بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

29 يوليو 2010

آثار الافلاس بالنسبة للمدين و الملتزمين بدين واحد


المطلب الاول : آثار الافلاس بالنسبة للمدين :

الفرع الاول : الاثار المتعلقة بشخص المدين

يمكن حصر الاثار المتعلقة بشخص المدين في أربعة آثار رئيسية :

1- تقييد حرية المفلس : منصوص عليها بالمادة 239 تجاري مصري و ذلك بأن يقرر مأمور التفليسة بحبس المفلس أو بالتحفظ عليه بوضعه تحت مراقبة رجال الضبط القضائي و الحكمة من ذلك وضع المدني تحت تصرف القضاء اما إذا ما تبين تقصره او سوء نيته كعزمه على إخفاء أمواله مثلا و يبقى الآمر بالحبس جوازيا من قبل المحكمة فهو مجرد إجراء تحفظي واحتياطي 1

2- تقرير إعانة الفلس و عائلته : 242 تجاري2 و تخصم له من الاصول بأمر من وكيل التفليسة بالقدر الذي يمكن المفلس من تسديد حاجيات أسرته الشخصية

3- سقوط الحقوق السياسية : إذا افلس المفلس بالتقصير او التدليس سقطت عنه بعض الحقوق السياسية و المدنية المادة 243 تجاري3 وهذا نظرا لاعتبار الافلاس خطر التجارة ، فإذا كان التاجر حسن النية فإنه سيستعيد هذه الحقوق بعد رد الاعتبار لذا قصر البعض هذا السقوط على فترة التفليسة و البعض الآخر أجاز انتهاء السقوط اثناء فترة التفليسة ومن أمثلتها : حق الانتخاب – العضوية في البرلمان أو الهيئات النيابية المحلية – حق في عضوية مجلس إدارة شركة المساهمة ....

4- رد الاعتبار التجاري : نقصد برد الاعتبار التجاري تمكين المفلس من استعادة الحقوق التي اسقطت عنه و استرداد مركزه في الهيئة الاجتماعية ورفع الوصمة التي لحقته في عالم التجارة و يجب التمييز بين رد الاعتبار التجاري المنصوص عنه في التقنين التجاري بالنسبة الى المفلس ورد الاعتبار الجنائي بالنسبة الى من حكم عليه في جناية او جنحة و يراعي انه في حالة الحكم في جريمة تفالس يمتنع رد الاعتبار الجنائي قبل الحصول على رد الاعتبار التجاري

و يتناول التقنين التجاري أحكام رد الاعتبار في المواد من 358 الى 368 تجاري و يؤخذ من هذه النصوص أن المفلس لا يسترد اعتباره بحكم القانون بمجرد فاوت مدة معينة بل لابد من صدور حكم

بذلك من المحكمة المختصة و يترتب على صدور حكم برد الاعتبار المفلس زوال كافة ىثار الافلاس ومنها عودة حق التقاضي إليه و ان هناك حالات يمتنع فيها رد الاعتبار أصلا و حالات يجب فيها وحالات أخرى يجوز فيها للمحكمة رد الاعتبار .

الحالات التي يمتنع فيها رد الاعتبار :

لا يعاد الاعتبار أصلا لمن تفالس بالتدليس و لا يمكن حكم عليه بسبب سرقة أو نصب أو خيانة و لا لمن باع عقارا ليس له و مرهونا مع إخفاء رهنه و لا لمن لم يقدم حسابه و يوفي المتأخر عليه وليا كان أو وصيا أو مأمورا بادارة أموال او غيرهم ممن يكون ملزما بوفاء حساب مأموريته

رد الاعتبار الوجوبي :

ويجب على المحكمة رد اعتبار المفلس اليه اذا أو في جميع المبالغ المطلوبة منه سواء أكانت أصلا أو فوائد ومصاريف فيشترط لرد الاعتبار ان يكون المفلس قد وفي جميع ديونه السابقة و يجب أن يشمل الوفاء أصل الديون و الفوائد أو المصروفات و اذا كان المفلس شريكا متضامنا لا في شركة أشخاص أفلست فلا يكفي لرد اعتباره إليه أن يدفع مقدار ما يخصه شخصيا في الدين بل لا يدمن جميع ديون الشركة و لو كان قد تصالح مع الدائنين على انفراده فيما يتعلق بحصته في ديون الشركة

رد الاعتبار الجوازي :

و يكون رد الاعتبار جوازيا للمحكمة أن تحكم به اولا بحكم حسب ما تراه في الحالات الاتية :

1- إذا كان المفلس قد أفلس بالتقصير و استوفي العقاب المحكوم عليه به و لا يكفي مجرد استيفاء العقاب لرد الاعتبار بل يشترط لذلك قيام المفلس بوفاء جميع ديونه .

2- إذا كان المفلس قد توفي و يكون رد الاعتبار في هذه الحالة بناء على طلب الورثة و بشرط الوفاء بجميع ديونه

3- اذا طلب المفلس رد الاعتبار أثناء سير اجراءات التفليسة و ذلك في حالتين اولهما يكون المفلس قد توفي ولو بمال غير قبل مضي المواعيد المقررة لتحقيق الديون و تأييدها جميع ديونه بشرط الا يكون هذا الغير حل بجميع ما وفاه و ببعضه محل الدائنين الذين وفاهم بل يكون متبرعا للفلس و الثانية ان تكون المبالغ التي حصلها الشديك من اموال المفلس كافية لوفاء جميع الديون بتمامها

الفرع الثاني : الآثار المتعلقة بذمة المدين :

هو الاثر الاساسي للحكم سواء تعلق الامر بالافلاس او التسوية القضائية

غل يد المدين : 244 تجاري1 إعلان شهر الافلاس من تاريخه تغل يد المدني عن إدارة أمواله او التصرف فيها (سواء أموال حاضرة أو مستقبلة) و يحل محله وكيل التفليسة .

قاعدة الغل تفسر قانونيا بعدم التمسك تجاه جماعة الدائنين بالتصرفات المبرمة من قبل المدين بعد إعلان الافلاس.

من حيث الطبيعة القانونية لشهر الافلاس لا يعد نزع ملكية و لا مصادرة بل يظل المفلس مالكا لأمواله

نطاق الغل:يشمل غل اليد التصرفات القانونية للمدين ودعاويه وجميع الاموال التي تملكها قبل الحكم اوبعده 2

التصرفات القانونية : ليس للمتعاقد مع المفلس الانضمام لتفليس و لو كان حسن النية إذا يفترض فيه العلم و في البيوع تبقى الاموال المبيعة ضمن الجانب الايجابي للتفليس و يحكم عندها على المفلس بالتفليس للتدليس ، و إن في الاحد الدائنين دون غيره اعتبر تفليسا بالتقصير يكون الدائن ملزما برد المال لجماعة الدائنين .

الدعاوى القضائية : مبدا عام ليس للمفلس رفع أي دعوى لأنه ممثل من وكيل التفليسة سواء كان مدعي أو مدعى عليه و يمنع عليه اتمام اجراءات دعوى مرفوعة قبلا الا أنه يجوز له التدخل في الدعاوى الجزائية و الشخصية

الاموال التي يشملها الغل : الاموال الحاضرة و المستقبلة التي ستؤول اليه سواء بالميراث او الهبة او الوصية ومبالغ التعويضات الناتجة عن التأمين لفائدة المفلس شخصيا

أما الاموال الخارجة عن نطاق الغل : الأموال غير القابلة للحجز 378 ق ا م و الحقوق المعاشية والاجور و التعويضات المتعلقة بشخص المفلس كالممنوحة للاعتداء على شرفه و كذا الحقوق المتعلقة بشخصه كالزوج و الاموال المملوكة لغير المفلس كالزوجة ومقابل وفاء السفتجة إذا تغير ملكا لحاملها ومبالغ التأمين على الحياة المعقودة لفائدة الغير3 .

النشاط الشخصي للمفلس : يخرج عن نطاق الغل

التصرفات التحقيقية فلا يمنع المفلس من الدفاع عن ذمته المالية إذا أهمل الوكيل ذلك

التصرفات المتعلقة بالحياة العادية ، لصالح الغير و الدعاوى الجزائية و الدعاوى الشرف و الدعاوى الخاصة بالاموال التي يديرها لصالحج الغير

حصر ديونه : يقتضى تقديم مستندات الديون من قبل الدائنين من أجل تحقيقها و قبولها

تحقيق و قبول الديون : على الدائنين العاديين أو أصحاب الاولوية الراغبين في المشاركة في نتائج التصفية أموال المدين تقديم طلبات الانضمام الى التفليسة المدين سواء كانت ديونهم ثابتة سند عادي او رسمي او بحكم صادر على المفلس قبل اشهار افلاسه و مكتسب قوة القضية المقتضية فمن صدور الحكم بالافلاس او التسوية يقوم جميع الدائنين بما فيهم الخزينة العموميو بتسليم وكيل التفليسة المستندات مع جدول بيان الاوراق المقدمة و المبالغ المطالب بما مع التوقيع اما من الدائنين او وكيله . ق و يعني اخبار الدائنين المتمتعين بضمانات منشورة شخصيا و في موطنهم المختار و تقبل معجلا بصفة ديون عادية او ممتازة بحسب الاحوال :

- الديون الجبائية

- الديون الجمركية

أما مدة الانضمام الى التفليسة يحددها المشرع بشهر من تاريخ صدور الحكم على المعني بالافلاس او التسوية و لا تقبل طلبات الدائنين المتخلفين الا إذا اثبتوا ان سبب التأخير هو قوة قاهرة و يبقى تقديرها للقاضي و هذا لا يمكنهم المشاركة الا في توزيع او الارباح المستقبلة1.

2/بطلان التصرفات الصادرة في وقت الريبة :

تصبح تصرفات المدين المفلس مشتبهة بالغش من يوم توقف عن الدفع الى تاريخ الحكم المعلن للافلاس وفي فترة الريبة و في بعض الاحيان تمدد لـ 6 أشهر السابقة للتوقف2 .

طبيعة البطلان : بطلان التصرفات خلال فترة الريبة سواء كان وجوبي أو جوازي ليس بطلانا بالمعنى القانوني و انما مجرد عدم نفاذ التعرف في حق جماعة الدائنين مع بقائه صحيحا منتجا لاثاره فيما بين المفلس و من تصرف اليه.

عدم النفاذ الوجوبي : المادة 247 تجاري هذه التصرفات لا تمسك بيها وجوبيا تجاه جماعة الدائنين و لا يملك القاضي السلطة التديرية في ذلك و عدم نفاذها يكون لحكم :

1- نقل الملكية على سبيل التبرع : منقول او عقار و يشمل التخلي عن قيمة معنوية او دين والانقطاع عن الوفاء بدني لا يمكنه التبرع و الموهوب له ليس له التظلم من استرداد محل الهبة اذ يفهم الوكيل دعوى ضده بالاسترداد كما يلزم الموهوب له برد الثمار

2- عقود المعاوضة التي يتجاوز فيها التزام المدين بكثير التزام الطرق الآخر : أي التقاء التوازن في الالتزامات فتمثل هذه العقود يمكن أبطالها من قبل المدين نفسه لعيب الغبن الاستغلالي .

1- الوفاء بالديون : يسمح بالطعن في تصرف الوفاء بالدين الذي تظهر فيه نية المدين في الغش او الاضرار بالدائنين

أ‌- الوفاء بديون مؤجلة : هذا الوفاء بالدين فيه نية غش ظاهرة من المدين فهذا الوفاء غير نافذ وجوبا سواءا كان الدين المدنية او التجارية سواء كان ناشئا عن عقد او تصرف ضار

ب‌- الوفاء بديون حالة بغير النقود او الاوراق التجارية او التحويل او اية كيفية اخرى من كيفيات الوفاء : الحقيقي يكون بتسليم محل الالتزام أي يتعلق بمبلغ مالي و المادة 245 تجاري تشبه الوفاء بالاوراق تجاري بالمال و كذلك التحويل في الحساب الجاري اما وسائل الوفاء غير العادية يلحقاها عدم النفاذ الوجوبي فالمدين هنا يوزع بنفسه و قبل الافلاس عناصر الجانب الايجابي لذمته و من الوسائل غير العادية : حوالة الحق ، التنازل عن ملكية عقار اومنقول ، المقاصة الاختيارية او الاتفاقية و الانابة في الحق و الفسخ الودي لعقد البيع.

ت‌- أثر الدعوى : اذا نجحت دعوى عدم النفاذ وجب على الدائنة رد ما استلمه الدائنين في حالة حوالة الحق فعدم النفاذ يسري تجاه المدين المحال عليه و لوكيل التفليسة الاعتراض على كل وفاء لغيره و الدائن الذي لم ينقضي دينه لعدم نفاذ الوفاء يمكنه الانضمام للتفليسة

2- التأمينات العينين المبرمة لضمان ديون سابقة : لا تخضع هذه التامينات بعدم النفاذ الا اذا كانت لا دقة بتاريخ الدين اما اذا كانت متزامنة مع الافتراض فهي صحيحة كما تقديم التأمين على دين لاحق او مستقبل و التأمين العيني ليس باطل انما غير نافذ تجاه الدائنين و الدائن الحاصل على التأمين ينضم للتفليس بصفة الدائن عادي ، و المال محل التأمين يتصرف به وكيل التفليس ومثال 1000.000,00 سنتيم

عدم النفاذ الجوازي : المادة 249 تجاري إذا خرجت تصرفات المدين عن المادة 247 خضع عدم نفاذها لتقدير المحكمة التي تخضع لرقابة المحكمة العليا عقود البيع بعوض و التأمينات العينية الناشئة وقت نشوء الدين و العقود الناقلة للملكية على سبيل التبرع المبرمة خلال 6 أشهر السابقة للتوقف عن الدفع والتصرفات التي لا يمكن للدائن الطعن بها في ضوء القانون المدني و هي الوفاء بالديون و القسمة .

شروط عدم النفاذ :

- علم المتعاقد مع المدين المفلس بالتوقف عن الدفع لحظة ابرام التصرف و اثبات العلم يقع على عاتق السنديك و القاضي يؤكد ذلك.

- إثبات إضرار التصرف بجماعة الدائنين .

آثار عدم النفاذ : اذا تعلق التصرف بالوفاء : الدائن ملزم بارجاع ما من أصول التفليسة و ينضم الى التفليسة مع باقي الدائنين .

اذا كان التصرف بيعا : فإن الشيء المبيع يسترده وكيل التفليسة و يدرجه في الاصول ، فإذا انتقلت ملكية الشيء الى مشتري ثان فدعوى عدم النفاذ توجه ضد هذا الاخير و لا يمكن ربحها إلا إذا كان هو ذاته عالما بالتوقف عن الدفع .



المطلب الثاني : آثار الافلاس بالنسبة للملتزمين بدين واحد

يتعلق الامر بدائن تجاه متضامنين بالدين حين إعلان الافلاس او التسوية فكيف يستفهم الدائن الى التفليسة او احد التفليسات ؟

الفرع الاول : آثار افلاس احد الملتزمين بالنسبة للباقين : افلاس احد الملتزمين لا يؤثر في حق الدائن تجاه الباقين و يترتب على ذلك :

1- الدائن بدين مؤجل المنظم لتفليسه ايد الملتزمين المتضامنين لا يمكنه التمسك بسقوط الاجل تجاه الآخرين إلا إذا كان المفلس كفيلا فيلتزم المدني الاصلي بتقديم كفيل آخر

2- الصلح المبرم مع أحد المدنيين المتضامنين لا يسفيد منه الآخرون و لا الكفيل 291 تجاري

3- ان الملتزم مع المدين الذي و في كامل الدين يمكنه الرجوع ضد الشريك المفلس الا انه يخضع للتراحم مع الدائنين الآخرين.

4- وقف سريان الفوائد بالنسبة لأحد المدينين المفلسين لا ينجز عنه وقفها بالنسبة للباقي .

الفرع الثاني : مقدار ما يتقدم به الدائن في تفليسات الملتزمين بالوفاء

افلاس جميع الملتزمين بالدين في آن واحد : يمكن للدائن الانضمام جميع التفليسات من أجل دينه و المادة 228 أجازت للدائن صاحب التعهدات الوقعة و المطهرة أو المكفولة تضامنيا من قبل المدين او شركاء له في الالتزام مطالبة كل جماعات المدينين بالقمة الاسمية للسند و الاشتراك في التوزيعات للحصول على دينه و بذلك قد يحصل على كامل مبلغ دينه و قد يحصل على اكثر منه و هذا تثور مشكلة الرجوع بين المدنيين المضامنين :

المادة 289 تجاري يعود الفائض للشركاء في الالتزام الذين كان الاخرون كفلاء لهم وفقا لاسبقية التعهدات و يطبق هذا الحل خاصة في افلاس جميع الموقعين على الورقة التجارية أي ان الفائض يكون من نصيب تفليسة المدين المكفول من الاخرين حسب الترتيب.

افلاس الملتزمين بالدين تباعا : يمكن للدائن ان يتقدم بكامل دينه في كل تفليسة من التفليسات دون ان يلتزم بخصم ما أخذه من كل تفليسة



انظمام الدائن الى التفليس بالمبلغ الناتج بعدم طرح الجزء المحصل عليه فبل التوقف :



إذا كان الدائن صاحب التعمدات التضامنية بين المدين المفلس او المقبول في التسوية و بين الشركاء له قد قبض قسطا من حقه قبل التوقف عن الدفع توجب عليه الدخول ضمن جماعة الدائنين بالمبلغ الناتج بعد طرح القسط مع حفظ جميع الحقوق للمبلغ الباقي ضد الشريك في الالتزام او الكفيل.











رد مع اقتباس .

--------------------------------------------------------------------------------

27-02-2010 10:40 PM #2 الاستاذة

الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة



عضو مميز





تاريخ التسجيل:May 2008

الدولة:للاسف الارض!!

المشاركات:817معدل تقييم المستوى:39

الإفلاس التجاري ونتائجه على الدائن والمدين



يعد نظام الإفلاس من الأنظمة التي قننها القانون التجاري وجعلها مقصورة على فئة التجار، وأما غير التجار فيخضعون لنظام الإعسار الذي نظمه القانون المدني. والإفلاس هو نظام للتنفيذ الجماعي على أموال المدين التاجر الذي توقف عن وفاء ديونه التجارية حين حال أجل سدادها متى كان هذا التوقف يكشف عن انهيار ائتمانه.



ويهدف هذا النظام إلى تصفية أموال التاجر جميعها وبيعها وتوزيع ثمن ما حصل من عملية البيع وفاء لديونه أو على القدر الممكن منها. والإفلاس بالنسبة للتجار يتحقق حال توقفه المقصود عن دفع ما عليه من أموال، والتوقف يكون مقصوداً نتيجة مرور التجار بظروف وضائقة مالية تنبئ بأن مركزه المالي غير مستقر وان حقوق الدائنين في خطر محقق أو يحتمل تحققه.





والعبرة هنا ليست فيما يملكه التاجر فقد يكون مالكا لأموال تفوق ما عليه من ديون ومع ذلك يتحقق الإفلاس ومرد ذلك يكون بسبب توقفه عن تسديد ما عليه للدائنين، إذ إن العبرة بتوقفه عن الدفع لا بما يملكه من ديون. وعلى ذلك فإنه لا يجوز شهر إفلاس التاجر بالرغم من مروره باضطراب في مركزه المالي طالما أنه مستمر في تسديد التزاماته المالية قبل الدائنين.





وقد يكون ذلك الأمر مثار تعجب واستغراب إلا أن فلسفة ذلك تكمن في أن البيئة التجارية تحكمها طبائع معينة في معاملاتهم المالية إذ بحلول موعد استحقاق الدين علي التاجر وتوقفه عن السداد يشيع ذلك الاضطراب بين أوساط التجار وقد يكون ذلك مدعاة لتوقف تجار آخرين عن دفع ديونهم، بالرغم من أن البعض قد يعتمد في سداد ما هو مستحق عليه على ما هو مستحق لديه، لأن التجار يتبادلون الدائنية والمديونية مع بعضهم البعض.





وإذا كان الهدف من إشهار إفلاس المدين تمكين الدائنين من الحصول على حقوقهم أو على القدر الممكن منها وذلك برفع يد المدين العاجز عن دفع ديونه عن إدارة أمواله والتصرف فيها، واعتبارها محجوزة لصالح جميع الدائنين العاديين الذين يوضعون في صف واحد على قدم المساواة بلا تفضيل فيهما بينهم.





وعملية توزيع أموال المدين فيما بين جماعة الدائنين تقسم قسمة غرماء أي بنسبة حق كل منهم، ويتولى هذه المهمة شخص تعينه المحكمة وتراقب أعماله يسمى (السنديك) أو وكيل التفليسة. ولا يترتب على التوقف عن الدفع أي أثر قبل صدور حكم الإفلاس، إذ إن الغاية المقصودة من أحكام شهر الإفلاس تتحقق من اليوم الذي صدر فيه حكم شهر الإفلاس.



ويعد إشهار إفلاس التاجر ذي نتائج خطيرة تقع على المدين وعلى الدائن، فبالنسبة للمدين فهي تمثل عارا عليه بين الناس وضياع الثقة والاعتبار بين جماعة التجار، كما أنها تعني غل يده على إدارة أمواله فلا يستطيع أن يوفي ما عليه من ديون أو يقتضي ما له من ديون في ذمة الغير، إذا كانت جميع تصرفاته لا تكون نافذة في مواجهة الدائنين، لأن المنوط بذلك هو السنديك (وكيل الدائنين) الذي تعينه المحكمة لإدارة أموال التاجر.



وفوق كل هذا فهناك بعض القوانين تحرمه من بعض الحقوق السياسية، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى حسبة إذا أصبح في مظنة خيانة الدائنين. أما بالنسبة للدائنين، فبمجرد صدور الحكم يحرم كل منهم من مباشرة حقه قبل المدين، ويصبح كل الدائنين (جماعة الدائنين) على قدم المساواة منضمين مع بعضهم البعض يتولى مصالحهم السنديك تحت رقابة القاضي. كما أنه بصدور الحكم تحل آجال الديون جميع على المدين حتى يتم تصفيتها، وتتوقف سريان الفوائد على الديون المستحق عنها فوائد.





اما بالنسبه للغير أي من كان له مال لدى المفلس فقد يتعذر استرداد ماله أو يضطر إلى مزاحمة الدائنين، لأنه وقت شهر الإفلاس لا يكون دائنو المفلس معروفين بالتحديد، لذا أواجب المشرع ضرورة اتخاذ إجراءات شهر لحكم الإفلاس ليضمن أن الكافة قد علموا به ولقد رسم القانون لوكيل الدائنين (السنديك) مهمة رئيسية ألا وهي حصر أموال المفلس وديونه حتى يستطيع توزيع ما لديه من أموال المدين على دائنيه.



إلا أنه وعلى الرغم من كآبة ما انتهى إليه موقف التاجر المفلس وفق ما عرضناه، إلا أن هناك أمراً آخر، ولكن يتوقف سلوكه على موقف الدائنين من المفلس، فقد يقدر الدائنون ظروف المفلس فيبرمون صلحاً فيما بينهم وبينه يكون صلحاً قضائياً يتم تحت إشراف القضاء يسمح للمدين بإدارة أمواله حتى يتمكن من الوفاء بالمستحق للدائنين.



وفقاً للشروط التي اتفقوا عليها حين إبرامهم الصلح، فإن تعذر الوصول إلى اتفاق يبقى طريق السنديك أو (وكيل الدائنين) الحل الوحيد، فيبدأ في العمل لتصفية الديون وتوزيعها بين جماعة الدائنين، فقد يكتشف السنديك أن الأموال لا تكفي، وأن الحقوق غارقة في الديون فيقرر قفل التفليسة لعدم كفاية أموالها حتى يظهر للمدين أموال.



وعلى الرغم من ذلك فقد فتح المشرع باب الأمل أمام المدين حسن النية سيئ الحظ وذلك ليتفادى إشهار إفلاسه عن طريق نظام يسمى (الصلح الواقي) من الإفلاس وهذا النظام تعرفه وتعمل به تشريعات دولة كثيرة. إلا أن ذلك لا يعني أن الإفلاس هو الطريق الوحيد للتاجر في التنفيذ على التاجر إلا بطلب شهر الإفلاس وتصفية أمواله بل للتاجر أن يسلك طريق الحجز الذي نظمه قانون المرافعات.





مما تقدم يتضح أن نظام الإفلاس يهدف إلى حماية الدائنين من تصرفات المدين الذي اضطربت أحواله وذلك بمنعه من الإضرار بهم وكذلك حماية الدائنين بعضهم من البعض ذلك لأنه من الطبيعي أن يسعى كل دائن منهم إلى استيفاء حقوقه حتى ولو أدى ذلك الأمر إلى الإضرار بالدائنين الآخرين، إلا أن المشرع لو توقع ذلك لتدخل بنصوص تشريعية لحماية الدائنين جميعا، هذه الحماية تتصف بالمساواة بينهم وعدم تفضيل أي منهم على الآخر وذلك لمنع التسابق فيما بينهم .
 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
 
 تعليقات
إفلاس الشركات.. بين المسؤول واللامسؤولية











كيف تتعامل مع الشركات المشهرة لإفلاسها؟ الإفلاس هو اضطراب في أحوال التاجر المالية بحيث لا يكون قادرا على الوفاء بالتزاماته المالية ويتوقف عن سداد ديونه. وحالة الإفلاس قد يتعرض لها التاجر الفرد وقد تتعرض لها الشركة التجارية، باعتبار أن الأخيرة شخصية قانونية معتبرة قانونا في التعامل التجاري ويسري عليها ما يسري على التجار في العمل التجاري.



وبوجه عام، يسري على الشركات ما يسري على التاجر الفرد من أحكام الإفلاس، إذ يجوز شهر إفلاس جميع الشركات عدا شركة المحاصة باعتبارها لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية أما الشركة الواقعية فيجوز إفلاسها. ويجب ألا تكون الشركة تحت التصفية عند طلب إفلاسها.



كما يحق لكل دائن للشركة أن يطلب شهر إفلاسها سواء كان شريكا أو غير شريك، أما الشركاء غير الدائنين فلا يجوز لهم طلب شهر إفلاس الشركة، كما لا يجوز ذلك لمدير الشركة أو المصفي إلا بعد الحصول على إذن من أغلبية الشركاء في شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة ومن الجمعية العامة في غيرها من الشركات.



وإذا كان اضطراب أحوال الشركة مؤقتا ويمكن تجاوزه ومن المحتمل دعم مركزها المالي فإنه يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الشركة أو بطلب من النيابة العامة أن تأمر بتأجيل شهر إفلاس الشركة مع اتخاذ ما تراه من احتياطات وتدابير للمحافظة على موجودات الشركة وأموالها.



ويجوز لمدير التفليسة بإذن من القاضي أن يطالب الشركاء بدفع الباقي من حصصهم المؤجلة ولو لم يحل ميعاد استحقاقها، ويمكن أن تقتصر هذه المطالبة على القدر اللازم للوفاء بديون الشركة.



وإذا أفلست الشركة فلا يجوز إفلاس الشركاء فيها لاختلاف الذمم المالية لكل من الشريك والشركة، الا في شركة التضامن فإنه يتم شهر إفلاس جميع الشركاء المتضامنين فيها بمن فيهم الشريك المتضامن الذي خرج من الشركة بعد توقفها عن الدفع إذا كان طلب الإفلاس قبل انقضاء سنتين من تاريخ خروج الشريك والتأشير بذلك في السجل التجاري.



ويصدر بحكم واحد شهر إفلاس الشركة والشركاء المتضامنين فيها مع استقلال كل تفليسة عن الأخرى من حيث إدارتها وتحقيق ديونها وكيفية انتهائها.





وإذا انتهت تفليسة الشركة وتفليسات الشركاء بالصلح، اعتبر كل صلح مستقلا عن غيره، ويمكن أن يطال الإفلاس أشخاصا آخرين من غير الشركاء واتخذوا اسم الشركة ستارا لهم يعملون باسمها ولكن لحسابهم حيث جاء في المادة 683 من قانون التجارة أنه يجوز شهر إفلاس كل شخص قام تحت ستار هذه الشركة بأعمال تجارية لحسابه الخاص وتصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة.



كما أن المشرع لم يغفل عن الإهمال والخطأ الذي يؤدي إلى اضطراب أحوال الشركة وإفلاسها. فيجوز للمحكمة التي تنظر في الإفلاس من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة العامة أو مدير التفليسة أو أحد الدائنين، أن تقضي بسقوط الحقوق السياسية عن أعضاء مجلس إدارة الشركة أو مديرها الذين ارتكبوا أخطاء جسيمة أدت إلى اضطراب أعمال الشركة ووقوفها عن الدفع.



وكذلك إذ تبين بعد إفلاس الشركة أن موجوداتها لا تكفي لسداد20% من ديونها، جاز للمحكمة وبناء على طلب مدير التفليسة أن تقضي بإلزام جميع أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين أو بعضهم بالتضامن أو من من دون تضامن، بدفع ديون الشركة كلها أو بعضها إلا إذا اثبتوا أنهم بذلوا في سبيل إدارة الشركة العناية الواجبة.



هذا إلى جانب مساءلة القائمين على إدارة الشركة بجرائم الإفلاس والصلح الواقي وبالأخص ما جاء في المادة 789 من قانون التجارة أنه في حالة صدور حكم نهائي بشهر إفلاس الشركة، يعاقب أعضاء مجلس إدارتها أو مديريها أو القائمين بتصفيتها بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات إذا ثبت أنهم ارتكبوا بعد توقف الشركة عن الدفع. أحد الأعمال الآتية:

1- اخفوا دفاتر الشركة أو أتلفوها أو غيروها.

2- اقروا بديون غير واجبة على الشركة وهم يعلمون ذلك، سواء وقع الإقرار كتابة أو شفاهة أو في الميزانية أو بالامتناع عن تقديم أوراق أو إيضاحات.





3- حصلوا على صلح خاص بالشركة بطريق التدليس.

4- أعلنوا ما يخالف الحقيقة عن رأس المال المكتتب به أو المدفوع، أو وزعوا إرباحا صورية أو استولوا على مكافآت تزيد على القدر المنصوص عليه في القانون أو في عقد التأسيس أو نظام الشركة الأساسي.



كما نصت المادة 791 على انه في حالة صدور حكم نهائي بشهر إفلاس شركة يعاقب أعضاء مجلس إدارتها ومديروها أو القائمون بتصفيتها بالحبس لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات إذا ثبت أنهم ارتكبوا احد الأعمال الآتية:

1- لم يمسكوا دفاتر تجارية تكفي للوقوف على حقيقة مركز الشركة المالي.

2- امتنعوا عن تقديم البيانات التي يطلبها منهم قاضي التفليسة أو مديرها أو تعمدوا تقديم بيانات غير صحيحة.

3- تصرفوا في أموال الشركة بعد وقوفها عن الدفع بقصد إقصاء هذه الأموال عن الدائنين.

4- وفوا، بعد وقوف الشركة عن الدفع، بدين احد الدائنين اضرارا بالباقين، وقرروا تأمينات ومزايا خاصة لأحد الدائنين تفضيلا له على الباقين ولو كان ذلك بقصد الحصول على الصلح.

5- تصرفوا في بضائع الشركة بأقل من سعرها العادي بقصد تأخير وقوف الشركة عن الدفع أو شهر إفلاسها أو فسخ الصلح أو التجأوا تحقيقا لهذه الأغراض إلى وسائل غير مشروعة للحصول على نقود.

6- أنفقوا مبالغ جسيمة في أعمال المقامرة أو المضاربة في غير ما تستلزمه أعمال الشركة.

7- اشتركوا في أعمال تخالف القانون أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، أو صادقوا على هذه الأعمال.



هذا بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في القانون



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الإفلاس

 هو ان تعلن الشركة أنها غير قادرة على الوفاء بإلتزاماتها أمام الدائنين ، وحينها تقوم الشركة بتصفية كل أملاكها وحساباتها البنكية لتسدد أكبر قدر ممكن من هذه الالتزامات ثم تخرج من سوق العمل.




في الشركات يحدث الإفلاس بالاقتراض لعدم توافر السيولة الكافية مع إمكانية تسديد هذه الالتزامات في موعدها المحدد عندما تبدأ مرحلة جني العوائد، لكن عندما لا يكون العائد المتوقع كافيا بحيث يغطي التزامات الشركة، تضطر الأخيرة إلى تصفية بعض من أملاكها لتسديد تلك الالتزامات، فاذا لم تكف تلك الأملاك للتسديد، تعلن الشركة حينئذ افلاسها.





الافلاس هو اضطراب في أحوال التاجر المالية، حيث لا يكون قادراً على الوفاء بالتزاماته المالية ويتوقف عن سداد ديونه، وحالة الافلاس قد يتعرض لها التاجر الفرد وقد تتعرض لها الشركة التجارية، باعتبار ان الاخيرة شخصية قانونية معتبرة قانونا في التعامل التجاري ويسري عليها ما يسري على التاجر في العمل التجاري، هذا بالنسبة لتعريف الافلاس بوجه عام. اما بالنسبة لتعريف الافلاس في النظام فهو مقسم الى ثلاثة انواع: الافلاس الحقيقي والافلاس التقصيري والافلاس الاحتيالي.



المفلس الحقيقي: هو الذي اشتغل في التجارة على رأس مال معلوم يعتبره العرف كافيا للعمل التجاري الذي اشتغل فيه ووجدت له دفاتر منظمة ولم يبذر في مصرفه ووقع على امواله حرق او غرق او خسارات ظاهرة فاذا توفرت هذه الشروط يكون مفلسا حقيقيا (نظام المحكمة التجارية).



المفلس المقصر: هو التاجر الذي يكون مبذرا في مصاريفه ولم يبين عجزه في وقته، بل كتمه على غرمائه واستمر يشتغل في التجارة حتى نفد رأس ماله وإن وجدت له دفاتر منظمة (نظام المحكمة التجارية).



المفلس الاحتيالي: لا يعبر عنه بمفلس الا لتوزيع موجوداته على غرمائه، بل هو محتال والمحتال من استعمل ضروب الحيل والدسائس في رأس ماله أو قيد بدفاتره ديونا عليه باسم أحد آخر بصورة كاذبة او حرر بها سندات او فراغ امواله وعقاره الى غيره بطريقة نقل الملك او اخفى شيئا من امواله واشتغل في التجارة بطريق التمويه والاحتيال او تغفيل التجار على أية صورة كانت وسواء كان مبذرا أو لم يكن مبذرا او لم توجد له دفاتر او وجدت وكانت غير منظمة واضاع حقوق العباد بتلك الصورة، فيكون محتالا (نظام المحكمةالتجارية).



 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى





تعليقات
الحجز التحفظى

( الجزء الأول )















تعريفة:

أولا : الحجز التحفظي على أموال المدين

الحجز التحفظي يقصد به ضبط المال ووضعه تحت يد القضاء لمجرد منع المحجوز عليه من التصرف فيه تصرفا يضر بحق الحاجز ( التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص467 ) أو هو وضع مال تحت يد القضاء لمنع صاحبه من أن يقوم بأي عمل قانوني أو مادي من شأنه إخراج هذا المال أو ثماره من ضمان الدائن الحاجز ( التنفيذ الجبري للدكتور فتحي والي ص256 ) .

ثانياٌ : حجز ما للمدين لدى الغير :

هو الحجز الذي يوقعه الدائن على ما يكون لمدينه من حقوق في ذمة الغير أو حيازته سواء كانت منقولات أو ديون وذلك بقصد منع الغير من الوفاء للمدين أو تسليمه ما في حيازته وذلك لأقتضاء حق الحاجز من المال المحجوز أو منثمنه بعد بيعه .





الفرق بين الحجز التحفظي والحجز التنفيذي

على الرغم من أنه لايوجد إختلاف في الأثار التي يرتبها كلآ النوعان إلا أنه يوجد بعض الأختلافات بينهما فالحجز التحفظي يثبت للدائن ولو لم يكن له حق في التنفيذ الجبري أي لايلزم لإتخاذ إجراءاته أن يكون بيد الحاجز سند تنفيذي لأنه ليس من مقتضاه في ذاته بيع الأموال المحجوزة بعكس الحال بالنسبة للحجز التنفيذي ، وعلة ذلك أن حماية الدائن تتطلب أحياناٌ السماح له بتوقيع الحجز قبل أن يثبت له هذا الحق أذ قد يمضي وقت قبل أن يحصل الدائن على سند تنفيذي أو قبل أن يعين مقدار حقه ويكون من مصلحته الحجز على أموال المدين .

ومن ناحية أخرى قد تتطلب مصلحة الدائن توقيع الحجز دون سبق تكليف المدين بالوفاء واعلان السند التنفيذي إليه حتى لايلجأ إلى تهريب أمواله قبل الحجز .

وعلى هذا فيكفي لتوقيع الحجز التحفظي أن يكون دين الحاجز حال الأداء ومحقق الوجود ولايلزم أن يكون معين المقدار ، على أن يقدر بحكم القضاء بعد اجراء الحجز ولايشترط فيه المشرع إتخاذ مقدمات التنفيذ فلايشترط تكليف المدين بالوفاء أو الان السند التنفيذي .





الحالات التي يجوز فيها إجراء الحجز التحفظيأولا : في حالة الحجز التحفظي على أموال المدين :

نص القانون على قاعدة عامة في الحالات التي يجوز فيها توقيع الحجز التحفظي حيث نصت المادة 316 من قانون المرافعات (فقرة2) على أنه " في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه " وفي هذه الحالة فأن عبء إثبات خشية فقدان ضمان الحق تقع على الدائن وهذا ما أكدته محكمة النقض حيث قضت " توقيع الحجز التحفظي خشية فقدان الدائن ضمان حقه . عبء إثبات ذلك . وقوعه على عاتق الدائن " [ نقض 6/4/1978 طعن 806 لسنة 45ق ـ التعليق على قانون المرافعات للأستاذين حامد عكاز ، عز الدين الدناصوري ص768 ].

والضمان المقصود هنا هو الضمان العام الذي للدائن على أموال مدينه ، أما الخشية فهي الخوف من فقدان الدائن لهذا الضمان بسبب ظروف محددة . [ نقض 6/4/1978 س 26 ص 972ـ المرجع السابق ] .

إلا أن القانون إلى جانب تلك القاعدة العامة حدد بعض الحالات التي يجوز فيها إجراء الحجز التحفظي ، وعلة ذلك هو إعفاء الدائن في تلك الحالات من عبء إثبات خشية فقد ضمان حقه ، ولقد حدد القانون تلك الحالات في المواد 316، 317، 318 من قانون المرافعات وهي :

ا ) إذا كان الدائن حاملآ لكمبيالة أو سند تحت الأذن :

حيث نصت المادة 316 من قانون المرافعات في فقرتها الأولى على " للدائن أن يوقع الحجز التحفظي على منقولات مدينه في الأحوال الأتية : 1- إذا كان حاملآ لكمبيالة أو سند تحت الأذن وكان المدين تاجرا له توقيع على الكمبيالة أو السند يلزمه بالوفاء بحسب قانون التجارة " ويتضح لنا من هذا النص أنه يجب توافر شروط معينة لهذه الحالة هي :

1- أن يكون الدائن هو صاحب الحق في المطالبة بالكمبيالة ، ويستوي أن يكون حامل الكمبيالة قد انتقلت إليه بالتظهير أو بالتسليم أو يكون قد حل محل الحامل .

2- أن يكون المدين المطلوب توقيع الحجز عليه تاجرا ، فإذا لم يكن تاجرا فلا يجوز توقيع الحجز التحفظي عليه وفقا لهذه الحالة .

ويلاحظ هنا أن قانون التجارة لم يشترط هذا الشرط وأنما اشترط أن يكون قد حرر بروتستو عدم دفع ، حيث نصت المادة 449 من قانون التجارة على أنه " يجوز لحامل الكمبيالة المعمول عنها إحتجاج عدم الوفاء أن يوقع حجزا تحفظيا بغير كفالة على أموال كل من الساحب أو القابل أو المظهر أو الضامن الاحتياطي أو غيرهم من الملتزمين بالكمبيالة مع مراعاة الأحكام المقررة في قانون المرافعات .... " .

3- أن يكون للمدين توقيع على الكمبيالة أو السند يلزمه بالوفاء بحسب قانون التجارة سواء بأعتباره ساحب أو مظهر أو ضامن احتياطي أو قابل بالواسطة .

أما إذا لم يكن له توقيع على الكمبيالة أو السند فلا يجوز توقيع الحجز عليه ولو كان قد تلقى مقابل الوفاء بالكمبيالة إذ أن إلتزامه برد المقابل لايكون ناشئا عن الكمبيالة بل عن علاقته الأصيلة بالساحب أو الأمر بالسحب .

4- أن يتخذ الحاجز الأجراءات التي يستلزمها قانون التجارة ، فيتعين عليه أن يكون قد أعلن الملتزم المحجوز عليه ببروتستو عدم الدفع إن كان هو المحرر عليه الورقة التجارية أو الضامن الأحتياطي ، أما إذا كان الملتزم المحجوز عليه هو أحد المظهرين في الورقة التجارية أو الضامن الأحتياطي للمظهر فأن البروتستو يحرر ضد المدين ساحب الكمبيالة أو المحرر عليه السند الأذني أو ضامنه الأحتياطي ويبلغ بعد ذلك إلى الملتزم ( المظهر أو الضامن الأحتياطي للمظهر ) الذي يراد توقيع الحجز عليه ، فلا يصح الأمر بتوقيع الحجز التحفظي إلا بعد إعلان البروتستو للمدين ثم تبليغه للمظهر أو ضامنه الأحتياطي ، كما يتعين أن يكون البروتستو مشتملا على البيانات الأتية ( صورة الكمبيالة أو السند حرفيا وجميع التظهيرات وكافة ما يوجد في السند من كتابة إخرى كالضامن الأحتياطي أن وجد ، والتنبيه الرسمي على المدين الملتزم بدفع قيمة السند وأثبات وجود المدين أو غيابه وقت عمل البروتستو وأسباب الأمتناع عن الدفع ) ويترتب على إغفال أي من هذه البيانات إعتبار البروتستو باطلا ومن ثم يعتبر الحجز التحفظي باطلا أيضا .

وفي حالة ما إذا كان مشترطا في الكمبيالة أو السند الأذني الرجوع بلا مصاريف فأن هذا يغني حامل الورقة عن تحرير بروتستو عدم الدفع وبالتالي يجوز لحامل الورقة التجارية في هذه الحالة توقيع الحجز التحفظي ضد الملتزم بغير حاجة لإجراء بروتستو عدم الدفع [القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف ، الطبعة الرابعة ص 671 ] .

وعلى ذلك إذا وقع حجز على المدين التاجر بموجب سند أذني غير تجاري كما إذا أشترى أحد التجار عقارا وحرر بثمنه سندات أذنية ذكر فيها أن القيمة ثمن عقار أشتراه فلايجوز في هذه الحالة توقيع الحجز التحفظي على منقولات التاجر المشتري بموجب تلك السندات كما لايجوز توقيع الحجز التحفظي إستنادل إلى فاتورة موقع عليها من تاجر لأنها لاتعتبر ورقة تجارية أو إستنادا إلى كمبيالة لم يقبلها المطلوب الحجز عليه أو سند أذني لم تتوافر فيه البيانات الضرورية التي أوجبها القانون في السندات الأذنية أو بموجب عقد شراء أحد التجار بضائع من أخر للأتجار فيها أو بموجب الدفاتر التجارية أو المكاتبات المتبادلة بين التجار وبعضهم بشأن معاملة تجارية معينة أو سندات الشحن أو قوائم حساب أو ورقة تتضمن جملة مواعيد إستحقاق ، ولا يصحح الحجز في هذه الحالات أن يحرر الدائن طالب الحجز بروتستو عدم الدفع لمدينه التاجر بموجب هذه الأوراق التي لاتعتبر كمبيالة أو سند أذني تجاري .

5- ألا يكون حق الدائن في الرجوع على من يريد توقيع الحجز عليه قد سقط لعدم تحرير بروتستو عدم الدفع في الميعاد أو لعدم اعلانه ، ويختلف الأمر باختلاف المطلوب الرجوع عليه ، فإذا كان هو المسحوب عليه القابل أو الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء فلا يشترط تحرير بروتستو عدم الدفع في الميعاد ، إذ ليس لأي من هؤلاء التمسك بإهمال الحامل ، أما إذا إريد الرجوع على الضامن أوغيره من المدينين بمقتضى الورقة التجارية فأنه يجب على الحامل تحرير البروتستو في الميعاد وإلا سقط حقه في الرجوع عليهم ، وعلة ذلك أن الحجز إجراء تحفظي لإجراء التنفيذ فيما بعد ضد المحجوز عليه ، فإذا سقط حق الحاجز في مواجهتهم فلا يجوز له إجراء أي حجز .

وإذا شرع المحضر في توقيع الحجز التحفظي في الأمثلة السابقة فإنه يجوز للمحجوز عليه أو الغير أن يستشكل في التنفيذ قبل إتمامه أما إذا تم توقيع الحجز فأنه لايجوز للمحجوز عليه أو الغير أن يستشكل وأنما عليه أن يلجأ إلى رفع دعوى عدم الأعتداد بالحجز على النحو الذي سيأتي ذكره .

ب)في كل حالة يخشى فيها الدائن فقده لضمان حقه :

نصت المادة 316 مرافعات في فقرتها الثانية على أنه " يجوز توقيع الحجز التحفظي على منقولات المدين في الأحوال الآتية ......... 2/ في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه . " والمقصود بالضمان هنا هو الضمان العام الذي للدائن على أموال مدينه ، والمقصود بحالة الخشية من فقدان الضمان هي الخوف من فقدان الدائن لهذا الضمان بسبب ظروف محددة ( نقض 6/4/1978 سنة 29 ص 972 ) وتقدير حالة الخشية هنا متروك للقاضي فله أن يصدر الأمر بالحجز متى أستشعر حالة الخشية من فقدان الضمان كما في حالة عدم وجود موطن للمدين مستقر في مصر أو إذا خشي الدائن من فرار مدينه وكان لذلك أسباب جدية يتوقع معها تهريبه لأمواله أو أخفائها .

وقد تنص بعض التشريعات الخاصة على بعض الحالات التي يجوز فيها توقيع الحجز التحفظي أو على بعض الإجراءات الخاصة التي تغاير ما جاء به قانون المرافعات وفي هذه الحالة تطبق التشريعات الخاصة .

ويقع عبء إثبات حالة الخشية من فقدان الدائن لضمان حقه على عاتق الدائن وهذا ما جرت عليه أحكام محكمة النقض ( نقض 6/4/1978 – طعن 806 لسنة 45ق – منشورص 768 التعليق على قانون المرافعات للمستشار عز الدين الدناصوري ،الأستاذ حامد عكاز طبعة 1995 ) .

والأصل العام أن قاضي التنفيذ هو المختص بأصدار الأمر بالحجز التحفظي إلا أنه يستثنى من ذلك حالة إذا كان الدين المحجوز بمقتضاه من الديون التي تخضع لنظام أمر الأداء ففي هذه الحالة القاضي المختص بأمر الأداء هو القاضي المختص بتوقيع الحجز التحفظي وذلك عملآ بنص المادة 210 مرافعات .

ج ) لمؤجر العقار أن يوقع الحجز في مواجهة المستأجر والمستأجر من الباطن :

نظمت المادة 1143 من القانون المدني حق أمتياز للمؤجر في توقيع الحجز التحفظي على المنقولات الموجودة داخل العين المؤجرة ضماناٌ لدين الأجرة أو أي حق أخر للمؤجر بمقتضى عقد الأيجار كمصروفات المطالبة بالأجرة والتعويضات المستحقة عن سوء اسنعمال العين المؤجرة أو اتلافها أو عدم الوفاء المستأجر بأحد التزماته ،وعلى هذا فقد نصت المادة 317 مرافعات على أمتياز خاص لمؤجر العقار ضمانآ لدين الأجرة فنصت على " لمؤجر العقار أن يوقع في مواجهة المستأجر أو المستأجر من الباطن الحجز التحفظي على المنقولات والثمرات والمحصولات الموجودة بالعين المؤجرة ، وذلك ضماناٌ لحق الأمتياز المقرر له قانوناٌ . "

• والأصل أن تكون الأشياء التي يجوز الحجز عليها مملوكة للمدين المحجوز عليه إلا إنه يجوز مع ذلك توقيع الحجز على المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة ولو لم تكن مملوكة للمدين ضماناٌ لدين الأجرة المقرر قانوناٌ للمؤجر كما في حالة المنقولات المملوكة لزوجة المستأجر أو المنقولات المملوكة للغير ولم يثبت أن المؤجر كان يعلم وقت وضعها بالعين المؤجرة أنها مملوكة للغير كأن يكون قد تم أخطاره بملكية تلك المنقولات للغير قبل وضعها بالعين المؤجرة ( مادة 1141/2 مدني).

• لايجوز توقيع الحجز على المنقولات المملوكة للغير في حالة أذا كانت صنعة المستأجر تقتضي إدخال أشياء مملوكة للغير في العين المؤجرة كما في حالة محلات تصليح الساعات وكي الملابس ... ألخ

• لايجوز توقيع الحجز على المنقولات المملوكة للغير قد وجدت في العين قبل توقيع الحجز بطريقة عرضية تسمح بها العادات الجارية وتقتضيها ضرورة التعامل كما في حالة المواشي المملوكة للغير والت توجد على الأرض المستأجرة أثناء رعي برسيم أشتراه صاحبها من المستأجر .

• والأصل كذلك أن الحجز التحفظي يقع على المنقولات المملوكة للمستأجر الموجودة في العين المؤجرة إلا إنه يجوز توقيع الحجز على المنقولات بعد نقلها إذا كانت قد نقلت بدون رضاء المؤجر ولم يمضي على نقلها ثلاثون يوماٌ وهذا ما نصت عليه المادة 317/2 " ... ويجوز له أيضاٌ أذا كانت تلك المنقولات والثمرات والمحصولات قد نقلت بدون رضائه من العين المؤجرة ما لم يكن قد مضى على نقلها ثلاثون يوما . "

• ويجوز للمؤجر توقيع الحجز التحفظي على تلك المنقولات حتى لوترتب عليها حق للغير حسن النية أذا لم يبقى في العين أموال كافية لضمان حق المؤجر صاحبة الأمتياز ، والحجز الذي يقع في هذه الحالة هو حجز أستحقاقي بما للمؤجر من حق عيني على المنقولات ، ولكن أذا كانت المنقولات بعت إلى مشتري حسن النية أشتراها من متجر أو مزاد وألااد المؤجر التمسك بحق أمتيازه فعليه أن يدفع للمشتري حسن النية ثمنها ( م 1143/5 مدني ) .

• الحق في توقيع الحجز التحفظي ضماناٌ لحق امتياز دين الأجرة يسري في مواجهة المستأجر من الباطن فيجوز الحجز على منقولاته الموجودة بالعين المؤجرة بما لايجاوز أجرة سنتين حتى لو كان المستأجر من الباطن قد سدد التزانه للمستأجر الأصلي ولكن ذلك مرهون بأن يكون المؤجر قد نص في عقده مع المستأجر الأصلي على عدم جواز الإيجار من الباطن ، فإذا لم يشترط ذلك فأن توقيع الحجز التحفظي ضماناٌ لحق امتياز الأجرة يكون للمستأجر الأصلي دون المؤجر على منقولات المستأجر من الباطن .



د ) لمالك المنقول أن يوقع الحجز التحفظي عليه عند حائزه :

وهذا ما نصت عليه المادة 318 مرافعات والحجز المذكور هنا هو في حقيقته حجز استحقاقي يوقعه مالك المنقولات عليها تحت يد حائزها إلى أن يرفع دعوى باستردادها ، والهدف منه ضبط الأشياء المملوكة للحاجز لمنع حائزهامن التصرف فيها يحول دون تمكن المالك من استردادها إذا ما حكم له بعد ذلك بملكيتها فهو نتيجة ما للمالك من حق تتبع منقولاته تحت يد حائزها ، لذلك لايجوز توقيع الحجز كلما أمتنع على المالك أن يتتبع منقولاته بسبب ترتب حق للغير عليها كما أذا أحتج الغير بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية

والحجز الأستحقاقي ليس قاصراٌ على مالك المنقول بل يمتد لكل صاحب حق عيني على المنقول كصاحب حق الأنتفاع والدائن صاحب حق الحبس .

وإذا أوقع بائع المنقول ، مع الأحتفاظ بالملكية لحين سداد الثمن ، حجز استحقاقي ولكنه لم يطلب فسخ عقد البيع فأن الحجز يكون باطلآ لأن ذلك يدل على تنازل البائع عن ملكية المنقول وبالتالي فلا يكون له حق تتبع المنقول أو توقيع الحجز .

خلاصة ما تقد أنه يشترط لصحة هذا الحجز أن يكون الحاجز مالكاٌ للمنقول أو صاحب حق في تتبعه بالأضافة إلى توافر الشروط العامة للحجز التحفظي وإلا أعتبر الحجز باطلاٌ .

ثانياٌ : حالة حجز ما للمدين لدى الغير :

نص القانون على الحالات التي يجوز فيها توقيع الحجز التحفظي على ما للمدين لدى الغير حيث نصت المادة 325 على أنه " يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز ما يكون لمدينه لدى الغير من المنقولات أو الديون ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط ، ويتناول الحجز كل دين ينشأ للمدين في ذمة المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما في ذمته مالم يكن موقعاٌ على دين بذاته . "

ومن هنا يتبين لنا أن من حق الدائن أن يوقع الحجز التحفظي على ما للمدين لدى الغير ، وهذا الحق هو حق قائم بذاته عن الحقوق الأخرى للدائن وهو يستند على ما للدائن من حق الضمان العام على أعتبار أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بدينه ، والمحجوز لديه هنا يجب أن يكون مديناٌ للمدين لذا لايجوز الحجز على الشيك تحت يد مديني الشركة ذات الشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية أعضائها ،ولا الحجز على مرتب المستخدم تحت يد صراف المحل الذي يعمل به لأنه غير مدين للمدين المراد توقيع الحجز على أمواله لأن مدين المدين هنا هو صاحب العمل .

والغير الذي يجوز الحجز لديه هنا هو من له حيازة مستقلة عن المدين وغير خاضع له خضوع التابع للمتبوع فلا يجوز حجز ما للمدين من أموال لدى خادمه أو سائقه أو البواب وأنما يوقع الحجز التحفظي في هذه الحالة في مواجهة المدين ذاته وألا اعتبر الحجز باطلاٌ ، وتطبيقاٌ لذلك لايجوز الجذ على أذن صرف صادر للمدين لدى البنك لأن البنك غير مدين للمدين لأنه يجب أن يكون المدين المراد توقيع الحجز لديه مدين مباشرة للمدين .

إذا توقع الحجز على دين معين للمدين لدى المحجوز لديه فلا ينصرف أثره إلى الديون الأخرى التي للمدين لدى المحجوز لديه ، ويكفي أن يكون هذا الدين قد نشأ قبل توقيع الحجز حتى لو كان دين غير مستقر متنازع عليه ، وفي حالة وجود دين لاحق للمدين لدى المحجوز لديه فأن الحجز لايشمله حتى ولو كان هناك نزاع حول التقرير بما في الذمة ولايلزم المحجوز لديه بالتقرير عنها .





شروط صحة الحجز التحفظي

أولا : في حالة الحجز التحفظي على أموال المدين :

نصت المادة 319 من قانون المرافعات على أنه " لا يوقع الحجز التحفظي في الأحوال المتقدمة الا اقتضاء لحق محقق الوجود وحال الأداء .... "

1- فالدين غير محقق الوجود لايجوز توقيع الحجز بمقتضاه ولو بأذن من قاضي التنفيذ ، وعلى ذلك فلا يجوز الحجز بدين أحتمالي أو معلق على شرط موقوف أو بناء على حكم بتقديم حساب قبل أن يصفى الحساب ، ولكن يجوز الحجز بدين متنازع عليه حتى ولو لم تكن المنازعة جدية ، كما يجوز الحجز بدين متى كان بيد الدائن دليل ظاهر على دينه .

2- ألا أنه ينبغي قبل توقيع الحجز صدور أمر من القاضي بتقدير الدين حتى ولو كان الألتزام ثابت بحكم نهائي وعلى ذلك فليس للمضرور أن يوقع الحجز التحفظي على من تسبب بالضرر الذي تأكدت مسئوليته بحكم قضائي مادام مبلغ التعويض لم يحدد بعد إلا بعد أستصدار أمر من القاضي بتقدير التعويض مؤقتاٌ وبتوقيع الحجز .

3- كذلك لايجوز توقيع الحجز بدين لم يحل أجله لأن في ذلك حرمان للمدين من الأجل ، ولكن يجوز توقيع الحجز في حالة سقوط الأجل أو إذا كان الأجل مقرر لمصلحة الدائن .

4- للقاضي أن يقيد أمره بتوقيع الحجز بمهلة ثلاثة أيام من تاريخ أعلان للمطلوب الحجز عليه إذا رأى أنه سيقوم بالوفاء بالدين بمجرد علمه بالأمر الصادر بتوقيع الحجز عليه .

5- لم يحدد القانون الأختصاص المحلي لقاضي التنفيذ بالنسبة للحجز التحفظي إلا أنه يتعين أعمال نص المادة 276 من قانون المرافعات التي تنص على " يكون الأختصاص عند التنفيذ على منقول لدى المدين لمحكمة التنفيذ التي يقع المنقول في دائرتها ، وفي حجز ما للمدين لدى الغير لمحكمة موطن المحجوز لديه .

ويكون الأختصاص عند التنفيذ على عقار للمحكمة التي يقع العقار في دائرتها فإذا تناول التنفيذ عقارات تقع في دوائر محاكم متعددة كان الأختصاص لاحداها . " وذلك لأن الحجز التحفظي مآله إلى حجز تنفيذي ( التعليق لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 1229 ) .

6- يجب أن تشتمل العريضة المقدمة للقاضي بأستصدار أمر الحجز على بيان واف للمنقولات المطلوب الحجز عليها .

ثانياٌ : في حالة حجز ما للمدين لدى الغير :

1. يجب أن يكون الدين المراد توقيع الحجز ضمانا له محقق الوجود حال الأداء .

2. يجب أن يكون المحجوز لديه مدين مباشر للمدين .

3. يجب أن يكون المحجوز لديه مستقل في حيازته عن المدين .

4. لايشترط أن يكون ما للمدين لدى المحجوز لديه المراد توقيع الحجز عليه حال الأداء .

5. لايجوز للحاجز أن يضم لدينه من الفوائد التي لم تحل أكثر من فائدة سنة واحدة ، ولا أن يضم اليه في مقابل المصاريف أكثر من عشر مبلغ الدين على الا يجاوز ذلك العشر اربعين جنيها ( مادة 326 مرافعات ) .

6. يجب أستئذان قاضي التنفيذ لتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير في حالتين الأولى إذا لم يكن بيد الدائن سند تنفيذي أو حكم نهائي ، والثانية إذا لم يكن الدين معين المقدار ( مادة 327 مرافعات ) ، فقاضي التنفيذ هو الذي يأمر بتوقيع الحجز وهو الذي يعين مقدار الدين أن لم يكن معين المقدار .

وقد ثار الخلاف على من هو القاضي المختص بذلك فذهب رأي إلى أنه ينبغي الرجوع للقواعد العامة في الأختصاص المحلي أي القواعد الواردة في المواد من 49 إلى 62 ويكون القاضي الذي يقع دائرته موطن المحجوز عليه هو المختص لأن الخصم الحقيقي في تلك الدعوى هو المحجوز عليه وهذا ما قضت به محكمة النقض ( نقض 20/3/73 سنة 24 ص 445 ) ، والرأي الآخر ذهب إلى أن القاضي المختص هو قاضي التنفيذ الذي يتبعه موطن المحجوز لديه عملاٌ بالمادة 276 التي تتضمن القاعدة العامة في الأختصاص المحلي بمنازعات التنفيذ ..
 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
لحجز التحفظى ( الجزء الثانى )

إجراءات الحجز التحفظي

أولا : في حالة الحجز التحفظي على أموال المدين :

نصت المادة 320 من قانون المرافعات على أنه " يتبع في الحجز التحفظي على المنقولات القواعد والأجراءات المنصوص عليها في الفصل الأول من الباب الثالث من هذا الكتاب عدا ما تعلق منها بتحديد يوم للبيع . ويجب أن يعلن الحاجز إلى المحجوز عليه محضر الحجز والأمر الصادر به إذا لم يكن قد أعلن به من قبل ذلك خلال ثمانية أيام على الأكثر من تاريخ توقيعه وإلا اعتبر كأن لم يكن . ، وفي الأحوال التي يكون فيها الحجز بأمر من قاضي التنفيذ يجب على الحاجز خلال ثمانية الأيام المشار اليها في الفقرة السابقة أن يرفع أمام المحكمة المختصة الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن . "

ويتضح لنا من نص المادة 320 أن القانون أشترط إلى جانب القواعد العامة الواردة في الفصل الأول من الباب الثالث ، وهي القواعد الواردة في المواد من353 إلى المادة 379 من قانون المرافعات والتي تنظم الحجوز التنفيذية ، بعض الأجراءات الخاصة بالحجز التحفظي وهي :

1- أن يعلن الحاجز إلى المحجوز عليه محضر الحجز والأمر الصادر به إذا لم يكن قد أعلن به من قبل ذلك خلال ثمانية أيام على الأكثر من تاريخ توقيعه وإلا اعتبر كأن لم يكن .

2- يجب على الحاجز أن يرفع أمام المحكمة المختصة الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز خلال ثمانية الأيام وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن .

3- لايجوز الحكم بأعتبار الحجز كأن لم يكن في الحالتين السابقتين إلا بناء على طلب صاحب المصلحة

4- ترفض دعوى صحة الحجز إذا لم ترفع كدعوى مبتدأة بموجب صحيفة دعوى وفقاٌ لنص المادة 63 مرافعات وأن تتضمن البيانات المنصوص عليها فيها ، وعليه فأنه إذا تقدم طالب الحجز طلب بتوقيع الحجز التحفظي وتحدد لنظره جلسة وصدر له أمر بتوقيع الحجز ، فأنه يتعين على الحاجز رفع دعوى مبتدأة بصحة الحجزخلال ثمانية أيام وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن .

5- إذا كانت الدعوى بالحق مرفوعة من قبل أمام محكمة أخرى قدمت دعوى صحة الحجز إلى نفس المحكمة لتنظر فيهما معاٌ ( مادة 321 ) .

6- نصت المادة 322 مرافعات على أنه إذا حكم بصحة الحجز تتبع الأجراءات المقرةة للبيع في الفصل الأول من الباب الثالث ( أجراءات حجز المنقول التنفيذي لدى المدين المواد من 377 إلى 393 من قانون المرافعات ) أو يجري التنفيذ بتسليم المنقول في الحالة المشار اليها في المادة 318 مرافعات .

7- إذا وقع مؤجر العقار الحجز على منقولات المستأجر من الباطن طبقاٌ للمادة 317 فأن اعلان الحجز لهذا المستأجر يعتبر أيضاٌ بمثابة حجز تحت يده على الأجرة ، وإذا كان المستأجر الأصلي غير ممنوع من التأجير من الباطن جاز للمستأجر من الباطن أن يطلب رفع الحجز على منقولاته مع بقاء الحجز تحت يده على الأجرة (المادة 323 مرافعات ) .

8- نصت المادة 322 مرافعات على أنه " إذا حكم ببطلان الحجز التحفظي أو بالغائه لأنعدام أساسه جاز الحكم على الحاجز بغرامة لاتجاوز أربعمائة جنيه ( معدلة بالقانون رقم76 لسنة 2007 ) فضلاً عن التعويضات للمحجوز عليه " .

ثانياٌ : في حالة حجز ما للمدين لدى الغير :

يجب أن يشتمل اعلان الحجز على البيانات المنصوص عليها في أوراق المحضرين وكذلك البيانات المنصوص عليها في المادة 328 مرافعات والتي نصت على نصت المادة على أنه " يحصل الحجز بدون حاجة إلى اعلان سابق للمدين بموجب ورقة من أوراق معاوني التنفيذ تعلن إلى المحجوز لديه وتشتمل على البيانات الأتية :

1- صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه أو أمره بتقدير الدين .

2- بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله وفوائده والمصاريف .

3- نهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه أو تسليمه أياه مع تعيين المحجوز عليه تعييناٌ نافياٌ لكل جهالة .

4- تعيين موطن مختار للحاجز في البلدة التي بها مقر محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه .

5- تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في ذمته خلال خمسة عشر يوماٌ .

وإذا لم تشتمل الورقة على البيانات الواردة في البنود 1، 2 ، 3 ، كان الحجز باطلاٌ . ، ولايجوز ادارة التنفيذ اعلان ورقة الحجز الا إذا أودع الحاجز خزانة محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه أو لحسابها مبلغاٌ كافياٌ لأداء رسم محضر التقرير بما في الذمة ويؤشر بالايداع على أصل الاعلان وصورته . " ونلاحظ هنا إن أغفال الحاجز للبيانات الواردة بالبنود الثلاثة الأولى يرتب بطلان الحجز وهذا البطلان لايتعلق بالنظام العام فيزول التمسك به إذا تنازل عنه من شرع لمصلحته صراحة أو ضمناٌ .

2. نصت المادة 329 مرافعات على أنه " إذا كان الحجز تحت يد محصلي الأموال العامة أو الأمناء عليها وجب أن يكون اعلانهم لأشخاصهم ." فلا يجوز اعلان هؤلاء الموظفين في موطنهم أو مكاتبهم أو لمن يحل محلهم في العمل أو لرؤساهم في العمل وأنما يجب أن يعلن لشخصه وهذا ما قضت به محكمة النقض حيث قضت " متى كان الدائن قد أوقع الحجز تحت يد وزير المالية على ما كان لمدينه لدى مصلحة الجمارك دون أن يكون توقيع هذا الحجز تحت يد من يجب أن توجه اليه بالذات اجراءات الحجز في مصلحة الجمارك فانه لايكون ثمه حجز توقع تحت يد مصلحة الجمارك ، ولا يجدي أخطاره لهذه المصلحة بالحجز سواء من الحاجز أو من وزارة المالية " ( نقض 14/11/1957 سنة 8 ص 809 ، منشور ص 787 التعليق على قانون المرافعات للمستشار عز الدين الدناصوري ،الأستاذ حامد عكاز طبعة 1995 ) .

3. نصت المادة 330 مرافعات على أنه " إذا كان المحجوز لديه مقيم خارج الجمهورية وجب اعلان الحجز لشخصه أو في موطنه في الخارج بالأوضاع المقررة في البلد الذي يقيم فيه " .

4. نصت المادة 331 مرافعات على أنه " إذا كان للمحجوز لديه عدة فروع فلا ينتج الحجز أثره الا بالنسبة إلى الفرع الذي عينه الحاجز " فإذا حجز تحت يد بنك الأسكندرية فرع الفيوم مثلاٌ فأن الحجز لاينصرف أثره إلى أموال المدين في الفروع الاخرى .

5. نصت المادة 332 مرافعات على أنه " يكون إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه بنفس ورقة الحجز بعد اعلانها إلى المحجوز لديه مع تعيين موطن مختار في البلدة التي بها مقر المحكمة الواقع بدائرتها موطن المحجوز عليه .، ويجب ابلاغ الحجز خلال ثمانية الأيام التالية لاعلانه إلى المحجوز لديه وإلا أعتبر الحجز كأن لم يكن " ، في حالة عدم اعلان المحجوز عليه في الميعاد القانوني فيبطل الحجز حتى ولو علم به من المحجوز لديه ، وفي حالة تعدد المحجوز لديهم فيجب اعلان المحجوز عليه بكل حجز في الميعاد المذكور بعد تمامه على حدى ، ويضاف ميعاد المسافةإلى الثمانية أيام بين موطن المحجوز لديه وموطن الحاجز .

6. نصت المادة 333 مرافعات على أنه " في الأحوال التي يكون فيها الحجز بأمر من قاضي التنفيذ يجب على الحاجز خلال ثمانية الأيام المشار اليها في المادة السابقة (م 332 ) أن يرفع أمام المحكمة المختصة الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز والا اعتبر الحجز كأن لم يكن ، وإذا كانت دعوى الدين مرفوعة من قبل أمام محكمة أخرى قدمت دعوى صحة الحجز إلى نفس المحكمة لتنظر فيهما معا " ويتضح لنا من ذلك أن صحيفة الدعوى يجب أن تشتمل على طلبين هما طلب الحكم بثبوت الحق على المحجوز عليه والثاني طلب بالحكم بصحة اجراءات الحجز والغرض من ذلك تقوية سند الحجز وجعله سند قابل للتنفيذ أو تعيين مقدار الدين .

7. نصت المادة 334 مرافعات على أنه " إذا اختصم المحجوز لديه في دعوى صحة الحجز فلا يجوز له أن يطلب أخراجه منها ولايكون الحكم فيها حجة عليه إلا فيما يتعلق بصحة اجراءات الحجز " .

8. نصت المادة 335 مرافعات على أنه " يجوز للمحجوز عليه أن يرفع الدعوى بطلب رفع الحجز أمام قاضي التنفيذ الذي يتبعه ولايحتج على المحجوز لديه برفع هذه الدعوى إلا إذا ابغت اليه ، ويترتب على ابلاغ المحجوز لديه بالدعوى منعه من الوفاء للحاجز إلا بع الفصل فيها " وابلاغ المحجوز لديه لايعني بالضرورة اختصامه في الدعوى وانما يعني أبلاغه بها فقط ، ولما لم يشترط القانون طريقة معينة للأبلاغ فأنه يجوز أبلاغه بأي طريقة وانما الأشكالية هنا هي أثبات ابلاغه بالدعوى لذا فأنه من الأفضل أبلاغه على يد محضر .

9. نصت المادة 336 مرافعات على أنه " الحجز لايوقف استحقاق الفوائد على المحجوز لديه ، ولايمنعه من الوفاء ولو كان الحجز مدعى ببطلانه ، كما لايمنع المحجوز عليه من مطالبته بالوفاء . ويكون الوفاء بالايداع في خزانة المحكمة التابع لها المحجوز لديه " فإذا أراد المحجوز لديه الوفاء وأعفائه من التقرير بما في ذمته فأن السبيل الوحيد لذلك هو إيداع المال المحجوز عليه خزانة المحكمة سواء قام بالايداع بناء على طلب المحجوز عليه أو من تلقاء نفسه ، حتى ولو كان هناك ادعاء ببطلان الحجز ، ولا يمنع ذلك المحجوز عليه من مطالبته بالفوائد التأخيرية على دينه .

10. نصت المادة 337 مرافعات على أنه " يبقى الحجز على المبالغ التي تودع خزانة المحكمة تنفيذاٌ لحكم المادة السابقة وعلى قلم الكتاب اخبار الحاجز والمحجوز عليه بحصول الأيداع في ظرف ثلاثة أيام وذلك بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول .، ويجب أن يكون الايداع مقترناٌ ببيان موقع من المحجوز لديه بالحجوز التي وقعت تحت يده وتواريخ اعلانها وأسماء الحاجزين والمحجوز عليه وصفاتهم وموطن كل منهم والسندات التي وقعت الحجوز بمقتضاها والمبالغ التي حجز من أجلها .، وهذا الايداع يغني عن التقرير بما في الذمة اذا كان المبلغ المودع كافياٌ للوفاء بدين الحاجز ، واذا وقع حجز جديد على المبلغ المودع فأصبح غير كاف للوفاء جاز للحاجز تكليف المحجوز لديه التقرير بما في ذمته خلال خمسة عشر يوماً من يوم تكليفه بذلك " .

11. نصت المادة 338 مرافعات على أنه " يجب على المحجوز لديه رغم الحجز أن يفي للمحجوز عليه بما لايجوز حجزه بغير حاجة إلى حكم بذلك ." والمقصود هنا هو الدين الذي يدين به المحجوز لديه للمحجوز عليه فيما يزيد على المال الموقع الحجز عليه تحت يده .

12. نصت المادة 339 مرافعات على أنه " اذا لم يحصل الأيداع طبقاً للمادتين 302 ،303 وجب على المحجوز لديه أن يقرر بما في ذمته في قلم كتاب محكمة المواد الجزئية التابع لها خلال خمسة عشر يوماً التالية لاعلانه بالحجز ويذكر في التقرير مقدار الدين وسببه وأسباب انقضائه ان كان قد انقضى ، ويبين جميع الحجوزالموقعة تحت يده ويودع الأوراق المؤيدة لتقريره أو صوراًمنها مصدقاً عليها ، واذا كان تحت يد المحجوز لديه منقولات وجب عليه أن يرفق بالتقرير بياناً مفصلاً بها .، ولايعفيه من واجب التقرير أن يكون غير مدين للمحجوز عليه ." يجب على المحجوز لديه التقرير بما في ذمته في الميعاد المذكور ولا يعفيه من ذلك في غير الحالات التي نص عليها القانون أعتقاده بأنه غير مدين للمحجوز عليه حتى ولو كان هناك نزاع بينهما على هذا الدين أو مقداره ، ولكن يتعين بالمحجوز لديه التمسك ببطلان الحجز في صلب محضر التقرير والا اعتبر متنازلاً عن التمسك به وفقاً لنص المادة 22 مرافعات ، ويجب عليه ذكر بأنه غير مدين للمحجوز عليه وبيان العلاقة بينهما وكيف بدأت وكيف انقضت أو عدم وجود علاقة بينهما وذلك حتى يتسنى للحاجز مناقشة هذا التقرير ومنازعة المحجوز لديه في صحته ، ويعتبر التقرير حجة على المحجوز لديه وليس له الرجوع فيه إلا في الحدود التي يجوز فيها الطعن في التقرير ، وهذا الأقرار يعد اقرار غير قضائي ويسري عليه ما يسري على الأوراق العرفية أما البيانات التي يثبتها الموظف المختص بتقديم التقرير وشخص من قدمه يعتبر محرر رسمي لاسبيل لأثبات عكسه إلا بالطعن عليه بالتزوير .

13. نصت المادة 340 مرافعات على أنه " إذا كان الحجز تحت يد أحدى المصالح الحكومية أو وحدات الأدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة والشركات والجمعيات التابعة لها وجب عليها أن تعطي الحاجز بناء على طلبه شهادة تقوم مقام التقرير ." وللحاجز طلب الشهادة المذكورة في أي وقت يشاء واذا امتنعت الالجهة المحجوز لديها عن أعطاء هذه الشهادة أو ضمنتها غير الحقيقة يكون حكمها حكم المحجوز لديه الممتنع عن التقرير وتتعرض للجزاء الوارد في المادة 343 مرافعات .

14. نصت المادة 341 مرافعات على أنه " إذا توفى المحجوز لديه أو فقد أهليته أو زالت صفته أو صفة من يمثله كان للحاجز أن يعلن ورثة المحجوز لديه أو من يقوم مقامه بصورة من ورقة الحجز ويكلفه التقرير بما في الذمة خلال خمسة عشر يوماً " .

15. نصت المادة 342 مرافعات على أنه " ترفع دعوى المنازعة في تقرير المحجوز لديه أمام قاضي التنفيذ الذي يتبعه " يملك الحاجز المنازعة في التقرير لأن القانون وأن كان يمنعه من طلب توقيع الجزاء على المحجوز لديه لأمتناعه عن التقرير بما في ذمته فأنه يبيح له طلب إلزامه بالتقرير ، وقد حدد القانون القاضي المختص بنظر المنازعة في التقرير وذلك لأنه اعتبر هذه المنازعة بمثابة أشكال موضوعي وهذا الأختصاص يتعلق بالنظام العام ، والحاجز في هذه الدعوى غير ملزم بأدخال المحجوز عليه كخصم فيها ، وله أن يثبت ما يدعيه من حقوق للمحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه بكافة طرق الأثبات حتى ولو كانت مما لايجوز أثباته إلا بالكتابة ولا يجوز للمحجوز لديه الأحتجاج عليه بالأوراق العرفية إلا إذا كانت ثابتة التاريخ أعمالاً لنص المادة 235 مدني ، ولا يعد الحكم الصادر في هذه الدعوى حجة إلا بين أطرافه .

16. نصت المادة 343 مرافعات على أنه " إذا لم يقرر المحجوز لديه بما في ذمته على الوجه وفي الميعاد المبينين في المادة 339 أو قرر غير الحقيقة أو اخفى الأوراق الواجب عليه ايداعها لتأييد التقرير جاز الحكم عليه للدائن الذي حصل على سند تنفيذي بالمبلغ المحجوز من أجله وذلك بدعوى ترفع بالأوضاع المعتادة .،ويجب في جميع الأحوال الزام المحجوز لديه بمصاريف الدعوى والتعويضات المترتبة على تقصيره أو تأخيره ." أستلزم القانون ثلاثة شروط للحكم على المحجوز لديه بالوفاء بالمبلغ المحجوز من أجله للحاجز وهي أن يكون بيد الحاجز سند تنفيذي سواء كان قد حصل عليهبعد الحجز أو وقع الحجز بمقتضاه ، والثاني أن يرتكب المحجوز لديه أي من الأمور الواردة بنص المادة 339 ، والثالث ألا يكون الحاجز قد أقتضى دينه من المحجوز عليه أو بأي طريق أخر ، ولايشترط أن يثبت الحاجز تواطؤالمحجوز لديه مع المحجوز عليه وكذلك لايشترط أن يكون لدى الحاجز دليل قاطع على ما يدعيه ويجوز أحالة الدعوى للتحقيق لأثبات ذلك ، ولامحل هنا لأختصام المحجوز عليه في هذه الدعوى ولا مجال لتدخله إلا إذا تعلق الأمر بأثبات البيانات الواردة بالتقرير ، وهذه الدعوى تعتبر دعوى موضوعية من أختصاص قاضي التنفيذ وأختصاصه هذا نوعي أي ما كانت قيمة الدعوى وهو من المظام العام الذي يمكن التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى ، ويجب على المحكمة الحكم فيه من تلقاء نفسها .

17. نصت المادة 344 مرافعات على أنه " يجب على المحجوز لديه بعد خمسة عشر يوماً من تاريخ تقريره أن يدفع إلى الحاجز المبلغ الذي أقر به أو ما يفي منه بحق الحاجز وذلك متى كان حقه وقت الدفع ثابتاً بسند تنفيذي وكانت الأجراءات المنصوص عليها في المادة 285 قد روعيت ." ، وشروط أقتضاء الحاجز لحقه طبقا لذلك هي : 1/ أن يثبت الدين بسند تنفيذي ، 2/ أن يكون المحجوز لديه مدين للمحجوز عليه مباشرة ،3/ اعلان المحجوز عليه بالسند التنفيذي ، 4/ أن يقوم الحاجز باعلان المحجوز عليه بعزمه على أستيفاء حقه من المال المحجوز طبقاً لنص المادة 285 مرافعات ( تنبيه بالصرف ) ، 5/ الايكون المحجوز عليه قد اقام دعوى رفع الحجز وابلغها للمحجوز لديه قبل حصول الوفاء ، 6/ أن تمضي خمسة عشر يوما من تاريخ تقريرالمحجوز لديه بما في ذمته .

18. نصت المادة 345 مرافعات على أنه " للمحجوز لديه في جميع الأحوال أن يخصم مما في ذمته قدر ما أنفقه من المصاريف بعد تقديرها من القاضي " والقاضي المختص هنا هو قاضي التنفيذ ، ويمكن المطالبة بتقدير بتلك المصاريف بأمر على عريضة أو بدعوى مستقلة .

19. نصت المادة 346 مرافعات على أنه " إذا لم يحصل الوفاء ولا الايداع كان للحاجز أن ينفذ على أموال المحجوز لديه بموجب سنده التنفيذي مرفقاً به صورة رسمية من تقرير المحجوز لديه ".

20. نصت المادة 347 مرافعات على أنه " إذ كان الحجز على منقولات ، بيعت بالأجراءات المقررة لبيع المنقول المحجوز لدى المدين دون حاجة إلى حجز جديد " ويتم تحديد يوم البيع ويتم البيع بواسطة معاون التنفيذ وذلك دون حاجة لحجز جديد لأنه من البديهي أنه تم اعلان المحجوز لديه بالحجز تحت يده واقراره بما تحت يده من أموال المدين ويعد في هذه الحالة حجز تحفظي انقلب الى حجز تنفيذي بعد استيفاء الشروط الواردة بالمادة 344 .

21. نصت المادة 348 مرافعات على أنه " إذا كان المحجوز ديناً غير مستحق الأداء بيع وفقاً لما تنص عليه المادة 400 ، ومع ذلك يجوز للحاجز اذا لم يوجد حاجزون غيره أن يطلب اختصاصه بالدين كله أو بقدر حقه منه بحسب الأحوال ، ويكون ذلك بدعوى ترفع على المحجوز عليه والمحجوز لديه أمام قاضي التنفيذ التابع له المحجوز لديه ، ويعتبر الحكم بأختصاص الحاجز بمثابة حوالة نافذة ، ولا يجوز الطعن في هذا الحكم بأي طريق " والقواعد المذكورة بالمادة 400 هي الخاصة بالأسهم والسندات ...إلخ ويتم بيعها عن طريق البنوك والسماسرة أو الصيارف ويحدد القاضي طريقة الاعلان وما يلزم من اجراءات للبيع .

والمقصود بعبارة بمثابة حوالةنافذة أي نافذة في حق الغير دون حاجة إلى اعلان المحجوز لديه .

22. نصت المادة 349 مرافعات على أنه " يجوز للدائن أن يوقع الحجز تحت يد نفسه على ما يكون مديناً به لمدينه ويكون الحجز باعلان إلى المدين يشتمل على البيانات الواجب ذكرها في ورقة ابلاغ الحجز .، وفي الأحوال التي يكون فيها الحجز بأمر من قاضي التنفيذ ، يجب على الحاجز خلالي ثمانية الأيام التالية لاعلان المدين بالحجز ، أن يرفع أمام المحكمة المختصة الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن ."

23. نصت المادة 350 مرافعات على أنه " الحجز الواقع تحت يد أحدى المصالح الحكومية أو وحدات الأدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة والشركات والجمعيات التابعة لها لايكون له أثر الا لمدة ثلاث سنوات من تاريخ اعلانه مالم يعلن الحاجز المحجوز لديه في هذه المدة باستباق الحجز فأن لم يحصل هذا الاعلان أو لم يحصل تجديده كل ثلاث سنوات اعتبر الحجز كأن لم يكن مهما كانت الاجراءات أو الاتفاقات أو الأحكام التي تكون قد تمت أو صدرت في شأنه .، ولا تبدأ مدة الثلاث سنوات المذكورة بالنسبة إلى خزانة المحكمة الا من تاريخ ايداع المبالغ المحجوز عليها " والسقوط المقصود هنا غير متعلق بالنظام العام ومن ثم يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمناً وذهب رأي إلى ان التمسك بسقوط الحجز جائز لكل ذي مصلحة ، وذهب رأي أخر أن التمسك به جائز للجهة المحجوز لديها .

24. نصت المادة 351 مرافعات على أنه " يجوز لقاضي التنفيذ في أي حال تكون عليها الاجراءات أن يحكم بصفة مستعجلة في مواجهة الحاجز بالاذن للمحجوز عليه في قبض دينه من المحجوز لديه رغم الحجز وذلك في الحالات الآتية :

1. اذا وقع الحجز بغير سند تنفيذي أو حكم أو أمر .

2. اذا لم يبلغ الحجز إلى المحجوز عليه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 332 أو اذا لم ترفع الدعوى بصحة الحجز في الميعاد المنصوص عليه في المادة333 .

3. اذا كان قد حصل الايداع والتخصيص طبقاً للمادة 302 . "

لم يقصد المشرع بذكره الحالات الثلاثة الواردة بالمادة 351 حصر الحالات التي يجوز فيها لقاضي التنفيذ أن يأذن للمحجوز عليه بقبض الدين رغم الحجز ، وانما أوردها على سبيل المثال ، وعليه فأنه يجوز اللجوء لقاضي التنفيذ في أي حالة يكون فيها الحجز مشوباً بالبطلان لتخلف شرط جوهري من شروط صحته كما اذا وقع الحجز على مال لايجوز حجزه أو لحق غير محقق الوجود أو حال الأداء أو معين المقدار ، أو لحق أنقضى بالتقادم أو بالمقاصة ...إلخ .

والحق في طلب عدم الأعتداد بالحجز يكون لكل ذي مصلحة .

25. نصت المادة 352 مرافعات على أنه " يعاقب المحجوز لديه بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات اذا بدد الاسهم والسندات وغيرها من المنقولات المحجوز عليها تحت يده اضرارا بالحاجز

أثر الحجز التحفظي

 ينتج عن الحجز التحفظي غل يد المدين عن التصرف في أمواله المحجوز عليها تحت يده ، ومن المقرر أن الحجز التحفظي يصبح تنفيذياً من يوم صدور الحكم النهائي بصحة إجراءات الحجز ، أو من صيرورة الحكم بصحة الحجز نهائياً ، وبذلك يتعين أن ينم بيع الأشياء المحجوزة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم المذكور .

 بالنسبة لحجز ما للمدين لدى الغير

فيختلف أثر الحجز بالنسبة لكل من المحجوز لديه والمحجوز عليه كما يلي :

أولا بالنسبة للمحجوز لديه :

1. قطع التقادم اذ ينقطع بأعلان ورقة الحجز التقادم الساري لمصلحة المحجوز لديه في مواجهة المحجوز عليه وذلك عملاً بالمادة 383 مدني والتي تقضي بأنقطاع التقادم بالحجز لأن الحاجز في هذه الحالة يستعمل حق مدينه المحجوز عليه في مطالبة المحجوز لديه بما في ذمته .

2. منع المحجوز لديه من الوفاء بدينه للمحجوز عليه وكذلك امتناع المقاصة التي تتوافر شروطها بعد الحجز استنادا لنص المادة 367 مدني التي نصت على أنه لايجوز أن تقع المقاصة اضراراً بحقوق كسبها الغير .

ثانياً بالنسبة للمحجوز عليه :

يمتنع المحجوز عليه من التصرف في المال المحجوز عليه تصرف يضر بحق الحاجز وأن تصرف في هذا المال فأنتصرفه لايسري في حق الحاجز ، على أن الحجز لايخرج المال من ملك المدين ويترتب على ذلك ثلاثة أمور هي :

1. للمحجوز عليه إتخاذ ما يراه من الإجراءات التحفظية في مواجهة مدينه المحجوز لديه وذلك للمحافظة على ماله ، أومطالبته بالوفاء وكذلك الفوائد التأخيرية .

2. أن الحجز لايحرم المحجوز عليه من إنهاء العلاقة بينه وبين المحجوز لديه إذا وجد ما يبرر ذلك فله فسخ عقد الإيجار المنشئ لمديونية المحجوز لديه أو إنهاء عقد عمله المنشئ لدين الأجره .

3. يجوز الحجز على ذات المال من قبل أي دائن أخر للمحجوز عليه
 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
إرشادات عن الضرائب العقارية



الضرائب العقارية



إرشادات الإيرادات



***********



1 ـ ما المقصود بالضريبة العقارية ؟



******************************



الضريبة العقارية هى الضريبة السنوية المفروضة على العقارات المبنية أيا كان مادة بنائها وأيا كان الغرض منها دائمة أو غير دائمة مقامة على الأرض أو تحتها أو على الماء مشغولة بمقابل



طبقا لنص المادة 1 من القانون 56 لسنة 1954 .



2 ـ كيف يتم ربط العقارات ؟



**************************



يتم ربط العقارات المستجدة بناء على إخطار من صاحب الشأن (قرار) مالك أو مستأجر على أن يرفق بالإقرار صورة من ترخيص البناء وصورة من عقد ملكية الأرض وما يثبت بدء الإشغال (إيصال تركيب كهرباء) ويتم التقدير بناء على أحكام المادة 10 من القانون 56لسنة1954 على أساس الأجرة السنوية المتفق عليها أو على أساس 8%من قيمة سعر الأرض والمبانى.



3 ـ هل هناك إعفاءات مقرره للضريبة العقارية ؟



****************************************



تطبيقا لأحكام المادة 5 من القانون56 لسنة 1954 يستبعد 20% من قيمة الإيجار السنوى مقابل جميع المصروفات التى يتحملها المالك بما فيها مصروفات الصيانة.





4 ـ هل الضريبة العقارية المفروضة أنواع ؟



********************************************



الضريبة العقارية هى الإسم العام يندرج تحتها مفردات إجماليها يسمى الضريبة العقارية ومفرداتها



- ضريبة المبانى ( الضريبة العقارية الأصلية)



""""""""""""""""""""""""""""""""""



وهى المفروضة بنص المادة 12 من القانون 56 لسنة 1954 وهى مفروضة على الوحدات الغير سكنية والوحدات السكنية المستغلة فى غرض غير السكن .



- الضريبة العقارية الإضافية



""""""""""""""" """"""



( ملحقات الضريبة الأصلية) ويندرج تحتها :



- ضريبة أجور الخفر



""""""""""""



وهى المفروضة بمرسوم القانون 61 لسنة 1931 وهى مفروضة على الوحدات الغير سكنية والمستغلة فى غرض غير السكنى وقدرة 1,6% من القيمة الايجارية الشهرية .



- رسم الشاغلين



"""""""""



وهو المفروض بالقانون 43 لسنة1979 المعدل بالقانون 50 لسنة80 وهو يمثل4% من القيمة الايجارية وهى مفروضة على الوحدات الغير سكنية والمستغلة فى غرض غير السكن وقد تم إلغاء الرسم بموجب حكم المحكمة الدستورية فى القضية 36 لسنة 18 قضائية .





- رسم النظافة



- """""""""



- وهو المفروض بالقانون 28 لسنة1967 فى شأن النظافة العامة بواقع2% شهريا على جميع الوحدات سكنية أو غير سكنية .



1 ـ هل جميع الوحدات لها نفس الضريبة ؟



*************************************



الضريبة العقارية على الوحدات السكنية مقدرها 2% شهريا من الإيجار الشهرى



الضريبة العقارية على الوحدات الغير سكنية (المحلات وما فى حكمها) مقدرها 11,6%شهريا من الإيجار الشهرى



** الضريبة العقارية على الوحدات السكنية المستغلة فى غرض غير السكن تقسم وذلك تطبيقا لأحكام المادة 12 من القانون 56 لسنة 1954 على الوجه التالى:



** إذا كان إيجار الغرفة اقل من 3 جنية مقدر الضريبة الشهرية 10% شهريا من الإيجار الشهرى



** إذا كان إيجار الغرفة من 3 الى5 جنية مقدر الضريبة الشهرية 16,4% شهريا من الإيجار الشهرى



** إذا كان إيجار الغرفة من 5 إلى 8 جنية مقدر الضريبة الشهرية 21,2% شهريا من الإيجار الشهرى



** إذا كان إيجار اقل من 8 إلى 10 جنية مقدار الضريبة الشهرية 30,8% شهريا من الإيجار الشهرى



** إذا كان إيجار الغرفة أكثر من 10 جنية مقدار الضريبة الشهرية 40,4% شهريا من الإيجار الشهرى



2 ـ من يتحمل عبء الضريبة العقارية ؟



*************************************



تطبيقا لأحكام المادة 14 من القانون 49 لسنة 1977 وبناء على حكم المحكمة الدستورية العليا يلتزم المستأجر بسداد الضرائب والرسوم إلى المؤجر مع الإيجار الشهرى ويترتب على عدم الوفاء بها نفس النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة الشهرية على أن يقوم المالك بسداد المستحقات الضريبية فى خلال الخمسة عشر يوما الأولى من شهرى يناير ويوليو من كل عام وذلك مقابل قسيمة سداد المستحقات الضريبية وذلك تطبيقا لأحكام المادة25من القانون56لسنة54





3 ـ ما الفرق بين الضريبة العقارية وغيرها من الضرائب ؟



***************************************************



تتميز الضريبة العقارية بالثبات حيث أن وعاء الضريبة وهو الإيجار والذى تحسب على أساسه الضرائب محدد وثابت أما الضرائب الأخرى فهى مختلفة باختلاف الدخل الذى تحسب على أساسه الضريبة .



4 ـ ما هى المستندات المطلوبة لنقل الملكية ؟



*******************************************



فى حالة تسجيل الشقة العقارى المطلوب العقد الأصلى وصورة منه



فى حالة العقد الابتدائى ( علاقة أفراد بأفراد) مطلوب صورة من العقد وإقرار من البائع أو توكيل منه



فى حالة العقد الابتدائى ( علاقة أفراد بجمعية أو شركة) مطلوب صورة من لعقد وشهادة من الجمعية أو الشركة



5 ـ ماهى المستندات التى يمكن للمواطن أن يحصل عليها من المأمورية ؟



*****************************************************



أ ـ كشف رسمى من دفاتر الجرد موضح فيه المشتملات المطلوبة وذلك بكتابة طلب بالعنوان مع تحديد الفترة المطلوب عنها الكشف فقد تكون من الأعوام من 1960/1980- 1981/1990-1991/2001 وذلك بعد سداد رسم قدرة 2,250جنية



ب ـ كشف رسمى من دفاتر الجرد من غرفة الحفظ موضح فيه المشتملات المطلوبة وذلك بكتابة طلب مع تحديد الفترة المطلوب عنها الكشف فقد تكون من الأعوام 21/33-34/41-50/59وذلك بعد سداد رسم قدرة 4جنية ويرسل لغرفة الحفظ ليحرر بالمأمورية بعد الاستيفاء من غرفة الحفظ.



ج- كشف رسمى أصول وخصوم لسنة محددة حيث يقوم الممول بسداد قيمة الكشف وقدرها 2,250 جنية ويعده المحصل من واقع استمارة التحصيل ثم يحرر الكشف.



د- كشف رسمى بالضريبة المستحقة لسنة محددة حيث يقوم الممول بسداد قيمة الكشف وقدرة2,250جنية ويقوم الباحث المختص بحساب الضريبة المستحقة المطلوبة ثم يحرر الكشف.





6 ـ ماهى إجراءات إيداع الأجرة فى حالة امتناع المؤجر عن استلامها ؟



****************************************************



يقوم المستأجر بأخطار المالك بكتاب بعلم الوصول فى الأسبوع الأول من الشهر فإذا امتنع المالك عن استلام الأجرة يقوم المستأجر بإيداع كافة المبالغ التى يحصلها المالك منة وذلك بعد كتابة طلب بذلك مع صوره من إخطار علم الوصول وذلك قبل مضى 15 يوم من تاريخ الاستحقاق ولايجوز إيداع أجرة لأكثر من شهرين وذلك تطبيقا لأحكام المادة 27من القانون 49 لسنة 1977



7 ـ ماهى رسوم التفتيش ومن الذى يحتسبها لأول مره ومن القائم بسدادها ؟



******************************************************



رسوم التفتيش هى رسوم سنوية تحصل لصالح خزينة المحافظة مقابل النشاط القائم به المحل- وتقوم إدارة المحلات التابعة للإسكان بحساب قيمة الرسم على أساس القيمة الايجارية للمحل أو العوائد السنوية ايهما أعلى-ويقوم بسداد رسوم التفتيش المرخص له أو من ينيبه.



8 ـ ماهى مواعيد سداد رسوم التفتيش وما قيمتها ؟



********************************************



تسدد رسوم التفتيش بخزانة مأمورية الإيرادات خلال شهر يناير او فبراير من كل عام وهى تعادل الرسم المدون على الرخصة بالإضافة إلى الدمغة النوعية والتى تختلف من نشاط الى اخر.



9 ـ هل الرخص المؤقتة تعامل نفس معاملة الرخص المستديمة ؟



*******************************************************



تجدد الرخص المؤقتة من قبل إدارة المحلات أما الرخص المستديمة فيسدد عنها رسوم التفتيش ويجب على الممول إحضار أصل الترخيص مع إحضار خطاب هيئة النظافة...
 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الحكم الخاص برسم النظافة الوارد على فواتير الكهرباء


أصدرت محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الأولى ) بجلستها المنعقدة علناً يوم الثلاثاء الموافق 9 / 12 / 2003

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فاروق على عبد القادر رئيس محكمة القضاء الإداري

وعضو الأستاذين المستشارين / احمد محمد الشاذلي / عبد السلام عبد المجيد النجار نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / عماد محمد عبد الرحيم مفوض الدولة

وسكرتارية السيد / سامي عبد الله أمين السر

الحكم الأتي في الدعوى رقم 1980 لسنة 57 ق

المقامة ضد :

1 - وزير الكهرباء .

2 - محافظ الجيزة .

3 - رئيس الشركة القابضة لهيئة الكهرباء .

4 - رئيس الهيئة العامة للنظافة بالجيزة .

المقامة ضد :

1 - وزير الكهرباء والطاقة .

2 - الممثل القانوني لشركة القاهرة لتوزيع الكهرباء بالدقي .

3 - الممثل القانوني للشركة القابضة للكهرباء .

4 - محافظ الجيزة .

5 - رئيس حي جنوب الجيزة .

6 - رئيس الهيئة العامة للنظافة والتجميل بالجيزة .

7 - وزير الدولة للإدارة المحلية .

8 - رئيس مجلس الشعب .

9 - زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية

الوقائع :

فوجئ سكان الجيزة بفواتير تحصيل الكهرباء مضافاً إليها بند ( جمع المخلفات ) دون سابق إنذار أو توجيه أو الإعلان عن ذلك وقد بدأ التحصيل من أول شهر مايو لعام 2003 وبالاستفسار عن ذلك تم بيان بأن ذلك قد تم بناء على قرارات صادرة من المدعي عليهم .........

و أضاف المدعي شرحاً للدعوى أن نظام التحصيل المعمول به ( المطعون عليه ) و الذي ربط تحصيل قيمة جمع القمامة باستهلاك الكهرباء أدى إلى زيادة هذه القيمة مع زيادة إستهلاك الكهرباء والذي أدى بدورة إلى ارتباك بين المواطنين لإختلاف أوضاع الدفع وهذه الإجراءات قد جاءت بالمخالفة للقانون وحقوق المواطنين التي كفلها الدستور والتي تحميهم من أي قرارات مجحفة تؤدى إلي الأضرار المادي والمعنوي في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الجميع وبصفة خاصة محدودي الدخل ................

وكل ذلك يمثل مخالفة لحكم المادة ( 119 ) من الدستور وقد طلب المدعون الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ تحصيل جمع المبالغ المالية المطالب بها لجمع المخلفات على فاتورة الكهرباء وفي الموضوع بإلغاء القرار والزام المدعي عليهم بالمصروفات .

وقد حددت المحكمة جلسة 17 / 6 / 2003 لنظر الشق العاجل في الدعوى وبهذه الجلسة قدم الحاضر عن الهيئة العامة للنظافة والتجميل مذكرة بدفاع طلب في ختامها الحكم برفض الدعوى بشقيها مع إلزام رافعها بالمصروفات استناداً إلي أن القرارات الصادرة بشان موضوع الدعوى هي قرارات اللجنة الوزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء في 1 / 4 / 2000 وبهذه الجلسة طلب الحاضر عن المدعين ترك الخصومة بالنسبة للمدعي عليه التاسع . وقد قررت المحكمة ضم الدعويين معاً وتداولت الجلسات بالمحكمة وبجلسة 18 / 11 / 2003 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 9 / 12 / 2003 .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد إتمام المداولة قانوناً :

حكمت المحكمة



أولا : بإثبات ترك الخصومة بالنسبة للمدعي عليه التاسع و ألزمت المدعين بالمصروفات إعمالا لحكم المادة ( 184 ) مرافعات .



ثانيا: بقبول طلب تدخل الخصوم المنضمين إلى المدعين وبعدم قبول الدعوى لرفعها علي غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثامن0 وبرفض الدفع المبدئي من المدعى عليهم بعدم قبول الدعويين لرفعها على غير ذي صفة و بقبولهما شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ( قرار محافظ الجيزة رقم 7351 لسنة 2003 ) مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها عدم تحصيل قيمة رسوم النظافة المحملة على فواتير الكهرباء وألزمت المدعى عليهم بمصروفات الطلب العاجل وأمرت بإحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.



.مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
بحث كامل عن علم المواريث












الحمد لله ، قدَّر المواريث في كتابه ، فأعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه . وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، فرض المواريث بعلمه ، وقسَّمها بين أهلها بحسب ما تقتضيه حكمته .?وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله ، أمر بتنفيذ المواريث وفق ما شرعه ربُّه . صلى الله?عليه وعلى آله وصحبه وحزبه .



وبعــد : فقد استعنتُ بالله تعالى على تأليف كتاب في علم الفرائض ، أتعرَّض فيه لأهمّ المباحث الفرضيَّة ، موضِّحاً ذلك بحلّ جملة من المسائل الحسابيّة?، مع التزامي بالاختصار ، والبُعد ـ ما أمكن ـ عن الأمور الخلافيَّة ، راجياً مولاي جلّ وعلا أن يتقبَّله بقبول حسن ، وأن ينفع به طلبة العلم ، وأن يجعله في موازين حسناتي يوم ألقاه . إنَّه بالإجابة جدير ، وكلّ مستصعبٍ عليه يسير .



وقد قسمته إلى مقدِّمات ، ومباحث .





المقدمات



أولاً ـ نبذة موجزة عن مشروعية الإرث في الإسلام



فرض الله جلّ وعلا المواريث بحكمته وعلمه ، وقسمها بين أهلها أحسن قسم وأتمَّه ؛ فجاءت آيات المواريث شاملةً لكلّ ما يُمكن وقوعه .



وكذا رسوله r بيَّن ما أُنزل إليه من ربِّه أتمَّ بيان ، وأمر بإلحاق الفرائض بأهلها ، سواء منهم الإناث والذكران .



وقد كان أهل الجاهلية في جاهليتهم لا يُورّثون النساء ولا الصبيان ، فأبطل الله حكمهم المبني على الجهل والطغيان ، وجعل الإناث يُشاركن الذكور بحسب ما تقتضيه حاجتهنّ ؛ فجعل للمرأة نصف ما للرجل من جنسها دون زيادة ولا نقصان ، ولم يحرمها كما فعل أهل الجاهلية ، ولا سوَّاها بالرجل كما فعل بعض من انحرف عن مقتضى العقل والفطرة السوية ؛ فقال عزّ من قائل : ) آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيُّهم أقرب لكم نفعاً فريضة من الله إنَّ الله كان عليماً حكيماً( [النساء : 11] ، وقال في آية أُخرى : ) وصيةً من الله والله عليم حليم * تلك حدود الله ومن يُطع الله ورسوله يُدخله جنَّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يُدخله ناراً خالداً فيها وله عذابٌ مهين ( [النساء : 12-14] ، وقال في آية ثالثة : ) يُبيِّن الله لكم أن تضلُّوا والله بكلّ شيءٍ عليمٌ( [النساء : 176] .

" فبيَّن الله تعالى أنَّه فرض المواريث بحسب علمه وما تقتضيه حكمته ، وأنَّ ذلك فرضٌ منه لازمٌ لا يحلّ تجاوزه ولا النقص منه ، ووعد من أطاعه في هذه الحدود وتمشّى فيها على ما حدَّه وفرضه جنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالداً فيها مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصديقين والشهداء والصالحين ، وتوعَّد من خالفه وتعدَّى حدوده بأن يُدخله ناراً خالداً فيها وله عذابٌ مهينٌ . كما امتنّ بفضله علينا بالبيان التامّ حتى لا نضلّ ولا نهلك ، فلله الحمد رب العالمين " .



فالشريعة الإسلامية ـ إذاً ـ قد وضعت نظام التوريث على أحسن النظم المالية . والقرآن الكريم بيَّن أحكـام المواريث ، وأحوال كلّ وارث بياناً شاملاً شافياً ، لا يدع مجالاً لأحدٍ من البشر أن يقسم أو يُحدِّد شيئاً من ذلك .





ثانياً ـ حكمة مشروعية الإرث



الإنسان في هذه الحياة أكرم مخلوقاتها ، وهو مستخلف في الأرض ، ومحتاج إلى ما يضمن له بقاء هذا الاستخلاف .



والمال وسيلة لتحقيق ذلك ، يحتاج إليه الإنسان ما دام على قيد الحياة ، فإذا مات انقطعت حاجتـه ، فكـان من الضروري أن يخلفه في ماله مالكٌ جديدٌ . فلو جُعل ذلك المالك الجديد أولَ شخص يحوز المال ويستولي عليه ، لأدَّى هذا إلى التشاحن والتنازع بين الناس ، وتغدو الملكية حينها تابعة للقوة والبطش .



من أجـل ذلك جعلت الشريعة المالَ لأقارب الميت ، كي يطمئنّ الناس على مصير أموالهم ؛ إذ هم مجبولون على إيصال النفع لمن تربطهم بهم رابطة قوية من قرابة أو سبب .



فـإذا مات الشخص ، وترك مالاً ، فإنّ الإسلام يجعل هذا المال مقسَّماً على قرابته ؛ الأقرب فالأقرب ، ممن يُعتبر شخصه امتداداً في الوجود لشخص الميت ؛ كالأولاد ، والأب ، ومن يليهما في درجة القرابة .





الحكمة في تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث



قد يتساءل البعض عن الحكمة التي لأجلها يُعطى الذكر من الميراث أكثر ممّا تُعطاه الأنثى ، والجواب على هذا التساؤل يظهر بتأمّل وظيفة كلّ من الذكر والأنثى في الحياة ؛



(1)- فالذكر أحوج إلى المال من الأنثى ؛ إذ الرجال قوّامون على النساء ، والمرأة مكفيَّة المؤنة والحاجة ؛ فنفقتها واجبة على ابنها ، أو أبيها ، أو أخيها ، أو غيرهم من قرابتها . والقائم على غيره ، المنفِق مالِه عليه ، مترقِّبٌ للنقص دائماً ، ومكفيُّ المؤنة والحاجة يترقَّب الزيادة دائماً . والحكمة في إيثار مترقِّب النقص على مترقِّب الزيادة جبراً لنقصه المترقب ظاهرة جداً .



(2)- المرأة لا تُكلَّف بالإنفاق على أحد ، بخلاف الرجل ؛ فإنَّه مكلَّف بالإنفاق على الأهل والأقرباء وغيرهم ممَّن تجب عليه نفقتهم .



(3)- الرجل يدفع مهراً لزوجته ، ويُكلَّف بنفقة السكن ، والمطعم ، والملبس لزوجه وأولاده . وكذا أجور التعليم ، وتكاليف العلاج ، وثمن الدواء ، وغير ذلك ممَّا يدفعه الرجل دون المرأة .



فحين كانت النفقات عليه أكثر ، والالتزامات عليه أكبر ، استحق أن يكون نصيبه أكثر وأوفر .



وهكذا لا تجد المرأة نفسها في حاجة إلى المال في نظام الإسلام ؛ فما تأخذه من نصيبها في الميراث ، ومهرها من الزوج ، يكون مالاً محفوظاً لا يتعرَّض للنقصان .



ولذا كان من الطبيعي أن تأخذ نصف نصيب الرجل . بل إنّ في إعطائها هذه النسبة ـ وهي لا تكلَّف بتكاليف مادية ـ محاباة لها على الرجل ، يقصد الإسلام من وراء ذلك إكرامها ، وإعزازها ، وصيانتها من الفاقة والحرمان .





ثالثاً ـ بيان الأسس الشرعية التي يقوم عليها فقه المواريث ،وتميُّز الإسلام عن غيره في ذلك



يقوم نظام الإرث في الشريعة الإسلامية ، على مجموعة من الأسس ، يتميَّز بها عن سائر الأنظمة الأخرى . ومن هذه الأسس :



(1)- وقف الإسلام موقفاً وسطاً بين الاشتراكية الشيوعيّة ، وبين الرأسماليّة والمذاهب التي تقول بالحرية الشخصيَّة في التملك ؛ فالاشتراكية الشيوعية ـ كما وضعها كارل ماركس ـ تُنكر مبدأ الإرث وتعتبره ظلماً يتنافى مع مبادئ العدالة ؛ فلا تُعطي أبناء الميت وأقرباءه شيئاً مطلقاً ؛ والرأسمالية وما يُشابهها من المذاهب الاقتصادية تترك مطلق الحرية للمورِّث في التصرف بماله كيف شاء ؛ فله أن يحرم أقرباءه كلَّهم من ميراثه ، ويُوصي به إلى غريب ؛ من صديق أو خادم . وكثيراً ما يُوصي الرجل أو المرأة ـ في المجتمعات الغربية ـ بكلّ ثرواتهم أو بعضها لكلبٍ ، أو قطةٍ ، أو ما أشبه ذلك من الوصايا العجيبة الغريبة .



(2)- الإرث في النظام الإسلاميّ واجبٌ بالنسبة إلى الوارث والمورِّث ؛ فلا يملك المورث أن يمنع أحد ورثته من الإرث . وكذا الوارث يملك نصيبه جبراً من غير اختيارٍ منه ، ولا حكمٍ من قاض ؛ فليس له أن يردّ إرثه ، أو شيئاً منه .



بينما نجد الأنظمة الأخرى لا تُوجب شيئاً من ذلك . بل نجد القانون الفرنسي لا يُثبت الإرث إلاَّ بعد حكم القضاء ؛ فهو اختياريّ عندهم لا إجباريّ .



(3)- النظام الإسلاميّ جعل الميراث في دائرة الأسرة لا يتعدَّاها ؛ فلا بُدّ من نسبٍ صحيحٍ ، أو زوجية ـ والولاء يُشبه صلة النسب ، فكان ملحقاً به ـ . وبذلك لا يرث الولد المتبنَّى، ولا ولد الزنى ، ولا المولود من نكاح باطل أو فاسد. وفي دائرة الأسرة يُفضِّل الإسلام الأقربَ فالأقربَ إلى المتوفّى؛ ممن يُعتبر شخصه امتداداً في الوجود لشخص الميت؛ كالأولاد والأب ومن يليهما في درجة القرابة .



بينما نجد الحال في الأنظمة الأخرى مخالفاً للنظام الإسلامي تماماً ؛



فعنـد اليهود يرث الأولاد الذكور ، ويُعطى للولد البكر نصيب اثنين من إخوته ، دون تفريق بين المولود من نكاح صحيح ، أو غير صحيح . ولا يُحرم الولد البكر من نصيبه بسبب كونه من نكاح غير شرعيّ .



وفي الأنظمة الغربية يمكن للغريب ؛ من صديق ، أو خادم أن يرث ، ويمكن للولد اللقيط ، وولد الزنى أن يرث ، بل يرث عندهم من لا علاقةَ قرابة له بالميت ، بل وحتى الحيوانات كما قدَّمنا .



ذكر الدكتور مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ أنّ أحد الأثرياء في إحدى الدول الغربية كتب في وصيته التي قُرئت بعد موته : أنه ترك كلّ أملاكه ؛ وهي منزل ريفي كامل ، وعقار ، ومكتبه الخاص ، وسيارته ، وخمسين ألف جنيه في البنوك، لسكرتيرته الحسناء، ولم يترك لزوجته قرشاً واحداً، وقال في تلك الوصية : إني لم أترك لزوجتي شيئاً ؛ لأنها كانت سبب شقائي وآلامي المستمرة ، ولا تستحق إلا الفقر والموت ، وإنني أترك كل أموالي لسكرتيرتي التي أحببتها ، وأخلصت لها ، وإليها يرجع الفضل في التغلُّب على نكد زوجتي .



(4)- النظام الإسلامي قدَّر نصيب الوارثين ـ عدا العصبات ـ بالفروض ؛ كالربع ، والثمن ، والسدس ، والنصف ، والثلث ، والثلثان . ولا مثيل لهذا في سائر الأنظمة والشرائع القديمة والحديثة .



(5)- إنَّ توزيع الإرث بالسهام المقدَّرة يؤدّي إلى تفتيت الثروة وتوزيعها ؛ فلا يبقى المال دولةً بين الأغنياء . بخلاف بقية الأنظمة التي تحصر الثروة في شخص واحد قد لا يمتّ للميت بصلة ، وتحرم أقرباءه من أقلّ حقوقهم .



(6)- جعل النظام الإسلاميّ للولد الصغير نصيباً من ميراث أبيه يُساوي نصيب أخيه الكبير ؛ فلم يُفرِّق بين الحمل في بطن أمه ، وبين الولد الكبير في العائلة الكبيرة . كما أنَّ النظام الإسلامي لم يُفرِّق بين الولد البكر وغيره من الأولاد ـ كما هو واقع الحال في شريعة اليهود المحرّفة ، وفي القانون البريطاني ـ ؛ وذلك لأنّ الصغار قد يكونون أحوج إلى مال يصون معيشتهم من إخوانهم الكبار الذين عملوا وجمعوا لأنفسهم ثروة خاصة بهم ، مستقلة عن ثروة أبيهم .



فالولد البكر عند اليهود يأخذ نصيب اثنين من إخوته .



ولقد كان العرب في الجاهلية قبل الإسلام يمنعون الصغير من الذكور ـ فضلاً عن الإناث ـ من إرث أبيه ، ويقولون : لا يُعطى إلا من قاتل ، وحاز الغنيمة .



(7)- جعل النظام الإسلامي للمرأة نصيباً من الإرث ؛ فالأم ، والزوجة ، والبنت ، وبنت الابن ، والأخت ، وأمثالهنّ ، لهنّ نصيبٌ من مال الميت يضمن لهنّ حياة كريمة خالية من هوان الفاقة ، ومذلَّة الفقر .



بخلاف بعض الأنظمة التي حرمت المرأة من ذلك تماماً ؛



فالقانون الفرنسيّ حرم الزوجة من الميراث ، ولم يُعطها شيئاً من ذلك .



والمرأة ـ أماً كانت ، أو زوجة ، أو بنتاً ـ قبل أن تبزغ شمس الإسلام كانت لا تُعطى شيئاً من الإرث، بحجة أنها لا تقاتل، ولا تدافع عن حمى العشيرة . وكـان العـربي يقول : "كيف نعطي المال من لا يركب فرساً ، ولا يحمـل سيفاً، ولا يقاتل عدواً"؛ فكانوا يمنعونهـا من الإرث ، كما يمنعون الوليد الصغير .



وكذا اليهود يُعطى الميراث عندهم للولد الذكر ، فإذا تعدّد الذكور ، كان للولد البكر نصيب اثنين من إخوته . وأما الأنثى فلا ميراث لها عندهم .



(- جعل النظام الإسلامي الحاجة أساسَ التفاضل في الميراث ؛ فأبناء الميت أحوج إلى ماله من أبيه ؛ لأنَّ مطالب الحياة قد لا ترهق جدّهم ، كما ترهقهم وهم شباب في مقتبل أعمارهم .



وكذا مطالب الابن الذكر في الحياة ، وفي نظام الإسلام نفسه أكثر من مطالب أخته ؛ فهو الذي يُكلَّف بإعالة نفسه متى بلغ سنّ الرشد ، وهو المكلَّف بدفع المهر لزوجته ، وبنفقة الزوجية ، ونفقة الأولاد ؛ من تعليم ، وتطبيب ، وكساء ، وغير ذلك . ثمّ هو المكلَّف بإعالة أبيه أو أقربائه إذا كانوا فقراء . أمَّــا البنت فلا تكلَّف بشيءٍ من ذلك ؛ فنفقتها على أبيها ما دامت في بيتـه ، ثمّ إذا انتقلت إلى بيت الزوجية كانت نفقتها على زوجها . فإذا فارقت الزوج بطلاق أو موت ، انتقل واجب الإنفاق عليها إلى أبيها ، ثمّ إلى من بعده ، بحسب الترتيب الوارد في نظام النفقات .





رابعاً ـ التعريف بعلم الفرائض والمواريث



الفرائض : جمع فريضة ؛ وهي مأخوذة من الفرض الذي له عدة معان لغوية ؛



منها : التقدير ؛ كما في قوله تعالى : ) وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم( [البقرة : 137] ؛ أي قدَّرتم .



ومنها : التبيين ؛ كما في قوله تعالى : ) قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم( [التحريم : 2] ؛ أي بيَّن .



ومنها : التنزيل ؛ كما في قوله تعالى : ) إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد( [القصص : 85] .



ومنها الإحلال ؛ كما في قوله سبحانه : ) ما كان على النبيّ من حرجٍ فيما فرض الله له( [الأحزاب : 38] .



وهـذه المعاني اللغوية كلّها موجودة في الميراث ؛ لأنّ سهام الوارثين فيه مقدَّرة ، قد بيَّنها الله تعالى ، وأنزلها في كتابه ، وأحلَّها للوارثين .



والمواريث : جمع ميراث .



ولفظ ميراث في اللغة مصدر من : وَرِثَ يَرِثُ إِرْثاً وميراثاً .



وهويطلق في اللغة على معنيين ؛ أحدهما : البقاء . ومنه اسم الله تعالى "الوارث" ؛ فإنّ معناه الباقي بعد فناء خلقه .



والمعنى الثاني : انتقـال الشـيء من شخصٍ إلى شخصٍ آخر ، أو من قومٍ إلى قومٍ آخرين ، حسياً كان ؛ كانتقــال المال إلى وارث موجود حقيقة ، أو حكماً ـ كانتقـالـه إلى الحمل قبل ولادتـه ـ ؛ أو معنـويـاً ؛ كانتقال العلم والخلق . ومن ذلك قوله r : "العلماء ورثة الأنبياء" .



فهو أعمّ من أن يكون بالمال ، أو بالعلم ، أو بالمجد والشرف .



والمراد بعلم الفرائض ، أو علم المواريث في الشريعة الإسلامية :



التركة التي خلَّفها الميت وورَّثَهــا غيرَه .



أو استحقاق الإنسان لشيء بعد موت مالكه بسبب مخصوص وشروط مخصوصة .



أو انتقال الملكية من الميت إلى ورثته الأحياء ، سواء كان المتروك مالاً ، أو عقاراً ، أو نحوه .



والميت : مورِّث . وذاك الغير : وارث . والتركة : موروثة .



وعلم المواريث : هو علمٌ بقواعد فقهية وحسابية ، يُتوصَّل بها إلى معرفة الحقوق المتعلقة بالتركة ، ونصيب كل وارث منها . وهو علمٌ مستمدٌ من الكتاب والسنة والإجماع .





خامساً ـ أهمية علم الفرائض ومكانته في الإسلام



لعلم الفرائض مكانةٌ خاصَّةٌ في الإسلام ؛ لما له من علاقة ظاهرة بكل فردٍ في المجتمع .



ومما يدلّك على أهميته من كتاب الله تعالى : أنّ الله عزّ وجلّ تولّى تقدير الفرائض بنفسه ، ولم يُفوَّض ذلك إلى أحدٍ من خلقه ، ووعد من أطاعه في هذه الحدود وتمشّى فيها على ما حدَّه وفرضه جنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ، وتوعَّد من خالفه وتعدَّى حدوده بأن يُدخله ناراً خالداً فيها وله عذابٌ مهينٌ .



وكذا جاءت السنة المطهرة شارحة لأحكام الميراث ، ومبينة لفضله ؛ فقال r : "ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" .



ولقد رغَّب النبيّ r في تعلّم هذا العلم الشريف وتعليمه ؛ كيلا يجهل النّاس نظاماً شديد الصلة بحياتهم العائلية ، وعلائقهم المالية .



فقد أخرج الإمام الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : "تعلَّموا القرآن والفرائض وعلِّموا النَّاس فإنِّي مقبوض" .



وأخرج الإمام ابن ماجه عن أبي هريرة نحوه ، وفيه قوله r : "يا أبا هريرة تعلَّموا الفرائض وعلِّموها فإنه نصف العلم وهو يُنسى، وهو أول شيء يُنزع من أمَّتي" .



وأخرج الإمامان أبو داود ، وابن ماجه في السنن من حديث عبدالله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله r : "العلم ثلاثة ، وما سوى ذلك فضل : آية محكمة ، أو سنة قائمة ، أو فريضة عادلة" .



وأخرج الإمام الدارمي في سننه من حديث عبدالله بن مَسْعُودٍ قال : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَالْعِلْمُ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي فَرِيضَةٍ لا يَجِدَانِ أَحَدًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا" .



ولعلّ من الحكمة في الحثّ على تعلّمه : ما أشار إليه النبيّ r من كونـه يُنسى ؛ إذ هو علمٌ توقيفيّ ، لا مجال للرأي فيه ، فلا بُدّ من أخذه على طريق التلقي .



ولقد اهتمّ سلفُنا الصالح رحمهم الله تعالى بهذا العلم ، وحضُّوا على دراسته وتعلّمه :



فهذا الفاروق عمر t يحثّ على تعلّم هذا العلم بقوله : "تعلَّموا الفرائض فإنَّها من دينكم"



، وبقوله : "تعلَّموا الفرائض واللَّحْنَ والسُّنَن كما تعلَّمون القرآن" .



وكذا حثَّ على تعلّمها عبدالله بن مسعود t بقوله : "تعلَّموا الفرائض والطلاق والحجَّ فإنَّه من دينكم" ، وبقوله : "تعلَّموا القرآن والفرائض ؛ فإنَّه يُوشِك أن يفتقر الرجلُ إلى علمٍ كان يعلمه ، أو يبقى في قومٍ لا يعلمون" ، وبقوله : "من قرأ القرآن فليتعلَّم الفرائض ، فإن لقيه أعرابي قال : يا مهاجر أتقرأ القرآن . فإن قال نعم ، قال : تفرض . فإن قال نعم ، فهو زيادة وخير ، وإن قال لا ، قال : فما فضلك عليَّ يا مهاجر" .



وكذا أبو موسى الأشعري t حثَّ كما حثَّ غيره من الصحابة على تعلّم الفرائض، وشبَّه من علم القرآن ولم يعلم الفرائض بالبرنس الذي لاوجه له ؛ فقال: "من علم القرآن ولم يعلم الفرائض فإنّ مثله مثل البرنس لا وجه له ، أو ليس له وجه" .



وهذا الحثّ والحضّ على تعلّم الفرائض ، كان ديدن السلف رحمهم الله تعالى جميعاً ؛ فقد أخبر عنهم شيخ التابعين الإمام الحسن البصري رحمه الله أنَّهم "كانوا يُرغبون في تعليم القرآن والفرائض والمناسك" .



وهذا يدلّك على أهمية هذا العلم الشريف ومكانته .



وقـد اشتهر من علماء الصحابة بالفرائض عددٌ كثيرٌ ، منهم : زيد بن ثابت ، وعبدالله بن مسعود ، وعبدالله بن عبَّاس ، وعائشة ، وعثمانy .



وكان المبرّز في هذا العلم منهم : زيد بن ثابت t ، الذي شهد له رسول الله r بذلك بقوله : "أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر ، وأصدقها حياء عثمان ، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأقرؤها لكتاب الله أُبَيّ ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" ؛ فقد أخبر عليه الصلاة والسلام أنّ زيداً t أعلم أمته بالفرائض .



وكذا كانت الصديقة بنت الصديق ؛ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عالمةً بالفرائض ؛ فقد سئل الإمام التابعي مسروق : أكانت عائشة تُحسن الفرائض ، فأجاب : "والذي لا إله غيره ، لقد رأيت الأكابر من أصحاب محمدٍ r يسألونها عن الفرائض" .



وجاء الفقهاء من بعد عصر الصحابة ، وأولوا هذا العلم عناية فائقة ، بدت عند تدوين الفقه الإسلامي ؛ إذ كان باب المواريث من أهم أبوابه وأدق مباحثه . وقد أفرده كثير من المصنفين بمؤلفات مستقلة ، وجعلوه علماً مستقلاً ، وسموه "علم الميراث" ، و"علم الفرائض" ، وسمّوا العالم به : "فرضياً"

سادساً : مبادئ علم الفرائض العشرة



من المبادئ العشرة التي ينبغي لكلّ من أراد الشروع في علم من العلوم أن يعرفها ، هي : حدّ هذا العلم ، وموضوعه ، وثمرته ، ونسبته إلى غيره ، وواضعه ، واسمه ، واستمداده ، وحكمه ، ومسائله ، وفضله .



فحدّ هذا العلم ـ أي تعريفه ـ قد تقدَّم .



وموضوعه هو : التركات . وثمرته : إيصال ذوي الحقوق حقوقَهم .



ونسبته إلى غيره : كونه من العلوم الشرعية .



وفضله : قد تقدَّم في معرض الحديث عن مكانته .



وواضعه : هو الله سبحانه وتعالى .



واسمه : علم الفرائض ، أو علم المواريث .



وحكمه : تعلمه فرض كفاية ، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين ، وإن لم يقوموا به أثموا جميعاً .



ومسائله : ما يُذكر في كل باب من أبوابه من تفاصيل المواريث .



ومصادره : الكتاب ، والسنة ، والإجماع .





مصادر علم الفرائض



يستمد علم الفرائض قواعده من ثلاثة مصادر رئيسية :



(1)- القرآن الكريم . ومنه أُخذت أكثر أحكام المواريث ؛ كأحكام الزوج ، والزوجة ، والأب ، والأم ، والبنت ، وغيرهم .



(2)- السنة النبوية . ومنها أُخـذ العديد من أحكام المواريث ؛ كإرث أم الأم ، والأخوات مع البنات ، وغير ذلك .



(3)- الإجماع . كما في توريث أم الأب باجتهاد الفاروق عمر t ، وموافقة الصحابة ، وعليه إجماع المسلمين .



س : هل القياس مصدر من مصادر علم الفرائض ؟



ج : ليس القياس مصدراً من مصادر علم الفرائض . ولم يثبت شيء من أنصباء الورثة بالقياس ؛ لأنه لا مجال للقياس في الأشياء التقديرية ؛ لخفاء وجه الحكمة ـ أحياناً ـ في التخصيص بمقدار دون آخر .





بيان الحقوق المتعلقة بالتركة



سبق أن ذكرنا أنَّ موضوع علم الفرائض ، هي التركة نفسها (جميع ما يتركه الميت) ؛ من حيث تقسيمها ، وتوزيعها .



ولكن ثمَّة حقوق متعلقة بهذه التركة ، لا بُدّ من مراعاتها .



فما هي هذه الحقوق ؟





الأمور المتعلقة بالتركة



الإرث وتوزيعه الوصية الحقوق التي على الميت التجهيز والدفن



حقوق في الذمَّة حقوق عينية



حق للعباد حق لله









الأمور المتعلقة بالتركة :



يتعلَّق بالتركة خمسة حقوق ، لا تنتقل التركة إلى الوارث بدونها ، هي :



(1)- التجهيز : أو ما يُعرف بـ"مؤن التجهيز" ؛ وهي عبارة عن فعل ما يحتاج إليه الميت من وقت وفاته إلى حين دفنه ؛ من نفقات غسله ، وحنوطه ، وكفنه ، وأجور حمَّال ، وحفر قبره ، ونقله من بلد إلى بلد (إذا أوصى بذلك) ، وأجور دفنه ، وكلّ ما يلزم إلى أن يُوضع في قبره .



وكلّ تكاليف الدفن تؤخذ من التركة إن لم يتبرّع واحدٌ بالدفع .



(2)- الحقوق التي على الميت : وهي تنقسم إلى قسمين :



أ ـ حقوق عينيَّة (متعلقة بعين التركة) : مثل : بيت مرهون ، أو عبد جنى جنايةً ( قتل ـ مثلاً ـ ، فعليه دية) ، أو بقرة قد أفسدت زرعاً . وهذه الحقوق يجب سدادها قبل التي في الذمّة ـ بالاتفاق ـ ؛ لأنَّها تمنـع التصرُّف في التركة ، فتكون الملكية ضعيفة . فلا بُدّ من فكّ الحجز ، ودفع الحقوق المتعلقة بعين التركة أولاً .



ب ـ حقوق في الذمَّة : وهي تنقسم إلى قسمين :



= حق لله : كأن يكون عليه زكاة في ماله لم يدفعها ، أو عليه كفَّارات ، أو نذر أن يحجّ ، .. إلخ .



= حقّ للعباد : كالديون التي عليه لعباد الله .



ويجب أن لا يكون هناك دينٌ بستغرق التركة كلها ، فإن وجد دينٌ يستغرق كلّ التركة ، فلا مُلْكيَّة خَلَفيَّة .



س : هل حقّ الله مقدَّمٌ على حقّ العباد في السداد ، أم الأمر على العكس ؟



ج : اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :



<أ>= الحنفيَّة قالوا : الكفارات جميعها لله سبحانه ، والميت ليس مطالباً بإخراجها ، ولا الورثة . بل هي عبادة محضة تسقط بالموت ، والميت آثمٌ بعدم إخراجها .



<ب>= الشافعية قالوا : أوّل ما يجب أداؤه من الحقوق بعد المتعلق بعين التركة : حقّ الله تعالى ، ثمّ حقّ العباد .



قالوا : والسبب : لأنّ حق الله تعالى ليس له مطالب ، وحقوق العباد لها مطالِب ، ورسول الله r يقول : "اقضُوا الله الذي له ، فالله أحقّ بالوفاء" .



<ج>= بعض المالكية قـالـوا : نبدأ بحق العباد ؛ لأنّ حقوق الله مبنيَّة على العفو ، ولأنّ الله تعالى في الآخرة يُطالب بحقوق العباد قبل المطالبة بحقوقه ؛ ولأنّ المرء مرتهنٌ ومعلَّق بدَيْنِهِ كما أخبر رسول الله r ؛ فقد جيء بجنازة ليُصلِّي عليها، فسأل : "أعليه دين ؟" فلما أجابوه بنعم، قال : "صلُّوا على صاحبكم" ؛ فقـد سأل عن حق العباد . أما حقّ الله تعالى فإنَّه معرَّض للعفو بالتوبة ، بخلاف حقوق العباد .



<د>= الحنابلة قالوا : حقوق العباد ، وحقوق الله متماثلة ، لا يُقدَّم أحدها على الآخر .





(3)- الوصيَّة :



س : لـم كان أداء الديون المستحقة ـ في التركة ـ مقدَّماً على الوصية ، مع أنَّ الله سبحانه وتعالى قد قدَّم الوصية على الـدَّيْـن في القـرآن الكريم ؛ فقال جلّ وعلا : ) من بعد وصيَّة توصون بها أو دين ( [النساء : 12] ، وقال سبحانه وتعالى : ) من بعد وصيَّة يُوْصَى بها أو دين ( [النساء : 12] .



ج : ظـاهــر الآية الكريمة يدلّ على أنّ الوصيَّة مقدَّمة على الدين ، مع أنّ الأمر بالعكس (الدين مقدّم على الوصية) ، فتُقضى ديون الميت أولاً ، ثمَّ تُنفَّذ وصيّته .



وهذا قضــاء رســول الله r وحكمـه ؛ فقـــــد أخبر عنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t بـذلك ، فقــال : إنَّكـم تقرؤون هذه الآية : ) من بعد وصيَّة توصون بها أو دين ( ، وإنّ رسول الله r قضى بالدين قبل الوصيّة .



والحكمة من تقديم الوصية على الدين في الآية ـ والله أعلم ـ أنّ الديون حقّ ثابت في ذمَّة المدين قبل الوفاة وبعدها ، ولها مطالِب ؛ إذ لصاحب الحقّ مقـال ؛ ـ كما أخبر رسولنا r ـ . أمَّا الوصيَّة فهي تبرّع محض وبرّ وصلة ، وليس لها مطالِب . فلئلا يتهاون الناس في أمرها ، قدّمها الله تعالى في الذكر ، منبِّهاً على وجوب العناية بها كالعناية بالدين .



س : هل الوصية تحتاج إلى إذن الورثة ؟



ج : لا تحتاج الوصيّة إلى إذن الورثة إذا كانت بالثلث فأقل (لغير وارث) . فإذا زادت عن الثلث (لغير وارث) ، أو كان الموصى إليه وارثاً (سواء كانت الوصية بالثلث ، أو بأقل ، أو أكثر) ، فلا بُدّ من رضى الورثة جميعــاً وإذنهم ؛ إذ عدم الإذن وعدم الرضا يضرّ بالورثة ـ ورضاهم إنّما يُعتبر بعد بلوغهم ـ . وإذا لم يرض أحد الورثة ، ورضي الباقون ، فإنّ ذاك الذي لم يرض يأخذ حقَّه كاملاً من الإرث ، ويُنقص من حقوق الباقين ـ الذي رضوا ـ بمقدار ما يُغطي ما أوصى به الميت لذلك الوارث .



إذاً : يُشترط في الوصية إن كانت لغير وارث أن تكون في الثلث ، أو دونه . فإن زادت عن الثلث اشترط إذن الورثة .



ويُشترط في الوصيَّة إن كانت لوارث : إذن الورثة ، ورضاهم جميعاً .





(5)- الإرث :



بعد أن تُسدَّد الحقوق الأربعة السابقة من التركة ، يوزَّع الباقي ـ وهو الإرث ـ على الورثة بحسب أنصبائهم الشرعيَّة .



والكلام على الإرث يتضمَّن بيان أركانه ، وأسبابه ، وشروطه ، والموانع التي تمنعه ، وأنواعه ، وتفصيل كلّ نوع ، والمستحقين ، ونصيب كلّ واحـد من هؤلاء . وهو ما سنفصله إن شاء في المباحث الآتية .



ولنبدأ أولاً بأركان الإرث .





أركـان الإرث





الركن في اللغة : جانب الشيء الأقوى . يُقال : ركنتُ إلى فلان ، إذا اعتمدت عليه .



وهو في الاصطلاح : جزء ماهية الشيء ، أو ما لا يُتصوّر الشيء بدونه ؛ فالركوع في الصلاة ركنٌ ؛ لأنَّه جزءٌ منها ، ولا توجد الصلاة إلا به .



وللإرث أركان ثلاثة ، لا يُتصوّر الإرث بدونها ، فإذا انعدم واحدٌ منها ، انعدم الإرث .



(1)- المورِّث : وهو الذي يستحق غيره أن يرث منه ، وتحقق موته ؛ سواء أكان موته حقيقة (بأن عُدِمت حياته بالفعل) ، أو حكماً (كأن يحكم القاضي بموته ، مع احتمال حياته ؛ كالمفقود) ، أو تقديراً (كالجنين الذي ينفصل عن أمه ميتاً بجناية عليها) ، أو مع تيقن حياته (كالمرتد الذي لحق بدار الحرب) .



(2)- الوارث : وهو الذي يرتبط بالمورِّث بسبب من أسباب الإرث ؛ كالزوجيّة ، أو القرابة النسبيَّة ، وتحقَّقت حياته بعد موت المورِّث ، ولو للحظة ، مع استحقاقه الإرث .



(3)- الحق الموروث : وهو ما يتركه الميت بعد تجهيزه ، وسداد ديونه ، وتنفيذ وصاياه ؛ من أموال وحقوق تُستحقّ بالإرث .





شروط الإرث



الشرط في اللغة : العلامة اللازمة ، الدالَّة على الشيء ، المميِّزة له عن غيره . ومنه : أشراط الساعة ؛ أي علاماتها الدالَّة عليها . وسُمِّي الشُرَط بذلك ؛ لأنَّهم ذوو علامة يُعرفون بها .



والشرط في الاصطلاح : ما يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته . مثل الطهارة شرط لصحة الصلاة ، والاستطاعة شرط لوجوب الحج ، والعقل شرط لصحة العبادة ووجوبها .



وفي الإرث : حياة الوارث مثلاً شرط لاستحقاق الإرث ، فإذا انعدمت حياته انعدم الاستحقاق ، ولا يلزم من وجود تلك الحياة وجود الاستحقاق ، لاحتمال وجود مانع يمنع من ذلك .



فلا يكفي في ثبوت الإرث مجرّد وجود سببه ، بل لا بُدّ من توفّر شروط الاستحقاق .



وللإرث شروط ثلاثة :



(1)- وفاة المورِّث تحقيقاً (وذلك بمشاهدة ، أو بشهادة عدلين) ، أو حكماً (يحكم القاضي بموته . ومثاله المفقـود) ، أو تقديراً (كانفصال الجنين عن أمه ميتاً بسبب الاعتداء عليها ؛ فيُقدَّر أنَّه كان حيّاً في بطن أمِّه ، ثمّ يُقدَّر بعد ذلك أنَّه مات بعد حياة) ؛ وذلك لحكمه r بغُرَّة (عبد أو أمة) دية للجنين .



أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَضَى فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ r فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ مَا فِي بَطْنِهَا غُرَّةٌ ؛ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ . فَقَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي غَرِمَتْ : كَيْفَ أَغْرَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ ولا نَطَقَ ولا اسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ . فَقَالَ النَّبِيُّ r : "إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ" .



وهذه الدية تورّث ، وورثة الجنين لا يرثوا ديته إلا إذا قدَّرنا أنَّه كان حياً ، ثمّ جُنِيَ على أمه بجناية ، فخرج ميتاً .



(2)- حـيـاة الـوارث تحقيقاً (بأن يُشاهد ، أو تقوم البيِّنة الشرعية على حياته بشهادة شاهدين عدلين لمن لم يكن حاضراً) ، أو حكماً (كالحمل في بطن أمّه ، يُحكم بحياته) ؛ إذ الحمل يرث بشرطين اثنين ؛ أحدهما : تحقق وجوده في بطن أمه عند موت مورِّثه ولو نطفة . والثاني : خروجه من بطن أمِّه حيَّاً بحياة مستقرة ، يحكم الحاكم أنه كان حياً ، فيورِّثه .



(3)- العلم بالجهة المقتضية للإرث ؛ أي نعلم نسب الوارث ، وصلته بالمورِّث ؛ (من زوجية ، أو ولاء ، أو نسب) ، مع تعيين الدرجة التي اجتمعـا (المورِّث والـوارث) فيهــا (هـل هـي : بنوّة ، أو أُبـوّة ، أو أُخــوّة ـ هل هو أخ شـقيق ، أو أخ لأب ، أو أخ لأم ـ ، أو عمومة ، أو أُمومة ، … إلخ) .





أسباب الميراث



السبب في اللغة : ما يُتوصَّل به إلى غيره ، حسيَّاً كان أو معنوياً .



فمثال الســبب الحســيّ : قـولـه تعالى : ) من كان يظنّ أن لن ينصره الله في الـدنـيــــا والآخرة فليمـــــدد بســــــبب إلى الســماء ثمّ ليقطع فلينظر هل يُذهبنَّ كيده ما يغيظ ( [الحج : 15] ؛ أي فليمدد بحبل .



ومثال السبب المعنوي قوله تعالى عن ذي القرنين وآتيناه من كلِّ شيء سبباً ( [الكهف : 84] ؛ أي آتيناه من كلّ شيء علماً ، أو طريقاً يوصله إليه .



وفي الاصطلاح : ما يلزم من وجوده الوجود ، ومن عدمه العدم لذاته .



مثال على الإرث : الزوجية سبب من أسباب الإرث ، وهي أمرٌ خارج عن حقيقة الإرث ، ومع ذلك فقد ربط الشارع الإرث بها وجوداً وعدماً ؛ فإذا وجدت الزوجية وجد الإرث بعد توفر الشروط ، وانتفاء الموانع . وإذا انعدمت الزوجية ، فلا إرث .



وأسباب الإرث تنقسم إلى قسمين :



قسمٌ متفق عليه ؛ وهي ثلاثة : نكاح ، وولاء ، ونسب ، وقسمٌ مختلفٌ فيه ؛ وهو بيت المال ؛ إذ هو سبب رابع عند الإمام مالك .



أسباب الميراث



سبب عام مختلف فيه , أسباب خاصة متفق عليها



بيت مال المسلمين , النسب , الولاء , النكاح





أولاً ـ السبب الأول : النكاح :



النكاح في اللغة هو : الضمّ .



يُقال : تناكحت الأشجار ؛ إذا انضمّ بعضُها إلى بعض .



وشرعاً : هو عقد الزوجية الصحيح ، وإن لم يحصل فيه خلوة ، أو وطء .



والزوجية : هي علاقة بين الرجل والمرأة نشأت نتيجة عقد زواج صحيح قائم بينهما حقيقة ، أو حكماً (كما في المعتدة) .



فقـولـنـا : "عقد" ، يخرج به وطء الشبهة ؛ لأنّ الولد لا يرث ، وإن لحق بأبيه .



وقـولـنـا : "زواج صحيح" ؛ للاحتراز عن النكاح الفاسد (وهو النكاح الذي اختلّ شرطه) ؛ مثل نكاح زوجة الأب ، نكاح المتعة ، نكاح الشغار ، نكاح التحليل ، نكاح أكثر من أربعة . فهذه متفق على فسادها .



أما الأنكحة المختلف في فسادها : فهي متوقفة على تصحيح الحاكم .



والنكـاح الباطل : هو النكاح الذي اختلّ ركنه ؛ كأن يكون بدون إذن الوليّ ، أو بدون شهود .



فالزوجان يتوارثان ولو كانا في عدّة طلاق رجعيّ (أي بعد الطلقة الأولى أو الثانية) ؛ أي مـا لم تخرج من العدّة . أما إذا وقع الطلاق البائن : فلا توارث بينهما ، إلا إذا اتُّهِم أحدهما أنَّه تسبَّب بالطلاق لحرمان الآخر من الإرث ، فالمتسبِّب يحرم من الإرث ، دون الآخر .



مسألة : لو تزوَّج في مرض موته . هل يتمّ التوارث بين الزوجين ؟



الجواب : العقد باطل عند المالكية . وهو صحيح عند الجمهور .



مسألة هامة : لو طلَّق زوجته في مرض موته ، هل ترثه أم لا ؟



الجواب : هذه المسألة اختلف فيها العلماء :



(1)- فقـال الشافعي ومن تبعه : إذا طلقها بقصد الإضرار بها ، أو بدون قصد ؛ سواء ثبتت التهمة عليه ، أو لم تثبت ، فلا توارث بينهما .



وهؤلاء وقفوا عند القاعدة الأصلية ؛ وهي أنَّ البينونة قطعت الزوجية التي هي سبب الإرث .



وقولهم مردود لأمرين :



= أحدهما : مخالفته للإجماع ؛ حيث قضى عثمان بن عفان t بتوريث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبدالرحمن بن عوف t ، وكان قد طلقها في مرض موته ، فبتَّها .



واشتهر هذا القضاء بين الصحابة ، ولم يُنكره أحدٌ منهم ، فصار كالإجماع .



= الثاني : إنّ هذا المُطلِّق قصد قصداً فاسداً ، فعومل بنقيض قصده ، عملاً بقاعدة سدّ الذرائع .



(2)- الجمهور (أبو حنيفة ، مالك ، أحمد) : قالوا بتوريثها إذا طلقها بقصد الإضرار بها ، معاقبة له بالضدّ .



ولكنَّهم اختلفوا في ضابط المدة التي ترث بها :



= فقال أبو حنيفة : المرأة ترث ما دامت في العدة .



= وقال مالك : المرأة ترث ولو تزوَّجت بعده .



= وقال أحمد : المرأة ترث ولو بعد انقضاء عدتها ، ما لم تتزوَّج .

ثانياً ـ السبب الثاني : الولاء : (وهو قرابة حكمية) :



الولاء في اللغة يُطلق على النصرة ، والقرابة ، والمُلك .



وشرعاً : هو عصوبةٌ سببها نعمة السيِّد المعتق على عبده العتيق ؛ حيث أخرجه من الرق إلى الحرية .



أو هي قرابة حكمية أنشأها الشارع ، ناتجة عن عتق ، أو موالاة .



والدليل على أنَّ الولاء عصوبة :



(1)- قوله r : "الولاء لمن أعتق" .



(2)- قوله r : "الولاء لحمة كلحمة النسب" .



فجعل r الولاء كالنسب .



ووجــه هــذا التشــبيه : أنَّ الرجـل كما أخـرج ابـنـه من حيّـز المعــدوم إلى حيز الموجود ، كذلك نعمة المعتق أخرجت المملوك إلى حيز الحرية .



ملاحظــة :



الميراث في الـولاء من طـريق واحد ؛ وهو طريق العبد العتيق ؛ حيث يرثه سيده ، ولا يرث هو سيّدَه . بخلاف أسباب الميراث الأخرى ؛ فإنَّها تُوجب الإرث من الجانبين .



والميراث في الولاء عن طريق التعصيب ، وهو أضعف أنواع أسباب الميراث ؛ لأنَّ السيِّد لا يرث عبده إلا بانعدام ورثة العبد .



س : هل يرث السيد عبده بشروط ، أو بدون شروط ؟



ج : بل يرث السيد عبده بشرط انعدام الورثة من جانب العبد .



من يرث بالولاء :



لا يرث بالولاء إلا المعتق الذي باشر العتق ، ثمّ عصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ، ولا مع غيرهم .



ففي حال موت السيد (المعتق) ، تنتقل العصوبة إلى عصبة العتيق المتعصبين بأنفسهم ؛ كالابن مثلاً ، فإنَّه يرث عبدَ والده المعتَق . وأما البنت (ابنة السـيد) فإنَّها لا ترث بالولاء لأنَّها لا تكون عصبة بنفسها ، وإنما مع الغير .



س : هل يثبت الولاء على فرع العتيق ؟



ج : كما يثبت الولاء على العتيق ، فإنه يثبت على فرعه ، بشرطين :



= الأول : أن لا يكون أحد أبويه حرّ الأصل .



= الثاني : أن لا يمسه رق لأحد .



ملاحظــة :



المولود يتبع أمَّه في الحرية والرق ، ويتبع خير أبويه في الدين وفي الولاء ، ويتبع أباه في النسب .





ثالثاً ـ السبب الثالث : النسب (القرابة الحقيقيَّة) :





النسب في اللغة : القرابة ؛ وهي الاتصال بين إنسانين في ولادة ؛ قريبة كانت أو بعيدة . فكلّ إنسان بينك وبينه صلة ولادة ؛ قربت أو بعدت ؛ من جهة الأب ، أو من جهة الأم ، أو منهما معاً ، فهو قريبك .



والقرابة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :



(1)- الأصــول : وهـم أبو الميت ، وأبوه ، وإن علا بمحض الذكور . وأم الميت ، وكلّ جدة تُدلي بوارث ، أو وارثة .



(2)- الفروع : وهم أبناء الميت ، وأبناؤهم ، وإن نزلوا .



(3)- الحواشي : وهم إخوة الميت ، وأخواته مطلقاً ، وأبناء إخوته الذكور لغير الأمّ ـ أي أبناء الإخوة الأشقاء ، وأبناء الإخوة لأب ـ ، وأعمام الميت الأشقاء ، ولأب ، وإن علوا ، وبنوا الأعمام ، وإن نزلوا .



ملاحظــة :



الميراث بالنسب أقوى الأسباب في الميراث للأمور التالية :



(1)- سبق وجوده ؛ لأنَّ الشخص في وقت ولادته يكون ابناً ، أو أخاً ، ونحو ذلك ، بخلاف النكاح والولاء فإنّ كلاً منهما طارئ .



(2)- النسب لا يزول ، والنكاح قد يزول ، بأن يقع الطلاق مثلاً .



(3)- النسب يحجب النكاح نقصاناً ، ويحجب الولاء حرماناً ، وهما لا يحجبانه .



(4)- الإرث يتمّ فيه من جميع الطرق ؛ تارة بالفرض ، وتارة بالتعصيب ، وتارة بالفرض والتعصيب . والنكاح إنما يورث به بالفرض فقط ، والولاء يورث به بالتعصيب فقط .





رابعاً ـ السبب الرابع : بيت مال المسلمين :



وهو سبب مختلف فيه بين العلماء . قال به البعض ، وعدُّوه سبباً من أسباب الإرث .



= فالمالكية ـ وتبعهم بعض الشافعية ـ قالوا بإرث بيت المال ، سواء أكان منتظماً أو غير منتظم . واستدلُّوا بقوله r : "أنا وارث من لا وارث له" .



والشافعية في قولهم الآخر ـ وتبعهم بعض المالكية ـ قالوا بإرث بيت المال ، حال انتظامه فقط .



أما الأحناف والحنابلة فقـالوا : بيت مال المسلمين ليس سبباً من أسباب الإرث مطلقاً ، سواء أكان منتظماً أم غير منتظم . ومـن أجـل ذلك قالوا بتوريث ذوي الأرحام ؛ مستدلين بقوله تعالى : ) وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ( [خاتمة سورة الأنفال] .



مسألة : هل يُتصوَّر اجتماع الأسباب الثلاثة (نكاح ، وولاء ، ونسب) في شخص واحد ؟



الجواب : نعم ، ومثاله : إذا اشترى شخص بنتَ عمِّه ، فأعتقها ، وتزوجها ، فقد اجتمعت فيه الأسباب الثلاثة ؛ فهو زوجها ، وابن عمها ، ومولاها .





موانع الإرث



الموانع في اللغة : جمع مانع ، وهو الحائل . ومنه قولهم : هذا مانع بين كذا وكذا : أي حائل بينهما ؛ فكلّ أمرٍ يحول بين شيء وشيء آخر يُسمَّى مانعاً .



وفي الاصطلاح : هو أمرٌ خارجٌ عن الحكم ، يستلزم وجوده عدم الحكم مع وجود سببه ؛ فهو يؤثر من جانب وجوده ؛ فينعدم الحكم بوجود المانع ، بخلاف الشرط ؛ فإنَّ تأثيره من جانب العدم .



أو هو : ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته .



ـ والموانع من الإرث تنقسم إلى قسمين :



(1)- قسمٌ مجمعٌ عليه ، وقسمٌ مختلف فيه .



* فالقسـم المجمـع عليـه ثلاثـة أنواع : رق ، وقتل ، واختلاف الدين .



* والقسـم المختلف فيه على أنواع ، أهمها : الارتداد ، واختلاف الدار .





موانع من الإرث مجمعٌ عليها



اختلاف دين , قتل , رق ,



ناقص الرق , كامل الرق ,



المكاتَب المبعَّض



من موانع الإرث :





(1)- الرق :



= تعريفه : في اللغة : العبودية .



: في الاصطلاح : عجز حكمي يقوم بالإنسان بسبب الكفر فيمنعه من التصرُّف .



= تفسير التعريف :



: عجز حكمي : ليس العجز أصلياً في العبد ؛ كعجز الصبيّ والمجنون ، بل عجزه حكمي طارئ عليه .



: التصرُّف : الملك ، الحرية ، الشهادة ، تولِّي الحكم أو القضاء .



= الدليل من الكتاب والسنَّة على عجز العبد الحكمي :



قول الله I : ) ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء وهو كَلٌّ على مولاه ..( الآية [النحل : 75] .



س : هل الرق على درجة واحدة ، أم هو على درجات متفاوتة ؟



ج : بل هو على درجات متفاوتة :



-1- رقيق كامل الرق : وهو القِنّ ؛ الخالص العبودية ، المملوك بكليته .



-2- المكاتَب : وهو الذي كاتب سيده على أقساط يدفعها إليه ، فيُصبح حراً عند آخِر قسط يدفعه .



-3- أمّ الولد : وهي المملوكة التي وطئها سيّدها ، فحملت منه ، وأتت بولد . فهذه لا تباع ولا توهب، وتُصبح حرة بمجرّد موت السيّد .



-4- المبعَّض : من كان بعضه حراً ، وبعضه مملوكاً ؛ كما لو كان مشتركاً بين اثنين ، فأعتق أحدهما نصيبه منه .



-5- المُدْبَر ، أو المدَبَّر : وهو الذي يقول له سيده : أنت حر بعد وفاتي ، فيُصبح حراً بمجرد وفاة سيده .



-6- المعلَّق على صفة : كالعبد الذي يقول له سيده : أنت حرّ إن أتاني ذكر ، أو نجحت ، أو تولّيت ولاية ، أو إذا جاء شهر رمضان فأنت حرّ .. إلخ .



-7- الموصى بعتقه (تنفيذ عتقه موقوف على الورثة) ؛ إذ قد يكون العبد أكثر من الثلث ، فيتوقف عتقه على موافقة الورثة .



مسألة :



ما رأي العلماء في إرث الرقيق الكامل الرق ، والناقص الرق ؟



أولاً ـ كاملوا الرق : لا يرثون من الغير ، ولا يرث الغير منهم ، ولا يحجبون أحداً باتفاق الفقهاء .





ثانياً ـ ناقصوا الرق : (محلّ خلاف) :



-1- المبعَّـض : تقدّم أنَّ المبعَّض من كان بعض جزئه حراً ، والباقي عبداً .



س : ما رأي العلماء في توريث المبعَّض ، والإرث منه ، وحجبه ؟



ج : =أ= الحنفية والمالكية قالوا : لا يرث ، ولا يُورِّث ، ولا يحجب، وحكمه حكم القنّ تماماً . (وهؤلاء قد غلَّبوا منه جانب العبودية) .



=ب= الشعبي والأوزاعي : يرث ، ويورِّث ، ويحجب كالحرّ تماماً . (وهؤلاء قد غلَّبوا منه جانب الحرية) .



=ج= الحنابلة : يرث ويورِّث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية ؛ فيُعامل جزؤه الحرّ بحكم الأحرار ، وجزؤه الرقيق بحكم الأرقاء .



=د= الشافعية : لا يرث ، ولكن يورِّث ، ولا يحجب .



مســألة :



مات أبٌ حرّ عن ابنٍ عبدٍ مبعَّض بالنصف ، وأخ شقيق :



الشافعية الحنابلة الشعبي الحنفية مات عن :



لا يرث له النصف يرث وهو عصبة لا يرث ابن عبد مبعَّض



عصبة له النصف محجوب عصبة أخ شقيق



مســألة :



ماتت عن زوج ، وابن مبعَّض بالنصف ، وأخ شقيق :



الحنابلة (مبعَّض) الحنفية (عبودية) الشعبي (حرية) ماتت عن:



¼ + 1/8 ½ ¼ زوج



¼ + 1/8 الباقي للابن م ع ¾ ابن مبعَّض



¼ ع ½ م أخ ش



الحنابلة قالوا : الباقي يُعطى للابن ؛ إذ هو أقرب فرع وارث غير أصحاب الفروض





= صور العبد المبعَّض :





-1- المهايأة : كأن يخدم سيِّده بنسبة ملكه ، ويكتسب بنسبة حريته .



-2- المخارجة : كأن يقول له سيده : اعمل لنفسك ، وكلّ يوم تأتيني بـ(10) ريالات مثلاً .



-3- المقاسمة : كأن يقول له سيده : ما أتيت به ، فهو مناصفة بيني وبينك .



وهناك صورة رابعة ، وهي : أن يتركه يعمل لنفسه ، ولا يأخذ منه شيئاً .



مسألة :



مات عبدٌ مبعَّض بالنصف عن زوجة ، وابن :



الشافعية الحنابلة الشعبي الحنفية مات عن :



1/8 فرضاً 1/16 فرضاً 1/8 فرضاً لا ترث زوجة



7/8 عصبة 7/16 عصبة 7/8 عصبة لا يرث ابن



والباقي للسيِّد



-2- المكاتب :



س : هل يرث العبد المكاتب من غيره ، وهل يرث غيره منه ؟



ج :



أولاً : العبد المكاتب لا يرث من غيره بالاتفاق .







ثانياً : هل يرث غيره منه ؟ المسألة محل خلاف ، وسبب اختلافهم في ذلك ، هو اختلافهم في الذي يموت عليه المكاتب ؛ أيموت مكاتَباً ، أم حراً ، أم عبداً :



=أ= الشافعية والحنابلة : إذا مات ولم يف بمال الكتابة ، وكان لديه مالٌ قدر الكتابة ، أو أقلّ ، أو أزيد ، يُعتبر عقداً لاغياً ، وتُفسخ الكتابة ، ويكون المال لسيده ؛ إذ المكاتبة عقد معاوضة على المكاتب ، وقد تلف قبل التسليم ، فبطل العقد ، فيئول المال الذي تركه إلى سيده ، والمكاتب عبدٌ ما بقي عليه شيء :



كذا قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : "هو عبدٌ ما بقي عليه شيء" ، وقال زيد بن ثابت t : "ما بقي عليه درهم" ، وقال ابن عمر رضي الله عنهما : "هو عبدٌ إن عاش ، وإن مات ، وإن جَنَى ، ما بقي عليه شيء" .



وعلى ذلك أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r وَغَيْرِهِمُ ؛ "أنّ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ" . وَهـُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ .



=ب= الحنفية قالوا : العبد المكاتب إذا كان لديه مال يفي بالكتابة ، فإنَّ الكتابة تُعتبر سارية ، ولا تنفسخ ، ويوفي من المال الذي تركه دين الكتابة ، ويُحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته . وما زاد عن الكتابة ـ ما بقي بعد وفاء سيِّده ـ يكون لورثته مطلقاً (سواء أدخلوا معه في عقد المكاتبة أم لا ، وسواء أكانوا أحراراً أم عبيداً) .



=ج= المالكية قالوا : الكتابة لا تنفسخ ، ولكن لا يرث المال إلا ورثة العبد الذين دخلوا معه في الكتابة ، شريطة أن يكونوا أصله أو فرعه .



فإذا مات المكاتب قبل أداء مال الكتابة ، وترك مالاً ، يؤدِّي منه مال كتابته ، فإنَّه يؤدى منه ، وما بقي يكون لورثته مـمَّن كان معه في عقد الكتابة ـ مـمَّن يُعتق عليه لو ملكه ؛ كأصله وفرعه ـ .



ومن موانع الإرث :





(2)- القتـل :



والقتل : هو فعل ما يكون سبباً لإزهاق الروح .



ولا خلاف بين العلماء في أنّ القتل مانعٌ من موانع الإرث ، ولكنّ الخلاف في نوع القتل الذي يمنع منه .



أنواع القتل :



مع اتفاق العلماء على أنّ القتل مانع للإرث ، إلا إنهم اختلفوا في نوع القتل المانع ؛ وذلك أن القتل قسمان : قتل بغير حق ، وقتل بحق .



أولاً = القتل بغير حق : وهذا تحته أنواع.
 
.مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات