بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

20 ديسمبر 2010

صحيفة استئناف حكم اثبات زواج اجانب


في يوم الموافق / / بناحية الساعة


بناء على طلب السيدة/ .................................. -والمقيمة حي السلام مركز كفر صقر – شرقية - ومحلها المختار مكتب الأساتذة/ محمد جابرعيسى وأمل فتحى أحمدالمحاميان بشبرا الخيمة


أنا محضر محكمة الجزئية قد انتقلت في التاريخ المذكور أعلاه ألي حيث - شارع مؤمن – القومية - الزقازيق وأعلنت:



السيد/ .................................. مخاطبا مع



الموضوع


أقامت المستأنفة الدعوي رقم 226 لسنة 2009 أسرة كفر صقر طلبت في ختامها إثبات زواجها من المعلن إليه بموجب العقد العرفي المؤرخ 26/ 3/ 2009 وذلك بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة مع إلزامه عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.



وإذ تداولت الدعوي بالجلسات وحضر طرفي التداعي كل بشخصه ومعه محام وأقر المدعي عليه بصحة زواجه من المدعية وسلم بالطلبات وطلبا حجز الدعوي للحكم وبجلسة30 / 10 / 2009 قضت المحكمة برفض الدعوي ، وحيث أن هذا الحكم لم يلق قبولا لدي الطالبة المستأنفة فأنها تبادر إلي الطعن عليه بطريق الاستئناف لأسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وعدم دستورية المادة 5 فقرة 2 من القانون 103 لسنة 1976 بشأن توثيق زواج الأجانب في مصر فإنها تورد ما يلي في بيان أوجه نعيها علي الحكم الطعين :



أولا : الخطأ في تطبيق القانون



كما هو موضح بصحيفة الدعوي ومستنداتها أن المستأنفة والمعلن إليه تربطهما علاقة زواج شرعية بموجب عقد زواج شرعي استوفي كافة الشروط والأركان اللازمة لانعقاد الزواج صحيحا من إيجاب وقبول بين الطرفين؛ ووجود شهود عدل ـ فانه يكون شرعاً وقانوناً ووفقا لمذهب الحنفية المعمول به زواجاً صحيحاً نافذا لازماً سواء كتب عقد الزواج في ورقة رسمية أو لم يكتب أصلا في ورقة .



ولما كان الزواج ووفقا لما هو مقرر في الفقه الحنفي المعمول به يثبت أن بواحدة من ثلاثة وهى (الشهادة ، الإقرار ، النكول عن اليمين )



ولما كان طرفي التداعي قد حضرا كلا بشخصه ومعه محام وأقر المدعي عليه بحصول الزواج وكذا اقر بصحته ، وإذ خالف الحكم الطعين حجية الإقرار فإنه يكون معيبا بعيب الخطأ في تطبيق القانون لمخالفته ما ورد بنص المادة 103 ، 104 من قانون الإثبات "الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعه قانونيه مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة"- المادة 103 من قانون الإثبات.



"الإقرار حجه قاطعه على المقر ,ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعه منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى"- المادة 104 من قانون الإثبات.



ولما كان الحكم الطعين قد خالف هذا النظر ولم يعتد بحجية الإقرار كوسيلة معتبرة لثبوت الزواج فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.



ثانيا : الفساد في الاستدلال



وفي بيان هذا النعي فإن الحكم الطعين في قضائه برفض الدعوى قد شابه فسادا في استدلاله حين قرر أن طرفي



التداعي لم يقوما باستيفاء ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 5 من القانون 103 لسنة 1976 بشأن توثيق



زواج الأجانب وقد اغفل إقرار طرفي التداعي بصحة زواجيهما ركونا إلي نص الفقرة الثانية من المادة 5 من





القانون 103 لسنة 1976 فيما تضمنته من اشتراط تقديم شهادتين رسميتين من بلده بعدم الممانعة في زواجه وبيان عن



