو أخل بواجبات عضويته ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه.
مــــادة 45
لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد أحد أعضاء مجلسي الشعب والشورى إلا بإذن سابق من مجلسه وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء.
مـــــادة 46
السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون.
مـــــادة 47
القضاة مستقلون وغير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة.
مــــادة 48
مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
مـــــادة 49
المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها وتختص دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون.. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها.
مـــــادة 50
يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها، وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم.
مـــــادة 51
ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الدستورية.
مـــــادة 52
جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية.
مـــــادة 53
القوات المسلحة ملك للشعب مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها ولا يجوز لأية هيئة أو جماعه إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية والدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس والتجنيد إجباري وفقاً للقانون.. ويبين القانون شروط الخدمة والترقية في القوات المسلحة.
مـــــادة 54
ينشأ مجلس يسمى " مجلس الدفاع الوطني " ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون اختصاصاته الأخرى.
مـــــادة 55
الشرطة هيئة مدنية نظامية، تؤدى واجبها في خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وفقاً للقانون.
مـــــادة 56
يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد ولـه في سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية :
التشريع.
إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها.
تعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشعب.
دعوة مجلسي الشعب والشورى لانعقاد دورته العادية وفضها والدعوة لاجتماع غير عادى وفضه.
حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها.
تمثيل الدولة في الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتعتبر جزءاً من النظام القانوني في الدولة.
تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاؤهم من مناصبهم.
تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين في القانون، واعتماد ممثلي الدول الأجنبية السياسيين.
العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون.
السلطات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح. وللمجلس أن يفوض رئيسه أو أحد أعضائه في أي من اختصاصاته.
مـــــادة 57
يتولى مجلس الوزراء والوزراء السلطة التنفيذية كل فيما يخصه وللمجلس على الأخص مباشرة الاختصاصات الآتية :
الاشتراك مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها وفقا للقوانين والقرارات الجمهورية.
توجيه وتنسيق ومتابعة أعمال الوزارات والجهات التابعة لها والهيئات والمؤسسات العامة.
إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقا للقوانين واللوائح والقرارات ومراقبة تنفيذها.
إعداد مشروعات القوانين واللوائح والقرارات.
إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة.
إعداد مشروع الخطة العامة للدولة.
عقد القروض ومنحها وفقا للمبادئ الدستورية.
ملاحظة تنفيذ القوانين والمحافظة على أمن الدولة وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة.
مـــــادة 58
لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملا تجاريا أو ماليا أو صناعياً, أو أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقايضها عليه.
مـــــادة 59
يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه فإذا تم الإعلان في غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه وذلك بمراعاة الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له ويجب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك.
مـــــادة 60
يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ويُعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه في شأنه ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء.
مــــادة 61
يستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مباشرة الاختصاصات المحددة في هذا الإعلان وذلك لحين تولى كل من مجلسي الشعب والشورى لاختصاصاتهما وحتى انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرته مهام منصبه كلُ في حينه.
مـــــادة 62
كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الإعلان الدستوري يبقى صحيحا ونافذا ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في هذا الإعلان.
مـــــادة 63
ينشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

إعلان 25 سبتمبر 2011

بعد صدور قانون الانتخابات الذي نص علي أن تكون انتخابات البرلمان مناصفة بين النظام الفردي ونظام القوائم، احتجت معظم الأحزاب والقوي السياسية لأنها كانت تطالب بأن يتم إلغاء النظام الفردي لصالح نظام القوائم. ثم بعد اجتماع للفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس العسكري مع رؤساء بعض الأحزاب السياسية تم الاتفاق علي تعديل النسبة لتكون ثلث المقاعد بالنظام الفردي والثلثان بنظام القوائم النسبية المغلقة. وقام المجلس العسكري بإصدار تعديل علي الإعلان الدستوري في 25 سبتمبر 2011 يتضمن هذه النسبة المعدلة.

و فيما يلي نص هذا الإعلان الدستوري:
المجلس الأعلى للقوات المسلحة
بعد الإطلاع على الإعلان الدستورى الصادر في 13 من فبراير سنة 2011
وعلى الإعلان الدستورى الصادر في 30 من مارس 2011.
قرر:
(المادة الأولى)
يعدل نص المادة (38) من الإعلان الدستورى الصادر في 30 من مارس سنة 2011 ليصبح
على النحو الآتى:
"ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقا لنظام انتخابى يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والنظام الفردى بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقى للثانى".
(المادة الثانية)
ينشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره.
[عدل]
إعلان 19 نوفمبر 2011

بعد صدور قرار محكمة القضاء الإداري بإلزام الحكومة بتمكين المصريين بالخارج من التصويت في الانتخابات البرلمانية التي مقررة في 28 نوفمبر 2011 ظهرت مشكلة وهي أن الإعلان الدستوري ينص علي الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات. وبما أنه من الصعب في هذا الوقت القصير ترتيب سفر قضاة إلي القنصليات والسفارات المصرية في أنحاء العالم، تم الاتفاق علي أن يقوم السفراء والقناصل بالإشراف علي الانتخابات في الخارج وتعديل الإعلان الدستوري مرة ثانية لاستثناء المصريين بالخارج من الإشراف القضائي وذلك حتي لا تتعرض نتائج الانتخابات للطعن بعدم الدستورية لمخالفتها الإعلان الدستوري.

و فيما يلي نص هذا الإعلان الدستوري:
المجلس الأعلى للقوات المسلحة
بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 13 فبراير 2011
وعلى الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011
وعلى الإعلان الدستوري الصادر في 25 سبتمبر 2011
قرر
المادة الأولى
تضاف مادة جديدة رقم 39 مكرر للإعلان الدستورى الصادر في 30 من مارس سنة 2011 نصها الآتي "استثناء من أحكام المادة 39 من هذا الإعلان، تنظم بقانون خاص أحكام تصويت المصريين المقيمين خارج البلاد في الانتخابات والاستفتاء".
المادة الثانية
ينشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره.

13 أبريل 2012

مهنة المحضر القضائي

نبـذة تـاريخيـة

إن مهنة المحضر القضائي لم توجد في شكلها الحديث المتداول اليوم في الجزائر إلا بعد دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر سنة 1830 و لكن كما عبر عليه مؤرخو القانون فإن وجود المحضر القضائي بمهامه المعروفة منذ فجر التاريخ أمر مؤكد.
فكلما كان هناك قضاء كان من الضروري استدعاء الأطراف إلى الجلسة للرد على ادعاءات الخصوم و بالتالي إصدار الأحكام و كذا تنفيذها.
هكذا عبر الأزمنة كلف أشخاص بهذه المهام تختلف تسمياتهم في الجزائر حسب الحقبة التاريخية

أولا: قبل دخول الاستعمار الفرنسي

تميزت هذه الفترة بإسناد مهام القضاء إلى قضاة شرعيين يحكمون حسب مباديء الشريعة الإسلامية الغراء، يتكلفون زيادة على مهام القضاء بمهام أخرى مثل التوثيق و تنفيذ الأحكام إذ نظام العدالة في الإسلام لم يعرف الفصل الكبير بين مهام القضاء و مهام التنفيذ و التوثيق.

ثانيا: فترة الفرنسي للجزائر

عند دخول المستعمر إلى الجزائر وجدت المؤسسات القضائية الإسلامية قائمة على الشكل الذي بناه أعلاه و تواصل العمل بها وأسس المستعمر نظامه القضائي بشكل موازي للنظام الموجود على أساس مبدأ شخصية القوانين فاخضع الفرنسي إلى نظام قضائه و الجزائري إلى القاضي الشرعي و كان ما يعرف بالعون يقوم بالتبليغات لدى هذا الأخير و لكن تدريجبا اتجه المستعمر لإدخال القاضي الشرعي تحت سلطة النظام القضائي الفرنسي و سحب صلاحياته ليصبح قاضي أحوال شخصية فقط.
و أول نص أدخل المهنة في شكلها الحديث إلى الجزائر قرار وزير الحرب المؤرخ في 26/11/1842 يتضمن تنظيم المهنة ويحدد عدد دواوينها وصلاحيات المحضرين القضائيين يحدد شروط الالتحاق والنظام التأديبي كذلك لأمر10 أفريل 1843 المتضمن التصريح بتطبيق قانون الإجراءات المدنية في الجزائر وإنشاء مهنة الموثق و المحضر القضائي في الجزائر.
و لكن مزاولتها كانت موزعة على المدينين في مناطق استيطان الأوربيين وعلى رجال الدرك من الضباط بموجب القرار المؤرخ في 29 مايو 1846 المتضمن الترخيص لضباط الدرك القيام بمهام المحضرين في المناطق المختلطة و العربية.
ورغم صدور مرسوم 21 أفريل 1866 المتضمن فتح مهام التوثيق والتحضير والترجمة القضائية وكتابة الضبط ومحافظي البيع بالمزاد العلني للجزائريين على غرار المهن الحرة الأخرى إلا أن عددهم لم يتجاوز %30 سنة 1951 .
أما عن تنظيم المهنة فقد كانت الغرفة الجهوية للجزائر خاضعة إلى الغرفة الوطنية الفرنسية للمحضرين القضائيين مقرها باريس وكانت الغرفة الجهوية متكونة من 03 غرف ولائية غرب مقرها وهران شرق مقرها قسنطينة ووسط مقرها الجزائر العاصمة.

ثالثا: فترة ما بعد الاستقلال
وبعد الاستقلال مدد العمل بالقوانين الفرنسية إلا ما تعارض منه مع السيادة الوطنية قانون 31/12/62 وبذلك واصلت هذه الهيئات وجودها مرتبطة بالغرفة الوطنية بفرنسا إلى غاية 10/07/1963 تاريخ إصدار مرسوم رقم 63/252 المتضمن تعديل مرسوم الإدارة العمومية لتطبيق قانون المحضرين القضائيين والذي انشأ بموجب مادته الثانية مؤقتا غرفة وطنية للمحضرين القضائيين مقرها الجزائر العاصمة تحت رئاسة السيد داحو سعيد محضر قضائي بالجزائر تمارس نفس صلاحيات الغرف الولائية والجهوية والوطنية التي كانت موجودة.
لكن هذا التنظيم لم يكتب له العيش كثيرا إذ ألغاه أول إصلاح قضائي في سنة 1965 و بحلول تاريخ 08/06/66 صدور مرسوم تطبيقي رقم 66/165 المتعلق بكتابة ضبط المجالس والمحاكم والعقود القضائية وغير القضائية والمتضمن إلغاء دواوين المحضرين القضائيين وإسناد مهامهم إلى كتاب الضبط وقد سار الحال كذلك إلى غاية 08/01/1991 تاريخ إنشاء مهنة المحضر القضائي بموجب قانون 91/03 المتضمن تنظيم مهنة المحضر جريدة رقم 02/1991 و التي تتميز بتحرير المهنة في ظل اعتماد مبدأ انتخاب هيئاتها من المهنيين و ضبط قواعد ممارسة المهنة من طرف هيئاتها و ممارسة سلطة التأديب على أعضائها بالإضافة إلى سلطات أخرى و بعد أكثر من 15 سنة من الممارسة وعلى اثر نتائج لجنة إصلاح العدالة التي نصبها فخامة رئيس الجمهورية سنة 1999 تم إعادة تنظيم المهنة مع الاحتفاظ بطابعها الحر بموجب القانون 06/03 المؤرخ في 20 فبراير سنة 2006 .
وتجدر الإشارة هنا، أنه في إطار إنشغال وزارة العدل بتلبية الإحتياجات المتزايدة لخدمات الدواوين العمومية للمحضرين القضائيين، أضافت وزارة العدل تدريجيا في عدد المحضرين القضائيين الممارسين، الذين سيبلغ عددهم إثر تعيين المحضرين القضائيين الجدد ما يقارب 1800 محضر قضائي بعد أن كان عددهم لا يتجاوز سوى 149 محضر قضائي سنة 1992، وذلك بتنظيم عدة مسابقات للإلتحاق بالمهنة. إلتحق في آخرها ما يقارب ألف 1000 محضر قضائي، وهذا لتأمين وضمان توفير أفضل تغطية خدمات للمحضرين القضائيين عبر كافة التراب الوطني، في إطار تجسيد برنامج فخامة رئيس الجمهورية لإصلاح العدالة في شقه المتعلق بالمساعدين القضائيين.

التعريف بمهنة المحضر القضائي


تم انشاء مهنة المحضر القضائي بموجب قانون 91/03 المؤرخ في 08 يناير 1991 و عليه أصبحت المهنة حرة وتمارس في مكاتب عمومية يتولى تسييرها ضباط عموميين مفوضين من قبل السلطة العمومية.
وعلى اثر نتائج لجنة إصلاح العدالة التي نصبها فخامة رئيس الجمهورية سنة 1999 ثم إعادة تنظيم المهنة بموجب القانون 06-03 المؤرخ في 20 فبراير 2006.
مهام المحضر تكمن في تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية الصادرة في جميع المجلات وكذا المحررات والسندات في شكلها التنفيذي.
-كما يمكنه القيام بما يلي:
-القيام بالمعاينات المادية البحتة أو الإستجوابية.
-القيام بإبلاغ الإعذارات.
-مسك المباليغ المالية من أجل عرضها على الخصوم بعد أن يتم إيداعها في حسابه المهني.
و من أجل تقريب العدالة من المواطن فإنه يوجد على مستوى كل محكمة عبر التراب الوطني عدد هائل من المحضرين القضائيين وخاصة بعد أن تعزرت المهنة ب1000 محضر قضائي.

الإصلاحات التي عرفتها المهنة
لقد عرفت المهنة عدة إصلاحات أهمها

:
القانون المنظم للمهنة:

أهم ما جاء في هذا القانون
-توسيع الإختصاص الإقليمي لمكاتب المحضرين القضائيين من اختصاص محكمة إلى اختصاص مجلس قضائي.
-استحداث شهادة الكفاءة المهنية للإلتحاق بمهنة المحضر القضائي زيادة على شهادة اللسانس في الحقوق.
-استحداث لجنة وطنية للطعن كهيئة قانونية تأديبية من الدرجة الثانية قراراتها تنفيدية متساوية الأعضاء قضاة/محضرين.
-إعداد مشروع مدونة أخلاقيات المهننة من طرف الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين.
-توفير الحماية القانونية للدواوين العمومية للمحضرين القضائيين.

قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد
أهم ما تميز به هذا القانون في مجال التنفيذ هو:
-أجاز للمحضر القضائي البحت على أموال المدين بدون أمر قضائي.
-توسيع الحجوز العقارية لتشمل العقارات الحائز أصحابها على سندات عرفية.
-توسيع الحجوز لتشمل الأسهم والحصص.



قانون الإجراءات الجزائية
أوكلت مهمة التبليغ في المادة الجزائية للمحضر القضائي بما فيها الإستدعاءات لحضور الجلسات فرع المخالفات والجنح والجنايات.
وتبلغ الأحكام والقرارات القضائية الغيابية.

• للمحضر القضائي دور فعال في ترقية الإستثمار
• المحضر القضائي الضامن الوحيد الذي يجمع بين التحصيل الودي والقضائي للديون المستحقة للدائنين بطريقة آمنة.
• للمحضر القضائي مجال واسع للتدخل في استيفاء وتحصيل الديون المستحقة والثابتة في الوثائق والأوراق التجارية: فاتورة-الشيك-السفتجة-السند لأمر. وتدخل المحضر القضائي لتحصيل الديون يجنب اللجوء إلى القضاء الأحكام.
• للمحضر القضائي دور فعال في الوقاية من الفساد وتبييض الأموال.
• المحضر االقضائي رجل قانون جواري.


المحضر القضائي، رسمية ومصداقية
إن عمل ونشاط المحضر القضائي يمتد إلى مجالات مختلفة وأعمال غير قضائية وحضوره فيها يضفي عليها الصيغة الرسمية والمصداقية ومن بين هذه الأعمال:
-حضور الجمعيات العامة للشركات، المؤسسات، المنظمات المهنية والأحزاب.
-حضور المسابقات.
-حضور عملية فتح الخزائن الحديدية.
-حضور فتح الأظرفة –المناقصات،والصفقات العمومية-

أفاق المهنة

-تعزيز صفوف مهنة المحضر القضائي ب1000 محضر جديد ليصبح العدد الإجمالي1800 وعليه تحتل الجزائر المرتبة الثانية بعد فرنسا.
-إنشاء مدرسة للتكوين المستمر للمحضر القضائي.
-السعي لإنظمام الجزائر لاتفاقية لاهاي لسنة 1965 الخاصة بتبليغ العقود القضائية وغير القضائية.
-تعزيز العلاقات مع المنظمات المهنية لدول الجوار والأشقاء العرب.
-تفعيل الدور الإيجابي للإتحاد الدولي للمحضرين القضائيين والضبا

12 أبريل 2012

إلغاء قرار وزير العدل بتحصيل رسوم قضائية على الدعاوى المرفوضة
************************************************************************
قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضـــاء الإدارى برئاسة المستشار/ كمال اللمعى رئيس محاكم القضاء الإدارى ونائب رئيس مجلس الدولة بقبول الدعوى المقامة من سامح سعد محمد الجندى عن نفســـه وبصفته مدير وشريك متضامن بشركة التعاون الطبية رولانا ضد وزير العدل ورئيس وحدة المطالبة بالمحكمة الأقتصــــادية بالقاهرة بصــــــفتهمها شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير العدل فى الكتاب الدورى رقم 2 لسنة 2009 الصادر من وزير العدل بشأن تحصيل الرسوم القضائية فى حالات رفض الدعوى وعدم قبولها وسقوط الحق فيها وألزمت جهة الإدارة المصــروفات فى الطلب العاجل وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد الرأى القانونى فى موضــــوعها جاء ذلك فى الدعوى رقم 49988 لسنة 64 قضائية .
قالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن المســـــتقر عليه فى قضاء مجلس الدولة أن تكييف الدعوى إنما من تصريف المحكمة ولما كانت المحـــكمة الأقتصـــــادية بالقاهرة قد قضت بجلسة 31 يناير 2010 برفض الدعوى رقم 5035 لسنة 2009 المقامة من المدعى فى الدعــــوى الماثلة ضـــــــد بنك قناة السويس وصدر بناءا على هذا الحكم مطــــالبته بالرسـوم النسبية بمبلغ وقدره 49 ألف و310 جنيه فمن ثم فإنه يكون التكييف القانونى الصحــيح لطلبات المدعى هو الحكم بقبول الدعـوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء الكتاب الدورى رقم 2 لسنة 2009 فيما تضمنه فى بند تسوية الرسوم النسبية بإستيداء الفرق الرســـــــوم المحصلة وقت رفع الدعوى والتى يتم المطالبة بها فى حالة رفض الدعوى مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وأضافت المحكمة فى حيثيات حكمها انه بالنسبة للدفع بعدم إختصــــاص مـحاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعــــــوى تأســـيسا على أن موضـــــــــوع النزاع يتمثل فى إلغاء أمــــر تقدير الرســـــــــــوم رقم 76 لسنة 2010 الصادر من المحكمة الأقتصـــــــادية فإن الثابت من الأوراق فى الكتاب الدورى الصادر رقم 2 لسنة 2009 الصادر من الجهة الإدارية " وزارة العدل " فيما تضمنه ذلك الكتاب من سداد فروق الرسوم المحصلة وقت رفع الدعوى وما يطلب منه فى حالة الرفض وليس كما ورد ذكره فى الدفع من أن المدعى ينازع فى قيمة تقدير الرسوم بأمر التقدير رقم 76 لسنة 2010 ولما كان ما تضمنه الكتاب الدورى المطعون فيه يترتب عليه إلتزامات يكون قد استجمع مقومات القــرار الإدارى بمفهومه الإصطلاحى فى قضاء مجلس الدولة الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض هذا الدفع وأيضا الدفع بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القــــرار الإدارى وعن توافر ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ قالت محكمة القضــــاء الإدارى إن المادة 9 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرســــــوم القضائية ورســـــوم التوثيق فى المواد المدنية المعدلة بالقانون رقم " 126 " لســــنة 2009 تنص على أنه لاتحصــــــل الرسوم النسبية على أكثر من ألف جنيه فى الدعاوى التى لاتزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولاتحصــــل على اكثر من ألفى جنيه فى الدعـــاوى التى تزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولا تجاوز100 ألف جنيه ولاتحصل على أكثر من خمســـــة الاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد فى قيمتها على مائة ألف جنيه ولا تحصل الرسوم الرسوم على أكثر من خمســــــة ألاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليون ولا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من عشــرة ألاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على مليون جنيه.
*******************************************************



أخيرا وبعد عامين كاملين من التطــــبيق الخاطىء لقرار وزير العدل الســـابق المستشار أحمد مرعى بتحصيل رسوم قضائية بالمخالفة على الأحكام القضائية الصادرة فى حالات رفض الدعــــوى أو عدم قبولها أو سقوط الحق فى إقامتها قضت محكمة القضاء الإدارى «الدائرة الأولي» بإيقاف تنفيذ هذا القرار الذى طعن عليه مدير احدى الشركات الاستثمارية الذى ألزمه قلم الرســـــــوم بمحكمة القاهرة الاقتصادية بأن يدفع 49 ألفا و310 جنيهات بالرغم من ان المحكمة الاقتصادية قد رفضــــــت دعواة وأمرت محكمة القضاء الإدارى بإحالة الدعوى الى هيئة المفوضين لاعــــداد التقرير بالرأى القانونى عن تطبيق هذا القرار بعدما تأكدت جدية أسباب الطعن عليه.يذكر ان وزير العدل كان قد أصـدر القرار الدورى رقم 2 لسنة 2009 الذى دخل حيز التطبيق فى أول يونيو عام 2009، وترتب على تطــبيقه بالمخالفة المئات من الطعون التى تقدم بها اصحابها يشكون من مطاردة موظفى الرســـــوم القضائية لهم وتهديدهم بالحجز على منشآتهم الصناعية والتجارية واملاكهم العقارية وحـساباتهم بالبنوك مالم يسددوا هذه الرسوم التى هى نتاج قرار مخالف لقانون الرسـوم القضائية رقم 90 لسنة 44 المادة 9 منه بشأن المواد المدنية المعدلة التى تنص على انه لاتحصل الرسوم النسبية بأكثر من ألف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولاتحصل الرسـوم النـسبية على اكثر من ألفى جنيه فى الدعـــــــاوى التى تزيد قيمتها على أربعين ألفا ولاتجاوز مــائة ألف جنيه كما نص أيضا على ألا تحصـــــل الرســـوم على أكثر من 5 آلاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قـــيمتها على مائة ألف جنيه ولاتجاوز مليون جنيه واخيرا لاتحصل الرسوم النسبية بأكثر من 110 آلاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على مليون جنيه، واشترط المشرع فى كل هذه الحالات ان يسرى فرض الرســـــوم على اساس ماتحكم به المحكمة ولم يتضمن الحالات الثلاث التى ادخلها قرار وزير العدل.
المعروف ان هذا القرار أوجد نزاعات بالآلاف مع رجال الأعمال والبنوك واصحاب قضايا التعويضات حتى ان المتقاضين فى خوف وذعر من الأرقام الفلكية التى تصل إلى عشرات الملايين من الجنيهات تطاردهم بها وزارة العدل لتحصيلها. فإذا مالجأ بنك ما أو رجل أعمال يطالب بمستحقاته وقد رفضت دعواه بسبب غياب المستندات الأصلية يفاجأ بأن قلم الرسوم يطالبه بـ 75 ألف جنيه عن كل مليون جنيه كان يطالب به فى الدعوى ولم تحكم به المحكمة.


نص الكتاب الدورى رقم 2 لسنة 2009المخالف للقانون والدستوروالذي تم الغاؤه
مع صـــدور القانون رقم 126 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قوانين الرسوم القضائية – المنشور بالجريدة الرسمية فى العدد 22 مكرر بتاريخ 3/5/2009 كان من بين المواد المعدلة المادة (9) والتى تنص على:-لا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من ألف جنيه فى الدعــاوى التى لاتزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولا تحصل الرسـوم النســـــبية على أكثر من ألفى جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه , ولاتحصل الرسوم النســــــبية على أكثر من خمسة آلاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على مائة ألف جنيه ولاتجاوز مليون جنيه ولاتحصل الرســـــوم النسبية على أكثر من عشرة آلاف جنيه فى الدعـــــاوى التى تزيد قيمتهاعلى مليون جنيه وقررت الفقرة الأخيرة منها " وفى جميع الأحوال يسوى الرسم على اساس ما حكم به.......
ووفقا لنص هذه الفقرة الاخيرة يتم تسوية الرسوم القضائية على ما حكم به أى على المقضى به فى الحكم فاذا كان المطلوب فى صحيفة الدعوى مليون جنيه وقضت المحكمة بمبلغ مائة ألف جنية يتم تحصيل الرسوم على المائة ألف جنيه......
وعلى ذلك إذا لم يقضى بطلبات المدعى فيها وقضى فيها بالرفض او عدم القبول أو ســقوط الحق فى الدعوى – لا يحصل أيه رسوم إضافية باعتبار أن منطوق الحكم فى هذه الحالة لم يقضى بأية طـلبات ومن ثم لا تحصل رســــــوم ســـــوى ما تم تحصيله عند رفع الدعوى ما لم يكن هناك فوارق رسوم.
إلا أن الكتاب الدورى رقم 2 لسنة 2009 الصادر عن وزير العدل قرر انه اعتباراً من 1/6/2009 - تاريخ نفاذ القانون -- تكون تسوية الرسوم باســــــتيداء الفرق بين الرســــــوم المقدرة على الطلبات الموضوعية المحكوم بها أو ببعضها أو برفضها أو بسقوط الحق فيها , أو بانتفاء صفة المطالب بها وبين ما حصل عنها عند رفع الدعوى أو الطعن على الحكم الصادر فيها وتصبح الرسوم التزاما على الطرف الذى ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى ( مدعى – مدعى عليه – خصم مدخل – خصم متدخل ) ... ولا تسرى أحكام القانون المعدل فى شأن تسوية الرسوم النسبية على الدعاوى المرفوعــــة قبل نفاذ القانون المعدل والمحكوم فيه بعد نفاذه بالرفض .مجدى عزام.
أى أن مفاد الكتاب الدورى هو تحصــــيل الرســــــوم القضائية حتى فى حالات عد م الحكم بشىء من الطلبات مثل الحكم برفض الدعوى أو سقوط الحق فيها وهو ما نهــــجته بالفعل بعض أقلام المراجعة وأقلام مطالبة الرسوم بالمحاكم حاليا ,, وهو الأمر الذى يتأذى منه كل من يلجأ للقضـــاء ويعجز عن اثبات دعواه فيخسرها فيفاجأ بمطالبته برسوم قضائية قد تصل الى 7.5 % تقريبا " رسوم نســــبية ورسوم خدمات"
وحيث ان هذا الكتاب الدورى مخالف للقانون والدستور وذلك للآتى:-
1- مخالفته لصريح نص الفقرة الأخيرة من المادة 9 من قانون الرسوم القضائية التى نصت صراحة على وفى جميع الأحوال يسوى الرسم على اساس ما حكم به....... " ولم تقرر المادة المطالب به
2- كما انه مخالف لنص المادة 68 من الدستور التى تنص على " التقاضى حق مصـــــون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء له قاضيه الطبيعي ...
3- ولما كان الكتاب الدورى يعد من قبيل القـــررات الادارية ومن ثم يجوز الطعن عليه أمام القضـــاء الادارى لهذين السببين ,, كما يجوز الاعتراض على أمر تقدير الرسوم بالتظلم منه لنفس السببين . أو تتدخل الجهات المعنية لتعديل الأمر نحو الصواب .....
قرار وزير العدل فى دعوى صحة التوقيع ومخالفته للقانون


دعاوى "صحة التوقيع" تثير أزمة بين المحامين ووزير العدل.. ومطالب بإقالة مرعى.. وتهديدات بإجراءات تصعيدية الجمعة، المستشار ممدوح مرعى وزير العدل حالة من الارتباك تواجه المحامين بسبب الغموض والتضارب فى قرارات وزير العدل بشأن إلغاء إقامة دعاوى صحة التوقيع.. ففى الوقت الذى رفضت فيه كثير من المحاكم إقامة دعاوى صحة التوقيع التزاما بمنشور من وزارة العدل ينص على ذلك، نفت وزارة العدل وجود قرار رسمى بذلك، ومع ذلك تسربت أنباء عن نقل اختصاص إقامة دعاوى صحة التوقيع إلى مصلحة الشهر العقارى، ونفى مجلس نقابة المحامين التحرك حاليا قبل التأكد بشكل قاطع من وزارة العدل حول حقيقة القرار. لكن المحامين من جانبهم بدأوا فى التحرك لمواجهة ما قالوا إنه قرار لوزير العدل برفض إقامة دعاوى صحة التوقيع، وأقاموا دعاوى قضائية ضد وزير العدل، وهدد قطاع كبير من المحامين باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد القرار خوفا من أن يكون ذلك بداية لقرارات أخرى تمنع إقامة دعاوى ضد الحكومة أو هيئات بعينها. من جانبه أكد خالد أبو كريشة عضو مجلس نقابة المحامين، أن قرار المستشار ممدوح مرعى وزير العدل بإلغاء دعاوى صحة التوقيع يعد اعتداء على الدستور وعلى حق المواطنين، مشيرًا إلى أن وزير العدل ليس له علاقة بدعاوى صحة التوقيع، وليس من شأنه أن يتدخل فى اختصاصات القضاء. بينما اعتبر راشد الجندى عضو مجلس النقابة أن القرار غير مقبول ومن شأنه أن يعزز المشاكل والنزاعات، خاصة الخلافات الأسرية، ويعود بأضرار اجتماعية واقتصادية على المجتمع، ويؤدى بدوره إلى عدم الاستقرار فى التعاملات بين الناس، مضيفا أن وزير العدل لا يملك أن يصدر هذا القرار أو يلغى دعاوى بأسمائها، ولا أحد أيضًا غيره يملك إلغاؤها أو يمنع المواطن من رفع الدعاوى بصفة عامة، متسائلا: ما الحكمة التى ابتغاها وزير العدل من إصدار هذا القرار؟!. من جانبه أكد إبراهيم إلياس عضو المجلس ومقرر لجنة الشئون السياسية أن هذا الأمر يتطلب اقالة وزير العدل من منصبه.. متهما الوزير بأنه اعتاد على مخالفة القانون واصدار قرارات ضد مصالح المواطنين، مشيرا إلى أنه ليس من اختصاصه، مضيفا أن مرعى أصدر قبل ذلك قرارات مخالفة للقانون. وبرر إلياس رفضه لقرار الوزير بأنه يتعارض مع القانون كما أنه اعتداء على السلطة التشريعية وعلى مؤسسات الدولة وعلى الدستور.. مشيرا إلى أنه قرار خاطىء ولا يحق له اتخاذه وأنه يعد شهادة وفاء لوزير العدل الذى كان المحامون يستبشرون به فى أزمة المحامين والقضاء التى كان يديرها من خلف ستار، ولكنه خالف التوقعات ولم يرد على مطالب المحامين.. مشيرا إلى أنه يعقد الأمور أكثر بإصداره قرارات تخالف وتعطل القوانين. علاء الخليلى نقيب محامى شمال سيناء، أشار إلى أن هذا القرار مقدمة لمنع إقامة دعاوى ضد الحكومة والوزراء، الأمر الذى لم يحدث من قبل، لافتًا إلى أن دعاوى صحة التوقيع ليس لها قيمة من حيث التأثير على حقوق الآخرين، قائلا: ما الحكمة والهدف من إصدار وزير العدل لهذا القرار؟، وما الحكمة من منع المواطنين من اللجوء القضاء؟.. مضيفا أن شباب المحامين غالبيتها يعمل على هذه الدعاوي، مما يعنى أن إلغاءها إضافة أعباء على المواطنين وكذلك على المحامين الشباب بمنعهم من مصدر رزق هام. ويرى وليد السيد البدوى محام أنه قرار غير سليم ومرفوض لأنه يضر بمصالح المواطنين، ويظلم الكثير، ومنهم المحامون، مضيفًا أنه يجب مراجعة القرار ودراسته جيدا، وأن دعاوى صحة التوقيع ما هى إلا إجراء تحفظى لضمان صحة التوقيعات وأن المؤسسات والمصالح الحكومية تعتمد عليها ولا تثق فى العقود العرفية. وأضاف حامد تاج عبود محام أن وزير العدل سلطته إدارية وليس من حقه أو من حق أى وزير الغاء أى دعوى لأنها تتم طبقا لقانون مشرع ومنصوص عليه من جانب البرلمان المنوط به تشريع القوانين.. مضيفا أن قرار وزير العدل يعد تعسفًا فى استعمال السلطة، وسيعود بالضرر على الكثير من المواطنين وخاصة المحامين المبتدئين لأن هذه الدعاوى تمثل مصدر رزق كبير لهم، خاصة وأن هناك الكثير جدًا من دعاوى صحة توقيع فى المحاكم على مستوى الجمهورية. وعلى عكس ما سبق يرى المحامى محمد عبده أن إلغاء دعاوى صحة التوقيع يصب فى المصلحة العامة للمجتمع، وذلك لأن هناك العديد من المحامين والعاملين بالقانون يسيئون استعمال هذه الدعاوى عن طريق الغش والتدليس واستخدامه وسيلة لاستغلال المواطنين الذين ليس لديهم علم بالقانون، مشيرا إلى أنه رغم ذلك فان وزير العدل منصبه إدارى فقط، ولا يملك الحق فى اتخاذ هذا القرار، وأن الجهة المنوط بها ذلك هى مجلس الشعب. كانت قاعات وساحات عدة محاكم على مستوى الجمهورية شهدت توزيع منشور وملصقات تؤكد صدور قرار من وزير العدل بوقف قيد دعاوى صحة التوقيع، إلا أنها اختفت بعد يوم واحد، ولم يتم الاستدلال على صدور قرار من عدمه لعدم وجود تاريخ أو رقم للقرار مما عطل إقامة دعاوى قضائية تختصم وزير العدل، إلا أن محامين فى الدقهلية والقاهرة أقاموا دعاوى ومحاضر امتناع موظفى وزارة العدل بالمحاكم عن قيد دعاوى صحة توقيع التزاما بالقرار، وهو ما دعا مجلس نقابة المحامين لأن يطالب وزارة العدل توضيح الأمر وأجل أى قرار لحين التأكد من صحة أو عدم صحة قرار وزير العدل.

06 أبريل 2012

نظرية سحب القرار الإدارى 4

المبحث الثالث
آثار سحب القرار الإداري


السحب كالإلغاء القضائي يعدم القرار منذ ولادته, ولما كـان السحب يرجع إلي مخالفة القرار المسحوب للقانون, فانه يأخذ فــي العمل احدي صورتين إمـــــا السحب الكلي والذي يتناول القرار جميعه إذا ما كان القرار غــير قابل للتجزئة والسحب الجــزئي إذا كان القرار قابلا للتجزئة ولــــم يخالف القانون إلا جزئيا فحينئذ يجوز إن يــــرد السحب علــــي الجزء المخالف للقانون .
والأصل أن يتم السحب صراحة أي بصدور قرار ساحب مــن مصدر القرار المسحوب أو من رئيسه, ولكن لما كان القرار الإداري هـــو مجرد إفصاح عـــن إرادة الاداره دون حاجه لان تفرغ هـــذه الإرادة في صوره معينه, فان السحب قد يتم فـي صوره ضمنيه بان يصدر من الجهة التي تملك السحب ما يدل علي عدولها عن قراراها السابق .

سنتناول فـــي هـــذا الفصل إن شاء الله الحديث عـــن الآثار المترتبة عـن سحب الاداره لقراراتها وذلك في ثلاث مباحث كالتالي:

المطلب الأول
زوال القرار المسحوب وآثاره القانونية بأثر رجعي

من المسلم به أن السحب يؤدي إلي زوال القرار الإداري وكل مــا يترتب علية مــن أثار وذلك بأثر رجعي, فالسحب يهـــدد القرار المعيب منذ صدوره ويمحو أثارة, وهـــو في ذلك يتفق مع الإلغاء القضائي , كــــما يترتب علي القرار الساحب تجــريد القرار المسحوب من قوته القانونية مــــن وقت صدوره ومحو أثــاره التي تولدت عــنه, ومقتضي الأثر الرجعي للسحب هــــو أن تتدخل الاداره بقرار أخر جديد لسحب القرار السابق الذي ولد معيبا مـــن وقت صدوره .(1)
وفـــي هـذا المعني تقول المحكمة الاداريه العليا في حكمها الصادر في 2/1/1966 "إن السحب الإداري والإلغاء القضائي كليهما جــــزاء لمخلفة مبدأ المشروعية يؤدي إلي إنهاء القرار بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره".(2)
وتقول محكمة القضاء الإداري فـــي حكمها الصادر فــي 8/3/1955"أن مقتضي الحكم الصادر بالإلغاء –وهـــي ذات مقتضيات السحب- إرجاع الحال إلي ما كان علية قبـل صدور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع في هذا المعني كل من المرجع السابق للدكتور حسني درويش ص489 والمرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1029 ومبادئ القانون الإداري للدكتور سليمان الطماوي ص 207
(2)الحكم مشار إليه في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1030
(31)
القرار الملغي, علي أن تمتنع الاداره عـــن اتخاذ أي إجراء تنفيذي ينبني علــية ترتيب اثر لهذا القرار بعد إلغائه- أو بعد سحبه- وان تتخذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مـــؤدي الحكم مع تطبيق نتائجه القانونية, علي أساس افتراض عــــدم صدور القرار الملغي من بادئ الأمر, وتسوية الحالة علي هذا الوضع, ومن ثم تسترد سلطتها في هذه الحدود في الإفصاح عــن إرادتها لإحداث مراكز قانونية حسبما لا يتعارض مع هذا الحكم".(1)

إذا كان السحب, بمعناه السابق يتمثل في إعدام القرار بأثر رجعي, يختلف عن التصرف الإنشائي الذي تجريـه الاداره, ويتضمن تعديلا في المراكز القانونية القائمة, والتي تقتضي تدخل الاداره لإحداث ذلك الأثر, أو كما تقول محكمه القضاء الإداري في حكمها الصادر في 15/6/1950 "انه ليس كل إلغاء أو عـــدول مـــن جانب الحكومة عــن قراراتها الإدارية النهائية بعد فوات مواعيد الطعن فيها بالإلغاء يعتبر سحبا غــير جائز قانونا, إذ عدم جواز السحب مقصور علي تلك الحالات التي لا يجد فيها لأصحاب الشأن في تلك القرارات مراكز قانونية جــديدة تقتضي تعديلا فـــي حالاتهم بما يطابق القانون, ففــي تلك الحالات لا يجوز للحكومة أن تنقض قراراتها السابقة بعد فوات مواعيد الطعن فيها بالإلغاء, لما في ذلك من إخلال بالحقوق المكتسبة لأصحاب الشأن فيها- مما يجـــد مخالفة قانونية- أمــــا إذا ترتبت لهؤلاء مراكز قانونية جــديدة تقتضي علي حسب القانون تعديل مـــا كسبوه منها بمقتضي قرارات إدارية سابقة, فــــان ذلك لا يعد سحبا لتلك القرارات, وإنما هــــــو تصرف إنشائي تجربه الحكومة في ضوء الوقائع الجديدة في ضوء القانون"(2)

















ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحكم مشار إليه في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1030
(2)راجع د. حسني درويش المرجع السابق ص 490
(32)


المطلب الثاني
أعاده الأوضاع إلي ما كانت عليه قبل صدور القرار

مـــن المسلم بــه أن سحب القرار الإداري كما ذكرنـــا, يؤدي إلي إعدام القرار بالنسبة للمستقبل والماضي أي إلغـــاء القـــرار بأثر رجعي, بحيث يصبح وكأنــــه لم يوجد إطلاقا, ويستتبع هذا بالضرورة إلي تدخل الاداره لتنفيذ القرار الساحب, وذلك باعاده الأوضاع إلي ما كانت علية قبل صدور القرار الملغي, مهما طالت الفترة فيما بين صدور القرار وصدور القرار الساحب أو حكم الإلغاء, فلا يجب إن يضار ذوي الشأن مــن بطء إجراءات التقاضي أو طول فتره السحب.(1)
ومما لاشك فيه أن إعمال هــــذه القاعدة كثيرا مـــا يتسبب عنها مضايقات شديدة لجهة الاداره , فإنهـــــا مضطرة لإعادة النظر فــــي كثير مــن القرارات التي صدرت مستندة إلي القرارات الملغية وأيضا إعادة النظر في جميع الآثار التي ترتبي في الماضي, والتي تستند إلـي القرار الملغي, و للاداره في هـــذا السبيل إن تصدر قرارات ذات اثـر رجعي لان تغدو ضرورية لتنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء أو القرار الساحب. (2)

ومن المبادئ التي قررتها محكمة القضاء الإداري فـي هــــذا الشأن, إن الجهة الاداريه تتحمل بالتزامين حيال القــــرار الساحب أو حكم الإلغاء, أولهما سلبي بالامتناع عن ترتيب
أي اثر للقرار المسحوب, وثانيهما ايجابي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مـؤدي الحكم أو
القرار الساحب وفي هذا المعني تقول محكمة القضاء الإداري في احد إحكامها "إن القاعدة في تنفيذ أحكام الإلغاء تقضي بتحمل الجهة الاداريه بالتزامين: احدهما سلبي بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء تنفيذي يترتب علية حــــدوث اثر للقرار بعــد إلغائه, وثانيها ايجابي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مــــــؤدي الحكم مــــع تطبيق نتائجه القانونية وذلك علــي أساس افتراض عدم صدور القرار الملغي ابتداء".(3)

ومما سبق يتضح لنا أن هناك اثرين للسحب, الأول هــو الأثر الهادم, والثاني هــو الأثر البناء .

أولا: الآثار الهادمة للقرار الساحب.
فالقرار الساحب يجــرد القرار المسحوب مـــن قوته القانونية مـــن وقت صدوره ومحو أثاره التي تولدت بصدوره, أو بمعني أخر, هــــو إلغاء القرار المعيب بأثر رجــعي , والأثر الرجعي في هـــــذا الشأن معناه تدخل الاداره بقرار جديد لسحب قرار سابق ولــد معيبا من وقت صدوره.
ويـــري الدكتور حسـني درويش إن الرجعية فـــي شـان سحب القرارات الاداريه غيــر المشروعة قـد تبدو غير مقبولة ولا تتفق مع منطق الأمور, ومثال ذلك سحب قرار الصادر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)(2)راجع د. حسني درويش عبد الحميد المرجع السابق ص 492&493
(3)الحكم مشار إليه في المرجع السابق للدكتور حسني درويش في هامش ص493
(33)
بتعين مـــوظف, يقتضي الأثـــر الرجعي للسـحب اعتبـــار الإعمال الصادرة منـه معـــدومة لصدورها من غير مختص, ومع ذلك تبقي في الحدود التي تقتضيها نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي(1)

ثانيا: الآثار البناءة للقرار الساحب.
إن القرار الساحب لا يستهدف إلغاء القرار المسحوب بأثـــر رجعي فحسب, وإنما يتعين بحكم اللزوم إعادة الحال إلي ما كانت عليه قبل صدور القرار المسحوب. وبالتالي فان جهة الاداره تلتزم بإصدار كافه القرارات التي يقتضيها تحقيق أعاده الحال إلي مــــا كانت عليه, فإذا القرار المسحوب قـــــرار إداري صادر بفصل موظف فــــانه يتعين علي الاداره إصدار القرار باعاده الموظف إلــي عمله كما لو كانت خدمته مستمرة وترتيب كــــــافه الآثار التي تنجم عن ذلك.(2)
وفـي هذا المعني تقول المحكمة الاداريه العليا في حكمها الصادر في 30/1/1960 "إن سحب القرار الصادر بإلغاء التــرقية يترتب عليه عـــودة الحال إلي مـا كانت عليه, فيصبح القرار الأصلي بالترقية قائما منذ تاريخ صدوره"

*ما هو جزاء القرار الإداري الصادر بترتيب أثار مخالفة لإعادة الحال إلي ما كانت علية ؟

تجيب محكمة القضاء الإداري علي هـــذا التساؤل فـــي حكمها الصادر في 7/1/1953 "إذا كـــان القرار الساحب قـــــرارا صحيحا فان من مقتضاه اعتبار القرار المسحوب فـــي خصوص فصل المدعي فصل المدعي كــــان لم يكــن ويعتبر كــأن خدمة الموظف لم تنقطع فيكون القرار الصادر بعد ذلك بتعينه في الخدمة تعيننا جديدا هـو قرار باطل, ومن ثم يتعين إلغاؤه باعتبار المدعي مــا زال في الخدمة ولم يفصل منها مع مـا يترتب علي ذلك من أثار مالية وفي تحديد وضعه في الاقدميه بين اقرانة".(3)

ونخلص من كـــل ما تقدم إلي أن السحب يزيل القرار المسحوب من الوجود بأثر رجعي, ويعتبر كان لم يكن, كما يعـــود الحال إلي مــا كان علية قبل صدور ذلك القرار المسحوب , وعلي الجهة الاداريه إصدار كافة القرارات واتخاذ ما يلزم مــن الإجراءات الكفيلة بتحقيق هذه الغاية.






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع د. حسني درويش المرجع السابق ص 495
(2)راجع المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1033
(3)الحكم مشار إلية في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1034
(34)

المطلب الثالث
ما مدي شرعيه
القرارات المبنية علي قرارات معيبة تحصنت بفوات
المواعيد المقررة للسحب قانونا...

تعرفنا في المطلب السابق علي أن القرار الساحب يترتب عليه زوال القرار المسحوب واثارة بالإضافة إلي إعادة الأوضاع إلي مــــا كانت عليه قبل صدور ذلك القرار وفي هـــذا المطلب نتعرض إلـي الايجابة علي سؤال مؤداه, هــل ينقلب القرار غير المشروع الـذي لا يجـــوز سحبه إلــي قرار سليم بمرور مـــدد الطعن القضائي, وما مـــدي شرعية القرارات المعيبة التي تحصنت بفوات مواعيد التظلم منها أو الطعن عليها, وما هـــــي الآثار الــــتي يمكن أن تترتب علي تلك القرارات, وهل يجوز للجهة الاداريه إصدار قرارات جديدة مبنية علي تلك القرارات المعيبة .

من المسلم به فقهيا وقضائيا أن القرارات الاداريه غــير المشروعة التي تحصنت بفوات مواعيد سحبها أو الطعن عليها بالإلغاء لا تصبح قرارات مشـروعة وكـــما علمنا سابقا أن الدافع وراء ضرورة تحصن تلك القرارات كان هــــــو ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للإفراد وتغليب القضاء والفقه لهذا المبدأ علي مـبدأ المشروعية واحترام القانون لذلك فلا يمكن التحدي بان فوات المدة المقررة قانونا للتخلص من ذلك القرار المعيب تقلب ذلك القرار المعيب إلي قرار مشروع .

إن الفقه والقضاء متفق علي إن مـرور المدة التي يجوز خلالها طلب إلغاء القــرار غير المشروع, لا يحول دون طلب التعويضات المترتبة علي تنفيذ القرار,وبالتالي فان استقرار الأمر الإداري في مثل هذه الحالة لا يحجب عدم المشروعية تماما (1)

ولكن الخلاف يدق حــول مــدي جواز إصدار قرارات جديدة مبنية علي القرارات المعيبة التي تحصنت بفوات مواعيد السحب....(2)
ويمكن إجمال ذلك الخلاف بين اتجاهين كالتالي:
الاتجاه الأول: يري أن استقرار القرار الإداري غير المشروع لا يصلح أساسا إلا لترتيب الآثار المباشرة للقرار فقط دون الآثار غير المباشرة.
الاتجاه الثاني: فـيري إن القرار الإداري غـــير المشروع يصلح أساسا لإصدار القرارات التي تترتب عليه كما لو كان سليما.

وفيما يلي نعرض لكل اتجاه علي حــده مدعما بمبادئ محكمه القضاء الإداري والمحكمة الاداريه العليا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع د. سليمان الطماوي النظرية العامة للقرارات الاداريه ص 771
(2)راجع هذا الخلاف في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1023
(35)

*الاتجاه الأول

يتجه البعض من الفقه وأحكام القضاء إلي بـــان استقرار الأمر الإداري غير المشروع بفوات مواعـــيد الطعن لا يصلح أسـاسا إلا لترتيب الآثار المباشرة للقرار فحسب أما الآثار غير المباشرة فلا يجـوز ترتيبها علي القرارات غير المشروعة ولو كانت قد استقرت ولقد أكد هــــــذا الاتجاه بعض فتأوي مجلس الدولة ومنهـــــــا الفتوى رقـــم 246 الصادرة في 6/3/1966 ونصها:
"إن تحصن القرار الخاطئ لا يعني تحولـه إلي قرار صحيح مــــن جميع الوجوه, إذ أن القرارات غـــــــير المشوبة بعيب مخالفة القانون الـــتي يحصـن بفوات ميعاد الطعن فيهــا بالإلغاء لا تنتج غير الآثار الـــتي تنشا عنهـا مباشرة, وبصفة تلقائية دون حاجه إلي تدخل جديد مــن جانب السلطة الاداريه في صورة تصرف إداري جديد, ومن ثم لا يجوز اتخاذها أسـاســا لقــــــرار إداري أو إدخالها كعنصر, لان تحصينها لا يسـبغ عليها المشروعية ولا تطهرها مـن العيوب التي شابتها مما يلزم الجهة الاداريه بالاعتداد, لان القول بذلك معناه, إلزام الاداره باحترام الخطأ, الأمر الذي يتنافي مع حسن سير الاداره ومبدأ المشروعية(1)
ومــــن أحكام محكمة القضاء الإداري المؤيـــدة لــهذا الاتجاه الحكم الصادر فـي جلسه 17/6/1961 والذي جاء فيه:
"أما إذا تحصنت القرارات بفوات ميعاد المطالبة بالإلغاء, فإنها لا تنتج غير الآثار التي تنشأ عنهـــا مباشرة وبصفة تلقائية, أي دون حــــاجه إلي تدخل جديد مــــن جانب السلطة الاداريه في صورة قرار إداري جديد, ومــــن ثم لا يجوز اتخاذها أساسا لقرار إداري أخر, أو إدخالها كعنصر مـــن عناصره لان تحصنها لا يسبغ عليها المشروعية, ولا يطهرها من العيوب الـــتي شابتها بحيث تكون الجهة الاداريه ملزمه بوجوب الاعتداد بهــذه القرارات, لان القول بغير ذلك معناه إلزامها باحترام الخطأ الأمـــر الذي يتنافي مع حسن سير الاداره ومبدأ المشروعية.(2)

ويري سيادة المستشار حمدي ياسين عكاشة مؤيدا بذلك الدكتور سليمان الطماوي انــه لا يمكننا الدفاع عـــن هذا الاتجاه, ذلك أن تحصن القرار الإداري غير المشروع يقتضي أن يعامل القرار غــير المشروع معامله القرار السليم في كـــل ما لم يرد به نص مخالف, وإلا لما كــان لتحصنه نتيجة , ذلك إن دواعي الاستقرار هي الحجة الرئيسية لتحصن القرارات الفردية غير المشروعة بصرف النظر عن العيب الذي شاب القرار بعد مرور وقت معقول, وان تعامل الاداره الأفراد علي هــــــذا الأساس, وعلـــــي ذلك نري أن القـرار الفردي غير المشروع يصلح هنا أساسا لإصدار كافه القرارات التي تترتب عليه كما لو كان سليما وهو ما يتفق مع ما قال به أنصار الاتجاه الثاني.(3)

كما يقول الدكتور سليمان الطماوي إن نظريه تحصين القرارات الاداريـه المعيبة بفوات المدة تفد أساسها لو قصرناها علي الآثار المباشرة هــــــذا فضلا عـــن صعوبة التميز بين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الفتوى مشار إليها في المرجع السابق لمستشار حمدي عكاشة ص 1025
(2) الحكم مشار إليه في المرجع السابق لمستشار حمدي عكاشة ص 1025
(2)راجع المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1026
(36)
الآثار المباشرة وغير المباشرة ولــــــهذا فان القرار غـير المشروع, الذي يتحصن بمرور مدد التقاضي دون أن يسحب إداريا أو يلغي قضائيا, ينتج كافه الآثار التي مــن شانها التي تترتب علية لو كان سليما, سواء أكانت تلك الآثار مباشرة أو غـــير مباشره ولا يخرج من ذلك إلا نتائج محدودة رتبها المشرع أو القضاء وأهمها:
(1) انه يجوز طلب التعويض عن القرار المعيب رغم تحصنه لان دعــوي التعويض مدتها أطول من مدة دعوي الإلغاء.
(2)إن اللوائح(القرارات التنظيمية)رغــم تحصنها يمكن شل أثارها بأحد أسلوبين:
- الطعن بعدم شرعيتها إذا أرادت الاداره تطبيقها علي الإفراد لان الدفع بعد الشرعية لا يسقط بالتقادم
- يمكن طلب إلغاء القرارات الاداريه الفردية الــــتي تصدر تطبيقا للائـحة المعيبة بالغرم من تحصنها, وذلك استنادا إلي ما في الائحه من عيوب.(1)

*الاتجاه الثاني

يري أنصار هـــذا الاتجاه وهــم الغالبية مـــن الفقه وأحكام القضاء انه يجوز أن تصدر الجهة الاداريه قرارات إداريـــه آخري استنادا إلـــي القرار الإداري المعيب الــــذي تحصن بفوات مـــــواعيد السحب, وان ذلك نتيجة منطقية لاستقرار القرار الإداري المعيب فقـرار التعين غير المشروع إذا مـــــا تحصن واستقر كــان أساسا صالحا ليس فقط لترتيب الآثار المباشرة للتعين مـن تسلم العمل وتقاضي الراتب المقرر لوظيفته وإنما أيضا لترتيب الآثار غـــــير المباشرة الخاصة بحياة الموظف كـــالقرارات الصادرة بالترقــية وبمنــح المكافآت وخلافة.(2)

وقد اصدر القسم الاستشاري لمجلس الدولة الفتوى 749 لسنه 31/10/1959 وكـان نصها :
"لما كان هــذا الميعاد قد انقضي دون سحب القرار أو طلب إلغائه فـــــانه يصبح ممتنع الإلغاء أو السحب ويكون شانه شـان القرار الصحيح قانونا وتترتب عليه كـــافة أثاره وفي مقدمتها تسوية معاشه علي النحو الذي تضمنه القرار"(3)

وكذلك الفتوى الصادرة في 16/3/1966 والتي ورد فيها:
"إن القرارات التي صدرت بضم مـدد بحث سابقة في الاقدميه في وظيفة باحث علي خلاف أحكام القانون تعتبر مخالفة للقانون,ويجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بميعاد الستين يوما, إذ أنها مـن قبيل قرارات التسوية التي لا تتمتع بالحصانة بمضي ذلك الميعاد, إلا انه بالنسبة إلـــي قرارات الترقية إلـــي وظيفة أستاذ باحث مساعد التي صدرت بالاستناد إلــي قرارات ضم مـــــدد البحث المخالفة للقانون فإنها تعتبر بدورها مخالفة للقانون, ومـــن ثم تعتبر بـــــاطله, إلا أنها تتحصن بانقضاء ميعاد الستين يوما, بحكم كونهــــا قرارات إدارية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع مبادئ القانون الإداري للدكتور سليمان الطماوي ص212
(2)راجع المرج السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1026
(3)الفتوى مشار إليها في السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 1027
(37)
صادرة بالترقية لا قرارات تسوية, ولا يجوز بعـــد انقضاء هذا الميعاد سحبها حتى ولو تم سحب قرارات ضم مدد البحث التي بنيت عليها"(1)

وفي هذا المعني نجد حكم المحكمة الاداريه العليا الصادر فــي 1966 والذي تصوغ فيه المحكمة هذه القاعدة في ألفاظ واضحة حيث تقول:
"إن القرار الداري المعيب, متى كان من شأنه إن يولد حقوقا بالمعني الواسع, فان حـق الاداره فـــي سحبه يقوم فـي الفترة التي يكــــون فـــيها مهددا بالإلغاء القضائي, وانقضاء ميعاد الطعن بالإلغاء معناه صيرورة القرار الإداري محـــل الطعن حصينا ضد الإلغاء, وهو مـا يجعله في حكم القرار المشروع, مما يجعله لنفس السبب مصدرا يعتد به شرعا لمراكز قانونيه صحيحة, ولحقوق مكتسبه لـــــــذوي المصلحة فيه, بحيث لا يكون مـــــن المقبول والحالة هــذه أن يباح للاداره اغتصاب هذه الحقوق بأي شكل كان, وذلك مهما يكن القرار مصدر هــــــذه الحقوق خاطئا أو مخالفا للقانون, مـــا لم تصل المخالفة للقواعد التشريعية بالقرار الإداري إلي حد الانعدام, ممــــــــا يفقده صفة القرار الإداري, ويهبط بـه إلي مجرد الأعمال المادية التي لا تتمتع بشيء من الحصانة "(2)

ويقول العميد سليمان الطماوي تعليقا من سيادته علي هذا الاتجاه "لقد كان من الممكن اعتبار المبدأ السابق مــن قبيل المسلمات القضائية لو لا أننا وجدنا حكما للمحكمة الاداريه العليا وفتوى للقسم الاستشاري تورد قيـــدا علي ذلك المبدأ مــن مقتضاه إن القرار المعيب الذي يتحصن بفوات الميعاد لا يترتب علية إلا الآثار المباشرة دون الآثار غير المباشرة"

وأنا من جانبي أؤيد ما ذهب إليه المستشار حمدي ياسين عكاشة في إن هذا الاتجاه هو الأولي بالإتباع لأنه يتفق مـــع الـواقع ويتسق مــع العقل والمنطق ويــــدعم فكره استقرار المراكز القانونية للإفراد وبالتالي يـــدعم فكره انتظام حسـن سير المرفق العام دون عرقلة أو إضراب.












ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الفتوى مشار إليها في المرجع السابق للدكتور سلمان الطماوي ص 210
(2) الفتوى مشار إليها في المرجع السابق للدكتور سلمان الطماوي ص 209
(38)
﴿ الخــــــــــاتمة ﴾

تناولنا فـي الصفحات السابقة موضوع "سحب القرارات الاداريه", وذلك مـن خلال دراسـة وتحليل أراء الفقهاء وأحكام محكمة القضاء الإداري والمحكمة الاداريه العليا , وذلك من اجل إبراز أهمية ذلك الموضوع في مجال القانون العام.

فتعرضنا في بداية البحث للتعرف علي مـاهية سحب القرارات الاداريه, وعرفنا سحب القرار الإداري بأنه " قيام الجهة الاداريه بمحو القرار الإداري وإلغاء كافة أثارة بالنسبة للماضي والمستقبل ". ورأينـا أن الحكمة الاساسيه مـن منح المشرع للجـهة الاداريه مصدره القرار الحق في سحب هذا القرار , هـي الوصول إلي احترام القانون وذلك من خلال التوفيق بين اعتبارين متناقضين:
الأول: تمكين الجهة الاداريه مـن إصلاح ما ينطوي عليه قراراها من مخالفه قانونيه.
الثاني: ويتمثل فـي وجوب اسـتقرار الأوضاع القانونية المترتبة علـي القرار الإداري,
والسحب بهـذه الصورة يحفظ لمبدأ المشروعية قوته وفاعليته بإذلالـه القرارات الـتي تصدر بالمخالفة له وتدفع الأفراد ألي احترامه.

ثم انتقلنا فيما بعد لتحديد الطبيعة القانونية للقـرار الساحب, وانتهينا إلي أن القرار الساحب ما هـو إلا قرار إداري يخضع لما تخضع له القرارات الاداريه من أحكام , كما يجـوز للجهة الإدارية سحبه, وهو في ذلك يختلف عن الأحكام القضائية "الحكم الصادر فــي دعوي الإلغاء" , لان تلك الأخيـرة تتمتع بحجية الشيء المحكوم فيه.

ثم انتقلنا بالحديث إلـي تحـديد الأساس القانوني لحق الجهة الإدارية في سحب ما يصدر عنها مـن قرارات , ووجدنا أن هناك نظريتان تتنازعان في تحديد ذلك الأساس, وارينا إن النظريـة الأولي كانت نظريه المصلحة الاجتماعية, والنظرية الثانية تلك التي نادي بهـا العميد ديجي, وهي ضرورة احترام مبدأ المشروعية, وانتهينا إلـي القضاء عمل علي التوفيق فيما بين النظريتين وذلك من خلال تحديد مـده بعدها يتحصن القرار الإداري غير المشروع من الإلغاء.
وبعد ذلك وجدنا انــه استكمالا للتعرف علي ماهية سحب القرارات الاداريه , يجب التفرقة بين كل من السحب ودعوي الإلغاء, وإظهار أوجه الاختلاف بين كل منهم.

وعندما انتقانا لدراسة سلطة الجهة الاداريه فـي سحب ما يصدر عنها من قرارات فرقنا فيمــا بين القرارات المشروعة , والقرارات غير المشروعة, ورائينا إن الفقـه والقضاء فــي كلا من مصر وفرنسا, مستقر علي انه لا يجوز سحب للاداره قراراتها المشروعة, وان هـذه القاعدة مبنية علي قاعدة أخري مؤداها عـدم رجعية القرارات
ــــــــــــــــــــ
(39)
الاداريه, أما بالنسبة للقرارات غير المشروعة, فـان سلطة الإدارة فـي سحبها مقيدة بمدة الستين يوما, وهــي المدة التي يجوز فيها لصاحب الشأن الطعن بالإلغاء, والتي بعدهـا يصبح القرار الإداري حصيننا مـن الإلغاء والسحب, ويعامـل معاملة القرارات السليمة.

وفي نهاية البحث تعرضنا بالحديث عن الآثار المترتبة علي سحب القرارات الاداريه "القرار الساحب", وانتهينا إلي انــه بمجرد سحب القرار الإداري يزول الوجود المادي
والقانوني لهذا القرار, وتزول كافة أثاره القانونية بأثر رجعي, كما انه يجب علي الجهة الاداريه أن تعيد الأوضاع إلي ما كانت علية قبل صدور ذلك القرار المسحوب.

وأخيرا أود أن أقـوم بسـرد النتائج المترتبة علي سـحب القرارات الاداريه والتي استخلصنها من بحثنا هذا وهي كالأتي :

أولا: يترتب عل،ي سحب القرارات الاداريه, إلغاء كـافة الآثار الناشئة عنه, سواء تلك التي ترتبت فــي الماضي, أو التي يمكن أن تترتب في المستقبل, بالإضافة إلي التزام الاداره باعاده الحال إلي ما كان عليه قبل صدور القرار.

ثانيا: قــد يكون سحب القرار كاملا, أي يشمل جميع بنوده , إذا كان القرار غير قابل للتجزئة, وقد يكون السحب جزئيا, أي يشمل بعض بنوده دون البعض الأخر , وذلك إذا كانت المخالفة تمس بعض بنوده فقط, وكان القرار قابلا للتجزئة.

ثالثا: الأصل أن تقوم الاداره بسـحب القرار الإداري غير المشروع سحبا صريحا , أي بصدور قـرار إداري صريح بالسحب سواء مـن السلطة مصدرة القرار أو من السلطة الرئاسية بالنسبة لها, إلا انه من الجائز إن يتم السحب بطريقة ضمنية.

رابعا: لا يجوز أن يؤدي سحب القرارات الاداريه غـير المشروعة إلي توقف أو إعاقة السير المنتظم للمرافق العامة باطراد بأي حال مـن الأحوال , فإذا وقع بين سحب قرار إداري غير مشروع وبين مبـدأ انتظام وحسن سير المرافق العامة , فان الأولوية لذلك المبدأ الأخير.

خامسا: يعتبر سحب القرار الإداري قــرارا إداريا جديدا , وهو في ذلك يخضع لكل ما تخضع له القرارات الاداريه من قواعد وأحكام , بما فيها قابليته للتظلم منه والطعن فيه قضائيا.

سادسا: أن انقضاء المدة القانونية علي القرار غــير المشروع دون سحبة إداريا, أو إلغائه قضائيا, وبالتالي تحصنه لا يؤدي إلي إغلاق الباب نهائيا فـي وجه المضرورين
ــــــــــــــــــ
(40)
من القرار لعلاج ما أصابهم مــن ضرر, ولكن يظل إمامهم أكثر من طريق وذلك مثل حقهم في طلب التعويض.(1)

وأخيرا فـانه نظرا لأهمية هذا الموضوع, فاني أهيب بالمشرع بان يقوم بتقنينه في صوره نظرية متكاملة, مستعينا فــي ذلك بمـا استقر عليه العمل, ومستهديا بإحكام المحاكم الاداريه, وأراء الفقهاء, وبما يتماشى وظروف الاداره في بلدنا, وذلك من اجل الارتقاء بمستوي الاداره العامة, وحسن سير المرافق العمة, التي هي شريان الحياة في هذا العصر.




























ـــــــــــــــــ
(1)راجع النتائج في المرجع السابق للدكتور احمد حافظ نجم ص 55&56&57&58
(41)

نظرية سحب القرار الإدارى 3

الفرع الثاني
مدي جواز سحب القرار الإداري السليم المبني علي سلطه
تقديريه للاداره

وضع مجلس الدولة المصري قاعدة في هذه الجزئية, مؤداها أن الاداره إذا مارست اختصاصا حــدده القانون بدرجه لا تترك لها أي حرية في التقدير, فانه يكون لها أن ترجع في قراراتها كلما أخطأت في تطبيق القانون, ودون التقيد بالمدة المحددة قانون للسحب, وعلي العكس من ذلك, إذا مارست الاداره اختصاصا تقديريا فانه لا يجوز لها أن ترجع في قرارها المعيب إلا خلال المدة .(2)
ومـن أحكام مجلس الدولة المصري في هذا الخصوص الحكم الصادر في 3/4/1951 ونصه "ومـــن حيث انه لا وجه للتحدي بأنة ليس للاداره حق سحب قراراتها الفردية بعد اكتسابها الحصانة من الطعن عليها بالإلغاء بعـد ستين يوما من تاريخ صدورها لان القرار الصادر بالإعفاء مـــن الخدمة العسكرية نتيجة دفع البدل قبل بلوغ سن الإلزام قرار إداري مبني علي سلطة مقيده يجوز سحبها في أي وقت".(3)

وأيضا الحكم الصادر في 2/6/1953 والذي ينص علي "انه أن كانت المادة 49 مــن لائحة البعثات تنص علي عدم مجاوزة سن الطالب عن 28 فـي أكتوبر الحالي إلا أن للجنة البعثات حق الاستثناء في ذلك وقد أعملت اللجنة فعلا حقها فــي الاستثناء باختيار المدعي بقرارها رغم كبر سنه ومن ثم لا يجوز لها أن تسحب القرار أو تعدل فيه طالما انـه لم يجد من الأسباب الجوهرية ما يدعو إلي العدول عن هذا الاختيار"(4)
وفي هذا الحكم اشترطه محكمة القضاء الإداري انـــه لابد مـــن توافر أسباب جوهريه حــتى يتسنى للجهة الإدارية ســحب قراراتها المبنية علي سلطه تقديرية والعدول عنها .

ويـري الأستاذ الكبير ســلمان الطماوي أن فكره السلطة المقيدة والسلطة التقديرية التي هــي دعامة من دعامات القانون العام الحديث, لا علاقة لها إطلاقا بفكرة السحب, وقد قيل بهـــا لبيان مدي حريــة الاداره في مواجهة القضاء والأفراد كما سنري, أمـا فكرة السحب فإنها تشمل القرارات الاداريه بنوعيها ســواء كانت عناصر التقدير فيها غالبه أو معدومة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع د. احمد حافظ نجم المرجع السابق ص50
(2)في هذا المعني د. سليمان الطماوي الوجيز في القانون الإداري ص629
(3)الحكم مشار إليه في مرجع مبادئ القانون الإداري للدكتور سليمان الطماوي ص203
(4)الحكم مشار إليه في مرجع القرار الإداري في قضاء مجلس الدولة للمستشار حمدي عكاشة ص957
(17)
بل لعل الطائفة الأخيرة من القرارات هي التي تكون معظم مجال فكرة السحب.ولهذا وجدنا قضاء مجلس الدولة المصري مـــع تمســكه بجوهر قضائه السابق , قـــد بدأ يبرره بفكره أخري غير فكره القرارات المبنية علي السلطة التقديرية والسلطة المقيدة . (1)
ولقد تناول هذه الفكرة المرحوم الأستاذ عبده محرم وكيل مجلس الدولة وصاغها علي النحو التالي : هنــاك مــن القواعد التنظيمية مـــا ينشئ مراكز قانونيه ويحدد بدقه شروط الانتفاع بهذه المراكز , ولكنـه يعلق ذلك علي صدور قرار من الاداره ويكون تدخل الاداره هنــا ضروريا لتفهم حكم القاعدة وضبـط حدودهـــا ومراميها , وتفســير الغامض منها أو لأســـباب أخري يــري المشرع معها إلا ينشـــا المركز أو الوضـع الفردي مباشــرة نتيجة للقاعدة , بـــل للقرار التنظيمي الذي يصــدر تطبيقا لهــا وقد أطلق عليها تسمية القرارات الفردية التنظيمية .
وهناك قواعد تنظيميه أخري تنشئ مراكز دون تعليق ذلك علي صدور قرار فردي من الاداره, ويكون عمل الاداره مقصور علي مجرد تنفيذ الوضع أو المركز الفردي الذي انشأ القاعدة القانونية مباشرة أو"علي تسجيله وشهرة" وأطلق عليها القرارات التنفيذية, وان هـــذه القرارات التنفيذية ليست قرارات إدارية بــل إعمال مـاديه, لان العمل الإداري هــــو تصرف قانوني مـــن جانب واحد أي عمل إداري تتجه فيه الاداره لترتيب اثـر قانوني هــو في الإعمال الاداريه إنشاء وضع أو مركز , وفي الأعمال المدنية إنشاء حـق والعمل الذي يكون مقصور الأثر علي تنفيذ وضع نشا عـــن قاعدة قانونية مباشره ولا ينشئه ولا يعتبر عملا قانونيا....(2)

ويعلق العميد سليمان الطماوي علــــي هذه الفكرة قائلا "ونــحن لا نقر هــــذا التبرير الجديد, الذي هو في حقيقته رجوع إلي فكرة السلطة المقيدة والسلطة التقديرية, فالقواعد التنظيمية ليست معده لإنشاء الحقوق, وهـــذه الحقوق تنشئها القرارات الفردية , ومــا لم تتضمن القواعد التنظيمية أسماء مــــن تطبق عليهم , فهي فـي حاجه دائما باستمرار إلي تدخل الاداره بقرارات فرديه لتحديـــد مـــن تنطبق عليهم القرارات التنظيمية ولا يمكن إن نهبط بعمل الاداره في هذه الحالة إلي حــد الأعمال المادية لمجرد أن القواعد التنظيمية قد تضمنت شروطا واضحة لم تترك للاداره حرية في التقدير.
والقول بغير ذلك يــؤدي إلـــي إشاعة عدم الاستقرار بتمكين الاداره مـــن الرجوع في القرارات المبنية علـــي سـلطه مقيـده أو"القرارات التنظيمية" كما يســميها الأستاذ عبده محرم ولهذا فقد انتهي لأمر بالأستاذ عبد محرم إلـــي المناداة بضرورة وضع قاعدة عامة من مقتضيات استقرار الأوضاع المادية بعد فتره مـن الزمن شانها في ذلك شان القرارات الإدارية. (3)

ويري الدكتور سليمان الطماوي, أن لابد مــــن أن تزول كل فكره بنيت أو ألحقت مــــن قريب أو بعيد بفكرة السلطة المقيدة أو التقديرية في مجال السحب فالقرار المعيب أيا كانت حرية الاداره في إصداره يجب أن يستقر بمرور مــدد التقاضي, وهو ما يسير عليه مجلس الدولة الفرنسي .(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)(2)(3)(4) مبادئ القانون الإداري للدكتور سليمان الطماوي ص203الي 207
(18)

إذا كانت سلطة الاداره فــــي التصديق علي القرار الإداري هـــي سلطة تقديرية , فهل يجوز للاداره في هذه الحالة سحب القرار الصادر بالتصديق فـــي حدود السلطة التقديرية المخولة لها ......؟
يذكر المستشار حمدي ياسين عكاشة, فـي الإجابة علــي هــذا السؤال انه وفقا للمبادئ التي قررتها محكمه القضاء الإداري جـــاءت المحكمة الإدارية العليا لتؤكد انــــــه مادامت الجهة الاداريه قد استنفذت سلطتها التقديرية وصدر قراراها صحيحا دون أن ينطوي علي ثمة غش فانه لا يجوز لها سحبة بأي حال من الأحوال .(1)

*ولكن هل يجوز للاداره سحب قرراها السليم إذا أخطأت في تقدير ظروف إصدارة؟

أجابت محكمة القضاء الإداري علــــي ذلك في حكمها الصادر في 1/3/1954 والذي قضت فيــــه "للوزير تقدير اثر الجزاء فــي التخطي في الترقية فان رأي إن للتخطي محلا اصدر به قرارا فإذا ما اصدر قرار بترقية الموظف دون نظر للجزاءات السابقة علي قرار الترقية فانه يكون قــد استنفذ السلطة المخولة لــه ولم يجز له بعد ذلك سحب قرار الترقية استنادا إلــي هــذه الجزاءات السابقة إذا إن السحب لا يكون إلا بالنسبة للقرارات المخالفة للقانون وليس لجهة الاداره إن تسحب قرارا مطابقا للقانون بحجة أنها أخطأت فــي تقدير الظروف التي أدت إلي إصداره"(2)
ويتبين لنا من هذا الحكم إن محكمة القضاء الإداري, قـد أرست مبدأ مؤداه انه لا يجوز للاداره سحب قراراتها السليمة بحجة أنها قد أخطأت فــي تقديرها لظروف إصدارها, لأنها كانت تملك السلطة التقدير والوقت الكافي لدراسة القرار قبل إصدارة .

الفرع الثالث
مدي جواز سحب القرار التأديبي السليم لتوقيع جزاء اشد
من الجزاء الصادر به القرار

كما نعلم إن قانون التأديب لا يعرف مبدأ لا جريمة إلا بنص, لذلك فان السلطة الإدارية والتي لها اختصاص تأديبي, لهــا سلطه تقديرية فــي اختيار الجزاء الذي تراه مناسبا للمخالفة التي تم ارتكابها بواسطة احد عمالها .

هذه السلطة التقديرية التي تتمتع بها الاداره فـي مجال اختيار الجزاء المناسب للخطأ المرتكب, قد تم التأكيد عليها بواسطة القضاء الإداري وفي هذا المضمار أكد مجلس الدولة الفرنسي في حكمة الصادر فـي 11/7/1984 علي أن الجزاء الذي تراه السلطة الإدارية مناسبا للعقاب علـي مخالفة تــم ارتكابها من قبل احد موظفيها, لا يمكن أن يكون محل منازعه أمام القضاء .(3)
ـــــــــــــــــ
(1)راجع المستشار حمدي عكاشة المرجع السابق ص 958
(2) )الحكم مشار إليه في مرجع القرار الإداري في قضاء مجلس الدولة للمستشار حمدي عكاشة ص 951
(3)راجع قضاء التأديب للدكتور حمدي عمر والدكتور مجدي شعيب ص 178
(19)
السؤال الذي يطرح نفسه ألان هل يجوز للاداره إن تسحب قرارها التأديبي الصادر عن سلطه تقديريه لتوقيع جزاء اشـد علي الموظف المخالف . أجابت محكمة القضاء الإداري المصرية فـي حكمها الصادر في 29/6/1968 علـي ذلك بالنفي حيث قضت بالتالي "أن
المستفاد من الأوراق أن القرار رقــم 225 لسنه 1965 بمجازاة المدعي بخصم خمسة عشـر يومـا مـن مرتبة قــد صدر من نائب مدير المؤسسة للشئون المالية في حدود الاختصاص الذي فوضه فيه رئيس مجلس الاداره, وإذ صدر هذا القرار من رئيس مختص بإصداره وبما له من سلطه تقديرية في تحديد الجزاء المناسب لما سبت فـي حق المدعي من مخالفات, ودون أن يشوب هذا التقدير غلو فــي الشدة أو إفراط في اللين فان القرار المذكور يكون سليما ومطابقا للقانون ومــن غير الجائز سـحبة إذ إن مشروعية سحب القرارات التأديبية, تقوم أساسا علـي تمكين الجهة الاداريه من تصحيح خطأ وقعت فيـه ويقتضي ذلك أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفا للقانون أما إذا قام الجزاء علي سبب صحيح مستوفيا شرائطه القانونية فانه يمتنع علــي الجهة الإدارية سـحبه لتوقيع جزاء اشد منه ".
ويعقب سيادة المستشار حمدي ياسين عكاشة علي هذا الحكم بقولة "قام الحكم المتقدم علـي أساس استنفاذ الرئيس الإداري لسلطة التقديرية فـي تحديد الجزاء المناسب للذنب وبالتالي فان صدوره صحيحا يمنع الجهة الإدارية مــن سحبة لتوقيع جزاء اشد ويصدق ذلك المبدأ علي حالة سـحب القرار الإداري لتوقيع جزاء اخف إذ يمتنع عليها ذلك إعمالا لمبدأ استنفاذ السلطة التقديرية لجهة الاداره بإصدار قرارها المطابق لحكم القانون".(1)

ويــــري الدكتور حسني درويش أن الجزاء التأديبي الـــذي يقوم علـــي ســـبب صحيح ومستخلص مـــن أصول ثابتة بالأوراق, ومـع مراعاة مبــدأ التناسب بين العقوبة التأديبية والذنب الإداري وبصـرف النظر عما إذا كانت هذه العقوبة قـد رتبت للغير مزايا أواوضاعا قانونيا أو لم يترتب عليها شيء مــن ذلك يمتنع علي الجهة الاداريه أن تنال منها بالسحب والإلغاء.(2)

وسوف نتعرض لهذا الموضوع بالتفصيل فــي المطلب الأول مـــن المبحث الثاني عـــن طريق عرض أحكام القضاء المصري والفرنسي وما يجب الأخذ به في هذا المجال.







ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع المستشار حمدي عكاشة المرجع السابق ص 629 والحكم مشار إليه في المرجع السابق للدكتور حسني درويش ص324
(2) راجع د. حسني درويش عبد الحميد المرجع السابق ص327
(20)

المطلب الثاني
سحب القرارات الإدارية المعيبة بعدم المشروعية

يجب قبل التعرض لموضوع سحب القرارات الإدارية المعيبة بعيب بعــدم المشروعية ,التعرف علي مسألة أولية مهمة وهــــي متي يكون القرار غير مشروع أو ما هـــو القرار غير المشروع.
القرار غير المشروع هو ذلك القرار المعيب بعيب مـن العيوب التي يترتب عليها الحكم بإلغائه عن طريق القضاء , وهــي عيــوب الاختصاص والشـكل والمحل وعـيب الانحراف بالسلطة وهي العيوب المعروفة بأوجه الطعن في القرارات الاداريه غير المشروعة.(1)

ذكرنا فيما سبق كيفيه الوصول إلي التخلص مـــن القرارات الإدارية المعيبة, وهــي لا تخرج في مجملها عــــن احدي طرق ثلاثة, أما أن تقوم الاداره مـن تلقاء نفسها بتدارك ما أصاب قرارها مـــن عيب فتقوم بسحبة أو تعديله بما يتفق مع صحيح القانون,أو أن يتقدم
صاحب الشأن إلي الاداره عــارضا عليها وجهة نظره وموضحا لها مـا أصاب قراراها من عيب فــان استجابت إلي تظلمه فبها ونعم, أما إذا تعنت لوجه نظرها فلا يكون أمـــام ذوي الشأن إلا اللجوء للقضاء عارضا مسألته عليه مطالبا بإلغاء ذلك القرار المعيب .
يجب التعرف ثانيا علي السلطة التي تملك الحق فـــي نظر التظلم, ومــن ثم تملك سلطة ســـحب القرار المعيب ,هــــذه السـلطة إمــــا أن تكـون السـلطة مصدره القرار أو السلطة الرئاسية لها.

*هل يجوز للاداره سحب قراراتها المعيبة في أي وقت ودون التقيد بميعاد معين أم إن هناك ميعاد تلتزم به الاداره أثناء ممارسة سلطتها في السحب ؟.....

ذكرنا فيما سبق الخلاف الفقهي حـول الأساس القانوني لحق الجهة الاداريه فــي سحب قراراتها, وانتهينا إلــــي أن القضاء والفقه انتصر للاتجاه المنادي بضرورة تغلــيب مبـــدأ اسـتقرار الأوضاع والمراكــز القانـــونية للإفراد علـــي مبــدأ المشروعية واحترام القانون ,ويفترض هـــذا المبدأ ضرورة وضـع ميعاد لســحب القرارات المعيبة وبفوات ذلك الميعاد وتتحصن تلك القرارات مـــن السحب والإلغاء, وذلك بالفعل ما قرره كلا مـن مجلس الدولة الفرنسـي والمصري, حــيث حدد المجلس الفرنسـي ذلك الميعاد بشـهرين, وحدده المجلس المصري بستين يوم, بعدها يصبح القرار حصين ضد السحب أو الإلغاء.

الفرع الأول
سحب القرارات التي لا تولد حقوقا

اشرنا سلفا إلي أن السحب يقتصر علي القرارات الإدارية المعيبة, أما القرارات السليمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع د. حسني درويش عبد الحميد المرجع السابق ص314
(21)
فإنها تتمتع بالحصانة ضــد السحب , كما علمنا أن القرارات المعيبة تتحصن بانقضاء مـده معينه تعامل بعدها معاملة القرارات السليمة ويمتنع سحبها أو إلغائها, كما اشرنا فـي أكثر مــن موضع إلـــي أن القرار السليم الذي يترتب علـية حقوق للغير لا يجوز للجهة الإدارية سحبة, وإذا كان القرار الإداري معيب فان سلطة الإدارة تجاه سحبه تكون مقيدة . فبقي لنا أن نعالج الفرض الذي لا يتولد فيه عن القرار حقوق للغير ومدي سلطة الاداره تجاهه.

يجب النظر إلي مسالة سحب القرارات الإدارية التي لا يتولد عنه حقوق للغير من خلال
ضــرورة التـوفيق بين مبدأين, الأول هــو ضرورة اسـتقرار الأوضــاع والمراكز القانونية
للإفراد وذلك بتقيد ســلطة الاداره فــــي الســــحب , والثاني وهـــــو ضرورة احترام مبــدأ المشروعية عن طريق إلغاء القرارات المخالفة للقانون وذلك من خلال الفرضين التاليين :

الفرض الأول:
في حالة حدوث تعارض بينهم, وهي الحالة التي يرتب فيها القرار المعيب حقوقا للغير
,وفـي هذه الحالة فانه يجب تغليب مبــدأ استقرار الأوضاع وذلك حفاظا علي حقوق الأفراد ,وهــذا مــا قرره الفقه والقضاء ونـــص علية المشرع, بان نص علــي المدة التي بفواتها يتحصن القرار المعيب من الإلغاء .

الفرض الثاني:
يتحقق هذا الفرض في الحالة التي لا يرتب القرار فيها حقوقا أو مزايا للغير, ومن ثم لا يوجد من يتضرر من سحب ذلك القرار سواء كان معيبا أم مشروعا, وهنا يجب فـي وجهة نظري تغليب مبــــدأ المشروعية واحترام القانون علــي مبـــدأ استقرار الأوضاع فهذا مــا يقتضيه المنطق القانوني السليم.
ويعتبر المثال الحي علــــي ذلك الفرض مسالة القرارات التأديبية, واني أري أنــة يجب النظر إلي تلك المسالة من خلال التفرقة بين القرار السليم والقرار المعيب وموقف كلا مـن مجلس الدولة الفرنسي والمصري من ذلك.

أولا :
حالة صدور القرار التاديبيي سليم من الناحية القانونية , وعدم وجود مغالاة من جانب الاداره في توقيع الجزاء, فان المنطق القانوني السليم يقتضي في هذه الحالة أن تكون تلك القرارات بمناي عن السحب, سواء تولد علنها حقوق للغير, أو لم يترتب عليها حقوق أي ,انه يجب في هذه الحالة الانتصار لمبدأ احترام المشروعية , وحتى يكون الجزاء التأديبي زجرا لمن وقع علية وعبرة لغيرة من الموظفين.
إني أري انه يجب تطبيق, هـذا لان ذلك ما تقتضيه مبادئ العدالة وروح القانون خاصة إذا مـــا استشري الفساد داخل الإدارات الحكومية, فيكـون الجزاء الرادع لإعـادة الانضباط والالتزام داخل الإدارات والأجهزة الحكومية حتــــى يتحقق الصالح العام ونرقي بهذه الأمة إلي ارفع المستويات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(22)
ثانيا :
وهي الحالة الخاصة بالقرار المعيب, أي صدور قرار إداري تأديبي مخالف للقانون, فان العدالة تقتضي إلا تتحصن تلك القرارات مــــن السحب بمرور المدة لـــما فيها مــــن إهدار لحقوق الموظف المجازي ومخالـــفة للقانون, وحتى لا يبقي الموظف تحـت رحمة السلطة الاعلي منــــه فيجب أن يكون الكل تحت رحمه القانون, وهـــذه مـن وجهة نظري من أكثر الحالات التي يجب أن تبقي تحت مظلة المشروعية طوال الوقت .

بقي لنا أن ننظر إلي موقف كلا مــــن القضاء الفرنســي والمصــري فــــي تطبيقها لتلك الفروض:
موقف القضاء الفرنسي : (1)
القاعدة الـــتي سادت القضاء الفرنســي مؤداهــا أن القرارات التأديبية لا تولد حقوقا أو مزايـــا للغير ويحق لجهة الإدارة سحبها فــــي أي وقت وهـــذا ما أشار إليه مجلس الدولة الفرنسي فـــي حكمة الصادر في 23/7/1974 حيث قضي بان القرارات التأديبية لا تنشئ حقوقا أو مزايا للغير ويجوز للاداره سحبها في أي وقت وهــــذا يعني أن القرارات التي قد يترتب عليه مزايــا أو أوضاع قانونية يجــــب أن ينطبق عـليها القواعد المقررة بخصوص سحب القرارات الإدارية .
وبذلك يكون القضاء الفرنسي قـــد فــرق بين حالتين , حالة القرارات التأديبية المنشئة حقوقا للغير والقرارات الــتي لا يتولد عنها حقوقا للغير, فالقرارات التي مـــن النوع الأول هــــــــي الــتي ينطبق عليها القواعد العامة, والــــتي تقتضي بأنه يمتنع علي جهة الاداره سحبها إذا كانت ســليمة, وإذا كانت معيبة فــــــلا يجـــوز ســحبها إلا فـــي خلال المواعيد المقررة للســحب قانونا .

موقف القضاء المصري :
الواضح مــــن الاطلاع علي أحكام القضاء الإداري المصري وأراء القســم الاسـتشاري للفتوى بمجلس الدولة, عـــدم الاستقرار علي مبدأ معين في شأن سحب القرارات التأديبية ففي الرأي الصادر مــن القسم الاستشاري للفتوى رقـم 173 لسـنه 1955 نجــدة يقرر" إن مشروعيه سـحب القرارات التاديبيه التي تصدر من وكلاء الوزارات ورؤساء المصالح
فــي فهم القانون الإداري تقوم أسـاسـا علي تمكين جهة الاداره مـــــن تصحيح خطا وقعت فيـــه, ويقتضي ذلك أن يكون القرار المراد ســحبه قــــد صـدر مخالفا للقانون , أما إذا قام الجزاء التأديبي عــلي أســباب صحيحة مسـتوفيا شرائطه القانونية , فانه يمتنع علي جهة الاداره أن تنال منه سواء بالسحب أو الإلغاء أو التعديل لانتفاء العلة الـتي شـــرعت مــــن اجـلها قواعد الســـحب والتظلم , وذلك احتـرامــــا للقرار, واســـتقرارا للأوضـاع وتحقيقا للمصلحة العامة الــــتي تتطلب أن يكون الجزاء التأديبي زجــــرا لمن وقع علــيه , وعبره لغيره من الموظفين".(2)
وفــــي هذا المعني نجد الحكم الصادر مـــن محكمة القضاء الإداري في 29يونيو1968
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع د.حسني درويش المرجع السابق ص321
(2)مشار إلي الفتوى في المرجع السابق للدكتور حسني درويش في هامش ص 324
(23)
يقرر إن مشروعية سحب القرارات التأديبية , تقوم أساسا علـي تمكين الجهة الاداريه مـــن تصحيح خطأ وقعت فيـه ويقتضي ذلك أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفا للقانون أما إذا قام الجزاء علــي سبب صحيح مستوفيا شرائطه القانونية فانه يمتنع علــي الجهة الإدارية سحبه لتوقيع جزاء اشد منه ".
ومما سبق يتضح إن القضاء, فرق بين القرارات السليمة والقرارات المعيبة مقررا أنه فــي الحالة الأولي لا يجوز ســحب القرار لصـدوره مطابقا للقانون, أما فـــي الحالة الثانية نجدة يعطي الحق للجهة الإدارية في سحب القرار ودون التقيد بالمدة .

فـي حين نجد الرأي رقم 416 لسنه 1957 الصادر من القسم الاستشاري للفتوى يسلك
مسلكا أخر وذلك حين يقول" لما كان الأصل في القرارات التأديبية أنها لا تنشئ مـــزايا أو
مراكز أو أوضاعا بالنسبة للإفراد فـــانه يجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بميعاد معين إلا إذا ترتب علي هذه القرارات فـــي حالات استثنائية نادرة ميزة أو مركز لأحد الإفراد فـلا يجوز سحب القرار التأديبي إلا خلال معاد رفع دعوي الإلغاء "(1)

بالإضافة إلــــي أن هنــــاك أحكام تجمع بين المبادئ السابقة ففي حكم لمحكمة القضاء الإداري صادر فــــي 10/4/1955 يقرر"إن القرارات الفردية لا تنشئ مزايا أو مراكز أو أوضاعا قانونية بالنسبة للغير, يكون مـــن حق الجهة الاداريه سحبها فــــي أي وقت, لان القيود التي تفرض علي جهة الاداره في سحب القرارات الفردية إنما تكون فـي حالة ما إذا أنشأت هــذه القرارات مزايا أو أوضاعا أو مراكز قانونية لمصلحة فرد من الإفراد لا يكون مــن المناسب حرمانه منها, ولا شبهة فــي إن القرار الصادر بتوقيع جزاء علي موظف لم تتعلق به مصلحة لأحـــد الإفراد كما انه لم تتولد عنه لجهة الاداره مركز ذاتي يمتنع عليها بوجوده سحبه إذا رأت عـــــدم مشروعيته ورأت مـــــن المصلحة عـدم إقرار ما وقع علي الموظف مـــــن ظلم, إذ ليس بسائغ القول بان جهة الاداره ترتب لــها مركز ذاتي في علي عقوبة وقعت بغير سبب قانوني, ومــــن ثم يجوز للاداره سحبها في أي وقت ودون التقيد بميعاد"(2)
فهذا الحكم كما هو واضح, يتفق مع مبادئ القانون ومجريات الأمور لأنة تناول فـي أول الأمر التفرقة فيما بين القرارات التي تولــــد حقوقا وتلك التي لا تولـــد حقوقا ثـم فرق بين القرارات السليمة والقرارات المعيبة حين ذكر عبارة ( إذا رأت عــــدم مشروعيته ) وكلمة (ظلم) مقررا بذلك التفرقة في السحب بين مجموعة من القرارات :
1- عدم جواز سحب القرارات السليمة التي يتولد عنها حقوق للغير
2- ضرورة التقيد بالميعاد المحدد للسحب إذا كان القرار معيب وتولد عنه حقوق للغير
3- جواز سحب القرارات المعيبة التي لا يتولد عنها حقوق للغير دون التقيد بميعاد

ومن وجهة نظري فانا اتفق مـع هـــذا الحكم الأخير, واري ضرورة أن يأخذ القضاء بما قرره ذلك الحكم من تفرقة, لان ذلك يودي إلي حسن تطبيق القانون وتحقيق الصالح العام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الرأي مذكور في المرجع السابق للدكتور حسني درويش ص 322
(2)راجع د. حسني درويش المرجع السابق ص 325
(24)
الفرع الثاني
سحب قرارات فصل الموظفين

من البديهي إن جزاء الفصل مــن الخدمة الذي توقعه الاداره علي الموظف, يعتبر مـن أكثر الجزاءات شـــدة علي الإطلاق , لذلك فلا تلجا إليه الاداره إلا إذا اقترف الموظف خطأ علي قدر كبير من الجسامة يبرر تطبيق هذا الجزاء علية لأنة يضع نهاية لحياته الوظيفية.

ذكرنا فيما سبق إن السحب يقتصر علي القرارات الاداريه المعيبة بعيب من عيوب عدم
المشروعية, أمــــــا القرارات الاداريه السليمة فالقاعدة مستقره علي انــه لا يجوز سحبها ولكن فيما يتعلق بمسالة فصل الموظفين من الخدمة فهل تنطبق عليها هذه النظرية أم أن هناك استثناءات , وان كــان هناك استثناءات ترد عليها فما هــي الاعتبارات التي أدت إلي هذه الاستثناءات وما هو موقف القضاء الفرنسي والمصري في هذا الشأن كل هذه الأسئلة سوف نجيب عليها إن شاء الله من خلال الفقرات التالية.

باستقراء الأحكام المختلفة للقضاء الفرنسي والمصري, نجـد أنها قـــد استثنت قرارات فصـل الموظفين مـــن تطبيق القواعد العامة للســحب عليها, حيث قررت انـه يجوز سحب قرارات فصــل الموظفين ســـواء كانت تلك القرارات سليمة أم معيبة, ولكـــن كــانت هناك بالتأكيد بعض التحفظات من قبل تلك الأحكام.

*موقف القضاء والفقه الفرنسي:

القاعدة مستقره في فرنسا, علـي انـــه يجوز سحب القرارات الصادرة بفصل الموظفين سواء كانت هــــذه القرارات سليمة أم معيبة ودون التقيد بميعاد, وقــــد رد الفقه والقضاء هذا الاستثناء إلي اعتبارات العدالة والشفقة بالموظف المفصول, أي قيامها علي اعتبارات إنسانية بحته.(1)
وقد قيد قضاء مجلس الدولة الفرنسي سحب قرار الفصل السليم, بالا تكون الاداره قـــد عينت فـــي وضيفة المفصول موظف آخر تعيينا سليما وذلك لان معني السحب فــــــي هذه الحالة فصل الموظف المعين بطريقة قانونية وبأداة مشروعة , ولما فـي ذلك من اضطراب وإخلال بحسن سير المرفق العام.(2)
بالإضافة إلي ما سبق فــــان القضاء الفرنسي مستقر فـي شأن عوده الموظف المفصول بطريقة غير مشروعة إلي استحقاقه تعويض عما أصابه مــــن ضرر مـــن جــراء الفصل, فالتعويض يعتبر اقل ما يجب لجبر ما أصاب ذلك الموظف من ضرر.

*موقف القضاء المصري:

باستقراء أحكام قضائنا الإداري وتحليل أحكامه, نجــد انــــه ساير قضاء مجلس الدولة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)راجع د.حسني درويش المرجع السابق ص 330
(2)في هذا المعني د. حسني درويش المرجع السابق ص 331
(25)
الفرنسي, حيث استقر علي أن قرار الفصل ســـواء اعتبر صحيح أو غــير صحيح فسحبة جائز علي أي الحالين, لأنه إذا اعتبر مخالفا للقانون فــــلا خلاف فــــي جواز سحبه إذ أن السحب يكون مقصود به مفاداة الإلغاء القضائي, أما إذا كان القرار سليما ومطابقا للقانون فسحبه جائز استثناءا, وإذ ولـــو أن السحب لا يتم أعمالا لسلطه تقديريه إلا انه من الجائز أعاده النظر في قرارات فصل الموظفين وسحبها لاعتبارات تتعلق بالعدالة, لان المفروض
أن تنقطع صله الموظف بالوظيفة بمجرد فصله وانه يجب لإعادته إلي الخدمة صدور قرار جديد بالتعين, وذلك قد يحدث جلال فتره الفصل أن تتغير شـــروط الصلاحية للتعين, وقـــد
يغدو أمر التعين مستحيلا, أو قــــد يوثر الفصل تأثيرا سيئا فـي مـده خدمه الموظف أو في اقدميته , ومـــــن جهة أخري قـــد تتغير الجهة التي تختص بالتعيين فتصبح غير تلك التي فصله الموظف , وقد لا يكون لديها الاستعداد لإصلاح الاذي الـــذي أصاب الموظف بفصله أو غير ذلك من اعتبارات العدالة التي توجب علاج هذه النتائج الضارة. (1)

ومـن القواعد التي قررها القضاء الإداري فــي هذا الشأن أن أعاده الموظف إلي عمله بعد سحب قرار الفصل لا يعتبر تعين جديد بل تصحيح لوضع خاطئ ومـن الإحكام الصادرة فــي هذا الشأن الحكم الصادر في 19/4/1954 "متي ثبت إن قرار فصل المدعي قد الغي اكتفاء بجزاء بالخصم يوقع عليه فليس هناك محل لكف المدعي عـــن مباشره عمله تنفيذا لقرار لـــم يصبح لــه وجود بعد أن سحبته الجهة التي أصدرته وبالتالي فان القرار الــــذي يقضي باعاده المدعي إلي الخدمة لا يعتبر تعيننا جديدا مادام إن فصله عن العمل قد أصبح سحبه غــــير قائم ويعتبر قرار أعاده المدعي إلي عمله تصحيحا لوضع خاطئ ترتب علـي تنفيذ قرار بالفصل غير موجود ولم تنفصل بــه علاقة المدعي بوظيفته ولا يغير مــــن هذا النظر ما نص فـي هذا القرار من أعاده المدعي في درجه اقل من درجته ولا قبوله الاعاده علي هذا الوضع "(2)
إما إذا كان أعاده المدعي إلي عمله قــــد تـــم بعد ستين يوما علي صدور قرار صحيح بالفصل يعتبر تعيينا جديدا وفـــــي هذا المعني تقول محكمة القضاء الإداري فــــــي حكمها الصــادر في 22/4/1953 "إن أعاده المدعي إلي العمل بعد مضي أكثر مــــن ستين يوما علـي صدور قـــرار فصله الــــذي صــدر صحيحا لا يعتبر بمثابة ســحب للقرار لأنه أصبح حصينتا مــن السحب بمضي ستين يوم علي تاريخ صدوره وإنما تكون إعادته إلي الخدمة تعينا جديدا"(3)

ومـــن المبادئ التي قررتها محكمه القضاء الإداري إن ســحب قـــرار الفصل وأعــاده الـــموظف إلــــي عمله لا يترتب علــــيه المســاس براتبه ففي الحكم الصادر منهـــــا فـــي 4/6/1953 تقول" مادام إن الحكومة لـم تكن محقه فـي فصل المدعي مــن الخدمة بسبب عدم لياقته الطبية وهـي إذا استجابت إلي مظلمته وسحبت قرار الفصل واعدته إلي الخدمة فقد كان واجبا عليها تطبيقا لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر عـــدم المساس براتبه الذي كان يتقاضاه من قبل في وظيفته الاصليه"(4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الحكم مشار إليه في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 953
(2) الحكم مشار إليه في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 954
(3) الحكم مشار إليه في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 955
(4) الحكم مشار إليه في المرجع السابق للمستشار حمدي عكاشة ص 955
(26)
وأنا لا اقر تلك التفرقة التي يأخذ بهـــا القضاء المصري, فيجب أن نطبق القواعد العامة فـــي السحب علي موضوع سحب قرار الفصل فـــلا يجب أن نغلب ذلك الأساس الذي يقول بــــه القضاء وهــــو العدالة والشفقة علي مبــــدأ المشروعية, كما يجب أن يبقي الموظف المعزول عـــبره لغيره من الموظفين حتى لا يتهاونوا فـي قيامهم بوظائفهم, وحتى لا نفتح الباب أمــــــام الرشوة والمحسوبية والتي تضر فــي النهاية بالمصلحة العامة للمجتمع كله ونكون في ذلك متفقين مع ما قال به العميد سلمان الطماوي:
" ونحن رغم تسلمنا بنبل الاعتبارات التي يصدر عنها هذا النظر , فإننا لا نحبذ التوسع في سحب القرارات التي من هذا النوع , فلقد رأينا إن فكره عــدم رجعيه القرارات الاداريه لا تسـتند إلـي مجرد فكرة احترام الحقوق المكتســبة والمراكز الشخصية , بـل تقوم علــي اعتبارات أخري تتعلق بممارسـه الاختصاصات الاداريه فــي حدود القانون , وان ممارسه لاختصاص إنمـــا تكون بالنسبة إلي المستقبل . ولو فتحنا هذا الباب علي مصراعيه , فإننا نخشى المحسـوبية بان يجئ فـــي أي وقت من الأوقات رئيس إداري أو هيئه إداريه تكون لـــــــه وجهة نظـر معينه, فتسحب مثلا العقوبات الموقعة علـي موظف لمجرد تمكينه مــن الترقية رغم ما تكون تلك العقوبات قد قامت عليه من أسباب تبررها . أو إن تسحب الاداره القرار الصادر برفض الترخيص لفرد بفتح محل عــــام لمنحه اولويه معينه مثلا ومـــن ثم فإننا نري عدم اباحه الرجعية فـي هـــذه الحالات إلا فـــــي أضيق الحدود , ويكفي لإصلاح الآثار الـتي تترتب علـــي القرار المراد سـحبه إصدار قرار جـــديد وفقا للأوضاع القانونية السليمة وبأثر مبتدأ في الحالات التي يجوز فيها ذلك.

لذلك أري انه لابد مـــن النظر إلي المسالة نظرة موضوعية قانونية مجرده بعيدا عن اعتبارات الشفقة التي يطبقها القضاء, وذلك بتحليل المسالة عــــن طريق التميز بين ثلاثة فروض كالتالي :
الفرض الأول:صدور القرار سليما.
إذا كـــان قرار فصل الموظف سليما من الناحية القانونية, وان عقوبة الفصل متناسبة مع مـا أتاه الموظف المفصول أي ليس فيها غلو أو ظلم من جانب الإدارة, ففي هذه الحالة يجب أن يكون هــذا القرار حصينا مـن السحب (أي لا يجوز للجهة الاداريه سحبة تحت أي مسمي كان) وذلك حفاظا علي مبـدأ المشروعية واحتراما للقانون وحتى يكون ذلك الجزاء زجرا لمن وقع عليه وعبره لغيره من الموظفين.

الفرض الثاني : صدور القرار معيبا.
أما إذا صدر القرار وقـــــد شابة عيب مـــن عيوب عـــدم المشروعية, أو كانت العقوبة المطبقة مغالي فيها مـــــن قبل الاداره ولا تتناسب مع مـا أتاه الموظف مــــــن خطاء, ففي هذه الحالة يحق للجهة الاداريه سـحب قرار الفصل, وفــي أي وقت حتى لا نضر بالموظف ,لان في سحب ذلك القرار احتراما لمبدأ المشروعية أيضا.

الفرض الثالث : صدور القرار معيبا ولكن هناك من عين مكان الموظف المفصول.
فـــي هذا الفرض نواجه مشكله علي قدر مـن الاهميه , فقد يحدث أن تقوم الاداره بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(27)
فصـل الموظف (بقرارهـــا المعيب) أن تقوم بتعين أخر مكانه ففي هـــــذه الحالة نكون أمــا
اعتبارين متناقضين, وكــلا منهم علي قـــــدر كبير من الاهميه, الأول هـــو أحقيه الموظف
المفصول فــــي العودة إلي وظيفته, والثاني هـــــو ضرورة الحفاظ علــــي حقوق الموظف الجديد, ولحل هذه المشكلة أري انـــــــه يجب التوفيق بيــن تلك الاعتبارات المختلفة, فـــلا يجـــب أن نضر بالموظف الجديد وما اكتسبه من مركز, بالاضافه إلـــي الحفاظ علي حقوق ذلك الموظف الذي الغي قرار فصله, وذلك يمكن أن يحدث بأحدي طريقتين :

الأولي: إذا كانت الاداره تملك وظـــائف خاليه فــي نفس مركز الوظيفة السابقة للموظف المعاد إلي عمله فعلي الاداره أن تقوم بتعينه فيها .
الثاني: إذا كانت الاداره تملك وظيفة خاليه وغير مناسبة للموظف المعاد ولكنها قد تكون مناسبة للموظف الجديد فعلي الاداره تبديل الوظيفتين بينهما.

الفرع الثالث
سحب القرارات الاداريه لاعتبارات الملاءمه

قبل الخوض في الحديث عـــن مدي سلطه الجهة الاداريه فـــي سحب ما يصدر عنها من قـــراراتها لاعتبارات الملاءمه, أجــد مــن الضروري التعرض لشرح ماهية ملاءمه القرار الإداري .
ملاءمه القرار الإداري:هي كون هذا القرار مناسبا أو موافقا أو صالحا من حيث الزمان والمكان والظروف والاعتبارات المحيطة.(1)
فبحث ملائمة القرار الاداري هي إجراء موازنة بين ما يحققه القرار الإداري من منافع وما ينتج عنه مــن أضرار للتوصل إلي معرفه ما أذا كان هـذا القرار يحقق الصالح العام أم لا, وبمعني أخـــر إذا كانت المنافع التي تترتب مـــن جراء تنفيذ القرار تفوق الأضرار التي يمكـــن إن تترتب عليه فيكون هــــذا القرار ملائما لمقتضيات الصالح العام, أمــــا إذا كانت الأضرار المترتبة علي تنفيذ القرار تفــوق منافعه فهنا يكون القرار غـــير ملائم لمقتضيات الصالح العام.

ننتقل الآن للاجا به علي سؤال مؤداه هل تملك الجهة الاداريه سحب قراراتها محتجة في ذلك بأنها ( أي القرارات الاداريه) غير ملاءمه ؟....
من خلال الاضطلاع علي أحكام كل مـــن القضاء الفرنسي والمصري في هـذا الشأن نجد أن القاعدة مستقره علي انـــه, لا يجوز للاداره ســحب مـــا يصدر عنها مـن قرارات بحجه أنـــها معيبة بعيب عــــدم الملاءمه , وان ســلطه الاداره مقتصرة علــــي ســحب القرارات المخالفة للقانون أي المعيبة بعيب عــدم المشروعية, وتكن مقيده في ممارسه هذه السلطة بالقيـــود التي يفرضها القانون بشأن المواعيد. كما أن الفقــه الفرنسـي والمصري يكونون شـبـه إجماع, علي انــه لا يجوز للاداره سحب قراراتها لأنها غير ملاءمه مؤيدين بذلك مـا عليه القضاء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الاتجاهات الحديثة للقضاء الاداري في الرقابة علي ملائمة قرارات نزع الملكية للمنفعة ألعامه للدكتور محمد صلاح عبد البديع ص22
(28)
*من أحكام القضاء الفرنسي في هذا الشأن:
1-حكم مجلس الدولة الصادر في 12/2/1971 والذي قضي "بــأن استناد جهة الاداره
في إصدار قرار الســـحب علي اعتبارات الملاءمه فان القرار الساحب يكون قـد شابة عيب تجاوز السلطة"(1)
2-وفي حكم أخر قضي المجلس "بأنه لا يجوز لجهة الاداره ســـحب قرارها استنادا علي خطأ في التقدير"(2)

*ومن أحكام القضاء المصري:
1-الحكم الصادر فــي 1/3/1954 والذي جاء فيه "أن القرار الإداري المطابـق للقانون ليس لجهة الاداره سحبه بحجه أنها أخطأت فــي تقدير الظروف التي أدت إلي إصداره وان سلطه السحب لا تكون إلا بالنسبة للقرارات المخالفة للقانون "(3)
2-وكذلك الحكم الذي قضت فيــــه "للوزير تقدير اثــر الجزاء فــي التخطي فــــي الترقية فــــان رأي إن للتخطي محلا اصدر به قرارا فإذا مـا اصدر قرار بترقية الموظف دون نظر للجزاءات السابقة علي قـرار الترقية فــــانه يكون قــد استنفذ السلطة المخولة لـه ولم يجز لــه بعد ذلك سحب قرار الترقية استنادا إلي هــذه الجزاءات السابقة إذا إن السحب لا يكون إلا بالنسبة للقرارات المخالفة للقانون وليس لجهـة الاداره إن تسحب قرارا مطابقا للقانون بحجة أنها أخطأت فــــــي تقدير الظروف الـــتي أدت إلي إصداره"
3-والحكم الصادر في 25/6/1974 والــذي قالت فـيه "أن الاداره وهـي بصدد استعمال اختصاص تقديري لا يمكن أن يكون مبرر لها بسحب القرار"(4)

رغـم توافر هذا الإجماع مـــن قبل القضاء والفقه المصري والفرنسي إلا أن هنـاك أراء خالفته, ويري أصحاب تلك الآراء انــه يجــوز للاداره أن تسـحب قراراتها الاداريه المعيبة بعيب عدم الملاءمه.

يري الدكتور حسني درويش عبد الحميد "أن للاداره سـحب هذا النوع من القرارات إذا اتضح لها أنها أخطأت فـي تقدير مناسبة إصدارها , ولا غرابة في ذلك فالاداره التي منحت سلطه تقديريه في إصدار القرار يجب إن تكون لها نفس السلطة في سحبة والقيد الذي يرد عليها في هذه الحالة هــــو إلا تتعسف فــــــي استعمال السلطة وتميل مع الهوى في سحب قراراتها, وان يتم السحب خلال المدة المقررة قانونا, والتي بفواتها يتحصن القرار ســواء أكان القرار غير مشروع أم غير ملائم, وللقضاء مراقبه تصرفات الاداره إذا شابها تعسـف أو انحراف, كما أن الاداره في هذا الخصوص ملزمه بتسبيب قرارات السحب "(5)

كما يري الدكتور كامل ليلة "أن للاداره الحق فــي سحب قراراتها غير الملاءمه بشرط إلا يكون فــي ذلك تعسف وإساءة استخدام سلطتها ويمكن أن يكون الفرد الذي يضار مـــن جراء السحب في هـــذه الحالة حق التعويض عن الحقوق التي اكتسبها والتي ألغيت بسبب السحب وهذا يعتبر قيدا علي الاداره وضمانا كافيا فــــي مواجهتها ويمكن فوق ذلك الطعن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)(2)(3) (4) الأحكام مشار إليها في المرجع السابق للدكتور حسني درويش ص 347&348&349
(5)الرأي مذكور في المرجع السابق للدكتور حسني درويش ص351
(29)
في القرار الساحب إذا شابه عيب الانحراف بالسلطة".(1)

*رأي في هذا الشأن:
انـه يجب إعطاء الاداره الحق فــــي ســـحب قراراتها إذا كانت غير ملاءمه, وذلك لان
القضاء المصري لا يمــلك أن يراقب ملاءمه القرارات الاداريه, فهو حتى الآن يقف عــــند حــــدود المشـروعية علـي عكس نظريه الفرنســي, الـذي بـــدا يراقب الملاءمه إلي جانب المشــروعية, والقول بغير ذلك يودي إلـــــي خروج تلك القرارات مـــــن الرقابـة الاداريـه والقضائية, فتصبح حصينة مـن الإلغاء والسحب رغم ما بها من عيوب وهذا بالتأكيد ليس في صالح الصالح العام, فيجب إعطاء الاداره هذا الحق حتى يحين الوقت الذي يتبني فيــه القضاء المصري بحث ملائمة القرارات الإدارية كما فعل نظيرة الفرنسي, وحتى لا تصبح هناك قرارات إداريه بمنآي عن الرقابة بدعوي أن كل من الاداره والقضاء لا يملكان إلغاء القرار الاداري غير الملائم .

فلا يجوز أن تكون هناك قـــرارات إدارية حصينة من الإلغاء طبقا لنص المادة 68 مـن الدستور المصري "ويحظر النص فـــي القوانين علي تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابه القضاء"(2)

ويجب أن تكون الاداره أثناء ممارستها لتلك السلطة مقيده بثلاث قيــود, الأول ألا يشوب قرارها الســاحب اساءه استعمال السلطة كقيد أول, وان يكون السـحب هنا فـي حدود المدة المقررة للسحب, وان يكون هــدف الاداره مـــن السحب هـــو تحقيق احترام القانون ومبدأ المشروعية والمصلحة العامة.















ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الرأي مذكور في المرجع السابق للدكتور حسني درويش ص350
(2)الجامع لأهم القوانين المصرية للأستاذ .عبدالعزيز الدريين المحامي ص15
(30)