بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية
28 أغسطس 2011
عذر الاستفزاز و أثره على العقوبـة - دراسة مقارنة -
ملخص
إن الأسرة تبنى في جوهرها على الثقة المتبادلة بين الزوجين، و لهذا كان من اللازم أن يحافظ كل طرف على هذه الثقة عن طريق اتقاء كل شبهة من شأنها إفساد هذه القيمة الأساسية في حياة الأسرة. و لما كانت الخيانة الزوجية تشكل أعلى مراتب إهدار هذه الثقة وجدنا معظم التشريعات العقابية، كالتشريع الجزائري، يجعل منها عذرا كافيا لتخفيف العقوبة على أحد الزوجين الذي يفاجئ شريكه في حالة تلبس بالزنا.
Résumé
La famille se **** essentiellement sur la confiance mutuelle entre les époux, et pour cela il est nécessaire pour chaque partie de garder cette confiance en empêchant tout soupçon qui porterait atteinte à cette valeur fondamentale dans la vie familial. Considérant que l'adultère est le top de la trahison de cette confiance conjugale on trouve la plupart des lois pénales, telle que la législation algérienne, en fait une excuse suffisante pour réduire la peine à l'un des conjoints qui surprend son partenaire dans l'acte d'adultère.
مقدمـة:
تنص المادة 279 من قانون العقوبات الجزائري على: " يستفيد مرتكب القتل و الجرح و الضرب من الأعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج الآخر أو على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا ".
من هذا النصّ يتّضح أنّ القانون الجزائري قد اتّجه إلى اعتبار التلبس بارتكاب جريمة الزنا من قبيل الأعذار المخفّفة للعقوبة لكلتا الزوجين، و هو ما يعبّر عنه عادةً بعذر الاستفزاز، نظراً لما يولّده من انجراح شعور الزوج من خيانة الزوجة له أو العكس، فعندئذٍ تكون نفس المتضرّر جياشة بالانفعال متأثرةً بعمق الإهانة و الخيانة و ما ينتابها أيضاً من ثورةٍ نفسيّة لا يقدر معها على ضبط نفسه فيفقد السيطرة على أعصابه و يقدم على فعله و هو واقع تحت تأثير هذا المشهد المؤلم ليثأر غير مقدّر مخاطره على النحو الذي كان يقدرها به لو كان في حالته العادية.
فتخفيف العقوبة على أحد الزوجين يكون وجوبياً عند قيام العذر، فتخفض العقوبة من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلّق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبّد، و الحبس من ستّة أشهر إلى سنتين إذا تعلّق الأمر بأيّة جناية أخرى أو الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلّق الأمر بجنحة، و هذا كلّه وفق المادة 283 من قانون العقوبات الجزائري(1).
شروط قيام عذر الاستفزاز:
لقد أوجب الفقه الجنائي شروطاً ثلاثة يجب أن تتوافر لقيام عذر الاستفزاز يمكن رصدها فيما يلي:
الشرط الأوّل: صفة الزوجية في الجاني
اشترط المشرّع الجزائري في نصّ المادة 279 من قانون العقوبات أن تتوافر في الجاني صفة خاصّة حتى يمكنه أن يستفيد من هذا العذر المخفّف للعقوبة، و هذه الصفة تتمثّل في أن يكون زوجاً للمرأة الزانية أو تكون زوجةً للرجل الزاني وقت ارتكاب الجريمة، و هذا واضح من قوله: " أحد الزوجين على الزوج الآخر أو على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها ". و عليه فالعذر هنا قاصر على أحد الزوجين وحده دون غيره، و على ذلك لا يستفيد من هذا العذر أيّ شخصٍ آخر مهما كانت درجة قرابته من المرأة الزانية كالأب و الأخ و الابن و مهما كانت درجة ألمه و وجيعته من الخيانة كأقارب الزوج و أصدقائه. و هنا نشير إلى أنّه كان حريّاً بالمشرّع أن يمدّ هذا العذر ليشمل الأب و الابن و الأخ كما فعل المشرع الليبي في نص المادة 375 من قانون العقوبات الليبي الذي وسّع من نطاق هذا العذر حيث مدّه إلى المحارم(2).و أعتقد أنّ المشرّع الليبي قد أحسن صنعاً لأنّ الأب و الأخ و الابن هم الأجدر بهذا التخفيف، فهم الأولى بهذا العذر من الزوج الذي تلوّث شرفه، لأنّ الزوج بإمكانه أن ينهي رابطة الزوجية بطلاق زوجته، أمّا هؤلاء فلا يملكون مثل هذا فالعار لاحق بهم لا محالة أبداً.
و هنا نشير إلى أنّ صفة الزوجيّة يجب أن تكون ثابتةَ وقت ارتكاب الجريمة، بمعنى يجب أن تكون هناك علاقة زوجيّة قائمة بين الجاني و المجني عليه بموجب عقد زواج صحيح قانوناً. و لا يهم إذا كان هذا العقد موثّقاً بورقةٍ رسميّة عن طريق موظف عام أو بورقةٍ عرفيّة، لأنّ التوثيق ليس شرط صحّة يترتّب على تخلّفه بطلان عقد الزواج، فكلّ ما للتوثيق من أثر ينحصر في دائرة الإثبات فحسب.
و عليه فإنّ عقد الزواج العرفي يعتبر عقداً صحيحاً منتجاً لجميع آثاره بين الزوجين، و لا يؤثّر فيه سماع دعوى الزّوجيّة عند الإنكار لعدم توثيقه لدى موظف عام(3). فالمهمّ إذن أن يكون هناك عقد زواج صحيح بين الزوجين، و المرجع في تحديد شروط صحّة عقد الزواج هو قوانين الأحوال الشخصيّة.
و بناءً على ما تقدّم، فإنّه إذا لم يكن هناك عقد زواج أصلاً بين الجاني و المجني عليه فإنّ حكم المادة 279 لا ينطبق، و عليه لا يستفيد من ذلك العذر الخطيب الذي يقتل خطيبته و شريكها أو أحدهما إذا فوجئ بخطيبته متلبسةً بالزنى و العكس صحيح كذلك. كما أنّه لا يستفيد من هذا العذر من كان عقده باطلاً أو من انقضت علاقة الزوجيّة قبل ارتكاب فعل القتل أو الجرح أو الضرب المترتّب عن المفاجأة بالزنا.
و من المعلوم أنّ انقضاء العلاقة الزوجيّة تكون إمّا بالطلاق البائن أو بالتطليق بحكم القاضي، لأنّ الطلاق البائن سواء كانت البينونة كبرى أو صغرى و التطليق بحكم القاضي ينهيان عقد الزواج، و بالتالي تنتهي صفة الزوج الموجبة للاستفادة من العذر قبل ارتكاب الجريمة، و يكون بذلك شخصاً أجنبياً بالنسبة للمرأة المتلبسّة بالزنى فإن قتلها عوقب وفقاً لما تقضي به القواعد العامّة(4). أمّا الطلاق الرجعي فلا ينهي عقد الزواج و لا يفصم عراه بل إنّ الزوجية تظل قائمة بين الطرفين ما دامت العدّة باقية لم تنته بعد، و بالتالي إذا فاجأ أحد الزوجين الآخر و هو متلبّس بالزنى قبل أن يبين منه فقتله وجب اعتباره معذوراً(5).
· الشرط الثاني: مفاجأة أحد الزوجين للآخر متلبساً بالزنا
تكمن علّة التخفيف عن أحد الزوجين في هذا الشرطلحالة الهياج النفسي الذي قد ينجم عن السلوك الخاطئ للمجني علية، فالمفاجأة تذهل المتضرّر و تفقده السيطرة على أعصابه فيصبح معذوراً إذا اندفع إلى ارتكاب الجريمة. و يتضمّن هذا الشرط عنصرين، الأول عنصر المفاجأة، و الثاني التلبس بالزنى.
فقد عبّر المشرّع في التشريع الجزائري بقوله: " ... في اللحظة التي يفاجئه ... "، و هنا تتحقّق هذه المفاجأة إذا كان أحد الزوجين يثق في الآخر ثقةً كاملةً لدرجة أنّه لا يساوره أدنى شك في وفائه و إخلاصه و نقائه و عفّته و طهارته، فإذا به يستبيح لنفسه معاشرة غيره فيضبطه متلبّساً بجريمة الزنى. كما أنّ المفاجأة تتحقّق أيضاً إذا كان يساور أحد الزوجين شك في سلوك الآخر، و لكنّه لم يكن واثقاً من صحّة هذا الشك فيحتال ليقطع الشك باليقين، فيراقبه عن قرب و يهبط عليه على حين غفلة فيراه غارقاً في الإثم و الرذيلة فيصح شكّه و يتيقن من خيانته(6).
فيتضح من هذا أنّ سبق الإصرار و الترصّد لا يحول في بعض الحالات دون استفادة الجاني من العذر المخفّف، فأحد الزوجين الذي يرتاب في سلوك زوجه و يقرّر قتله إذا ما تحققت له خيانته ثمّ يفاجئه بمشاهدته في حالة تلبّس بالزنى فيقتله يتحقّق له عنصر المفاجأة فيستفيد من العذر المخفّف و ذلك رغم توافر سبق الإصرار لديه، و ما يقال عن سبق الإصرار يمكن أن يقال أيضاً عن الترصّد(7).
و لكن المفاجأة تنتفي إذا كان الزوج على علم و على يقين من خيانة زوجته له و لكنّه أراد أن يضبطها متلبسّة بالزنى فترصّد لها و عقد عزمه على قتلها أو جرحها أو ضربها هي و خليلها، فإنّه لا يستفيد من العذر المخفّف الذي قررته المادة 279 لأنّه لم يفاجأ بالزنى، كلّ ما هنالك أنّ ما كان يعتقده هو الذي تحقّق، و على ذلك فإنّ دافعه إلى القتل لم يكن نتيجة الغضب أو الانفعال الطارئ و إنّما التشفي و الانتقام من الزوجة الخائنة (8).
و يجب لأجل قيام العذر و استفادة الزوج من التخفيف أنتقع المفاجأة حال تلبّس أحد الزوجين بالزنى، أي يجب أن يكون هناك تعاصر بين العنصرين، المفاجأة و التلبّس بالزنى، فإن لم يوجد هذا التعاصر بينهما فلا يستفيد الجاني من العذر إن قتل أو جرح أو ضرب الطرف الزاني و لو كان على ثقةٍ من سبق زناهما (9). و لا نعلم إن كان المشرّع الجزائري يشترط لاستفادة أحد الزوجين من العذر المخفّف أن يكون تلبس الزنى حاصل في بيت منزل الزوجيّة، عكس بعض التشريعات التي بيّنت ذلك صراحةً كالتشريع المصري، إذ أنّ الزوج يستفيد من هذا العذر المخفّف حتّى و لو ضبط فاعل الزنى متلبّساً بارتكاب جريمة الزنى خارج بيتهما، كما لو ضبط الفاعل في بيت الشريك أو في أحد الفنادق حيث استأجر هذا الشريك غرفةً في الفندق لارتكاب هذا الجرم، أو في أيّ مكان، فمتى قامت حالة التلبّس فلا عبرة بعد ذلك لمكان التلبّس (10)، أمّا المشرّع الفرنسي فقد استلزم هذا الشرط و من ثمّ فلا يتوافر العذر المخفّف إلاّ إذا ضبط الزوج زوجته حال تلبّسها بالزنا في منزل الزوجيّة (11). و إنّي أرى أنّ المشرّع المصري قد أحسن صنعاً في عدم اشتراطه هذا الشرط.
أمّا فيما يخصّ عنصر التلبّس الذي يعتبر ثاني عنصري المفاجأة لقيام عذر الاستفزاز، فمن الضروري أن نشير بأنّ الزنى لا يقع إلاّ بحصول فعل الوطء الطبيعي غير المشروع و الذي يتحقّق بالاتصال ****** الكامل. و يعتبر الفعل زنى، يقوم به العذر، و لو كان شريك الزوجة شيخاً طاعناً في السنّ أو رجلاً ليست لديه قوّة التناسل أو كانت الزوجة في سنّ لا يسمح لها بالحمل، فالجريمة تتحقّق و لو كانت الزوجة قد بلغت سنّ اليأس أو كان الزوج طاعناً في السنّ، لأنّ الغرض من التجريم ليس منع اختلاط الأنساب و إنّما صيانة حرمة الزواج و ما ينشأ عنه من حقوق أحد الزوجين تجاه الآخر(12).
فالاتصال ****** التام غير المشروع هو جوهر هذه الجريمة و به تتحقّق، بمعنى أنّ كافّة الصلات الجنسيّة الأخرى غير المشروعة و التي تصل إلى درجة هذا الاتصال تخرج عن نطاق هذه الجريمة، أي لا تعدّ زنى، مهما كانت طبيعتها و مهما بلغت درجة القبح أو الفحش الذي تنطوي عليه كالتقبيل و العناق و المضاجعة(13)، و عليه فإنّ التلبّس بهذه الأفعال لا يكفي لانطباق حكم العذر المخفّف الوارد في المادة 279 من قانون العقوبات الجزائري، و بالتالي لا يعذر أحد الزوجين إذا ثار ثائره بعد مشاهدته لهذه الأفعال على أنّ ذلك لا يمنع بطبيعة الحال من تطبيق نصّ المادة 283 من قانون العقوبات الجزائري إذا اقتنع القاضي بدواعي تطبيقها، مع الإشارة إلى أنّ محكمة النقض المصرية قضت بأنّ الزوج يستفيد من العذر – علاوةً على مشاهدة الزوج زوجته أثناء اتصالها ****** بشريكها – إذا وجد زوجته و شريكها في ظروفٍ لا تدع مجالاً للشكّ عقلاً في أنّ الجريمة قد ارتكبت فعلاً أو على وشكِ الوقوع، و تطبيقاً لذلك قضت باعتبار الزوجة متلبّسةً بالزنى: ( متى حضر الزوج لمنزله في منتصف العاشرة ليلاً، و لمّا قرع الباب فتحته زوجته و هيّ مضطربة مرتبكة، و قبل أن يدخل طلبت منه العودة إلى السوق يستحضر لها الحلوى، فاستمهلها قليلاً، فألحت عليه فاعتذر، فعادت و طلبت منه أن يستحضر لها حاجات أخرى، فارتاب في أمرها، و اقتحم غرفةً النوم فوجد رجلاً مختفياً تحت السرير و كان خالعاً حذاءه، و كانت الزوجة عند قدومه لا شيء يسترها غير جلابية النوم) (14). و يجب أن يرى الزوج حالة التلبّس بنفسه، فلا يكفي أن يبلغه الغير بأنّه شاهد زوجته في هذا الوضع المشين، ذلك أنّ الاستفزاز الذي يبرّر قيام العذر لا يتوافر إلاّ بهذا الشرط. و غني عن البيان أنّ قاضي الموضوع يتمتّع بسلطةٍ واسعةٍ في تكييف الوضع الذي فوجئت فيه الزوجة و القول بما إذا كان يعتبر تلبّساً من عدمه(15).
كما أنّه لا يكفي أيضاً لانطباق حكم الغدر السابق كون المرأة مكرهة على الفعل، لأنّ الفعل هنا يعدّ ارتكاباً لجريمة اغتصاب و هناك فرق بين كلّ جريمة الاغتصاب و جريمة الزنى، فجريمة الزنى، كما سبق القول، يتم فيها الاتصال ****** بين الزوجة و غير زوجها بكامل إرادتها و رضائها، أمّا جريمة الاغتصاب فيتمّ فيها الاتصال ****** و لكن بدون إرادتها و رضاها، و عليه فلا يعذر الزوج الذي يفاجأ بزوجته و هي ضحية اغتصاب من جانب الغير فيقتلها و هو يعلم يقيناً أنّها مغلوبة على أمرها، و لا يشفع له إشفاقه من العار و نفوره من معاشرتها بعدما كان من اغتصابها، فإن قتلها فإنّه يعاقب وفقاً لما تقتضي به القواعد العامّة(16).
· الشرط الثالث: قتل أحد الزوجين للآخر مع الشريك أو أحدهما فقط إذا ارتكب المتضرّر فعل القتل:
قد تؤدي حالة الذهول التي قد يصب بها أحد الزوجين و هو يفاجئ شريك حياته و هو متلبس بالزنى إلى ارتكاب القتل، و هنا اشترط الفقه ضرورة أن يكون القتل في الحال، أي عند حدوث المفاجأة بحالة التلبّس، و يعني ذلك أن يكون هناك تعاصر بين حدوث المفاجأة بالزنى و ما ينبعث عنها من استفزاز و بين ارتكاب القتل. و هذا الشرط منطقي و يتماشى مع الحكمة من تقريره، فالزوج يعذر حين يرتكب القتل في ثورةِ الغضب و الانفعال التي تخرجه عن وعيه و تفقده السيطرة على أعصابه، فيفلت من بين يديه زمام نفسه فيقدم على ارتكاب جريمة القتل بدون تبصر و بلا روية، مع الإشارة إلى أنّ شرط الحال لا يعني الفورية الزمنية المجرة، بمعنى أنّه لا يشترط أن يرتكب أحد الزوجين القتل في ذات لحظة مشاهدة المجني عليه متلبّساً بالزنى، فالشرط يظل متوافراً و لو مضى بين حدوث المفاجأة بالزنى و ارتكاب القتل بعض الوقت طالما أنّ نفس المتّهم ظلّت ثائرة و لم تكن قد هدأت بعد، كما لو قتل الجاني المجني عليه بعد وقتٍ استغرقه في البحث عن السلاح أو أيّ أداةٍ ينفّذ بها فعله في غرفةٍ مجاورة أو أيّ مكانٍ قريب. أمّا إذا مضى بين حدوث المفاجأة و ارتكاب القتل وقت طويل نسبياً هدأت فيه نفس الجاني و خرج عن حالة الغضب و الانفعال، أي فترة زمنيّة استردّ فيها اتّزانه و قلب فيها الأمور على وجودها أو عدل عن القتل ثمّ صمّم عليه فإنّه لا يستفيد من هذا العذر المخفّف لأنّ القتل هنا يكون بدافع الانتقام و التشفّي لا بعامل المفاجأة الذي انبعث عنه الاستفزاز(17).
و على ذلك فإنّ المناط في قيام العذر هو أن يكشف الزوج الخيانة و يرتكب القتل في جوٍّ نفسيٍ واحدٍ هو جو الصدمة المباغتة و الإحساس بالمهانة و الرغبة العارمة في إراقة الدم لغسل العار. و تقدير ما إذا كان القتل قد حصل في الحال أم لا مسألة موضوعيّة يترك أمر تقديرها لقاضي الموضوع، فهو الذي يقدّر ما إذا كلن الزوج في حالة غضب و ثورةٍ نفسيّ فيطبّق عليه العذر أم لم يكن كذلك فلا يطبّق عليه العقاب المخفّف(18).
و هناك مسألة في هذا الصدد أثارت خلافاً بين فقهاء القانون و شراحه مفادها ما هو حكم من ساهم مع أحد الزوجين في قتل شريك حياته و قد وجده متلبّساً بالزنى؟، هل يستفيد من تخفيف العقوبة بمقتضى المادة 283 قانون العقوبات الجزائري أم لا ؟.
للإجابة على هذا التساؤل ينبغي علينا أن نقوم بالتفرقة بين حالتين: أولهما، حالة ما إذا كان أحد الزوجين هو فاعل القتل، و ثانيهما، حالة ما إذا كان أحد الزوجين مجرّد شريك في القتل لفاعل آخر هو الذي قام بتنفيذ القتل.
و نتكلّم عن حكم كلِّ حالة من هاتين الحالتين على حدة:
1. إذا كان أحد الزوجين هو فاعل القتل: أجمع فقهاء القانون و شراحه على أنّه إذا كان أحد الزوجين هو الفاعل الأصلي لجريمة القتل بأن قام هو بارتكاب فعل القتل بنفسه، فإنّ العذر ينطبق عليه فيستفيد بذلك من التخفيف، و لا يستفيد بهذا العذر أيّ شخصٍ آخر من المساهمين معه.
2. إذا كان الزوج شريكاً في القتل: اختلف فقهاء القانون و شراحه في حكم أحد الزوجين إذا كان قد قام في ارتكاب جريمة القتل بعملٍ من أعمال الاشتراك كالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة، و ذهبوا في ذلك إلى رأيين: فذهب فريق من الفقهاء إلى أنّ هذا الجاني يستفيد من العذر، و استندوا في ذلك إلى أنّ العذر سبب شخصي بحت يغير من وصف الجريمة، و عليه فإذ هذا الجاني يستفيد منه على وجه الإطلاق سواء أكان فاعلاً لجريمة القتل أم شريكاً فيها.في حين ذهب أغلب فقهاء القانون و شراحه إلى أنّ هذا الجاني لا يستفيد من هذا العذر إذا كان شريكاً لفاعلٍ قام بتنفيذ القتل، و استندوا في ذلك إلى أنّ الشريك، طبقاً لقواعد المساهمة الجنائيّة، يستمدّ إجرامه من إجرام الفاعل الأصلي و جريمة الفاعل الأصلي الذي نفذ القتل تعتبر جناية قتل عادية فيكون الزوج شريكاً في هذه الجناية و تتحدّد مسؤوليته وفقاً لذلك(19).
و إنّني أؤيد هذا الرأي الغالب في الفقه لموافقته للقواعد العامّة في النظام الجنائي و خاصّةً قواعد المساهمة الجنائيّة.
هذا هو حكم أحد الزوجين سواء أكان فاعلاً أم شريكاً في جريمة القتل، فما هو إذن حكم شريك أحد الزوجين ؟
انقسم الفقه في حكم هذا الشريك إلى رأيين: فيرى جانب من الفقه أنّ شريك أحد الزوجين لا يستفيد إطلاقاً من عذر الزوج، و تتحدّد مسؤوليته على أساس اشتراكه في جناية قتل عمد. و حجّتهم في ذلك أنّ السبب الذي من أجله وجد هذا العذر سبب شخصي بحت، لذلك تقرّر لمصلحة الزوج أو الزوجة دون غيرهما، لأنّه وحدهما هما اللذان تتوافر فيهما علّة التخفيف حيث يفاجأ أحد الزوجين الآخر متلبّساً بالزنا بحالة من الانفعال. في حين يرى جانب آخر من الفقه أنّه يجب التفرقة بين حالة الشريك الذي يعلم بأنّه يساهم مع أحد الزوجين في قتل الزوج الآخر الزاني، و بين الشريك الذي يجهل ذلك، فبالنسبة للأوّل الذي يعلم يعتبر مسؤولاً عن اشتراك في جنحة قتلٍ، أمّا بالنسبة للثاني الذي يجهل ذلك فإنّه يكون مسؤولاً عن اشتراك في جناية قتل عادية(20).
لكن ما هو حكم الفقه الجنائي الإسلامي من مسألة الاستفزاز ؟
كما سبق و أن أشرنا فإنّ فقهاء الشريعة الإسلاميّة الغرّاء لم يعرفوا لفظ الاستفزاز كعذر مخفّف للعقاب كما عرفه فقهاء القانون، و لكنّهم مع ذلك تكلّموا عن رؤية الرجل زوجته و هي تزني و أثر المفاجأة بهذا الوضع على ما قد يرتكبه من جرائم في ظلّ هذه الحالة. و قد ذهبوا في حكم هذه الحالة إلى رأيين:
- الرأي الأوّل: ذهب بعض فقهاء الشريعة الإسلاميّة الغراّء إلى أنّه لا يجوز للزوج إذا رأى زوجته و هي تزني أن يقتلها هي و من يزني بها أو أحدهما، فإن فعل ذلك وجب القصاص عليه.
و استدلّ أصحاب هذا الرأي إلى أنّ قتل الزناة المتلبسين بالزنى إمّا أن يكون إقامةً للحدّ عليهم، و إمّا أن يكون تغييراً للمنكر، و كلاهما لا يصلح سنداً لمنع القصاص عن الزوج. أمّا الأوّل فلأنّ إقامة الحدّ عليهم ثابتة للإمام أو من ولاّه الإمام، بمعنى أنّ الإمام وحده هو الذي يتولّى استيفاء الحدود، و لا يكون لغيره ذلك إلاّ إذا ولاّه الإمام و هو ما لم يتحقّق في الزوج. أمّا الثاني فلأنّ استخدام القوّة و السلاح من أجل تغيير المنكر من اختصاص الولاة دون آحاد النّاس، و يرجع ذلك إلى أنّ المفاسد التي قد تقع نتيجة تخويل الآحاد هذه السلطة تربوا عن المنكر المقصود دفعه،
و على ذلك لا يجوز للزوج قتل الزناة في هذه الحالة فإن فعل ذلك اقتصّ منه(21).
- الرأي الثاني: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الزوج إذا رأى زوجته و هي تزني جاز له أن يقتلها هي و من يزني بها، فإن فعل ذلك فلا قصاص عليه و لا ديّة. و قد اشترط أصحاب هذا الرأي لتحقق هذا أن يثبت الزوج وقوع القتل أثناء التلبّس بالزنى سواء بالبيّنة أم بالإقرار. و على ذلك ذهب جمهور فقهاء الحنفية و المالكيّة و الشافعيّة و الإمام أحمد في رأي راجح له إلى أنّ الزنى يثبت بحضور أربعةِ شهود عدول على أنّهم رأوا الواقعة كما يرون المرود أو الميل في المكحلة(22).
كما ذهب المالكيّة و الشافعيّة إلى أنّ الزنى يثبت أيضاً بالإقرار و لو مرّةً واحدةً، في حين ذهب الأحناف و الحنابلة إلى ضرورة اشتراط أن الإقرار أربع مرّات(23).
و قد استدل أصحاب هذا الرأي إلى ما يلي:
* ما روي عن علي رضي الله عنه أنّه سئل عمّن وجد مع امرأته رجلاً فقتله، فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته، أي يقتل (24). و في هذه الرواية دلالة واضحة على أنّ المسألة متوقفة على الإثبات، فإن أثبت الزوج صحّة دعواه بأربعةِ شهداء جاز له القتل، و إن لم يثبت ذلك حقّ عليه القصاص.
* ما روي عن المغيرة بن شعبة أنّه قال: " قال سعد بن عبادة لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفحٍ، فبلغ ذلك النبيّ صلىّ الله عليه و سلّم فقال أتعجبون من غيرة سعد ؟، بهمزةِ الاستفهام الاستخباري أو الإنكاري أي لا تعجبوا من غيرة سعد، لأنا أغير منه بلام التأكيد، و الله أغير منّي، بمعنى أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم أغير من سعد و الله أغير منهما جميعاً(25). و وجه دلالة هذه الرواية أنّ القتل جائز للزوج، و لو لم يكن جائزاً لما قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم ذلك.
* ما روي عن عمر رضي الله عنه أنّه كان يتغذى إذ جاءه رجل يعدو و في يده سيف ملطّخ بالدم و وراءه قوم يعدون خلفه فجاء حتّى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين إنّ هذا صاحبنا. فقال له عمر: ما يقولون ؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنّي ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته. فقال عمر ؟، ما يقول ؟، قالوا: يا أمير المؤمنين إنّه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل و فخذي المرأة، فأخذ عمر سيفه فهزّه ثمّ دفعه إليه و قال: إن عادوا فعد. و وجه الدلالة من هذه الرواية أنّ عمر رضي الله عنه أهدر دم المقتول بعد أن ثبت لديه ارتكابه لجريمة الزنى بإقراره أولياء الدمّ بحدوث الواقعة، و أنّ القتل قد وقع حال التلبّس بالزنى، فإقرارهم هذا كان كافياً لإسقاط حقّهم في المطالبة لأنّ الواقعة فيها معاينة و اعتراف. كما أنّه رضي الله عنه أهدر دم المرأةِ إن كانت مطاوعة للزاني و لم تكن مكرهة و لا ديّة فيها(26).
و من خلال هذين الرأيين أعتقد، و الله أعلم، أنّ الرأي الأول يستند إلى المنطق المجرّد دون أن يعتمد على الأصول الشرعيّة التي قرّرت بأن الزاني المحصن مهدور الدم و بالتالي لا قصاص على قاتله و لا ديّة و لا كفّارة. كما أنّ هذا الرأي تجاهل الغيرة التي تلحق الزوج في هذه الحالة تكاد تقتله كمداً، و الأدلة الشرعيّة التي استند إليها أصحاب الرأي الثاني و التي تتّسم بالقوّة تتضافر فيما بينها على الاعتداد بهذه الغيرة، إذ أنّ تكليف الزوج بأن يتحكّم في أعصابه و يضبط نفسه فلا يغضب و لا يثور عند رؤيته زوجته في هذا الوضع المشين أمر لا يتصوره عقل و ضرب من الخيال لأنّه تكليف بشيءٍ مستحيل، لانّ طباع البشر، كما يقول الدكتور محمد عبد الشافي إسماعيل، مجبولة على الاستئثار فيما به الاختصاص و أشد ما يكون فيه الاختصاص العلاقة الجنسيّة بين الزوجين و مشاركة الغير الزوج في هذا الأمر سبب لتغيّر القلب و جيشان النّفس بالغضب و الانفعال لما يدهمها من ألمٍ بالغ العمق و استفزاز خطير و قلّ من لا يندفع في هذه اللحظة إلى غسلها بالدم ممّا يستوجب عدم معاقبته في هذه الحالة(27). كما أنّ القاتل هنا يكون معذوراً بالغيرةِ التي صيرته كالمجنون(28).
هذا إذا كان الزوج هو القاتل، و لكن ما هو الحكم إذا كان القاتل شخصاً آخر غير الزوج كالأب أو الأخ أو الابن أو غيرهم ؟
ذهب فقهاء الحنفية إلى أنّ أيّ رجل يرى آخر يزني فعليه أن يدفع هذا المنكر بالأخفّ فالأخفّ، فإن تعيّن القتل طريقاً لتغيير هذا المنكر و كان من الحقّ عليه أن يغيّره، لقول النبي صلى الله عليه و سلّم: " من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان "(29)، و لأنّ الزنى جريمة مستمرّة يجب المنع من استمرارها، فإن تعيّن القتل سبيلاً للمنع فإنّه يكون قتلاً بحقّ دفعاً للمنكر، و لأنّ ذلك من قبيل التعاون على دفع الإثم و العدوان، قال ابن عابدين: " من رأى رجلاً يزني بامرأته أو بامرأة رجلٍ آخر، ... فصاح به و لم يهرب و لم يمتنع عن الزنى حلّ لهذا الرجل قتله و إن قتله فلا قصاص عليه "(30). و من هذا يتبّن أنّ حقّ تغيير المنكر مقرّر عند الحنفيّة للزوج و غير الزوج على الإطلاق، أي أنّه حقّ مقرّر لكافة المسلمين و منهم بداهةً الأب و الأخ و الابن و ذوو الأرحام الذين يتعيرون بزنى ذات الرحم المحرّم.
و يتّفق فقهاء الشافعيّة و الحنابلة مع فقهاء الحنفيّة في تقرير هذا الحقّ للزوج ز غيره على الإطلاق، أي على النحوِ السابق بيانه، حيث يقرّرون هذا الحقّ أيضاً لكلّ من الأب و الأخ و الابن و لكلّ ذوي الأرحام الذين يتعيرون بزنى ذات الرحم. جاء في مغني المحتاج: " إذا رأى يولج في أجنبية فله أن يبدأ بالقتل و إن اندفع بدونه "(31)، كما جاء في المغني: " إذا وجد رجلاً يزني بامرأته فقتله فلا قصاص و لا ديّة ... و إذا كانت المرأة مطاوعة فلا ضمان عليه فيها و إن كانت مكرهة فعليه القصاص "(32). و من الملاحظ أنّ الشافعيّة و الحنابلة يختلفون مع فقهاء الحنفية في أنّهم يقررون الدفع بالقتل ابتداءً حتّى و لو أمكن الدفع بغيره كالصياح أو الضرب بما دون السلاح و غير ذلك.
الهــوامش:
1- و التي تنص على : " إذا ثبت قيام العذر فتخفّض العقوبة على الوجه الآتي:
- الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلّق الأمر بجناية عقوبتها الإعـدام أو السجن المؤبد.
- الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلّق الأمر بأيّة جناية أخرى.
- الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلّق الأمر بجنحة.
في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 من هذه المادة يجوز أن يحكم أيضاً على الجاني بالمنع من الإقامة من خمس سنوات على الأقل إلى عشر سنوات على الأكثر".
2- حيث تنص المادة 375 منه على: " من فوجئ بمشاهدة زوجته أو ابنته أو أخته أو أمّه في حالة تلبّس بالزنا أو حالة جماع غير مشروع فقتلها في الحال هي أو شريكها أو هما معاً ردّاً للاعتداء الماس بشرفه أو شرف أسرته يعاقب بالحبس. و إذا نتج عن الفعل أذىً جسيم أو خطير للمذكورين في الظروف ذاتها فتكون العقوبة الحبس مدّة لا تزيد على سنتين و لا يعاقب على مجرّد الضرب أو الإيذاء البسيط في مثل هذه الظروف ".
3 - الدكتور/سامح السيّد جاد: مبادئ قانون العقوبات (القسم العام)، طبعة 1995، دار النهضة العربية، المرجع السابق، ص 55.
4 - محمد محي الدين عوض: قانون العقوبات( القسم العام)، 1985، دار المطبوعات الجامعيّة بالإسكندرية، ص 114.
5 - الدكتور/محمود نجيب حسني: شرحقانون العقوبات( القسم العام)،1977،دار النهضة العربية، ص169.
6- عبد المهيمن بكر: القسم الخاص في قانون العقوبات (جرائم الاعتداء على الأشخاص و الأموال)، )، 1976،دار النهضة العربية، ص 609.
7 - المرجع نفسه، ص 609.
8 - الدكتور/محمود نجيب حسني: شرحقانون العقوبات( القسم العام)، المرجع السابق، ص397.
9 - محمد محي الدين عوض: قانون العقوبات( القسم العام)، المرجع السابق، ص 116.
10 - عبد المهيمن بكر: القسم الخاص في قانون العقوبات (جرائم الاعتداء على الأشخاص و الأموال)، المرجع السابق، ص 610.
11 - أنظر المادة 324/3 من قانون العقوبات الفرنسي.
12 - الدكتور/عبد العزيز محمد محسن: الحماية الجنائيّة للعرض في الشريعة الإسلاميّة و القانون الوضعي، دراسة مقارنة، طبعة سنة 1989، دار النهضة العربية، ص 411.
13 - المرجع نفسه، ص 411.
14 - الدكتورة/فوزية عبد الستار: شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، طبعة1995، دار النهضة العربية، ص417،و قد أشارت إلى نقض 09 ديسمبر سنة 1975، مجموعة أحكام محكمة النقض س 15 رقم 409، ص 513.
15 - الدكتور/محمود نجيب حسني: شرحقانون العقوبات( القسم العام)، المرجع السابق، ص317.
16 - محمد محي الدين عوض: قانون العقوبات( القسم العام)، المرجع السابق، ص 120.
17 - الدكتورة/فوزية عبد الستار: شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، ص 418، و الدكتور/محمود نجيب حسني: شرحقانون العقوبات( القسم العام)، المرجع السابق، ص399.
18 - جندي عبد الملك: الموسوعة الجنائية، طبعة بدون سنة، دار العلم للجميع (بيروت)، ج 5 ص 826.
19 - محمد محي الدين عوض: قانون العقوبات( القسم العام)، المرجع السابق، ص 122.
20 - جندي عبد الملك: المرجع السابق، ج 5 ص 825.
21 -أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي: أحكام القرآن، طبعة بدون سنة، دار الفكر العربي، ج 1 ص 293، و الدكتور/محمد عبد الشافي إسماعيل: عذر الاستفزاز في القانون، طبعة سنة 1996، دار النهضة العربية، ص 161.
22 -كمال الدّين محمدبن عبد الواحد السيواسي( ابن الهمام ): شرح فتح القدير، طبعة بدون سنة، مصطفى البابي الحلبي، ج 4 ص 161، و أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الخرشي: شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل، طبعة بدون سنة، دار الصادر: بيروت، ج 8 ص ص 80، 81،الشربيني محمد الخطيب: مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، 1374هـ، شركة سابي (بيروت)، ج 4 ص 150،أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامـى: المغني، طبعة بدون سنة، مطبعة الإمام،ج 10 ص 353.
23 - الخرشي: المرجع السابق، ج 8 ص ص 80، الشربيني: المرجع السابق، ج 4 ص 150، 151.
24 - ابن قدامى: المرجع السابق، ج 9 ص 336.
25 -أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: صحيح البخاري، طبعة بدون سنة، نشر مشترك موفم للنشر (الجزائر) و دار الهدى للطباعة و النشر (عين مليلة)، كتاب الحدود، باب من رأى مع امرأته رجلاً فقتله، رقم6340.
26 - محمد أبو زهرة، العقوبة، دار الفكر العربي، 1975، ص 505.
27 - الدكتور/محمد عبد الشافي إسماعيل: المرجع السابق، ص ص 163، 164.
28 - الدسوقي: المرجع السابق، ج 4 ص 239.
29 -رواه أبي مسلم بن الحجاج النيسابوري: صحيح مسلم، الطّبعة الأولى، 1998م، دار المغني ودار ابن حزم: كتاب الإيمان، باب بيان كون النّهي عن المنكر من الإيمان، رقم 70.
30 - ابن عابدين محمد أمين: حاشية ابن عابدين، دار الكتب العربيّة الكبرى، طبعة بدون سنة، ج 5 ص 45.
31 - الشربيني: المرجع السابق، ج 4 ص ص 196، 197.
32 - ابن قدامى: المرجع السابق، ج 9 ص 336.
الاصابات الرياضية في التشريع الجنائي الاسلامي / دراسة فقهيه مقارنة)
الاصابات الرياضية في التشريع الجنائي الاسلامي / دراسة فقهيه مقارنة) الإصابات الرياضية في التشريع الجنائي الإسلامي إعداد عروبة ناصر "محمد أبو سيف" الشرفا إشراف د. مروان القدومي د. صبحي نمر الملخص تهدف هذه الدراسة في هذه الرسالة إلى توضيح معنى الإصابة وبيان أنواع الإصابات وأقسامها المتعددة وطرق الوقاية منها وتوضيح المسؤولية الجنائية المترتبة على الإصابات الرياضية وأساس هذه المسؤولية كما تهدف إلى بيان حقوق اللاعبين التي كفلها الإسلام وضمنها بشريعته الشاملة المتوازنة العادلة التي لم تفرط في أي حق من حقوق اللاعب المصاب متفوقة على القانون الرياضي لهذه الألعاب الذي حصر العقوبة في داخل أرض الملعب، دون أن يتحمل المعتدي أية تبعات نتيجة اعتدائه ومتميزة عن القانون الجنائي الدولي الذي أغفل ذلك ولم يهتم به، وأعطى الصلاحية الكاملة لقانون اللعبة ليأخذ مجراه. وقد أنبنت الرسالة من عدد من القضايا والمسائل شكل تآلفها وحدة دالة على الإصابات الرياضية في التشريع الجنائي، من ذلك أنه أرّخ بإيجاز للألعاب الرياضية القديمة، وعند المسلمين، وبين أهميتها عند هذه الأمم، ولا سيما عند المسلمين الذين أولوها رعاية خاصة وفق قيود وضوابط معينة، ليفيد منها كل فرد من أفراد المجتمع. ومن ذلك أن الرسالة تحدثت عن مشروعية الألعاب الرياضية في الإسلام واهتمامه بها وامتداحه لها، بصفتها قوة بدنية، ومعياراً مهماً، لاختيار الرجال. وناقشت الرسالة كذلك المفهوم العام للإصابات وأنواعها وأقسامها من حيث شيوع الألعاب وانتشارها وأعمار اللاعبين وأعضاء الجسم وشدة الإصابة وخطورتها وحجم تأثيرها على الإنسان، كما وضح طرق الوقاية من هذه الإصابات. ومن القضايا التي ناقشتها الرسالة أيضاً المسؤولية الجنائية؛ مفهومها، وأركانها، وأساسها الشرعي والقانوني، والأسباب الموجبة لإيقاعها على اللاعب، والحالات المؤدية لرفعها عنه. ومن هذه القضايا كذلك أن الرسالة بينت حقوق المصاب، وأركان الجريمة على ما دون النفس كما أعطى مثالاً تطبيقياً جنائياً لإحدى الألعاب المعاصرة والمشهورة مع بيان الحكم الذي صدر بهذا الخصوص،وانتهت الرسالة بخاتمة ضمنتها أهم النتائج والتوصيات
الحجر على المدين حماية لحق الغرماء ـ دراسة مقارنة (القانون المصري-الفقه المقارن)
خلاصة الرسالـة :
إن موضوع الرسالة هو: الحجر على المدين حماية لحق الغرماء – دراسة مقارنة فى القوانين المعاصرة (القانون المصرى – القانون اليمنى – الفقه الإسلامى) هو من الموضوعات الشرعية والقانونية الذى يستدعى عناية الباحثين لما له من أهمية فى الحياة والواقع العملى لأفراد المجتمع، سواءٌ من الناحية النظرية أو من الناحية العملية، فهو من أهم الموضوعات بحثاً وأخطرها أثرًا.
وبالرغم من أهميته العلمية والعملية فإنه لم يحظ بدراسة تفصيلية سابقة، فى نطاق القانون المدنى اليمنى، وفى بحث خاص يلبى متطلبات الحياة العملية للأفراد والباحثين على السواء، ويسد النقص فى المكتبة القانونية اليمنية التى تخلو من هذه الدراسة.
وتتجلى أهمية البحث وفائدته، فى كونه يستوعب فى نطاقه معظم وسائل حماية الضمان العام للدائنين، المنصوص عليها فى القانون المدنى المصرى واليمنى، ومعظم هذه الوسائل القانونية قريبة الشبه إلى حد كبير بنظام الحجر على المدين فى الفقه الإسلامى، بل إن منها ما ليس بغريب عنه كالحجر على المدين المفلس الذى أخذ به المشرع اليمنى فى قانونه المدنى، ونظام شهر الإعسار الذى أخذ به المشرع المصرى فى قانونه المدنى أيضًا.
ويُضاف إلى تلك الأهمية السابقة أن القانون المدنى اليمنى رقم (19) لسنة 1992م والمعدل بالقانون رقم (14) لسنة 2002م يعتبر من القوانين المدنية العربية الحديثة، وبسبب من ذلك لا يزال هذا القانون بكرًا يفتقر إلى كثير من الدراسات والأبحاث القانونية لإثرائه وبلورته خاصة المقارنة منها.
لهذا فإن وضع مثـل هذه الدراسة المتواضعة أمام الباحثين والقضاة يُعد فى نظرى إضافة جديدة متخصصة فى أحد مواضيع الدراسات القانونية اليمنية.
هذا وقد أتبعت فى هذه الدراسة المنهج المقارن بين الحجر على المدين بسبب الدين فى الفقه الإسلامى وبين ما يطبق من نظم قانونية مقابلة أو مشابهة له فى القوانين المدنية المعاصرة. فقد كنت أبدأُ بتناول ما جاء فى الفقه الإسلامى بمذاهبه المختلفة، وفقهه الحديث، متبعًا ذلك ما جاء فى القانون والفقه وأحكام القضاء. مبينًا موقف كل من القانون المصرى والقانون اليمنى، ومقارنة هذين الموقفين بأحكام الفقه الإسلامى، مع عرض مختلف الآراء الفقهية، مرجحًا ما يمكن ترجيحه من الأقوال. مع عدم إغفال موقف بعض التشريعات الأخرى فى الموضوع، بما يتضح معه أوجه الاتفاق والاختلاف بين الحجر على المدين فى الفقه الإسلامى وبين النظم القانونية المماثلة فى القوانين المعاصرة.
ولقد قسم هذا البحث إلى أربعة أبواب وخاتمة، تسبقها مقدمة وفصل تمهيدى. حيث تناولت فى المقدمة وسائل اكتساب الحقوق وحمايتها فى العصور التاريخية البدائية، ثم موقف الشرائع القانونية السائرة نحو الحضارة والتقدم من المدين وما سنته من وسائل تكفل للدائن استيفاء حقه وحمايته، وذلك كإطلالة تاريخية عامة.
وتناولت فى الفصل التمهيدى الذى جاء تحت عنوان، "فى الحجر بوجه عام" المفاهيم والأحكام العامة للحجر، حيث قمت بتحليل فكرة الحجر، عن طريق تعريفه، وبيان حقيقته وأقسامه وشرعيته، وحكمة تشريعه، مع الإشارة إلى الأهلية وعوارضها وما يوجب الحجر منها، مبينًا مدى صلة الدين بعوارض الأهلية، ومنتهيًا إلى عدم اعتبار المديونية من جملة عوارض الأهلية، سواءٌ فى الفقه الإسلامى أو فى القانون المدنى.
كما أوضحت الدراسة أن الحجر – بوجه عام – يتعدد بتعدد أسبابه التى تجلت من خلال بيان أسباب الحجر المختلفة فى كل من الفقه الإسلامى والقانون المدنى المصرى واليمنى.
ولقد تتبعت تلك الأسباب بصورة إجمالية. وانتهيت إلى أخر هذه الأسباب وهو "الحجر على المدين حماية لحق الغرماء" وهو عنوان هذه الرسالة وموضوعها، حيث مهدت لذلك بشرح الشطر الثانى من العنوان، وذلك ببيان معنى الحق والضمان العام للدائنين ووسائل حمايته فى كلٍ من الفقه الإسلامى والقوانين المعاصرة، وغير ذلك من المسميات والمفاهيم والمسائل الشرعية والقانونية التى تناولتها فى هذا الفصل التمهيدى.
وقد سعت هذه الدراسة فى الباب الأول إلى بيان شرعية الحجر على المدين، وشروط تحققه فى الفقه الإسلامى والقانون المدنى.
حيث تناول الفصل الأول: شرعية الحجر على المدين فى الفقه الإسلامى والقوانين الآخذة بهذا النظام، وتلك التى أخذت بنظام شهر الإعسار، كالقانون المدنى المصرى، ثم كانت نهاية البداية حول مدى أهمية وضرورة نظام الحجر وشهر الإعسار لحماية الضمان العام للدائنين.
ثم كان الحديث فى الفصل الثانى عن شروط تحقق حالة الحجر على المدين فى الفقه الإسلامى والقوانين المعاصرة.
وفى الباب الثانى: أوضحت هذه الدراسة آثار الحجر بالنسبة إلى المدين فى الفقه الإسلامى والقانون المدنى. وكان ذلك فى فصلين:تناول الفصل الأول: آثار الحجر على شخص المدين.
وتناول الفصل الثانى: آثار الحجر على تصرفات المدين.
وفى الباب الثالث: أوضحت هذه الدراسة آثار الحجر بالنسبة إلى الدائنين، وكان ذلك فى فصلين: تناول الفصل الأول منهما: آثار الحجر على جماعة الدائنين العاديين. وتناول الفصل الثانى: آثار الحجر على الدائنين أصحاب الحقوق العينية الخاصة، حيث أشارت الدراسة إلى الاستثناءات التى أوردها المشرع على مبدأ المساواة بين الدائنين وهى تلك التى تمثلت فى الحق فى الحبس والحق فى الاسترداد.
وفى الباب الرابع: عالجت هذه الدراسة أسباب انتهاء حالة الحجر وشهر الإعسار وما يترتب على ذلك من آثار، وكان ذلك فـى فصليـن: تنـاول الفصل الأول: أسباب انتهاء حالة الحجر وشهر الإعسار. وتناول الفصل الثانى: الآثار التى تترتب على هذا الانتهاء، سواءٌ ما تعلق منها بالمدين أو ما تعلق منها بدائنيه. وذلك كله فى الفقه الإسلامى والقوانين المعاصرة "القانون المصرى – القانون اليمنى – وبعض القوانين العربية".
هذا وقد توصلت فى خاتمة هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات.
أما النتائج فإنها تتعلق بالفقه الإسلامى من ناحية والفقه الإسلامى والقانون المدنى من ناحية أخرى.
أما التوصيات فإنها موجهة إلى المشرع اليمنى بهدف تلافى ومعالجة أوجه النقص والقصور فى تشريعه المدنى، وذلك فيما يتعلق بالتنظيم التشريعى للحجر على المدين المفلس.
السادة الأستاذة الأفاضل، هذا هو جهدى المتواضع أضعه بين أيديكم، لا أدعى الكمال فيه وإنما هو جهد المقل، فإن كنت قد وفقت فذلك بفضل من الله – عز وجل – الذى [ يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ).
وإن كنت قد أخطأت أو جانبت الصواب فجل من لا يخطئ وحسبى أنى قد بذلت الجهد، فأنا بشر معرض للخطأ والصواب.
وختامـًا: الشكر كل الشكر إلى من بدأت بشكرهم
وآخـر دعوانـا أن الحمـد لله رب العالميـن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
English summary
The subject of this thesis, which is: Limiting the debtor’s legal competence to protect the creditors’ rights, is one of the religious and legal issues that concern legal researchers for its great importance in life and daily activities of the individuals in our societies, either from the theoretical or practical aspects. So it is one of the most important and affecting subjects. Though this academic and practical significance, it has not been written fully in a previous detailed study in the context of the Yemeni Law. Until the present day, we can not find a specialized research in this connection to fulfill the practical requirements of the life of individuals and researchers alike; and also, to make up for the shortage in the Yemeni juridical library which lacks such a study.
The importance and significance of this research are implied in its scope which includes most ways of protecting the general guarantee of creditors stipulated in the civil Egyptian and Yemeni laws. Most of these ways, greatly, are similar to the rule of putting the debtor under legal guardianship in the Islamic jurisprudence; but also, some of these ways are far from the Islamic jurisprudence such as the rule of confining the bankrupt debtor, a legislation stated in the Yemeni civil law and the “insolvency month” rule stated also in the Egyptian civil law.
In Addition to the previously mentioned importance, the Yemeni civil law No. 19 for the year 1992 modified by the law No. 14 for the year 2002 is one of the recent Arab civil laws; what means that it is a virgin law. No studies or legal researches –especially the comparative ones –have been conducted to enrich and crystallize it.
Thus, this humble study, present before researchers, judges and jurists, is considered a new specialized addition to one of the Yemeni legal studies.
In this study, the researcher followed the comparative method to strike a balance between putting the debtor under legal guardianship, because of his debt, in the Islamic jurisprudence and the similar statutes stated in the contemporary civil laws. The researcher illustrates the attitude of both the Egyptian and Yemeni laws, and makes a comparison between them on one hand and the rules of the Islamic jurisprudence on the other manifesting all opinions. He clarified the attitudes of some other legislations with elucidating the points of similarities and dissimilarities between limiting the debtor’s legal competence in the Islamic jurisprudence and corresponding statutes in the contemporary laws.
The researcher introduces the subject of his study in four chapters and a conclusion proceeded with an introductory chapter. In the introduction, he tackled the ways of attaining and protecting the individuals’ rights in the primitive historical eras. Then, he shed light on the advancing legal rules that moving forward to civilization and their attitudes towards the debtor and concerning legislation to guarantee and protect the creditor’s right. That all is presented in a comprehensive historical view followed by presenting the subject of the research, its importance, methodology, and plan.
After that, in the introductory chapter, the researcher tackled conceptions and general rules of placing someone under guardianship; whereas, he analyzed generally the idea of limiting someone’s legal competence (definition, facts, kinds, legitimacy, the significance of legitimacy). Also, he talked about guardianship, legal capacity, disqualifications and what necessitates to put the individual under legal guardianship. The researcher explained the link between these disqualifications and religion concluding that indebtness is not included in these disqualifications, either in the Islamic jurisprudence or in the civil law.
The study made it clear that limiting someone’s legal competence differentiates generally according to its causes that the researcher had mentioned in the Islamic jurisprudence and the Egyptian and Yemeni civil laws.
The researcher followed up these causes in general, ending up the last of these causes “Limiting the debtor’s legal competence to protect the creditors’ rights”, which is the title and subject of this thesis. He prefaced his thesis with explaining the second half of this title. He clarified what is meant by rights, general guarantee of the creditor’s rights and the different ways of protecting them. He explained the meaning of legal behavior, legal act, commitment, nullity and voidness in the Islamic jurisprudence and the civil law. The study made a quick allusion to the ways of protecting the creditor’s general guarantee in some old laws, the Islamic law, and contemporary legislation; where the researcher explained various conceptions, definitions and other legal and religious questions mentioned in the introductory chapter.
In the first section, that is subdivided into two chapters, the researcher made every effort to manifest to what extent it is legitimate to put the debtor under legal guardianship and its conditions in both the Islamic jurisprudence and the civil law.
The first chapter tackled the legitimacy of limiting the debtor’s legal competence in the Islamic jurisprudence and the laws enforcing it. And other laws that stated the (insolvency month) rule such as the Egyptian civil law. The researcher concluded by explaining the importance and necessity of the legal guardianship and (insolvency month) to protect the creditors’ general guarantee.
The second chapter was devoted for talking about the conditions of putting the creditor under legal guarantee in the Islamic jurisprudence and the contemporary laws.
Now, the researcher moves to the second section which was subdivided into two chapters to manifest the legal guardianship’s effects on the debtor. In the first chapter, he talked about the effect of legal guardianship on the debtor as a person before the law has the right of freedom and all other personal rights.
In the second chapter, he talked about the legal guardianship’s effects on his pre-and-post verdict behavior. He talked about the legal limits of the debtor’s behavior and the limits of freedom he is entitled before enforcing the verdict of legal guardianship and bankruptcy in the Islamic jurisprudence.
As for the Egyptian civil law, the researcher talked about the allegation of the debtor’s behavior illegitimacy regarding the creditors’ rights, (Policy allegation).
And in the Yemeni civil law, the researcher detailed and manifested the allegation of the creditor’s behavior voiding. In the commercial law, he talked about voiding the bankrupt individual’s behavior during the period of doubt. All these topics were entitled: “The legitimacy of the debtor’s behavior pre-and-post the verdict of legal guardianship and insolvency month or bankruptcy. Then, he talked about preventing the debtor of using his properties, its nature and limits.
In the third section, the study manifested the legal guardianship with regard to the creditors. This was illustrated in two chapters: in the first one, the researcher talked about these effects on the ordinary creditors. And in the second one, he shed light on the creditors of private rights in rem; where the study alluded to the exceptions stated by the legislator on the principle of equalization among creditors. These principles that are represented in the right of distraint and the right of retrieval.
In the fourth section, the study talked about the causes of ending the state of legal guardianship and the insolvency month; and that was conducted through two chapters: the first one talked the causes of ending the state of legal guardianship and the insolvency month. The second chapter deals with effects resulted from the act both for the debtor the and his creditors in the Islamic jurisprudence, contemporary laws, (the Egyptian law-the Yemeni-and some other Arab laws).
The researcher concluded his study with some results and recommendations:
The results concern both the Islamic jurisprudence on one hand and the Islamic jurisprudence and the civil law on the other hand.
As for the recommendations, they concern the Yemeni legislator to avoid and treat the points of shortcomings in the civil legislation, regarding the legislation rules of putting the bankrupt debtor under guardianship and the allegation of limiting his behavior.
This was a brief conclusion of the thesis subject presented by the researcher. And I ask Allah for help and support
الإعسار فقهاً وقانوناً وقضاءً((أردنى ))
مقدمـة
لمّا كان الدفع بالإعسار من الدفوع المتاحة للمدين لكي يتمّ بموجبها إطلاق سراح المدين وفقاً لمَا هو منصوص عليه في المادة 244 إجراءات مدنية لسنة 1983م ولكثرة ما تّمت إثارته من خلال تلك الدفوع عند التطبيق أمام المحاكم في مدى جواز الأخذ بالإعسار والشروط المطلوبة لذلك من حيث الفقه والقانون ما بين مؤيّد لقبول الإعسار ورافض له.
ولتبايٌن تطبيقات السوابق القضائية "غير المنشورة " كان ذلك دافعاً قوياً لي لبحث الأمر في الفقه والقانون ، ومن ثَمّ يتناول البحث الإعسار في اللغة والاصطلاح والقانون ، وآراء الفقهاء في قبول الإعسار والبيّنة عليه فقهاً وقانوناً ، وتطبيقات السوابق ، والموازنة بين الفقه والقانون ، وذلك بتقسيم البحث إلى مباحث.
المبحث الأول
تعريف العسر لغةّ:
( عسر ) الأمر عسراً مثل قرب قرباً وعسارةً بالفتح فهو عسير ، أي صعب شديد ، ومنه قيل للفقر عسر وقال الزمخشري: عسر: العٌسْرٌ ضدّ اليٌسْر ، وعسر الأمر ضاق. وعسر عليَّ فلان: خالفني ، ورجل عسر وهو نقيض السهل… ولا تعسر غريمك ولا تعسره لا تأخذه على عسرةٍ ولا تطالبه إلاّ برفق.
وجاء في محيط المحيط: ( عسر ) الغريم يعسٌره ويعسِره عسراً وعٌسراً طلب منه الدَّيْن على عسرةٍ.
ومن خلال ما ورد في المعاجم لتعريف العسر يتّضح أنّه ضدّ اليسر ، وأنّه بمعنى العسير ، وهو الصعب الشديد ، ولذا قيل للفقر عسر.
واليسر في اللغة: اليسر بالفتح ، ويٌحرَّك ؛ اللّين والانقياد .. واليسر بالضمّ وبضمّتيْن ، واليسارٌ واليسارةٌ والميسٌرة مثلّثة السين السهولة والغنى ، وأيسر يساراً صار ذا غنىً فهو موسر ، الجمع مياسير ، واليسر ضدّ العسر.
وبالنظر والموازنة بين تعريف (عسر) ولفظ (يسر).
يتّضح التبايٌن بين اليسر والعسر فهما من الأضداد ، حيث إن الأولى تأتي بمعنى الغنى والسهولة والثانية ( العسر ) بمعنى الفقر والضيق ، أي صعوبة الأمر.
ويلحظ أن هنالك ألفاظاً ذات صلة بكلمة (عسر) منها الفلس والمفلس والغريم والذي هو المدين وصاحب الدين أيضاً وهو الخصم مأخوذ من ذلك ؛ لأنه يصير بإلحاحه على خصمه ملازماً ، الجمع غرماء مثل كرماء.
العسر اصطلاحاً:
تناول الفقهاء الإعسار بالتعريف ، وقد انصبت التعريفات على أن المعسر من لا فلوس له. ولتباين ذلك أورد ما جاء فيه ضمناً في تعريف الإفلاس لتناول الفقهاء مسألة الإعسار في تصانيفهم ومؤلفاتهم في أبواب الحجر والفلس. ولبيان أن لفظ الفلس من الألفاظ ذات الصلة بلفظ عسر.
نقل ابن شهاب عن الإمام مالك قوله: الفلس شرعاً ( من قصر ما بيده عما عليه من الديون ) فيقال أفلس الرجل كأنه صار إلى حال ليس له فلوس ، كما يقال له أقهر إذا صار إلى حال يقهر عليه … والجمع مفاليس ، وحقيقة الانتقال من حالة اليسر إلى العسر.
وقال بن رشد ( الإفلاس في الشرع يطلق على معنيين : أحدهما أن يستغرق الدين مال المدين فلا يكون ماله وفاء بديونه ، الثاني أن لا يكون له مال معلوم أصلاً )
وبالنظر إلى التعاريف الواردة أعلاه نتبين أن العسر ملازم لحالة الإفلاس ومتعلق بلفظ الفلس ، فقد ذكره الفقهاء ضمن مصطلح الفلس لتبيان معنى الإعسار ، وهو لا يخرج عن حال الفقر ؛ إما بأن يستغرق الدين مال المدين كله أو لا يكون له مال معلوم أصلاً. وبالموازنة بين تعريف العسر أو الاعسار لغة وإصطلاحاً يٌلحظ اتفاقهما في بيان أن الإعسار ضد اليسر.
ونفس الأمر لبيان معنى الإعسار في اللغة والاصطلاح وافق ما جاء في كتب التفسير في بيان معنى الإعسار في قوله تعالى: [ وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌٌ إلى ميسرةٍ ] البقرة الآية (280) ، وعلى سبيل المثال ما أورده الفخر الرازي ( العسرة اسم من الإعسار ، وهو تعذر الموجود من المال ، يقال أعسر الرجل إذا صار إلى حالة العسرة ، وهى الحالة التي يتعسر فيها وجود المال ).
وبالتالي نقول : ( الإعسار هو أن لا يجد في ملكه ما يؤديه بعينه ، ولا يكون له مال لو باعه لأمكنه أداء الدين من ثمنه ).
المبحث الثاني
الإعسار فقهاً قبوله وإثباته:
تناول الفقهاء الإعسار وأحكامه على اختلاف مذاهبهم ، وبالنظر إلى ما اتبعوه في تبويباتهم لم يتطرقوا إليه منفصلاً ، وإنما أدخله البعض في باب الحجر وأحكامه ، أو في أحكام الرهن والتفليس ، وحتى اللفظ نفسه تباين ، فأطلق الغارم والمعسر والمديان والمفلس.
ومن المسائل المتعلقة بالإعسار تفرعت مسائل اتفقوا فيها ، وأخرى اختلفوا فيها ، ومنها جواز حبس المعسر من عدمه ، ومن يقبل إعساره ، وشروط قبول البينة على الإعسار ، ومن ثم يتناول البحث هذه الجزئيات من حيث الفقه والقانون ، وتطبيقات السوابق القضائية ، والموازنة بين الفقه والقانون.
أراء الفقهاء في حبس مدعي الإعسار:
الحبس لغة الحبس : المنع … حبسه يحبسه ، والحبس المنع ضد التخلية.
وعليه ، من حيث اتفاق الفقهاء ، فقد اتفق الفقهاء على جواز حبس المدين إذا جهل حاله ولم يثبت يساره أو إعساره.
جاء في البدائع : ( الحبس على نوعين : أحدهما حبس المدين بما عليه من الدين … فإن طلب صاحب الدين الحبس من القاضي ، واشتبه على القاضي حاله في يساره وإعساره ، ولم يقم عنده حجة على أحدهما ، وطلب الغرماء حبسه ، فإنه يحبس ليتعرف عن حاله أنه فقير أم غني.
وورد في الشرح الصغير : ( حبس المفلس بثبوت عسره إن جٌهِلَ حاله لا إن علم عٌسره ).
وذكر بن فرحون المالكي نقلاً عن القرافي في بيان المشروع من الحبس ما نصه ( حبس من أشكل أمره في العسر واليسر اختباراً لحاله ، فإذا ظهر حكم عليه بموجبه عسراً ويسراً ).
وقال بن قدامة من الحنابلة : ( ومن وجب عليه حق فذكر أنه معسر به حبس إلى أن يأتي ببينة بإعساره ).
ويٌستخلص مما سبق اتفاق الفقهاء على حبس مدعي الفلس الذي يدفع بالإعسار ، ويشتبه في حاله ، فيكون الحبس لمظنة أنه على الملاء فيؤدي حبسه إلى قيامه بأداء الدين ، أو يثبت إعساره بأن يأتي بالبينة على إعساره وتبعاً لذلك اختلف الفقهاء فـي جواز سماع البينة على الإعسار ، ووقت سماعها ، وقد أجاز أبو حنيفة سماعها ، وعند الإمام مالك حٌكي عنه قوله: (( لا تسمع البينة على الإعسار لأنها شهادة على النفي… وعند الحنابلة سماع البينة على الإعسار مقبول ، وتسمع كسائر البينات التي تسمع في الحال )) وعند الشافعية ( تٌسمع على الرغم من أنها شهادة للنفي قبلت للحاجة ) وبالنظر إلى آراء الفقهاء ، فالحنفية والشافعية أجازوا سماع البينة على الإعسار مطلقاً ، والإمام مالك حٌكي عنه عدم جواز ذلك ، وعلل أنها بينة على النفي لا تقبل ، والشافعية أجازوا رغم أنها بينة على النفي إلا أنها تقبل للحاجة.
وقت سماع البينة:
اختلف الفقهاء في سماع البينة على الإعسار قبل الحبس أم بعده ، وانقسموا إلى رأيين :
الأول : للإمام مالك والشافعي وأحمد ، وعندهم تٌسمع البينة قبل الحبس.
الثاني : للإمام أبو حنيفة ، وعنده لا تٌسمع إلا بعد الحبس.
وتلخيصاً للرأيين المتقدمين جاء في الميزان : ( … ومن ذلك قول مالك والشافعي وأحمد أن البينة بالإعسار تٌسمع قبل الحبس مع الظاهر من مذهب أبي حنيفة أنها لا تسمع إلا بعد الحبس ، فالأول مخفف على المفلس ، والثاني عكسه ولكن يٌحمَل الأول على أهل الورع الخائفين من حقوق الخلائق ، ويٌحمَل الثاني على من كان بالضد من ذلك ، فرجع الأمر إلى مرتبتي الميزان).
ويستخلص من ذلك أن الجمهور اعتمدوا جواز سماع البينة قبل الحبس ، وخالفهم الإمام أبو حنيفة في عدم السماع قبل الحبس ، وهو الرأي الراجح ؛ لأن الغالب أن طلب حبس المدين يكون دائماً من الدائن ، وعند عجزه عن معرفة أحوال مدينه ، فيٌطلب حبسه اختباراً لحاله.
البينة على الإعسار:
إذا حٌبس المدين ، فيدفع الحبس عنه بسماع بينته على إعساره ، ولا يشترط أن يكون إثبات الإعسار بشهادة الشهود فقط ، وإنما كل ما يبين ذلك من طرق الإثبات ، ولكن تتبع جل ما ورد في شأن الإعسار وسماع البينة على الإعسار في الفقه ، يجدها تدور حول الشهادة مما يفهم منه أن الشهادة طريق أصيل لإثبات الإعسار.
وعليه تبعاً لذلك اشترطوا نصاباً للشهود ، وشرطوا شروطاً في ذات الشهادة.
اشترط الفقهاء أن يكون الشهود على الإعسار ثلاثة شهود ، وبنوا ذلك على احتجاجهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أصابته جائحة ، حيث طلب منه أن يأتي بثلاثة شهود.
أما في الشهادة نفسها ، اشترط في الشهود أن يكونوا من ذوي الخبرة الباطنة ، بمعنى أن لا تنصب الشهادة بمجرد الوقوف على ظاهر أحـوال المدين ، وإنما تتعداها إلى إلمام الشاهد بظاهر وباطن أحوال المدين ، ولا يتأتي ذلك إلا لمن كان ملازماً للمدين ومخالطاً له ، ويـدل على ذلك ما أورده الرافعي : ( فإن أقام البينة على إعساره سمع في الحال … ويشهد من يخبر باطن حاله).
إذا كانت الشهادة على الإعسار بتلف المال ، يجوز أن تسمع من غير ذوي الخبرة الباطنة ، بخلاف إن كانت على الإعسار ( فإن شهدت البينة بتلف ماله ، قبلت شهادتهم ، سواء كانت من أهل الخبرة الباطنة أو لم تكن ، وإن لم تشهد بالتلف ، وشهدت بالإعسار ، لم تقبل الشهادة إلا من ذي خبرة باطنة ؛ لأنه في الأمور الباطنة لا يطلع عليها في الغالب إلا أهل الخبرة والمخالطة).
وظاهر ذلك أن التلف يظهر لذوي الخبرة وغيرهم ، بخلاف الإعسار ، فهو شهادة على عدم المال ، ولا يتأتي ذلك إلا لمن كان ذا إلمام ببواطـن المدين ، وذا مخالطة له ، كأن يكون الشاهد من أهل التجارات المخالطين للمدين ، أو من شركائه ، أو من له جوار وخلطة بالمدين.
كما يستخلص مما سبق سرده إذا أقام البينة على إعساره حسب المعتبر في الشهادة والشهود ، أن يخلي سبيله بإطلاق سراحه من حبسه ، وتبعاً لذلك ، وقبل قبول إعساره ، اختلف الفقهاء في جواز إحلاف المدين.
فأجاز الإمام مالك والشافعي للغرماء طلب إحلاف المدين بتحليفه أنه لا مال له ظاهر ولا باطن ، وخلافاً لذلك منع الإمام أبو حنيفة وأحمد تحليفه بعد إثبات إعساره ، وعليه فإن أقام كلٌَ من الدائن ومدينه البينة ، فإن تكافأت بأن شهد قومٌ بالعدم ، وشهد قومٌ بالملاء ، وإذا شهدوا كلهم على ظاهر الحال ، ولم يقولوا لا نعلم مالاً أخفاه ، فقيل يقضى بأعدلهما ، فإن تكافأتا سقطتا وبقي محبوساً ، وقيل يخرج حتى يكشف حاله.
وعند الحنفية الأمر في ذلك لا يعدو عن حالين:
الأول: أن يقول الطالب هو موسر ، وقال المطلوب أنه معسر ، فإن قامت لأحدهما بينةٌ قٌبلت ، فإن أقاما البينة ، فالبينة للطالب ؛ لأنها تٌثبت زيادة ، وهو اليسار.
الثاني : أن لم تكن لهما بينة ، فذهب محمد إلـى أن الدين إن ثبت بمعاقدة ، كالبيع والنكاح ، فالقول قول الطالب ، وإن ثبت بغير ذلك ، كالقتل الذي لا يوجب القصاص ويوجب المال في مال الجاني دون الخطأ ، فالقول قول المطلوب.
ورأي الإمام محمد هـو ظاهر الرواية في مذهب الحنفية ، وهو الأصوب ؛ لأن الظاهر شاهد للطالب لما في إقدامه ( المدين ) على المعاقدة دليل القدرة ، إذ الظاهر أن الإنسان لا يقدم على ذلك إلا عند القدرة ، وكان الظاهر شاهداًَ للطالب ؛ لأنه ثبتت قدرة المطلوب لسلامة المال ، وهو رأي راجح.
واختلف الفقهاء في جواز ملازمة الغرماء للمدين إذا تمّ إحلافه بعد إثبات إعساره.
الإمام أبو حنيفة وصاحباه يرون أنه لا يمنع الغرماء من ملازمته إذا قضى القاضي بالانتظار لاحتمال أن يرزقه الله تعالى ، وعند الحنابلة وزفر لا يلازمونه.
والأرجح الملازمة بعد إثبات الإعسار ، يعني النظرة ، وهي التأخير إلى أن يتحسن حال المدين ويقدر على الأداء. اتفق الفقهاء على عدم جواز منع المدين من السفر ، ولا حق التصرف في أمواله.
فإذا كانت البينة على الإعسار رٌفضت ، فهل يبقى المدين في الحبس حتى الأداء حتى يخلد في حبسه؟ والظاهر أن نظرة الفقهاء متأرجحة في ذلك ، وغالب ما نصوا عليه أن المدين بعد حبسه يٌطلق سراحه إذا بقي فترة ثلاثة أو أربعة أشهر ، فيخرج ليكشف عن حاله ؛ لأن الحبس ليس مقصوداً في ذاته ، وإنما شرع لكي يجبر المدين على إخراج المال المشتبه في إخفائه. والحبس شرع للتوسل لقضاء الدين لا لعينه . وبالتالي هذا يتوقف على تقدير قاضي التنفيذ من حيث تقدير المدة وشروط الإفراج عن المدين.
المبحث الثالث
بينة الإعسار في القانون السوداني:
تناولت المواد 243/244 إ.ج مدنية لسنة 1983م أحكام قبض المدين وحبسه تنفيذاً للحكم ، كما بينت الأحوال التي يطلق فيها سراح المدين . تنص المادة 243/أ: ( مع مراعاة أحكام المادة 244 ، ودون المساس بأية طريقة أخرى من طرق تنفيذ الأحكام متى كان الحكم متعلقاً بالوفاء بدين أو يقضي بسداد مال ، فيجب القبض على المدين وحبسه حتى تمام الوفاء ، إلا إذا كانت المحكمة قد قضت بذلك عند النطق بالحكم) وبالتالي أوجبت المادة المذكورة إذا كان الأمر متعلقاً بتنفيذ سداد مال أو دين مالي ، القبض على المدين وحبسه حتى تمام الوفاء ، ولا حاجة لإنذار المدين أو إعذاره ، إضافة إلى أن دلالة الحرف (حتى) تفيد انتهاء الغاية ، فيحمل الأمر عند حبس المدين تنفيذاً للحكم حبسه حتى تمام الوفاء بسداده لمبلغ التنفيذ ، ولكن بالنظر إلى ما جرى عليه العمل ، فإن الذي يتم غالباً عند تصريح التنفيذ أن تبدأ المحكمة بإصدار إعلان للمدين مع إنذاره بصورة من عريضة التنفيذ للسداد ، ثم يلجأ الدائن للقبص والحبس بعد ذلك ، وإذا تمّ حبس المدين ، فقد نصت المادة 244أج مدنية لسنة 1983م على الأحوال التي يمكن فيها إطلاق سراح المدين.
إطلاق سراح المديـن :
تناولت المادة 244 الأحوال التي يتم فيها إطلاق سراح المدين إذا تمّ حبسه تنفيذاً للحكم وفقاً للمادة 243 والمادة 160 أج مدنية لسنة 1983م ، وذلك في الفقرات أ –د ويتعلق البحث بالفقرة (د) والتي تختص بإطلاق سراح المدين إذا ( ثبت إعساره ببينة كافية ) ، ويستخلص من هذه الفقرة الآتي:
أولاً: جواز حبس المدين.
ثانياً : جواز سماع البينة على إعسار المدين.
ثالثاً : لإطلاق سراح المدين ، لا بد أن يثبت إعساره ببينة كافية.
وعليه فمن ظاهر الفقرة (د) لا بد أن يتم سماع البينة على الإعسار بعد حبس المدين ، وفقاً للمادة 243 ، وبناءً على طلب الدائن للحبس ، فلا يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها حبس المدين ، وغالباً ما يطلب الدائن الحبس حين يٌشكل عليه حال المدين ، ويكون الحبس من قبيل الإكراه البدني لإجبار المدين على السداد وإظهار أية أموال أخفاها. وقد وافق القانون السوداني مسلك بعض التشريعات الأخرى التي أبقت على فكرة الإكراه البدني مع ملاحظة أن المشرع السوداني قد أحاط تطبيق فكرة الإكراه البدني ببعض الضمانات. وقد سلك شٌراح القانون السوداني مسلكاً مؤيداً للإبقاء على فكرة الإكراه البدني ، وذلك باعتبار أنها تسهم في استقرار المعاملات عند عدم قصر العلاقة بين الدائن والمدين على ذمتهما المالية ، فقد ذهب البعض إلى الآتي:
(( إن الإبقاء على فكرة الإكراه البدني كضرورة تستلزمها استقرار المعاملات ، فالقول باقتصار العلاقة بين الدائن والمدين في نطاق حسن النية لا في سوئها ، وحسن النية يعني عدم توافر نية الإضرار بالغير )).
وعليه متى تحققت المحكمة من توافر سوء نية المدين ، فلا مجال لحمايته وذلك بدخوله في نطاق فكرة الإكراه البدني ، وإذا أوقعت المحكمة الحبس على المدين بناءً على طلب الدائن وطلب المدين قبول سماع بينته على الإعسار ، يجب أن تستجيب المحكمة لطلبه ، وطالما أن المادة 244 أج مدنية لسنة 1983م لم تبين وقتاً محدداً لسماع بينة الإعسار ، وسكت النص ، فبالتالي يجوز أن تسمع في الحال بعد الحبس ، ويجوز أن يحدث تراخٍ بعد حبس المدين لحين السداد وبين قبول سماع بينة إعساره ، وهو الأنسب في تقديري تحقيقاً لعدة مصالح ، منها أن ذلك يتيح للدائن الوقوف على أية أموال أخذها المدين وغيبها ؛ لأن الأمر في شأن الأموال من الأحوال الباطنة لا يٌطلع عليها بسهولة إلا ما كشف ظاهر الحال عنه ، كمن عرف حاله بالإقلاع إبتداءً ، ومنها أن إعمال الحبس على المدين وتقييد حريته يجبره على إخراج أي مال أخفاه ، ولكن في كل الأحوال يجب ألا يحدث التراخي في سماع بينة الإعسار ، الإضرار بالمدين ، كأن يكون في شأن ذلك إحداث مشقة عليه في إحضار الشهود بسبب السفر أو المرض الذي يخشى فيه الهلاك ، ويمكن للمحكمة في هذه الحالة سماع البينة في الحال وفقاً لسلطتها التقديرية ، ويلاحظ أن البعض يرى أنه يجوز سماع البينة على الإعسار في الحال قبل الحبس ، إن طلب المدين سماعها ، وعليه فإذا تمّ الحبس على المدين ، ودفع وفقاً للمادة 244(د) بالإعسار وسمعت بينته على إعساره ، يجوز أن يتقدم الدائن ببينة تدحض ما دفع به المدين ، ومن ثمّ ، لإثبات الإعسار اشترطت المادة 244(د) أن يتم إثباته ببينة كافية ، تاركة الأمر لمحكمة الموضوع ، ولم تشترط وصفاً معيناً للبينة ، فيجوز إثبات الإعسار بشهادة الشهود ، وهو الغالب ، ولم تحدد نصاباً معيناً لعدد الشهود ويجوز تبعاً لذلك بعد سماع أقوال المدين على إعساره الإثبات بشهادة شاهد واحد فصاعداً ، ويمكن الإثبات بأية بينة أخرى ؛ لأن لفظ البينة ، وفقاً لما عرفته المادة (4) من قانون الإثبات لسنة 1994م ( يقصد به أية وسيلة يتم بها إثبات أو نفـي أية واقعة متعلقة بدعوى أو نزاع أمام المحكمين والموفقين ) وبالتالي يمكن إثبات الإعسار بسائر طـرق الإثبات ، بخلاف الشهادة ، وطالما لم ينص النص على عدد معين للشهود ، يجوز القياس على ما جاء في الفقه الإسلامي من سماع الإعسار بشهادة ثلاثة شهود ، قياساً على حديث من أصابته جائحة ، حيث أمره الرسول الكريم بأن يحضر ثلاثة من ذوي الحجى ، وفي كل الأحوال يجب ألاّ تقف الشهادة على ظاهر أحوال المدين ، ويجب أن تكشف عن باطـن أحوال المدين ، ويمكن أن تستشف أحوال المدين ، ومدى إلمام الشاهد بها بمناقشته إن كان ذا دراية وإلمام بأحواله ، فقد يكون مخالطاً للمدين جواراً أو شراكة معه في أسواق التجارة ولما كان مدى تقدير كفاية البينة المقدمة على إعسار المدين متروكة لتقدير محكمة الموضوع ، يراعى أن لكل واقعة ظروفها.
الموازنة بين الفقه والقانون:
عند الموازنة بين الفقه والقانون فيما يتعلق بجواز حبس المدين مدعي الإعسار ، أتفق الفقه والقانون في ذلك ، فيجوز للدائن طلب حبس مدينه إذا أشكل عليه معرفة أحواله. واختلف الفقهاء في جواز سماع البينة على الإعسار قبل الحبس أم بعده. وقدمنا أن الإمام أبو حنيفة يرى عدم سماع البينة قبل الحبس ، وخالفه في ذلك جمهور الفقهاء ، وأخذ القانون برأي الإمام أبي حنيفة، كما اشترط الفقهاء في الشهادة على الإعسار أن يشهد من يعرف ظاهر وباطن المدين ، أما في القانون السوداني فقد نص المشرع في المادة 244(د) إ ج مدنية لسنة 1983م ضرورة إثبات الإعسار ببينة كافية ، وترك ذلك لتقدير محكمة الموضوع واجتهادها ، وفي تقدير مدى كفاية البينة . وفي جواز تحليف المدين بعد سماع بينة إعساره وقبولها أنه لا مال له ظاهر ولا باطن ، وأجازوا كذلك للدائن جواز ملازمة مدينه ليعرف أحواله ، أما في القانون ، فقد سكت النص ويحمل على ذلك جواز تحليف المدين على عدم المال الظاهر أو الباطن ، وجواز ملازمة الدائن لمدينه ؛ لأن الإعسار كونه يثبت ببينة كافية يدخل فيها الإثبات بالشهادة أو بتوجيه اليمين.
تطبيقات السوابق القضائية للدفع بالإعسار:
تباينت تطبيقات المحاكم لبينة الإعسار وجل السوابق التي تناولت الإعسار غير منشورة ومنها على سبيل المثال محاكمة :
مبارك محمد الأمين //ضد// الشيخ الطيب المجذوب
م ع/ط ج/774/1999م
حيث جاء فيها قرار المحكمة العليا مؤيداً لقرار محكمة الموضوع برفض الدفع بالإعسار في دعوى إعطاء الصك المردود وبينت أن لمحرر الصك المردود أن يدفع بدفوع محددة إما بسقوط المقابل أو بالغش أو بالتدليس وأن الدفع بالإعسار يرفض إذا كان المدين سيئ النية وتوافرت له نية الإضرار. ونفس ما جاء في السابقة الماضية قررته محاكمة : حامد عنتر م ع/ ط ج/ 177/1999م ومحاكمة : وليد الشيخ خوجلي حيث جاءت مؤكدة رفض الدفع بالإعسار إذا كان سلوك المدين ينم عن نية الإضرار بالدائنين لسوء النية ، ويلاحظ أن هذا المسلك مؤيد من بعض الشراح لقانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م ويعاب عليه أن سوء النية إستصحبته المحكمة في الدلالة على توافر الفعل الجنائي ولا يصلح سبباً لرفض الدفع بالإعسار لأن المعيار هو مدى غنى وفقر المدين عند سماع البينة ، ويمكن اعتبار سوء النية سبباً لرفض الإعسار إذا ثبت تصرف المدين في ممتلكاته من عقارات أو منقولات بعد إقامة الدعوى الجنائية أو الحكم فيها وفي كل الأحوال الدائن هو الذي يثبت ذلك.
أما القول برفض الدفع بالإعسار في جريمة إعطاء الصك المردود فلا يصلح سبباً لرفض الإعسار لأن المبلغ الذي تحكم به المحكمة بعد ثبوت المسئولية الجنائية يصبح مبلغاً ثابتاً في الذمة ولا يخرج عن نطاق المعاملات والديون.
وقـد جــاءت السابقــة غير المنشـورة : م ع/ ط م / 770/1999م ( علي العوض محمد علي //ضد// مجدي محمد خير ) في الرأي الأول مقررة لرفض الدفع بالإعسار وقد تلخص في أن الإعسار لا يثور في حالة الحكم بالتعويض جنائياً لاختلاف معنى الدين والمال المشار إليهما في المادة 243 إ ج مدنية لسنة 1983م عنه في حالة التعويض خاصة إذا تقرر بحكم جنائي.
والرأي المذكور يتماشى مع الآراء التي منعت الدفع بالإعسار في دعاوى إعطاء صكوك مردودة ولكن لابد من الإشارة إلى أن الحكم الجنائي وفقاً للمادة 198 أ ج جنائية لسنة 1991م ينفذ بالطريق المدني ويصير هذا الحكم باتاً ويصبح المبلغ الذي تحكم به المحكمة ثابتاً في الذمة ويدخل في نطاق الديون والمعاملات ، وبالتالي فمعيار أن الدفع بالإعسار لا يثور في حالة الحكم بالتعويض جنائياً ليس راجحاً وهذا ما قرره الرأي الثاني فـي الطعن المذكـور ووافقه صاحب الـرأي الثالث حيث ذكر : ( المحكمة الجنائية عندما أصدرت حكمها بالتعويض على الطاعن صار هذا المبلغ ديناً في ذمته كسائر الديون الأخرى وحددت استيفاءه بالطريق المدني للتنفيذ والذي تحكمه نصوص الباب العاشر من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م بما فيها نص المادتين (243/244).
أما محاكمة عبد الله علي نجدي / م ع/ ط ج/219/1999م وتتلخص في أن محكمة الموضوع استمعت إلى بينة الإعسار المقدمة من المدين وكانت المحكمة عند الحكم ألزمته بدفع مبلغ عشرة مليون جنيه للشاكي تحصل وفقاً للمادة 198 إ. ج .ج لسنة 1991م وبعد سماع البينة قضت برفض الدفع بالإعسار وبحبسه حتى السداد وقد استأنف المدين لدى محكمة الاستئناف والتي بدورها أيدت قرار محكمة الموضوع ثم كان هذا الطعن وكانت خلاصة الرأي الأول (الذي لم يخالفه صراحة كل من الرأي الثاني والثالث) كالآتي:
1- إذا ثبت الإعسار بشهادة الشهود الذين خبروا باطن أحوال المدين فيجب قبول الإعسار وإطلاق سراح المدين لأن ما اتفقت عليه المذاهب الإسلامية هو حبس المدين الموسر.
2- على القاضي التحقق من بينة إعسار المدين دون المساس بمبدأ النظرة إلى الميسرة.
3- يجوز تحليف المدين بعد سماع البينة وقبل قبول إعساره على البت بعدم المال الظاهر والباطن ويجب أن يقدم كفيلاً لاطلاق سراحه.
إن اشتراط تحليف المدين بعد سماع بينته وقبل قبول إعساره وتقديمه كفيلاً حسبما جاء في الرأي الأول ، يتعارض وصريح نص المادة 244إ ج مدنية لسنة 1983م الذي لم ينص على تحليف المدين ولا تقديم كفيل. ولا اجتهاد مع النص.
كما أنه في تقديري – لا يتماشى مع قانون أصول الأحكام القضائية سنة 1983م في المادة (3) منه. هذا من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى فإن تقديم كفيل فيه معنى الوفاء وتنفيذ الالتزام عن المدين حسبما نصت عليه المادة 484 من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م.
ولما كانت جل الآراء في قبول الإعسار مبنية على مبدأ ( النظرة ) المستمدة من قوله تعالى: [ وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌٌ إلى ميسرةٍ ] فلا بد من بيان ما جاء في كتب التفسير تفسيراً لهذه الآية ، وموقف الفقهـاء بناءً على ذلك حيث جـاء فــي التفسير الكبير: ( فنظرةٌٌ إلى ميسرةٍ)… واختلفوا في حكم الانظار مختص بالربا أم عام في الكل فقال ابن عباس وشريح والضحاك والسدي ، الآية في الربا وذكر عن شريح القاضي أنه أمر بحبس أحد الخصمين فقيل أنه معسـر ، فقال شريح إن ذلك في الربا ، ونفس الأمـر أورده القرطبي ( فنظرة إلى ميسرة ) عامة في جميع الناس ، فكل من أعسر أنظر ، وهذا قول أبي هريرة والحسن وعامة الفقهاء. وقال ابن عباس وشريح ذلك في الربا خاصة فأما الديون وسائر المعاملات ، فليس فيها نظرة ، بل تؤدى إلى أهلها. أو يحبس فيها حتى يوفيها.
واستدل الفريق الأول بأن الآية جاءت مثبتة النظرة في الإعسار عملاً بظاهر الآية ، وأنها لا تختص بدين الربا فقط بناء على أن القراءة وردت عن نافع في ( ميسرة ) بضم السين ، فيكون المعنى ( وإن وقع ذو عسرة من الناس أجمعين) ولو كان في الربا خاصة لكان النصب أوْجَه، فيصير حكمها حكماً لغيرها ، عملاً بالقاعدة الأصولية ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، ويٌلاحظ أنّ مقتضى القراءة بضم السين في ( ميسرة ) أنها مأخوذة من اليسر وهو السهولة كما تقدم بيانه ، كما أن (كان) فعل تامّ بمعنى حصل ووقع ، و (ذو) فاعل.
أما الفريق الثاني فاستدلوا بأن الآية خاصة في الربا ولا تثبت حكم الإنظار في سائر الديون والمعاملات بموجبها ، واستدلوا بقراءة النص بفتح السين في (ميسرة) وبقوله تعالى : [ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها..] ومقتضى القراءة بالنصب أن تكون (ميسرة) مأخوذة من اليسار ، وهو الربا عند العرب ، فتقتصر النظرة على دين الربا لذلك.
وبالموازنة بين الرأيين ، فإن كل رأي له حجته في الاستدلال فيما ذهب إليه ، فالأول مخفف على مدعي الفلس ، والثاني مشـدد عليه مخفف على الدائن ، والاستدلال بالقراءة بناءً على اختلاف القراء فيها حيث جاء : (ميسرة) قرأ نافع بضم السين ، وفتح الباقون ، وهما لغتان ، إلا أن الفتح هو الأشهر. وبالفتح قرأ علي بن أبي طالب وابن عمرو الأعرج وأبو جعفر وابن جندب والحسن وقتاده ، والفتح هو الاختيار لإجماع القراء عليه ، ولأنه الأكثر في الاستعمال بالهاء وبغيرها.
ومما سبق فقراءة الفتح ترجح مسلك شريح وابن عباس ، أما الخلاف في القـراءات فقـد ثبت لعـدة اعتبارات نشـأ عنهـا اختلاف الفقهاء حتى قيل: ( اختلاف القراء من اختلاف الفقهاء ، وإن اختلاف القراء كله حق وصواب نزل من عند الله ، وهو كلامه لا شك فيه ، واختلاف الفقهاء اختلاف اجتهادي ، والحق في نفس الأمر فيه واحد ، فكل مذهب بالنسبة للآخر صواب يحتمل الخطأ وكلّ قراءة بالنسبة إلى الأخرى حق وصواب في نفس الأمر).
ووجه الدلالة في أن قراءة (ميسرة) تارةً بالرفع وتارةً بالفتح ، مما يقطع بأن القراءة سٌنّة ، فيجوز الاحتجاج بالأوجه الإعرابية بما جاء في مرسوم المصاحف في عهد أبي بكر وعمر ؛ لأنها موثقة بالرواية الصحيحة والسند المتصل ، مع أن شذوذها مخالف المصاحف العثمانية ، وقد فعل ذلك سيبويه وكان على شريعة من الأمر. ولم يقرأ القراء إلاّ بوجهٍ واحدٍ ، والاختلاف في (ميسرة) في الشكل فقط.
وتبعاً لما تقدم فإن كل قراءة حق وصواب يحتج بها ، فالأمر جوازي في وجه الاستدلال ، وفقاً لما يراه كل فريق رجاحة من جهة الدليل وقوته ، ومن ثم لا يتأتى القول بمنع الإعسار مطلقاً، ولا يصح القول بقبوله مطلقاً ، فلا بد من الموازنة والتمحيص الدقيق للبينة ، ويجب ألا تكتفي المحكمة بالشهادة التي تقف على ظاهر أحوال المدين ، وإنما تتعداها إلى التي تفصح عن ظاهر أحوال المدين وباطنه. وأرى أنه قلما تتوافر في الشهود هذه الشروط ، وبالتالي عندي مسلك بن عباس وشريح حيث إن استقرار المعاملات والحفاظ على مصالح الناس كافة تطبيقاً لقاعدة "جلب المصالح مقدم على درء المفاسد " وقبول الإعسار على إطلاقه فيه جلب لها ، ومن ناحية أخرى فبالنظر إلى جريمة إعطاء الصك المردود والتي لا يكون فيها التجريم كافياً ، ولا بد للشاكي من جبر ضرره بتعويضـه ، ومن ثم فإن جٌلّ الأحكام تكون برد قيمة الصك له ، فهو قد بذل المقابل ، وحٌرِمَ مقابل صكه من النقود ، وبالتالي يكون بذل مرتين رأس ماله المتمثل في المقابل الذي استلمه المتهم على أي نحوٍ كان ، وحرمانه من المقابل جراء إقدامه على المعاقدة ، والرأي المتقدم يتفق مع مسلك محمد بن الحنفية في أن الدين إن ثبت بمعاقدة وعن عوض ، فالقول قول الطالب ؛ لأن الظاهر شاهد له.
ويتفق مسلك بن عباس وشريح القاضي أيضاً مع ما نقل عن الإمام مالك في حبسه في الإعسار حتى الأداء ، عملاً منه بالمصلحة المرسلة . وقد يٌجاب عن ذلك بأن الفقهاء أنكروا العمل بالمصالح المرسلة ، ولكن بتتبع فقه الأئمة واجتهادهم " أبو حنيفة والشافعي وأحمد " يتبين ما يدل على أنهم جميعاً كانوا يبنون أحكامهـم الاجتهادية وفقاً للمصالح المرسلة. ولخص القرافـي ذلك بقوله " وأما المصلحة المرسلة ، فغيرنا يصرح بإنكارها ، لكن تجدهم عند التفريع يعللون بمطلق المصلحة ، ولا يطالبون أنفسهم عند الفروق والجوامع بإبداء الشواهد لها بالاعتبار ، بل يعتمدون على مجرد المناسبة ، وهذا هو المصلحة المرسلة ".
وخلاصة ذلك حبس مدعي الفلس حتى يتبين صدقه ، وفي ذلك جلب مصلحة بعدم تمكين الغرماء من أكل أموال الناس بالباطل.
الخاتمــــة
تقدم تناول البحث بالإعسار في الفقه والقانون ،والموازنة بينهما من حيث تطبيقات السوابق للدفع بالإعسار ، وتناول البحث بعض النماذج لتلك السوابق القضائية "غير المنشورة ".
وخلص البحث إلى الآتي:
أولاً: تتفق معاجم اللغة مع أراء الفقهاء في بيان ماهية الإعسار ، وأن الإعسار ضد اليسر.
ثانياً: البينة على الإعسار في الفقه بينة على النفي قبلت للحاجة ، واختلف الفقهاء في وقت سماعها.
فذهب الجمهور إلى سماعها قبل الحبس ، ويرى أبو حنيفة سماعها بعد الحبس ، واتفق القانون مع مسلك الحنفية ، ويشترط الفقهاء أن يكون الحبس بطلب الدائن.
ثالثاً: اشترط الفقهاء في شهود الإعسار أن لا تقف شهادتهم على مجرد ظاهر أحوال المدين ، واشترطوا الخبرة الباطنة ، واشترط القانون لقبول الإعسار أن يثبت ببينة كافية ، تاركاً الأمر لاجتهاد القاضي.
رابعاً: إذا قٌبلَ الإعسار يجوز في الفقه تحليف المدين على البينة أنه لا مال ظاهر له ولا باطن ، مع إحضار كفيل بالمال ليتمكن الدائن من ملازمة مدينه لمعرفة أحواله . وترك القانون ذلك أيضاً لاجتهاد القاضي في جواز إثبات الإعسار ببينة كافية فقط ، ويدخل في البينة توجيه اليمين.
خامساً: إذا ثبت الدين بمعاقدة الدين ، وادعى المدين الإعسار ، وادعى الدائن اليسار ، فعند الإمام محمد بن الحسن من الحنفية القول قول الطالب (الدائن) لأن الشاهد ظاهر له سلامة المال ، والإنسان لا يقدم على المعاقدة إلا إذا كان قادراً.
سادساً: يشترط في الفقه ثلاث شهود لإثبات الإعسار قياساً علـى حديث "من أصابته جائحة " بخلاف القانون الذي أشار إلى إثبات الإعسار ببينة كافية ، وترك كفاية البينة لتقدير قاضي الموضوع.
سابعاً: يعتمـد من يـرى جواز قبول الدفع بالإعسار على قوله تعالى : [ فَإن كَانَ ذٌو عٌسرةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ ] البقرة الآية 280
فلا يقتصر الأمر على دين الربا ، ويتعداه إلى سائر الديون ، وخالف ذلك بن عباس وشريح وجماعة من الفقهاء ، ويرون الآية خاصة بالربا.
ثامناً: اعتمد الفقهاء الذين رجحوا النظرة والتأخير عملاً بالآية 280 من سورة البقرة على وجه القراءة بالرفع في " ميسرة" وبها قرأ نافع.
واعتمد الفريق الثاني على قراءة "ميسرة" بالنصب ، وبالرجوع إلى كتب التفسير والقراءات ، فالاختلاف في ضبط الشكل ، وكل قراءة حق وصواب ، ويحتج بها ، مما يقطع بجواز الأخذ بكل رأي من الآراء المتقدمة.
تاسعاً: لا يجوز القطع بقبول الإعسار مطلقاً ، ولا رفضه ، وإنما مدار القبول والرفض على تمحيص البينة وعدم الوقوف على ظاهر البينات ، وإنما يشترط الخبرة الباطنة ، عملاً بما انتهجه الفقهاء والراجح عندي أنه عند عدم توافر البينة الكافية ، تغليب رأي بن عباس وشريح في الحبس حتى الوفاء ، وعملاً برأي الإمام مالك في العمل بالمصالح المرسلة.
عاشراً: إن تطبيقات السوابق وبالأخص سابقة عبد الله علي نجدي أبانت ما يجب اتباعه عند سماع بينة الإعسار بالركون إلى شروط الفقهاء المشترطة في قبول الإعسار والشهادة عليه ، وعدم الوقوف على ظاهر الشهادة .
المقصود بالإعسار فى القانون المدنى
: هو حالة المدين الذي تزيد ديونه على حقوقه، أي تربو ديونه على أمواله. صــور الإعسار : الإعسار له صورتان / 1.الإعسار الفعلي : هو زيادة ديون المدين جميعها الحالة والمؤجلة على قيمة أمواله مثال ذلكـ : إذا كانت ديون الدائن الحالة (10) آلاف والمؤجلة (ألفين جنيه) وأمواله (12) ألف ريال، في هذه الحالة يكون المدين معسر إعساراً فعلياً. 2. الإعسار القانوني : هو حالة قانونية تنشأ من زيادة ديون المدين المستحقة الأداء على أمواله، فتلك الديون وحدها دون الديون المؤجلة هي التي تجيز شهر الإعسار ،مثال ذلكـ : إذا كانت ديون الدائن (12) ألف جنيه وأمواله (10) آلاف كان المدين معسراً إعساراً قانونياً يبرر رفع دعوى شهر إعسار ضده.
أهمية الإعســار :
تتمثل الأهمية الرئيسية للإعسار العملية في فشل الوسائل الأخرى، وينبثق من تلك الأهمية الرئيسية بعض الأهميات منها ما هو متعلق بالمدين ومنها ما يتعلق بالدائن : أما بالنسبة للمدين : لا ينتج عن شهر الإعسار بالضرورة حلول الدين المؤجل فللقاضي سلطة تقديرية في إبقاء الأجل الخاص بالدين المؤجل، وهناك أهمية أخرى بالنسبة لإعسار المدين وهي حقه في الحصول على نفقة من المال محل الحبس. بالنسبة للدائن : كفل الإعسار له قدر كبير من الحماية فب مجرد تسجيل صحيفة دعوى إشهار الإعسار تبطل جميع تصرفات المدين على أمواله. الشروط المتطلبة لشهر الإعسار : 1. أن تكون أموا ل المدين غير كافية لوفاء ديونه المستحقة. 2. أن شهر الإعسار يكون بمقتضى حكم قضائي بناءً على طلب أحد الدائنين أو المدين نفسه، مع مراعاة القاضي لظروف المدين قبل شهر إعساره. طلب شهر الإعسار : & يتعين لشهر الإعسار أن طلبه من المحكمة المدين أو أحد دائنيه.
س / هل يجوز للقاضي إشهار إعسار شخص من تلقاء نفسه بدون تحريك دعوى شهر إعسار ؟
الجواب :
لا يجوز للقاضي أن يقضي بشهر إعسار المدين من تلقاء نفسه بل لا بد أن يطلب أحد الدائنين ذلك، والعلة : أن ذلك حق خاص وليس حق عام. & المدين قد تكون له مصلحة في طلب الإعسار ليدل على حسن نيته وليستفيد مما يوفر له نظام الإعسار من مزايا كنظرة إلى ميسرة في أداء ديونه الحالة والحصول على نفقة تقتطع من إيراده. & الغالب أن يطلب أحد الدائنين شهر إعسار المدين وتتحقق مصلحة الدائنين في ذلك إذا خشي إلى الالتجاء إلى تبديد أمواله أو إخفائها أو اصطناع ديون صورية أو إذا خشي هذا الدائن أن يسارع غيره من الدائنين إلى أخذ اختصاصات على عقارات المدين فيتقدمون بها عليه في استيفاء حقوقهم. عبء إثبات الإعسار : يقع عبء إثبات الإعسار على من يطلب شهر إعساره ويكون غالباً أحد الدائنين، ويمكن إثبات الإعسار بجميع الطرق لأن الإعسار واقعة مادية. سلطة المحكمة في شهر الإعسار : إذا توفر شرط الإعسار السابق ـ وهو بأن كانت أموال المدين لا تكفي للوفاء بديونه الحالة ـ إلا أنه ليس من الضروري مع ذلك أن تقضي المحكمة بشهر إعســار المدين بل إن لها سلطة تقديرية واسعة في ذلك.
دعوى شهر الإعسار
دعوى الإعسار : هي عبارة عن دعوى يرفعها أحد الدائنين على المدين المعسر أو يطلبها المدين نفسه وقد ينتج عن هذه الدعوى حكم بشهر الإعسار. الهدف من دعوى الإعسار : 1. غل يد المدين عن التصرف بأمواله حتى لا يضر بالدائنين. 2. منع أحد الدائنين من أخذ حق الاختصاص على عقارات المدين تمكنه من التقدم على سائر الآخرين.
أ) طرفا دعوى الإعسار.
1. المدعى عليه في دعوى الإعسار " المدين "
/ تعريفه :(( المدين )) هو الذي عليه الوفاء في مواجهة الدائن.
س / ما دليلك كدائن " المدعي " على أن المدين " المدعى عليه " في حالة إعسار قانوني ؟
الجواب :
الدليل أنني عند مطالبة المدين بالدين الحال فتوقف عن دفعه هنا أقوم بتحريك دعوى شهر إعسار، ويمكن تحريك هذه الدعوى بصورة منفردة ولا يتطلب الأمر إجماع الدائنين، كما في حالة دعوى الإفلاس.
2. المدعي في دعوى الإعسار " الدائن "
/ تعريفه :(( الدائن )) هو من له الحق مطالبة المدين بأداء التزامه وله في ذلك مصالح شتى من هذه المصالح : • الخشية من قيام المدين بتبديد أمواله أو إخفائها أو التصرف فيها للإضرار بحقوق دائنيه. • الخشية من أن يبادر الدائنون الآخرون إلى أخذ اختصاص على عقارات المدين. • قطع الطريق على المدين المعسر في شهر إعساره بسوء نية حتى يفوت على دائنيه الحصول على أمواله.
ب) إجراءات دعوى الإعسار /
1. السرعة في نظر الدعوى : مبدئياً لا بد أن نعلم أن المحكمة المختصة بدعوى الإعسار هي المحكمة الابتدائية في النظم الوضعية ويقابلها المحكمة الشرعية في النظام السعودي وذلك طبقاً لنص (م 231 / 1 من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية) بشرط أن ترفع دعوى الإعسار في موطن المدين " وهذا يعتبر اختصاص مكاني " وذلك طبقاً لنص (م 34 م ش) ولا بد من نظر دعوى الإعسار بصفة عاجلة فتقدم على غيرها من الدعاوى العادية وذلك طبقاً لنص (م 233 م ش) ـ والهدف من السرعة : حتى لا يلجأ المدين إلى تهريب أمواله بصورة غير مشروعة وذلك طبق (م 208 م ش) ـ ومادامت الدعوى عاجلة فلا يقبل فيها طلب التأجيل إلا عند الضرورة ويكون التأجيل يسيراً والحكم في دعوى الإعسار إذا صدر غيابياً في غيبة " المدعى عليه " بالقبول أو الرفض يكون هذا الحكم قابلاً للاعتراض " التمييز " ولكن موعد التمييز (ثلاثون يوماً)وذلك طبق (م 178 م ش) من تاريخ إعلان الحكم الغيابي. 2. طبيعة الحكم الصادر بشهر الإعسار والعلانية التي نظمها : الحكم الصادر بشهر الإعسار منشئ لحالة قانونية جديدة بمعنى نقل المدين إلى حالة جديدة يرتب بموجبها القانون نتائج هامة منها أنه حجة على الكافة والمدين الذي شُهر إعساره يعتبر معسراً لا بالنسبة إلى الدائن الذي رفع دعوى شهر الإعسار فقط بل بالنسبة إلى سائر الدائنين وكذلك بالنسبة إلى الغير حسن النية الذي يتعامل معهم المدين فلا ينفذ تصرفه كما كفل القانون علانية حكم الإعسار، وهناك طريقتين لهذا الإعلان :ـ الطريقة الأولى / طريق قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم بحيث يقوم كاتب المحكمة بفتح سجل خاص مرتب أبجدياً يحتوي على أسماء المعسرين الطريقة الثانية / طريقة قلم كتاب محكمة أكبر من المحكمة التي أصدرت الحكم بحيث ترسل لها صورة من الحكم لتسجيلها والتأشير عليها ويكون الغرض منها تنظيم سجل خاص مركزي وعام يستطيع الباحث إذا رجع إليه أن يعلم بحال المدين في أي موطن.
الآثار التي تترتب على حالة الإعسار
أ) بالنسبة للمدين :
1. غل يد المدين المعسر عن التصرف بأمواله. 2. تعيين حارس على هذه الأموال ويعين المدين نفسه حارساً على أمواله المحجوز عليها إلا إذا اقتضت الضرورة بغير ذلك. 3. حلول الديون المؤجلة التي في ذمة المدين. 4. عدم اعتبار إقرار المدين بدين جديد. 5. عدم جواز الوفاء لأحد الدائنين. 6. قرر المشرع حماية للدائنين توقيع عقوبة التبديد على المدين إذا ارتكب عمل من أعمال الغش أو تعمد الإعسار أو اخفى أمواله أو اصطنع ديون صورية وكان غرضه الإضرار بدائنيه. 7. تعيين نفقة للمدين المحجور عليه" المعسر ".
ب) بالنسبة للدائن :
1. حلول كل ما في ذمة المدين من ديون مؤجلة إذا حكم بشهر الإعسار عليه بحيث يستطيع الدائنون المؤجلة ديونهم من استيفاء حقوقهم في التنفيذ فوراً على أموال المدين. 2. لا يجوز الاحتجاج على الدائنين الذين لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأي اختصاص يقع على عقارات المدين بعد هذا التسجيل 3. لا يحول شهر الإعسار دون اتخاذ الدائنين اجراءات فردية ضد المدين عكس الإفلاس فإن الإجراء الفردي لا يحقق شهر الإفلاس الذي يتطلب إجراء جماعي من الدائنين.
انتهاء حالة الإعسار
أ) كيفية انتهاء حالة الإعسار ؟ تنتهي حالة الإعسار بطريقتين وينتج عنهما آثار واحدة وهي على النحو التالي : الطريقة الأولى : انتهاء حالة الإعسار بحكم قضائي. تنتهي حالة الإعسار بحكم قضائي تصدره المحكمة المختصة (وتكون المحكمة المختصة هي التي يتبعها موطن المدين متى زال السبب الذي شهر من أجله الإعسار ويتحقق ذلك في حالتين : 1. إذا أصبحت ديون المدين لا تزيد على أمواله. 2. إذا قام المدين بوفاء ديونه التي حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر في حلولها. الطريقة الثانية : انتهاء حالة الإعسار بقوة القانون. تنتهي حالة الإعسار بعد انقضاء المدة المقررة في القانون والتي يعود بموجبها المدين للحالة التي كان عليها قبل طلب شهر الإعسار، وهنا تسقط حالة الإعسار حتى ولو كان السبب الذي أشهر الإعسار من أجله ما زال قائماً.
ب) ما يترتب على انتهاء حالة الإعسار. يترتب على انتهاء حالة الإعسار زوال آثاره التي ترتبت على شهره، وينبني على ذلك : 1. استعادة المدين حق التصرف في أمواله بما فيها حالات التصرف في مواجهة دائنيه ويترتب على ذلك انتفاء عقوبة التبديد. 2. لا يترتب على انتهاء حالة الإعسار بقوة القانون حرمان الدائنين من الطعن في تصرفات المدين بإحدى الوسائل الأخرى " وسائل حماية الضمان العام ". 3. يجوز للمدين بعد انتهاء حالة الإعسار أن يطلب تفعيل الآجال الخاصة بالديون المؤجلة بشرط أن يكون قد وفى ديونه التي حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر في حلولها.
27 أغسطس 2011
الأصول الفنية في صياغة المذكرات القانونية
المقدمة
إن المذكرات القانونية شانها شأن أى بحث علمي تستلزم لإعدادها إتباع منهج علمي يسير على هداه الباحث عند تصديه لموضوع قانونى ،فإذا ما افتقد الباحث فى إعداده ف لمذكرته القانونية هذا المنهج جاءت أفكاره مشوشةوأسبابه غير واضحة ، وقد يؤدى ذلك إلى عدم استقامة نتائجه مع مقدماته، وعدم وضوح ماتساند إليه من أسباب قد يؤدى – فى الغالب الأعم إلى عدم استجابة من تقدم إليهالمذكرة –محكمة، سلطة ما ....... الخ.....- إلى ما انتهت إليه المذكرة من طلبات .
فالمنهج العلمى فى صياغة المذكرات القانونية هو أسلوب أو طريقة منهجية فنيةللمعرفة ونقلها إلى الغير ، وهو أسلوب أو طريقة تختلف عن التفكير العادي ، من حيث كونها تعتمد على منهج معين فى بحث وقائع الموضوع الذى يتصدى له الباحث ، وتحديدالعلاقة بين مفردات تلك الوقائع وما قد يكون هناك من أدلة وأسانيد ومستندات ،وتفسيرها وتحليلها للوقوف على حقيقتها وأهدافها ومراميها بشكل دقيق ثم الوصول إلى نتائج منطقية تؤدى إليها تلك المقدمات والأسباب.
ويتعين على الباحث بداءة أن يبدأ دراسته لا ليبرهن على شئ يعتنقه وإنما ليكشف الحقيقة دون أن تلعب به الأهواءأو توجهه الميول – وهو ما يطلق عليه حياد الباحث – ولكن عندما يصل من بحث الوقائع والمستندات إلى أن الموضوع الذى يكتب من أجله مذكرته أصبح محل قناعته فهنا يتعين عليه الانحياز إلى ما وصل إليه من رأى وقناعة مدافعا عنها بفطنة ويقظة ، أخذاً فى إعتباره عدم افتراض جهل خصمه .
أولا : الصفات الواجب توافرها فى الباحث :
وهناك بعض الصفات العامة التى يجب على الباحث القانونى أن يتمتع بها ، وأن يجاهد نفسه على استكمال ما نقص لديه منها وتنمية ما هو متوافر فيه، وهذا من الأمور المنطقية التى تسبق البحث وتلزم لوجوده كى يستقيم ويسير فى الاتجاه الصحيح نحو غايته ، وتتمثل أهم تلك الصفات فيما يلى :-
1- القدرة على التحليل والاستنباط والقياس من خلال أعمال العقل والمنطق وتتكون تلك الملكة من كثرةالإطلاع على القوانين والأحكام الصادرة من القضاء العالي (نقض / دستورية عليا / إدارية عليا ) والمؤلفات الفقهية الأكاديمية والعملية – وحضور الجلسات بالمحاكم علىاختلاف أنواعها ودرجاتها ، وذلك كله من الوسائل الضرورية لتكوين وتنمية الثقافةالقانونية علميا وعمليا
2- القدرة على استخلاص النتائج وترتيبها ترتيبا منطقيا يتفق فى تسلسل مؤد إليها – مع وقائع الموضوع والتى يجب على أن تكون واضحة جلية أمام الباحث مع تفنيد كل مشكلة فى موضعها الطبيعي ، وإبراز ما قد يتوافر لديه من أدلةوبراهين ومستندات ، بحيث يمكن تصور أن يصل متلقى البحث من نفسه إلى النتيجة التى انتهى إليها الباحث فى مذكرته.
3- المهارة فى اختيار الألفاظ والتراكيب اللغويةللتعبير عن وجهة نظره وعرض أفكاره، ولا شك أن من أساسيات تكوين وتنمية تلك المهارةالإكثار من القراءات الأدبية والشعرية والمداومة عليها ، وفوق ذلك كله قراءة القرآن الكريم والمواظبة عليه ، بما يمكنه ذلك كله من اختيار الألفاظ الدقيقة التى تعبر عن المعنى المقصود والابتعاد عن غريب الألفاظ ومهجورها وتجنب العبارات الغامضة .
4- عدم الأخذ بآراء الغير وما يطرحونه من أدلة وبراهين ومستندات على أنها و ما تحويه حقائق مسلم بها ، وإنما عليه أن يتناولها بالفحص والتدقيق ، إذ كثيرا ما تكشف الدراسة المتعمقة عن عدم صحة تلك الأدلة أو بطلانها أو وجود أدلة وقرائن مضادةتدحضها ، وقد تكون بعض المستندات مزورة كلية أو فى جانب منها ، أو مستخدمه فى غيرما أعدت له .
5- عدم التسرع فى إصدار الأحكام والأراء إلا إذا امتلك الدليل والبرهان على ما يعتقد بصحته أو يوقن بخطئه ، موقنا فى قرارة نفسه بأن ما يقوله صواب يحتمل الخطأ ، وإن ما يقوله خصمه خطأ يحتمل الصواب ، فعليه إذا أن يؤهل نفسه بالدراسة والتدقيق لأن يكون قوله هو الصواب ، وأن يمحص قول غيره عساه يتبين نواحي الخطأ فيه ليستثمره فى مذكرته مقيما الدليل عليه.
6- ألا يكتفي بمعرفة جزئية أودليل فردى أو منقوص ، وإنما عليه أن يناول موضوعه بكافة جوانبه ومناقشة كافة الأدلةدون اجتزاء توصلا إلى رؤية واضحة و جلية تمكنه من امتلاك ناصية الصواب فى بحثه .
7- مراعاة الدقة فى توثيق مصادره ومستنداته وأدلته ومجليا لها فى مذكرته بحيث يتمكن المتلقي لها من التعرف عليها والاستيثاق من صحتها .
8- مراعاة أن تكون الوقائع والمستندات والأسباب والأسانيد الواقعية والقانونية التى يتساند إليها مؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها فى تسلسل منطقي ، وأن تكون تلك النتيجة مستخلصةاستخلاصا سائغا من تلك المقدمات .
ثانيا : المرحلة السابقة على صياغة المذكرة :
بعد أن بين أهم الصفات العامة التى يجب أن يتحلى بها الباحث بصفة عامة والقانوني بصفة خاصة ، نأتي إلى مرحلة بالغة الأهمية وهى المرحلة السابقة على صياغة المذكرة ، وتبدأ من وقت عرض موضوع ما عليه لإعداد مذكرة أو بحث قانونى بعينه ، وهنا يتعين على الباحث القيام بالاتى :
1- دراسة وقائع الموضوع من كافة جوانبه دراسة متأنية والغوص فى أعماقها بموضوعية وحيادية ، و ما يتعلق بها من أدلةوبراهين ومستندات.
2- الرجوع إلى النصوص القانونية التى تنظم تلك الوقائع وآراء فقهاء القانون بشأنها وعدم الاقتصار على قراءة رأى فقهي واحد ، وأن تكون هذه القراءات فى مؤلفات مشاهير الفقهاء ، ثم المستقر عليه فى أحكام القضاء العالي ( نقض /دستورية عليا /إدارية عليا )، وهذه هى الأسلحة الاستراتيجية الضرورية لأى باحث قانونى .
3- إجراء المناقشات التى يرى ضرورتها مع ذوى الشأن التى تعد المذكرة تحقيقا لصالحهم ، لإستجلاء ما غمض من وقائع أو خفي من مستندات أو أدلة ، وأن يدون ذلك فى ملاحظات جانبية .
4- بعد ذلك لا شك أن الباحث يكون قد تفهم وبعمق موضوعه، وعليه حينئذ ترتيب وقائعه ومستنداته ترتيبا تاريخيا مناسبا لتلك الوقائع، وأن يحاول توقع ما قد يثيره خصمه من دفوع ودفاع مضاد – (مفترضا عدم جهل خصمه أو سذاجته، وواضعا فى اعتباره فطنة من ستقدم إليه المذكرة ) - مهيئاً نفسه للرد على ما قديصار من الخصم أو ممن تقدم إليهم المذكرة 0
وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة الدعوىالقضائية شأنها شأن المذكرة القانونية – وان كانت الأخيرة عادة ما تكون أكثراستفاضة بالنظر لتناولها بالشرح والتفنيد والاستدلال لما قد يوجز فى الصحيفة أوللرد على صحيفة أو مذكرة الخصم أو تقارير الخبراء - وعادة ما تندرج المذكراتالقانونية تحت واحدة أو أكثر مما يلى :-
1- مذكرة بإبداء رأى قانونى
2- مذكرة بطلب مقدم لسلطة عامة مختصة
3- مذكرة مقدمة لمكتب خبراء
4- مذكرة مقدمة عن مدع فى دعوى مدنية
5- مذكرة مقدمة بدفاع متهم فى جنحه
6- مذكرة بدفاع متهم فى جناية أموال عامة
7- مذكرة فى طعن بالنقض عن مطعون ضده
8- صحيفة طعن بالنقض عن طاعن
9- مذكرة فى تحكيم
10ـ غير ذلك((الخ ))
: الإطار العام الذى يتعين أن تشتمل عليه المذكرة من الناحية الشكلية :
�يجب أن تشتمل المذكرة على البيانات الآتية :
1- الجهة التى ستقدم إليها ، فان كانت محكمة يذكر اسم المحكمة ورقم الدائرة .
2- اسم مقدم المذكرة وصفته و ما إذا كان مدع أو مدع عليه .
3- اسم الخصم وصفته وما إذا كان مدع أو مدع عليه .
4- رقم القضية وسنتها والجلسة المحددة لنظرها .
5- وقائع النزاع فى تسلسل منطقي مدعما بالمستندات ان وجدت .
6- تفنيد تلك الوقائع والمستندات ومدلولها .
7- النصوص القانونية ذات الصلة .
8- المستقر عليه فقها وقضاءا فى شأن النصوص القانونية وما قد يكون هناك من سوابق قضائية فى مثل هذه الحالة والتى تدعم وجهة نظر الباحث وطلباته ، مع تحديد تلك المراجع ( رقم الحكم ، وسنته، والمحكمة التى أصدرته، وتاريخ صدوره ) وبالنسبة للمراجع الفقهية (ذكر اسم المرجع، ومؤلفه، وسنة الطبع، ورقم الصفحة أو الصفحات المنقول منها الرأى ).
9- مقتضى إنزال النصوص القانونية والمستقر عليه فقهاوقضاءاً على وقائع النزاع وأسانيده .
10- الطلبات الختامية .
كيف تكتب المذكرة فىصياغة قانونية فنية ؟
للاجا به على هذا السؤال يتعين أن نجيب علىسؤال آخر هو ، لمن ستقدم هذه المذكرة أو لأى محكمة ستقدم ؟ ومن صاحبها ؟
ذلك أنالأمر يختلف اختلافا جذريا فى المذكرات إلى جهات غير قضائية وتلك التى تقدم إلى المحاكم وهذه تختلف فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم المدنية عنها فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم الجنائية على التفصيل الذى سيأتي بعد :
أولا : فى الدعاوى المدنيـــــــــة :
وفيها نفرق بين :
أ – المذكرات التى تقدم من المدعى والمدعى عليه
ب-المحكمة التى ستقدم إليها ودرجاتها ( الابتدائى والاستئناف )
أما الطعن بالنقض فانه يختص بقواعد يجب الالتزام بها فإذا حاد عنها كاتب المذكرة يتعرض للبطلان .
1- المذكرات التى تقدم من المدعى أو المدعى عليه أمام المحاكم الابتدائية ( أولى درجة ) :
وقبل أن نتناول مذكرة المدعى لا بد من التعرض لصحيفة افتتاح الدعوى فهي بمثابة مذكرة يجب أن تتضمن شرحا وافيا لموضوع الدعوى مؤيدا بالمستندات التى يجب أن تنطوى عليها الحافظة التى تشفع بالمذكرة .
وتكون هذه المذكرة جامعة مانعة للدرجة التى قد تغنى عن الكتابة أثناء نظر الدعوى .
وجدير بالذكر أنه يجب إيراد نصوص القانون المنطبقة والاستشهاد بأحكام محكمةالنقض فيما أوردته من وقائع وأن تنزل عليها حكم هذا القانون وتلك الأحكام .
فإذا قدم المدعى عليه مذكرة ، هنا يجب عليه أن يقدم المدعى مذكرة يرد فيهاعلى ما انطوت عليه مذكرة المدعى عليه من مغالطات سواء فى واقع الدعوى أو فى إنزال لحكم القانون عليها وذلك حسب ما ورد بالمذكرة المعنية .
2- مذكرة المدعى عليه :
تبدأ المذكرة بإبداء ما نراه من دفوع قد تكون شكلية مثل الدفع بعدم الاختصاص المحلى أو الدفع، بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ، أو عدم الاختصاص القيمي ...وقد تكون موضوعية مثل الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مع إيراد الدليل على صحة الدفع ، وما إلى ذلك من دفوع حفل بها قانون المرافعات وللبحث فيها مجال آخر ونكتفي هنا بالقول أنه يتعين على المحامى الإلمام بهذه الدفوع والاسترشاد فيما يكتب بنصوص القانون وما هو مقرر فى أحكام محكمة النقض إذا كان النزاع مطروحا أمام القضاء العادي أو أحكام المحكمةالإدارية العليا إذا كان مطروحا أمام القضاء الادارى ... ثم نتناول الرد على ماتضمنته صحيفة الدعوى فى موضوعها أو من حيث التطبيق القانونى، أى إنزال حكم المبادئ القانونية الصحيحة على الواقعة، وشرح ما قد يكون المدعى قد انزلق فيه من تحريف للموضوع وبيان عدم انطباق المبادئ القانونية التى استند إليها المدعى فى صحيفة دعواه أو فى المذكرات التى تقدم بها لاحقا ، وتفنيد الحجج التى تساند إليها وإظهارالوجه الصحيح للحق فى الدعوى .
ب- : المذكرات التى تقدم من المستأنف أو المستأنف ضده فى الاستئنــاف :
لا بد بداءة أن نضع فى الاعتبار أن الاستئناف هو طعن على حكم صادر من محكمة أول درجة لم يرتضيه من صدر ضده الحكم كلياً أو جزئياً ، وقد يكون من صدر ضده الحكم هو المدعى أو المدعى عليه أمام أول درجة .... فهنا يكون كمن لم يرتض هذا الحكم الطعن عليه بالاستئناف .
ا- المستــأنف :
يتعين أن تكون صحيفة الاستئناف مشتملة على جميع المطاعن التى يمكن توجيهها إلى الحكم المستأنف .
فإذا كان المستأنف هوالمدعى أمام محكمة أول درجة فعليه أن يهاجم الحكم لعدم أخذه بالأدلة والمستندات التى سبق طرحها على محكمة أول درجة بالرغم من وضوحها وقطعية دلالتها على الحق الذى رفعت به الدعوى والرد على الحجج التى ساقها المستأنف ضده (المدعى عليه أمام محكمةأول درجة )، ويمكن الاستعانة فى هذا الشأن بما عساه أن يكون قد تناوله فى المذكرات المقدمة الى محكمة أول درجة مع التأكيد على النقاط المهمة فيه أو اعادة شرحها بأسلوب أوضح ويمكن تعزيز وجهة النظر بمزيد من المستندات التى تدحض ما ذهب اليه الحكم المستأنف .
وإذا كان المستأنف هو المدعى عليه أمام محكمة أول درجة فانه يتعين أن تشتمل صحيفة استئنافه على الرد على ما ساقه الحكم المستأنف من أسباب تساند إليها فى قضائه ، وكذا الرد على حجج المدعى فى الدعوى ، وأخص بالذكر ما قدم من مستندات، وفى الجملة الرد على أسباب الحكم وحجج المدعى ( المستأنف ضده) سواءأكانت تلك الحجج قد وردت فى صحيفة دعواه أم فى مذكراته .
ب- المستأنف عليــــــــــه :
يبدأ المستأنف عليه بعرض
موجز لوقائع الدعوى ويمكنه أن يستعين بما أورده الحكم المستأنف فى شأنها وينتقل بعدذلك إلى الدفوع التى يرى إبداؤها ومنها ما هو شكلي مثل الدفع بسقوط الاستئناف
للتقرير به بعد الميعاد أو الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة أوموضوعيا مثل الدفع ببطلان الاستئناف لتحقق سبب من أسبابه .
وينتقل كاتب المذكرة بعد ذلك إلى الرد على صحيفة الاستئناف بأن يتناول كل سبب من الأسباب بالرد عليه بمايدحضه سواء من حيث واقع الدعوى أو ما يكون تردى فيه من مغالطات قانونية .
فبالنسبة لواقع الدعوى فأن المستندات هى القول الفصل فيها وعلى ذلك ينبغي شرحالمستندات التى تؤدى الى تعزيز وجهة نظر المستأنف عليه. وإذا أمكن الاستعانة بمستندات جديدة أو طلب ضم محضر أو قضية فيها ما يعين على توضيح وتعزيز ما دفاعه .
وبالنسبة للمبادئ القانونية فيعاد شرحها مع الإشارة الى ما سبق تناوله أمام محكمة أول درجة والإحالة عليه.... وإبراز حكم النقض المنطبق على واقع الدعوى حتى لوكان وقد سبق إيراده فى المذكرات أمام محكمة أول درجة .
والدفاع عن الحكم المستأنف فيما أورده من أسباب تؤدى الى النتيجة التى انتهى إليها .
وفى كلتاالحالتين أى سواء أكانت المذكرة مقدمة من المستأنف أم المستأنف عليه يجب أن تتعرض لوقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل ودون إطناب يدخل الملل على قارئها .
وأخيراإذا كانت المذكرة ردا على الدعوى أو ردا على مذكرة قدمت فيها فيجب أن يكون الردهادئا مدعما بالمنطق والقانون وأحكام النقض دون التدني إلى ألفاظ التى قد يعتبرهاالخصم إهانة له ... فالاحتكام فى النهاية والغلبة للمنطق السليم وصحيح القانون ...
ثانيا :- فى الدعاوى الجنائيـــــــــــة :-
وفيها يختلف الأمر عما إذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح بدرجتيها (جنح ، جنح مستأنفة ) أم إلى محكمة الجنايات .
ومع ذلك هناك ثوابت لاتحيد عنها فى الأمرين ذلك انه لابد من إبداء الدفوع أولا قبل الخوض فى الموضوع وعلى الأخص الدفوع المتعلقة بالبطلان إذا ما وسعته الدعوى سواء كان البطلان متعلقابالتفتيش أو الإذن به أو شخص من قام به ...الخ ...
ثم التعرض إلى لوقائع الدعوى مستخلصا من المحاضر التى ضبطت فى شأنها دون تحريف أو مغالطة حتى تكسب احترام القاضي، وبعد ذلك الانتقال إلى مناقشة الدليل فى الدعوى وهنا يختلف الأمر عما إذاكانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنايات عنها إذا ما كانت مقدمة إلى محكمة الجنح .
المذكرة المقدمة إلى محكمة الجنايات :
تقدم النيابة العامة قائمة بأدلة الإثبات التى رأت أن فيها الدليل على الاتهام الذى قدمت به المتهم إلى المحاكمة الجنائية .
وهنا يجب علينا أن نناقش هذه الأدلة الدليل تلو الآخر ونستخلص من أوراق الدعوى ما يدحضها وقد نستعين بمستندات نقدمها إلى المحكمة تعزز ما ذهبنا إليه فى دفاعنا وبعدها أو قبلها حسب ظروف الواقعة علينا أن تناقش أركان التهمة أو الاتهامات المنسوبة إلى المتهم وبيان أن التهمة فاقدة لأحدأركانها والتركيز على شرح أهمية الركن الفاقد وعلى سبيل المثال قصد الاستيلاء على مال للدولة مصاحبا لفعل الاستيلاء أو الدليل على حسن النية فى بعض الجرائم ....الخ..
ولا يفوتنا مناقشة أقوال شهود الإثبات وتوضيح ما تناقضوا فيه من وقائع وأن هذا التناقد الحكم ببراءة المتهم وفى النهاية إسقاط أقوال هؤلاء الشهود وإنها بذلك لا تصلح دليلا فى الدعوى ويحسن إن يكون ذلك تحت عنوان بارز هو " مناقشةالأدلة " .
- وختام المذكرة التدليل على البراءة ...ثم الانتهاء إلى طلب ختامي وهوالحكم ببراءة المتهم ...
المذكرة المقدمة الى محكمة الجنح :
لا تختلف كثيرا عن المذكرة السابقة إلا فى أن النيابة العامة لا تقدم قائمة بأدلة الإثبات ولذلك عليك أن نستنبط بأنفسنا هذه الأدلة من محاضر الاستدلال والتحقيقات ، ونتناولها بالتفنيد، وفى هذا لا يختلف الأمر عنه أمام محكمة الجنايات من حيث مناقشة من سمعت أقواله ومناقشة أدلتها، وتختلف كل مذكرة عن الأخرى حسب موضوعا لتهمة وما أحاط بها وإذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح المستأنفة فعلينا مناقشة الحكم المستأنف وبيان أوجه العوار فيه وأخصها الفساد فى الاستدلال وبيان وجها لبطلان التى انطوى عليها ذلك الحكم .
ثالثا : فى مذكرة الطعن بالنقض :
يجب التنويه بداءة إلى أن الطعن بالنقض هو طريق غيرعادى للطعن على الأحكام و لا يترتب على سلوكه وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه سواءأكان الطعن على حكم صادر فى دعوى مدنية أم جنائية ، لأن الطعن بالنقض لا يجوز إلابالنسبة للأحكام النهائية الصادرة من محكمة ثانى درجة أو محكمة الجنايات بالنسبة للأحكام الجنائية وهى أحكام بطبيعتها واجبة النفاذ .
صدر القانون رقم 57لسنة 1959 شاملا أحكام الطعن بالنقض بصفة عامة، وانتظمت المواد من 1 إلى 29 منه حالات الطعن بالنقض فى المواد المدنية والتجارية ثم صدر القانون رقم 13لسنة 1968ونص على إلغاء المواد سالفة الذكر بالنسبة للأحكام الصادرة بعد تاريخ العمل بالقانون المذكور .. وانتظمت نصوص المواد 248 و ما بعدها منه إجراءات وحالات الطعن بالنقض .
ولما كان هذا البحث قاصراً على كيفية كتابة المذكرة التى تقدم إلى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها فإننا نحيل كل ما يتعلق بالإجراءات إلى القانونين سالفى الذكر وهما القانون رقم 57 لسنة 1959 م بالنسبة للمواد الجنائيةوالقانون رقم 13 لسنة 1968 م بالنسبة للمواد المدنية والتجارية ونورد الملاحظات التالية :
1- سبق أن قلنا " ان الطعن على الحكم بطريق النقض لا يترتب عليه وقف تنفيذه" الا أنه يجوز لمحكمة النقض أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتا لحين الفصل فى موضوع الطعن إذا طلب ذلك فى صحيفة الطعن ، وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ( المادة 251 مرافعات ) هذا بالنسبة للمواد المدنية والتجارية....
أما بالنسبة للمواد الجنائية فقد نصت المادة 36 مكرر من القانون رقم 57 لسنة 1959 على وجوب توافر شرطين لوقف التنفيذ هما :
الأول : أن يكون الحكم صادرا بعقوبة مقيدةأو سالبة للحرية أى لا يجوز الطعن بالنقض فى الأحكام التى اقتصرت العقوبة فيها علىالغرامة .
الثانى : أن يطلب الطاعن ذلك فى مذكرة أسباب الطعن .
الثالث : وهناك شرط ثالث كان قد أبدى أمام مجلس الشعب أثناء مناقشة المادة 36 ولكن الاقتراح لم يؤخذ به وهو أن يكون الحكم المطعون مرجح الإلغاء ، وبالرغم من ذلك بقى هذا الشرط قائما فى الواقع العملي ذلك لأنه بالنظر الى طبيعة عمل محكمة النقض فان ميعاد وقفالتنفيذ مؤقتا من عدمه يكون بالنظر إلى مدى رجحان إلغاء الحكم المطعون فيه .ولهذاشاع فى المذكرات التى يتقدم بها المحامون للطعن بالنقض أن يقرنوا هذا الشرط بطلب وقف التنفيذ ويقيمون الدليل عليه استخلاصا من أوجه الطعن المقدمة فى المذكرةوانتهاءا إلى انه بذلك يضحى الحكم المطعون مرجح الإلغاء .
2- يجب أن توقع المذكرة من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض وأن تكون صحيفة الطعن مشتملة على كافة أسباب الطعن ، وان تقدم فى الميعاد المنصوص عليه إذ لا يجوز إبداء أسباب جديدة بعد انقضاء هذا الميعاد (57 لسنة 1959) .
3- لا يقبل الطعن إلا فى الأحكام النهائية الصادرة من محاكم الدرجة الثانية أى لا يجوز الطعن بالنقض بالنسبة للموادالجنائية الا فى الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الدرجة الثانية أى لا يجوزالطعن بالنقض بالنسبة للمواد الجنائية فى الأحكام الغيابية أو الصادرة حضوريااعتباريا، والعبرة فى الأخيرة بحقيقة الواقع وليس بوصف المحكمة للحكم، فإذا كانتالمحكمة قد وصفت الحكم بأنه حضوريا فى حين أن الثابت من محاضر الجلسات أن المتهم قدحضر الجلسة الأولى فقط ولم يبد ثمة دفاع فتأجل نظر الدعوى ولم يحضر المتهم فان قضاءالمحكمة فى الدعوى يكون فى حقيقته حضوريا اعتباريا بغض النظر عن وصف المحكمة له - فإذا لم يستعمل المتهم حقه فى الطعن على الحكم بالمعارضة فانه لا يحق له من بعدالطعن بالنقض...
4- فى حالات الطعن فى المواد المدنية والتجارية يجب على الطاعن إيداع كفالة طبقا لنص المادة 254 مرافعات وإيداع صور من صحيفة الطعن طبقا للمادة 255 المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 ،218 لسنة 1980 م..
وللمطعون ضده أن يقدم مذكرة بدفاعه وفقا لما جرى به نص المادة 258 مرافعات وللطاعن الرد عليه طبقاللفقرة الثالثة من نفس المادة .
5- القاعدة الأساسية أن النقض إنما بحكم الحكم أى تنظر محكمة النقض فيما إذا كان الحكم المطعون فيه قد التزم القانون فهماوتطبيقا ولم يخرج عن واقع الدعوى المطروحة مع مراعاة الإجراءات التى نص عليهاالقانون وترتيبا على ذلك فان مذكرة الطعن بالنقض يجب أن تنصب على ما سطره الحكم المطعون عليه من أسباب .
نعود إلى كيفية كتابة المذكرة:
أ�- في الموادالمدنية والتجارية.
تبدأ المذكرة فى سرد وقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل بداً من صحيفة الاستئناف وأسبابه والحكم فيه مع عرض ملخص لما قدمه الطرفان من مستندات .
إن الطعن بالنقض يجب أن ينصب على الحكم الصادر فى الاستئناف دون الحكم الأبتدائى إلا فيما أحال به الأول على الأخير، فهنا يصبح الحكم الابتدائى جزءا من الحكم الاستئنافى فيما إحالة هذا الأخير عليه ويكون بذلك محلاً للطعن فتوجه إليه المطاعن فيما إنزلق إليه من بطلان وخلافه .
وعندما يكون وجه الطعن موجها إلى الحكم الابتدائى فيما أصابه من بطلان نقول " أنه لما كان الحكم المطعون فيه (الحكم الاستئنافى) قد أيد الحكم الابتدائى فقد استطال إليه البطلان بما يستوجب نقضه"
وإذا كانت المذكرة من المطعون ضده فانه بعد إيراد الواقعة فى إيجاز نتناول مذكرة الطعن المقدمة من الطاعن وتفنيد كل ما جاء بها مع الدفاع عن الحكم المطعون فيه وبيان موافقته لصحيح القانون والواقع .
ب- في المواد الجنائية:
-
نفس القاعدة وهو أن الطعن يوجه إلى الحكم الصادر من محكمة الدرجة الثانية وذلك فى موادالجنح ولكن بل غالباً مع تساند الحكم الاستئنافى إلى الحكم المستأنف ويحيل عليه دون أسباب جديدة وهنا تكون أسباب الطعن متعلقة بما شاب الحكم الابتدائى من أوجه بطلان استطالت إلى الحكم الاستئنافى ( المطعون فيه) الذي أيده .
- وهنا يجب التنويه إلى أمر هام وهو انه إذا كان المتهم مفرجاً عنه فإن عليه أن يقدم نفسه لمحكمة النقض قبل نظر الدعوى ويكفى أن يقدم نفسه فى اليوم المحدد لنظر الدعوى وقبل انعقاد الجلسة .
وآيا ما كان الأمر فانه ينبغي على كاتب المذكرة أن يتحرى أوجه البطلان فى الحكم سواء من حيث الشكل أو الموضوع .
- فبالنسبة للشكل يجب مراقبة تشكيل المحكمة حسبما هو ثابت فى ديباجة الحكم وتحرى هذا التشكيل فيما إذا كان هو نفسهالذى سمع الدعوى وباشر إجراءاتها وقام بالنطق بالحكم وكذا ينبغي مراجعة الإجراءات التى اتبعتها المحكمة وهل أغفلت ما نص عليه القانون مثل فض الإحراز وإعادة التحريز فى مواجهة المتهم والإطلاع على الورقة المزورة واثبات فحواها .. إلى غير ذلك من إجراءات نص القانون على وجوب إتباعها وإغفالها يترتب عليه بطلان الحكم .
إن مذكرة الطعن يجب أن تشتمل على وقائع الدعوى والحكم أو الأحكام التى صدرت فيها ثماوجه الطعن إجمالاً على الحكم الأخير – على ما سبق بيانه ، وبعدها بيان كل وجه على حده واضعا له العنوان الذى يلائمة ومثال ذلك :
حاصل وجه الطعن القصور فىالتسبيب أو مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقة وكذا الخطأ فى الإسناد والفساد فىالاستدلال، ويمكن أن يشتمل العنوان على وجهين أو أكثر.
- ثم تتطرق إلى شرح وجها لطعن مع الاسترشاد بحكم النقض المناسب أو أكثر من حكم .
- ثم إنزال حكمه على ما ورد فى الأسباب وصولاً إلى التقرير ببطلان الحكم .
- وفى النهاية طلب وقفا لتنفيذ وبيان الاسباب التى يمكن الاستناد إليها فى هذا الطلب
الزنا ليس جريمة في القانون المصري الوضعي
هل تصدق هذا ؟
نعم والله أخي الكريم ان الزنا ليس جريمة في قانون العقوبات المصري .
ان الزنا من كبائر الذنوب في شريعة رب العالمين و الزاني لا يخلو من حالتين اما أن يكون بكرا غير متزوج فحده الجلد مائة والتغريب سنة ( مع الخلاف بين العلماء في مسألة التغريب ) وان كان محصنا فحده الرجم حتى الموت
قال تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) آية 2 سورة النور
وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ (
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عام ) رواه البخاري
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: جلس عمر – رضي الله عنه- على المنبر، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد: فإن الله بعث محمداً – صلى الله عليه وسلم- بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها ووعيناها وعقلناها، رجم رسول الله – صلى الله عليه وسلم-،ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أوكان الحبل أو الاعتراف"،وقوله: كان مما أنزل الله آية الرجم، المراد بهذه الآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ) .
هذا حكم الزنا وعقوبته في الشريعة الاسلامية سواء كان الزاني أو الزانية متزوجا أو محصنا فلكل عقوبتها .
فما حكم الزنا وعقوبته في قانون العقوبات المصري ؟
ان من أشهر جرائم الزنا في وقتنا الحاضر التي لم يعاقب عليها القانون تلك التي انتشرت عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة عن ذلك الشاب الممثل والذي قامت احدى الفتيات وأهلها برفع دعوى لاثبات بنوة طفلة هي نتاج علاقة محرمة بينهما وبرغم اقرار الشاب والفتاة بل وأهلها بوجود تلك العلاقة على مرأى ومسمع من العالم كله وأمام القضاء الا أنهما لم يسألا قانونا ولم يعاقب الشاب والفتاة عن تلك الجريمة ألا وهي جريمة الزنا لماذا لأن الفتاة لم تدعي اغتصابها وانما كان الزنا برضاها فلا جريمة في القانون وانما كان الموضوع كله هل هذه الطفلة هي ابنة لهذا الشاب أم لا ؟ ( طيب وأين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر )
ان الزنا في القانون المصري نوعان لا ثالث لهما ولكن ليس كما في الشريعة أولهما زنا المرأة المتزوجة ويثبت بطرق حددها القانون على سبيل الحصر منها حالة التلبس ووجود رجل غريب في منزل الزوج وفي حالة ثبوته لا يتخذ إجراء حيال الزوجة الزانية وشريكها في جريمة الزنا إلا بشكوى صريحة من الزوج ويكون للزوج في أي وقت التنازل عن شكواه وليس للنيابة العامة تحريك الدعوى الا بشكوى من الزوج حتى وان ضبطا متلبسين بالفعل
والنوع الأخر زنا الرجل المتزوج في منزل الزوجية فقط أي أن زنا الزوج خارج منزل الزوجية لا يجرمه القانون المصري.
ولا يتخذ أي إجراء في مواجهة الزوج ومعه شريكته في جريمة الزنا في منزل الزوجية الخاص بالزوج إلا بناء على شكوى صريحة من زوجته ولها أيضا أن تتنازل عن شكواها في أي مرحلة وبالتالي تتوقف الإجراءات القانونية .
واليك نصوص قانون العقوبات المصري في موضوع الزنا :
مادة 267 :-
من واقع انثى بغير رضاها يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة . ( لاحظ بغير رضاها فان كان برضاها فلا جريمة ولا عقوبة )
مادة 273 :-
لا تجوز محاكمة الزانية الا بناء على دعوى زوجها الا انه اذا زنى الزوج فى المسكن المقيم فيه زوجته كالمبين فى المادة 277 لا تسمع دعواه عليها .
مادة 274 :-
المرأة المتزوجة التى ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها ان يقف تنفيذ هذا الحكم برضائة معاشرتها كما كانت .
مادة 275 :-
ويعاق ايضا الزانى بتلك المرأة بنفس العقوبة .
مادة 277 :-
كل زوج زنى فى منزل الزوجية وثبت عليه هذا الامر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور .
مادة 278 :-كل من فعل علانية فعلا فاضجا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه .
مادة 279 :-
يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع امرأة امر مخلا بالحياء ولو فى غير علانية .
ثانيا - أليس تحريم الخمر في شريعتنا الاسلامية أمر مقطوع به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة90
فلماذا أجاز القانون شربها قي بعض الأماكن وأن عاقب على شربها في غيرها ( مع التحفظ على العقوبة أيضا لأنها تخالف حدا من حدود الله )
أنظر كيف يجيز القانون شرب الخمور في الأماكن السياحية حيث نص في المادة 2 من قانون الخمر :
مادة 2
يحظر تقديم أو تناول المشروبات الروحية أو الكحولية أو المخمرة في الأماكن العامة أو المحال العامة ، ويستثني من هذا الحكم.
(أ*)الفنادق والمنشآت السياحية المحددة طبقا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن الفندقية والسياحية .
(ب*)الأندية ذات الطابع السياحي التى يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة طبقا لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة.
فبالله ألا يوجد تعارض هنا بين الشريعة الاسلامية الغراء وذاك القانون الوضعي البغيض
ثالثا : هل تسقط الحقوق في الشريعة بالتقادم أي بمرور زمن معين ؟ وأيضا هل تسقط العقوبة ( الحدود ) في الشريعة بهذا التقادم ؟
-ان الحقوق المقررة في الشريعة الاسلامية لا تسقط بالتقادم، ومن صدرت منه جريمة متعلقة بمال مسلم أو عرضه لا تسقط المطالبة بها بسبب طول الزمن بل الواجب طلب العفو من صاحب الحق أو أداء المال إليه إن كان الحق ماليا لقوله صلى الله عليه وسلم ( من كانت له مظلمة لأحد من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لايكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)رواه البخاري وغيره
-وإن كانت الجريمة متعلقة بحد من الحدود الشرعية كالزنى أو قتل نفس معصومة أو جرحها فالواجب تطبيق ذلك الحد الشرعي ولا يجوز تعطيله ولو هرب الجاني ولجأ إلى البيت الحرام، قال الشيخ الخراشي المالكي في شرحه لمختصر خليل : وإذا لزم الجاني قصاص في نفس أو جرح ثم دخل الحرم فإنه لايؤخر لأجل ذلك ويقام عليه الحد في الحرم لأنه أحق أن تقام فيه حدود الله تعالى-وإن كان الأمر يتعلق بمن يمارس الحرابة بقطع الطريق على الناس بالقتل والإخافة وأخذ الأموال فهذا إن تاب قبل القدرة عليه بأن جاء تائبا من تلقاء نفسه فيسقط عنه حق الله تعالى بالتوبة كما قال (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْيُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم )المائدة:33
-(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌرَحِيمٌ )آل عمران89
قال الإمام ابن كثيرفي تفسيره :
وأماالمحاربون المسلمون فإذا تابوا قبل القدرة عليهم فإنه يسقط عنهم انحتام القتل والصلب وقطع الرجل وهل يسقط قطع اليد أم لا فيه قولان للعلماء وظاهرالآية سقوط الجميع وعليه عمل الصحابة. انتهى
-أما حقوق الآدميين فلا تسقط عن المحارب ولو جاء تائبا قبل القدرة عليه قال ابن قدامة في المغني: فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم سقطت عنهم حدود الله وأخذوا بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح والأموال إلا أن يعفى لهم عنها، لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأبو ثور والأصل في هذا قول الله تعالى: [إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ](المائدة: 34)
-فعلى هذا يسقط عنهم تحتم القتل والصلب والقطع والنفي ويبقى عليهم القصاص في النفس والجراح وغرامة المال والدية لما لا قصاص فيه
-وأما في القانون الوضعي فهناك مدد حددها قانون العقوبات لسقوط الجرائم و العقوبات وتختلف مدة السقوط اذا ما كانت جنحة أو جناية
وفي القانون المدني هناك مايسمى بالتقادم المكسب أي الذي يكسب حقا بمضي مدة وكذا تقادم مسقط أي يسقط حقوقا معينة بمضي مدة محددة خمس سنوات أو أكثر وتختلف باختلاف نوعية الحقوق والدعاوى
-من ذلك مثلا : مادة 187 ( تسقط دعوى استرداد مادفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه فى الاسترداد . وتسقط الدعوى كذلك فى جميع الاحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذى ينشأ فيه هذا الحق
-مادة 180 تسقط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه فى التعويض ، وتسقط الدعوى ، كذلك فى جميع الاحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذى ينشأ فيه هذا الحق
-مادة374 يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات ورد عنها نص خاص فى القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية :
م375 (1) يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولوأقر به المدين ، كأجرة المبانى والأراضى الزراعية ومقابل الحكر ، وكالفوائد والايرادات المترتبة والمهايا والأجور والمعاشات .(2) ولا يسقط الريع المستحق فى ذمة الحائز سئ النية ، ولا الريع الواجب على ناظر الوقف أداؤه للمستحقين الا بانقضاء خمس عشرة سنةم376 تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين ، على ان تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما ادوه من عمل من اعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات
رابعا- في الاسلام لا يجوز للدائن أن يأخذ أكثر من الدين المستحق له على المدين حتى لو تأخر المدين عن ميعاد الوفاء لأن ذلك من الربا والله عز وجل حرم الربا-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران130 والآيات كثيرة في كتاب ربنا في تحريم الربا
-بل وندب الاسلام الى انظار المعسر وذلك بعد آيات تحريم الربا مباشرة قال تعالى {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }البقرة280-
أما في القانون المدني المصري فقد أجاز أخذ فوائد تأخير اذا تأخر المدين عن السداد في الوقت المحدد
مادة 226 :
اذا كان محل الألتزام مبلغا من المال وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به , كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها اربعة فى المائه فى المسائل المدنية وخمسة فى المائة فى المسائل التجارية . وتسرى الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها , ان لم يحدد الأتفاق او العرف التجارى تاريخا اخر لسريانها وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره .
وهذا الأمر أي فوائد التأخير معمول بها في جميع القوانين المصرية تقريبا .
وهذه أمثلة بسيطة للتدليل على التعارض الشديد بين القانون الوضعي وشريعة رب العالمين والا فالموضوع طويل والأمثلة كثيرة جدا تكاد تغطي جميع فروع القانون لواستطردنا في ذكرها .
لكن هذا الرجل و حتى يقفل الباب على من يسأله عن الحدود وتطبيقها قال بأننا في عصر شبهة ولا يجوز تطبيق الحدود في مثل هذا العصر
ولا أدري من أين له بهذا الكلام فعن أي شبهة يتحدث وهل السرقة والزنا وشرب الخمر والقتل وغيرها من جرائم الحدود اذا ثبت ارتكابها من فاعلها ما الذي يمنع من اقامة حكم الله عليه ؟ وما الشبهة عند من يزني ويشرب الخمر ويقتل أوكان محاربا للمسلمين ؟
ان اقامة الحدود تطهير لمرتكب الكبيرة من ذنبه وردع لضعاف النفوس من ارتكاب الموبقات المهلكات
فان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن
ان الأمر يكون شبهة لو كان هناك خلاف بين أهل العلم في حرمته من عدمها . أو لم تقم الأدلة على ارتكاب الفاعل ولم يعترف ( ادرأوا الحدود بالشبهات ) . كما وأن العقوبات المقررة في قانون العقوبات الوضعي لا تقوم أبدا مقام الحدود المقررة في الشريعة وليست رادعة فأغلبها اما حبس أوسجن مهما طالت مدته فهو غير رادع لمن تسول له نفسه الاقدام على الجريمة هذا بالاضافة الى أن العقوبة المقررة في الشريعة منزلة من عند رب العالمين الذي خلق النفس البشرية ويعلم سبحانه ما يردعها ويزجرها ويكفي أن يستقر في نفس مرتكب الجريمة أن تلك عقوبة الرب سبحانه في الدنيا على ما جنت يداه ناهيك عن أن تفويت اقامة الحد الشرعي وتطبيق العقوبة المقررة في القانون الوضعي تفوت على العبد المسلم الذي ضعفت نفسه وارتكب الفعل المجرم شرعا تفوت عليه تطهيره من هذا الذنب في الدنيا قبل الآخرة .
جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعي
جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعي
اعتبرت الشريعة الغراء جريمة الزنا من أبشع الجرائم التي تقع مساساً بكيان الأسرة التي هي المرتكز الأساسي للمجتمع ، وبالتالي رتبت علي من يقترفها الحد الصارم وهو رجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت وللبكر الجلد والتغريب عن بلده ردعاً وزجراً له ولكل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الشانعة .
وقد نحت القوانين الوضعية الغربية ومن نقل عنها من بعض البلدان الإسلامية منحى أباح الزنا في صور معينة ولم يرتبوا علية أي عقاب باعتباره من الأمور الخاصة التي لأتمس مصالح المجتمع واعتبروا التراضي به مانعاً للعقاب عليه ، وحصره في صور أخرى مما أدي إلي تفكك الأسرة وانتشار أبناء الزنا وإحجام الناس عن الزواج لأنهم يستطيعون قضاء وتفريغ شهواتهم بعيداً عن مؤسسة الأسرة.
الزنا في الشريعة الإسلامية
وفي البداية نريد التعرف علي جريمة الزنا أركانها والعقوبة المترتبة في حق من يقارفها .
عرف فقهاء الشريعة الزنا على أكثر من أربعة مذاهب منها
1ـ المالكية:ـ بأنه وطء مكلف فرج أدمي لا ملك له فيه باتفاق تعمداً.
2ـالاحناف :ـ انه وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك أو شبهة الملك.
3ـ الشافعية:ـ بأنه إيلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال من الشبهة مشتهي طبعاً .
4ـ الحنابلة :ـ فعل الفاحشة في قبل أو دبر .
ومن الملاحظ أن الفقهاء يختلفون في وضع تعريف جامع للزنا ولكنهم يتفقون في انه الوطء المحرم المتعمد.
ومنه يستفاد أن جريمة الزنا تقوم علي ركنيين هما:ـ
1ـ الركن المادي ( الوطء المحرم) .
2ـ الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) .
أولا :ـ الركن المادي( الوطء المحرم )
ويعتبر الوطء محرما ً، إذا كان في الفرج ، بحيث يكون الذكر في الفرج كالميل في المكحلة ويكفي لاعتبار الوطء زنا تغيب الحشفة (أو مثلها) على الأقل في الفرج .
القاعدة العامة هي أن الوطء المحرم المعتبر زنا هو ما كان في غير ملك (نكاح أو زواج) . وما لم يكن على هذه الصفة فلا يعد زنا يقام به الحد ، كالمفاخذة ( الإيلاج بين الفخذين بعيدا عن الفرج) والعناق والتقبيل والخلوة بالأجنبية والنوم معها في الفراش هذه الأفعال وان عدت من مقدمات الزنا وقد تؤدي إليه إلا أن فاعلها يعزر على ارتكابها ككونها أفعالا محرمة شرعاً وتشكل جرائم تامة وليست شروعاً في زنا .
ويذهب كثير من أهل العلم ( ملك والشافعي وأحمد والزيدية ..) أن الوطء في الدبر كالوطء في القبل يعتبر زنا موجب للحد سواء كان الفعل واقعاً علي ذكر أو أنثى .
وخالفهم في ذلك أبو حنيفة إذ لا يعتبر الوطء في الدبر زنا موجب للحد سواء أكان الموطوء ذكرا أو أنثى وحجتهم إن الإتيان في القبل يسمى زنا أما الإتيان في الدبر يسمى لواطاً فضلا عن أن الزنا يؤدي إلي اختلاف الأنساب وتضييع الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط .
ثانيا الركن المعنوي (تعمد الوطء )
وهو أن يتوفر لدى الزاني أو الزانية نية العمد كأن يعلم الزاني انه يزني بامرأة لا تحل له ، أو أن تمكن الزانية رجلا من نفسها وهي تعلم انه محرم عليها .
ومتى توافر هذان الركنان بلا شبهة وجب إنزال الحد بشروطه .
عقوبة الزنا
العقوبة نوعان :ـ
1ـ عقوبة البكر 2ـ عقوبة المحصن
أولا عقوبة البكر
رتبت الشريعة عقوبتي الجلد والتغريب علي الزاني البكر رجلا ً كان أو امرأة، لقوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) . ودليل التغريب قوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " والجلد كما هو معلوم عقوبة حدية وليست تعزيزا وليس للقاضي منها أو يزيد ولا يوقف تنفيذها كما لا يملك ولي الأمر حيالها العفو أو التعديل ، أما التغريب فمختلف في وجوبها فهي متروكة لولي الأمر.
ثانياً عقوبة المحصن
شددت الشريعة عقوبة المحصن فجعلتها الرجم باتفاق جميع العلماء والجلد اختلفوا فيه بين موجب ومعارض والراجح أن الرسول أمر برجم متعز والغامدية ولم يأمر بجلدهما.
وللمحصن شروط لتوافر عقوبة الرجم بحقه وهي الوطء (الإيلاج في القبل ) في نكاح صحيح والكمال في كل منهما (البلوغ العقل الحرية).
أدلة الإثبات (الشهادة ـ الإقرار القرائن )
وفي الشهادة نصاب خاص استلزمته الشريعة وهي أربعة شهود عدول لقول النبي لهلال بن أمية لما قذف بامرأته شريك بن شحماء ( البينة وإلا حد ظهرك ) وقوله صلى الله عليه وسلم (أربعة شهداء وإلا حد ظهرك ) ، وكذلك في حديثه لسعد بن عبادة .
موانع التنفيذ
يمتنع التنفيذ برجوع المقرر في إقراره أو عدول الشهود بعضهم أو كلهم عن الشهادة أو بطلان أهلية احدهم .
الزنا في القانون الوضعي
من القوانين الوضعية من ترى أن الزنا يعتبر من موجبات الحرية وهو لا يعد جريمة إلا إذا اقترن بعنف فليس كل وطء محرم أو مواقعة زنا .
ومن القوانين من يقصر الزنا علي المواقعة التي تحصل من المتزوجين فقط ولا تعتبر ما يقع من مطلقة أو أعزب زنا ولا عقاب علي المواقعة إلا في حالة اخذ المجني عليها بالعنف أو إذا كان الرضا بالمواقعة معيباً بان كانت المجني عليها اقل من ثمانية عشر عاما ًويكيف الجرم بأنه جنحة بسيطة تستوجب الحبس والغرامة.
أركان جريمة الزنا في القانون المصري
1ـ الركن المادي هو فعل الوطء .
2- و الركن المعنوي هو القصد الجنائي بركنيه العلم والإدارة .
3- أما الركن المفترض هو قيام علاقة الزوجية .
وفي هذا نقل المشرع المصري عن نظيره الفرنسي بشأن جريمة الزنا مع بعض التغيرات حيث كان المشرع الفرنسي في البداية يجرم زنا الزوجة دون الزوج .
ولكن المشرع المصري اعتبر الزنا لا يقع إلا في إطار رابطة الزوجية فقط وبالتالي يخرج من نطاق التجريم الأعزب الزاني والمطلق .
ثم أورد قيدا إجرائيا علي حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية ضد الزوجة الزانية واشترط لذلك تقديم الزوج شكوى بطلب اتخاذ الإجراءات ، ثم أعطي الزوج الحق في التنازل في أية حالة كانت عليها الدعوي ولو بعد صدور حكم نهائي بات ، بينما سلب هذا الحق الزوجة ووقت تنازلها قبل الحكم النهائي . ثم فرق في العقوبة بين الزوجين حيث شددها علي الزوجة دون الزوج .
ثم بدا المشرع الفرنسي يتوسع في نطاق جريمة الزنا ، فبعد أن كانت قاصرة على الزوجةفقط بدا يجرم زنا الزوج ولكن بشروط معينة وهى أن ترتكب الجريمة مرتين على الأقلويكون ذلك في منزل الزوجية أكثر من مرة .
وقد اقتفى المشرع المصري اثر الفرنسي أيضا إذ اشترط منزل الزوجية محلا لجريمة الزنا مفرقا بين زنا الزوج وزنا الزوجة كما في نص المادة (277) عقوبات الخاصة بزنا الزوجة يثبت في أي مكان ترتكب فيه الجريمة، بينما لا يثبت زنا الزوج إلا إذا ارتكب الجريمة في منزل الزوجية، (المادتان 247، 277 - عقوبات). يأتي هذا الحديث بمناسبة عجز القضاء المصري عن إيجاد نص يجرم مسلك ما سمي مؤخرا بقضية الزنا بتبادل الزوجات حيث مثل المتهمون أمام النيابة العامة وبكل بجاحة ادعوا أن عملهم ليس خروجا علي قاعدة قانونية حيث أن كل إعمالهم تمت بالتراضي وبشكل علني من زوجاتهم وبالتالي فلا جريمة !!!!!!!!!
قال تعالي إِنَّالَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْعَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
اعتبرت الشريعة الغراء جريمة الزنا من أبشع الجرائم التي تقع مساساً بكيان الأسرة التي هي المرتكز الأساسي للمجتمع ، وبالتالي رتبت علي من يقترفها الحد الصارم وهو رجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت وللبكر الجلد والتغريب عن بلده ردعاً وزجراً له ولكل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الشانعة .
وقد نحت القوانين الوضعية الغربية ومن نقل عنها من بعض البلدان الإسلامية منحى أباح الزنا في صور معينة ولم يرتبوا علية أي عقاب باعتباره من الأمور الخاصة التي لأتمس مصالح المجتمع واعتبروا التراضي به مانعاً للعقاب عليه ، وحصره في صور أخرى مما أدي إلي تفكك الأسرة وانتشار أبناء الزنا وإحجام الناس عن الزواج لأنهم يستطيعون قضاء وتفريغ شهواتهم بعيداً عن مؤسسة الأسرة.
الزنا في الشريعة الإسلامية
وفي البداية نريد التعرف علي جريمة الزنا أركانها والعقوبة المترتبة في حق من يقارفها .
عرف فقهاء الشريعة الزنا على أكثر من أربعة مذاهب منها
1ـ المالكية:ـ بأنه وطء مكلف فرج أدمي لا ملك له فيه باتفاق تعمداً.
2ـالاحناف :ـ انه وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك أو شبهة الملك.
3ـ الشافعية:ـ بأنه إيلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال من الشبهة مشتهي طبعاً .
4ـ الحنابلة :ـ فعل الفاحشة في قبل أو دبر .
ومن الملاحظ أن الفقهاء يختلفون في وضع تعريف جامع للزنا ولكنهم يتفقون في انه الوطء المحرم المتعمد.
ومنه يستفاد أن جريمة الزنا تقوم علي ركنيين هما:ـ
1ـ الركن المادي ( الوطء المحرم) .
2ـ الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) .
أولا :ـ الركن المادي( الوطء المحرم )
ويعتبر الوطء محرما ً، إذا كان في الفرج ، بحيث يكون الذكر في الفرج كالميل في المكحلة ويكفي لاعتبار الوطء زنا تغيب الحشفة (أو مثلها) على الأقل في الفرج .
القاعدة العامة هي أن الوطء المحرم المعتبر زنا هو ما كان في غير ملك (نكاح أو زواج) . وما لم يكن على هذه الصفة فلا يعد زنا يقام به الحد ، كالمفاخذة ( الإيلاج بين الفخذين بعيدا عن الفرج) والعناق والتقبيل والخلوة بالأجنبية والنوم معها في الفراش هذه الأفعال وان عدت من مقدمات الزنا وقد تؤدي إليه إلا أن فاعلها يعزر على ارتكابها ككونها أفعالا محرمة شرعاً وتشكل جرائم تامة وليست شروعاً في زنا .
ويذهب كثير من أهل العلم ( ملك والشافعي وأحمد والزيدية ..) أن الوطء في الدبر كالوطء في القبل يعتبر زنا موجب للحد سواء كان الفعل واقعاً علي ذكر أو أنثى .
وخالفهم في ذلك أبو حنيفة إذ لا يعتبر الوطء في الدبر زنا موجب للحد سواء أكان الموطوء ذكرا أو أنثى وحجتهم إن الإتيان في القبل يسمى زنا أما الإتيان في الدبر يسمى لواطاً فضلا عن أن الزنا يؤدي إلي اختلاف الأنساب وتضييع الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط .
ثانيا الركن المعنوي (تعمد الوطء )
وهو أن يتوفر لدى الزاني أو الزانية نية العمد كأن يعلم الزاني انه يزني بامرأة لا تحل له ، أو أن تمكن الزانية رجلا من نفسها وهي تعلم انه محرم عليها .
ومتى توافر هذان الركنان بلا شبهة وجب إنزال الحد بشروطه .
عقوبة الزنا
العقوبة نوعان :ـ
1ـ عقوبة البكر 2ـ عقوبة المحصن
أولا عقوبة البكر
رتبت الشريعة عقوبتي الجلد والتغريب علي الزاني البكر رجلا ً كان أو امرأة، لقوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) . ودليل التغريب قوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " والجلد كما هو معلوم عقوبة حدية وليست تعزيزا وليس للقاضي منها أو يزيد ولا يوقف تنفيذها كما لا يملك ولي الأمر حيالها العفو أو التعديل ، أما التغريب فمختلف في وجوبها فهي متروكة لولي الأمر.
ثانياً عقوبة المحصن
شددت الشريعة عقوبة المحصن فجعلتها الرجم باتفاق جميع العلماء والجلد اختلفوا فيه بين موجب ومعارض والراجح أن الرسول أمر برجم متعز والغامدية ولم يأمر بجلدهما.
وللمحصن شروط لتوافر عقوبة الرجم بحقه وهي الوطء (الإيلاج في القبل ) في نكاح صحيح والكمال في كل منهما (البلوغ العقل الحرية).
أدلة الإثبات (الشهادة ـ الإقرار القرائن )
وفي الشهادة نصاب خاص استلزمته الشريعة وهي أربعة شهود عدول لقول النبي لهلال بن أمية لما قذف بامرأته شريك بن شحماء ( البينة وإلا حد ظهرك ) وقوله صلى الله عليه وسلم (أربعة شهداء وإلا حد ظهرك ) ، وكذلك في حديثه لسعد بن عبادة .
موانع التنفيذ
يمتنع التنفيذ برجوع المقرر في إقراره أو عدول الشهود بعضهم أو كلهم عن الشهادة أو بطلان أهلية احدهم .
الزنا في القانون الوضعي
من القوانين الوضعية من ترى أن الزنا يعتبر من موجبات الحرية وهو لا يعد جريمة إلا إذا اقترن بعنف فليس كل وطء محرم أو مواقعة زنا .
ومن القوانين من يقصر الزنا علي المواقعة التي تحصل من المتزوجين فقط ولا تعتبر ما يقع من مطلقة أو أعزب زنا ولا عقاب علي المواقعة إلا في حالة اخذ المجني عليها بالعنف أو إذا كان الرضا بالمواقعة معيباً بان كانت المجني عليها اقل من ثمانية عشر عاما ًويكيف الجرم بأنه جنحة بسيطة تستوجب الحبس والغرامة.
أركان جريمة الزنا في القانون المصري
1ـ الركن المادي هو فعل الوطء .
2- و الركن المعنوي هو القصد الجنائي بركنيه العلم والإدارة .
3- أما الركن المفترض هو قيام علاقة الزوجية .
وفي هذا نقل المشرع المصري عن نظيره الفرنسي بشأن جريمة الزنا مع بعض التغيرات حيث كان المشرع الفرنسي في البداية يجرم زنا الزوجة دون الزوج .
ولكن المشرع المصري اعتبر الزنا لا يقع إلا في إطار رابطة الزوجية فقط وبالتالي يخرج من نطاق التجريم الأعزب الزاني والمطلق .
ثم أورد قيدا إجرائيا علي حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية ضد الزوجة الزانية واشترط لذلك تقديم الزوج شكوى بطلب اتخاذ الإجراءات ، ثم أعطي الزوج الحق في التنازل في أية حالة كانت عليها الدعوي ولو بعد صدور حكم نهائي بات ، بينما سلب هذا الحق الزوجة ووقت تنازلها قبل الحكم النهائي . ثم فرق في العقوبة بين الزوجين حيث شددها علي الزوجة دون الزوج .
ثم بدا المشرع الفرنسي يتوسع في نطاق جريمة الزنا ، فبعد أن كانت قاصرة على الزوجةفقط بدا يجرم زنا الزوج ولكن بشروط معينة وهى أن ترتكب الجريمة مرتين على الأقلويكون ذلك في منزل الزوجية أكثر من مرة .
وقد اقتفى المشرع المصري اثر الفرنسي أيضا إذ اشترط منزل الزوجية محلا لجريمة الزنا مفرقا بين زنا الزوج وزنا الزوجة كما في نص المادة (277) عقوبات الخاصة بزنا الزوجة يثبت في أي مكان ترتكب فيه الجريمة، بينما لا يثبت زنا الزوج إلا إذا ارتكب الجريمة في منزل الزوجية، (المادتان 247، 277 - عقوبات). يأتي هذا الحديث بمناسبة عجز القضاء المصري عن إيجاد نص يجرم مسلك ما سمي مؤخرا بقضية الزنا بتبادل الزوجات حيث مثل المتهمون أمام النيابة العامة وبكل بجاحة ادعوا أن عملهم ليس خروجا علي قاعدة قانونية حيث أن كل إعمالهم تمت بالتراضي وبشكل علني من زوجاتهم وبالتالي فلا جريمة !!!!!!!!!
قال تعالي إِنَّالَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْعَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
الارتباط المعنوى في جريمة الزنا مع جريمة أخري
الارتباط المعنوى في جريمة الزنا مع جريمة أخري قد يرتكب فعل الزنا في مكان عام * أو يرتكب الزوج جريمته في منزل الزوجية بطريقة تجعل الغير من الإمكان رؤيته ومشاهدته * وفى مثل هذين المثلين ترتبط جريمة الزنا بجريمة أخري وهى الفعل الفاضح العلنى * وهذا النوع من الارتباط يسمى بالارتباط المعنوى * فالارتباط المعنوى اذن هو ارتكاب فعل إجرامي واحد يشكل اكثر من جريمتين أو على الاقل جريمتين
وقد أثير الرأي حول مدى أحقية النيابة العامة في اتخاذ الإجراءات القانونية حول الجريمة المرتبطة ارتباطا معنويا بجريمة الزنا والتي لم يعلق القانون تحريكها على شكوى
فذهب البعض إلي انه إذا كانت جريمة الزنا هي الجريمة ذات العقوبة الأشد عن الجريمة المرتبطة معها ارتباطا معنويا او للنيابة العامة تحريك الدعوي العمومية عن الجريمة المرتبطة بالزنا * ولكن لا تملك هذا الحق إذا كانت جريمة الزنا هي الجريمة ذات العقــوبة الأخف (1)
بينما يذهب البعض الآخر من الفقه إلي انه يجوز للنيابة العامة مباشرة إجراءات الدعوى المرتبطة بجريمة الزنا ارتباطا معنويا حتى ولو لم تقدم شكوى من الزوج المجني عليه في جريمة الزنا (2)
وجدير بالذكر أن اكثر الشراح الفرنسيين يؤيدون حق النيابة في تحريك الدعوى العمومية في الجريمة المرتبطة معنويا بجريمة الزنا * أو بمعنى أدق بجريمة معلقة على شكوى دون تقديم هذه الأخيرة من المجني عليه صاحب الشان (3)
وذهبت محكمة النقض في بعض أحكامها إلي انه لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية في هذا الشان طالما لم يصدر من المجني عليه شكوى (4) * بينما ذهبت في بعض أحكامها الأخري بأحقية النيابة في مباشرة هذه الدعاوى (5)
ونحن نرى انه يجب أن يتساوى الارتباط بجميع أنواعه سواء كان ماديا أو معنويا* ففي كلتا الحالتين يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية عن الجريمة المرتبطة ارتباطا ماديا أو معنويا مع جريمة الزنا ولو لم تقدم شكوى من الزوج المحنى عليه في الزنا
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)