بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

23 سبتمبر 2011

نظرية الاختصاص

1- الاختصاص النوعي : قواعد الاختصاص النوعي يتضمنها أساس قانون الإجراءات المدنية في المواد 32إلى 40 كما أن بعض القوانين الخاصة يتضمنها بعض القوانين الخاصة التي تحدد قواعد الاختصاص النوعي لبعض الجهات القضائية ولذلك تتعرض في الإطار إلى :

أ - الاختصاص النوعي للمحكمة .
ب – الاختصاص النوعي للمجلس القضائي .
ج – الاختصاص النوعي للمحكمة العليا .
أ – الاختصاص النوعي للمحكمة : المحكمة وفقا للمادة 32 من قانون الإجراءات المدنية فهي الجهة القضائية ذات الاختصاص العام وتتشكل من أقسام ويمكن أيضا أن تتشكل من أقطاب متخصصة وتفصل المحكمة في جميع القضايا لا سيما المدنية و البحرية والتجارية والاجتماعية والعقارية وقضايا شؤون الأسرة والتي تختص بها إقليميا .
1– قسم شؤون الأسرة:ينظر قسم شؤون الأسرة على الخصوص في الدعاوى التالية : (المادة 423 ق إ م ) .
- الدعاوى المتعلقة بالخطبة والزواج والرجوع إلى بيت الزوجية، وانحلال الرابطة الزوجية وتوابعها حسب الحالات والشروط المذكورة في قانون الأسرة.
- الدعاوى النفقة والحضانة وحق الزيارة.
- الدعاوى المتعلقة بالكفالة .
- الدعاوى المتعلقة بالولاية وسقوطها والحجر والغياب والتقديم.
2– القسم الاجتماعي: يختص القسم الاجتماعي في المواد التالية (500 إ م)
- إثبات عقود العمل والتكوين والتمهين .
- تنفيذ وتعليق وإنهاء عقود العمل والتكوين والتمهين .
- منازعات انتخاب مندوبي العمال .
- المنازعات المتعلقة بممارسة الحق النقابي .
- المنازعات المتعلقة بممارسة حق الإضراب .
- منازعات الضمان الاجتماعي والتقاعد .
- المنازعات المتعلقة بالاتفاقات والاتفاقيات الجماعية للعمل .
3– القسم العقاري: ينظر القسم العقاري في المنازعات المتعلقة بالأملاك العقارية ما 511 وينظر على الخصوص في القضايا التالية 512 إ م.
- حق الملكية والحقوق العينية الأخرى والتأمينات العينية.
- في الحيازة والتقادم وحق الانتفاع وحق الاستعمال وحق الاستغلال وحق السكن.
- في نشاط الترقية العقارية .
- في الملكية المشتركة للعقارات المدنية والملكية على الشيوع .
- في إثبات الملكية العقارية .
- في الشفعة .
- في الهبات والوصايا المتعلقة بالعقارات .
- في التنازل عن الملكية وحق الانتفاع .
- في القسمة وتحديد المعالم .
- في إيجار السكنات والمحلات المهنية .
- في الإيجارات الفلاحية .
- كما ينظر القسم العقاري في المنازعات التي تنشأ بين المستغلين الفلاحين أو مع الغير بخصوص الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وشغلها واستغلالها ما 513 إ م
- ينظر القسم العقاري في الدعاوى المقدمة من طرف عضو أو أكثر من أعضاء المجموعة الفلاحية ضد عضو أو أكثر من تلك المجموعة بسبب خرق الالتزامات القانونية أو الاتفاقية ما 514 إ م .
- ينظر القسم العقاري في الدعاوى المتعلقة بإبطال أو فسخ أو تعديل أو نقض الحقوق المترتبة على عقود تم شهرها 515 إ م.
- ينظر القسم العقاري في المنازعات المتعلقة بالترقيم المؤقت في السجل العقاري القائمة بين الأشخاص الخاضعين للقانون الخاص 516إ م .
- ينظر القسم العقاري في المنازعات المتعلقة بالمقايضة بين عقارات تابعة للأملاك الخاصة للدولة مع عقارات تابعة لملكية الخصوص ما 517 إ م.
4– القسم المدني: يختص القسم المدني بالنظر في جميع الدعاوى التي تقوم على حقوق عينية أو شخصية أو على التزامات ، والدعاوى الخاصة بالمسؤولية والرامية إلى طلب تعويض عن الأضرار ، وبالنسبة للمحاكم التي تنشأ فيها الأقسام يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستثناء القضايا الاجتماعية ما 3/32.
- تم جدولة القضايا أمام الأقسام المذكورة أعلاه حسب طبيعة النزاع ، وفي حالة جدولة قضية أمام قسم غير القسم المعني بالنظر فيها ، يحال الملف إلى القسم المعني عن طريق أمانة الضبط ، وبعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا .
- ويوجد على مستوى بعض المحاكم أقطاب تختص بالنظر دون سواها في المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية والإفلاس والتسوية القضائية ، والمنازعات المتعلقة بالبنوك ومنازعات الملكية الفكرية ، والمنازعات البحرية والجوية ، ومنازعات التأمينات ، إلا أن قانون الإجراءات المدنية لم يحدد مقرات الأقطاب والجهات القضائية التابعة لها و إنما ترك ذلك للتنظيم وأشار فقط في المادة 32 على أنها تفصل بتشكيلة جماعية من ثلاث قضاة في اختصاصات نوعية محددة على سبيل الحصر .
- المواد التي تختص فيها المحكمة ابتدائيا ونهائيا :الأصل أن المحاكم تفصل بحكم ابتدائي قابل للاستئناف أمام المجلس القضائي وفقا لنص المادة 6* التقاضي يقوم على درجتين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك * إلا أن المادة 33 تستثني من هذه القاعدة بغض النزاعات التي تفصل فيها المحكمة بحكم ابتدائيا ونهائيا وذلك في الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها مائتين ألف دينار 200.000 د ج ، إذ أنه إذا كانت قيمة الطلبات المقدمة من المدعى لا تتجاوز 200.000د ج تفصل المحكمة بحكم في أول وآخر درجة حتى ولو كانت قيمة الطلبات المقابلة أو المقاصة القضائية تتجاوز هذه القيمة بالإضافة إلى دعاوى أخرى وضعها المشرع في نصوص مختلفة مثل نص المادة 57 من قانون الأسرة التي تنص على أنه * تكون الأحكام الصادرة في دعاوى الطلاق والتطليق والخلع غير قابلة للاستئناف فيما عدا جوانبها المادية * .

- المجلس القضائي :la cour
أنشأت المجالس القضائية الحالية بموجب الأمر 278/65 المؤرخ في : 1965/11/16وهي تحتوي على غرف الغرفة المدنية ، غرفة شؤون الأسرة ، الغرفة الاجتماعية ، غرفة الاتهام ، والغرفة الإدارية ويمكن تقسيم هذه الغرف إلى فروع .
- الاختصاص العام : تختص المجالس القضائية بنظر استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم في جميع المواد في الدرجة الأولى وفقا لنص المادة 34 إ م * يختص المجلس القضائي بالنظر في استئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم في الدرجة الأولى وفي جميع المواد ، حتى ولو كان وصفها خطئا *
- كما يختص المجلس القضائي بالفصل ابتدائيا بوصفه درجة أولى في القضايا المتعلقة بتنازع الاختصاص بين القضاة ، إذا كان النزاع متعلقا بجهتين قضائيتين واقعتين في دائرة اختصاصه وكذا في قضايا المتعلقة برد القضاء .
- المحكمة العليا : تعتبر المحكمة العليا جهازا مقوما لأعمال المجالس القضائية والمحاكم ، بممارسة الرقابة على تسبيب أحكام القضاء ، وهي رقابة معيارية تأخذ بعين الاعتبار تكييف الوقائع على ضوء القاعدة القانونية وقد أنشئت بموجب القانون رقم 218-63 المؤرخ في 1963/6/18 وصدر بتاريخ 1989/12/12 قانونا جديدا بلغي القانون السابق وتضمن قواعد جديدة ومتميزة ، سواء على مستوى التنظيم والتسيير أو على مستوى الإجراءات التبعة أمامها .
- وتتشكل المحكمة العليا من الغرفة المدنية ، وغرفة شؤون الأسرة ، الغرفة التجارية و البحرية ، والغرفة الاجتماعية ، غرفة الجنح والمخالفات وتختص المحكمة العليا أولا في الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية ومن المحاكم بجميع أنواعها وتختص كذلك بالحكم في نتنازع الاختصاص بين جهات قضائية لا تعلوها جهة قضائية مشتركة غير المحكمة العليا ، وفي المخاصمة المقدمة بحق قضاء المجلس وفي الدعاوى المتضمنة طلب تنحي المحكمة عن الحكم شبهات مشروعة ، وفي تنحي المحكمة عن نظر الدعوى لداعي الأمن العمومي .
طبيعة قواعد الاختصاص النوعي :
للحديث عن طبيعة قواعد الاختصاص النوعي لا بد من حصرها في ثلاث مسائل هي : نوع الجهة القضائية ودرجتها وطبيعتها .


1– نوع الجهات القضائية:
إذا أخطأ المدعى بأن رفع الطلب أمام الجهة الإدارية بدلا من المحكمة ، فإن عدم الاختصاص يكون مطلقا لأن كل منهما جهاز خاص له طبيعة نزاعاته والإجراءات التي ينظر بها هذا النزاع .
2– درجة الجهات القضائية: أمام القانون في بعض الدعاوى درجة واحدة للتقاضي في دعاوى أخرى درجتين وتعتبر هذه القواعد إلزامية وهكذا ينشأ عدم اختصاص مطلق – إذا أراد المتقاضي إضافة درجة ثانية كأن يقدم للمجلس استئنافا ضد حكم ابتدائيا ونهائيا ، أو أن يقوم المدعي بمباشرة دعواه لأول مرة أمام المجلس.
3– طبيعة الجهات القضائية: تتمتع المحكمة بصلاحيات واسعة فيجوز لأي قسم من أقسامها الفصل في أي مسألة وذلك لأن تخصيص أقسام معينة داخل المحاكم هو بمثابة تنظيم إداري داخلي وقد أعطى المشرع حلا لذلك في المادة 32 إ م في حالة جدولة قضية أمام قسم غير القسم المعني بالنظر فيها ، يحال الملف إلى القسم المعني عن طريق أمانة الضبط ، بعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا.
وبالنسبة للمحاكم التي لم تنشأ فيها أقسام يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستئناف القضايا الاجتماعية لأن لها تشكيلية خاصة .

- الأقطاب المتخصصة :
استحدث المشرع قسما خاصا في بعض المحاكم دون أخرى أطلق عن تسمية الأقطاب المتخصصة والتي تختص بنظر المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية ، والإفلاس والتسوية القضائية ، والمنازعات المتعلقة بالبنوك ومنازعات الملكية الفكرية والمنازعات البحرية والنقل الجوي ، ومنازعات التأمينات وتفصل في هذه النزاعات بتشكيلة جماعية ، وقد ترك المشرع مقرها والجهات القضائية التابعة لها للتنظيم لاحقا .

2-الاختصاص المحلي – الإقليمي :
تشكل المواد 40-39-38-37 من قانون الإجراءات المدنية النص الأساسي الذي يرتكز عليه الاختصاص المحلي للمحاكم ، وتتضمن هذه المواد قاعدة مبدئية ومجموعة من الاستئناف .

أ – المبدأ العام :
نصت المادة 37 من ق إ م أنه يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه وإن لم يكن له موطن معروف ، فيعود الاختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها آخر موطن له ، وفي حالة اختيار موطن ، يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع فيها الموطن المختار ، ما لم ينص القانون على خلال ذلك .
- وتضيف المادة 38 على أنه في حالة تعدد المدعى عليهم يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع فيها موطن أحدهم .
ب – الاستثناءات الواردة على المبدأ العام : مادة 40-39في المواد المختلطة
المادة 39 : ترفع الدعاوى المتعلقة بالمواد المبينة أدناه أمام الجهات القضائية الآتية :
1– في مواد الدعاوى المختلطة ، أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مقر الأموال.
2–في مواد تعويضالضرر عن جناية أو جنحة ، أو مخالفة ، أو فعل تقصيري ، ودعاوى الأضرار الحاصلة بفعل الإدارة ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاص الفعل الضار.
3–في مواد المنازعات المتعلقة بالتوريدات والأشغال وتأجير الخدمات الفنية أو الصناعية ، يؤول الاختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام الاتفاق وتنفيذه ، حتى ولو كان أحد الأطراف غير مقيم في ذلك المكان.
4– في المواد التجارية ، غير الإفلاس والتسوية القضائية ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد ، أو تسليم البضاعة ، أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها ، وفي الدعاوى المرفوعة ضد شركة ، أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها أحد فروعها .
5–في المواد المتعلقة بالمنازعات الخاصة بالمرسلات والأشياء الموصى عليها ، والإرسال ذي القيمة المصرح بها، وطرود البريد ، أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المرسل ، أو موطن المرسل إليه
المادة 40 : فضلا عما ورد في المواد 46-38-37 من هذا القانون ، ترفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المبينة أدناه دون سواها .
1–في المواد العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار ، أو دعاوى الإيجارات بما فيها التجارية المتعلقة بالعقارات ، والدعاوى المتعلقة بالأشغال العمومية ، أما المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها العقار ، أو المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تنفيذ الأشغال.
2– في مواد الميراث ، دعاوى الطلاق أو الرجوع ، الحضانة ، النفقة الغذائية والسكن على التوالي ، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المتوفي ، مسكن الزوجية ، مكان ممارسة الحضانة ، موطن الدائن بالنفقة ، مكان وجود السكن.
3–في مواد الإفلاس أو التسوية القضائية للشركاء وكذا الدعاوى المتعلقة بمنازعات الشركاء ، أما المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية أو مكان المقر الاجتماعي للشركة.
4–في مود الملكية الفكرية ، أمام المحكمة المنعقدة في مقر المجلس القضائي الموجود في دائرة اختصاصه موطن المدعى عليه.
5–في المواد المتعلقة بالخدمات الطبية ، أمام المحكمة التي تم في دائرة اختصاصها تقديم العلاج.
6–في مواد مصاريف الدعاوى وأجور المساعدين القضائيين ، أمام المحكمة التي فصلت في الدعوى الأصلية ، وفي دعاوى الضمان أمام المحكمة التي قدم إليها الطلب الأصلي.
7–في مواد الحجر ، سواء كان بالنسبة للإذن بالحجر ، أو للإجراءات التالية لها أمام المحكمة التي وقع في دائرة اختصاصها الحجر.
8–في المنازعات التي تقوم بين صاحب العمل والأجير ، يؤول الاختصاص لإقليمي المحكمة التي تم في دائرة اختصاصها إبرام عقد العمل أو تنفيذه أو التي يوجد بها موطن المدعى عليه.
غير أنه في حالة إنهاء وتعليق عقد العمل بسبب حادث عمل أو مرض مهني يؤول الاختصاص للمحكمة التي يوجد بها موطن المدعى .
9–في المواد المستعجلة أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكان وقوع الإشكال في التنفيذ ، أو التدابير المطلوبة
خيار الاختصاص: أعط المشرع خيار الاختصاص من خلال المادة 42-41 من ق إ م ، حيث ينص على أنه * يجوز أن يكلف بالحضور كل أجنبي حتى ولو لم يكن مقيما في الجزائر ، أمام الجهات القضائية الجزائرية للتنفيذ الالتزامات التي تعاقد عليها في الجزائر مع جزائري .
كما يجوز أيضا تكليفه بالحضور أمام الجهات القضائية الجزائرية بشأن التزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي مع جزائري والمادة 42 * يجوز أن يكلف بالحضور كل جزائري أمام الجهات القضائية الجزائرية بشأن التزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي حتى ولو كان مع أجنبي *.
فإذن سواء كان المدعى عليه جزائري أو أجنبيا يجوز أن يختص بذلك المحاكم الجزائرية بشأن التزامات أبرمت في الجزائر أو في بلد أجنبي ولكن ذلك ليس إلزاميا ولكن على سبيل الخيار وفقا لنص المشرع * يجوز * .
2– بالنسبة للمدعى أو المدعى عليه الذي له صفة القاضي.
- المادة 43 * عندما يكون القاضي مدع في دعوى يؤول فيها الاختصاص لجهة قضائية تابعة لدائرة اختصاص المجلس القضائي الذي يمارس فيه وضائفه ، وجب عليه رفع الدعوى أمام جهة قضائية تابعة لأقرب مجلس قضائي محاذ للمجلس الذي يمارس فيه مهامه *..
- المادة 44 * عندما يكون القاضي مدعى عليه جاز للخصم أن يرفع دعواه أمام جهة قضائية تابعة لدائرة اختصاص أقرب مجلس قضائي محاذ لتلك التي يمارس في دائرة اختصاصها القاضي وضائفه.
إذن من خلال المواد 44-43-42-41 بشأن المدعى أو المدعى عليه الأجنبي وبشأن المدعى أو المدعى عليه القاضي فقد جعل المشرع الاختصاص المحلي واسعا أعطى فيها لرافع الدعوى بسلطة الخيار لأي محكمة يراها المدعى قريبة ومناسبة له ليقيم فيها دعواها مستعملا المشرع بذلك عبارة يجوز .
طبيعة قواعد الاختصاص المحلي : قواعد الاختصاص المحلي ترمي أساسا إلى توزيع الدعاوى على محاكم تقدم نفس الضمانات ولذلك يجوز للأطراف باختيار أن يمددوا الاختصاص المحلي للمحكمة ، فيمكنهم بذلك عرض نزاعهم على محكمة عبر تلك المختصة محليا وذلك وفقا لنص المادة 46 * يجوز للحقوق الحضور باختيارهم أمام القاضي ، حتى ولو لم يكن مختصا إقليميا *
ولكن حتى يقع هذا الاتفاق بين الأطراف هل قبل نشوء النزاع أو بعده ؟
تنص المادة 45 على أنه * يعتبر لاغيا وعديم الأثر كل شرط يمنح الاختصاص الإقليمي لجهة قضائية غير مختصة إلا إذا تم بين التجار * معنى ذلك أنه يجوز وضع شرط مسبق في عقد أو التزام مفاده أن أي إشكال يثور بشأن تنفيذ ذلك العقد أو التزام يكون الاختصاص في نظرة أمام محكمة محددة بالذات ولكن في معاملات التجار فقط أما ما عداهم من الحضور فإنه يجوز لهم تمديد الاختصاص ولكن بعد وقوع النزاع بأن على تصريح يطلب التقاضي أمام جهة غير تلك المختصة المادة 2/46 إ م ويكون القاضي مختصا طيلة الخصومة ، ويمتد الاختصاص في حالة الاستئناف إلى المجلس القضائي التابع له المحكمة المختارة وما يمكن قوله بشأن طبيعة قواعد الاختصاص المحلي بأنها إلزامية وصانعة من النظام ويقضي به القاضي من تلقاء نفسه ما لم تكن حالة أعطى فيها المشرع حق الخيار بالنية لشخص القاضي أو الأجنبي أو ما لم يتفق الخصوم على تحويل الاختصاص وفي هذه الحالة لا يمكن للقاضي أن يرفض الفصل في الدعوى بحجة أنه غير مختص محليا كما يجوز للخصوم إثارة هذا الدفع ولكن إذا تعلق الأمر بالدفع بعدم الاختصاص المحلي فإن المشرع في المادة 47 اشترط أن يقدم قبل أي دفع أو دفاع في الموضوع أو دفع بعدم القبول * أي أنه قبل مناقشة موضوع الدعوى وأحقية المدعى بموضوع النزاع وجب تقديم الدفع بعدم الاختصاص الإقليمي وإذا لم يحترم المدعى عليه هذا التوقيت سقط حقه في تقديم هذا الدفع وهذا عكس الدفع بعدم الاختصاص النوعي الذي يعتبر من النظام العام والذي يقدم في أي مرحلة كانت عليها الدعوى .
- دور وسلطة المحكمة عند الدفع بعدم الاختصاص :
عندما يقدم الدفع بعدم الاختصاص تقوم المحكمة ، أولا بفحص مدعى قبوله من الناحية الشكلية ، أي فحص توفر شروط تقديم هذا الدفع المنصوص عليها في المادة 47 إ م فإذا كان الدفع غير مقبول ، يرفض الطلب وتتطرق المحكمة إلى دعوى موضوع الدعوى ، وإذا ظهر للمحكمة أن الدفع بعدم الاختصاص مقبول ، يجب عليها فحص مدى تأسيسه بالنظر إلى الدعوى المطروحة أمامها وهنا تظهر حالتين .
1- الحالة التي تقضي فيها المحكمة بعدم اختصاصها:إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها سواء يطلب من الأطراف أو من تلقاء نفسها فإنه يمنع على المحكمة التطرق إلى موضوع الدعوى أو الأمر ….. باستثناء الأمر بتدبير تحفظي كما أنه لا يجوز مبدئيا للمحكمة، بعدم التصريح بعدم اختصاصها أن تعين في حكمها الجهة القضائية المختصة وإلا ارتكبت تجاوزا في السلطة .
2– الحالة التي تقضي فيها المحكمة بالتمسك باختصاصها: هل يجب على المحكمة أن تصدر حكما منفصلا إذا اعتبرت نفسها مختصة للفصل في الدعوى المرفوعة أمامها رغم الدفع بعدم الاختصاص أو أنها نضمه للموضوع وتصدر حكما واحدا ؟
- لم يظهر المشرع بوضوح موقفه بالنسبة لطريقة الفصل في الدفع بعدم الاختصاص واقتصر على النص قاعدة عامة تشمل كل الطلبات العارضة ، فحسب نص المادة 96 إ م فإنه لا يصح أن يترتب على إبداء الطلبات العارضة إرجاع الحكم في الطلب الأصلي متى كان مهيئا للفصل فيه ويفهم من ذلك أنه في غياب مذكرات في الموضوع ، يجب على المحكمة التي أبدى أمامها الدفع بعدم الاختصاص أن تفصل في اختصاصها بحكم مسبق دون إلزام الأطراف بتقديم دفاعهم في الموضوع ولكن القاعدة 96 ليست من النظام العام فليمكن للأطراف التنازل عنها فإذا أبدى الأطراف بصفة احتياطية في الموضوع في نفس الوقت الذي أبدى بالدفع بعدم الاختصاص يجوز للمحكمة الفصل بحكم واحد في الاختصاص وفي الموضوع ، ويشترط لذلك شرطين ، أن تكون الدعوى مهيأة للفصل فيها و أن يكون الأطراف قد قدموا طلباتهم في الموضوع ، وطالما لم يشر الأطراف مسائل موضوعية يجب على المحكمة أن تصدر حكما منفصلا عندما تتمسك باختصاصها ، وإذا قضى الحكم المفصل بالتمسك بالاختصاص ، ولم يستأنف تتواصل الخصومة ، فالطلبات الختامية في الموضوع المقدمة فيما بعد تعتبر بمثابة قبول الحكم بالاختصاص ، ولكن إذا رفع استئناف تتوقف الخصومة بموجب القاعدة العامة للأثر الموقف للاستئناف ، ويجب حينئذ لمواصلة الخصومة انتظار الفصل في الاستئناف .


- تسوية مشكل الاختصاص ومواصلة الخصومة :
إن قاضي الدرجة الأولى الذي يقضي بعدم اختصاصه إما من تلقاء نفسه وإما بدفع من الأطراف ، لا يمكن أن يذهب إلى أبعد من ذلك فلا يمكن له في حكمه تحديد الجهة القضائية المختصة و إذا لم يرفع أي استئناف أخرج الخصام من ولايته ويبقى للمدعى الحق في إعادة دعواه أمام الجهة المختصة ، وإذا رفع استئناف في الحكم القاضي بعدم الاختصاص فإذا الأمر يتعلق بقضية تختص فيها المحكمة ابتدائيا ونهائيا فإذا أيد المجلس الحكم القاضي بعدم الاختصاص لا يجوز له التصدي بل يلزم بإحالة الدعوى للمحكمة أما إذا ألغى المجلس الحكم في الاختصاص فيصبح هذا الأخير بدون قيمة وعلى الجهة الاستئنافية إما إحالة القضية للمحكمة التي أصدرت الحكم قبل الفصل في الموضوع و إما إحالته إلى محكمة أخرى على أن تكون هذه الأخيرة واقعة بدائرة اختصاص المجلس الذي قضى بالإلغاء إما إذا كان الأمر يتعلق بقضية تختص فيها المحكمة ابتدائيا فقط فإن المجلس كقاعدة عامة يحيل الدعوى إلى الجهة القضائية الأولى لمواصلة الخصومة سواء قضى بتأييد الحكم القاضي في الاختصاص أو إلغائه ( سواء المحكمة الفاصلة في الدعوى أو محكمة أخرى تقع في دائرة اختصاصه ) و إذا كانت محكمة تخرج عن اختصاصه فيقتصر المجلس عند الفصل في نقطة الاختصاص دون تعيين الجهة القضائية المختصة ، و لكن إذا ألغى المجلس الحكم في الاختصاص فيجوز للمجلس إما إحالة الدعوى وإما التصدي لها إذا كانت مهيأة للفصل فيها ، وقد نصت هذه على هذه القاعدة المادة 109 /5 إ م ويشترط لذلك :
1– يجب أن يكون الحكم المستأنف قد ألغى مهما كان سبب الإلغاء فإذا أيد الحكم المستأنف ، تحال الدعوى أمام الجهة القضائية للدرجة الأولى.
2– يجب أن تكون الدعوى مهيأة الفصل فيها ، أي أن يكون الأطراف قد قدموا دفاعهم أمام المحكمة أو أمام المجلس القضائي وهذه المسألة من الوقائع لقضاة الاستئناف تقديرها.
3– يجب أن تكون الجهة القضائية الاستئنافية ( المجلس ) مختصة للفصل في النزاع نهائيا .
- الطعن بالنقض في القرار الفاصل في الاختصاص :
- يكون قرار الجهة القضائية الاستئنافية الفاصل في الاختصاص قابلا للطعن حال صدوره دون انتظار القرار في الموضوع .
- طبيعة الأحكام الصادرة في الاختصاص
- تنازل الاختصاص بين القضاة
- قد تنشأ نزاعات عندما تقضي محكمتان أو أكثر باختصاصها أو بعدم اختصاصها في نزاع واحد وفي هذه الحالة يكون ثمة مجال لتنازع الاختصاص بين القضاة فضمته المواد205إلى 213 إ م .
أ – النزاع الإيجابي : صدور عدة أحكامفي نزاع واحد من عدة جهات قضائية من نوع واحد تقضي باختصاصها ( 205 إ م ) وقد نشأ من النزاع بين محاكم تابعة لنفس المجلس أو لمجالس مختلفة أو بين مجلسان أو محكمة ومجلس .
ب – النزاع السلبي : صدور عدة أحكام من عدة جهات قضائية من نوع واحد تقضي بعدم اختصاصها ولم ينص قانون إ م على أي قاعدة خاصة بالنزاع السلبي بل تطرق إلى النزاعين في أن واحد وضمن نفس المواد حتى يكون ثمة نزاع في الاختصاص بين القضاة أن تكون الأحكام قد صدرت في نزاع واحد أي وحدة الموضوع الذي قد يكون سبب بلا حالة بعد الدفع به .
ج – محكمة ملغاة أو تعذر عليها الفصل في الدعوى :
1– إلغاء المحكمة: إذا ألغت المحكمة ولم يتدخل المشرع ، يرجع للمحكمة العليا بالضرورة عن طريق تنازع الاختصاص بين القضاة تعين ما هي المحكمة التي سيرفع أمامها الأطراف طلباتهم.
2– الحالة التي يتعذر فيها للمحكمة الفصل في الدعوى: يكون هذا النوع من النزاع في الحالة التي يستحال فيها على المحكمة المرفوع أمامها الدعوى الفصل لسبب أو لآخر سبب وفاة أحد أعضائها أو مرضهم أو غيابهم أو كذلك في حالة الرد الجماعي للقضاة أو امتناعهم فيكون هناك ثمة تنازع الاختصاص بين القضاة.
تنازع الاختصاص بين القضاة :
تكون أمام تنازع الاختصاص بين القضاة عندما تقضي جهتان قضائيتان أو أكثر في نفس النزاع بالاختصاص أو بعدم الاختصاص وقد حددت هذه الحالة المادة 398 إ م ومنها يمكن القول أنه لتكون أمام حالة من حالات تنازع الاختصاص يجب توفر مجموعة من الشروط :
1– وحدة الموضوع.
2– وحدة الأطراف.
3– أن تكون الجهات القضائية المعروض عليها الطلب من نفس النوع أي لا يتعلق الأمر بجهة قضاء عادي وجهة قضاء إداري.
-حالات تنازع الاختصاص : إذا كانت الجهات القضائية المتنازعة متمسكة باختصاصها تكون أمام حالة تنازع إيجابي أما إذا كانت الجهات المتنازعة تقضي بعدم اختصاصها تكون حالة التنازع سلبي.

-

إجراءات تنازع الاختصاص بين القضاة :
1– الجهة القضائية المختصة:
- يكون المجلس القضائي مختصا للفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة في حالة ما إذا كانت المحاكم التي قضت باختصاصها أو عدم اختصاصها تابعة له ، وفي هذه الحالة يحدد المجلس الجهة القضائية المختصة ويحيل القضية عليها لتفصل فيها طبقا للقانون مادة 399 إ م .
- تكون الغرفة المدنية للمحكمة العليا مختصة للفصل في تنازع الاختصاص بين محكمتين واقعتين في مجلسين مختلفين أو بين محكمة و مجلس أو بين مجلسين مختلفين مادة 400-399 إ م وفي هذه الحالة تعيين المحكمة العليا الجهة القضائية المختصة ولا يجوز لهذه الأخيرة التصريح بعدم الاختصاص مادة 400 إ م.
2– إجراءات تقديم الطلب بالفصل في تنازع الاختصاص:
- تقدم عريضة الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة أمام الجهة القضائية المختصة في أجل شهرين ( 2 ) ويسري ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي لآخر حكم إلى الخصم المحكوم عليه وتقدم هذه العريضة إلى المجلس وفقا للقواعد العامة في الاستئناف ، وتقدم أمام المحكمة العليا وفقا للقواعد المقررة في الطعن بالنقض ، تم بعد ذلك تبليغ العريضة إلى ممثل النيابة العامة لتقديم طلباته مادة 402 إ م.
- عند الاقتضاء يمكن للجهة القضائية المعروض عليها تنازع الاختصاص أن تأمر بإيقاف إجراءات التفنيد المتبعة أمام الجهات القضائية التي ظهر أمامها التنازع ويكون كل إجراء مخالف لقرار الوقف باطلا ولا ينتج أثره ما عدا الإجراءات التحقيقية التي لاتمس بأصل الحق.

القضاء الوقتي :
نظرا للإجراءات الصارمة والمعقدة التي تطرأ على الجهات القضائية التي سبق بيانها أنشأ المشرع في دعاوى خاصة تتميز بطابع استعجالي جهات قضائية تفصل في الدعاوى عن طريق أوامر استعجالي أو أوامر على عريضة ، ونخضع هذه الجهات القضائية لقواعد اختصاص متميزة.


أ – الشروط العامة لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة :
القاعدة الأساسية هي أن قاضي الأمور المستعجلة يتدخل في كل المواد التي تدخل في اختصاص المحكمة وفي هذا الحد يثبت اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في أربع حالات.
1– الحالة التي يرخص فيها الاستعجال بنص صريح.
2–حالة الاستعجال المفترض.
3– الأوامر على عرائض.
4– أوامر الأداء.

الاستعجال بنص صريح :
- جاء في نص المادة 299 إجراءات مدنية * في جميع أحوال الاستعجال أو عندما يقتضي الأمر الفصل في إجراء التعليق بالحراسة القضائية أو بأي تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة يتم عرض القضية بعريضة افتتاحية أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها الأشكال أو التدبير المطلوب وينادى عليها في أقرب جلسة ، يجب الفصل في الدعاوى الإستعجالية في أقرب الآجال.
- وبالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية فقد جعل المشرع بعض الدعاوى صراحة تدخل في اختصاص القاضي الاستعجالي من ذلك تدابير الحراسة القضائية المنصوص عليها صراحة في المادة 299 إ م.
- وبالرجوع إلى نصوص القانون المدني فإن المادة 602 إ م منه تعرق الحراسة الاتفاقية على أنها ايداع شيء متنازع فيه من طرف شخص أو عدة أشخاص بين أيدي شخص آخر يلتزم بإعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق فيه.
- إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزة المادة 603 إ م .
- كما تجوز الحراسة القضائية على الأموال المشتركة في حالة شغور الإدارة أو قيام نزاع بين الشركاء إذا تبين أن الحراسة هي الوسيلة الضرورية لحفظ حقوق ذوي الشأن مادة 604 إ م فإذا تحقق إحدى هذه الحالات جاز اللجوء إلى القاضي الاستعجالي الذي لا يملك سلطة الرفض لعدم الاختصاص لأن المشرع قد اسند له الاختصاص نظر هذه الدعوى بنص صريح كما لا يملك سلطة فحص وجود عنصر الاستعجال من عدمه لأن النص يغني عن ذلك كما نجد في قانون الإجراءات المدنية العديد من حالات الاستعجال بنص صريح من ذلك دعوى استراد الأموال المنقولة المحجوزة مادة 717 إ م دعوى طلب وقف إجراءات البيع مؤقتا على عقار محجوز مادة 743 مادة 744 إ م طلب تأجيل إجراءات بيع عقار محجوز مادة 305 إ م الحكم بالغرامات التهديدية وتصفيتها.
2– الاستعجال المفترض: ينص المشرع في المادة299 * في جميع أحوال الاستعجال …….أو بأي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة * معنى ذلك أنه إذا تعلق الأمر بظرف استعجالي أو إذا كان الغرض من إقامة الدعوى الحصول على تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة جاز اللجوء للقاضي الاستعجالي والقضايا التي تتسم بعنصر الاستعجال كثيرة ومتنوعة لا يمكن حصرها إلا في إطار تعريف ظرف الاستعجال في حد ذاته.
- فالاستعجال لغة هو كل ما لا يحتمل الانتظار والاستعجال كمصطلح إجرائي معناه خطر محدق وشيك الوقوع أو مصلحة مهددة بالزوال فإذا كان الأمر إحدى هاذين الوضعين جاز اللجوء للقاضي الاستعجالي الذي له سلطة فحص عنصر الاستعجال وتقدير الوقائع إن كانت تدخل فعلا ضمن اختصاصه وفي حالة ما إذا تأكد القاضي من وجود ظرف الاستعجال فصل في النزاع المعروض عليه وفقا لنص المادة 299 إ م بموجب تدبير تحفظي بمعنى أنه لا يمس بأصل الحق فلا ينشأ حقوقا ولا يعد لها ولا يلغيها وهذه هي حدود سلطة الاستعجالي أصل الحق.
- الأوامر على عريضة : الأمر على عريضة هو أمر مؤقت يصدر دون حضور الخصم ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك مادة 310 إ م .
- فقد عرفت المادة 310إ م الأمر على عريضة ، فهو أمر استعجالي مؤقت يصدر بناءا على طلب صاحبه فقط دون حاجة لحضور الخصم الثاني إذ ينعدم فيه مبدأ المواجهة الذي لا ضرورة له في بعض الدعاوى لأنه يبقى دائما مجرد تدبير تحفظي ومن أمثله ذلك ما جاء في المادة 310 إ م طلبات إثبات الحالة أو الإنذار بالاستجواب .
- أوامر بتوقيع الحجز التحفظي مادة 649 إ م .
- أوامر الحجز التنفيذي مادة 687 إ م .
- أوامر الحجز العقاري مادة 724 إ م .
- أوامر بالحجز على المداخيل والمرتبات مادة 778 إ م .
- في مثل هذه الأوضاع نقدم العريضة من نسختين إلى رئيس الجهة القضائية المختصة ليفصل فيها خلال أجل أقصاه ثلاث أيام من تاريخ إيداع الطلب مادة 310 إ م ، كما يجب أن تكون العريضة معللة وتتضمن الإشارة إلى الوثائق المحتج بها و إذا كانت العريضة مقدمة بشأن خصومة قائمة ، فيجب ذكر المحكمة المعروضة أمامها الخصومة مادة 311 إ م .
يكون الأمر على نسخة العريضة المقدمة ولذلك يسمى بالأمر على عريضة ويجب أن يكون مسببا ، ويكون قابلا للتنفيذ بناءا على النسخة الأصلية مادة 311/2 إ م .
و كل أمر على عريضة لم ينفذ خلال ثلاث أشهر من تاريخ صدوره يسقط ولا يرتب أي أثر مادة 312 إ م
- أوامر الأداء :
خلافا للقواعد العامة المقررة في رفع الدعاوى أجاز المشرع للدائن باللجوء إلى القضاء الاستعجالي قصد المطالبة بدينه إذا توافرت فيه الشروط المحددة في المادة 306 إ م وهي أن يكون دينا من النقود ، مستحقا وحال الأداء ، معين المقدار ، وثابت بالكتابة لا سيما الكتابة العرفية المتضمنة الاعتراف بدين أو التعهد بالوفاء ، أو فاتورة مؤشر عليها من المدين في هذه الحالة يقدم الطلب في شكل عريضة على نسختين إلى رئيس المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصه موطن المدين وتحتوي هذه العريضة على البيانات التالية :
1– اسم ولقب الدائن وموطنه الحقيقي والمختار.
2– اسم ولقب المدين وموطنه الحقيقي أو المختار.
3– ذكر تسمية وطبيعة الشخص المعنوي ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني أو الاتفاقي.
4- عرض موجز عن سبب الدين ومقداره.
ويجب أن تكون هذه العريضة مرفقة بالوثائق المثبتة لصحة الدين وقيمته .
مادة 306 إ م .
بعد تقديم الطلب إلى رئيس الجهة القضائية يفصل فيه خلال خمسة أيام من تاريخ إيداعه بموجب أمر استعجالي يسمى أمر أداء إذا تبين له فعلا صحة ذلك الدين أمر بالوفاء بمبلغ الدين والمصاريف وله سلطة تقديرية واسعة في القبول أو الرفض ، وفي حالة الرفض يكون الأمر بالرفض غير قابل لأي طعن وفي هذه الحالة على الدائن الرجوع إلى قاضي الموضوع لأن الحق لا زال قائما وفي حالة القبول وإصدار أمر بالأداء يسلم رئيس أمناء الضبط إلى الدائن نسخة رسمية من أمر الأداء والتي بموجبها يقوم الدائن بتبليغ رسمي وتكليف المدين بالوفاء بأصل الدين والمصاريف في أجل أقصاه 15 يوم ، وللمدين في هذه الحالة حق الاعتراض على هذا الأمر في أجل 15تبدأ من تاريخ التبليغ الرسمي ويكون الاعتراض على أمر الأداء هو الآخر بطريق الاستعجال أمام القاضي الذي أصدره المادة 308 إ م وبمجرد تقديم هذا الاعتراض يتوقف تنفيذ أمر الأداء ، أما إذا فات ميعاد 15يوما ولم يقدم المدين الاعتراض السالف للذكر يجوز أمر الأداء قوة الشيء المقضي به ، وفي هذه الحالة يقوم رئيس أمناء الضبط بمنح الصيغة التنفيذية لطالب التنفيذ بعد تقديم شهادة عدم الاعتراض وله في هذه الحالة تنفيذه بكافة الطرق لأجل استبعاد المبلغ المحكوم به مادة 309 إ م ، وإذ لم يقدم الدائن بهذه الإجراءات فإن المادة 2/308 إ م تنص على أنه * كل أمر أداء لم يطلب إمهاره بالصيغة التنفيذية خلال سنة واحدة من تاريخ صدوره ، يسقط ولا يرتب أي أثر.
القاضي المختص في الأمور المستعجلة : هو رئيس المحكمة وذلك في كل المواد التي تختص بها المحكمة ، وهذا الاختصاص يتماشى مع التنظيم القضائي الذي يتميز بوحدة الاختصاص ، وفي حالة مانع يحول دون قيام الرئيس بوظائفه يعوض من طرف نائبه وفي حالة التعذر من طرف أقدم قاضي بالمحكمة ، و أمام توسيع صلاحيات قاضي الاستعجال الذي ينظر في جميع أحوال الاستعجال فمن جهة أخرى يقيم هذا التدخل بعدم المساس بأصل الموضوع ذلك أن الإجراء الذي يتخذه هو مجرد تدبير تحفظي .
- حالات الاستعجال القصوى :
في حلة الاستعجال القصوى وهي حالة الاستعجال الشديد الذي لا يحتمل الانتظار يجوز تقديم الطلب إلى القاضي الاستعجالي خارج ساعات وأيام العمل ، بمقر الجهة القضائية حتى قبل قيد العريضة في سجل أمانة الضبط مادة 302 إ م ويجوز أن يكون أجل التكليف بالحضور من ساعة إلى ساعة أي قد نفضله ساعة أو أقل عن وقت الجلسة بشرط أن يتم التبليغ الرسمي للخصم شخصيا أو ممثله القانوني أو الإتفاقي مادة 301 إ م يمدد القاضي تاريخ الجلسة ويسمع عند الضرورة بتكليف الخصم بالحضور إلى ساعة ويمكنه الفصل خارج ساعات العمل وحتى أيام العطل مادة 302إ م ، ويكون التنفيذ في هذه الحالة بموجب مسودة الأمر حتى قبل تسجيله مادة 303 إ م .

- طبيعة الأمر الاستعجالي : يشترط في الأمر الاستعجالي شيء جوهريا أنه لا يمس بأصل الحق ، فهو لا ينشئ حقوقا ولا يعد لها ولا يلغيها ، وهو مجمل النفاذ بكفالة أو بدونها رغم كل طرق الطعن التي أجازها المشرع ضده ، مادة 303 إ م .

نظرية الاختصاص

1- الاختصاص النوعي : قواعد الاختصاص النوعي يتضمنها أساس قانون الإجراءات المدنية في المواد 32إلى 40 كما أن بعض القوانين الخاصة يتضمنها بعض القوانين الخاصة التي تحدد قواعد الاختصاص النوعي لبعض الجهات القضائية ولذلك تتعرض في الإطار إلى :

أ - الاختصاص النوعي للمحكمة .
ب – الاختصاص النوعي للمجلس القضائي .
ج – الاختصاص النوعي للمحكمة العليا .
أ – الاختصاص النوعي للمحكمة : المحكمة وفقا للمادة 32 من قانون الإجراءات المدنية فهي الجهة القضائية ذات الاختصاص العام وتتشكل من أقسام ويمكن أيضا أن تتشكل من أقطاب متخصصة وتفصل المحكمة في جميع القضايا لا سيما المدنية و البحرية والتجارية والاجتماعية والعقارية وقضايا شؤون الأسرة والتي تختص بها إقليميا .
1– قسم شؤون الأسرة:ينظر قسم شؤون الأسرة على الخصوص في الدعاوى التالية : (المادة 423 ق إ م ) .
- الدعاوى المتعلقة بالخطبة والزواج والرجوع إلى بيت الزوجية، وانحلال الرابطة الزوجية وتوابعها حسب الحالات والشروط المذكورة في قانون الأسرة.
- الدعاوى النفقة والحضانة وحق الزيارة.
- الدعاوى المتعلقة بالكفالة .
- الدعاوى المتعلقة بالولاية وسقوطها والحجر والغياب والتقديم.
2– القسم الاجتماعي: يختص القسم الاجتماعي في المواد التالية (500 إ م)
- إثبات عقود العمل والتكوين والتمهين .
- تنفيذ وتعليق وإنهاء عقود العمل والتكوين والتمهين .
- منازعات انتخاب مندوبي العمال .
- المنازعات المتعلقة بممارسة الحق النقابي .
- المنازعات المتعلقة بممارسة حق الإضراب .
- منازعات الضمان الاجتماعي والتقاعد .
- المنازعات المتعلقة بالاتفاقات والاتفاقيات الجماعية للعمل .
3– القسم العقاري: ينظر القسم العقاري في المنازعات المتعلقة بالأملاك العقارية ما 511 وينظر على الخصوص في القضايا التالية 512 إ م.
- حق الملكية والحقوق العينية الأخرى والتأمينات العينية.
- في الحيازة والتقادم وحق الانتفاع وحق الاستعمال وحق الاستغلال وحق السكن.
- في نشاط الترقية العقارية .
- في الملكية المشتركة للعقارات المدنية والملكية على الشيوع .
- في إثبات الملكية العقارية .
- في الشفعة .
- في الهبات والوصايا المتعلقة بالعقارات .
- في التنازل عن الملكية وحق الانتفاع .
- في القسمة وتحديد المعالم .
- في إيجار السكنات والمحلات المهنية .
- في الإيجارات الفلاحية .
- كما ينظر القسم العقاري في المنازعات التي تنشأ بين المستغلين الفلاحين أو مع الغير بخصوص الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وشغلها واستغلالها ما 513 إ م
- ينظر القسم العقاري في الدعاوى المقدمة من طرف عضو أو أكثر من أعضاء المجموعة الفلاحية ضد عضو أو أكثر من تلك المجموعة بسبب خرق الالتزامات القانونية أو الاتفاقية ما 514 إ م .
- ينظر القسم العقاري في الدعاوى المتعلقة بإبطال أو فسخ أو تعديل أو نقض الحقوق المترتبة على عقود تم شهرها 515 إ م.
- ينظر القسم العقاري في المنازعات المتعلقة بالترقيم المؤقت في السجل العقاري القائمة بين الأشخاص الخاضعين للقانون الخاص 516إ م .
- ينظر القسم العقاري في المنازعات المتعلقة بالمقايضة بين عقارات تابعة للأملاك الخاصة للدولة مع عقارات تابعة لملكية الخصوص ما 517 إ م.
4– القسم المدني: يختص القسم المدني بالنظر في جميع الدعاوى التي تقوم على حقوق عينية أو شخصية أو على التزامات ، والدعاوى الخاصة بالمسؤولية والرامية إلى طلب تعويض عن الأضرار ، وبالنسبة للمحاكم التي تنشأ فيها الأقسام يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستثناء القضايا الاجتماعية ما 3/32.
- تم جدولة القضايا أمام الأقسام المذكورة أعلاه حسب طبيعة النزاع ، وفي حالة جدولة قضية أمام قسم غير القسم المعني بالنظر فيها ، يحال الملف إلى القسم المعني عن طريق أمانة الضبط ، وبعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا .
- ويوجد على مستوى بعض المحاكم أقطاب تختص بالنظر دون سواها في المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية والإفلاس والتسوية القضائية ، والمنازعات المتعلقة بالبنوك ومنازعات الملكية الفكرية ، والمنازعات البحرية والجوية ، ومنازعات التأمينات ، إلا أن قانون الإجراءات المدنية لم يحدد مقرات الأقطاب والجهات القضائية التابعة لها و إنما ترك ذلك للتنظيم وأشار فقط في المادة 32 على أنها تفصل بتشكيلة جماعية من ثلاث قضاة في اختصاصات نوعية محددة على سبيل الحصر .
- المواد التي تختص فيها المحكمة ابتدائيا ونهائيا :الأصل أن المحاكم تفصل بحكم ابتدائي قابل للاستئناف أمام المجلس القضائي وفقا لنص المادة 6* التقاضي يقوم على درجتين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك * إلا أن المادة 33 تستثني من هذه القاعدة بغض النزاعات التي تفصل فيها المحكمة بحكم ابتدائيا ونهائيا وذلك في الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها مائتين ألف دينار 200.000 د ج ، إذ أنه إذا كانت قيمة الطلبات المقدمة من المدعى لا تتجاوز 200.000د ج تفصل المحكمة بحكم في أول وآخر درجة حتى ولو كانت قيمة الطلبات المقابلة أو المقاصة القضائية تتجاوز هذه القيمة بالإضافة إلى دعاوى أخرى وضعها المشرع في نصوص مختلفة مثل نص المادة 57 من قانون الأسرة التي تنص على أنه * تكون الأحكام الصادرة في دعاوى الطلاق والتطليق والخلع غير قابلة للاستئناف فيما عدا جوانبها المادية * .

- المجلس القضائي :la cour
أنشأت المجالس القضائية الحالية بموجب الأمر 278/65 المؤرخ في : 1965/11/16وهي تحتوي على غرف الغرفة المدنية ، غرفة شؤون الأسرة ، الغرفة الاجتماعية ، غرفة الاتهام ، والغرفة الإدارية ويمكن تقسيم هذه الغرف إلى فروع .
- الاختصاص العام : تختص المجالس القضائية بنظر استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم في جميع المواد في الدرجة الأولى وفقا لنص المادة 34 إ م * يختص المجلس القضائي بالنظر في استئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم في الدرجة الأولى وفي جميع المواد ، حتى ولو كان وصفها خطئا *
- كما يختص المجلس القضائي بالفصل ابتدائيا بوصفه درجة أولى في القضايا المتعلقة بتنازع الاختصاص بين القضاة ، إذا كان النزاع متعلقا بجهتين قضائيتين واقعتين في دائرة اختصاصه وكذا في قضايا المتعلقة برد القضاء .
- المحكمة العليا : تعتبر المحكمة العليا جهازا مقوما لأعمال المجالس القضائية والمحاكم ، بممارسة الرقابة على تسبيب أحكام القضاء ، وهي رقابة معيارية تأخذ بعين الاعتبار تكييف الوقائع على ضوء القاعدة القانونية وقد أنشئت بموجب القانون رقم 218-63 المؤرخ في 1963/6/18 وصدر بتاريخ 1989/12/12 قانونا جديدا بلغي القانون السابق وتضمن قواعد جديدة ومتميزة ، سواء على مستوى التنظيم والتسيير أو على مستوى الإجراءات التبعة أمامها .
- وتتشكل المحكمة العليا من الغرفة المدنية ، وغرفة شؤون الأسرة ، الغرفة التجارية و البحرية ، والغرفة الاجتماعية ، غرفة الجنح والمخالفات وتختص المحكمة العليا أولا في الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية ومن المحاكم بجميع أنواعها وتختص كذلك بالحكم في نتنازع الاختصاص بين جهات قضائية لا تعلوها جهة قضائية مشتركة غير المحكمة العليا ، وفي المخاصمة المقدمة بحق قضاء المجلس وفي الدعاوى المتضمنة طلب تنحي المحكمة عن الحكم شبهات مشروعة ، وفي تنحي المحكمة عن نظر الدعوى لداعي الأمن العمومي .
طبيعة قواعد الاختصاص النوعي :
للحديث عن طبيعة قواعد الاختصاص النوعي لا بد من حصرها في ثلاث مسائل هي : نوع الجهة القضائية ودرجتها وطبيعتها .


1– نوع الجهات القضائية:
إذا أخطأ المدعى بأن رفع الطلب أمام الجهة الإدارية بدلا من المحكمة ، فإن عدم الاختصاص يكون مطلقا لأن كل منهما جهاز خاص له طبيعة نزاعاته والإجراءات التي ينظر بها هذا النزاع .
2– درجة الجهات القضائية: أمام القانون في بعض الدعاوى درجة واحدة للتقاضي في دعاوى أخرى درجتين وتعتبر هذه القواعد إلزامية وهكذا ينشأ عدم اختصاص مطلق – إذا أراد المتقاضي إضافة درجة ثانية كأن يقدم للمجلس استئنافا ضد حكم ابتدائيا ونهائيا ، أو أن يقوم المدعي بمباشرة دعواه لأول مرة أمام المجلس.
3– طبيعة الجهات القضائية: تتمتع المحكمة بصلاحيات واسعة فيجوز لأي قسم من أقسامها الفصل في أي مسألة وذلك لأن تخصيص أقسام معينة داخل المحاكم هو بمثابة تنظيم إداري داخلي وقد أعطى المشرع حلا لذلك في المادة 32 إ م في حالة جدولة قضية أمام قسم غير القسم المعني بالنظر فيها ، يحال الملف إلى القسم المعني عن طريق أمانة الضبط ، بعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا.
وبالنسبة للمحاكم التي لم تنشأ فيها أقسام يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستئناف القضايا الاجتماعية لأن لها تشكيلية خاصة .

- الأقطاب المتخصصة :
استحدث المشرع قسما خاصا في بعض المحاكم دون أخرى أطلق عن تسمية الأقطاب المتخصصة والتي تختص بنظر المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية ، والإفلاس والتسوية القضائية ، والمنازعات المتعلقة بالبنوك ومنازعات الملكية الفكرية والمنازعات البحرية والنقل الجوي ، ومنازعات التأمينات وتفصل في هذه النزاعات بتشكيلة جماعية ، وقد ترك المشرع مقرها والجهات القضائية التابعة لها للتنظيم لاحقا .

2-الاختصاص المحلي – الإقليمي :
تشكل المواد 40-39-38-37 من قانون الإجراءات المدنية النص الأساسي الذي يرتكز عليه الاختصاص المحلي للمحاكم ، وتتضمن هذه المواد قاعدة مبدئية ومجموعة من الاستئناف .

أ – المبدأ العام :
نصت المادة 37 من ق إ م أنه يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه وإن لم يكن له موطن معروف ، فيعود الاختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها آخر موطن له ، وفي حالة اختيار موطن ، يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع فيها الموطن المختار ، ما لم ينص القانون على خلال ذلك .
- وتضيف المادة 38 على أنه في حالة تعدد المدعى عليهم يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع فيها موطن أحدهم .
ب – الاستثناءات الواردة على المبدأ العام : مادة 40-39في المواد المختلطة
المادة 39 : ترفع الدعاوى المتعلقة بالمواد المبينة أدناه أمام الجهات القضائية الآتية :
1– في مواد الدعاوى المختلطة ، أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مقر الأموال.
2–في مواد تعويضالضرر عن جناية أو جنحة ، أو مخالفة ، أو فعل تقصيري ، ودعاوى الأضرار الحاصلة بفعل الإدارة ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاص الفعل الضار.
3–في مواد المنازعات المتعلقة بالتوريدات والأشغال وتأجير الخدمات الفنية أو الصناعية ، يؤول الاختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام الاتفاق وتنفيذه ، حتى ولو كان أحد الأطراف غير مقيم في ذلك المكان.
4– في المواد التجارية ، غير الإفلاس والتسوية القضائية ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد ، أو تسليم البضاعة ، أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها ، وفي الدعاوى المرفوعة ضد شركة ، أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها أحد فروعها .
5–في المواد المتعلقة بالمنازعات الخاصة بالمرسلات والأشياء الموصى عليها ، والإرسال ذي القيمة المصرح بها، وطرود البريد ، أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المرسل ، أو موطن المرسل إليه
المادة 40 : فضلا عما ورد في المواد 46-38-37 من هذا القانون ، ترفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المبينة أدناه دون سواها .
1–في المواد العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار ، أو دعاوى الإيجارات بما فيها التجارية المتعلقة بالعقارات ، والدعاوى المتعلقة بالأشغال العمومية ، أما المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها العقار ، أو المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تنفيذ الأشغال.
2– في مواد الميراث ، دعاوى الطلاق أو الرجوع ، الحضانة ، النفقة الغذائية والسكن على التوالي ، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المتوفي ، مسكن الزوجية ، مكان ممارسة الحضانة ، موطن الدائن بالنفقة ، مكان وجود السكن.
3–في مواد الإفلاس أو التسوية القضائية للشركاء وكذا الدعاوى المتعلقة بمنازعات الشركاء ، أما المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية أو مكان المقر الاجتماعي للشركة.
4–في مود الملكية الفكرية ، أمام المحكمة المنعقدة في مقر المجلس القضائي الموجود في دائرة اختصاصه موطن المدعى عليه.
5–في المواد المتعلقة بالخدمات الطبية ، أمام المحكمة التي تم في دائرة اختصاصها تقديم العلاج.
6–في مواد مصاريف الدعاوى وأجور المساعدين القضائيين ، أمام المحكمة التي فصلت في الدعوى الأصلية ، وفي دعاوى الضمان أمام المحكمة التي قدم إليها الطلب الأصلي.
7–في مواد الحجر ، سواء كان بالنسبة للإذن بالحجر ، أو للإجراءات التالية لها أمام المحكمة التي وقع في دائرة اختصاصها الحجر.
8–في المنازعات التي تقوم بين صاحب العمل والأجير ، يؤول الاختصاص لإقليمي المحكمة التي تم في دائرة اختصاصها إبرام عقد العمل أو تنفيذه أو التي يوجد بها موطن المدعى عليه.
غير أنه في حالة إنهاء وتعليق عقد العمل بسبب حادث عمل أو مرض مهني يؤول الاختصاص للمحكمة التي يوجد بها موطن المدعى .
9–في المواد المستعجلة أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكان وقوع الإشكال في التنفيذ ، أو التدابير المطلوبة
خيار الاختصاص: أعط المشرع خيار الاختصاص من خلال المادة 42-41 من ق إ م ، حيث ينص على أنه * يجوز أن يكلف بالحضور كل أجنبي حتى ولو لم يكن مقيما في الجزائر ، أمام الجهات القضائية الجزائرية للتنفيذ الالتزامات التي تعاقد عليها في الجزائر مع جزائري .
كما يجوز أيضا تكليفه بالحضور أمام الجهات القضائية الجزائرية بشأن التزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي مع جزائري والمادة 42 * يجوز أن يكلف بالحضور كل جزائري أمام الجهات القضائية الجزائرية بشأن التزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي حتى ولو كان مع أجنبي *.
فإذن سواء كان المدعى عليه جزائري أو أجنبيا يجوز أن يختص بذلك المحاكم الجزائرية بشأن التزامات أبرمت في الجزائر أو في بلد أجنبي ولكن ذلك ليس إلزاميا ولكن على سبيل الخيار وفقا لنص المشرع * يجوز * .
2– بالنسبة للمدعى أو المدعى عليه الذي له صفة القاضي.
- المادة 43 * عندما يكون القاضي مدع في دعوى يؤول فيها الاختصاص لجهة قضائية تابعة لدائرة اختصاص المجلس القضائي الذي يمارس فيه وضائفه ، وجب عليه رفع الدعوى أمام جهة قضائية تابعة لأقرب مجلس قضائي محاذ للمجلس الذي يمارس فيه مهامه *..
- المادة 44 * عندما يكون القاضي مدعى عليه جاز للخصم أن يرفع دعواه أمام جهة قضائية تابعة لدائرة اختصاص أقرب مجلس قضائي محاذ لتلك التي يمارس في دائرة اختصاصها القاضي وضائفه.
إذن من خلال المواد 44-43-42-41 بشأن المدعى أو المدعى عليه الأجنبي وبشأن المدعى أو المدعى عليه القاضي فقد جعل المشرع الاختصاص المحلي واسعا أعطى فيها لرافع الدعوى بسلطة الخيار لأي محكمة يراها المدعى قريبة ومناسبة له ليقيم فيها دعواها مستعملا المشرع بذلك عبارة يجوز .
طبيعة قواعد الاختصاص المحلي : قواعد الاختصاص المحلي ترمي أساسا إلى توزيع الدعاوى على محاكم تقدم نفس الضمانات ولذلك يجوز للأطراف باختيار أن يمددوا الاختصاص المحلي للمحكمة ، فيمكنهم بذلك عرض نزاعهم على محكمة عبر تلك المختصة محليا وذلك وفقا لنص المادة 46 * يجوز للحقوق الحضور باختيارهم أمام القاضي ، حتى ولو لم يكن مختصا إقليميا *
ولكن حتى يقع هذا الاتفاق بين الأطراف هل قبل نشوء النزاع أو بعده ؟
تنص المادة 45 على أنه * يعتبر لاغيا وعديم الأثر كل شرط يمنح الاختصاص الإقليمي لجهة قضائية غير مختصة إلا إذا تم بين التجار * معنى ذلك أنه يجوز وضع شرط مسبق في عقد أو التزام مفاده أن أي إشكال يثور بشأن تنفيذ ذلك العقد أو التزام يكون الاختصاص في نظرة أمام محكمة محددة بالذات ولكن في معاملات التجار فقط أما ما عداهم من الحضور فإنه يجوز لهم تمديد الاختصاص ولكن بعد وقوع النزاع بأن على تصريح يطلب التقاضي أمام جهة غير تلك المختصة المادة 2/46 إ م ويكون القاضي مختصا طيلة الخصومة ، ويمتد الاختصاص في حالة الاستئناف إلى المجلس القضائي التابع له المحكمة المختارة وما يمكن قوله بشأن طبيعة قواعد الاختصاص المحلي بأنها إلزامية وصانعة من النظام ويقضي به القاضي من تلقاء نفسه ما لم تكن حالة أعطى فيها المشرع حق الخيار بالنية لشخص القاضي أو الأجنبي أو ما لم يتفق الخصوم على تحويل الاختصاص وفي هذه الحالة لا يمكن للقاضي أن يرفض الفصل في الدعوى بحجة أنه غير مختص محليا كما يجوز للخصوم إثارة هذا الدفع ولكن إذا تعلق الأمر بالدفع بعدم الاختصاص المحلي فإن المشرع في المادة 47 اشترط أن يقدم قبل أي دفع أو دفاع في الموضوع أو دفع بعدم القبول * أي أنه قبل مناقشة موضوع الدعوى وأحقية المدعى بموضوع النزاع وجب تقديم الدفع بعدم الاختصاص الإقليمي وإذا لم يحترم المدعى عليه هذا التوقيت سقط حقه في تقديم هذا الدفع وهذا عكس الدفع بعدم الاختصاص النوعي الذي يعتبر من النظام العام والذي يقدم في أي مرحلة كانت عليها الدعوى .
- دور وسلطة المحكمة عند الدفع بعدم الاختصاص :
عندما يقدم الدفع بعدم الاختصاص تقوم المحكمة ، أولا بفحص مدعى قبوله من الناحية الشكلية ، أي فحص توفر شروط تقديم هذا الدفع المنصوص عليها في المادة 47 إ م فإذا كان الدفع غير مقبول ، يرفض الطلب وتتطرق المحكمة إلى دعوى موضوع الدعوى ، وإذا ظهر للمحكمة أن الدفع بعدم الاختصاص مقبول ، يجب عليها فحص مدى تأسيسه بالنظر إلى الدعوى المطروحة أمامها وهنا تظهر حالتين .
1- الحالة التي تقضي فيها المحكمة بعدم اختصاصها:إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها سواء يطلب من الأطراف أو من تلقاء نفسها فإنه يمنع على المحكمة التطرق إلى موضوع الدعوى أو الأمر ….. باستثناء الأمر بتدبير تحفظي كما أنه لا يجوز مبدئيا للمحكمة، بعدم التصريح بعدم اختصاصها أن تعين في حكمها الجهة القضائية المختصة وإلا ارتكبت تجاوزا في السلطة .
2– الحالة التي تقضي فيها المحكمة بالتمسك باختصاصها: هل يجب على المحكمة أن تصدر حكما منفصلا إذا اعتبرت نفسها مختصة للفصل في الدعوى المرفوعة أمامها رغم الدفع بعدم الاختصاص أو أنها نضمه للموضوع وتصدر حكما واحدا ؟
- لم يظهر المشرع بوضوح موقفه بالنسبة لطريقة الفصل في الدفع بعدم الاختصاص واقتصر على النص قاعدة عامة تشمل كل الطلبات العارضة ، فحسب نص المادة 96 إ م فإنه لا يصح أن يترتب على إبداء الطلبات العارضة إرجاع الحكم في الطلب الأصلي متى كان مهيئا للفصل فيه ويفهم من ذلك أنه في غياب مذكرات في الموضوع ، يجب على المحكمة التي أبدى أمامها الدفع بعدم الاختصاص أن تفصل في اختصاصها بحكم مسبق دون إلزام الأطراف بتقديم دفاعهم في الموضوع ولكن القاعدة 96 ليست من النظام العام فليمكن للأطراف التنازل عنها فإذا أبدى الأطراف بصفة احتياطية في الموضوع في نفس الوقت الذي أبدى بالدفع بعدم الاختصاص يجوز للمحكمة الفصل بحكم واحد في الاختصاص وفي الموضوع ، ويشترط لذلك شرطين ، أن تكون الدعوى مهيأة للفصل فيها و أن يكون الأطراف قد قدموا طلباتهم في الموضوع ، وطالما لم يشر الأطراف مسائل موضوعية يجب على المحكمة أن تصدر حكما منفصلا عندما تتمسك باختصاصها ، وإذا قضى الحكم المفصل بالتمسك بالاختصاص ، ولم يستأنف تتواصل الخصومة ، فالطلبات الختامية في الموضوع المقدمة فيما بعد تعتبر بمثابة قبول الحكم بالاختصاص ، ولكن إذا رفع استئناف تتوقف الخصومة بموجب القاعدة العامة للأثر الموقف للاستئناف ، ويجب حينئذ لمواصلة الخصومة انتظار الفصل في الاستئناف .


- تسوية مشكل الاختصاص ومواصلة الخصومة :
إن قاضي الدرجة الأولى الذي يقضي بعدم اختصاصه إما من تلقاء نفسه وإما بدفع من الأطراف ، لا يمكن أن يذهب إلى أبعد من ذلك فلا يمكن له في حكمه تحديد الجهة القضائية المختصة و إذا لم يرفع أي استئناف أخرج الخصام من ولايته ويبقى للمدعى الحق في إعادة دعواه أمام الجهة المختصة ، وإذا رفع استئناف في الحكم القاضي بعدم الاختصاص فإذا الأمر يتعلق بقضية تختص فيها المحكمة ابتدائيا ونهائيا فإذا أيد المجلس الحكم القاضي بعدم الاختصاص لا يجوز له التصدي بل يلزم بإحالة الدعوى للمحكمة أما إذا ألغى المجلس الحكم في الاختصاص فيصبح هذا الأخير بدون قيمة وعلى الجهة الاستئنافية إما إحالة القضية للمحكمة التي أصدرت الحكم قبل الفصل في الموضوع و إما إحالته إلى محكمة أخرى على أن تكون هذه الأخيرة واقعة بدائرة اختصاص المجلس الذي قضى بالإلغاء إما إذا كان الأمر يتعلق بقضية تختص فيها المحكمة ابتدائيا فقط فإن المجلس كقاعدة عامة يحيل الدعوى إلى الجهة القضائية الأولى لمواصلة الخصومة سواء قضى بتأييد الحكم القاضي في الاختصاص أو إلغائه ( سواء المحكمة الفاصلة في الدعوى أو محكمة أخرى تقع في دائرة اختصاصه ) و إذا كانت محكمة تخرج عن اختصاصه فيقتصر المجلس عند الفصل في نقطة الاختصاص دون تعيين الجهة القضائية المختصة ، و لكن إذا ألغى المجلس الحكم في الاختصاص فيجوز للمجلس إما إحالة الدعوى وإما التصدي لها إذا كانت مهيأة للفصل فيها ، وقد نصت هذه على هذه القاعدة المادة 109 /5 إ م ويشترط لذلك :
1– يجب أن يكون الحكم المستأنف قد ألغى مهما كان سبب الإلغاء فإذا أيد الحكم المستأنف ، تحال الدعوى أمام الجهة القضائية للدرجة الأولى.
2– يجب أن تكون الدعوى مهيأة الفصل فيها ، أي أن يكون الأطراف قد قدموا دفاعهم أمام المحكمة أو أمام المجلس القضائي وهذه المسألة من الوقائع لقضاة الاستئناف تقديرها.
3– يجب أن تكون الجهة القضائية الاستئنافية ( المجلس ) مختصة للفصل في النزاع نهائيا .
- الطعن بالنقض في القرار الفاصل في الاختصاص :
- يكون قرار الجهة القضائية الاستئنافية الفاصل في الاختصاص قابلا للطعن حال صدوره دون انتظار القرار في الموضوع .
- طبيعة الأحكام الصادرة في الاختصاص
- تنازل الاختصاص بين القضاة
- قد تنشأ نزاعات عندما تقضي محكمتان أو أكثر باختصاصها أو بعدم اختصاصها في نزاع واحد وفي هذه الحالة يكون ثمة مجال لتنازع الاختصاص بين القضاة فضمته المواد205إلى 213 إ م .
أ – النزاع الإيجابي : صدور عدة أحكامفي نزاع واحد من عدة جهات قضائية من نوع واحد تقضي باختصاصها ( 205 إ م ) وقد نشأ من النزاع بين محاكم تابعة لنفس المجلس أو لمجالس مختلفة أو بين مجلسان أو محكمة ومجلس .
ب – النزاع السلبي : صدور عدة أحكام من عدة جهات قضائية من نوع واحد تقضي بعدم اختصاصها ولم ينص قانون إ م على أي قاعدة خاصة بالنزاع السلبي بل تطرق إلى النزاعين في أن واحد وضمن نفس المواد حتى يكون ثمة نزاع في الاختصاص بين القضاة أن تكون الأحكام قد صدرت في نزاع واحد أي وحدة الموضوع الذي قد يكون سبب بلا حالة بعد الدفع به .
ج – محكمة ملغاة أو تعذر عليها الفصل في الدعوى :
1– إلغاء المحكمة: إذا ألغت المحكمة ولم يتدخل المشرع ، يرجع للمحكمة العليا بالضرورة عن طريق تنازع الاختصاص بين القضاة تعين ما هي المحكمة التي سيرفع أمامها الأطراف طلباتهم.
2– الحالة التي يتعذر فيها للمحكمة الفصل في الدعوى: يكون هذا النوع من النزاع في الحالة التي يستحال فيها على المحكمة المرفوع أمامها الدعوى الفصل لسبب أو لآخر سبب وفاة أحد أعضائها أو مرضهم أو غيابهم أو كذلك في حالة الرد الجماعي للقضاة أو امتناعهم فيكون هناك ثمة تنازع الاختصاص بين القضاة.
تنازع الاختصاص بين القضاة :
تكون أمام تنازع الاختصاص بين القضاة عندما تقضي جهتان قضائيتان أو أكثر في نفس النزاع بالاختصاص أو بعدم الاختصاص وقد حددت هذه الحالة المادة 398 إ م ومنها يمكن القول أنه لتكون أمام حالة من حالات تنازع الاختصاص يجب توفر مجموعة من الشروط :
1– وحدة الموضوع.
2– وحدة الأطراف.
3– أن تكون الجهات القضائية المعروض عليها الطلب من نفس النوع أي لا يتعلق الأمر بجهة قضاء عادي وجهة قضاء إداري.
-حالات تنازع الاختصاص : إذا كانت الجهات القضائية المتنازعة متمسكة باختصاصها تكون أمام حالة تنازع إيجابي أما إذا كانت الجهات المتنازعة تقضي بعدم اختصاصها تكون حالة التنازع سلبي.

-

إجراءات تنازع الاختصاص بين القضاة :
1– الجهة القضائية المختصة:
- يكون المجلس القضائي مختصا للفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة في حالة ما إذا كانت المحاكم التي قضت باختصاصها أو عدم اختصاصها تابعة له ، وفي هذه الحالة يحدد المجلس الجهة القضائية المختصة ويحيل القضية عليها لتفصل فيها طبقا للقانون مادة 399 إ م .
- تكون الغرفة المدنية للمحكمة العليا مختصة للفصل في تنازع الاختصاص بين محكمتين واقعتين في مجلسين مختلفين أو بين محكمة و مجلس أو بين مجلسين مختلفين مادة 400-399 إ م وفي هذه الحالة تعيين المحكمة العليا الجهة القضائية المختصة ولا يجوز لهذه الأخيرة التصريح بعدم الاختصاص مادة 400 إ م.
2– إجراءات تقديم الطلب بالفصل في تنازع الاختصاص:
- تقدم عريضة الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة أمام الجهة القضائية المختصة في أجل شهرين ( 2 ) ويسري ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي لآخر حكم إلى الخصم المحكوم عليه وتقدم هذه العريضة إلى المجلس وفقا للقواعد العامة في الاستئناف ، وتقدم أمام المحكمة العليا وفقا للقواعد المقررة في الطعن بالنقض ، تم بعد ذلك تبليغ العريضة إلى ممثل النيابة العامة لتقديم طلباته مادة 402 إ م.
- عند الاقتضاء يمكن للجهة القضائية المعروض عليها تنازع الاختصاص أن تأمر بإيقاف إجراءات التفنيد المتبعة أمام الجهات القضائية التي ظهر أمامها التنازع ويكون كل إجراء مخالف لقرار الوقف باطلا ولا ينتج أثره ما عدا الإجراءات التحقيقية التي لاتمس بأصل الحق.

القضاء الوقتي :
نظرا للإجراءات الصارمة والمعقدة التي تطرأ على الجهات القضائية التي سبق بيانها أنشأ المشرع في دعاوى خاصة تتميز بطابع استعجالي جهات قضائية تفصل في الدعاوى عن طريق أوامر استعجالي أو أوامر على عريضة ، ونخضع هذه الجهات القضائية لقواعد اختصاص متميزة.


أ – الشروط العامة لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة :
القاعدة الأساسية هي أن قاضي الأمور المستعجلة يتدخل في كل المواد التي تدخل في اختصاص المحكمة وفي هذا الحد يثبت اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في أربع حالات.
1– الحالة التي يرخص فيها الاستعجال بنص صريح.
2–حالة الاستعجال المفترض.
3– الأوامر على عرائض.
4– أوامر الأداء.

الاستعجال بنص صريح :
- جاء في نص المادة 299 إجراءات مدنية * في جميع أحوال الاستعجال أو عندما يقتضي الأمر الفصل في إجراء التعليق بالحراسة القضائية أو بأي تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة يتم عرض القضية بعريضة افتتاحية أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها الأشكال أو التدبير المطلوب وينادى عليها في أقرب جلسة ، يجب الفصل في الدعاوى الإستعجالية في أقرب الآجال.
- وبالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية فقد جعل المشرع بعض الدعاوى صراحة تدخل في اختصاص القاضي الاستعجالي من ذلك تدابير الحراسة القضائية المنصوص عليها صراحة في المادة 299 إ م.
- وبالرجوع إلى نصوص القانون المدني فإن المادة 602 إ م منه تعرق الحراسة الاتفاقية على أنها ايداع شيء متنازع فيه من طرف شخص أو عدة أشخاص بين أيدي شخص آخر يلتزم بإعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق فيه.
- إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزة المادة 603 إ م .
- كما تجوز الحراسة القضائية على الأموال المشتركة في حالة شغور الإدارة أو قيام نزاع بين الشركاء إذا تبين أن الحراسة هي الوسيلة الضرورية لحفظ حقوق ذوي الشأن مادة 604 إ م فإذا تحقق إحدى هذه الحالات جاز اللجوء إلى القاضي الاستعجالي الذي لا يملك سلطة الرفض لعدم الاختصاص لأن المشرع قد اسند له الاختصاص نظر هذه الدعوى بنص صريح كما لا يملك سلطة فحص وجود عنصر الاستعجال من عدمه لأن النص يغني عن ذلك كما نجد في قانون الإجراءات المدنية العديد من حالات الاستعجال بنص صريح من ذلك دعوى استراد الأموال المنقولة المحجوزة مادة 717 إ م دعوى طلب وقف إجراءات البيع مؤقتا على عقار محجوز مادة 743 مادة 744 إ م طلب تأجيل إجراءات بيع عقار محجوز مادة 305 إ م الحكم بالغرامات التهديدية وتصفيتها.
2– الاستعجال المفترض: ينص المشرع في المادة299 * في جميع أحوال الاستعجال …….أو بأي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة * معنى ذلك أنه إذا تعلق الأمر بظرف استعجالي أو إذا كان الغرض من إقامة الدعوى الحصول على تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة جاز اللجوء للقاضي الاستعجالي والقضايا التي تتسم بعنصر الاستعجال كثيرة ومتنوعة لا يمكن حصرها إلا في إطار تعريف ظرف الاستعجال في حد ذاته.
- فالاستعجال لغة هو كل ما لا يحتمل الانتظار والاستعجال كمصطلح إجرائي معناه خطر محدق وشيك الوقوع أو مصلحة مهددة بالزوال فإذا كان الأمر إحدى هاذين الوضعين جاز اللجوء للقاضي الاستعجالي الذي له سلطة فحص عنصر الاستعجال وتقدير الوقائع إن كانت تدخل فعلا ضمن اختصاصه وفي حالة ما إذا تأكد القاضي من وجود ظرف الاستعجال فصل في النزاع المعروض عليه وفقا لنص المادة 299 إ م بموجب تدبير تحفظي بمعنى أنه لا يمس بأصل الحق فلا ينشأ حقوقا ولا يعد لها ولا يلغيها وهذه هي حدود سلطة الاستعجالي أصل الحق.
- الأوامر على عريضة : الأمر على عريضة هو أمر مؤقت يصدر دون حضور الخصم ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك مادة 310 إ م .
- فقد عرفت المادة 310إ م الأمر على عريضة ، فهو أمر استعجالي مؤقت يصدر بناءا على طلب صاحبه فقط دون حاجة لحضور الخصم الثاني إذ ينعدم فيه مبدأ المواجهة الذي لا ضرورة له في بعض الدعاوى لأنه يبقى دائما مجرد تدبير تحفظي ومن أمثله ذلك ما جاء في المادة 310 إ م طلبات إثبات الحالة أو الإنذار بالاستجواب .
- أوامر بتوقيع الحجز التحفظي مادة 649 إ م .
- أوامر الحجز التنفيذي مادة 687 إ م .
- أوامر الحجز العقاري مادة 724 إ م .
- أوامر بالحجز على المداخيل والمرتبات مادة 778 إ م .
- في مثل هذه الأوضاع نقدم العريضة من نسختين إلى رئيس الجهة القضائية المختصة ليفصل فيها خلال أجل أقصاه ثلاث أيام من تاريخ إيداع الطلب مادة 310 إ م ، كما يجب أن تكون العريضة معللة وتتضمن الإشارة إلى الوثائق المحتج بها و إذا كانت العريضة مقدمة بشأن خصومة قائمة ، فيجب ذكر المحكمة المعروضة أمامها الخصومة مادة 311 إ م .
يكون الأمر على نسخة العريضة المقدمة ولذلك يسمى بالأمر على عريضة ويجب أن يكون مسببا ، ويكون قابلا للتنفيذ بناءا على النسخة الأصلية مادة 311/2 إ م .
و كل أمر على عريضة لم ينفذ خلال ثلاث أشهر من تاريخ صدوره يسقط ولا يرتب أي أثر مادة 312 إ م
- أوامر الأداء :
خلافا للقواعد العامة المقررة في رفع الدعاوى أجاز المشرع للدائن باللجوء إلى القضاء الاستعجالي قصد المطالبة بدينه إذا توافرت فيه الشروط المحددة في المادة 306 إ م وهي أن يكون دينا من النقود ، مستحقا وحال الأداء ، معين المقدار ، وثابت بالكتابة لا سيما الكتابة العرفية المتضمنة الاعتراف بدين أو التعهد بالوفاء ، أو فاتورة مؤشر عليها من المدين في هذه الحالة يقدم الطلب في شكل عريضة على نسختين إلى رئيس المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصه موطن المدين وتحتوي هذه العريضة على البيانات التالية :
1– اسم ولقب الدائن وموطنه الحقيقي والمختار.
2– اسم ولقب المدين وموطنه الحقيقي أو المختار.
3– ذكر تسمية وطبيعة الشخص المعنوي ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني أو الاتفاقي.
4- عرض موجز عن سبب الدين ومقداره.
ويجب أن تكون هذه العريضة مرفقة بالوثائق المثبتة لصحة الدين وقيمته .
مادة 306 إ م .
بعد تقديم الطلب إلى رئيس الجهة القضائية يفصل فيه خلال خمسة أيام من تاريخ إيداعه بموجب أمر استعجالي يسمى أمر أداء إذا تبين له فعلا صحة ذلك الدين أمر بالوفاء بمبلغ الدين والمصاريف وله سلطة تقديرية واسعة في القبول أو الرفض ، وفي حالة الرفض يكون الأمر بالرفض غير قابل لأي طعن وفي هذه الحالة على الدائن الرجوع إلى قاضي الموضوع لأن الحق لا زال قائما وفي حالة القبول وإصدار أمر بالأداء يسلم رئيس أمناء الضبط إلى الدائن نسخة رسمية من أمر الأداء والتي بموجبها يقوم الدائن بتبليغ رسمي وتكليف المدين بالوفاء بأصل الدين والمصاريف في أجل أقصاه 15 يوم ، وللمدين في هذه الحالة حق الاعتراض على هذا الأمر في أجل 15تبدأ من تاريخ التبليغ الرسمي ويكون الاعتراض على أمر الأداء هو الآخر بطريق الاستعجال أمام القاضي الذي أصدره المادة 308 إ م وبمجرد تقديم هذا الاعتراض يتوقف تنفيذ أمر الأداء ، أما إذا فات ميعاد 15يوما ولم يقدم المدين الاعتراض السالف للذكر يجوز أمر الأداء قوة الشيء المقضي به ، وفي هذه الحالة يقوم رئيس أمناء الضبط بمنح الصيغة التنفيذية لطالب التنفيذ بعد تقديم شهادة عدم الاعتراض وله في هذه الحالة تنفيذه بكافة الطرق لأجل استبعاد المبلغ المحكوم به مادة 309 إ م ، وإذ لم يقدم الدائن بهذه الإجراءات فإن المادة 2/308 إ م تنص على أنه * كل أمر أداء لم يطلب إمهاره بالصيغة التنفيذية خلال سنة واحدة من تاريخ صدوره ، يسقط ولا يرتب أي أثر.
القاضي المختص في الأمور المستعجلة : هو رئيس المحكمة وذلك في كل المواد التي تختص بها المحكمة ، وهذا الاختصاص يتماشى مع التنظيم القضائي الذي يتميز بوحدة الاختصاص ، وفي حالة مانع يحول دون قيام الرئيس بوظائفه يعوض من طرف نائبه وفي حالة التعذر من طرف أقدم قاضي بالمحكمة ، و أمام توسيع صلاحيات قاضي الاستعجال الذي ينظر في جميع أحوال الاستعجال فمن جهة أخرى يقيم هذا التدخل بعدم المساس بأصل الموضوع ذلك أن الإجراء الذي يتخذه هو مجرد تدبير تحفظي .
- حالات الاستعجال القصوى :
في حلة الاستعجال القصوى وهي حالة الاستعجال الشديد الذي لا يحتمل الانتظار يجوز تقديم الطلب إلى القاضي الاستعجالي خارج ساعات وأيام العمل ، بمقر الجهة القضائية حتى قبل قيد العريضة في سجل أمانة الضبط مادة 302 إ م ويجوز أن يكون أجل التكليف بالحضور من ساعة إلى ساعة أي قد نفضله ساعة أو أقل عن وقت الجلسة بشرط أن يتم التبليغ الرسمي للخصم شخصيا أو ممثله القانوني أو الإتفاقي مادة 301 إ م يمدد القاضي تاريخ الجلسة ويسمع عند الضرورة بتكليف الخصم بالحضور إلى ساعة ويمكنه الفصل خارج ساعات العمل وحتى أيام العطل مادة 302إ م ، ويكون التنفيذ في هذه الحالة بموجب مسودة الأمر حتى قبل تسجيله مادة 303 إ م .

- طبيعة الأمر الاستعجالي : يشترط في الأمر الاستعجالي شيء جوهريا أنه لا يمس بأصل الحق ، فهو لا ينشئ حقوقا ولا يعد لها ولا يلغيها ، وهو مجمل النفاذ بكفالة أو بدونها رغم كل طرق الطعن التي أجازها المشرع ضده ، مادة 303 إ م .

الاختصاص النوعى

إن المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1953 فى شأن الرى و الصرف تنص على أنه ” يعمل فى المسائل المتعلقة بالرى و الصرف بالأحكام المرافقة لهذا القانون ” كما نصت المادة الثانية منه على إلغاء القوانين و الأوامر العالية التى حل القانون الجديد محلها ، و من بينها الأمر العالى الصادر فى 22 من فبراير سنة 1894 بشأن الترع و المساقى

و المعدل بالقانون رقم 20 لسنة 1909 ، و قد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الجديد ما يأتـى : ” . . . و كذلك ألغى المشروع لجان الرى و أحال إختصاصها فى جرائم الرى

و الصرف إلى المحاكم العادية ، و فى هذا ضمان كبير للأفراد ، كما وضع عقوبات شديدة لمرتكبى هذه الجرائم لتكون ذات أثر فعال ” . و يتضح من ذلك أن الشارع قد ألغى تلك اللجان الإدارية التى كانت تتولى النظر فى جرائم الرى و الصرف و جعل ولاية النظر فى هذه الجرائم للمحاكم العادية و بذا أصبحت هذه المحاكم هى الجهة التى لها وحدها الإختصاص الذى كان ممنوحاً من قبل لتلك اللجان ، مما يتعين معه أن تنظر المحاكم تلك الدعاوى و تجرى عليها حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات . و إذن فالحكم الذى يقضى بعدم الإختصاص تأسيساً على أن القانون المشار إليه ليس متعلقاً بالإجراءات فقط بل تضمنت نصوصه أحكاماً جديدة و عقوبات أخرى أشد مما كانت تنص عليه لائحة الترع

و الجسور الملغاة مما لا يجوز معه أن ينسحب أثره على الماضى طبقاً للمادة 5 من قانون العقوبات ، هذا الحكم يكون مخطئاً فى تأويل القانون بما يستوجب نقضه.

( الطعن رقم 2232 لسنة 24 ق ، جلسة 1955/4/4 )

إذا كانت الدعوى قد رفعت أولا على المطعون ضده بتهمة الضرب المنطبقة على المادة 1/242 من قانون العقوبات و أثناء سير الدعوى تخلفت بالمجنى عليه عاهة مستديمة فقضت محكمة الجنح بعدم إختصاصها بنظر الدعوى و إحالتها إلى قاضى التحقيق لتحقيقها و التصرف فيها و بعد تحقيقها أحالها القاضى المذكور إلى محكمة الجنح للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحه و لم تطعن النيابة فى هذا القرار ، ثم أصدرت محكمة الجنح حكماً يقضى بمعاقبة المتهم بالحبس ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ ، فإستأنفت النيابة هذا الحكم طالبة إلغاءه و إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات تطبيقاً للمادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية فقضت المحكمة الإستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف و عدم جواز نظر الدعوى ، فإن هذا الحكم يكون صحيحاً فى القانون لأن مؤدى المادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يتعين على سلطة الإحالة سواء أكان قاضى التحقيق أم غرفة الإتهام أن تحيل الواقعة إلى محكمة الجنايات ما دام قد سبق لمحكمة الجنح أن قضت بعدم إختصاصها بنظرها ،

و لا يرد على ذلك بأنه كان على المحكمة الإستئنافية بوصفها غرفة إتهام أن تحيل الدعوى على محكمة الجنايات وفقاً للمادة 414 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك بأن هذه المادة إنما تنطبق فى الحالة التى تعرض فيها الواقعة على المحكمة الإستئنافية لأول مرة لا بعد أن يكون قد صدر حكم نهائى بعدم إختصاص محكمة الجنح بنظرها لأن من شأن هذا الحكم أن يمنع هذه المحكمة من نظر الدعوى و يؤيد ذلك أن المادة 306 من قانون الإجراءات الجنائية خولت للمحكمة الجزئية إذا رأت أن الفعل جناية و أنه من الجنايات التى يجوز لقاضى التحقيق أن تصدر قراراً بنظرها والحكم فيها و مؤدى ذلك أنها إذ حكمت بعدم الإختصاص لم تر محلاً للحكم فى الواقعة على أساس عقوبة الجنحة و يؤيده أن المادة 158 من قانون الإجراءات الجنائية خولتها أن تحكم بعدم الإختصاص حتى فى الحالة التى يحيل قاضى التحقيق فيها الواقعة إليها للحكم فيها على أساس عقوبة الجنحة ، و لا محل لخشية إفلات المطعون ضده من العقاب لأن للنيابة العامة طبقاً للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية أن ترفع طلباً بتعيين الجهة المختصة إلى محكمة النقض إذا تعارض قرار غرفة الإتهام مع الحكم المطعون فيه .

( الطعن رقم 24 لسنة 25 ق ، جلسة 1955/4/12 )

القواعد المتعلقة بالإختصاص فى المسائل الجنائية كلها من النظام العام . و الإختصاص المكانى كذلك – بالنظر إلى أن الشارع فى تقريره لها سواء تعلقت بنوع المسألة المطروحة أو بشخص المتهم أو بمكان الجريمة ، قد أقام تقريره على إعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة ، و قانون الإجراءات الجنائية إذ أشار فى المادة 332 منه إلى حالات البطلان المتعلقة بالنظام العام لم يبينها بيان حصر و تحديد ، بل ضرب لها الأمثال . و ما جاء فى الأعمال التحضيرية قولاً بإعتبار البطلان المتعلق بعدم مراعاة قواعد الإختصاص المكانى من أحوال البطلان النسبى لا يحاج به و لا يقوم مقام مراد الشارع فيما إستنه على جهة الوجوب .

( الطعن رقم 398 لسنة 36 ق ، جلسة 1966/5/9 )

متى كان مستشار الإحالة على ما جرى به أمره ، قد إستبعد مساءلة المتهم الأول عن جريمة إحداث العاهة المستديمة – المسندة إليه – و إستبقى واقعة الضرب ذاته بصرف النظر عن نتيجته ، و قد كانت هذه الواقعة أساس الإتهام المرفوعة أصلاً ، فإنه إذ لم يجد فى الأفعال التى إنتهى إليها إلا الجنحة ، مخالفاً بذلك حكم محكمة الجنح الصادر بعدم الإختصاص الذى أصبح نهائياً ، كا يجب عليه قانوناً عملاً بالمادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية ، أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهم المذكور بطريق الخيرة ، بين الجناية المسندة إليه فى تقرير الإتهام المقدم من النيابة العامة و بين الجنحة التى إنتهى إليها و أرتآها هو ، أما و هو لم يفعل و أمر بإعادة الدعوى إلى محكمة الجنح لمعاقبة المتهم على أساس الجنحة وحدها ، فإن أمره يكون مخطئاً بما يعيبه و يستوجب نقضه و إعادة القضية إلى مستشار الإحالة للفصل فيها مجدداً .

( الطعن رقم 1779 لسنة 39 ق ، جلسة 1970/2/8 )

متى كان الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه على الإختصاص و لم يتعرض للواقعة الجنائية ذاتها من ناحية ثبوتها أو عدم ثبوتها حتى تتمكن محكمة النقض من إنزال صحيح القانون عليها فإنه يتعين إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع لتفصل فيها من جديد .

( الطعن رقم 230 لسنة 42 ق ، جلسة 1972/4/24 )

إن ولاية المحاكم الأهلية للحكم فى الجرائم التى تقع من المصريين و الأجانب غير المتمتعين بالإمتيازات الأجنبية هى ولاية عامة أصيلة ، و كل ما يحد من سلطتها فى هذا الشأن جاء على سبيل الإستثناء ، و الإستثناء يجب أن يبقى فى حدوده الضيقة و لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه . فمتى رفعت للمحاكم الأهلية قضية بوصف جنائى يدخل فى إختصاصها العام ، وجب عليها النظر فيها و عدم التخلى عن ولايتها . و لا يغير من ذلك ما قد يكون من الإرتباط بين الجريمة المرفوعة إليها و بين جريمة أخرى مرفوعة أمام قضاء آخر ، لأن النظر فى ذلك الإرتباط و الحكم على نتائجه لا يكون إلا إذا كانت الجرائم المرتبطة ببعضها معروضة أو يمكن عرضها على قضاء واحد . و على ذلك فلا يجوز للمحاكم الأهلية أن تحكم بعدم إختصاصها إلا إذا كان الوصف الجنائى الذى دفع إليها يخرج عن ولايتها بموجب نص صريح خاص . و المحاكم الأهلية ممنوعة طبقاً للمادة 15 من لائحة ترتيبها و المادة 6 من الكتاب الثانى من لائحة المحاكم المختلطة من نظر جرائم التفالس بالتدليس و التفالس بالتقصير فى أحوال الإفلاس المختلط ، فإذا تقدمت لها جريمة بهذا الوصف فيجب عليها أن تقرر بعدم إختصاصها بنظرها . أما ما يرتكبه المفلس من الجرائم الأخرى فالنظر فيه من إختصاصها و يجب عليها الفصل فيه . و إذن فإذا قدمت النيابة متهماً بوصف أنه إختلس مال الشركة التى هو وكيلها ، و بوصف أنه إرتكب جريمة النصب على بعض البنوك ، و كان لهذا المتهم تهمة منظورة أمام المحاكم المختلطة و هى التفالس بالتدليس و بالتقصير ، فإن ما يكون من الإرتباط بين هذه التهمة الأخيرة و بين تهمتى الإختلاس و النصب لا يبرر أن تتخلى المحاكم الأهلية عن الفصل فى هاتين التهمتين لقضاء آخر ليست له و لاية الحكم فيهما .

( الطعن رقم 2062 لسنة 3 ق ، جلسة 1934/3/19 )

إذا قدم إلى قاضى الإحالة قضية جناية بعد صدور حكم نهائى فيها بعدم إختصاص محكمة الجنح بنظرها لأن الواقعة جناية فيجب عليه – إذا رأى هو أيضاً أن الواقعة جناية – أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات ، أو إلى محكمة الجنح على أساس القانون الصادر فى 19 أكتوبر سنة 1925 . أما إذا لم ير فى الأفعال المسندة إلى المتهم إلا جنحة أو مخالفة فإنه يتعين عليه دائماً أن يحيل القضية إلى محكمة الجنايات ، غير أنه يجوز له أن يوجه إلى المتهم فى أمر الإحالة الجنحة أو المخالفة التى إرتآها بطريق الخيرة مع الجناية . و ذلك تنفيذاً لمقتضى صريح نص المادتين 148 و 189 من قانون تحقيق الجنايات .

( الطعن رقم 55 لسنة 9 ق ، جلسة 1938/12/12 )

إنه و إن كانت المحاكم الجنائية لا تختص بالفصل فى مسائل الأحوال الشخصية التى تعرض أمامها أثناء نظر الدعوى العمومية بل يتعين عليها أن تكل أمر الفصل فيها إلى قاضى الأحوال الشخصية إلا أنه يشترط لقبول الدفع بمسألة من هذا القبيل يتوقف عليها نفى الجريمة عن المتهم أن يكون جدياً . فإذا ما تبينت المحكمة أن الدفع لا يؤيده الظاهر و أنه لم يقصد به إلا عرقلة سير الدعوى و تأخير الفصل فيها كان لها ألا تجيبه . و إذن فإذا كان المتهم فى تزوير عقد زواج قد تمسك بأنه لم راجع مطلقته ما كان يعلم أن هناك موانع شرعية تمنع من عقد زواجه عليها لأنه كان يجهل أن سبق أن حرر عقد زواج بينها و بين آخر ، و أنه لما ظهر له ذلك من بعد إلتجأ إلى المحكمة الشرعية طالباً فسخ عقد هذا الآخر لحصوله فى أثناء العدة ، و بناء على ذلك طلب إلى المحكمة أن توقف محاكمته الجنائية حتى يفصل من المحكمة الشرعية فى دعوى الفسخ ، فلم تجبه المحكمة إلى ذلك بناء على ما أوردته فى حكمها من الأسباب التى حصلت منها إقتناعها بأن هذا الدفع لم يكن إلا بقصد تعطيل الفصل فى الدعوى فإنه لا تثريب على المحكمة فيما فعلته .

( الطعن رقم 121 لسنة 14 ق ، جلسة 1943/12/13 )

محكمة الجنح المستأنفة ممنوعة بنص المادة 189 من قانون تحقيق الجنايات من أن تحكم بعدم إختصاصها بنظر الدعوى لكون الواقعة جناية متى كان الإستئناف مرفوعاً من المتهم وحده . و معنى هذا أنها ليس لها أن تحكم بعدم الإختصاص إلا إذا كان هناك إستئناف مرفوع من النيابة العمومية . و إذا كان ذلك مقرراً بصفة عامة مطلقة فإنه لا يكون للمتهم أن ينعى على المحكمة الإستئنافية أنها لم تجبه إلى طلبه الحكم بعدم الإختصاص لكون سوابقه تجعل الواقعة من إختصاص محكمة الجنايات ما دام أنه ليس ثمة إستئناف مرفوع من النيابة .

( الطعن رقم 192 لسنة 16 ق ، جلسة 1946/1/28 )

المعول عليه فى تحديد الإختصاص النوعى هو بالوصف القانونى للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع فى ذلك إبتداء هو نوع العقوبة التى يوقعها القاضى إنتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى سواء كانت الجريمة قلقة أو ثابتة النوع ، و أياً كان السبب فى النزول بالعقوبة عن الحد المقرر قانوناً و إذ كان ذلك ، و كانت العقوبة المقررة للسرقة بعود و ما شاكلها من الجرائم المنصوص عليها فى المادة 51 من قانون العقوبات هى الحبس أو الأشغال الشاقة ، فإن ذلك يقتضى حتماً أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم فى أى من هذه الجرائم هى محكمة الجنايات ، لأن الخيار فى توقيع أى من هذه العقوبات لا يتصور إلا أن يكون للمحكمة التى تملك توقيع أشدها . و إذ قضت محكمة الجنايات بما يخالف هذا النظر فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون .

( الطعن رقم 45 لسنة 39 ق ، جلسة 1969/4/21 )

لما كان الحكم بعدم الإختصاص المطعون فيه منهياً الخصومة على خلاف ظاهره ، و ذلك لأن محكمة الجنح سوف تقضى حتماً بعدم إختصاصها بنظر الدعوى إذا رفعت إليها ، و من ثم فإن الطعن بالنقض فى هذا الحكم يكون جائزاً .

( الطعن رقم 12476 لسنة 59 ق ، جلسة 1989/12/17 )

لما كان مفاد المواد 215 ، 216 ، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة و سياسة التشريع الإجرائى بعامة أن توزيع الإختصاص بين محاكم الجنايات و المحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة التى تهدد الجانى إبتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التى توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التى تثبت فى حقة ، و لذلك فإن المعول عليه فى تحديد الإختصاص النوعى هو بالوصف القانونى للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع فى ذلك إبتداء هو نوع العقوبة التى يوقعها القاضى إنتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى . لما كان ذلك ، و كانت العقوبة المقررة لإخفاء أثر مملوك للدولة المسندة إلى الطاعن و المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار هى السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات و لا تزيد على سبع سنوات و بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه و لا تزيد على خمسين ألف جنيه فضلاً عن مصادرة المضبوطات لصالح هيئة الآثار فإن ذلك يقتضى حتماً أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم هى محكمة الجنايات و إذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .

( الطعن رقم 1877 لسنة 59 ق ، جلسة 1989/10/19 )

إذا كان الحكم السابق صدوره من المحكمة الجزئية بعدم الإختصاص قاصراً على التهمة المسندة إلى المتهم الأول فقط بعد أن أصبحت جناية بتخلف العاهة لدى المجنى عليه فيها ، و لم يشمل هذا الحكم تهمتى الجنحة المسندتين إلى المتهمين الثانى و الثالث إلا بحكم إرتباطهما بواقعة الجناية ، وكان هذا الإرتباط قد زال وقت إعادة عرضهما على المحكمة الجزئية منفصلتين عن الجناية المذكورة بعد صدور قرار رئيس النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى ، فإنه لم يكن هناك ما يحول دون الفصل فيهما من محكمة الجنح بعد أن زال أثر الحكم الصادر بعدم الإختصاص بزوال الإرتباط بين واقعة الجناية التى تقرر فيها بألا وجه لإقامة الدعوى بالنسبة إلى المتهم الأول ، و بين تهمتى الجنحة المسندتين إلى المتهمين الثانى و الثالث ، و يكون الحكم الصادر من المحكمة الجزئية ” بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها ” مخطئاً فى القانون .

( الطعن رقم 364 لسنة 30 ق ، جلسة 1960/6/20 )

المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه يجوز رفع الدعوى المدنية أيضاً على المسئولين عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم ، وإذ جاء بفقرتها الأخيرة ” و لا يجوز أمام المحاكم الجنائية أن ترفع دعوى الضمان و لا أن يدخل فى الدعوى غير المدعى عليهم بالحقوق المدنية و المسئولين عن الحقوق المدنية ” فقد دلت على أنها قصدت بالمسئولين مدنياً الأشخاص المسئولين قانوناً عن عمل غيرهم كالذين تناولتهم المادتان 173 ، 174 من القانون المدنى ، و أساس مسئولية هؤلاء ما إفترضه القانون فى حقهم من ضمان سوء إختيارهم لتابعيهم ، أو تقصيرهم فى واجب الرقابة لهم أو لمن تحت رقابتهم بمقتضى القانون أو الإتفاق ، وليست شركة التأمين من بين هؤلاء ، ذلك بأن مسئوليتها تقوم على أساس آخر هو الإلتزامات الناشئة عن عقد التأمين المبرم بينها و بين المتعاقد معها – أما الفعل الضار فهو لا يعتبر فى هذه الصورة سبباً مباشراً لمطالبة الشركة – فالمضرور لا يطالب شركة التأمين بتعويض عن الفعل الضار – بل يطالبها بتنفيذ عقد التأمين – و إذن فكل نزاع يقوم حول هذا العقد هو نزاع يتعلق بالمسئولية العقدية و مثله لا إختصاص للمحاكم الجنائية بنظره إذ أن محله المحاكم المدنية ، و لا يرد على ذلك ما أورده القانون رقم 449 لسنة 1955 – بشأن السيارات و قواعد المرور – من وجوب تقديم وثيقة تأمين من مالك السيارة صادرة من إحدى هيئات التأمين التى تزاول عمليات التأمين فى مصر عن مدة الترخيص ، و ما جاء به القانون رقم 652 لسنة 1955 – بشأن التأمين الإجبارى – من النص على حق المضرور المباشر قبل شركة التأمين فيما يتعلق بالتعويض المحكوم به قضائياً – لأن ما أوردته هذه النصوص لم يغير من أساس المسئولية العقدية لشركة التأمين، و هو لم يمس إختصاص المحاكم الجنائية بالنسبة لدعاوى التعويض – بل ظل هذا الإختصاص فى حدوده السابقة ، و كل ما جد من أمر فى هذا الخصوم هو تخويل المضرور حق مقاضاة شركة التأمين مباشرة بالتعويض دون حاجة إلى إستعمال حق مدينه فى الرجوع عليها – على أن يكون رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة أصلاً ، و هى المحكمة المدنية – فإذا كان الحكم قد قضى بإختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية المرفوعة على شركة التأمين بإعتبارها مسئولة عن حقوق مدنية على أساس من القانون رقم 652 لسنة 1955 ، و كانت الدعوى على هذا الوجه محمولة على سبب غير الجريمة المطروحة أمامها ، فإنه يكون قد أخطأ فى القانون و يتعين لذلك نقضه و القضاء بعدم إختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى المدنية قبل شركة التأمين .

( الطعن رقم 1972 لسنة 30 ق ، جلسة 1961/2/21 )

لما كانت المحكمة قد أخطأت فى قضائها بعدم الإختصاص مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل فى الإشكال، و قد حجبها هذا الخطأ عن نظر موضوعه، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

( الطعن رقم 1974 لسنة 55 ق ، جلسة 1986/10/21 )

لما كانت محكمة الجنايات هى المختصة بمحاكمة المطعون ضده عن الجريمة المقام عنها الدعوى الجنائية، و إذ قضت بعد إختصاصها، فإن حكمها فضلاً عن مخالفته للقانون، يكون قد شابه القصور فى البيان. لما كان ذلك، و كان الحكم المطعون فيه قد جاء منهياً للخصومة على خلاف ظاهره إعتباراً بأن محكمة الجنح سوف تحكم حتماً بعدم إختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت إليها، فإن الطعن فى هذا الحكم يكون جائزاً و قد إستوفى الشكل المقرر فى القانون. لما كان ما تقدم، و كانت المحكمة قد أخطأت فى قضائها بعدم الإختصاص مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل فى الطعن شكلاً و فى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

( الطعن رقم 3272 لسنة 56 ق ، جلسة 1986/10/9 )

إن النص فى المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هى مبينة فى أمر الإحالة ، و قبل تحقيقها بالجلسة ، تعد جنحة ، فلها أن تحكم بعدم الإختصاص و تحيلها إلى المحكمة . الجزئية . أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق ، تحكم فيها ” يدل فى صريح لفظه و واضح معناه على أنه إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هى مبينة فى أمر الإحالة و قبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الإختصاص و الإحالة إلى المحكمة الجزئية ، أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت إليها أصلاً بوصف الجناية ، و لم تر هى أن الواقعة تعد جنحة إلا بعد إجراء تحقيق أو بعد تلاوة أقوال الشهود و سماع مرافعة الدفاع عن الخصوم فإن عليها أن تحكم فيها بإعتبارها كذلك و ليس لها أن تحكم بعدم إختصاصها نوعياً بالفصل فى الدعوى و إحالتها إلى المحكمة الجزئية .

( الطعن رقم 4488 لسنة 57 ق ، جلسة 1988/4/6 )

لما كانت الفقرة الرابعة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية و إن قررت قاعدة عامة أصلية من قواعد تنظيم الإختصاص مؤداها أنه إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من إختصاص محاكم من درجات مختلفة تحال جميعاً إلى المحكمة الأعلى درجة تغليباً لإختصاص الأخيرة على غيرها من المحاكم الأدنى منها درجة ، إلا أنه من المقرر أيضاً طبقاً لنص المادة 397 من القانون ذاته أنه إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع فى شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح و يكون الحكم الغيابى الصادر فيها قابلاً للمعارضة ، و من ثم إنه إذا رفعت الدعوى بجناية و جنحة مرتبطة بها – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة – و صدر حكم غيابى ببراءة المتهم من الجناية و بإدانته عن الجنحة فإنه لا تبقى سوى الأخيرة و يزول عنها حكم الإرتباط فلا يسقط الحكم الغيابى الصادر فيها لمجرد القبض على المتهم ، و يكون هذا الحكم قابلاً للطعن فيه بطريق المعارضة ، و يكون الطعن بهذا الطريق هو السبيل الوحيد لإعادة نظر الدعوى أمام المحكمة ، و ذلك لما هو مقرر طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه إذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية ، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم فى موضوع الدعوى الجنائية ، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون ، و إذ كان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الطاعن لم يقرر بالمعارضة فى الحكم الغيابى الصادر ضده عن جنحة التهريب . و كان الأصل فى الطعن عامة أن المحكمة لا تنظر فى طعن لم يرفعه صاحبه . فإنه ما كان يجوز للمحكمة و قد سعى بالدعوى إلى ساحتها بغير الطريق القانونى أن تعود إلى نظرها و يكون إتصالها بها فى هذه الحالة معدوماً قانوناً فلا يحق لها أن تتعرض لموضوعها ، و إذ كانت المحكمة قد تصدت للدعوى و قضت على الطاعن بالعقوبة الواردة بالحكم المطعون فيه فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون و يكون حكمها لغواً لا يعتد به ، مما يؤذن لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 .

( الطعن رقم 71 لسنة 60 ق ، جلسة 1991/2/14 )

لما كانت الدعوى الجنائية أقيمت ضد المطعون ضده بوصف أنه فى يوم 1985/5/11 أولاً :- و هو من الموظفين العموميين ” باحث قانونى بمحافظة شمال سيناء ” أضر عمداً بأموال محافظة شمال سيناء بأن عمد إلى تقدير قيمة مساحة الأرض موضوع التحقيقات بإعتبارها أرضاً معدة للبناء على خلاف الثابت أمامه بالأوراق على النحو المفصل فى التحقيقات ثانياً : توصل بطريق الإحتيال إلى الإستيلاء على مبلغ 24748 ” أربعة و عشرون ألف جنيه و سبعمائة و ثمانية و أربعون جنيهاً و المملوك ………..” و محكمة الجنايات قضت بحكمها المطعون فيه ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه . لما كان ذلك و كان القانون 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن دولة ينص فى الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أن ” تختص محاكم أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها فى الأبواب الأول و الثانى مكرراً و الثالث و الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات و الجرائم المرتبطة بها ” و كانت قواعد الإختصاص فى المواد الجنائية متعلقة بالنظام العام و يجوز إثارة الدفع بمخالفتها لأول مرة أمام محكمة النقض بالنظر إلى أن الشارع فى تقديره لها قد أقام ذلك على إعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة و كانت الجريمة موضوع التهمة الأولى المسندة إلى المطعون ضده معاقباً عليها بالمادة 116 مكرراً الواردة فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات و من ثم فقد كان يتعين على محكمة الجنايات أن تقضى إعمالاً لنص المادة 1/3 من القانون 105 لسنة 1980 آنف البيان بعدم إختصاصها بنظر الدعوى ، و هى إذ لم تفعل و تصدت للفصل فيها و هى غير مختصة بنظرها فإن حكمها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه و تصحيحه بالقضاء بعدم إختصاص المحكمة بنظر الدعوى .

( الطعن رقم 6037 لسنة 59 ق ، جلسة 1991/5/23 )

لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص فى المادة 248 منه على أنه ” للخصوم رد القضاة عن الحكم فى الحالات الواردة فى المادة السابقة ، و فى سائر حالات الرد المبينة فى قانون المرافات المدنية و التجارية ، و لا يجوز رد أعضاء النيابة العامة و لا مأمورى الضبط القضائى ، و يعتبر المجنى عليه فيما يتعلق بطلب الرد بمثابة خصم فى الدعوى ” ثم نص فى الفقرة الأولى من المادة 250 على أنه يتبع فى نظر طلب الرد و الحكم فيه ، القواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية و التجارية ” و كانت الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون المرافعات المدنية و التجارية و لئن نصت على أنه يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أى دفع أو دفاع و إلا سقط الحق فيه ” إلا أن المادة 152 قد نصت على أنه ” يجوز طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد المقررة ، أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بها إلا بعد مضى تلك المواعيد ” كما نصت الفقرة الأولى من المادة 162 من قانون المرافعات المدنية و التجارية سالف الإشارة على أنه يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائياً ” فإن مفاد ذلك أنه يجوز فى حالات محددة تقديم طلب الرد بعد المواعيد المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 151 سالفة الذكر ، و أن وقف الدعوى الأصلية يقع وجوباً بقوة القانون بمجرد تقديم طلب الرد . لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 10 من مايو سنة 1990 و كان البين من إفادة قلم كتاب محكمة إستئناف القاهرة المرفقة بالأوراق أن طلبى الرد المقدمين من الطاعنين قد قدما بتاريخ 6، 8 من مايو سنة 1990 و قضى فيهما بجلسة 16 من يونية سنة 1990 برفض الطلب المقدم من الطاعن الأول . و بسقوط الحق فى طلب الرد بالنسبة للطب المقدم من الطاعن الثانى . لما كان ذلك ، و كانت المحكمة – رغم إتصال علمها بتقديم طلبى الرد على ما كشفت عنه فى أسباب حكمها – لم تعمل مقتضى القانون و مضت فى نظر الدعوى و فصلت فيها – قبل أن تفصل الهيئة المختصة بنظر طلبى الرد فيهما – فإن قضاءها المطعون فيه يكون قد وقع باطلاً لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة تقرر لإعتبارات تتصل بالإطمئنان إلى توزيع العدالة . و لا يغير من ذلك ما ساقه الحكم من أن الطاعن الثانى قد تنازل عن طلب الرد المقدم منه ، و أن الطلب الآخر قدم بعد إقفال باب المرافعة فى الدعوى و لم يقصد به سوى إطالة أمد التقاضى لما ينطوى عليه هذا القول من الفصل فى طلبى الرد على الرغم من أن الهيئة – بمجرد إنعقاد الخصومة بتقديم طلب الرد – لا يصح أن يقع لها قضاء فى طلب هى خصم فيه بل ينعقد الإختصاص بذلك للمحكمة المنوط بها النظر فى طلب الرد دون غيرها . كما لا يغير من الأمر كذلك أنه قضى – من بعد صدور الحكم المطعون فيه – بسقوط الحق فى أحد الطلبين و رفض الآخر و ذلك لما هو مقرر من أن العبرة فى توافر المصلحة هى بقيامها وقت صدور الحكم المطعون فيه ، فلا يعتد بإنعدامها بعد ذلك . لما كان ما تقدم ، و كان قضاء الهيئة المطلوب ردها فى الدعوى قبل الفصل فى طلبى الرد هو قضاء ممن حجب عن الفصل فى الدعوى لأجل معين ، و من ثم يكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالبطلان فضلاً عن خطئه فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه و الإعادة بالنسبة للطاعنين الأول و الثانى …………. و ………… دون حاجة لبحث باقى أوجه طعنهما لباقى الطاعنين دون حاجة إلى النظر فى أوجه طعونهم و كذلك بالنسبة للمحكوم عليهما …….. الذى قضى بعدم قبول طعنه شكلاً و ……….. الذى لم يقرر بالطعن فى الحكم ، و ذلك كله لإتصال الوجه الذى بنى عليه النقض بهم .

( الطعن رقم 20997 لسنة 60 ق ، جلسة 1991/11/7
الاختصاص النوعي

مقدمة:
إزدواجية القضاء ( قضاء إداري و قضاء عادي ) ظهرت في فرنسا خلال القرن الثامن عشر أين برز مبدأ منع القضاة العاديين من التدخل في قضايا الدولة والإدارة التي يجب أن يتحكم فيها الملك فقط [1] .
وقد ترسخ هذا المبدأ في ظل الثورة الفرنسية (1789) وتدعم بظهور مبدأ الفصل بين السلطـات ( التنفيذية والتشريعية و القضائية ) .
وظهر القضاء الإداري ( لمحاكمة الإدارة ) إلى جانب القضاء العادي (لمحاكمة الأفراد )، وظهرت محكمة التنازع للفصل بينهما عند تنازع الاختصاص إيجابا وسلبا.
وهناك العديد من الدول أخذت بهذه الازدواجية منها : مصر وتونس والمغرب وبلجيكا وإيطاليا...
والمعيار المعمول به في ظل الازدواجية من أجل تكييف نزاع ما بأنه إداري أو عادي وبالتالي تحديد الاختصاص النوعي إما أن يكون معيارا موضوعيا ويعتمد على التصرف الإداري موضوع النزاع , أو معيارا عضويا يعتمد على النظر إلى أطراف المنازعة .
الفصل الأول - قواعد تنظيم الاختصاص في فرنسا

تجدر الإشارة منذ البداية إلى أن قواعد توزيع الاختصاص بين القضاء الإداري و القضاء العادي هي من النظام العام بحيث لا يجوز للأطراف أن يتفقوا على مخالفتها ، كما أن على القاضي أن يتمسك بها ويثيرها ولو تلقائيا.
و هذه القواعد جدّ معقدة و يصعب الإلمام بها و ضبطها بدقة ، ويترتب عنها نتائج جدّ هامة خصوصا بالنسبة للمتقاضي لأن الإجراءات أمام كل من النظامين تختلف.
و يتطلب الأمر الإحاطة بالقواعد الموضوعية لتوزيع الاختصاص ، و دراسة تنازع الاختصاص .
إن توزيع الاختصاص بين القضاء الإداري و القضاء العادي مرتبط بالتطور التاريخي للقضاء الإداري بفرنسا ، و قد نما في ظل أسباب قانونية تتعلق بمفهوم الفصل بين السلطات ، و أسباب عملية تتمثل في كثافة العمل و ضخامة حجم القضايا الإدارية كلما وقع التوسع في إسناد الاختصاص للقضاء الإداري مما أدى إلى إرهاق كاهله. و لهذه الأسباب بقي اختصاص القضاء الإداري يتراوح بين المدّ و الجزر على النحو التالي :
بعد ظهور القضاء الإداري و إلى غاية منتصف القرن 19 كان الاتجاه يسير نحو التوسع المفرط في منح الاختصاص للقضاء الإداري بهدف منع القضاء العادي من التدخل في عمل الإدارة ، فوقع سحب الاختصاص من القضاء العادي لكل المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها ( أقرب ما نكون إلى المعيار العضوي في تحديد الاختصاص ) .
فالمعيار الأول في الظهور كان هو المعيار العضوي Critère organique و مفاده أن كل قرار صادر عن الدولة يخرج عن اختصاص القضاء العادي مهما كان محتواه.
ثم أثناء النصف الثاني من القرن 19 ظهر التمييز بين أعمال السلطة العامة و أعمال التسيير ( Actes de puissance publique, et actes de gestion ) و أسند الاختصاص للقضاء الإداري بالنسبة للنوع الأول فقط .
و لكن مع ذلك بقي اختصاص القضاء الإداري واسعا بسبب نظريـــــــة " الدولة المدينة " (L’État débiteur ) الناتجة عن قانون 26-9-1793 التي تمنع المحاكم العادية من النظر في القضايا الرامية إلى الحكم ماليا على الدولة ( الدولة فقط و ليس باقي الأشخاص الإقليمية ) حتى ولو كان الأمر يتعلق بأعمال التسيير العادية.
ثم وقع التحول و الابتعاد عن هذه المعايير في توزيع الاختصاص بصدور قرار بلانكو عن محكمة التنازع الفرنسية في 1873 و ظهر معيار المرفق العام (Le service public ) كفيصل لتوزيع الاختصاص بين النظامين القضائيين ، و أصبح من اختصاص القضاء الإداري كل ما يتعلق بتنظيم و تسيير المرافق العامة، بينما يكون النشاط الخاص للإدارة من صلاحيات القضاء العادي. و ظهرت مدرسة المرفق العام التي تقول بأن كل التصرفات التي يكون أحد أطرافها شخص معنوي عام و تتعلق بتنفيذ أو عدم تنفيذ أو سوء تنفيذ خدمة عامة تكون من اختصاص القضاء الإداري.
و هكذا وقع التوسع مرة أخرى في صلاحيات القضاء الإداري لأن المرافق العامة تشكل الجانب الأوسع في نشاط الإدارة.
أما عن قرار بلانكو[i] -( حكم محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 08 فبراير 1873 Blanco) فإن محكمة التنازع الفرنسية بموجب هذا القرار قد قررت من جهة مسؤولية الدولة عن الأضرار الناجمة عن المرافق العامة ، و من جهة أخرى اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بها.
بيان الوقائع و الإجراءات : ( مسؤولية مرافق الدولة )
و تتمثل الوقائع في كون طفلة قد صُدمت و جُرحت بفعل عربة تابعة لشركة التبغ التي تستغلها الدولة الفرنسية عن طريق الاستغلال المباشر.
و قد رفع أب الطفلة دعواه أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولة المسؤولية المدنية عن الضرر اعتمادا على المواد 1382 إلى 1384 من القانون المدني.
و رفع الأمر إلى محكمة التنازع التي أسندت الاختصاص إلى القضاء الإداري للفصل في النزاع.
و بذلك أقرّ قرار بلانكو مسؤولية الدولة ووضع حدّا للمفهوم القديم القاضي بعدم مسؤوليتها ، غير أنه أخضع هذه المسؤولية لنظام خاص يميزها عن المبادئ الواردة في القانون المدني في باب المسؤولية بين الأفراد و ذلك بفعل حاجيات المرفق العام.
و النتيجة التي ترتبت على ذلك هي اختصاص القضاء الإداري في هذا الشأن تطبيقا لقانون 16 و 24 غشت 1790 الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري.
و إذا كان قرار بلانكو يعتبر من بين القرارات المُنشئة للقضاء الإداري فإن التطورات اللاحقة للاجتهاد القضائي قد أدت إلى تغيير القواعد المعمول بها ، حيث اتجهت المناقشة إلى حالة قيام الإدارة بالتصرف وفقا للقواعد التي يتصرف حسبها الخواص و هو ما يؤدي منطقيا إلى اختصاص القضاء العادي اعتمادا على معيار التسيير العمومي و التسيير الخاص Gestion publique et gestion privée .
و بهذا بدأت أزمة معيار المرفق العام مع بداية القــــــــــــــرن 20 ( 1912)، و ظهر ذلك بمناسبة قضية عقدٍ مبرم بين بلدية ليل الفرنسية و شركة أشغال من أجل تعبيد الطرقات، فرغم أن الأمر يتعلق بمرفق عام إلا أن قرار مجلس الدولة أحال الاختصاص للقضاء العادي ما دام العقد قد أبرم وفقا للقواعد و الشروط المعمول بها بين الخواص.
ثم تعمق هذا التمييز بموجب قرار عبّارة إيلوكا Bac d’Eloka في 1921 الذي أقرّ بوجود مرافق عمومية صناعية و تجارية أخضعت لاختصاص القضاء العادي، و بالتالي لم يعد معيار المرفق العام كافيا للتمييز.
ثم قرر مجلس الدولة الفرنسي عام 1938 بأن الأشخاص الخاصة يمكن أن تسيـّر مرافق عامة حتى خارج حالات الالتزام Hors concession ) ).
و هكذا بدأ يتضاءل معيار المرفق العام ، و يبرز معيار السلطة العامة كمعيار أكثر فاعلية.
ثم عاود مجلس الدولة الفرنسي و محكمة التنازع الرجوع إلى معيار المرفق العام خلال الخمسينات من القرن العشرين ( 1955 و 1956 ) .
و هكذا أصبح المعياران المعمول بهما هما المرفق العام و التسيير العمومي.
و في الوقت الراهن حسب الأستاذ بيار لوران فريار[2] فإن البحث عن معيار واحد لتحديد الاختصاص لا يجدي نفعا بل يجب التعامل مع ثلاثة معايير في نفس الوقت، و هي :
أ - المعيار العضوي : بالبحث عن طبيعة الشخص المعنوي العام.
ب - المعيار المادي : بالبحث عن الهدف المنشود من التصرف ( خدمة عامة)، أي أن يتعلق النزاع بنشاط الإدارة (السلطة التنفيذية ) ، و بذلك تخرج النزاعات المتعلقة بالنشاط التشريعي و القضائي .
و في هذا الإطار هناك مجال واسع لدراسة و تحديد النشاط التشريعي و البرلماني الذي يخرج عن صلاحيات القضاء الإداري، و يقابله النشاط الذي يمكن أن يخضع لاختصاصه مثل الأضرار الناتجة عن تسيير مصالح السلطة التشريعية، و المنازعات الفردية للموظفين و الأعوان العاملين في المجالس البرلمانية، و منازعات الصفقات العمومية التي تبرمها هذه المجالس.
كما أن هناك مجالا واسعا لتحديد النشاط القضائي العادي الذي يخرج عن اختصاص القضاء الإداري عملا بمبدأ الفصل بين السلطات.
و لكن المصالح القضائية العادية تتصرف أحيانا كجهات إدارية و لذلك يتعين التمييز بين الإجراءات المتعلقة بتنظيم القضاء العـادي (L’organisation) و الإجراءات المتعلقة بتسييره أي بالعمل القضــائي Le fonctionnement )) التي تخضع للقضاء العادي.
و مثل النوع الأول الخاضع للقضاء الإداري :
ç مراسيم إنشاء و تنظيم المحاكم.
ç الإجراءات المتعلقة بالمركز الوظيفي للقضاة ( مثل : التنقيط و قرارات الترقية و العقوبات التأديبية و الانتخابات المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء).
و مثل النوع الثاني الذي يخرج عن صلاحيات القضاء الإداري :
ç الأحكام و القرارات القضائية و غير القضائية.
ç الإجراءات التحضيرية للدعاوى القضائية.
ç أعمال الشرطة القضائية.
ç إجراءات تنفيذ العقوبات الجزائية.
ç تصرفات الأعوان الخاضعين لرقابة السلطة القضائية كضباط الحالة المدنية و الضباط العموميين.
ç إجراءات تنفيذ الأحكام المدنية.( و لكن القضاء الإداري مختص في حالة رفض الإدارة تنفيذ الحكم المدني منذ قرار مجلس الدولة الفرنسي في 30-11-1923)[ii]. و للعلم فإن هذه القضية المعروفة بقضية كويتياس Couitéas تعطي إشارة الانطلاق للاجتهاد القضائي الذي قرر مسؤولية الإدارة دون خطأ بفعل نقض المساواة أمام الأعباء العامة، وبيان وقائعها كالتالي :
فالسيد كويتياس قد تمّ الاعتراف له بملكية أراضي فلاحية مساحتها 38000 هكتار (في تونس المستعمرة من طرف فرنسا ) و حصل بموجب حكم على حقه في طرد شاغليها ( السكان الأصليين ). و لكن الحكومة الفرنسية ،التي لجأ إليها عدة مرات للتنفيذ ، قد رفضت مَدَّهُ بالقوة العسكرية اللازمة خشية الاضطرابات الخطيرة التي من الممكن أن يثيرها السكان الأصليون لتلك الأراضي لأنهم يعتبرون أنفسهم هم المالكون الشرعيون منذ غابر الأزمان.
و لما رفضت الإدارة تعويض السيد كويتياس عن الأضرار الحاصلة له طُــِرح الأمرُ على مجلس الدولة الفرنسي الذي رأى بأن الحكومة من حقها رفض تقديم القوة المسلحة لأن من واجبها تقدير ظروف تنفيذ الحكم القضائي و رَفضُ ذلك إن كان هناك خطر يهدد الأمن و النظام العام، ولكن من حق السيد كويتياس أن يطالب بالتنفيذ مع استعمال القوة فإذا طالت مدة الرفض فوق الحد المعقول فإن ذلك سيكون حِمْلا من غير المعقول أن يتحمله وحدَه لأن الضرر المفروض عليه في هذه الحالة هو حرمانه من الانتفاع لمدة غير محددة ، و بالتالي من حقه أن يطالب بالتعويض عنه.
و هكذا يمكن للقاضي في بعض الأحيان أن يقدر بأن السلطة العامة من حقها أن تجعل على كاهل بعض أفراد المجتمع بعض الأعباء الخاصة باسم المصلحة العامة ، و لكن مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة المأخوذ من بيان حقوق الإنسان و المواطن لعام 1789 يوجب أن يُمنحوا تعويضا مقابل ذلك.
و تجدر الإشارة إلى أن الضرر الواجب تعويضه في هذه الحالة يجب أن يكون خاصا و غير عادي، أي يجب أن يصل إلى درجة من الأهمية، و أن يقتصر على عدد محدد من الأشخاص.
مع العلم أن القضاء الفرنسي قد رفض في حالات أخرى منح أي تعويض بسبب اختلال التوازن أمام الأعباء العامة ، خشية أن يُعَطـِّل تماما كل نشاط للإدارة ، و ذلك في مثل حالات تغيير اتجاهات السّيْر العام أو إحداث اتجاهات جديدة و ما يتبع ذلك من أضرار جسيمة للنشاط التجاري.
ج - المعيار الشكلي : بالبحث عن الوسائل المستعملة من طرف الإدارة هل استعانت بامتيازات السلطة العامة أم كان تصرفها عاديا مثل تصرف الأفراد.
فهذا المعيار في تحديد الاختصاص للقضاء الإداري هو أن يتعلق النزاع داخل عمل الإدارة بنشاط المرافق العامة ذات التسيير العمومي.
و هنا تظهر الصعوبة الحقيقية لتحديد معيار توزيع الاختصاص، لأن القضاء الفرنسي حاليا يعتمد معايير مختلفة تتردد ما بين فكرة المرفق العام و فكرة السلطة العامة أو ما بين التسيير العمومي و التسيير الخاص للمرافق العامة، و في الوقت الحالي لم يتم التوصل إلى معيار واحد و لكن يبقى معيار المرفق العام قوياً و فعالاً.
الاستثناءات : مراعاة إن كانت هناك استثناءات قانونية تعطي الاختصاص للقضاء العادي ، و أهمها في القانون الفرنسي :
◄ منازعات الضرائب غير المباشرة.
◄ منازعات الضمان الاجتماعي.
◄ مسؤولية الإدارة عن الأضرار التي تحدثها المركبات ( منذ قانون 31-12-1957 ).
◄ المسؤولية عن الأضرار التي يحدثها تلاميذ المدارس العمومية أو تحدث لهم ( قانون 5-4-1937 ).
◄ حالة الأشخاص ( القانون المدني و قانون الجنسية و قانون الانتخابات ).
◄ الاعتداء على الحريات أو على الملكية الفردية، كالاستيلاء على العقار Emprise و حالة التعدي La voie de fait .

و إذا كانت مِيزة القضاء الإداري في البداية تتمثل في غياب الطابع العام و المطلق لمسؤولية الدولة ، فإن هذه المسؤولية قد توسعت شيئا فشيئا إلى غاية إقرار المسؤولية دون خطأ ، سواء بناءً على المخاطر أو على اختلال المساواة أمام الأعباء العامة ، وبذلك ظهر نظام مناسب للضحايا أكثر مما هو عليه في القانون المدني.
و في الوقت الحالي بداية من القرن العشرين تغير الاتجاه نحو التقليص من اختصاص القضاء الإداري و ذلك بفعل أن الإدارة تجنح إلى تسيير المرافق العامة وفق أساليب القانون الخاص، و هذا مما دفع إلى مناقشة موضوع طرق تسيير المرافق العامة ذاتها و كلما ظهر أنها تسير وفق أساليب القانون الخاص أحيل الاختصاص إلى القضاء العادي.
تنازع الاختصاص بين القضاء العادي و القضاء الإداري
قد يحدث أن أحد النظامين القضائيين يرى بأن نزاعا ما هو من اختصاصه، أو يخرج عن اختصاصه، و يتناقض في ذلك مع ما يراه قضاة النظام الثاني، فينتج عن ذلك ما يعرف بالتنازع الذي قد يكون إيجابيا إذا تمسك النظامان باختصاصهما، و قد يكون سلبيا إذا قضى كل منهما بعدم اختصاصه.
و الجهة التي تفصل عندئذ في هذا التنازع هي محكمة التنازع Le tribunal des conflits .
و من جهة ثانية قد يحدث بمناسبة نظر قضية ما من طرف أحد النظامين القضائيين أن تثار مسائل عارضة هي في الواقع من اختصاص النظام القضائي الآخر، فيجب أن تكون هناك طرق إجرائية لتفادي أي تجاوز أو أي إشكال.
محكمة التنازع :
من أجل حل التنازع بين النظامين القضائيين أنشأ المشرع الفرنسي محكمة التنازع بموجب قانون 24 مايو 1872 ، و هي تضم عددا متساويا من قضاة النظامين و تفصل في مسائل التنازع.
إنها تتشكل من ثلاثة قضاة منتخبين من مجلس الدولة و ثلاثة من محكمة النقض، و هؤلاء الستة يقومون بدورهم بانتخاب عضوين أصليين و عضوين احتياطيين في كل نظام، و الجميع ينتخبون من بينهم نائب رئيس.
وهناك محافظي الحكومة من الجهتين أيضا.
و يرأس محكمة التنازع وزير العدل ( نظريا )، و هو يتمتع بصوت ترجيحي في حالة تساوي الأصوات.
و محكمة التنازع الفرنسية تصدر حوالي خمسين قرارا سنويا.
أ – حالة التنازع الإيجابي Conflit positif :
فإذا كانت جهة إدارية متابعة أمام القاضي العادي فمن حقها أن تلتمس من المحافظ ( Le préfet ) أن يطلب من المحكمة التصريح بعدم الاختصاص ( Déclinatoire de compétence ) ، فإن استجابت لذلك فبها ، و إن هي رفضت هذا الطلب فعليها الانتظار مدة 15 يوما قبل الفصل في الموضوع، مما يسمح للمحافظ بطرح المسألة على محكمة التنازع التي تفصل في أجل ثلاثة أشهر. فالنزاع الإيجابي يهدف إلى حماية الاختصاص الإداري فحسب.
ب – حالة التنازع السلبي Conflit négatif :
و يحدث التنازع السلبي عندما يصرح النظامان القضائيان بعدم اختصاصهما بنظر النزاع ، و عندئذ يكون من حق الأفراد طرح المسألة على محكمة التنازع.
و منذ عام 1960 أصبح من حق الجهات القضائية نفسها أن تتفادى إصدار أحكام بعدم الاختصاص عندما تعترضها صعوبات جدية في باب الاختصاص.
المسائل العارضة Questions accessoires :
المسائل العارضة هي تلك المسائل القانونية التي تعترض القاضي أثناء نظر قضية ما، ويكون عليه أن يفصل فيها مسبقا قبل الفصل في النازلة المعروضة عليه ، و لكن تلك المسألة تكون من اختصاص النظام القضائي الآخر.
أ – إذا طرح الأمر على القاضي الإداري فإنه يتعين عليه وقف الفصل في الدعوى ، و إحالة الأطراف إلى القضاء العادي فيما يتعلق بمسائل الجنسية و الملكية و الموطن أو تفسير عقود القانون الخاص.
ب – و إذا طرح الأمر على القاضي العادي ، المدني أو الجزائي، في مسائل تعود للقضاء الإداري كتفسير قرار إداري فردي أو تنظيمي، أو فحص مشروعيته، أو معرفة ما إذا كان عقار ما تابع للأملاك العامة، أو أن شخصا معينا يعتبر موظفا عموميا، فإننا نفرق بين القرار الفردي و القرار التنظيمي، بحيث أن تفسير القرار الفردي يعود لاختصاص القضاء الإداري، و أما إذا تعلق الأمر بقرار تنظيمي فإن الاختصاص يبقى من صلاحيات القضاء العادي على أساس أن القرارات التنظيمية تتضمن أحكاما عامة فهي شبيهة بالقوانين.
ج - فحص مشروعية القرارات الإدارية :
إن مسألة فحص مشروعية القرارات الإدارية إذا طرحت أمام القضاء المدني فهي دفع أوليّ يعود الاختصاص بشأنه إلى القضاء الإداري.
و أما إذا طرحت المسألة أمام القضاء الجزائي فإنه يفصل فيها و لا يعتبرها خارج صلاحياته ، و مما دعّم هذا الاتجاه من الناحية القانونية ما ورد في قانون العقوبات الفرنسي ( المادة R. 26-5° عقوبات قديم و يقابلها نص المادة R. 610-5° عقوبات جديد ) التي تنص على معاقبة المخالفين للمراسيم و القرارات التنظيمية الشرعية، و قد قضت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 05-7-1961 أنه يتعين على قاضي المخالفات أن يبحث عن مشروعية القرار البلدي حتى يتمكن من تطبيق النص القانوني، مع ملاحظة أن هذا النص يتعلق بالقرارات الإدارية المتعلقة بالشرطة العامة أي القرارات الرامية إلى حفظ السكينة و الأمن و الصحة العامة.

توزيع الاختصاص

داخل جهات القضاء الإداري

في فرنسا :

المبادئ العامة لتوزيع الاختصاص بين جهات القضاء الإداري في فرنسا عرفت تطورات متلاحقة إلى غاية الإصلاحات المحدثة عام 1953 ، إذ كان مجلس الدولة الفرنسي في السابق يُعتبر هو صاحب الولاية العامة للفصل في المنازعات الإدارية بينما كان اختصاص باقي المحاكم الإدارية محدد بموجب النصوص التي أنشأتها ، إلى أن وصل الأمر إلى تضخم عدد القضايا المطروحة أمام المجلس ممّا أدى إلى عجزه عن الفصل فيها في مدة زمنية مقبولة ، و هذا هو السبب الرئيسي لإصلاحات عام 1953 المحدثة بموجب مرسوم 30/09/1953 المتضمن إصلاح المنازعات الإدارية الذي أعطى صفة قاضي القانون العام في المادة الإدارية للمحاكم الإدارية بدلا من مجلس الدولة ، و بالتالي حدث تعميم مبدأ التقاضي على درجتين باستثناء حالات محددة بقي الاختصاص بالفصل فيها إبتدايا و نهائيا لمجلس الدولة ، و قد تأكد هذا المبدأ بإنشاء محاكم الاستئناف بموجب قانون 31/12/1987 .
و توزيع الاختصاص داخل هيئات القضاء الإداري محدد بموجب مرسوم 22/02/1972 ( المتمم بمرسوم 02/09/1988 ) الذي يهدف إلى تبسيط إجراءات توزيع الاختصاص و الإسراع فيها ، و بموجب هذا النظام يُمنع على كل جهة قضائية إدارية أن تصرح بعدم اختصاصها إذا كان الاختصاص يعود إلى جهة قضائية إدارية أخرى بل يجب عليها تصحيح الإجراءات و ذلك بتحويل النزاع إلى الجهة المختصة.[5]
و يكون ذلك حسب الكيفيات التالية :
ç إذا كانت عريضة الطعن مشوبة بعيب فاضح من عيوب عدم القبول فإن بإمكان مجلس الدولة أو المحاكم الإدارية أن تصرح برفضها بغض النظر عن مسألة الاختصاص .
ç و إذا طرحت الدعوى أمام مجلس الدولة و كان الاختصاص يعود في الحقيقة إلى جهة قضائية إدارية متخصصة فإن مجلس الدولة يحيل إليها الدعوى ( بموجب أمر غير مسبب من رئيس قسم المنازعات بالمجلس ) و لا يكون من حق الجهة المحال عليها أن ترفض التمسك باختصاصها.
ç و إذا طرحت الدعوى أمام مجلس الدولة و كان الاختصاص يعود إلى إحدى المحاكم الإدارية فإن رئيس قسم المنازعات يصدر أمرا غير مسبب ، و غير قابل للطعن ، بتحويل القضية إلى المحكمة المختصة ، و هذه الأخيرة لا يمكنها رفض التمسك باختصاصها إلا إذا كان يتعلق بعدم اختصاص القضاء الإداري أصلا.
ç و إذا طرحت الدعوى أمام محكمة إدارية و رأت أن الاختصاص يعود إلى محكمة إدارية أخرى فإن المسألة تعرض على رئيس قسم المنازعات بمجلس الدولة الذي يحدد المحكمة المختصة.
الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ



كما أن لقاضي التنفيذ اختصاصه المحلي في تنفيذ السندات التنفيذية ونظر منازعات التنفيذ الواردة على التنفيذ طبقاً للقواعد العامة لاختصاص قاضي التنفيذ الواردة في المادة (317) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني.
فإن لقاضي التنفيذ اختصاصاً نوعياً ولاسيما في نظر منازعات التنفيذ..هذا الاختصاص أكده قانون المرافعات النافذ رقم (40) لعام 2002م الذي اعتبر قاضي التنفيذ محكمة قائمة بذاتها لها اختصاصها المحدد من القانون على سواها من المحاكم..فقاضي التنفيذ دون غيره يختص بالفصل في جميع منازعات التنفيذ المقدمة إليه أياً كانت قيمتها وأياً كانت صفتها، سواء كانت منازعة تنفيذ موضوعية أو منازعة تنفيذ وقتية، وهو أيضاً يختص بإصدار الأوامر الوقتية أو ما يسمى بالأوامر على عرائض، فقاضي التنفيذ يجمع أوصافاً ثلاثة، فهو قاض موضوعي وقاضي الأمور المستعجلة وقاض للأمور الوقتية، وتصدق عليه هذه الصفات في الآتي:

أولاً: قاضي التنفيذ باعتباره قاضياً موضوعياً:
قاضي التنفيذ يفصل في المنازعات الموضوعية المقدمة إليه بصفته القضائية باعتباره محكمة تصدر أحكاماً قضائية وباتباع إجراءات المحاكمة العادية..هذه المنازعات تقدم من أطراف التنفيذ أو من الغير، والتي يطلب فيها إصدار حكم قضائي قطعي في إجراءات التنفيذ، أي يطلب الحكم بصحتها أو ببطلانها، فمثال المنازعة المقدمة من أطراف التنفيذ المنازعة المقدمة من المنفذ ضده والمؤسسة على عيب في السند التنفيذي، كأن يكون غير قابل للتنفيذ إما لكونه غير نهائي أو أن يكون حكماً غير ملزم، أي كونه حكماً تقريرياً أو منشئاً الغير قابلة للتنفيذ..ومثال منازعة التنفيذ المقدمة من الغير دعوى استحقاق العقار المحجوز المادة (439) مرافعات.
ثانياً: قاضي التنفيذ باعتباره قاضي الأمور المستعجلة:
يختص قاضي التنفيذ بالفصل في المنازعات الوقتية أو ما يسمى (إشكالات التنفيذ) بصفته القضائية باعتباره قاضي الأمور المستعجلة، وباتباع إجراءات القضاء المستعجل مقتصراً في ذلك على الحكم بوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه حتى يتم الفصل في موضوع المنازعة فيما بعد..ولا يجوز له هنا الحكم بصحة أو بطلان إجراءات التنفيذ كونه هنا قاضياً للأمور المستعجلة فحسب، ومثال ذلك أن يطلب المنفذ ضده وقف التنفيذ تأسيساً على أن السند التنفيذي غير ممهور بالصيغة التنفيذية.
ثالثاً: قاضي التنفيذ باعتباره قاضياً للأمور الوقتية (الاختصاص الولائي):
يختص قاضي التنفيذ بإصدار أوامر على عرائض بصفته الولائية طبقاً للاختصاص الولائي للقاضي والمنصوص عليه في القواعد العامة للاختصاص في المادة (246) مرافعات، أو طبقاً لقواعد اختصاص قاضي التنفيذ المنصوص عليه في المادة (318) مرافعات، ومثال ذلك أنه يصدر أمراً بتعيين حارس قضائي المادة (393) مرافعات.
هذه جملة اختصاصات قاضي التنفيذ النوعية وله أيضاً اختصاص وسلطة الإشراف على إجراءات التنفيذ وعلى العاملين عليها من موظفي محكمة (قسم) التنفيذ، هذا الاختصاص في الإشراف محصور لقاضي التنفيذ دون غيره طبقاً للمادة (320) تنفيذ، فمثلاً لا يقوم بالأمر بالبدء في إجراءات التنفيذ غير قاضي التنفيذ، كما أن على قاضي التنفيذ التوقيع على ملف التنفيذ عقب كل إجراء من إجراءات التنفيذ..المادتين (320.319) تنفيذ.
وما يجب الإشارة إليه هنا أن منازعات التنفيذ والمذكورة سلفاً واختصاص قاضي التنفيذ في نظرها يحكمها أصل عام متفق عليه منصوص عليه في المادة (498) تنفيذ، والتي تنص على أن: (جميع المنازعات المتعلقة بأصل الحق المحكوم فيه أو بصحة السند التنفيذي لا تعتبر من منازعات التنفيذ التي يختص بالفصل فيها قاضي التنفيذ)، إذاً فإن النص القانوني صريح في أن أي منازعة ترفع إلى قاضي التنفيذ ولو تحت مسمى منازعة تنفيذ وهي تمس أصل الحق المحكوم به أو حجية السند التنفيذي لا يختص بنظرها قاضي التنفيذ، ولكون منازعات التنفيذ متعلقة بالاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ وتبعاً لذلك متعلقة بالنظام العام فإن على قاضي التنفيذ ولو من تلقاء نفسه واجب الحكم بعدم قبول أي منازعة تنفيذ أسست على خلاف القاعدة أو النص القانوني سالف الذكر..وما نأسف له عدم قيام كثير من قضاة التنفيذ بهذا الواجب القانوني والقضائي مما يؤدي إلى إطالة أمد إجراءات التنفيذ وعدم حصول المحكوم لهم على حقوقهم الشرعية إلا بعد زمن طويل وعناء شديد رغم وجود أحكام قضائية باتة قضت لهم بهذه الحقوق.
إذاً فعلى قاضي التنفيذ ولو من تلقاء نفسه أن يحكم بعدم قبول أي منازعة تنفيذ لا تعد من منازعات التنفيذ التي يختص بنظرها قاضي التنفيذ، وكذلك عليه أن يصحح من الوصف القانوني الخاطئ الذي يضفيه الخصوم على منازعتهم وعليه ولو من تلقاء نفسه أن يرفض أي طلب تنفيذ ليس من اختصاصه نظره، فعليه مثلاً رفض أي طلب تنفيذ لحكم غير نهائي أو غير مشمول بالنفاذ المعجل أو لم ينص القانون على نفاذه المعجل..وعليه رفض أي منازعة تنفيذ تمس أصل الحق المحكوم به في السند التنفيذي أو تمس حجية هذا السند.
وكذلك على قاضي التنفيذ أن يصحح الوصف الخاطئ الذي يضفيه الخصوم على منازعات التنفيذ التي يقدمونها، وذلك من هذا الوصف الخاطئ إلى الوصف والتكييف القانوني السليم، وثمرة هذا التصحيح اتباع الإجراءات القانونية السليمة لنظر هذه المنازعات والتي تكفل للمحكوم لهم الوصول إلى حقوقهم المحكوم بها في أقرب وقت ممكن، إذاً فإن إجراءات نظر منازعات التنفيذ الموضوعية غير إجراءات نظر منازعات التنفيذ الوقتية..فهذه الأخيرة تنظر بإجراءات القضاء المستعجل، كما أنه لا يجوز قبولها بعد تمام التنفيذ بخلاف المنازعات الموضوعية التي تنظر بإجراءات نظر الدعوى العادية كما أنه يجوز تقديمها بعد تمام التنفيذ..فمثلاً لو كيف رافع المنازعة منازعته على أنها منازعة تنفيذ وقتية(إشكال في التنفيذ) وأسس ذلك على سبق التنفيذ أو طلب الحكم صحة أو بطلان التنفيذ ولم يطلب الوقف أو السير في التنفيذ فإن هذه المنازعة موضوعية لاوقتية على القاضي واجب تكييفها التكييف القانونية السليم والمضي في نظرها بإجراءات نظر منازعة التنفيذ الموضوعية، وكذلك الحكم فيها تبعاً لهذا التكييف.
ومما يجدر التنويه إليه هنا بمناسبة الحديث عن واجب التفريق عند نظر منازعات التنفيذ بين منازعات التنفيذ الموضوعية ومنازعات التنفيذ الوقتية أن الواقع العملي وللأسف في الغالب لا يتقيد بهذا التفريق، فكم هي المنازعات الوقتية التي تنظر بإجراءات المنازعات الموضوعية بل وإجراءات طويلة جداً، وقد تطول لسنوات وهذا يخالف القانون ويخالف القصد الذي بسببه أجاز القانون رفع هذه المنازعات في التنفيذ، وهو ما نأمل تداركه لكي يحصل المحكوم لهم على المحكوم به في أسرع وقت ممكن وبأقل تكلفة، وإعمالاً لأحكام الشرع والقانون الحريصين على ذلك.