بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

22 يوليو 2011

أحقية جميع أعضاء الإدارات القانونية لبدل التمثيل

هذه وجهة نظر انتهيت فيها إلى أحقية جميع اعضاء الإدارات القانونية من السادة المحامين لبدل التمثيل ، ذلك البد ل الذي يتم منحه حالياً لمدير عام الإدارة القانونية فقط ، و ذلك على النحو التالي :

من حيث إن القاعدة الثالثة الملحقة بجدول مرتبات الوظائف الفنية المرفق بالقانون رقم 47 لسنة 1973 بشان الادارات القانونية كانت تنص على انه : " لا يجوز الجمع بين بدل التفرغ المقرر بمقتضى هذا القانون وبدل التمثيل أو أى بدل طبيعة عمل آخر " ، واستناداً لهذا النص لم يمنح محاموا الادارة القانونية جميعاً أى بدل سوى بدل التفرغ .

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/6/1999 فى الدعوى رقم 213 لسنة 19 قضائية دستورية بعدم دستورية حظر الجمع الوارد بالقاعدة آنفة الذكر فقد أضحى من حق محامى الادارات القانونية الجمع بين بدل التفرغ وبدل التمثيل وأى بدل طبيعة عمل آخر ، إلا أن جهة الادارة قامت بمنح بدل التمثيل للسيد الاستاذ / مدير عام الشئون القانونية فقط ، كما لم تمنح أعضاء الادارة القانونية جميعاً أى بدل طبيعة عمل آخر .

ومن حيث إن مسلك جهة الادارة على هذا النحو قد جاء مخالفاً لأحكام الدستور والقانون ، وذلك للاسباب الاتية : ـ

أولا : من المقررأن هذا البدل بحسب طبيعته يستهدف مواجهة ما تتطلبه الوظيفة التى يشغلها من يمنح هذا البدل من نفقات تقتضيها ضرورة ظهوره بالمظهر الاجتماعى اللائق لشغلها .( فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع ـ قاعدة رقم 356 ـ جلسة 7/4/1963 ـ مجموعة ابو شادى ـ وارد بمؤلف الاستاذ محمود صالح ـ شرح قانون العاملين المدنيين بالدولة ـ الطبعة الاولى ـ سنة 1995 ـ ص 262 ).

ومن حيث إن مناط استحقاق هذا البدل وفقا لذلك هو أمر موضوعى ، يتمثل فى طبيعة الوظيفة التى تستوجب الظهور بالمظهر الاجتماعى اللائق بها ، وليس مجرد شغل درجة معينة ، إذ أن هناك مستحقات للعامل تصرف له لمجرد شغله درجة معينة كالمرتب والعلاوات ، أما البدلات فهى ليست لصيقة بالدرجة الوظيفية وإنما تقرر كل بدل لظروف واقعية ترتبط بأداء العمل فإن انتفت تلك الظروف انتفى أى حق له فيها ، و هذا ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حكمها سالف الذكر حيث ورد به " و كان البدل الذي يعطى للعامل – سواء كان عوضاً ع نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله أو عن طاقة يبذلها أومخاطر معينة يتعرض لها في أدائه له ، أو مقابل ما اقتضته وظيفته من تفرغه للقيام بأعبائها ، أو غيرها – إذ تنبثق عن علاقة العمل ويتصل بظروف ادائه ويستحق بمناسبة تنفيذه ، فإنه بذلك يصطحب الحماية المكفولة للأجر ، فإذا توافرت في العامل شروط استحقاق البد ل- أياً كان مسماه – أو واجه الظروف والمخاطر التي دعت إلى تقريره ، نشأ له الحق في استئدائه بما لا يجوز معه أن يهدر المشرع حق العامل فيه لمجرد قيام حقه في بدل آخر غيره ".
وبالبناء على ماتقدم وكان جميع أعضاء الادارة القانونية من أدنى درجاتها ( الثالثة ) حتى أعلاها ( مدير عام الشئون القانونية ) يمارسون أعمالاً قانونية ذات طبيعة واحدة لهم وفى ذات الأماكن والأزمنة المختلفة ، ويقتضى أدائهم لعملهم ممارسته أمام جهات خارجية عديدة ذات مكانه اجتماعية مرموقة ، مثل المحاكم على اختلاف درجاتها وأنواعها ، والنيابات العامة المختلفة ، وغير ذلك من الجهات الادارية وغير الادارية على مستوى الجمهورية ، فضلا عما يتطلبة عملهم من صلة وتعاملات مع مختلف الادارات بالهيئة المدعى عليها وفروعها المختلفة على مستوى الجمهورية وهو ما يترتب عليه لزوماً استيجاب ظهور أعضاء الادارة القانونية أمام تلك الجهات وحال التعامل معها بالمظهر الاجتماعى اللائق بذلك .

ومن المعلوم ان نظرة الناس الى أصحاب المراكز الاجتماعية المرموقة تختلف بحسب مظهر صاحب هذا المركز ، إذ يعاملونه باحترام وينزلونه المنزله الكريمة اللازمه لمركزة إذا كان مستصحباً لمظهر لائق به ، أما إذا كان ذات الشخص صاحب ذات المركز الاجتماعى قد ظهر بمظر لايليق بمركزه فإنهم يسقطونه من نظرهم ويسلبون عنه الاحترام الواجب له ، وما ذلك إلا لكون تلك المراكز تستوجب هذا المظهر اللائق ، فهو بذلك إذن عبء مالى اجتماعى لابد لأعضاء الادارة القانونية جميعاً الالتزام به وليس قاصراً على مدير عام الادارة القانونية فقط وهو مايؤكده القانون والواقع على النحو السالف بيانه .
ويقطع بصحة هذا النظر أن قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 قد نص فى المادة (73) منه على أن :ـ
" يكون حضور المحامى أمام جميع المحاكم بالرداء الخاص بالمحاماة وعلى المحامى أن يحافظ على أن يكون مظهره لائقاً وجديراً بالاحترام ". وهذا الالتزام واقع على عاتق جميع المحامين سواء بالقطاع الخاص او بالادارات القانونية بجميع أعضائها ، والمشرع بذلك يؤكد أن ممارسة المحاماة فى حد ذاتها وظروف ممارستها أمام الجهات القضائية والنيابية والشرطية وغيرها من الجهات تقتضى هذا الظهور اللائق على نحو يؤيد ماسبق بيانه ،
ومن المقرر أن محامى الادارات القانونية مخاطبون بأحكام قانون المحاماة بالإضافة لقانون الادارات القانونية، فهما وحده واحدة بالنسبة لهم ، والمشرع حين يلزمهم بالمظهر اللائق فى قانون المحاماة ويكلفهم أعباء هذا الالتزام لا يعقل والحال كذلك أن يمنع عنهم البدل الذى قرره لمن يلتزم بهذا المظهر وفقاً لطبيعة عمله ، فالمشرع لايعبث ولا يجوز اسباغ التناقض بين مايصدره من قوانين ، بل تلك القوانين تتكامل فيما بينها ويزال ماهو ظاهره التناقض وفقاً لما هو مقرر فى أصول القانون .




ثانيا : يضاف الى ماتقدم أن السبب فى منع الجمع بين بدل التفرغ وبدل التمثيل وغيره من بدلات هو حصول أعضاء الادارة القانونية على بدل التفرغ وليس سبب المنع عدم توافر شرائط استحقاق البدلات الاخرى فيهم ، فلقد ورد بحيثيات حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية القاعدة الثالثة مانصه :
( وكان النص الطعين قد حرم المشمولين بحكمه من بدل التمثيل أو أى بدل طبيعة عمل آخر اللذين توافرت فى شأنهم الشروط والمخاطر التى أوجبت تقريرهما بسبب بدل التفرغ الذى تقرر لهم ............ ) ، الامر الذى يؤكد ان المشرع لم ينف عنهم توافر تلك الشروط ، بل اكد توافرها حين اكتفى فى تسبيب الحظر الى مجرد كونهم يمنحون بدل التفرغ ، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حيثياتها آنفة الذكر.

والملاحظ فى وضوح وجلاء لاغموض فيه أن المحكمة الدستورية العليا لم تفرق بين أعضاء الادارات القانونية فى استحقاقهم لتلك البدلات، ولم تقصر حجية حكمها بعدم الدستوريه على مدير عام الادارة القانونية ، بل جاء حكمها عاماً شاملاً جميع الأعضاء ، كما أن أسباب حكمها بعدم الدستورية تتوافر فى جميع الأعضاء ، الأمر الذى يبين معه أن حهة الادارة قد قامت بتنفيذ حكم عدم الدستورية آنف الذكر تنفيذاً غير كامل مخالفة بذلك الحكم المذكور .
ثالثا : أن قانون الادارات القانونية رقم 47 لسنة 1973 قد نص فى القاعدة الثانية الملحقة بجدول مرتبات الوظائف الفنية المرفق بالقانون المذكور على أن: " يمنح شاغلوا الوظائف المبينة فى هذا الجدول بدل تفرغ قدره (30%) من بداية مربوط الفئة الوظيفية ..... " ثم أعقبه ـ عطفاً عليها ـ بالنص فى القاعدة الثالثة ـ المقضى بعدم دستوريتها على انه : " لايجوز الجمع بين بدل التفرغ المقرر بمقتضى هذا القانون وبدل التمثيل أو أى بدل طبيعة عمل آخر ".
وبالتالى فإن تفسير عبارة ( بدل التفرغ المقرر بمقتضى هذا القانون ) يجب أن يكون فى ضوء المعنى الوارد بالقاعدة الثانية المانحة لبدل التفرغ ، لان العبارة المذكورة تعنى وتتضمن الاحالة الى القاعدة الثانية المشار اليها سلفاً لتحديد مضمون تلك العبارة من حيث المخاطب قانوناً بالقاعدة الثالثة ومن يخضع للحظر الوارد ، ولما كان بدل التفرغ قد تقرر لجميع أعضاء الادارة القانونية بلا استثناء ، فإن مبدأ حظر الجمع بينه وبين بدل التمثيل يتحدد مجال سريانه الشخصى بمجال سريان منح بدل التفرغ ، فيكون الحظر مقصود به جميع أعضاء الادارة القانونية فى قصد المشرع ، فإذا قضى بعدم دستورية هذا الحظر عاد الحق فى الجمع الى من كان يسرى عليهم هذا الحظر وهم جميع أعضاء الادارة القانونية وليس فقط مدير عام الشئون القانونية .
ويؤكد ذلك أن المشرع يخاطب من يحصل على بدل التفرغ لانه العلة فى منع الجمع بينه وبين غيره من البدلات ، وصيغة الخطاب قد جاءت عامة مطلقة ـ والعام يجرى على عمومه ـ فكما منعوا جميعا استناداً للقاعدة الثالثة فكذا ووفقاً للمجرى العادى للامور يمنحون جميعاً بدل التمثيل بجانب بدل التفرغ بعد زوال سند حظر الجمع ، وهذا هو مضمون حكم المحكمة الدسنورية العليا الذى لم يفرق بين أعضاء الادارة القانونية فى استحقاقهم لهذه البدلات .

ويؤكد صحة هذا النظر أيضاً : أن قصرالحق فى بدل التمثيل على مدير عام الشئون القانونية بعد صدور حكم عدم الدستورية يفترض أن القانون كان يخاطب فى القاعدة الثالثة مدير عام الشئون القانونية فقط ، وذلك مخالف للدفاع المتقدم فضلا عن أن ذلك لو كان صحيحاً لما عجز المشرع بأن ينص على ذلك صراحة بان ينص على انه :ـ
" فيما يتعلق ببدل التمثيل المقرر لشاغلى الوظائف العليا سواء بقانون العاملين المدنيين بالدولة أو قانون العاملين بالقطاع العام حسب الأحوال لا يجوز لمدير عام الادارة العامة للشئون القانونية الجمع بينه وبين بدل التفرغ ". أما وقد جاء النص على النحو السابق ايضاحه فقد أعلن المشرع فى صوت جهير على أن بدل التمثيل يمنع عن جميع أعضاء الادارة القانونية وليس فقط المدير العام .

رابعاً : انه إن كان للادارة من سند فى قصرها منح بدل التمثيل على مدير عام الادارة القانونية ، فنظن أنه يكمن فى إعمالها نصوص قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 المطبق على العاملين بالهيئة المدعى عليها فلقد نصت المادة (40) منه على أنه :ـ
" يجوز لمجلس الادارة منح البدلات الاتية وتحديد فئة كل منها وذلك وفقا للنظام الذى يضعه فى هذا الشأن :ـ
1ـ بدل التمثيل لاعضاء مجلس الادارة المعينين وشاغلى الوظائف العليا والوظائف الرئيسية التى يحددها مجلس الادارة وذلك فى حدود (50% ) من بدل التمثيل المقرر لرئيس مجلس الادارة ...." .
وهذا السند إن صح الاستناد إليه إلا أنه مردود عليه وفقاً لما يلى :
1ـ ان المادة (40) سالفة الذكر ضمن نصوص قانون العاملين بالقطاع العام وهذا القانون وضع اصلا ليناسب بيئة عمل تختلف اختلافاً كلياً عن بيئة عمل المحاماة من حيث طبيعة العمل وكيفية وزمان ومكان ممارسته ، وفقاً لتنوع الاختصاصات الملقاه على عاتق الادارة القانونية ، وينعكس هذا الاختلاف بطبيعة الحال على وضع العمل فى الادارات المختلفة بجهة العمل ـ فيما عدا الادارة القانونية ـ فنجد وعلى سبيل المثال درجة المدير العام لأى ادارة يسبغ عليها القانون اختصاصات وواجبات معينه تناسبها وينفرد بها وحده دون باقى العاملين وهو الذى يمثلها أمام الغير، وأما باقى العاملين بإدارته ليس لهم من هذه الامور شئ وينحصر كل نشاطهم فى ممارسة عملهم بعيداً عن أعين الغير ولا ظهور لهم كظهور المدير العام ، فكان المدير العام بهذا الوضع حقيق بأن يستحق بدل التمثيل دون من هو أدنى منه .
يؤكد ذلك ( ان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1007 لسنة 1978 بشأن المعايير اللازمة لترتيب وظائف العاملين بالقطاع العام قد أورد بالملحق رقم (3) المرفق به بشأن تعريف الدرجات أن درجة مدير عام تتضمن واجبات معينة منها : توجيه الافراد وتخطيط برامج العمل والتنسيق والرقابة وإجراء الاتصالات بغرض التحدث أو تمثيل الشركة واصدار القرارات التنفيذية ..) وهذه الامور تجعل المدير العام الشخصية المنفردة بالواجبات الموجبة لبدل التمثيل بالنسبة لهؤلاء العاملين .

اما الوضع فى بيئة عمل المحامين بالإدارة القانونية فهو على العكس من ذلك تماماً، فلقد سبق بيان أن طبيعة عملهم ومكانه وتنوعه لايختلف من محام لآخر حتى المدير العام اللهم سوى جزئية اشراف سيادته على عمل السادة المحامين وهذا أمر داخلى لا صلة له بشرائط استحقاق بدل التمثيل ، إذ أن حقيقة الواقع تؤكد أن المحامين أكثرمن المدير العام تمثيلا لادارتهم وجهة عملهم وظهوراً أمام الغير نظراً لممارستهم الفعلية للأعمال القانونية بالمحاكم والنيابات وأقسام الشرطة واحتكاكهم بالجهات المختلفة ، وماتقرر بدل التمثيل إلا لمواجهة تكاليف هذا الظهور ، إذ أن الظهور الخارجى هو التمثيل الأساسى والجوهرى للادارة القانونية ويعد أهم بمكان من الظهور الداخلى أمام باقى الادارات الأخرى داخل جهة العمل والذى للمحامين أيضا النصيب الوافر منه سواء فى التحقيقات بمستوياتها المختلفة والمقابلات التى تقتضيها ممارسة أعمالهم مع أى مشئول فى جهة العمل بل وفى أى جهة أخرى تتصل بالنزاع المتداول وذلك وفقاً لقانون الادارات القانونية الذى يسبغ على المحامين سلطات الاطلاع لدى تلك الجهات حال إجراء التحقيقات ، وكذا الحضور فى جميع لجان المناقصات والممارسات وغيرها ..... وبالتالى فبيئة عمل المحامين واحدة وتتوافر لهم جميعاً مناط استحقاق بدل التمثيل ، وهذ الاختلاف بين بيئتى العمل المذكورتين يؤكده إفراد المشرع تنظيماً قانونياً خاصاً بمحامى الادارات القانونية ، وما ذلك إلا لطبيعة نظامهم الوظيفى المستقل ، والتى أوجبت ألايتم استدعاء أحكام من القانون العام ( قانون العاملين بالقطاع العام ) إذا تعارضت أو خالفت هذة الطبيعة الخاصة لأعمال المحامين ، وهو مالم تلحظه ولم تعمله جهة العمل حين قصرت بدل التمثيل على المدير العام فقط فى غفله منها عن هذا الاختلاف الواضح .

2ـ ونحيل تأكيدا لذلك الى دفاعنا السابق بشأن ماورد بقانون المحاماة من التزام المحامى بالقطاع الخاص أو العام بالظهور بالمظهر والزى اللائق أمام الجهات التى يمارس فيها ومن خلالها عمله .

3ـ اضافة إلى ماسبق تجدر الاشارة إلى أن بدل التمثيل طبقا لنص المادة (40) المنوه عنها سلفاً مقرر ليس فقط لشاغلى الوظائف العليا بل أضاف المشرع (الوظائف الرئيسية ) أيضاً ، ومفهوم الوظائف الرئيسية لايعد مرادفاً للوظائف العليا ، وإلا عد ذلك تكراراً معيباً لا يفيد جديداً ، وهو أمر منزه عنه المشرع ، الأمر الذى يتعين معه تفسيرها على نحو مغاير ، إذ العبرة فيها ليس بدرجاتها وإنما بجوهر عملها وعناصر أدائها وهو ماينطبق على العمل القانونى لأعضاء الادارة القانونية المتنوع فى عمله وكيفيته والكثير فى كمه والمستمر فى زمانه والمتعدد فى مكانه ، وفوق كل ذلك أهميته وخطورته وجوهريته ، لكونهم يمثلون الرقابة القانونية دخل جهة عملهم والمعاونة على تطبيق وتنفيذ أحكام القانون وحماية المال العام والتعاون مع القائمين على إدارة الجهة لتحقيق الصالح العام ، ويكفى تأكيدا لذلك إفرادهم بقانون خاص ينظم أمورهم ويضمن استقلالهم وحيدتهم قبل جهة الادارة حال أدائهم لاعمالهم ، بالإ ضافة إلى تبعيتهم ومباشرة لرئيس مجلس الإدارة .

قانون الكسب غير المشروع بين الشرعية والمشروعية

بعثت ثورة ( 25 ) يناير 2011 ، قانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنة 1975 إلى الحياة بعد أن كان نسيا منسيا ، وكان أخر عهد القانون تطبيقه على محافظ الجيزة الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة فيما أسند إليه أنه حصل لنفسه وزوجته وولديه القاصرين كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التى تولاها حيث دانته محكمة الجنايات
وإذ طعن المتهم على الحكم قضت محكمة النقض بتاريخ 28/4/2004 ببراءة المتهم مما أسند إليه وهو حكم أثار عند صدوره جدلا ، كما عجت الصحف السيارة بالتعقيب عليه تأييداً وإنكاراً لاعتناقه بأسبابه نعيا على القانون بعدم دستوريته وهو الجدل الذى أعيد إلى المشهد مجدداً فى ضوء ملاحقة رموز النظام السابق ممن رضعوا المال العام حراما ، وشبوا عليه فطاما ، فطاب لهم الحرام وحلا لهم مغنما
وقد أقام حكم النقض عماد ماقضى به على أن المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنة 1975 أقامت قرينة مبناها افتراض حصول الكسب غير المشروع بسبب استغلال الخدمة إذا طرأت زيادة فى ثروة الخاضع لاتتناسب مع موارده متى عجز عن إثبات مصدر مشروع لها ، وهو مايخالف نص المادة ( 67 ) من الدستور من أن الأصل هو البراءة
تقديرنا لقضاء محكمة النقض فى شأن عدم دستورية المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع :
لاجدال فى أن حكم محكمة النقض فيما قضى به من براءة المتهم قد تنكب صحيح القانون ، وخالف المستقر عليه من أحكام المحكمة الدستورية العليا ، بل ومن قضاء محكمة النقض ، بل يخال لنا أن ذلك الأنموذج المثالى للخطأ المهنى الجسيم على تفصيل هذا بيانه :
أولا : عدم أحقية الحكم ـ أو أى محكمة ـ فى رقابة دستورية القوانين أو الامتناع عن تطبيقها
يجمع غالب الفقه على أن جميع المحاكم فى مصر على اختلاف أنواعها ، ودرجاتها فقدت حقها فى التصدى لرقابة دستورية القوانين أو الامتناع عن تطبيقها ركوناً إلى :
1 ـ أفصح الدستور صراحة ـ فى المادة 175 ـ على أن تتولى المحكمة الدستورية العليا ، دون غيرها ، رقابة دستورية القوانين واللوائح ، وفى ذلك دلالة على عدم اختصاص المحاكم العادية بالنظر فى دستورية التشريعات ، كما أكملت المادة ( 29 ) من قانون المحكمة الدستورية تأكيد ذلك بنصها على أن للمحاكم إذا قدرت عدم دستورية أن توقف الدعوى ، وأن تحيله الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستوريته
2 ـ أن الدستور أكد ولأول مرة فى تاريخ الدساتير المصرية على مركزية الرقابة وحصرها فى المحكمة الدستورية العليا وهو ماأكدته المادة ( 25 ) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979فى المادة ( 25 )
3 ـ أن نظام مركزية الرقابة يؤدى إلى تفادى عيوب النظام اللامركزية وعدم الاستقرار فى الأحكام القانونية الذى يتحقق من تنافر وجهات النظر ، فقد تقرر جهة دستورية قانون ، على حين تقرر أخرى عدم دستوريته ، وهو ماأكدته المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا بأن القانون قد حرص على أن يكون لهذه المحكمة دون غيرها القول الفصل فيما يثور من منازعات حول دستورية القوانين واللوائح ، وهو اتجاه يكفل القضاء على عدم الاستقرار فى المعاملات ،كما يحقق وحدة فى التفسير ، ويساعد على بث الانسجام فى الصرح التشريعى ، ويجنب إشاعة القلق ،والتضارب فى الأحكام
4 ـ ويؤيد الفقه ماتقدم حيث ذهب الدكتور / وحيد رأفت بأنه لايعارض أحد فى انفراد المحكمة الدستورية العليا بالرقابة على دستورية القوانين ، فتلك هى وظيفتها الأولى ، وأهم أسباب وجودها بدلا من أن ينعقد الاختصاص لشتى المحاكم كبيرها وصغيرها فتتضارب الأحكام ، وتعم الفوضى
5 ـ والقضاء الدستورى كما يرى الدكتور فتحى عبد الصبور متفرد فى اختصاصه بمهمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين ، فأما انفراده بالرقابة فعلته أن مشاركة جهات أخرى فى هذه الرقابة من شأنه أن تتضارب به الأحكام والآراء حول دستورية القوانين وعدم دستوريتها وهو ماكان يحدث قبل قيام القضاء الدستورى المتخصص
6 ـ أن المحكمة الإدارية العليا قد تواترت أحكامها ـ سواء فى ظل أحكام المحكمة العليا أو المحكمة الدستورية ـ ومن ذلك حكمها فى الطعن رقم 528 لسنة 18 ق ، والطعن 832 لستة 24 ق ـ على أن المحكمة العليا هى الجهة القضائية المختصة دون غيرها بالفصل فيما يثار أمام الجهات القضائية من دفوع بعدم دستورية القوانين ، ويكون ممتنعا على المحاكم الأخرى التصدى للفصل فى هذه الدفوع الدستورية
ووفقا لما تقدم فان محكمة النقض بامتناعها عن تطبيق نصوص قانون الكسب غير المشروع جاوزت ولايتها وهو ماانحاز إليه الأستاذ الدكتور إبراهيم درويش وقتها وطلب إحالة المنازعة الى المحكمة الدستورية العليا
ثانيا : أدلة حكم محكمة النقض بمخالفة قرينة المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع لأحكام الدستور ( عرض وتعقيب )
خلص حكم محكمة النقض إلى أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد تواتر على القضاء بعدم دستورية جميع النصوص القانونية التى تتعارض وافتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان فلاسبيل لدحض البراءة بغير الأدلة التى تقدمها النيابة العامة ، وتبلغ قوتها الاقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التى نسبتها للمتهم فى كل ركن من أركانها وبغير ذلك لاينهدم أصل البراءة ، كما لايملك المشرع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات على عاتق المتهم وامتنعت المحكمة عن تطبيق النص وهو قول مردود عليه جملة وتفصيلا :
1 ـ فإما إنكار الحكم على المشرع وضعه للقرائن القانونية فمردود بأن ذلك أمر يقدره المشرع ، وليس للمحكمة أن تتسلط على السلطة التشريعية ، فضلا عن أن المشرع لم يضع هذه القرينة بالنسبة للكسب غير المشروع ، بل وضعه حين قدر أن هذه القرينة مما تلائم قواعد الإثبات ، وحسبنا أن نشير إلى نص المادة (330 ) من قانون العقوبات والتى عد فيها المشرع كل تاجر متفالسا بالتقصير متى كانت مصروفاته الشخصية أو مصاريف منزله مصاريف باهظة وهى قرينة تناهض أصل البراءة بمفهوم الحكم
2 ـ أن قضاء محكمة النقض بدوائر مغايرة قد خالف هذا الحكم حين أقر بحق المشرع فى وضع القرائن القانونية عامة ، وفى سلامة القرينة المقررة بالمادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع خاصة ، فالثابت من قضاء محكمة النقض بجلسة 27/12/1965 فى الطعن رقم 1356 لسنة 35 ق أنه اعتبر عجز الموظف عن إثبات مايملكه قرينة مقبولة على أن الزيادة فى ماله إنما حصلت فى استغلاله لوظيفة هى بذاتها من نوع الوظائف التى تتيح هذا الاستغلال ، ولم تر المحكمة عدم دستورية المادة المشار إليها
3 ـ أن استدلال حكم محكمة النقض بقضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن ماقضى به من نصوص تتعلق بمخالفة نص المادة ( 67 ) من الدستور استدلال فى غير موضع النص ، فالنصوص التى عرضت لها المحكمة كانت تتعلق بآحاد الناس ، ولم تتعلق بمن يشغل وظيفة عامة ، ويتأكد ماتقدم أن المشرع لم يجز إثبات القذف إذا تعلق بآحاد الناس ، وأجاز إثباته إذا تعلق بمن يشغل وظيفة عامة ، ودون أن يعتبر الحكم ذلك إخلالا بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى الدستور
4 ـ أن قضاء المحكمة الدستورية العليا ومن ذلك حكمها فى الطعن رقم 42 لسنة 16 ق بجلسة 20/5/1995 ليتشدد فيمن يشغل الوظائف العامة ، وبما يغلب أن تقضى المحكمة بدستورية المادة الثانية إذا طعن بعدم دستورية هذه المادة ، ودليل ماتقدم أن لها قضاء متواتراً بأن انتقاد القائمين بالعمل العام وإن كان مريراً يظل متمتعا بالحماية التى كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما يكفل الحق فى تدفق المعلومات وانتقاد الشخصيات العامة بمراجعة سلوكها وتقييمه وهو حق متفرع من الرقابة الشعبية النابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشئون العامة الحريصين على متابعة جوانبها السلبية
5 ـ أن ليس من محكمة النقض أن تمتنع عن تطبيق نص قانونى مادام النص لم يلغ من السلطة المختصة التى تملك التشريع ، أو لم يقض من المحكمة الدستورية العليا بتعطيل مفعوله متى قضت بعدم دستوريته
ثالثا : قرينة المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع لم توضع إعتسافاً ، بل مهد لها المشرع بأن افترض البراءة افتراضا ، ثم نقل عبء الإثبات فحسب على الخاضع فى إثبات ماهو ثابت أصلا وفرضا
لم يضع المشرع القرينة المنصوص عليها فى المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع اعتسافا ، بل مهد لهذه القرينة القانونية بأن استوجب على الخاضع لأحكام هذا القانون تقديم إقرارات ثلاث ، أولها : عند بداية خدمته ، ثم الاقرار الدورى ، ثم إقرار نهاية الخدمة
وقد استوجب المشرع أن يقدم الخاضع بالإقرار الأول ( إقرار بداية الخدمة ) بيانا بالذمة المالية ، وذمة الزوجة ، والأولاد القصر ، كما يتعين أن يتضمن الاقرار الأموال الثابتة والمنقولة ، ثم إقرار كل خمس سنوات على تقديم الاقرار السابق ، وكذلك إقرار عند انتهاء الخدمة
والأصل أن هذه الاقرارات حجة على المقر بما دون فيها ، فإن طرأت زيادة عليها فان على الخاضع أن يثبت مصدرها ، فالمشرع نقل عبء الإثبات الى الخاضع بعد أن ثبت لديه ماهو ثابت أصلا وفرضا بإقرار الخاضع ، فهو يستصحب ذلك الثابت ، وعلى الخاضغ إثبات مايخالفه بحسبانه مدعيا بخلافه
ويتأكد سلامة ماسبق أن المشرع لم يرتق بهذه القرينة الى القرائن القانونية القاطعة وهى التى لايجوز إثبات مايخالفها ، بل جعلها قرينة بسيطة ، ويجوز للخاضع أن يثبت بكافة طرق الإثبات مصدر ماطرأ من زيادة على ثروته التى قدرها بنفسه ابتداء وبغير تدخل من المشرع فى ذلك التقدير
مدى اتفاق قانون الكسب غير المشروع مع الشريعة الإسلامية
أولى الإسلام أرباب الوظائف العامة عنايته ، فاستوجب اختيارهم من أهل العلم والدين وذوى الإصلاح والتقوى ، كما استوجب حسابهم حساباً شديداً ، ومن الأثر ماروى به رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أعطاه الزكاة قائلا هذا لكم ، وهذا أهدى لى ، فخطب عليه السلام فى الناس منكراً على كل من يعمل بالخدمة العامة أن يجنى من عمله شيئا ، ثم قال فلينظر أحدكم إذا جلس فى بيته أيهدى إليه أم لا
ثم جاء خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده ونهجوا ذات النهج فى محاسبة أرباب الوظائف العامة ، فقد كان عمر بن الخطاب يأمر إذا قدم عليه العمال أن يدخلوا نهاراً ، ولايدخلوا ليلاً كيلا لايحتجبوا شيئا من الأموال
كما روى أن عمرا صادر أموال أبى هريرة عامله على البحرين لأنه اجتمعت له عشرة آلاف وقيل عشرون ألفاً بعد أن عقب بأن خيله تناسلت ، وسهامه تلاحقت ، وأنه أتجر ، فقال عمر انظر إلى رأس مالك ورزقك فخذه ،واجعل الآخر فى بيت المال
كما صادر عمر نص مال عمرو بن العاص عامله على مصر لأنه فشت له فاشية من متاع ورقيق وانية وحيوان ، ولم يكن له حين ولى على مصر ، فادعى عمرو أن أرض مصر مزدرع ومتجر ، وأنها أثمان خيل تناجت ، وسهام اجتمعت ، وأنه يصيب فضلا عما يحتاج إليه لنفقته
كما شاطر عمر أموال النعمان بن عدى عامله على ميسان ، ونافع بن عمرو الخزاعى عاملة على مكة ، ويعلى بن منية عامله على اليمن
وبالجملة فإن أحكام قانون الكسب غير المشروع لايناقض أحكام الشريعة الإسلامية ، وهى المصدر الرئيسى للتشريع فانه لايناقض أحكام أى من مواد الدستور ، سواء كانت أصل البراءة أو غيرها فما يكون لأحكام الشريعة إلا أن تقر إلا ماهو حق وعدل

الدستور أولاً أم مجلس الشعب

المحكمة الدستورية تقول ... الدستور أولاً أم مجلس الشعب ..
،للدكتور عوض المر رحمه الله في حكم المحكمة الدستورية رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية

يقول هذا الفقيه العظيم إن وضع الدستور يكون من قبل جهة تعلو على السلطتين التنفيذية والتشريعية .. فلا يمكن والحال كذلك أن يكون تعيين تلك الجهة الأعلى بواسطة الأدنى وهو مجلس الشعب!!!

ورد بحيثيات الحكم

{..وحيث إن سيادة الدستور - بمعنى تَصٌّدره القواعد القانونية جميعها - ليس مناطها عناصر مادية قوامها مضمون الأحكام التى احتواها ، والتى تنظم بوجه خاص تبادل السلطة وتوزيعها والرقابة عليها ، بما فى ذلك العلائق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وكيفية مباشرتهما لوظائفهما ، ونطاق الحقوق التى يمارسها المواطنون ، وكذلك الحريات التى يتمتعون بها ، ذلك أن الدستور- محددا بالمعنى السابق على ضوء القواعد التى انتظمها - هو الدستور منظوراً إليه من زاويه مادية بحتة La Constitution au sens material وهى زاوية لاشأن لها بعلو القواعد الدستورية وإخضاع غيرها من القواعد القانونية لمقتضاها 0 وإنما تكون للدستور السيادة ، حين تهيمن قواعده على التنظيم القانونى فى الدولة لتحتل ذراه 0 ولايكون ذلك إلا إذا نظرنا إليه من زاويه شكلية La Constitution au sens formel لاتتقيد بمضمون القواعد التى فصلها ، وإنما يكون الاعتبار الأول فيها عائداً أولا إلى تدوينها ، وثانياً إلى صدورها عن الجهه التى انعقد لها زمام تأسيسها L`organ Constituant والتى تعلو- بحكم موقعها من السلطتين التشريعية والتنفيذية - عليهما معا ، إذ هما من خلقها وينبثقان بالتالي عنها ، يلتزمان دوما بالقيود التى فرضتها ، وبمراعاة أن القواعد التى صاغتها هذه الجهة وأفرعتها في الوثيقة الدستورية لايجوز تعديلها أوإلغاؤها إلا وفق الأشكال والأنماط الإجرائية التى حددتها ، بشرط أن تكون فى مجموعها أكثر تعقيداً من تلك التى تنزل عليها السلطة التشريعية إذا عن لها تعديل أو إلغاء القوانين التى اقرتها 0 ودون ذلك تفقد الوثيقة الدستورية أولويتها التى تمنحها على الإطلاق الموقع الأسمى La Primaute` Absolue والتى لاتنفصم الشرعية الدستورية عنها فى مختلف تطبيقاتها ، باعتبار ان التدرج فى القواعد القانونية يعكس لزوما ترتيبا تصاعديا فيما بين الهيئات التى أقرتها أو أصدرتها }

قانون الغدر رقم 344 لسنة 1952

قانون الغدر رقم 344 لسنة 1952

مادة 1
فى تطبيق احكام هذا القانون يعد مرتكبا لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما وزيرا او غيره وكل من كان عضوا فى احد مجلسى البرلمان أو احد المجالس البلدية او القروية او مجالس المديريات وعلى العموم كل شخص كان مكلفا بخدمة عامة أو له صفة نيابية عامة وارتكب بعد أول سبتمبر سنة 1939 فعلا من الأفعال الآتية :
( ا ) عمل من شأنه افساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الاضرار بمصلحة البلاد او التعاون فيها أو مخالفة القوانين .
(ب) استغلال النفوذ و لو بطريق الايهام للحصول على فائدة او ميزة ذاتية لنفسه او لغيره من اية سلطة عامة او أية هيئة او شركة او مؤسسة.
(ج) استغلال النفوذ للحصول لنفسه أو لغيره على وظيفة فى الدولة أو وظيفة او منصب فى الهيئات العامة او اية هيئة او شركة او مؤسسة خاصة او للحصول على ميزة او فائدة بالاستثناء من القواعد السارية فى هذه الهيئات.
(د) استغلال النفوذ بإجراء تصرف او فعل من شأنه التأثير بالزيادة او النقص بطريق مباشر او غير مباشر فى اثمان للعقارات والبضائع والمحاصيل وغيرها او اسعار اوراق الحكومة المالية او الاوراق المالية المقيدة فى البورصة او القابلة للتداول فى الاسواق بقصد الحصول على فائدة ذاتية لنفسه او للغير.
(هـ) كل عمل او تصرف يقصد منه التأثير فى القضاه أو فى اعضاء اية هيئة خولها القانون اختصاصا فى القضاء او الافتاء.
(و) التدخل الضار بالمصلحة العامة فى اعمال الوظيفة ممن لا اختصاص له فى ذلك او قبول ذلك التدخل.
ويعتبر التدخل من غير المذكورين فى هذه المادة فى حكم الغدر اذا كان المتدخل قد استغل صلته بأية سلطة عامة.
مادة 2
مع عدم الاخلال بالعقوبات الجنائية او التأديبية يجازى على الغدر بالجزاءات الاتية :
( ا ) العزل من الوظائف العامة.
(ب) سقوط العضوية فى مجلسى البرلمان او المجالس البلدية او القروية او مجالس المديريات .
(ج) الحرمان من حق الانتخاب او الترشيح لاى مجلس من المجالس سالفة الذكر لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .
(د) الحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم.
(هـ) الحرمان من الانتماء الى اى حزب سياسى مدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .
(و) الحرمان من عضوية مجالس ادارة الهيئات او الشركات او المؤسسات التى تخضع لاشراف السلطات العامة ومن اية وظيفة بهذه الهيئات لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .
(ز) الحرمان من الاشتغال بالمهن الحرة المنظمة بقوانين او المهن ذات التأثير فى تكوين الراى او تربية الناشئة او المهن ذات التأثير فى الاقتصاد القومى مدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم.
(ح) الحرمان من المعاش كله او بعضه.
ويجوز الحكم ايضا بأسقاط الجنسية المصرية عن الغادر كما يجوز الحكم برد ما أفاده من غدره وتقدر المحكمة مقدار ما يرد.
ويحكم بالجزاءات ذاتها عل كل من اشترك بطريق التحريض او الانفاق او المساعدة فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر ولو لم يكن من الاشخاص المذكورين فى المادة الاولى .
مادة 3
يحكم على كل من ارتكب فعلا من افعال الغدر من محكمة خاصة تؤلف برياسة مستشار من محكمة النقض وعضوية مستشارين من محكمة استئناف القاهرة يعينهم وزير العدل وأربعة ضباط عظام لاتقل رتبة كل منهم عن الصاغ يعينهم القائد العام للقوات المسلحة.
ويكون مقر هذه المحكمة بمدينة القاهرة ويشمل اختصاصها كل انحاء المملكة المصرية.
وتتولى النيابة العامة مباشرة الدعوى امام المحكمة .
ويجوز للمحكمة أن تحكم على الغادر وشركائه بتعويض ما حدث من ضرر لأى شخص من الأشخاص الاعتبارية العامة
مادة 4
ترفع الدعوى الى المحكمة من لجنة مكونة من اثنين يختارهما المؤتمر المنصوص عليه فى المادة 11 من الإعلان الدستورى المشار اليه بقرار يصدر باتفاقهما مشتملا على بيان بالواقعة والمواد المطلوب تطبيقها , ويكون للجنة فى أداء مهمتها أو لأحد عضويها أو لمن تندبه من رجال القضاء أو النيابة العامة جميع السلطات المخولة فى قانون الاجراءات الجنائية للنيابة العامة ولقاضى التحقيق بغير القيود الواردة فى المواد 51 و 52 و 53 و 54 و 55 و 57 و 91 و 97 من القانون المذكور .
ويحدد رئيس المحكمة اليوم الذى تنظر فيه الدعوى على ان يكون خلال خمسة عشرة يوما من تاريخ رفعها.
ويكون تكليف المدعى عليه بالحضور امام المحكمة قبل الجلسة بثمانية ايام كاملة على الاقل .
ويجوز له الاستعانة بمحام واحد.
ولا يجوز تأجيل نظر الدعوى اكثر من مرتين ولمدة لاتزيد فى كل مرة على اسبوع وينطق بالحكم مشفوعا بأسبابه.
مادة 5
اذا لم يحضر المدعى عليه رغم تكليفه بالحضور ولم يرسل محاميا ينوب عنه تنظر المحكمة الدعوى وتحكم فيها فى غيبته.
ويجوز للمحكمة أن تلزم المدعى عليه بالحضور أمامها وله فى سبيل ذلك أن تأمر بضبطه واحضاره .

مادة 6
لا يجوز الطعن فى الحكم الصادر فى الدعوى بأى طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية.
وينشر الحكم فى الجريدة الرسمية فى صحيفتين من صحف واسعة الانتشار خلال اسبوع من تاريخ صدوره.

مادة 7
فيما عدا الاحكام السابقة يتبع فى حفظ النظام فى الجلسة وفى تنحى القضاه وردهم .
وفى نظر الدعوة وفى الشهود والأدلة الاخرى الاحكام المقررة لذلك فى قانون الاجراءات الجنائية لمحاكم الجنح على ان تختص المحكمة ذاتها بالفصل فى الرد .

مادة 8
يعاقب المحكوم عليه على كل مخالفة لأحكام المادة الثانية تقع باستعمال الحقوق التى حرم منها بالحبس وبغرامة لاتقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على الفين أو بأحدى هاتين العقوبتين.
ويعاقب بالعقوبة ذاتها من اشترك فى المخالفة بأى طريق من طرق الاشتراك .

مادة 9
على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون , ويعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية .
صدر بقصر عابدين فى 5 ربيع الثانى سنة 1372 (22 ديسمبر سنة 1952) .

محمد عبد المنعم .
بأمر وصى العرش الموقت

18 يوليو 2011


القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع

بإسم الشعب

رئيس الجمهورية

قرر مجلس الشعب القانون الآتى نصه وقد أصرناه

مادة 1

يخضع لهذا القانون الفئات الآتية:

1- القائمون بأعباء السلطة العامة ، وسائر العاملين فى الجهاز الادارى فى الدولة عدا فئات المستوى الثالث.

2- أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى، وأعضاء تشكيلاته القيادية الأخرى التى يصدر بتحديها قرار من رئيس الجمهورية ، ورؤساء وأعضاء مجالس ادارة المؤسسات التابعة له وسائر العاملين فى هذه اللجنة وتلك التشكيلات والمؤسسات، عدا العاملين الذين لايجاوز أجرهم مايعادل نهاية الربط المالى للمستوى الثالث.

3- رئيس وأعضاء مجلس الشعب ورؤساء وأعضاء المجالس الشعبية المحلية وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين .

4- رؤساء وأعضاء مجالس الادارة وسائر العاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، عدا شاغلى فئات المستوى الثالث.

5- رؤساء وأعضاء محالس الادارة ، وسائر العاملين بالشركات التى تساهم الحكومة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لها بنصي فى رأس مالها، وذلك فيما عدا الأجانب الذين لايجاوز أجرهم مايعادل الربط المالى للمستوى الثالث.

6- رؤساء وأعضاء مجالس ادارة النقابات المهنية والتحادات العمالية والنقابات العمالية العامة، والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.

7- رؤساء وأعضاء مجالس الادارة وسائر العاملين بالجمعيات التعاونية ، عدا العاملين الذين لايجاوز أجرهم مايعادل نهاية الربط المالى للمستوى الثالث.

8- العمد والمشايخ .

9- مأمور التحصيل والمندوبون له والأمناء على الودائع والصيارف ومندوبو المشتريات والمبيعات وأعضاء لجان الشراء والبيع فى الجهات المشار اليها فى البنود السابقة.

10- الممولون الخاضعونم لنظام البطاقة الضريبية المقرر بالقانون رقم 82 لسنة 1973 اذا جاوز مجموع معاملات الممول مع الجهات المبينة بالقانون المذكور ، خمسين ألفا من الجنيهات.

ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية أن يضاف الى المذكورين فى البنود السابقة فئات أخرى بناء على اقتراح وزير العدل اذا اقتضت ذلك طبيعة العمل الذى يقومون عليه.

مادة 2

يعد كسب غير مشروع كل مال حصل عليه أحد الخاضعين لأحكام هذا القانو لنفسه أو لغيره بسبب استغلال الخدمة أوالصفة أونتيجة لسلوك مخالف لنص قانونى عقابى أو للاداب العامة.

وتعتبر ناتجة بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو السلوك المخالف كل زيادة فى الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون أو على زوجه أو أولاده القصر متى كانت الاتتناسب مع مواردهم وعجز عن اثبات مصدر مشروع لها.

مادة 3

يجب على كل من يدخل فى احدى الفئات التى تخضع لهذا القانون من تاريخ العل به، أن يقدم اقرارا عن ذمته المالية وذمة زوجة وأولاده القصر يبين فيه الأموال الثابتة والمنقولة خلال شهرين من تاريخ خضوعه لأحكام هذا القانون، ويجب كذلك على من يخضع لأحكام هذا القانون أن يقدم بصفة دورية اقرار الذمة المالية خلال شهر يناير التالى لانقضاء خمس سنين على تقديم الاقرار السابق وذلك طوال مدة خضوعه لأحكام هذا القانون،وعليه ان يقدم اقرارا خلال شهرين من تاريخ انتهاء خضوعه لأحكام هذا القانون، ويجب أن تتضمن الاقرارات المنصوص عليها فى الفقرتين الثانية والثالثة علاوة على البيانات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى مصدر الزيادة فى الذمة المالية.

مادة 4

اذا امتنع زوج الملزم بتقديم الاقرارات المنصوص عليها فى المادة السابقة عن اعطائه البيانات اللازمة والتوقيع عليها وجب أن يخطر الجهة التى يقدم اليها اقراره بهذا الامتناع ، وعلى هذه الجهة تكليف الزوج الممتنع تقديم اقرار عن ذمته المالية خلال شهرين من تاريخ اخطاره.

مادة 5

يتولى فحص اقرارات الذمة المالية وتحقيق الشكاوى المتعلقة بالكسب غير المشروع هيئات الفحص والتحقيق الآتية:

(أ) هيئة أو اكثر تشكل كل منها من خمسة من مستشارى محكمة النقض يختارون فى بداية العام القضائى بطريق القرعة وتكون رياستها لأقدمهم وذلك بالنسبة الى رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء ونوابه ومن هم فى درجتهم والوزراء ونوابهم وأعضاء اللجنةالتنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى وأعضاء مجلس الشعب.

(ب) هيئات يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل تتألف كل منها من مستشار بمحاكم الاستئناف وذلك بالنسبة الى من فى درجة الوزير ونائب الوزير والفئة الممتازة ووكلاء الوزرات ومن فى درجتهم.

(جـ) هيئات يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل تتألف كل منها من رئيس محكمة وذلك بالنسبة الى باقى الخاضعين لأحكام هذا القانون.

مادة 6

تنشأ بوزارة العدل تسمى ادارة الكسب غير المشروع تشكل من مدير يختار من بين مستشارى محاكم الاستئناف ومن عدد كاف من الرؤساء بالمحاكم الابتدائية يندبون طبقا لأحكام قانون السلطة القضائية .

وتختص هذه الادارة بطلب البيانات والايضاحات المتعلقة بالشكاوى ومعاونة الهيئات المنصوص عليها فى المادة (5) فى القيام بمهامها.

مادة 7

تتولى الرقابة الادارية تنفيذ ما تكفلها به ادارة الكسب غير المشروع بناء على ما تقرره هيئات الفحص والتحقيق من بحث بيانات حالات الكسب غير المشروع ، ولها الاستعانة فى ذلك بمأمورى الضبط القضائى أو أية جهة أخرى مختصة ويكون مباشرتها هذا الاختصاص على النحو وبالاجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم 54 لسنة 1964 باعادة تنظيم الرقابة الادارية .

مادة 8

يجب على الجهات التى تحددها اللائحة التنفيذية ان تقدم الى ادارة الكسب غير المشروع خلال شهر يناير من كل عام بيانا بأسماء الاشخاص التابعين لها ، والذين يلتزمون خلال العام بتقديم اقرارات الذمة المالية والتاريخ المحدد لتقديمها وأن ترسل اليها هذه الاقرارات خلال مدة لاتجاوز شهرين من تاريخ تقديمها.

مادة 9

تقوم الهيئات المنصوص عليها فى المادة (5) بفحص الاقرارات وجميع الشكاوى التى تقدم عن كسب غي مشروع ، وفحص الذمة المالية للخاضعين لأحكام هذا القانون فى حالة عدم تقديم الاقرار.

ولها فى سبيل ذلك طلب البيانات والايضحات والحصول على الأوراق من الجهات المختصة بما فيها تلك التى تعتبر بياناتها سرية أو صور من تلك الأوراق وكذلك التحفظ عليها.

مادة 10

اذا تبين من الفحص وجود شبهات قوية على كسب غير مشروع أحالت الهيئة المختصة الأوراق الى مجلس الشعب بالنسبة الى رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم لاتباع الاجراءات المنصوص عليها فى القانونين رقمى 247 لسنة 1956 و 79 لسنة 1958، وبالنسبة لأعضاء مجلس الشعب لاتباع الأحكام المقررة فى شأنهم ، أما بالنسبة الى غير هؤلاء من الخاضعين لأحكام هذا القانون فتتولى اجراء التحقيق بالنسبة اليهم الهيئات المنصوص عليها فى البنود أ, ب ,جـ من المادة 5 من هذا القانون ، ولهذه الهيئات عند مباشرة التحقيق جميع الاختصاصات المقررة لسلطات التحقيق فى قانون الاجراءات الجنائية ، وله ان تأمر بدفع المتهم أو زوجه أو أولاده القصر من التصرف فى أموالهم كلها أو بعضها واتخاذ الاجراءات التحفظية اللازمة لتنفيذ الامر، كما أن لها أن تندب النيابة العامة لتحقيق وقائع معينة.

وعلى ادارة الكسب غير المشروع أن تعرض الأمر فى ميعاد لايجاوز ثلاثين يوما من تاريخ صدوره على محكمة الجنايات المختصة والتى عليها تحديد جلسة انذاره خلال الثلاثين يوما التالية وتكليف الصادر ضده الأمر بالحضور أمامها لسماع أقواله وكذلك سماع أقوال ذوى الشأن وأن تصدر حكمها خلال مدة لاتجاوز ستين يوما من عرض الأمر عليها أما بتأييده أو تعديله أو الغائه ، ويترتب على انقضاء مائة وعشرين يوما من تاريخ صدور الأمر دون أن تصدر المحكمة حكمها بشأنها اعتبار الأمر كأن لم يكن.

مادة 11

لمن صدر ضده حكم بالمنع من التصرف أن يتظلم بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ الحكم ، فان رفض تظلمه فله أن يتقدم بتظلم جديد كما انقضت ستة أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم.

كما يجوز لمن صدر ضده حكم بالمنع من التصرف ولكل ذى شأن أن يتظلم من احراءات تنفيذه.

ويكون التظلم بتقرير فى قلم محكمة الجنايات المختصة، وعلى رئيس المحكمة أن يحدد جلسة لنظر التظلم يعلن بها المتظلم وكل ذى شأن ، وعلى المحكمة أن تفصل فى التظلم خلال مدة لاتجاوز ستين يوما من تاريخ تقديمه اليها.

ويجوز لهيئة الفحص والتحقيق فى كل وقت العدول عن الأمر الصادر منها أو التعديل فيه.

مادة 12

يجوز لرئيس المحكمة المختصة بنظر الدعوى ، اذا قامت دلائل كافية على الحصول على كسب غي مشروع أن يصدر بناء على طلب هيئة الفحص والتحقيق أمرا بتكليف الغير بعدم التصرف فيما لدية للمتهم أو أى شخص آخر من المذكورين فى المادة 18 من هذا الأمر كل مايترتب على حجز ما للمدين لدى الغير من آثار دون حاجة الى اجراءات أخرى.

مادة 13

يجوز لرئيس المحكمة المختصة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب هيئة الفحص والتحقيق أن يصدر أمرا بمضمون طلبات الهيئة أو بمضمون دعوى الكسب غير المشروع عى هامش تسجيلات الحقوق العينية الخاصة بالمتهمين وغيرهم من المذكورين فى المادة (18).

ولايحتج فى جميع الأحوال بأى حق عينى اكتسبه الغير بعد تاريخ التأشير ، ويجوز التظلم من هذا الأمر الىالمحكمة طبقا للاجراءات المبينة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية.

ويؤشر قلم الكتاب بمضمون الحكم الذى يصدر فى التظلم أو فى دعوى الكسب غير المشروع، ويترتب على صدور الحكم بالغاء الأمر أو برفض الدعوى زوال كل ما للتأشير من أثر.

مادة 14

اذا رأت الهيئة بعد التحقيق أن الأدلة على المتهم غير كافية تصدر أمرا بعدم وجود وجه لاقامة الدعوى ، ويجب أن يشتمل الأمر على الأسباب التى بنى عليها.

واذا رأت ان الأدلة كافية تصدر أمرا باحلة الدعوى الى محكمة الجنايات المختصة وتضع قائمة بأدلة الثبوت وتكلف النيابة العامة باعلان هذه القائمة للمتهم وارسال الأوراق فورا الى المحكمة.

واذا رأت الهيئة أن الواقعة تتضمن مخالفة ادارية أو مالية أحالت المخالف الى الجهة المختصة للنظر فى أمره.

مادة 15

على ادارة الكسب غير المشروع اخطار النائب العام بالأمر الصادر بعدم وجود وجه لاقامة الدعوى خلال سبعة أيام من تارخ صدوره وللنائب العام ان يطعن فى هذا الأمر خلال ثلاثين يوما من تاريخ اخطاره.

ويحصل الطعن بتقرير فى قلم كتاب محكمةالجنايات المختصة.

وتفصل المحكمة فى الطعن بعد سماع أقوال النيابة العامة وذوى الشأن فاذا رأت أن الأدلة كافية ألغت الأمر وأحالت الدعوى الى دائرة من دوائر المحكمة للفصل فيها.

مادة 16

تنقضى الدعوى الجنائية فى جريمة الكسب غير المشروع بمضى ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ تقديم اقرار انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك.

تتقطع المدة باعلان صاحب الشأن باحالة الأوراق الى مجلس الشعب بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول ، كما تتقطع باتخاذ اجراءات التحقيق من الجهة المختصة.

مادة 17

تعتبر الاقرارات المنصوص عليها فى هذا القانون والشكاوى التى تقدم عن كسب غير مشروع وما يجرى فى شانها من فحص وتحقيق من الأسرار ويجب على كل من له شأن فى تنفيذ هذا القانون عدم افشائها.

مادة 18

كل من حصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع يعاقب بالسجن وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع فضلا عن الحكم برد هذا الكسب، ولايمنع انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة من رد الكسب غير المشروع بحكم من محكمة الجنايات المختصة بناء على طلب احدى الهيئات المنصوص عليها فى المادة (5) خلال ثلاث سنوات من تاريخ الوفاة ، وعلى المحكمة أن تأمر فى مواجهة الزوج والأولاد القصر الذين استفادوا من الكسب غير المشروع بتنفيذ الحكم بالرد فى أموال كل منهم قدر ما استفاد، ويجوز لها كذلك أن تأمر بادخال كل من استفاد فائدة جدية من غير من ذكروا فى الفقرة السابقة ليكون الحكم بالرد فى مواجهته ونافذا فى أمواله بقدر ما استفاد.

مادة 19

اذا بادر الشريك فى جريمة الكسب غير المشروع ، أو من ارتكب جريمة اخفاء المال المتحصل منها الى ابلاغ السلطات العامة عن جريمة الكسب غير المشروع قبل كشفها أو عن المال المتحصل منها أو أعان أثناء البحث والتحقيق فيها على كشف الحقيقة أعفى من العقوبات المقررة للجريمة ولايخل حكم هذه المادة بوجوب الحكم بالرد.

مادة 20

كل من تخلف عن تقديم اقرارات الذمة المالية فى المواعيد المقررة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولاتزيد على خمسمائة جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين.

ويعاقب بالحبس أو بالغرامة التى لاتقل عن مائة جنيه ولاتزيد على ألف جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين كل م ذكر عمدا بيانات غير صحيحة فى تلك الاقرارات.

مادة 21

كل من يخالف أحكام المادة (8) يعاقب بغرامة لا تجاوز مائة جنيه.

كما يعاقب على مخالفة أحكام المادة (17) بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر وبغرامة لاتقل عن مائة جنيه ولاتزيد على خمسمائة جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين .


مادة 22

كل من أبلغ كذبا بنية الاساءة عن كسب غير مشروع ولو لم يترتب على ذلك اقامة الدعوى يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر وبغرامة لاتقل عن مائة جنيه ولاتزيد على خمسمائة جنيه أو بأحداى هاتين العقوبتين.

مادة 23

لاتمنع العقوبات المقررة فى هذا القانون من توقيع اية عقوبة أخرى تكون مقررة فى قانون آخر.

مادة 24

يصدر رئيس الجمهورية اللائحة التنفيذية بهذا القانون والى أن تصدر هذه اللائحة يستمر بالقرارات المعمول بها فى هذا الشأن فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون.

مادة 25

يلغى القانون رقم 11 لسنة 1968 فى شأن الكسب غير المشروع ومع ذلك يستمر العمل به وبالمرسوم بالقانون رقم 131 لسنة 1952 بشأن الكسب غير المشروع والقانون رقم 148 لسنة 1961 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بالكسب غير المشروع وذلك بالنسبة الى من كانوا يخضعون لها وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بهذا القانون على أن تتولى فحص الاقرارات الواجب فحصها طبقا لهذه الهيئات المنصوص عليها فى المادة (5) من هذا القانون.

مادة 26

ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويعمل به من أول نوفمير سنة 1975.

05 يوليو 2011

بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية

هذا المبحث جديد لنا سوف نبحث فيه – بفضل الله تعالى - بعض تطبيقات الغبن في القوانين العربية{المصرية،السورية،اللبنانية}ذلك أن هناك حالات أخذ المتشرع فيها بفكرة الغبن وفق النظرية المادية وذلك بمقتضى نصوص خاصة بكل حالة على حده،وقد أشارت المادة/130/ مدني مصري والمادة/131/مدني سوري إلى هذه الحالات بقولها:{يراعى في تطبيق المادة السابقة عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود أو بسعر الفائدة}.

والذي دعا المتشرع إلى الأخذ بفكرة الغبن وفق هذه النظرية في هذه الحالات حرصه على أن يضمن الحماية فيها للطرف المغبون على أساس محدود وبطريقة يسهل فيها الإثبات.

وعلى هذا نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب هي :



المطلب الأول : الغبن في ظل شركة حصة الأسد .

المطلب الثاني : الغبن في ظل عقد الإذعان.

المطلب الثالث: الغبن في ظل القسمة الاتفاقية .

المطلب الرابع : الغبن في ظل عقد الوكالة.







المطلب الأول

الغبن في شركة حصة الأسد



شركة الأسد: هي التي يعفى فيها أحد الشركاء من تحمل الخسائر مع مقاسمته للأرباح ، أو يحرم من الأرباح مع تحمله للخسائر.



ذلك أن من مقومات عقد الشركة أن يساهم كل شريك في أرباحها و في خسائرها بنصيب ما، و إلا كانت الشركة باطلة لإنتقاء نية المشاركة ، فإذا نص عقد الشركة على ألا يساهم شريك في الربح ، فمعنى ذلك أن يحقق الربح دون خسارة ، فيكون له الغنم ولغيره الغرم .

ولا شك أن الطرف الذي يأخذ الأرباح دون أن يتحمل الخسائر هو الغابن ، لذلك من الواجب حماية هذا المغبون و إعادة الأمور إلى نصابها، فليس من الضروري أن يتم توزيع الأرباح بالتساوي بين الشركاء مادام كل منهم يحصل على نسبة جدية من الربح.



لنرى الآن كيف عالجت التشريعات العربية {اللبنانية ، السورية ، المصرية } هذا الموضوع:

ذهبت القوانين العربية { اللبناني في المادة 835 موجبات وعقود ، والمصري في المادة515 مصري ، و السوري في المادة 483 مدني إلى بطلان الشركة المتضمنة شرط الأسد ، فنصت المادة: 483مدني سوري على ما يلي :

1-إذا اتفق على أن أحد الشركاء لايساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها ،كان عقد الشركة باطلاً .

2- يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله .

فإذا اتفق الشركاء على أن يأخذ أحد الشركاء بعض أرباح الشركة دون أن يتحمل أي خسارة تتناسب مع حصته ، أو اتفقوا على أن يتحمل أحد الشركاء الخسائر من دون غيره مع حرمانه من كافة الأرباح ، فلا جرم بأن هذا الاتفاق يحوي بين طيّاته غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة ، لذلك رأينا ان المتشرع قد تفاعل مع هذا الغبن فنص على بطلان ، ليس فقط ذلك الشرط بل بطلان الشركة كلها بطلاناً مطلقاً.

وكذلك الأمر إذا نص عقد الشركة على أن أحد الشركاء يجني الأرباح مع أن نصيبه تافهاً إلى حد أنه غير جدي ، فإن هذه الشركة تكون باطلة ، وتكون أيضاً باطلة إذا نص العقد على أن أحد الشركاء لا يتحمل الخسائر أو أن يتحمل بعض الخسائر إلى حد عدم الجدية.

ويجوز التفاق على إعفاء الذي قدم عمله فقط كحصة في الشركة من الخسائر إذا لم يقرر له أجراً عن عمله ، لأنه سوف يتحمل الخسائر عن طريق عدم أخذه لأي مبلغ لقاء عمله إن خسرت الشركة.

نصت الفقرة الثانية من المادة 515 مدني مصري والمادة 483 مدني سوري صراحة على هذا الحكم ، وقد رأينا مما سلف أنه يجوز الإتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم إلا عمله كحصة من الخسائر على أن لا يكون قد تقرر له أجراًلقاء عمله.

وشركة حصة الأسد في أي صورة من صورها باطلة بطلاناً مطلقاً في القوانين اللبنانية والمصرية والسورية ، بحيث يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان،كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على هذه الشركة الإجازة ولا يسري في حقها التقادم .

وبعد ما أوردنا فيما تقدم حكم هذه الشركة في القوانين الثلاثة لنر مدى انطبات الغبن عليها ، وإذا ما انطبق الغبن عليها ، فهل ينطبق عليها الغبن في ضوء النظرية المادية أم في ضوء النظرية الشخصية ، وهل كانت تلك القوانين موفقة في نصها على بطلان تلك الشركة بطلاناًمطلقاً أم لا ؟؟.

في البداية كما نعلم أن للغبن في ضوء النظرية المادية عنصرين بينما الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر، لنطبق هذه العناصر على شركة الأسد لنرى أي النظريتين أجدر لحل مشـكلة هذه الشــركة.

{أ} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية المادية على شركة الأسد؟؟:

لا حظنا أن أحد صور شركة الأسد أن يستأثر أحد الشركاء بالربح دون أن يتحمل أي خسارة ، ولنطبق هذه الصورة على عناصر الغبن وفق النظرية المادية.

{العنصر الأول}قيمة الشيء:

فالعبرة بقيمة الشيء بحد ذاته تبعاً للقوانين الاقتصادية ، ولنفترض أن الشركاء في المثال السابق قد دفعوا حصصاًمتساوية في القيمة النقدية.

{العنصر الثاني}درجة الاختلال في هذا التعادل:

نرى أن الشريك الذي حصل على حصة الأسد قد تقدم بحصة مثله مثل باقي شركائه ومع هذا فإنه يأخذ ربحاً فاحشاً لايتعادل مع حصته ودون أن يتحمل أية خسارة .



{ب} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية الشخصية على شركة الأسد:

كما أصبحنا نعلم أن الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر لنطبق تلك العناصر على شـركة الأسـد.

{1} قيمة الشيء:

قيمة الحصص لا تقيم بسعر السوق ولكن بالسعر الشخصي ، فربما قيّم أحد الشركاء حصته بأنها تساوي حصة الأسد وبالتالي يجب أن يستأثر بالأرباح دون أن يتحمل أي خسـارة.

{2} استغلال ضعف الشريك المغبون:

قد يكون الشريك صاحب حصة الأسد من ذوي النفوذ والسلطة مما يجعله يستغل باقي الشركاء ليحصل على هذه الحصة دون خسارة فعلية.



{3} أن هذا الاستغلال هو الذي دفع إلى التعاقد:

فلولا سلطة وبطش ذاك الشريك لما رضخ له باقي الشركاء على الرغم مما تحوي هذه الشركة من الغبن الفاحش.



ومما تقدم نلاحظ أن الشرط الأول قد لا يتحقق أما باقي الشروط فقد تحققت وبالتالي لا يمكن أن يكون للغبن وفق النظرية الشخصية أي مفعول إلا بتحقيق شروطها الثلاث معاً.



أما إذا طبقنا على شركة الأسـد شروط الغبن وفق النظرية المادية فإنها تستطيع أن تفرش جناحيها حامية بذلك الشريك المغبون من هذا الغبن الفاحش وتعيد الأمور إلى نصابها بأن يتعادل الشركاء بالخسائر والأرباح كل وفق حصته.

وبعد أن شاهدنا أن الغبن ينطبق انطباقاً تاماً على شركة الأسد فلماذا لا نطبق عليها أيضاً حلول الغبن !!.
فجزاء الغبن هو إما البطلان و إما إعادة التوازن بين الإلتزامات أما جزاء شركة الأسـد في القانون هو البطلان المطلق مع العلم بأن نص المادة/515/مدني مصري،ونص المادة/483/مدني سوري كانا في المشروع التمهيدي كما يلي:
{الشركة تكون قابلة للإبطال لمصلحة من يضار من الشركاء بشرط عدم المساهمة في الخسارة /وهم سائر غير من أعفى من المساهمة في الخسارة/أو لمصلحة الشريك الذي اشترط عليه عدم المساهمة في الربح}.

بيد أن النص أجود حكماً من نص المادة /515/مدني مصري،و/483/مدني سوري لأنه يحقق هدفين وهـما:

1-المحافظة على المراكز القانونية التي نشأت في ظل هذه الشركة.

2-حماية الطرف المغبون من هذا الشرط بأن يكون البطلان لصالح المغبون إن لم تصبح الموجبات بين الشركاء متعادلة كل وفق حصته في الأرباح والخسائر.

فالتشريعات الوضعية العربية {اللبنانية،المصرية،السورية}أرادت أن تضع نصاً يُرهب من يريد مثل هذه الشركة ولم ترد أن تعترف بها ثم تحل مشاكلها وتعقيداتها ومع هذا أميل إلى أن تطبق على هذه الشركة حلول الغبن و آثاره .

أما بالنسبة لشرط الأسد فهو الباطل وهذا البطلان لا يسري عليه التقادم الطويل ويستطيع كل ذي مصلحة أن يطلب بطلان هذا الشرط ،كما تستطيع المحكمة أن تحكم من تلقاء ذاتها ببطلان هذا الشرط.





















































المطلب الثاني



الغبن في عقد الإذعان



الأصل في التعاقد أن يتم عن طريق التفاوض والمناقشة والمساومة ، بحيث يتفاوض أطرف العقد على بنوده على نحو يحقق لهما مصالحهما ، بيد أن هناك من العقود ما يشذ عن هذه القاعدة،فلا يكون هناك مفاوضات أو مساوم على بنود العقد ، وإنما يضع الطرف القوي في العقد شروطه وما على الطرف الثاني إلا أن يرضخ لهذه الشروط جملة وتفصيلاً أو يرفضها كلها مما قد يترتب على هذا العقد غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفةى ، وعلى هذا سوف نبحث كيف يحمي القانون الطرف المذعن المغبون ، وما مدى هذه الحماية.

اعتبرت القوانين المدنية السورية والمصرية واللبنانية عقد الاذعان من العقود الصحيحة ، واعتبرت أن تسليم الطرف المذعن لمشيئة الطرف الآخر أنه قبول للعقد،إلا أن تلك القوانين لم تغفل عن أن عقد الإذعان يتميز بطبيعة خاصة فالعقد قائم التفاوت الكبير بين مركز كل من طرفيه ، الأول يفرض شروطه والثاني عليه أن يقبلها دون أدنى مناقشة وربما أدى ذلك إلى وقوع الطرف المذعن تحت رحمة الطرف القوي ، فيشتغله بأن يفرض عليه شروطاً تعسفية مما جعل رجال الفقه القانوني يسعون جاهدين في سبيل حماية الطرف المذعن من تلك الشروط التعسفية.

نص القانون اللبناني في المادة /172/موجبات وعقود القانون المدني المصري في المادة/150/ على أنه {إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك}.

فالمظهر السياسي للحماية التي يضعها القانون للطرف المذعن المغبون تتمثل في رفع هذا الغبن عن طريق رفع هذا الغبن عن طريق رفع الأمر للقضاء طالباً منه تعديل الشروط التعسفية وفقاص لما تقضي به العدالة عن طريق رفع الغبن عن الطرف المذعن وإعادة الموجبات إلى حالتها الطبيعية.

ويلاحظ أن بعض الفقهاء يحرص على إبعاد أحكام الغبن عن العقود التجارية ، وجعلها محصورة في عقود القانون المدني فقط.

يقول الدكتور مصطفى كمال طه:{أما البطلان في المغالاة التدليسية في التأمين ، فلا يشترط فيه ارتكاب المستأمن بطرق احتيالية بل يكفي المؤمن إثبات أن المستأمن قد غالى في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية}.

فالفقيه هنا يجعل المغالاة في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية تديساً، ولا يخفى على أحد بأن التدليس لابد أن يقترن بطرق احتيالية،أما إذا انتقت هذه الطرق فلم يعد هذا تدليساً بل غبناً.

والدليل على ما أقول هو أن شروط الغبن متوفرة في المثال السابق فهناك اختلال بين الموجبات فالمؤمن يريد الحصول على التعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية وهذا التعويض فاحش جداً بالنسبة للقيمة الحقيقية للأشياء المؤمن عليها وبالتالي فإن هناك اختلالاً بين الموجبات وعليه فإن هناك غبناً ، وغني على البيان أن تعديل الشروط التي يتضمنها عقد الإذعان لا يقرره القاضي من تلقاء نفسه ، وإنما بناء على طلب الطرف المذعن.

بعد أن يطلب الطرف المذعن رفع الغبن عنه ، فالقاضي هو الذي يملك حق تقدير ما إذا كان هناك غبناً أم لم يكن،فإذا اكتشف أن هناك غبناً فله أن يزيله كلياً أو يزيل جزءاً منه ، فالمتشرع لم يرسم للقاضي حدوداً في ذلك إلا ما تقتضيه العدالة ، ولا يجوز للمتعاقدين أن ينزعا من القاضي سلطته هذه باتفاق خاص لأن هذا الإتفاق إذا ما وجد فهو باطل لمخالفته النظام العام.








المطلب الثالث

الغبن في القسمة الإتفاقية



تنص المادة /835/من القانون المدني المصري والمادة /789/ من القانون المدني السوري على أن :{الشركاء إذا انعقد إجماعهم أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها، فإذا كان بينهم من هو ناقص الأهلية ، وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.



وتنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة /779/من القانون المدني السوري على أنه :

1-يجوز نقض القسمة الحاصلة يالتراضي إذا أثبت احد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس،على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.

2- ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة ، وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل المدعي نقداً ، أو عيناً ما نقص من حصته.

ومن هاتين المادتين نستطيع أن نستنتج أحكاماً تكون خطة بحث لهذا المطلب لذا سوف نقسم المطلب إلى النقاط التالية :



أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية .

ثانياً: كيفية إجراء القسمة الإتفاقية .

ثالثاً:حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء .

رابعاً: نقض القسمة الإتفاقية .



أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية:

تنص المادة /835/ مدني مصري والمادة /789/ مدني سوري على أن:{للشركاء إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها}.

ومن ذلك يتبين لنا أن القسمة الرضائية عقد أطرافه الشركاء المشتاعون ،ومحله المال الشائع وعلى هذا العقد تسري أحكام سائر العقود من رضى جميع الشركاء على هذه القسمة،فإذا لم يتوفر رضى الجميع وأبرم بعض الشركاء عقد القسمة،ولم يبرمه البعض الآخر،فلا يترتب على ذلك إنهاء حالة الشيوع،وإنما يسري هذا الاتفاق على من رضي به فقط،حتى إذا رضي باقي الشركاء أصبحت هذه القسمة نافذة بحق الجميع.

ويتعين ألا يكون من بين هؤلاء الشركاء من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية وجب اتباع الإجراءات التي يقضي بها القانون في هذا الصدد.

ويخضع إثبات عقد القسمة للقواعد العامة في الإثبات فلما زادت قيمة المال المقسوم على المبلغ المحدد في القانون فلا يجوز إثباته إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة وكما يكون الإتفاق على القسمة صريحاً يمكن أن يكون ضمنياً،وفي هذه الحالة يكون للقضاء أن يستخلص من تصرفات الشركاء أنهم قد ارتضوا جميعاً قسمة المال الشائع طالما كان تصرف كل منهم في حدود حصته فقط وصدر التصرف من جميع الشركاء.



ثانياً:كيفية إجراء القسمة الرضائية:
من نص المادة /835/مدني مصري،والمادة /789/مدني سوري،والمادة /941/ موجبات لبناني ، يتبين أن المتشرع ترك للشركاء الحرية التامة في اختيار طريقة اقتسام المال الشائع فيما بينهم،كأن يتصرف أحد الشركاء بجزء مفرز من عقار شائع لم يجري تحديده وتحريره،يوازي حصته،ثم يتبعه الشركاء الآخرون،فيتصرف كل منهم بحصة مفرزة أيضاً تعادل نصيبه،فيعد تصرفهم على هذا الوجه دالاً على رضىائهم الضمني بالقسمة الفعلية التي تمت بفعل جميع الشركاء على السواء،هذا إذا لم يكن فيما بين الشركاء قاصر أو غائب،فإذا كان إحد الشركاء غائباً أو لا تتوافر فيه الأهلية،فيجب على الوصي{على القاصر} أو القيم {على المجنون أو السفيه أو المعتوه أو المغفل}أو الوكيل القضائي{عن الغائب}بإذن من المكمة إلى إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي.

ثالثاً: حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء:

رأينا في المادة /835/مدني مصري والمادة /789/مدني سوري تنص على أنه {إذا كان بين الشركاء من هو ناقص الأهلية وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.



وأن المادة /941/موجبات وعقود لبناني تنص على أنه:{إذا كان بينهم غير ذي أهلية ،أوغائب غيبة متقطعة ،فلا تكفي موافقة ممثله الشرعي بل يجب أن يحكم القاضي المختص بالتصديق على القسمة لتصبح نافذة }.



إذن يجب الحصول على الإذن من القاضي الشرعي حتى تصبح القسمة نافذة بحق جميع الشركاء ،وبذلك تنص المادة /181/ من الأحوال الشخصية السوري:{إذا كان للقاصر حصة شائعة في عقار فللوصي بإذن المحكمة إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ،ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي}.



وتنص المادة /206/من قانون الأحوال الشخصية السوري:{يسري على القيم والوكيل القضائي ما يسري على الوصي من الأحكام إلا ما يستثنى بنص صريح}وبذلك لا ير هذا الحكم على وصي القاصر وحده بل يشمل أيضاً القيم والوكيل القضائي.



ومن ذلك يتبين أنه إذا كان من بين الشركاء من هو ناقص الأهلية أو عديمها،أو كان فيهم غائب،فعلى وصي القاصر والقيم والوكيل القضائي الحصول على إذن القاضي الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على أذن القاضي الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على تصديق القاضي الشرعي على هذه القسمة بعد إجرائها حتى تكون نافذة في مواجهة الكافة.

رابعاً:نقض القسمة الإتفاقية بسبب الغبن:

تنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة/799/ من القانون المدني السوري على أنه:

1- يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منه غبن يزيد عن الخمس على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.

2- يجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة،وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقداً أوعيناً ما نقص حصته.

أما القانون اللبناني فقد تكلم في المادة /947/موجبات وعقود عن الغبن بصفة مطلقة بالنسبة لكل أنواع الغبن.

ومن تلك النصوص يتبين أن المتشرع قد أجاز للشريك المغبون أن يطلب نقض القسمة الإتفاقية ،إذا وقع فيها غبن بالمقدار الذي حدده القانون.

ما هو مقدار الغبن الذي يؤثر في القسمة الرضائية؟؟؟.

لم يتفق القانونان المصري والسوري مع التقنين اللبناني على مقدار واحد للغبن المؤثر في القسمة فقانون موجبات وعقود اللبناني لم يحدده الغبن بنسبة معينة بل وصفه أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة.

بينما ذهب كل من القانون المصري والقانون السوري إلى تحديده بما يزيد على الخمس ،أسوة ببيع عقار القاصر ،ولأن الخمس هو المقدار المألوف في الشريعة الإسلامية.

وأعتقد أن القانونين المصري والسوري كانا أحكم من القانون اللبناني لأنهما حددا مقدار الغبن حسماً للخلاف وسرعةً في الحكم.

والعبرة في تقدير الغبن ،النظر في قيمة المال الشائع وقت القسمة لأنه الوقت الذي يراعى في التقدير لتحقيق المساواة بين المتقاسمين.



دعوى إبطال القسمة الإتفاقية للغبن:

إذا تحقق الغبن على النحو الذي ذكرنا بأن كان فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة،كما هو في القانون اللبناني أو كان يزيد على الخمس كما في القانونين المصري والسوري جاز للمتقاسم المغبون،طلب إبطال القسمة والعودة إلى حالة الشيوع،أما الشريك الذي لم يلحقه غبن فلا يستطيع رفع دعوى إبطال الغبن القسمة للغبن.

والمدعي عليه دعوى الغبن هم سائر الشركاء ،لأن دعو الغبن ترمي إلى إبطال القسمة الرضائية كلها،ويقع عبء الإثبات في هذه الدعوى على عاتق المدعي المغبون وله أن يثبت الغبن بجميع طرق الإثبات بما فيها القرائن،لأنها واقعة مادية،وعند ثبوت وقوع الغبن فإنه يجوز للقاضي أن يبطل القسمة.

هذا ويجب أخيراً أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة وإذا ما رفعت الدعوى كان للمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع إجراء القسمة من جديد إذا أكمل المغبون نقداً ،أو عيناً ما نقص من حصته هذا في القانون المصري والسوري،أما القانون موجبات وعقود اللبناني فإنه وضع حكماً خاصاً في شأن ميعاد رفع دعوى الإبطال إذ قرر إنه يجب أن تقام دعوى الإبطال في السنة التي تلي القسمة ولاتقبل الدعوى بعد انقضائها والمدة هنا مدة السقوط.

ما هي الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن؟؟؟.

الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن هي إعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل القسمة وإعتبار المال المملوك للشركاء شائعاً منذ أن بدأ الشيوع أول مرة وكأن الشيوع لم ينقطع أبداً، عندها يجوز لأي شريك سواء أكان المغبون أو الغابن أن يطلب القسمة سواء أكانت اتفاقية أو قضائية.



*هل يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة الإتفاقية؟؟؟.

نعم يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة بسبب الغبن إذا أكمل للمغبون نقداً أو عيناً ما نقص من حصته ،هذا الأكمال ليس فقط بما يرفع الفحش وجعله يسيراً بل يجب أن يرتفع الغبن كاملاً بحيث يتعادل برفعه نصيب الشريك المغبون مع حصته الشائعة.

ويستطيع المدعى عليه أن يوقف سير الدعوى في أي مرحلة كانت عليها الدعوة طالما لم يصدر حكم نهائي بإبطال القسمة،لأنه بصدور حكم نهائي تعود حالة الشيوع إلى ما كانت عليه قبل القسمة،ولم يعد مقبولاً أن يكون من حق المدعى عليه الغابن أن يطلب تكملة نصيب الشريك المغبون.



























المطلب الرابع

الغبن في عقد الوكالة



تعريف الوكالة: تنص المادة /699/من القانون المدني المصري والمادة /655/من القانون المدني السوري بأن الوكالة :{عقد بمقتضاه يلزم الوكيل يأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل.

والمادة /769/موجبات وعقود لبناني تتفق في مجموعها مع التقنين المصري والسوري إلا أنها لا تحدد محل الوكالة بأنه تصرف قانوني.

ومما تقدم يتبين لنا بأن عقد الوكالة هو عقد من عقود التراضي يتم بالإيجاب والقبول،وأن محل هذه الوكالة هو عمل قانوني دائماً وأن الوكيل يجب عليه أن يعمل لحساب موكله لا لحسابه الشخصي ومن هذه النقطة نستطيع أن ننتقل إلى نقطة هامة في هذا المطلب وهي الأجر في عقد الوكالة.



الأجر عقد الوكالات :

تنص المادة /709/ من القانون المدني المصري والمادة /675/ من القانون المدني السوري على ما يلي:



1- الوكالة تبرعية ، مالم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيـل.

2- فإذا اتفق على أجر الوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة.

أما القانون اللبناني فقد كان موافق للنصين المصري و السوري بيد أنه لم يذكر أن أجر الوكيل يكون خاضعاً لتقدير القاضي.



ومن هذه النصوص نستطيع أن نميز فرضين على أجر الوكالة :

الأول: حالة عدم اتفاق الموكل والوكيل على الأجر.

الثاني: حالة عدم وجود اتفاق ما بين الموكل والوكيل على الأجر.



الفرض الأول: حالة عدم وجود اتفاق على الأجر:

من نصوص المواد 709/1مدني مصري ، و 675/1 مدني سوري ، و 770 موجبات وعقود لبناني يتبين لنا أنه إذا لم يتم اتفاق بين الموكل والوكيل على الأجركانت الوكالة غير مأجورة ، وكان الوكيل متبرعاً واعتبرت الوكالة في هذه الحالة من عقود التبرع وذلك بنص المواد سالفة الذكر.

بهذا قضت محكمة النقض السورية بقولها:{الوكالة تبرعية مالم يتم الاتفاق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل ، فإذا اتفق على الأجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة}.



الفرض الثاني: حالة وجود اتفاق على الأجر:

من النصوص سالفة الذكر يتبين لنا أن الوكيل لا يأخذ أجراً إلا إذا وجد اتفاق على ذلك ، و ربما كان هذا الاتفاق صريحاً أو ضمنياً و سواء كان الإتفاق صريحاً أو ضمنياً فعبء إثباته يقع على عاتق الوكيل وقاضي الموضوع هو الذي يقرر ما إذا كانت الوكالة مأجورة،ومن أبرز الحالات التي يستخلص منها ضمناً أن الوكالة مأجورة هي مهنة الوكيل ، فإذا كان الوكيل يحترفها مهنة يكسب منها عيشه ، فالمفروض أن الوكالة التي تدخل في أعماق هذه المهنة تكون مأجورة ، فمن وكل محامياً يكون قد اتفق ضمناً مع الوكيل على إعطائه أجراً كما يجري به العرف ، ويغلب أن يكون أجر الوكيل مبلغاً من النقود ولكن لاشيء يمنع من أن يكون من غير النقود إذا اتفقا على أجر صراحةً أو ضمناً ، فيغلب أن الأجر مستحقاً للوكيل ولو لم ينجح في مهمته الموكل لها ، فهو يؤجر على ما بذل من جهد دون النظر إلى النتيجة إذ التزامه هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية بيد أنه لا شيء يمنع من الإتفاق على أن يكون التزام الوكيل التزاماً بتحقيق غاية ، فالوكيل يستحق أجره وره ما تكبده من المصاريف في سبيل المهمة التي كلف بها بغض النظر عن النتائج طالما أن الوكيل لم يرتكب خطأ أدى إلى النتيجة السيئة.



الخلاف على الأجر:



في حال الخلاف على الأجر بين الموكل والوكيل بأن ادعى أحدهم بأن هناك غبناً في الأجر ، فرفع الأمر إلى القضاء المختص ، إذ أن :{أجور الوكيل خاضعة لتقدير القاضي ، و لو كانت متفقاً عليها و التقدير يكون بعد إنهاء العمل}.



و {لقاضي الموضوع الحق في تعديل أجر الوكالة المتفق عليها سواء بتخفيضه أو بزيادة عليه أو بالحد الذي يجعله مناسباً ، و على المحكمة إذا ما رأت تعديل الأجر بالزيادة أو بالنقصان أن تعرض في حكمها للظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد و أدت إلى الخطأ في الإتفاق على مقابل غير مناسب}.



وعلى هذا يترتب :



1- أنه يجوز للقاضي إعادة الأجر إلى الحد المعقول لتصحيح ما وقع فيه المتعاقدين في تعيين مقدار الأجر سواء أكان بزيادة هذا المقدار إذا كان غير كاف ، أوبتخفيض هذا الأجر إذا كان مبالغاً فيه ، وطبعاً ذلك يتوقف على ما تبين بعد تنفيذ الوكالة من أهمية العمل الذي قام به الوكيل وما لقي فيه من صعوبات وما أدى إليه العمل من نتائج ، فإذا ظهر أن مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل رفع القاضي هذا الغبن عن كاهل الموكل ، وإذا كان مقدار الأجر ينقص عن قيمة العمل رفع القاضي هذا الغبن عن كاهل الوكيل.

2- يمنع على القاضي أن يعدل مقدار الأجر سواء أكان بزيادة أو بالنقصان إذا رفع الموكل المتفق عليه طوعاً بعد تنفيذ الوكالة حتى ولو كان مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل أو ينقص.



ومما تقدم يتضح أنه إذا كان أجر الوكيل لا يتناسب مع العمل الذي قام به بعد إنهاء العمل ، فإن قاضي الموضوع يستطيع بماله من سلطة تقديرية أن يرفع هذا الغبن عن المغبون ويعيد التوازن بين الموجبات مع ملاحظة أن الغبن هنا غير محدد برقم معين بل هو أمر متروك لاجتهاد القاضي وظروف كل قضية.



ومما تقدم من المباحث في الفصلين السابقين يتبين لنا حقيقة واضحة بأن الغبن قد غبن غبناً فاحشاً في التقنيات الوضعية سواء في القانون اللبناني أو في القانون المصري والسوري ، بينما نرى الغبن في فقه الشريعة الإسلامية باسط جناحيه في سماء الفقه الإسلامي ليكون نظرية متكاملة عادلة .



لذلك سوف نبحث في هذا المبحث ما يلي :

1-شروط الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية .

2-آثار الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية .

3-بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية.







المطلب الأول

شروط الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية



احتفظت القوانين الوضعية الحديثة بمفعول الغبن وفق النظرية المادية بيد أنهم قصروها على بعض العقود والحالات فقط .

فالغبن وفقاً لهذه النظرية يعتبر عيباً في العقد ، وليس عيباً في الرضا ، فنحن لا ننظر إلى الحالة النفسية للعاقد المغبون ولا ننظر إلى ظروف العقد والعاقد بل ننظر إلى التوازن ما بين الإلتزامات ، فإذا كان هناك اختلال وفق درجة معينة كان يكون خارجاً عن العادة المألوفة كان هناك غبن .



فالغبن وفق النظرية المادية يتكون من عنصرين هما :



1 -قيمة الشيء : فالعبرة في الغبن بقمة الشيء بحد ذاته وفقاً لقانون العرض والطلب .

2-درجة الإختلال في التعادل : والغبن وفقاً لهذه النظرية رقم مرصود فالقوانين الوضعية حددته بنسبة مئوية في العقار كما فعل القانون المصري في المادة / 425/من القانون المدني .

أما عن شروط الغبن وفق النظرية الشخصية في القوانين الوضعية الحديثة فهو عيب في الإرادة ، وله ثلاث شروط هي :



1-الإختلال في الموجبات

2-أن يكون هناك استغلال لضعف معين في المتعاقد المغبون

3-أن يكون هذا الإستغلال هو الذي دفع المتعاقد إلى التعاقد ولولاه لما أبرم هذا العقد .

هذا في القانون الوضعي.

فنصوص الغبن وفق النظرية المادية محدودة المفعول والغبن وفق النظرية الشخصية أكثر اتساعاً وشمولاً بيد أنها قليلة المفعول والتطبيق لكثرة و تعقد شروطها وصعوبة إثباتها .

أما الغبن في فقه الشريعة الإسلامية، فحلوله فعالة لبساطة شروطه وسهولة إثباته ، فالحنابلة والحنفية والشافعية لم يشترطوا لتحقق الغبن الفعال إلا شرطين هما :

1-الغبن الفاحش ، وهذا الشرط سهل الإثبات جداً .

2-التغرير ، وهذا الشرط أيضاً لا يصعب إثباته في الشريعة الإسلامية

أما الظاهرية والمالكية ، والإباضية والجعفرية والزيدية فلم يشترطوا إلا شرطين هما:

1-الجهل بالقيمة : وهو سهل الإثبات .

2-الغبن الفاحش :وهو أيضاً سهل الإثبات جداً .

وهكذا لاحظنا أن فقهاء الشريعة الإسلامية افترقوا إلى رأيين ، رأي لا يعتد بالغبن الفاحش من دون أن يكون مقترناً بالتغرير ، ورأي لم يشترط اقتران الغبن بالتغرير ليكون العقد قابلاً للفسخ ، ولعل الرأي الأرفق والأوفق هو الرأي الذي يعتد بالغبن من دون أن يشترط اقترانه بالتغرير .

أما عن الإستغلال الموجود في النصوص التقنين الوضعي :

فالإستغلال في فقه الشريعة الإسلامية لا يعتبر مصدراً عاماً للإلتزام ، وإنما هناك تطبيقات كثيرة تشبه الإستغلال الموجود في الفقه الغربي ، بيد أن هذا لا يعني على الإطلاق تقرير نظرية عامة للإستغلا في الفقه الإسلامي ، ولا ضير في عدم معرفة الفقه الإسلامي للإستغلال كمصدر عام للإلتزام ، لأن لكل فقه منهجه الخاص به ، وأسلوبه في معالجة قضاياه ، والفقه الإسلامي قد عالج آثار الإستغلال ووسائله من خلال نظريات أخرى ولعل من أهمها نظرية الغبن التي كان لها تأثير فعال في مقاومة الغبن وأشكاله في السوق الإسلامية .





المطلب الثاني

آثار الغبن في القانون الوضعي على ضوء الفقه الإسلامي



إن آثار الغبن في القانون الوضعي له طبيعة معينة بحيث يعطي للمغبون الحق في إبطال العقد أو إنقاص إلتزاماته إلى الحد المعقول وفق تصور المتشرع الوضعي كما أن للغابن أن يتوقى الحكم بإبطال العقد إذا عرض زيادة التزاماته يرفع هذا الغبن .



قد أجاز القانون للمغبون أن يطلب فسخ العقد عند تحقق الشروط الثلاثة للإستغلال وللقاضي سلطة واسعة في تقدير هذا الطلب .



أما في فقه الشريعة الإسلامية فإننا نرى أن الفقه قد ملك المغبون سلطة فسخ العقد إذا أراد ذلك ودون أن يكون للقاضي سلطة عليه كأن يرغمه على إمضائه إذا أعاد الغابن إلى العقد توازنه ، فالشريعة الإسلامية احترمت الحرية إذا كانت غير مبنية على التعسف في استعمال الحق لذلك تركت للمغبون الحق في فسخ العقد أو إمضائه بحسب ما يرى وليس للقاضي سلطة عليه إلا إذا تعسف في استعمال حقه .



وقد أجاز القانون للمغبون أن يطلب إنقاص إلتزاماته إلى الحد المعقول وفق وجهة نظر المتشرع الوضعي ، فقد يرى المغبون دعوى الإبطال بيد أن القاضي قد يرى أن إنقاص الإلتزامات إلى الحد المعقول أقرب للعدالة ولمصلحة طرفي العقد .



أما الفقه الإسلامي فقد راعى الفطرة وحقق العدالة بين البشر فلم يجعل من سلطة القاضي سيفاً مسلطاً على رقاب المتداعين ، فالمغبون عندما يطلب فسخ العقد لا يستطيع القاضي أن يحكم إلا بما طلب المغبون عند تحقق شروط الغبن .

وإذا طلب إنقاص الإلتزامات ، فلا يستطيع أن يفسخ العقد إلا إذا كان العقد مخالفاً للقواعد الآمرة بالشريعة الإسلامية.



أما عن مدة الدعوى فإننا نلاحظ اتفاق القانون الوضعي مع فقه الشريعة الأإسلامية في جعل مدة سقوط الدعوى سنة ، وعندما تنتهي هذه السنة تصبح دعوى الغبن غير مقبولة لسرعة استقرار المعاملات .

المطلب الثالث

بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي على ضوء الشريعة الإسلامية



في هذا المطلب سوف ألقي الضوء على شركة الأسد وعلى عقد الإذعان وعلى القسمة الإتفاقية وعقد الوكالة من خلال الشريعة الإسلامية .

لذلك سوف أفرع هذا المطلب إلى مايلي :



الفرع الأول : شركة الأسد في ضوء فقه الشريعة الإسلامية

الفرع الثاني : عقد الإذعان في ضوء فقه الشريعة الإسلامية

الفرع الثالث : القسمة الإتفاقية في ضوء فقه الشريعة الإسلامية

الفرع الرابع : عقد الوكالة في ضوء فقه الشريعة الإسلامية











الفرع الأول

شركة الأسد في ضوء فقه الشريعة الإسلامية



ذهبت القوانين الوضعية العربية { اللبنانية ، السورية ، المصرية } إلى بطلان الشركة المتضمنة شروط الأسد .

فهل هذا الحكم المتربع في القانون الوضعي صحيحاً في ضوء الشريعة الإسلامية ؟

المشكلة تتحدد أو تتعين في أن بطلان الشركة تلقائي وليس إرادي فيستطيع كل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على هذه الشركة الإجازة ، ولا يسري في حقها التقادم .

فالشريعة الإسلامية حرم النجش { وفق ما رجحت } بيد أنها لم تجعل هذه الحرية المطلقة بحيث يسري هذا البطلان على العقد بل يستطيع كل ذي مصلحة طلب البطلان أو أن القاضي عليه أن يحكم بالبطلان ، فهذا الحكم في القانون غريب جداً .

فالشريعة الإسلامية جعلت الحرمة مطلقة في العيون النجسة كأن يعقد عقداً على توريد الخمور ، أو الخنازير ، أو اللحوم الميتة للمسلمين فهذا العقد باطل بطلاناً مطلقاً .

فهل الشركة التي تحتوي على شركة الأسد من تلك الأصناف التي حرمها الشارع الحكيم ؟ .


الشركة التي تحتويها شرط الأسد بها ظلم عظيم على الشركاء ، بيد أنهم هم من ارتضوا ذلك ، فإن كان رضاهم ، نتيجة إكراه فلم لا نطبق عليهم حكمه ، وإن كان نتيجة الغرر ، فلم لا نطبق عليهم حكم الغرر ، وإن كان نتيجة غبن فيتعين علينا أن نطبق عليهم أحكام الغبن .

أما أن نحكم ببطلان الشركة بل أن نجعل لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان فهذا شيء عجيب فالبطلان يجب ألا يسري إلا على شرط الأسد فقط وتظل الشركة صحيحة ومعاملاتها صحيحة وشرط الأسد هو الباطل والشرط ، وليس ببطلان الشركة ، كما يجب على القاضي أن يحكم ببطلان شرط الأسد وليس ببطلان شركة الأسد حفاظاً على مصالح الشركاء والمتعاملين معهم .

بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية











هذا المبحث جديد لنا سوف نبحث فيه – بفضل الله تعالى - بعض تطبيقات الغبن في القوانين العربية{المصرية،السورية،اللبنانية}ذلك أن هناك حالات أخذ المتشرع فيها بفكرة الغبن وفق النظرية المادية وذلك بمقتضى نصوص خاصة بكل حالة على حده،وقد أشارت المادة/130/ مدني مصري والمادة/131/مدني سوري إلى هذه الحالات بقولها:{يراعى في تطبيق المادة السابقة عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود أو بسعر الفائدة}.

والذي دعا المتشرع إلى الأخذ بفكرة الغبن وفق هذه النظرية في هذه الحالات حرصه على أن يضمن الحماية فيها للطرف المغبون على أساس محدود وبطريقة يسهل فيها الإثبات.

وعلى هذا نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب هي :



المطلب الأول : الغبن في ظل شركة حصة الأسد .

المطلب الثاني : الغبن في ظل عقد الإذعان.

المطلب الثالث: الغبن في ظل القسمة الاتفاقية .

المطلب الرابع : الغبن في ظل عقد الوكالة.







المطلب الأول

الغبن في شركة حصة الأسد



شركة الأسد: هي التي يعفى فيها أحد الشركاء من تحمل الخسائر مع مقاسمته للأرباح ، أو يحرم من الأرباح مع تحمله للخسائر.



ذلك أن من مقومات عقد الشركة أن يساهم كل شريك في أرباحها و في خسائرها بنصيب ما، و إلا كانت الشركة باطلة لإنتقاء نية المشاركة ، فإذا نص عقد الشركة على ألا يساهم شريك في الربح ، فمعنى ذلك أن يحقق الربح دون خسارة ، فيكون له الغنم ولغيره الغرم .

ولا شك أن الطرف الذي يأخذ الأرباح دون أن يتحمل الخسائر هو الغابن ، لذلك من الواجب حماية هذا المغبون و إعادة الأمور إلى نصابها، فليس من الضروري أن يتم توزيع الأرباح بالتساوي بين الشركاء مادام كل منهم يحصل على نسبة جدية من الربح.



لنرى الآن كيف عالجت التشريعات العربية {اللبنانية ، السورية ، المصرية } هذا الموضوع:

ذهبت القوانين العربية { اللبناني في المادة 835 موجبات وعقود ، والمصري في المادة515 مصري ، و السوري في المادة 483 مدني إلى بطلان الشركة المتضمنة شرط الأسد ، فنصت المادة: 483مدني سوري على ما يلي :

1-إذا اتفق على أن أحد الشركاء لايساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها ،كان عقد الشركة باطلاً .

2- يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله .

فإذا اتفق الشركاء على أن يأخذ أحد الشركاء بعض أرباح الشركة دون أن يتحمل أي خسارة تتناسب مع حصته ، أو اتفقوا على أن يتحمل أحد الشركاء الخسائر من دون غيره مع حرمانه من كافة الأرباح ، فلا جرم بأن هذا الاتفاق يحوي بين طيّاته غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة ، لذلك رأينا ان المتشرع قد تفاعل مع هذا الغبن فنص على بطلان ، ليس فقط ذلك الشرط بل بطلان الشركة كلها بطلاناً مطلقاً.

وكذلك الأمر إذا نص عقد الشركة على أن أحد الشركاء يجني الأرباح مع أن نصيبه تافهاً إلى حد أنه غير جدي ، فإن هذه الشركة تكون باطلة ، وتكون أيضاً باطلة إذا نص العقد على أن أحد الشركاء لا يتحمل الخسائر أو أن يتحمل بعض الخسائر إلى حد عدم الجدية.

ويجوز التفاق على إعفاء الذي قدم عمله فقط كحصة في الشركة من الخسائر إذا لم يقرر له أجراً عن عمله ، لأنه سوف يتحمل الخسائر عن طريق عدم أخذه لأي مبلغ لقاء عمله إن خسرت الشركة.

نصت الفقرة الثانية من المادة 515 مدني مصري والمادة 483 مدني سوري صراحة على هذا الحكم ، وقد رأينا مما سلف أنه يجوز الإتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم إلا عمله كحصة من الخسائر على أن لا يكون قد تقرر له أجراًلقاء عمله.

وشركة حصة الأسد في أي صورة من صورها باطلة بطلاناً مطلقاً في القوانين اللبنانية والمصرية والسورية ، بحيث يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان،كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على هذه الشركة الإجازة ولا يسري في حقها التقادم .

وبعد ما أوردنا فيما تقدم حكم هذه الشركة في القوانين الثلاثة لنر مدى انطبات الغبن عليها ، وإذا ما انطبق الغبن عليها ، فهل ينطبق عليها الغبن في ضوء النظرية المادية أم في ضوء النظرية الشخصية ، وهل كانت تلك القوانين موفقة في نصها على بطلان تلك الشركة بطلاناًمطلقاً أم لا ؟؟.

في البداية كما نعلم أن للغبن في ضوء النظرية المادية عنصرين بينما الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر، لنطبق هذه العناصر على شركة الأسد لنرى أي النظريتين أجدر لحل مشـكلة هذه الشــركة.

{أ} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية المادية على شركة الأسد؟؟:

لا حظنا أن أحد صور شركة الأسد أن يستأثر أحد الشركاء بالربح دون أن يتحمل أي خسارة ، ولنطبق هذه الصورة على عناصر الغبن وفق النظرية المادية.

{العنصر الأول}قيمة الشيء:

فالعبرة بقيمة الشيء بحد ذاته تبعاً للقوانين الاقتصادية ، ولنفترض أن الشركاء في المثال السابق قد دفعوا حصصاًمتساوية في القيمة النقدية.

{العنصر الثاني}درجة الاختلال في هذا التعادل:

نرى أن الشريك الذي حصل على حصة الأسد قد تقدم بحصة مثله مثل باقي شركائه ومع هذا فإنه يأخذ ربحاً فاحشاً لايتعادل مع حصته ودون أن يتحمل أية خسارة .



{ب} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية الشخصية على شركة الأسد:

كما أصبحنا نعلم أن الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر لنطبق تلك العناصر على شـركة الأسـد.

{1} قيمة الشيء:

قيمة الحصص لا تقيم بسعر السوق ولكن بالسعر الشخصي ، فربما قيّم أحد الشركاء حصته بأنها تساوي حصة الأسد وبالتالي يجب أن يستأثر بالأرباح دون أن يتحمل أي خسـارة.

{2} استغلال ضعف الشريك المغبون:

قد يكون الشريك صاحب حصة الأسد من ذوي النفوذ والسلطة مما يجعله يستغل باقي الشركاء ليحصل على هذه الحصة دون خسارة فعلية.



{3} أن هذا الاستغلال هو الذي دفع إلى التعاقد:

فلولا سلطة وبطش ذاك الشريك لما رضخ له باقي الشركاء على الرغم مما تحوي هذه الشركة من الغبن الفاحش.



ومما تقدم نلاحظ أن الشرط الأول قد لا يتحقق أما باقي الشروط فقد تحققت وبالتالي لا يمكن أن يكون للغبن وفق النظرية الشخصية أي مفعول إلا بتحقيق شروطها الثلاث معاً.



أما إذا طبقنا على شركة الأسـد شروط الغبن وفق النظرية المادية فإنها تستطيع أن تفرش جناحيها حامية بذلك الشريك المغبون من هذا الغبن الفاحش وتعيد الأمور إلى نصابها بأن يتعادل الشركاء بالخسائر والأرباح كل وفق حصته.

وبعد أن شاهدنا أن الغبن ينطبق انطباقاً تاماً على شركة الأسد فلماذا لا نطبق عليها أيضاً حلول الغبن !!.
فجزاء الغبن هو إما البطلان و إما إعادة التوازن بين الإلتزامات أما جزاء شركة الأسـد في القانون هو البطلان المطلق مع العلم بأن نص المادة/515/مدني مصري،ونص المادة/483/مدني سوري كانا في المشروع التمهيدي كما يلي:
{الشركة تكون قابلة للإبطال لمصلحة من يضار من الشركاء بشرط عدم المساهمة في الخسارة /وهم سائر غير من أعفى من المساهمة في الخسارة/أو لمصلحة الشريك الذي اشترط عليه عدم المساهمة في الربح}.

بيد أن النص أجود حكماً من نص المادة /515/مدني مصري،و/483/مدني سوري لأنه يحقق هدفين وهـما:

1-المحافظة على المراكز القانونية التي نشأت في ظل هذه الشركة.

2-حماية الطرف المغبون من هذا الشرط بأن يكون البطلان لصالح المغبون إن لم تصبح الموجبات بين الشركاء متعادلة كل وفق حصته في الأرباح والخسائر.

فالتشريعات الوضعية العربية {اللبنانية،المصرية،السورية}أرادت أن تضع نصاً يُرهب من يريد مثل هذه الشركة ولم ترد أن تعترف بها ثم تحل مشاكلها وتعقيداتها ومع هذا أميل إلى أن تطبق على هذه الشركة حلول الغبن و آثاره .

أما بالنسبة لشرط الأسد فهو الباطل وهذا البطلان لا يسري عليه التقادم الطويل ويستطيع كل ذي مصلحة أن يطلب بطلان هذا الشرط ،كما تستطيع المحكمة أن تحكم من تلقاء ذاتها ببطلان هذا الشرط.





















































المطلب الثاني



الغبن في عقد الإذعان



الأصل في التعاقد أن يتم عن طريق التفاوض والمناقشة والمساومة ، بحيث يتفاوض أطرف العقد على بنوده على نحو يحقق لهما مصالحهما ، بيد أن هناك من العقود ما يشذ عن هذه القاعدة،فلا يكون هناك مفاوضات أو مساوم على بنود العقد ، وإنما يضع الطرف القوي في العقد شروطه وما على الطرف الثاني إلا أن يرضخ لهذه الشروط جملة وتفصيلاً أو يرفضها كلها مما قد يترتب على هذا العقد غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفةى ، وعلى هذا سوف نبحث كيف يحمي القانون الطرف المذعن المغبون ، وما مدى هذه الحماية.

اعتبرت القوانين المدنية السورية والمصرية واللبنانية عقد الاذعان من العقود الصحيحة ، واعتبرت أن تسليم الطرف المذعن لمشيئة الطرف الآخر أنه قبول للعقد،إلا أن تلك القوانين لم تغفل عن أن عقد الإذعان يتميز بطبيعة خاصة فالعقد قائم التفاوت الكبير بين مركز كل من طرفيه ، الأول يفرض شروطه والثاني عليه أن يقبلها دون أدنى مناقشة وربما أدى ذلك إلى وقوع الطرف المذعن تحت رحمة الطرف القوي ، فيشتغله بأن يفرض عليه شروطاً تعسفية مما جعل رجال الفقه القانوني يسعون جاهدين في سبيل حماية الطرف المذعن من تلك الشروط التعسفية.

نص القانون اللبناني في المادة /172/موجبات وعقود القانون المدني المصري في المادة/150/ على أنه {إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك}.

فالمظهر السياسي للحماية التي يضعها القانون للطرف المذعن المغبون تتمثل في رفع هذا الغبن عن طريق رفع هذا الغبن عن طريق رفع الأمر للقضاء طالباً منه تعديل الشروط التعسفية وفقاص لما تقضي به العدالة عن طريق رفع الغبن عن الطرف المذعن وإعادة الموجبات إلى حالتها الطبيعية.

ويلاحظ أن بعض الفقهاء يحرص على إبعاد أحكام الغبن عن العقود التجارية ، وجعلها محصورة في عقود القانون المدني فقط.

يقول الدكتور مصطفى كمال طه:{أما البطلان في المغالاة التدليسية في التأمين ، فلا يشترط فيه ارتكاب المستأمن بطرق احتيالية بل يكفي المؤمن إثبات أن المستأمن قد غالى في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية}.

فالفقيه هنا يجعل المغالاة في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية تديساً، ولا يخفى على أحد بأن التدليس لابد أن يقترن بطرق احتيالية،أما إذا انتقت هذه الطرق فلم يعد هذا تدليساً بل غبناً.

والدليل على ما أقول هو أن شروط الغبن متوفرة في المثال السابق فهناك اختلال بين الموجبات فالمؤمن يريد الحصول على التعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية وهذا التعويض فاحش جداً بالنسبة للقيمة الحقيقية للأشياء المؤمن عليها وبالتالي فإن هناك اختلالاً بين الموجبات وعليه فإن هناك غبناً ، وغني على البيان أن تعديل الشروط التي يتضمنها عقد الإذعان لا يقرره القاضي من تلقاء نفسه ، وإنما بناء على طلب الطرف المذعن.

بعد أن يطلب الطرف المذعن رفع الغبن عنه ، فالقاضي هو الذي يملك حق تقدير ما إذا كان هناك غبناً أم لم يكن،فإذا اكتشف أن هناك غبناً فله أن يزيله كلياً أو يزيل جزءاً منه ، فالمتشرع لم يرسم للقاضي حدوداً في ذلك إلا ما تقتضيه العدالة ، ولا يجوز للمتعاقدين أن ينزعا من القاضي سلطته هذه باتفاق خاص لأن هذا الإتفاق إذا ما وجد فهو باطل لمخالفته النظام العام.








المطلب الثالث

الغبن في القسمة الإتفاقية



تنص المادة /835/من القانون المدني المصري والمادة /789/ من القانون المدني السوري على أن :{الشركاء إذا انعقد إجماعهم أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها، فإذا كان بينهم من هو ناقص الأهلية ، وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.



وتنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة /779/من القانون المدني السوري على أنه :

1-يجوز نقض القسمة الحاصلة يالتراضي إذا أثبت احد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس،على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.

2- ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة ، وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل المدعي نقداً ، أو عيناً ما نقص من حصته.

ومن هاتين المادتين نستطيع أن نستنتج أحكاماً تكون خطة بحث لهذا المطلب لذا سوف نقسم المطلب إلى النقاط التالية :



أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية .

ثانياً: كيفية إجراء القسمة الإتفاقية .

ثالثاً:حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء .

رابعاً: نقض القسمة الإتفاقية .



أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية:

تنص المادة /835/ مدني مصري والمادة /789/ مدني سوري على أن:{للشركاء إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها}.

ومن ذلك يتبين لنا أن القسمة الرضائية عقد أطرافه الشركاء المشتاعون ،ومحله المال الشائع وعلى هذا العقد تسري أحكام سائر العقود من رضى جميع الشركاء على هذه القسمة،فإذا لم يتوفر رضى الجميع وأبرم بعض الشركاء عقد القسمة،ولم يبرمه البعض الآخر،فلا يترتب على ذلك إنهاء حالة الشيوع،وإنما يسري هذا الاتفاق على من رضي به فقط،حتى إذا رضي باقي الشركاء أصبحت هذه القسمة نافذة بحق الجميع.

ويتعين ألا يكون من بين هؤلاء الشركاء من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية وجب اتباع الإجراءات التي يقضي بها القانون في هذا الصدد.

ويخضع إثبات عقد القسمة للقواعد العامة في الإثبات فلما زادت قيمة المال المقسوم على المبلغ المحدد في القانون فلا يجوز إثباته إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة وكما يكون الإتفاق على القسمة صريحاً يمكن أن يكون ضمنياً،وفي هذه الحالة يكون للقضاء أن يستخلص من تصرفات الشركاء أنهم قد ارتضوا جميعاً قسمة المال الشائع طالما كان تصرف كل منهم في حدود حصته فقط وصدر التصرف من جميع الشركاء.



ثانياً:كيفية إجراء القسمة الرضائية:
من نص المادة /835/مدني مصري،والمادة /789/مدني سوري،والمادة /941/ موجبات لبناني ، يتبين أن المتشرع ترك للشركاء الحرية التامة في اختيار طريقة اقتسام المال الشائع فيما بينهم،كأن يتصرف أحد الشركاء بجزء مفرز من عقار شائع لم يجري تحديده وتحريره،يوازي حصته،ثم يتبعه الشركاء الآخرون،فيتصرف كل منهم بحصة مفرزة أيضاً تعادل نصيبه،فيعد تصرفهم على هذا الوجه دالاً على رضىائهم الضمني بالقسمة الفعلية التي تمت بفعل جميع الشركاء على السواء،هذا إذا لم يكن فيما بين الشركاء قاصر أو غائب،فإذا كان إحد الشركاء غائباً أو لا تتوافر فيه الأهلية،فيجب على الوصي{على القاصر} أو القيم {على المجنون أو السفيه أو المعتوه أو المغفل}أو الوكيل القضائي{عن الغائب}بإذن من المكمة إلى إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي.

ثالثاً: حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء:

رأينا في المادة /835/مدني مصري والمادة /789/مدني سوري تنص على أنه {إذا كان بين الشركاء من هو ناقص الأهلية وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.



وأن المادة /941/موجبات وعقود لبناني تنص على أنه:{إذا كان بينهم غير ذي أهلية ،أوغائب غيبة متقطعة ،فلا تكفي موافقة ممثله الشرعي بل يجب أن يحكم القاضي المختص بالتصديق على القسمة لتصبح نافذة }.



إذن يجب الحصول على الإذن من القاضي الشرعي حتى تصبح القسمة نافذة بحق جميع الشركاء ،وبذلك تنص المادة /181/ من الأحوال الشخصية السوري:{إذا كان للقاصر حصة شائعة في عقار فللوصي بإذن المحكمة إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ،ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي}.



وتنص المادة /206/من قانون الأحوال الشخصية السوري:{يسري على القيم والوكيل القضائي ما يسري على الوصي من الأحكام إلا ما يستثنى بنص صريح}وبذلك لا ير هذا الحكم على وصي القاصر وحده بل يشمل أيضاً القيم والوكيل القضائي.



ومن ذلك يتبين أنه إذا كان من بين الشركاء من هو ناقص الأهلية أو عديمها،أو كان فيهم غائب،فعلى وصي القاصر والقيم والوكيل القضائي الحصول على إذن القاضي الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على أذن القاضي الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على تصديق القاضي الشرعي على هذه القسمة بعد إجرائها حتى تكون نافذة في مواجهة الكافة.

رابعاً:نقض القسمة الإتفاقية بسبب الغبن:

تنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة/799/ من القانون المدني السوري على أنه:

1- يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منه غبن يزيد عن الخمس على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.

2- يجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة،وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقداً أوعيناً ما نقص حصته.

أما القانون اللبناني فقد تكلم في المادة /947/موجبات وعقود عن الغبن بصفة مطلقة بالنسبة لكل أنواع الغبن.

ومن تلك النصوص يتبين أن المتشرع قد أجاز للشريك المغبون أن يطلب نقض القسمة الإتفاقية ،إذا وقع فيها غبن بالمقدار الذي حدده القانون.

ما هو مقدار الغبن الذي يؤثر في القسمة الرضائية؟؟؟.

لم يتفق القانونان المصري والسوري مع التقنين اللبناني على مقدار واحد للغبن المؤثر في القسمة فقانون موجبات وعقود اللبناني لم يحدده الغبن بنسبة معينة بل وصفه أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة.

بينما ذهب كل من القانون المصري والقانون السوري إلى تحديده بما يزيد على الخمس ،أسوة ببيع عقار القاصر ،ولأن الخمس هو المقدار المألوف في الشريعة الإسلامية.

وأعتقد أن القانونين المصري والسوري كانا أحكم من القانون اللبناني لأنهما حددا مقدار الغبن حسماً للخلاف وسرعةً في الحكم.

والعبرة في تقدير الغبن ،النظر في قيمة المال الشائع وقت القسمة لأنه الوقت الذي يراعى في التقدير لتحقيق المساواة بين المتقاسمين.



دعوى إبطال القسمة الإتفاقية للغبن:

إذا تحقق الغبن على النحو الذي ذكرنا بأن كان فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة،كما هو في القانون اللبناني أو كان يزيد على الخمس كما في القانونين المصري والسوري جاز للمتقاسم المغبون،طلب إبطال القسمة والعودة إلى حالة الشيوع،أما الشريك الذي لم يلحقه غبن فلا يستطيع رفع دعوى إبطال الغبن القسمة للغبن.

والمدعي عليه دعوى الغبن هم سائر الشركاء ،لأن دعو الغبن ترمي إلى إبطال القسمة الرضائية كلها،ويقع عبء الإثبات في هذه الدعوى على عاتق المدعي المغبون وله أن يثبت الغبن بجميع طرق الإثبات بما فيها القرائن،لأنها واقعة مادية،وعند ثبوت وقوع الغبن فإنه يجوز للقاضي أن يبطل القسمة.

هذا ويجب أخيراً أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة وإذا ما رفعت الدعوى كان للمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع إجراء القسمة من جديد إذا أكمل المغبون نقداً ،أو عيناً ما نقص من حصته هذا في القانون المصري والسوري،أما القانون موجبات وعقود اللبناني فإنه وضع حكماً خاصاً في شأن ميعاد رفع دعوى الإبطال إذ قرر إنه يجب أن تقام دعوى الإبطال في السنة التي تلي القسمة ولاتقبل الدعوى بعد انقضائها والمدة هنا مدة السقوط.

ما هي الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن؟؟؟.

الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن هي إعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل القسمة وإعتبار المال المملوك للشركاء شائعاً منذ أن بدأ الشيوع أول مرة وكأن الشيوع لم ينقطع أبداً، عندها يجوز لأي شريك سواء أكان المغبون أو الغابن أن يطلب القسمة سواء أكانت اتفاقية أو قضائية.



*هل يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة الإتفاقية؟؟؟.

نعم يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة بسبب الغبن إذا أكمل للمغبون نقداً أو عيناً ما نقص من حصته ،هذا الأكمال ليس فقط بما يرفع الفحش وجعله يسيراً بل يجب أن يرتفع الغبن كاملاً بحيث يتعادل برفعه نصيب الشريك المغبون مع حصته الشائعة.

ويستطيع المدعى عليه أن يوقف سير الدعوى في أي مرحلة كانت عليها الدعوة طالما لم يصدر حكم نهائي بإبطال القسمة،لأنه بصدور حكم نهائي تعود حالة الشيوع إلى ما كانت عليه قبل القسمة،ولم يعد مقبولاً أن يكون من حق المدعى عليه الغابن أن يطلب تكملة نصيب الشريك المغبون.



























المطلب الرابع

الغبن في عقد الوكالة



تعريف الوكالة: تنص المادة /699/من القانون المدني المصري والمادة /655/من القانون المدني السوري بأن الوكالة :{عقد بمقتضاه يلزم الوكيل يأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل.

والمادة /769/موجبات وعقود لبناني تتفق في مجموعها مع التقنين المصري والسوري إلا أنها لا تحدد محل الوكالة بأنه تصرف قانوني.

ومما تقدم يتبين لنا بأن عقد الوكالة هو عقد من عقود التراضي يتم بالإيجاب والقبول،وأن محل هذه الوكالة هو عمل قانوني دائماً وأن الوكيل يجب عليه أن يعمل لحساب موكله لا لحسابه الشخصي ومن هذه النقطة نستطيع أن ننتقل إلى نقطة هامة في هذا المطلب وهي الأجر في عقد الوكالة.



الأجر عقد الوكالات :

تنص المادة /709/ من القانون المدني المصري والمادة /675/ من القانون المدني السوري على ما يلي:



1- الوكالة تبرعية ، مالم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيـل.

2- فإذا اتفق على أجر الوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة.

أما القانون اللبناني فقد كان موافق للنصين المصري و السوري بيد أنه لم يذكر أن أجر الوكيل يكون خاضعاً لتقدير القاضي.



ومن هذه النصوص نستطيع أن نميز فرضين على أجر الوكالة :

الأول: حالة عدم اتفاق الموكل والوكيل على الأجر.

الثاني: حالة عدم وجود اتفاق ما بين الموكل والوكيل على الأجر.



الفرض الأول: حالة عدم وجود اتفاق على الأجر:

من نصوص المواد 709/1مدني مصري ، و 675/1 مدني سوري ، و 770 موجبات وعقود لبناني يتبين لنا أنه إذا لم يتم اتفاق بين الموكل والوكيل على الأجركانت الوكالة غير مأجورة ، وكان الوكيل متبرعاً واعتبرت الوكالة في هذه الحالة من عقود التبرع وذلك بنص المواد سالفة الذكر.

بهذا قضت محكمة النقض السورية بقولها:{الوكالة تبرعية مالم يتم الاتفاق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل ، فإذا اتفق على الأجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة}.



الفرض الثاني: حالة وجود اتفاق على الأجر:

من النصوص سالفة الذكر يتبين لنا أن الوكيل لا يأخذ أجراً إلا إذا وجد اتفاق على ذلك ، و ربما كان هذا الاتفاق صريحاً أو ضمنياً و سواء كان الإتفاق صريحاً أو ضمنياً فعبء إثباته يقع على عاتق الوكيل وقاضي الموضوع هو الذي يقرر ما إذا كانت الوكالة مأجورة،ومن أبرز الحالات التي يستخلص منها ضمناً أن الوكالة مأجورة هي مهنة الوكيل ، فإذا كان الوكيل يحترفها مهنة يكسب منها عيشه ، فالمفروض أن الوكالة التي تدخل في أعماق هذه المهنة تكون مأجورة ، فمن وكل محامياً يكون قد اتفق ضمناً مع الوكيل على إعطائه أجراً كما يجري به العرف ، ويغلب أن يكون أجر الوكيل مبلغاً من النقود ولكن لاشيء يمنع من أن يكون من غير النقود إذا اتفقا على أجر صراحةً أو ضمناً ، فيغلب أن الأجر مستحقاً للوكيل ولو لم ينجح في مهمته الموكل لها ، فهو يؤجر على ما بذل من جهد دون النظر إلى النتيجة إذ التزامه هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية بيد أنه لا شيء يمنع من الإتفاق على أن يكون التزام الوكيل التزاماً بتحقيق غاية ، فالوكيل يستحق أجره وره ما تكبده من المصاريف في سبيل المهمة التي كلف بها بغض النظر عن النتائج طالما أن الوكيل لم يرتكب خطأ أدى إلى النتيجة السيئة.



الخلاف على الأجر:



في حال الخلاف على الأجر بين الموكل والوكيل بأن ادعى أحدهم بأن هناك غبناً في الأجر ، فرفع الأمر إلى القضاء المختص ، إذ أن :{أجور الوكيل خاضعة لتقدير القاضي ، و لو كانت متفقاً عليها و التقدير يكون بعد إنهاء العمل}.



و {لقاضي الموضوع الحق في تعديل أجر الوكالة المتفق عليها سواء بتخفيضه أو بزيادة عليه أو بالحد الذي يجعله مناسباً ، و على المحكمة إذا ما رأت تعديل الأجر بالزيادة أو بالنقصان أن تعرض في حكمها للظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد و أدت إلى الخطأ في الإتفاق على مقابل غير مناسب}.



وعلى هذا يترتب :



1- أنه يجوز للقاضي إعادة الأجر إلى الحد المعقول لتصحيح ما وقع فيه المتعاقدين في تعيين مقدار الأجر سواء أكان بزيادة هذا المقدار إذا كان غير كاف ، أوبتخفيض هذا الأجر إذا كان مبالغاً فيه ، وطبعاً ذلك يتوقف على ما تبين بعد تنفيذ الوكالة من أهمية العمل الذي قام به الوكيل وما لقي فيه من صعوبات وما أدى إليه العمل من نتائج ، فإذا ظهر أن مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل رفع القاضي هذا الغبن عن كاهل الموكل ، وإذا كان مقدار الأجر ينقص عن قيمة العمل رفع القاضي هذا الغبن عن كاهل الوكيل.

2- يمنع على القاضي أن يعدل مقدار الأجر سواء أكان بزيادة أو بالنقصان إذا رفع الموكل المتفق عليه طوعاً بعد تنفيذ الوكالة حتى ولو كان مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل أو ينقص.



ومما تقدم يتضح أنه إذا كان أجر الوكيل لا يتناسب مع العمل الذي قام به بعد إنهاء العمل ، فإن قاضي الموضوع يستطيع بماله من سلطة تقديرية أن يرفع هذا الغبن عن المغبون ويعيد التوازن بين الموجبات مع ملاحظة أن الغبن هنا غير محدد برقم معين بل هو أمر متروك لاجتهاد القاضي وظروف كل قضية.



ومما تقدم من المباحث في الفصلين السابقين يتبين لنا حقيقة واضحة بأن الغبن قد غبن غبناً فاحشاً في التقنيات الوضعية سواء في القانون اللبناني أو في القانون المصري والسوري ، بينما نرى الغبن في فقه الشريعة الإسلامية باسط جناحيه في سماء الفقه الإسلامي ليكون نظرية متكاملة عادلة .



لذلك سوف نبحث في هذا المبحث ما يلي :

1-شروط الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية .

2-آثار الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية .

3-بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية.







المطلب الأول

شروط الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية



احتفظت القوانين الوضعية الحديثة بمفعول الغبن وفق النظرية المادية بيد أنهم قصروها على بعض العقود والحالات فقط .

فالغبن وفقاً لهذه النظرية يعتبر عيباً في العقد ، وليس عيباً في الرضا ، فنحن لا ننظر إلى الحالة النفسية للعاقد المغبون ولا ننظر إلى ظروف العقد والعاقد بل ننظر إلى التوازن ما بين الإلتزامات ، فإذا كان هناك اختلال وفق درجة معينة كان يكون خارجاً عن العادة المألوفة كان هناك غبن .



فالغبن وفق النظرية المادية يتكون من عنصرين هما :



1 -قيمة الشيء : فالعبرة في الغبن بقمة الشيء بحد ذاته وفقاً لقانون العرض والطلب .

2-درجة الإختلال في التعادل : والغبن وفقاً لهذه النظرية رقم مرصود فالقوانين الوضعية حددته بنسبة مئوية في العقار كما فعل القانون المصري في المادة / 425/من القانون المدني .

أما عن شروط الغبن وفق النظرية الشخصية في القوانين الوضعية الحديثة فهو عيب في الإرادة ، وله ثلاث شروط هي :



1-الإختلال في الموجبات

2-أن يكون هناك استغلال لضعف معين في المتعاقد المغبون

3-أن يكون هذا الإستغلال هو الذي دفع المتعاقد إلى التعاقد ولولاه لما أبرم هذا العقد .

هذا في القانون الوضعي.

فنصوص الغبن وفق النظرية المادية محدودة المفعول والغبن وفق النظرية الشخصية أكثر اتساعاً وشمولاً بيد أنها قليلة المفعول والتطبيق لكثرة و تعقد شروطها وصعوبة إثباتها .

أما الغبن في فقه الشريعة الإسلامية، فحلوله فعالة لبساطة شروطه وسهولة إثباته ، فالحنابلة والحنفية والشافعية لم يشترطوا لتحقق الغبن الفعال إلا شرطين هما :

1-الغبن الفاحش ، وهذا الشرط سهل الإثبات جداً .

2-التغرير ، وهذا الشرط أيضاً لا يصعب إثباته في الشريعة الإسلامية

أما الظاهرية والمالكية ، والإباضية والجعفرية والزيدية فلم يشترطوا إلا شرطين هما:

1-الجهل بالقيمة : وهو سهل الإثبات .

2-الغبن الفاحش :وهو أيضاً سهل الإثبات جداً .

وهكذا لاحظنا أن فقهاء الشريعة الإسلامية افترقوا إلى رأيين ، رأي لا يعتد بالغبن الفاحش من دون أن يكون مقترناً بالتغرير ، ورأي لم يشترط اقتران الغبن بالتغرير ليكون العقد قابلاً للفسخ ، ولعل الرأي الأرفق والأوفق هو الرأي الذي يعتد بالغبن من دون أن يشترط اقترانه بالتغرير .

أما عن الإستغلال الموجود في النصوص التقنين الوضعي :

فالإستغلال في فقه الشريعة الإسلامية لا يعتبر مصدراً عاماً للإلتزام ، وإنما هناك تطبيقات كثيرة تشبه الإستغلال الموجود في الفقه الغربي ، بيد أن هذا لا يعني على الإطلاق تقرير نظرية عامة للإستغلا في الفقه الإسلامي ، ولا ضير في عدم معرفة الفقه الإسلامي للإستغلال كمصدر عام للإلتزام ، لأن لكل فقه منهجه الخاص به ، وأسلوبه في معالجة قضاياه ، والفقه الإسلامي قد عالج آثار الإستغلال ووسائله من خلال نظريات أخرى ولعل من أهمها نظرية الغبن التي كان لها تأثير فعال في مقاومة الغبن وأشكاله في السوق الإسلامية .





المطلب الثاني

آثار الغبن في القانون الوضعي على ضوء الفقه الإسلامي



إن آثار الغبن في القانون الوضعي له طبيعة معينة بحيث يعطي للمغبون الحق في إبطال العقد أو إنقاص إلتزاماته إلى الحد المعقول وفق تصور المتشرع الوضعي كما أن للغابن أن يتوقى الحكم بإبطال العقد إذا عرض زيادة التزاماته يرفع هذا الغبن .



قد أجاز القانون للمغبون أن يطلب فسخ العقد عند تحقق الشروط الثلاثة للإستغلال وللقاضي سلطة واسعة في تقدير هذا الطلب .



أما في فقه الشريعة الإسلامية فإننا نرى أن الفقه قد ملك المغبون سلطة فسخ العقد إذا أراد ذلك ودون أن يكون للقاضي سلطة عليه كأن يرغمه على إمضائه إذا أعاد الغابن إلى العقد توازنه ، فالشريعة الإسلامية احترمت الحرية إذا كانت غير مبنية على التعسف في استعمال الحق لذلك تركت للمغبون الحق في فسخ العقد أو إمضائه بحسب ما يرى وليس للقاضي سلطة عليه إلا إذا تعسف في استعمال حقه .



وقد أجاز القانون للمغبون أن يطلب إنقاص إلتزاماته إلى الحد المعقول وفق وجهة نظر المتشرع الوضعي ، فقد يرى المغبون دعوى الإبطال بيد أن القاضي قد يرى أن إنقاص الإلتزامات إلى الحد المعقول أقرب للعدالة ولمصلحة طرفي العقد .



أما الفقه الإسلامي فقد راعى الفطرة وحقق العدالة بين البشر فلم يجعل من سلطة القاضي سيفاً مسلطاً على رقاب المتداعين ، فالمغبون عندما يطلب فسخ العقد لا يستطيع القاضي أن يحكم إلا بما طلب المغبون عند تحقق شروط الغبن .

وإذا طلب إنقاص الإلتزامات ، فلا يستطيع أن يفسخ العقد إلا إذا كان العقد مخالفاً للقواعد الآمرة بالشريعة الإسلامية.



أما عن مدة الدعوى فإننا نلاحظ اتفاق القانون الوضعي مع فقه الشريعة الأإسلامية في جعل مدة سقوط الدعوى سنة ، وعندما تنتهي هذه السنة تصبح دعوى الغبن غير مقبولة لسرعة استقرار المعاملات .

المطلب الثالث

بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي على ضوء الشريعة الإسلامية



في هذا المطلب سوف ألقي الضوء على شركة الأسد وعلى عقد الإذعان وعلى القسمة الإتفاقية وعقد الوكالة من خلال الشريعة الإسلامية .

لذلك سوف أفرع هذا المطلب إلى مايلي :



الفرع الأول : شركة الأسد في ضوء فقه الشريعة الإسلامية

الفرع الثاني : عقد الإذعان في ضوء فقه الشريعة الإسلامية

الفرع الثالث : القسمة الإتفاقية في ضوء فقه الشريعة الإسلامية

الفرع الرابع : عقد الوكالة في ضوء فقه الشريعة الإسلامية











الفرع الأول

شركة الأسد في ضوء فقه الشريعة الإسلامية



ذهبت القوانين الوضعية العربية { اللبنانية ، السورية ، المصرية } إلى بطلان الشركة المتضمنة شروط الأسد .

فهل هذا الحكم المتربع في القانون الوضعي صحيحاً في ضوء الشريعة الإسلامية ؟

المشكلة تتحدد أو تتعين في أن بطلان الشركة تلقائي وليس إرادي فيستطيع كل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على هذه الشركة الإجازة ، ولا يسري في حقها التقادم .

فالشريعة الإسلامية حرم النجش { وفق ما رجحت } بيد أنها لم تجعل هذه الحرية المطلقة بحيث يسري هذا البطلان على العقد بل يستطيع كل ذي مصلحة طلب البطلان أو أن القاضي عليه أن يحكم بالبطلان ، فهذا الحكم في القانون غريب جداً .

فالشريعة الإسلامية جعلت الحرمة مطلقة في العيون النجسة كأن يعقد عقداً على توريد الخمور ، أو الخنازير ، أو اللحوم الميتة للمسلمين فهذا العقد باطل بطلاناً مطلقاً .

فهل الشركة التي تحتوي على شركة الأسد من تلك الأصناف التي حرمها الشارع الحكيم ؟ .


الشركة التي تحتويها شرط الأسد بها ظلم عظيم على الشركاء ، بيد أنهم هم من ارتضوا ذلك ، فإن كان رضاهم ، نتيجة إكراه فلم لا نطبق عليهم حكمه ، وإن كان نتيجة الغرر ، فلم لا نطبق عليهم حكم الغرر ، وإن كان نتيجة غبن فيتعين علينا أن نطبق عليهم أحكام الغبن .

أما أن نحكم ببطلان الشركة بل أن نجعل لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان فهذا شيء عجيب فالبطلان يجب ألا يسري إلا على شرط الأسد فقط وتظل الشركة صحيحة ومعاملاتها صحيحة وشرط الأسد هو الباطل والشرط ، وليس ببطلان الشركة ، كما يجب على القاضي أن يحكم ببطلان شرط الأسد وليس ببطلان شركة الأسد حفاظاً على مصالح الشركاء والمتعاملين معهم .