بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

13 يوليو 2010

قانون رقم ( 46 ) لسنة 2007


قانون مكافحة غسل الأموال

المادة ( 1) يسمى هذا القانون (قانون مكافحة غسل الأموال لسنة 2007 ) ويعمل به بعد ثلاثين يومًا من تاريخ نشره في

الجريدة الرسمية.

المادة ( 2) أ- يكون للكلمات والعبارات التالية حيثما وردت في هذا القانون المعاني المخصصة لها أدناه ما لم تدل

القرينة على غير ذلك:-

اللجنة : اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال المشكلة وفقًا لأحكام هذا القانون.

المحافظ : محافظ البنك المركزي.

الوحدة : وحدة مكافحة غسل الأموال المشكلة وفقًا لأحكام هذا القانون.

المال : كل عين أو حق له قيمة مادية في التعامل، والوثائق والسندات القانونية

أيًا كان شكلها بما في ذلك الشكل الالكتروني أو الرقمي منها التي تدل

على ملكية تلك الأموال أو أي مصلحة فيها بما في ذلك الحسابات

المصرفية والأوراق المالية والأوراق التجارية والشيكات السياحية

والحوالات وخطابات الضمان والاعتمادات المستندية.

المتحصلات : الأموال الناتجة أو العائدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من ارتكاب أي

جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة ( 4) من هذا القانون.

غسل الأموال : كل فعل ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو نقلها

أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو استثمارها أو التلاعب في

قيمتها أو حركتها أو تحويلها أو أي فعل يؤدي إلى إخفاء أو تمويه

مصدرها أو الطبيعة الحقيقية لها أو مكانها أو كيفية التصرف بها أو

ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها مع العلم بأنها متحصلة من جريمة من

الجرائم المنصوص عليها في المادة ( 4) من هذا القانون.

العملية المشبوهة : أي عملية يعتقد ولأسباب مبررة أنها تتعلق بمتحصلات إحدى الجرائم

المنصوص عليها في المادة ( 4) من هذا القانون.

الوحدة النظيرة : الوحدة التي تمنح بموجب التشريعات السارية في أي دولة الاختصاصات

اللازمة لمكافحة عمليات غسل الأموال واستخداماتها المختلفة وتخضع

في أدائها لأعمالها لقواعد قانونية كافية للالتزام بسرية المعلومات.

الجهات الخاضعة لأحكام

هذا القانون

: الجهات المذكورة في المادة ( 13 ) من هذا القانون.

الأموال المنقولة عبر

الحدود

: النقد والأدوات المالية القابلة للتداول سواء كانت بالدينار الأردني أو

بالعملات الأجنبية والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة.

ب- لمقاصد هذا القانون تعتمد التعريفات الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون العقوبات

أو في أي قانون آخر تم بموجبه تجريم أفعال ذكرت في هذا القانون وذلك كله حسب مقتضى الحال،

كما وتعتمد التعريفات الواردة في أي من قوانين الجهات المختصة بالرقابة والإشراف على الجهات

الخاضعة لأحكام هذا القانون أو في القوانين التي يناط بهذه الجهات تطبيقها شريطة أن لا تتعارض

التعريفات المشار إليها في هذه الفقرة مع أحكام هذا القانون .

المادة ( 3) يحظر غسل الأموال المتحصلة من أي من الجرائم المنصوص عليها في المادة ( 4) من هذا القانون سواء

وقعت هذه الجرائم داخل المملكة أو خارجها بشرط أن يكون الفعل معاقبًا عليه بموجب القانون الساري في

البلد الذي وقع فيه الفعل.

المادة ( 4) يعد كل مال متحصل من أي من الجرائم المبينة أدناه مح ً لا لغسل الأموال.

أ- أي جريمة يكون معاقبًا عليها بعقوبة الجناية بمقتضى التشريعات النافذة في المملكة أو الجرائم التي

ينص أي تشريع نافذ على اعتبار متحصلاتها مح ً لا لجريمة غسل الأموال.

ب- الجرائم التي تنص اتفاقيات دولية تكون المملكة طرفًا فيها على اعتبار متحصلاتها مح ً لا لجريمة غسل

الأموال شريطة أن يكون معاقبًا عليها في القانون الأردني.

المادة ( 5) تشكل لجنة تسمى (اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال) برئاسة محافظ البنك المركزي وعضوية كل

من:-

أ- نائب محافظ البنك المركزي الذي يسمه المحافظ - نائبًا لرئيس اللجنة.

ب- أمين عام وزارة العدل.

ج- أمين عام وزارة الداخلية.

د- أمين عام وزارة المالية.

ه- أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية.

و- مدير عام هيئة التأمين.

ز- مراقب عام الشركات.

ح- مفوض من مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية يسميه رئيس مجلس المفوضين.

ط- رئيس الوحدة.

المادة ( 6) أ- تتولى اللجنة المهام والصلاحيات التالية:-

1. رسم السياسة العامة لمكافحة غسل الأموال.

2. الإشراف على قيام الوحدة بمهامها.

3. تسهيل تبادل المعلومات المتعلقة بعمليات غسل الأموال والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة.

4. المشاركة في المحافل الدولية ذات العلاقة بالسياسة العامة لمكافحة غسل الأموال.

5. اقتراح مشروعات الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون.

6. دراسة التقارير السنوية المقدمة من الوحدة عن أنشطة مكافحة غسل الأموال في المملكة.

7. تكليف الجهات المختصة والتنسيق بينها لغايات إعداد إحصائيات دورية عن عدد تقارير العمليات

المشبوهة وعدد التحقيقات فيها وأحكام الإدانة الصادرة بخصوصها والممتلكات المصادرة أو

المجمدة والمساعدات القانونية المتبادلة.

8. الموافقة على الموازنة المقترحة للوحدة من رئيسها وإقرارها.

ب- تحدد كيفية اجتماعات اللجنة والنصاب القانوني اللازم لاجتماعاتها واتخاذ قراراتها وتوصياتها

وطريقة عملها وسائر شؤونها بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.

المادة ( 7) تنشأ في البنك المركزي وحدة مستقلة تسمى (وحدة مكافحة غسل الأموال) تختص بتلقي

الإخطارات المنصوص عليها في الفقرة (ج) من المادة ( 14 ) من هذا القانون وطلب المعلومات التي تتعلق

بها وتحليلها وتزويد الجهات الرسمية المحلية المختصة بهذه المعلومات عند الضرورة.

المادة ( 8) تقوم الوحدة عند توفر معلومات كافية مؤيدة للاشتباه بوجود عملية مشبوهة إعداد تقرير بذلك وإحالته إلى

النيابة العامة مرفقا به ما لديها من وثائق أو مستندات بهذا الخصوص.

المادة ( 9) يتم تعيين رئيس الوحدة وموظفيها بقرار من رئيس اللجنة.

المادة ( 10 ) تحدد مصادر تمويل الوحدة واختصاصها والإشراف على موظفيها وحقوقهم واختصاصاتهم وطريقة تعيينهم

وسائر الأمور الأخرى اللازمة لمباشرة الوحدة لاختصاصاتها بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.

المادة ( 11 ) أ- يحظر على رئيس اللجنة وأعضائها والموظفين في الوحدة إفشاء المعلومات التي يطلعون عليها أو

يعلمون بها بحكم عملهم سواء اطلعوا أو علموا بها بطريق مباشر أو غير مباشر ولا يجوز الإفصاح

عن هذه المعلومات بأي صورة كانت إلا للأغراض المبينة في هذا القانون، ويستمر هذا الحظر إلى

ما بعد انتهاء عملهم باللجنة والوحدة.

ب- يسري الحظر المنصوص عليه في الفقرة (أ) من هذه المادة على كل من يطلع أو يعلم بطريق مباشر

أو غير مباشر بحكم وظيفته أو عمله على أي معلومات تم تقديمها أو تبادلها بموجب أحكام هذا

القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه.

المادة ( 12 ) على الرغم مما ورد في المادة ( 11 ) من هذا القانون، للوحدة نشر إحصائيات دورية عن عدد العمليات

المشبوهة التي تم تلقيها وعن عدد أحكام الإدانة الصادرة والممتلكات المصادرة أو المجمدة والمساعدات

القانونية المتبادلة.

المادة ( 13 ) تلتزم الجهات المالية المبينة أدناه بالإجراءات المنصوص عليها في المادة ( 14 ) من هذا القانون:-

أ- البنوك العاملة في المملكة وفروع البنوك الأردنية العاملة في الخارج.

ب- شركات الصرافة وشركات تحويل الأموال.

ج- الشركات التي تمارس أيًا من الأنشطة التي تخضع لرقابة وترخيص هيئة الأوراق المالية.

د- الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يمارس أيًا من الأنشطة التي تخضع لرقابة وترخيص هيئة

التأمين.

ه- الشركات المالية التي ينص نظامها الأساسي وعقد تأسيسها على أن من غاياتها ممارسة أي من

الأنشطة المالية التالية:-

1. منح الائتمان بجميع أنواعه.

2. تقديم خدمات الدفع والتحصيل.

3. إصدار أدوات الدفع والائتمان وإدارتها.

4. الاتجار بأدوات السوق النقدي وبأدوات سوق رأس المال سواء لحسابها أو لحساب عملائها.

5. شراء الديون وبيعها سواء بحق الرجوع أو بدونه.

6. التأجير التمويلي.

7. إدارة الاستثمارات والأصول المالية عن الغير.

8. الشركات التي تعمل في تجارة العقارات وتطويرها وتجارة المعادن الثمينة والأحجار الكريمة.

المادة ( 14 ) تلتزم الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون بما يلي:-

أ- بذل العناية الواجبة للتعرف على هوية العميل وأوضاعه القانونية ونشاطه والمستفيد الحقيقي من

العلاقة القائمة بينها وبين العميل والمتابعة المتواصلة للعمليات التي تتم في إطار علاقة مستمرة مع

عملائها.

ب- عدم التعامل مع الأشخاص مجهولي الهوية أو ذوي الأسماء الصورية أو الوهمية أو مع البنوك

الوهمية.

ج- إخطار الوحدة فورا عن العمليات المشبوهة سواء تمت هذه العمليات أم لم تتم وذلك بالوسيلة أو

النموذج المعتمدين من الوحدة.

د- التقيد بالتعليمات التي تصدرها الجهات الرقابية المختصة لتطبيق أحكام هذا القانون.

المادة ( 15 ) يحظر الإفصاح للعميل أو للمستفيد أو لغير السلطات والجهات المختصة بتطبيق أحكام هذا القانون بطريق

مباشر أو غير مباشر أو بأي وسيلة كانت عن أي إجراء من إجراءات الإخطار أو التحري أو التحقيق التي

تتخذ بشأن العمليات المشبوهة.

المادة ( 16 ) تنتفي المسؤولية الجزائية أو المدنية أو الإدارية أو التأديبية عن كل شخص طبيعي أو معنوي من

الأشخاص المشار إليهم في المادة ( 13 ) من هذا القانون عند قيام أي منهم بحسن نية بواجب الإخطار عن

أي من العمليات المشبوهة أو تقديم معلومات أو بيانات عنها وفقا لأحكام هذا القانون.

المادة ( 17 ) أ- مع مراعاة ما ورد في المادة ( 15 ) من هذا القانون للوحدة أن تطلب من الجهات الملزمة بواجب

الإخطار المنصوص عليه في الفقرة (ج) من المادة ( 14 ) من هذا القانون أي معلومات إضافية

تعتبرها ضرورية للقيام بوظيفتها إذا كانت ترتبط بأي معلومات سبق أن تلقتها الوحدة أثناء مباشرة

اختصاصاتها أو بناء على طلبات تتلقاها من الوحدات النظيرة.

ب- يجب على الجهات الملزمة بواجب الإخطار تزويد الوحدة بالمعلومات المشار إليها في الفقرة (أ) من

هذه المادة خلال المدة التي تحددها.

المادة ( 18 ) للوحدة أن تطلب من الجهات المبينة أدناه وبالتنسيق معها معلومات إضافية تتعلق بالإخطارات التي تتلقاها

إذا كانت ضرورية للقيام بمهامها أو بناء على طلب تتلقاه من وحدات نظيرة:-

أ- الجهات القضائية.

ب- الجهات الرقابية والإشرافية التي تمارس سلطتها على الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون.

ج- أي جهات إدارية أو أمنية أخرى.

المادة ( 19 ) للوحدة الحق في تبادل المعلومات مع الوحدات النظيرة بشرط المعاملة بالمثل وعلى أن لا تستخدم هذه

المعلومات إلا في الأغراض المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وبشرط الحصول على موافقة الوحدة النظيرة

التي قدمت تلك المعلومات، وللوحدة الحق في إبرام مذكرات تفاهم مع الوحدات النظيرة لتنظيم التعاون بهذا

الخصوص.

المادة ( 20 ) أ- على كل شخص عند دخوله إلى المملكة التصريح عما يحمله من الأموال المنقولة عبر الحدود إذا

كانت قيمتها تتجاوز القيمة التي تحددها اللجنة وذلك على النموذج المعد لهذه الغاية.

ب- تحتفظ دائرة الجمارك العامة بتصاريح الأموال المنقولة عبر الحدود ويحق للوحدة استخدامها عند

الضرورة.

المادة ( 21 ) لدائرة الجمارك العامة صلاحية الحجز أو التحفظ على الأموال المنقولة عبر الحدود في حال عدم التصريح

عنها أو إعطاء أي معلومات مغلوطة عنها أو في حال وجود عملية مشبوهة فعليها إبلاغ الوحدة فورا

وعلى الوحدة إصدار قرار بشأن هذه الأموال خلال أسبوع كحد أقصى من تاريخ تبليغها إما بإعادتها

لصاحبها أو إحالتها للقضاء.

المادة ( 22 ) تحقيقا للغايات المقصودة من هذا القانون تتعاون الجهات القضائية الأردنية مع الجهات القضائية غير

الأردنية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالمساعدات والانابات القضائية وتسليم المتهمين والمحكوم

عليهم والمتحصلات وكذلك طلبات الجهات غير الأردنية تعقب أو تجميد أو حجز الأموال محل جرائم

غسل الأموال وذلك وفق القواعد التي تحددها القوانين الأردنية والاتفاقيات الثنائية أو المتعددة الأطراف

التي تكون المملكة طرفًا فيها أو وفقًا لمبدأ المعاملة بالمثل ومع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية.

المادة ( 23 ) أ- للجهات القضائية الأردنية المختصة أن تأمر بتنفيذ طلبات الجهات القضائية غير الأردنية المختصة

بمصادرة المتحصلات محل جرائم غسل الأموال، وذلك وفق القواعد التي تحددها القوانين الأردنية

والاتفاقيات الثنائية أو المتعددة الأطراف التي تكون المملكة طرفا فيها.

ب- يتم توزيع حصيلة الأموال المحكوم نهائيًا بمصادرتها وفقًا لأحكام هذا القانون بموجب الاتفاقيات التي

تعقد بهذا الشأن.

المادة ( 24 ) مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ورد النص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب على

الجرائم المبينة في الفقرات التالية بالعقوبات الواردة فيها :-

أ- بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة ألاف دينار ولا

تزيد على مليون دينار كل من ارتكب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في هذا القانون.

ب- يعاقب الشريك والمتدخل والمحرض بالعقوبة ذاتها المقررة للفاعل الأصلي.

ج- وفي جميع الأحوال تضاعف العقوبة في حال التكرار.

المادة ( 25 ) أ- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على عشرة

ألاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من يخالف أيًا من أحكام المواد ( 11 ) و ( 14 ) و ( 15 ) من

هذا القانون.

ب- يعاقب كل من يخالف حكم الفقرة (أ) من المادة ( 20 ) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن ( 10 %) من

قيمة الأموال غير المصرح بها.

المادة ( 26 ) أ- بالإضافة إلى ما ورد في المادة ( 24 ) من هذا القانون، يحكم في جميع الأحوال بالمصادرة العينية

للمتحصلات أو أموال تعادلها في القيمة في حال تعذر ضبطها أو التنفيذ عليها أو في حال التصرف

فيها إلى الغير حسن النية .

ب- إذا اختلطت المتحصلات بممتلكات اكتسبت من مصادر مشروعة فإن هذه الممتلكات تخضع للمصادرة

المنصوص عليها في هذه المادة في حدود القيمة المقدرة للمتحصلات وثمارها.

المادة ( 27 ) يمارس النائب العام أو المدعي العام صلاحياته بخصوص جرائم غسل الأموال المنصوص عليها في هذا

القانون وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية الساري المفعول .

المادة ( 28 ) أ- على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر يترتب على الحجز التحفظي الذي تجريه النيابة العامة أو

المدعي العام أو المحكمة المختصة وفق أحكام هذا القانون وقف جميع الإجراءات والمعاملات الجارية

على ذلك المال.

ب- للمتضرر من قرار الحجز الطعن بالقرار لدى الجهة القضائية المختصة.

المادة ( 29 ) لا تحول الأحكام المتعلقة بالسرية المصرفية المنصوص عليها في أي قانون آخر دون تطبيق أي من أحكام

هذا القانون.

المادة ( 30 ) يصدر مجلس الوزراء الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون.

المادة ( 31 ) تضع اللجنة التعليمات المتعلقة بما يلي:-

أ- الضوابط والأسس المتعلقة بالإخطار عن العمليات المشبوهة والنماذج التي تقررها الوحدة وتنظيم

الإجراءات التي تتخذها الوحدة عند تلقي الإخطار.

ب- الضوابط المتعلقة بالتصريح عن الأموال المنقولة عبر الحدود والإجراءات المتعلقة بالتصريح.

المادة ( 32 ) رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ أحكام هذا القانون.
 
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات


القانون رقم 80 لسنة 2002 الخاص بمكافحة غسل الأموال فلسفته واهم ملامحه





موجز الدراسة





الباب الأول

فلسفة قانون مكافحة غسل الأموال ...

الباب الثاني

أهداف إصدار قانون مكافحة غسل الأموال

الباب الثالث

أهم ملامح قانون رقم 80 لسنة 2002 ...

الباب الرابع

العقوبات المقررة على جرائم غسل ...







فلسفة قانون مكافحة غسل الأموال وأهميته





الواقع أن مصر لم تكن في حاجة فعلية إلى إصدار قانون خاص لمكافحة غسل الأموال ، نظرا لان التشريعات المصرية المعمول بها تعتبر كافية لحصار الأنشطة غير المشروعة ، وتحصين الاقتصاد المصري من مثالبها ومخاطرها.

وعلى الرغم من أن التشريع المصري لم يكن يتضمن نصا صريحا يجرّم عمليات غسل الأموال ، إلا أن المشرع قد أدرك مبكرا الدور الخطير الذي يمكن أن يلعبه غسل الأموال في تسهيل واستمرار تصاعد جرائم الكسب غير المشروع سواء من خلال الاتجار غير المشروع والأنشطة المحظورة أو تلك المرتبطة بالفساد الإداري ، ومن ثم فقد حرص المشرع على توفير أطر تشريعية لمواجهة مثل هذه العمليات ، وذلك من خلال تضمين القوانين الموجودة عددا من المواد التي تجرم مثل هذه الأفعال ، أو تغليظ العقوبات المقررة عليها.

وبالرغم من اتفاق رؤية المشرع المصري مع الاتجاهات المعاصرة للمجتمع الدولي بشأن ضبط ومصادرة الإيرادات والممتلكات غير المشروعة ، إلا أن التجريم والعقاب لم يكن يشمل أفعال عمليات غسل الأموال ، ولم يكن يتناول بالتنظيم إجراءات وضوابط تتبع هذه الأموال عبر الدول في تشريع خاص. من هذا المنطلق فقد تزايد الإحساس بان الوقت قد اصبح مناسبا لإصدار تشريع خاص بمكافحة عمليات غسل الأموال بعدما أصبحت تلك العمليات تمثل ظاهرة عالمية تساعد المنظمات الإجرامية الدولية على اختراق وإفساد الهياكل الاقتصادية والمؤسسات التجارية والمالية المشروعة والمجتمع بكافة مستوياته.

عزز من هذا التوجه أن القوانين المعمول بها في مصر لم تكن تجرًم صراحةً ، وبصفة أصلية عمليات غسل الأموال ، ويقتصر التجريم فقط على النشاط غير المشروع الذي يتحقق منه المال القذر ، لذلك جاء إصدار هذا التشريع معبرا عن اتفاق وتجاوب مصر الكامل مع كافة الجهود الدولية المبذولة في هذا الاتجاه ، ومن ذلك اتفاقية منظمة الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات ( فيينا 1988 ) والتي انضمت إليها مصر بصدور القرار الجمهوري رقم 568 لسنة 1990 بالموافقة على أحكامها ، ومنسقاً أيضاً وإعلان بازل 1988 ، والخاص بمنع الاستخدام الإجرامي للجهاز المصرفي لأغراض غسل الأموال ، كما جاء مراعياً - أخيراً - التوصيات الاربعين الصادرة عن لجنة العمل المالي لغسل الأموال (FATF) والتي تغطي جوانب متعددة لهذه الظاهرة فيما يتعلق بالمعاملات النقدية المحلية والدولية ذات الصلة بالأعمال غير المشروعة وأهمها التوصية الرابعة التي تطالب كل دولة بان تتخذ الإجراءات الضرورية ، بما فيها الإجراءات التشريعية ، لتتمكن من تجريم عمليات غسل الأموال.

ولأن تدخل المشرع في العمليات المالية – سواء المصرفية أو التجارية – ينبغي أن يتم بحرص شديد أخذاً في الاعتبار أن رؤوس الأموال تحجم عن التواجد إلى البلدان التي تتسم تشريعاتها الاقتصادية بالتعقيد ، فقد حرص المشرع المصري على تحقيق التوازن للمعادلة الاقتصادية الصعبة بين مقتضيات التنمية وتهيئة المناخ المناسب لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ، وبين متطلبات القضاء على الجريمة الاقتصادية المنظمة وحماية الاقتصاد المصري من أضراره
أهداف إصدار قانون مكافحة غسل الأموال






ترتيبا على ما تقدم ، يمكن إيجاز أهداف إصدار قانون مكافحة غسل الأموال في الآتي :-

1- تنظيم المعاملات المالية وفرض نوع من الرقابة عليها من أجل التأكد من أن المؤسسات المالية تكافح عمليات غسل الأموال المتحصل عليها من مصادر غير مشروعة ، وهذا من خلال وضع إطار قانونى يجرم عمليات غسل الأموال .

2- تهيئة المناخ الاستثمارى ، وذلك بإضفاء الثقة على المؤسسات المالية في مصر ، لتمهيد الطريق لجذب المزيد من الاستثمارات الشرعية .

3- العمل على رفع اسم مصر من قائمة الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة عمليات غسل الأموال ، والتى سبق وان ادرج اسم مصر فيها بمعرفة لجنة العمل المالى لغسل الأموال FATF وهى لجنة منبثقة عن مجموعة الدول الصناعية السبعG7 وخاصة أن معظم المنظمات والمؤسسات والهيئات الدولية قد تربط بين منح المساعدات والمنح المالية وبين تنظيم إدارة عمليات الرقابة على المعاملات المالية التي تجرى داخل المؤسسات المالية المصرية .

4- استحداث الوسائل العملية والقانونية التي من شأنها العمل على تكوين وضع جهاز رقابى تحدد سلطاته واختصاصاته - للعمل على مكافحة عمليات غسل الأموال هذا فضلا عن تدريب العاملين بالمؤسسات المالية وإيجاد قاعدة بيانات وخلق كوادر جديدة تعى أهمية مكافحة عمليات غسل الأموال .

5- تحليل اتجاهات النشاط الاقتصادي في المجتمع بصورة أكثر دقة حيث انه من المعروف انه على الرغم من الفوائد النظرية أو الظاهرية لتدفق الاموال ايا كانت طبيعتها - إلاّ أن الاموال المغسولة أو الاستثمارات الناتجة عن عمليات غسل الأموال هى أموال ساخنة ومن ثم فهي لا تنعم بالاستقرار وتظل تنتقل في آجال قصيرة من شكل إلى أخر من أشكال الاحتفاظ بالثروة وبالتالي لا تسهم في تحقيق تنمية حقيقية
أهم ملامح قانون رقم 80 لسنة 2002 الخاص بمكافحة غسل الأموال






عرفت المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 2002 عملية غسل الأموال بانها كل سلوك ينطوى على اكتساب الأموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو ادارتها أو حفظها ... إذا كانت متحصلة من جريمة مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبة أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال.

والأموال هنا قد تكون في هيئة نقود بأية عملة - وطنية أو أجنبية - أو في هيئة أشياء عينية أو مادية كالعقار أو المنقول المادى أو المعنوى أو أوراق مالية أو تجارية .

ويشترط لتطبيق هذا القانون العلم بالجريمة ، فالقانون لا يعاقب عليها إذا كانت عن جهل بحقيقة الأموال المغسولة ، فجريمة غسل الأموال - إذن - من الجرائم العمدية التي يشترط العلم بها مقترنا بقصد جنائى عام هو قصد ارتكاب جريمة غسل الأموال .

وقد خاطب المشرع – في هذا الصدد - المؤسسات المالية التالية :

• البنوك العاملة في مصر ( بنوك القطاع العام والخاص ، وبنوك الاستثمار والأعمال والبنوك المتخصصة ) وفروعها في الخارج ، وفروع البنوك الأجنبية العاملة في مصر .

• شركات الصرافة ، والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي.

• الجهات التي تباشر نشاط تحويل الأموال ، ويقصد بها أية جهة مرخص لها قانونا في تحويل الأموال بذاتها أو من خلال البنوك.

• الجهات العاملة في مجال الأوراق المالية ، وتشمل شركات السمسرة وتكوين المحافظ ، وشركات رأس المال المخاطر ، وشركات المقاصة والتسوية ، وشركات التوريق وغيرها.

• الجهات العاملة في مجال تلقى الأموال.

• صندوق توفير البريد، بالرغم من أن اغلب ودائعه تتسم بأنها صغيرة الحجم أو متوسطة، الا أن القانون من باب الحيطة والحذر قد خاطب الصندوق خشية ما قد يثار حول بعض ودائعه كبيرة الحجم من شبهات.

• الجهات التي تمارس نشاط التمويل العقارى وهذه هى الجهات التي يجرى انشاؤها بموجب القانون رقم 148 لسنة 2000.

• الجهات التي تمارس نشاط التأجير التمويلى : والتى ينظم عملها القانون رقم 95 لسنه 1995.

• الجهات العاملة في نشاط التخصيم أي الجهات التي تقوم بخصم الاوراق التجارية عن طريق سداد قيمتها الحالية قبل ميعاد استحقاقها ، ويلاحظ أن هذا النشاط يعتبر إحدى العمليات التي تؤديها المصارف لعملائها. وبالرغم من انه لا توجد في مصر جهات مستقلة عاملة في نشاط التخصيم إلا أن المشرع أراد أن يجمع كافة فئات المجتمع في مواجهة عمليات غسل الأموال، حتى يضيق الخناق على سبل إضفاء صفة الشرعية على الأموال غير المشروعة.

• الجهات التي تمارس أي نوع من أنشطة التأمين وصناديق التأمين الخاصة وأعمال السمسرة في مجال التأمين.

وقد ألزم القانون المؤسسات المالية المذكورة بإمساك سجلات ومستندات لقيد ما تجريه من العمليات المالية المحلية أو الدولية ، وبسجلات بيانات العملاء والمستفيدين والاخطار عن العمليات التي يشتبه في انها تتضمن غسل الأموال* ، لذلك لا يجوز لهذه المؤسسات فتح حسابات أو ربط ودائع أو قبول أموال أو ودائع مجهولة أو بأسماء صورية أو وهمية.

والاخلال بأي من هذه الواجبات يؤدي إلى معاقبة المخطئ بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 15 من القانون وهي الحبس أو الغرامة بحد ادنى خمسة الاف جنيه ، وحد أقصى عشرين الف جنيه.

وقد بيّن المشرع في المادة الثانية من القانون أنواع الجرائم التي تدخل في مفهوم غسل الأموال وهى:

• جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها.

• جرائم اختطاف وسائل النقل ( بريه أو بحرية أو جويه ) واحتجاز الأشخاص ، وذلك في حالة ما إذا جنى الجناه أموالا حصلوها من الاختطاف

• الجرائم التي يكون الارهاب أو تمويله من بين أغراضها أو من وسائل تنفيذها ، ويقصد بالارهاب كل استخدام للقوه أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ اليه الجانى تنفيذا لمشروع اجرامى فردى أو جماعى بهدف الاخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنة للخطر ، وكل من سعى لدى دولة أجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون مقرها خارج البلاد ، أو بأحد ممن يعملون لمصلحة اى منها ، وكذلك كل من تخابر معها أو معه للقيام بأي عمل من أعمال الإرهاب داخل مصر أو ضد ممتلكاتها أو مؤسساتها أو ممثليها أو مواطنيها أثناء عملهم أو وجودهم بالخارج أو الاشتراك في ارتكاب شئ مما ذكر* .

• جرائم استيراد الأسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها بغير ترخيص

• الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العامة وهى تتضمن السعى أو التخابر مع دولة اجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها للقيام باعمال عدائية ، أو الاضرار بمركز مصر الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى ، والاتلاف العمدى لوثائق تتعلق بأمن الدولة أو اخفاؤها أو اختلاسها وتزويرها .. الخ

هذا فضلا عن جرائم الرشوة واختلاس المال العام والعدوان عليه ، والمسبوكات والزيوف المزورة ، والتزوير .**

• جرائم سرقة الأموال واغتصابها

• جرائم الفجور والدعارة

• الجرائم الواقعة على الآثار ، وهي تكتسب أهميتها بسبب انتشار تهريب الآثار إلى الخارج ، لذلك ادخلها المشرع في نطاق غسل الأموال لضخامة المبالغ التي يمكن تحصيلها من عمليات التهريب ، أما إتلاف الآثار فلا ينطبق عليه قانون غسل الأموال.

• الجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة ، واستقدامها لدفنها محليا ، حيث تخضع المتحصلات الناتجة عن هذه العمليات لقانون غسل الأموال.

• الجرائم المنظمة التي يشار إليها في الاتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفا فيها ، بشرط أن يكون معاقبا عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي.

وقد أوجب القانون إنشاء وحدة مستقلة ذات طابع خاص بالبنك المركزي المصري لمكافحة غسل الأموال تمثل فيها الجهات المعنية ويلحق بها عدد كاف من الخبراء والمتخصصين ، أي أن لهذه الوحدة شخصية معنوية مستقلة عن البنك المركزي.

ويتكون الهيكل التنظيمي للوحدة من خمس إدارات هي الفحص والتحري والاتصالات والتعاون الدولي والبحوث ونظم المعلومات ، والشئون الإدارية.

ويشكل للوحدة مجلس أمناء يضم خمسة أعضاء ( مساعد وزير العدل – نائب محافظ البنك المركزي – رئيس هيئة سوق المال – ممثل لاتحاد بنوك مصر– خبير في الشئون المالية والمصرفية ) ويختص مجلس الأمناء بتصريف شئون الوحدة ووضع السياسة العامة لها ، ومتابعة تنفيذها ، وتختص الوحدة بتلقي الإخطارات الواردة من المؤسسات المالية عن العمليات التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال ، ويلاحظ أن الشكوك لا تكفي – بمفردها – لتكوين الاشتباه ، ولا يقتصر الأمر عليها ، وانما يجب أن تكون هناك قرائن قوية وأدلة قاطعة على وجود أنشطة غير مشروعة ، وتنشئ الوحدة قاعدة بيانات لما يتوافر لديها من معلومات ، على أن يتم تبادل هذه المعلومات والتنسيق مع الجهات الرقابية ، ومع الجهات المختصة في الخارج تطبيقا لاحكام الاتفاقات الدولية ، ولكي تؤدي الوحدة دورها بفعالية فقد زود القانون بعضا من موظفيها بصفة مأمور الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم غسل الأموال.

هذا ، ويعد رئيس مجلس الأمناء تقريرا سنويا يقدم إلى مجلس إدارة البنك المركزي المصري يتضمن عرضا لنشاط الوحدة والتطورات العالمية في مجال مكافحة غسل الأموال وموقف مصرفيها.
العقوبات المقررة على جرائم غسل الأموال:






حدد المشرع العقوبات التي تفرض على مخالفي أحكام هذا القانون ، مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر ....

ويقضي القانون بان يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سبع سنوات وبغرامة تعادل مثلي الأموال محل الجريمة ، كل من ارتكب أو شارك في الجريمة بالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، وكل من شرع في ارتكاب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في القانون.

وقد شدد المشرع العقوبة بالحكم – في جميع الأحوال – بمصادرة الأموال المضبوطة.

وبعد أن قررت المواد من 13 إلى 16 من القانون أحكام العقوبات الجنائية ، جاءت المادة 17 لتقرر الإعفاء من العقاب إذا تراجع أحد الجناة عن إتمام الجريمة ، وابلغ الوحدة المختصة أو ابلغ سلطة مختصة بالجريمة قبل أن تعلم بها هذه السلطات.

فإذا حصل الإبلاغ بعد العلم بالجريمة تعين للإعفاء أن يكون من شأن الإبلاغ ضبط باقي الجناة أو الأموال محل الجريمة.

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات





























القانون الزراعي




الفصل الأول : الإيجار العادي للأرض الزراعية

المبحث الأول : انعقاد الإيجار

المطلب الأول : التراضي في عقد إيجار الأرض الزراعية

الفرع الأول : في وجود التراضي



يجب لانعقاد عقد إيجار الأرض الزراعية أن تتجه نية طرفية إلى إبرام هذا العقد دون غيره من العقود الأخرى فإذا لم تتطابق الإرادتان لا ينعقد العقد ويجب ن يكون كل منهما الأهلية ألازمه لإبرام عقد الإيجار وأن تخلو إرادتهما من العيوب



شكل التراضي وكيفية إثبات العلاقة الايجارية :

عقد الإيجار بوجه عام هو عقد رضائي يكفي لقيام توافق إرادتي طرفيه على العناصر الأساسية فيه وهو عقد يخضع في إثباته للمبادئ العامة في الإثبات ويلاحظ أن

أولا : أن تحرير عقد إيجار الأرض الزراعية من ثلاث نسخ تودع إحداها الجمعية التعاونية الزراعية المختصة لم يعد لازما من الناحية القانونية فيمكن لطرفي العقد أن يحررا نسخه واحدة منه يحتفظ بها أحدهما ولم يعد المؤجر ملزما بإيداع نسخه من عقد الإيجار في الجمعية التعاونية الزراعية المختصة



ثانيا : أنه إذا امتنع المؤجل عن إيداع عقد الإيجار بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة أو امتنع أحد الطرفين عن توقيع العقد لم يعد ممكن اللجوء إلى المحكمة الجزئية المختصة بالتحقيق من قيام العلاقة الايجارية ولم يعد لهذه المحكمة أن تكلف رئيس الجمعية الزراعية المختصة بتحرير العقد وتوقيعه نيابة عن الطرف الممتنع



ثالثا : أن الطرف الممتنع عن توقيع عقد الإيجار أو عن إيداعه لم يعد ملتزما بأن يؤدي إلي الجمعية التعاونية الزراعية المختصة مصاريف إدارية تعادل 1 % من الأجرة السنوية للعين المؤجرة نظير قيام رئيس الجمعية بتحرير العقد وتوقيعه نيابة عن الطرف الممتنع



رابعا : أنه في حالة امتناع المؤجر عن التوقيع على عقد الإيجار أو عن إيداعه بغير سبب مشروع أو امتناع المستأجر عن التوقيع على العقد لم يعد أيهما مرتكبا لجريمة الجنحة التي كان يعاقب عليها بالحبس



خامسا : أن التوقيع على عقد الإيجار وإيداعه لم يعد شرطا لقبول المنازعات والدعاوى الناشئة عن هذا العقد أمام الجهات الإدارية والقضائية



الفرع الثاني : القيود الواردة على التراضي



تأجير الأرض لمن يزرعها بنفسه : يكون تأجير الأراضي الزراعية لمن يتولى زراعته بنفسه ولا يجوز للمستأجر تأجيرها من الباطن أو التنازل عنها ويقع باطلا كل تعاقد يتم بمخالفة ذلك وقد صار هذا القيد تاريخيا بعد صدور القانون رقم 96 لسنة 1992 الذي قضى بخضوع عقود إيجار الأرض الزراعية لأحكام القانون المدني .



عدم تجاوز الحد الأقصى لحيازة الأرض الزراعية :

لا يجوز لشخص هو وأسرته التي تشمل زوجته وأولاده القصر أن يحوزوا بطريقة الإيجار أو وضع اليد أو بأي طريقة أخرى مساحة تزيد على خمسين فدان من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية ويدخل في حساب تلك المساحة ما يكون الشخص أو أي من أفراد أسرته موكلا في إدارته أو استغلاله أو تأجير من الأراضي المشار عليها ويقع باطلا كل عقد يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام وذلك بهدف القضاء على الإقطاع الذي يقوم على أساس الحيازة وليس الملكية ويحصل الحد الأقصى للحيازة على أساس ما يسيطر إليه الشخص من الأرض أصالة أو نيابة على ذلك يدخل في حساب الحد الأقصى للحيازة ما يملكه الشخص أو يضع يده عليه بنية التملك وما يستغله الشخص بطريق المزارعة



حكم تجاوز الحد الأقصى للحيازة

إذا كانت الزيادة ترجع إلى سبب مكسب للملكية كعقد فيجب على ذوى الشأن أن ينزلوا للهيئه العامة للإصلاح الزراعي خلال ثلاث أشهر من تاريخ قيلولة الزيادة إليه أو خلال المدة اللازمة لنضج المحصول القائم في الأرض وقت القيلولة إذا كانت الزيادة في الحيازة قد حدثت بسبب اكتساب الحائز لصفة الولي أو السنديك فهؤلاء يستمرون في إدارة الأرض خلال المدة الباقية من السنة الزراعية التي يكتسبون خلالها صفاتهم المذكورة على أن يقوموا بعد ذلك بتأجير الأرض

جزاء مخالفة أحكام الحد الأقصى للحيازة :

الجزاء المدني : يتمثل في بطلان أي عقد إيجار يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام ويتعين على الحائز أن يتخلى عن القدر الزائد في حيازته على أن يعينه بنفسه الجزاء الجنائي : هو الحبس والغرامة التي لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين

استثناء الأراضي الصحراوية :

يجوز للفرد الذي يملك خمسين فدانا من الأراضي الزراعية ويمتلك مائتي فدان من الأراضي الصحراوية أن يحوز 250 فدانا لأن من يملك شيئا حسب نصوص القانون تجوز له حيازته ولكن لا يجوز للشخص الذي يملك مائتي فدان من الأراضي الصحراوية أن يستأجر أي أرض زراعية فوق ذلك لأنه يصطدم عندئذ بالحظر



المطلب الثاني : الحد الأقصى للأجرة في عقد إيجار الأراضي الزراعية

الحد الأقصى للأجرة : هو سبعة أمثال الضريبة العقارية المربوطة على الأرض السارية في تاريخ إبرام عقد الإيجار ولكن المشرع لم يضع حد أدنى للأجرة فيجوز أن تقل عن الحد الأقصى المقرر ولو لم تتناسب مع القيمة الحقيقية لإيجار الأرض فإذا كانت الضريبة المربوطة على الفدان عشرين جنيها سنويا فإن الإيجار السنوي لهذا الفدان يكون 20 * 7 = 140 جنيها مصريا وإذا تقررت زيادة في قيمة الضريبة فلا تسرى إلا ابتداء من شهر نوفمبر من نفس العام وهو الوقت المحدد لبدأ السنة الزراعية بالنسبة لغالبية الزراعات



مساحات الفدان التي يتم تحديد الأجرة على أساسها : خشية أن يثور النزاع بين المالك والمستأجر بشأن مساحة الأرض المؤجرة نص المشرع على أن مساحة الفدان 300 قصبة مربعة عل الأقل بما فيها المصارف والقنوات الحقلية الداخلة في المساحة المؤجرة والمستأجر يلتزم بدفع أجرة المساحة الفعلية المؤجرة له



3. المدة الزمنية المعتبرة في تقدير الحد الأقصى للأجرة : المدة هي سنه زراعية كاملة وعلى ذلك فإن المؤجر يلتزم بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بالأرض الزراعية المؤجرة لمدة عام زراعي كامل مقابل التزام الأخير بدفع أجره تساوى سبعة أمثال الضريبة أما إذا كانت مدة الإيجار لزرعه واحدة فينبغي التمييز بين فرضين

إذا كانت الزراعة تستغرق جزء من السنة الزراعية كأن تكون الأرض مؤجره لزراعة محصول شتوي واحد كالقطن فإن الأجرة تقدر بثلثي القيمة الايجارية العادية وإذا كانت الأرض مؤجرة لزراعة محصول نيلي واحد كالذرة فإن الأجرة المطلوبة تكون ثلث القيمة الايجارية السنوية للفدان إذا كانت الزراعة تستغرق اكثر من سنه زراعية واحدة كالقصب فان المستأجر يلتزم بدفع الأجرة القانونية عن كل المدة التي يستغرقها بقاء هذا المحصول على الأرض المؤجرة

4. الأراضي الزراعية المستثناة من الحد الأقصى للأجرة

لا يسرى الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية على الأراضي الزراعية التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موز أو نباتات مستديمة أو بالنباتات التي تبقى مزروعة في الأراضي لأكثر من سنة عدا القصب كالبرسيم الحجازي و إنما يترك تقدير إيجارها لاتفاق طرفي العقد وذلك نظرا أما لأنها تدر عائدا كبيرا على المستأجرين يزيد على العائد الذي تدره على الزراعات العادية كما أن هذه الزراعات تضعف الأرض بسبب بقائها فيها مدة طويلة كما أن المشرع فرض على هذه الأراضي ضريبة عقارية إضافية تقدر ب40% من قيمة الفرق بين الأجرة المقررة قانونا والأجرة المقدرة عن طريق الاتفاق



5. تعلق الحد الأقصى للأجرة بالنظام العام والجزاء المترتب على مخالفته

الحد الأقصى للأجرة يتعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز النزول عنه أو الاتفاق على مخالفته ويقع باطلا كل اتفاق على أجرة تزيد على الحد الأقصى الذي فرضه القانون ويجب إنزال الأجرة إلى الحد الأقصى المقرر قانونيا وإذا كان المستأجر قد قام بأداء أجرة إلى المالك تزيد على الحد الأقصى فانه يجوز له أن يطالبه باسترداد المبلغ الزائد عن هذا الحد الأقصى ويجوز له أن يثبت دفعه لهذه الزيادة بأي طريقه لان الإثبات عنا ينصب على مخالفة قانونية وهناك أيضا جزاءا جنائيا أو يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مؤجر يتقاضى عمدا من المستأجر أجرة تزيد على الحد الأقصى



6. تقييم تحديد أجرة الأرض الزراعية بسبعة أمثال الضريبة

لقد كان تحديد أجرة الأراضي الزراعية على أساس سبعة أمثال الضريبة متفقا مع قيمة ما تنتجه الأرض ولكن الأجرة القانونية بدأت تميل سنة بعد أخرى لصالح المستأجر وتتجه إلى الأضرار بمصالح المالك المؤجر فالواقع انه قد ارتفعت أجرة الأرض الزراعية التي لا تخضع لقانون الإصلاح الزراعي ارتفاعا شديدا تعدى مبلغ ال1000 جنيه للفدان الواحد بينما بقى إيجار الأرض الزراعية المؤجرة دون زيادة ويضاف إلى ذلك سوء تصرف بعض المستأجرين مستغلين غيبة مالكي الأرض بإعادة تأجير الأرض من الباطن باجرة تزيد أضعافا مضاعفة عن تلك التي حددها المشرع مما دفع الأرض بإعادة تأجير الأرض من الباطن بأجرة تزيد أضعافا مضاعفة عن تلك التي حددها المشرع مما دفع مالكي الأراضي إلى التخلص منها ببيعها بثمن يقل عن القيمة الحقيقية لها مما صدا بالمشرع لرفع الحد الأقصى للأجرة وذلك بإصداره القانون رقم 96 لسنة 1992 ونص على أن تحدد قيمة الأجرة السنوية للأراضي الزراعية باثنين وعشرين مثلا للضريبة العقارية السارية وإذا لم تكن الأرض مفروضا عليها ضريبة عقارية في تاريخ تأجيرها أو كان مفروض عليها ضريبة لا تجاوز جنيهين للفدان في السنة تقدر قيمنها الايجارية بناءا على طلب المؤجر بمعرفة لجنة التقدير المختصة ويكون لكل من المؤجر والمستأجر الحق في استئناف التقدير وتعتبر مساحة الفدان من الأراضي المؤجرة ثلاثمائة قصبة على الأقل بما فيها المصارف والقنوات الحقلية الداخلة في المساحة المؤجرة ولا يسرى الحد المقرر قانونا لأجرة الأراضي الزراعية التي تؤجر لزراعتها حدائق أو موزا وفى هذه الحالات تفرض ضريبة عقارية إضافية تقدر بأربعين في المائة (40%) من قيمة الزيادة في أجرتها عن الحد المقرر قانونيا وتسرى الزيادة على عقود الإيجار القائمة في تاريخ العمل بهذا القانون



المطلب الثالث:المدة في عقد إيجار الأراضي الزراعية

1. المدة في ظل القانون المدني:

قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي كانت تطبق على عقد إيجار الأراضي الزراعية القواعد العامة في القانون المدني والتي مؤداها انه إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة و ينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد فإذا كانت المدة المعينة لدفع الأجرة ستة اشهر أو اكثر يكون التنبيه قبل انتهائها بثلاثة اشهر وإذا كانت المدة اقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير والمستفاد إذا

§ أن المشرع لم يضع حدا أدنى لمدة إيجار الأراضي الزراعية بل ترك تحديد المدة التي يستغرقها العقد لاتفاق الطرفين المتعاقدين

§ أنه إذا أغفل المتعاقدان تحديد مدة معينة لعقد إيجار الأرض الزراعية فلا يترتب على ذلك بطلان العقد بل يقوم العقد بينهما صحيحا منتجا لآثاره

§ أن المدة في عقد إيجار الأراضي الزراعية تحسب بالسنة الزراعية وليس بالسنة المدنية أول نوفمبر لأخر أكتوبر من العام التالي



2. المدة في ظل قوانين الإصلاح الزراعي :

لا يجوز أن تقل مدة إيجار الأرض الزراعية عن ثلاث سنوات وذلك حتى يضمن المشرع للمستأجر نوعا من الثبات والاستقرار في زراعة الأرض واستغلالها ولكن لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأطيان المؤجرة ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري يقضى به القانون أو العقد وعلى ذلك أصبحت عقود الإيجار تمتد بحكم القانون دون حاجة لإعلان المستأجر رغبته في البقاء في الأرض المؤجرة غليه ولا يكون للمؤجر الحق في إخراج المستأجر من الأرض إن هو أراد ذلك والامتداد القانوني لإيجار الأرض الزراعية متعلق بالنظام العام فلا يجوز الاتفاق على مخالفته ولكن هناك استثناء أن يباح بمقتضاهما الاتفاق على أن يكون عقد الإيجار لمدة محدودة ينتهي بانتهائها وذلك في حالتين :

§ الأراضي المرخص في زراعتها ذرة أو أرزا لغذاء المرخص له

§ الأراضي المرخص في زراعتها زرعه واحدة في السنة



3. المدة بعد صدور القانون رقم 96 لسنة 1992 1. العدول عن مبدأ الامتداد القانوني لعقد إيجار الأرض الزراعية :

عبر المشرع عن إرادة العدول عن مبدأ الامتداد القانوني التلقائي لعقد إيجار الأرض الزراعية الذي كان مقررا في قانون الإصلاح الزراعي بنصه على أن تنتهي عقود إيجار الأراضي الزراعية السارية وقت العمل بأحكام هذا القانون بانتهاء السنة الزراعية 1997/96 ما لم يتفق على غير ذلك . فالمشرع قد عدل عن مبدأ الامتداد القانوني التلقائي لعقود إيجار الأراضي الزراعية وقد فرق المشرع في النص السابق بين نوعين من العقود فيما يتعلق بمدة الإيجار



أولا : عقود إيجار الأرض الزراعية السارية وقت العمل بأحكام القانون رقم 96 لسنة 1992 أي العقود التي كانت سارية يوم 29/6/1992 هذه العقود تنتهي مدتها بانتهاء السنة الزراعية 1997/96 وذلك بحكم القانون ويعنى ذلك أن هذه العقود تمتد بين طرفيها بحكم القانون امتدادا تلقائيا لمدة خمس سنوات زراعية ويكون للمؤجر بعد مضي هذه المدة الحق في مطالبة المستأجر بإخلاء الأرض ليقوم إما بزراعتها بنفسه أو بتأجيرها للغير وقد قصد المشرع من إبقاء هذه العقود نافذة بين طرفيها لمدة خمس سنوات زراعية إتاحة الفرصة أمام المستأجرين للبحث عن مصادر أخرى للرزق وحيث المؤجرين كي يهيئوا أنفسهم لاستلام أرضهم ليقوموا بزراعتها بأنفسهم أو بتأجيرها إلى الغير وإذا مات المستأجر خلال مدة السنوات الخمس التي قرر المشرع بقاء عقود الإيجار سارية المفعول خلالها فإن الحق في الإيجار ينتقل إلى الورثة إلى أن تنتهي المدة السابقة ولم يشترط المشرع في هذا القانون لانتقال حق الإيجار إلى ورثة المستأجر أن يكون من بينهم من تكون مهنته الأساسية الزراعة



ثانيا : عقود إيجار الأرض الزراعية التي تبرم بعد العمل بالقانون رقم 96 لسنة 1952:

هذه العقود يتم تحديد مدة سريانها وفقا لما يتم الاتفاق عيه بين الطرفين المتعاقدين وهما المؤجر والمستأجر فهي لا تخضع لامتداد القانوني التلقائي الذي كان مقررا قبل صدور القانون رقم 96 لسنة 1992 ولا يسرى على هذه العقود الامتداد الخمسي لأن هذا الامتداد قاصر على العقود التي كانت سارية وقت العمل بأحكام هذا القانون وعلى ذلك يجوز لطرفي العقد الاتفاق على أن تكون الأرض الزراعية مؤجرة لزراعة محصول واحد شتوي أو صيفي أو لسنة زراعية واحدة أو لعدة سنوات دون أن يمتد العقد المبرم بينهما إلى بعد المدة المتفق عليها بينهما



2. تصرف المالك في أرضه خلال مدة الامتداد الخمس خيارات المستأجر :

إذا رغب المؤجر في بيع الأرض بعد تقاضيه من المؤجر مقابل التنازل عن المدة المتبقية من العقد ويحسب هذا المقابل بأربعين مثل الضريبة العقارية المقررة عن كل سنة زراعية أو أن يستمر مستأجرا للأرض إلى حين انتهاء المدة المشار إليها في الفقرة الأولى



أخطار المؤجر للمستأجر برغبته في بيعه أرضه :

يجب على المؤجر أن يخطر المستأجر برغبته في بيع أرضه ويتم الإخطار بشكل رسمي على يد محضر كما يجب عليه الانتظار طوال مهلة الإخطار وهى ثلاثون يوما من تاريخ تسلم الإخطار حتى يمكنه التصرف في الأرض المؤجر إلى الغير



خيارات المستأجر :

شراء الأرض بالسعر الذي يتفق عليه : وهذا السعر غالبا هو الثمن السائد في السوق لمثل الأرض المعروضة للبيع ويتم تحديده بالاتفاق الحر فإن توصلا إلى اتفاق وانعقد بينهما عقد بيع فيصبح المستأجر حائزا للأرض باعتباره مالكا وتنتهي العلاقة الايجارية بينهما لاجتماع صفتي المالك والمستأجر في شخص واحد ولكن ملكية الأرض لا تنتقل إلا بتسجيل عقد البيع



2. إخلاء الأرض بعد تقاضيه من المؤجر مقابل التنازل: قد يرفض المستأجر شراء الأرض المؤجرة له في هذه الحالة أجاز القانون للمستأجر أن يخلي الأرض بعد تقاضيه من المؤجر مقابل التنازل عن المدة المتبقية من العقد ويحسب هذا المقابل بأربعين مثل الضريبة العقارية المقررة عن كل سنة زراعية



استمرار المستأجر في الأرض إلي حين انتهاء مدة السنوات الخمس : إذا رفض المستأجر شراء الأرض بالسعر المعروض عليه ورفض أن يخلى الأرض نظير مقابل التنازل فله أن يستمر مستأجرا للأرض حتى انقضاء السنوات الخمس التي قررها لانقضاء عقود الإيجار الخاضعة لهذا الامتداد الخمسي



المبحث الثاني : آثار عقد إيجار الأراضي الزراعية المطلب الأول : التزامات المؤجر

الفرع الأول : التزام المؤجر بتسليم الأرض الزراعية



يسرى على الالتزام القواعد العامة في الإيجار فالمؤجر عليه أن يسلم المستأجر الأرض الزراعية المتفق عليها وملحقاتها في حالة تصلح معها لاستغلال الزراعي المقصود منها بحسب الاتفاق المبرم بينهما فإن لم يوجد اتفاق فبحسب ما أعدت له الأرض والصعوبة تثور بالنسبة لملحقات الأرض الزراعية لأنها تختلف من أرض إلي أرض ومن جهة إلى أخرى غير أنه يعتبر من ملحقات الأرض الزراعية السواقي والمصارف والمخازن أما بالنسبة للمواشي والأدوات الزراعية فلا تعتبر من ملحقات الأرض الزراعية ومن ثم لا يشملها التزام المؤجر بالتسليم إلا إذا اتفق على ذلك صراحة أو ضمنا في عقد الإيجار ويرجع السبب في استبعاد المواشي والأدوات الزراعية أن المشرع افترض أن الفلاح الذي يقوم باستئجار الأرض الزراعية غاليا ما تتوافر لديه هذه الأشياء



الفرع الثاني : التزام المؤجر بصيانة الأرض المؤجرة



يلتزم المؤجر بالصيانة لتبقى الأرض على الحالة التي سلمت بها وأن يقوم في أثناء الإيجار بجميع الترميمات الضرورية دون الترميمات التأجيريه للعين طوال مدة سريان عقد الإيجار ومن الترميمات الضرورية الإصلاحات اللازمة للآبار والترع ومجارى المياه ولكن يجوز الاتفاق على أن يقوم المستأجر بكافة الترميمات فإذا أخل المؤجر بالتزامه فيجوز للمستأجر أن يحصل على ترخيص من القضاء في إجراء ذلك بنفسه وفي استيفاء ما أنفقه خصما من الأجرة وهذا دون إخلال بحقه في طلب الفسخ أو إنقاص الأجرة



المطلب الثاني : التزامات المستأجر الفرع الأول : التزام المستأجر بتسلم الأرض المؤجرة وبالمحافظة عليها صالحة للاستعمال



أولا : التزام المستأجر بتسلم الأرض المؤجرة

يجب على المستأجر أن يتسلم الأرض لكي يمارس عليها السلطات المقررة له بمقتضى العقد ويخضع هذا الالتزام للقواعد وعلى ذلك يلتزم المستأجر بتسلم الأرض بعد إخلائها مما يشغلها ويعطل لانتفاع المألوف بها وعاينتها ويتسلم المستأجر مع الأرض المحلقات التابعة لها على أن يتم إثبات نوعها وعددها وأوصافها في محضر خاص ويجب أن يتم التسلم في الوقت الذي يحدده عرف الجهة وإلا ففي الوقت الذي يسمح للمستأجر بالانتفاع المألوف بالأرض



ثانيا: التزام المستأجر بالمحافظة على الأرض صالحة للاستعمال المألوف :

يجب على المستأجر المحافظة على الأرض الزراعية وملحقاتها المسلمة له وأن يبذل في هذه المحافظة عناية الشخص المعتاد ويكون مسئولا عما يصيب الأرض أثناء انتفاعه بها من تلف والالتزام يقتضي من المستأجر أن يقوم بما يأتي :

1. أن يكون استغلاله للأرض موافقا لما اتفق عليه في عقد الإيجار أو لمقتضيات الاستغلال المألوف وإذا اتفق في عقد الإيجار على زراعة الأرض بزراعات معينة وجب على المستأجر ألا يقوم بزراعة الأرض بأنواع أخرى من الزراعات

2. أن يكون استغلاله للأرض الزراعية موافقا للطرق المتبعة في استغلالها عادة

3. ألا يحدث في الأرض المؤجرة أي تغيير ضار تغيير ضار بها بغير أذن المؤجر وإلا جاز إلزامه بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها بالتعويض فإذا أهمل المستأجر فأنه يتعرض لجزاءات جنائية أو يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كما يجيز للمؤجر أن يطلب بعد إنذار المستأجر فسخ العقد وإخلاء الأرض المؤجرة



الفرع الثاني : التزام المستأجر بالمحافظة على المواشي والأدوات الزراعية

إذا اتفق المؤجر والمستأجر على شمول عقد الإيجار للمواشي والأدوات الزراعية المخصصة لخدمة الأرض المؤجرة وتسلمها المستأجر تعين عليه أن يتعهدها بالرعاية والصيانة بحسب المألوف في استعمالها وذلك بالا يجعلها تعمل أكثر من طاقتها وأن يقدم لها الغذاء الكافي وأن يوفر لها المأوى وأن يقوم بتوقيع الكشف البيطري عليها في أوقات دورية أما الأدوات الزراعية فيجب على المستأجر أن يتعهدها بالصيانة لتبقي على الحالة التي تسلمها بها



الفرع الثالث : التزام المستأجر بالإصلاحات التأجيريه

المشرع ألقي على عاتق المستأجر القيام بالإصلاحات التأجيريه وهي الإصلاحات التي يقتضيها الاستعمال المألوف للأرض المؤجرة كتطهير وصيانة الترع والمساقي ويجوز للمستأجر أن يتفق مع المؤجر على اقتسام مصاريف هذه الإصلاحات



الفرع الرابع : التزام المستأجر بدفع الأجرة

الأجرة واجبة الوفاء : الأجرة التي يتعين علي المستأجر الوفاء بها للمؤجر هي الأجرة التي اتفق عليها بين الطرفين بتقاضي من المستأجر نقودا أو أن تكون أي تقدمه أخرى ( قدرا مينا من المحصول ) وإذا أغفل المتعاقدان الاتفاق على أجرة معينة وجب اعتبار الأجرة المثل



2. كيفية الوفاء بالالتزام بدفع الأجرة .زمان الوفاء بالأجرة : ينظر لمعرفة الوفاء بالأجرة على اتفاق الأطراف المتعلق بتحديد وقت الوفاء بالأجرة فإن وجد مثل هذا الاتفاق تعين الوفاء في الوقت الذي حدد وإلا وجب العودة إلى عر فالجهة

مكان الوفاء بالأجرة : لأن الدين مطلوب لا محمول فيكون الوفاء بأجرة الأرض الزراعية في محل إقامة المستأجر



ثانيا : كيفية إثبات الوفاء بالأجرة يقع عبء إثبات الوفاء بالأجرة على المستأجر باعتباره صاحب المصلحة وعلى المؤجر بأن يسلم إلى المستأجر مخالصة مكتوبة عن كل مبلغ يؤديه إليه من الأجرة فإذا دفعت الأجرة مرة واحدة سلمه مخالصة مكتوبة تثبت قبضه لمبلغ الأجرة كاملة وطبقا للقواعد العامة إذا كانت الأجرة أقل من 500 جنيها أمكن للمستأجر إثبات الوفاء بها بكافة طرق الإثبات أما إذا كانت الأجرة تزيد عن 500 جنيها فلا بد أن يثبت الوفاء بالأجرة بورقة مكتوبة وإثبات الوفاء بالأجرة في سنة ما قرينة بسيطة على الوفاء بها في السنوات السابقة



3. حالات إسقاط الأجرة أو إنقاصها:

حالات إسقاط الأجرة

إسقاط الأجرة يعني انقضاء الالتزام بها دون الوفاء بها للمؤجر وتسقط الأجرة في حالتين

الحالة الأولى : منع المستأجر من تهيئة الأرض أو من بذرها أو هلاك البذر كله قبل ظهوره من باطن الأرض ويشترط لتحقق هذه الحالة ما يأتى :

§ منع المستأجر من تهيئة الأرض للزراعة أو من وضع البذور فيها بعد تهيئتها وهلاك البذر كله قبل ظهوره على سطح الأرض

§ أن يكون المنع من التهيئة أو البذر أو هلاك كل ابذر بسبب قوة قاهرة أي بسبب أجنبي لا يد للمستأجر فيه كأن يكون حادثا مفاجئا يستحيل دفعه إذا توافر هذان الشرطان برئت ذمة المستأجر من الأجرة دون وفاء بها للمؤجر



الحالة الثانية : هلاك الزرع كله قبل حصاده ويشترط لتوافر هذه الحالة الشروط الآتية :

1. أن يكون هلاك الزرع هلاكا كليا ولا يكفى الهلاك الجزئي للزرع بل لابد وأن يكون الهلاك كليا

2. أن يكون هلاك الزرع كله قد حدث قبل حصاده أما إذا كان الهلاك قد حدث بعد حصاد الزرع فلا يجوز للمستأجر أن يطلب إسقاط الأجرة

3. أن يكون الهلاك للزرع بسبب قوة قاهرة وليس بسبب يرجع إلى المستأجر

4. ألا يكون المستأجر قد عوض عما أصابه من ضرر بسبب هذا الهلاك فالعلة في إسقاط الأجرة عن المستأجر هي التخفيف عما لحقه من ضرر بسبب هلاك محصوله



حالات إنقاص الأجرة :

للمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة في حالتين :

الحالة الأولى :

الاستحالة النسبية للبذر أو هلاك أكثره قبل ظهوره وذلك بأن يستحيل على المستأجر تهيئة جزء من الأرض للزراعة طيلة فترة الزراعة أو لجزء منها أو أن يهلك أكثر البذر قبل ظهوره فمتى توافرت هذه الاستحالة النسبية فالمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة



الحالة الثانية : هلاك بعض الزرع قبل حصاده إذا لم يهلك إلا بض الزرع ولكن ترتب على الهلاك نقص كبير في ريع الأرض كان للمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة



4. ضمانات الوفاء بالأجرة الزراعية § ألزم المشرع المستأجر بأن يضع في الأرض المؤجرة من محصولات أو مواشي أو أدوات بما يفي بأجرة سنتين ولا يعفي من هذا الالتزام إلا إذا كان قد عجل الأجرة أو أن يكون قد قدم تأمينا آخر

§ أعطى المشرع للمؤجر حق امتياز على ما يوجد بالأرض المستأجرة من محصولات أو مواشي

§ أعطى المشرع المؤجر حتى حبس هذه الأشياء القابلة للحجز وأن يمنع المستأجر من نقلها من الأرض المستأجرة

§ أعطى المشرع للمؤجر حق استرداد هذه الأشياء المؤجرة إذا كان المستأجر قد نقلها رغم معارضة المؤجر أو دون علمه



المبحث الثالث : انقضاء عقود إيجار الأراضي الزراعية

أسباب انتهاء عقود الإيجار



المطلب الأول : انتهاء الإيجار بانتهاء مدته

1. انقضاء الإيجار بمجرد انتهاء مدته :

ينتهي الإيجار بانتهاء المدة المعينة في العقد دون حاجة إلي تنبيه بالإخلاء ويجب على المستأجر إخلاء الأرض وتسليمها للمؤجر ما لم يكن الزرع لم ينضج بعد بسبب لا يد للمستأجر فيه فيتم الإخلاء بمجرد جمع المحصول فإذا انتهت مدة الإيجار وبقى المستأجر في الأرض فإنه يتحول من مستأجر إلى غاصب ويكون للمؤجر المطالبة بالتعويض على أن التنبيه بالإخلاء ويجب على المستأجر إخلاء الأرض وتسليمها للمؤجر ما لم يكن الزرع لم ينضج بعد بسبب لا يد للمستأجر فيه فيتم الإخلاء بمجرد جمع المحصول فإذا انتهت مدة الإيجار وبقي المستأجر في الأرض فإنه يتحول من مستأجر إلى غاصب ويكون للمؤجر المطالبة بالتعويض على أنن التنبيه بالإخلاء من جانب المؤجر رغم عدم وجوبه قانونا لانتهاء العقد محدد المدة يكون له أهمية في حالتين :

الأولي : أن هذا التنبيه يظهر بجلاء نية المؤجر في عدم الرغبة في أن يتجدد العقد ضمنيا عند بقاء المستأجر في الأرض بعد انتهاء المدة

الثانية : أن هذا التنبيه يفيد المؤجر في حالة رغبته في إضافة شروط جديدة إلى العقد المبرم بينهما كزيادة الأجرة



2. انقضاء عقد الإيجار بانتهاء مدته بشرط التنبيه مقدما :



اشتراط التنبيه بالإخلاء قد يتفق المتعاقدان على تحديد مدة معينة ينتهي العقد بانتهائها بشرط أن ينبه أحدهما الأخر بالإخلاء قبل انتهاء مدة العقد بفترة معينة وغلا امتد الإيجار لمدة أخرى في هذه الحالة لا ينتهي الإيجار بنهاية مدته بل يلزم أن يتم التنبيه بالإخلاء في المدة المحددة وإلا امتد العقد وإذا كانت مدة الإيجار ستة أشهر فأكثر يكون التنبيه قبل انتهائها بثلاثة أشهر وإذا كانت مدة الإيجار أقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير

المقصود بالتنبيه بالإخلاء :

التنبيه بالإخلاء هو عمل قانوني يعبر عن نية من قام في إنهاء الإيجار ويترتب على حصوله في الميعاد ووصوله إلى علم من وجه إليه انتهاء الإيجار دون حاجة إلى قبول هذا الأخير ويمكن أن يتم شفاهه أو بخطاب أو بإنذار رسمي



التجديد الضمني للإيجار :

هناك شروط يجب توافرها للقول بوجود تجديد ضمني وهي :

1. أن يكون عقد الإيجار المبرم قد انتهى

2. ألا يكون أحد المتعاقدين قد أظهر نيته في عدم تجيد الإيجار

3. أن يبقي المستأجر منتفعا بالعين بعد انتهاء مدة الإيجار

4. أن يكون بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعلم المؤجر ودون اعتراض منه . وهذا يقتضي أولا أن يكون وجود المستأجر في العين ظاهرا بلا خفاء حتى يعلم به المؤجر وثانيا ألا يعترض المؤجر على وجود المستأجر رغم علمه بذلك ويترتب على القول بوجود تجديد لعقد الإيجار عدة نتائج

§ يجب أن تتوافر في المتعاقدين عند التجديد الأهلية اللازمة لإبرام عقد الإيجار

§ إذا تعدد المستأجرون الأصليين وبقي بعضهم في العين بعد انتهاء مدة العقد وتركها البعض الآخر تجدد عقد الإيجار بالنسبة لمن بقى منهم فقط وبنفس شروط العقد القديم ولكن لمدة غير معينة



المطلب الثاني : انتهاء عقد الإيجار قبل نهاية مدته

1. موت المستأجر :

عقد الإيجار لا ينتهي بموت المستأجر بل تنتقل حقوق الإيجار والتزاماته إلى ورثته على أن يكون من بينهم من تشكل الزراعة حرفته الأساسية ما دام هؤلاء الورثة لم يطلبوا إنهاء العقد ما لم يكن الإيجار قد عقد بسبب حرفة المستأجر أو لظروف ولاعتبارات تتعلق بشخصيه كما أن عقود إيجار الأراضي الزراعية لا تنتهي بموت المؤجر وانتقال ملكية الأرض المؤجرة منه إلي الورثة وغنما تنتقل الملكية إلى هؤلاء وهي محملة بهذه الصفة أي بكونها مؤجرة ويتحمل حق كل وارث بالالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار كما يجوز له المطالبة بالحقوق المترتبة على هذا العقد حسب نصيبه في الميراث وإذا كان الإيجار لا يتأثر بموت المؤجر أو فإن هناك حالات ثلاث يجوز فيها إنهاء الإيجار بسبب موت المستأجر

الحالة الأولى : إذا أثبت ورثة المستأجر أن أعباء العقد أصبحت لا تتحملها مواردهم المالية

الحالة الثانية : إذا كان الإيجار لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر

الحالة الثالثة : إذا كان الإيجار لم يعقد إلا لاعتبارات تتعلق بشخص المستأجر



2. إعسار المستأجر :

يجوز لكل من المؤجر والمستأجر طلب إنهاء عقد الإيجار بسبب إعسار المستأجر وذلك إذا لم يقدم له المستأجر أو شخص آخر تأمينات عينيه أو شخصية تكفل الوفاء بالأجرة والمستأجر يجوز له أيضا طلب فسخ الإيجار إذا لم يكن مصرحا له من قبل المؤجر بالتنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن فإذا اختار المستأجر طلب فسخ الإيجار بسبب إعساره وجب عليه أن يعوض المؤجر تعويضا عادلا وهو ما يقدره قاضي الموضوع



3. حاجة المؤجر للأرض المؤجرة :

قدر المشرع أن المؤجر قد يحتاج إلى أرضه التي أجرها للغير ليزرعها بنفسه فوزان بين مصلحة المؤجر الذي يريد إنهاء عقد الإيجار قبل انتهاء مدته ومصلحة المستأجر الذي يرغب في الاحتفاظ بالأرض وزراعتها حتى انتهاء مدة الإيجار ورجح مصلحة المؤجر وأجاز له إنهاء العقد بشروط معينه

§ أن يكون هناك اتفاق مسبق بين المؤجر والمستأجر على جواز طلب المؤجر إنهاء العقد قبل انقضاء مدته إذا طرأت له ظروف تجعله في حاجة لاسترداد أرضه وزراعتها بنفسه

§ أن يثبت المؤجر حاجته الشخصية الماسة لاسترداد الأرض المؤجرة قبل انتهاء مدة الإيجار

§ أن يراعي المؤجر مواعيد التنبيه بالإخلاء

§ أن يقوم المؤجر بعد استرداد الأرض بزراعتها بنفسه



4. العذر الطارئ :

إذا كان الإيجار معين المدة جاز لكل من المتعاقدين أن يطلب إنهاء العقد قبل انقضاء مدته إذا وجدت ظروف خطيرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر أو في أثناء سريانه وذلك بشروط :

أولا : أن يكون الإيجار معين المدة فإن كان غير معين المدة فلا ينطبق الحكم



ثانيا : أن تطرأ بعد العقد وخلال فترة سريانه ظروف خطيرة غير متوقعة





ثالثا : أن يكون من شأن الظرف الطارئ أن يجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر أو في إثناء سريانه مرهقا والالتزام المرهق في تنفيذه هو التزام يمكن تنفيذه بمشقة وعسر على المدين به على أن المشرع قد أوجب على المؤجر إذا كان هو طالب الإنهاء المبتسر للعقد أن يعوض المستأجر تعويضا عادلا عن الإنهاء أو يقدم له تأمينا كافيا حتى يخلى الأرض أما إذا كان المستأجر هو طالب الإنهاء فلا يجبر على البقاء في الأرض حتى يدفع التعويض العادل

الفصل الثاني : المزارعة



تعريف المزارعة :

المزارعة صورة من صور إيجار الأرض الزراعية وهي تتميز عن الإيجار العادي أو الإيجار النقدي في أن الأجرة فيها تقدر بنسبة معينة من المحصول الذي تغله الأرض كالنصف أو الثلث



المبحث الأول : انعقاد المزارعة

تنعقد المزارعة إذا توافر الرضا والمحل والسبب والأهلية وأن تخلو الإرادة من العيوب وأن يكون سبب التعاقد مشروعا أما محل العقد فهو الأرض أرضا زراعية



مدة الزراعة :

يجوز للمالك أن يتفق مع المزارع على مدة سريان العقد بينهما فإذا لم يعينا مدة للعقد كان العقد ساريا لمدة سنة زراعية واحدة



الأجرة في المزارعة :

الأجرة في عقود المزارعة تحدد بنسبة معينة من المحصول فإذا لم يوجد اتفاق يرجع إلى العرف فإذا لم يوجد اتفاق أو عرف في هذا الشأن قسمت الغلة الناتجة عن الأرض بالتساوي بينهما وفي حالة هلاك الغلة التي تنتجها الأرض فنميز بين فروض ثلاثة :

الفرض الأول : هلاك الغلة كلها أو بعضها بسبب قوة قاهرة

هنا يتحمل الطرفان معا تبعة هذا الهلاك بحيث لا يجوز لأحد منهما أن يرجع على الأخر



الفرض الثاني : هلاك الغلة كلها أو بعضها بخطأ المزارع

في هذه الحالة يتحمل تبعة الهلاك المزارع الذي يجب عليه أن يعوض المالك



الفرض الثالث: هلاك الغلة كلها أو بعضها بخطأ المالك

في هذه الحالة الذي يتحمل التبعة هو المالك باعتباره مخطئا ويجب عليه أن يعوض المزارع



المبحث الثاني : آثار المزارعة

المطلب الأول : التزامات المالك

أولا : الالتزام بتسليم ارض المزارعة وملحقاتها والمؤجر في عقد المزارعة يلتزم بتسليم الأرض للمستأجر ويلتزم بأن يسلم المواشي والأدوات الزراعة الموجودة في الأرض وقت التعاقد إذا كانت مملوكة له وتدخل المواشي والأدوات ضمن العقد دون حاجة إلى اتفاق خاص لأنها تعتبر بمثابة ملحقات للأرض مادامت مملوكة له وقت تسليمها وإذا هلكت الماشية أو تلفت الأدوات الزراعية بسبب لا يد للمزارع فيه فأنه يتعين على المؤجر أن يعوضه عما هلك من ماشية وذلك بإبدالها بغيرها



ثانيا : الالتزام بصيانة أرض المزارعة يلتزم المؤجر بجميع الترميمات الضرورية اللازمة للزراعة والمباني والآلات ويشمل ذلك صيانة وتطهير المساقي والمصارف والمراوي الرئيسية وإذا أخل المؤجر بالتزامه بالقيام بهذه الإصلاحات جاز للمزارع اللجوء إلى القضاء ليحصل منه على ترخيص بإجراء ذلك بنفسه واسترداد ما أنفقه من المؤجر



ثالثا: الالتزام بدفع الضرائب المقررة على أرض المزارعة المؤجر يلتزم بجميع الضرائب الأصلية والإضافية والرسوم المفروضة على الأرض محل المزارعة عدا ضريبة الدفاع



المطلب الثاني: التزامات المزارع

1. الالتزام باستعمال الأرض فيما أعدت له :

يجب على المزارع أن يستعمل الأرض محل المزارعة على النحو المتفق عليه بين المتعاقدين



2. الالتزام بالعناية بالزرع والمحافظة على الأرض وملحقاتها :

يلتزم المزارع في المزارعة بأن يعتني بالزراعة وأن يبذل في العناية بها والمحافظة على الزرع ما يبذله في شئون نفسه ويعتبر و المزارع مسئولا عما يصيب الأرض وملحقاتها من التلف أثناء فترة الانتفاع بها



3. الالتزام بالقيام بجميع العمليات اللازمة للزراعة :

وتشمل هذه العمليات أعمال الحرث وبذر التقاوي و يستوي في ذلك أن يقوم المزارع بذلك بنفسه أو عن طريق الغير



4. الالتزام بالقيام بتسميد الأرض :

والالتزام هنا قاصر على تسميد الأرض بالسماد البلدي وليس السماد الكيماوي



5. الالتزام بالقيام بالإصلاحات التأجيريه :

هذا الالتزام يشمل تطهير وصيانة المساقى وإصلاح آلات الري العادية



6. الالتزام بالوفاء بحصة المالك من المحصول :

يلتزم المزارع بالوفاء بحصة المالك من المحصول الذي تغله الأرض وتسري على الوفاء بهذه الحصة أحكام الوفاء بالأجرة في الإيجار العادي وإذا امتنع المالك عمن محاسبة المزارع وتسلم نصيبه في المحصول للمستأجر أن يخطر الجمعية التعاونية الزراعية بذلك كتابة وعليها تبليغ الشكوى إلى المؤجر بكتاب مسجل خلال أسبوع فإذا لم يقم المؤجر بمحاسبة قامت الجمعية ببيع المحصول ومحاسبة المستأجر وأودعت نصيب المؤجر خزانة المحكمة الجزئية ويعتبر الإيداع مبرئا لذمة المستأجر



المطلب الثالث : الالتزامات المشتركة



1. مصاريف مقاومة الآفات والحشرات

2. أجرة الري بالآلات الميكانيكية في حدود الأجور

3. مصاريف جمع وتجهيز المحصول

4. ثمن ما يلزم الزراعة من التقاوي والأسمدة الكيماوية



المبحث الثالث: انتهاء المزارعة

ينتهي عقد المزارعة بأحد الأسباب الآتية 1. إخلال المزارع بالتزام جوهري يقضي به القانون أو العقد

2. حاجة المؤجر لأرضه لزراعتها بنفسه

3. صدور قرار بتقسيم الأرض المؤجرة أو صدور ترخيص بالبناء عليها

4. انتهاء مدة السنوات الخمس المقررة في القانون رقم 96 لسنة 1992



أثر موت المؤجر أو المزارع على عقد المزارعة :

لا تنقضي المزارعة بموت المؤجر ولكنها تنقضي بموت المستأجر



موت المالك ( المؤجر ) :

موت المالك لا يكون له أثر على عقد المزارعة فلا ينتهي العقد بل يظل قائما وملزما لورثة المالك



موت المزارع :

ينقضي عقد المزارعة بموت المزارع ولا ينتقل لورثته ولو كان بينهم أحد يحترف الزراعة ول كانت الزراعة مهنة جميع الورثة ولكن هذا الحكم ليس متعلقا بالنظام العام فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على خلافه



آثار انتهاء المزارعة :

إذا انتهت المزارعة يجب على المزارع إخلاء الأرض وتسليمها لمالك طواعية وإذا انتهت المزارعة قبل انتهاء مدتها صفيت العلاقة بين المالك والمزارع على أساس تقسيم ريع الأرض بينهما حسب حصة كل منهما أما إذا انتهت المزارعة قبل نضج المحصول فإن الزرع الذي لم ينضج يكون من حق المالك وإذا كان سبب انقضاء المزارعة موت المستأجر فإن لورثة هذا المستأجر أن يطالبوا المالك لا باسترداد النفقات التي أنفقت وإنما بأن يحلوا محل مورثهم حتى ينضج المحصول

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات
الإصلاح الزراعي agrarian reform


الإصلاح الزراعي







الإصلاح الزراعي agrarian reform هو مجموعة الإجراءات التشريعية والتنفيذية التي تقوم بها السلطات العامة لإحداث تغييرات إيجابية في الحقوق المتعلقة بالأرض الزراعية من حيث ملكيتها وحيازتها والتصرف بها، لينجم عن هذه التغييرات إلغاء احتكار الأرض الزراعية أو تقليصه وضمان توزيع أكثر عدالة في الثروة والدخول. ويتم ذلك عن طريق وضع حد أعلى للملكية الزراعية الخاصة لا يجوز تخطيه، والاستيلاء على ما يتجاوز هذا الحد من أراض وتوزيعها على فقراء الفلاحين المستحقين وفقاً لشروط وأولويات تختلف باختلاف الأوضاع السياسية والاقتصادية والسكانية والاجتماعية لكل بلد.



والإصلاح الزراعي بهذا المعنى المحدد الأكثر شيوعاً يركز على إصلاح نمط توزيع الأرض land distribution reform، أي على تحقيق العدالة وفتح الطريق أمام تحرير الفلاحين اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً من استغلال إقطاعي أو شبه إقطاعي.



وقد يتسع مفهوم الإصلاح الزراعي لا ليركز على تحقيق العدالة فقط وإنما على تحقيق النمو أيضاً. فيشمل في هذه الحالة، إضافة إلى ما سبق، بعض الإجراءات الكفيلة بتنظيم العلاقات الزراعية بين ملاك الأراضي الزراعية ومستأجريها، وتدريب الفلاحين وإرشادهم وتنظيمهم في تعاونيات، وتطوير طرق زراعتهم ووسائلها، وتوفير القروض لهم ومساعدتهم في تسويق المنتجات الزراعية وإقامة وحدات إنتاجية زراعية على أسس جماعية متقدمة، وغير ذلك.



والإصلاح الزراعي قد يكون مرحلة نهائية في حد ذاته، كما هو الحال في الدول غير الاشتراكية، وقد يكون مجرد مرحلة انتقالية تفضي إلى مرحلة أخرى أكثر جذرية تلغى فيها الملكية الخاصة للأرض، كما هو الحال في معظم الدول الاشتراكية (الشيوعية).



المنظور التاريخي



الأرض بمفهومها الطبيعي محدودة المساحة، وهي تؤلف أحد عوامل الإنتاج الأساسية فضلاً عن أنها أداة غنىً وتخزين ثروة، وأنها كانت مصدر جاه اجتماعي ونفوذ سياسي. وتتناسب قيمة الأرض مع ندرتها وتزداد هذه القيمة كلما ازداد ضغط السكان عليها، أي كلما انخفض نصيب الفرد من الأرض الزراعية في المجتمع، وهو ما يؤلف الاتجاه التاريخي العام.



لذلك، كان الحصول على الأرض الزراعية وما يزال مصدراً للتنافس والمنازعات والصراعات بين الأفراد والعشائر والقبائل وبين الفئات المختلفة داخل المجتمع الواحد. وغالباً ما تنتهي هذه الصراعات إلى غالب ومغلوب مع ما يترتب على ذلك من تمركز للأراضي في أيدي فئة وحرمان فئات أخرى منها.



والإصلاح الزراعي بصوره التاريخية المختلفة يهدف عموماً إلى إعادة نوع من التوازن إلى هيكلية التوزيع وإلى إيجاد الشروط التي تساعد على أن يكون للأرض وظيفتها المزدوجة الإنتاجية الاجتماعية في آن واحد.



والإصلاحات الزراعية في التاريخ قديمة ومتنوعة من حيث أغراضها ومراميها. ولا يتسع المجال هنا لأكثر من الإشارة إلى بعض النماذج المهمة منها. ولعل الإصلاح الزراعي الذي قام به سولون Solon ثم بيزيستراتوس Peisistratus في القرن السادس قبل الميلاد في أثينة القديمة يعد من أقدم الإصلاحات المعروفة. وتضمن القانون الذي أصدره سولون إلغاء ديون الفلاحين وفك أراضيهم المرهونة وتحريرهم من «عمل المسادسة» لدى المقرضين، أي تقديم العمل لقاء سدس الإنتاج للفلاح وخمسة أسداسه للمقرض. ولدى تسلّم بيزيستراتوس السلطة عقب ثورة 561ق.م، استمر بالإصلاح ودعمه ووزع أراضي خصومه على صغار الحائزين ووفر لهم القروض ومنع الهجرة من الريف إلى المدينة. لقد ساعد إصلاح بيزيستراتوس على استقرار الأوضاع السياسية وضمن بقاءه في السلطة مدى الحياة، إلا أن النتائج الاقتصادية بقيت غير واضحة.



في رومه القديمة وفي المرحلة 133- 121ق.م، أصدر تيبريوس (طيبريوس) Tiberius قانوناً للإصلاح الزراعي تضمن وضع سقف للحيازة لا يجوز تجاوزه. وكان هدف القانون من ذلك استرداد الأراضي العامة التي اغتصبها كبار الملاك وأهملوا استغلالها بغية إعادة توزيعها على صغار المزارعين والمحرومين. إلا أن تيبريوس قتل وانتخب أخوه غايوس Gaius بعد نحو عقد من الزمن، ونفذ إصلاحاً أكثر جذرية إلا أنه قتل أيضاً وعادت الفوضى وعادت من جديد ظاهرة تمركز الأرض واحتكارها.



ومشكلة ملكية الأرض وحيازتها وأسلوب استغلالها كانت تحتل أهمية كبيرة في عهد الفتوحات العربية الإسلامية. فعندما فتح المسلمون العراق والشام ومصر اختلف الصحابة في الأراضي الزراعية في تلك البلاد: أيقسمونها على الفاتحين أو يتركونها بأيدي أصحابها؟ واستقر الرأي على إبقاء الأرض تحت تصرف أصحابها الذين يزرعونها على أن تكون رقبتها للدولة، أي عُدَّت الأرض ملكاً للدولة وعد زارعوها حائزين لها على أن يدفعوا للدولة لقاء ذلك بدل إيجار أو ضريبة العشر أو الخراج. إلا أن المسلمين نهجوا في الأندلس نهجاً مختلفاً، وقسموا أراضي الإقطاعات الكبيرة على فلاحيها المحرومين. وبهذا الصدد يذكر المستشرق دوزي: «لقد أنقذ الإسلام الطبقات الدنيا من المسيحيين العبيد وأقنان الأرض من العبودية والظلم وحررهم من سلطة الإقطاعيين الأقوياء.. ووزعت الأراضي المصادرة بين عدد كبير من أفراد هذه الطبقات المستغلة المظلومة».



في العصور الحديثة نسبياً طبق الإصلاح الزراعي الفرنسي بعد نجاح الثورة مباشرة (1789) فأعتقت الأقنان وألغيت الإقطاعات وجعلت المزرعة الأُسريّة الصغيرة المستقلة أساساً للديمقراطية، وكان إشعاع ذلك عظيماً على الدول الأخرى.



وفي الدنمرك، كانت مرحلة 1786-1813 مرحلة الإصلاحات الزراعية السعيدة والذهبية فقد تحول 60% من فلاحي الدنمرك إلى ملاك. وبعد ثورة 1848 تم تحرير الفلاحين في كل من ألمانية وإيطالية وإسبانية ووزعت عليهم الأراضي. وفي روسية عد قانون عتق الأرقاء عام 1861 نقطة تحول بارزة، وعبارة القيصر ألكسندر الثاني شهيرة بهذا الصدد: «إن إلغاء الرق من قبلنا خير من انتظار اليوم الذي يقوم فيه الأرقاء أنفسهم بذلك». وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر طبقت بعض بلدان أوربة الشرقية نماذج مختلفة من الإصلاحات الزراعية، تحولت فيما بعد الحرب العالمية الثانية إلى تحولات زراعية اشتراكية جذرية. وفي أمريكة اللاتينية، يعدّ الإصلاح الزراعي المكسيكي الشهير الذي بدأ عام 1915 وامتد تطبيقه على مدى ثلاثين عاماً، وشمل مساحة 30 مليون هكتارٍ من الأراضي (ربع المساحة الصالحة للزراعة في البلاد) من أهم إنجازات الثورة المكسيكية.



والمرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية كانت نشطة وغنية بالإصلاحات الزراعية التي كان لها بمعظمها هدف مزدوج: العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. ويشار بهذا الصدد إلى الإصلاحات الزراعية في: يوغوسلافية 1945، واليابان 1946، وجمهورية الصين الشعبية 1949، وإيطالية 1950، ومصر 1952، وفييتنام الشمالية 1955، وسورية 1958، والعراق 1958، وكوبة 1959، والهند وإيران في الخمسينيات والستينيات، وكوستاريكة 1961، والجزائر 1962، وتشيلي 1965، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1968، وإثيوبية 1974، وأفغانستان 1977.



وهكذا، فإن الإصلاح الزراعي بوصفه سياسةً اجتماعيةً، أخذت به وطبقته دول كثيرة قارب عددها المئة. ومع ذلك، فإن المؤتمر العالمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية WCARRD، الذي انعقد في رومة في تموز 1979 والذي حضرته 143 دولة، أعاد التأكيد مجدداً أن الإصلاح الزراعي يؤلف عنصراً حاسماً لا غنى عنه للتنمية الريفية وأوصى الحكومات التي ما تزال تحتاج إلى إعادة تنظيم حيازة أراضيها بأن تقوم بذلك بسرعة وحزم وأن تتخذ الإجراءات الكفيلة بمنع إعادة ظهور أنماط جديدة من تمركز الأراضي والموارد لقطع الطريق على الاستغلال.



المسوِّغات والأهداف



قد تختلف مسوغات الإصلاح الزراعي وأهدافه من بلد إلى آخر وفقاً للأحوال والحقائق التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلد المعني، ووفقاً لانتماءات السلطة الحاكمة فيه واختياراتها ومقدرتها. ومع ذلك يمكن القول، من الناحية العامة والمبدئية، إن للإصلاح الزراعي مسوِّغات يمكن وضع أهمها في المجالات الثلاثة التالية:



في السياسة تذكر المسوِّغات والأهداف التالية:



ـ تصفية الإقطاع بما له من امتيازات وسلطة ونفوذ وهو أهم الأهداف.



ـ تحرير الفلاحين من التسلط والاستغلال وتنشيط دورهم السياسي.



ـ تهيئة الشروط الموضوعية (بتوزيع الأرض على الفلاحين) للممارسة الديمقراطية وهذا هدف معلن نادراً ما يطبق.



وتجدر الإشارة إلى أن الهدف السياسي للإصلاح الزراعي قد يكون امتصاص نقمة عارمة أو إجهاض ثورة فلاحية جذرية.



و«الإصلاح» هنا قد لا ينفذ نتيجة للضغوط الداخلية فقط وإنما نتيجة لضغوط خارجية أيضاً، مثل الإصلاح الزراعي في تايوان (1949ـ 1953) والإصلاح الزراعي في فييتنام الجنوبية (1955).



وفي الاقتصاد يذكر:



ـ تصفية الاستغلال الإقطاعي.



ـ توجيه الفائض الزراعي نحو الاستثمار المنتج.



ـ تصفية ملكيات الملاك الغائبين، وهي مهملة وضعيفة الإنتاج.



ـ تحسين الإنتاجية الزراعية وتكثيف الزراعة وزيادة الإنتاج. وتساعد على ذلك الحوافز الجديدة لدى الفلاح الذي أصبح مالكاً، وزيادة إمكاناته على الاستثمار لتخلصه من الريع، كما يساعد عليه احتمال زيادة المالك المشمول بالإصلاح لاستثماراته في الأراضي المحدودة نسبياً التي احتفظ بها لتعويض ما خسره من أراض شاسعة.



ـ تحسين دخل الفلاح والدخل الزراعي عموماً.



وفي المجال الاجتماعي يذكر:



ـ تحقيق توزيع أكثر عدالة للأرض وللأصول الإنتاجية الأخرى، مع ما يترتب على ذلك من تخفيف للتفاوت الصارخ في توزيع الدخول الزراعية.



ـ إيجاد فرص عمل جديدة.



ـ تحسين الخدمات التعليمية والصحية وغيرها ... ولاسيما في المناطق المحرومة التي هي أكثر حاجة إليها.



نماذج من الإصلاح الزراعي



في عالمنا المعاصر، تبنت كثير من الدول الإصلاح الزراعي أسلوباً لتحقيق العدالة والنمو في الريف. والمبدأ الجوهري الذي حكم الإصلاحات الزراعية في الدول غير الاشتراكية تجلى في وضع حد أقصى للملكية الخاصة لا يجوز تجاوزه والاستيلاء على الأراضي الفائضة عن هذا الحد تمهيداً لتوزيعها على المستحقين من أبناء الريف.



أما في الدول الاشتراكية (الشيوعية ) فالمبدأ يختلف، والهدف النهائي هو إلغاء الملكية الخاصة وعدّ الأرض ملكاً عاماً للمجتمع كما سيأتي فيما بعد.



والحد الأقصى للملكية الخاصة يختلف من بلد إلى آخر (وقد يختلف داخل البلد الواحد) تبعاً لعوامل كثيرة أهمها الضغط السكاني على الأرض الزراعية، وخصب الأرض وإنتاجيتها، ونظام الاستغلال الزراعي، وعدد المحرومين من الأرض ونسبتهم، ومستوى دخل الفرد، ومدى نفوذ طبقة الملاك، وأهداف السلطة السياسية وتطلعاتها.



فالحد الأقصى للملكية هو في اليابان 3 هكتارات وفي تركية 500 هكتار. ويختلف في الهند من ولاية إلى أخرى. وهو في يوغوسلافية (سابقاً) 45 هكتاراً للملكيات المستغلة مباشرة من قبل أصحابها و35 هكتاراً للملكيات التي تؤجر للغير. وفي بعض مناطق إيطالية ثمة علاقة طردية بين سقف الملكية وحسن استغلالها.



ومسألة التعويض عن الأراضي المستولى عليها هي مسألة سياسية ـ اقتصادية حساسة ومعقدة، وتراوح بين المصادرة أي الاستيلاء من غير تعويض والتعويض شبه الكامل. ويرتبط التعويض أحياناً بحجم الملكية إذ يقل التعويض عن الهكتار كلما كبرت الملكية، وبقانونية نشوئها وكيفية استغلالها وكثافة الاستثمارات الرأسمالية فيها (تقصر بعض الدول دفع التعويضات على التحسينات والمنشآت الإنتاجية)، وبموقف كبار الملاك والوضع الاقتصادي في البلد ونحو ذلك. وتختلف طرائق تقدير التعويض الذي قد يحسب على أساس الضريبة على الأرض (تركية، وألمانية الغربية سابقاً) أو قيمتها الإيجارية (مصر) أو دخلها (يوغوسلافية) أو قيمتها السوقية (اليابان). وتكتفي بعض الدول بدفع قيمة اسمية للأراضي المستولى عليها أو بإعطاء الملاك أسهماً في شركات عامة، في حين تأخذ دول أخرى بنظام التعويض بأسناد حكومية لآجال طويلة (20-40 سنة)، والهدف من ذلك هو منع حدوث التضخم أو تهريب الأموال.



وتوزع الأراضي المستولى عليها طبقاً لشروط خاصة وأولويات تختلف وفقاً لأحوال كل دولة. والمستفيدون من التوزيع هم الفلاحون والعمال الزراعيون المعدمون. وتعطى الأولوية لمن كان يزرع الأرض فعلاً (لمستأجرها) من أهل القرية أو المنطقة وللأسر التي هي أكثر عدداً وأكثر حاجة وخبرة. وقد توزع بعض الأراضي على خريجي المعاهد الزراعية لتكون واحات إنتاجية وإرشادية في آن واحد.



وتختلف المساحة التي تخصص للأسرة وفقاً لعوامل كثيرة منها: مساحات الأراضي الزراعية المتاحة للتوزيع، وعدد الأسر التي تتوافر فيها شروط التوزيع، وعدد أفراد الأسرة، وإنتاجية الأرض ومردودها الاقتصادي، ومستوى الدخل وأحوال العمالة في القطاعات غير الزراعية، وسياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية، ومن أمثلة ذلك أن المساحة التي وزعت على الأسرة بلغت بالمتوسط هكتاراً واحداً في مصر وهكتارين مرويين أو 10 بعلية في إيران و5 هكتارات في كل من إيطالية وتركية و8-15 هكتاراً مروياً أو ضعفها بعلياً في العراق. وفي تشيكوسلوفاكية (سابقاً) منحت الأسرة 5 هكتارات في مناطق الشوندر أو 8 هكتارات في مناطق الحبوب أو 15 هكتاراً في مناطق المراعي.



ويجري توزيع الأرض مجاناً في بعض الدول ولقاء قيمة رمزية أو حقيقية في دول أخرى. وفي هذه الحالة الأخيرة، يراعى في طريقة الدفع أن تتناسب الأقساط مع قدرة المنتفع المادية المحدودة، ولاسيما في السنوات الأولى التي تعقب عملية التوزيع.



وتنص بعض قوانين الإصلاح الزراعي على التزامات المالك الجديدة التي من أهمها ضرورة قيامه بزراعة أرضه بنفسه مع أفراد أسرته واستغلالها على أفضل وجه وعدم التصرف بها تحت طائلة سحبها منه ثانية. ويمكن إعفاؤه من هذه الالتزامات بعد مضي مدة كافية (10-20سنة). وتنص معظم القوانين على ضرورة أن يقوم المنتفعون الجدد، بالاشتراك مع صغار الملاك في المنطقة بتأليف الجمعيات التعاونية.



نماذج من الدول الرأسمالية: اليابان وإيطالية من الدول الرأسمالية المتطورة القليلة التي طبقت إصلاحات زراعية حديثة نسبياً.



فاليابان، في الحرب العالمية الثانية، كانت تعاني نقصاً غذائياً مرهقاً واحتكاراً للأرض متفاقماً من قبل المضاربين والمقرضين والملاك الغائبين absentee landlords وضغطاً سكانياً متزايداً على أرض محدودة. وكان من نتيجة ذلك أن بلغ ريع الأرض وسطياً 48% من قيمة إنتاجها عام 1943 إذ كان ثلثا الأراضي الزراعية في اليابان يستثمران من قبل صغار المستأجرين.



في عام 1946، صدر قانون للإصلاح الزراعي وكان هدفه الأساسي تحويل صغار المستأجرين إلى ملاك. وتضمن وضع سقف للملكية الخاصة قدره 3 هكتارات والاستيلاء على الأراضي الفائضة لقاء تعويض على أن يعاد بيعها إلى صغار المزارعين المستأجرين لقاء ثمن يسدد تقسيطاً على سنوات. في الأراضي التي لم يشملها القانون وضع «سقف للريع» لا يجوز تجاوزه قدره 25% من إنتاج الأرض. وقد عزز تطبيق الإصلاح بتأسيس تعاونيات للتسويق والإقراض بإقامة نظام للإدارة المحلية القروية. وظهرت نتائج القانون سريعاً وأهمها: انخفاض الأراضي المؤجرة بنسبة 80%، وانتشار الملكية الأسرية الصغيرة وإرساخ قاعدة الديمقراطية، وتحسين إنتاجية الأرض وتقليص الفروق في الدخول، وتطور عقلية المزارع الصغير الذي أصبح مستقلاً ومسؤولاً فاندمج في النشاط الاقتصادي والسياسي وبدأ باتخاذ المبادرات وبالإقبال على القراءة والتعليم والتثقف وباعتماد العقل والمهارة وسيلة أولى للتقدم.



وفي إيطالية، صدر عام 1950 قانونان للإصلاح الزراعي خاصان بالمناطق الزراعية ذات الاستثمارات الضئيلة والإنتاجية المنخفضة في وسط إيطالية وجنوبيها. وضع قانون سيلا Sila سقفاً للملكية قدره 300 هكتار واستثنى من ذلك الملكيات الزراعية المستغلة استغلالاً ممتازاً. أما قانون سترالشيو Stralcio فقد تضمن سقفاً متحركاً للملكية يرتفع مع ارتفاع درجة جودة استغلال الأرض وبالعكس. وتنفيذاً لهذا القانون، وصلت نسبة الاستيلاء في بعض المزارع المهملة إلى 90% من مجمل أراضيها، في حين استثنيت مزارع أخرى من الاستيلاء بسبب حسن استغلالها وتوفير شروط عمل ممتازة للعاملين فيها.



لقد حقق الإصلاح الزراعي هدفه الإنتاجي في معظم الأراضي التي شملها (750.000 هكتار)، فرفع معدلات الإنتاج وأسهم في تحقيق التوازن في توزيع الملكيات الزراعية، وفي تحسين المستوى الاجتماعي للمنتفعين الذين كانوا بمعظمهم من العمال الزراعيين العاملين في المزارع المستولى عليها، فقد تم توزيع 5 هكتارات وسطياً للأسرة الواحدة لقاء ثمن معتدل ومقسط.



نماذج من بعض دول العالم الثالث: في أرياف دول أمريكة اللاتينية، تزايد كبير ومتسارع في السكان وسوء في توزيعهم وفي توزيع الأرض عليهم. فالضياع الكبيرة الواسعة بملاكها الغائبين ليس فيها إلا القليل من الأيدي العاملة، وهي خاضعة ومُستغلَّة. وبالمقابل، يتمركز الفلاحون بكثافة في المزارع الصغيرة. ومع تزايد الازدحام تزدهر الهجرة إلى الأحياء الفقيرة في المدن. لقد لخص أحدهم مشاكل الأرض وحيازتها في أمريكة اللاتينية بقوله «فلاحون بلا أرض وأرض بلا فلاحين».



وعلى الرغم من تلك الأحوال، فإن الإصلاحات الزراعية في أمريكة اللاتينية تُعدّ، باستثناء الإصلاح الزراعي في المكسيك، حديثة العهد نسبياً، وتتفاوت في أهدافها وجدية تنفيذها ونتائجها. واقتصر بعضها، كما في البرازيل عام 1964، على فرض ضرائب تصاعدية على الأراضي المهملة وأراضي الضياع الواسعة. وحاول بعضها الآخر وضع حد للملكيات المهملة ولأراضي الملاك الغائبين وتوزيع الأراضي الفائضة على الفلاحين، إلا أن معوقات كثيرة عطلت تنفيذ ذلك، ويستثنى من هذا البيرو وتشيلي إذ حققت برامج الإصلاح فيها نجاحاً نسبياً.



ففي تشيلي مثلاً، تم اختيار الذين ستوزع عليهم الأراضي تنفيذاً للإصلاح الزراعي لعام 1965 وفقاً لمعايير محددة ونُظموا في مجموعات صغيرة تولت كل منها زراعة الأرض التي خصصت لها لمرحلة انتقالية (3-5 سنوات) جرى في أثنائها تدريب المنتفعين الجدد واختبارهم وفرزهم إذ وزعت الأرض نهائياً على أولئك الذين أثبتوا جدارة كافية. وفي نهاية 1969، بلغ عدد الأسر المستفيدة (15.000) أسرة تم توطينها في مساحة نحو مليوني فدان.



والاتجاه لإصلاح هيكل الملكية والحيازة الزراعية، ولمراقبة الإيجارات الزراعية وإلغاء الوسطاء والمضاربين في الريف ظهر في كثير من دول إفريقية وآسيا، ولاسيما في جنوب شرقي آسيا، حيث الضغط السكاني على الأرض يبلغ أشده مما يجعل نصيب الفرد من الأرض الزراعية ضئيلاً للغاية ومستمراً في التناقص، مع مايترتب على ذلك من فقر نسبي ومطلق يصل أحياناً إلى حد البؤس. هنا أيضاً تنتشر في الكثير من الدول ظاهرة الملاك الغائبين وسوء استغلال الأرض وتوزيعها وعدم استقرار الملكية والحيازة وغير ذلك. وقد جرت وما تزال تجري محاولات، تختلف في مدى جديتها وفاعليتها، للتصدي لهذه المشكلات.



نماذج من الدول الاشتراكية: تنادي النظرية الماركسية، كما هو معروف، بإلغاء الملكية الخاصة للأرض (ولوسائل الإنتاج الرئيسة الأخرى)، لأنها تؤلف وسيلة استغلال الإنسان للإنسان والاستعاضة عنها بالملكية التعاونية أو الملكية العامة للدولة. من هنا، فإن الإصلاح الزراعي الذي يخفض حجم الملكيات الزراعية الكبيرة ويقيد هذه الملكيات من غير أن يلغيها لا يؤلف في معظم الدول الاشتراكية (الشيوعية) سوى مرحلة انتقالية لمرحلة الزراعة الاشتراكية.



وفي الاتحاد السوفييتي (سابقاً)، وعقب نجاح ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917، كان وضع الإنتاج الزراعي مأسوياً عندما أعلن لينين «مرسوم الأرض» الذي يلغي ملكية الأرض الخاصة ومن دون تعويض ويعدها ملكية عامة. وصدرت تعليمات بتوزيع الأرض (حق الانتفاع) مجاناً على الفلاحين لاستغلالها وفقاً لقواعد تناسب واقع كل منطقة. إلا أن تطبيق ذلك في قطاع زراعي أنهكته الحروب الأهلية والخارجية لم يكن سهلاً. واستمر تدهور الإنتاج الزراعي. وأعلن لينين سياسته الاقتصادية الجديدة عام 1921 التي كان لها بعض النتائج الإيجابية، ولكنها نتائج جزئية ومؤقتة. فالإجراءات الاشتراكية، الثورية الصارمة بدأها ستالين عام 1929 بتطبيق برنامج التجميع collectivization الزراعي السريع، الشامل والقسري أحياناً والذي حول في أقل من ثماني سنوات 25 مليون حيازة زراعية صغيرة إلى 240.000 مزرعة جماعية تعاونية (كولخوز Kolkhoz) تغطي مساحة 112 مليون هكتار تمثل 86.5% من مجموع مساحة الأراضي الزراعية آنذاك، و4000 مزرعة حكومية (سوفخوز Sovkhoz) كانت تشغل عام 1938 نحو 9% من مساحة الأراضي المزروعة. وتم دعم ذلك بالقروض الزراعية وبشبكة قوية مكونة من بضعة آلاف من محطات الآلات والجرارات الزراعية.



لقد كان لهذا التحول الجذري والشامل ثمنٌ اجتماعيٌ واقتصاديٌ باهظٌ تجلى في نفي أعداد هائلة من الفلاحين الأغنياء (الكولاك) المناوئين إلى سيبيرية وفي ذبح المواشي وتصفيتها، وفي تعثر الكولخوزات التي عانت في بداية عهدها مشكلات كثيرة. إلا أنه بصرف النظر عن التكاليف والصعوبات، فقد أتاح التنظيم الاشتراكي الجديد تحرير الملايين من فقراء الفلاحين من الاستغلال والفقر والجوع ووفر لهم أوضاعاً اجتماعية وتعليمية وصحية تفضل بكثير ماكانوا عليه من قبل وأرسى قاعدة هائلة للزراعة الاشتراكية، وأخضع القطاع الزراعي للتخطيط الشامل ولسياسة سعرية وضرائبية هادفة سمحت بتعبئة القسم الأكبر من الفائض الزراعي وتوظيفه لخدمة التصنيع. إنه القطاع الزراعي الاشتراكي الذي كان دافع الجزية الأكبر لبرنامج التصنيع الاشتراكي السوفييتي الهائل الذي كان يحتل مكان الصدارة في سياسة التنمية السوفييتية.



ولتجربة جمهورية الصين الشعبية أهمية خاصة، فالثورة الصينية ثورة فلاحية انتقلت إلى الاشتراكية انطلاقاً من مستوى صناعي منخفض، واستطاعت في أقل من ربع قرن إنجاز تحولات اجتماعية واقتصادية جذرية في ريف كان الإقطاع والتخلف والفقر تؤلف ملامحه الأساسية.



لقد تميز التحويل الاشتراكي للريف الصيني بالتدرج، ففي المرحلة الأولى التي امتدت من 1949-1952 طبق إصلاح زراعي شامل قام الفلاحون بدور أساسي في تنفيذه. وتم توزيع 46.7 مليون هكتار على نحو مليون إنسان، وسيطرت الحيازة الأسرية الزراعية الصغيرة سيطرة كاملة. ووفقاً لإحصاءات 1952، كان في الريف 110 مليون حيازة تستثمر 110 مليون هكتار، أي بمتوسط هكتار واحد للحيازة.



طبيعي أن يتعذر ضمان استغلال فعال ومتطور للأرض في إطار هذه الوحدات الصغيرة فتقرر الانتقال إلى مرحلة الزراعة التعاونية التي طبقت هي نفسها، في المدة 1953-1957 بالتدريج مبتدئة بأبسط أنواع التنظيم التعاوني (فرق المساعدة المتبادلة) مارّة بالتعاونيات الزراعية للمنتجين (نصف اشتراكية إذ يوزع الناتج بين الأعضاء على أساس عمل العضو وحصة من الأرض) ومنتهية بالجمعيات التعاونية الزراعية الاشتراكية.



ولعل أكثر المراحل أهمية وتميزاً هي مرحلة الجماعيات أو الكوميونات الشعبية people’s communes التي أعلن عنها في أيلول 1958. وبعد ذلك بستة أشهر تم دمج 140.000 تعاونية اشتراكية في 24.000 كوميونة (قسمت فيما بعد إلى 74.000 كوميونة تخلصاً من الحجم المفرط في الكبر) ضمت تقريباً سكان الريف الصيني بكاملهم.



إن اتساع منطقة العمل، وتنوع الأنشطة والفعاليات (زراعية، وصناعية، وتجارية، وتعليمية، واجتماعية، وثقافية، وحتى عسكرية) ومركزية الإدارة والتخطيط، والصيغة الجماعية للعمل والإنتاج، وتطبيق مبدأ المساواة بين الأعضاء في توزيع الناتج، تؤلف، هذه كلها، الخصائص الجوهرية المميزة للكوميونة الشعبية التي تعدّ خطوة متقدمة في طريق تطبيق المبدأ المشهور القائل «من كل بحسب إمكاناته ولكل بحسب حاجته». إلا أن هذه الخصائص نفسها هي التي تعرضت في مراحل لاحقة، وتحت ضغط أحوال مختلفة، إلى انتقادات ثم إلى تغييرات متلاحقة تضمنت التخفيف من المركزية وإعادة بعض الاعتبار لحوافز العمل ولمبدأ توزيع الناتج على أساس العمل والجهد.



الإصلاحات الزراعية في الوطن العربي



الخمسينات والستينات هي مرحلة الإصلاح الزراعي الجدي والجذري في عدد من أهم الأقطار العربية. وكان ذلك نتيجة معطيات قومية وسياسية مواتية وتنفيذاً لمبدأ «القضاء على سيطرة الإقطاع..» الذي نادت به وعملت على تطبيقه ثورة 23 يوليو في مصر.



وطبيعي أن تبدأ المرحلة المذكورة بالإصلاح الزراعي الرائد والشامل في ثورة مصر عام 1952، وهو الإصلاح الذي مهد الطريق للإصلاحات الزراعية المهمة في سورية (1958 و1963 و1980) والعراق (1958 و1970) والجزائر (1962 وبعدها) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1968 و1970) وليبية (1970).



وقد رافق معظم الإصلاحات المذكورة وأعقبها اتخاذ تدابير، أو سنّ تشريعات، هدفها تجميع زراعة المحصولات مع الحفاظ على الملكيات الصغيرة، ومنع تفاقم تجزئة الملكيات الصغيرة بفعل قوانين الوراثة والبيع وغيرها، وإقامة التعاونيات والمزارع المسيّرة ذاتياً ومزارع الدولة، وتوفير القروض لصغار المزارعين، وتنظيم العلاقات الزراعية بين مُلاّك الأراضي ومستأجريها، وضمان حقوق العمال الزراعيين، وتنظيم الفلاحين وتوعيتهم.



وتجدر الإشارة إلى أن القاسم المشترك لتلك الإصلاحات هو تصفية الملكيات التقليدية الكبيرة. لأنها أداة الاستغلال والسيطرة الإقطاعية ولأنها كانت تعاني سلبياتٍ وعيوباً كثيرة تُلخّصُ بما يلي:



ـ الإفراط في الحجم الكبير (فقد تجاوز حجم حيازات بعض الأسر مئة ألف هكتار).



ـ العجز عن تحقيق مزايا الوحدات الإنتاجية الكبيرة ذلك أن الملكية موضوع البحث هي كبيرة فقط (في عائديتها لشخص واحد) أما من الناحية التقنية والإنتاجية فإنها تجزأ إلى قطع صغيرة تستغل كلاً منها أسرة فلاحية.



ـ إمكان الطعن في مشروعية منشئها وفي أساليب الحصول عليها.



ـ غياب أصحابها عنها وهم من الشيوخ والأغوات والأعيان والسياسيين، الذين يندر أن تتوافر فيهم المؤهلات اللازمة لاستغلال زراعي فعال ومتطور.



ـ تخلفها إنتاجياً واقتصادياً بسبب ضعف الاستثمار الإنتاجي ذلك أن معظم الفائض الذي يحصل عليه كبار الملاك كان يكتنز أو يجمد في مزيد من العقارات أو يبدد في استهلاكات طفيلية أو يهرب إلى الخارج.



ـ اتخاذها وسيلة لاستغلال الفلاح اقتصادياً (ريع نقدي أو عيني مرتفع، وفوائد باهظة للديون، وأسعار منخفضة لشراء محصولات المزارعين وغير ذلك) واجتماعياً وسياسياً.



طبيعي والحالة هذه، أن يكون الهدف المحوري لكل إصلاح زراعي جدي هو تصفية هذا النوع من الملكيات، وأن تستبدل به صيغ أكثر كفاية وقدرة وعدلاً.



الإصلاح الزراعي في مصر: كانت أهم خصائص الريف في مصر عشية صدور أول قانون للإصلاح الزراعي في أيلول عام 1952 رقعة زراعية مروية صغيرة محدودة، مساحتها الإجمالية 5.8 مليون فدان (الفدان المصري =4200م2)، وضغط سكاني مرتفع ومتزايد مع سوء توزيع في الأرض نجم عنهما تدهور في نصيب الفرد من الأرض (0.25 فدان للفرد عام 1952) وارتفاع في إيجارها وفي انتشار سوق سوداء ومضاربات، وجيش من الفلاحين حُرموا الأرض والعمل أحياناً، واستغلال إقطاعي بصوره وألوانه المختلفة. في تلك الحقبة، كان في مصر 2.6 مليون مالك صغير (أقل من 5 فدادين للملكية) يؤلفون 94% من مجموع الملاك ويملكون 35% فقط من إجمالي الأرض المزروعة. في الطرف المقابل، كان 6% من الملاك، يملكون المتبقي من الأرض أي 65%. كان 0.5% من كبار الملاك يملكون 34.2% من الأرض الزراعية. إنه «مجتمع النصف بالمئة».



في تلك الأحوال، أصدرت الثورة في مصر، بعد ستة أسابيع فقط من نجاحها، قانون الإصلاح الزراعي الأول ذا الرقم 178 لعام 1952 وحدد سقفاً للملكية قدره 200 فدان للمالك. وفي عام 1961، صدر القانون 127 فخفض السقف إلى 100 فدان، تلاه القانون الثالث ذو الرقم 50 لعام 1969 فخفض السقف من جديد إلى 50 فداناً للمالك و100 فدان للأسرة. وتخلل كل ذلك قوانين إصلاحية أخرى، تضمنت مصادرة أموال الأسرة الملكية وممتلكاتها وتوزيع الأراضي الموقوفة على الفلاحين وحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية.



كانت الحصيلة الإجمالية لتلك القوانين الاستيلاء على نحو 980.000 فدان (نصفها تقريباً يعود لتطبيق القانون 178) وزع نحو 85% منها، قبل نهاية الستينات على نحو 347.000 أسرة تضم أكثر من 1.7 مليون إنسان، ويراوح نصيب الأسرة الواحدة بين 2-5 فدادين. وقد نظم صغار الملاك الجدد في تعاونيات هدفها الأساسي القضاء على استغلال الوسطاء والمرابين وتحقيق التجميع المحصولي وتوفير القروض والمساعدة في تسويق المحصولات.



لقد نفذت قوانين الإصلاح الزراعي في مصر العربية بفاعلية وجدية. فسادت الملكية الزراعية الصغيرة التي أصبحت تشغل منذ منتصف الستينات نحو 57% من الأرض المزروعة في مصر وتحرر الفلاح وقويت دعائم الديمقراطية الاجتماعية. وقد رافق ذلك كله بناء السد العالي والمباشرة باستصلاح مايزيد على 900.000 فدان من الأراضي الجديدة المروية بمياه السد إضافة إلى أراضي الإصلاح الزراعي. فالخمسينات والستينات، كانت بحق مرحلة فقراء الفلاحين الذهبية في ريف مصر وفي غيره من الأرياف العربية.



الإصلاح الزراعي في العراق: إن سوء توزيع الأرض وسوء استغلالها في العراق كانا يؤلفان عشية صدور قانون الإصلاح الزراعي ذي الرقم 30 في 29 أيلول 1958 نموذجاً صارخاً للإقطاع في جشعه وقصوره، وإذا استطاع 6% من ملاك مصر امتلاك 65% من أراضيها المزروعة، ففي العراق كان 2% فقط من الملاك يملكون 68% من أراضيه الزراعية. كان في العراق شخصان تجاوزت حيازة كل منهما مليون دونم عراقي (الدونم العراقي = 2500م2).



تضمن القانون 30 وضع حدٍ أعلى للملكية قدره 1000 دونم في الأراضي المروية ومثلاها في الأراضي المطرية. ونص توزيع الأراضي المستولى عليها على المستحقين بمعدل 30-60 دونم للأسرة في الأراضي المروية أو مثليها في الأراضي المطرية. ويشمل القانون نحو 2400 مالك بلغت مساحة الأراضي الخاضعة للاستيلاء لديهم 11.26 مليون دونم أي نحو 48.7% من إجمالي المساحات المزروعة.



وتعثر تطبيق القانون في السنوات الأولى نتيجة لبعض المشاكل الناجمة عن نقص البيانات وقصور في التخطيط وفي خبرة الأجهزة وغير ذلك من العوامل.



وفي عام 1970 صدر القانون 117 وجعل الحد الأقصى للملكية يُراوح بين 40- 2000 دونم وذلك باختلاف إنتاجية الأرض ومصدر الري، واستثنى من ذلك حدائق أشجار الفاكهة والنخيل تشجيعاً للتشجير وألغى مبدأ دفع التعويضات وقصر ذلك على التحسينات الإنتاجية والمنشآت القائمة. ونص تخصيص الأسرة المنتفعة بالتوزيع بمساحة تراوح بين 4-200 دونم أي مايعادل 10% من المساحة المتروكة للمالك. وأعفى المنتفعين من قيمة الأرض الموزعة وأجاز إقامة مزارع جماعية في بعض الأراضي المستولى عليها وسمح بتوزيع بعض أراضي الاستيلاء على خريجي المعاهد الزراعية.



الإصلاح الزراعي في الجزائر: عشية انتصار الثورة وإعلان الاستقلال كان في الجزائر قطاع زراعي تقليدي فقير يشمل نحو 4 ملايين هكتار، وقطاع زراعي حديث يضم مشروعات وضياع المستعمرين ويشمل نحو 3 ملايين هكتار مخصص معظمها لعنب الخمور والحمضيات والخضراوات.



وبعد مغادرة المستعمرين الأوربيين تولى عمال وفلاحو ذلك القطاع، على نحو يكاد أن يكون تلقائياً، إدارته ذاتياً. وقامت الدولة بمهمة المشجع والداعم بهدف الحفاظ على إنتاجه وإنتاجيته ومنع استيلاء البرجوازية عليه وتحاشي تجزئة مشروعاته وتفتيتها وسعياً وراء الإبقاء على وحدات إنتاج جماعية مسيرة ذاتياً.



وفي عام 1963 صدرت مجموعة من القرارات التنظيمية وبدئ بفرز «الكوادر» المسؤولة وتخصيصها وبتحديد طرائق الإدارة والتمويل وتوزيع الدخل، وتحققت نتائج معقولة. وبوشر بعد ذلك بتطبيق خطط لترشيد الإدارة الذاتية وتعديل التركيب المحصولي، ليكون أكثر ملاءمة للحاجات الوطنية وتكثيف الزراعة وإقامة شبكة ممتازة من تعاونيات التسويق.



وفي أوائل السبعينات جرى التركيز على دعم القطاع التقليدي وتطويره اعتماداً على جزء من الفائض المتحقق من القطاع الحديث: فتمت تصفية ملكيات الملاك الغائبين، وفرضت حدود قصوى على حجم الحيازات، ووزع الفائض على المستأجرين، وأسست أنواع مختلفة من التعاونيات، ودعمت مؤسسات الخدمات.



الإصلاح الزراعي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية: كان القطاع الزراعي في اليمن الجنوبي الأكثر تأثراً بالإجراءات الاشتراكية الجذرية التي طبقت على مراحل بعد استقلال البلاد.



في المرحلة الأولى، صدر قانون للإصلاح الزراعي 1968 ثم قانون آخر عام 1970. وتضمن القانون الأخير وضع سقف للملكية قدره 20 فداناً مروياً أو 40 بعلياً للفرد، ومثلا ذلك للأسرة. ووزعت الأراضي المصادرة وقدرها 126000 فدان على نحو 31000 منتفع.



وفي المرحلة الثانية التي بدأت عام 1972، جرى تعديل جذري لنظام حيازة الأرض واستغلالها بتأميم بعض الملكيات الخاصة وباعتماد مزارع الدولة وتعاونيات الإنتاج والخدمات وحدات إنتاج أساسية. وفي نهاية السبعينات أصبح البنيان الهيكلي للقطاع الزراعي يعتمد على 41 مزرعة دولة تستغل 15% من الأراضي المزروعة وتدعمها 6 محطات لتأجير الآلات الزراعية، و43 تعاونية إنتاجية و19 تعاونية خدمات تغطي مجتمعة 75- 80% من الأراضي المزروعة. أما الملكيات الخاصة، فاقتصرت على المساحات المحدودة المتبقية. ورافق هذه التعديلات الجذرية في نظام الحيازة تأميم «تصنيع المنتجات الزراعية وتسويقها» ووضع حدٍ أدنى للأجور، وتحديد الأسعار، ودعم أسعار مستلزمات الإنتاج والمواد الغذائية الأساسية، وتوفير التعليم والرعاية الصحية مجاناً وغير ذلك.



النتائج الإيجابية كانت واضحة في مجال التطور الاجتماعي، ولاسيما في ميدان التعليم والصحة ومحو الأمية وتحرير المرأة وتحسين الأجور. أما في الإنتاج فكانت النتائج أقل وضوحاً، ذلك أن عقبات جدية اعترضت هذا التحويل الجذري منها مايتعلق بضعف الأراضي وندرة المياه، ومنها مايمكن إرجاعه إلى مركزية التخطيط وتعجله وبيروقراطية الإدارة وضعف الجهاز الفني، إضافة إلى الطبيعة الصعبة والمعقدة أصلاً للتحويل الاشتراكي في القطاع الزراعي وذلك بسبب تخلف هذا القطاع عموماً بالمقارنة مع القطاعات الأخرى (كالصناعة مثلاً) واتساع رقعته، وكثرة عدد منتجيه وعدد حيازاته، وتعقد علاقاته الإنتاجية، وصعوبة مراقبة العمل الزراعي وتنظيمه وتقويمه، وعدم تنظيم الفلاحين وشدة تعلقهم بالأرض بصفتها مصدراً للإنتاج وأساساً للاستقرار وقاعدة متينة للحياة الريفية. وإذا كان تأميم المصانع يحقق مكاسب مباشرة أو غير مباشرة فيما يخص البروليتارية الصناعية التي لم تكن أصلاً تملك شيئاً من هذه المصانع، فإن تأميم الأرض الزراعية بالمقابل يعني في نظر صغار الملاك المستثمرين تجريدهم من وسيلة إنتاجهم الأساسية ومن قاعدة حياتهم الاجتماعية. ولعل في هذا مايفسر، إلى حد كبير، صعوبات التحويلات الاشتراكية الزراعية الجذرية والمتسرعة في الكثير من البلاد.



الإصلاح الزراعي في سورية: إن تمركز الأراضي الزراعية في أيدي فئة قليلة من شيوخ العشائر وكبار الملاك والمتنفذين والمرتزقة كان معروفاً منذ العهد العثماني وعهد الانتداب. واستمر هذا الوضع، بل تفاقم في السنوات القليلة التي أعقبت الاستقلال بفعل عوامل كثيرة ومتنوعة.



إن البيانات الإحصائية لتلك الحقبة تشير إلى أن الملكيات الكبيرة (أكثر من 100 هكتار) كانت تشغل نحو 49% من المساحات التي تم تحديدها وتحريرها حتى عام 1953 والتي بلغت 2،2 مليون هكتار. ومن إحصاءات ظهرت عام 1959 اتضح أنّ 3240 مالكاً يؤلفون مع أفراد أسرهم أقل من 0.6% من سكان الريف كانوا يملكون ويتصرفون بنحو 2.375.000 هكتار منها 2.143.000 هكتار مستثمر أي ما يعادل 35% من إجمالي الأراضي المستثمرة في تلك الحقبة.



ومن ناحية أخرى، فإن صيغ الاستغلال الزراعي المختلفة التي كانت سائدة في تلك الحقبة، كانت هي الأخرى لا تخلو من العيوب. إذ كان نحو 70% من الأراضي يزرع بوساطة مزارعين بالمشاركة أو بمستأجرين، أي إن «من يملك الأرض لم يكن يزرع ومن يزرع الأرض لم يكن يملك». وكان من نتائج هذه الصيغة البالية خلافات مستمرة واستغلال للفلاح وضعف في الاستثمارات والتحسينات الرأسمالية وانخفاض في الإنتاجية.



في ظل تلك الأحوال، جرت محاولات للإصلاح ولتحديد الملكية الزراعية وحماية الفلاح، ولكنها بقيت جزئية وغير فعالة. وكان ينبغي انتظار عام 1958، عام الوحدة بين القطرين العربيين المصري والسوري، لتوجيه أول ضربة جدية للإقطاع في الإقليم السوري، حيث صدر أول قانون للإصلاح الزراعي برقم 161 وتاريخ 27/9/ 1958 وبوشر بتنفيذه مباشرة بعد صدوره.



وتضمن القانون وضع حد أعلى لملكية المالك قدره 80 هكتاراً في الأراضي المروية أو المشجرة أو 300 هكتار في الأراضي البعلية أو ما يعادل هذه النسب من النوعين. وأجاز للمالك أن ينزل لكل من زوجه وأولاده عن 10 هكتارات مروية أو 30 هكتاراً بعلياً، على ألا يتجاوز مجموع ما ينزل عنه 40 هكتاراً مروياً أو 120 بعلياً.



ونص القانون على توزيع الأراضي المستولى عليها على المستحقين بما لا يزيد على 8 هكتارات مروية أو 30 هكتاراً بعلياً للأسرة على أن يؤدى ثمن الأرض على أقساط موزعة على أربعين عاماً. وأوجب تكوين جمعيات تعاونية من المنتفعين ومن صغار الملاك الآخرين. وقد أنيط أمر تنفيذ القانون بمؤسسة ذات استقلال مالي وإداري، ملحقة برئاسة الجمهورية هي مؤسسة الإصلاح الزراعي.



يؤلف القانون 161 ضربة جدية وحاسمة للإقطاع وللملكية التقليدية الكبيرة ويُعدّ من أهم المكاسب التي حصل عليها الفلاحون، لهذا فقد تعرض منذ صدوره لمقاومة قوى الإقطاع والرجعية التي حاولت إجهاضه وعرقلة تنفيذه بكل السبل. وقد نجحت في ذلك جزئياً ومؤقتاً بعد نكسة الانفصال في أيلول 1961.



ومع ذلك، وبصرف النظر عن موقف القوى الرجعية والمحافظة، فقد كان للقانون بعض المآخذ الفنية.



لقد وضع سقفاً موحداً للملكية في كل من الأراضي المروية والأراضي البعلية من غير أن يراعي التفاوت الكبير في خصب الأرض وطاقتها الإنتاجية والاقتصادية وموقعها، ومن غير أن يفرق بين ملكية مستغِلة وأخرى غير مستغِلة. ورأى أن حل مشكلة الأرض يكمن في تجزئتها، مع أن هذا لا يناسب كل المناطق، ولاسيما مناطق الزراعة الواسعة الآلية. وفرض ثمناً للأرض الموزعة على فقراء الفلاحين يتجاوز إمكاناتهم ويحد من قدرتهم الاستثمارية الضرورية خاصة في السنوات الأولى لتملكهم.



إن الثغرات المذكورة، ومعها ما كشفه التطبيق العملي من قلة في الأراضي الخاضعة للاستيلاء بالمقارنة مع الأعداد الكبيرة للأسر الفلاحية التي حُرمت الأرض، وإن التعديلات الجذرية الجديدة التي أدخلتها الجمهورية العربية المتحدة عام 1961 على قانون الإصلاح الزراعي الخاص بالإقليم المصري، إن كل ذلك يُعدّ مسوّغات قوية لإعادة النظر بالقانون المذكور.



وقد تم ذلك مباشرة بعد ثورة الثامن من آذار إذ صدر في 23/6/1963 المرسوم التشريعي ذو الرقم 88 الذي أدخل على القانون 161 التعديلات الجوهرية التالية:



ـ خفض الحد الأعلى للملكية من جديد ووضع 13 سقفاً مميزاً بذلك بين المناطق والوضع الزراعي والاقتصادي للأرض. وأصبح السقف في المناطق المروية والبعلية المشجرة يُراوح بين 15 و55 هكتاراً وفي المناطق البعلية بين 80 و200 هكتار، باستثناء محافظات الحسكة ودير الزور والرقة حيث سقف الأراضي البعلية 300 هكتار.



ومنح الحق للمالك بأن ينزل لكل من أزواجه وأولاده بما يعادل 8% من المساحة التي يحق له الاحتفاظ بها.



ـ أعفى المنتفعين من قيمة الأرض الموزعة.



ـ أجاز تطبيق نظام المزارع الجماعية في المناطق التي تستدعي شروط إنتاجها ذلك. إن نتيجة تطبيق الإصلاح الزراعي كانت الاستيلاء على نحو 1.225.000 هكتار من الأراضي المستثمرة، أي خمس الأراضي المستثمرة في سورية، وتم حتى غاية 1969، توزيع 780.000 هكتاراً على 52.500 أسرة من الفلاحين تضم نحو 300.000 فرد وبمعدل وسطي قدره 15 هكتاراً للأسرة الواحدة. وتركت بعض أراضي الاستيلاء من غير توزيع لتكون مزارع دولة.



ويجب أن يضاف إلى ما سبق ما وزع من أراضي أملاك الدولة والأراضي المستصلحة في سهلي الغاب والعشارنة في الستينات والسبعينات. كما تضاف المساحات المخصصة للتوزيع من أراضي الاستيلاء الجديدة الناتجة عن تطبيق المرسوم التشريعي ذي الرقم 31 لعام 1980، والذي خفض السقوف مرة أخرى وجعلها تُراوح بين 15-140 هكتاراً.



إن حصيلة كل ذلك تتجلى في التغيير الجذري الذي تحقق في خريطة توزيع الأرض وصيغ استغلالها. لقد صُفيت الملكية التقليدية الكبيرة وصفيت معها العلاقات الإقطاعية وشبه الإقطاعية، إن نصيب الـ0.6% من كبار الملاك الذي كان 35% من إجمالي الأراضي المستثمرة قبل الإصلاح قد انخفض إلى أقل من 15% في أواخر الستينات. وازداد بالمقابل ثقل الملكيات والحيازات الأسرية الصغيرة التي يستغلها أصحابها بأنفسهم. وتقلصت ظاهرة تغيب كبار الملاك كما تقلص التفاوت الصارخ الذي كان قائماً في توزيع الدخول الزراعية.



إن القطاع الزراعي بتنظيمه الهيكلي والحيازي الجديد (وفقاً لإحصاءات 1985) وفيه يشمل القطاع الخاص 64.2% من الأراضي الزراعية المستثمرة والقطاع التعاوني 34.3% والقطاع العام أو مزارع الدولة 1.4%، أصبح موضوعياً وأكثر ملاءمة لتحقيق تنمية ريفية متكاملة، ديناميكية ومتوازنة تجمع بين العدالة والنمو في آن واحد.



النتائج وتقويمها



ما هي نتائج الإصلاح الزراعي فيما يخص الفلاحين (المنتفعين بتوزيع الأراضي وغير المنتفعين)، من حيث عملهم وإنتاجهم ودخلهم وتعليمهم واعتمادهم على أنفسهم وتحررهم وقدرتهم على المبادرة والمشاركة والاختيار واتخاذ القرار؟، ما نتائجه على الملاك؟، ماذا جرى لباقي أبناء الريف وللأراضي الزراعية وللدخل الزراعي العام من حيث قيمته وتوزيعه وتطوره؟، ما الاتجاهات المستقبلية؟.



الحديث عن تقويم نتائج الإصلاح الزراعي كثير، إلا أن تنفيذ التقويم نادراً ما يحدث، لأسباب تتعلق بصعوبة التقويم نفسه، فالإصلاح الزراعي هو أصلاً عملية معقدة متعددة الأبعاد والأهداف والمراحل. ونتائجها أيضاً متنوعة وأحياناً متعارضة. وليس ثمة معايير وأدوات متفق عليها لقياس درجة النجاح أو الإخفاق. فضلاً عن أنه ليس من السهل توافر الموضوعية في التقويم، ذلك أن الإصلاح الزراعي يمس مصالح شرائح واسعة من الناس وهم عموماً منحازون «مع» المشروع أو «عليه». وحتى عند توافر الموضوعية فقد لا تتوافر المعلومات والبيانات لمرحلتي ما قبل الإصلاح وما بعده على نحو يتيح إجراء المقارنة ورصد التطورات.



ومع ذلك، تبقى عملية التقويم ضرورية، وهي ممكنة إذا تم اعتماد بعض المؤشرات الواضحة والمقبولة، من هذه المؤشرات في الميادين الإنتاجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ما يلي:



مجال الإنتاج والاقتصاد: تؤلف الإنتاجية الزراعية أهم المؤشرات وأكثرها دلالة. وهو مؤشر قابل للقياس بدرجة كافية من الدقة والموضوعية. وتجدر الإشارة إلى أنه كلما طالت مدة القياس كانت أكثر تعبيراً ولاسيما في المناطق البعلية.



ومؤشر الدخل أيضاً (دخل الفلاح ودخل المالك والدخل الزراعي العام) على غاية من الأهمية. إلا أنه أكثر صعوبة في تقديره وفي تفسير مدلوله وتأويله.



ولمؤشر العمالة فائدته. وفي هذه الحالة يقوّم تأثير الإصلاح الزراعي على فرص العمالة وعلى البطالة بأنواعها وعلى تشغيل المرأة الريفية والأولاد وعلى تكثيف الزراعة، اعتماداً على استثمار المزيد من وحدات العمل في وحدة المساحة.



هناك مؤشرات أخرى منها مؤشر المساحة المزروعة ومؤشر مشاركة الفلاحين الفعالة في عملية التنمية وغير ذلك.



مجال الاجتماع: قد يكون تقويم النتائج الاجتماعية أكثر صعوبة من تقويم النتائج الاقتصادية، ومؤشر العدالة يؤلف الأساس هنا. وهو ينصبّ بالدرجة الأولى على إبراز أثر الإصلاح الزراعي في تقليص الاحتكار والتخفيف من الفروق الصارخة في توزيع الأرض. ويمكن أيضاً تناول أثر الإصلاح الزراعي في وضع أسس تضمن عدالة توزيع الإنتاج بين مالك الأرض ومستثمرها.



ثم إن عدد الذين حولهم الإصلاح الزراعي من أجراء إلى ملاّك واتجاهات تطور الأحوال التعليمية والصحية والثقافية في الريف، تؤلف كلها مؤشرات اجتماعية أخرى لا يستهان بها.



مجال السياسة: يركز عادة في هذا المجال على قياس درجة انحسار النفوذ، ودرجة التسلط السياسي الإقطاعي وشبه الإقطاعي، ومدى انتشار القاعدة الديمقراطية التي يمكن أن يوفرها الإصلاح الزراعي موضوعياً، عندما ينشر الملكيات الزراعية الأسرية المستقلّة، ومدى انتعاش الممارسة الديمقراطية نفسها عن طريق قياس مدى تطور مشاركة القاعدة العريضة من أبناء الريف في النشاط السياسي (كالانتخابات مثلاً)، ومدى تمثيلهم الجدي والفعلي في مركز اتخاذ القرار السياسي.



وأخيراً، ثمة ملاحظتان مهمتان يجب ذكرهما.



الأولى أنه عندما تكون نتائج تقويم مؤشر ما (كإنتاجية الأرض الزراعية مثلاً) إيجابية أو سلبية لا بد من التساؤل: هل هو الإصلاح الزراعي بالتحديد الذي كان وراء ذلك، أو أن عوامل أخرى كان لها تأثيرها؟ وفي هذه الحالة، هل يمكن عزل هذه العوامل الأخرى عن عامل الإصلاح وتحديد الأثر النسبي لكل منها؟



والثانية أن تقويم نتائج الإصلاح الزراعي لا بد من أن يكون عملية متدرجة ومستمرة لمدة كافية: فهناك تقويم النتائج المباشرة والسريعة نسبياً والمتصلة بالاستيلاء على الأراضي الفائضة وتوزيعها، ثم هناك تقويم النتائج الإنتاجية والاقتصادية والاجتماعية، وهذه بطبيعتها لا يمكن أن تظهر وتستقر قبل مرور بعض الوقت هو في العادة عدة سنوات.



صلاح وزان









مراجع للاستزادة







ـ صلاح وزان، من التخلف إلى التطور الاشتراكي في القطاع الزراعي (1967).



ـ المؤتمر العالمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية: استعراض وتحليل للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية منذ منتصف الستينات (1979).



-A.T.POSADAF, 15 Years of Frustrated Agrarian Reform (Land Tenure Center, Wisconsin 1977).



-United Nation, Progress in Land Reforms, 6th Report (New York 1976).



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




تعليقات