حالته الاجتماعية ومهنته واشتراط ألا يتجاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاما، هذا لان ما قررته المادة سالفة الذكر في شأن القيود التي وضعتها أمام حق اختيار الزوج فنجدها تتعرض دون مقتض لحق من يريد الزواج في اختيار من يطمئن إليه ويٌقبْل طواعية عليه، ليكونا معاً شريكين في حياة ممتدة تكون سكنا لهما وهو ما يشوبها بعدم الدستورية في حين كان عليها من تلقاء نفسها أن تحيل النص إلي المحكمة الدستورية العليا – حين بدا لها عدم دستورية هذه المادة – أو أن تمتنع عن تطبيق هذه المادة بما تتضمن من قيود علي حق المرء في اختيار من يريد الزواج به – والإكتفاء بالإقرار الحاصل أمامها كوسيلة معتبرة قانونا لإثبات الزواج طبقا للمذهب الحنفي المعمول به قانونا – فضلا عن أن المذاهب الفقهية الأربعة لم تشترط سوي الإيجاب والقبول والعلانية التي كشروط لحصول الزواج ولما كانت المادة الثانية من الدستور المصري المعمول به حاليا قد قررت أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ولما كان المذهب الحنفي هو المعتبر في مسائل الأحوال الشخصية - وقد أوردت المحكمة الدستورية العليا في شأن تعريف الزواج ما يلي :



" ذلك أن الزواج شرعا ليس إلا عقدا قوليا يتم ممن هو أهل للتعاقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن ارادتين متطابقتين فى مجلس العقد، وبشرط أن تتحقق العلانية فيه من خلال شاهدين تتوافر لهما الحرية والبلوغ والعقل، يكونان فاهمين لمعنى العبارة ودلالتها على المقصود منها"



(يراجع في هذا المعني قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 23 لسنة 16 ق دستورية عليا)


لما كان طرفي التداعي قد استوفيا الشروط المتطلبة شرعا لصحة زواجيهما ،لذا فإن التفات الحكم الطعين عن هذا النظر وعدم القضاء للمدعية بثبوت زواجها من المدعي عليه مستندا في ذلك إلي نص المادة 5 الفقرة الثانية من القانون 103 لسنة 1976 لا يعدو ألا أن يكون فسادا في الاستدلال، وهو ما وضع المستأنفة في حرج ديني شديد – جراء عدم القضاء بثبوت زواجها من المستأنف ضده – فما هو حكم الفترة التي قضتها في كنفه بدءا من تاريخ العقد وحتى تاريخ الحكم برفض إثبات الزوجية- وبعد أن دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، فحملت في أحشائها منه مضغة، فعنً لها أن تسأل أهي من سفاح أم من نكاح !!





ثالثا: في بيان أوجه عدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 5 من القانون 103 لسنة 1976 نورد الآتي:



في بيان ثبوت حق اختيار الزوج كحق دستوري يندرج ضمن الحقوق الشخصية المقررة بموجب نص المادة 41 ،45 من الدستور القائم :



"إن إغفال بعض الوثائق الدستورية النص على الزواج كحق، وما يشتمل عليه بالضرورة من حق اختيار الزوج، لا ينال من ثبوتهما ولا يفيد أن تلك الوثائق تتجاهل محتواهما أو أنها تطلق يد المشرع فى مجال القيود التى يجوز أن يفرضها على مباشرة أيهما ذلك أن هذين الحقين يقعان داخل مناطق الخصوصية التى كفل صونها دستور جمهورية مصر العربية بنص المادة 45 التى تقرر أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون · يؤيد ذلك أن أبعاد العلاقة بين النصوص الدستورية وربطها ببعض، كثيرا ما ترشح لحقوق لا نص عليها، ولكن تشي بثبوتها ما يتصل بها من الحقوق التى كفلها الدستور، والتى تعد مدخلا إليها بوصفها من توابعها أو مفترضاتها أو لوازمها · وكثيراً ما تفضى فروع بعض المسائل التى نظمتها الوثيقة الدستورية، إلى الأصل العام الذي يجمعها، ويعتبر إطاراً محدداً لها · ولا يكون ذلك إلا من خلال فهم أعمق لمراميها واستصفاء ما وراءها من القيم والمثل العليا التى احتضنها الدستور"



(يراجع في هذا المعني قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 113 لسنة 26 ق دستورية عليا)


في بيان مخالفة المادة 5 فقرة 2 من القانون 103 لسنة 1976 لنص المادة 40 ،41 ، 45 من الدستور :



فضلا عن أن الحرية الشخصية أصلاً يهيمن علي الحياة بكافة أقطارها، تلك الحرية التى حرص الدستور على النص فى المادة (41) منه على أنها من الحقوق الطبيعية التى لا يجوز الإخلال بها أو تقييدها بالمخالفة لأحكامه، والتى يندرج تحتها بالضرورة تلك الحقوق التى لا تكتمل الحرية الشخصية فى غيبتها، ومن بينها حقي الزواج والطلاق وما يتفرع عنهما، ومن أجل ذلك جعل الدستور فى المادة (9/1) منه قوام الأسرة الدين والأخلاق، كما جعل رعاية الأخلاق والقيم والتقاليد والحفاظ عليها والتمكين لها، التزاماً دستورياً على عاتق الدولة بسلطاتها المختلفة والمجتمع ككل، ضمنه المادتين (9/2 ، 12) من الدستور، والذي غدا إلى جانب الحرية الشخصية قيداً على السلطة التشريعية فلا يجوز لها أن تأتى عملاً يخل بهما، ذلك أنه وإن كان الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، إلا أن المشرع يلتزم بما يسنه من قوانين باحترام الأُطر الدستورية لممارسته لاختصاصاته، وأن يراعى كذلك أن كل تنظيم للحقوق لا يجوز أن يصل فى منتهاه إلى إهدار هذه الحقوق أو أن ينتقص منها، ولا أن يرهق محتواها بقيود لا تكفل فاعليتها.



(يراجع في هذا المعني قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 113 لسنة 26 ق دستورية عليا)


-وبتطبيق ما تقدم علي واقعة النزاع نجد أن المشرع حين أورد في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون 103 لسنة 1976 اشتراط تقديم شهادتين رسميتين من البلد التابع له الأجنبي إحداهما بعدم الممانعة في زواجه والأخرى لبيان عن حالته الاجتماعية ومهنته واشتراط ألا يتجاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاما، قد خالف صراحة نص المادة 41 من الدستور القائم قد ضيق نطاق ممارسة الأفراد للحقوق الشخصية التي حرصت مواد الدستور علي كفالتها بأن ضيق نطاق ممارستها بوضع قيود أرهقت كاهل الأفراد دون مقتض فأصاب الحرية الشخصية للأفراد في أحد أهم ركائزها فتعرض لحق من يريد الزواج في اختيار من يطمئن إليه ويٌقبْل طواعية عليه ليكونا معاً شريكين في حياة ممتدة تكون سكنا لهما ويتخذان خلالها أدق قراراتهما وأكثرها ارتباطا بمصائرهما، وبما يصون لحياتهما الشخصية مكامن أسرارها وأنبل غاياتها.



-فضلا عما تقدم، فإن ثمة مناطق من الحياة الخاصة لكل فرد تمثل أغواراً لا يجوز النفاذ إليها، وينبغي دوما - ولاعتبار مشروع - ألا يقتحمها أحد ضمانا لسريتها، وصونا لحرمتها، ودفعا لمحاولة التلصص عليها أو اختلاس بعض جوانبها، وكثيراً ما ألحق النفاذ إليها الحرج أو الضرر بأصحابها · وهذه المناطق من خواص الحياة ودخائلها، تصون مصلحتين قد تبدوان منفصلتين، إلا أنهما تتكاملان، ذلك أنهما تتعلقان بوجه عام بنطاق المسائل الشخصية التي ينبغي كتمانها، وكذلك نطاق استقلال كل فرد ببعض قرارته الهامة التي تكون - بالنظر إلى خصائصها وآثارها - أكثر اتصالا بمصيره وتأثيرا في أوضاع الحياة التي اختار أنماطها – فلكل فرد الحق في أن تكون لحياته الخاصة تخومها بما يرعى الروابط الحميمة في نطاقها ، ولئن كانت بعض الوثائق الدستورية لا تقرر هذا الحق بنص صريح فيها، إلا أن البعض يعتبره من أشمل الحقوق وأوسعها، وهو كذلك أعمقها اتصالا بالقيم التي تدعو إليها الأمم المتحضرة.




-وحيث إن دستور جمهورية مصر العربية وإن نص في الفقرة الأولى من المادة 45 على أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، إلا أن هذا الدستور لا يعرض البتة للحق في الزواج، ولا للحقوق التي تتفرع عنه كالحق في اختيار الزوج · بيد أن إغفال النص على هذه الحقوق لا يعنى إنكارها، ذلك أن الحق في الخصوصية يشملها بالضرورة باعتباره مكملا للحرية الشخصية التي يجب أن يكون نهجها متواصلاً Rational Continumm ليوائم مضمونها الآفاق الجديدة التي تفرضها القيم التي أرستها الجماعة وارتضتها ضوابط لحركتها، وذلك انطلاقا من حقيقة أن النصوص الدستورية لا يجوز فهمها على ضوء حقبة جاوزها الزمن، بل يتعين أن يكون نسيجها قابلا للتطور، كافلا ما يفترض فيه من اتساق مع حقائق العصر.


(يراجع في هذا المعني قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 113 لسنة 26 ق دستورية عليا)




ولما كان نص المادة الطعينة قد جاوز الحدود الدستورية واقتحم الحياة الشخصية للأفراد فنفذ إلي أغوار لا يجوز له النفاذ إليها ولا التلصص عليها ضمانا لسريتها، وصونا لحرمتها، فحد من نطاق استقلال كل فرد بأحد قرارات حياته المصيرية وتدخل في أدق خصوصياته وصولا إلي الحد من اختيار فرصة الفرد فيمن يريد الزواج به، فوضع شروطا هي إلي المستحيل اقرب وبه أشبه حين علق زواج من تخيرت لنفسها زوجا يحمل جنسية أجنبية تقديم شهادتين رسميتين من بلد الأجنبي بعدم الممانعة في زواجه وبيان عن حالته الاجتماعية ومهنته واشتراط ألا يتجاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاما،- حين لم يتطلب المشرع هذه الاشتراطات إذا تخيرت الفتاة لنفسها زوجا يحمل الجنسية المصرية، بما مفاده أن المشرع قد أقام تمييزا غير مبرر بين فتاة تخيرت لنفسها زوجا أجنبيا وأخري تخيرت زوجا يحمل الجنسية المصرية – بما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين- فوضع شروطا ترهق الأولي من أمرها عسرا ، حين كفل للثانية توثيق زواجها بغير هذه القيود الغير مبررة - فليست الشهادة المطلوبة لبيان القرابة المحرمة مثلا! ولكنها فقط للحد من فرص اختيار الزوجة بمن تطمئن إليه وتأمنه علي نفسها ليكونا معاً شريكين في حياة ممتدة تكون سكنا لهما وهو ما يشوبها بعدم الدستورية .



ومفاد ذلك أن السلطة التقديرية التى يملكها المشرع وإن كان قوامها أن يفاضل بين البدائل التى يقدر مناسبتها لتنظيم موضوع معين وفق ما يراه محققاً للصالح العام، إلا أن حدها النهائي يتمثل فى القيود التى فرضها الدستور عليها بما يحول - وكأصل عام - دون أن يكون المشرع محددا لمن يكون طرفا فى العلاقة الزوجية، أو رقيبا على أشكال ممارستها بعد نشوئها، وبوجه خاص فيما يستقلان به من شئونها ، ففي ظل النص الطعين لم تتمكن المستأنفة من ممارسة حقها استقلالا في اختيار زوجها كما قرر الدستور فوضع قيودا أرهقت كاهلها وذلك بالمخالفة لنص المواد 40، 41 ، 45 من الدستور، وهو ما جعل المستأنفة فى حرج ديني شديد، فأرهقها من أمرها عسراً، إذا ما وقع الزواج صحيحا وفقا لأركانه المعلومة شرعا، من إيجاب وقبول وعلانية - وامتنعت الجهات المختصة عن إثباته ، مع عدم استطاعتها إثبات الزواج بالطريق الذي أوجبه النص المطعون فيه- وأمتنع المستأنف ضده عن تسريحا – وطالبها بحقوق الزوجية الصحيحة !، وهو ما يتصادم مع ضوابط الاجتهاد، والمقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، فضلاً عما يترتب على ذلك من تعرض المستأنفة لأخطر القيود على حريتها الشخصية وأكثرها تهديداً ومساساً بحقها فى الحياة، التى تعتبر الحرية الشخصية أصلاً يهيمن عليها بكل أقطارها، تلك الحرية التى حرص الدستور على النص فى المادة (41) منه على أنها من الحقوق الطبيعية التى لا يجوز الإخلال بها أو تقييدها بالمخالفة لأحكامه.





وحيث إن الشريعة الإسلامية فى مبادئها الكلية تؤكد الحق فى الحياة الخاصة وهى كذلك تحض على الزواج لمعان اجتماعية ونفسية ودينية باعتباره عقدا يفيد حلالعشرة -على وجه التأبيد- بين الرجل والمرأة ويكفل تعاونهما،كما النصوص القرآنية تدعو إليه وتصرح به، إذ يقول تعالى [ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ] ويقول سبحانه [ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ] ويقول جل علاه [ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية]- فليس للمشرع بعد ذلك أن يميز بين الأفراد أثناء ممارسة الحق في اختيار الزوج لاعتبار يقوم على الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو العقيدة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو المولد أو الثروة أو الانتماء إلى أقلية عرقية أو بناء على أي مركز آخر.



(يراجع في هذا المعني قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 113 لسنة 26 ق دستورية عليا)




في بيان مخالفة نص المادة 5 فقرة 2 من القانون 103 لسنة 1976 للنص المادة 9 ، 12 من الدستور :





إن الأصل المقرر وفقاً لنص المادة 9 من الدستور أن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وكان على الدولة -بناء على ذلك- أن تعمل على الحفاظ على طابعها الأصيل وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد مع تأكيد هذا الطابع وتنميته فى العلاقات داخل المجتمع، فإن الأسرة فى هذا الإطار تكون هي الوحدة الرئيسية التى يقوم عليها البنيان الاجتماعي، إذ هي التى تغرس فى أبنائها أكثر القيم الخلقية والدينية والثقافية سموا وأرفعها شأناً، ولا يعدو الحق فى اختيار الزوج أن يكون مدخلها باعتباره طريق تكوينها، وهو كذلك من الحقوق الشخصية الحيوية التى يقوم عليها تطور الجماعة واتصال أجيالها، ومن خلالها يلتمس الإنسان تلك السعادة التى يريد الظفر بها.



وحيث إن الحق فى اختيار الزوج يندرج كذلك -فى مفهوم الوثائق الدولية- فى إطار الحقوق المدنية الأساسية التى لا تمييز فيها بين البشر ، وهو يعد عند البعض واقعا فى تلك المناطق التى لا يجوز التداخل فيها بالنظر إلى خصوصياتها، إذ ينبغي أن يكون للشئون الشخصية استقلالها، وألا يقل قرار اختيار الزوج فى نطاقها أهمية عن ذلك القرار الذي يتخذ الشخص بمقتضاه ولداً إخصابا وإنجابا.



ولا يجوز بالتالي أن يركن المشرع - ولغير مصلحة جوهرية - إلى سلطته التقديرية ليحدد على ضوئها من يتزوج وبمن، ولا أن يتدخل فى أغوار هذه العلائق بعد اكتمال بنيانها بالزواج، ذلك أن السلطة التقديرية التى يملكها المشرع وإن كان قوامها أن يفاضل بين البدائل التى يقدر مناسبتها لتنظيم موضوع معين وفق ما يراه محققاً للصالح العام، إلا أن حدها النهائي يتمثل فى القيود التى فرضها الدستور عليها بما يحول - وكأصل عام - دون أن يكون المشرع محددا لمن يكون طرفا فى العلاقة الزوجية، أو رقيبا على أشكال ممارستها بعد نشوئها، وبوجه خاص فيما يستقلان به من شئونها ، ذلك أنه من غير المتصور أن تقع الشئون العائلية فى نطاق الحق فى الحياة الخاصة، لتنحسر الحماية التى يكفلها هذا الحق عن قرار اختيار الزوج، وهو أداة تأسيس الأسرة والطريق إليها.


والزواج فوق هذا مستقر الأنفس وقاعدة أمنها وسكنها، ولا قوام لقوة الأسرة وتراحمها بعيداً عنه إذا التزم طرفاه بإطاره الشرعي، وتراضيا على انعقاده · ذلك أن الزواج شرعا ليس إلا عقدا قوليا يتم ممن هو أهل للتعاقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن ارادتين متطابقتين فى مجلس العقد، وبشرط أن تتحقق العلانية فيه من خلال شاهدين تتوافر لهما الحرية والبلوغ والعقل، يكونان فاهمين لمعنى العبارة ودلالتها على المقصود منها · ومن الفقهاء من يقول بأن للمرأة البالغة العاقلة أن تباشر الزواج لنفسها، ذلك أن الله تعالى أسنده إليها بقوله عز وجل [ فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ] وقال عليه السلام [ الأيم أحق بنفسها من وليها · والبكر تستأذن من نفسها]·



وتنص المادة 8 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والموقع عليها فى روما بتاريخ 4/11/1950 من الدول الأعضاء فى مجلس أوروباعلى حق كل شخص فى ضمان الاحترام لحياته الخاصة ولحياته العائلية · ولا يجوز لأي سلطة عامة التدخل فى مباشرة هذا الحق إلا وفقا للقانون، وفى الحدود التى يكون فيها هذا التدخل ضروريا فى مجتمع ديمقراطي لضمان الأمن القومي أو سلامة الجماهير أو رخاء البلد اقتصاديا، أو لتوقى الجريمة أو انفراط النظام أو لصون الصحة أو القيم الخلقية أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم ·


ويجب أن يقرأ هذا النص متصلا ومترابطا بالمادة 12 من هذه الاتفاقية التى تنص على أن لكل الرجال والنساء عند بلوغهم سن الزواج، الحق فيه، وكذلك فى تأسيس أسرة وفقا لأحكام القوانين الوطنية التى تحكم مباشرة هذا الحق، وبمراعاة أمرين أولهما : أن جوهر الحق فى الزواج ليس إلا اجتماعا بين رجل وامرأة فى إطار علاقة قانونية يلتزمان بها، ولأيهما بالتالي أن يقرر الدخول فيها أو الإعراض عنها · ثانيهما : أن الحقوق المنصوص عليها فى المادتين 8، 12 من تلك الاتفاقية - وعملا بمادتها الرابعة عشرة - لا يجوز التمييز فى مباشرتها لاعتبار يقوم على الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو العقيدة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعى أو المولد أو الثروة أو الانتماء إلى أقلية عرقية أو بناء على أي مركز آخر.


(يراجع في كل ما سبق قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 113 لسنة 26 ق دستورية عليا)




وبتطبيق ما أوردته المحكمة الدستورية العليا علي المادة الطعينة نجدها خالفت صراحة هذا النظر بأن وضعت قيودا وأقامت تمييزا بين الأفراد أثناء ممارسة الحق في اختيار الزوج لاعتبار يقوم على الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو العقيدة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو المولد أو الثروة أو الانتماء إلى أقلية عرقية أو بناء على أي مركز آخر، وحدت من حرية الأفراد في تكوين الأسرة الإطار الذي حدده الدستور لتكون الوحدة الرئيسية التى يقوم عليها البنيان الاجتماعي، فأقام أمام الحق فى اختيار الزوج الذي هو مدخلها باعتباره اللبنة الأساسية للمجتمع عوائق تحد من ممارسته لتنال من هذا الحق المقرر دستوريا.





لكل ما تقدم يتضح لعدلم الموقر أن المادة 5 فقرة 2 من القانون 103 لسنة 1976 فيما تضمنته من وجوب تقديم شهادتين رسميتين من البلد التابع له الأجنبي بعدم الممانعة في زواجه وبيان عن حالته الاجتماعية ومهنته واشتراط ألا يتجاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاما قد خالفت صراحة نصوص المواد9 ، 40 ، 41 ، 45 من الدستور.





وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.


وحيث أن المصلحة الشخصية المباشرة قد توافرت للمستأنفة في الطعن بعدم دستورية المادة 5 فقرة 2 من القانون 103 لسنة 1976 فيما تضمنته من تضمنته من شروط لتوثيق جواز الأجنبي في مصر ،من اشتراط تقديم شهادتين رسميتين من بلده بعدم الممانعة في زواجه وبيان عن حالته الاجتماعية ومهنته واشتراط ألا يتجاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاما وذلك لمخالفتها نصوص المواد9 ،12، 40 ، 41 ، 45 من الدستور.


لكل ما تقدم فالمستأنفة تتمسك بالدفع بعدم دستورية نص المادة 5 فقرة 2 فيما تضمنته من شروط لتوثيق جواز الأجنبي في مصر ،من اشتراط تقديم شهادتين رسميتين من بلده بعدم الممانعة في زواجه وبيان عن حالته الاجتماعية ومهنته واشتراط ألا يتجاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاما وذلك لمخالفتها نصوص المواد9 ،12 ، 40 ، 41 ، 45 من الدستور.



في سلطة محكمة الموضوع أن تمتنع عن تطبيق النص الذي ترى مخالفته للدستور ، دون أن تلتزم بالإحالة للمحكمة الدستورية العليا :



أقر الفقه والقضاء حق محكمة الموضوع النظر في ملاءمة القوانين والتشريعات القائمة لنصوص الدستور وكذا حقها في الالتفات عن النصوص التي يتراءى لها مصادماتها صراحة مع المبادئ الدستورية فقرر :



إذا أورد الدستور نصاً صالحاً بذاته للإعمال بغير حاجة إلى سن تشريع أدنى لزم إعمال هذا النص فى يوم العمل به ، ويعتبر الحكم المخالف له فى هذه الحالة ، سواء كان سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور ، قد نسخ ضمناً بقوة الدستور نفسه ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى فى مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل أو تخالف تشريعاً صادراً من سلطة أعلى ، فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور ، إذا كان نصه قابلاً للإعمال بذاته وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور.



( يراجع في هذا الشأن مؤلف ضوابط الاختصاص القضائي للمستشار الدكتور /عبد الحكيم فوده ، صور الرقابة القضائية- حدود اختصاص المحكمة الدستورية العليا – للدكتور عز الدناصورى رئيس محكمة الاستئناف والدكتور عبد الحميد الشواربى )



وفي هذا الشأن قررت محكمتنا العليا ما يلي :


"من حيث إن التشريع يندرج درجات ثلاث هي الدستور ثم التشريع العادي ثم التشريع الفرعي أو اللائحة ، وهذا التدرج فى القوة ينبغي أن يسلم منطقاً الى خضوع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى ، ولا خلاف على حق المحاكم فى الرقابة الشكلية للتأكد من توافر الشكل الصحيح للتشريع الأدنى كما يحدده الأعلى أي للتأكد من تمام سنه بواسطة السلطة المختصة وتمام إصداره ونشره وفوات الميعاد الذى يبدأ منه نفاذه ، فإن لم يتوافر هذا الشكل تعين على المحاكم الامتناع عن تطبيقه ، أما من حيث رقابة صحة التشريع الأدنى من حيث الموضوع ، فقد جاء اللبس حول سلطة المحاكم فى الامتناع عن تطبيق تشريع أدنى مخالف لتشريع أعلى إزاء ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 175 من الدستور القائم بقولها ( تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين فى القانون ) . ولا جدال أنه على ضوء النص الدستوري سالف البيان فإن اختصاص المحكمة الدستورية العليا المنفرد بالحكم بعدم دستورية النص التشريعى المطعون فيه أو الى دستوريته لا يشاركها فيه وحجية الحكم فى هذه الحالة مطلقة تسرى فى مواجهة الكافة ، على أنه فى ذات الوقت للقضاء العادي التأكد من شرعية أو قانونية التشريع الأدنى بالتثبت من عدم مخالفته للتشريع الأعلى ، فإن ثبت له هذه المخالفة اقتصر دوره على مجرد الامتناع عن تطبيق التشريع الأدنى المخالف للتشريع الأعلى دون أن يملك إلغاءه أو القضاء بعدم دستوريته وحجية الحكم فى هذه الحالة نسبية قاصرة على أطراف النزاع دون غيرهم ، ويستند هذا الاتجاه الى أن القضاء ملزم بتطبيق أحكام دستورية وأحكام القانون على حد سواء ، غير أنه حين يستحيل تطبيقيهما معاً لتعارض أحكامهما ، فلا مناص من تطبيق أحكام الدستور دون أحكام القانون إعمالاً لقاعدة تدرج التشريع وما يحتمه منطقها من سيادة التشريع الأعلى على التشريع الأدنى"



( الطعـن رقـم 30342 لسنـة70 ق - جلسة 28/ 4/ 2004)


وقررت أيضا :



" أن الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة فإن على ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه . فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها ، فإذا ما أورد الدستور نصاً صالحاً بذاته للإعمال بغير حاجة إلى سن تشريع أدنى لزم إعمال هذا النص فى يوم العمل به ، ويعتبر الحكم المخالف له فى هذه الحالة ، سواء كان سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور ، قد نسخ ضمناً بقوة الدستور نفسه ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى فى مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل أو تخالف تشريعاً صادراً من سلطة أعلى ، فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور ، إذا كان نصه قابلاً للإعمال بذاته وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور "



( الطعن رقم 2605 لسنة 62 ق جلسة 15/ 9/ 1993 س 44 ص 703 )


بناء عليه


أنا المحضر سالف الذكر قد انتقلت في التاريخ أعلاه إلي حيث المعلن إليه وسلمته صورة من هذه الصحيفة وكلفته بالحضور أمام محكمة استئناف عالي المنصورة- مأمورية استئناف الزقازيق - الكائن مقرها الزقازيق – ميدان الزراعة أمام الدائرة ( ) استئناف عالي ، وذلك بجلستها العلنية التي ستنعقد بمشيئة الله يوم الموافق 2009 / / وذلك لسماعه الحكم بما يلي:



أولا:قبول الاستئناف شكلا لرفعه في الميعاد المقرر قانونا.



ثانيا : وبصفة أصلية القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بثبوت زواج المستأنفة من المستأنف ضده بموجب عقد الزواج المؤرخ26/ 3/2009.



ثالثا : بصفة احتياطية وقف الدعوي وإحالتها إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية المادة 5 فقرة 2 من القانون 103 لسنة 1976 بشأن توثيق زواج الأجانب في مصر، فيما تضمنه من اشتراط تقديم شهادتين رسميتين من البلد التابع له الأجنبي إحداهما بعدم الممانعة في زواجه والأخرى لبيان حالته الاجتماعية ومهنته واشتراط ألا يتجاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاما ضمن شروط توثيق الزواج ، أو التصريح لها بإقامة الدعوي الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا طعنا علي هذه المادة وذلك لمخالفة المواد 9 ، 12 ، 40 ، 41، 45 من الدستور.

ليست هناك تعليقات: