مقدمه
تقوم معظم البنوك التجارية بإعداد خزائن تؤجرها لعملائها يضعون فيها ما يشاؤن
و هي عمليه مفيدة للبنك و للعميل فهي لا تكلف البنك كثيرا لان الخزائن توجد في غرف محصنه و غالبا في الأرض تحت مبنى البنك و تأجير خزانة للعميل يدفعه الى الدخول مع البنك في عمليات أخرى .
هو عقد يلتزم البنك بمقتضاه أن يضع في العقار الذي يشغله خزانة حديدية تحت تصرف العميل وحده مقابل أجر يختلف باختلاف حجم الخزانة ومدة انتفاع العميل بها
فان الخدمات التكميلية التي تقدمها المصارف بشكل عام والمصارف الإسلامية بشكل خاص لاجتذاب عملائها خدمة تأجير الخزائن الحديدية حيث يقوم المصرف بوضع خزائن حديدية في صالة محمية ومسلحة تسليحاً جيداً تحت تصرف عملائه لحفظ أشيائهم الثمينة مثل الشهادات العلمية والمجوهرات والأوسمة وأماناتهم النقدية وذلك لضمان سلامتها وعدم سرقتها وذلك بسرية تامة للعميل سواء من حيث التخزين أو من حيث إخراجها دون رقابة عليه من قبل المصرف ، وهذه الخزائن هي عبارة عن صناديق مرقمة لكل منها مفتاحان واحد للمصرف وواحد للعميل ولا يحق للمصرف أن يستخدم المفتاح الذي لديه إلا في حالات الضرورة القصوى كالحريق أو بإذن القضاء للشك بوجود مواد متفجرة تهدد سلامة المصرف أو غيرها من شروط السلامة التي يحددها المصرف في عقد الإيجار الموقع مع العميل ، حيث يعد المصرف مسئولا عن الهلاك أو التلف أو التقصير أو التعدي والتقصير وتحدد مدة الانتفاع حيث تكون لمدة سنة بالغالب على أن يلتزم العميل بدفع الأجرة المتفق عليها مع المصرف بالوقت المحدد وإلا فإن للمصرف منع العميل من الاستفادة من الخزانة الحديدة ومنعه من الدخول و مراجعة القضاء للحصول على إذن لحجز محتويات الخزانة ضماناً لاستيفاء الأجرة .
هذه الخدمة كونها أحد بدائل العمليات المصرفية الربوية ، فالعملاء الذين يرغبون بإيداع أموالهم للحفظ من التلف ، والحماية من السرقة ؛ دون قصد الاستثمار ، وبخاصة إذا كانوا كثيري الحاجة إلى هذه الأموال بحيث تكون تحت تصرفهم كما هو الحال في الحسابات الجارية ، والتي لا تمنح المصارف الربوية - غالباً – عليها فائدة ربوية .
هؤلاء العملاء يمكنهم التحول من إيداع أموالهم في الحسابات الجارية التي تضعها المصارف الربوية في الاستثمار وفي الإقراض بفائدة ، إلى خدمة صناديق الأمانات ، التي تحقق لهم الغاية نفسها ؛ من الحفظ والأمان وسهولة السحب .
وقضية التحول منوطا بالمصارف ، إذ من الواجب عليها تشجيع هذه الخدمة ؛ لاستقطاب عدد كبير من المسلمين الذين يحجمون عن التعامل مع المصارف بدافع شبهة الحرام ، أما إذا قدمت المصارف لهم خدمة مشروعة مأمونة فإن الأمر يتغير ، وهذا الكلام لا يخص المصارف الإسلامية فحسب ، بل ينسحب على المصارف الربوية إذا رغبت في توسيع نطاق الخدمة ويتميز عقد إيجار الخزائن الحديدية عن غيره من عقود المعاملات المصرفية بأنه عقد مستقل بالعميل نفسه . لا يعود للبنك منه أي فائدة تبعية سوى أنه عامل من عوامل اجتذاب العملاء ، وإذا كان البنك يأخذ أجرة على تأجيره الخزائن فإن هذه الأجرة في الغالب لا تتناسب مع تكاليف إنشاء هذه الخزائن ولا مع المسئولية في الحفاظ عليها بعد استئجارها .
أما العميل فله فوائد أهمها ضمان سلامة وحفظ الأشياء التي أودعها في الخزانة الحديدية ، وضمان سريتها والقدرة على الاستمرار في السرية ، بحكم أن مفتاحها بيده وحده ، وأن البنك لا يمكن غيره من فتحها ، بخلاف ما لو كان ذلك في بيته أو متجره ، فإن المحافظة على سريتها والاستمرار على ذلك مما لا يستطيعه في الغالب وسوف أقوم بتفصيل هذا الموضوع في المطالب ألاحقه.
ولعقود إيجار الخزائن الحديدية طابع شخصي يبدو في حرص البنك على اختيار عملائه المستأجرين في أن يكونوا من ذوي المؤهلات الخلقية ممن يعرفون باستقامتهم وحسن معاملاتهم ونزاهة تصرفاتهم في مختلف شئون الحياة من تجارية ومدنية وسياسية ، كل ذلك لتفادي البنك الأضرار التي تنجم ممن هم ليسوا في مستوى أخلاقي صالح للتعامل المدني أو التجاري عند دخولهم قاعة الخزائن و سوف اقوم بتفصيل هذا الموضوع في مطلب مستقل.
و اختلف فقهاء القانون وشرحاه في تخريج عقد إيجار الخزائن الحديدية هل يخرج على أنه وديعة أم على أنه عقد إجارة فمن نظر إلى أن الخزانة وما تحتويه من ممتلكات العميل تعتبر في عهدة البنك وحراسته اعتبر العقد وديعة وأجرى عليه أحكام الوديعة .
ومن نظر إلى أن العميل قد استأجر بالفعل هذه الخزينة من البنك ومكنه من استخدامها استخداما يتمكن به من الحفاظ على سرية ما يضعه فيها وسلامته بأجرة معينة لمدة محدودة اعتبرها من عقود الإجارة . ويذهب البعض إلى القول بأنه عقد ذو طبيعة خاصة يسميه عقد الحراسة ، ولكن مثل هذا الرأي لا يحل الإشكال القائم ، إذ يبقى بيان الآثار الخاصة التي يمكن أن تترتب على هذا العقد الجديد ، والواقع أن في هذا العقد نوعا من الحيازة المشتركة لا تتوافر في عقد الوديعة و قد خصصه لهذا الموضوع مطلب مستقل
المبحث الأول : عقد إجارة الخزائن الحديدية
بعد ان انتهى المشرع الأردني من علاج الودائع المصرفية بنوعيها الودائع النقدية و المستندية انتقل للكلام عن تأجير الخزائن الحديدية و ذلك انه لا يقتصر إيداع لدى المصارف على النقود او الإسناد بل قد يلجئ المودع الى إيداع البضائع و خاصة الثمينة منها كالمجوهرات و المصاغ و الحلي و المستندات السرية و الأوراق الخاصة و سندات الملكية و الأوراق العائلية و غيرها و ذلك بنية ألمحافظه على هذه الأشياء كما قد يهدف من عملية إيداعها الى ضمان عملية فتح الاعتماد فتتحول الوديعة عندئذ الى عملية ثانية هي الرهن و تطبق عليها القواعد القانونية التي تطبق على الرهن (1)
و ان المصارف درجة و منذ زمن طويل على تخصيص خزائن حديديه تضعها عاده في الطوابق الأرضية لمبانيها و تقوم بتأجيرها لعملائها حتى يمكنهم من حفظ أشيائهم الثمينة و ذلك مقابل أجور زهيدة يتقاضها المصرف منهم و مع ذلك فالمصرف يهدف في مثل هذه الخدمات الى إنشاء علاقات مع اكبر عدد من الأشخاص الذين يلجئون إليه في سبيل انجاز معاملاتهم المصرفية الأخرى و من ثم يتحولون الى عملاء لهم (2)
و كما هو بالنسبة لكل من وديعة النقود و وديعة الأوراق المالية فان المشرع الأردني لم يخصص لهذا العقد في قانون التجارة غير ماده واحدة في حين ان المشرع العراقي قد خصص لإجارة الخزائن كما بالنسبة لكل عملية من العمليات المصرفية الأخرى
باستثناء وديعة الأوراق المالية فرع مستقل .
المطلب الأول : تعريف عقد إيجار الخزائن الحديدية
ان عقد ايجارة الخزائن الحديدية كما عرفه القانون هو ( عقد بمقتضاه يلتزم المصرف بان يضع تحت تصرف المودع في المكان الذي يشغله خزانة حديدية مقابل اجر يتناسب مع حجم الخزانة و مدة الانتفاع ).
و قد خصص المشرع الأردني لهذا العقد في القانون التجاري ماده واحدة و هي المادة 117 من القانون التجاري الأردني حيث نص
1- تسري قواعد إجارة الأشياء على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية او في خانات منها
2- و يكون المصرف مسئولا عن سلامة الصناديق المؤجرة
و يقتصر التزام المصرف على حراسة الخزائن الحديدة ضمانا لسلامة الأشياء المودعة فيها و لا يكون له حق الاطلاع على الأشياء المودعة ما لم يشتبه بصفة تلك الأشياء الخطرة او المزعجة .
ويستقل هذا العقد عن العمليات المصرفية الأخرى للمودع لان المصرف لا يستطيع ان يستعمل الأشياء الموجودة في الخزانة في العمليات المصرفية التي يقوم بها و مما تجدر الإشارة إليه هو إن المصرف يتقاضى أجور ضئيلة بدلا" عن إيداع الأشياء المختلفة في الخزائن الحديدة .
أما المودع فيستفيد من الاطمئنان على سلامة و سرية الأشياء المودعة بعيدا" عن مخاطر التلف و السرقة و الضياع و ان عقد إجارة الخزائن الحديدة هو عقد رضائي متبادل يخضع للقواعد العامة من حيث وجوب توافر الأهلية الرضا الصحيح لدى الطرفين فلا يملك احدهما تعديل العقد بإرادة منفردة كما انه من عقود المعاوضة التي تتم بمقابل و بالتالي يجب توافر الأهلية الكاملة في العميل الا إذا كان قاصرا" مأذون له في إدارة أمواله و كان العقد داخلا" في هذه الإدارة و يعتبر هذا العقد دائما تجاريا بالنسبة للمصرف اما بالنسبة للمودع فلا يعتبر عقد تجاري بطبيعته بل قد يعتبر تجاري بالتبعية اذا كان المودع تاجرا" و أجري العقد لحاجات تجاريه و مدنيا" بالنسبة للمودع غير التاجر و كما ذكرت ان عقد تأجير الصناديق الحديدية يتسم بالصفة التجارية دائما من جانب المصرف باعتباره من المعاملات المصرفية اما من جانب العميل تختلف باختلاف صفة العميل فان كان تاجرا" اعتبر العقد تجاريا"بالتبعية بالنسبة له و ان كان غير تاجر اعتبر عقد مدني بالنسبة له و هذه الصفة التي يكتسبها العقد تنعكس على طرق إثباته فطالما انه تجاري من جانب المصرف فانه يجوز إثباته بكافة الطرق في مواجهته اما بالنسبة للعميل فان كان تاجرا" و كان الاستئجار لحاجات تجاريه فالأصل حرية الإثبات في المواد التجارية اما ان كان غير تاجر فلا يجوز الإثبات في مواجهته الا بالكتابة في ما اذا زادة القيمة الايجارية عن مائة دينار الا ان العمل يجري على تحرير العقد كتابة و فقآ" لنموذج يكون معد سلفا" من المصرف و يتم دفع الأجرة مقدمة كما يتم دفع تامين من المستأجر للمصرف بدفعة عند نهاية عقد الإيجار للمستأجر و مع ذلك فإذا دعت الحاجة الى وسائل إثبات أخرى فالأصل حرية الإثبات في المواد التجارية على النحو الذي أشرت إلية أنفا"
يثبت هذا العقد عادة بصورة خطية و يتم بتسليم المصرف مفتاح الخزانة الى المودع و يعتبر هذا التسليم دليلا" على إبرام العقد كما يحتفظ المصرف بمفتاح أخر لدية لان الخزانة لا يمكن فتحها بصورة عامة الا بواسطة مفتاحين كما انه بوسع المودع علاوة على ذلك ان يستعمل تركيبا" في الأرقام يكون معلوما" منه فقط (3)
و لا تستلزم عمليات الإيداع في الصندوق او السحب منه تنظيم أي إيصال او إبراء يتعلق بالأشياء المودعة اذ ليس للمصرف ان يطلع عليها ما لم تظهر له أنها خطرة او مزعجة (4)
و كما أشرت سابقا" ان المصرف يعطي العميل مفتاح للصندوق و يبقى الأخر مع المصرف و يحمل كل منهما رقم الصندوق و لا يفتح الصندوق الا باستعمال المفتحين الا ان هناك أنظمة تسمح للمستأجر بالحصول على نسختين من المفتاح و يتضح لنا ان عق أجار الخزائن الحديدية اقرب الى عقد الإيجار لما هو مما هو من عقد الإيداع او من أي عقد أخر من العقود المسماة في القانون الأردني الذي لم ينظم إحكامه كعقد مسماة متميز عن غيرة من العقود المسماة مثلما نظمه قانون التجارة العراقي بعنوان إجارة الخزائن (5)
و لا كنوع خاص من أنواع الإيجار الذي بعد ان بسط المشرع الأردني احكامة بوجه عام في المواد من 658- 710 من القانون المدني تولى بيان أحكام بعض الأنواع الخاصة منه و هي إيجار الأراضي الزراعية و المزارعة و المساقاه و المغارسة و إيجار الوقف في المواد من 711-759 منه مثلما تولى أيضا في بيان أحكام الرهن التجاري في المواد من 60-67 من قانون التجارة الأردني استثناء من الإحكام العامة للرهن المنصوص علية في المواد من 1322-1423 من القانون المدني الأردني و كذلك إحكام كل من الوكالة التجارية و الوكالة بالعمولة في المواد من 80-89 من قانون التجارة الأردني استثناء من إحكام الوكالة المنصوص عليها في المواد من 833-867 من القانون المدني الأردني و بالرغم من تسمية هذا العقد بإجارة الصناديق او الخزائن الحديدية و نص المشرع الأردني على سريان قواعد إجارة الأشياء علية فأنة لا يمكن اعتباره مجرد عقد إجارة او عقد أجار بسيط مثلما لا يمكن اعتباره عقد إيداع او عقد وديعة عادية فقط و سوف أقوم بتفصيل هذا الموضوع في مطلب مستقل .
و العقد في تكوينه كما ذكرت سابقا" يخضع للقواعد العامة التي تحكم العقود فهو كما ذكرت عقد رضائي و هذا يعني انه ينعقد بمجرد توافق الإيجاب مع القبول الا ان ما يحدث عملا" هو توقيع العميل على نموذج عد مسبقا" من المصرف وفق الشروط التي يضعها و من ثم فلا تظهر إرادة العميل ألا بالقبول أو الرفض كما يضفي علية صفة الإذعان و مع ذلك فان هذه الصفة في غير محلها لان استئجار الخزائن الحديدية ليس من ضرورات الحياة التي لا غنى للناس عنها و لذا فمهما كانت شروط المصرف فلا تطفي صفة الإذعان على هذا العقد و بالتالي لا يخضع لإحكام عقد الإذعان (6)
المطلب الثاني : الاعتبار الشخصي في عقد إجارة الخزائن الحديدية
يرى بعض الشراح ان الاعتبار الشخصي للعميل دور في إنشاء عقد ايجارة الخزائن لان المصرف يرفض أحيانا طلبات مقدمه له و يستلزم ان يكون المستأجر من المعروفين لدية او المعرفين إليه بإحدى طرق التعريف المقبولة (7)
في حين يرى البعض الأخر انه ليس كذلك و إنما للمصرف حرية التدقيق في العملاء الذين يطلبون استئجار صناديق حديدية نظرا" لما يجب ان يتوفر في استعمال هذه الصناديق من امن و طمئنينه لدى المستأجرين لها و بالتالي يحرص المصرف على ان لا يتسلل الى مكان هذه الصناديق من تحوم حوله الشبهات او من يشك من خطورته على دخوله الى هذا المكان و الواقع هل المصرف يبرم العقد مع العميل على الاعتبار الشخصي أي يبرم المصرف العقد مع العميل اعتبارا" لشخصه .
هناك رأي انه ليس كذالك و إنما للمصرف حرية التدقيق في العملاء الذين يطلبون استئجار صناديق حديدية نظرا" لما يجب ان تتوافر في استعمال هذه الصناديق من امن و طمئنينه و نرى هنا ان الآراء في هذا القول قد اختلفت ما إذا كان العقد يقوم على الاعتبار الشخصي ام لا و قال بعض الفقهاء ان له الطابع الشخصي و نفى عنه البعض الأخر هذا الطابع و الحقيقة ان الرأي الاول هو الصواب و الأقرب و ان كان يعود للمصرف ان يختار عملائه و يمتنع عن التعاقد مع من لا يتمتعون منهم بصفات حسنة و لكن حق المصرف هذا لا يجعل من العقد عقد يقوم على الاعتبار الشخصي (8)
و يجب على البنك اختيار عملائه المستأجرين في أن يكونوا من ذوي المؤهلات الخلقية ممن يعرفون باستقامتهم وحسن معاملاتهم ونزاهة تصرفاتهم في مختلف شئون الحياة من تجارية ومدنية وسياسية ، كل ذلك لتفادي البنك الأضرار التي تنجم ممن هم ليسوا في مستوى أخلاقي صالح للتعامل المدني أو التجاري عند دخولهم قاعة الخزائن
اما بالنسبة للإثبات فان الأصل ان يثبت العقد بكافة طرق الإثبات ضد البنك لأنه تجاري اما بالنسبة للعميل فيتحدد طريق الإثبات بحسب ما اذا كان تجاريا" او مدنيا" كما ذكرت سابقا" بالنسبة للعميل و بالرغم من وجود دليل كتابي بين الطرفين فأنة يجوز الإثبات بكافة الطرق طبقا" للقواعد العامة في الإثبات التجاري .
و بعد قراءتي بتمعن لعدة من عقود إجارة الخزائن الحديدية و التي أرفق صورة عن عقد احد البنوك أضعه في أخر البحث للاطلاع و الاستفادة , تبين لي انه يوجد في أخر العقد جزء مخصص للشهود و المعرفون على العميل الذي يريد ان يبرم عقد إجارة صندوق حديدي مع البنك و من هذا يتبين لي ان هناك بعض البنوك تعتبر ان العقد يقوم على اعتبار شخصي لان العقد يوجد فيه جزء مخصص للشهود و المعرفون أي الشهود على إبرام العقد و بالتالي هم المعرفون على العميل أي ان العميل تتوافر فيه الطمأنينة و الأمان و هو حسن السيرة و لا يشكل أي خطر على البنك او باقي العملاء و هذا ما يدل على ان المتعارف لدى البنوك هو ان تقوم إجارة الخزائن الحديدية على اعتبار شخصي و هذا هو الصواب في رأيي من اجل الأمان و الطمأنينة على البنك و باقي العملاء
المطلب الثالث : الطبيعة القانونية لعقد إجارة الخزائن الحديدية
اختلف الرأي حول الطبيعة القانونية لعقد إيجار الخزائن الحديدية ما بين اعتبار العقد عقد إيجار بسيط او انه عقد وديعة عادية و لا يمكن اعتباره من إحدى هذه العقود نظرا" لما يتصف به من خصوصيات تميزه عن كل من عقد الإجارة و عقد الإيداع كما يتبين ذلك من الالتزامات المفروضة على طرفيه التي هي ليست بالضبط الالتزامات التي تقع على عاتق المؤجر و عاتق المستأجر و لا التزامات المودع و المودع لدية و لكنة اقرب الى عقد الإيجار مما هو من عقد الإيداع او من أي عقد أخر من العقود المسماة في القانون الأردني الذي لم ينظم احكامة كعقد مسمى متميز عن غيرة من العقود المسماة مثلما نظمه قانون التجارة العراقي بعنوان ( إجارة الخزائن الحديدية ) و لا كنوع خاص من أنواع الإيجار الذي بعد ان بسط المشرع الأردني احكامة بوجه عام في المواد من 658-710 من القانون المدني تولى بيان أحكام بعض الأنواع الخاصة و هي إيجار الأراضي الزراعية و المزارعة و المغارسة و إيجار الوقف في المواد من 711-759 من القانون المدني الأردني مثلما تولى أيضا" بيان أحكام الرهن التجاري في المواد من 60-67 من قانون التجارة الأردني .
و مما لا شك فيه ان عقد إجارة الخزائن الحديدية عقد رضائي من العقود الزمنية و عقود المعاوضة الملزمة للجانبين و لكن اختلاف الآراء في تحديد الطبيعة القانونية لهذا العقد وفقا" لما يلي في الصفحة ألاحقة .
1- هل هو عقد و وديعة
قال بعض الفقهاء ان عقد الإيداع لدى الخزائن الحديدية هو عقد و وديعة لان الغرض الأساسي منه هو حفظ و صيانة الأشياء المودعة حتى و لو لم تكن هذه الأشياء قد وضعت باستلام و تحت تصرف البنك فعقد الوديعة ليس من شانه دائما ان ينقل حيازة الأشياء المودعة الى الوديع كما هو الأمر في عقد الوديعة الفندقية حيث تبقى الأشياء المودعة في الفندق باستلام و حيازة النزيل و كما هو الأمر أيضا في إيداع السيارة لدى الكراج و يدعم أصحاب هذه النظرية رأيهم بالقول ان المودع لا يمكنه ان يصل الى الأشياء المودعة في الخزانة الحديدية الا بواسطة المصرف و هذا ما يجعل العقد قريبا" من عقد الوديعة
2- هل هو عقد إيجار
ذهب فريق ثاني يضم أكثرية رجال و فقهاء القانون الى اعتبار ان هذا العقد هو عقد إيجار باعتبار ان المصرف يلتزم بوضع الصندوق الحديدي تحت تصرف المودع من اجل الانتفاع به بحرية تامة دون ان يكون له حق الاطلاع على الأشياء الموجودة فيه بل يبقى للمودع وحدة ان يعلم مقدار و بيان هذه الأشياء و قد يترك الخزانة الحديدية فارغة دون ان يؤثر ذلك في صحة عقد إيجارها و قد يشترط المودع الايكون للخزانة الا مفتاح واحد فقط حتى يطمئن الى عدم اطلاع المصرف على محتويات الصندوق الحديدي و مثل هذا الشرط يعتبر صحيحا" .
و لقد اعتبر بعض الفقهاء ان هذا العقد هو عقد غير مسمى و لكن الهدف من هذا الاعتبار هو التأكيد على حرية التعاقد و ليس تصنيف هذا العقد و الحقيقة انه مهما اختلفت النظريات حول مفهوم عقد إيجار الصناديق الحديدية يبقى انه عقد متميز عن كل من عقود الوديعة و الإيجار و الحراسة و ان كان اقرب الى عقد الإيجار منه الى سائر العقود الأخرى .
و ان الفائدة من تحديد الطبيعة القانونية للعقد و أهم فائدة هي معرفة طبيعة الحجز الذي يلقيه دائن المودع على محتويات الصندوق الحديدي لأنة اذا كان عقد إيجار الخزائن الحديدية عقد وديعة فانه الحجز على محتوياتها يعتبر حجزا" لدى ثالث لأنة يتم تحت يد المصرف اما اذا كان عقد إيجار فان الحجز على الأشياء الموجودة بداخل الخزائن الحديدية يعتبر حجزا" احتياطيا" او تنفيذيا" لان هذه الأشياء تكون عندئذ في حيازة المودع (9)
فمن نظر إلى أن الخزانة وما تحتويه من ممتلكات العميل تعتبر في عهدة البنك وحراسته اعتبر العقد وديعة وأجرى عليه أحكام الوديعة .
ومن نظر إلى أن العميل قد استأجر بالفعل هذه الخزينة من البنك ومكنه من استخدامها استخداما يتمكن به من الحفاظ على سرية ما يضعه فيها وسلامته بأجرة معينة لمدة محدودة اعتبرها من عقود الإجارة . : إن معرفة ما إذا كان إيجار الخزانة أقرب إلى الوديعة أو هو أقرب إلى الإيجار ، ذلك أيضا موضوع خلاف بين الفقهاء وبين أحكام القضاء ، ويذهب البعض إلى القول بأنه عقد ذو طبيعة خاصة يسميه عقد الحراسة ، ولكن مثل هذا الرأي لا يحل الإشكال القائم ، إذ يبقى بيان الآثار الخاصة التي يمكن أن تترتب على هذا العقد الجديد ، والواقع أن في هذا العقد نوعا من الحيازة المشتركة لا تتوافر في عقد الوديعة ، حيث تكون الحيازة للمودع لديه وحده ولا في عقد الإيجار حيث تكون الحيازة للمستأجر وحده ففي عقد إيجار الخزانة يحوز البنك الخزانة ويحوز العميل ما بداخلها ، فلو أن الخزانة ذاتها ملك للعميل لما كان هناك شك في أن العقد يكون وديعة تماما كمن يودع حقيبة مغلقة لدى شخص آخر لا يعلم ما بداخل الحقيبة ، فملكية البنك للخزانة هي التي تمنع القول بأن العقد عقد وديعة
المبحث الثاني : أثار عقد تأجير الخزائن الحديدية
يهدف العميل من استئجار الخزانة الى ان يتمكن من ان يدخل إليها ويضع فيها اة يخرج منها ما يريد على حريته و دون ان ينكشف سره و ان يكون ما يضعه في أقصى درجات الأمان و للبنك في مقابل ذلك على العميل حقوق و بما ان إجارة الخزائن الحديدية هي من عقود المعاوضة الملزمة للجانبين فإنها ترتب التزامات و حقوق بالنسبة لطرفيها المصرف و العميل .
و لعقد إجارة الخزائن الحديدية آثار تتضح في الالتزامات المتبادلة بين طرفيه ذلك أن عقد إجارة الخزانة الحديدية يلزم البنك لعميله أمورا أهمها ما يلي :
أ - محافظة البنك على الخزانة وحراستها عن الأسباب التي قد تؤدي إلى هلاك ما بها أو تلفه كالحريق والسرقة ونحو ذلك مما في مقدوره دفعه .
ب - تمكين المستأجر من الانتفاع بالخزانة وبذل الجهد في سبيل تأمين رغبة المستأجر في أن يكون انتفاعه بها سريا ، تحقيقا لغرضه من الاستئجار ومن ذلك إيجاد فواصل خاصة بين الخزائن حتى يضمن العميل سرية الاطلاع المنفرد على ما بداخل خزانته .
ج - التحقق من شخصية عميله المستأجر قبل السماح له بدخول صالة الخزائن .
د - احتفاظ البنك بمفتاح آخر يستعمله في حال الاضطرار إلى إنقاذ محتويات الخزانة من حريق أو فيضان أو نحو ذلك .
كما أن العقد يلزم العميل للبنك أمورا أهمها ما يلي :
أ - دفعه الأجرة المتفق عليها في عقد الإجارة واحتفاظه بمفتاح الخزانة ورده عند انقضاء العقد .
ب - في حال فقده مفتاح الخزانة عليه إبلاغ البنك بذلك ؛ ليمنع البنك أي محاولة ممن يجد المفتاح من الدخول إلى صالة الخزائن وفتحه الخزانة .
ج - احترامه للائحة صالة الخزائن وتقيده بمواعيد الزيارة ، وألا يضع في الخزانة ما يهدد سلامة الخزانة أو البنك نفسه
و سوف أقوم بشرح هذه الأمور في مطالب مستقلة أبين فيها التزامات المؤجر و التزامات المستأجر .
المطلب الأول : التزامات المؤجر
يلتزم المصرف التزامين أساسيين في مواجهة العميل الأول تمكينه من الانتفاع بالخزانة والثاني تحقيق الأمان والسرية المطلوبين .
أولا : تمكين العميل من الانتفاع بالخزانة وذلك بتسليمه مفاتيح خزانة بالحجم والنوع المتفق عليه وان هذا الانتفاع حق شخصي محض للعميل بحيث يجب على البنك ان يتحقق من شخصية العميل كلما أراد هذا الدخول الى الخزانة
ثانيا : تحقيق الأمان والرغبة في الأمان تفسر إقدام العميل على استئجار خزانة لدى البنك فهو يعتبرها مكانا أكثر أمانا وحصانة من منزله الخاص البنك نفسه يعلن دائما انه يقدم بطريق تخزين الخزائن أكثر درجات الأمن (10)
يلتزم المصرف بوضع صندوق او خانة أي قسم معين من تحت تصرف العميل المستأجر عن طريق تسليمه مفتاح او مفتاحها وتمكينه من الانتفاع من او فيها طيلة مدة الإجارة تطبيقا لإحكام المادة (661) من القانون المدني الأردني المتضمنة ( المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة ويتحقق تسليمها بتسليم محلها )
وقد فصل قانون التجارة العراقي أحكام هذا الالتزام بنصه في الفقرة واحد من المادة (249) وفي المادة (250) منه على التوالي على انه يسلم مفتاح الخزانة الى المستأجر ويحتفظ المصرف بنظيره ولا يجوز للمصرف أي يأذن بغير المستأجر او من ينوب عنه باستعمال الخزانة (11)
مفتاح الخزانة أي بنسخه منه بوجوب تمكين المصرف من مواجهة أي طارئ كإضاعة المستأجر مفتاحه او قيام حالة من الحالات التي يضطر فيها المصرف الى فتح الخزانة حتى في غياب العميل أما بدر ما قد يهدد محتوياتها من خطر
كما في حالة نشوب حريق في المصرف او بالعكس بدر ما قد تتسبب فيه هذه المحتويات هيا من ضرر بغيرها من الخزائن او ككل وبمن فيه كما في حال الشك بوجود متفجرات في خزانة العميل وكما على المصرف ان يقوم بحفظ الصندوق وضمان سلامته يلتزم المصرف بتمكين المستأجر من قبض المأجور دون مانع يعوق الانتفاع به مع بقائه في يده بقاء متصل حتى ينقضي مدة الإيجار (12)
وهذا يعني ان على المصرف ان لا يعيق تسليم الصندوق للمستأجر بل يسهل له ذلك كما ييسر له سبل الانتفاع به من حيث تنظيم حرية الوصول إليه وإصلاح الصندوق وصيانته وحفظه حتى يبقى دائما صالحا للانتفاع منه على الوجه المذكور في عقد الإيجار فالالتزام بالمحافظة على الصندوق يعتبر نتيجة حتمية للالتزام المصرف بتمكين المستأجر من الانتفاع بالخزانة المؤجرة فلا يكفي التزام المصرف بتسليم المأجور للمستأجر مع ملحقاته بل لا بد من ان يكون بحالة يصلح معها لتحقيق الغرض الذي اعد له ولذا وجب على المصرف صيانة الخزانة والمحافظة عليها من الأخطار التي قد تتعرض لها ولكن هل يمتد التزام المصرف بحفظ الخزانة الى حفظ محتوياتها إننا إذا قلنا لذلك فأننا نحمل المصرف بالتزام لا شأن له به وذلك لان استعمال الخزانة مقصور على المستأجر او نائبه القانوني والذي سوف أتحدث عنه في مبحث مستقل
وعادتا يحاط هذا الاستعمال بالسرية والكتمان الذي دفع المستأجر لطلب الأمان في ظل حماية المصرف فأننا لا نرى تكليف المصرف بحفظ محتويات الخزانة
ان المشرع الأردني قد اكتفى بالنص في الفقرة الثانية من المادة (117) تجاري على ان المصرف يكون سؤلا عن سلامة الصناديق المأجورة وهذه المسئولية تمتد الى الضرر الذي يلحق المستأجر من جراء إخلال المصرف بهذا الالتزام كما لو أهمل في حفظها وصيانتها مما أدى الى تسرب المياه إليها او إتلاف محتوياتها او مما أدى الى سرقة محتوياتها على أي شكل وقعت هذه السرقة بكسر الصندوق نفسه او باستعمال مفاتيح مزودة او بالسماح لشخص بالوصول إليها دون سبب مشروع ومع ذلك فالمسؤولية لا تلحق المصرف اذا أصاب الخزانة ضرر بقوة قاهرة الا ان عبء إثباتها يقع على المصرف (13)
المطلب الثاني : التزامات المستأجر
يهدف العميل من استئجار الخزانة الى ان يتمكن من ان يدخل إليها و يضع فيها او يخرج منها ما يريد على حريته و دون ان ينكشف سره و ان يكون ما يضعه في أقصى درجات الأمان و في المقابل للبنك على العميل حقوق أي التزامات تترتب على هذا العميل .
أولا" دفع الأجرة و يحددها العقد او العرف و لا يجوز تعديلها إثناء العقد الا برضا الطرفين (14)
و الغالب ان تدفع مقدما" عن كل مدة يسري فيها العقد و هي مدة سنة و يدفع معها عند إبرام العقد مبلغ كتأمين عن ألمده التي يتأخر فيها المستأجر عن دفع الأجرة فيكون للبنك ان يخصم منه ما يستحق من أجرة متأخرة اذا كان للمستأجر حساب في البنك فتحصل الأجرة غالبا" بطريق القيد في الحساب مقدما".
فان التزام العميل بدفع الأجرة المتفق عليها في العقد او المحددة في العرف المصرفي وفقا" للإحكام التي نصت عليها المواد من 663-668 من القانون المدني الأردني و خصوصا" المادة 665 المتضمنة استحقاق الأجرة يستفاء المنفعة او بالقدرة على استيفائها و المادة 666 في صحة اشتراط تعجيل الأجرة او تأجيلها او تقسيطها الى إقساط تؤدي في أوقات معينة و مع ملاحظة ما نصت عليه المادة 678 من نفس القانون من ان ( للمؤجر ان يمتنع عن تسليم المأجور حتى يستوفي الأجر المعجل )
إضافة الى ما جرت علية المصارف عادة في إلزام مستأجري خزائنها بتقديم تأمينات ضمانا لأداء ما يستحق عليهم من أجرة (15)
ثانيا" اذا لم يحضر المستأجر في الميعاد المحدد جاز للمصرف ان يطلب من المحكمة الإذن له في فتح الخزانة و إفراغ محتوياتها بحضور من تعينه لذلك و يحرر محضر بالواقعة تذكر فيه محتويات الخزانة و للمحكمة ان تأمر بإيداع المحتويات لدى المصرف او لدى أمين الى ان يتم التنفيذ عليها (16)
ثالثا" و على العميل ان يلتزم بالتقيد في استعمال الصندوق المستأجر او الخزانة المستأجرة بالأحكام القانونية العامة في عقد الايجارة و الإحكام و الاتفاقيات المنصوص عليها في العقد المبرم مع المصرف و التقيد بالمواعيد المحددة و إبراز الهوية الشخصية عند استعمال الخزانة و التوقيع في دفتر خاص .
رابعا" كما يلتزم المستأجر على المحافظة على المأجور فالخزانة أمانة في يده يضمن ما يلحق بها من نقص او تلف او فقدان ناشئ عن تقصيره او تعدية و علية ان يحافظ عليها محافظة الشخص العادي (17)
و إذا أساء المستأجر استعمال الخزانة فان للمصرف الحق في طلب فسخ العقد و بالتعويض ان كان لذلك مقتضى .
خامسا" على المستأجر حفظ المفتاح و رده و في حال فقده علية ان يسرع في إعلام المصرف بذلك حتى يتخذ الإجراءات اللازمة لمنع استعماله بصورة غير مشروعة و عند إنهاء العقد على المودع ان يرد المفتاح الى المصرف و ان يرد الخزانة سالمة كما تلقهى (18)
هذا و ينقضي الحق في إقامة الدعاوي على المصرف المؤجر و على المستأجر التاجر لغايات تجارية باعتبارها دعاوي تجارية بمضي عشر سنوات فقط
في حين ان حق المصرف في إقامة الدعوى على المستأجر او على المستأجر غير التاجر او على التاجر لغايات غير تجارية لا ينقضي كما في الدعاوي المدنية عموما" الا بمرور خمس عشر سنة .
المطلب الثالث :التفويض للغير و الإيجار من الباطن للخزانة
يلاحظ ان الانتفاع بالخزانة المؤجرة هو حق شخصي محض للمستأجر بحيث يجب على البنك ان يتحقق من شخصية العميل كما ذكرت سابقا" في مطلب الاعتبار الشخصي لان من واجب المصرف ان يمنع الغرباء من الدخول الى الخزانة و لكن يثور التساؤل انه قد يوكل العميل شخصا" أخر في استخدام الخزانة و في هذه الحالة يحصل البنك على توقيع الوكيل ليضاهيه بتوقيعه عند دخوله الى الخزانة ليتحقق من شخصيته و ينص العقد المطبوع عادة" انه في حال انتهاء التفويض سواء كان ذلك بسبب عزل الوكيل او وفاة الموكل او لأي سبب أخر و سمح البنك مع ذلك للوكيل بدخول إلى الخزانة فلا مسؤولية علية ما دام انه لم يخطر بانتهاء الوكالة (18)لقد اعتبر القضاء انه في حال وفاة مستأجر الخزانة الحديدية لا يكون المصرف قد ارتكب خطأ اذا سلم مفتاحه الى الورثة المعينين بإقرار من المحكمة و لذا إذا أراد المستأجر ان يعهد للغير بالوصول الى الخزانة فيجب ان يوقع على نموذج من التفويض او الوكالة الموجودة لدى المصرف بل ان مثل هذا الإجراء يغني في كثير من الحالات عن ضرورة وجود ممثل للمصرف بالاشتراك في فتح الخزانة و يبقى تدخل المصرف في حالة الطوارئ فقط (19)
وقد يكون المستأجر عدة أشخاص في عقد واحد و بالتضامن عندئذ يكون لكل واحد منهم منفردا"حق استعمال الخزانة تمكن هذه الصورة المستأجر من الإفلات من ضريبة التركات و ذلك بان يستأجر أب و ابنة مثلا خزانة واحدة فإذا مات احدهما كان للأخران يدعي ملكية محتوياتها و لكن لها متاعب أهمها انه اذا أصيبت المحتويات او سرقة كان من السهل على المصرف ان يدعي حصول الضرر من احد المستأجرين و يتعذر على كل منهما ان يثبت العكس (20)
و لما كان العقد إيجار فالأصل ان يكون للمستأجر ان يؤجر الخزانة من الباطن و لكن البنوك عادة" تمنع الإيجار من الباطن و هنا يأتي دور الاعتبار الشخصي الذي يقوم علية إيجار الخزائن الحديدية لان المصرف يراعي منذ تأجير الخزانة قدر من الحرص و الأمان قد لا تتوافر في مستأجر من الباطن و لكن ذلك لا يمنع المستأجر من ان يضع في الخزانة أشياء مملوكة للغير .
تبدو أهمية هذه الملاحظة اذا أصيبت محتويات الخزانة بضرر فليس للمصرف ان يرد دعوى المستأجر بحجة ان بعض المحتويات مملوكة للغير و أنة لا يسال إلا عن ممتلكات المستأجر .
و لكن قد يقوم المستأجر بتأجير الخزانة من الباطن بالتحايل و ذلك من خلال تعينه وكيلا" عنه في استعمالها و لكن في هذا الحال خطورة على المستأجر من المصرف فاذا سرق المستأجر من الباطن شيء من محتويات الخزانة صعب على المستأجر من المصرف ان يثبت ضد البنك الوكيل الظاهر و هناك خطورة كبيرة على المستأجر من الباطن لان المستأجر الأصلي يعتبر هو الحائز للخزانة و محتوياتها فيصعب على المستأجر من الباطن ان يسترد محتويات الخزانة .
الخاتمة التوصيات
لقد بات واضحا بعد إتمام هذا البحث ان القانون التجاري الأردني خصص مادة واحدة و هي المادة (117) من القانون التجاري الأردني التي عالج فيها احكامة بصورة مقتضبة حيث اقتصر فيها على النص
1- تسري قواعد إجارة الأشياء على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية او في خانات منها
2- ويكون المصرف مسئولا عن سلامة الصناديق المأجورة
في حين ان المشرع العراقي قد خصص لإجارة الخزائن كما بالنسبة لكل عملية من العمليات المصرفية الأخرى
و بالرغم من تسمية هذا العقد إجارة الصناديق او الخزائن و نص المشرع الأردني على سريان قواعد إجارة الأشياء فأنه لا يمكن اعتباره مجرد عقد ايجارة او عقد إيجار بسيط مثلما لا يمكن اعتباره عقد إيداع او عقد وديعة عادية كما ذكرت سابقا بالاستناد الى وصف الأشياء التي توضع في الصناديق الحديدية نظرا لما يتصف به من خصوصيات تمييزه عن كل من عقد الايجارة وعقد الإيداع كما بينت ذلك في الالتزامات المفروضة على الطرفين ولكن ان هذا العقد اقرب الى عقد الايجارة مما هو من عقد الإيداع وحبذا لو نظم المشرع الأردني أحكام هذا العقد مثلما فعل المشرع العراقي بعنوان مستقل ( إجارة الخزائن )
بالإضافة الى ذلك فأن الاعتبار الشخصي للعميل دور في إنشاء عقد ايجارة الخزائن لان المصرف يرفض أحيانا طلبات مقدمة له ويستلزم ان يكون المستأجر من المعروفين لديه او المعرفين إليه بإحدى طرق التعريف المقبولة
فأنه من الواجب على المشرع الأردني بيان إحكام عقد ايجارة الخزائن كما تولى بيان بعض الأنواع الخاصة من العقود مثل إيجار الأراضي الزراعية والمزارعة والمساقاة والمغارسة وإيجار الوقف وإحكام الرهن التجاري وكذلك إحكام كل من الوكالة التجارية والوكالة بالعمولة
فأن مادة واحدة على هذا الموضوع الهام لا تكفي لبيان وتنظيم إحكامه لجميع هذه الأسباب أصبح من الضروري تعديل وتطوير النصوص القانونية التي تساير تطورات الحياة ومنها موضوع ايجارة الخزائن الحديدية حيث أصبح واجبا على المشرع الأردني ان ينظم أحكام هذا الموضوع ولو في فصل مستقل مثلما فعل المشرع العراقي عندما افرد ايجارة الخزائن بإحكام خاصة
وأخيرا فأنني آمل ان أكون قد وفقت ولو بشكل متواضع في طرح الموضوع للبحث حيث ان غايتي من هذا البحث هي طرح الموضوع للبحث والتداول على مستوى المشتغلين بالقانون من قضاة ومحامين ومؤلفين أكثر منه الوصول الى نتائج محددة
تقوم معظم البنوك التجارية بإعداد خزائن تؤجرها لعملائها يضعون فيها ما يشاؤن
و هي عمليه مفيدة للبنك و للعميل فهي لا تكلف البنك كثيرا لان الخزائن توجد في غرف محصنه و غالبا في الأرض تحت مبنى البنك و تأجير خزانة للعميل يدفعه الى الدخول مع البنك في عمليات أخرى .
هو عقد يلتزم البنك بمقتضاه أن يضع في العقار الذي يشغله خزانة حديدية تحت تصرف العميل وحده مقابل أجر يختلف باختلاف حجم الخزانة ومدة انتفاع العميل بها
فان الخدمات التكميلية التي تقدمها المصارف بشكل عام والمصارف الإسلامية بشكل خاص لاجتذاب عملائها خدمة تأجير الخزائن الحديدية حيث يقوم المصرف بوضع خزائن حديدية في صالة محمية ومسلحة تسليحاً جيداً تحت تصرف عملائه لحفظ أشيائهم الثمينة مثل الشهادات العلمية والمجوهرات والأوسمة وأماناتهم النقدية وذلك لضمان سلامتها وعدم سرقتها وذلك بسرية تامة للعميل سواء من حيث التخزين أو من حيث إخراجها دون رقابة عليه من قبل المصرف ، وهذه الخزائن هي عبارة عن صناديق مرقمة لكل منها مفتاحان واحد للمصرف وواحد للعميل ولا يحق للمصرف أن يستخدم المفتاح الذي لديه إلا في حالات الضرورة القصوى كالحريق أو بإذن القضاء للشك بوجود مواد متفجرة تهدد سلامة المصرف أو غيرها من شروط السلامة التي يحددها المصرف في عقد الإيجار الموقع مع العميل ، حيث يعد المصرف مسئولا عن الهلاك أو التلف أو التقصير أو التعدي والتقصير وتحدد مدة الانتفاع حيث تكون لمدة سنة بالغالب على أن يلتزم العميل بدفع الأجرة المتفق عليها مع المصرف بالوقت المحدد وإلا فإن للمصرف منع العميل من الاستفادة من الخزانة الحديدة ومنعه من الدخول و مراجعة القضاء للحصول على إذن لحجز محتويات الخزانة ضماناً لاستيفاء الأجرة .
هذه الخدمة كونها أحد بدائل العمليات المصرفية الربوية ، فالعملاء الذين يرغبون بإيداع أموالهم للحفظ من التلف ، والحماية من السرقة ؛ دون قصد الاستثمار ، وبخاصة إذا كانوا كثيري الحاجة إلى هذه الأموال بحيث تكون تحت تصرفهم كما هو الحال في الحسابات الجارية ، والتي لا تمنح المصارف الربوية - غالباً – عليها فائدة ربوية .
هؤلاء العملاء يمكنهم التحول من إيداع أموالهم في الحسابات الجارية التي تضعها المصارف الربوية في الاستثمار وفي الإقراض بفائدة ، إلى خدمة صناديق الأمانات ، التي تحقق لهم الغاية نفسها ؛ من الحفظ والأمان وسهولة السحب .
وقضية التحول منوطا بالمصارف ، إذ من الواجب عليها تشجيع هذه الخدمة ؛ لاستقطاب عدد كبير من المسلمين الذين يحجمون عن التعامل مع المصارف بدافع شبهة الحرام ، أما إذا قدمت المصارف لهم خدمة مشروعة مأمونة فإن الأمر يتغير ، وهذا الكلام لا يخص المصارف الإسلامية فحسب ، بل ينسحب على المصارف الربوية إذا رغبت في توسيع نطاق الخدمة ويتميز عقد إيجار الخزائن الحديدية عن غيره من عقود المعاملات المصرفية بأنه عقد مستقل بالعميل نفسه . لا يعود للبنك منه أي فائدة تبعية سوى أنه عامل من عوامل اجتذاب العملاء ، وإذا كان البنك يأخذ أجرة على تأجيره الخزائن فإن هذه الأجرة في الغالب لا تتناسب مع تكاليف إنشاء هذه الخزائن ولا مع المسئولية في الحفاظ عليها بعد استئجارها .
أما العميل فله فوائد أهمها ضمان سلامة وحفظ الأشياء التي أودعها في الخزانة الحديدية ، وضمان سريتها والقدرة على الاستمرار في السرية ، بحكم أن مفتاحها بيده وحده ، وأن البنك لا يمكن غيره من فتحها ، بخلاف ما لو كان ذلك في بيته أو متجره ، فإن المحافظة على سريتها والاستمرار على ذلك مما لا يستطيعه في الغالب وسوف أقوم بتفصيل هذا الموضوع في المطالب ألاحقه.
ولعقود إيجار الخزائن الحديدية طابع شخصي يبدو في حرص البنك على اختيار عملائه المستأجرين في أن يكونوا من ذوي المؤهلات الخلقية ممن يعرفون باستقامتهم وحسن معاملاتهم ونزاهة تصرفاتهم في مختلف شئون الحياة من تجارية ومدنية وسياسية ، كل ذلك لتفادي البنك الأضرار التي تنجم ممن هم ليسوا في مستوى أخلاقي صالح للتعامل المدني أو التجاري عند دخولهم قاعة الخزائن و سوف اقوم بتفصيل هذا الموضوع في مطلب مستقل.
و اختلف فقهاء القانون وشرحاه في تخريج عقد إيجار الخزائن الحديدية هل يخرج على أنه وديعة أم على أنه عقد إجارة فمن نظر إلى أن الخزانة وما تحتويه من ممتلكات العميل تعتبر في عهدة البنك وحراسته اعتبر العقد وديعة وأجرى عليه أحكام الوديعة .
ومن نظر إلى أن العميل قد استأجر بالفعل هذه الخزينة من البنك ومكنه من استخدامها استخداما يتمكن به من الحفاظ على سرية ما يضعه فيها وسلامته بأجرة معينة لمدة محدودة اعتبرها من عقود الإجارة . ويذهب البعض إلى القول بأنه عقد ذو طبيعة خاصة يسميه عقد الحراسة ، ولكن مثل هذا الرأي لا يحل الإشكال القائم ، إذ يبقى بيان الآثار الخاصة التي يمكن أن تترتب على هذا العقد الجديد ، والواقع أن في هذا العقد نوعا من الحيازة المشتركة لا تتوافر في عقد الوديعة و قد خصصه لهذا الموضوع مطلب مستقل
المبحث الأول : عقد إجارة الخزائن الحديدية
بعد ان انتهى المشرع الأردني من علاج الودائع المصرفية بنوعيها الودائع النقدية و المستندية انتقل للكلام عن تأجير الخزائن الحديدية و ذلك انه لا يقتصر إيداع لدى المصارف على النقود او الإسناد بل قد يلجئ المودع الى إيداع البضائع و خاصة الثمينة منها كالمجوهرات و المصاغ و الحلي و المستندات السرية و الأوراق الخاصة و سندات الملكية و الأوراق العائلية و غيرها و ذلك بنية ألمحافظه على هذه الأشياء كما قد يهدف من عملية إيداعها الى ضمان عملية فتح الاعتماد فتتحول الوديعة عندئذ الى عملية ثانية هي الرهن و تطبق عليها القواعد القانونية التي تطبق على الرهن (1)
و ان المصارف درجة و منذ زمن طويل على تخصيص خزائن حديديه تضعها عاده في الطوابق الأرضية لمبانيها و تقوم بتأجيرها لعملائها حتى يمكنهم من حفظ أشيائهم الثمينة و ذلك مقابل أجور زهيدة يتقاضها المصرف منهم و مع ذلك فالمصرف يهدف في مثل هذه الخدمات الى إنشاء علاقات مع اكبر عدد من الأشخاص الذين يلجئون إليه في سبيل انجاز معاملاتهم المصرفية الأخرى و من ثم يتحولون الى عملاء لهم (2)
و كما هو بالنسبة لكل من وديعة النقود و وديعة الأوراق المالية فان المشرع الأردني لم يخصص لهذا العقد في قانون التجارة غير ماده واحدة في حين ان المشرع العراقي قد خصص لإجارة الخزائن كما بالنسبة لكل عملية من العمليات المصرفية الأخرى
باستثناء وديعة الأوراق المالية فرع مستقل .
المطلب الأول : تعريف عقد إيجار الخزائن الحديدية
ان عقد ايجارة الخزائن الحديدية كما عرفه القانون هو ( عقد بمقتضاه يلتزم المصرف بان يضع تحت تصرف المودع في المكان الذي يشغله خزانة حديدية مقابل اجر يتناسب مع حجم الخزانة و مدة الانتفاع ).
و قد خصص المشرع الأردني لهذا العقد في القانون التجاري ماده واحدة و هي المادة 117 من القانون التجاري الأردني حيث نص
1- تسري قواعد إجارة الأشياء على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية او في خانات منها
2- و يكون المصرف مسئولا عن سلامة الصناديق المؤجرة
و يقتصر التزام المصرف على حراسة الخزائن الحديدة ضمانا لسلامة الأشياء المودعة فيها و لا يكون له حق الاطلاع على الأشياء المودعة ما لم يشتبه بصفة تلك الأشياء الخطرة او المزعجة .
ويستقل هذا العقد عن العمليات المصرفية الأخرى للمودع لان المصرف لا يستطيع ان يستعمل الأشياء الموجودة في الخزانة في العمليات المصرفية التي يقوم بها و مما تجدر الإشارة إليه هو إن المصرف يتقاضى أجور ضئيلة بدلا" عن إيداع الأشياء المختلفة في الخزائن الحديدة .
أما المودع فيستفيد من الاطمئنان على سلامة و سرية الأشياء المودعة بعيدا" عن مخاطر التلف و السرقة و الضياع و ان عقد إجارة الخزائن الحديدة هو عقد رضائي متبادل يخضع للقواعد العامة من حيث وجوب توافر الأهلية الرضا الصحيح لدى الطرفين فلا يملك احدهما تعديل العقد بإرادة منفردة كما انه من عقود المعاوضة التي تتم بمقابل و بالتالي يجب توافر الأهلية الكاملة في العميل الا إذا كان قاصرا" مأذون له في إدارة أمواله و كان العقد داخلا" في هذه الإدارة و يعتبر هذا العقد دائما تجاريا بالنسبة للمصرف اما بالنسبة للمودع فلا يعتبر عقد تجاري بطبيعته بل قد يعتبر تجاري بالتبعية اذا كان المودع تاجرا" و أجري العقد لحاجات تجاريه و مدنيا" بالنسبة للمودع غير التاجر و كما ذكرت ان عقد تأجير الصناديق الحديدية يتسم بالصفة التجارية دائما من جانب المصرف باعتباره من المعاملات المصرفية اما من جانب العميل تختلف باختلاف صفة العميل فان كان تاجرا" اعتبر العقد تجاريا"بالتبعية بالنسبة له و ان كان غير تاجر اعتبر عقد مدني بالنسبة له و هذه الصفة التي يكتسبها العقد تنعكس على طرق إثباته فطالما انه تجاري من جانب المصرف فانه يجوز إثباته بكافة الطرق في مواجهته اما بالنسبة للعميل فان كان تاجرا" و كان الاستئجار لحاجات تجاريه فالأصل حرية الإثبات في المواد التجارية اما ان كان غير تاجر فلا يجوز الإثبات في مواجهته الا بالكتابة في ما اذا زادة القيمة الايجارية عن مائة دينار الا ان العمل يجري على تحرير العقد كتابة و فقآ" لنموذج يكون معد سلفا" من المصرف و يتم دفع الأجرة مقدمة كما يتم دفع تامين من المستأجر للمصرف بدفعة عند نهاية عقد الإيجار للمستأجر و مع ذلك فإذا دعت الحاجة الى وسائل إثبات أخرى فالأصل حرية الإثبات في المواد التجارية على النحو الذي أشرت إلية أنفا"
يثبت هذا العقد عادة بصورة خطية و يتم بتسليم المصرف مفتاح الخزانة الى المودع و يعتبر هذا التسليم دليلا" على إبرام العقد كما يحتفظ المصرف بمفتاح أخر لدية لان الخزانة لا يمكن فتحها بصورة عامة الا بواسطة مفتاحين كما انه بوسع المودع علاوة على ذلك ان يستعمل تركيبا" في الأرقام يكون معلوما" منه فقط (3)
و لا تستلزم عمليات الإيداع في الصندوق او السحب منه تنظيم أي إيصال او إبراء يتعلق بالأشياء المودعة اذ ليس للمصرف ان يطلع عليها ما لم تظهر له أنها خطرة او مزعجة (4)
و كما أشرت سابقا" ان المصرف يعطي العميل مفتاح للصندوق و يبقى الأخر مع المصرف و يحمل كل منهما رقم الصندوق و لا يفتح الصندوق الا باستعمال المفتحين الا ان هناك أنظمة تسمح للمستأجر بالحصول على نسختين من المفتاح و يتضح لنا ان عق أجار الخزائن الحديدية اقرب الى عقد الإيجار لما هو مما هو من عقد الإيداع او من أي عقد أخر من العقود المسماة في القانون الأردني الذي لم ينظم إحكامه كعقد مسماة متميز عن غيرة من العقود المسماة مثلما نظمه قانون التجارة العراقي بعنوان إجارة الخزائن (5)
و لا كنوع خاص من أنواع الإيجار الذي بعد ان بسط المشرع الأردني احكامة بوجه عام في المواد من 658- 710 من القانون المدني تولى بيان أحكام بعض الأنواع الخاصة منه و هي إيجار الأراضي الزراعية و المزارعة و المساقاه و المغارسة و إيجار الوقف في المواد من 711-759 منه مثلما تولى أيضا في بيان أحكام الرهن التجاري في المواد من 60-67 من قانون التجارة الأردني استثناء من الإحكام العامة للرهن المنصوص علية في المواد من 1322-1423 من القانون المدني الأردني و كذلك إحكام كل من الوكالة التجارية و الوكالة بالعمولة في المواد من 80-89 من قانون التجارة الأردني استثناء من إحكام الوكالة المنصوص عليها في المواد من 833-867 من القانون المدني الأردني و بالرغم من تسمية هذا العقد بإجارة الصناديق او الخزائن الحديدية و نص المشرع الأردني على سريان قواعد إجارة الأشياء علية فأنة لا يمكن اعتباره مجرد عقد إجارة او عقد أجار بسيط مثلما لا يمكن اعتباره عقد إيداع او عقد وديعة عادية فقط و سوف أقوم بتفصيل هذا الموضوع في مطلب مستقل .
و العقد في تكوينه كما ذكرت سابقا" يخضع للقواعد العامة التي تحكم العقود فهو كما ذكرت عقد رضائي و هذا يعني انه ينعقد بمجرد توافق الإيجاب مع القبول الا ان ما يحدث عملا" هو توقيع العميل على نموذج عد مسبقا" من المصرف وفق الشروط التي يضعها و من ثم فلا تظهر إرادة العميل ألا بالقبول أو الرفض كما يضفي علية صفة الإذعان و مع ذلك فان هذه الصفة في غير محلها لان استئجار الخزائن الحديدية ليس من ضرورات الحياة التي لا غنى للناس عنها و لذا فمهما كانت شروط المصرف فلا تطفي صفة الإذعان على هذا العقد و بالتالي لا يخضع لإحكام عقد الإذعان (6)
المطلب الثاني : الاعتبار الشخصي في عقد إجارة الخزائن الحديدية
يرى بعض الشراح ان الاعتبار الشخصي للعميل دور في إنشاء عقد ايجارة الخزائن لان المصرف يرفض أحيانا طلبات مقدمه له و يستلزم ان يكون المستأجر من المعروفين لدية او المعرفين إليه بإحدى طرق التعريف المقبولة (7)
في حين يرى البعض الأخر انه ليس كذلك و إنما للمصرف حرية التدقيق في العملاء الذين يطلبون استئجار صناديق حديدية نظرا" لما يجب ان يتوفر في استعمال هذه الصناديق من امن و طمئنينه لدى المستأجرين لها و بالتالي يحرص المصرف على ان لا يتسلل الى مكان هذه الصناديق من تحوم حوله الشبهات او من يشك من خطورته على دخوله الى هذا المكان و الواقع هل المصرف يبرم العقد مع العميل على الاعتبار الشخصي أي يبرم المصرف العقد مع العميل اعتبارا" لشخصه .
هناك رأي انه ليس كذالك و إنما للمصرف حرية التدقيق في العملاء الذين يطلبون استئجار صناديق حديدية نظرا" لما يجب ان تتوافر في استعمال هذه الصناديق من امن و طمئنينه و نرى هنا ان الآراء في هذا القول قد اختلفت ما إذا كان العقد يقوم على الاعتبار الشخصي ام لا و قال بعض الفقهاء ان له الطابع الشخصي و نفى عنه البعض الأخر هذا الطابع و الحقيقة ان الرأي الاول هو الصواب و الأقرب و ان كان يعود للمصرف ان يختار عملائه و يمتنع عن التعاقد مع من لا يتمتعون منهم بصفات حسنة و لكن حق المصرف هذا لا يجعل من العقد عقد يقوم على الاعتبار الشخصي (8)
و يجب على البنك اختيار عملائه المستأجرين في أن يكونوا من ذوي المؤهلات الخلقية ممن يعرفون باستقامتهم وحسن معاملاتهم ونزاهة تصرفاتهم في مختلف شئون الحياة من تجارية ومدنية وسياسية ، كل ذلك لتفادي البنك الأضرار التي تنجم ممن هم ليسوا في مستوى أخلاقي صالح للتعامل المدني أو التجاري عند دخولهم قاعة الخزائن
اما بالنسبة للإثبات فان الأصل ان يثبت العقد بكافة طرق الإثبات ضد البنك لأنه تجاري اما بالنسبة للعميل فيتحدد طريق الإثبات بحسب ما اذا كان تجاريا" او مدنيا" كما ذكرت سابقا" بالنسبة للعميل و بالرغم من وجود دليل كتابي بين الطرفين فأنة يجوز الإثبات بكافة الطرق طبقا" للقواعد العامة في الإثبات التجاري .
و بعد قراءتي بتمعن لعدة من عقود إجارة الخزائن الحديدية و التي أرفق صورة عن عقد احد البنوك أضعه في أخر البحث للاطلاع و الاستفادة , تبين لي انه يوجد في أخر العقد جزء مخصص للشهود و المعرفون على العميل الذي يريد ان يبرم عقد إجارة صندوق حديدي مع البنك و من هذا يتبين لي ان هناك بعض البنوك تعتبر ان العقد يقوم على اعتبار شخصي لان العقد يوجد فيه جزء مخصص للشهود و المعرفون أي الشهود على إبرام العقد و بالتالي هم المعرفون على العميل أي ان العميل تتوافر فيه الطمأنينة و الأمان و هو حسن السيرة و لا يشكل أي خطر على البنك او باقي العملاء و هذا ما يدل على ان المتعارف لدى البنوك هو ان تقوم إجارة الخزائن الحديدية على اعتبار شخصي و هذا هو الصواب في رأيي من اجل الأمان و الطمأنينة على البنك و باقي العملاء
المطلب الثالث : الطبيعة القانونية لعقد إجارة الخزائن الحديدية
اختلف الرأي حول الطبيعة القانونية لعقد إيجار الخزائن الحديدية ما بين اعتبار العقد عقد إيجار بسيط او انه عقد وديعة عادية و لا يمكن اعتباره من إحدى هذه العقود نظرا" لما يتصف به من خصوصيات تميزه عن كل من عقد الإجارة و عقد الإيداع كما يتبين ذلك من الالتزامات المفروضة على طرفيه التي هي ليست بالضبط الالتزامات التي تقع على عاتق المؤجر و عاتق المستأجر و لا التزامات المودع و المودع لدية و لكنة اقرب الى عقد الإيجار مما هو من عقد الإيداع او من أي عقد أخر من العقود المسماة في القانون الأردني الذي لم ينظم احكامة كعقد مسمى متميز عن غيرة من العقود المسماة مثلما نظمه قانون التجارة العراقي بعنوان ( إجارة الخزائن الحديدية ) و لا كنوع خاص من أنواع الإيجار الذي بعد ان بسط المشرع الأردني احكامة بوجه عام في المواد من 658-710 من القانون المدني تولى بيان أحكام بعض الأنواع الخاصة و هي إيجار الأراضي الزراعية و المزارعة و المغارسة و إيجار الوقف في المواد من 711-759 من القانون المدني الأردني مثلما تولى أيضا" بيان أحكام الرهن التجاري في المواد من 60-67 من قانون التجارة الأردني .
و مما لا شك فيه ان عقد إجارة الخزائن الحديدية عقد رضائي من العقود الزمنية و عقود المعاوضة الملزمة للجانبين و لكن اختلاف الآراء في تحديد الطبيعة القانونية لهذا العقد وفقا" لما يلي في الصفحة ألاحقة .
1- هل هو عقد و وديعة
قال بعض الفقهاء ان عقد الإيداع لدى الخزائن الحديدية هو عقد و وديعة لان الغرض الأساسي منه هو حفظ و صيانة الأشياء المودعة حتى و لو لم تكن هذه الأشياء قد وضعت باستلام و تحت تصرف البنك فعقد الوديعة ليس من شانه دائما ان ينقل حيازة الأشياء المودعة الى الوديع كما هو الأمر في عقد الوديعة الفندقية حيث تبقى الأشياء المودعة في الفندق باستلام و حيازة النزيل و كما هو الأمر أيضا في إيداع السيارة لدى الكراج و يدعم أصحاب هذه النظرية رأيهم بالقول ان المودع لا يمكنه ان يصل الى الأشياء المودعة في الخزانة الحديدية الا بواسطة المصرف و هذا ما يجعل العقد قريبا" من عقد الوديعة
2- هل هو عقد إيجار
ذهب فريق ثاني يضم أكثرية رجال و فقهاء القانون الى اعتبار ان هذا العقد هو عقد إيجار باعتبار ان المصرف يلتزم بوضع الصندوق الحديدي تحت تصرف المودع من اجل الانتفاع به بحرية تامة دون ان يكون له حق الاطلاع على الأشياء الموجودة فيه بل يبقى للمودع وحدة ان يعلم مقدار و بيان هذه الأشياء و قد يترك الخزانة الحديدية فارغة دون ان يؤثر ذلك في صحة عقد إيجارها و قد يشترط المودع الايكون للخزانة الا مفتاح واحد فقط حتى يطمئن الى عدم اطلاع المصرف على محتويات الصندوق الحديدي و مثل هذا الشرط يعتبر صحيحا" .
و لقد اعتبر بعض الفقهاء ان هذا العقد هو عقد غير مسمى و لكن الهدف من هذا الاعتبار هو التأكيد على حرية التعاقد و ليس تصنيف هذا العقد و الحقيقة انه مهما اختلفت النظريات حول مفهوم عقد إيجار الصناديق الحديدية يبقى انه عقد متميز عن كل من عقود الوديعة و الإيجار و الحراسة و ان كان اقرب الى عقد الإيجار منه الى سائر العقود الأخرى .
و ان الفائدة من تحديد الطبيعة القانونية للعقد و أهم فائدة هي معرفة طبيعة الحجز الذي يلقيه دائن المودع على محتويات الصندوق الحديدي لأنة اذا كان عقد إيجار الخزائن الحديدية عقد وديعة فانه الحجز على محتوياتها يعتبر حجزا" لدى ثالث لأنة يتم تحت يد المصرف اما اذا كان عقد إيجار فان الحجز على الأشياء الموجودة بداخل الخزائن الحديدية يعتبر حجزا" احتياطيا" او تنفيذيا" لان هذه الأشياء تكون عندئذ في حيازة المودع (9)
فمن نظر إلى أن الخزانة وما تحتويه من ممتلكات العميل تعتبر في عهدة البنك وحراسته اعتبر العقد وديعة وأجرى عليه أحكام الوديعة .
ومن نظر إلى أن العميل قد استأجر بالفعل هذه الخزينة من البنك ومكنه من استخدامها استخداما يتمكن به من الحفاظ على سرية ما يضعه فيها وسلامته بأجرة معينة لمدة محدودة اعتبرها من عقود الإجارة . : إن معرفة ما إذا كان إيجار الخزانة أقرب إلى الوديعة أو هو أقرب إلى الإيجار ، ذلك أيضا موضوع خلاف بين الفقهاء وبين أحكام القضاء ، ويذهب البعض إلى القول بأنه عقد ذو طبيعة خاصة يسميه عقد الحراسة ، ولكن مثل هذا الرأي لا يحل الإشكال القائم ، إذ يبقى بيان الآثار الخاصة التي يمكن أن تترتب على هذا العقد الجديد ، والواقع أن في هذا العقد نوعا من الحيازة المشتركة لا تتوافر في عقد الوديعة ، حيث تكون الحيازة للمودع لديه وحده ولا في عقد الإيجار حيث تكون الحيازة للمستأجر وحده ففي عقد إيجار الخزانة يحوز البنك الخزانة ويحوز العميل ما بداخلها ، فلو أن الخزانة ذاتها ملك للعميل لما كان هناك شك في أن العقد يكون وديعة تماما كمن يودع حقيبة مغلقة لدى شخص آخر لا يعلم ما بداخل الحقيبة ، فملكية البنك للخزانة هي التي تمنع القول بأن العقد عقد وديعة
المبحث الثاني : أثار عقد تأجير الخزائن الحديدية
يهدف العميل من استئجار الخزانة الى ان يتمكن من ان يدخل إليها ويضع فيها اة يخرج منها ما يريد على حريته و دون ان ينكشف سره و ان يكون ما يضعه في أقصى درجات الأمان و للبنك في مقابل ذلك على العميل حقوق و بما ان إجارة الخزائن الحديدية هي من عقود المعاوضة الملزمة للجانبين فإنها ترتب التزامات و حقوق بالنسبة لطرفيها المصرف و العميل .
و لعقد إجارة الخزائن الحديدية آثار تتضح في الالتزامات المتبادلة بين طرفيه ذلك أن عقد إجارة الخزانة الحديدية يلزم البنك لعميله أمورا أهمها ما يلي :
أ - محافظة البنك على الخزانة وحراستها عن الأسباب التي قد تؤدي إلى هلاك ما بها أو تلفه كالحريق والسرقة ونحو ذلك مما في مقدوره دفعه .
ب - تمكين المستأجر من الانتفاع بالخزانة وبذل الجهد في سبيل تأمين رغبة المستأجر في أن يكون انتفاعه بها سريا ، تحقيقا لغرضه من الاستئجار ومن ذلك إيجاد فواصل خاصة بين الخزائن حتى يضمن العميل سرية الاطلاع المنفرد على ما بداخل خزانته .
ج - التحقق من شخصية عميله المستأجر قبل السماح له بدخول صالة الخزائن .
د - احتفاظ البنك بمفتاح آخر يستعمله في حال الاضطرار إلى إنقاذ محتويات الخزانة من حريق أو فيضان أو نحو ذلك .
كما أن العقد يلزم العميل للبنك أمورا أهمها ما يلي :
أ - دفعه الأجرة المتفق عليها في عقد الإجارة واحتفاظه بمفتاح الخزانة ورده عند انقضاء العقد .
ب - في حال فقده مفتاح الخزانة عليه إبلاغ البنك بذلك ؛ ليمنع البنك أي محاولة ممن يجد المفتاح من الدخول إلى صالة الخزائن وفتحه الخزانة .
ج - احترامه للائحة صالة الخزائن وتقيده بمواعيد الزيارة ، وألا يضع في الخزانة ما يهدد سلامة الخزانة أو البنك نفسه
و سوف أقوم بشرح هذه الأمور في مطالب مستقلة أبين فيها التزامات المؤجر و التزامات المستأجر .
المطلب الأول : التزامات المؤجر
يلتزم المصرف التزامين أساسيين في مواجهة العميل الأول تمكينه من الانتفاع بالخزانة والثاني تحقيق الأمان والسرية المطلوبين .
أولا : تمكين العميل من الانتفاع بالخزانة وذلك بتسليمه مفاتيح خزانة بالحجم والنوع المتفق عليه وان هذا الانتفاع حق شخصي محض للعميل بحيث يجب على البنك ان يتحقق من شخصية العميل كلما أراد هذا الدخول الى الخزانة
ثانيا : تحقيق الأمان والرغبة في الأمان تفسر إقدام العميل على استئجار خزانة لدى البنك فهو يعتبرها مكانا أكثر أمانا وحصانة من منزله الخاص البنك نفسه يعلن دائما انه يقدم بطريق تخزين الخزائن أكثر درجات الأمن (10)
يلتزم المصرف بوضع صندوق او خانة أي قسم معين من تحت تصرف العميل المستأجر عن طريق تسليمه مفتاح او مفتاحها وتمكينه من الانتفاع من او فيها طيلة مدة الإجارة تطبيقا لإحكام المادة (661) من القانون المدني الأردني المتضمنة ( المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة ويتحقق تسليمها بتسليم محلها )
وقد فصل قانون التجارة العراقي أحكام هذا الالتزام بنصه في الفقرة واحد من المادة (249) وفي المادة (250) منه على التوالي على انه يسلم مفتاح الخزانة الى المستأجر ويحتفظ المصرف بنظيره ولا يجوز للمصرف أي يأذن بغير المستأجر او من ينوب عنه باستعمال الخزانة (11)
مفتاح الخزانة أي بنسخه منه بوجوب تمكين المصرف من مواجهة أي طارئ كإضاعة المستأجر مفتاحه او قيام حالة من الحالات التي يضطر فيها المصرف الى فتح الخزانة حتى في غياب العميل أما بدر ما قد يهدد محتوياتها من خطر
كما في حالة نشوب حريق في المصرف او بالعكس بدر ما قد تتسبب فيه هذه المحتويات هيا من ضرر بغيرها من الخزائن او ككل وبمن فيه كما في حال الشك بوجود متفجرات في خزانة العميل وكما على المصرف ان يقوم بحفظ الصندوق وضمان سلامته يلتزم المصرف بتمكين المستأجر من قبض المأجور دون مانع يعوق الانتفاع به مع بقائه في يده بقاء متصل حتى ينقضي مدة الإيجار (12)
وهذا يعني ان على المصرف ان لا يعيق تسليم الصندوق للمستأجر بل يسهل له ذلك كما ييسر له سبل الانتفاع به من حيث تنظيم حرية الوصول إليه وإصلاح الصندوق وصيانته وحفظه حتى يبقى دائما صالحا للانتفاع منه على الوجه المذكور في عقد الإيجار فالالتزام بالمحافظة على الصندوق يعتبر نتيجة حتمية للالتزام المصرف بتمكين المستأجر من الانتفاع بالخزانة المؤجرة فلا يكفي التزام المصرف بتسليم المأجور للمستأجر مع ملحقاته بل لا بد من ان يكون بحالة يصلح معها لتحقيق الغرض الذي اعد له ولذا وجب على المصرف صيانة الخزانة والمحافظة عليها من الأخطار التي قد تتعرض لها ولكن هل يمتد التزام المصرف بحفظ الخزانة الى حفظ محتوياتها إننا إذا قلنا لذلك فأننا نحمل المصرف بالتزام لا شأن له به وذلك لان استعمال الخزانة مقصور على المستأجر او نائبه القانوني والذي سوف أتحدث عنه في مبحث مستقل
وعادتا يحاط هذا الاستعمال بالسرية والكتمان الذي دفع المستأجر لطلب الأمان في ظل حماية المصرف فأننا لا نرى تكليف المصرف بحفظ محتويات الخزانة
ان المشرع الأردني قد اكتفى بالنص في الفقرة الثانية من المادة (117) تجاري على ان المصرف يكون سؤلا عن سلامة الصناديق المأجورة وهذه المسئولية تمتد الى الضرر الذي يلحق المستأجر من جراء إخلال المصرف بهذا الالتزام كما لو أهمل في حفظها وصيانتها مما أدى الى تسرب المياه إليها او إتلاف محتوياتها او مما أدى الى سرقة محتوياتها على أي شكل وقعت هذه السرقة بكسر الصندوق نفسه او باستعمال مفاتيح مزودة او بالسماح لشخص بالوصول إليها دون سبب مشروع ومع ذلك فالمسؤولية لا تلحق المصرف اذا أصاب الخزانة ضرر بقوة قاهرة الا ان عبء إثباتها يقع على المصرف (13)
المطلب الثاني : التزامات المستأجر
يهدف العميل من استئجار الخزانة الى ان يتمكن من ان يدخل إليها و يضع فيها او يخرج منها ما يريد على حريته و دون ان ينكشف سره و ان يكون ما يضعه في أقصى درجات الأمان و في المقابل للبنك على العميل حقوق أي التزامات تترتب على هذا العميل .
أولا" دفع الأجرة و يحددها العقد او العرف و لا يجوز تعديلها إثناء العقد الا برضا الطرفين (14)
و الغالب ان تدفع مقدما" عن كل مدة يسري فيها العقد و هي مدة سنة و يدفع معها عند إبرام العقد مبلغ كتأمين عن ألمده التي يتأخر فيها المستأجر عن دفع الأجرة فيكون للبنك ان يخصم منه ما يستحق من أجرة متأخرة اذا كان للمستأجر حساب في البنك فتحصل الأجرة غالبا" بطريق القيد في الحساب مقدما".
فان التزام العميل بدفع الأجرة المتفق عليها في العقد او المحددة في العرف المصرفي وفقا" للإحكام التي نصت عليها المواد من 663-668 من القانون المدني الأردني و خصوصا" المادة 665 المتضمنة استحقاق الأجرة يستفاء المنفعة او بالقدرة على استيفائها و المادة 666 في صحة اشتراط تعجيل الأجرة او تأجيلها او تقسيطها الى إقساط تؤدي في أوقات معينة و مع ملاحظة ما نصت عليه المادة 678 من نفس القانون من ان ( للمؤجر ان يمتنع عن تسليم المأجور حتى يستوفي الأجر المعجل )
إضافة الى ما جرت علية المصارف عادة في إلزام مستأجري خزائنها بتقديم تأمينات ضمانا لأداء ما يستحق عليهم من أجرة (15)
ثانيا" اذا لم يحضر المستأجر في الميعاد المحدد جاز للمصرف ان يطلب من المحكمة الإذن له في فتح الخزانة و إفراغ محتوياتها بحضور من تعينه لذلك و يحرر محضر بالواقعة تذكر فيه محتويات الخزانة و للمحكمة ان تأمر بإيداع المحتويات لدى المصرف او لدى أمين الى ان يتم التنفيذ عليها (16)
ثالثا" و على العميل ان يلتزم بالتقيد في استعمال الصندوق المستأجر او الخزانة المستأجرة بالأحكام القانونية العامة في عقد الايجارة و الإحكام و الاتفاقيات المنصوص عليها في العقد المبرم مع المصرف و التقيد بالمواعيد المحددة و إبراز الهوية الشخصية عند استعمال الخزانة و التوقيع في دفتر خاص .
رابعا" كما يلتزم المستأجر على المحافظة على المأجور فالخزانة أمانة في يده يضمن ما يلحق بها من نقص او تلف او فقدان ناشئ عن تقصيره او تعدية و علية ان يحافظ عليها محافظة الشخص العادي (17)
و إذا أساء المستأجر استعمال الخزانة فان للمصرف الحق في طلب فسخ العقد و بالتعويض ان كان لذلك مقتضى .
خامسا" على المستأجر حفظ المفتاح و رده و في حال فقده علية ان يسرع في إعلام المصرف بذلك حتى يتخذ الإجراءات اللازمة لمنع استعماله بصورة غير مشروعة و عند إنهاء العقد على المودع ان يرد المفتاح الى المصرف و ان يرد الخزانة سالمة كما تلقهى (18)
هذا و ينقضي الحق في إقامة الدعاوي على المصرف المؤجر و على المستأجر التاجر لغايات تجارية باعتبارها دعاوي تجارية بمضي عشر سنوات فقط
في حين ان حق المصرف في إقامة الدعوى على المستأجر او على المستأجر غير التاجر او على التاجر لغايات غير تجارية لا ينقضي كما في الدعاوي المدنية عموما" الا بمرور خمس عشر سنة .
المطلب الثالث :التفويض للغير و الإيجار من الباطن للخزانة
يلاحظ ان الانتفاع بالخزانة المؤجرة هو حق شخصي محض للمستأجر بحيث يجب على البنك ان يتحقق من شخصية العميل كما ذكرت سابقا" في مطلب الاعتبار الشخصي لان من واجب المصرف ان يمنع الغرباء من الدخول الى الخزانة و لكن يثور التساؤل انه قد يوكل العميل شخصا" أخر في استخدام الخزانة و في هذه الحالة يحصل البنك على توقيع الوكيل ليضاهيه بتوقيعه عند دخوله الى الخزانة ليتحقق من شخصيته و ينص العقد المطبوع عادة" انه في حال انتهاء التفويض سواء كان ذلك بسبب عزل الوكيل او وفاة الموكل او لأي سبب أخر و سمح البنك مع ذلك للوكيل بدخول إلى الخزانة فلا مسؤولية علية ما دام انه لم يخطر بانتهاء الوكالة (18)لقد اعتبر القضاء انه في حال وفاة مستأجر الخزانة الحديدية لا يكون المصرف قد ارتكب خطأ اذا سلم مفتاحه الى الورثة المعينين بإقرار من المحكمة و لذا إذا أراد المستأجر ان يعهد للغير بالوصول الى الخزانة فيجب ان يوقع على نموذج من التفويض او الوكالة الموجودة لدى المصرف بل ان مثل هذا الإجراء يغني في كثير من الحالات عن ضرورة وجود ممثل للمصرف بالاشتراك في فتح الخزانة و يبقى تدخل المصرف في حالة الطوارئ فقط (19)
وقد يكون المستأجر عدة أشخاص في عقد واحد و بالتضامن عندئذ يكون لكل واحد منهم منفردا"حق استعمال الخزانة تمكن هذه الصورة المستأجر من الإفلات من ضريبة التركات و ذلك بان يستأجر أب و ابنة مثلا خزانة واحدة فإذا مات احدهما كان للأخران يدعي ملكية محتوياتها و لكن لها متاعب أهمها انه اذا أصيبت المحتويات او سرقة كان من السهل على المصرف ان يدعي حصول الضرر من احد المستأجرين و يتعذر على كل منهما ان يثبت العكس (20)
و لما كان العقد إيجار فالأصل ان يكون للمستأجر ان يؤجر الخزانة من الباطن و لكن البنوك عادة" تمنع الإيجار من الباطن و هنا يأتي دور الاعتبار الشخصي الذي يقوم علية إيجار الخزائن الحديدية لان المصرف يراعي منذ تأجير الخزانة قدر من الحرص و الأمان قد لا تتوافر في مستأجر من الباطن و لكن ذلك لا يمنع المستأجر من ان يضع في الخزانة أشياء مملوكة للغير .
تبدو أهمية هذه الملاحظة اذا أصيبت محتويات الخزانة بضرر فليس للمصرف ان يرد دعوى المستأجر بحجة ان بعض المحتويات مملوكة للغير و أنة لا يسال إلا عن ممتلكات المستأجر .
و لكن قد يقوم المستأجر بتأجير الخزانة من الباطن بالتحايل و ذلك من خلال تعينه وكيلا" عنه في استعمالها و لكن في هذا الحال خطورة على المستأجر من المصرف فاذا سرق المستأجر من الباطن شيء من محتويات الخزانة صعب على المستأجر من المصرف ان يثبت ضد البنك الوكيل الظاهر و هناك خطورة كبيرة على المستأجر من الباطن لان المستأجر الأصلي يعتبر هو الحائز للخزانة و محتوياتها فيصعب على المستأجر من الباطن ان يسترد محتويات الخزانة .
الخاتمة التوصيات
لقد بات واضحا بعد إتمام هذا البحث ان القانون التجاري الأردني خصص مادة واحدة و هي المادة (117) من القانون التجاري الأردني التي عالج فيها احكامة بصورة مقتضبة حيث اقتصر فيها على النص
1- تسري قواعد إجارة الأشياء على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية او في خانات منها
2- ويكون المصرف مسئولا عن سلامة الصناديق المأجورة
في حين ان المشرع العراقي قد خصص لإجارة الخزائن كما بالنسبة لكل عملية من العمليات المصرفية الأخرى
و بالرغم من تسمية هذا العقد إجارة الصناديق او الخزائن و نص المشرع الأردني على سريان قواعد إجارة الأشياء فأنه لا يمكن اعتباره مجرد عقد ايجارة او عقد إيجار بسيط مثلما لا يمكن اعتباره عقد إيداع او عقد وديعة عادية كما ذكرت سابقا بالاستناد الى وصف الأشياء التي توضع في الصناديق الحديدية نظرا لما يتصف به من خصوصيات تمييزه عن كل من عقد الايجارة وعقد الإيداع كما بينت ذلك في الالتزامات المفروضة على الطرفين ولكن ان هذا العقد اقرب الى عقد الايجارة مما هو من عقد الإيداع وحبذا لو نظم المشرع الأردني أحكام هذا العقد مثلما فعل المشرع العراقي بعنوان مستقل ( إجارة الخزائن )
بالإضافة الى ذلك فأن الاعتبار الشخصي للعميل دور في إنشاء عقد ايجارة الخزائن لان المصرف يرفض أحيانا طلبات مقدمة له ويستلزم ان يكون المستأجر من المعروفين لديه او المعرفين إليه بإحدى طرق التعريف المقبولة
فأنه من الواجب على المشرع الأردني بيان إحكام عقد ايجارة الخزائن كما تولى بيان بعض الأنواع الخاصة من العقود مثل إيجار الأراضي الزراعية والمزارعة والمساقاة والمغارسة وإيجار الوقف وإحكام الرهن التجاري وكذلك إحكام كل من الوكالة التجارية والوكالة بالعمولة
فأن مادة واحدة على هذا الموضوع الهام لا تكفي لبيان وتنظيم إحكامه لجميع هذه الأسباب أصبح من الضروري تعديل وتطوير النصوص القانونية التي تساير تطورات الحياة ومنها موضوع ايجارة الخزائن الحديدية حيث أصبح واجبا على المشرع الأردني ان ينظم أحكام هذا الموضوع ولو في فصل مستقل مثلما فعل المشرع العراقي عندما افرد ايجارة الخزائن بإحكام خاصة
وأخيرا فأنني آمل ان أكون قد وفقت ولو بشكل متواضع في طرح الموضوع للبحث حيث ان غايتي من هذا البحث هي طرح الموضوع للبحث والتداول على مستوى المشتغلين بالقانون من قضاة ومحامين ومؤلفين أكثر منه الوصول الى نتائج محددة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق