بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

19 يوليو 2010



شرح




نفقة الأولاد الصغار



النص القانونى :

( مادة 18 مكررا ثانيا ) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 .



" اذا لم يكن للصغير مال فنفقته على ابية .



وتستمر نفقة الاولاد على ابيهم الى ان تتزوج البنت او تكسب مايكفى نفقتها والى ان يتم الابن الخامسة عشرة من عمره قادرا على الكسب المناسب فان اتمها عاجزا عن الكسب لافة بدنية او عقلية او بسبب طلب العلم الملائم لامثاله واستعداده او بسبب عدم تيسر هذا الكسب استمرت نفقته على ابيه .



ويلتزم الاب بنفقة اولاده وتوفير المسكن لهم بقدر يساره وبما يكفل للاولاده العيش في المستوى اللائق بأمثالهم .



وتستحق نفقة الاولاد على ابيهم من تاريخ امتناعه عن الانفاق عليهم .



الاصل ان نفقة الصغير في ماله ان كان له مال :

نصت المادة على انه اذا لم يكن للصغير مال فنفقته على ابية وهذا يتفق مع الاصل الشرعى على ان نفقة الانسان في مالة فمن كان له مال لاتجب نفقته على غيره سواء كان صغير او كبيرا او اثنى لان نفقة الاقارب تجب للحاجة فأذا لم يكن القريب محتاجا لاتجب نفقته على غيره .



الاصل الشرعى لنفقة الاولاد الصغار على ابيهم :

لاخلاف بين الفقهاء في وجوب نفقة الاولاد الصغار على الاباء فقد ثبت وجوب هذه النفقة بنصوص من الكتاب والسنة .



فقد قال تعالى (( وعلى المولود له رقهن وكسوتهم بالمعروف ))



فالمولود له الاب ولما ثبت رزق الوالدات على الاب بسبب الولد وجب عليه رزق الولد بطريق الاولى .



وماروى من ان هندا بنت عتبة زوجة اابى سفيان قالت يارسول الله " ان ابا سفيان رجل شحيح وليس يعطينى مايكفينى وولدى الا مااخذ منه وهو لايعلم فقال عليه السلام ( خذى مايكفيك وولدك بالمعروف )



نفقة الصغير تكون على ابيه اذا لم يكن له مال :-

نصت المادة كما رأينا على انه لم يكن للصغير مال فنفقته على ابيه وهذا يتفق مع الاصل الشرعى انه لايشارك الاب في نفقة ولده احد والمراد بالولد المباشر لا من دونة لان الاولاد جزء منه فالانفاق عليهم كالانفاق على نفسة لان الاب يتص بانتساب اولاده اليه لايشاركة احد في ذلك وهو غنم يختص به فيتحمل غرم النفقة .وقد جعل النص نفقة الصغير على ابية حتى بلوغة الخامسة عشرة وتحسب هذه السن على اساس التقويم الهجرى لانه الاصل في التقويم الشرعى مالم يرد نص على خلافه.



والسن المذكورة هى اقصى سن البلوغ وثبوت الولادية على النفس واهلية التقاضى طبقا للرأى الراجح في المذهب الحنفى .



وقد احسن القانون ةبالزام بنفقة ولده حتى هذه السن لان الولد قبلها ينبغى ان يكون مشغولا بطلب الحد الانى من العلم الاساس سواء في ذلك النظرى او الذى يؤهلة لاحتراف مهنة فينبغى الا يكلف قبل هذه السن بالخروج للتكسب والاحتراف ولو كان بالغا او قادرا على الكسب .



وتجب النفقة على الاب ولو كان مختلفا مع ابنه في الدين لانة لا يشترط اتحاد الدين في النفقة الولادة لان سبب وجوبها الولادة وبها تثبت الجزئية والبعضية وهذه لاتختلف بأختلاف الدين ولاعبرة فيها بألارث .ولان الفرع جزء من الاصل وجزء الانسان في معنى نفسه فكما لاتمتنع النفقة على نفسة بالكفر فكذلك لاتمتنع على جزئه .



على من تجب نفقة الصغير في حالة اعسار الاب او عجزه او عدم وجوده .

نصت المادة على انه اذا لم يكن للصغير مال فنفقته على ابية ولكنها لم تبين من تجب عليه نفقته اذا كان الاب معسرا او عاجزا عن الكسب او غير موجود وعلى هذا يتعين الرجوع في هذا الصدد للرأى الراجح في المذهب الحنفى عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمنصوص عليه في المذهب الحنفى انه اذا كان الاب معسرا ولكنة قادرا على الكسب او كان قادرا على الكسب ولكنة لا يكسب بالفعل لعدم وجود عمل له فلا ينتقل وجوب النفقة الى غيره بل بيقى الوجوب عليه ولكنه لايكلف بالاداء بل تكلف الام بالانفاق ان كان لها مال ويكون ماتنفقه دينا على الاب ترجع به عليه اذا ايسر لانها اولى بالتحمل من سائر الاقارب فان لم يكن للآم مال كلف من يليها فلا ترتيب من تجب عليهم النفقة وهو الجد لاب بالانفاق ليرجع على الاب اذا ايسر كذلك .



اما اذا كان الاب معسرا عاجزا عن الكسب كان يكون مريضا بمرض مزمن يقعده عن الكسب بحيث تكون نفقته على غيره من الاصول او الفروع فأنه في هذه الحالة يعتبر في حكم الميت ويسقط وجوب النفقة وينتقل الوجوب الى من يليه في الترتيب لانة لايسوغ عقلا ان توجب عليه نفقة غيره وهو يأخذ نفقة من غيره .



اذا كان مال الصغير حاضرا في يد الاب انفق منه عليه وينبغى ان يشهد على ذلك اذ لو لم يشهد فمن الجائز ان ينكر الصبى اذا بلغ ويقول ان الاب انفق من مال نفسه لامن ماله فيصدقه القاضى لان الظاهر ان الرجل الموسر ينفق على ولده من مال نفسه وان كان لولده فكان الظاهر شاهدا للولد فيبطل حق الاب .

وان كان مال الصغير في بلد اخر ينفق الاب من مال نفسه بامر القاضى اياه بالانفاق ليرجع على الابن او يشهد انه ينفق من مال نفسه ليرجع به في مال ولده ليمكنه الرجوع لما ذكرنا ان الظاهر ان الانسان يتبرع بالانفاق من مال نفسه على ولده فاذا امر القاضى بالانفاق من ماله ليرجع او اشهد على انه انفق ليرجع فقد بطل الظاهر وتبين انه انما انفق من ماله على طريق القرض وهو يملك اقراض ماله فيمكنه الرجوع .

انواع نفقة الصغير :

اقتصرت المادة 17 مكررا ثانيا ) على النص على التزام الاب بنفقة صغيره اذا لم يكن للصغير مال دون ان تعدد انواع النفقة الواجبة له وذكرت منها السكنى ومصاريف التعليم فقط ولاينال من ذلك ان النص جرى على الزام الاب بمصاريف تعليم الابن الكبير العاجز عن الكسب دون الابن الصغير لان وجوبها للاخير اولى .



والنفقة شرعا هى الطعام والكسوة والسكنى وفى العرف الطارىء في لسان اهل الشرع هى الطعام فقط ولذا يعطفون عليه الكسوة والسكنى والعطف يقتضى المغابرة فنجد كثيرا من الفقهاء يقولون مثلا تجب للزوجة على زوجها النفقة والكسوة والسكنى فيجعلونها شيئا اخر غير الكسوة والسكنى .



وعلى ذلك اذا اطلق لفظ النفقة فأنه لايشمل سوى الطعام والكسوة والسكنى دون غيرها من انواع النفقة .



غير ان الفقهاء يدخلون في نفقة الصغير انواعا اخرى هى بدل الفرش والغطاء واجر الحضانة واجر خادم وقد جاء بالمذكرة الايضاحية للمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المشتمل على لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والاجراءات المتعلقة بها ( الملغى ) ماياتى :



ثانيا :- شمول نفقة الزوجية لنفقة الطعام وبدل الكسوة واجرتى المسكن والخادم وشمول نفقة الصغير لذلك ولاجرتى الحضانة والرضاع .



وعلى ذلك تكون انواع نفقة الصغير كالاتى :-



1- الطعام :



وقد جرى القضاء على فرض نفقة الطعام شهريا لمن في يده الصغير كما سنرى .



واذا كان الصغير في سن الارضاع وهو حولان فانة يستحق نفقة طعام تفرض له بجانب اجر الارضاع وتسمى بدل اصلاح شأن .



وقد جرى القضاء على ذلك .



( شبين الكوم الابتدائية – جلسة 25/10/1986 – الدعوى 111 لسنة 1986 كلى مستأنف – قسم اول بندر طنطا – جلسة 24/4/1988 – الدعوى 379 لسنة 1985 )



2- الكسوة :-



جرت عادة الفقهاء على فرض كسوة للصغير كل اربعة اشهر اى ثلاثة مرات في السنة وقد جرى القضاء على فرض مبلغ شهرى للكسوة .



( طنطا الابتدائية بتاريخ 2/2/1967 – الدعوى رقم 222 لسنة 1966 كلى مستانف )



3- بدل الفرش والغطاء :-



يجب للصغير على ابيه فرشه وغطاؤه ولما كان الفرش والغطاء مما يبلى فانة يلتزم بتجديده بدوام الاستعمال ويجب للصغير الفرش والغطاء ولو كان رضيعا اذ المعروف عادة والمقرر طبيعة ان الطفل يجب ان يكون في مهد خاص يناسب حالته لايشترك مع حاضنته في فراشها وغطائها وهذا ايضا ما تمليه المبادىء الصحية .



وقد جرى القضاء على فرض مبلغ يسير شهريا لبدل فرش وغطاء الصغير يضاف الى نفقته .



( شبين الكوم الكلية – 25/10/1986 – الدعوى رقم 111 لسنة 1986 مستأنف – بركة السبع الجزئية – 3/11/1987 – الدعوى رقم 165 لسنة 1986 – قسم اول بندر طنطا – 24/4/1988 – الدعوى رقم 379 لسنة 1985 )



4- اجر الخادم :



اذا احتاج الصغير الى خادم للقيام بشئونة فان اجر الخادم يكون من كفايته ويلتزم به الاب اذا كان مثله ممن يخدم اولاده فاذا كان الصغير في يد حاضنتها المفروض لها اجر خادم فانه لايفرض للصغير اجر خادم الا اذا كانت حالته تسمح بأكثر من خادم واذا كان للاب اكثر من ولد لايكفيهم خادم واحد فانه يجوز فرض اجر اكثر من خادم للاولاد اذا كانت حالته تسمح بذلك .



وتقدير ما اذا كان الاولاد يحتاجون الى اكثر من خادم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لقاضى الموضوع .



( راجع في اجر الخادم – الكتاب الثانى بند 102 )



5- مصاريف العلاج :-



لم تنص المادة 18 مكررا ثانيا المضافة الى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على الزام الاب مصاريف علاج الصغير كما فعلت المادة الاولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 المستبدلة بالقانون المذكور بالنسبة لمصاريف علاج الزوجة نصت على الزام الزوج بها ومن ثن يتعن الرجوع في ذلك الى الرأى الراجح في المذهب الحنفى عملا بالمادة الثالثة من قانون اصدار القانون رقم (1) لسنة 2000 باصدار قانون تنظيم بعض اوضاع واجراءات التقاضى في مسائل الاحوال الشخصية .



وبالرجوع الى المذهب الحنفى نجد ان العلامة ابن عابدين ذكر في حاشيته انه لم ير من ذكر وجوب اجر الطبيب وثمن الادوية على الوالد لابنه وانما ذكروا عدم الوجوب للزوجة .



والذى نراه مع البعض ان مصاريف العلاج لاغنى عنها للصغير وللاقارب المستحقين للنفقة عامة فهى بهذه المثابة تدخل ضمن الحاجات التى مناط فرض نفقة الاقارب فتكون اذن من جملة الكفاية وتجب للقريب على قريبة .











مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




شرح




نفقة الأولاد الصغار



النص القانونى :

( مادة 18 مكررا ثانيا ) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 .



" اذا لم يكن للصغير مال فنفقته على ابية .



وتستمر نفقة الاولاد على ابيهم الى ان تتزوج البنت او تكسب مايكفى نفقتها والى ان يتم الابن الخامسة عشرة من عمره قادرا على الكسب المناسب فان اتمها عاجزا عن الكسب لافة بدنية او عقلية او بسبب طلب العلم الملائم لامثاله واستعداده او بسبب عدم تيسر هذا الكسب استمرت نفقته على ابيه .



ويلتزم الاب بنفقة اولاده وتوفير المسكن لهم بقدر يساره وبما يكفل للاولاده العيش في المستوى اللائق بأمثالهم .



وتستحق نفقة الاولاد على ابيهم من تاريخ امتناعه عن الانفاق عليهم .



الاصل ان نفقة الصغير في ماله ان كان له مال :

نصت المادة على انه اذا لم يكن للصغير مال فنفقته على ابية وهذا يتفق مع الاصل الشرعى على ان نفقة الانسان في مالة فمن كان له مال لاتجب نفقته على غيره سواء كان صغير او كبيرا او اثنى لان نفقة الاقارب تجب للحاجة فأذا لم يكن القريب محتاجا لاتجب نفقته على غيره .



الاصل الشرعى لنفقة الاولاد الصغار على ابيهم :

لاخلاف بين الفقهاء في وجوب نفقة الاولاد الصغار على الاباء فقد ثبت وجوب هذه النفقة بنصوص من الكتاب والسنة .



فقد قال تعالى (( وعلى المولود له رقهن وكسوتهم بالمعروف ))



فالمولود له الاب ولما ثبت رزق الوالدات على الاب بسبب الولد وجب عليه رزق الولد بطريق الاولى .



وماروى من ان هندا بنت عتبة زوجة اابى سفيان قالت يارسول الله " ان ابا سفيان رجل شحيح وليس يعطينى مايكفينى وولدى الا مااخذ منه وهو لايعلم فقال عليه السلام ( خذى مايكفيك وولدك بالمعروف )



نفقة الصغير تكون على ابيه اذا لم يكن له مال :-

نصت المادة كما رأينا على انه لم يكن للصغير مال فنفقته على ابيه وهذا يتفق مع الاصل الشرعى انه لايشارك الاب في نفقة ولده احد والمراد بالولد المباشر لا من دونة لان الاولاد جزء منه فالانفاق عليهم كالانفاق على نفسة لان الاب يتص بانتساب اولاده اليه لايشاركة احد في ذلك وهو غنم يختص به فيتحمل غرم النفقة .وقد جعل النص نفقة الصغير على ابية حتى بلوغة الخامسة عشرة وتحسب هذه السن على اساس التقويم الهجرى لانه الاصل في التقويم الشرعى مالم يرد نص على خلافه.



والسن المذكورة هى اقصى سن البلوغ وثبوت الولادية على النفس واهلية التقاضى طبقا للرأى الراجح في المذهب الحنفى .



وقد احسن القانون ةبالزام بنفقة ولده حتى هذه السن لان الولد قبلها ينبغى ان يكون مشغولا بطلب الحد الانى من العلم الاساس سواء في ذلك النظرى او الذى يؤهلة لاحتراف مهنة فينبغى الا يكلف قبل هذه السن بالخروج للتكسب والاحتراف ولو كان بالغا او قادرا على الكسب .



وتجب النفقة على الاب ولو كان مختلفا مع ابنه في الدين لانة لا يشترط اتحاد الدين في النفقة الولادة لان سبب وجوبها الولادة وبها تثبت الجزئية والبعضية وهذه لاتختلف بأختلاف الدين ولاعبرة فيها بألارث .ولان الفرع جزء من الاصل وجزء الانسان في معنى نفسه فكما لاتمتنع النفقة على نفسة بالكفر فكذلك لاتمتنع على جزئه .



على من تجب نفقة الصغير في حالة اعسار الاب او عجزه او عدم وجوده .

نصت المادة على انه اذا لم يكن للصغير مال فنفقته على ابية ولكنها لم تبين من تجب عليه نفقته اذا كان الاب معسرا او عاجزا عن الكسب او غير موجود وعلى هذا يتعين الرجوع في هذا الصدد للرأى الراجح في المذهب الحنفى عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمنصوص عليه في المذهب الحنفى انه اذا كان الاب معسرا ولكنة قادرا على الكسب او كان قادرا على الكسب ولكنة لا يكسب بالفعل لعدم وجود عمل له فلا ينتقل وجوب النفقة الى غيره بل بيقى الوجوب عليه ولكنه لايكلف بالاداء بل تكلف الام بالانفاق ان كان لها مال ويكون ماتنفقه دينا على الاب ترجع به عليه اذا ايسر لانها اولى بالتحمل من سائر الاقارب فان لم يكن للآم مال كلف من يليها فلا ترتيب من تجب عليهم النفقة وهو الجد لاب بالانفاق ليرجع على الاب اذا ايسر كذلك .



اما اذا كان الاب معسرا عاجزا عن الكسب كان يكون مريضا بمرض مزمن يقعده عن الكسب بحيث تكون نفقته على غيره من الاصول او الفروع فأنه في هذه الحالة يعتبر في حكم الميت ويسقط وجوب النفقة وينتقل الوجوب الى من يليه في الترتيب لانة لايسوغ عقلا ان توجب عليه نفقة غيره وهو يأخذ نفقة من غيره .



اذا كان مال الصغير حاضرا في يد الاب انفق منه عليه وينبغى ان يشهد على ذلك اذ لو لم يشهد فمن الجائز ان ينكر الصبى اذا بلغ ويقول ان الاب انفق من مال نفسه لامن ماله فيصدقه القاضى لان الظاهر ان الرجل الموسر ينفق على ولده من مال نفسه وان كان لولده فكان الظاهر شاهدا للولد فيبطل حق الاب .

وان كان مال الصغير في بلد اخر ينفق الاب من مال نفسه بامر القاضى اياه بالانفاق ليرجع على الابن او يشهد انه ينفق من مال نفسه ليرجع به في مال ولده ليمكنه الرجوع لما ذكرنا ان الظاهر ان الانسان يتبرع بالانفاق من مال نفسه على ولده فاذا امر القاضى بالانفاق من ماله ليرجع او اشهد على انه انفق ليرجع فقد بطل الظاهر وتبين انه انما انفق من ماله على طريق القرض وهو يملك اقراض ماله فيمكنه الرجوع .

انواع نفقة الصغير :

اقتصرت المادة 17 مكررا ثانيا ) على النص على التزام الاب بنفقة صغيره اذا لم يكن للصغير مال دون ان تعدد انواع النفقة الواجبة له وذكرت منها السكنى ومصاريف التعليم فقط ولاينال من ذلك ان النص جرى على الزام الاب بمصاريف تعليم الابن الكبير العاجز عن الكسب دون الابن الصغير لان وجوبها للاخير اولى .



والنفقة شرعا هى الطعام والكسوة والسكنى وفى العرف الطارىء في لسان اهل الشرع هى الطعام فقط ولذا يعطفون عليه الكسوة والسكنى والعطف يقتضى المغابرة فنجد كثيرا من الفقهاء يقولون مثلا تجب للزوجة على زوجها النفقة والكسوة والسكنى فيجعلونها شيئا اخر غير الكسوة والسكنى .



وعلى ذلك اذا اطلق لفظ النفقة فأنه لايشمل سوى الطعام والكسوة والسكنى دون غيرها من انواع النفقة .



غير ان الفقهاء يدخلون في نفقة الصغير انواعا اخرى هى بدل الفرش والغطاء واجر الحضانة واجر خادم وقد جاء بالمذكرة الايضاحية للمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المشتمل على لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والاجراءات المتعلقة بها ( الملغى ) ماياتى :



ثانيا :- شمول نفقة الزوجية لنفقة الطعام وبدل الكسوة واجرتى المسكن والخادم وشمول نفقة الصغير لذلك ولاجرتى الحضانة والرضاع .



وعلى ذلك تكون انواع نفقة الصغير كالاتى :-



1- الطعام :



وقد جرى القضاء على فرض نفقة الطعام شهريا لمن في يده الصغير كما سنرى .



واذا كان الصغير في سن الارضاع وهو حولان فانة يستحق نفقة طعام تفرض له بجانب اجر الارضاع وتسمى بدل اصلاح شأن .



وقد جرى القضاء على ذلك .



( شبين الكوم الابتدائية – جلسة 25/10/1986 – الدعوى 111 لسنة 1986 كلى مستأنف – قسم اول بندر طنطا – جلسة 24/4/1988 – الدعوى 379 لسنة 1985 )



2- الكسوة :-



جرت عادة الفقهاء على فرض كسوة للصغير كل اربعة اشهر اى ثلاثة مرات في السنة وقد جرى القضاء على فرض مبلغ شهرى للكسوة .



( طنطا الابتدائية بتاريخ 2/2/1967 – الدعوى رقم 222 لسنة 1966 كلى مستانف )



3- بدل الفرش والغطاء :-



يجب للصغير على ابيه فرشه وغطاؤه ولما كان الفرش والغطاء مما يبلى فانة يلتزم بتجديده بدوام الاستعمال ويجب للصغير الفرش والغطاء ولو كان رضيعا اذ المعروف عادة والمقرر طبيعة ان الطفل يجب ان يكون في مهد خاص يناسب حالته لايشترك مع حاضنته في فراشها وغطائها وهذا ايضا ما تمليه المبادىء الصحية .



وقد جرى القضاء على فرض مبلغ يسير شهريا لبدل فرش وغطاء الصغير يضاف الى نفقته .



( شبين الكوم الكلية – 25/10/1986 – الدعوى رقم 111 لسنة 1986 مستأنف – بركة السبع الجزئية – 3/11/1987 – الدعوى رقم 165 لسنة 1986 – قسم اول بندر طنطا – 24/4/1988 – الدعوى رقم 379 لسنة 1985 )



4- اجر الخادم :



اذا احتاج الصغير الى خادم للقيام بشئونة فان اجر الخادم يكون من كفايته ويلتزم به الاب اذا كان مثله ممن يخدم اولاده فاذا كان الصغير في يد حاضنتها المفروض لها اجر خادم فانه لايفرض للصغير اجر خادم الا اذا كانت حالته تسمح بأكثر من خادم واذا كان للاب اكثر من ولد لايكفيهم خادم واحد فانه يجوز فرض اجر اكثر من خادم للاولاد اذا كانت حالته تسمح بذلك .



وتقدير ما اذا كان الاولاد يحتاجون الى اكثر من خادم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لقاضى الموضوع .



( راجع في اجر الخادم – الكتاب الثانى بند 102 )



5- مصاريف العلاج :-



لم تنص المادة 18 مكررا ثانيا المضافة الى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على الزام الاب مصاريف علاج الصغير كما فعلت المادة الاولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 المستبدلة بالقانون المذكور بالنسبة لمصاريف علاج الزوجة نصت على الزام الزوج بها ومن ثن يتعن الرجوع في ذلك الى الرأى الراجح في المذهب الحنفى عملا بالمادة الثالثة من قانون اصدار القانون رقم (1) لسنة 2000 باصدار قانون تنظيم بعض اوضاع واجراءات التقاضى في مسائل الاحوال الشخصية .



وبالرجوع الى المذهب الحنفى نجد ان العلامة ابن عابدين ذكر في حاشيته انه لم ير من ذكر وجوب اجر الطبيب وثمن الادوية على الوالد لابنه وانما ذكروا عدم الوجوب للزوجة .



والذى نراه مع البعض ان مصاريف العلاج لاغنى عنها للصغير وللاقارب المستحقين للنفقة عامة فهى بهذه المثابة تدخل ضمن الحاجات التى مناط فرض نفقة الاقارب فتكون اذن من جملة الكفاية وتجب للقريب على قريبة .







مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
أ – جناية التعدي على الأملاك العامة :




- نصت المادة 115 مكرراً من قانون العقوبات على أنه : " كل موظف عام تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات بها أو شغلها أو انتفع بها بأية صورة أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة يعاقب بالسجن متى كان ذلك العقار يتبع الجهة التي يعمل بها أو جهة يتصل بها بحكم عمله ، وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة .



ويحكم على الجاني في جميع الأحوال بالعزل من وظيفته أو زوال صفته وبرد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته وبغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه " .



- يشترط قانونا لقيام تلك الجناية :



أن يكون تعدي الموظف العام أو من في حكمه على ارض أو مبان مملوكة لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 .



أن يكون العقار يتبع الجهة التي يعمل بها الموظف العام أو أي جهة من الجهات المبينة في المادة 119 أو يتصل بها بحكم عمله .



- لا يشترط لتوافر هذه الجريمة أن يتم الدخول إلى العقار بواسطة الكسر ، ولكن يكفي أن يشغله أو ينتفع به الموظف العام بأي صورة .







ب – جنحة التعدي على الأملاك العامة :



- نصت المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات على أنه : " كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته فضلاً عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة .



فإذا وقعت الجريمة بالتحايل أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد علي خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .



وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين في حالة العود .



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
 جريمة الرشوة‏.



• تعريف الرشوة

تعريف الرشوة

• الشرط المفترض: صفة الجانى

صفة الجانى (الموظف العام)

• الركن المادي للجريمة

الطلب

القبول

الأخذ

الفائدة موضوع الرشوة

سبب الرشوة:

القصد الجنائي

• عقوبة الرشوة

عقوبة الرشوة

موجز الدراسة

في هذه الدراسة سيتم التعريف بجريمة الرشوة وصفة الجاني وأركان جريمة الرشوة، وذكر لعقوبة الرشوة

تعريف الرشوة

لقد نصت المادة (103) عقوبات على جريمة الرشوه بمعناها الدقيق وهى اتجار الموظف او استغلاله لوظيفته على النحو المبين فى القانون.

وتسلتزم هذه الجريمة لقيامها توافر شرط مفترض وهو الصفة الواجب توافرها فى الجانى وركنين اساسين هما :

1) ركن مادى هو النشاط الاجرامى الذى يتحقق به فى نظر القانون معنى الاتجار بالوظيفة او استغلالها.

2) ركن معنوى وهو القصد الجنائى.

اما الشرط المفترض :- صفة الجانى " الموظف العام "

صفة الجانى (الموظف العام)

لقانون العقوبات ذاتية واستقلال عن سائر القوانين وتلك الذاتية جعلتة يستأثر بتعريف اوسع واعم واشمل فى تعريف مدلول الموظف العام فى جريمة الرشوة والإختلاس لكون هاتين الجريمتين من جرائم الإخلال بواجبات الوظيفة العامة لذا افترض المشرع المصرى لوقوع جريمة الرشوه ان يكون المرتشى موظفا عاما او ان يدخل فى طائفة معينه اعتبرها فى حكم الموظفين العموميين لذا فالمشروع فى جريمة الرشوة لم يقف فى تحديد مدلول الموظف العام عند التعريف الضيق لبعض فقهاء القانون الادارى للموظف العام .

على ان هذا التعريف ليس من العمومية والشمول بحيث ينصرف الى معنى الموظف العام فى سائر جرائم قانون العقوبات فقد نجد ان المشرع يتجة الى التضييق فى نطاق هذا التعريف الواسع فى جرائم التزوير واستعمال القسوة والتعدى على الموظفين العموميين وغيرها من الجرائم التى يتطلب القانون فى مرتكبها او فى المجنى عليه فيها ان يكون موظفا عاما لذا فأنه يمكن القول بأنه لايوجد تعريف موحد للموظف العام فى قانون العقوبات يقابل تعريفه المتفق عليه فى القانون الادارى.

الطلب

ويتمثل الركن المادي لجريمة الرشوة فى الطلب او القبول او الاخذ :-

الطلب:

يكفى لتوافر النشاط الاجرامى فى الرشوة ان يصدر عن الموظف بارادته المنفردة ايجاب بالرشوة ولو لم يعقبه قبول لها ممن توقع الموظف ( طالب الرشوة ) ان يكون راشيا فتقع الجريمة كامله ولو رفض الراشى الاستجابه الى هذا الطلب كما يستوى لوقوع الجريمة ان يطلب الموظف الرشوة لنفسه او لغيره او ان يرد الطلب على عطية او ينصرف الى مجرد وعد بها وهذا التوسع فى التجريم يرجع الى ان مجرد طلب الرشوة ولو لم يعقبه قبول او اخذ ينطوى على معنى عرض الوظيفة للاتجار بها او استغلالها مما يحقق الخطر المراد تفاديه بتجريم الرشوة.

القبول

القبول:

يكفى لوقوع جريمة الرشوة ان يقبل الموظف الوعد بالعطية الذى صدر من الراشى دون عبرة بما اذا كان الراشى قد نفذ هذا الوعد او نكل عن تنفيذه اذ يكفى مجرد صدور القبول من المرتشى لوقوع جريمة الرشوة تامة كاملة.

وللمحكمة ان تتحقق من توافر القبول من جميع ظروف الواقعة وفقا لما تستبينه من ادله الاثبات المطروحة عليها ولايشترط فيه ان يكون فى صورة معينه فيستوى ان يصدر شفاهة او كتابة صراحة او ضمنا وقد تستبين المحكمة القبول الضمنى من سكوت الموظف في ظروف معينة تفيد معنى القبول ويشترط في القبول ان يكون جديا اى صادرا عن ارادة حرة واعية فلا تقع الجريمة اذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة ليسهل على رجال الشرطة القبض على الراشى وعلى العكس من ذلك لايشترط ان يرد القبول على ايجاب صحيح فتقع الجريمة ولو كان عرض الرشوة عليه غير جدى وعلة ذلك ان الرشوة ليست عقدا حتى يتطلب فيه تبادل الارادتين.

الأخذ

الاخذ:

يقع هذا الفعل باستلام الموظف او انتفاعه بالعطية موضوع الرشوة وتتميز هذه الصورة من الركن المادى بانها ترد مباشرة على العطية سواء سبقها وعد بالرشوة او لم يسبقها هذا الوعد وتعتبر اخطر صور الرشوة اذ فيه يكون الموظف قد قبض فعلا ثمن اتجاره بوظيفته او استغلالها ولهذا يطلق عليها تعبير الرشوة المعجلة خلافا لصورة القبول اذ يطلق عليها الرشوة المؤجلة. واذا تسلم الموظف العطية فلا عبرة بنوع التسليم فيستوى ان يكون ان يكون حقيقيا او رمزيا ، ويعتبر اخذا للعطية انتفاع الجانى بالميزة او الفائدة موضوع الرشوة. ويستوى ان يكون العطاء سابقا او معاصرا لاداء العمل او لاحقا عليه مادام اداء العمل كان تنفيذا لاتفاق سابق اذ ان نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة منذ البداية.

الفائدة موضوع الرشوة

يتعين في الطلب او القبول او الاخذ ان يرد على وعد او عطية حسب الاحوال ولايشترط في الفائدة ان تكون محددة طالما كانت قابلة للتحديد ويجب ان يثبت ان المقابل قد طلبه الموظف او قبله او اخذه كثمن لاداء عمله.

سبب الرشوة:

وسبب الرشوة الذى يتعين اتجاه ارادة الجانى اليه هو اداء من اعمال وظيفته. وجريمة الرشوة تقع وتتم بمجرد الطلب او القبول او الاخذ دون ان يعلق تمامها على تنفيذ المقابل.

القصد الجنائي

الرشوة جريمة عمدية يتطلب فيها القانون توافر القصد الجنائى لدى المرتشى ويتوافر هذا القصد باتجاه ارادة الجانى الى طلب الرشوة او قبولها او اخذها عالما بانها مقابل الاتجار بوظيفته وبالتالى فان القصد يتطلب توافر عنصرين هما الارادة والعلم.

• يجب ان تتجه ارادة الموظف الى الطلب او القبول او الاخذ فلا يتوافر القصد الجنائى اذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة للايقاع بالراشى او دس الراشى المبلغ في جيب المرتشى دون ان تتجه ارادة الاخير الى اخذه. واذا اتجهت ارادة الجانى الى اخذ الرشوة وجب ان تتجه نبيته الى الاستيلاء على العطية سواء بقصد التملك او الانتفاع.

• يجب ان يعلم الموظف بان الرشوة التى طلبها او قبلها او اخذها ليست الا مقابل الاتجار بوظيفته او استغلالها فلا يتوافر القصد الجنائى اذا تسلم الموظف مبلغا من المال سدادا لدين على الراشى غير عالم بنية هذا الاخير في ارشائه او اذا اعطى الراشى العطية لزوجة الموظف بنية ارشائه دون ان يعلم الموظف بذلك.

وهناك رأى في الفقه يذهب الى اشتراط توافر قصد خاص في جريمة الرشوة وهو نية الاتجار بالوظيفة واتخاذ الوظيفة وسيلة للحصول على العطايا. الا اننا نذهب الى ان الركن المادى للرشوة يكفى لاظهار نية الجانى في الاتجار باعمال وظيفته.

عقوبة الرشوة

عقوبة اصلية وهى الاشغال الشاقة المؤبدة الا انه يمكن للقاضى ان يخفض العقوبة الى الحد المسموح به طبقا لنص المادة 17 عقوبات اذا اقترنت الجريمة باحد الظروف المخففة وعقوبة اخرى تكميلية وجوبية وهى الغرامة النسبية التى لاتقل عن الف جنية ولاتزيد على ما اعطى او وعد به.





مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الإعارة








الإعارة detachement من فعل عار فيقال عار الشيء أخذه وذهب به وأتلفه، وأعاره الشيء إعارة أعطاه إياه عارية، والعارة والعارية ما يتداوله الناس بينهم من غير عوض.



والإعارة شرعاً تمليك منفعة بلا بدل، وفي المأثور: «العارية مستردة» ومعنى ذلك إعطاء الشيء مؤقتاً للغير شريطة إعادته.



والإعارة قانوناً وضع العامل المؤصل في إحدى الجهات العامة في الدولة تحت تصرف جهة عامة أخرى داخلية أو خارجية مدة محددة على أن يعود بعدها إلى وظيفته الأصلية (المادة 38 من قانون العاملين الموحد في الجمهورية العربية السورية). وقد استحدثت الدولة نظام الإعارة بالقانون رقم/55/ لعام 1959 الخاص بمجلس الدولة الذي أجاز إعارة أعضاء مجلس الدولة داخلياً للعمل بوزارات الحكومة ومصالحها والهيئات العامة.



ثم صدر القانون رقم /255/ بتاريخ 19/7/ 1960 الذي ضمت أحكامه إلى قانون الموظفين الأساسي، وبعده صدر قانون السلطة القضائية رقم 98 لعام 1961 والذي تضمن أحكاماً تتعلق بندب قضاة الحكم والنيابة للقيام بأعمال قضائية أو فنية أو إدارية لا تدخل في نطاق عملهم أو إضافة إلى عملهم مقابل تعويض يحدده مجلس القضاء الأعلى.



وقبل صدور النظام الأساسي الموحد للعاملين في الدولة رقم /1/ لعام 1985 الذي أعاد تنظيم أحكام الإعارة الواردة في قانون الموظفين الأساسي صدر قانون تنظيم الجامعات رقم/1/ لعام 1975 الذي أجاز إعارة أعضاء هيئة التدريس لجامعة أو معهد علمي خارج القطر في مستوى الكليات الجامعية أو للعمل بوزارات الدولة ومؤسساتها أو في إحدى الهيئات الدولية أو في جهة عامة غير حكومية فيما تخصصوا فيه، متى كانت المهمة في مستوى الوظيفة التي يشغلونها بالجامعة وذلك لمدة أقصاها أربع سنوات.



وقد عرفت بعض الأنظمة القانونية العربية نظام الإعارة وخاصة في إطار إعارة أساتذتها وخبرائها إلى الهيئات العامة والخاصة والجامعات ومراكز البحث العلمي والمنظمات العربية والدولية.



لكن التشريع المصري كان أكثر مرونة في إعارة الخبرات المصرية إلى الجهات الأخرى بخلاف الحال في سورية، فالإعارة ليست محصورة بمرة واحدة بل تجوز إعارة العامل المصري أكثر من مرة بعد انتهاء أخر إعارة له، وقضائه فترة خدمة محددة في مصر. كما يجوز مد الإعارة بلا حدود لضرورات المصلحة القومية. كذلك عرف العراق نظام الإعارة وكان أكثر ليونة من سواه أيضاً.



وجاءت اتفاقية الوحدة الثقافية العربية لعام 1965 تنص على تشجيع تبادل الأساتذة والخبراء والمدرسين بين المعاهد والجامعات العربية بالشروط العامة والفردية التي تنص عليها (المادة32 منها) وعلى أن تحتسب مدة الإعارة للمعار في دولته. وهذا ما يشجع على نشر الثقافة العربية والإفادة من خدمة العرب في المؤسسات العلمية للدول الأكثر حداثة، كما يرفد المنظمات الدولية والعربية بخبرات الوطن العربي الثرية في شتى مناحي المعرفة.



الأحكام القانونية للإعارة



أصول الإعارة: ينطبق نظام الإعارة على جميع العاملين المؤصلين (وهم الذين مضى على تعيينهم أكثر من سنة) مهما كانت فئاتهم وفقاً للقانون رقم /1/ لعام 1985، في حين حصر قانون الموظفين الإعارة على موظفي الحلقة الأولى والثانية. وتتم الإعارة في كلا القانونين بطلب من الإدارة وموافقة الموظف الخطية عليها، كما أنها تتم وفقاً للقانون /1/ لعام 1985 بناءً على طلب العامل وموافقة الإدارة، وهذا يعني أن المشرع لم يجعل الإعارة حقاً للموظف (العامل) وإنما تتدرج الإعارة في جميع الحالات في نطاق السلطة التقديرية للإدارة. كما أن الإعارة ليست امتيازاً أو حقاً للإدارة إذ يتعين موافقة الموظف على إعارته وإلا كان قرار الإعارة غير مشروع.



وفي فرنسة تكون الإدارة ملزمة بإعارة الموظف إذا كانت لشغل وظيفة عامة انتخابية أو مهمة نقابية. كما يمكن أن تتم الإعارة من دون موافقة الموظف، وذلك في حالة إذا كانت الإعارة لممارسة وظائف لدى جهة من جهات الإدارة أو لدى مؤسسة عامة من مؤسسات الدولة في وظيفة معادلة في الدرجة والأقدمية لوضعه الوظيفي، وتخضع في معاشها للنظام العام للمعاشات في الدولة بعد استشارة اللجنة الإدارية المختصة.



مدة الإعارة: يصدر قرار إعارة الموظف العام من السلطة المختصة بالتعيين سواء للعمل في الداخل أو الخارج، وقد استلزم المشرع أن يحدد القرار الصادر بإعارة العامل مدة الإعارة، غير أن المشرع لم يعين حداً أدنى لمدة الإعارة وإنما عين حداً أقصى لها هو أربع سنوات، عند الإعارة لجهات القطاع المشترك وفي الإعارة الخارجية أو في كلتيهما معاً طوال خدمة العامل، ويجوز بمرسوم تمديد هذه المدة سنة قابلة للتجديد سنة أخرى فقط. أما الإعارة إلى منظمات حزب البعث العربي الاشتراكي والنقابات المهنية والمنظمات الشعبية فلم يضع لها المشرع حداً أقصى، وذلك وفقاً للقانون رقم /1/ لعام 1985.



الجهات التي يعار إليها العامل: الإعارة وفقاً للقانون رقم /1/ لعام 1985 على نوعين، داخلية وخارجية وتكون الإعارة الداخلية إلى جهات القطاع المشترك التي لا يطبق عليها هذا القانون ومنظمات حزب البعث العربي الاشتراكي والنقابات المهنية والمنظمات الشعبية. أما الإعارة الخارجية فتكون إلى الحكومات أو المنظمات العربية والأجنبية أو الجهات الدولية المختلفة، ومن ثم لا تجوز الإعارة إلى هيئات ومؤسسات خاصة ومحلية، في حين أجاز قانون الموظفين الأساسي رقم /135/ لعام 1945 الإعارة إلى:



ـ هيئات ومؤسسات خاصة ومحلية إذا اقتضت الضرورة ذلك.



ـ هيئات دولية أو حكومات أجنبية.



انتهاء الإعارة: تنتهي الإعارة بانتهاء مدتها. ويمكن أن تنتهي قبل انتهاء مدتها في ثلاث حالات:



ـ بناء على طلب الجهة المستعيرة.



ـ بناء على طلب خطي من العامل المعار وموافقة الجهة المستعيرة.



ـ بناء على رغبة الجهة المعيرة في حالات الضرورة التي يعود تقديرها لها.



فإذا انتهت الإعارة وجب على العامل المعار أن يضع نفسه تحت تصرف الجهة المعيرة في مدى شهر من تاريخ انتهاء إعارته، وتعد إعارته محددة حكماً بمقدار مدة التأخير الفعلي عن الالتحاق بالعمل في الشهر المذكور ومن الجدير بالذكر أن قانون الموظفين الأساسي يخلو من أحكام تتعلق بانتهاء الإعارة قبل انتهاء مدتها أو معها.



وعلى الجهة العامة أن تعيد العامل المعار إلى وظيفته السابقة إذا كانت شاغرة، وإلا يعاد إلى وظيفة أخرى يحددها الوزير المختص ضمن فئته تتناسب ومؤهلاته الوظيفية، وتتوافر فيه شروط شغلها، مع احتفاظه بأجره الذي بلغه. في حين يعاد المعار وفقاً لقانون الموظفين إلى وظيفته إذا كانت شاغرة وإلا فيبقى إضافة إلى الملاك بدرجته الأصلية ويسوى وضعه في أول وظيفة تشغر في درجته.



المركز القانوني للموظف المعار



تأديب العامل المعار: في فرنسة تشارك كل من الجهتين المعيرة والمستعيرة في ممارسة السلطة التأديبية على العامل المعار.



أما في مصر فتكون الجهة المعار إليها العامل هي المختصة بتأديبه عن المخالفات التي يرتكبها في أثناء مدة الإعارة.



أما في سورية فقد خلا كل من القانون رقم /1/ لعام 1985 وقانون الموظفين رقم /135/ لعام 1945 من أي أحكام تتعلق بتأديب العامل المعار.



والمعتقد أن المشرع أراد بعدم النص على تأديب العامل المعار تطبيق أحكام التأديب العامة الواردة في كلا القانونين من دون تفرقة بين العاملين المعارين وغير المعارين.



ترفيع العامل المعار: إن المدة التي ينقطع فيها العامل عن وظيفته الأصلية تعد خدمة فعلية لدى الجهة العامة المعيرة وتدخل في حساب الترفيع والمعاش على أن يؤدي المعار عنها العائدات التقاعدية على أساس أجره في الجهة المعيرة. وقد حدد قانون العاملين رقم /1/ لعام 1985 كيفية تقدير كفاية العامل المعار، وذلك على أساس درجة الكفاية التي تعادل متوسط العلامات التي حاز عليها في أربع السنوات السابقة لتاريخ إعارته.



أجر العامل المعار: القاعدة أن تتحمل الجهة المستعيرة أجر العامل المعار إليها بالكامل، وهذا ما نص عليه القانون رقم/1/ لعام 1985 وقانون الموظفين رقم/135/ لعام 1945 ويتم تحديد هذا الأجر على ضوء الاتفاق الإرادي بين العامل المعار والجهة المستعيرة. وفي ذات الوقت نص كل من القانونين على استثناء لهذه القاعدة، إذ أجاز قانون الموظفين للجهة المعيرة أن تمنح المعار أجراً يعادل ربع راتبه في حين أجاز قانون العاملين رقم /1/ لعام 1985 أن يتقاضى العامل المعار إلى منظمات حزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية أجره وتعويضه العائلي وسائر التعويضات من الجهة المعيرة بدلاً من المستعيرة. وقد وجدت حالات استثنائية مثل حالة الإعارة في الجزائر في بدايات استقلالها كان فيها المعار يستمر على قبض راتبه من سورية إضافة لما تدفعه له الجهة المستعيرة.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى





تعليقات
حقوق وواجبات الموظف العام .




كفل المشرع للموظف العام جملة من الحقوق حددها في القوانين واللوائح وفي مقابل ذلك ألزمه بواجبات محددة لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على ما يخالفها باعتبارها من النظام العام , وسنتطرق في هذا الفصل إلى الحقوق والواجبات التي يلتزم بها الموظف العام وفي مبحثين .







المبحث الأول : حقوق الموظف العام .



تأميناً لفاعلية الوظيفة العامة ولتوفير الاطمئنان للموظف العام فقد حدد المشرع جملة من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الموظف منها ما هو ذي طبيعة مالية ومنها ما هو ذي طبيعة أدبية , نتناولها تباعاً :

- المرتب وملحقاته .

- الترقية

- الإجازات .



أولاً : المرتب وملحقاته .

يقصد بالمرتب المبلغ المالي الذي يتقاضاه الموظف شهرياً نظير القيام بمهام وظيفته ، ويحض ويدخل ضمن معنى المرتب كافة المزايا المالية الأخرى الملحقة به كالمرتب الإضافي وبدل السفر والإقامة وعلاوة السكن والعلاوات الأخرى .

ويعد حق الموظف في تقاضي المرتب أهم حقوق الموظف لأنه السبب الرئيس في التحاقه بالوظيفة غالباً ، ولأهميته تلك فقد أضفى عليه المشرع حماية خاصة , فمن جهة تختص دوائر القضاء الإداري دون غيرها في نظر المنازعات المتعلقة بالمرتبات التي يتقاضاه الموظفون .

.

وتقسم العلاوات إلى نوعين :-

1. العلاوات الدورية :- وتمنح للموظف سنوياً اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء سنة من تاريخ التعيين أو منح العلاوة السنوية السابقة .

ويستحق الموظف العلاوة السنوية بصفة اعتيادية ولو تمت ترقية الموظف إلى درجة أخرى ’ إلا أن المشرع اشترط أن يؤدي الموظف خدمته بصورة مرضية .

2. العلاوة التشجيعية : أجاز المشرع منح الموظف مكافأة تشجيعاً على بذل أقصى قدر ممكن من الجهد في العمل تعادل العلاوة الدورية المقررة له و لا يؤثر منح هذه العلاوة على منح العلاوة الدورية في موعدها السنوي .



ثانياً : الترقية .

يقصد بالترقية كل ما يطرأ على الموظف من تغيير في مركزه القانوني يكون من شأنه تقديمه وتميزه عن أقرانه .

والترقية تحقق للموظف مزايا مادية ومعنوية فهي تفسح المجال للموظف في الوصول إلى المناصب العليا فيحقق بذلك طموحه في الحصول على درجة مالية أكبر واختصاصات أكثر أهمية .



ثالثاً : الإجـازات .

كل موظف لابد له من الراحة من عناء العمل لتجديد نشاطه ، كما أن ظروفه الصحية والاجتماعية قد تضطره لطلب الإجازة .

كما أن المصلحة العامة تقتضي في كثير من الأحيان منح الموظف فترة من الراحة ليعود بعدها نشيطاً وكفوءً لممارسة عمله .



1. الإجازة السنوية .

وهي الإجازة التي تتقرر سنوياً من أجل الراحة من عناء العمل ولتجديد نشاط الموظف مما ينعكس على كفاءته في تأدية وظيفته .

2. الإجازات الطارئة .

الإجازات الطارئة أو العارضة كما تسمى أحياناً هي تلك التي ينقطع فيها الموظف عن عمله لأسباب تمليها عليه الضرورات , ويجب أن يستأذن الموظف رؤسائه للترخيص له بالغياب .

3. الإجازة المرضية .

من المهم الحفاظ على صحة الموظف العام ليتمكن من القيام بمهامه الوظيفية على أكمل وجه ، وعلى ذلك كان من الواجب على المشرع أن يوفر العناية الأزمة للموظف من خلال منحه إجازة إذا لحق به مرض يحول دون قيامه بعمله على الوجه المطلوب .







المبحث الثاني

واجبات الموظف العام



في مقابل الحقوق التي يتمتع بها الموظف العام يجب أن يؤدي مهام معينة ضماناً لحسن سير الوظيفة العامة , وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين. ولابد من الإشارة إلى أن هذه الواجبات ليست محددة على سبيل الحصر , وإنما هي واجبات عامة ناتجة عن طبيعة الوظيفة العامة , وقد نص المشرع على الأساسية منها والتي سنبينها تباعاً :

- أداء العمل .

- طاعة الرؤساء .

- احترام القوانين واللوائح .

- عدم إفشاء أسرار الوظيفية .

- المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة .

- عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر .

- عدم ممارسة الأعمال السياسية والمناهضة للدولة .



أولاً : أداء العمل .

الواجب الأول والجوهري الذي يلتزم به الموظف هو أن يؤدي العمل بنفسه وفي الوقت والمكان المخصصين لذلك ، وهذا الواجب من النظام العام لا يجوز للموظف أن يتنازل عنه أو ينيب غيره فيه لتعلقه بقواعد الاختصاص المحددة قانوناً . ( )

ويتفرع من هذا الواجب أن يقوم الموظف بالعمل بدقة وأمانة ،وأن يبذل غاية جهده فيه تحقيقاً للمصلحة العامة .

ويلزم أن يكون عمل الموظف خلال ساعات العمل منتجاً فلا يعنى هذا الواجب أن يتواجد الموظف بمقر وظيفته دون أن يؤدي عملاً ، كما يجوز أن يكلف الموظف بعمل في غير الأوقات الرسمية المحددة سلفاً إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك وله أن يحصل على أجر إضافي مقابل ذلك .





ثانياً : طاعة الرؤساء .

ويمثل واجب إطاعة المرؤوس لرؤسائه أحد الواجبات الهامة التي تقع على عاتق الموظف العام ويتوقف نجاح التنظيم الإداري على كيفية تلقي الأوامر وكيفية تنفيذها .

والطاعة الرآسية مناطها السلم الإداري أو التدرج الرآسي الذي يقوم على أساس خضوع كل طبقة من الموظفين لما يعلوها من طبقات . ( )

وتتضمن سلطة الرئيس على مرؤوسيه مجموعة من الاختصاصات بعضها يتعلق بشخص المرؤوس والأخر يتعلق بأعماله . ( )

تتضمن سلطة الرئيس على أشخاص مرؤوسيه الكثير من الاختصاصات منها ما يتعلق بالحق في التعيين والاختيار وحق الرئيس في تخصيص مرؤوسيه لأعمال معينه أو نقلهم وترقيتهم وإيقاع العقوبات التأديبية عليهم .

أما سلطة على أعمال مرؤوسيه فتتضمن حقه في توجيه مرؤوسيه عن طريق إصدار الأوامر والتوجيهات إليهم قبل ممارسة أعمالهم وسلطة مراقبة تنفيذهم لهذه الأعمال والتعقيب عليها ، فيملك الرئيس سلطة إصدار الأوامر والتعليمات الملزمة للمرؤوسين . ( )

وطاعة الموظف أمر مفروض تمليه طبيعة الوظيفة العامة وضرورة استمرارها إلا أن هذه الطاعة يجب أن تكون مقصورة على ما يتعلق بالعمل وحده ولا تمتد إلى خارجه كالحياة الخاصة للموظف إلا إذا كانت الحياة الخاصة تؤثر على أداء الموظف لعمله .

ويجب أن يكون الأمر صادراً للموظف عن رؤسائه المباشرين في نفس الوزارة أو المصلحة أو الإدارة( ) . وللموظف أن يتجاهل الأمر الصادر إليه من موظف آخر أعلى منه درجه لكن لا تربطه به أي صله رئاسية مباشرة أو غير مباشرة . ( )

إلا أن هذه الأوامر يجب أن تكون مشروعه حتى تكون محلاً للطاعة فإذا كانت غير مشروعه فالأصل أن الموظف غير ملزم بتنفيذها إلا إذا نبه رئيسه كتابه إلى أن ما أصدره إليه من أوامر تتعارض مع مبدأ المشروعية ، فإذا أصر الرئيس على موقفه كتابة وطلب تنفيذ أوامره ، ففي هذه الحالة يكون واجباً على الموظف التقيد بهذه التعليمات ويتحمل الرئيس المسؤولية الناتجة عن تنفيذ هذه الأوامر .



بينما نجد أن المشرع الفرنسي في قانون التوظيف الفرنسي رقم 634 الصادر في 13 يوليو 1983 أكد ضرورة الامتثال لجميع التعليمات الصادرة من الرئيس الإداري إلى موظفيه ، حتى لو كانت هذه الأوامر غير مشروعه إلا إذا كان من شأنها أن تهدد المصلحة العامة تهديداً جسيماً . ( ) وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في العديد من أحكامه . ( )

وفى جميع الأحوال ليس للرئيس أن يكلف أحد مرؤوسيه بارتكاب جريمة وليس للمرؤوس أن يطيع الأمر الموجه إليه إذا كان يعلم انه ينطوي على ارتكاب جريمة وليس له أن يدفع بجهله للقانون بهذا الشأن ، فمن حق الرئيس بل من واجبه الامتناع عن تنفيذ الأوامر التي تشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، وإلا تعرض للمسؤولية الجنائية فضلاً عن مسئوليته التأديبية .

ويتفرع من واجب الطاعة التزام آخر هو احترام الموظف رؤسائه وتمسكه بآداب اللياقة في مخاطبتهم ، وهذا الالتزام يحد من حرية تعبير المرؤوس عن مشاعره وأفكاره.( )

فالموظف يجب أن يتقيد بالحدود اللازمة للمحافظة على كرامة رؤسائه وحرمة الوظيفة عندما يجد نفسه مجبراً على ابدأ آرائه ومقترحاته بشأن مسألة معينه . تقول الأستاذة (كاترين)catherine في هذا الشأن " أن الطاعة فضيلة أخلاقية ، عندما يتعلق الأمر بطلب تضحيات شخصيه ، فيجب أحياناً التنازل عن آراء وقيم متمسك بها والتدريب على السيطرة على الإرادة وهذا يتم أحياناً بالقسوة " . ( )



ثالثاً : احترام القوانين واللوائح :

يلتزم الموظف بواجب احترام القانون بمعناه الواسع فيشمل ذلك احترام الدستور واللوائح والتعليمات والأوامر الرآسية .

أما فيما يتعلق بالمحظورات على الموظف العام فانه يحظر على الموظف بالذات أو بالواسطة أن يقوم بأي عمل من الأعمال المحظورة أو المحرمة بمقتضى القوانين أو اللوائح أو الأنظمة المعمول بها .

وفى حالة مخالفة الموظف هذا الواجب فانه يعرض نفسه للمسئولية التأديبية والجنائية إذا ما توافرت شروطها.



رابعاً: عدم إفشاء أسرار الوظيفة.

يطلع الموظف بحكم وظيفته على أمور وأسرار يتعلق بعضها بمسائل تمس المصلحة العامة للدولة كالأسرار العسكرية والاقتصادية والسياسية وبعضها يتعلق بمصلحة الأفراد وحياتهم الخاصة.

وفى الحالتين يلتزم الموظف بعدم إفشاء هذه الأسرار ويبقى هذا الالتزام سارياً حتى بعد انتهاء خدمة الموظف العام.

ويزول هذا الواجب إذا فقد الموضوع سريته أو صار معروفاً بطبيعته ، أو لإلغاء الأمر الذي فرض هذه السرية ( ) . أو سمحت السلطات المختصة بإفشاء السر أو أذن صاحب السر بإفشائه أو إذا كان من شأن إذاعة السر منع ارتكاب جريمة . ( )

ويترتب على مخالفه الموظف لهذا الواجب تعرضه للمسؤولية التأديبية والمسؤولية الجنائية إذا يشكل إفشاء أسرار الوظيفة جريمة بنص قانون العقوبات العراقي.



خامساً: المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة.

حرصت التشريعات على عدم قصر مسؤولية الموظف على الاخلال بواجباته فى داخل نطاق الوظيفة ، انما اخذت تتدخل فى سلوكه وتصرفاته فى الحياة الخاصة والعامة لتمنع كل مايخل بشرف وكرامة الوظيفة العامة .

وغاية المشرع من هذه المحظورات أن يبعد الموظف عن مواطن الشبهات والريبة وهى محظورات وردت على سبيل المثال لا الحصر .



سادساً: عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر.

حفاظاً على نشاط الموظف وأداء عمله بدقه وكفائه حظر المشرع في قانون الخدمة المدنية الجمع بين الوظيفة وأي عمل الا في الأحوال التي يجوز فيها لذوى المؤهلات المهنية والعلمية مزاولة هذه المهن في غير أوقات العمل الرسمي.



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
جريمة الرشوة فى القانون المصرى












موجز الدراسة

في هذه الدراسة سيتم التعريف بجريمة الرشوة وصفة الجاني وأركان جريمة الرشوة، وذكر لعقوبة الرشوة

















تعريف الرشوة



لقد نصت المادة (103) عقوبات على جريمة الرشوه بمعناها الدقيق وهى اتجار الموظف او استغلاله لوظيفته على النحو المبين فى القانون.

وتسلتزم هذه الجريمة لقيامها توافر شرط مفترض وهو الصفة الواجب توافرها فى الجانى وركنين اساسين هما :

1) ركن مادى هو النشاط الاجرامى الذى يتحقق به فى نظر القانون معنى الاتجار بالوظيفة او استغلالها.

2) ركن معنوى وهو القصد الجنائى.

اما الشرط المفترض :- صفة الجانى " الموظف العام "



















صفة الجانى (الموظف العام)

لقانون العقوبات ذاتية واستقلال عن سائر القوانين وتلك الذاتية جعلتة يستأثر بتعريف اوسع واعم واشمل فى تعريف مدلول الموظف العام فى جريمة الرشوة والإختلاس لكون هاتين الجريمتين من جرائم الإخلال بواجبات الوظيفة العامة لذا افترض المشرع المصرى لوقوع جريمة الرشوه ان يكون المرتشى موظفا عاما او ان يدخل فى طائفة معينه اعتبرها فى حكم الموظفين العموميين لذا فالمشروع فى جريمة الرشوة لم يقف فى تحديد مدلول الموظف العام عند التعريف الضيق لبعض فقهاء القانون الادارى للموظف العام .

على ان هذا التعريف ليس من العمومية والشمول بحيث ينصرف الى معنى الموظف العام فى سائر جرائم قانون العقوبات فقد نجد ان المشرع يتجة الى التضييق فى نطاق هذا التعريف الواسع فى جرائم التزوير واستعمال القسوة والتعدى على الموظفين العموميين وغيرها من الجرائم التى يتطلب القانون فى مرتكبها او فى المجنى عليه فيها ان يكون موظفا عاما لذا فأنه يمكن القول بأنه لايوجد تعريف موحد للموظف العام فى قانون العقوبات يقابل تعريفه المتفق عليه فى القانون الادارى.











الركن المادي للجريمة



1- الطلب



ويتمثل الركن المادي لجريمة الرشوة فى الطلب او القبول او الاخذ :-

الطلب:

يكفى لتوافر النشاط الاجرامى فى الرشوة ان يصدر عن الموظف بارادته المنفردة ايجاب بالرشوة ولو لم يعقبه قبول لها ممن توقع الموظف ( طالب الرشوة ) ان يكون راشيا فتقع الجريمة كامله ولو رفض الراشى الاستجابه الى هذا الطلب كما يستوى لوقوع الجريمة ان يطلب الموظف الرشوة لنفسه او لغيره او ان يرد الطلب على عطية او ينصرف الى مجرد وعد بها وهذا التوسع فى التجريم يرجع الى ان مجرد طلب الرشوة ولو لم يعقبه قبول او اخذ ينطوى على معنى عرض الوظيفة للاتجار بها او استغلالها مما يحقق الخطر المراد تفاديه بتجريم الرشوة





2-القبول



القبول:

يكفى لوقوع جريمة الرشوة ان يقبل الموظف الوعد بالعطية الذى صدر من الراشى دون عبرة بما اذا كان الراشى قد نفذ هذا الوعد او نكل عن تنفيذه اذ يكفى مجرد صدور القبول من المرتشى لوقوع جريمة الرشوة تامة كاملة.

وللمحكمة ان تتحقق من توافر القبول من جميع ظروف الواقعة وفقا لما تستبينه من ادله الاثبات المطروحة عليها ولايشترط فيه ان يكون فى صورة معينه فيستوى ان يصدر شفاهة او كتابة صراحة او ضمنا وقد تستبين المحكمة القبول الضمنى من سكوت الموظف في ظروف معينة تفيد معنى القبول ويشترط في القبول ان يكون جديا اى صادرا عن ارادة حرة واعية فلا تقع الجريمة اذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة ليسهل على رجال الشرطة القبض على الراشى وعلى العكس من ذلك لايشترط ان يرد القبول على ايجاب صحيح فتقع الجريمة ولو كان عرض الرشوة عليه غير جدى وعلة ذلك ان الرشوة ليست عقدا حتى يتطلب فيه تبادل الارادتين.







3-الأخذ



الاخذ:

يقع هذا الفعل باستلام الموظف او انتفاعه بالعطية موضوع الرشوة وتتميز هذه الصورة من الركن المادى بانها ترد مباشرة على العطية سواء سبقها وعد بالرشوة او لم يسبقها هذا الوعد وتعتبر اخطر صور الرشوة اذ فيه يكون الموظف قد قبض فعلا ثمن اتجاره بوظيفته او استغلالها ولهذا يطلق عليها تعبير الرشوة المعجلة خلافا لصورة القبول اذ يطلق عليها الرشوة المؤجلة. واذا تسلم الموظف العطية فلا عبرة بنوع التسليم فيستوى ان يكون ان يكون حقيقيا او رمزيا ، ويعتبر اخذا للعطية انتفاع الجانى بالميزة او الفائدة موضوع الرشوة. ويستوى ان يكون العطاء سابقا او معاصرا لاداء العمل او لاحقا عليه مادام اداء العمل كان تنفيذا لاتفاق سابق اذ ان نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة منذ البداية.







4-الفائدة موضوع الرشوة



يتعين في الطلب او القبول او الاخذ ان يرد على وعد او عطية حسب الاحوال ولايشترط في الفائدة ان تكون محددة طالما كانت قابلة للتحديد ويجب ان يثبت ان المقابل قد طلبه الموظف او قبله او اخذه كثمن لاداء عمله.





















--------------------------------------------------------------------------------



--------------------------------------------------------------------------------



--------------------------------------------------------------------------------














5-سبب الرشوة:

وسبب الرشوة الذى يتعين اتجاه ارادة الجانى اليه هو اداء من اعمال وظيفته. وجريمة الرشوة تقع وتتم بمجرد الطلب او القبول او الاخذ دون ان يعلق تمامها على تنفيذ المقابل.











6-القصد الجنائي



الرشوة جريمة عمدية يتطلب فيها القانون توافر القصد الجنائى لدى المرتشى ويتوافر هذا القصد باتجاه ارادة الجانى الى طلب الرشوة او قبولها او اخذها عالما بانها مقابل الاتجار بوظيفته وبالتالى فان القصد يتطلب توافر عنصرين هما الارادة والعلم.

• يجب ان تتجه ارادة الموظف الى الطلب او القبول او الاخذ فلا يتوافر القصد الجنائى اذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة للايقاع بالراشى او دس الراشى المبلغ في جيب المرتشى دون ان تتجه ارادة الاخير الى اخذه. واذا اتجهت ارادة الجانى الى اخذ الرشوة وجب ان تتجه نبيته الى الاستيلاء على العطية سواء بقصد التملك او الانتفاع.

• يجب ان يعلم الموظف بان الرشوة التى طلبها او قبلها او اخذها ليست الا مقابل الاتجار بوظيفته او استغلالها فلا يتوافر القصد الجنائى اذا تسلم الموظف مبلغا من المال سدادا لدين على الراشى غير عالم بنية هذا الاخير في ارشائه او اذا اعطى الراشى العطية لزوجة الموظف بنية ارشائه دون ان يعلم الموظف بذلك.

وهناك رأى في الفقه يذهب الى اشتراط توافر قصد خاص في جريمة الرشوة وهو نية الاتجار بالوظيفة واتخاذ الوظيفة وسيلة للحصول على العطايا. الا اننا نذهب الى ان الركن المادى للرشوة يكفى لاظهار نية الجانى في الاتجار باعمال وظيفته.























عقوبة الرشوة



عقوبة اصلية وهى الاشغال الشاقة المؤبدة الا انه يمكن للقاضى ان يخفض العقوبة الى الحد المسموح به طبقا لنص المادة 17 عقوبات اذا اقترنت الجريمة باحد الظروف المخففة وعقوبة اخرى تكميلية وجوبية وهى الغرامة النسبية التى لاتقل عن الف جنية ولاتزيد على ما اعطى او وعد به.





مكتب / محمد جابر عيسى المحامى





تعليقات
إجــرام الـــراشي


اعداد : نائل شلط





1. تمهيــد :



أشرنا في الفقرة السابقة إلى جريمة المرتشي وفقا للمادة 106 من القانون رقم 74 لسنة 1936 التي ينفذها الشخص الذي يتمتع بصفة الموظف العمومي أو من في حكمه إلا أن المشرع جرم أيضا فعل الشخص الذي يقوم بعرض المنفعة علي الموظف العام في جميع التشريعات الجنائية.



التحليل الدقيق للمواد التي تتعلق بجريمة الرشوة لا توضح لنا بصراحة تجريم فعل الراشي و مساءلته عن جريمة رشوة. المادة 106/ 1936 تشير فقط إلى إجرام الموظف المرتشي أو من في حكمه و لا يمكن أن نستخدم أسلوب القياس الذي يحظره مبدأ " لا جريمة و لا عقوبة دون نص قانوني يوضح عناصرها مسبقا " لتكريس إجرام الراشي. إلا أننا نرى وجوب تناول مسألة إجرام الراشي رغم عدم إشارة القانون رقم 74 إليه و نأمل في أن يتناول قانون العقوبات الفلسطيني الجديد مسألة إجرام الراشي بنص صريح لما في ذلك من فعالية في مكافحة الأفعال الإجرامية التي تسئ و تضر بالمصلحة العامة المتمثلة بنزاهة الوظائف العامة والتي قد تتعرض للانتهاك سواء من الموظف العام أو من في حكمه أو من المواطنين العاديين على حد السواء.



تنص التشريعات الجنائية الأجنبية و العربية (على سبيل المثال المادة 107 ع مصري) على مساواة عقوبة الراشي بعقوبة المرتشي واعتبرت أن الراشي يعاقب بنفس عقوبة الموظف المرتشي أو من في حكمه.



يتضح من مواد التشريعات الجنائية التي تعاقب على إجرام الراشي أن جريمة المرتشي تسبق جريمة الراشي بمعنى أن البحث عن جريمة الراشي تشترط وقوع جريمة الرشوة من الموظف أو من في حكم حتى و لو تم انتفاء مسئولية الموظف المرتشي لأحد الأسباب (على سبيل المثال لانتفاء علمه بوقائع جريمة الرشوة كالموظف الذي يعتقد أن المنفعة التي يقدمها له الراشي هي عبارة عن وفاء له بدين).



أفعال الراشي تقابل أفعال المرتشي بمعنى أن فعل الطلب من الموظف المرتشي يقابله فعل إعطاء من الراشي وفعل القبول من الموظف يقابله فعل وعد أو عرض من الراشي. مواد جريمة الرشوة تؤكد لنا على أنه في حالة أن الموظف المرتشي طلب من الراشي منفعة ولم يستجيب الآخر لطلبه عندئذ تكون قد تحققت جريمة الرشوة ويعاقب وفقا للقانون بعقوبة الجريمة التامة كما يطبق ذلك أيضا الفقه المصري[1].



وفقا لما سبق حالات إجرام الراشي تتجسد كالتالي:







1. مساهمة مع فعل المرتشي في حالة الأخذ والقبول:



النصوص التي تعالج موضوع الرشوة لا تشترط صفة معينة في شخص الراشي فقد يكون أيضا موظف عام أو من في حكمه وقد يكون مواطن عادي، كما أن الراشي قد يطلب تنفيذ الفعل أو الامتناع عنه لصالحه أو لصالح شخص آخر. بالتالي القانون يعتبر الراشي كفاعل آخر في جريمة الرشوة ولكن ليست كفاعل أصلي لأن القانون يشترط في شخص الفاعل الأصلي لجريمة الرشوة صفة الموظف العمومي أو من في حكمه.



وفقا لما سبق كي نقبل بأن الراشي قد شارك في جريمة الرشوة كفاعل آخر يجب أن تتحقق أولا جريمة الرشوة من قبل المرتشي (الموظف العام أو من في حكمه) أو أن الراشي عرض المنفعة و لكن الموظف لم يستجيب لعرضه وبالتالي يجب أن يحقق المرتشي فعل الركن المادي لجريمة الرشوة أي طلب أو أخد أو قبول المنفعة من الراشي في الحالات التي ينفذ فيها المرتشي جريمة الرشوة وليس بالضرورة أن يثبت قصده الجنائي كي نعتبر أن الراشي قد نفذ إجرامه.



جريمة الراشي تنتفي في حالة أن الشخص الذي تقدم له المنفعة ليست موظفا أو لا يمارس وظيفته بشكل فعلي أو أنه غير مختص بأداء الفعل أو أن غرضه لم يكن اقتراف الرشوة من خلال القيام بفعل أو امتناع عن فعل وظيفي.



من جهة أخرى يشترط القانون أن يتقابل فعل الراشي مع فعل من المرتشي حيث فعل الإعطاء من الراشي يقابله فعل أخذ من المرتشي وفعل الوعد من الراشي يقابله فعل قبول من المرتشي لأي نوع من أنواع المنافع سواء كانت مادية أو غير مادية[2].



أما بالنسبة للركن المعنوي لإجرام الراشي الذي يعتبر فاعلا آخر غير أصلي في جريمة المرتشي فيشترط القانون قصده الجنائي الذي يتجسد بإرادته في تنفيذ فعل الإعطاء أو العرض أو الوعد بعلم منه. القصد الجنائي لدى الراشي ينتفي في حالة أن توجه إلي موظف عام للقيام بفعل أو امتناع عن فعل وثبت أن هذا الفعل لا يدخل ضمن إطار اختصاصه الوظيفي أو أن غرضه من العطاء كان برئ.







2. جريمة العرض الخائب للرشوة:



قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 لا يعالج أيضا مسألة عرض الراشي إعطاء منفعة لموظف عام أو من في حكمه ورفض الأخير لها على عكس القانون المصري الذي نظم هذه الحالة في المادة رقم 109 مكرر. كما نعلم لا يمكن أن نعتبر عدم قبول الموظف برشوة الراشي على أنها شروع في جريمة رشوة من قبل الراشي لأن جريمة الرشوة تشترط تحقيق أفعال الرشوة من قبل الموظف العام أو من في حكمه وليس من شخص لا يتمتع بصفة الموظف العام أو من في حكمه. بالتالي لا يمكن تحقيق جريمة رشوة من الراشي دون تحقيق أي فعل من أفعال الرشوة من الموظف العام أو من في حكمه وكتحصيل حاصل لا يمكن القبول بتنفيذ شروع في جريمة الرشوة من الراشي. من جهتنا نرى أنه من الممكن اعتبار فعل الراشي المتمثل بعرضه رشوة على الموظف و رفض الأخير بقبولها أو أخذها كجريمة رشوة يعاقب عليها القانون من أجل حماية الموظف العام والوظيفة العامة ونزاهتها، وهذا ما يسلم به قانون العقوبات المصري في المادة 109 مكرر[3].



3. الـــركن المـــادي لجريمة الراشي:



يرتكز إجرام الراشي في جريمة الرشوة إلى عرضه منفعة للموظف العام أو من في حكمه وبالتالي العنصر الرئيسي في الركن المادي لهذه الجريمة يتجسد في عرض الراشي أو عرض وعد أو إعطاء منفعة للموظف أو من في حكمه و قبول أو عدم قبول الأخير بها. فعل العرض قد يتم بعدة وسائل لا حصر لها، يكفي أن تدل علي أنها تهدف إلى قبول الموظف بها لقيامه بفعل أو امتناع عن فعل. عدم القبول يعني رفض الموظف أخذ الرشوة أو القبول بالوعد الذي يطرحه الراشي بتقديم منفعة مادية أو غيرها في المستقبل.















5. الـــركن المعنـــوي:



يشير الركن المعنوي لجريمة الراشي التي تتعلق بالرشوة إلى إرادة الراشي بعرض منفعة مادية أو غيرها وعلمه بأن من يعرض عليه الرشوة هو موظف عام أو من في حكمه.



6. عقوبــــة الـــراشي:



التشريعات الأجنبية تساوي عقوبة الراشي بعقوبة المرتشي و بالتالي في حالة أن القانون رقم 74 لسنة 1936 نص على نفس ما تقر به التشريعات الجنائية الأجنبية عندئذ تقرر العقوبة وفقا للمادة 106 و ذلك بإنزال عقوبة جنحة بالراشي ووفقا للمادة 47 عقوبة الجنحة هي الحبس مدة ثلاث سنوات أو غرامة 100 جنيه أو كلتا العقوبتين.



من جهتنا نرى أن عقوبة المرتشي في المادة 106 لا تتناسب مع حجم الجريمة كما ذكرنا سابقا فيما يتعلق بجريمة الرشوة وحسب وجهة نظرنا يجب إنزال أشد العقوبات بجريمة المرتشي الذي يقبل أو يطلب أو يأخذ منفعة من الراشي وتخفيف العقوبة في حالة جريمة الراشي التي تتجسد بقبول أو عدم قبول العرض من الموظف أو من في حكمه و ذلك لأن إجرام الموظف المرتشي يعتبر أشد خطورة من إجرام الراشي على المصلحة العامة.







مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
إذا اخل الموظف العام بواجب من واجبات الوظيفة ، لابد أن يعاقب أو يجازى تأديبياً .




*المبحث الأول *

مفهوم الجريمة التأديبية



في العادة لا يضع المشرع تعرفاً محدداً للجريمة التأديبية كما هو الشان في الجريمة الجنائية ويكتفي غالباً بإيراد الوجبات والمحظورات وينص على أن كل موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل ما يخل بها .

ولعل خشية المشرع في إضفاء وصف الجريمة على المخالفات التأديبية يعود إلى التشابه الذي قد يحصل بينها وبين الجريمة في المجال الجنائي :

لكن الفقه من جانبه قد سد النقص في هذا المجال فقد عرف الدكتور مغاورى محمد شاهين الجريمة التأديبية بأنها إخلال بواجب وظيفي أو الخروج على مقتضاها بما ينعكس عليها .

وعرفها الاستاذ الطماوى تعريفاً مقارباً فقال : " انها كل فعل أو امتناع يرتكبه العامل ويجافى واجبات منصبه " , كما عرفها الاستاذ محمد مختار محمد عثمان بانها كل فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة قانونية أو لمقتضى الواجب يصدر من العامل اثناء اداء الوظيفة أو خارجها مما ينعكس عليها بغير عذر مقبول . ومن الملاحظ ان هذه التعاريف قد جاءت خالية من الاشارة الى دور الارادة بوصفها ركن من اركان الجريمة التأديبية لايمكن ان تقوم الجريمة بدونه وان هذا الاتجاه لو اصبح اتجاهاً عاماً فانه سيؤدى الى مساواه حسن النية من الموظفين بسيئ النيه ولاشك ان ذلك يقود الى التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية مما يترك اثراً سلبياً على العمل فى المرفق

ويمكننا تعريف الجريمة التأديبية بأنها كل فعل أو امتناع إرادي يصدر عن الموظف من شانة الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا التعريف يجمع بين جنباته أركان الجريمة التأديبية كافة من ركن مادي ومعنوي وشرعي وركن الصفة .



أولا: الخطأ أو الآثم التأديبي :

الخطأ التأديبي لا يخضع لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص كما هو الشان في الجريمة الجنائية فالموظف عليه أن يتجنب الواقع في كل ما يعتبر أخلالاً منه بواجب من الواجبات الوظيفية سوا كان هذا الإخلال بفعل ايجابي أو كان بفعل سلبي ويكون هذا الخطأ مستوجباً لقيام المسوؤلية الإدارية سواء نتج عنه ضرر أم لا .

فالضرر يكون مفترضاً لكونه اثر للإخلال بواجبات الوظيفة باعتباره إخلالاً بالصالح العام .أما تقدير ما إذا كان فعل الموظف يشكل خطأ تأديبياً أم لا فالأمر لا يخرج عن معيارين استند إليهما الفقه في قياس سلوك الموظف المنحرف .

فالخطأ قد يقاس بمعيار شخصي ومضمونة أن ينظر إلى سلوك الموظف المخطئ ويوزن في ظروف معينة فيعتبر مخطئا إذا كان سلوكه دون المعتاد منه في مثل تلك الظروف( ) ولاشك أن هذا المعيار منتقد فهو يجعل الموظف النشيط الدائب في العمل يؤاخذ على اهمالة اليسير غير المعتاد منه أما الموظف المهمل فلا يسال عن إخلاله بواجبه ما دام إهماله معتاد وهذه نتيجة غريبة لا يمكن معها الاعتماد على هذا المعيار في قياس الموظف أما المعيار الأخر وهو المعيار الموضوعي فينظر فيه إلى الفعل الذي ارتكبه الموظف ويقاس وفق المألوف من سلوك الموظف المعتاد , في ذات فئة الموظف الذي يراد قياس سلوكه فيعتبر الموظف مخطأ إذا خرج عن هذا المألوف وهذا المعيار هو السائد العمل فيه فقهاً وقضاء ( ) , فالمعيار الموضوعي معيار واقعي يراعى في التطبيق الظروف التي صدر فيها التصرف من ناحية الموظف الذي قام بالفعل من حيث سن الموظف وحالته الصحية وجنسه ومن ناحية الزمان والمكان والبيئة وافتراض أن الموظف المعتاد أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت الموظف الذي ينسب الخطأ إليه ويوزن التصرف في هذا الأساس فإذا كان تصرف الموظف المعتاد مشابها لتصرف الموظف المخطئ فلا مسؤولية على الأخير أما لو حصل العكس فان الموظف يعتبر مرتكباً لخطأ يستوجب المسألة التأديبية , فالمعيار الموضوعي لم يعد معيار موضوعياً خالصاً فهو موضوعي في الأساس إلا انه شخصي عندما يقيس ظروف الموظف المخطئ الذي يتعين الاعتماد عليه وهذا المعيار هو الأقدر على تقرير متى يعتبر الموظف مخالفا لواجباته الوظيفية ومتى يمكن مساءلته تأديبياً .





ثانياً : التمييز بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية :

تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة في المجال الجنائي من حيث الطبيعة والأركان .

ويمكن أن نوجز ما تتميز به الجريمة التأديبية عن الجريمة في النظام الجنائي بما يلي :



1. من حيث الأشخاص :

يشترط لوقوع الجريمة التأديبية أن يكون الفعل المعاقب عليه قد ارتكبه موظف مرتبط بالإدارة برابطه وظيفية .

وهذا مادعى الفقه إلى القول بان نظام التأديب نظام " طائفي " اى انه يتعلق بطائفة في المجتمع على عكس النظام العقابي الذي يتصف بالعموميه و الشمول .

2. من حيث الأفعال المكونة للجريمة :

أن الجرائم التأديبية ليست محدده على سبيل الحصر لذلك فهي لا تخضع لمبدأ " لا جريمة و عقوبة إلا بنص " و إنما مددها الإخلال بكرامة الوظيفة و الخروج على مقتضيات الواجب وتقرير قيام الجريمة من عدمه خاضع لتقرير الإدارة . ( )

اما الجريمه فى المجال الجنائى فحدده على سبيل الحصر .

3. من حيث الهدف :

يهدف النظام التاديبى الى حسن اداء الموظفين لاعمالهم وضمان سير المرافق العامه بانتظام واطراد . اما فى النظام الجنائى فالامر يتعلق بحماية المجتمع كله وضمان استقراره وامنه .

4.من حيث المسؤوليه :

تستقل الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من حيث المسؤولية ، فان إعفاء الموظف من المسؤولية الجنائية وإلغاء التهمه الجنائية المنسوبة إليه لا يمنع من مساءلته تأديبياً ( ) ، فالمخالفة التأديبية أساساً قائمة على ذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية , قوامها مخالفة الموظف العام لواجبات وظيفته ومقتضياتها , وهذا الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين ، فالموظف قد يسأل تأديبياً لمخالفته النصوص التشريعية أو العرف الإداري ومقتضيات الوظيفة العامة ، في حين أن الجريمة الجنائية لا تتقوم إلا إذ خالف الفاعل نصاً تشريعياً .

5. من حيث نوع العقاب المفروض :-

أن العقاب التأديبي بتعلق بالمساس بمركز الموظف ومتعلقاته ، ويكون بإيقاع مجموعة من الجزاءات محددة على سبيل الحصر ، وأثارها محددة سلفاً أما في النظام الجنائي فإن العقاب يتعلق بالمساس بحرية الشخص أو حياته أو ماله ، وللقاضي الحرية في تقدير العقوبة وفق الواقعة المنظورة في الحدود المسموح بها قانوناً .

6. من حيث الإجراءات :

تتميز الجريمة التأديبية في الجريمة في المجال الجنائي ، من حيث الإجراءات الواجب اتباعها منذ ارتكاب الموظف للجريمة ومساءلته عنها وحتى إيقاع الجزاء عليه ، وهذه الإجراءات تنظمها قوانين خاصة بالوظيفة العامة والموظفين .

أما الجريمة في المجال الجدنائي فلها أصولها الخاصة التي تنظمها القوانين العامة كقانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية . ( )

غلا أن الاختلافات السابقة لا تنفي وجود نوع الترابط والصلة بين الجريمتين التأديبية والجنائية ، فالجريمتان عبارة عن سلوك شاذ يعاقب عليه القانون ويجب تجنبه تحقيقاً للمصلحة العامة ، ومن يرتكبه بعرض نفسه للمساءلة والعقاب المناسب .

كما أن هذا السلوك المنسوب إلى الموظف قد يشكل جريمتين جريمة تأديبية وأخرى جنائية ، ولكن المساءلة التأديبية لا تتقيد بالمحاكمة الجنائية إلا فيما يتعلق بوقوع الفعل المكون للجريمة من الموظف أو عدم وقوعه , وفضلاً عن ذلك قد تعتبر بعض الع عقوبات التأديبية بمثابة عقوبة تكميلية للعقوبات في المجال الجنائي .



*المبحث الثاني *

أركان الجريمة التأديبية

اختلف الفقهاء في تحديد أركان الجريمة التأديبية بصورة عامة ولهم في ذلك مذاهب كثيرة فكان لكل فقيه رأيه الخاص .

فذهب الأستاذ الطماوي إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على عنصرين هما الموظف والخطأ أو الذنب الإداري .

وذهب الأستاذ ماجد راغب الحلو إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ركنين هما الركن المادي والركن المعنوي .



بينما ذهب الأستاذ عبد الفتاح حسن إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ثلاثة أركان أو عناصر العنصر المادي والعنصر المعنوي ونصر الصفة .

والراجح أن أركان الجريمة التأديبية هي نفس الأركان في أي جريمة أخرى هي الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي وللطبيعة الخاصة التي تتميز بها الجريمة التأديبية يكون الركن الرابع فيها ركن الصفة .

اولا: الركن المادي :

يتعلق هذا الركن بماديات الجريمة ومظهرها الخارجي ةلا خلاف في عدم قيام أي جريمة أو تأديبية دون توافر هذا الركن .

سواء كان تمثل بمسلك إيجابي ، كما لو كان بشكل ارتداء على رئيس في العمل ظن أو بمسلك سلبي كالامتناع عن تنفيذ أمر رئاسي واجب الطاعـــــــــــــــــــــــة .

ولكي يكون فعل الموظف مسوغاً للمساءلة التأديبية يجب أن يكون محدداً وثابتاً فلا قيام للركن المادي استناداً للظن أو الشائعات ، لذلك فإن تهامات العامة أو النعوت المرسلة لا يمكن تعتبر مكونة لهذا الركن .

كما أن مجرد التفكير دون ان يتخذها هذا التفكير مظهراً خارجياً ملموساً لا يشكل مخالفة تنجيز المساءلة التأديبية .



كما أن الأعمال التحضيرية التي تتمثل في إعداد وسائل تنفيذ الجريمة ، ولا يعاقب عليها إلا إنها قد تعتبر في حد ذاته جريمة تأديبية مستقلة .



ثانيا: الركن المعنوي :

الركن المعنوي هو الإرادة الآثمة للموظف الذي يرتكب الفعل أو الترك الذي يشكل إخلالاً بواجبات الوظيفة ومقتضياتها , ولا يكفي للمساءلة التأديبية أن يرتكب الموظف ما يعتبر منه مخالفة لواجب وظيفي ، وإنما يجب أن يتوافر عنصر نفسي واع يتجه إلى ارتكاب الفعل أو الامتناع وهذا العنصر هو الإرادة الآثمة أو الركن المعنوي .

والركن المعنوي في الجريمة التأديبية يختلف في الجريمة العمدية عنه في جريمة الخطأ ففي الجريمة العمدية لا يكفى أن يحيط الموظف علماً بالفعل الذي يرتكبه وإنما يجب أن يقصر تحقيق النتيجة المترتبة على تصرفه .

أما في الجريمة غير العمدية أو جريمة الخطأ فيتمثل الركن المعنوي في تقصير الموظف وعدم اتخاذه الحيطة والحذر اللازمين لداء واجباته الوظيفية ، ويكون بانصراف إرادة الموظف إلى ارتكاب العمل دون الرغبة في النتيجة المترتبة عليه .

ولابد لارتكاب الجريمة سواء كانت جنائية أو تأديبية من توافر الركن المعنوي فإذا تخلفت بأن انعدمت إرادة الموظف لقوة قاهرة أو مرض أو إكراه أو أمر رئاسي مكتوب فلا قيام للجريمة .

غير أن البعض ذهب إلى ضرورة توافر الركن المعنوي في المجال التأديبي في بعض الجرائم التأديبية المقننة ، وفي مجال الأخطاء التي حددها المشرع وجرمها بنصوص خاصة .

إلا انه في جرائم أخرى لم يصنعها المشرع على سبيل الحصر ، فالإرادة الآثمة لا تعنى أكثر من أن الموظف قد ارتكب الفعل أو الامتناع دون عذر شرعـــــــــــــــــــــــــي .

إلا أن الرأي الصائب هو ان المساءلة التاديبية تتطلب فين يحاسب غدراكاً ووعياً لما يقترفه لذلك قيل بأن يلزم لقيام الجريمة التأديبية أن يكون الفعل راجعاً إلى إرادة العامل إيجاباً أو سلباً .

ثالثا: الركن الشرعي :

يتعلق الركن الشرعي بخضوع الفعل للجرائم وتعلق صفة عدم المشروعية به ، ولابد من القول بأن الأفعال المكونة للذنب التأديبي ليست محددة على سبيل الحصر ، وإنما مردها الإخلال بواجبات الوظيفة ومقتضايتها لا غير ، وهذا ما دعا البعض إلى القول بأنىالجريمة التأديبية لا تخضع لمبدأ شرعية الجرائم ولا يتوافر فيها الركن الشرعي. ( )

إلا أن الملاحظ أن شرعية الجرائم التأديبية هي غيرها بالقياس لشرعية الجرائم في المجال الجنائي حيث الخضوع لمبدأ " جريمة ولا عقوبة إلا بنـــــص " .

فالمبدأ في الجرائم التأديبية أن الموظف يعاقب إذا ما خالف القواعد والواجبات الوظيفية المنصوص عليها في القوانين والأنظمة والتعليمات . ( )

ولا يعني ذلك عدم خضوعها لمبدأ المشروعية ، فالمشروعية في مجال الجرائم التأديبية لا تقتصر على النصوص الاقنونية وإنما تلعب فيها أحكام القضاء الإداري دوراً كبيراً يفوق دور النصوص القانونية .

فالنصوص القانونية التي تحدد الواجبات الوظيفية وتعاقب عند الإخلال بها وأحكام القضاء التي تمارس رقابتها على تطبيق هذه النصو صكفيلة لتقرير مبدأ شرعية الجرائم التأديبية .

وفي ذلك نقول محكمة القضاء الإداري المصرية : " أن الجزاء التأديبي – كأي قرار إداري- يجب أن يقوم على سبب يبرره ن والسبب في الجزاء التأديبي هو الجريمة التاديبية التي تدفع الرئيس الإداري إلى التدخل بسلطته العامة ليحدث في حقالموظف مركزاً قانونياً معيناً هو العقوبة التي يقوقعها عليه ابتغاء مصلحة عامة هي حسن سير العمل، وقد يكون مشار النزاع من هذه الناحية – ناحية السبب- هو التحقق من صحة قيام الأفعال المنسوبة إلى الموظف ، أو التكييف القانوني لهذه الأفعال على فرض حصولها ، وهل تكون الجريمة التأديبية طبقاً للقانون ، وليس من شك في أن سلطة الإدارة في هذه الناحية أو تلك ليست سلطة تقديرية ، بل هي سلطة محددة بحدود القانون مقيدة بقيوده".)

وفي ذات الاتجاه قضت المحكمة العليا الليبية بقولها : " أن المشرع لم يعدد الجرائم التأديبية علىسبيل الحصر كما فعل في الجرائم الجنائية حيث تخضع الأخيرة لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنض ، وإنما ترك لسلطة التأديب حرية واسعة في تقديرها وهذه الحرية يجب أن يقابلها رقابة قضائية فعالة وواسعة ضماناً لجدية ركن السبب في القرار الإداري " .

رابعا: ركن الصفة :

ركن الصفة أو الركن الشخصي هو الركن الرابع الذي لا يمكن قيام الجريمة التأديبية بدونه، وهو شرط لازم في الجرائم التأديبية دون سواها في الجرائم جنائية كانت أم مدنية،فلا بد أن يقع الفعل المكون للجريمة من أحد العاملين المرتبطين بجهة الإدارة برابطة وظيفية.)

ويثار في هذا المجال سؤال حول الأفعال التي تصدر من الموظف الفعلي أو الظاهر ، وهو شخص تدخل خلافاً للقانون في ممارسة اختصاصات وظيفة عامة متخذاً مظهر الموظف القانوني النختص ، فهل يجوز مساءلته تأديبياً في مثل هذه الحالة ؟ .

قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من القول أن القاعدة كما بينا سابقاً أنه لا يجوز للأفراد العاديين أن يتولوا وظيفة علمة بصورة غير قانونية ، لأنهم بذلك يكونون مغتصبين لها وجميع تصرفاتهم تعد باطلة ، إلا في حالة الموظف الفعلي استثناءً حفاظاً على دوام سير المرافق العامة في ظروف الحروب واتلثورات عندما يضطر الأفراد إلى إدارة المرفق بدون أذن من السلطة ، أو حفاظاً على الوضع الظاهر أمام الجمهور عندما يشغل الشخص وظيفة معينة بناءً على أمر بالتعيين لم يتخذ الشكل القانوني المطلوب لصدوره أو استمراره يشغل الوظيفة رغم انتهاء صفته كموظف عام ، أو في حالة سكوت الإدراة عن تجاوز الموظف اختصاصاته واستقرار العمل على ذلك .

ففي هذه الحالات اعترف القضاء والفقه ببعض الآثار القانونية للوظيفة الفعلية كمنح الموظف الفعلي راتباً مقابل إدائه لعمله إذا كان حسن النية .

أما حول إمكانية مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، فقد ثار خلاف فقهي بهذا الشأن، فذهب جانب من الفقه إلى أن التزامات الموظف الفعلي أقل من التزامات الموظف الرسمي ، وأنه لا يخضع للجزاءات التأديبية لأن مسؤوليته عادية لا مسلكة ، فإذا صدر خطأ شخصي أو زاول العمل بالقوة والعنف والتهديد ، فإن المراجعة بشأن تصرفاته هي من اختصاص المحاكم العادية جنائي أو مدنية . ( )

لذلك لا يمكن حسب هذا الرأي تصور مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، أما الجانب الأخر من الفقه فذهب إلى أن نظرية الموظف الفعلي تضم قطاعين القطاع الأول هم الموظفين الفعليون فى الاوقات الاستثنائيه ، اى أوقات الحرب والازمات والتورات . وفى هذه الحاله يكون من تولى الوظيفه فرداً عادياً لا تجوز مساءلته تأديبياًعن اعماله اثناء شغله للوظيفه .

اما القطاع الثانى فهم الموظفون الفعليون الذين يمارسون اختصاصاً معيناً فى الظروف العاديه ، بسبب بطلان التعيين أو انقطاع الصلة بالوظيفه أو حالة الاستمرار غير المشروع فى العمل أو سكون الادارة عن اختصاص الموظف الظاهر. فهؤلاء يخضعون لاحكام التأديب وما يقع منهم من اخطاء فى ممارسة الوظيفه بشكل جريمه تأديبيه .

ونرى ان هذا الراى هو الاصوب ذلك ان نظام التاديب لا يسري الا على الافراد المرتبطين مع الاداره برابطه وظيفيه والموظف الفعلى لا يكون مرتبطاً بهذه العلاقه فى ظل الظروف الاستثنائيه .

وقد أيد القضاء الإداري هذا الرأي فقالت المحكمة الإدارية العليا " أن مناط مسؤولية الموظف الإخلال بالواجبات العامة ، وتتحقق هذه المخالفة ولا اثر لكون الموظف الذي وقع منه الإخلال مستوفياً شروط الوظيفة أم لا ، مادام قائماً بعمله فعلاً كأصيل أو منتدب .إذ أن الأمانة مطلوبة منه في عمل يؤديه يقطع النظر عن ظروف إسناد العمل إليه ، ولا يبيح الإخلال بهذا ، أو يمحو عن الإخلال بالمسئولية المترتبة عليه، عدم إحالته في العمل الذي أنيطت به اختصاصاته ، كما أن تطوع الموظف للقيام بعمل موظف أخر لا يعفيه من المسؤولية عن أخطائه "

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
--------------------------------------------------------------------------------




ماهية الموظف العام



للوقوف على ماهية الموظف العام لابد من تعريف وتحديد المقصود بالموظف العام وبيان طبيعة العلاقة التي تربطه بالإدارة .





المبحث الأول

تعريف الموظف العام .

لم يرد في معظم التشريعات تعريف منظم يحدد المقصود بالموظف العام .( ) ويرجع ذلك إلى اختلاف الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وإلى صفة التجدد المضطرد للقانون الإداري .

واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة العامة بتحديد معني الموظف العام في مجال تطبيقها .( )

فقد نصت المادة الأولى من نظام الموظفين الفرنسي على أن " هذا النظام يطبق على الموظفين الذين يعينون في الإدارات المركزية للدولة والمصالح التبعة لها والمؤسسات العامة للدولة ، ولا يطبق على القضاة والعسكريين والعاملين في الإدارات والمصالح والمؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري " . ( )

ويبدو أن المشرع قد ترك أمر تعريف الموظف العام للفقه والقضاء , ويختلف هذا التعريف في مجال القانون الإداري عنه في المجالات الأخرى كالقانون المدني والقانون الجنائي والاقتصاد السياسي فإن معناه في هذه المجالات قد يكون أوسع أو أضيق من معناه في القانون الإداري . ( )

ونبين فيما يلي مفهوم الموظف العام في التشريعات والفقه المقارن :



أولاً : في فرنسـا .

لم تعط التشريعات الفرنسية تعريفا محددا للموظف العام ، إنما اكتفت بتحديد الأشخاص الذين تسرى عليهم أحكام تلك التشريعات ، فقد نصت الفقرة الأولى من قانون التوظيف الفرنسي رقم 2294الصادرفى 19 اكتوبر1946 " يسرى على الأشخاص الذين يعينون في وظيفة دائمة ويشغلون درجة من دراجات الكادر في إحدى الإدارات المركزية للدولة أوفي إحدى الإدارات الخارجية التابعة لها أوفي المؤسسات القومية " .

وقد نص نظام الموظفين الصادر بالامر244/95فى 4-2- 1959 الذي حل محل قانون 19اكتوبر1946 والقانون الخاص بحقوق والتزامات الموظفين رقم 634 الصادر في 13 يوليو 1983 على نفس المفهوم .

ويتبين من ذلك أن المشرع الفرنسي يطبق أحكامه على من تتوافر فيهم الشروط الآتية :-

1. الوظيفة الدائمة .

2. الخدمة في مرفق إداري عام .

وبذلك فهو يخرج عن نطاق الخضوع لأحكام الوظيفة العامة موظفوا البرلمان ورجال القضاء ورجال الجيش والعاملون في مرافق ومنشآت عامة ذات طابع صناعي أو تجاري .

أما على صعيد الفقه والقضاء فقد عرف الأستاذ " هوريو" Hauriou الموظفين العامين بأنهم " كل الذين يعينون من قبل السلطة العامة تحت اسم موظفين أو مستخدمين أو عاملين أو مساعدي عاملين يشغلون وظيفة في الكوادر الدائمة لمرفق عام تديره الدولة أو الإدارات العامة الأخرى " . ( )

وعرفه دويز Duez ,وديبيرDebeyre بأنه " كل شخص يساهم في إدارة مرفق عام يدار بالاستغلال المباشر من قبل الدولة ويوضع بصورة دائمة في وظيفة داخله في نطاق كادر إداري منظم " . ( )

وقضى مجلس الدولة الفرنسي بأن الموظف هو " كل شخص يعهد إليه بوظيفة دائمة في الملاك وتكون في خدمة مرفق عام " , واشترط المجلس أن يكون المرفق العام إدارياً . ( )

أما المرافق الصناعية والتجارية فقد فرق فيها بين شاغلي الوظائف الإدارية والوظائف الأقل أهمية Subalterne واعتبر العاملين في النوع الأول من الوظائف موظفين عامين أما الوظائف الأخرى فأخضعها للقانون الخاص وعزى المجلس هذه التفرقة إلى أن شاغلي وظائف المحاسبة والإدارة أكثر ارتباطاً بالمرفق العام . ( )

ثانياً : في مصر

اكتفى المشرع المصري شأنه شأن الفرنسي بتحديد الموظفين الذين يخضعون للأحكام الواردة في القوانين واللوائح الصادرة في شأن الموظفين العموميين .

فقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بأنه " تسري أحكام هذا الباب على الموظفين الداخلين في الهيئة سواء كانون مثبتين أم غير مثنتين " .

ويعتبر موظفاً في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف الداخلة في الهيئة بمقتضى مرسوم أو أمر جمهوري أو قرار من مجلس الوزراء أو من أية هيئة أخرى تملك سلطة التعيين قانوناً .

أما في ظل القانون رقم 46 لسنة 1964 فقد ورد في المادة الثانية منه " يعتبر عاملاً في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف الدائمة أو المؤقتة بقرار من السلطة المختصة " .

وفي هذا القانون أزال المشرع التفرقة بين الوظائف الدائمة والمؤقتة , بينما ورد في نظام العاملين المدنيين بالدول الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 " يعتبر عاملاً في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف المبينة بموازنة كل وحده ويكون التعيين في الوظائف المؤقتة للمتمتعين بالجنسية المصرية أو الأجانب وفقاً للقواعد التي تتضمنها اللائحة التنفيذية مع مراعاة الأحكام الخاصة بتوظيف الأجانب " .

أما القانون الحالي رقم 47 لسنة 1978 فقد جاء أكثر إيجازاً ولم يتطرق للوظائف الدائمة والمؤقتة ولا إلى تعيين الأجانب , إذا نصت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى منه على أنه " يعتبر عاملاً في تطبيق أحكام هذا القانون , كل من يعين في إحدى الوظائف المبينة بموازنة كل وحدة " . وفي مكان آخر في المادة نفسها نص على سريان هذا القانون على العاملين بوازرات الحكومة ومصالحها والأجهزة التي لها موازنة خاصة بها, ووحدات الحكم المحلي , والعاملين بالهيئات العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بها . ( )

بينما ذهب غالبية الفقهاء المصريين إلى تعريف الموظف العام بأنه " كل شخص يعهد إليه بعمل دائم في خدمة أحد المرافق العامة يتولي إدارتها ، الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الإقليمية أو المرفقية ، وذلك بتولي منصباً دائماً يدخل في نطاق التنظيم الإداري للمرفق " . ( )

وقد عرفت المحكمة الإدارية العليا الموظف العام بقولها " الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق " . ( )

ويبدو من ذلك أن الفقه والقضاء المصري يشترط توافر عنصرين في المرفق العام هما :-

1. العمل في خدمة مرفق عام أو أحد أشخاص القانون العام .

2. أن يقوم بعمل منتظم غير عارض .



اما في العراق فقد استقر القضاء والفقه على انه يشترط في الموظف العام ما يلي:

1. أن يعهد إليه بعمل دائم :

يشترط لإضفاء صفة الموظف العام أن يشغل العامل وظيفة دائمة داخلة في نظام المرفق العام , وبذلك لا يعد العاملون بصورة مؤقتة أو موسمية كالخبراء والمشاورين القانونيون موظفين .

ومن متممات العمل الدائم أن تكون الوظيفة داخله ضمن الملاك الدائم في الوحدة الإدارية .

ومن الواجب عدم الخلط بين الموظف الذي يعمل بعقد مؤقت في وظيفة دائمة والوظيفة المؤقتة أو الموسمية لأن شاغل الوظيفة الأولى يعد موظفاً عاماً ولو أمكن فصله بانتهاء مدة العقد .

أما الثانية فلا يعد شاغلها موظفاً عاماً تغليباً للطبيعة اللائحية لعلاقة شاغل الوظيفة الدائمة بالإدارة على العلاقة التعاقدية .

2- أن يعمل الموظف في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام :

لا يكفى لاعتبار الشخص موظفاً عاماً أن يعمل في وظيفة دائمة إنما يلزم أن يكون عمله هذا في خدمة مرفق عام Le Service Public وللمرفق العام معنيان : المعنى العضوي ويفيد المنظمة التي تعمل على أداء الخدمات وإشباع الحاجات العامة ، ويتعلق هذا التعريف بالإدارة أو الجهاز الإداري .

أما المعنى الآخر فهو المعنى الموضوعي ويتمثل بالنشاط الصادر عن الإدارة بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة . ( )

وقد كان المعنى العضوي المعنى الشائع في القضائين الفرنسي والمصري ثم جمعا بين المعنيين بتطور أحكامهما ومن ثم استقرا على المعنى الموضوعي .



ويشترط لاكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة أو أحد أشخاص القانون العام هذا المرفق إدارة مباشرة . وبذلك لا يعد الموظفون في المرافق التي تدار بطريقة الالتزام موظفين عموميين . وكذلك العاملون في الشركات والمنشآت التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة ولو تم إنشائها بقصد إشباع حاجات عامة .

3- أن تكون تولية الوظيفة العامة بواسطة السلطة المختصة :

الشرط الأخير اللازم لاكتساب صفة الموظف العام هو أن يتم تعيينه بقرار من السلطة صاحبة الاختصاص بالتعيين .

فلا يعد موظفاً عاماً من يستولي على الوظيفة دون قرار بالتعيين كالموظف الفعلي .

كما أن مجرد تسليم العمل أو تقاضي المرتب لا يكفي لاعتبار المرشح معيناً في الوظيفة إذا لم يصدر قرار التعيين بإدارة القانونية ممن يملك التعيين . ( )





المبحث الثاني

طبيعة العلاقة التي تربط الموظف بالإدارة



ثارالخلاف فى الفقة والقضاء فى فرنسا حول طبيعة العلاقة التى تربط الموظف بالدولة ، هل هى علاقة تعاقدية ينظمها العقد ام هى علاقة قانونية تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح .

أولا: تكييف علاقة الموظف بالإدارة على أنها علاقة تعاقدية

كان الرأي السائد في الفقه والقضاء أن الموظف في علاقته بالدولة في مركز تعاقدي وعلى هذا الأساس ظهرت العديد في النظريات التعاقدية التي تتفق على أن العقد هو أساس هذه العلاقة إلا أنها تختلف في طبيعة هذا العقد , فالبعض اعتبره من عقود القانون الخاص ، بينما كيفه البعض الآخر على انه من عقود القانون العام .

1.نظرية العقد المدني :

مفاد هذه النظرية وجود عقد مدني بين الموظف والدولة يلتزم الموظف بموجبه بتقديم خدمه لقاء قيام الدولة بتنفيذ الإعباء المناطه بها من تقديم الأجر اللازم تحقيقاً للمصلحة العامة .

وتكييف العلاقة بين الموظف والدولة بأنها علاقة خاصة يحكمها القانون الخاص إنما يقوم على افتراض أن إبرام العقد إنما يتم بمفاوضات بين الموظف والدولة ، وأن هذه المفاوضات تهدف إلى تحديد مضمون العقد من حيث موضوعه وشروطه وآثاره . ( )

ويبدو أن هذه النظرية مازالت تجد نوعاً من الرواج في البلاد ألا نجلوسكسونية كإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية . ( )

2. نظرية عقد القانون العام :

بعد أن ظهر عجز نظرية العقد المدني عن تبرير العلاقة بين الموظف والدولة ظهرت من جانب أصحاب النظريات التعاقدية ترجع العلاقة إلى عقد من عقود القانون العام على اعتبار أن هذه العقود تخول الإدارة سلطات واسعة في مواجهة المتعاقد معها لتحقيق المصلحة العامة ،وحيث أن هذا العقد يهدف إلى حسن سير المرافق العام فأنه يكون قابلاً للتعديل من قبل الدولة ، وبذلك لا تتقيد الإدارة بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين.( )

كما تملك الإدارة الحق بمسائلة الموظف إذا أخل بالتزاماته الوظيفية الناشئة عن العقد تأديبياً دون موافقة مسبقة من الموظف .

ومن أنصار هذه النظرية في مصر الدكتور عبد الحميد حشيش الذي يرى أن نظرية عقد القانون العام قد أكسبت الفكرة العقدية الأصلية مرونة ، إذا أصبح في مكنه الإدارة تعديل النصوص التعاقدية بإرادتها المنفردة ، ووفقاً لمشيئتها أعمالاً لمبدأ قابلية قواعد المرفق للتعديل والتغيير لمطابقة حاجات الناس المتغيرة . ( )

وقد اعتنق مجلس الدولة الفرنسي هذه النظرية حتى وقت قريب ليحرم الموظفين المضربين من ضمانات التأديب .

بينما اتجه بعض أنصار هذه النظرية إلى القول بأن عقد المرفق العام هو أساس الرابطة التعاقدية بين الموظف والدولة ومن أنصار هذا الاتجاه الفقيه "جيلينك " الذي ذهب إلى أن الموظف وفقاً لهذا العقد يخضع لسلطة المرفق كأي سلطة محددة تلتزم بقواعد القانون ، غير أن الأوامر لا تنفذ مباشرة بموجب قانون موضوعي وإنما وفقاً لحق شخصي ، مكتسب بموجب هذا العقد وهو لا يتفرع عن سلطة رئاسية عليا ، وإنما تنبثق منه السلطات الخاصة لرئيس المرفق . ( )

وقد تعرض تكيف العلاقة بين الموظف والدولة على هذا الأساس للنقد أيضاً شأن النقد الموجه لنظرية العقد المدني لأنه وأن أخرج علاقة الموظف من نطاق تطبيق أحكام القانون الخاص إلا أنه لم يتحرر نهائياً من الأساس التعاقدي لهذه العلاقة . ( )

وبالنظر إلى كثرة عيوب النظريات التعاقدية فقد هجرها القضاء والفقه والتشريعات المختلفة ، وكان من أبرز الرافضين للنظريات التعاقدية الفقيهانDuguit , Hauriou , وقد استند " هوريو " في رفضه هذا على تحليله لعملية تعيين الموظف ، مبيناً أنها لا تتضمن مقومات التعاقد لا من حيث عناصره الشكلية ولا من حيث الموضوع.( )



ثانياً : النظرات التنظيمية :-

بدأ الفقه الفرنسي منذ أواخر القرن التاسع عشر في الاتجاه نحو تكييف العلاقة بين الموظف والإدارة بأنها علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح . ( )

ومضمون هذه النظريات أن القوانين واللوائح هي التي تحدد شروط وأحكام الوظيفة العامة وحقوق الموظف وواجباته .

ويترتب على هذه النظرية أن الإدارة حرة في تعديل أحكام الوظيفة بإرادتها المنفردة دون حاجة لاستشارة الموظف , ولو كان في هذا التعديل إنقاص في الامتيازات المادية والأدبية مما يتعذر معه إسباغ الصفة التعاقدية على علاقة الموظف بالدولة في هذه الحالة . ( )

على ان يكون هذا التعديل بإجراء عام بناءً على تعديل في قوانين التوظيف أما التعديل في المزايا المادية والأدبية بقرار فردي فلا يكون إلا بإجراء تأديبي .

ومن النتائج التي تترتب على هذا المركز اللائحي ، أن قرار تعيين ونقل الموظف وترقيته وعزله هي قرارات إدارية تصدر من الإدارة وحدها ، بإرادتها المنفردة دون مشاركة من الموظف .

كما لانقطع صلة الموظف بالوظيفة بمجرد تقديم استقالته من العمل وإنما تظل هذه الصلة قائمة إلى يتم قبول استقالته من السلطة المختصة .

وقد أخذ المشرع الفرنسي بالمركز التنظيمي للموظف العام منذ صدور قانون التوظيف رقم 2294 الصادر في 19 أكتوبر 1964 إذ نصت المادة الخامسة منه على أن " علاقة الموظف بجهة العمل علاقة تنظيمية ولائحية " .

وكذلك نصت المادة الخامسة من النظام العام للموظفين الصادر بالأمر رقم 244 في 4 فبراير 1959 على أن " يكون الموظف اتجاه الإدارة في مركز تنظيمي ولائحي " .

وأخيراً جاء في القانون رقم 634 في 13 يوليو 1983 المتعلق بحقوق والتزامات الموظفين في المادة الرابعة منه أن " الموظف اتجاه الإدارة في مركز لائحي وتنظيمي" .

ولم يحدد المشرع المصري في القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة ولا في القانون رقم 46 لسنة 1264 الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة المركز القانوني للموظف العام غير أن القانون رقم 58 لسنة 1971 الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة جعل الموظف في مركز نظامي إذ نصت المادة 52منه على " الوظائف العامة تكليف للقائمين بها ، هدفها خدمة المواطنين تحقيقاً للمصلحة العامة طبقاً للقوانين واللوائح والنظم المعمول بها " .

وقد ردد المشرع نفس النص في المادة 76 من القانون الحالي رقم 47 لسنة 1978 الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة .
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات

18 يوليو 2010

*المبحث الأول *


مفهوم الجريمة التأديبية



في العادة لا يضع المشرع تعرفاً محدداً للجريمة التأديبية كما هو الشان في الجريمة الجنائية ويكتفي غالباً بإيراد الوجبات والمحظورات وينص على أن كل موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل ما يخل بها .

ولعل خشية المشرع في إضفاء وصف الجريمة على المخالفات التأديبية يعود إلى التشابه الذي قد يحصل بينها وبين الجريمة في المجال الجنائي :

لكن الفقه من جانبه قد سد النقص في هذا المجال فقد عرف الدكتور مغاورى محمد شاهين الجريمة التأديبية بأنها إخلال بواجب وظيفي أو الخروج على مقتضاها بما ينعكس عليها .

وعرفها الاستاذ الطماوى تعريفاً مقارباً فقال : " انها كل فعل أو امتناع يرتكبه العامل ويجافى واجبات منصبه " , كما عرفها الاستاذ محمد مختار محمد عثمان بانها كل فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة قانونية أو لمقتضى الواجب يصدر من العامل اثناء اداء الوظيفة أو خارجها مما ينعكس عليها بغير عذر مقبول . ومن الملاحظ ان هذه التعاريف قد جاءت خالية من الاشارة الى دور الارادة بوصفها ركن من اركان الجريمة التأديبية لايمكن ان تقوم الجريمة بدونه وان هذا الاتجاه لو اصبح اتجاهاً عاماً فانه سيؤدى الى مساواه حسن النية من الموظفين بسيئ النيه ولاشك ان ذلك يقود الى التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية مما يترك اثراً سلبياً على العمل فى المرفق

ويمكننا تعريف الجريمة التأديبية بأنها كل فعل أو امتناع إرادي يصدر عن الموظف من شانة الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا التعريف يجمع بين جنباته أركان الجريمة التأديبية كافة من ركن مادي ومعنوي وشرعي وركن الصفة .



أولا: الخطأ أو الآثم التأديبي :

الخطأ التأديبي لا يخضع لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص كما هو الشان في الجريمة الجنائية فالموظف عليه أن يتجنب الواقع في كل ما يعتبر أخلالاً منه بواجب من الواجبات الوظيفية سوا كان هذا الإخلال بفعل ايجابي أو كان بفعل سلبي ويكون هذا الخطأ مستوجباً لقيام المسوؤلية الإدارية سواء نتج عنه ضرر أم لا .

فالضرر يكون مفترضاً لكونه اثر للإخلال بواجبات الوظيفة باعتباره إخلالاً بالصالح العام .أما تقدير ما إذا كان فعل الموظف يشكل خطأ تأديبياً أم لا فالأمر لا يخرج عن معيارين استند إليهما الفقه في قياس سلوك الموظف المنحرف .

فالخطأ قد يقاس بمعيار شخصي ومضمونة أن ينظر إلى سلوك الموظف المخطئ ويوزن في ظروف معينة فيعتبر مخطئا إذا كان سلوكه دون المعتاد منه في مثل تلك الظروف( ) ولاشك أن هذا المعيار منتقد فهو يجعل الموظف النشيط الدائب في العمل يؤاخذ على اهمالة اليسير غير المعتاد منه أما الموظف المهمل فلا يسال عن إخلاله بواجبه ما دام إهماله معتاد وهذه نتيجة غريبة لا يمكن معها الاعتماد على هذا المعيار في قياس الموظف أما المعيار الأخر وهو المعيار الموضوعي فينظر فيه إلى الفعل الذي ارتكبه الموظف ويقاس وفق المألوف من سلوك الموظف المعتاد , في ذات فئة الموظف الذي يراد قياس سلوكه فيعتبر الموظف مخطأ إذا خرج عن هذا المألوف وهذا المعيار هو السائد العمل فيه فقهاً وقضاء ( ) , فالمعيار الموضوعي معيار واقعي يراعى في التطبيق الظروف التي صدر فيها التصرف من ناحية الموظف الذي قام بالفعل من حيث سن الموظف وحالته الصحية وجنسه ومن ناحية الزمان والمكان والبيئة وافتراض أن الموظف المعتاد أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت الموظف الذي ينسب الخطأ إليه ويوزن التصرف في هذا الأساس فإذا كان تصرف الموظف المعتاد مشابها لتصرف الموظف المخطئ فلا مسؤولية على الأخير أما لو حصل العكس فان الموظف يعتبر مرتكباً لخطأ يستوجب المسألة التأديبية , فالمعيار الموضوعي لم يعد معيار موضوعياً خالصاً فهو موضوعي في الأساس إلا انه شخصي عندما يقيس ظروف الموظف المخطئ الذي يتعين الاعتماد عليه وهذا المعيار هو الأقدر على تقرير متى يعتبر الموظف مخالفا لواجباته الوظيفية ومتى يمكن مساءلته تأديبياً .





ثانياً : التمييز بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية :

تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة في المجال الجنائي من حيث الطبيعة والأركان .

ويمكن أن نوجز ما تتميز به الجريمة التأديبية عن الجريمة في النظام الجنائي بما يلي :



1. من حيث الأشخاص :

يشترط لوقوع الجريمة التأديبية أن يكون الفعل المعاقب عليه قد ارتكبه موظف مرتبط بالإدارة برابطه وظيفية .

وهذا مادعى الفقه إلى القول بان نظام التأديب نظام " طائفي " اى انه يتعلق بطائفة في المجتمع على عكس النظام العقابي الذي يتصف بالعموميه و الشمول .

2. من حيث الأفعال المكونة للجريمة :

أن الجرائم التأديبية ليست محدده على سبيل الحصر لذلك فهي لا تخضع لمبدأ " لا جريمة و عقوبة إلا بنص " و إنما مددها الإخلال بكرامة الوظيفة و الخروج على مقتضيات الواجب وتقرير قيام الجريمة من عدمه خاضع لتقرير الإدارة . ( )

اما الجريمه فى المجال الجنائى فحدده على سبيل الحصر .

3. من حيث الهدف :

يهدف النظام التاديبى الى حسن اداء الموظفين لاعمالهم وضمان سير المرافق العامه بانتظام واطراد . اما فى النظام الجنائى فالامر يتعلق بحماية المجتمع كله وضمان استقراره وامنه .

4.من حيث المسؤوليه :

تستقل الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من حيث المسؤولية ، فان إعفاء الموظف من المسؤولية الجنائية وإلغاء التهمه الجنائية المنسوبة إليه لا يمنع من مساءلته تأديبياً ( ) ، فالمخالفة التأديبية أساساً قائمة على ذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية , قوامها مخالفة الموظف العام لواجبات وظيفته ومقتضياتها , وهذا الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين ، فالموظف قد يسأل تأديبياً لمخالفته النصوص التشريعية أو العرف الإداري ومقتضيات الوظيفة العامة ، في حين أن الجريمة الجنائية لا تتقوم إلا إذ خالف الفاعل نصاً تشريعياً .

5. من حيث نوع العقاب المفروض :-

أن العقاب التأديبي بتعلق بالمساس بمركز الموظف ومتعلقاته ، ويكون بإيقاع مجموعة من الجزاءات محددة على سبيل الحصر ، وأثارها محددة سلفاً أما في النظام الجنائي فإن العقاب يتعلق بالمساس بحرية الشخص أو حياته أو ماله ، وللقاضي الحرية في تقدير العقوبة وفق الواقعة المنظورة في الحدود المسموح بها قانوناً .

6. من حيث الإجراءات :

تتميز الجريمة التأديبية في الجريمة في المجال الجنائي ، من حيث الإجراءات الواجب اتباعها منذ ارتكاب الموظف للجريمة ومساءلته عنها وحتى إيقاع الجزاء عليه ، وهذه الإجراءات تنظمها قوانين خاصة بالوظيفة العامة والموظفين .

أما الجريمة في المجال الجدنائي فلها أصولها الخاصة التي تنظمها القوانين العامة كقانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية . ( )

غلا أن الاختلافات السابقة لا تنفي وجود نوع الترابط والصلة بين الجريمتين التأديبية والجنائية ، فالجريمتان عبارة عن سلوك شاذ يعاقب عليه القانون ويجب تجنبه تحقيقاً للمصلحة العامة ، ومن يرتكبه بعرض نفسه للمساءلة والعقاب المناسب .

كما أن هذا السلوك المنسوب إلى الموظف قد يشكل جريمتين جريمة تأديبية وأخرى جنائية ، ولكن المساءلة التأديبية لا تتقيد بالمحاكمة الجنائية إلا فيما يتعلق بوقوع الفعل المكون للجريمة من الموظف أو عدم وقوعه , وفضلاً عن ذلك قد تعتبر بعض الع عقوبات التأديبية بمثابة عقوبة تكميلية للعقوبات في المجال الجنائي .



*المبحث الثاني *

أركان الجريمة التأديبية

اختلف الفقهاء في تحديد أركان الجريمة التأديبية بصورة عامة ولهم في ذلك مذاهب كثيرة فكان لكل فقيه رأيه الخاص .

فذهب الأستاذ الطماوي إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على عنصرين هما الموظف والخطأ أو الذنب الإداري .

وذهب الأستاذ ماجد راغب الحلو إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ركنين هما الركن المادي والركن المعنوي .



بينما ذهب الأستاذ عبد الفتاح حسن إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ثلاثة أركان أو عناصر العنصر المادي والعنصر المعنوي ونصر الصفة .

والراجح أن أركان الجريمة التأديبية هي نفس الأركان في أي جريمة أخرى هي الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي وللطبيعة الخاصة التي تتميز بها الجريمة التأديبية يكون الركن الرابع فيها ركن الصفة .

اولا: الركن المادي :

يتعلق هذا الركن بماديات الجريمة ومظهرها الخارجي ةلا خلاف في عدم قيام أي جريمة أو تأديبية دون توافر هذا الركن .

سواء كان تمثل بمسلك إيجابي ، كما لو كان بشكل ارتداء على رئيس في العمل ظن أو بمسلك سلبي كالامتناع عن تنفيذ أمر رئاسي واجب الطاعـــــــــــــــــــــــة .

ولكي يكون فعل الموظف مسوغاً للمساءلة التأديبية يجب أن يكون محدداً وثابتاً فلا قيام للركن المادي استناداً للظن أو الشائعات ، لذلك فإن تهامات العامة أو النعوت المرسلة لا يمكن تعتبر مكونة لهذا الركن .

كما أن مجرد التفكير دون ان يتخذها هذا التفكير مظهراً خارجياً ملموساً لا يشكل مخالفة تنجيز المساءلة التأديبية .



كما أن الأعمال التحضيرية التي تتمثل في إعداد وسائل تنفيذ الجريمة ، ولا يعاقب عليها إلا إنها قد تعتبر في حد ذاته جريمة تأديبية مستقلة .



ثانيا: الركن المعنوي :

الركن المعنوي هو الإرادة الآثمة للموظف الذي يرتكب الفعل أو الترك الذي يشكل إخلالاً بواجبات الوظيفة ومقتضياتها , ولا يكفي للمساءلة التأديبية أن يرتكب الموظف ما يعتبر منه مخالفة لواجب وظيفي ، وإنما يجب أن يتوافر عنصر نفسي واع يتجه إلى ارتكاب الفعل أو الامتناع وهذا العنصر هو الإرادة الآثمة أو الركن المعنوي .

والركن المعنوي في الجريمة التأديبية يختلف في الجريمة العمدية عنه في جريمة الخطأ ففي الجريمة العمدية لا يكفى أن يحيط الموظف علماً بالفعل الذي يرتكبه وإنما يجب أن يقصر تحقيق النتيجة المترتبة على تصرفه .

أما في الجريمة غير العمدية أو جريمة الخطأ فيتمثل الركن المعنوي في تقصير الموظف وعدم اتخاذه الحيطة والحذر اللازمين لداء واجباته الوظيفية ، ويكون بانصراف إرادة الموظف إلى ارتكاب العمل دون الرغبة في النتيجة المترتبة عليه .

ولابد لارتكاب الجريمة سواء كانت جنائية أو تأديبية من توافر الركن المعنوي فإذا تخلفت بأن انعدمت إرادة الموظف لقوة قاهرة أو مرض أو إكراه أو أمر رئاسي مكتوب فلا قيام للجريمة .

غير أن البعض ذهب إلى ضرورة توافر الركن المعنوي في المجال التأديبي في بعض الجرائم التأديبية المقننة ، وفي مجال الأخطاء التي حددها المشرع وجرمها بنصوص خاصة .

إلا انه في جرائم أخرى لم يصنعها المشرع على سبيل الحصر ، فالإرادة الآثمة لا تعنى أكثر من أن الموظف قد ارتكب الفعل أو الامتناع دون عذر شرعـــــــــــــــــــــــــي .

إلا أن الرأي الصائب هو ان المساءلة التاديبية تتطلب فين يحاسب غدراكاً ووعياً لما يقترفه لذلك قيل بأن يلزم لقيام الجريمة التأديبية أن يكون الفعل راجعاً إلى إرادة العامل إيجاباً أو سلباً .

ثالثا: الركن الشرعي :

يتعلق الركن الشرعي بخضوع الفعل للجرائم وتعلق صفة عدم المشروعية به ، ولابد من القول بأن الأفعال المكونة للذنب التأديبي ليست محددة على سبيل الحصر ، وإنما مردها الإخلال بواجبات الوظيفة ومقتضايتها لا غير ، وهذا ما دعا البعض إلى القول بأنىالجريمة التأديبية لا تخضع لمبدأ شرعية الجرائم ولا يتوافر فيها الركن الشرعي. ( )

إلا أن الملاحظ أن شرعية الجرائم التأديبية هي غيرها بالقياس لشرعية الجرائم في المجال الجنائي حيث الخضوع لمبدأ " جريمة ولا عقوبة إلا بنـــــص " .

فالمبدأ في الجرائم التأديبية أن الموظف يعاقب إذا ما خالف القواعد والواجبات الوظيفية المنصوص عليها في القوانين والأنظمة والتعليمات . ( )

ولا يعني ذلك عدم خضوعها لمبدأ المشروعية ، فالمشروعية في مجال الجرائم التأديبية لا تقتصر على النصوص الاقنونية وإنما تلعب فيها أحكام القضاء الإداري دوراً كبيراً يفوق دور النصوص القانونية .

فالنصوص القانونية التي تحدد الواجبات الوظيفية وتعاقب عند الإخلال بها وأحكام القضاء التي تمارس رقابتها على تطبيق هذه النصو صكفيلة لتقرير مبدأ شرعية الجرائم التأديبية .

وفي ذلك نقول محكمة القضاء الإداري المصرية : " أن الجزاء التأديبي – كأي قرار إداري- يجب أن يقوم على سبب يبرره ن والسبب في الجزاء التأديبي هو الجريمة التاديبية التي تدفع الرئيس الإداري إلى التدخل بسلطته العامة ليحدث في حقالموظف مركزاً قانونياً معيناً هو العقوبة التي يقوقعها عليه ابتغاء مصلحة عامة هي حسن سير العمل، وقد يكون مشار النزاع من هذه الناحية – ناحية السبب- هو التحقق من صحة قيام الأفعال المنسوبة إلى الموظف ، أو التكييف القانوني لهذه الأفعال على فرض حصولها ، وهل تكون الجريمة التأديبية طبقاً للقانون ، وليس من شك في أن سلطة الإدارة في هذه الناحية أو تلك ليست سلطة تقديرية ، بل هي سلطة محددة بحدود القانون مقيدة بقيوده".)

وفي ذات الاتجاه قضت المحكمة العليا الليبية بقولها : " أن المشرع لم يعدد الجرائم التأديبية علىسبيل الحصر كما فعل في الجرائم الجنائية حيث تخضع الأخيرة لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنض ، وإنما ترك لسلطة التأديب حرية واسعة في تقديرها وهذه الحرية يجب أن يقابلها رقابة قضائية فعالة وواسعة ضماناً لجدية ركن السبب في القرار الإداري " .

رابعا: ركن الصفة :

ركن الصفة أو الركن الشخصي هو الركن الرابع الذي لا يمكن قيام الجريمة التأديبية بدونه، وهو شرط لازم في الجرائم التأديبية دون سواها في الجرائم جنائية كانت أم مدنية،فلا بد أن يقع الفعل المكون للجريمة من أحد العاملين المرتبطين بجهة الإدارة برابطة وظيفية.)

ويثار في هذا المجال سؤال حول الأفعال التي تصدر من الموظف الفعلي أو الظاهر ، وهو شخص تدخل خلافاً للقانون في ممارسة اختصاصات وظيفة عامة متخذاً مظهر الموظف القانوني النختص ، فهل يجوز مساءلته تأديبياً في مثل هذه الحالة ؟ .

قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من القول أن القاعدة كما بينا سابقاً أنه لا يجوز للأفراد العاديين أن يتولوا وظيفة علمة بصورة غير قانونية ، لأنهم بذلك يكونون مغتصبين لها وجميع تصرفاتهم تعد باطلة ، إلا في حالة الموظف الفعلي استثناءً حفاظاً على دوام سير المرافق العامة في ظروف الحروب واتلثورات عندما يضطر الأفراد إلى إدارة المرفق بدون أذن من السلطة ، أو حفاظاً على الوضع الظاهر أمام الجمهور عندما يشغل الشخص وظيفة معينة بناءً على أمر بالتعيين لم يتخذ الشكل القانوني المطلوب لصدوره أو استمراره يشغل الوظيفة رغم انتهاء صفته كموظف عام ، أو في حالة سكوت الإدراة عن تجاوز الموظف اختصاصاته واستقرار العمل على ذلك .

ففي هذه الحالات اعترف القضاء والفقه ببعض الآثار القانونية للوظيفة الفعلية كمنح الموظف الفعلي راتباً مقابل إدائه لعمله إذا كان حسن النية .

أما حول إمكانية مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، فقد ثار خلاف فقهي بهذا الشأن، فذهب جانب من الفقه إلى أن التزامات الموظف الفعلي أقل من التزامات الموظف الرسمي ، وأنه لا يخضع للجزاءات التأديبية لأن مسؤوليته عادية لا مسلكة ، فإذا صدر خطأ شخصي أو زاول العمل بالقوة والعنف والتهديد ، فإن المراجعة بشأن تصرفاته هي من اختصاص المحاكم العادية جنائي أو مدنية . ( )

لذلك لا يمكن حسب هذا الرأي تصور مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، أما الجانب الأخر من الفقه فذهب إلى أن نظرية الموظف الفعلي تضم قطاعين القطاع الأول هم الموظفين الفعليون فى الاوقات الاستثنائيه ، اى أوقات الحرب والازمات والتورات . وفى هذه الحاله يكون من تولى الوظيفه فرداً عادياً لا تجوز مساءلته تأديبياًعن اعماله اثناء شغله للوظيفه .

اما القطاع الثانى فهم الموظفون الفعليون الذين يمارسون اختصاصاً معيناً فى الظروف العاديه ، بسبب بطلان التعيين أو انقطاع الصلة بالوظيفه أو حالة الاستمرار غير المشروع فى العمل أو سكون الادارة عن اختصاص الموظف الظاهر. فهؤلاء يخضعون لاحكام التأديب وما يقع منهم من اخطاء فى ممارسة الوظيفه بشكل جريمه تأديبيه .

ونرى ان هذا الراى هو الاصوب ذلك ان نظام التاديب لا يسري الا على الافراد المرتبطين مع الاداره برابطه وظيفيه والموظف الفعلى لا يكون مرتبطاً بهذه العلاقه فى ظل الظروف الاستثنائيه .

وقد أيد القضاء الإداري هذا الرأي فقالت المحكمة الإدارية العليا " أن مناط مسؤولية الموظف الإخلال بالواجبات العامة ، وتتحقق هذه المخالفة ولا اثر لكون الموظف الذي وقع منه الإخلال مستوفياً شروط الوظيفة أم لا ، مادام قائماً بعمله فعلاً كأصيل أو منتدب .إذ أن الأمانة مطلوبة منه في عمل يؤديه يقطع النظر عن ظروف إسناد العمل إليه ، ولا يبيح الإخلال بهذا ، أو يمحو عن الإخلال بالمسئولية المترتبة عليه، عدم إحالته في العمل الذي أنيطت به اختصاصاته ، كما أن تطوع الموظف للقيام بعمل موظف أخر لا يعفيه من المسؤولية عن أخطائه "
مكتب/ محمد جابر عيسى المحامى
تعليقات